رواية الهزيمه البارت الخامس والسادس بقلم هنا عادل في موسوعة القصص والروايات جميع الفصول كامله وحصريه
رواية الهزيمه البارت الخامس والسادس بقلم هنا عادل في موسوعة القصص والروايات جميع الفصول كامله وحصريه
رواية الهزيمه البارت الخامس والسادس بقلم هنا عادل في موسوعة القصص والروايات جميع الفصول كامله وحصريه
الهزيمة
الفصل الخامس
المهجورة!؟
أيوة ياجماعة المستشفى طلعت مهجورة، مش عارف ازاي، لكن اول ما قربت ناحيتها لقيت الباب بتاعها مقفول وعليه اكوام تراب، غير جزء من ازاز الباب مكسور، شبابيك المستشفى كلها مقفولة ومنها اللى الازاز بتاعها مكسور غير التراب اللى عليه، المنظر عامل شبه البيوت اللى بتيجي فى افلام الرعب الاجنبي كده، كدبت نفسي ومن جوايا هموت من الخوف، قربت اكتر يمكن الاقى اي حد يفيدني، بس مفيش اثر لأى خيال حتى معدي، انا مش مستوعب الموقف، هي اه التعامل فيها كان غريب سواء من استقبال او تمريض ااو حتى دكاترة لكن مش هتوصل لأنها تتهجر بالشكل ده فى ليلة، ولا حتى هيكون انا وصاحبي اتهيألنا اننا روحنا مستشفى، طيب الجرح بتاعه اللى اتخيط؟! طيب الكدمات اللى اتعالجت؟! الادوية اللى اتجابت؟ كل ده ايه؟ خيال! حلم؟! كابووووووس...اللى بيحصل ده كابوس، لقيت نفسي حرفيا بجري كأني فى سباق بجري ناحية الطريق العمومي لو عليا عايز اطير واوصل البيت اطمن على اسلام اللى معرفش عنه حاجة من الصبح، وعلشان اهرب من المكان كله والمنطقة، ولو امكن كمان همشى من البلد دي اصلا وارجع بلدي تاني، واخيرا وبعد وقت طويل حسيت فيه اني بلف حوالين نفسي وصلت للطريق، ووقفت فترة استنى عربية لحد ما وصلت اخيرا.
اسلام واقف على الباب بيكلم نفسه بعد ما ماريا مشيت وبيقول بصوت واطي:
- انا ايه بيحصل فيا لما بشوفها؟ غريبة يعني ده مش العادي بتاعي، هو سامي عنده حق ولا ايه؟ يظهر كده ان الواقعة اثرت عليا.
قال اسلام لجملة دي وهو واقف باصص مكان ماريا ماكانت موجودة وبعدين فاق لنفسه وقرر يدخل ويقفل الباب، راح على الحمام ياخد دش وطلع علشان يروح ناحية تليفونه يتصل بسامي، لكن قبل ما يتصل هو كان الباب بيتفتح وسامي بيدخل وهو عامل دوشة وازعاج بيدور على اسلام وبينادي عليه بصوت عالي.
اسلام:
- فى ايه يابني مالك؟ ايه اللى جابك بدري؟
سامي بخوف:
- اسلام، ايه اللى حصل معاك امبارح على السطح؟
اسلام بأستغراب:
- طيب مالك انت فيك ايه؟ وشك اصفر، حصل ايه؟
سامي:
- بقولك احكيلي ايه اللى حصل بعد ما طلعت مع الراجل الغريب ده؟
اسلام وهو بيسحب سامي علشان يقعد على الكنبة وقعد جنب وبدأ يحكي:
- انا طلعت معاه وكنت بتكلم فى اننا من وقت ما جينا المنطقة محدش بيتعامل معانا ولا بنشوف حد، كان سامعنى بس فضل ساكت مش بيرد عليا، المهم اول ما طلعت السطح وقفت فى النص وبقوله فين اخوك؟ وفين البيت اللى ساكن فيه؟
سامي:
- وبعدين؟ قالك ايه؟
اسلام:
- اول ما بصيتله لقيته باصص ناحيتي بصة غريبة كده ومرسوم على وشه تكشيرة تخوف واتكلم وقال:
- أخويا تحت منك، وساكن فى مكانك، وانت عليك القصد، وأنت اللى اذيت نفسك.
أسلام:
- قبل ما ارد او اقول اي كلمة ياسامي، لقيته بدأ يبتسم بسماجة كده وفضل واقف مكانه وباصصلي، ولسه هتكلم حسيت بحاجة بتزقني لورا رغم ان هوا كان واقف فى مكانه قصادى على بعد خطوات، ثابت فى مكانه وانا اللى عمال اتحرك لورا مش عارف اتمالك نفسي، كنت مصدوم ومش عارف اقاوم، كنت برجع لورا وفيه حد متعمد يزقني لورا بمنتهى القوة، ومجرد ما وصلت لسور السطح أتحدفت ومن صدمتى وانا شايف نفسي بقع ومن اللى حصل مقدرتش اصرخ، بس كل اللى حصل انا بقع ووشي لفوق وشايف نصر ده ولا مش عارف هو مين واقف يتفرج عليا من على سور السطح ومش لواحده، كان فيه جنبه حد تاني برغم ان لاخر لحظة مكانش فيه غيري انا وهو بس على السطح، مش عارف اللى جنبه ده كان شخص حقيقي ولا انا كان بيتهيألي من اثر الصدمة ومن الخوف!
سامي:
- وبعدين؟!
اسلام:
- ولا قبلين، اتهبدت على الارض وحسيت اني بموت مجرد ما دماغي اتهبدت بقوة الوقعة، واخر حاجة شوفتها ابتسامة الشخصين اللى كانوا واقفين على السطح لدرجة ان اسنانهم كانت ظاهرة بوضوح فى الضلمة، وعنيا قفلت مفتحتش تاني غير فى المستشفى.
سامي:
- علشان كده قولتلي ان مش نصر اللى وقعك؟
اسلام:
- مش فاكر الحقيقة، لكن لو قولتلك كده فهو فعلا مش اللى وقعني، انا مش عارف ازاي كانت فيه قوة دفع متحكمة فيا بالطريقة دي؟
سامي بخوف:
- لأن المكان ده مفيش فيه حد غيري انا وانت، لأن المكان ده مفيش بني ادمين عايشة فيه غيرنا، لأن احنا مالناش جيران يا اسلام، لأن احنا وقعنا فى فخ كان ابعد كل البُعد عن تفكيرنا فى عمرنا كله.
اسلام بأستغراب:
- مش فهم قصدك؟
سامي بتوضيح وخوف:
- اسلام، المكان ده مهجور من سنين، والمستشفى اللى احنا كنا فيها امبارح مستشفى مهجورة، واللى كان ساكن هنا من قبلنا هو احمد فتحي، اللى الناس بيقولوا عليه مجنون وعقله على قده، أحنا فى مكان مسكون يا اسلام والبنت بتاعت امبارح حاولت تفهمنا ده بس احنا اغبيا.
اسلام مصدوم من اللى بيسمعه:
- سامي الكلام ده مش حقيقي اكيد، مسكون ايه ياعم انت؟ الكلام ده خرافة.
سامي:
- أنت عارف اني مش بقتنع بكل ده، لكن على فكرة دى الحقيقة، كل حاجة بتقول كده، البنت بتاعت امبارح، نصر واللى حصل معاك، يوسف نفسه قاللي ان المكان ده حصل فيه حادثة من سنين ومحدش خرج منها عايش، والمصنع بيأجر هنا علشان المكان رخيص واصحابه ما بيصدقوا يستفادوا منه، احمد فتحي نفسه قاللى اننا بقينا مرصودين بسبب اللى انت قولته والمشكلة اللى حصلت بينا، اما انا بقى يا بيه روحت المستشفى اللى اتعالجت فيها انت بليل ولقيتها مهجورة...وباين عليها مهجورة من زمان ملقيتش هناك صريخ ابن يومين.
أسلام فاتح عنيه على اخرها، لكن سامي بعد عنيه عن اسلام وبص اتجاه تاني وهو بيقول:
- ايه القطة دي يا اسلام؟
كان اسلام سرحان فى الكلام اللى سمعه وعلشان كده كررت سؤالي مرة تانية:
- ايه يا اسلام القطة دي؟
ركز اسلام معايا وقاللي:
- ها، قطة ايه؟ فين دي؟
قالها وهو بيبص مكان ما انا باصص وبقوله:
- اهي واقفة عند باب اوضتك.
ركز اسلام وقام وقف وهو بيمسك ركبته اللى وجعاه، لف وبص للقطة اللى كانت برغم حجمها الضخم الا ان شكلها مُلفت جدا، وده خلاني اقف مستغرب من امتى اسلام بيحب الحاجات دي، ده بيقول انها مينفعش تبقى فى البيت هى والكلاب، لكن صدمني اسلام وهو بيقول:
- دي جت امتى؟ ومنين؟ انا مدخلتش قطط البيت؟
سامي بأستغراب:
- لاء متهزرش، دى مش قطة شوارع، باين عليها قطة غالية اوي.
كل ده بنتكلم فيه وهي واقفة مكانها مش بتتحرك، بس اسلام اتكلم وقال:
- تصدق ممكن دخلت وقت ما ماريا كانت هنا.
سامي:
- ماريا مين؟
اسلام:
- البنت بتاعت امبارح، جت تطمن عليا.
سامي بذهول:
- جت هنا؟! واسمها ماريا كمان؟ هى مش مصرية ولا ايه؟
اسلام وهو باصص للقطة:
- يابني الجمال بتاعها ده مستحيل يكون مصري، البنت دي اجنبية.
سامي:
- وكأن بنات مصر مش على هواك ياسي اسلام، عموما ما علينا، وانت ازاي متاخدش بالك ان قطة بالحجم ده دخلت البيت، ولا كنت مشغول ساعتها يا خلبوص.
اسلام بأبتسامة:
- مشغول فى ايه بس؟ ده انا وقفت قصادها شبه البطة البلدي، فضلت متنح لحد ما فوقت لقيتها مشيت، علشان كده بقولك ممكن تكون القطة دخلت وانا واقف سرحان.
سامي:
- طيب ياعم السرحان، احنا دلوقتي لازم نمشي من هنا، مش هينفع نفضل فى المكان ده بعد اللى سمعناه.
اسلام:
- طيب ايه رأيك نطلع نبص بصة على البيوت اللى جنبنا ونحاول نوصل لأى حد نعرف منه ايه حكاية المكان ده؟ يمكن على الاقل نفهم بدل ما نمشي واحنا مش عارفين اللى اتقال ده صح ولا لاء.
سامي:
- هتقدر تطلع معايا يعني؟
اسلام:
- هطلع، بس القطة دى احنا لازم نخرجها من البيت، مش هينفع تفضل هنا.
سامي:
- لاء يا اسلام دى جميلة، خليها ياعم وانا هشيلها فى اوضتي مش هطلعها منها علشان لما تحب تصلي تبقى براحتك فى اى مكان فى البيت.
اسلام:
- طيب خلينا نطلع دلوقتي ولما نرجع نشوف هنتصرف معاها ازاي.
فعلا خرجت انا واسلام من البيت وقفنا على باب الشارع، طلع المكان غريب نهار وليل والله مش ليل بس، مفيش حد ماشي، مكان مفيش فيه روح كده، لقينا بيت على اول الشارع الشباك بتاعه مفتوح، وده اللى قررنا نروح نشوف السكان اللى فيه يمكن حد يقدملنا اى معلومة تفيدنا فى اللى حصل ده كله، مشيت انا واسلام وانا حاسس انى عايز استخبى جوة هدومه من الخوف، اه بحاول اتماسك لكن بصراحة من جوايا برتجف، روحنا عند البيت وخبط اسلام على الشباك لانه فى الدور الارضي، فضلنا على الحال ده شوية وقت لحد ما طلعت من البيت واحدة ست لابسة حجاب، ووشها اية فى الجمال، وبصوت هادي وكله حياء:
- سلام عليكم، خير فيه حاجة؟
انا واسلام بصينا لبعض اولا من الاحراج، ثانيا ان ست كبيرة تخطيت الخمسين تقريبا تكون بالجمال ده، لكن اسلام بهدوء اتكلم وعنيه مش بصالها:
- معلش يا حاجة، احنا ازعجناكي بس فيه حاجة مهمة عايزين نعرفها ومش عارفين نوصل لأى حد من سكان المنطقة.
الست:
- لاء يابني ولا يهمك، اتفضلوا طيب مش هينفع تفضلوا فى الشارع كده.
سامي:
- لالا، نتفقضل فين؟ ده هو سؤال كده على الماشي.
الست:
- مش عادتنا يابني اننا نقابل الضيف فى الشارع، اتفضلوا خدوا واجبكم واعرفوا اللى انتم عايزينه، وتقدروا تمشوا بعد كده براحتكم.
اسلام قرر يوافق على طلبها، وانا بعيد عن الاحراج كنت خايف الحقيقة، لكن كده كده صاحبي معايا يعني مش لواحدي، واضطرينا ندخل، البيت جميل اووووى ومريح وهادي جدا، ريحة الفل والياسمين مالية البيت من اول الباب بتاع الشارع لحد المندرة اللى قعدنا فيها، استقبلتنا بأبتسامة وبكامل حجابها، وقالت:
- مرحب بيكم، دلوقتي ابني جاسم ييجي تتعرفوا عليه.
سامي:
- يعني فيه سُكّان اهو، اومال ايه الرعب ده بقى؟
الست:
- يابني الحكاوي كتير، لكن طول ما انت مسلم امرك لله ومستعين بيه وبرسوله يبقى متشغلش بالك بأى حاجة تسمعها.
سامي:
- ياست ده قالوا المكان مسكون.
الست:
- لاحول ولا قوة الا بالله، يابني مين اللى قال كده بس؟
سامي:
- والمسيح ياست كل اللى حصل واللى اتقال من امبارح والنهاردة ان المنطقة دى مسكونة، حتى اللى شوفناه بعنينا يقول كده.
الست:
- انت مش مسلم؟
حسيت بأحراج للحظات، لكن رجعت رديت عليها بثقة:
- ايوة مش مسلم.
الست:
- حتى لو مش مسلم، المهم ان قلبك جواه ايمان بربنا، وده لواحده كفيل انه يخلي اي مخلوق على وش الارض يبقى مطمن.
بصراحة حسيت براحة فى كلامها، واسلام كان بيسمع ومحرج اننا قاعدين مع الست وهى فى البيت لواحدها لكن هي لما حسيت بده لفيت قالتله:
- يابني انا زى والدتكم، اعتبروا نفسكم فى بيتكم، بس خلوا بالكم زى ما انا موجودة وممكن اعتبركم زى ولادي، فيه جيران تانية موجودين وممكن يعتبروكوا اعداء ليهم، مش بس كده لاء ده ممكن يفكروا انكم جايين تعتدوا على حرماتهم كمان.
اسلام بذهول:
- حُرمات ايه بس ياست؟ ده احنا فى حالنا لدرجة اننا منعرفش اذا كان فيه ناس عايشة فى الشارع ده ولا لاء رغم اننا هنا من سبع شهور، انا خبط عليا واحد امبارح وقال انه جاري، وبعد ما رحبت بيه كان سبب فى اللى حصل فيا ده، اذاني رغم انه لا يعرفني ولا اعرفه، اذاني رغم انى رحبت بيه.
الست بأستغراب:
- مين ده يابني؟ اسمه ايه؟
اسلام:
- قال ان اسمه نصر.
الست:
- اعوذ بالله من غضب الله، اعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
يتبع
الهزيمة
الفصل السادس
اول ما الست قالت كده بصيت انا واسلام لبعض وخوفنا زاد وظهر علينا بس اسلام حاول يتجاهل خوفه ويسأل:
- هو فى ايه بالظبط؟ انا من امبارح عايش في كابوس مش فاهم منه حاجة.
الست:
- ينفع توديني بيتك؟ وهناك كل حاجة هتبان.
اسلام:
- اه طبعا.
سامي:
- مش هيحصل مشكلة لو حضرتك جيتي معانا هناك؟ اصل من البداية سمعنا ان العرب مش بيتعاملوا مع اغراب.
الست:
- جاسم ابني هيحصلني لما يوصل، خلينا بس نشوف فى ايه عندكم يمكن اللى انتم فيه يبقى بسيط ويتلحق.
فعلا اخدنا الست اللى عرضت علينا مساعدتها وروحنا للبيت عندنا، الدنيا نهار والشمس طالعة لكن مفيش مخلوق ماشي فى الشارع غيرنا، انا مش فاهم ايه المنطقة اللى فجأة حسستني اننا جوة غابة اشباح دي، المهم دخلنا البيت احنا التلاتة واول ما الست دخلت من عتبة البيت لقيناها بتقول:
- أعوذ بالله، رب الخير لايأتي الا بالخير، انصرف وارجع مكانك.
حسينا بأننا بنتفرج على مشهد فى التليفزيون مثلا فرديت قولتلها:
- ايه فيه عفريت يا حاجة ولا ايه؟
اسلام:
- هو حضرتك شايفة ايه احنا مش شايفينه؟ هو ايه حكاية المكان ده طيب.
الست:
- مش لازم كل حاجة تتشاف ياولادي، فيه حاجات ريحها تقيل ووجودها يتحس بيه، والبيت ده المفروض محدش يعيش فيه، لأنه مش سليم.
سامي:
- ايووووة بقى، مش سليم علشان حوار الحريقة بتاعت المستشفى؟ ولا فيه حاجة تانية غير كده؟ وحتى لو فيه، طيب ما انتم ساكنين اهو فى نفس المنطقة ونفس الشارع يعني المشكلة فى البيت مش فى الشارع، صح ولا ايه؟
الست:
- اللى حصل كان سبب، لكن البيت ده بالذات الارواح اللى سكنته كانت مش طاهرة، ارواح خبيثة ورفضت انها تستسلم للنهاية المأساوية اللى حياتهم انتهت بيها، ارواح فى الدنيا كانت تستاهل الحرق، وعلشان كده بعد الحادثة كمان فضلوا متمردين وده ساعدهم على انهم يفضلوا بين عالمين بسبب عدم ارتياح ارواحهم، ومن الحاجات اللى بترضيهم وبترضي ارواحهم هما انهم يعذبوا غيرهم حتى لو محدش منهم له ذنب فى اى حاجة حصلت معاهم وقت الحادثة.
اسلام بأندهاش:
- طيب ينفع حضرتك توضحي اكتر، معلش أحنا هنتقل عليكي.
الست:
- خلي جاسم ابني ييجي هو يحكي، لكن اللى انا هقدر افيدكم بيه هو اني ابعدكم عن البيت ده، وبأسرع وقت تدوروا على مكان تاني، البني ادمين مش بيعرفوا يعيشوا فى المكان ده، ومداد اذاهم ابتدا يظهر يبقى تلحقوا نفسكم قبل ما يحصل فيكم زى اللى حصل للى قبلكم.
سامي:
- احنا كان لينا واحد صاحبنا ساكن هنا قبلنا، بس هو مقالش حاجة لينا، بالعكس افتعل معانا مشكلة وهددنا، ومن بعدها واحنا الدنيا اتقلبت فوق دماغنا.
الست:
- أأأأه، اكيد تقصد احمد، عارفاه، ده غلبان.
سامي بأنفعال:
- هو مين اللى غلبان؟ ده مجنون وشكله سبب اللى احنا فيه ده، لأن احنا بقالنا سبع شهور هنا مشوفناش فيهم اى حاجة غريبة.
فى اللحظة دي دخل علينا شاب سبحان الخالق، بشرته سمرا، عنيه سودا وكأنها متكحلة، ورغم أن اسلام يعتبر ضخم الا ان جاسم كان فى حجم اتنين من اسلام، لكن كان وسيم برغم ان ملامحه قوية لكن له هيبة خلتني انا واسلام للحظة نقلق من رد فعله لما يلاقى امه واقفة معانا لكن هو اول ما دخل كان فى منتهى الهدوء:
- السلام عليكم، طلبتيني يا امي.
الست:
- عليكم السلام، تعالى يا جاسم، الشابين دول أبتدوا يتأذوا من المكان، وظهرلهم نصر.
جاسم:
- أه عرفت يا امي.
سامي:
- عرفت منين؟
اسلام:
- طيب احنا ممكن نقعد بقى علشان واضح ان الكلام هيطول، وتحكيلنا على راحتك يا جاسم.
جاسم بهدوء:
- انت بخير دلوقتي يا اسلام؟
سؤاله خلانا نفتح عنينا على اخرها، هو عرف ان ده اسلام منين؟ والدته مقالتش اسامينا، هو لاحظ استغرابنا فقال:
- اتفضلوا نقعد بقى، وانا هجاوبكم على كل حاجة.
روحنا قعدنا ووالدته قالت:
- انا هدخل اشوف الأوض لو مش هيدايقكم لحد ما جاسم يتكلم معاكم.
سامي:
- اتفضلي يا حاجة، بيتك بقى، ده انتي عارفاه اكتر مننا.
دخلت الست مع ابتسامة هادية كده، ولقينا جاسم قعد هو قبل ما احنا نتحرك من مكانا، بصيت لأسلام لقيته اتحرك وقعد جنب جاسم واضطريت اروح انا كمان اقعد معاهم، مستني اعرف ايه المصيبة اللى احنا فيها دي.
جاسم:
- اسمعوني كويس، المكان ده مفيش حد جه سكن فيه من بعد الحادثة غير ناس من المصنع بتاعكم، ومعظمهم خرجوا من البيت والمنطقة والمصنع نفسه وهربوا بنفسهم قبل ما يحصل فيهم زى ما حصل فى احمد فتحي.
سامي:
- حصل فيه ايه بقى؟
جاسم:
- المكان ده من وقت الحادثة ولانه اقرب بيت للمستشفى فأكتر مكان كانت الأرواح اللى حسيت برفض نهايتها بتلجأ له، لأن عدم رضاهم بنهايتهم خلاهم مش مستقرين فى العالم اللى اتنقلوا له، وفي نفس الوقت هما كمان مالهمش مكان فى العالم بتاع الأحياء، وعلشان كده ابتدوا يحاوطوا البيت بالتدريج وبتصرفات مخيفة قدروا يخلوا سُكّان البيت يسيبوه ويمشوا من المكان كله، لكن ده مكانش كفايا ليهم، لان فيه اكتر من شخص حاول انه يصرف الارواح دى من البيت لكن هما وغضبهم كانوا اقوى من المحاولات دي، وعلشان كده قدروا يستعمروا البيت، وغضبهم كان اقوى من محاولات الانس فى صرفهم.
اسلام بتوتر:
- وبعدين؟ حصل ايه تاني بقى؟ انا بسمع كأني بسمع حدوتة.
جاسم بهدوء:
- مع الوقت ومع غضبهم بقى اى حد غريب ييجي يعيش فى البيت تحصل معاه حاجات مخيفة ويسمع اصوات مرعبة تخليه يهرب من البيت بعد اسبوع ولا عشر ايام بالكتير، علشان كده انا كنت مستغرب ان انتم قضيتوا الفترة دي كلها من غير ما حاجة تحصل معاكم.
سامي بأستهزاء:
- يعني احنا كنا عايشين مع عفاريت؟
جاسم:
- مش عفاريت، دى ارواح معذبة، لكن خبيثة، بسبب خوفهم من النهاية رافضين يستسلموا، عارفين ان اللى عملوه فى الدنيا عذابه هيكون صعب، وعلشان كده رفضوا فكرة الاستسلام للنهاية واحيانا اللى بيموت بطريقة مش طبيعية بيكون عنده رفض للعذاب اللى اتعرضله فى نهاية حياته وعلشان كده روحه مش بتعرف تكون مستقرة.
سامي:
- وكل اللى سكنوا البيت الارواح اللى مستقرتش مفيش فيهم ولا روح كانت عدلة، كلهم كانوا خبثا.
جاسم:
- اللى روحه خبيثة بيخاف من النهاية، لكن الأشخاص الطاهرة مهما كانت نهايتهم بيكونوا عندهم يقين بأن ربنا هيعوضهم عن الم نهايتهم دى بحاجة احسن بكتير فى العالم التاني، علشان كده بيستسلموا لأرادة ربنا بسهولة.
اسلام:
- وحصل ايه لأحمد بقى؟ وليه مهربش زي غيره؟
جاسم بأبتسامة:
- لأن احمد كان من الناس اللى مش راضية بحياتها، من الارواح اللى جواها خبث شبه الارواح اللى سكنت المكان، ولأنه بالنسبالهم همزة وصل بينهم وبين بني البشر، اللى كانوا بيتمنوا ان كلهم نهايتهم تبقى نفس نهاية الخبثا دول، والمفروض ان البشر كلهم يتعذبوا بنفس عذابهم، ولو مش بيتعذبوا فى موتهم يتعذبوا فى حياتهم لحد ما يخافوا فى يوم من الايام من النهاية، ويرفضوا ارادة ربنا فى الطريقة اللى هينهي بيها حياتهم، ولأنهم حوالين البيت فى كل لحظة قدروا يحسوا بأحمد واللى جواه، علشان كده عرفوا يستغلوه.
سامي بخوف:
- كمّل، احكي خلينا نهرب واحنا مرتاحين.
جاسم:
- أبتدوا يظهروا لأحمد متجسدين فى هيئة بشر، اتصاحب ععليهم واتصاحبوا عليه وابتدوا فى غوايته وقدروا يخلوه يبقى تحت سيطرتهم بسبب وهمهم له بأنهم يقدروا يحققوله كل احلامه، فى حالة واحدة بس... وهو انه يحرق كل البيوت اللى فى المنطقة.
أسلام بصدمة:
- مستحيل، اكيد معملش كده، وبعدين ليه يطلبوا منه ماهما ممكن يعملوا ده بنفسهم؟
جاسم:
- لانه لسه فى الدنيا، عنده فرص كتير يقدر يلحق بيها نفسه ونيته الخبيثة وضميره وطمعه لسه قدامهم فرصة الرجوع لربنا وارادته، وهما عايزين ده يحصل بأيد روح لسه فى الدنيا، علشان يضمنوا عذابه بذنب اللى عمله فى الدنيا وعذابه لما يرجع لنفس العالم اللى رفضوا انهم يستقروا فيه وده هيخلي عددهم يزيد كل ما الارواح اللى شبههم تزيد، ويقدروا بالشكل ده يستعمروا اكتر واكتر، وفعلا بخبثهم قدروا يقنعوه بالطرق اللى هيحرق بيها البيوت دي، رغم انه مالهوش علاقة بحد فيهم ولا حد له علاقة بيه، وفى ليلة من الليالي وبمساعدتهم قدر احمد فعلا يولع فى الشارع كله، بأيديه قدر يتسبب فى نهاية حياة ناس كتير مالهاش اي ذنب فى اي حاجة، وفى لحظة كانت المنطقة كلها عبارة عن جمرة نار، فى اللحظة دى وقفوا يتفرجوا على الناس اللى كانت بتحاول تهرب، ويسمعوا صوت الصراخ والخوف من الاطفال والمسنين والناس اللى خايفين على نفسهم وعلى اهاليهم وفى عنيهم نظرة الشماتة والغل، اما احمد كان خايف ومرعوب من المنظر اللى مكانش يعرف انه هيشوفه، وفي لحظة واحدة بقى يصرخ ويقول محدش يقربلي مش انا اللى عملت كده، هما اللى ولعوا فيكم، هما اللى طلبوا مني، هما اللى وزوني، وبقى يخرف ويهلوس لحد ما وقع من طوله، وعقبال ما وصل الموضوع للحكومة والاسعاف، كان ناس كتير اوي ماتت وناس اتلحقت بس عاشوا مشوهين، وناس تانية الصدمة اثرت على عقلهم بما فيهم احمد نفسه، لكن الغريب ان الحكومة مقدرتش توصل أن سبب الحريقة دى هو احمد نفسه اللى الصدمة خليته بالنسبالهم غير متزن نفسيا، وكانوا مش عارفين ايه اللى حصل بالظبط وعلشان كده التقرير اتكتب بأن الحادثة كانت بسبب ماس كهربائي فى صندوق الكهربا بتاع المنطقة، وبظهورهم لأحمد فى المستشفى ساوموه على انه يسيب بيتهم ويمشي يروح لحال سبيله وميخلصوش عليه فى حالة أنه يعمل نفس اللى عمله فى المنطقة فى المستشفى اللى هو محجوز فيها بعد الحادثة....والا هينهوا على حياته بأنهم يقدروا يخلوه يعترف على نفسه بلسانه وفى الوقت ده هيقفوا يتفرجوا عليه وهو بيحصل فيه زى ما حصل للى هو خلص عليهم بنفسه وشافهم وهما بيموتوا والعين.
سامي بصدمة:
- أنا مش قادر استوعب، احمد ده ولع فى امنطقة دى كلها؟ موت ناس مالهاش اي ذنب فى اى حاجة؟ طيب ليه؟ عملوله ايه؟ ساوموه بأيه علشان يخلوه يعمل كده؟ ايا كان المغريات اللى اتعرضت عليه، مفيش مبرر يخليه يقتل ارواح بريئة بالشكل البشع ده.
جاسم:
- اقنعوه انهم هيقدروا ينفذوله كل حاجة هو محتاجها ايا كان مدى صعوبتها، وهو تخيل انه ممكن يملك العالم بالطريقة دي، ميعرفش انهم يقصدوا أي حاجة فيها اذى وشر لناس تانية.
اسلام:
- وانا كنت واحد من الناس دي.
جاسم:
- أكيد طبعا.
سامي:
- هو فعلا نفذ اللى طلبوه منه مرة تانية؟
جاسم:
- أه طبعا، وللمرة التانية أحمد يبقى سبب فى حريق المستشفى اللى الحريقة اللى كانت فيه مأثرتش على ارواح، مجرد خساير وتشوهات لبعض الحالات، لكن المرة دى النجدة والاسعاف وصلوا قبل ما حد يخسر روحه، وللمرة التانية أحمد يكون من الناس اللى قدرت تكمل حياتها، لكن من بعد الصدمات اللى شافها وظهور الارواح اللى ماتت بسببه له فى كل الاوقات له أبتدا يفقد عقله ويكلم نفسه فى معظم الوقت، لكن لأن المصنع عندكم عارفين ان البيت ده كان لا يصلح لسكن لأى بني ادم قرروا انهم ميستغنوش عن احمد بسبب اقتناعهم بأنهم سبب فى اللى حصل معاه، ميعرفوش ان أحمد هو اللى عمل كل ده بسبب كرهه للى حواليه وغيرته من اى حد احسن منه، وطمعه.
سامي:
- انا ملاحظتش ابدا ده عليه غير لما واحد زميلي هو اللى قاللي.
جاسم:
- لان انتم اللى سكنتم فى البيت من بعده، ولأن هدف الارواح أنهم يوصلوا ليكم، ولأن هو همزة الوصل بينهم وبينكم بسبب الحصن اللى عليكم كان لازم يجتهدوا فى انه يفضل قصادكم بكامل عقله، وهما اللى كانوا بيتحكموا فيه طول الوقت اللى انتم اتعاملتوا معاه فيه.
اسلام:
- طيب وليه محدش قالنا الكلام ده اول ما سكنا هنا بدل ما تسيبونا نعيش في بيت مؤذي بالشكل ده؟
جاسم:
- لان مفيش حد ساكن هنا غيركم، ولأن أنتم مطلبتوش مساعدة من حد، ولأن مفيش انسان يعرف ان زميلكم ده هو سبب اللعنة اللى حليت على المكان ده وعلى المستشفى اللى انت اتعالجت فيها.
سامي:
- احنا عارفين ان مفيش حد فى البيت غيرنا، نقصد يعني اللى خلاك تقولنا دلوقتي، كان يخليك تقولنا من قبل كده، او يخلي اي حد من الجيران ينصحنا.
جاسم بابتسامة:
- انتم مالكمش جيران يا سامي، البيوت دي كلها فاضية من وقت ما اصحابها فارقوها، البيوت مقفولة على رماد...ولو مش انت وصاحبك اللى ابتديتوا تدوروا على الحقيقة مكنتش هاجي اقولكم عليها...لأن انتم من البداية كنتم بعيد عن قدراتهم فى الأذى، يمكن يا سامي لو انت مش مُحصّن لكن اسلام بقربه والتزامه بكلام ربنا هالته وتحصينه حصنوك انت كمان، وعلشان كده احنا ساعدناكم.
سامي:
- انتم مين بقى؟
جاسم:
- عمّار المكان.
يتبع
الروايه جامدة
ردحذف