القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية بدون عنوان بقلم نورا سعدالفصل السادس6_7_8 #بدون_عنوان #NORA_SAAD أتحولت ملامحه للتعجب وسأل: أزاي سقطتي يعني؟ بس أنتِ كنتِ شاطرة جدًا.. ضحكت وقولت بتوضيح: لا أنا مدخلتش الأمتحانات أصلًا.


الفصل السادس6_7_8

#بدون_عنوان

#NORA_SAAD


أتحولت ملامحه للتعجب وسأل: أزاي سقطتي يعني؟ بس أنتِ كنتِ شاطرة جدًا..

ضحكت وقولت بتوضيح: لا أنا مدخلتش الأمتحانات أصلًا.

- ليه؟

خَدت نفَس طويل وقولت: ما هي دي بقى بداية الحكاية.

-وأنا كلي أُذان صاخيه، أتفضلي أحكي.

وقفت وأنا بطلع الاب توب من الشنطة بتاعتي وقولت وأنا بحط فيه فلاشة وقولت: هحكيلك بس أستنى.

-بتعملي أيه

بصيت له وقولت ببتسامة: دي فلاشة هسجل اللي هحكي، لأن في حد في حياتي ليّ حق عليا أنه يعرف حكايتي.

دوست على زرار التشغيل، وقَعدت قصاده وأنا من بسترجع كل لحظة عَدت عليا في الفترة اللي فاتت، وبدأت أحكي له من بداية الحكاية...

من سنتين تقريبًا أتخطبت لـ آسر، أتخطبنا سنة ونص، وحقيقي كانت أسعد فترة في حياتي،هي آه كانت كلها كدب في كدب ومشاعر مش حقيفية...بس..بس كنت مبسوطة وقتها، ودخلت تانية كلية، وقبل الأمتحانات بشهر، حصل اللي شقلبلي حياتي.

                         ****************

من سنتين، في كلية طب، جامعة القاهرة.

                                    "هي"

كنت كالعادة داخله أحضر المحاضرة لوحدي، لأني أتعود أن وعد مش بتحضر محاضرات أصلًا، ومعتمدة أعتماد كلي عليا وعلى تلخيصاتي، ومش هي لوحدها الحقيقية...لا، دي هي وصحابها! 

وفي وسط المحاضرة، بعد ما الدكتور وقف بنت وسألها سؤال رخم مكنتش عرفه تجاوب عليه، بحركة تلقائية مني كتبت لها الأجابة بسرعة وشاورت لها أنها تقولها، وبما أنها كانت قاعدة جمبي، عرفت تقرأها بسهولة وأنقذتها من بطش دكتور عصام.

-أووف، شكرًا.

وبنفس الهمس قولت لها ببتسامة: العفو، أنا ليل.

- وأنا فريدة.

خلصنا المحاضرة، وخرجنا نتكلم شوية، وبعدها وبعفوية شديدة وحماس قولت لها.

-تيجي أعرفك على صحابي؟

جكلة بسيطة قولتها ببساطة، مع أني مكنتش حساها، ولا فاهمة معناها..بس،بس حسيت أني عايزة أقولها، وبنفس الحماس وافقت وخدها وعرفتها على وعد ونهله وجميلة..


-أزيكم اي بنات، أعرفكم دي فريده، اتعرفت عليها في المحاضرة انهاردة.

كلهم بصوا لبعض بستغراب، وببتسامة بسيطة قالت وعد: أهلًا.

جميلة: أزيك؟

ابتسمت لهم فريدة وردت على سلمهم، لكن نهله متكلمتش أكتفت بس أنها تهمس لوعد في ودنها وبما أن بعرف أقراء لغة الشفايف، ولأن غصب عني كنت مركزة معاهم وقتها عرفت أنها كانت بتقول لها.

-وهي دي مش خايفه منها لتطلعلها بليل؟!

قابلت وعد همسها وتريقتها عليا أنها تضحك!

فريدة تقريبًا حست بحرجي وسطهم فحبت تلطف الجو وقالت ببتسامة: طب أنا هروح يا ليل، تيجي معايا؟

كنت لسه هرد وأقولها آه، بس سبقتني وعد وهي بتطشتني جمبها وبتقول بتهجم: لا أحنا لسه هناكل وليل هتقعد معانا، روحي أنتي.

أستغربت من كلامها، بس فعلًا فريدة مشيت وأنا روحت معاهم على مطعم عشان ناكل، أنا..أنا مش عرفه هما ليه خدوني معاهم! مع أن طول القاعدة كانوا بيتكلموا مع بعض ويبصوا عليا ويضحكوا! وأنا مش عرفه أيه اللي المفروض أعملوا! بس اللي أنقذني من الموقف دَ وقتها هو دوخه! في ثواني دماغي لَفت بيا، وجسمي تقيل أكتر، وجسمي كله تلج..بعدها محستش بنفسي غير وأنا بفتح عيني في أوضة في مستشفى!

-حمدالله على سلامتك.

كانت أول جملة أسمعها بعد ما فتحت عيني، كانت من دكتورة ماسكة الكالونلا وبتحطها في أيدي، وبعدها سمعت صوت وعد وهي بتتنهد وبتقول: أوووف، أخيرًا.

بتعب مسكت راسي وسألت: هو في أيه؟

ابتسمت الدكتور بهدوء وقالت: مفيش حاجة، تعبتي بس شوية وأتنقلتي على المستشفي.

كنت لسه هرد، بس سبقتني نهله وهي بتقول بزهق!:وبقالك ساعه ونص مش راضيه تفوقي، وقعتي قلبنا الله يحرقك قولنا لتكوني موتي ولا حاجة، وتودينا في داهية.

كنت..كنت لسه هرد عليها، بس قطع صوتي دخول أبويا علينا وهو مخضوض عليا وبيزعق.

-ليل..ليل أيه يا حببتي، حصلك أيه؟

كلهم بعدوا عن السرير شوية، وأنا عدلت نفسي وببتسامة بسيطة قولت له: متخفش يا حبيبي، انا كويسة انا شكلي اغم عليا بس من الأرهاق.

ضمني له وباس خدي وهو بيتنهد براحه، ووعد أتدخلت وهي بتمسك أيد نهله: طب يا أنكل نستأذن احن بقى، ألف سلامة عليكي يا لولو.

خرجت ومع خروجها قالت الدكتورة لبابا.

-متقلقش هي بقت كويس، أحنا عملنا ليها شوية فحوصات والنتيجة هتطلع على بكرا يبقى حد يجي يستلمها.

بقلق بدل بابا نظراته ما بيني أنا والدكتورة، وبخوف سألها:هو في حاجه يا دكتور؟

ابتسمت وقالت: لا لا ابدً، عايزه اعرف بس أي سبب الأغماء؛ لأنها قعدت كتير فاقدة الوعي.

اليوم عدى، ورجعت البيت وكنت كويسة، وتاني يوم روحت أنا وفريدة نجيب نتيجة التحاليل.

-بقولك لو سمحت، هو تحليل ليل حسام ظهرت؟

سكتت وبدأت تقلب في التحاليل اللي قدامها لحد ما وقفت قدام ملف وقالت وهي بتقىاء منه: ليل حسام، آه التحاليل ظهرت بس لازم تروح للدكتور بتاعها في أسرع وقت. 

-ليه هو في حاجة؟

السكرتيره-اه المريضه عندها لوكيميا سرطان ف الدم ف المرحله الاولي لازم تتنقل للطبيب المعالج عشان تبداء جلسات كيماوي ف اسرع وقت.

في الحقيقة انا مسمعتش حاجه غير اول كلمتين بس.. "المريضة عندها سرطان في الدم!"  محستش بعدها بحاجة، الدنيا وقفت..الحركة قلِت، والناس سكتت! صحيت بعدها كنت في أوضة في المستشفى للمرة التانية! بس..بس المرة دي كان الحال مختلف، كانت الأوضة حزينة، كلهم بيبكوا، وفريدة معاهم بتبكي زيهم، وقبل ما أتكلم ولا أفهم أنا حصلي أيه بابا..بابا بص ليّ وهو مسيطر على دموعه وبيقول.

-أيه يا ليل؟ مالك يا حببتي، دَ.. دَ مرض عادي وهتخفي منه، هو.. هو أنا اللي هفهمك برضو يا دكتور؟

أتحركت فريدة وقاعدت جمبي وببتسامة مرعوشه قالت: آه...آه وأنتِ.. وأنتِ في المرحلة الأولى، يعني مش هتحتاجي جلسات كتير، هما 6جلسات بس وهتكوني زي الفُل.

خلصت كلام وأنا كنت ساكته..كنت ببص عليهم وعلى تعبيرات وشهم.. وعلى نظراتهم، نظراتهم اللي كلها شفقه! مضفتش على كلامهم أي حاجة، غير أني صرخت..صرخت بكل قوتي وخرجتهم برا الأوضه، وهما من الصدمة سبوني أهدا..بس الحقيقة أني مهدتش..أسبوع على نفس الحال، حابسه نفسي أوضتي ومش بخرج ولا بشوف الناس، حتى أبويا مكنتش بشوفه، كنت رافضه أني أتكلم مع حد ولا أن حد يدخلي، لحد ما في يوم فريدة جات ليا البيت.

-يعني أيه يعني أقعد اسبوع مشوفش الأقمر دَ؟ أحنا هنهزر ولا أيه؟

مرتضش أكسفها ورديت عليها بسخرية: لا فيكي الخير، تصدقي أن أنتِ الوحيدة اللي أفتكرتيني.

وبدون أي مقدمات زعقت فيا: أيه يا بنتي السلبية اللي أنتِ فيها دي؟ يعني لو مكنتيش دكتورة وفاهمة كنت هقول أيه، سبتي أيه للناس يا ليل، وبعدين مش عايزه تخفي عشان آسر حتى! عشان أمتحاناتك! عشان نفسك يا ليل.

وبنفس السخرية رديت عليها: آسر!  آسر اللي مشوفنش وشه من يوم ما تعبت صح؟ 

وبسرعة ردت عليا بتبرير منطقي ومُقنع لعقلي وتفكيري وقتها.

-أنتِ ناسيه أنه بيمتحن يا ليل، دَ خلاص فاضل على أمتحاناته أقل من أسبوعين، ودي سنة التخرج بتاعته، أكيد أول لما يفوق هيبقى جمبك، ومش هيسيبك أبدًا، طب بالنسبة ليكِ، هتفضلي كده لحد امتي يا ليل؟ الأمتحانات مش فاضل عليها غير هو أسبوعين، أيه هتستسلمي؟

الحقيقة أن  كلامها اللي قواني وقتها، كانت هي أكبر حافز ليا أني أكمل وأقف على رجلي، وأني أخد الكيماوي فعلًا، وقبل أول جلسة آسر جيه وفضل يبرر ليا سبب غيابه عني، وعدت أول فترة وأمتحنت أول مادتين، وكنت خَدت أول 3جلسات، وطبعًا أعراض الكيماوي كانت بدأت تظهر، يعني...حواجبي بدأت تقع، ومعاها شعري، وملامحي بانت عليها الأرهاق..وفي الجلسة الرابعة تقريبًا آسر طلب مني أنه يحضر معايا الجلسة، كان أول مرة يجي معايا، وكان أول مرة يشوفني وأنا مُنهكه أووي كده..حسيت وقتها أنه..أنه مش عجبه شكلي! كان مش بيتكلم..ولا راضي يبص ليّ حتى! قعدت معايا يومها نص ساعة تقريبًا وبعدها أستأذن ومشي! مهتمش وسكت..سكت ومتكلمتش ولا سألته علىى سبب هروبه مني، بس جيه معاد الجلسة الأخيرة، الجلسة اللي بعدها هعمل الفحوصات عشان أعرف السرطان لسه موجود ولا...ولا أتعفيت منه، يومها آسر جالي وقالي أنه هيحضر معايا الجلسة، فرحت يومها جدًا.. خصوصًا أنه كان جاي مبسوط... هو آه كنت حاسه أنه قلقًا شوية بس.. بس أنا فرحت أنه مهتم بيا.. حسيت أنه بيعوضني عن غيابه عني.. أو أنا اللي حسيت كده.. ووقتها كان لسه فاضل ليا 4مواد تقريبًا وأخلص أمتحانات.


كنت حاطة الكالونا في أيديا وبدأت الجلسة، وبحماس وفرحة بصيت له وقولت له: تعرف أني فرحانة أنك معايا؟ تعالى.. تعالى ناخد سلفي. 

ابتسم وخد مني الفون وأتصورنا.. وبعد ما خلصت الجلسة وقف قدامي وقال.. وقال اللي مكنتش أتخيل في يوم أني أسمعه منه...

-أنبسطتي؟ 

ومنغير ما أحس كانت الابتسامة عرفت مكانها، وبحماس قولت: جدًا يعني. 

ابتسم، وبتوتر قال: حبيت أن أخر ذكرى لينا تكون ذكرى سعيدة يا ليل.

مفهمتش الكلمة، سكت شوية وسألته: يعني أيه أخر ذكرى؟!

كان بيفرك في أيده بتوتر، وبنبرة ضعيفة ومتوتره قال: أنا..أنا آسف يا ليل، مش هقدر أكمل.

مقدرتش أفهم الكلمة، أو أنا اللي منعت دماغي تترجمها، حسيت أن الدنيا وقفت، وبدون إراده لساني نطق بعدم فهم: آسف! آسف أزاي؟ ومش هتقدر تكمل أيه؟

ومنغير أدنى شعور قالي كل حاجة في قلبه. 

-يعني مش هقدر أكمل معاكِ يا ليل، مض هقدر أتجوز واحده مريضة لوكيميا، أنا..  أنا مش قصدي بس أنا حقيقي مش هقدر أشوفك بالشكل دَ، مش هقدر أشوف شكلك كده،  مش هقدر أشوف ملامحك وهي بتتبدل بالشكل دَ، مش هقدر أشوفك وأنتِ كده يا ليل، و مش هقدر استحمل أن بعد الجواز يكون بنسبه 80% مينفعش تحملي لأن جسمك دخل فيه الكيماوي! مش هقدر أني أضحى بأحساس الأبوه يا ليل، مش قادر ومش هقدر، أنا آسف.

 أنا... أنا مكنتش مستوعبه أيه اللي أتقال دَ! هو بجد ممكن حد يقول كده! هو ممكن حد يموت حد بالبطيء بالشكل دَ! وبكل قوة العالم فضلت متماسكه، كل اللي صدر مني وقتها أني ابتسمت وقولت له: وأنا قبلت آسفك يا دكتور آسر.

وقبل ما أمشي قربت من ودنه وبهمس قولت: بس حقي ربنا هيجيبه ليا لحد عندي، لأني مش مسامحه فيه يا دكتور.

 خلصت كلامي وأنا بحط دبلتي في أيده ومشيت..مشيت وأنا مش حاسه بحاجة.

طبعًا مش محتاج أقولك أني دخلت في مرحلة أكتئاب شديدة، وأني أنعزلت عن العالم لمدة شهر تقريبًا، ومتهيألي عرفت دلوقت سبب أني عيِد السنة؛ أني مدخلتش الأربع مواد اللي كانوا فاضلين، ورفضت أعمل الفحوصات مرة تانية، وفضلت شهرين مش عرفه أنا أتعافيت ولا لسه في جسمي السرطان...بس الصراحة أن فريدة الوحيدة اللي مسبتنيش، كانت بتجيلي على طول، وقبل كل أمتحان كانت بتيجي وتتحايل عليا عشان أنزل بس أنا كنت برفض لدرجة أني في مرة طردتها من البيت! وقولت لها مش عايزة أشوف وشك تاني! بس هي مخدتش على كلامي وكانت بتجيلي برضه، لكن في مرة جاتلي، كان شكلها غريب، أنا فكرة يومها أنها جت وزعقت مع طنط سعاد ودخلت عليا منغير أستأذان، وأول لما شافت وشي صرخت فيا، وشدت السماعات من ودني وهي بتقول.

-أنتِ أيه الزفت اللي انتِٖ بتعملي دَ؟ أيه مبسوطة دلوقت لما عيدِي السنة من تاني؟ بعد ما كان خلاص فاضل أربع مواد، مبسوطة وأنتِ ممكن تعيدي الجلسات كلها من الأول بعد ما كان خلاص هتتعافي، دمرتي وهتدمري حياتك عشان رجل يا ليل؟  وياريته رجل دَ بواقي رجاله، ما تردي عليا! خرستي ليه؟

فَضت شحنة غضبها كلها في وشي، ونهت صرخها بسؤالها، أتنهدت وأنا ببص عليها بتسغراب من أنفعالها الزايد، وبتعب قولت: أقول أيه؟

قعدت قدامي، وبهدوء عكس الحالة اللي كانت فيها من خمس ثواني قالت: قولي أي حاجة، قولي أنك مش هتستسلمي للي انتِ فيه، قولي أنك هتعملي فحوصات وتشوفي أنتِ وصلتي لأيه، قولي أنك هترجعي تشوفي حلمك، قولي أنك هترجعي لحياتك.

سبتها لما خلصت كلام، وقولت: لا..مش هقدر يا فريدة.

كان ردي هو شعاع النار اللي سحبته عشان تنفجر في وشي من جديد، وقفت بعصبية وبغضب صرخت في وشي: أنتِ ليه ضعيفة كده؟ أنتِ ليه بالسلبية دي؟ أمتى هتكوني قوية؟ أمتى هتواجهي المجتمع والعالم؟ أمتى هتقومي على رجلك وتجيبي حقك من أي حد أذاكِ؟ لحد أمتى هتفضلي كده؟ عرفه..أنتِ هتفضلي طول عمرك كده، سلبية وضعيفة، هتفضلي طول عمرك القطة المكسوره اللي مستنيه أي حد يجي عشان يلعب في حياتها زي ما هو عايز، عمرك ما هتتغيري يا ليل، يا خسارة.

خلصت كلامها وسبتني ومشيت، مشيت وسبتني وسط أفكاري وكلامها اللي بيتردد في عقلي قبل ودني، سبتني ومن هنا بدأت الاقي نفسي، بدأت ألاقي ليل يا عمار.

بعد المقابلة دي قررت أني أتغير، قررت أني مش هسيب نفسي للريح يعمل فيا اللي هو عايزه، قررت أني هكون أنا، وقفت على رجلي من تاني، وبفضل فريدة عرفت أخد أول الخطوات، وكانت أولها أني عملت الفحوصات من جديد وعرفت أني أتعافيت..عرفت أني أنتصرت على السرطان..وبعدها بدأت أهتم بجسمي وشكلي، وبدأت أرتب أولوياتي من أول وجديد، بس وأنا في أول المشوار عرفت أن فريدة هنسافر، وفعلًا هاجرت..هاجرت أمريكا وسبتني، بس حتى لما هاجرت كانت معايا على طول، مكالمات..وفيديو كول، حقيقث مسبتنيش لحظة، وعدت الأجازة ورجعت الكلية، وأنا بَعيِد سنة تانية، وعرفت بالصدفة أن وعد وشلتها عادوا السنة برضو! أول يوم ليا في الجامعة كنت حاسه نفسي أني غريبه، كانت العيون كلها بتبص عليا بطريقة غريبة، والهمهات بتعلى بين كل أتنين كل ما بقرب من أي حد، كان في حاجة غلط، لحد ما كنت قاعدة في الكافتريا وبنت جت قاعدت جمبي وقالت.

-ألف سلامة عليكي يا قمر.

بصيت ناحيتها بستغراب، كانت بنت معرفهاش، هي بتقولي كده ليه؟ محدش في الجامعة يعرف أني كنت تعبانة غير فريدة ووعد وصحابها، وهما...وهما أكيدومش هيقولوا لحد مثلًا! هو دَ كان تفكيري وقتها، ابتسمت وسألتها: معلش بس هو أنتِ بتقولي ليا ألف سلامة ليه؟

البنت اتوترت، وبتسامتها بدأت تختفي، وبحرج بان على ملامحها قالت: هو يعني.. هو مش أنتِ كنتِ.. قصدي أنتِ كنتِ بتحربي الكانسر والحمد لله انتصرتي عليه صح؟

أتصدمت من اللي قالته، بس بسرعة ابتسمت وسألتها بلطافه: آه صح يا روحي انتِ بقى عرفتي منين؟

ابتسمت وقالت برتباك وهي بتبص ناحية وعد ونهله وجميلة اللي كانوا لسة داخلين الكافتريا: أصل نهله وصحابها في رحلة السفاري بتاعت الصيف، قالوا أنك تعبانه يعني وعشان كده محضرتيش الأمتحان وعيدي السنة. 

- وهما قالوا ليه؟

-كنا بنتكلم عادي وجيه أسمك في وسط الأسئلة، فدكتور عصام سأل عليكِ ونهله قالت له حكايتك، ويومها بحكم أن معظم الدفعات كانت في الكامب معانا الخبر أنتشر بسرعة.

الصدمة أتملكتني، مكنتش عرفه أقول أيه، كل اللي قولته أني سألت بعدم تصديق:وعد ونهله عملوا كده!

البنت أتحرجت واستأذنت ومشيت، وأنا بكل عصبية وغضب روحت ناحيتهم، وقبل ما أقرب منهم سمعتهم! سمعتهم وهما بيتكلموا عليا..

نهله: يعني مدخلتيش المحاضرة؟

وعد: ما خلاص الآله الكاتبة رجعت تاني، أتعب نفسي ليه؟

جميلة: بس.. بس هي أكيد تعبانة، مش هتعرف تعمل اللي كانت بتعمله لينا الأول وتخلص 4 أبحاث في أقل من اسبوعين وتنقل لينا كلنا المحاضرات اكيد مش هتقدر يا جماعة.

ضحكت نهله وقالت: لا ياختي هتقدر اومال وعد مسمياها آله كاتبه ليه؟ وبعدين أومال هتبقى وسط شلتنا ببلاش مثلًا؟ لازم تخدمنا يا ماما.

ضحكت ليل وضافت على كلامها: بس أي رأيكم اللي عملناه فيها السنة اللي فاتت البت أتشرددت في الجامعة كلها، وكلهم عرفوا أنها مريضة مانسر يا حرام.

وبفخر قالت نهله: بس متنسوش أن دَ كله كان في مصلحنا. 

سألت جميلة: صحيح هو ليه أنتوا قولتوا للدفعة كلها؟ 

ابتسمت نهله وبدأت توضح: عشان ببساطة تشوف نظرة الشفقه في عين الناس اللي حواليها، وكمان عشان تكسب عطف المعيدين لو احتاجناها تقول لحد فيهم أن البحث أتأخر مثلًا وقتها هيكون مرضها مساعد أن الدكاترة تسكت وممتكلمش، وحاجات كتير من دي.

خلصت كلامها والكل حياها على تفكرها، وأنا...وأنا وقفت متسمّره في مكاني..مكنتش عرفه المفروض أعمل أيه، مكنتش عرفه مين دول؟ هما دول بجد صحابي؟ دول اللي أنا بمشي معاهم؟ هي دي وعد اللي كنت بقول عليها أختى؟ كان كل اللي في دماغي هما ليه بيعملوا كده؟ أيه اللي ممكن يخلي ناس بالحقاره دي كلها؟ قربت منهم بهدوء وظهرت قدامهم، لأني كنت وقفه شبه مستخبيه عشان أسمع وساختهم، قربت منهم وظهرت قدامهم وبهدوء قولت...

يتبع...

تفتكروا المواجهه هتكون أزاي؟ 

أيه رأيكم في اللي حصل مع ليل؟ 

تفتكروا أيه اللي مستني ليل تاني؟ 

في حاجات كتير هتظهر وهتوضح الفصول اللي جايه أستنوني♥


الفصل السابع

#بدون_عنوان

 #NORQ_SAAD

بفكركم أن مواعيد الرواية كل سبت وأربع♥

                                    "هي"

- كل ده شايلينه في قلوبكم؟!

كلهم أتخضوا، وكانوا بيبصوا لبعض وبس، اللي اتكلم فيهم كانت وعد، بدلت نظراتها ما بينها هي ونهله وقالت بنبرة مُرتبكه: هو.. هو أنتِ سمعتي أيه؟

قربت خطوة وبسخرية قولت لها: سمعت كل اللي أتقال..ها أيه تبريرك يا صاحبتي؟

بَصيت لنهله وجميلة، ومعرفتش ترد، وقبل ما ترد نهله هي اللي اتكلمت ببردو غريب: أيوا فيها أيه يعني أنك عرفتي؟ هو انتِ عرفتي حاجه غلط يعني دي الحقيقه عادي يعني.


مقدرتش أمسك نفسي أكتر من كده، وبكل أنهيآر وقهر وقلة حيله، كنت بصرخ فيهم. 

ليه؟ ليه كل دَ؟ أنا عملتلكم أيه؟ دَ... دَ أنا كنت بقول عليكوا صحابي! 

نقلت نظراتي لوعد وكملت بقهر: وانتِ ياوعد، دَ أنا كنت بعتبرك اختي! تطلعي زيهم! 

بصيت ليهم كلهم وكملت: دَ انا كنت بتسحمل تريقكم عليا وضحكم عليا، وكل مرا كنتوا بتكسفوني فيها قدام الناس، كنت بستحمل كل القرف اللي بتعملوا فيا عشان كنت بقول صحابي وهو دَ هزارهم، لا لااا صحابي إكيد مكنوش قصدهم.

خلصت كل كلامي، ووقفت أتنفس بعنف، كنت متخيله أنهم هيتكسفوا يردوا عليا ولا يبصوا في عيني حتى! بس..بس طلع كل دِ خيالات في عقلي أنا بس، أستنوا لحد ما خلصت كلام وكانت أول وحده ترد هي نهله.

-خلصتي الفلم دَ؟ واضح أنك صدقتي نفسك أووي وعيشتي الدور كمان، فوقي يا ماما أنتِ...

قطعتها وعد بإيديها وكملت هي وبتقرب مني كام خطوة: وبعدين أيه كنت بعتبركم صحابي، وانتِ اختي، وانتِ مش عرفه أه، دَ على أساس أنك كنتِ لاقيه غيرنا يعني! أنتِ كنتِ وسطينا وأنتِ عرفه أن محدش طايقك، أنتِ كنتِ معانا عشان متكونيش لوحدك يا ليل، وكنتِ عرفه أن ضريب*ة ماشيك معانا هو أنك بتخلصلنا مصالحنا، فوقي لنفسك وحيات أبوكِ وبلاش الدور اللي أنتِ عايشه في دَ. 

منغير ما أحس كانت أيدي بتنزل على خَدّ وعد، ضربتها بالقلم بكل قهر وخذلان وكل شهور تعري، بس اللي حصل بعد كده أن القلم دَ أترد ليّ في وقتها واحد وأتنين وتلاته، هجموا عليا في نفس اللحظة وطبعًا أنا جمبهم كنت ولا حاجة، وبعد اللي حصل كلهم خدوا فصل أسبوعين لأن الخناقة كانت في كافتريا الجامعة، وبعدها اللي حصل دَ كنت رجعت لنقطة الصفر من تاني، قفلت على نفسي شهر كامل، ولا بخرج ولا بشوف حد، بس خلال الشهر كله كانت جملة فريدة بتتردد في ودني باستمرار(أمتى هتكوني قوية؟ أمتى هتواجهي المجتمع والعالم؟ أمتى هتقومي على رجلك وتجيبي حقك من أي حد أذاكِ؟ لحد أمتى هتفضلي كده؟ عرفه..أنتِ هتفضلي طول عمرك كده، سلبية وضعيفة، هتفضلي طول عمرك القطة المكسور*ه اللي مستنيه أي حد يجي عشان يلعب في حياتها زي ما هو عايز، عمرك ما هتتغيري يا ليل، يا خسارة )  وكانت جملتها دي هي سر تغيري الجذري، خد قرار مع نفسي أني هتغير، وليل الضعيفة هدفنها وهكون حد جديد، حد لي رأي وشخصية، شخص عنده ثقة في نفسه،  ومؤمن بذاته. 

وكانت أول خطوة في خطتي هي أني أروح لدكتور نفسي عشان يساعدني ألملم بقاياا نفسي، دكتور أيهاب كان نعمه الصديق حقيقي، فضل معايا لحد ما فوقت لنفسي، وجلساه معايا فرقت جامد، وأقترح عليا أني أنزل چيم وألعب لعبة من العاب القتال، وفعلًا نزلت ولعبت كراتيه ولقيت نفسي فيه جدًاا، وبعد 3شهور كنت أتغيرت 180°  شكليًا ونفسيًا.

رجعت الكلية على أمتحانات الترم الأول وأمتحنت، وبعد كده رجعت على أمتحانات الترم الأول، طبعًا مش محتاجة أقولك أن الكل أتصدم، آه صحيح بس مكنتش زي دلوقت كنت أتغيرت في المعامله لكل شكلي مكنتش وصلت لسه للجسم دَ، المهم أنهم كلهم كانوا مستغربين طريقة ردي وطريقة كلامي، ووقتها فكرة أن نهله جت وحبت أنها ترخم عليا عشان تشوف ردي عليها هيكون أيه، والحقيقة أن الرخامه اللي كانت جايه ترخمها عليا قلبت بخناقة، وطبعًا مش محتاجة أقولك أن الخناقة دٌ أنا اللي عملتها قصد عشان الموضوع يكبر وأعرف أضرب*ها.

ضحكت وكملت له سرد: وفعلًا الخناقة كبرت وجت فرصتي، خد حقي منها وقتها وهي مكنتش قدرة ترفع أيدها توقفني حتى، بس المشكلة أن الحوار دَ قفل أني كنت هترفد، لولا بابا جيه وكلم العميد وخلصنا الموضوع على حرماني من دخول مادة، مفرقليش والترم عدى، وجينا الترم التاني،ومحصلش فيه غير أول شدّ بنا، ودَ كان بسبب أني كنت عايزة اوريهم نفسي وشكلي بعد ما جسمي أتظبط وبقيت أحلى منهم، وفعلا قد كان، وهي اللي جرت شكلي وقتها مش أنا والله، ومن نيتها السودا هي اللي خدت فصل أسبوعين وقتها.

ضحكت وكملت: وبسبب الفصل شالت المادة بتاعتك.

NORA SAAD

                         ****************

"عوده للواقع" في مركز الدكتور أسامة عبد الغني.


شلت الكالونا من أيده وأنا ببتسم وبقول: وبس يا سيدي هي دِ حكايتي كلها.

ابتسم، وزي ما يكون أفتكر حاجة فقال بسرعة: طب آسر؟  آسر جالك من كام شهر، يوم أول جلسه ليا،  ولما أتكلم قال خطيبك، هو  تواصل معاكِ تاني بعد ما سبتوا بعض؟ 

قعدت قدامه واتنهدت وقولت له: لا يا سيدي، أنا مشوفتش وشه أصلًا من يوم ما سبته، بس نسيت أقولك أن ربنا كبير أووي يا عمار، واللي عملوا معايا أترد  له بالحرف...بس في أخته.

عقد حواجبه وقال: أزاي يعني مش فاهم!

- هقولك.

                         ****************

"قبل شهرين، في غرفة جلسات الكيماوي"


كانت سارة طلبت مني أني أحضر معاها الجلسات، وبنائًا على طلبها كنت بحضر معاها، فَ في مرة، كنت قاعدة معاها وبنتكلم عادي لقتها بدون أي مقدمات سكتت وبصيت ليها كتير وبعدين قالت.

- تعرفي يا نور أن ربنا أنتقم لك من آسر. 

لما جابت سيرته جسمي كله أترعش، وبنبرة ثابته قولت لها: آسر ميهمنيش دلوقت عشان أكون عايزة أعرف عنه حاجة.

ابتسمت وقالت: أنا عرفت آسر سابك ليه، وعرفت كمان الكلام اللي قاله ليكِ، وعرفت أنه كس*ر قلبك ومسّ كرامتك، عرفت وملومتش عليه حتى، متكلمتش وقتها، ماما شجعته وحَيته على اللي عمله وأنا سكت، مزعقتش فيه، ولا أعترض على اللي حصل، كل اللي عملته أني سكت.

سكتت لثواني ومسحت دموعها وأنا مع كلامها المشهد أتعاد قدامي من جديد، ودموعي عرفت طرقها، مسحت دموعي أنا كمان ووقفت بسؤعة وقولت: سارة الكلام دَ مل...

مسكت أيدي ومنعتني أني أتحرك فسكت ووقفت مكاني، بصيت لي من بين دموعها وقالت: أقعدي وسبيني ٱكمل. 

قعدت فعلًا وسبتها تكمل بدموعها اللي كانت مغرقه وشها: موضوعك خلص، والأيام عَدت، وكلنا نسيناكِ، بس ربنا منساش، ربنا مش بينسى حق حد يا ليل، من كام شهر تعبت أووي، وكشفت وعملت تحاليل عشان أعرف مالي، فكتشفت أني عندي سرطان، الدنيا كلها وقفت بيها، حسيت أني في كابوس، الخبر نزل علينا زي القنبله، كلنا أفتكرناكِ وأفتكرنا اللي حصل فيكِ بسبب آسر، وكنت.. كنت مستنيه من جوزي أنه يقف جمبي، كنت مستنياه يقولي أنا جمبك أنا مش هسيبك، أنا هفضل معاكِ لحد ما نعدي الأزمه دِ، بس....بس كل دَ محصلش، اللي حصل أنه قالي(أنا مش هقدر أستحمل يا سارة، مش هقدر أستحمل اني مكونش أب، أنتِ لما يدخل فيكِ السم دَ مش هتقدري تخلفي، وأنا مفيش حاجة تجبرني أني أقبل بالموضع دَ، و مش هقدر اشوفك وانتِ شعرك وحواجبك بيقعوا، مش هقدر أشوفك وأنتِ بتموتي بالبطيء أنا...أنا آسف بس أنتِ طالق.)

شهقاتها عِليت، وأنا دموعي مبقتش قادرة أسيطر عليها، كملت من بين شهقاتها: طلقني..طلقني وقالي نفس الكلمتين اللي آسر كسرلك بيهم قلبك، بس...بس أنتِ ربنا كان بيحبك، ربنا بينلك آسر قبل ما تتجوزي، قبل ما تبني حياتك معاه، ربنا جبلك حقك منه يا ليل.

                         ****************

NORA SAAD

"عوده مرة أخرى للواقع"

ابتسمت وأنا بمسح دموعي وقولت: بس هي دِ حكايتي يا سيدي.

ابتسم وقال بمرح عشان يخف الجو شوية: يااه يا جدع، كل دَ وجع، بس تعرفي أن كل اللي حصل دَ كويس.

عقد حواجبي وسألت: ليه بقى؟

رَبع أيده وقال: اصل بسبب اللي حصلك بسبب خناقة نهله وشلتها أنتِ مدخلتيش الأمتحانات،  يعني لولا اللي هما عملوا مكنش زمانك دلوقت عيدِي السنة ولا كان زماني أنا اللي كنت بدرسلك في دفعتك الجديدة وشوفتك، تاني حاجة، لو آسر كان مبنش على حققته معاكِ كان زماني أنا مُنتحر أساسًا، لأني كنت هشوفك وأنتِ مع حد غيري، بصي هو أنا كنت هكون مُنتحر أو عامل جريمة أيهما أقرب مش عارف.

خلص كلامه وأنفرجنا مع بعض في الضحك، ومن بين ضحكي قولت له: أي داااا أي داااا؟! أنت بتعاكسني ولا أيه؟

رقصلي حواجبه بطريقة مُضحكة وقال بمشاكسه: الصراحة آه يا حلو أنت يا حلو.

ضحكت على شكله وضربته على كتفه وأنا بقول: طب أتلم بقى.

-وكمان بتضربني يا ببلاوي؟

وقفت وأنا بمسك الملف اللي كان معايا وقولت له:  بقولك أيه يلاا هش من هنا، الجلسة خلصت من ساعة.

- اي دَ هي خلصت ليه بسرعة المرة دِ ليه؟

رفعت حاجبي وقولت له: أنا أول مرة أشوف حد يا أخي عايز جلسه الكيمو متخلصش، دَ أنت أنسان غريب جدًا.

ابتسم وقال بصدق: أصل الصراحة أنا الفترة اللي فاتت دِ كلها كنت بستنى الجلسات عشان الوقت اللي بقضي معاكِ. 

اتكسفت ومعرفتش أرد بأيه فقولت: طب يلا ياض من هنا، وأصلًا فاضل جلسة وخده ومشوفش وشك تاني.

-ياض!  انتِ بتصحي جعفر اللي جواكِ في أوقات غير مناسبة على فكرة.

وقفت وراه وزقيته من ضهره ناحية الباب وأنا بضحك وبقول له: براا قولت.

كان بيحاول ميمشيش معايا فقال: أنتِ بتعمل في العيانين بتوعك كده ليه يا جدع؟

ضحكت وكمل زَقّ فيه: برا قولت.

وصل للباب وقال: خلاص برا برا الله، باي يا لولي.

قفلت الباب ببطيء وأنا ببتسمت: باي.

                         ****************

أما في مكان أخر، بعيدًا كل البعد عن ليل وحياتها.

في نادي في الزمالك.

-أنت بتكلم مين يابني؟

كان سؤال من حازم صاحب أياد، رفع عينه من على الفون ورد ببساطة: دِ وعد.

-وعد!  أنت مش مرتبط بنهله؟

ضحك بصوته الرجولي، وبسخرية قال: مرتبط ب مين! يعني انا يوم ما أرتبط هرتبط بِ دِ!

:-يعني انت مرتبط بِ وعد؟

-ضحك من تاني وقال: هل انت مفهمتش الجملة الأولى طيب؟ وانا أرتبط بالاشكال دِ ليه؟ انا بتسلى عادي يعني

وبعصبية خفيفه رد عليه حازم: بتتسلى بالأتنين في نفس الوقت!  لا والأتنين صحاب!  أنت عبيط يااض. 

المرة دِ ضحك بصوت أعلى لدرجة أن عينه دمعت من كتر الضحك، خاول يسيطر على نفسه وقال:

اياد ضحك اوي-أنت غلبان أووي يا زومي والله، قال صحاب قال! دِ نهله بتقولي أوسخ كلام على وعد، ووعد نفس الحوار على نهله، دول أتنين مبيجمعهمش غير المصلحة يسطا، وحقيقي الموضوع طلع لذيذ اوي.

-بقولك أيه مش عليا يا أياد، وبعدين أنت مالك ومال حوارات البنات دِ، أخلص كده وقولي أيه اللي في دماغك.

ابتسم أياد على صديقه اللي يعتبر حافظه أكتر من نفسه، وقال: لا صايع ياض، بس الموضوع كله أني عايز اعلم ست نهله درس مهم اووي، وتقدر تقول أني بدفعها تمن حاجة هي عملتها زمان، وبالنسبة لوعد فبرضه هفهمها درس صغير كده.

- ليه نهله عملت أيه بالظبط؟ ودروس أيه دِ يا أستاذ.

-هقولك وعد بتحبني من سنة أولى، ولما راحت قالت ل نهله أنها بتحبني قالتلها بتحبي مين أياد؟ دَ عيل، وفاشل، وبيلعب بالبنات، وصايع، وي وي وي، بس فَ أنا بقي حبيت أدي لنهله درس حلو اوي، فضلت وراها لحد ما هي اللي وقعت في حبي، وهي اللي جريت ورايا عشان بس تكلمني وأهو أديني بتسلى.

-يعني عايز تفهمني أن وعد جت قالتلك الحق دِ صاحبتي بتقول عليك كذا وكذا.. أحنا هنهزر!

ضحك وقال بتوضيح: هقولك اللي حصل.

                         ****************

من فترة كان أياد ووعد في مطعم في وسط البلد، ووعد صارحته بمشاعرها أتجاههُ.


-طب مدام أنتِ  بتحبيني كده ليه مقولتيش من زمان يا وعد؟ ليه فضلتي مخبيه كل الفترة دِ؟

أرتبكت، وكانت بتفرك في أيديها بقلق، مد أيده ومسك أيديها بحنان، وابتسم بلُطف: قولي متتكسفيش.

حضَنت أيده وقالت: تصل يعني لما قولت لنهله صاحبتي قالت أن.. بص خلااص خلاص، مش مهم اللي حصل، المهم أننا مع بعض.

خلصت كلامها وهي بتبتسم، أما هو فملامحه أتغيرت وسحب أيده من أيديها وقال: قولي يا وعد قالتلك أيه؟

أرتبكت أكتر وقالت: بجد مش لازم. 

وبتصميم قال لها: لا لازم، وإلا هعتبرك أنك لسه مش واثقه فيا، وجايز تكوني خايفه تقولي هي قالتلك أيه ليكون هي عندها حق، صح وعد؟ 

خصل كلامه ووقف في أستعداد أنه يمشي، وقفت بسرعة وبنفي لكل كلامه قالت: لا لا والله، الحكاية مش حكاية ثقه، الموضوع كله أني مش عايزاك تضايق والله. 

خلصت كلامها وهي بتبص في الأرض ومقيده دموعها، أما هو فقعد من تاني ومسك أيديها في أشارة منه أنها تقعد من جديد، حضن أيديها وهمس لها: وأنا عمري ما هتضايق، أنا بس عايز أعرف هي قالت أيه.

رفعت وشها ومسحت دموعها وقالت: قالتلي أنها عرفاك وأنك.....

حكت له كل حاجة وهو ضحك، وقال: هو دَ اللي خايفه تقولي، باين أووي يا حببتي أنها غيرانه منك ومكنتش عايزاكِ ترتبطي بالشخص اللي حبتي، وبعدين مكنش لازم تصدقي أي حاجة تتقال لك كده وخلاص.

ابتسمت وقالت: عندك حق، المهم أننا مع بعض دلوقت.

                         ****************

"عودة"

خلص سرد المشهد ودخل في نوبه من الضحك هو وحازم.

حازم من بين ضحكاته: يالله، وروحت لفيت على التانية وخلتها تحبك!

رد عليه أيام من بين ضحكاته: دِ هي اللي جت أعترفتلي بحبها وقالتي أرجوك بليز تعالى نرتبط.

عِليت ضحكاتهم أكتر، وبعد فترة من الضحك سألت حازم: طب وعد أي زمبها؟ وأنت ناوي تعمل أيه؟

مسك كوباية العصير ورجع ضهره لورا وقال بهدوء: هعلمها أزاي تنقي صحابها بعد كده، بس نهله هي اللي محتاج أشربها الدرس وحده وحده.

ضحك حازم وقال: طب أي رأيك يسطا تشتغل في مدسة وتريحنا، عشان تطلع مواهبك كلها.

                         ****************

NORA SAAD

                                    "هي"

عدى أسبوعين منغير أحداث جديدة، بس أنهاردة بجد يوم مهم، أنهاردة أخر جلسة لعمار، بالرغم أني زعلانه أني مش هشوفه تاني بستمرار، وأني مش هتكلم معاه تاني، بس.. بس فرحانه  من قلبي أنه أخيرًا خلِص من السم الي كان بيدخل جسمه، وبإذن الله نتيحة التحاليل تقول أنه أتعافى، بما أن مؤشراته كلها بتقول أنه أتعافى فعلًا. 

-يلاا كفاره يسطا، بكرا تجيلي عشان نعمل التحاليل.

كان مُرتبك، طول الجلسة كان ساكت ومش بيتكلم زي العادة، وقف قصادي وقال: طب هو يعني بصي هقولك  

رفعت حجبي بستغراب من توتره حتى في الكلام وقولت: أنحز عايظ تقول أيه؟

غمض عينه زخَدت نفس وقال:أنا بجدد طلبي تاني يا ليل، وعايز اتجوزك.

فتح عينه اللي كان قافلها وسأل برجاء: ها موافقة؟

يتبع...


عرفنا أسرار كتير ويعتبر وراق ليل كله أتكشف قدامكم، بس ورقي أنا لسه متكشفش، أستنوا لسه في مفاجأت كتير، وأحداث أكتر مستنياكم. 

قولولي رأيكم في فصل أنهاردة، ورأيكم في اللي حصل مع ليل، تفتكروا هي تستاهل اللي حصلها؟ 

أي رأيكم في التغير اللي حصلها؟

#بدون_عنوان

بقلم  #NORA_SAAD



الفصل الأخير

#بدون_عنوان

#NORA_SAAD


-في ايه يبني مالها التحاليل؟ شكلها مفهاش حاجه وانت مكسوف من نفسك صح صح؟؟

برضه مفيش رد! كل اللي عمله أنه نزل التحاليل من أيده ومكنش عارف ينطق! أعصابي تبعت من شكله فَبدون أي مقدمات سحبت الملف من أيده وهو أتنفض من مكانه وزعق فيا!

- أوعي يا ليل، هاتي الزفت دَ.....

كان...كان بيتكلم وبيزعق، بس...بس أنا...مكنتش سامعة حاجة..مكنتش سامعة حاجة... كل اللي سمعته واللي كان بيرن لي ودني صوت عمار لما قال من فترة كبيرة "أتعالج عشان بعد ما أتعافى بكام شهر المرض يتجدد في جسمي من تاني!

أنا...أنا عندي كانسر من تاني؟! 

خَد نَفس وقال بهدوء: ممكن تهدي، عادي بتحصل كتير يا ليل، هتاخدي كام جلسة وهتخفي وتكوني زي الفل.

ضحكت، ضحكت بقهر وووجع قلب وقولت له:أاتعالج تاني! عشان بعد كام شهر يجيلي تاني! وأفضل في الدايرة دِ طول عمري!عشان في الأخر برضه أموت!

لَفيت أخد شنطتي وقولت وأنا بقرب للباب: طب على أية الفرهدة دِ؟ ما أنا أقعد استنى الموت يجي لحد عندي أسهل. 

خلصت كلامي وأنا بخرج من المكتب وبقفل الباب، مهتمتش لصوته اللي كان بينده عليا، كل اللي كنت سمعاه هو صوت بُكى قلبي، قلبي كان بيبكي بقهره على حالي، هو..هو ليه؟! ليه كل ما أقف على رجلي الدنيا تيجي تديني بالقلم على وشي! ليه كل ما أبدء أفرح وأحس أني خلاص هوصل للنجوم تيجي ريح ترزعني على سابع أرض! ليه كل دَ بيحصلي أنا بالذات ليه؟!

بعد لَف وبُكى وشكواه لربنا، رجلي خدتني ورجعتني للبيت، دخلت كان بابا وسعاد قاعدين قدام التلفزيون، رميت الشنطة على أقرب كرسي وكنت هدخل أوضتي، بس وقفني صوت بابا.

-مالك؟ جايه بدري يعني؟

مرتدش وكنت هقفل باب أوضتي بس وقفني كلام سعاد لما قالت: ما تردي يختي مالك شايله طاجن ستك ليه؟ مات لك ميت!

ومنغير أدنى شعور كنت بنفجر فيها لكن بكل هدوء وبقول لها. 

-عارفه ليه جيت بدري يا سعاد؟ عارف ليه يا بابا؟ 

مَردوش، أكتفوا بس أنهم ينقلوا نظراتهم لبعض بستفهام، لكن أنا كملت كلامي. 

- شكلكم مش عارفين، تمام أنا هقولكم. جيت بدري عشان عرفت أن الكانسر رجع لجسمي تاني، الكانسر رجع ياكل في جسمي من جديد يا سعاد، عارفه دَ معناه أيه؟

مهتمتش للدموع اللي كانت بتلمع في عيونها ولا لنظرة بابا اللي كانت كلها كسرة ولا أهتميت لصوتي اللي أترعش والدموع اللي غرفت وشي وكملت: يعني خلاص، كلها كام شهر ولا حاجة وهموت.

هموت وأريحكم مني، هريح من همي يا بابا، واريحك مني وانت كمان ي بابا هترتاح مني ومن همي،هترتاحي من قرفي يا سعاد خلاص، هي...هي كلها شهر بالكتير متقلقوش.

خلصت وأنا ببص لهم بهدوء والدموع مش عرفه أسيطر عليها، ولا كنت عرفه أسيطر على الرعشة اللي أتملكت من جسمي، أول لما خلصت سعاد وقفت وحضنتني! ضمتني لحضنها وبدأت تبكي! وكل اللي على لسانها كلمة لأ!

سبتها لحد ما خلصت وبصيت عليها بسخرية، وبكل سخرية العالم قولت لها: بجد بتعيطي! أيه صعبت عليكِ للدرجادي؟

صرخت في وشي بدون مقدمات، ومن بين بكاها قالت:لا لأ...مش هتموتي...مش هتروحي مني، أنا...أنا بحبك..بحبك والله؛ بس.. بس أبوكِ هو السبب، كنت كل ما احاول أقرب منك وأحاول أبين لك حبي ليكِ أبوكِ يجي ومنغير ما يحس يكرهني فيكِ، كان بيخلق بيني وبينك حاجز منغير ما يحس.

أخيرًا بابا نطق وقال:أنا؟! أنا يا سعاد؟

وبقهر صرخت فيه وقال: أيوا، أيوا أنت.. في كل مرة كنت بتقولي فيها يلا... يلا شدي حيلك عايز أخاوي ليل، أي دَ أنتِ أتأخرتي في الحمل كده ليه؟ دِ أم ليل كانت حامل بعد شهر مم جوازنا، يووه بقى يا سعاد أنا زهقت أنتِ حتى أبسط حقوقي من عرفه تعملهالي وتجبيلي طفل تاني! وكلام من دَ كتير.. كنت...كنت بتكرهني في بنتك منغير ما تحس، خلتني أكره أمها لمجرد أنها خلفت وأنا لأ!  كنت بتحسسني أني ناقصه حاجة، على طول كنت بتحسسني بالعجز وأني قليله، عارف أنا كام مرة كان نفسي أخد ليل في حضني، كان مرة كان نفسي أعملها حلو عشان أعوضها كن أمها وأعوض نفسي بيها، عارف كام مرة معرفتش أعمل كده بسبب كلامك ليا، وبسبب الكُره اللي كانت بيتزرع في قلبي بسببك، أنا..أنا بحبك يا ليل والله، بحبك ومش عايزاكي تروحي مني... 

خلصت كلامها ووقعت على ركبتها ودفنت وشها بين أيديها وبدأت تبكي من جديد، أما أنا؛ فابتسمت بحزن وسألت بابا: ها يا بابا عرفت أنت كنت بتعمل أيه منغير ما تحس؟ عرفت أنك كنت بتعالج كل المشاكل بطريقة غلط، طب أنت عارف أني عمري ما حسيت بحبك ليا! تعرف أني كنت بحس أنك بتداري حبك ليا! أنت.. أنت طول الوقت مخبي مشعرك، طول الوقت خايف تحضني! خايف تحسسني بحب الأب لبنته! انت بجد مجاش في دماغك ولو للحظات أنك ممكن ف يوم تتحرم مني، مجاش في بالك يوم أنك تحسسني يعني أيه حضن أب لبنته، أنت عمرك ما حضنتني حتى! عمرك ما قولت ليّ كلمة تحسسني بالأمان! أنت ليه بتتعامل مع مشاعرك على أنها حاجة عيب تظهر! ليه؟!

صرخت بأخر كلماتي وسبتهم ودخلت أوضتي، كنت..كنت بتنفس بعنف، نفَسي زاد وضربات قلبي سمعاها من مكاني، جسمي كله بيترعش بطريقة غريبة..والدنيا بتسود بالتدريج؛ عشان في أقل من ثواني محسش بنفسي...  

                         ****************

NORA SAAD

بعد مـُدة مش قصيرة كانت أخيرًا فاقت، وكان حواليها سعاد اللي مش عرفه تمسك دموعها، وبباها اللي نظرة الكسرة والحزن مسيطرين عليه مهما حاول يخفيهم، وعمار وليله اللي قاعدين جمبها من وقت ما فقدت الوعي تقريبًا لأنهم حصلوها على البيت.

بعد وقت من الصمت أخيرًا أتكلمت هي وقالت: طب يا شباب متشكرين على الزيارة، عن أذنكم بقى عايزة أنام.

خلصت كلامها وأدتهم ضهرها في أستعداد للنوم، ثواني والكل أنسحب من الأوضه منغير كلام.

- أهدي يا طنط، هتكون كويسة والله.

كانت دي جملة عمار لسعاد اللي مش عرفه تسيطر على بُكاها، مسحت دموعها وقالت: هي بتحبك يا عمار، وبتحبك أنتِ كمان يا ليله، خلوها تاخد جلستها عشان تخف، أنا...أنا عايزاها تخف يا عمار، مش هتسحمل أنها تروح مني...

ابتسم وقال: هتخف بإذن الله هتخف، يلا هنستأذن أحنا.

مشي هو وليله،واليوم عدى على الكل بحزنه وكئابته، بس في سواد الليل اللي الكل كان ييحاول ينام فيه عشان يستعد لليوم التاني كانت هي صاحية وبتجهز شنطة هدومها لأنها قررت أن هي دِ النهاية.

                         ****************

                                    "هي"

مسكت شنطة هدومي وأنا مقرره أني هختفي، مش لازم يعني أصعب على الكل، ولا لازم أكون مَحل شفقه، أني أموت لوحدي برضه هيكون راحه أكتر ووجع أقل.

أتسحبت وخرجت من الشقة وأنا مش عرفه أنا رايحه فين، بس أكيد رجلي توصلني لمكان في النهاية.

                         ****************

NORA SAAD

-وبعدين البت راحت خلاص؟ شهر كامل والبت محدش يعرف عنها حاجة! هاتولي بنتي، هاتولي بنتي يا ناس.

كان دَ كلام سعاد، اللي متغيرش كتير من وقت ما عرفت أن ليل سابت البيت، شهر كامل محدش يعرف عنها حاجة، شهر ومحدش فيهم داق طعم النوم ولا راحة البال، وكالعادة من شهر كانوا كلهم متجمعين في بيت ليل.

عمار: معرفتش أي خبر جديد يا عمي؟

أتنهد وبتعب قعد على أقرب كنبة وقال: ولا أي جديد أنا...أنا حاسس أن حصلها حاجة.

أتدخلت ليله وهي بتحاول تخفي الدموع اللي كانت هتخونها وقالت: لأ..لأ بإذن الله هي كويسة، أنا قلبي حاسس أنها كويسة والله

-الشالية!

كلهم بصوا ناحية سعاد اللي قالت كده وهي بتتنفض من مكانها، سألوها بعيونهم وهي فعلًا ردت: الشالية بتاع المحرومة أمها، أزاي نسيناه، الشالية مقفول من سنين أكيد هي فيه.

وقف بسرعة حسام وقال وهو بيمسك مفاتحيه: صح، أزاي تاه عن بالنا، عن أذنكم.

وفي ثواني كان سبهم ونزل وطبعًا كلهم حصلوا وفعلًا في أل من 3ساعاات كانوا وصلوا للشالية، كان شالية والدت ليل في رأس البر ومقفول من يوم ما مامتها أتوفت.

وصلوا وكان كل شيء يدُل أن محدش ساكن في المكان أصلًا! ودَ لأنهم في فصل الشتا، وقبل ما اليأس يتملك منهم كانوا شافوا طيف لأمل جاي من بعيد، أمل في في حد جوه فعلًا، بس أتبخر الأمل دَ في ثواني أول لما شافوا أن ليل جوه فعلًا بس مرميه على الأرض! الكل جري عليها وصوت الشهقات والصراخ هو كان سيد الموقف، وبعد فحص من عمار اللي قلبه كان على وشَك الخروج من مكانه أتنقلت للمستشفى في أقل من نص ساعة لأنها كانت قاطعة النفس!

عمار:أنا..أنا دكتور عمار، الكارنية أهو، هدخل معاها.

بعد مناقشات وزعيق وتصميم رأي دخل معاها العمليات، دقايق وكان الدكتور خرج من اوضة العمليات بسرعة عشان ياخد أقرار من أهل ليل.

-لازم تعمل عملية أستئصال ورم حالًا.

وبدون أي تفكير قال حسام: أعمل يا دكتور، أعمل أي حاجة بس البنت تكون كويسة.

خَد الأقرار وفعلًا بدأ في العملية، وفي لحظة كل حاجة وقفت، الدنيا سكنت، الهواء بقى بارد بطريقة ترعش الوجدان، وصوت تصفير الجهاز هو اللي بيضوي في الأوضة ومعاه صراخ عمار.

-ال...الجهاز بيقف! قلبها بيقف! حد يعملل حاجة، حد يتحرك.

-خرجواا براا حالًا، أنعش القلب بسرعة...صدمات كهربائية....

كانت دِ أخر حاجة سمعها عمار قبل ما يخرج من أوضة العمليات.

-في أيه يا عمار؟ مالك؟ خرجت ليه؟ في أيه؟

-ليل مالها؟ حصل أيه أنطق!

كان خارج جسمه كله متخشب، وملامحه ثابته بطريقة غريية، ومنغير أي أدراك منه قعد على ركن جمب الحيطة وبدأ يبكي ومن بين بُكاه قال اللي وقف كل الكل.

-ماتت! قلبها وقف قدام عيني! ليل سبتني ومشيت!مشيت بعد ما أتعذبت في حياتها، مشيت منغير ما تاخد نصبها الحلو من الدنيا، كانت على طول بتقولي أنها بتحبك يا عمي، كانت بتقولي أنها نفسها تحضنك بس خايفة، كان نفسها تحس يعني أب بيحب بنته وعارف يحتويها، كانت نفسها تجرب تقولك يا ماما يا طنط سعاد، كان نفسها تترمي في حضنك وتيجي تشتكيلك مني ومن أبوها ومن العالم كله، كان نفسها حد يسمعها، كان نفسها تحس بأمان ودفى وسطم، كانت...كانت بتحبك يا ليله، كانت بتقولي أنك عوض ربنا ليها، كانت بتقولي أنها نفسها تفرحك زي ما بتفرحيها، كانت بتحبنا كلنا ومحدش حسسها بالحب أبدًا..

بعصبية وعنف صرخت سعاد:لااا...لااا بطل هبل، مين دِ اللي ماتت؟ ليل ماتت؟ ماتت أزاي؟ ماتت أزاي هااا؟ أزاي وأنا...وأنا لسه محضنتهاش..لسه مقولتلهاش أني بحبها، لسه معوضهاش عن الأيام السودا اللي عاشتها، لااا..أنت...أنت كداب بنتي عايشة..بنتي اللي ربتها من وهي عيلة خمس سنين عايشة، بنتي اللي كبرت قدام عنيا عايشة، بنتي اللي جالها المرض الملعون دَ وقدرت عليه عايشة، بنتي مماتتش بقولك بنتي عايشة متقولش كده...

وبخطوات تقيلة قربت ليله من عمار، وبهمس قالت: هي...هي بجد ماتت؟ بجد يا عمار ليل سبتني؟ طب..طب سبتني لمين؟ هي عرفه أني مليش غيرها..هي عرفه أني منغيرها مش هعرف أعيش..هي قالتلي أنها مش هتسبني! أزاي يا عمار؟ أزاي سبتني كده؟ أزاي أنطق....

صرخت بأخر كلماتها بقهر.

أما حسام، فَبتقل العالم وقف وقال: لا إله إلا الله، لك الأمر من قبل ومن بعد.

نص ساعة عَدت عليهم زي السنين، الكل مش قادر ينطق، محدش رجله شيلاه، ولحد دلوقت جثة ليل مخرجتش!

أخيرًا الدكتور خرج، وبخطوات تقيله ولسان رافض ينطق قال حسام: تصريح الدفن هيطلع أمتى؟

- تصريح أيه؟ البنت عايشة والعملية نجحت الحمد لله.

وتقريبًا لما قالوا جملة أن شوية كلام ممكن يدبوا فينا الروح من تاني كانوا يقصدوا الجملة دِ بالتحديد، الدنيا سكنت من تاني، بس نسمة الهوا الباردة كانت قادرة تنعشهم وتثبت لهم أنهم مش بيحلموا، ولا أنهم بيخرفوا مثلًا! بعد ثواني من الصمت كان حسام صوته بيضوي في المستشفى بأسم عمار وقال: أوماال أومال أيه اللي أنت قولته دَ يا حيوان!

خلص كلامه بكف أيده وهو بينزل على خَدّ عمار، الحقيقة أن عمار مهتمش للقلم اللي خده وقال: القلب...القلب وقف قدام عيني..النبض وقف قدام عيني يا دكتور. ومكنتش قابله الصدمات!

-دِ حقيقة فعلًا، بس بعد ما خرجت قلبها أستقبل الصدمات الكرهبائية وقدرنا ننعش للقلب من جديد، حمدالله على سلامتها.

حزن وفرح، وسعادة ملهاش حدود ومشاعر كتير كانت ملخبطة كيانهم، ليله أول ما أتاكدت من الخبر صرخت من الفرحة، وسعاد روحها أتردّت فيها تاني، أما حسام فسجد شكر لله، مشاعر كتير ملهاش تفسير، بس كل اللي كانوا حاسين بي وقتها هو كرم ربنا عليهم.

وبعد 24ساعة تقريبًا ليل فاقت، ومع ألحاح منهم؛ كلهم دخلوا ليها العناية المركزة لمدة خمس دقايق.

حسام قرب منها خطوتين، ولأول مرة يخدها في حضنه، خدها في حضنه وبكى، بكى من كل قلبه على كل لحظة غبية ضيعها من أيده منغير ما يشبع من بنته، بكى بعد ما عرف أنه ممكن في لحظة يخسرها ووقتها هيندم على كل لحظة مَرت عليه وهو بعيد عنها، بكى على كل شعور حلو كان نفسه يظهره ليها ولكن كان بيخبي بسبب هو نفسه مش عرفه!

-سمحيني يا ليل، سمحيني عن كل شعور وحش حسيتي بيه بسببي، سمحيني بسبب شعور النقص اللي كان محاوطك بسببي.

                         ****************

NORA SAAD

بعد مرور أسبوعين.

                                    "هي"

خرجت من المسشفى أنهاردة، من يوم ما فوقت وكل حاجة متغيره، سعاد مش بتسبني تقريبًا، كل خمس دقايق بتيجي تبص عليا وتسألني لو محتاجة حاجة وتمشي، بابا أتغير معايا180° بقى...بقى كل ما يجي يخدني في حضنه! قبل ما ينزل يبوسني ويحضني ويوشفني لو محتاجة حاجة ويمشي! كل كام يوم يجي يقعد معايا ونقعد رغي في أيوحاجة وبعدين يسبني أرتاح! هوو..هو بجد أيه اللي حصل؟ أيهواللي حولهم بالشكل دَ!

خرجت من تفكيري على صوت الباب اللي بيخبط، وقبل ما أنطق كانت دخلت أصلًا! كالعادة يعني ليله كل مرة بتيجي تخبط وبعدين تتدخل منغير ما تسمع رد مني! وقبل ما أتكلم كانت هجمت عليا وحضنتني جامد وهي...وهي بتبكي!

-وحشتيني يا ليل.

فضلت في حضنها وبعدين خرجت من حضنها وأنا بقول: ما أنتِ معايا كل يوم في أيه؟

قعدت قصادي وهي بتربع رجليها وقالت: مش عرفه حسيت أني عايزة أحضنك وأقولك كده.

وقبل ما أرد كان عمار كمان جيه وأنضملنا.

-يا أهلًا باللي مطلعه عنينا معاها.

-ليه بقى أنا عملت أيه؟

وبعدين هو في أيه؟ من يوم العملية وفي حاجة غلط هو حصل أيه؟ وأنتوا يعني...عرفتوا مكاني منين؟

الحقيقة أن عمار قعد زينا وقال: عرفنا مكانك منين، الحقيقة بفضل سعاد هي اللي أفتكرت مكان الشاليه، وبفضلها برضه لحقناكِ في الوقت المناسب.

كملت ليله وقالت: أما بقى ليه متغيرين عشان عرفنا قمتك عندنا يا ست ليل.

-دَ اللي هو أزاي؟

-أبدًا أصلك موتي ورجعتي تاني.

خلصت كلامها وعمار ضربها في المخده وهو بيزعق فيها.

-ملافظك يا بهيمة، وبعدين دَ كلام يتقال دَ؟!

ضحكت وقالت: الله مش دِ الحقيقة.

ابتسمت وأنا بفتكر مشهد مَر في خيالي وبعدين سألت: هو دَ بجد؟ موت أزاي.

رد عمار: آه بجد يا ليل، قلبك وقف قدام عيني في أوضة العمليات وخرجت قولت لهم أنك بعد الشر موتي، وبعد نص ساعة من موت روحتا معاكِ خرج الدكتور وقال أنهم قدروا ينعشوا قلبك بعد ما أنا خرجت

ابتسمت للموقف الغريب اللي حصل، وقررت أني أحكيلهم أنا كمان وقولت: طب تعرفوا أني أنا ماما.

ابتسمت ليله وهي بتحط أيديها على خدها وقالت: بجد؟ أمتى وفين؟

غمضت عيني وبدأت أفتكر المشهد وبدأت في سرده زي ما موجود في خيالي تمام.

-شوفت ماما واقفه على سلّم، ولابسة فستان أبيض جميل أووي، بس السلّم كان طويل جدًا وعالي أووي، أول لما شوفتها جريت أول درجات السلم بكل قوتي، كنت بنده عليها وبعيط! كنت بعيط وبتشكي لها من كل حد أذاني، وهي كانت كل ما تسمع مني تبتسم وبس، وصلت لحد نص السلّم وبعدين تعبت! تعبت وقعدت على السلم وكملت عياط، بس هي نزلت ليّ! نزلت ليّ درجات السلّم وجت قعدت جمبي وقالت:أنتِ بتعيطِ ليه، مش كل حاجة هتتحل بالبُكى والحزن، لازم يكون نفَسك طويل عشان تعرفي تكملي، أرجعي وحاولي من الأول يا ليل. 

وقبل ما أتكلم وأقولها أني ببكي عشان مش عرفه أوصلها كانت سبتني وطلعت درجات السلّم تاني! كانت بتبعد بسرعة غريبة، وأنا ببص لها ومش عرفه أعمل أيه، وفي الأخر مسحت دموعي وقررت أني هرجع تاني، الدرجات اللي طلعتها قليله هعرف أنزلها تاني، لكن الدرجات اللي فاضله عشان السلم يخلص مش واضحه ومش باين لها ملامح، وفعلًا مسكت فستاني ونزلت وبعدها صحيت وكنتوا حواليا.

فتحت عيني بعد ما خلصت سرد، كانوا الأتنين بصين عليا وعلى ملامحي بتركيز وبيبتسموا!

ضحكت على شكلهم وقولت: أنتوا مالكم في أيه؟

قرب مني عمار وجيه جمب ودني وهمس: بقولك أيه ما تخفي بسرعة بقى عشان الفرح مستنيكِ، وعايز ادوز يابا الحج.

                         ****************

NORA SAAD

                                    "هي"

بعد سنتين، بعد سنتين من محاربة المرض الملعون اللي أسمه الكانسر أنتصرت، أنتصرت وربنا عوضني، ربنا عوضني عن كل لحظة غامقة في يوم عشتها، عوضني ببيت دافي، عوضني بأم معرفتش يعني أيه حنان غير في حضنها، عوضني بأب حضنه بيحميني من أذى العالم كله، ربنا عوضني بزوج كل معنى الحب تتمثل في صورته، ربنا عوضني عن كل خراب العالم بصديقة حضنها ملجأ ليا من كل حاجة ممكن تكون بتوجع، ربنا عوضني في شغلي وأني أخيرًا وبعد سنين من الحلم والسعى بقيت أصغر وأشهر طبيبة أورام في مصر والعالم كله، بفضل ربنا وبكرمه عليا أنتوا جاين من كل مكان في العالم عشان تشوفوني، عشان تشوفوا أصغر طبيبة أورام وهي بتتكرم، والحقيقة أني بشكر مرضي، بشكره عشان لولاه أنا عمري ما كُنت هكون هنا، ولا كان هيبقى معايا الناس اللي حرفيًا روحي بقت متعلقة بيهم، حقيقي شكرا من قلبي على أبتلائي بمرض السرطان.


بعد كل ضيق وأبتلاء، يوجد فرج من الله لك، فلا تيأس أبدًا ولا تستسلم لضجيج رأسك، ووسواس شيطانك، فَ الله يعلم بما تمُر بهِ، ويجهز لك عوض يليك بك يا عزيزي.

تمت#

#بدون_عنوان

بقلم:  

NORA_SAAD#


هستنى رأيكم وريڤيو بالرواية بفارغ الصبر، وحقيقي كلامكم ورأيكم النهائي اللي بيكون أخر كل رواية هو اللي بيشجعني وبيخليني أكمل، عايزة رأيكم في الأحداث، وطريقة السرد، من الأخر كده عايزة رأي تفصيلي بالنوڤيلا ولو في أنتقاد أو أي تعديل كنت حابب تشوفه، متبخلوش عليا برأيكم يا قمرات♥


 

تعليقات

التنقل السريع