سكريبت نعمة كامله بقلم بالميرا
سكريبت نعمة كامله بقلم بالميرا
خبط جامد أوي على باب بيتنا خلاني جريت أفتح الباب؛ فلقيت رجالة كتير أوي، اتخضيت، ورجعت لورا؛ فواحد منهم سألني بسخرية :
-أنتِ نعمة؟! مع أني مش محتاج أسأل، زي ما وصفوكي فعلًا، أوحش بنت في المملكة.
سكت وما ردتش؛ لأن مش أول مرة أسمع الكلام دا، بس جت أمي وشدتني لورا، ووقفت قدام الراجل ده وقالته بغضب:
-بنتي مش وحشة، قلوبكم هي اللي مريضة، وعامية، أنت مين؟! وعايزين أيه مننا؟!
فرد الراجل بتعالي وتكبر:
-عايزين بنتك تخدم ابن الملك وولي العهد في القصر.
ردت عليه أمي بغضب أشد:
-بنتي مش خدامة، وبعدين ليه بنتي بالذات؟! المملكة مليانة بنات؟!
-الملكة طلبت ندور على أكتر بنت وحشة في المملكة علشان تخدم ولي العهد؛ لأن المربية بتاعته ماتت، ولأن أي بنت جميلة هتسعى أنها تتجوز ولي العهد أو تخليه يتعلق بيها؛ فكان لازم ندور على أكتر بنت وحشة تخدمه؛ لأنها حتى لو هي سعت أنها تتجوزه هو مش هيحبها؛ لأنها وحشة.
صرخت أمي فيهم وقالتلهم وهي بتقفل الباب في وشهم:
-بنتي مش خدامة لحد ومش وحشة، دي نعمة من ربنا، أفضل نعمة.
اللي حصل بعدها حصل بسرعة لدرجة أني مش عارفة استوعبة كله، كل اللي فكراه أن باب بيتنا اتكسر وشدوني وخدوني وسط صراخ أمي وعياطي، وركبوني عربية وخدوني على القصر اللي أول مره أشوفه في حياتي.
دخلوني في أوضة ضلمة، ومليانة حشرات، ورطوبة؛ فضلت أتوسل لربنا ينجيني زي ما دايمًا بيسمعني وينجيني، بعد فترة دخلولي أكل وميه، مكنش ليا نفس أكل أي حاجة، كل اللي كنت عايزاه أني أتوضى وأصلي، محتاجة أناجي ربنا، اتوضيت من الميه اللي جابوهالي، ونضفت مكان قدامي وصليت، خلصت صلاة لقيت واحدة ست كبيرة واقفة مستنياني لما أخلص صلاة.
أول ما شافتني ابتسمتلي وقالتلي:
-سبحان الله، نعمة وأنتِ نعمة، أنا فاطمة، كنت مع أمك وهي بتولدك وأنا اللي سميتك نعمة، أمك كانت جيراننا وصحبتي، قبل ما أجي واشتغل هنا في القصر ومبقتش أشوفها علشان ما بخرجش من القصر، بصي يا بنتي أنا جايه أقولك كلمتين اسمعيهم مني؛ علشان لو فضلتي تعاندي أنتِ وأبوكي وأمك هتعيشوا حياتكم في السجن، في أوضة زي دي وأسوء،
أنا هساعدك، ومش هسيبك بإذن الله، بس اسمعي كلامي، كل اللي مطلوب منك تخدمي يوسف بيه، متخافيش، بس متعانديش وربنا هيعينك بإذن الله، ثم أنا هساعدك، أهم حاجة محدش يعرف أني أعرفك أو اتكلمت معاكي، واسمعي كلامي متعانديش وهتعدي بإذن الله.
مشت الست فاطمة،وأنا حسيت أني عايزة أنام، ركنت دماغي على الحيطة ونمت معرفش قد أيه، بس لقيت الباب بيتفتح، وراجل جه خدني وقالي أن الملكة عايزة تقابلني.
دخلنا قاعة كبيرة أوي، وكنت اتمنى اتأمل تفاصيلها كويس، بس مكنتش في حال يخليني أعمل أي حاجة غير أني أقف قدام الملكة اللي كانت قاعدة على كرسي العرش بتعها بتكبر، وبتبصلي بتعالي واشمئزاز غريب.
حولت نظرها للراجل اللي كان واقف جنبها واللي كان نفس الراجل اللي جه خدني من البيت وقالتله:
-عارف يا صادق أول مرة أثق فيك واسيبك تتصرف، وتتصرف صح، خدوها نضفوها كويس، ما تخلوش ابني يشوفها بالمنظر ده.
وبصلتي وقالتلي بمنتهى التكبر:
-أكيد عرفوكي أنتِ هنا ليه، هتخدمي ابني وتهتمي بكل حاجة تخصه، ولو سمعت عنك أي حاجة، مش هتشوفي الشمس لا أنتِ ولا عيلتك.
وشاورتلهم بأيدها؛ فسحبني الراجل ومشينا وبعدين رماني في أوضة اكتشفت أنه حمام، اتشطفت وغيرت هدومي باللبس اللي جابتوهلي الست فاطمة، وخرجت لقيت الست فاطمة مستنياني قدام الحمام، خدتني ومشينا في القصر اللي كان كبير أوي أوي، وفجأة وقفت قدام باب مدهب كبير، وقالتلي أن دي أوضة يوسف بيه، اللي ههتم بيها من دلوقتي.
دخلت الأوضة وفضلت أدور على مكان النور، لحد ما لقيته ونورت النور، واتصدمت، الأوضة كانت كبيرة أوي، أكبر من بيتنا مرتين تلاتة، ومكركبة لدرجة أني كنت واقفة بالعافية، كل ما اتحرك أخبط في حاجة.
مكنتش عارفة أبدأ ترويق منين ولا منين، فضلت أروق أكتر من تلت ساعات، وفجأة دخل حد؛ فببص لقيته شاب شبه الملكة أوي في الشكل؛ فعرفت أنه يوسف بيه؛ فبصلي بلامبالاة وقالي:
-أنا جعان، روحي هاتيلي أكل.
-حاضر.
خرجت رحت للمطبخ، وجهزولي الأكل بتاعه، ورجعت تاني لأوضته، خبطت؛ فسمحلي بالدخول، ولما دخلت اتصدمت،
لقيت الأوضة متبهدله، وكأني كنت سايبه طفل في الأوضة وبهدلها.
فرجعت أروق تاني، وأنا سايبة باب الأوضة مفتوح، وهو بياكل في مكان بعيد عن اللي بروق فيه، فجأة لقيته رما المعلقة وقال بزعاق:
-نفس الأكل، ونفس الطعم والأصناف، أنا زهقت من الأكل دا، قوليلهم يغيروا الأصناف، أو اطبخي أنتِ، المهم بكرا ألاقي أكل غير دا، أنتِ فاهمة؟!
-حاضر.
خدت صينية الأكل ورجعتها للمطبخ وأنا شيلاها بصيت لأصناف الأكل اللي مش عجباه، حاجات أنا عمري ما شفتها ولا دقتها قبل كدا، ما شاء الله الصينية كان فيها لحوم كتير وأصناف أكل مختلفة، اللي كان ناقص، كان ناقص في قلبه هو مش في الصينية، كان ناقصه الحمد والرضا.
رجعت الصينية للي في المطبخ وقلتلهم اللي قاله، واللي خلاهم محتارين يعملوله أصناف أيه تاني، تقريبًا عملوله كل حاجة، سبتهم في حيرتهم، ورحت أكلم الست فاطمة اللي شاورتلي من بعيد وهي فرحانة، لما قربت منها، قالتلي بهمس:
-أمك جت علشان تطمن عليكي، وأنا طمنتها، وقلتلها أنك كويسة؛ فقالتلي أقولك أنهم بخير هي ووالدك، متخافيش عليهم، وأدتني الكشكول دا والقلم، وقالتلي أدهملك؛ لأنك بتحبيهم أوي.
وقتها وكأن روحي رجعتلي خدت منها الكشكول والقلم، وشكرتها ومشيت بسرعة، خبيتهم في لبسي، ورحت على أوضة يوسف بيه.
خبطت ودخلت بعد ما سمحلي، وبدأت أكمل ترويق، بعد مدة لقيت يوسف بيه، قرب من المكان اللي أنا فيه وميل على الأرض وسألني:
-أيه دا؟!
بصيت على اللي في أيده؛ فلقيته الكشكول بتاعي، وقع مني من غير ما أخد بالي؛ فقلتله بتوتر:
-دا…. دا.. الكشكول بتاعي.
-أيوة … فيه أيه يعني الكشكول دا؟! وليه اتوترتي كدا؟!
-اتوترت علشان لو حد شايفه هيفتكر أني مش بشتغل وقاعدة بكتب في الحدوتة.
-حدوتة! حدوتة أيه؟!
-حدوتة كنت بكتبها وأنا في البيت.
-بتحكي عن أيه الحدوتة دي؟! خدي احكيهالي، أنا مش بحب أقرأ، احكيهالي أنتِ.
-أيوة بس أنا لسه مخلصتهاش.
-مش مهم، أحكيلي اللي كتبتيه.
قعدت في الأرض، وهو كان قاعد على كرسي بعيد عني، فتحت الكشكول وبدأت أقرأ الحدوتة اللي بتقول:
-(أنا سعيد، دا اسمي، واللي مخدتش من السعادة غير اسمي بس، عمري ما كنت مبسوط في حياتي أبدًا ولا سعيد، أبويا وأمي ماتوا، وأنا صغير، اشتغلت وكبرت واتجوزت ست تعباني في حياتي، خلفنا وولادنا ماتوا كلهم مرة واحدة، جالهم مرض هما الأربعة ماتوا بسببه، وفضلت أنا ومراتي، مش عارفين للسعادة طعم، في يوم سمعتهم بيتكلموا في السوق عن راجل حكيم، كل اللي بيرحله حياته بتتغير، فضلت أدور عليه، من بلد لبلد، وسفر وتعب، لحد ما قالولي هتلاقيه فوق الجبل دا.
طلعت الجبل، لقيت راجل كبير في السن، قاعد في كوخ بسيط، ولبسه بسيط جدًا؛ فسألته:
-أنت الحاج صالح؟! الراجل الحكيم؟!
-أنا صالح، أما الحكمة فالله تعالى يؤتيها من يشاء؛ فقد قال تعالى
يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (البقرة - 269)
خير يا بني؟! قولي محتاج أيه؟!
-مظنش يا حاج هتقدر تديني اللي محتاجة؛ لأنه مش عندك أصلًا.
-ليه؟! أنت محتاج أيه؟!
-محتاج فلوس.
-أنا مش هقدر أديلك فلوس، بس هقدر أدلك على اللي يساعدك أنك توصل للي أنت محتاجة وأكتر كمان بإذن الله.
فسألته بلهفة:
-أيه هو؟! دلني عليه أبوس أيدك.
-الإيمان،عمّر قلبك بالإيمان وبقربه من ربنا سبحانه وتعالى،
صلي كل فرض في وقته ، وأقرأ قرآن، ولسانك ما توقفهوش عن ذكر ربنا، وادعي ربنا كتير باللي نفسك فيه، وكل دا هتعمله علشان أنت عايز تعمله،وعايز تقرب من ربنا مش علشان ربنا يرزقك بفلوس.
-أيوة بس دا شرط صعب أوي، أنا عمري ما صليت ولا قريت قرآن ولا صمت، معرفش حاجة عن الدين.
-خلاص، يبقى أقعد معايا وأنا اعلمك كل اللي محتاج تتعلمه بإذن الله.
رفضت طبعًا أقعد معاه، ومشيت وأنا غضبان ومش طايق نفسي، ومش مصدق أن كل تعبي راح على الفاضي.
كنت تعبان أنا والجمل بتاعي من المشي والسفر؛ فوقفت، وسبت الجمل يرتاح وأنا كمان غمضت عنيا وقلت أرتاح شوية.
فتحت عنيا لقيت راجل واقف قدامي لابس لبس حلو أوي، باين عليه أنه ملك، أو حد غني جدًا وقفت بسرعة في مكاني، لقيته بيقولي:
-أنت سعيد صح؟!
-أيوة، عرفت منين؟!
-وهو معقول حد يبقى بيدور عليا ومعرفهوش، تعالى معايا يا سعيد، أنت خرجت تدور عليا وأنا جتلك لحد عندك، تعالى،كل اللي نفسك فيه هحققهولك.
رحت معاه، وصلنا لقصر كبير أوي وجميل أوي أوي، دخلنا؛ فلقيته بيديني خمس أزايز، مسكت كل إزازة وقريت اللي مكتوب عليها، أول إزازة كان مكتوب عليها القوة، وتاني إزازة كان مكتوب عليها المال، والتالتة كان مكتوب الدهاء والرابعة كان مكتوب الغرور والخامسة الشهرة.
بصيتله وسألته:
-أيه دول؟!
-دي تركيبه زي الدوا بالظبط، كل إزازة بتشرب منها بتساعدك تقوي الصفة دي جواك، يعني لو شربت من القوة، بتلاقي الصفة دي زادت جواك وبقيت شخص قوي وبتسعى لنشر قوتك وسيطرتك على اللي حواليك، ولو شربت من إزازة المال؛ فبتحس أنك عندك قدرة مش طبيعية على أنك تحصل على المال من أي شغل بتشتغله، وبأي طريقة بتزود فلوسك اللي مبيبقاش ليها حدود… وهكذا.. بس محتاج تفكر كويس أوي هتستخدم أنهي إزازة الأول؛ علشان أول إزازة هتشرب منها هي اللي هتساعدك تحقق الباقي.)
قفلت الكشكول وقلت ليوسف بيه:
-بس خلاص، خلصت.
-خلصت يعني أيه؟! فين الباقي؟!
-لسه ما كتبتش.
-متهزريش.
-والله مش بهزر، لسه هكتب تاني إن شاء الله.
-اقعدي اكتبي دلوقتي.
-لازم أكمل ترويق الأوضة.
-أوضة أيه؟! كدا كدا هتتبهدل بكرا تاني؟!
-يبقى متبهدلهاش علشان ألاقي وقت أكتب فيه، هروقها النهاردة، وحاول تحافظ عليها لبكرا، وبعدين لما تلاقيها منظمة وكل حاجة في مكانها، هترتاح أوي، وهتحب أنها تفضل كدا.
-قصدك أن أنا مش منظم؟! أنتِ عارفة أنا مين؟! وحياتي عاملة إزاي؟! لو فاكرة أني طول اليوم نايم على السرير الحرير دا تبقي غلطانة، أنا تلت أربع حياتي قضيتها في الصحراء، وفي الحروب؛ فحياة الرفاهية دي مش بعرف اتعامل معاها كويس أوي.
سكتت ومردتش أقول حاجة؛ فقالي:
-أنتِ ساكتة ليه؟!
-علشان لو رديت حضرتك ممكن تطردني من القصر.
-اتكلمي، وليكي الأمان.
-أنا شايفة أنه مش مبرر بصراحة، يعني حضرتك علشان تكون قائد ومحارب قوي تكون مش منظم! دا مش مبرر لتصرفك، دا غير أن فيه تناقض غريب، يعني رغم أن حضرتك قضيت وقت كبير في الصحراء و الأكل هناك قليل ومحدود جدًا، من شوية رفضت تاكل أكل أنا أول مرة أشوفه في حياتي، حضرتك آلفت النعمة لدرجة أنك مش حاسس بيها، ولا مدرك لقيمتها، يا ما ناس مشهورة في الأرض ومجهولة في السماء؛ ف..
لسه هكمل، لقيته وقف وقالي بغضب:
-روحي على أوضتك، وحظك حلو أني أديتك الأمان وإلا كان سيفي رد عليكي.
خرجت من الأوضة، وأنا متضايقة أني تماديت وضايقته، ورحت للست فاطمة اللي ودتني لأوضة كانت بسيطة وجميلة، حمدت ربنا عليها، ونمت.
قمت بدري، رحت للمطبخ علشان أجهز ليوسف بيه الفطار؛ فقالولي أنه خرج، رحت لأوضته علشان أكمل ترويق؛ فلقيتها مقلوبة كلها بشكل مش طبيعي، يعني لو زلزال حصل فيها مش هيعمل فيها كدا، واضح أنه بيعاقبني، واتعمد يعمل كدا.
فضلت اليوم كله بروق فيها، لحد ما تعبت، نزلت أوضتي أنام شويه وارتاح، بعد ساعة تقريبًا، لقيت الست فاطمة بتصحيني علشان يوسف بيه جه وعايز ياكل.
رحت للمطبخ وخدتله الأكل، اللي أول ما شافه سألني:
-أنتِ اللي عملتي الأكل دا؟!
-لا، أنا كنت بروق الأوضة ورحت ارتحت شوية.
-مين قالك أن الأوضة أنا مش هبهدلها تاني.
-اتصرف زي ما حضرتك تحب، أنا بس حابه اعتذر لو ضايقت حضرتك امبارح.
سكت شوية وبعدين قالي:
-سعيد هيستخدم أنهي إزازة؟! خلتيني واقف في وسط الجيش والجنود وبفكر في أنهي إزازة هيبدأ بيها؟!
ابتسمت وقلتله:
-لسه ماكتبتش حاجة.
-خلاص روحي اكتبي وتعالي، بس خلصيها، ومتتأخريش.
رحت لأوضتي، بدأت أكتب، مر وقت طويل، مش عارفة قد أيه ، فجأة سمعت مناقشات وأصوات عالية برا؛ فخرجت لقيت فيه ناس كانت بتتكلم عن معركة، أو صراع بين مملكتنا ومملكة تانية، كان كلام مهم بس بالنسبالي مكنتش مهتمة أعرف حاجة؛ فكنت راجعة تاني لأوضتي؛ فلقيت يوسف بيه وراجل كبير في السن معاه، قابلوني في الطريق، فالراجل الكبير، بص ليوسف بيه وسأله:
-مين دي؟!
فرد يوسف بيه وقاله:
-كاتبة القصر.
وقتها أنا اتسمرت مكاني من الصدمة، ورغم أن الراجل الكبير في السن حياني ومشي، فضلت واقفة أسأل نفسي هو ليه عمل كدا؟!
فجأة حسيت بحد ورايا؛ فلقيته يوسف بيه اللي وصل الراجل ورجع، وقالي:
-قولي أنك خلصتيها وإلا ملكيش أمان مني النهاردة، السيف موجود.
ابتسمت وقلتله:
-خلصت الحمدلله، بس مش عارفة هتعجب حضرتك ولا لأ؟!
-خلينا نروح الجنينة، واحكيهالي ونشوف.
رحت أوضتي، جبت الكشكول ورحت الجنينة وبدأت أقرأ باقي الحدوتة على لسان سعيد:
(خدت الخمس أزايز، ورجعت للبيت، وهناك بدأت أفكر هبدأ بأنهي إزازة، جت في دماغي فكرة؛ فجريت شربت إزازة الدهاء علشان أقدر أخطط كويس أوي، الملك كان حفلة احتفاله بذكرى توليه العرش كانت بعد أيام، ولأني نجار شاطر أوي، عملتله كرسي للعرش ينبهر بيه كهدية، حطيت في المواد اللي دهنته بيها سم، السم دا كان فعال ومؤذي جدًا،
وبعد ما خلصت الكرسي، رحت وقدمته كهدية للملك اللي انبهر بيه هو وكل اللي في القصر، بعدها بأيام الملك تعب، وبعدين مات بعد أسبوع.
شربت إزازة الشهرة وبدأت أعمل للناس، كراسي مميزة وسراير وكل أنواع الأثاث، ولكن بإبداع واختلاف، خلاني اتشهرت اكتر، وبدأت أعمل للملكة مرات الملك اللي مات أثاث مميز للقصر، وأقرب منها لحد ما اتجوزتها، وبقيت
الملك بشكل رسمي، بعدها شربت إزازة القوة وبدأت أحارب الممالك اللي جنبي وأضمها لمملكتي، والقوة خلتني اتغر ولما شربت إزازة الغرور بقيت شايف نفسي أفضل حد في الدنيا، ومحدش يقدر يقف قدامي، وقتها ورغم أني كنت معايا كنوز الدنيا، بس الطمع خلاني عايز فلوس تاني؛ فشربت إزازة المال؛ فبقت الفلوس من كترها مش عارف أوديها فين.
فجأة وأنا في عز مجدي وشهرتي وغروري وثرائي الفاحش، تعبت فجأة، بدون مقدمات، جالي مرض عجز عن علاجه كل الدكاترة؛ فقلتلهم يروحوا للراجل اللي أداني الخمس أزايز، يجيبوه ويرجعوا؛ فجابوهولي؛ فأول ما شفته قلتله:
-ساعدني، أنا بموت.
فقالي بسخرية:
-دي الحقيقة اللي أنت هربت منها طول حياتك، الموت، أنا مقدرش أساعدك فيه، ولا اعملك أي حاجة، أنت ما فكرتش فيه وأنت بصحتك، وما عملتش حاجة تنفعك في الوقت دا، طول الوقت سعيت للدنيا ومكاسبها، وما سمعتش كلام الحاج صالح، لا صليت ولا صمت ولا ذكرت ربنا؛ فما تلمش غير نفسك، واستسلم لقدرك.
خلص كلامه وسابني ومشي، فجأة حسيت بنفسي خلاص بموت، بقيت بصرخ وبقول يارب سامحني، يارب اديني فرصة أرجع تاني، تبت ليك يارب، أرجوك أديني فرصة تانية، ووقتها قمت من نومي على هز مراتي ليا جامد علشان تفوقني؛ لأني كنت بصرخ جامد وأنا نايم، وأقول تبت ليك يارب؛ فبصتلي وسألتني باستغراب:
-فيه أيه يا سعيد مالك؟!
-مفيش حاجة، الحمدلله، الحمدلله، كان كابوس بشع، كابوس فظيع، الحمدلله ربنا اداني فرصة أرجعله واتوب ليه، الفجر أذن ولا لسه؟!
-الفجر؟! أنت هتصلي؟!
-أيوة هصلي، ومش لوحدي، هنصلي سوا أنا وأنتِ بإذن الله، يلا خلينا نبدأ مع ربنا صفحة جديدة، وإن شاء يتقبلنا.)
قفلت الكشكول، وبصيت ليوسف بيه اللي كان ساكت أوي؛ فسألته:
-هي معجبتكش؟!
-لا بس خفت أموت في المعركة وأكون من المشهورين في الأرض ومجهولين في السماء.
-بعد الشر على حضرتك، ما تقولش كدا، ربنا يبارك في عمر حضرتك، ويهدينا لطريقة كلنا يارب.
-نعمة، أنتِ هنا ليه؟!
-علشان أخدم حضرتك.
-أنتِ مش خدامة، أنتِ كاتبة القصر، وهنضيف عليه لقب تاني، دا لو وافقتي، نعمة تقبلي تكوني شهرزاد الخاصة بيا؟، وتحكيلي قصص كل يوم؟!
-يعني أيه؟!
-يعني تقبلي تتجوزيني؟!
-أنا…. أنا… أنا أوحش بنت في المملكة.
-أنتِ نعمة، نعمتي، أنتِ أجمل نعمة ربنا رزقني بيها في الدنيا، البنت اللي خلتني في يوم واحد أشوف نفسي بشكل مختلف، وأشوف الدنيا على حقيقتها، أنتِ بالنسبالي أجمل بنت في كل الممالك.
مرت خمس سنين على جوازنا، اللي مكانش بسهولة أبدًا، كل الدنيا اعترضت، بس يوسف اتمسك بيا وعارض الكل واتجوزنا بفضل الله، وجبنا ولدين، وبدل ما كنت بحكيله هو قصص كل يوم لوحده، بقيت بحكي ليه هو والولدين كل ليلة، وكل يوم لما بشوفه بياخد الولدين ويروحوا المسجد يصلوا، وقد أيه حريص على القرب من ربنا، وأنه يحقق العدل في مملكته، بعرف أن إذا كنت أنا أجمل نعمة في حياته زي ما دايمًا يقولي ؛ فهو رزقي الحلو من الدنيا اللي خلاني أشوف نفسي بعينيه أجمل بنت في كل الممالك.
**********
♥تم بحمد الله وتوفيقه.
♥صلوا على نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام.


تعليقات
إرسال تعليق