رواية وهم الحياه الفصل الثالث والرابع بقلم خديجة احمد حصريه في مدونة موسوعة القصص والروايات
رواية وهم الحياه الفصل الثالث والرابع بقلم خديجة احمد حصريه في مدونة موسوعة القصص والروايات
#وهم_الحياه
البارت التالت
فجر
عدّى الوقت تقيل على قلبي،
كنت مستنية اللحظة اللي الباب يتقفل وراهم
وأرجع آخد نفسي.
وأخيرًا…
مشيو.
اتنهدت بعمق، كأني كنت حابسة الهوا جوا صدري،
وسندت ضهري على الكنبة.
زين كان واقف قدامي،
بيبصلي بابتسامة دافية وقال:
— إنتِ كويسة؟
هزّيت راسي آه،
بس الحقيقة إن جوايا كان مليان علامات استفهام.
قلت بصوت واطي:
— أنا… عايزة أعرف عن نفسي أكتر.
اتدور لي، وقعد قصادي،
ونظرته بقت مركّزة كأنه مستعد يحكي حكاية طويلة.
— ومالو، تحبي نبدأ منين؟
سكت.
مش علشان مش عايزة،
لكن علشان فعلًا مش عارفة أبدأ منين…
ولا أعرف إيه عني.
هو فهم سكاتي،
وقال بهدوء من غير ضغط:
— بصي يا فيفو…
ابتسمت غصب عني وقلت:
— فيفو؟
ضحك على ابتسامتي وقال:
— ديما كنت بدلعك كده.
وبعدين كمل، وصوته بقى أهدى:
— عندك مامتك، وأختك نوارة…
أما باباكي، فمتوفي من كام سنة.
هزّيت راسي بتفهم،
رغم إن قلبي وجع من غير ما أفتكر سبب.
كمل وهو بيبصلي:
— إنتِ بتديري شركة باباكي،
اللي سابهالك إنتِ ونواره بعد ما اتوفى.
عيني وسعت شوية،
وابتسمت وأنا بهزر:
— كده أنا غنية بقى؟
ضحك وقال:
— حاجة شبه كده.
بص في ساعته فجأة وقال:
— نكمل بعيدن،
يلا عشان نعمل شوية تمارين قبل م تاخدي الدوا..
بصّيت له بفضول،
وقلت:
— هو إنت بتشتغل إيه؟
سكت ثانية،
وبعدين قال بنبرة عادية بس واثقة:
— HR في شركة كبيرة.
بصّيت له،
وحسّيت إن الشخص ده
غريب…
وقريب…
ومطمن
بطريقة تخوف.
وفي اللحظة دي،
عرفت إني مش بس عايزة أعرف أنا مين
أنا كمان
عايزة أعرف
هو مين في حياتي بالظبط.
وقفني قدامه بهدوء،
إيده كانت ثابتة وهو ماسك دراعي كأنه خايف أتهزّ.
قال بنبرة مطمّنة:
— خدي وقتك… مفيش استعجال.
حطّيت رجلي على الأرض بحذر،
الدنيا لفت بيا لحظة،
وقبل ما أقع…
لقيته شدّني ناحيته.
شهقت بخضة،
ولقيت نفسي قريبة منه قوي،
أنفاسي لخبطت،
وإيده كانت على ضهري، ماسكاني كويس.
ابتسم وقال بنبرة خفيفة:
— أهو كده… أنا معاكي، متخافيش.
حسّيت بدقات قلبي عالية،
مش عارفة من التعب
ولا من قربه.
حاولت أتحرك خطوة،
رجلي خانتني،
فلقيته لفّ دراعه حوالين وسطي من غير تفكير.
— على مهلك يا فيفو…
قالها وهو بيبصلي،
ونظرته كانت مليانة خوف عليّا أكتر ما هي تركيز.
استندت عليه غصب عني،
وحسّيت بالأمان…
إحساس غريب عليّا،
بس مريح.
قال وهو بيضحك بخفة:
— عارفة؟
كنتي دايمًا عنيدة ف كل حاجه..
رفعت عيني ليه باستغراب:
— بجد؟
هزّ راسه وقال:
— أوي…
بس ديما كنت بلاقي طريقه لعنادك..
الكلمة الأخيرة لمستني،
مش فاكرة أي حاجة،
بس جسمي حسّها.
كمّل التمرين معايا،
خطوة خطوة،
وكل مرة أضعف
كان يقرب أكتر،
صوته يهدّي،
وإيده تطمّن.
وفي لحظة،
وقفنا قصاد بعض،
قريبين قوي،
وسكات قصير نزل بينا.
قال بهمس:
— شاطرة…
أنا فخور بيكي.
ابتسمت من غير ما أحس،
وفي اللحظة دي
عرفت إن الذاكرة ممكن تضيع…
بس الإحساس
عمره م هيضيع..
وبعد ساعات…
مش عارفة عددها قد إيه،
أخيرًا خلّصنا التمرينات.
قعدت على الكنبة وأنا بنهج،
حاسة إن كل نفس طالع من صدري بالعافية.
قرب مني، وطبطب على كتفي بحنية:
— شدّي حيلك… ده لسه أول يوم.
اتنهدت بتعب، وصوتي طلع مبحوح:
— أنا افرهدت بجد… مش قادرة خلاص.
ابتسم، ومد إيده بكوباية مية.
إيدي لمست إيده وأنا باخدها منه،
لمسة سريعة
بس كفاية تخلي قلبي يلخبط.
شربت،
وكنت حاسة بعينيه عليّا في كل حركة،
كأنه بيحاول يحفظ ملامحي
قبل ما أضيع منه تاني.
توترت.
مش من تعبه معايا…
من قربه.
من نظراته اللي فيها اهتمام أكتر من اللازم،
وحنان ملوش تفسير واضح في دماغي.
نزل بعينيه شوية وقال بهدوء:
— تعبانة؟
هزّيت راسي آه،
بس الحقيقة إني مكنتش تعبانة من التمرين وبس…
كنت تعبانة من إحساس تاني.
أنا عارفة إنه جوزي،
وعارفة المفروض يكون إيه في حياتي،
بس الإحساس نفسه كان غريب…
كأن المعلومة في دماغي
مش واصلة لقلبي.
قربه، ونظراته، واهتمامه الزايد
خلّوني متلخبطة.
مش عارفة أتعامل معاه كزوج
ولا كشخص لسه بتعرف عليه لأول مرة.
ومع كده…
وجوده جنبي كان مريح،
أكتر ما كنت مستنية.
الوقت اتأخر،
وهو كان برّه ولسه مرجعش.
مكنتش قلقانة عليه،
ولا حتى مستنياه بالمعنى ده…
كنت بس زهقانة من القعدة لوحدي،
والسكات كان تقيل.
فكرت أكلم نوّارة،
اللي المفروض تبقى أختي،
بس اتكسفت.
حسّيتها غريبة عليّا،
وحسّيت إني هبقى قليلة الذوق
لو قلتلها تيجي تقعد معايا من غير سبب.
عدّى نص ساعة كمان…
وبعدين سمعت صوت الباب.
أخيرًا!
كنت قاعدة على السرير،
ودخل وهو الابتسامة المعتادة مرسومة على وشه،
وقال بنبرة هادية:
— لسه صاحية؟
هزّيت راسي بهدوء.
قرّب خطوة، وقال بغمزة خفيفة:
— كُنتي مستنياني؟
توترت،
وردّيت بسرعة زيادة عن اللزوم:
— إيه؟ لا طبعًا!
بصلي باستغراب،
وحسّيت إني لخبطت الدنيا.
فاستدركت وأنا بحاول أصلّح اللي قلته:
— قصدي… يعني… أنا—
قاطعني بابتسامة مطمّنة وقال:
— فاهمك عمومًا.
وبصلي بنظرة هادية وكمل:
— أنا مش مستعجل…
عارف إنك لسه ماخدتيش عليّا.
الكلام ريّحني شوية،
بس في نفس الوقت
خلّاني أحس إن الصبر اللي في صوته
أكبر من مجرد تفهّم…
كأنه مستعد يستنّى كتير.
غيّر هدومه،
وقرّب من السرير.
بصّيت له بصدمة وقلت بسرعة:
— إيه؟ إنت هتنام فين؟
بصلي هو كمان باستغراب وقال:
— هنام على السرير!
التوتر ضربني مرة واحدة،
قلبي دقّ بسرعة
وعيني لفّت في الأوضة من غير ما أحس.
ضحك ضحكة خفيفة،
كان فيها هزار أكتر ما فيها سخرية، وقال:
— أنا جوزك على فكرة!
اتكسفت،
وصوتي طلع واطي وأنا بقول:
— ع… عارفة.
سكت شوية،
وقعدت أبص حواليا من كتر التوتر،
حاسّة إني محبوسة بين فكرة إني عارفة الحقيقة
وإحساس إني مش مستعدة ليها.
لاحظ ارتباكي،
فقال بهدوء وهو بيبعد خطوة:
— اهدّي…
مش هعمل حاجة تضايقك.
وبعدين كمل بابتسامة مطمّنة:
— لو مش مرتاحة، أنا أنام على الكنبة… عادي.
الكلمة دي ريّحتني شوية،
مش علشان هيبعد،
لكن علشان حسّيت إنه واخد باله من خوفي.
رفعت عيني ليه،
وقلت بتردد:
— لا… خليك.
بس… سيب مسافة.
هزّ راسه بتفهم:
— اللي يريحك يا فجر.
نام على طرف السرير،
وساب بينا مسافة صغيرة
بس كأنها كبيرة جوا قلبي.
فضلت بصّة في السقف،
مش عارفة أنام،
بس لأول مرة
محسّتش إني لوحدي.
كنت لسه بصّة في السقف،
والسكات مالي الأوضة،
ولا عارفة أنام
ولا عارفة أفكر.
فجأة سمعته بصوت واطي،
كأنه خايف يقطع أفكاري:
— فجر؟
لفّيت راسي ناحيته.
فجأة…
فتح حضنه من غير أي مقدمات.
وأنا؟
اتجمّدت مكاني.
مش عارفة أعمل إيه،
ولا حتى أتحرك.
عيني خانتني،
وكان باين فيها الحيرة
واللخبطة
والخوف اللي مش عارف يطلع كلام.
شاف ده كله في ثانية.
قرب خطوة،
ومد دراعه
وخدّني في حضنه بهدوء،
حضن دافي
مش فيه استعجال
ولا ضغط.
اتنفست غصب عني،
كأني كنت حابسة نفسي
وفجأة لقيت مكان آمن أسيبه فيه.
إيده كانت ثابتة على ضهري،
مش بتشد
ولا بتقرب زيادة،
بس موجودة…
وكفاية.
قال بصوت واطي قريب من ودني:
— أنا عارف إنك تايهة…
بس متخافيش.
قلبي هدي شوية،
وجسمي ارتاح من غير ما أفهم ليه.
مكنتش فاكرة أي حاجة،
بس الحضن ده
حسّيته مألوف
كأنه حاجة قلبي فاكرها
حتى لو عقلي نسي.
وفهمت ساعتها
إن بعض المشاعر
مش محتاجة ذاكرة
عشان تعيش.
في نص الليل صحيت،
إيدي اتحركت جمبي تلقائي
بس ملقتوش.
قلبي دقّ بسرعة مفاجئة،
مش خوف عليه…
قد ما هو إحساس غريب بالفراغ.
حاولت أقوم،
رجلي وجعتني
وتوازني خانّي،
بس ضغطت على نفسي
وقفت بالعافية.
خرجت من الأوضة على مهلي،
النور كان طافي
والبيت ساكت…
زيادة عن اللزوم.
ومن بعيد
لمحت نور المطبخ.
قربت خطوة خطوة،
ودقات قلبي كانت أعلى من صوت رجلي،
ولما قربت أكتر
سمعته بيتكلم.
وقفـت مكاني.
من الصدمه!....
يتبععع
#وهم_الحياه
البارت الرابع
كان بيتكلم بصوت واطي في الفون، كأنه الدنيا كلها ساكتة حواليه:
— آه يا حبيبتي… نايمة؟
قلبي دق بسرعة…
دقات سريعة كأنها عايزة تطلع من صدري،
وأنا بدخل المطبخ… كل خطوة كانت صعبة… رجلي بترتجف شوية.
شافني،
بس ما اتأثرش… ولا كانه عمل حاجه!
وقفت قدامه وأنا ماسكة الرخام بحذر، نص ابتسامة على وشي…
بس جوايا كان كله ارتباك:
— إيه اللي مصحيك دلوقتي؟
ابتسم وقال وهو بيقفل التليفون بعد ما خلص كلامه:
— طيب يا قلبي… هكلمك بعدين.
بعدها قرب مني، وحاوطني بإيده بهدوء،
لأني لسه مش قادرة أقف بثبات.
نظرة عينيه كانت مليانة حنية،
والابتسامة على وشه بتطمن:
— دي أمي يا ستي… يعني حماتك.
قلت اكلمها وانتي نايمه عشان عارف إنك مش هتكوني جاهزة تكلميها دلوقتي، كمان هي بتسلم عليكي.
حسيت صدري اتحرر شوية لما قال كده،
ورديت بابتسامة صغيرة ومترددة:
— لا… عادي، ممكن أكلمها. بالعكس… هبقى مبسوطة.
وفجأة، بدون أي مقدمات، شالني من الأرض.
شهقت… قلبي كاد يوقف من المفاجأة،
بس حضنه كان دافئ، ثابت،
حسّيته وكأنه بيحميني من كل توتري وكل خوف.
بصيت له في عينيه بسرعة وقلت بصوت واطي:
— نزلني… أنا هعرف أمشي!
بس ابتسم لي بخفة وهو ماشي بيا،
وإيده حواليا كأنها جسر أمان:
— ده أنتي بتطوحي وانتي ماشيه.
رجلي كانت بترتجف، وقلبي بيدق بسرعة،
بس حضنه حواليا خلاني أحس بالدفء…
وبإحساس غريب… كأني وسط كل ارتباكي، هو مصدر الطمأنينة الوحيد.
نفسي اتسحب وعيوني اتفتحت شوية على واقعي،
بس كان فيه إحساس واحد واضح:
كل حركة، كل ابتسامة، كل لمسة من حضنه…
بتوصل لي رسالة واحدة:
— أنا موجود، ومش هسيبك أبداً.
تاني يوم جه…
صحيت الصبح ومدّيت إيدي جنبي،
ملقتوش.
قلت في سري:
أكيد راح الشغل.
لمّيت روب خفيف عليّ ونزلت تحت،
ولسه داخلة المطبخ
لقيت ست في أوائل الأربعينات واقفة هناك.
أول ما لمحتني، سيبت اللي في إيدي وقالت بلهفة صادقة:
— الحمد لله على السلامة يا مدام فجر.
بصّيت لها بعدم فهم وقلت:
— الله يسلمك.
وسكت ثانية، وبعدين سألت بتردد:
— هو… حضرتك مين؟
وشّها اتغير فجأة،
وقالت لنفسها بصوت واطي بس مسموع:
— حضرتك؟
دي عمرها ما قالتها لي!
فضلت باصة لها مستنية الإجابة،
فاتلخبطت شوية وقالت بسرعة:
— أنا هنيّة… خدامتك يا ستي.
ضحكت تلقائي وقلت:
— خدامة إيه بس؟
إنتِ اللي بتيجي تدبّري البيت يعني.
هزّت راسها وقالت:
— أيوه يا ستي.
رفعت حاجبي وضحكت أكتر:
— سِتي سِتي!
على فكرة إحنا قريبين في السن،
قوليلي فجر عادي.
اتوسعت عينيها،
وهزّت راسها برفض تام وقالت بسرعة:
— لا لا لا… مقدرش يا فجر هانم!
قربت منها شوية وقلت وأنا بضحك:
— لا ينفع… أنا اللي بقولك.
بصّت لي شوية،
وبعدين ابتسمت باستسلام وقالت:
— حاضر… يا فجر.
ابتسمت وأنا حاسة
إن حتى في التفاصيل الصغيرة دي
حياتي القديمة لسه بتحاول ترجع
بس على مهلي.
قعدت على سفرة الفطار وأنا لسه بنعس شوية،
وهنيّة كانت بتلف حوالين نفسها في المطبخ بسرعة غريبة.
حطّت قدامي طبق وقالت بحماس:
— عملتلك فطارك اللي بتحبيه.
بصّيت في الطبق…
بيض، جبنة، توست، وكوباية قهوة.
قلت بتردد:
— هو… أنا بحب ده؟
بصّت لي بصدمة حقيقية وقالت:
— بتحبيه؟!
ده إنتِ لو صحيتِ ومفيش قهوة،
الدنيا بتبوظ!
ضحكت من قلبي من غير ما أحس،
الضحكة طلعت سهلة… طبيعية.
مسكت الكوباية،
وأول رشفة خلت صدري يدفى.
الإحساس كان مألوف قوي،
كأني عملت الحركة دي ألف مرة قبل كده.
قلت وأنا بابتسم:
— واضح إني كنت شخصية صعبة.
هنيّة ضحكت وقالت:
— العفو محدش بقدر يقول كدا
في اللحظة دي،
عيني وقعت على كرسي فاضي قدامي.
حسّيت إن في حد المفروض يقعد هنا…
حد كان دايمًا بيشارك الفطار.
قربت صباعي من حافة الترابيزة،
ولمست خدش صغير فيها،
وفجأة حسّيت بوخزة غريبة في قلبي.
سألت بهدوء:
— الخدش ده…؟
ابتسمت هنيّة وقالت ببساطة:
— ده من يوم ما الكوباية وقعت منك إنتِ وزين بتتخانقوا مين اللي هيعمل القهوة.
ضحكت،
بس عيني دمعت شوية من غير سبب واضح.
يمكن الذاكرة راحت…
بس البيت ده
كان حافظني.
حسّيت لأول مرة
إن المكان مش غريب عليّا،
وإن الضحكة اللي طلعت مني
طلعت من مكان كان هنا قبل كده.
البيت ده…
كان فعلًا بيتي.
قررت إني محتاجة أختلط بناس أكتر،
يمكن وسط الزحمة أفتكر نفسي…
أو على الأقل أحس إني موجودة.
مسكت الفون وبدأت أقلّب فيه،
بدور على رقم زين
بعشوائية كده
كأني متأكدة إني هعرفه من غير اسم.
بس… ملقتش.
اتنهدت،
ورفعت عيني على هنيّة
اللي كانت واقفة في المطبخ
بتغسل مواعين الفطار
والمية بتنزل بهدوء.
قلت وأنا بحاول أبقى عادية:
— هو… متعرفيش أنا مسمّياه إيه على الفون؟
ابتسمت هنيّة،
الابتسامة اللي فيها حاجة من الحنين،
وقالت ببساطة كأنها بتقول اسم عادي:
— كنتِ مسمّياه
الملجأ الدافئ.
ابتسمت.
مش ضحكة…
ابتسامة سابت أثر جوايا.
مسكت الفون تاني،
وكتبت الاسم.
ظهرلي الشات…
وكان باعت:
صباح الخير
أنا هروح الشغل عشان ورايا شغل كتير
أتمنى يكون صباحك جميل زيك.
فضلت باصة للكلام شوية،
مش عارفة ليه قلبي دق بهدوء
كأن الرسالة مش جديده عليا...
اتصلت بيه،
وثواني قليلة عدّت
بس بالنسبالي كانوا أطول من اللازم.
لحد ما رد…
وقال بصوته اللي بقيت أميّزه بسرعة:
— إيه يا روحي؟
قلبي دق فجأة،
واتلخبطت،
وصوتي طلع متقطع شوية:
— أ… أنا عايزة أروح عند ماما ونوّارة.
حاسّة إني لو شوفتهم ممكن أبقى أحسن.
سكت ثانية،
وبعدين رد بهدوء مطمّن:
— أيوه يا حبيبتي،
بس إنتِ لسه مش بتعرفي تمشي كويس،
وأنا ورايا شغل وهارجع متأخر.
بس ممكن تتصلي بيهم ييجوا هما.
اتوترت أكتر،
وقلت بسرعة قبل ما أفكر:
— يعني… مش هزع—
قاطعني على طول،
وصوته كان حاسم بس دافي:
— تزعجيني إيه بس؟
مامتك زي مامتي بالظبط،
وكذلك أختك.
وطالما الحاجة دي هتبسطك وتحسّنك
أنا معنديش أي مانع.
لقيت نفسي بابتسم من غير ما أحس،
الابتسامة دي طلعت تلقائي…
كأن الكلام لمس حاجة جوايا.
وبصوت واطي، شبه همسة، قلت:
— شكرًا.
رد عليا بنبرة صادقة، فيها ضحكة خفيفة:
— بتشكري جوزك؟
اتكسفت،
وقلبي دق بهدوء المرة دي،
وحسّيت إن الكلمة دي
لسه تقيلة عليّا…
بس وجودها
مبقاش غريب.
قفلت المكالمة
وأنا حاسة إن في حد شايل عني جزء من اللخبطة،
حتى لو أنا لسه مش فاهمة كل حاجة.
صوت الجرس رن
والمرة دي مكنش غريب. قلبي دق
بس مش من الخوف
من إحساس مألوف
مش فاهمة مصدره.
هنيّة فتحت
وأنا قومت بالعافية
وقفت مستندة على الكنبة.
دخلت ماما
وأول ما عينها جت في عيني
اتغيرت ملامحها.
نظرة أم شافِت بنتها
في بيتها.
قربت مني بسرعة ونسيت أي كلام
وضمتني لصدرها
حضن أطول من اللي فات وأدفى.
وقالت بصوت واطي
وفيه رجفة خفيفة:
— وحشتيني يا فجر…
وحشتيني قوي.
نوّارة دخلت وراها
وقفت قصادي
وبصتلي من فوق لتحت
وبعدين قالت بابتسامة فيها شقاوة:
— إيه؟
لسه ناسيه؟
ولا المرة دي افتكرتيني؟
ابتسمت غصب عني
وقولت:
— لا
بس ارتحتلك أكتر.
قربت ومسكت إيدي
وقالت بهزار خفيف:
— كفاية عليّا دي.
قعدنا
قعدة بيت ريحة أكل صوت ضحك خفيف
وكلام بسيط
عن حاجات ملهاش أهمية
بس بتطمن.
في اللحظة دي
حسّيت إن يمكن ذاكرتي لسه تايهة
بس قلبي عارف الناس دي وعارف إن الناس دي كانت عيلتي ف يوم من الايام
ماما سابتني أنا ونوّارة ومشيت تتكلم مع هنيّة،
وكان واضح من ضحكتهم ومن طريقة كلامهم
إنهم مش أول مرة يقعدوا سوا.
حسّيت لحظة غريبة…
كأن البيت ده كان عايش من غيري
وأنا اللي رجعت ضيفة عليه.
نوّارة كانت قاعدة قدّامي.
وشّها هادي
بس عيونها لأ…
عيونها كانت تقيلة.
فونها رن.
مسكته،
قرأت الرسالة،
ولحظة الحزن اللي عدّت في عينيها
مكنتش لحظة عابرة…
كانت وجع.
قلبي اتقبض من غير ما أفكر،
وسألتها بصوت واطي:
— مالِك يا نوّارة؟
رفعت عينيها بسرعة
ولبست ابتسامة مش بتاعتها
وقالت:
— ولا حاجة…
قوليلي إنتِ عاملة إيه مع زين؟
نبرتها كانت محاولة هروب،
مش سؤال.
بصّيت لها كويس
وقلت وأنا حاسة إني بشوفها لأول مرة بجد:
— نوّارة…
إنتِ متضايقة.
وبتعرفي تخبي كويس
بس مش مني.
سكتت شوية. وفي السكون ده
لمحت الدبلة في إيديها.
قلت باستغراب حقيقي:
— إنتِ مخطوبة؟
هزّت راسها
من غير ما تتكلم.
قلبي فهم قبل ما لساني ينطق:
— هو؟
هزّت راسها تاني. الحركة دي كانت تقيلة
كأنها شايلة أكتر من كلمة.
قربت منها شوية
وقلت بهدوء، من غير ضغط:
— لو حابة تحكي… أنا سامعة.
ضحكت،
بس الضحكة دي كان فيها وجع قديم
وقالت:
— أول مرة تحترمي مساحتي.
كنتي دايمًا…
تاخدي الفون من إيدي
وتقري الرسايل
وتتصلي بيه تهزقيه.
ضحكت،
ضحكة خرجت لوحدها.
واضح إني كنت شخص تاني…
شخص أنا نفسي معرفوش.
الضحكة ماتت بسرعة
وسِبت مكانها فراغ.
افتكرت كلام الدكتور
عن الصدمة
عن الغيبوبة
عن الذكريات اللي اتسحبت مني فجأة
وكأني اتشالت من حياتي ورجعت ناقصة.
بصّيت لها بلهفة
وفي صوتي خوف:
— نوّارة…
إنتِ تعرفي أنا حصل لي إيه قبل الغيبوبة؟
هزّت راسها ببطء
وقالت:
— لا.
ولا أنا
ولا ماما.
حتى زين…
قال إنه ميعرفش.
قال إنهم كلموه من المستشفى
وقالوا له إنك هناك وبس.
الكلام وقع عليّ تقيل.
لأن محدش يعرف أي سبب اني ادخل ف غيبوبه
وأنا أكتر واحدة تايهة.
مسكت إيديها
وكأني بتمسك بحاجة ثابتة في عالم مهزوز
وقلت بابتسامة ضعيفة:
— طيب…
هتحكيلي اللي مزعلك؟
ولا هتفضلي تشيلي لوحدك؟
بصّت لي
نظرة كلها حب وخوف
وطبطبت على إيدي
وقالت بصوت واطي:
— هعرف أتصرف…
متقلقيش..
يتبععع
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقى الرواية زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كاملةمن هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هناااااا


تعليقات
إرسال تعليق