رواية فراشه في جزيره الذهب الفصل العاشر والحادى عشر بقلم سوما العربي كامله وحصري
رواية فراشه في جزيره الذهب الفصل العاشر والحادى عشر بقلم سوما العربي كامله وحصري
الفصل العاشر
حملها بنفسه التي قتلها اللوع حينما تأخر الطبيب، مظهرها وهي شاحبة اللون هامده بين يديه جمد الدم في وتينه.
دلف سريعاً لغرفته الملكيه يضعها على الفراش بتعجل في نفس اللحظة الذي تتبعته فيها هرولت خطوات الطبيب .
يردد برهبة:
- اتركها مولاي
زجره الملك وردد من بين أنيابه :
-أين كنت واللعنة، أحرص على أن تبقى بخير هياا.
ردد الطبيب برهبة :
-ح.. حسناً مولاي.
أبتعد راموس سريعاً كي يعطي الفرصه للطبيب ولا يعطله بأي شيء.
راقب الطبيب وهو يفحصها بعناية يوصل جهاز اكسجين بأنفها و يقم ببعض الإسعافات السريعه.
ظل هكذا لدقائق إلى أن أستدار للملك وقال:
-حمد لله هي الأن تتنفس سيدي... لقد أسعفناها بالوقت المناسب.
أغمض الملك عيناه يكتم شهقته المتلهفة و التي كان ستزيد من فضحه.
لكن مازال لوعه مسيطر عليه، لقد كاد أن يفقدها..بلحظة .
ابتلع رمقه وردد باهتمام لم يحاول أن يداريه:
-لما لم تستيقظ حتى الآن إذاً
-لقد قلت لجلالتك أنها مازالت تتنفس يعني أنها على قيد الحياة ولكن حالتها ليست بالجيدة إطلاقاً فهي قد تعرضت للشنق قبل قليل وكادت أن تختنق.
كان يستمع للطبيب و عيناه تسرح حتى وصلت للجرح الأحمر بعنقها والذي سببه الشنق.
لعن بصوت حسيس.. الأوغاد .. لقد شنقوها دون تغطية رأسها حتى.
عاد يغمض عيناه بتوعد وحمد بآن واحد.
ثم قال:
-أريد فريق طبي خاص لخدمتها
-حسناً مولاي.
-أنصرف.
أمتثل الطبيب للأمر و ذهب فيما بقى راموس مع رنا وحدها.
أخد يقترب ببطئ منها و تمدد على الفراش بداخلها.
لم يدري بروحه إلا وهو يرفعها برفق و يحتضنها.
رجفة عظيمة سرت على طول جلده ذبذبته كلياً .... تمهيده عاليه حارة صدرت عنه ... اخيراً هي بأحضانه بعد تمنعها المستميت .
ربما هي أشرس أنثى رأها بحياته، لا يعلم لما هو منجذب إليها بتلك الصورة.
ظنها رغبة متأججة بسبب رفضها المتواصل له، لكنه حينما كان يراقب الطبيب وهو يسعفها كان كذلك يراقب حالته فهو يكاد يختنق بينما يراها ممدة وهو على وشك فقدها.
سرحت يداه تتفقدها، وعيناه تنظر لها ، أنها بديعة الحسن لها قبول غير عادي وطلة مميزة حتى لو كانت شاحبة هزيلة.
اعتصر لحمها بين ذراعيه، مذ رأها وهو يتوق إلى تلك اللحظة وذلك الشعور، أن تصبح بين ذراعيه على فراشه لحما و دماً.
و قد صدم الأن حينما اكتشف أنه يريد الأكثر، يطمع في الأكثر، يرغب في إمتلاكها للأبد... إنه يريدها ..وهذا لأمر جلل يحدث لأول مرة.
دقات متزنه على الباب جعلته يستدرك حاله و يعي أنه يعصر لحمها الغض بين ذراعيه وصدره مكتشفاً أنه لا يمكنه طبعها على جسده.. على الأقل الآن.
وأنها هزيلة متعبه تحتاج للراحة إن كان يريد حياتها.
وضعها على فراشه الملكي برفق شديد وهو يسأل بصوت خفيف : من أين ظهرتي لي؟ ماذا فعلتي بي؟ ماذا.
كان الدق المؤدب قد اختفى لثواني لكنه عاد من جديد .
أذن راموس بصوت جمع الكثير من القوه عكس حالته التي هو عليها بسبب خوفه عليها.
وما أن أبصر رئيس الديوان أمامه يقف مطأطأ رأسه ينكس عيناه أرضا يغض بصره عن حريم الملك.
حتى هب راموس من على الفراش وأسدل السيتار ثم تحدث بصوت غاضب : ما هذا الذي حدث؟ ومن المتسبب فيه؟
الوزير : أحمم.. أسمح لي سيدي .. أنا أمرت بالتحقيق فيما حدث لكن على الأرجح لقد فعلت شيئا ما أفضى بها لهذا العقاب.
راموس: أريد تفصيل شامل وسريع عن ما حدث... أقسم أنني لن أتوانى في معاقبة الفاعل..و الآن أذهب... هيا.
خرج الوزير من الغرفة و التف راموس عائداً إليها يغتنم اللحظة ... فهي الأن تدفئ فراشه ساكنه.
نظر لها متأملاً وقد عادت لشفتيه ابتسامة إعجاب ومد يده يداعب خصلاتها الشقراء..
تنهد بحرارة يسأل من جديد : لم أنت جميلة هكذا؟ لم أرى في جمالك قط يا مهلكتي.
سمح لنفسه أن يقترب منها يستنشق عطرها ... سب بين أنفاسه بغضب شديد وهو يستمع لدقات الباب من جديد و دلف الطبيب ومعه مساعدتين .
سحب نفس عميق يصبر نفسه فسلامتها أهم الآن.
وقف بشموخ من بعيد يتابع إجراءات الطبيب وهو مصدوم لا يصدق أنه كاد أن يفقدها وبغمضة عين يسأل ماذا لو لم يضطر لتغيير ميعاد عودته بسبب دواعي امنيه مؤكده حرصاً على سلامة جلالته.
ماذا لو تأخر دقيقة مثلاً أو دقيقتين هل كانت ستشنق؟
فلتشنق ... وما دخله هو؟ سأل نفسه ماذا لو لم يلحقها ..ماذا يريد منها ... نظر لها وهي على الفراش موصلة بخراطيم المحاليل و الأكسجين وحاول إيجاد مخرج يغلف به شعوره و أنها بالتأكيد الرغبه.
نعم نعم.. هي الرغبة لأن للحقيقة و بالمنطق هي ليست ككل الجميلات...هي ذات جمال خاص... خاص جداً ويشهد بذلك كل من يراها.
خرج من الغرفه و ذهب لمكتبه و هو يردد ذلك السبب المغلف داخله كأنه يحاول إقناع نفسه أولاً.
______________سوما العربي _____________
مرت بدل الساعة ثلاثة وهي للأن لم تعد من الخارج
ظل طوال الوقت يفتل الأرض بين الصالة والشرفة ليرى إن كانت قد عادت.
ألقى بجسده على الأريكة وحمل هاتفه ليلعن ألف مرة فقد أدرك مؤخراً أنه لا يملك رقم هاتفها.
أين هي و لما تأخرت، تباً لها وله و لكل شيء..هو لأول مرة يذق للوع طعماً.
دق جرس الباب فهرول ناحيته سريعاً ولم يفكر أنها بالفعل تملك مفتاح للباب فلو كانت هي لفتحت
لكن على مايبدو أن لهفته لغت تفكيره و هرع ناحية الباب ظنا منه أنها هي.
فتح الباب يردد بتهلل : اتأخرتي ل .....
أنحشر الحديث على طرف لسانه حينما أدرك هوية الطارق والذي كان والده.
وقف ينظر لابنه بأنتباه و قد تعجب من تلك اللهفة البائنه عليه.
فسأل : هي مين اللي اتأخرت.
ارتبك زيدان في الرد و قال : هاااا.. لأ.. ده...أحمم.. مافيش.. ايه يا حاج هتقف تتكلم من على الباب كده .. أتفضل أدخل.
نظر له شداد بأعين مترقبة خبيثة ثم لملم عبائته و دلف للداخل بشموخ.
تقدم نحو الداخل وجلس على أحد الأرائك يقول : أنا من يوم إلي حصل وأنا مش عارف اتلايم عليك عشان أكلمك في إلي جرى .
تنهد زيدان بتعب ثم قال: إلي حصل ده برجلنا كلنا
بادله شداد نفس التنهيدة ثم قال: أسمع مني يا بني الكلمتين دول... أبوك راجل كبير لف في الدنيا وشاف .. الكون ده له رب ..مافيش حاجه ماشيه كده جهجهوني.
زيدان : قصدك ايه يا حاج.
تغضنت زوايا فم شداد بابتسامة خفيفة ثم قال متأملاً: أقصد أن ربك بيسوق الأقدار عشانا.. ده أحن على الوالدة من ولدها.
زيدان: يا حاج وضح كلامك بلاش شغل ولاد السوق ده.
رف حاجب شداد والمكر يلتمع في عيناه، يفهم إبنه من نظرة عينه وكل منهم يمكر على الآخر.
زيدان يرغب في تصريح واضح وصريح من والده بل ربما يريد منه نصيحة أو ضوء أخضر.
فراوغ في الحديث يسأل: أحمم.. ألا هو أنت كنت متلهف كده للي على الباب ليه؟
حانت على زيدان بعض أمارات التوتر وردد : لأ ولا حاجة؟
همهم شداد ثم تابع: وهي فين حورية أمال؟
-أحممم... خرجت.
انعقد حاجبي شداد و سأل : خرجت بعد كام يوم من الفرح وهو ده يصح بردك؟
-كان مشوار ضروري مع خالتها ، بنت خالتها غايبه من فترة راحوا الشركه يسألوا عنها، وبعدين فرح إيه بس يا حاج أنت بتتكلم كده زي ما يكون فرح بجد وأحنا اتنين عرسان بحق وحقيقي
- إيه إلي خلاه مش بحق وحقيقي.. الله... هو مش كان في فرح و مأذون و إشهار ..عجايب و الله
رفع زيدان عيناه مندهش وقال : يابا أنت نسيت محمود يابا؟
-محمود أختار نصيبه... شوف أنت نصيبك إلي جالك لحد عندك.
-بس ده أخويا و إبنك إزاي بتقول كده
هب شداد واقفاً يلملم عبائته وقال بحزم:
- ماهو عشان ابني.. الظاهر إني دلعته دلع ماسخ لحد ما بقى بيأذي نفسه ويأذي إلي حواليه..لازم يعرف إن ماحدش بياخد كل حاجه.
وقف زيدان هو الآخر ليتكلم لكن أسكته شداد بحسم و قال :
-اسمع يابني...كلمتين أبرك من جرنال ..حورية دلوقتي مراتك على سنة الله ورسوله بموافقتها وشهادة الناس.. قبلتها مراتك أو لأ أنتو أحرار الجواز مافيهوش غصبانيه ..بس عشان يبقى في معلومك سوا قبلتوا بالجوازة أو مكملتوش كده كده محمود مش هيتجوزها ولو انطبقت السما على الأرض وأنا بنفسي إلي هقف في الموضوع ده... واعي لكلامي؟
تركه وذهب ناحية الباب ثم توقف في منتصف الطرقه يقول : أنا كده جبت لك نهاية الحوار و أنت عقلك في راسك وفكر.
لم يرد زيدان فاتجاه شداد ناحية الباب يفتحه وقبلما يخرج قال : أه نسيت كنت طالع لك ليه... أمك عزماكم النهاردة على الغدا ماتتأخروش.. سلام.
خرج شداد في اللحظة التي وضعت فيها حوريه قدميها عند الباب لتدخل، نظر لها شداد مبتسماً ثم قال: حمد لله على السلامه يا مرات ابني.
قال الأخيرة و عيناه على إبنه المعني بالحديث ثم هبط الدرج .
واستقبلها زيدان بأعين مشتته تنظر لها بشاعر و أفكار مضطربه ولعن بداخله فرغم كل تشتته و تضارب أفكاره شوفتها تريح نفسه..هو بالفعل الآن يخرج تنهيده حاره و هو يطالعها بصمت تام.
____________سوما العربي___________
جلس على عرشه يتابع بعض الأوراق في يده ، شؤن رعيته أهم من تلك البيضاء المتمردة..
-الجميع للخارج.
كان هذا صوت الذي أقسم على مباشرة أمور الرعية وألا يذهب إليها.
لم يقدر...و ها هو يقف الأن أمام فراشه الخاص الذي تمددت عليه وانصرف الجميع.
جلس ينظر لها بصمت غير مفهوم ينتظر إستيقاظها.
مرت نصف ساعة تقريباً وهو يجلس أمامها مكتفي بالصمت والتأمل... إلي أن وجدها ترف بأهدابها.
فتأهب مترقب ليرى ردة فعلها وتمردها المتواصل.
تنهيده خائنة صدرت عنه وهو يراها تفتح عيناها الجميلة و تطلع حولها بصمت.
يتوقع أن تهب كالنار في وجهه كما تفعل دوماً... أرتفع حاجبه بدهشه و هو يراها تقلب عيناها في الغرفة بصمت تام و التفت تنظر له ولم تنطق ثم حاولت الأعتدال على الفراش.
كان رد الفعل منها غير متوقع تماماً... فتاته البيضاء المتمردة الشرسة تكورت على نفسها تبكي كالجنين تحتضن نفسها.
لم يقدر على مواجهة أنهيارها بشموخه الملكي وهيبته وهب مقترباً منها يخطفها داخل أحضانه يحاول تهدئتها.
وهي مستمرة في البكاء تشهق و تنتفض .
أخذ يمرر يديه على طول جزعها وهو يزيد من ضمها بدفئ يردد : ششششش أهدئي صغيرتي... أنتي الآن معي وبخير.
أتسعت عيناه ببهوت وإقشعرار وهو يشعر بها تنكمش داخل أحضانه وتكمش ظهر ملابسه بكفيها كأنها تحتمي به.......
______________سوما العربي_____________
في المساء على سفرة عامرة ترأسها الحاج شداد وزوجته وضع نصف دجاجه على صحن ممتلئ بالطعام أمام حوريه ثم زيدان وقال:
-انا عايز الأكل ده يتمسح مسح.. سامعين... سامعه يا حورية..شغل أكل العصافير ده ما ياكلش معانا.
بهتت ملامح زيدان التي كانت مشرقه منذ قليل على ذكر سيرة العصافير ونظر ناحية حورية وجدها صامته بضيق هي الأخرى.
لامت فرودوس زوجها بنظرة من عينها وقد اشتحن الجو قليلاً ولم يغيره سوى صوت جرس الباب.
وقفت فردوس لتفتح لكن سبقتها حوريه تقول : خليكي أنتي عشان رجلك هفتح أنا.
فرودوس: أي والنبي مش قادره.
ذهبت حورية فتحت الباب لتجد رشا أمامها تحمل معها ملائة سرير نضيفة تنظر لحورية بنظرة غير راضية ثم قالت مدعية المزاح :
- هو البيت بقا بيتك وبتفتحي يا حور ولا إيه؟
اندهشت حورية من كلماته ولم تعرف ماذا تقصد ولا بماذا تجيب.
لكن صدح صوت شداد يقول: تعالي يا رشا واقفة ليه.
-ما حورية هي إلي ما دخلتنيش يا عمو.
زوت حورية ما بين حاجبيها تسأل متى منعتها فيما أكملت رشا :
-انا كنت جايه أجيب لمرات عمي الغسيل إلي وقع في بلكونتنا .. عارفه رجلها بتوجعها.
-فيكي الخير يا رشا..تعالي يا حبيبتي... تعالي كلي لقمة مع عمك
نظرت رشا لحورية ثم قالت:
-ما تدخليني يا حور الله
-هو أنا منعتك يا بنتي.. ماتدخلي.
تقدمت رشا للداخل و سريعاً جلست على الكرسي المجاور لزيدان اندهشت حورية من فعلتها ولا تعلم هل تتحدث أم لا... وكانت المفاجأة حين تحدث زيدان بصوت مهيب:
-ده كرسي حورية يا رشا.
نظرت له رشا وكادت أن ترد لكن قطع كل هذا صوت هاتف حورية الموضوع على سطح الطاولة حيث كانت تجلس من قبل فكان أمام رشا التي التقطته سريعاً ثم سألت بصوت عالي تسأل بنبرة يشوبها المكر والأتهام في آن:
-مين عاصم إلي بيتصل بيكي ده؟
توجهت أنظار الكل باتهام خصوصاً زيدان الذي بدا قد تحول وتحولت عيناه ببوادر غضب غير مسبوق....
الفصل الحادي عشر
على الرغم من أن الإسم مسجل "أستاذ عاصم" إلا أن رشا نطقته مجرداً عن عمد على ما يبدو و كأنها تتعمد إضافة بعض البهارات.
وطريقة رشا نجحت في إرباك حورية التي نظرت لها بجبين مقطب مستغربه الطريقة التي صاغت بها رشا سؤالها؟
انتبهت حواس الكل لها منتظرين إجابه وكان السؤال الحاد من فم زيدان الذي سأل:
-مين ده؟
-ده أستاذ عاصم... مدير رنا بنت خالتي
كان شداد يتابع ما يحدث بتروي وقال :
- أهدى يا زيدان في ايه...ردي يا بنتي..ردي شوفي يمكن في أخبار.
لم تفكر حورية مرتين وتناولت الهاتف تجيب :
-الو.. أيوه يا أستاذ عاصم.
-مساء الخير يا آنسه حورية... أتمنى ماكونش أتصلت في وقت غير مناسب.
- لا ابدا.. طمني في أخبار عن رنا ؟
ظهر الإرتباك على نبرة صوته ثم قال بتلعثم :
- هاااه... أه..اه هي تمام..
تهللت ملامح حورية وسألت بلهفة:
-بجد... يعني عرفت تتصل بيها وهي بخير
-اأاا.. ااه.. أيوه..كلمتها في المخيم وهي بخير اتطمني أنا بس كانا حابب اااا...
قاطعته تردد بحبور :
- طيب هي ليه مش بتكلمنا كده زي ما كلمت حضرتك؟
-ضغط شغل مش اكتر مع فرق التوقيت كمان... ماتقلقيش.
-يعني اتطمن مامتها؟
-أيوه هي تمام...أاا.. أنسة حورية أاا..
تلعثم في الحديث رغم خبراته النسائية المتعددة ولا يعلم لما أرتبك ما أن حدثها.
صمت منتبهاً لحديثها حين قالت :
- أنا متشكره جداً ليك يا استاذ عاصم مش عارفه أقولك إيه.. شكراً لاهتمامك.
أغتاله شعور الإحباط ، تلك الكلمات المنمقة المختصره تقال لكي تغلق أي حوار و تختزله.
صمت بخيبة أمل ثم تنهد بحرارة و قال :
-ماتقوليش أي حاجة أنا مبسوط إني كلمتك.
ظهر التوتر على ملامحها التي تتابعها عينا زيدان بتفرس ، ما عادت تعلم بماذا تجيب خصوصاً بعدما أستمعت لتنهدته التي تهد الحيل هداً.
وجاء صوتها متلعثماً تردد:
-شكراً لذوق حضرتك...مع السلامة.
أغلقت الهاتف بتوتر ووضعته بجوارها ثم التقطت معلقتها لتأكل متظاهرة بالأنشغال رغم أنها منذ دقائق كانت تشعر بالحرج من تناول الطعام فهي تفعل لأول مره بمنزل شداد.
وما كان من الصعب على زيدان التقاط كل هذا بعيناه التي يخرج منها اللهب.
بالأساس كان الجو متوتر مشحون وشداد عيناه على إبنه تتابعه بصمت وخبره.
وكذلك رشا التي استنفر حاجبها الأيسر مرتفعاً وهي تراقب ما يحدث بينما تقضم بواطن فمها بغضب غير مبرر.
لم يستطع الصمت وانفجر دفعه واحده يسأل بصوت حاد :
- مين ده و عايز منك إيه ومعاه رقمك من الأساس ليه؟
سقطت المعلقة من يد حورية، هي بالأساس كانت معدومة الشهية لكن إنفجار زيدان في وجهها هكذا زاد من سوء حالتها.
صمتت لا تعرف بماذا تجيب فيما تحدث شداد وهو يتحتسي الشوربه من معلقته بإنسجام :
- براحه يابني سرعة البنية في ايه؟
ثم نظر إلى حورية وقال :
-كملي أكلك يابنتي سبنتي معلقتك ليه..كلي.
عاود يصب حديثه على زيدان :
-حصل ايه لكل ده يعني.. ماحنا عارفين قصة رنا إلي غايبة أديلها حبة.. الراجل كتر خيره بيطمنها..ماجراش حاجة يعني...كده...كده تخلي حورية تسيب أكلها.
صمت زيدان بغيظ لا يجد ما يتفوه به، نظر لحورية وقال أمراً بقسوة:
-كملي أكل.
نظرت له بضيق ممتزج بالخوف....... هذا ما كان يخشاه، إن تراه حورية رغماً عنه كما تراه كل الفتيات.
كل هذا تحت نظرات فاحصة من شداد ورشا التي بدأت تتململ في جلستها لا يعجبها ما يحدث.
أرتفع حاجبها بحده متافجئة وهي ترى زيدان يرفع أحد الأطباق ويضع مزيداً من الطعام أمام حورية بصمت مهتم يحسها على الأكل.
بعمره زيدان لم يكن هكذا... وهذا ما توصلت له نظرات فردوس وشداد كذلك هما يعرفان عزيزهما جيداً .
___________سوما العربي _______________
انقضى النهار وذاك الذي أقسم على أنها مجرد رغبة يجلس بجوارها متأملاً لها .
كأنها سم يتجرعه برضا، نقطة نقطة بتلذذ، يسأل ما السر بها؟! ما السر!
فبعد نوبة بكائها المريرة و انهيارها بأحضانه جاء الطبيب وحقنها بعقار سكنها من جديد وهو الآن يجلس لجوارها منذ الصباح.
ربما جلس مترقباً لردة فعلها العنيفة بعد إسيقاظها هذه المرة فقد عرفها لبوة شرسه لا ترضخ بتاتاً.
تغضنت زوايا فمه بإبتسامة متسلية وهو يتخيل ما ستفعله ما أن تصحو.
نظر لساعة يده من المفترض أن تكن قد بدأت تستيقظ منذ حوالي النصف ساعه كما اخبره الطبيب لكنها لم تفعل حتى الآن.
أستوى في جلسته يقعد بارتياح يتنهد بسخونة فيما يشعر بإحساس كبير يستحوذ عليه، يتملكه.
إحساس أستكبر إن يضع له تسمية، راوغ حتى مع حاله و رفض المواجهة ، لكنه لم يقدر على إيقاف ذاك الشعور وتركه يتملكه يزيد الأمر وهو مستمر في مطالعتها بصمت وانفاس سخينه...يننتظر إستيقاظها.
هبت نسمات خفيفة من نافذة الغرفة الملكية تعاكس طبيعة الجزيرة الحارة جداً.
زوى مابين حاجبيه مستغرباً تلك النسمات الجديدة كلياً على طبيعة مناخهم واغمض عيناه مبتسماً يستمتع بلفحاتها.
أستمر الأمر لثوانِ ففتح عيناه متنهداً لتتسع من فورها وهو يبصرها وقد فتحت عيناها ......تجلت امارات الدهشة على ملامحه، أين الصراخ و السب والنهش .
طالعها مترقباً ربما هي في طور الأسيعاب لا اكثر.
لكن إستمرار سكونها وتحديقها في سقف الغرفة المزركشة بالذهب دون التفوه بحرف جعله يتأكد أن بالأمر أمر.
أقترب منها حتى بات يتنفس أنفاسها ونادى بهمس: -صغيرتي هل أنتي بخير؟
بحلقت عيناه وهو يسمع ردها الفوري بجسد لم يرف فيه عضلة واحده :
-جوعانه.
-ماذا؟!!
-أريد الطعام.
رد بتلهف :
- حسناً... حسناً صغيرتي.
خرج ناحية الباب وطلب لها الطعام ثم عاد من جديد يراها مازالت مسطحه على ظهرها صامته.
نظر لها بغرابة ثم بدأ يقترب وهو يختبر الأمر ، ثم يقترب ويقترب إلي أن دنى منها و جلس على السرير بجوارها .
أسبلت جفناها و كل ما حدث يدور بخلدها كشريط سينمائي بصور متتالية تتذكر كيف شنقوها وكيف ساقوها لطلبية الإعدام وكأنها حيوان، بل هي أقل من الحيوان حتى.
كانت ستذهب برفة جفن، ستموت مشنوقة فقط لأنها لم تتذلل بالقدر الكافي لشقيقة الملك.
لقد خلقت حرة،لا تنحني لغير الله، كيف لها أن تفعل؟ كيف؟!
أنتبهت على أصابعه القويه التي امتدت لتتلمس شعراتها الشقراء بترقب من ردة فعلها، تنهد بحرارة و هو يردد :
-ظننتك ستستمرين في التمرد و العصيان.
سألت بصوت هادئ واثق من صحة الجواب:
-أنت من أنقذني أليس كذلك؟
دنى منها اكثر حتى بات يتنفس أنفاسها وشفيته على بعد إنش واحد من شفتيها وهمس:
-نعم
-إذاً فأنا مدينة لك.
تجعدت جبهته، كيف تتحدث؟ مدينة له؟ صيغة حديثها جديدة عليه كلياً.
نظر لها بتشوش يسأل نفسه لما طريقتها مختلفة عن البقية وهمس:
-مدينة لي؟!
-نعم لقد انقذت حياتي
- فلنفرض يا صغيرة...هممم..ماذا بعد؟
سألها بترقب ينتظر إجابه فقالت:
-يجب علي رد الجميل.
ضحك مستأنساً وسأل:
-كيف؟!
-أرجو أن تتوقف عن نبرة السخرية والتقليل التي تتحدث بها معي، هذا أن سمحت يعني.
صمت لثانية وتعوج رقبتها و نظرت داخل عيناه ثم همست أمام شفتيه القريبه منها :
-ليس لأنك الملك فأنت من تملك كل شيء ولا يوجد ما يمكن أن يُقدم لك أو تحتاجه.
تنهدت بحرارة ثم عادت تنظر لسقف الغرفة من جديد بينما تكمل بحسرة:
-فمنذ شهر واحد من كان يقسم لي أنني سأذهب إلى جزيرة في نهاية العالم وأصبح أسيرة فيها و يحدث معي كل ماحدث لاعتقدته معتوه يهزي وربما طلبت له العباسية.
-عباسية؟!!
لفت وجهها وقالت :
-لا عليك .. لن تعرفها.
أبتسم رغماً عنه وهو ينظر لها بأفتتان يمرر عيناه على ملامحها المميزة ثم همس:
-انتي جميلة جدا صغيرتي.
ردت وهي مازالت تنظر لسقف الغرفة:
- أعرف.
ضحك بخفة ليجدها تلتف له وتهمس أمام شفتيه :
-و أنت كذلك.
تهلل وجهه..هي لأول مره تبلل ريقه بأي كلمة بل من الأساس تلك هي أول وأطول محادثه حدثت بينهما حتى الآن فما قبل كانت مناوشات وتحديات صغيره بينهما.
قال يرغب بالاستطراد في الحديث وسأل راغباً في التفسير:
-كذلك ماذا؟
همست برقة أذابته :
-جميل و وسيم.
أسبل جفناه يشعر برعشة غزته من كلمتين منها وزادت لوعه.
رغماً عنه زادت حرارة جسده واقترب منها أكثر يرغب في تقبيلها .. باتت شفتيه أمام شفتيها لا يوجد إنشات تفصلها ينظر لعيناها مره ولشفتيها مره وهي تناظره بصمت خالي من التمرد المعتاد.
كاد أن يقبلها لتهمس وهي بمرمى شفتيه:
- الباب يدق.
-فليتحترق، أنا أريدك صغيرتي.
أرتعش جسدها وهي تفهم مراده فهمست بخوف:
-لكني جائعة.
-حسناً.
زم شفتيه بيأس ثم استقام بهدوء وأذن للطارق بالدخول... تركهم بخدمتها وذهب لهدفه.
دلف الخدم و معهم الطعام ومن بينهم سوتي التي تقدمت بتردد من رنا تسألها:
- عاملة إيه دلوقتي
- عايشه لسه.
دققت سوتي النظر لرنا ثم قالت:
-غريب هدوءك ده
نظرت لها رنا بوجه خالي من التعبير ثم قالت:
-عايزة أكل وبس.
رفعت سوتي أحدى حاجبيها و هي تنظر لرنا بتوجس، حالتها تلك مغايرة لما اعتادوه منها...فأين التمرد و الصراخ و الضرب.
لكنها صمتت ربما هي في طور الصدمة ولم تجتازها بعد.
حاولت سوتي جذب أي حديث مع رنا لكن الرد كان بارد مقتضب جعلها تنخرص حتى انسحبت تماما.
وبقت رنا وحدها بغرفة الملك تأكل على فراشه وهي تفكر بصمت وتقارن أين كانت وأين هي الآن.
لا أحد يعلم سبب هذا الصمت والسكون..حتى هي.
بينما في غرفة العرش.
جلس راموس على عرشه بإستنفار أمام وزيره الذي قال:
-نعم يا مولاي انتيهينا من التحقيقات.
-وألى ما توصلت؟
-كما قولت لجلالتك مولاي لقد اخترقت القوانين لذا نالت عقابها.
هب الملك من على عرشه وهتف :
-الشنق؟ ماذا فعلت واللعنة.. ومن أعطى الأمر بأن تعدم؟
أحنى الوزير رأسه وردد :
-شقيقة جلالتك يا مولاي.
بهتت ملامح راموس وردد:
-ماديولا؟
-نعم مولاي وكما سبق أن ذكرت لجلالتك فقد اخترقت الفتاة لأحد القوانين فنالت جزاء مافعلت.
-ماذا فعلت بالأساس لتعدم... ما تهمتها؟
-إهانة أحد أفراد الأسرة الحاكمة.
-كيف؟
سأل الملك بترقب لكنه كان على علم مسبق بطبيعة رنا الشرسه والمتمردة فوقف بإنصات ينتظر الاستماع لأي كارثه قد فعلت فجاء الجواب من الوزير:
-لم تقف بانتباه أثناء مرور الأميرة ماديولا.
-ماذا؟!
هتف راموس بحده وغضب ... وانتشر الخبر في القصر كله بعدما وصل لمسامع الجميع أن الملك بنفسه يحقق فيما حدث... وتقاسمت الاراء ما بين سعيد بما يحدث و ناقم لزيادة مكانة تلك الفتاة الدخيلة عليهم عند الملك.
__________سوما العربي ____________
انتهت السهرة واستعد زيدان للمغادرة هو و حورية واجمة الوجه.
خرجت حورية من الباب أولا واستبقته على السلم تصعد للطابق التالي.
وكذلك زيدان الذي ترغمه قدماه على تتبع ريحها أينما ذهبت.
لكن أوقفه شداد ينادي:
-زيدان.
إلتف له ملبي الندا فقال شداد :
-صالحها يا زيدان.
رمش زيدان بأجفانه ثم هز رأسه طواعية وغادر يتبعها.
أغلق الباب خلفه وعينه تدور في الشقه تبحث عنها .
وجد باب غرفة النوم مغلق ففطن أنها بالداخل وقف بتوتر لجوار الغرفة وكاد أن يتحرك ليجلس على الأريكة لكن توقف وهو يرى باب الغرفة يفتح وتخرج منه حورية التي تتحاشى النظر ناحيته تحمل بيدها ملابسها.
قبض على ذراعها بيده القاسية و قال:
-رايحة فين؟
ردت بوجوم:
-هستحمى.
نظر لها من كل الجوانب وسأل بحزن:
-خوفتي مني مش كده؟
لم يتلقى رد فقط نظرات حزينه شاردة تخبره بمرارة الجواب
فسأل:
-هو أنا صحيح بخوف يا حورية؟
حانت منها نظرة له لتبصر الحزن بملامحه فردت متعاطفة:
-لأ أنت...
قاطعها يبتسم بحزن:
-بلاش كذب يا حورية.. أنا سمعتك قبل كده وأنتي بتقولي لمحمود إنك بتخافي مني.
بهتت ملامحها وحاولت مواصلة الكذب لإنكار ذاك الشعور البشع عنه لكنه أوقفها يقول :
-قولت لك بلاش كذب عشان تجامليني ... ده أنتي وصل بيكي الحال أنك طلبتي منه تسيبوا البيت وتتجوزوا برا عشان مابقاش في وشك.
ابتلعت رمقها بتوتر فيما أكمل بإبتسامة حزينه:
-رغم انك كنتي ماصدقتي إنه يعرف يجيب شقه أصلاً ،ومع ذلك كان عندك استعداد تصبري وتستحملي لسان أمك وكل إلي هيحصل نظير أنك تهربي من شوفتي إلي بتزعجك.
حرر ذراعها من يده القوية و أردف بإنكسار لأول مرة بحياته:
- قوم جه حظك وقعك فيا.
شهقت بجزع وهي تراه يضحك بألم مكملاً:
-كأن القدر قالك نفس البيت إيه إلي مش عايزه تسكني معاه فيه ده أنتي هتلبسيه هو ذات شخصياً.
إستدار ليتحرك لكنها أوقفته بصوت ملهوف:
-زيدان
تحرك ناحية الباب وهي مستمرة في النداء لكن نفسه أبت الشفقة يعتقد أن ما يسمعه سيكون من باب التخفيف عنه ليس أكثر، رفض أن يحدث أكثر مما حدث.
فنظر لها قائلا:
-مش محتاجه تقولي حاجه يا حورية وأنا مش بلومك.
خرج من البيت وتركها هارباً وهي وقفت تطلع حيث اختفى بقلة حيلة.
______________سوما العربي___________
تحول حرملك القصر إلى حلقات كل الجواري تهمس لبعضهن عن ما دار بين الملك وطلبه لشقيقته ماديولا كي يحاسبها.
ركلت ماديولا باب الحرملك بقدمها تسير بخطى غاضبه تجاه غرفتها الملكية والشر والغضب يتطاير من عينها بينما وقفت أنجا بغضب أمام الجواري تهتف بغيظ وقهر :
-علام تتهامسن يا حسالة... الجميع إلي عمله هياااا.
انصرفت الجواري على الفور وجلست أنجا جانباً على أحد الأرائك تلهث وهي تفكر بتلك الداهية التي وقعت فوق رأسها وكيف تتخلص منها... ثواني والتمعت عيناها بمكر خبيث ثم وثبت تتحرك بعزم تجاه مخططها الذي لن يخيب هذه المرة بالتأكيد.......
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا


تعليقات
إرسال تعليق