القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية ما وراء الصمت الفصل التاسع 9 بقلم الاء محمد حجازي حصريه في مدونة موسوعة القصص والروايات

 رواية ما وراء الصمت الفصل التاسع 9 بقلم الاء محمد حجازي حصريه في مدونة موسوعة القصص والروايات





رواية ما وراء الصمت الفصل التاسع 9 بقلم الاء محمد حجازي حصريه في مدونة موسوعة القصص والروايات



بصّت للشاشة، رقم غريب.

حست بحاجة غريبة في قلبها، زي رعشة خفيفة.

ردّت وهي بتقول بصوت واطي:

– ألو؟


وبعد ثانيتين، وشها اتبدّل كله…

الدم انسحب من ملامحها،

إيديها بتترجف وهي بتسمع الكلام.

الكلمات كانت قليلة،

بس كفاية إنها تهزّها من جواها.


صوت ست بيعيّط من الناحية التانية بيقول:

– يا بنتي أنا أم معتز… معتز عمل حادثة يا فرح، حالته صعبة قوي، بين الحياة والموت.

هو نطق اسمك، قال هاتوا فرح. 

أنا مش عارفة ليه، بس بيطلبك يا بنتي.


سكتت لحظة، وبعدين صوتها اتكسر وهي بتقول برجاء حقيقي:

– لو ليا غلاوة عندك،

لو بتعتبريني زي أمك بجد،

تعالي عشان خاطري يا فرح… هو طالبك.


الكلمة دي بالذات طالبك. 

كانت زي ضربة على صدرها،

حسّت بدقات قلبها بتعلى،

صوت نفسها اتقطع وهي بتهمس لنفسها:

– بين الحياة والموت… وبيطلبني أنا؟!


الموبايل وقع من إيدها،

قعدت على أول كرسي قابلها وهي مش حاسّة بحاجة،

نظرتها ثابتة في الفراغ،

دموعها نزلت فجأة من غير صوت،

وبعدين قامت مرة واحدة،

لبست طرحتها بسرعة وهي بتترعش،

خدت شنطتها وفتحت الباب تجري.


ولا عارفة هي ماشية فين،

ولا بتفكر في حاجة غير صوت الست اللي بيرن في ودانها:

تعالي عشان خاطري يا فرح… هو طالبك.


قلبها كان بيخبط في صدرها،

ورجليها بتجروها بالعافية،

كل خطوة كانت وجع.


دخلت فرح المستشفى،

القلب كان بيخبط جوه صدرها كأنه عايز يهرب،

عينيها بتدور في كل اتجاه لحد ما شافت أم معتز قاعدة على كرسي برّه أوضة العمليات،

وشها كان باين عليه التعب والقلق.


قربت منها فرح بخطوات مترددة،

قالت بصوت هادي:

– طمّنيني يا طنط… في إيه؟


رفعت الست وشها، عينيها محمرة من كتر البكا،

وقالت وهي بتحاول تثبت نفسها:

– الدكتور لسه طالع، ادعي يا بنتي،

قال إن العملية خلصت والحمد لله عدّى مرحلة الخطر،

بس الـ 24 ساعة الجايين دول أهم حاجة…

هم اللي هيحددوا إذا كانت المضاعفات هتظهر ولا لا.


فرح وقفت،

ماتعرفش ترتاح ولا تقعد،

إيدها على صدرها بتنهج،

قالت:

– الحمد لله… الحمد لله يا رب.


فضلت قاعدة معاها شوية،

تهديها، تمسح دموعها،

لحد ما الست بصت لها وقالت:

– أنا بشكرك يا بنتي إنك جيتي،

وجودك فرق معايا أوي والله.


فرح ابتسمت ابتسامة خفيفة باهتة، وقالت:

– والله يا طنط أنا جيت عشان خاطرك إنتي بس،

ابنك… جرحني أوي،

وقال كلام صعب ومش سهل يتنسي،

بس المهم دلوقتي إن ربنا نجّاه وعدّى على خير.

هو في الآخر ابن عمي،

وفي مقام أخويا…

أنا هفضل هنا لحد ما الـ 24 ساعة دول يعدّوا على خير.


الست مسكت إيدها وقالت:

– ربنا يخليكي يا فرح،

هو هيبقى بخير إن شاء الله.


عدّى يوم كامل كأنه سنة.

فرح ما نزلتش من المستشفى لحظة،

قاعدة على الكرسي جنب أوضة معتز،

كل دقيقة تبص على الساعة،

وتستنى إن الدكتورة تطلع تطمّنهم.

كل ما تسمع حد بيقفل باب،

قلبها يقف ثواني… وبعدين يرجع يدق تاني.


أم معتز كانت نايمة على الكرسي المقابل،

مرهقة من السهر والتعب،

وفرح ساكتة، بتدعي في سرّها،

رغم كل اللي عمله معتز فيها،

بس الدعوة طالعة من القلب.

قالت لنفسها:

يا رب، مش علشانه هو… علشان أمه بس،

الست دي ما تستاهلش وجع تاني.


مع أول ضوء شمس تاني يوم،

طلعت الدكتورة من الأوضة.

وشها كان هادي بس فيه حاجة غريبة،

الهدوء اللي يخوف.


فرح قامت بسرعة،

– طمّنيني يا دكتورة، في إيه؟


الدكتورة بصتلها بهدوء وقالت:

– الحمد لله، هو فاق…

بس للأسف، في مضاعفات ظهرت بعد العملية.


فرح حست إن الأرض بتتهز تحت رجليها،

قالت بخوف:

– يعني إيه مضاعفات؟


– يعني حصل تأثر بسيط في الأعصاب،

وحاليًا… معتز عنده شلل نصفي مؤقت،

لسه مش عارفين هيستمر ولا لأ،

بس أول ما فاق، كان بيسأل على واحدة اسمها فرح.


الكلمة دي وقفتها مكانها.

اتشل… وبيسأل عليّا؟

جملتين، بس كأنهم سكاكين دخلوا قلبها.

و مش عارفة تفرّق بين الشفقة، والوجع، والصدمة.


أم معتز قامت بصعوبة،

دموعها نازلة،

بصت لفرح وقالت بصوت متقطع:

– لو ليا غلاوة عندك،

لو بتعتبريني زي أمك بجد،

تعالي شوفيه يا بنتي…

هو طالبك بنفسه،

وقال اسمك أول ما فتح عينه.


فرح فضلت ساكتة،

إيديها متشابكة،

العيون بتلمع بدموع مش نازلة،

وصوتها خرج بهمس:

– حاضر يا طنط… هدخل أشوفه.

-------------------------

دخلت فرح الأوضة بخطوات بطيئة،

الإضاءة كانت خافتة، ريحة المطهر ماليه الجو،

وصوت الأجهزة بيقطع الصمت كل ثانية.

عينها وقعت عليه،

معتز… بس مش نفس معتز اللي كانت تعرفه.

الوش اللي كان دايمًا متعالي ومليان غرور،

بقى شاحب،و ملامحه منكسرة،

وصوته لما طلع كان بالكاد مسموع.


بصّ لها بعينين فيها دموع، وقال:

– إنتي جيتي؟

نطقتها كأنها آخر كلمة يقدر يطلعها.

ما ردتش، بس وقفت عند آخر السرير،

مش قادرة تقرب أكتر، ولا قادرة تمشي.


كمل هو، صوته متكسر، مبحوح من الوجع ومن البكاء اللي حاول يخبيه:

– سمعت الدكتورة وهي بتتكلم برا…

قالت إن عندي شلل نصفي.

عرفت خلاص إن دي النهاية.

عرفت إن الحق بيرجع حتى لو بعد وقت.

حقك رجع يا بنت عمي…

رجع وأنا على سرير مش قادر أتحرك.


تنهد، صوته بقى أضعف،

بس كل كلمة كانت طالعة من قلب موجوع فعلاً:

– أنا كنت فاكر الرجولة في الصوت العالي،

وفي الكلمة اللي توجع.

فاكر إن لما أتحكم وأهين الناس أبقى قوي…

بس طلع كل ده كذب.

كنت ضعيف، ضعيف جدًا.

كنت بفتري عليكِ، وكنت عارف إني بظلمك،

بس غروري ما خلانيش أعتذر ولا حتى أراجع نفسي.

طعنتك في شرفك، وكسرتك،

ضحكت لما شوفتك بتعيطي،

واتكلمت عليكِ بكلام يجرّح أي بنت.

ليه؟

عشان إنتِ يتيمة؟

عشان ما وراكيش حد يدافع عنك؟

ولا عشان أنا كنت فاكر إن الرجولة قسوة؟


نزلت دمعة من عينه وهو بيكمل بصوت مهزوز:

– يمكن ربنا جابني هنا،

مشلول، مكسور،

علشان يوريني إن اللي بيظلم، مهما كان متجبر،

لازم ييجي اليوم اللي يتكسر فيه.

مش طالب منك غير كلمة واحدة…

سامحيني.

مش علشاني، علشان ربنا يقبلني.

أنا عارف إن دعوة المظلوم ما بين السما والأرض ما بينهاش حجاب،

ويمكن كل اللي أنا فيه ده بسبب دعوة منك كنتي دعيتيها وإنتي مكسورة.

بس لو قلبك فيه ذرة رحمة…

ادعيلي.

ادعي ربنا يسامحني زي ما اتمني انك تسامحيني دلوقتي.


فرح وقفت وقتها، دموعها نازلة بهدوء،

بس في عنيها ملامح إيمان وهدوء عجيب،

كأنها سامحته من غير ما تقول.

قربت خطوتين،

وقالت بصوتها الهادي اللي كله رقة:

– “قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله،

إن الله يغفر الذنوب جميعًا.”


سكتت لحظة، ثم كملت:

– أنا مسامحاك يا معتز،

مش علشانك… علشان نفسي.

علشان أكون قدام ربنا بضمير رايق.

ربنا قال: "والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس، والله يحب المحسنين."

وحديث النبي ﷺ: "من كظم غيظًا وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله على رؤوس الخلائق حتى يخيره من الحور ما شاء."


وقربت أكتر، بصوتها مليان وجع بس راحة في نفس الوقت:

– أنا مش هكدب عليك، اللي عملته فيّ وجعني جدًا،

كسرتني من جوه، خلتني أخاف من الناس،

بس الوجع ده علّمني إن اللي بيظلم الناس، عمره ما يتهنّى.

وأنا اخترت أسيب الحكم للي أعدل مني ومنك…

لربنا.

يمكن المرض ده يكون تكفير،

يمكن يكون باب للتوبة،

بس الأكيد إن كل حاجة بتحصل لسبب،

ويمكن السبب ده إن ربنا بيحبك ولسه بيدّيك فرصة.


معتز دموعه كانت نازلة،

وشه كله ندم،

قال بصوت باكي:

– أنا مش مستاهل حتى سماحك،

بس الكلمة دي خففت عني كتير…

حسّيت كأنك فتحتِ باب كنت مقفول عليا.

ادعيلي يا فرح، يمكن دعوة منك ربنا يقبلها.


فرح مسحت دموعها وقالت وهي بتبص له بنظرة كلها رحمة:

– هادعيلك يا معتز،

هادعيلك ربنا يشفيك ويخفف عنك،

بس الأهم من الشفا إن قلبك يطهر.

افتكر إن ربنا لو كتب لك تقوم من السرير ده،

يبقى لازم تقوم بنيّة جديدة،

ما تظلمش، ما تتعالىش،

وخلي الوجع ده درس، مش نهاية.


ابتسمت وهي بتكمل:

– المرض مش دايم، ولا القوة دايمة.

بس اللي بيثبت فعلاً هو الأثر اللي بنسيبه في قلوب الناس.

حاول تسيب أثر طيب بعد كده…

يمكن ربنا يبدّل كل سيئاتك حسنات.


خرجت من الأوضة بهدوء،

صوت الأجهزة لسه شغال،

لكن في الجو كان في حاجة مختلفة…

كأن السلام اللي نزل في قلبها

انتقل له هو كمان.


وفي اللحظة اللي الباب اتقفل وراها،

معتز رفع عينه للسقف،

وقال بصوت باكي:

– يا رب… سامحني زي ما هي سامحتني. 

-----------------------

رجعت فرح البيت وهي حاسة إن رجليها مش شايلة جسمها.

كل صوت حواليها كان باهت، كأن الدنيا كلها بقت صامتة فجأة.

المشهد اللي شافته في المستشفى لسه في عينيها،

وصوت معتز وهو بيقول حقك رجع يا بنت عمي

كان بيرنّ في ودانها مع كل خطوة بتاخدها.


دخلت البيت بهدوء،

قعدت على طرف السرير،

وحطت وشها في كفوفها

بصراحه ما كانتش عارفه هي حاسه بإيه بالظبط،

حزن؟ شفقة؟ ولا ارتياح إنه رجعله حقه بنفسه؟

بس اللي كانت متأكده منه إنها خلاص… تعبت.

تنهيدة طويلة خرجت من صدرها،

وبصت في المراية اللي قدامها.

كان شكلها مختلف…

مش نفس البنت اللي كانت بتتوه بين الناس،

ولا اللي كانت بتسيب الأيام تمشيها زي ما هي عايزة.

النهارده… كانت خلاص، قررت تمشي هي في طريقها بنفسها.


مدّت إيدها على التليفون،

قلبها بيدق بسرعة،

دورت على الرقم اللي كانت كاتباه بورقة صغيرة من امبارح،

رقم الحاجة منيرة. 

الست اللي قابلتها في الشارع، واللي كلامها كان عامل زي المفتاح اللي فتح عقلها وقلبها في وقت واحد.


مسكت الموبايل وبصّت فيه،

كانت متردده الأول،

بس بعد دقيقه ضغطت على الرقم اللي حفظته في الورقه.

سمعت صوت الست وهي بترد بهدوء:

– ألو؟

وبصوت هادي لكنه ثابت قالت:

– إزيّك يا حاجة منيرة؟ أنا فرح… اللي قابلتيها امبارح.

ردت الست بفرحة باينة في صوتها:

– يا حبيبتي، طمنيني! قلبي كان حاسس إنك هتكلمني والله.

ابتسمت فرح بخفة وقالت:

– أنا فكرت كويس في كل اللي حضرتك قولتيه…

وحسيت إن يمكن ربنا بعتك في طريقي لحكمة.

أنا قررت أجي… أبدأ من جديد.

– البيت بيتك يا بنتي، والله مستنياكي، ردّت منيرة وهي فرحانة. 

قفلت التليفون،

وقعدت دقيقه ساكته، بعدين قامت وبدأت تلم حاجتها بهدوء.

تحط الهدوم، الصور، حاجاتها الصغيرة…

كل حاجة بتحطها كأنها بتحط جزء من نفسها اللي قررت تسيبه وراها.


وهي بتقفل الشنطه سمعت صوت باب  الشقة بيتفتح،

في اللحظة دي، الباب اوضتها اتفتح،

ودخلت أم ياسين ومعاها نور،

ملامحهم كلها قلق ودهشة.


قالت الأم بسرعة وهي شايفة الشنطة:

– انتي رايحة فين يا فرح؟

بصت لها فرح بابتسامة باهتة:

– هروح أقعد عند خالتي شوية يا طنط.


نور قربت وقالت بسرعة:

– ليه بس؟احنا زعلناكي في حاجه؟

والله أبدًا، ردّت فرح وهي بتحاول تثبّت صوتها.

– إنتو فوق راسي، والله العظيم ما شفت منكم غير كل خير.

بس أنا محتاجة أغير جو شوية،

وأقعد مع خالتي… يمكن أراجع نفسي،

وأكتر حاجة تريحني إن ياسين ياخد راحته في بيته.

ما ينفعش أكون سبب توتر بينكم.


أم ياسين قربت منها،

مسكت إيدها وقالت بحنان:

– يا بنتي انتي مننا، وبيتنا بيتك.

قالت فرح وهي بتسحب إيدها بهدوء:

– عارفة يا طنط، والله عارفة،

وعشان كده جاية أقولكم شكراً على كل حاجة.

وآسفة لو وجودي سبب لكم مشاكل أو زعل.

أنا هاجي كل فترة أزوركم، وعد.


بس أنا محتاجه أهدى وأراجع نفسي شوية.

وبعدين ياسين لازم ياخد راحته في بيته،

أنا مش حابه أحس إني عبء على حد.


أم ياسين بصّت لها بحنية وقالت:

–  انتي زي بنتي بالظبط.

– وانتي زي امي بالضبط 

بس ده قرار لازم آخده،

وآسفه على أي مشكله حصلت بسببي.


شالت شنطتها، وبصّت حوالين الشقه نظرة طويله كأنها بتودع المكان،

وبعدين قالت وهي بتفتح الباب:

– بلغوا سلامي لياسين لما يرجع،

وقولوله… ربنا يكرمك في حياتك.


سكتت لحظة،

بصت حوالين الشقة كأنها بتطبع المشهد في ذاكرتها،

وبعدين شالت شنطتها على كتفها،

وخرجت.


والباب اتقفل وراها بهدوء.

أم ياسين ونور فضلوا واقفين مكانهم،

مش مصدقين إن البنت الطيبة دي خلاص مشيت.


صوت الباب وهي بتقفله كان هادي،

بس جواه وجع كبير،

زي نهاية فصل،

مش بس من حياتها…

من كل اللي وجعها قبل كده.

-------------------------

رجع ياسين آخر النهار،

كان شكله تعبان من الشغل والتفكير،

فتح باب الشقة وهو بيكلم أمه من بعيد:

– ماما، أنا جيت… ريحة الأكل طالعة، باين عليكي عاملة غدا محترم النهارده.


ما سمعش صوت.

دخل الصالة، لقى أمه قاعدة على الكنبة ومعاها نور.

وشوشهم كان فيهم حاجة غريبة،

سكت شوية وقال باستغراب:

– في إيه؟ في حاجة حصلت؟


نور بصت لأمه، وأمه قالت بنبرة فيها حزن:

– فرح مشيت يا ياسين.

وقف مكانه كأنه ما فهمش، وقال بسرعة:

– يعني إيه مشيت؟ راحت فين؟

ردّت نور وهي بتحاول تهوّن عليه:

– حاولنا نمنعها، والله حاولنا، بس هي كانت مصممة.

قالت إنها رايحة تقعد عند خالتها شوية… وقالت كمان إنها محتاجة ترتاح من كل اللي حصل.


فضل ساكت،

عينه اتحركت ناحية الباب كأنه لسه مستني يسمع صوتها منه،

بس مافيش.

كتم نفسه وقال بهدوء غريب:

– خلاص، طالما دي راحتها.

ودخل شقته اللي في وشهم من غير ما يقول كلمة تانية.

فضل ساكت ثواني،

بعدها مشي من غير ما يقول ولا كلمة.

دخل أوضته،

قاعد على السرير،

إيده على وشه،

وصورتها وهي بتضحك مش سايبه دماغه لحظة.

حاجة جواه كانت بتوجعه بس مش قادر يحددها…

وجواه صوت صغير بيقول:

هي خلاص راحت. 


الأيام عدّت ببطء،

كل يوم كان شكله زي اللي قبله،

بس مع الوقت ابتدت الحياة تمشي.


فرح دلوقتي بقت ساكنة في شقة صغيرة في نفس العمارة بتاعة الحاجة منيرة.

قالت لنفسها إنها مش عايزه تبقى تقيلة على الست الطيبة دي،

فاستأجرت الشقة اللي في وشها بالضبط.

تفضل طول النهار عندها تساعدها، تحكيلها،

وبالليل ترجع شقتها تنام ساعة وتقوم على شغلها.


الدنيا بدأت تهدى،

رجعت تشتغل تاني،

بقت بتحاول تملأ يومها بأي حاجة عشان ما تفكرش كتير.

عدّت أيام كتير،

وفرح كانت خلاص اتعودت على قعده الحاجة منيرة،

الحياة هناك بسيطة وهادية،

الحاجة طيبة وبتحبها،


كانت بتحاول تنشغل،

رجعت شغلها، وبقت بتقابل نور كل يوم في الكلية.

نور أول ما شافتها، جريت عليها:

– فرح! أخيرًا! فين يا بت؟ كنتي فين من زمان؟

ضحكت فرح وقالت:

– كنت بحاول أظبط حياتي شوية، وبعدين انا اخت اجازة اسبوع بس. 

قعدوا سوا على الدكة، ونور كالعادة ما سكتتش:

– ماما بتسأل عليكي على طول،

بتقول لي: البنت دي محترمة ومؤدبة، حرام تبعد عننا.


فرح ابتسمت وقالت بهدوء:

– ربنا يخليها، ست طيبة جدًا.

نور ضحكت وقالت بغمزة خفيفة:

– وياسين كمان على فكرة، ما بيقولش حاجة،

بس باين عليه متضايق إنك مش موجودة.

ردّت فرح بسرعة وهي بتحاول تغيّر الموضوع:

– يا بنتي بلاش الكلام ده، أنا خلاص ارتحت كده.

نور قالت بابتسامة خفيفة:

– زي ما تحبي، بس باين إن في كلام مش متقال.


فرح سكتت.

ولا ردّت ولا أنكرت.

بس لما رجعت بيتها آخر اليوم،

فضلت كلمات نور ووش ياسين اللي شافته في خيالها يلف في دماغها،

تحاول تهرب منه… بس ما قدرتش.


كل ده و الضحكة بتدأت ترجع على وشها شوية شوية.


أما معتز، فبعد ما خرج من المستشفى،

بقى إنسان تاني تمامًا.

الغرور اللي كان في عينه اختفى،

صوته بقى واطي، وكلامه قليل.

فرح كانت بتزوره من وقت للتاني،

مش عشان أي حاجة،

بس لأنها حست إن الواجب والرحمة فوق كل حاجة.


كانت بتقف عند باب الأوضة تبص عليه وهو بيحاول يحرك إيده أو رجله،

تدعي له في سرّها وتقول:

يا رب، يمكن يكون ده طريق توبته.


الحياة كانت بتمشي،

بس جواها لسه حاجة ناقصة،

حاجة مش عارفه تسميها،

يمكن راحة الضمير،

ويمكن حنين لإنسان ما كانتش متخيلة إنه هيسيبلها علامة بالشكل ده. 

---------------------

وييجي اليوم اللي يغيّر كل حياتها.

كانت راجعة من الكلية تعبانة بس مبسوطة، الجو كان حر شوية بس هوا المغرب كان بيهدي الدنيا.

طلعت السلم وهي ماسكة الكتب في إيدها وبتتنفس بصوت عالي:

– ياااه يوم طويل أوي النهارده… جعانة جعانة.


فتحت الباب بالمفتاح وهي بتضحك وقالت بصوت عالي:

– يا حاجّة منيرة، الأكل فين يا ستّي؟ جعانة والله العظيم جعانة، حرام عليكي لو ما فيش غدا!


ضحكت الحاجة منيرة من جوّه وقالت:

– إيه الصوت ده؟ هو في حرب؟ الغدا ع النار يا بتّ، استني شويه!


فرح رمت الشنطة على الكرسي وقالت وهي داخلة الصالون:

– ماشي بس بسرعة، أصل لو اتأخرتي عليا، هتلاقيني بأكل الترابيزة دي!


كانت بتضحك وهي بتقولها،

بس أول ما دخلت الصالون… وقفت مكانها.


الضحكة اختفت.

عينيها اتجمدت على المنظر اللي قدامها.


ياسين قاعد على الكرسي،

وأمه قاعدة جنبه،

اللي اتنين بيتكلموا وبيضحكوا مع الحاجة منيرة كأنهم في زيارة عادية خالص.


فرح حسّت قلبها وقع منها.

إيديها بقت تقيلة، ووشها سخن فجأة.

نفسها اتقطع، كأن الوقت وقف.


الحاجة منيرة أول ما شافتها قالت وهي مبسوطة:

– أهو يا بنتي شوفي مين اللي منورنا النهارده!

فرح بصّت ناحيتهم وهي مش قادرة تنطق.

أم ياسين ابتسمت وقالت بهدوء:

– إزيك يا فرح؟

بس هي ما ردّتش…

وقفت متسمّرة مكانها،

ولا عارفة تعمل إيه، ولا تقول إيه،

كل اللي في وشها كان صدمة وسؤال كبير ما نطقتوش.

--------------------

#يتبع. 

يترا ياسين وامه رايحين عند فرح ليه؟ 

ويا ترى فرح هتستقبلهم ازاي؟ 

وهل معتز فعلا ندم؟ 

كل ده هنعرفه في البارت الجاي باذن الله ♥

تكملة الرواية من هناااااااا 

لمتابعة باقى الرواية زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كاملةمن هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

 مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هناااااا



تعليقات

التنقل السريع
    close