رواية وغابت شمسها الفصل 6-7-8-9-10بقلم مايسة ريان (جميع الفصول كامله)
رواية وغابت شمسها الفصل 6-7-8-9-10بقلم مايسة ريان (جميع الفصول كامله)
الفصل السادس
من رواية .. وغابت شمسها
- أريد الحديث معك قليلا .
وقفت مرام فى طريق والدها وكان خارجا من حجرة الجلوس وقد تفاجأ بها أمامه فرد بأقتضاب
- ماذا تريدين ؟
ردت ببرود وهى تنظر اليه بوقاحة
- أريد نقودا .. سأتزوج بعد أسبوعين كما تعلم وأحتاج الى شراء جهاز عرسي كما تفعل كل عروس
كان صالح متعجلا لأتمام الزفاف وأخبر مرام أنه لا يحبذ فكرة رجوعها الى الأسكندرية لتبقى وحدها في شقتها هناك وفى نفس الوقت لا يصح أن تبقى فى بيته وهما مخطوبين فقط ولم تكن مرام فى حاجة الى الأقناع كي تقبل فكل يوم يمر يزداد خوفها وقلقها حتى صديقتها ميمي أختفت وهاتفها خارج نطاق الخدمة باستمرار وهى فى حاجة لصالح ولديها ثقة غريبة فى أنه الوحيد القادر على حمايتها .
- لقد أعطيتك الكثير من المال أين هو ؟
- وضعته وديعة فى البنك كما أتفقنا ولا يجوز سحبه الا بعد مرور ستة أشهر .
كذبت .. فالحقيقة ستصعقة بالطبع
فرك يده بتوتر وقال
- لم يعد معي أى شئ .. فالمبلغ الذى كنت أدخره مع مبلغ أقترضته أعطيتك كله لك ولم أعد أملك سوى راتبي .
عقدت ذراعيها أمام صدرها وقالت
- قل ذلك اذن لزوجتك وهى تخبر شقيقها .. فمادام هو من يملك كل شئ فعليه أن ينفق على جهازي .
قال بأنفعال
- ألا تستحي من ألقاء همك على ..
قاطعته بحقد
- لا .. اذا كنت أنت لم تستحي من ألقاء همي للغريب فلما أستحي أنا ؟
ثم استدارت بحده بعيدة عنه وتركته مسمرا فى مكانه شاحب الوجه
****
طرقت مرام باب حجرة نهال وانتظرت حتى أذنت لها بالدخول
حيتها المرأة الأكبر سنا ببشاشة قائلة
- مرام يا حبيبتى تعالى تفضلي .
تقدمت مرام من الفراش الذى تستلقى عليه زوجة أبيها وابتسمت لها بخجل مصطنع فى حين تابعت نهال
- لأول مرة تزوريننى فى حجرتى .. أجلسى .
وكان هذا صحيحا , جلست مرام على طرف الفراش عند نهايته وقالت
- أرجو ألا أكون قد أزعجتك وأقلقت راحتك ؟
- لا أبدا حبيبتي .. تعرفين أوامر الأطباء .. يجب أن أرتاح ولكن معظم الوقت لا أكون نائمة .
ظهر التردد على وجه مرام فحثتها نهال قائلة
- هل تريدين قول شئ .. لا تخجلى مني أنا فى مقام أمك الأن .
قالت مرام بعد لحظة تردد
- كنت أريد منك خدمة .. أريدك أن تقترحي على صالح أن يؤجل الزواج بضعة أشهر.
عبست نهال وسألتها
- ولماذا التأجيل بعد أن أتفقتما على كل شئ وبدأ صالح بالفعل فى التجهيزات .. حتى أن الجناح الغربي يتم تجهيزة والأثاث سيكون هنا بعد بضعة أيام .. هل أنت متردده بشأن الزواج .. تشعرين بأنك تسرعت فى الموافقة وتريدين وقتا ل..
أرادت مرام أن تزعق بها كي تتوقف ولكنها قاطعتها ضاحكه بتوتر
- لا أبدا .. ليس لأي سبب من هذا كله .. الموضوع فقط يخص جهازي أنا .
سألتها بدهشه
- وما الذى يمنعك من المباشرة فى شراء ما تحتاجين .. لقد تحدثت الى والدك وأخبرنى أنه أعطاكي كل ما يلزمك من أجل ذلك .
- بلى لقد فعل ولكن هذا قبل أن آتي الى هنا والملغ الذى أعطاني اياه وضعته وديعة فى البنك وأستطيع سحبه بعد ستة أشهر مر منهم شهر ونصف و ..
قاطعتها نهال بأرتياح ضاحكه
- هل هذا هو السبب فقط .. سامحه الله والدك مرة أخرى .. نفسه العزيزة تلك أحيانا تصيبني بالغيظ ..
ثم أبتسمت وقالت
- لا تحملي هما .. جهازك سيكون علي أنا .
حاولت مرام التظاهر بالأعتراض ولكن نهال أشارت لها تقاطعها
- أنت أبنة الغالي وستكونين زوجة أخي وأبني الأغلى عندي من الدنيا وما فيها ولن أتسبب فى حزنه اذا سمحت بتأجيل زواجه منك من أجل سبب تافه كهذا .. فأنا لم أراه سعيدا هكذا من قبل .
قالت مرام غير راغبة فى أن تظهر جشعة أمامها وأمام صالح
- أرجوك لا تحرجينني .. يجب أن تأخذي رأي أبي أولا .
ثم استئذنتها وخرجت وهذه المرة هى من تفاجأت بوجود والدها أمامها والذى سألها على الفور وهو يزم ما بين حاجبيه بعبوس
- ماذا كنت تفعلين بالداخل ؟
ردت ساخرة
- وما هو الغريب فى أن أزور زوجة أبى وشقيقة زوجي المستقبلية كي نتعرف على بعضنا البعض كما يجب
سألها بشك
- هل هذا هو السبب الوحيد فقط ؟
قالت ببراءة
- وماذا سيكون السبب فى رأيك ؟
ثم استدارت من حوله واتجهت الى غرفتها وهى تتمتم لنفسها
- عندما ستدخل ستعرف بنفسك .
أغلقت عليها باب غرفتها وجلست على الفراش تعبث بهاتفها دون هدف وبعد عدة دقائق ودون أن يطرق الباب أقتحم والدها عليها الغرفة وهو يقول بحنق
- ليتهم يرونك على حقيقتك .. كيف تتواقحين هاه .. كيف تجرؤين على طلب المال من اناس لا تربطك بهم أي ..
قفزت مرام عن الفراش وقالت صائحة بحدة تقاطعه
- مهلك قليلا .. أنا لم أطلب شيئا .. كل ما عرضته هو أن يتم تأجيل موعد الزفاف حتى أستطيع صرف الوديعة و ..
قاطعها وقد كان وجهه محتقنا بشدة
- تستطيعين كسرها فلا تتحججي بحجج فارغة .
وضعت يديها على خصرها وقالت متهكمة
- ولماذا أنت غاضب لهذه الدرجة .. لم تصرف علي مليما طوال حياتك ولم تؤلمك كرامتك لأجل ذلك .. أنصحك بأن تستمر كما أنت .. لا تتغير الأن من أجلي .
أنهت كلماتها ورأت وجهه يحتقن بشدة وزاغت نظرات عيناه مما أشعرها بالخوف وهو يتقدم منها مندفعا وكأنما فقد السيطرة على نفسه ورفع يده وصفعها بقوة جعلتها تحدق به بذهول وهو يقول بصوت مرتجف من شدة أنفعاله
- أنت مثلها .. تتحدثين مثلها .. تنظرين مثلها .. وحتى تقفين مثلها .. أتركيه .. أتركي ذلك الشاب الطيب حتى لا تدمريه كما دمرتنى هى .
جاء صوت نهال من عند الباب وهى تقول بجزع
- أحمد .. ماذا فعلت ؟
رأت أثار الصفعة على وجه مرام الذاهل والذى ما لبثت الدموع أن أنسابت بغزارة من عينيها وأغرقته , أقتربت منها نهال وحاولت أحتضانها ولكن مرام تملصت منها بفظاظة وتراجعت الى الخلف وهى تنظر الى أبيها بحقد شديد
- أنني أكرهك .
عاد وجه أحمد ليشحب وقالت نهال
- لا يا حبيبتى ان والدك ..
قاطعتها بشراسة
- هذا ليس والدي .. ولا أريده أبدا أن يكون .. هيا أخرجا من هنا .. كلاكما .
أمسكت نهال بذراع أحمد تحثه على التحرك
- هيا ندعها وحدها الأن .. وعندما تهدآ سوف نتكلم ونسوي الأمور .. هيا .
خرج أحمد بصحبة نهال وهو مطرق الرأس , أغلقت مرام الباب من خلفهما بحده ثم أجهشت بالبكاء بحرقة .. تشعر بالأذلال والقهر .. وبعد أن هدأت عاصفة بكاءها أقسمت على أن تأخذ كل ما تطاله يداها من هذا البيت ولن تجعلهم يهنئون يوما فى وجودها حتى يندم والدها على اليوم الذى تجرأ فيه على صفعها بهذا الشكل .
****
لم تعد مرام تتظاهر بالوداعة أمام أحد سوى صالح
كانت تصرخ بأم عبيد ومساعدتها وطلباتها لا تنتهى وطوال الوقت تنتقض أدائهما حتى دفعت المرأة العجوز الى البكاء فى احدى المرات وعندما أنبتها نهال بعشم ردت عليها مرام بوقاحة جعلت المرأة تصدم من ردها عليها
- سأكون أنا سيدة هذا المنزل ويجب أن أديره بطريقتي الخاصة فلا تتدخلي أرجوك.
ولأنها تعلم أن صالح هو نقطة ضعف شقيقته كانت متأكدة بأنها لن تشكوها اليه لتفسد عليه سعادته ولأن صالح كان دائما مشغولا فهو لا يعلم أي شئ مما يحدث بالبيت فى غيابه ومن ناحيتها كانت مرام تصور له الحياة جنة وكم هى متوافقة مع شقيقته وكل من فى البيت فكان يبدى سعادته لهذا ويبقى مرتاح البال فلم يجرؤ أحد عن أخراجه من قوقعته التى أختار بنفسه الدخول فيها .
وفى احدى المرات جاء بعض من أقاربهم للزيارة فقابلتهم مرام وهى ترتدى ملابس لا تليق بمجتمعهم المحافظ وتعاملت معهم بتعالي وقد تسببت تصرفاتها بالمرض لنهال وجعلتها طريحة الفراش وعندما علم أحمد بتوعكها عن طريق أتصال من أم عبيد جاء على الفور بالطبيب الذى قال أن ضغطها أرتفع وحذرهم من تعريضها لأي أنفعالات وبعد انصراف الطبيب ذهب اليها والدها فى حجرتها وقال لها دون مقدمات
- ان تسببت لها بأى ضيق سوف أجعلك تندمين .
نظرت اليه بهزء
- وهل أخبرتك بأننى ضايقتها ؟
- أنها أنبل من أن تشتكي بتلك الطريقة .. ولكني أحذرك ..
- وبماذا تهددنى الأن .. هل ستضربني مرة أخرى ؟
فتح أحمد فمه ليجيب فقاطعه صوت آخر حاد النبرات
- ماذا تعني بأن يضربك مرة أخرى ؟
كان صوت صالح وقد ظهر الأنزعاج الشديد على وجهه وهو ينقل نظراته بينهما وكادت مرام أن تضحك من سخرية الموقف فكل مرة تتواجه مع أبيها يأتي أحد الأخوين ويكون شاهدا على بؤسهما فقالت مرام وهى تقترب منه
- لا شئ حقيقة .. أبي هنا كي يعرف السبب الذى جعل خالتى نهال مريضة فكنت أقول له أن بعض من أقاربكم كانوا هنا اليوم ويبدو أنها لم تتحمل ضجيج الأطفال وبالتالى لم تأخذ قيلولتها لأن زيارتهم قد طالت أكثر مما يجب .. فربما يكون ذلك هو سبب تعبها .
قال بتصميم وهو يرمق زوج شقيقته بحده
- ولكني سمعتك تقولين ..
قاطعته
- لم أكن أعني شيئا .. أرجوك .
ونظرت الى عينيه المتجهمتين وابتسمت له برقة وتابعت
- هل ذهبت للأطمئنان على شقيقتك ؟
- نعم .
كان مازال متوترا وقال والدها متمتما وهو خارج
- سأذهب لأطمئن على نهال .
وبعد أن ذهب سألها صالح بعصبية
- ما الذى يحدث هنا ولا أعلم به ؟
- لا شئ يا صالح .. تعلم أن علاقتى بأبى ليست جيده أبدا وفى الحقيقة اللوم يقع على كلانا .. لقد قمت بأستفزازه مرة .
قال بأستنكار
- وضربك ؟
تنهدت وقالت
- كنت مخطئة بأستفزازه .. قلت له شيئا جارحا ربما يكون قد ذكره بأمى .
أحتقن وجه صالح بغضب شديد
- لن أسمح له بفعل ذلك أبدا مرة أخرى .. سوف أتحدث معه وأضع حدا لهذا .
ربتت على وجهه برقة
- لقد أعتذر مني وأنا سامحته .. لا تفتح الموضوع من جديد من أجل خاطري .
كان صالح ممزقا ما بين غضبه وشوقه اليها وهى قريبة منه الى هذه الدرجة وشعرت مرام برضى شديد عن مدى تأثيرها عليه وتعمدت أن تقترب منه أكثر ووجدت نفسها قد أحبت قربه كذلك .. لن يكون الزواج منه سيئا فهى معجبة به وتشعر بأنجذاب حقيقي تجاهه , أمسك خصلة من شعرها ومال برأسه تجاهها ورفعت هى وجهها لأستقباله ولكنه توقف عندما لامس أنفه أنفها وقال بصوت متحشرج من شدة مشاعره
- أخشى ان قبلتك .. أن أعتاد على هذا .. ولا أستطيع الصبر حتى ليلة زفافنا .
تململت فى وقفتها تود لو تجذب رأسه اليها ولكنها لجمت حماسها وأجبرت قدميها على الأبتعاد بها الى الخلف خطوتين قائلة بدلال
- اذن لا تفعل .
أمسك يدها وقال
- ولكنى أستطيع أن أفعل هذا .
رفع كفها الى فمه وقبله برقة جعلت أنفاسها تتسارع ولمعت عيناها وفكرت بأنها ستستمتع حقا بزواجها منه , قالت متلعثمة وهى تسحب يدها منه ووجهها مشتعلا وكان ينظر هو اليها راضيا عن ردة فعلها
- متى سنسافر الى القاهرة ؟
- غدا صباحا بأمر الله .
ثم سألها عابسا
- هل أنت متأكدة أنك لا تريديننى أن أكون معك أثناء تسوقك ؟
قالت مرام
- ستكون صديقتي معي .. وسوف نشتري جهاز عروس ولا يصح أن تكون معنا .
لقد أتصلت مرام بأحدى صديقاتها والتى تقيم بالقاهرة وطلبت منها أن ترافقها فى رحلة التسوق ولكنها لم تخبرها أنها من أجل زواجها , قال صالح متجهما
- سأظل قلقا عليك طوال اليوم .
- أتصل بي باستمرار .. ولا تنسى أنك ستكون مشغولا بدورك .. قلت أن لديك عمل فى القاهرة سيأخذ نهارك كله .
مسح على وجنتها بظاهر يده برقة وقال مداعبا وعيناه تنظران اليها بخبث
- حسنا .. ولكن توصي بي وأنت تتسوقين .
سألته بعدم فهم
- فى ماذا لا أفهم ؟
قال ضاحكا
- لا عليك .. لا شئ .. سوف أخبرك عندما تكبرين .
وتركها وانصرف وهو مازال يضحك .. رمشت مرام عينيها بحيره ثم فجأة فهمت ما يعني فأبتسمت ثم ضحكت وهى تغلق الباب وتقول
- وسافل أيضا ؟ .. بدأت تعجبني كثيرا .
ولم يستمر مرحها طويلا فقد تعالى صوت هاتفها برنين الرسائل الوارده من الواتس آب وعندما أمسكته رأت رسالة من رقم فودة
خفق قلبها وهى تفتح الرسالة بأصابع مرتجفة وتقرأها
( قابلينى ضروري .. سأنتظرك عند موقف حافلات شرق الدلتا وتكون معك الأمانة .. وأقسم لك يامرام ان لم تأتي لآتى أنا الى بيت أبيك بنفسي وليحدث ما يحدث .. سأرسل لك رسالة غدا وبها الموعد )
وبسرعة قامت بالأتصال به لتعرف من يكون مرسلها فربما ليس فودة ولكنها وجدت الهاتف مغلقا فاعتمل بداخلها الخوف والقلق بعد أن كانت قد نستهما .. كيف عرف بمكانها ؟ .. ثم كتبت رسالة له ليقرأها عندما يفتح هاتفه ( أنا مسافرة غدا الى القاهرة وقد ألقاك هناك .. لا تأتى الى هنا .. ويجب أن أتأكد أولا بأنك فودة .. أريد أن أسمع صوتك ) عرض أقل
التعليقات
اكتب تعليقًا...
الفصل السابع
من رواية .. وغابت شمسها
قضت مرام طوال الليل تراقب الرسالة لترى ان كان فودة قد فتحها أم لا وعندما أستيقظت فى الصباح كانت اثار قلة النوم بادية على وجهها .
جلست على مائدة الأفطار مع صالح ووالدها وقد أرتدت كامل ملابسها أستعدادا للسفر بعد الأفطار مباشرة فى حين ظلت زوجة أبيها فى حجرتها وقد تناولت أفطارها هناك شعرت مرام بوجود فتور بين صالح ووالدها وكان بالتأكيد سببه معرفة صالح بأن والدها قد ضربها .
لاحظ صالح قلة شهيتها للطعام ووجهها المرهق وبعد أن انصرف والدها عن المائدة سألها
- هل أنت بخير تبدين شاحبة هذا الصباح
أبتسمت له
- أنا بخير .. فقط لا أستطيع أن آكل الكثير معدتى تتأثر بالسفر .
مال عل المائدة وربت على يدها
- لا أريدك أن تقلقي من شئ .
ثم أخرج بطاقة أئتمان ووضعها أمامها
- ستشترين كل ما ترغبين به .
نظرت الى بطاقة البنك ومن ثم اليه وقالت
- أعطتنى خالتى نهال بعض المال واتفقنا أن أعيده لها بعد أن أحل الوديعة .
- دعي الوديعة كما هى .. ستصبحين زوجتي .. وكل ما هو لي سيصبح لك ... فلا فرق بيننا .
ترددت للحظات ثم أخذتها ووضعتها فى حقيبتها وسألته
- ألن تحدد لي مبلغ معين للأنفاق .
أبتسم لها بمرح
- لا .. أنا أثق بحسن تقديرك .. وأريد بشدة أن أشتري لك كل ما ترغبين به .
أبتسمت له أبتسامة صادقة لأنها شعرت بمدى صدق مشاعره تجاهها .
- وقبل أن نذهب .. لقد طلبت منى نهال أن أن أطلب منك أن تذهبي اليها فى حجرتها لتقول لك شئ رفضت أن تطلعنى عليه .
ثم غمز لها متابعا وهو يقف
- يبدو أنها أمور نسائية .. سأحضر السيارة وأنتظرك بالخارج .
****
كانت أبتسامة نهال باهته وليست مرحبة وودودة كعادتها
سألتها مرام
- كيف حالك اليوم ؟
- بخير .. الحمد لله .
شعرت مرام بعدم الراحة وهى تقف هكذا فى حين تابعت نهال بصوت مجهد
- أحببت أن أراك قبل السفر لألفت نظرك لشئ ما .
ثم تنهدت وقالت
- أعلم أنك عشت فى مجتمع منفتح بعض الشئ واعتدت على طريقة معينه سواء فى اللبس أو التصرفات .. ولكن وضعنا هنا مختلف .. مجتمعنا محافظ فأرجو أن تراعي هذا الأمر وأنت تنتقين ملابسك .. فيجب أن تكون مناسبة وعلى قدر من الحشمة .
أحمر وجه مرام غضبا وقالت بجفاء شديد
- عذرا .. ولكننى لا أسمح لأحد بأن يعطي ملاحظات على طريقتي فى أختيار ملابسي .
- حتى وان كان زوجك ؟
- طلب صالح الزواج مني وأنا كما أنا ولم يعترض مرة على ما أرتديه .
- سوف يعترض .. أنا أعرفه جيدا .. هو فقط يتوقع منك حسن التفكير بهذا الشأن .
ردت ببرود
- عندما يفعل .. سيكون هذا بيني وبينه .
صمتت المرأة الأكبر سنا ولم تقل شيئا فقالت مرام وهى تفتح حقيبتها وتخرج رزم النقود التى سبق لنهال وأن أعطتها اياها ووضعتها عل الكوميدو بجوار الفراش
- وشكرا ..لم أعد بحاجة اليهم .. سيعطيني صالح ما أريد .
هزت المرأة رأسها بصمت فشعرت مرام بالقلق وهى ترى وجهها قد صار أكثر شحوبا وعندما خرجت من الغرفة ذهبت الى المطبخ وطلبت من أم عبيد قائلة
- هل لك أن تذهبي الى حجرة خالتى نهال .. قد تحتاج الى شئ ما فهى تبدو متعبة .
وقبل أن تنهي مرام جملتها كانت المرأة تهرول الى غرفة سيدتها , وقفت مرام للحظات تؤنب نفسها على طريقتها فى معاملة زوجة أبيها وبدأ يخزها شعورا بالذنب تجاهها .. لقد زادت عن حدها وتمادت فى المشاكسة .. ولكن والدها هو السبب .. هو من فجر حقدها عليهم جميعا .
- ماذا بك ؟
لم تلاحظ أنها قد صعدت الى السيارة وجلست بجوار صالح والكدر جليا على وجهها
وسألها
- هل قالت لك نهال شيئا ضايقك ؟
أبتسمت له على الفور وقالت صادقة
- شقيقتك أمرأة طيبة .. لا يمكن أن تقول شيئا يغضب أحدا .
أبتسم صالح بأرتياح وقال بحب
- نعم هي كذلك .. قلبها عليل وبرغم علته الا أنه يحمل من الحب والحنان ما يسع الأرض وما عليها .. كانت لي نعم الأم طوال عمري .. حتى أننى لم أفتقد وجود أمي الحقيقية أبدا .
سألته وقد أكتشفت أنها لم تسأله مرة عن أمه
- متى توفيت ؟
رده أصابها بالذهول
- منذ عامين .
- وكيف ذلك ؟
- حكايتي تشبه حكايتك الى حد ما .. فبعد ولادتى بعام قررت أمى والتى كانت جميلة ومن أسرة ثرية أنها أكتفت من العيش فى الفقر ورعاية طفلة عليلة الصحة طوال أثنى عشر عاما وتريد أن تلحق الباقى من شبابها فتركتني وشقيقتي لأبي وعادت الى أسرتها وتزوجت مرة أخرى .
سألت وهى تشعر بالكره لتلك المرأة التى تشبه أمها بأنانيتها
- وماذا فعلتم معها ؟
رد ببساطة
- لا شئ .. لقد عمل والدي واجتهد فى عمله حتى نجح واستطاع أن يعطينا حياة طيبة كريمة وكنا سعداء .. أنهت شقيقتى الجامعة ثم تفرغت للعناية بنا وبي أنا خاصة .
- ووالدتك .. هل أختفت تماما من حياتكم ؟
- كنا نراها من وقت لآخر .. ولكن زوجها كان غيور ومتطلب جدا فقللنا من زياراتنا لها حتى أصبحت شحيحة جدا ولكننا ظللنا على علاقة جيده بها وبأخواتنا الآخرين الى أن توفيت .
سألته بفضول
- ألم تتاثروا بما فعلت .. فقد تخلت عنكم ؟
- تأثرنا بالتأكيد ولكن الحياة يجب أن تعاش .. والعمر فى كل الأحوال سيمر مهما حدث وسنكبر.. فلما نقف عند عقبة واحدة ونجعل الزمن يعبر من فوقنا ونحن نبكي على شئ لا نستطيع اصلاحه .. يجب على الأنسان أن يتكيف مع الحياة ويجد لنفسه أكثر من طريق ولا يستسلم لأول حائط سد يجده فى وجهه ولا نسمح للمآسي أن تخرج أسوأ ما فينا .
هزت رأسها وقالت بشرود
- نعم معك حق .
فلسفته راقت لها ولكن هل هى واقعية .. هل يقدر الأنسان على أن يتجاهل آلامه النفسية وتأثير المحيطين به ويعيش حياته كما يجب أن تعاش ؟.. يهنأ ويسعد ويتعامل بطيبة مع جحود الناس وأنانيتهم ويدعي أن لا شئ من كل هذا يؤثر فيه ؟
- أظن أنه يجب أن يكون الأنسان اما باردا ولا مبالي أو ملاكا ليستطيع أن ينجح بتخطي كل ذلك .
لم تعرف أنها عبرت عن أفكارها بصوت عالي الا عندما سمعته يقول
- غير صحيح .. أنا لا أقول اننى لم أتأثر وشقيقتى بما حدث .. فكثيرا ما كنت أشتاق لوجود أمي وأشعر بالغضب منها أحيانا لأنها تركتنى ولم تعطنى فرصة معرفتها والأحساس كأي طفل بحضنها ليلا وأنا فى فراشى مريضا أو خائفا .. وكثيرا ما كنت أكره الذهاب لزيارتها لشعور الغيرة الذى كان ينتابني وأنا أراها مع أطفالها الأخرين ولكن أبى كان موجودا من أجلنا يتحدث الينا ويستمع منا .. وأذكر مرة عندما وجدنى أبكي بعد رجوعي من زيارة لأمي وكنت حينها فى التاسعة من عمري .. سألنى ان كنت الوحيد بين رفقائي فى المدرسة الذي هجرته أمه فأجبته بمرارة .. بلى أنا الوحيد .. فسألنى .. وهل من بينهم من ماتت أمه فقلت بلى .. ومات أبوه ؟ ففكرت ثم أجبته ..بلى .. وهل من بينهم من فقد كلاهما فأجبته وقد بدأت أفهم .. بلى في .. فهز رأسه بأسف وقال .. كم أنت ولد جاحد لا تقدر نعمة الله عليك .. ثم أشار الى نهال التى كانت تجلس حزينة باكية من أجلى وقال .. أجزم بل أكاد أقسم بأن ليس لدى أحدهم أخت أحن من أختك هذه عليك ولا أب يحبك ومستعد لأن يضحي بروحه لكي يسعدك كما أنا .. وفوق كل ذلك مازالت أمك حية ترزق وتحبك بطريقتها التى قد لا تعجبك .. هيا أذهب وأغسل وجهك وقدر النعم التى منحها الله لك ولا تقف فقط عند النواقص التى لو فكرت قليلا لرأيت أنه عوضك عنها بما يفوقها وان لم تجد فتأكد أن المستقبل يخبئ لك الأفضل هذا ان صبرت وعليه توكلت وجعلت قلبك عامرا بالتسامح والرحمة فسيراضيك ويمنحك من فضله .. ومن يومها لم أعد أغضب من أمي وألتمس لها العذر وأصبحت أرى حبها لي بوضوح أكثر وبعد سنوات أعترفت لي بأنها ندمت ندما شديدا على تركها لنا وقالت أن الله عاقبها بما تستحق فقد كان زوجها قاسيا برغم ثراءه ولم يهتم بها يوما كما أهتم بها أبي وأحبها رغم فقره .
قالت مرام بمرارة
- أنت محظوظ اذا بأختك وأبيك .. لقد وجدت من عوضك عن أمك ودلك على الطريق .. أما أنا فلم أجد لا أم ولا أب ولا شقيق .. وألقيت فى الشارع وحيدة لم أجد أحد يهتم بي .
أمسك ذقنها بأصابعه وأدار وجهها اليه قائلا بحزم
- بلى وجدتي .. وجدتينى أنا .. لقد وعدتك بأن أحبك دائما وأعتنى بك وسأعوضك باذن الله عن كل ما فقدتيه فى حياتك .. وسأدعك تسألين نفسك الأسئلة التى وجهها أبي لي وتجيبين عنها لحالك .
ثم أعتدل فى مقعده وحرك ناقل السرعة الى وضع الأنطلاق وهو يقول مبتسما
- سنتأخر ان لم نتحرك الأن .
أخذت مرام وقتها فى التفكير وتركها صالح دون أن يقاطع شرودها
وفكرت فى رفقائها .. فودة وميمي وسامح .. فودة الذى يعانى بسبب ضعف أمه ونذالة أبيه .. بماذا نفعه وجودهما وثرائهما وقد أصبح مدمنا وتاجر مخدرات .. وميمي .. تركها والديها هى وشقيقتها وحيدتان بحجة العمل لتأمين مستقبلهما فتركوهما بلا رقيب ولا حسيب وبرغم كثرة ما ينفقونه عليهما وتدليلهما الا أنهما كرهتا والديهما لقلة أهتمامهما بهم وتفضيلهما للمال عليهما .. وسامح .. والده دكتور أزهري ومؤلف كتب فى الشريعة وأمه شديدة التدين ربياه تربية صارمة .. حفظ القرآن كاملا وهو فى السابعة من عمره وكانا يضرباه بشدة ان نسى فرضا من صلاته .. والأن كيف أصبح .. فاسقا يعاقر الخمر ويعاشر فتيات الهوى ويخدع البنات كميمي بحجة الحب والزواج وأمام والديه يمثل الصلاح .. لطالما جاهر أمامهم بأنه يكرههم بسبب جفاءهما ويراهم منافقين يظهران عكس ما يبطنان .. يمثلان أمام الناس التقوى والورع وهما فى الأصل يحقدان ويذمان فى كل خلق الله ومتصلبي الرأى ولا مجال معهما للنقاش .. وهى .. ليست بأحسن حالا منهم .. أدارت وجهها الى صالح وتأملت جانب وجهه .. كان مثالا للقوة والصلابة الممزوجة بالحنان والطيبة .. فهل هو ما تحتاج اليه حقا ؟ .. هل من الممكن أن يكون العوض الذى أرسله القدر لكي يعوضها عن ما فقدته طوال حياتها ؟ .. لا .. لا يجب أن تسلم بهذا .. فان كانت قد تعلمت شيئا طوال سنوات عمرها الخامسة والعشرين فهو ألا تثق بمخلوق .. فجميع الناس أنانيين .. لا شئ فى هذه الدنيا يدوم الى الأبد .. الأعتماد على نفسها هو الشئ الوحيد الباقى وكل شئ آخر سيزول .. لا تريد أن تثق بأحد فيعود ويخذلها ولا تعتمد على أحد فيأتي وقت ويتركها .. يجب أن تظل كما هي .. لا تعطي الأمان لأحد .. تأخذ على قدر ما تستطيع وتهرب عند اللزوم .
أجفلها رنين هاتفها المحمول ففتحت حقيبتها وأخرجته ووجدت رقم فودة .. نظرت الى صالح بحده وارتبكت .. كيف ستجيب على الهاتف وهو بجوارها ؟ وتخشى ان لم ترد أن يعود فودة لأغلاق هاتفة ويظن أنها تتهرب منه .. استمر الرنين وهى مازالت متردده فسألها صالح
- ألن تجيبي على الهاتف ؟
قالت بارتباك
- أنها صديقتي ميمي .. أخشى أن تكون غاضبة مني وقد علمت بأننى ذاهبة لتسوق جهاز عرسي وأنا لم أخبرها بنفسي .
توقف الرنين وكادت أن تبكي
قال صالح
- اتصلي بها وأخبريها الأن فان كانت صديقتك فيحق لها أن تعرف منك .
- نعم أنت محق .
عاد الهاتف ليرن فردت بسرعة هذه المرة وجاء صوت فودة عصبيا
- لماذا لا تجيبي ؟
- آسفة لم أسمعه من المرة الأولى .
ثم نظرت الى صالح وابتسمت وعادت تقول
- كيف حالك ميمي ؟
رد فودة بنفس العصبية
- أنا فودة .
- نعم أعلم .
- ما هذا الهراء ..
ثم تابع هازئا
- هل معك أحد ولا تريدينه أن يعرف انك تتكلمين معي ؟
- نعم أنت محقه .
رد بنفاذ صبر
- ما علينا .. متى سنتقابل ؟ .. سأكون عندك اليوم .
- أنا مسافرة الأن الى القاهرة .. لما لا نتقابل هناك .
- وما الذى ستفعلينه فى القاهرة وقد أخبرتك بأننى سآتى اليك اليوم .. ألم أذكر ذلك فى رسالتي ؟
- نعم أفهم .. ولكن سفري قد تحدد قبل أن أتلقى رسالتك .
قال فودة بغضب
- لن أتحمل مماطلتك يا مرام أكثر من ذلك كما أن علي العودة لأغلاق هاتفي مرة أخرى حتى لا يستقصى أحد على مكاني فأخبريني بسرعة كيف سألقاك وفي أي وقت ؟
- سأتناول طعام الغداء أنا وليلي فى بينوس المهندسين فى الثالثة بعد الظهر لما لا تلتقين بنا هناك .
- حسنا سأكون عندك .
أغلق الهاتف دون قول الى اللقاء فتظاهرت مرام باستمرار المكالمة وقالت
- سننتظرك الى اللقاء حبيبتي .
عاجلها صالح قائلا
- ستكونان ثلاثة اذن ؟
أبتسمت له بارهاق
- نعم سنكون ثلاثة .
****
وصلا الى القاهرة فى العاشرة والنصف وأوصلها صالح الى بيت صديقتها ليلي وقبل أن يذهب قال لها
- أنتبهي الى نفسك وسوف أتصل بك لأطمئن عليك من وقت لآخر .
كانت ليلي فتاة تافهة وثرثارة ولكنها طيبة وغير مؤذية .. تعرفت عليها مرام فى احدى الحفلات التي أقامها أحد أصدقاءها وذهبت ليلي من بعدها لزيارتها فى الأسكندرية أكثر من مرة كما زارتها مرام وميمي فى بيت عائلتها .. لم تكن من النوع الذى تميل اليه مرام فى العادة ولكنها جيدة فى مسألة التسوق وكانت مرام وميمي يستغلانها في ذلك فهي تعرف كل المتاجر الجيدة في العاصمة .
حرصت مرام أن تكون فى المطعم على الموعد تماما وجعلت ليلي تأخذها الى المتاجر القريبة من منطقة المهندسين أولا , وجدت مرام نفسها مهتمة باللانجيري أكثر مما كانت تظن وكلمات صالح وهو يطلب منها أن تهتم به وهى تتسوق ترن فى رأسها وقد صرفت ثروة صغيرة على الملابس الداخلية وقمصان النوم الجريئة مما دفع ليلي لرمي تعليقات أكثر منها جرئة قابلتها مرام بالضحك دون خجل وقد ملأتها الأثارة وهي تتخيل نفسها ترتديهم من أجله وشعرت بشوق دفعها لأخراج هاتفها والأتصال به وقد أجاب على الفور فقالت له بدلال
- أنا خارجة الأن من محل الملابس النسائية الخاصة ولقد توصيت بك كثيرا كما طلبت .
ساد الصمت للحظات ثم سمعته يستأذن من شخصا ما وبعد لحظات قال بخشونة وصوته منخفضا
- سوف ألقنك درسا قاسيا عندما أراك أيتها الفتاة الوقحة .
فضحكت وقالت
- هل معك أحد ؟
- كنت أجلس لتوي مع مدير البنك وقد أحمر وجهي أمامه كتلميذ مراهق .
قالت ببراءة
- أردت فقط أن أعلمك بأننى لا أتجاهل رغباتك .
زمجر وقال
- مرام .. لقد غيرت رأيي .. لن يكون الدرس قاسيا فقد قررت أن أقتلك .
ضحكت باستمتاع ثم قالت
- عفوك يا سيدي سأتركك الأن مع مدير البنك خاصتك .
فتأوه قائلا
- أخشى الأن أن أنظر اليه فأتخيله أنت فى تلك الأشياء فتضيع سمعتي الجيدة .
أنفجرت مرام ضاحكة بقوة فقال متبرما بمزاح
- لا تضحكي بتلك الطريقة فى الشارع والا أقسم أن آتي اليك لأسيطر على الوضع قبل أن يفلت عيارك أكثر من ذلك .
حاولت ابتلاع ضحكتها وهى تقول
- لا داعي لذلك .. أكمل عملك ولن أشتت تفكيرك بعد الأن .
بعد أن أعادت هاتفها الى حقيبتها وجدت ليلي تنظر اليها بهيام وتقول
- ياه .. أنتما متحابان جدا .. هل تتغازلان هكذا طوال الوقت ؟
ثم أقتربت منها وسألتها بفضول وقح
- وهل تقبلان بعضكما البعض ؟ أم يحدث بينكما شئ أكثر من ذلك ؟ .. فقد أخبرتني شقيقتي مرة أنها وخطيبها قد ..
وضعت مرام يدها على فمها تكتم صوتها وهي تقول
- لا .. نحن لا نفعل أشياء كهذه أبدا .. ولا أريد أن أسمع عم كانت تفعله شقيقتك مع خطيبها .. هل فهمت ؟
أبعدت ليلي رأسها الى الخلف وقالت بضيق
- أنت تتملصين من الأجابة علي .. حسنا على راحتك ولكنى أعلم .
ضحكت مرام وهزت رأسها وهي تفكر بتلك القبلة اليتيمة التى طبعها صالح على كف يدها بالأمس .
****
مطعم بينوس المهندسين
جلست مرام فى مقعد مواجه للباب كي تستطيع أن ترى فودة فور وصوله .. كانت قد توقعت أن تجده ينتظرهما بالداخل وراحت تفكر طوال الطريق فى طريقة للتخلص من ليلي حتى تنفرد به فما بينهما لا تستطيع قوله أمامها .. نظرت الى ساعة هاتفها ووجدت الساعة قد قاربت الثالثة والربع
- هل تنتظرين شخصا ما ؟
نظرت الى ليلي مجفلة فتابعت ليلي قائلة
- أراك تنظرين الى هاتفك طوال الوقت وتراقبين الباب منذ وصولنا .
ردت
- لا .. لا أنتظر أحدا .. أتأمل المكان فقط فلم آتى الى هنا منذ وقت طويل .
جاء النادل وأخذ طلباتهما وانصرف , زفرت مرام قلقها وراحت تتحرك بتململ فى مقعدها وأصبحت أكثر حرصا وهى تنظر خلسة الى الباب وفجأة تجمدت الدماء فى عروقها وهى ترى صالح يدخل من الباب وخلفه مباشرة يقف فودة ينتظر دخول صالح قبله .
لمحهما صالح على الفور واقترب من مائدتهما مبتسما , استدارت ليلي الى الخلف وهى تسأل مرام وقد لاحظت أصفرار وجهها
- ماذا بك .. هل رأيت شبحا ؟
الفصل الثامن
من رواية .. وغابت شمسها
مطعم بينوس المهندسين
جلست مرام فى مقعد مواجه للباب كي تستطيع أن ترى فودة فور وصوله .. كانت قد توقعت أن تجده ينتظرهما بالداخل وراحت تفكر طوال الطريق فى طريقة للتخلص من ليلي حتى تنفرد به فما بينهما لا تستطيع قوله أمامها .. نظرت الى ساعة هاتفها ووجدت الساعة قد قاربت الثالثة والربع
- هل تنتظرين شخصا ما ؟
نظرت الى ليلي مجفلة فتابعت ليلي قائلة
- أراك تنظرين الى هاتفك طوال الوقت وتراقبين الباب منذ وصولنا .
ردت
- لا .. لا أنتظر أحدا .. أتأمل المكان فقط فلم آتى الى هنا منذ وقت طويل .
جاء النادل وأخذ طلباتهما وانصرف , زفرت مرام قلقها وراحت تتحرك بتململ فى مقعدها وأصبحت أكثر حرصا وهى تنظر خلسة الى الباب وفجأة تجمدت الدماء فى عروقها وهى ترى صالح يدخل من الباب وخلفه مباشرة يقف فودة ينتظر دخول صالح قبله .
لمحهما صالح على الفور واقترب من مائدتهما مبتسما , استدارت ليلي الى الخلف وهى تسأل مرام وقد لاحظت أصفرار وجهها
- ماذا بك .. هل رأيت شبحا ؟
وعندما رأت صالح قالت
- من هذا ال ..
وصل صالح اليهما وقال محييا
- مرحبا .. مفاجأة أليس كذلك ؟
حملقت ليلي فى وجهه فاغرة فاها فى حين حاولت مرام رسم ابسامة سعيدة على وجهها وعقلها مشتت بينه وبين فودة الذى وقف يدير بصره فى المكان يبحث عنها وقد حجبها جسد صالح الطويل عنه
- نعم مفاجأة .. لم تخبرنى أنك ستلحق بنا على الغداء .
سحب الكرسي المواجه لمرام والذى كان بجوار ليلي التى مازالت على وضعها وقال
- أشتقت اليك فقلت آتي ونتناول الغداء معا .
ثم استدار الى ليلي وقال وقد اتسعت ابتسامته لرؤيته ذهولها
- مرحبا أنسة ليلي .. أم أنك الأنسة ميمي .
لمحها فودة فى تلك اللحظة وهم بالتوجه اليها ولكنها رفعت كفها بطريقة دعت الله أن لا تلفت النظر وأن يفهم فودة تحذيرها له من أن يقترب .. توقف فجأة فى منتصف المسافة وعقد حاجبية بعبوس وهو ينظر تجاه صالح وليلي فزمت شفتيها وأشارت لها برأسها كي يذهب فعقد حاجبيه بغضب قبل أن يستدير ويتوجه بخطوات واسعة الى الباب .. كادت مرام أن تزفر براحة ولكنها كتمت أنفاسها وحاولت تهدئة خفقات قلبها المتسارعة .. لو رأى صالح فودة لكانت ستكون كارثة فكلاهما قد تقابلا من قبل وقد يتعرف عليه صالح بكل سهولة .. سمعت ليلي ترد على صالح بحماس
- أنا ليلي .. ميمي ليست هنا .
نظر صالح الى مرام وسألها
- ألم تأتي صديقتكما ؟
همت ليلي بالرد فسارعت مرام بالقول
- غيرت رأيها .. كلمتنى فور تركك لي أمام بيت ليلي .
أشار صالح للنادل لكي يأتي وهو يسأل
- هل طلبتما شيئا ؟
ردت ليلي وتركتها مرام
- بلى طلبنا .
سأل صالح مرام
- بما تنصحينني .
سارعت ليلي بالرد مرة أخرى
- هنا يوجد طعام ايطالي ..
ثم راحت تعدد له الأصناف وبعد أن أنتهت قال ضاحكا
- سأطلب ما طلبته مرام .. فقد ضعت تماما .
أخبرت مرام النادل بالطلب بطريقة آلية ثم انصرف .. وقف صالح وهو يقول
- سأذهب لأغسل يدي ثم أعود .
وبعد أبتعاده نظرت مرام الى ليلي وقالت بسرعة
- أذهبي للخارج وابحثي حول المطعم عن فودة و ..
قاطعتها ليلي بدهشة
- فودة ؟
- نعم فودة .. كان من المفترض أن نتقابل هنا .. ولكن مجئ صالح غير كل شئ .
- اذن هو من كنت تنتظرينه .. لماذا أنكرت عندما سألتك ؟
- لا وقت لهذيانك الأن .. أذهبي اليه .. فلو رآه صالح لحدثت مشكلة فهو يغار خاصة من أصدقائي الشباب .
وقفت ليلي
- حسنا سأذهب .. ولكن ماذا سأقول له لو وجدته ؟
- أخبريه بأننى سأتصل به فور خروجنا من هنا ولكن أمنعيه من أن يظهر نفسه .
عاد صالح قبل عودة ليلي وسألها وهو يجلس
- أين ذهبت صديقتك ؟
- لقد نسيت شيئا ما فى السيارة فذهبت لأحضاره .
مال صالح الى الأمام وقال لها هامسا
- ماذا أشتريت من أجلي ؟
أحمر وجهها حرجا وقد تذكرت مكالمتهما الهاتفية وقالت
- تأدب .
قال مستنكرا
- لم تذكري شيئا عن التأدب ونحن نتحدث على الهاتف .
ابتسمت رغما عنها وقالت
- هناك فرق .. على الهاتف أكون جريئة ولكن ونحن وجه لوجه أصبح خجولة جدا .
تنهد بحسرة مازحا
- اذن فقد قطعت مسافة طويلة على لا شئ .. كنت أظن أننا سنتابع محادثتنا الشيقة .
وصل النادل يحمل أطباق الطعام ولكن طلب صالح سيتأخر قليلا بعد . كانت معدتها متقلصة وعصبية ولكنها أجبرت نفسها على الأكل ولتضييع الوقت راحت تشرح له مكونات الطبق وبحركة عفوية رفعت شوكتها ومدتها اليه ليتذوق طعامها فابتسم لها وأكل من يدها وألتقت نظراتهما لبعض الوقت فسألته برقة وهى غير قادرة على النظر بعيدا
- هل أعجبك ؟
كان متأثرا مثلها عندما أجاب
- جدا .. وكيف لا يعجبني وهو من يدك .
اتسعت ابتسامتها ثم عادت تولي أهتمامها للطعام تحاول تفسير عفوية تصرفها الحميم معه .
عادت ليلي وانتبهت مرام الى أنها نسيت أمرها وأمر فودة للحظات وقبل أن تصل الى المائدة مررت ليلي سيف يدها على رقبتها اشارة الى الأنتقام وهي تهز رأسها بغضب ففهمت أن فودة يتوعدها ورفض الأمتثال لطلبها
جلست ليلي وقالت وهي تنظر الى طبقها
- هل هذا لي ؟
سحبت الطبق أمامها وقالت
- أكاد أموت جوعا .
وهجمت على الطبق تأكل بأستمتاع وحسدتها مرام على راحة بالها .. أنتهت مرام وليلي من طعامهما أولا وكان صالح مازال يأكل عندما وقفت مرام ووقالت أنها ستذهب الى الحمام وطلبت من ليلي أن ترافقها وفى دورة المياة سألتها مرام على الفور
- ها .. ماذا قال لك ؟
ضاقت عينا ليلي غضبا
- نعم ذكرتني .. ذلك المدعو فودة أصبح مجنونا .. ماذا حدث له .. لم يكن هكذا أبدا ولم هو غاضب منك الى هذه الدرجة ؟ .. عندما طلبت منه أن يبتعد عنك الأن لأن خطيبك معك كاد أن يضربني .
تأوهت مرام .. لقد نسيت أن تحذر ليلي من أن تقول له شيئا عن خطبتها لصالح بالتأكيد جن جنونه الأن أكثر مما هو
- وماذا قال ؟
- قال أنه لن يتحرك من هنا حتى يراك ويتكلم معك .
وقفت مرام تفكر بقلق عن طريقة ما لكي تراه وفي تلك اللحظة دخلت فتاة صغيرة وأمها الى الحمام فقالت مرام لليلي وهى تسحبها الى الخارج
- تعالى معي .
خرجتا وقابلتا ذلك النادل الذي كان يخدم طاولتهم يمر من أمامهما فجاءتها فكرة ونادت عليه
- تحت أمرك يا آنسة .
سألته
- هل يوجد باب خلفي للمطعم .. أستطيع أن أخرج منه دون أن يرانى أحد من رواد المطعم .
أبتسم بخبث مرح
- نعم .. باب المطبخ يخرجك على الشارع الخلفي .
قالت بلهفة وهي تبتسم له
- دلني عليه أرجوك .
بعد دقيقة كانت كلتاهما تخرجان الى الشارع الخلفى للمطعم وأسرعت مرام الخطى وليلي فى اثرها ولمحت فودة واقفا عند موقف السيارات على الناحية الأخرى من الطريق وعينه على باب المطعم .. لوحت له مرام وبعد وقت رآها فاسرع يعبر الطريق متوجها اليها وعندما أصبح أمامها رأت الغضب المشتعل فى عينيه وشفتاه مضمومتان كخط رفيع ..شئ ما بداخلها كان حزينا على الشاب الذى كان دائم الأبتسام والذى كان يضحكها على اللاشئ .. حتى على مآسيهما فقالت
- كيف حالك يا فودة ؟
يبدو أن سؤالها ونبرة صوتها الحنونة أوقفتاه عم كان ينوي فعله .. أرتعشت شفتاه وكأنه سيبكي
- لست بخير يا مرام .
لقد بدا شاحبا وقد فقد بعض الوزن .. ربتت على ذراعه ثم نظرت الى ليلي وقالت
- أنتظر
ثم طلبت من ليلي أن تذهب وتنتظر قرب باب مطبخ المطعم وان ظهر صالح تنبهها , وافقت ليلي مرغمة وذهبت .. جذبت مرام فودة الى جانب الجدار
- أين كنت ؟ .. لقد سألت عنك فى كل مكان ولم أجدك .
- نعم عرفت .. أخبرني سامح وميمي وهذا ما شفع لك قليلا لدي .
قالت بغضب
- حقا ؟ .. شفعت لي .. هل نسيت أنك كدت تقتلني أيها البغل ؟
عبس بشدة
- وأنت ماذا فعلت .. غبت عنك بضعة ايام لأعود وأجدك قد طبقت أبي .
- وماذا كنت تريدني أن أفعل بعد أن سرقت نقودي واختفيت من على وجه الأرض .
شخر ساخرا بغضب
- فيكون الحل عندك هو أن تتزوجي من أبي دونا عن كل الرجال ؟
ردت بسخرية مماثلة
- ويكون الحل لديك أن تقتلني .
نظر اليها بحزن وندم
- آسف حقا .. لم أكن ساعتها في كامل وعيي .. وندمت بعدها وحاولت الأتصال بك لأعتذر ولكنك أختفيت ومعك المخدرات .
ثم نظر الى يديها
- بالمناسبة أين هى ؟
قالت بأستنكار غاضب
- هل أنت أحمق .. هل تريدني أن أسير فى الشارع وأنا أحملهم وكأنهما كيسين من السكر .. لولا ستر الله لتم القبض علي وأنا أنقلهما معي الى بيت أبي فقد أعترضنا كمين للشرطة على الطريق .
قال بغضب
- تعلمين أننى كنت أريدها وأنا هنا من أجلها .
- وكان علي أولا أن أتأكد من أنه أنت فقد أختفيت ولم يعلم عنك أحد أي شئ .
- بالطبع كان يجب أن أختفى فأصحاب البضاعة أشر خلق الله وكانت رقبتي ستطير لولا هروبي .
قالت بتوتر وهي تتلفت حولها بقلق
- أسمع يجب أن أعود الى الداخل فقد يذهب صالح للبحث عني .
أمسكها من ذراعها بقسوة
- أنتظري لحظة .. من صالح هذا .. وهل خطبت له كما كانت تقول صديقتك المخبولة تلك ؟
أبتلعت ريقها بخوف وهي تراه قد بدأ يفقد السيطرة على أعصابه مرة أخرى
- أسمع لا وقت للشرح الأن .. أتصل بي من أي هاتف آخر وسوف نتفق على ..
قاطعها وهو يضغط على ذراعها أكثر بطريقة آلمتها
- سنتفق الأن .. ستعطينى المخدرات لأعيدها لأصحابها وأخلص رقبتي وأنت ستتركين المدعو صالح و ..
قاطعته مرام وكانت خائفة فالوقت يمر ويجب أن تعود الى الداخل فقالت بسرعة
- أخبرني أين تختبئ ؟
- في فيلا صديق لي بالجونة .
قالت بسرعة وقد جاءتها فكرة
- سأكون فى الجونة بعد عشرة أيام وستكون أمانتك معي .
قال بأستنكار
- عشرة أيام ؟
- لا أستطيع نقلها بتلك السهولة .. ليس بعد ما تعرضت له فى أول مرة قمت بنقلها .. ولن أسير بها في الطرقات وأنا أحملها .. سيكون بصحبتي الشخص القادر على نقلها دون أن يثير الشبهات حوله .
- ومن هذا الشخص وكيف تثقين به لتخبريه بشئ كهذا ؟
- لم يعرف ولن أخبره بالطبع .. ولكن وجوده معي سيوفر لي الأمان .
أخيرا أقتنع فودة وتركها تذهب ووعدها بأن يرحل على الفور .
****
عاجلها صالح بالقول عندما عادت مع ليلي
- لقد تأخرتما كثيرا .
قالت ليلي وهى تضحك بطريقة مبالغ فيها
- تعرف الفتيات عندما ينفردا ببعضهم البعض تكثر النميمة ويضيع الوقت .
ودت مرام لو ترفسها بقدمها كي تصمت فقد أبتسم صالح ولكن ابتسامته أتسمت ببعض الريبة فقالت بسرعة
- هل نذهب ؟
دفع صالح الحساب وأوصلهما حتى موقف السيارات وقال لمرام
- هل بقى أمامك الكثير من الوقت فى التسوق ؟
- بالطبع هناك أهم شئ .. فستان الزفاف .
نظر اليها صامتا لبعض الوقت ثم ابتسم وقال
- حسنا نتقابل فى السابعة كما أتفقنا .
شيعهما صالح بعينيه حتى غاصت سيارتهما بين الزحام وقد أكفهر وجهه وهو يعود وينظر تجاه المطعم وقد ضاقت عيناه بنظرة حادة .
****
هبط الليل وكانت مرام تشعر بالأرهاق الشديد من اللف على المحال طوال اليوم وعندما جاء صالح لأخذها من عند بيت ليلي كانت بالكاد تستطيع أن تقف على قدميها وعلق صالح قائلا بسخرية مازحة وهو ينقل حقائب المشتريات الى حقيبة السيارة والمقعد الخلفي
- هل ظل شيئا فى المتاجر لم تشتريه ؟
قالت معلقه وهى تصعد الى المقعد المجاور له
- لعلمك فقط .. هذا لا شئ بجانب ما تشتريه العروس فى العادة .. فلا تنسى المفروشات والستائر وأدوات المطبخ والنيش و ..
قاطعها ضاحكا
- هذا يكفي .. حمدا لله أن هذه الأشياء قد أتفقت على شراءها والا كنا مكثنا فى القاهرة أسبوع على الأقل .
عندما أصبحا على الطريق السريع سألها صالح بعفوية
- أخبريني .. هل صديقتك ليلي لديها خطيب أو صديق ؟
سألته مرام بدهشة
- ولماذا تسأل ؟
هز كتفيه بلامبالاة ورد
- فضول لا أكثر .
عقدت حاجبيها ومر خاطر على بالها جعلها تسأله بحدة
- هل أعجبتك ؟
نظر اليها بدهشة ثم انفجر ضاحكا بشدة
- هل تغارين ؟
نعم كانت تغار ونظرت اليه غاضبة وسألته
- لماذا تسأل سؤال كهذا ان لم تكن مهتم بها ؟
قال بجد
- أنا مهتم بكل ما يمت اليك أنت بصلة .. وجدتها فتاة خفيفة بعض الشئ .
هاجس بداخلها كان يعمل كجهاز انذار راح ينبهها .. هناك شئ ليس عاديا خلف أسئلته هذه فقالت
- نعم .. هناك شخص ما وعلاقتهما شبه جديه .
رمقها بنظرة أهتمام
- حقا ؟
قالت بسرعة
- ولن أقول أكثر من ذلك فأنا لا أحب أن أتحدث عن حياة صديقاتي الخاصة
صمت للحظات ثم قال
- نعم معك حق .. آسف على تطفلي .
لم تقل شيئا وأخذت وضعا أكثر راحة وتظاهرت بالنوم وهي تفكر عن سبب أسئلته تلك وهل شك فى شئ ؟ وظلت هكذا حتى سقطت فى نوم حقيقي .
فكر صالح .. ان شكوكه لا يجب أن تفسد عليه حياته .. وعمله السابق لا يجب أن يسيطر على طريقة تفكيره فما حدث قد يبدو عاديا لبعض الناس .. فعندما تأخرتا فى دورة مياه المطعم شعر بالقلق لطول المدة التى قضيتاها فيه ولاحظ أحد الندل وهو يتهامس مع زميل له وينظران تجاهه .. تظاهر بعدم ملاحظته لشئ وجلس بصبر حتى عادتا وكان وجه مرام متوترا وصديقتها تثرثر بلا سبب وأثناء دفعه للحساب لاحظ تلك النظرة التى تبادلتها صديقة مرام مع ذلك النادل .. وبعد انصرافهما لم يستطع أن يقاوم حاسته البوليسية التى تخبره بأن هناك شيئا غير طبيعي قد حدث فرجع الى المطعم وعاد يتقمص شخصية ضابط الشرطة التى كان يظن نفسه قد نسيها وبسهولة جعل الشاب يتكلم .. وأخبره أن الفتاتان قد خرجتا من الباب الخلفى للمطعم وغابتا لبعض الوقت ولكنه لم يعلم ماذا كانتا تفعلان بالخارج .. وبسرعة فتح صالح تحقيقا شاملا مع العاملين وأخبره أحدهما أنه شاهدهما تقفان مع شاب عند أول الشارع فطلب رؤية كاميرات المراقبة .. أعترض مدير المطعم ولكن صالح لم يكن فى مزاج لتقبل الأعتراضات واستعان بأحد أصدقاءه فى مديرية أمن القاهرة وبمكالمة هاتفية منه سمح له بالأطلاع على التسجيلات وسجلت الكاميرات لقاء ليلي بأحد الشباب أمام باب المطعم الأمامي ولكن الباب الخلفي لم يكن عنده كاميرات ورأى ما يشبه الشجار كان يحدث بين ليلي والشاب الذى كان يولي الكاميرات ظهره فلم يرى منه صالح سوى جانب وجهه وهو ينصرف فطمأن نفسه أن الشاب ربما يكون صديق ليلي ولا علاقة لمرام بالأمر ومن الجائز أنه كان سينضم اليهما على الغداء ووجوده أفسد خطتهم لذلك تصرفا بأرتباك .
رمق مرام الغارقة فى النوم بجواره وتذكر اللحظة التى أطعمته فيها بيدها .. كانت نظرات عينيها تقول أن مشاعرها تجاهه صادقة وحقيقية فلا يجب عليه أن يشك بها ويظلمها .
****
مصنع طيبة
أنها الزيارة الثالثة لها للمصنع .. فى المرة السابقة زارت المصنع نفسه ولم يأتى بها صالح الى مكتبه وقد خرجا بعدها مباشرة , كان مبنى الأدارة الملحق بالمصنع صغيرا ولا شئ مميز فيه .. أنه ليس كشركة النجار بديكورها الفاخر والمكاتب الأنيقة وتساءلت عن مدى ثراء صالح .. لقد أخبرها أن أمه تركت والده لأنه كان فقيرا وقد عمل بعدها واجتهد حتى بنى نفسه ولكن الى أى درجة هى لا تعلم .. وقد أعطاها بطاقته الأئتمانية ولم يحدد لها مبلغا ولكن بالنظر لما حولها وحال بيت المزرعة فانهما لا يقولان أنه فاحش الثراء وهي ليست فى وضع يسمح لها بسؤاله .. على الأقل ليس الأن ربما بعد الزواج سيحق لها مناقشته فى الأمور المالية .
كان موظف الأستقبال الشاب سعيدا وهو يأخذها بنفسه الى مكتب صالح الذى تفاجأ بزيارتها وكانت رباب معه فى غرفة المكتب .. حيتها مرام ببشاشة لا تعكس الضيق الذى شعرت به وهى تراهما معا على أنفراد .. شعور الغيرة هذا جديدا عليها فهي لم تغار على رجل من قبل .. ربما يكون ذلك لأنها لم ترتبط برجل بصفة جدية كما هي الأن .. وقف صالح عن مقعده وابتسم لها
- زيارة غير متوقعة .. لماذا لم تخبرينى ؟
- ألم تسمع من قبل عن المفاجأة .. أردت أن أفاجأك وأدعوك على الغداء .
ثم أقتربت منه حتى كادت أن تلتصق به ورأت وجه رباب يشحب ونظراتها تظلم فشعرت بالرضا لذلك ويبدو أن صالح قد شعر بتأثر رباب فتراجع بعيدا عن مرام وقال
- أجلسى .. سأنهي بعض الأمور ونخرج بعدها .
أطاعته مرام وجلست على أحد المقعدين أمام مكتبه وجلست رباب على المقعد الآخر وعادا للعمل .. راحت مرام تراقب رباب خلسه وفكرت ساخرة أن تلك الفتاة فاشلة تماما فى أخفاء عشقها لخطيبها أو ربما هي تقصد ذلك لتلفت نظره اليها .
بعد نصف ساعة من الملل قد شعرت به مرام بسبب جلوسها تستمع فيها الى أرقام لا تفهمها .. لقد خرجت اليوم من البيت لأكثر من سبب أهمهم أنها لم تعد تطيق الضوضاء التى يحدثها الجميع .. فالعمال يعملون على قدم وساق فى الجناح الغربي لتجهيزه وفرشه قبل يوم الدخلة وفى الناحية الأخرى من المنزل لا تكف النساء عن الطبل والزغاريد وهم يجهزون الولائم ليلة الحنة وكتب الكتاب ويشاركهم الأقارب والجيران فأصبح البيت يمتلئ بهم على الدوام وودت مرام لو تعود الى الأسكندرية وتبقى عند خالها لهذه الأيام القليلة المتبقية ولكنها كانت تخشى أن يظهر عصام فى وجهها خاصة وأن خالها أخبرها بأنه لم ييأس ويفقد الأمل بعد فى عودتها اليه .. وأخبرها بأنه سيأتى بزوجته وحماته ليلة الحنا وكان صالح قد دعا نصف المدينة على الأقل مفسرا لها الأمر
- لأن معظمهم لن يحضر الزفاف فكان يجب أن أقيم مأدبة أدعو لها جميع الأقارب والمعارف أرضاء لهم كما أن هذه عاداتنا فى هذه الناحية من البلاد .
فتم تجهيز الذبائح واستعدت النسوة بتحضير ما يلزم .
نهضت رباب أخيرا وودعتهم ثم خرجت فسألته
- ما وظيفتها هنا ؟
- هي فى الأساس محاسبة ولكنها رئيسة قسم شؤون العاملين .
قالت ساخرة
- رئيسة ؟ .. بالوساطة بالطبع لأنها قريبتك .
رد صالح بهدؤ لا يخلو من الصرامة
- لا .. لأنها كفؤة وتجيد عملها .. بدأت موظفة أستقبال أثناء دراستها الجامعية وبعد تخرجها عملت محاسبة مع والدك ثم أنتقلت لتصبح مساعدة لرئيس قسم شؤون العاملين وبعد تقاعده أستلمت مهامة بكل أقتدار .
شعرت مرام بالغيظ من دفاعه عن رباب وتصويره لها كما لو كانت المرأة الخارقة , ألا يرى أفتتانها به ؟ هبت من مكانها بحدة فرفع حاجبيه بدهشة متساءلا فقالت بعصبية
- ألن نذهب أم ستقضي الوقت تتغزل فى مواهب أبنة عمك ؟
ضاقت عيناه
- وما معنى تلك العصبية ؟
ودت لو تصرخ فى وجهه وتلقى بأي شئ كبير وثقيل على رأسه ولكنها قالت من بين أسنانها بغيظ
- لا شئ .
دار صالح حول المكتب ودنا منها بخفة فشعرت بالضعف يصيب ركبتيها .. الأمور بدأت تفلت من بين يديها وان استمرت على تلك الحال هو من سيسطر عليها لا هي .
جذبها من يدها وقربها منه وهو يبتسم بمكر قائلا بصوت خمول
- تصبحين أكثر اثارة وجمالا وأنت تغارين .
تهدجت أنفاسها وقالت
- أنا لا أغار .
قربها منه أكثر فصارت أضعف ودقات قلبها أعنف .
كان شبه جالسا على حافة مكتبه الأن وهى قريبة منه لحد لا يحتمل ورأسها أصبح فى مستوى رأسه وعندما نظرت الى عينيه وجدتهما مظلمتين بنظرة جعلت الدموع تصعد الى عينيها .. دموع شوق وعجز .. شوق الى شئ لم تعيشه وتشعر به من قبل وعجز تام عن مقاومته والأبتعاد عنه .. ترك يدها وأخذ وجهها بين راحتيه وقال بصوت منخفض أجش
- كم تبقى على ليلة زفافنا ؟
أبتلعت ريقها وقالت
- ثلاثة أيام .
- سوف يكونوا كالجحيم بالنسبة لي .
هزت رأسها ولم تمنع نفسها من القول
- أنا أيضا .
ضحك متأوها
- قولك هذا لا يساعد أبدا .
وضع شفتيه على جبينها وقبلها بعمق ثم أبعدها عنه بحزم
- هذا يكفي .. سأفقد السيطرة على نفسي بعد ذلك وسيكون وضعا مؤسفا لو دخل أحد علينا خاصة والدك .
ذكره لوالدها أفسد عليها اللحظة فتراجعت بعيدا عنه وقالت بجفاء
- هيا نذهب اذا .
****
وهما فى السيارة سألته
- هل أنهيت حجز شهر العسل ؟
بعد عودتهما من القاهرة أقترحت مرام على صالح فكرة أن يقضيا شهر عسلهما فى الجونة ووافق صالح دون اعتراض وقد قفزت تلك الفكرة على خاطرها بمجرد أن أخبرها فودة بأنه يختبئ هناك فوجود صالح معها وهى تحمل المخدرات سيجنبها الشبهة كما حدث على الطريق
- نعم .. وفي فندق كما أقترحت .
تنهدت بأرتياح .. قريبا ستتخلص من ذلك الهم وتبدأ حياة جديدة بلا مشاكل ولا هموم .. غير وجود والدها الذى أصبح لا يطاق .. فهو دائم العصبية فى وجودها ونظراته اليها كلها حقد .. حاولت أن تتجنبه كما أنها لم تعد تضايق نهال فقد رأت أثر مضايقتها لها على صحتها فتوقفت .
وفى المطعم
قالت مرام بعد تردد
- صالح .
ابتسم لها فتابعت
- أريد بيتا لي وحدي .
أختفت أبتسامته وسألها
- لماذا ؟ .. البيت كبير وسيكون لنا جناح خاص بنا ونهال كما ترين لن تزعجك فى شئ .
- المشكلة ليست فى شقيقتك .. المشكلة فى أبي .
زفر صالح بضيق
- أعلم .. لاحظت طريقته ولم تعجبني ولكن ليس بيدي حيلة أنه فى مقام أبي ولا أستطيع تعنيفه من أجلك وأنتقالنا من البيت صعب بل مستحيل أنه بيت العائلة وهو ملكي .. ونهال أيضا لن أسمح لها بالخروج منه .
قالت بلهفة
- لا .. لا أقصد أي شئ من هذا ولكني كنت أفكر أن يكون لنا شقة فى الأسكندرية نلجأ لها عندما نشعر بالحاجة الى الأنفراد بأنفسنا والأبتعاد عن الضغط .
- لديك شقة بالفعل .
- نعم ولكنها صغيرة .
قال صالح بصبر
- لسنا فى حاجة الى شقة أكبر فى الوقت الحالى ولكني أعدك بمجرد أن تنصلح أحوالي المالية سوف أشتري شقة تطل على البحر وتقومين بتجهيزها كما تشائين.
سألته وهى عابسة
- ماذا تعني بأحوالك المالية ؟
شرح لها قائلا
- لقد قمت بتحديث المصنع وتجديد الماكينات مما أضطرني الى الأستدانة من البنوك لتغطية التكاليف وسيأخذ بعض الوقت حتى تدار الأرباح وأستطيع سداد ما علي وبعدها ستكون الأرباح خالصة لنا لنفعل ما نريد .
فكرت مرام بينها وبين نفسها قائلة .. أرجو أن تنصلح تلك الأحوال قريبا فأنا لن أتحمل العيش فى تقشف .. فيكفيني تقشفا .
سألها صالح
- والأن ماذا ستأكلين ؟
ردت بما يشبه الأحباط
- مثلما أكلنا فى المرة السابقة .
وبعد الغداء عرضت مرام موضوعها الثاني والذي قلب الجو بينهما الى حد الخصام فقد قالت له أنها تريد الحجز عند طبيب أمراض نساء فسألها عن السبب فأجابت بهدؤ
- أريده أن يصف لي وصفة لمنع الحمل .
الفصل التاسع
من رواية .. وغابت شمسها
وبعد الغداء عرضت مرام موضوعها الثاني والذي قلب الجو بينهما الى حد الخصام فقد قالت له أنها تريد الحجز عند طبيب أمراض نساء فسألها عن السبب
- أريده أن يصف لي وصفة لمنع الحمل .
كانا على الطريق فانحرف صالح بالسيارة بحده جعلتها تتخبط فى مقعدها ثم أوقف السيارة على جانب الطريق ضاغطا على المكابح بشكل مفاجئ متجاهلا أحتجاجات أصحاب السيارت التى فاجأتها حركته
- ماذا تقولين ؟
كان قد استدار بكامل جسده ناحيتها والشر يتطاير من عينيه فقالت وقد اتسعت عيناها خوفا
- ماذا قلت ؟ .. لا شئ غريب فيما قلته .. معظم الأزواج يفعلون ذلك الأن .. تأجيل الحمل بضعة أشهر حتى ..
قاطعها بحده
- حتى ماذا ؟ تعنى فترة أختبار ليروا ان كان الزواج سينجح أم لا .
أنكرت بسرعة
- لا .. ليس لهذا السبب .. أنها فترة ليستمتع كلاهما بالآخر .. يأخذون وقتا حتى يعتادا على الحياة معا قبل مجئ الأطفال .
تفحص وجهها بحدة لبعض الوقت
- هذا الأمر لا يعجبني .
قالت بعناد وقد ذهب خوفها من ردة فعله
- وأنا لي رأيي فى هذا الأمر .. فأنا من ستحمل وتلد وتربي .. ولا أريد أن أجد نفسي حاملا بعد شهر من الزواج وأعاني من الوحم والتضخم وما الى ذلك .
لم تكن هذه كل الحقيقة .. فهي لا تجد لديها الرغبة في أن تصبح أما .. لا تجد فى نفسها القدرة على أعطاء أي مشاعر لأي مخلوق حتى ولو كان طفلها .. ليس الأن على الأقل والمستقبل مازال غامضا بالنسبة لها .
أشاح صالح بوجهه وعاد لينطلق بالسيارة وظل صامتا ومتجهما بقية الطريق حتى أوصلها الى البيت ولم يدخل معها وقال باقتضاب
- سأعود الى المصنع .
كانت هي أيضا غاضبة فاستدارت عنه بحده ودخلت الى البيت دون وداعه
****
فى حجرة نهال
جلس صالح على مقعد بجوار فراش شقيقته وكان مازال يشعر بالضيق الشديد وقد عرض عليها المشكلة التى حدثت بينه وبين مرام فقالت له
- ليس سيئا الى هذه الدرجة يا صالح .. هناك الكثير من الأزواج يفعلون ذلك هذه الأيام .. أصبحت موضة كما يقولون .
- كنت أظن أنك ستكونين فى صفي .. تريدين رؤية أولادي بسرعة كما كنت تتمنين
تنهدت وقالت
- آه لو تعلم كم أريدهم .. ولكنني أريد سعادتك قبل أي شئ .. أي طفل ستنجبه أنت ومرام لن يكون فقط ابن أخي الغالي سيكون كذلك حفيد زوجي .. هذا الطفل سيجمعني به برباط أقوى .. ولكن لا بأس لو ننتظر بضعة أشهر قليلة .. تتمتع فيهم بعروسك وتتفاهمان جيدا قبل مجئ الصغير ليأخذها منك .
وغمزت له بمكر ضاحكة فابتسم لها وشبه أصبح مقتنعا برأيها وما عليه الأن سوى الذهاب لرؤية مرام ليعلن لها ذلك .
****
في حجرة الجلوس
جلست مرام على الأريكة تثني ساقيها تحتها وهى تقلب قنوات التلفاز دون هدف تنتظر خروج صالح من حجرة شقيقته والتى دلف اليها فور حضوره مباشرة وكان مازال عابسا وقد حياها بجفاء جعل والدها ينظر اليهما بفضول .. حاولت تجاهله وهو جالس على الأريكة الأخرى يتظاهر بقراءة صحيفة قديمة ولكنها كانت ترى نظراته المتشفية التى يلقيها عليها من حين لآخر حتى كادت أن تنفجر فى وجهه صارخة .
تحدث اليها فجأة مما جعلها تجفل وتلتفت اليه بحده
- هل ظننته مثلي ؟ .. أنه مصنوع من طينة أصلب بكثير .. أنت لا تعرفينه حتى الأن.
قالت ببرود متصنعة اللأمبالاة
- لا أعرف عن ماذا تتحدث ؟
ضحك بخفوت ساخرا
- حقا ؟ .. لقد لاحظت طريقته المتصلبة معك منذ قليل .. ورأيت امتعاضك وضيقك وهذا يعني أنه لم يوافقك على شئ تريدينه .. صالح لا ينفع معه حيل النساء الرخيصة ولا تنطلي عليه ألاعيبهن .. أنه رجل .
تأففت مرام بضيق شديد وتلوت أحشاءها بعصبية وأرادت الأنتقام منه فقالت ساخرة
- وأنت لم تكن كذلك ؟ .. يبدو أن ما فعلته بك أمي أصابك بعقد نفسية يستحيل علاجها .
أشتعل وجهه غضبا
- أمك كانت شيطانة .
قالت بنفس البرود
- بل كانت أمرأة .. أمرأة أقل من عادية ولكن أنت من تركتها تهزمك وتفعل بك ما فعلته .. ليس بسبب قوتها بل بسبب ضعفك وما كنت تسميه أنت حبا .. لم يكن لديك كرامة لكي تتركها وتمنعها عن سحق كبرياءك كما فعلت .. فلا تضع عليها اللوم كله.
وقف بحده وجسده ينتفض انفعالا
- لقد أحببتها بصدق ولو كانت قد طلبت روحي لأعطيتها لها ولكنها ألقت بقلبي فى وجهي .. بادلت المعروف بالخسه والعطف بالقسوة حولت عشقي لها لنقطة ضعف كانت بها تعذبني ... كنت أأمن أن لا وجود للكرامة والكبرياء فى الحب لهذا تنازلت وتنازلت حتى وجدتني قد صفيت من الداخل وأصبحت خاويا كالوعاء الفارغ ثم ألقت بي بعيدا بعد أن أنهكتني وأنهتني .
اتسعت عينا مرام جزعا وهي ترى أمامها شبح رجل معذب عيناه تبدوان وكأنهما رحلتا لعالم آخر .. عالم ذكرياته التعيسة .. ولأول مرة تشعر بالعطف تجاهه وتفهم ما قاله لها خالها مروان من قبل عن معناته .
سألها بصوت مضطرب
- هل ستأتي لحضور الزفاف ؟
كان يسأل عن أمها وقدرت أن سبب ضيقة وتحامله عليها الزائد عن الحد خلال الأيام الماضية كان لهذا السبب فسألته بهدؤ
- هل مازلت تحبها ؟
نظر اليها بحدة وعصبا ينتفض بجانب صدغة فلم تحتاج الى اجابة منه لتفهم فقالت وقد قررت أن تبتعد عن استفزازه فيكفيه ما يعانيه
- لا .. لن تأتي .. لم أدعوها فى الواقع وطلبت من خالي مروان أن لا يذكر لها شيئا عن زواجي .
ثم أبتسمت ساخرة بمرارة وهي تتابع
- لا يهمني وجودها من عدمه .. فكما كانت زوجة سيئة لك .. كانت أما أسوأ بالنسبة لي .
لاحظ صالح الجو المتوتر بين مرام ووالدها عندما دلف الى حجرة الجلوس وقد استأذن أحمد فور دخوله وتركهما وحدهما
قال لها صالح دون مقدمات
- لقد قامت نهال بالحجز لك عند طبيبها الخاص وسنذهب اليه معا فى الغد .
نظرت اليه بدهشه فقال متبرما
- ولكن يجب أن تعرفي بأنني لن أسمح بأن يطول هذا الأمر لأكثر من بضعة أشهر فقط .
قفزت مرام من فوق الأريكة وأسرعت اليه واحتضنته بقوة فقال بارتباك وهو يطوقها بذراعيه
- قد يعود والدك مرة أخرى أو تقتحم أم عبيد المكان مدججة بسكاكين المطبخ وتقضي علينا .
أبتعدت عنه ضاحكة وهى تقول
- ولما كل هذا .. قصدي شريف تماما وبلا نوايا سيئة .. أردت فقط أن أشكرك على تفهمك لي .
ضحك وقال
- اذن سوف أقوم بالكثير من الأفعال البطولية فى المستقبل كي تقومين بشكري دائما بهذا الشكل .
شعرت بحنان جارف تجاهه وقالت
- أنت رائع حقا .
جذبها بين ذراعيه غير مبالي لمن يراهما وقال برقة
- وأنت أروع بكثير .
****
أقيم الزفاف فى فندق شيراتون القاهرة ولم يحضره من جهة مرام غير خالها مروان وزوجته وحماته وصديقتها ميمي التى ظلت متجهمة ومتعبة طوال الوقت ولم يتسنى الوقت ولا الظرف لمرام لكي تسألها عن مشكلتها ولا عن سبب أختفاءها خلال الأيام الماضية .
كان صالح فى قمة سعادته ورأت مرام كيف أن الناس تحبه فقد أمتلأت القاعة بأصدقاءه ومعارفه وأقاربه ورأت أحترامهم ومحبتهم له فى نظراتهم اليه وفرحتهم الصادقة من أجله ووجدت نفسها تحسده وتساءلت من يمكن أن يسعد من أجلها هكذا فنظرت بأتجاه خالها الذي كان يولي كل أهتمامه لزوجته الحامل فى شهرها الأول ثم نظرت الى ميمي العابسة والغارقة فى حزنها وأخيرا الى والدها الذى بدا وكأنه يحضر جنازة شخص ما وبجانبه جلست رباب تداري خيبة أملها بابتسامة .
تنهدت مرام بقوة وعادت بنظراتها الى وجه زوجها الجالس بجوارها ووجدت عيناه مسلطتان عليها .. تشع حبا وحنانا ورقة فابتسمت له وتساءلت .. هل من الممكن أن يكون هو الشخص الوحيد الذى سيسعد دائما من أجلها ؟
****
فى حجرة الفندق
سوف يقضيان ليلة زفافهما فى الفندق وغدا بعد الظهر سيكونان فى طريقهما الى الجونة لقضاء شهر العسل الذى قدر بعشرة أيام فقط .
كانت مرام قد حزمت ما ستحتاجة لهذه الليله فى حقيبة صغيرة وتركت بقية حقابها كما هى وأثناء وجود صالح فى الحمام تأكدت من أن المخدرات قابعة بأمان فى قعر حقيبة ملابسها فغدا سوف تكون بالجونة ومن هناك ستحاول الأتصال بفودة وايجاد طريقة ما لتسليمة تلك التهمة وتنتهي من همها نهائيا .
خرج صالح من الحمام يلف خصره بمنشفة فقط .. شهقت مرام وأحمر وجهها حرجا فقال ضاحكا بحرج
- آسف .. لقد نسيت أن آخذ ملابس معي .
أشاحت بوجهها بأرتباك وأسرعت الى الحمام بدورها وهي تحمل قميص نومها بين يديها وعندما أغلقت الباب استندت عليه خافقة القلب وكانت ماتزال ترتدي ثوب زفافها .. لم تكن تظن أنها ستكون خجولة الى هذه الدرجة وخائفة ايضا .. مازال صالح غريب عليها وأقامة علاقة حميمية معه تخيفها وتكاد لا تتخيلها لأنعدام خبرتها رغم انجذابها الشديد نحوه .
قضت مرام مدة طويلة فى الحمام وعندما خرجت وجدت صالح واقفا بجوار النافذة يرتدي سروال رياضي وتي شيرت .. لاحظ نظرتها الى ما يرتديه وقال مازحا
- آسف مرة أخرى .. فأنا أكره أرتداء البيجامات الحريرية .
أبتسمت له وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها البارز من تحت قميص نومها الأبيض
- لا عليك .. هكذا أفضل .. ليتني أستطيع أن أفعل مثلك .
قال بعبث وهو يقترب منها ببطئ وعيناه تحومان عليها بجرأة
- لا لن أسمح بذلك .. أريد أن أرى كل الأشياء التى أشتريتها من أجلي لقد صبرت كثيرا حتى أراها .
أشتعل وجهها أحمرارا وراحت فجأة تفكر فى طريقة ما للهرب ولكن عندما أصبح بالقرب منها أسقط في يدها .. وعندما جذبها بين ذراعيه نسيت كل شئ عن فكرة الهرب واستسلمت له منصاعة اليه بكل كيانها .. وكأنما تحولت لشخص آخر .. تعيش في عالم آخر .. تنتابها أحاسيس ورغبات جياشة .. تتلذذ بألمها وحلاوة مرها .. تصرخ وتحتج .. تبتعد .. ثم تعود وتقترب .. لا تفهم بالضبط ماذا تريد أو ما يجب عليها فعله .. وكان صالح صبورا ومراعيا لقلة خبرتها وخوفها .. فكان حنانه لا يوصف ولم يحرمها من كلمات الحب التى كانت من رقتها قد دفعت الدموع لتسيل من عينيها .. وبصوت يرتعش كجسده كان يهمس لها
- هذا ليس حبا .. ولا يمكن أن يكون عشقا .. فما أشعر به تجاهك لا أسم له .. أنه شئ لم يخلق لأحد غيري ولم يشعر به أحد من قبلي .
ثم دفن وجهه فى عنقها يتنفس عطرها الذى ألتصق بجلدها
- لقد انتظرتك طويلا .. ليتنى أستطيع أن أعبر كل الأيام والسنين الماضية وأكون الى جوارك منذ لحظة ميلادك .
ضمته مرام اليها بقوة وهي عاجزة عن التعبير عم تشعر به بالكلمات ولكنها قررت أن تعبر عنها بالأفعال وكما أسعدها أسعدته وقضيا ليلة زفافهما كأفضل ما يمكن أن تكون ليلة العمر .
****
فندق موزايك الجونة
وقف صالح فى شرفة غرفتهم بالفندق يتأمل المنظر الرائع للبحر الهادئ .. مازال هناك لسعة برد ولكنها منعشة وخفيفة ولا يمكن أن تؤثر أو تقلل من حرارة عواطفه .. ان كان قد تمنى يوما أن يجد السعادة مع أمرأة يحبها فانه لم يتخيل أن تصل سعادته الى هذه الدرجة من القوة .. فعندما يصل به الأحساس بالحب الى درجة البكاء
فهذا يعني أنه حصل على أكثر مما حلم وتمنى .. ارتسمت على شفتيه ابتسامة حالمة وهو يتنشق ويعبئ صدره من هواء البحر وبعد لحظات استدار ودخل الى الغرفة .. لقد أنتهى ومرام من تناول افطارهما منذ قليل وقررا أن يخرجا الى الشاطئ فمنذ مجيئهما منذ يومين وهما لم يتركا غرفتهما أبدا .. اتسعت ابتسامته وهو يفكر بأنه كان قرارا مشتركا فحبييته كانت سخية جدا فى منحه حبها ولم تخفي عنه لهفتها التى تماثل لهفته اليها .. وكأن تفكيره بها قد استدعاها فتمثلت أمامه على الفور خارجة من غرفة النوم .
سألها بدهشه وهو يتأمل ماترتديه وقد بدأت مشاعره تشتعل من جديد
- هل غيرت رأيك ولن نخرج ؟
شهقت وضربت جبينها بكف يدها وهي تستدير عائده الى الغرفة وتقول
- معك حق لقد نسيت .
ثم عادت بعد لحظات وهي تضع حقيبة كبيرة من القماش على كتفها وهي تقول ضاحكة
- لقد نسيت حقيبتي .. وفيها كريم الشمس والنظارة .
وقف عاجزا عن الكلام يحدق بها للحظات وهي تنظر اليه مبتسمة وتقول
- هيا بنا .
ما لبث صالح أن أنفجر ضاحكا .. ضحك بشدة حتى دمعت عيناه من شدة الضحك ووقفت مرام تنظر اليه بدهشة ومازالت الأبتسامة على شفتيها وهي لا تفهم سبب ضحكه الشديد
- ماذا ؟!!!
ثم قالت ضاحكة بحيرة
- ماذا هناك حقا .. هل هناك شيئا خاطئا بي ؟
أقتربت بسرعة من المرآة التى بجوار الباب وتأملت نفسها من كل جانب ولم تجد شيئا فاستدارت اليه وكان قد ألقى بنفسه عل مقعد بقرب الشرفة وهو مستمر بالضحك
وكان يحاول أن يسيطر بصعوبة على ضحكه وهو يشير اليها بيده من أعلى لأسفل فجاء صوته متقطعا
- هل .. حقا .. تعتقدين .. أنك ستنزلين معي وأنت ترتدين هكذا ؟
أختفت الأبتسامة من على شفتيها ونظرت الى ملابسها عابسة .. كانت ترتدي ثوب سباحة وفوقه رداء بحر مشجر ومعقود حول عنقها تاركا كتفيها وجزء من ظهرها عاريين وكان ملفوفا عليها ومفتوح من الأمام حتى منتصف فخذها .. لقد دفعت في هذا الطقم مبلغ كبير
- أنها ملابس بحر .. ستجد الجميع هنا يرتدون هكذا .
هدأ ضحكه ووقف مقتربا منها
- نحن لا نتحدث عن الجميع بل نتحدث عنا نحن .. ان رأى الرجال كل هذا منك .. ماذا سيبقى لي كي أراه وحدي .
لوت شفتيها ونفخت بضيق
- وماذا تريدني أن أرتدي .. كيف سأنزل الى البحر ؟
- لا تعقدي الأمور هناك العديد من أثواب البحر أكثر حشمة مما ترتدينه الأن ونستطيع أن ننزل الى المتاجر هنا ونجد لك شيئا ملائما .
قالت بعناد وقد بدأت تشعر بالغضب
- لن أرتدي تلك الأشياء التى ترتديها النساء على الشواطئ العامة وتجعلهم أشبه بالضفادع البشرية .
حاول صالح أن يظل صبورا وقال بهدؤ
- مرام .. لن تنزلي عارية بهذا الشكل .. لن أكون رجلا لو سمحت بذلك .
عقدت ذراعيها أمام صدرها وقالت بعصبية
- وأنا لن أنزل الا هكذا .
زم شفتيه وانقلبت سحنته بجمود وقال
- اذن أبقي هنا ولا تنزلي .
حدقت به بغيظ ثم استدارت وسارت غاضبة الى غرفة النوم وأغلقت الباب بقوة فى وجهه .
ألقت بحقيبتها على الفراش وجلست تهز ساقها بعصبية وهي تجز على أسنانها .. لن تجعله يفرض رأيه عليها .. أنها واثقة من أنه لن يتحمل زعلها وسيأتي ليصالحها .. فخلال الأيام الماضية عرفت مدى تأثيرها عليه فكان دائما عاجزا عن ابعاد يده عنها ويحب مراضاتها .. وعندما يأتي الأن ليصالحها ستتدلل عليه قليلا ثم تسامحه ولكن .. مر الوقت ولم يأتي .. أقتربت من الباب وأنصتت السمع وكان الهدؤ تاما بالخارج .. عادت وجلست على الفراش تنظر الى الباب عابسة وهي تتساءل أين هو الأن ؟ مرت أكثر من نصف ساعة فوقفت وقررت أن تخرج وترى ما الأمر .
وجدت الغرفة فارغة فوقفت فاغرة فاها بذهول .. لقد خرج وتركها وحدها .
****
مر بعد الظهر سريعا وانتصف النهار ومرام فى الغرفة وحدها تتميز حنقا وغيظا من تصرف صالح وعندما بدأت معدتها تأن من الجوع أمسكت هاتفها وفتحته لتتصل به وقد قررت أن تتشاجر معه وبمجرد أن فتحت الهاتف تعالى رنين الرسائل الوارده ووجدت رسالة من فودة فتحتها بعصبية وقرأتها
( أين أنت ؟؟؟؟ لماذا هاتفك مغلق؟؟)
بقى يوم على مهلة العشرة أيام التى وعدته بها .. وتلك التهمة التى بلاها بها مازالت فى حقيبة سفرها .. كانت تعلم بأنها لن تستطيع الأنفراد بنفسها على الأقل خلال الأيام الأولى من زواجها وعندما ستجد الفرصة سوف تتصل به .. أعادت أغلاق الهاتف وألقت به على الأريكة .
عاد صالح وكان شعره مبتلا وقميصه ملتصقا بجذعه فضاقت عينا مرام بشدة عليه..
لقد كان يسبح .. تركها هنا وقضى يومه بسعادة على الشاطئ .
سألها بهدؤ
- هل طلبت الغداء ؟
ردت بعنف
- لا .
تجاهلها وهو يسير الى غرفة النوم
- أطلبيه اذن حتى أنتهي من أخذ حماما .
حدقت فى اثره وهي لا تصدق البرود الذى يتعامل به معها ولولا أنها تكاد تموت جوعا لرفضت طلبه .
وصل الطعام وجلسا يأكلان بصمت وبعد أن أنتهيا سألها صالح بطريقة عادية
- هل ترغبين بالخروج ؟
قالت على الفور بحدة
- لا .
وقف عن المائدة قائلا بلامبلاة
- كما تشائين .
أحمر وجهها وكادت أن تبكي غيظا
- سأنام ساعة .
وذهب الى غرفة النوم .. لوت شفتيها بمرارة .. فهذه الساعة كان يناماها معا .. أنها حرب ارادات اذن ... وسوف لن ينتصر فيها عليها .. وبعد أن أصابها الملل خرجت الى الشرفة وتمددت على مقعد طويل تحاول التظاهر بالأسترخاء ولكنها فى الحقيقة كانت عكس ذلك تماما .. مر الوقت وبدأت تشعر بالبرد فعادت الى الداخل ووجدت صالح فى وجهها وآثار النوم بادية على وجهه فعبست به رافعة رأسها بكبرياء ومرت من جواره صامته وأقسمت أنها رأت ابتسامة ساخرة ترتسم على شفتيه ولكنها لم تتبينها جيدا .
وقالت ببرود
- سأنام أنا أيضا ساعة .
وأغلقت الباب بحدة كما فعلت قبل ذلك .
****
عندما أستيقظت مرام ووجدت الظلام قد حل .. لم تعرف كيف سقطت فى النوم سريعا فجلست فى الفراش تتثاءب بقوة وللمرة الثانية لم تجد صالح فى الغرفة فصرخت بغيظ وهي تضرب الأرض بقدميها .. سوف تريه فهو لن يتحمل مقاومتها , عادت الى غرفتها وارتدت قميص نوم جديد كان طويلا ويبدو للوهلة الأولى أنه محتشما ولكن نوع القماش وقصته يعطيانه أغراء أكثر من القصير والشفاف ثم تمددت على الأريكة تشاهد التلفاز وتنتظر .
بعد منتصف الليل بنصف ساعة عاد صالح وكانت مرام كما هي فى مكانها ولكن غضبها كان أكثر أشتعالا وعندما واجهها بابتسامته الهادئة أنفجرت فيه غاضبة
- لن أتحمل معاملتك هذه .. تتجاهلني بهذا الشكل المقيت وتخرج على راحتك .
قال وقد أصبح وجهه صارما كصوته
- لقد سألتك ان كنت تريدين الخروج وقلت لا .. ماذا أفعل .. أحملك وأخرج بك رغما عنك ؟
جزت على أسنانها بغيظ
- لا .. ولكن أتركني وحدي طوال اليوم وعش حياتك وحدك .
لمعت عيناها بالدموع وهي تستدير وتدخل الى غرفة النوم ومنها الى الحمام .. غسلت وجهها وجففته ثم عادت الى الداخل لتجد صالح بأنتظارها .. أقترب منها وحاول معانقتها ولكنها رفضت وابتعدت عنه بحده فقال
- هيا .. أنا آسف .. دعينا ننهي هذه اللعبة السخيفة لقد مر كلانا بيوم سئ وفى الحقيقة لم استمتع بأي لحظة وأنا بعيدا عنك .. لقد أشتقت اليك حبيبتي .
شعرت مرام بالرضى وقد حان وقت أنتقامها .. أنه يريدها ونظرات عينيه الى جسدها تقول ذلك وأكثر .. فوقفت بطريقة مستفزة لرجولته وقالت وعيناها ترمشان بخبث وأغراء
- أنا لست جاريتك كي تصالحني متى أردتني .. سوف أنام وحدي الليلة تماما كما تركتني وحدي طوال اليوم .
تسمر صالح في مكانه للحظات حتى أستوعب كلماتها التى لم يتخيل أن تقولها له فى يوم من الأيام فهل هذا نوع العقاب الذى ستمارسه ضده كلما أختلفا فى شئ ما ؟ ثم تحرك وكانت حركاته عنيفة وهو يأخذ ملابس نومه ويدخل الى الحمام .. صعدت مرام الى الفراش وهي تشعر بالرضى عن نفسها وابتسمت بخبث وفكرت أنه عندما يأتي الى الفراش ستستفزه أكثر حتى يفقد سيطرته على نفسه ويتوسل اليها كي تحبه وترضى عنه ولكن رهانها للمرة الثانية قد خسر فقد خرج صالح من الحمام وهو أكثر هدؤا وبرودا وأخذ الغطاء الأحتياطي من الخزانة وخرج من الغرفة مغلقا الباب خلفه بهدؤ شديد .. جلست مرام فى الفراش وقد أصابها الذهول ثم قالت بعنف
- أذهب الى الجحيم .. لن أتأثر .
ولكنها تأثرت وبشدة فقد راحت تتلوى فى الفراش وترفس بقدميها الأغطية وقد جفاها النوم وأضناها الشوق اليه .. لقد طار غضبها وأستياءها منه وظلت حاجتها الى دفئ أحضانه تؤرقها وفى الرابعة فجرا أصبحت لا تطيق البقاء بدونه أكثر من ذلك .
فخرجت من الغرفة وقد سحقت كبرياءها وعنادها بقدميها وتقدمت من الأريكة التى ينام عليها ومن خلال الضؤ الآتي من الشرفة رأته ممددا على بطنه ويده فوق رأسه والشرشف يغطية حتى خصره .
أحتارت ماذا ستفعل .. كان فمه نصف مفتوحا دليلا على أنه غارقا فى النوم وقد أغاظها هذا بشدة ففى الوقت الذى تتلوى فيه شوقا اليه ينام هو قرير العين وغير شاعرا بها فقفزت من فوق ظهر الأريكة واستقرت فوقه غيرعابئة بأن حركتها آلمته فهو يستحق الوجع .. أنتفض صالح واستيقظ مفزوعا وصاح
- ماذا ؟
قالت
- أنه أنا .
صاح بها
- وماذا تفعلين بحق الله ؟
- أنام .
قال مزمجرا وهو يحاول رفع ثقلها عن ظهره
- عودي الى فراشك .
- خائفة .
رد بعصبية
- كنت تعيشين وحدك فى شقة طويلة عريضة ولم تخافي .
ردت ببرود
- صرت أخاف الأن .
عاد يقول وصوته مخنوق
- قلت أذهبي من هنا .
لفت ذراعيها حوله واندست به أكثر
- تعال معي اذا .
لف حول نفسه بحركة حادة وأصبح مواجها لها يتكئ على جنبه قائلا بغضب ساخر
- أنا لست عبدا لديك كي تأتي الي عندما تريدينني .
أرتعشت شفتيها بابتسامة فقد كان يعيد عليها ما سبق وقالته له
فقالت بصوت مثير
- سأرضى أن أكون جاريتك اذا وافقت أنت أن تكون عبدي
واقتربت بوجهها منه فتراجع مجفلا الى الخلف مما جعله يسقط من فوق الأريكة على الأرض في مشهد مضحك تعالت له ضحكات مرام المرحة فجلس صالح على ركبتيه ينظر اليها بغيظ للحظات ثم شاركها الضحك , مدت يدها تداعب وجهه وهى تقول بصدق وندم شديد
- آسفة .. والله آسفة وأعترف بخطأي .
نظر الى عينيها النادمتين قائلا وقد عاد وجهه للعبوس
- لن تفعلي ذلك مرة أخرى .. مهما حدث بيننا من خلاف لا تبعدينني عنك بتلك الطريقة أبدا مفهوم .. هذه طريقة لا تليق ببنات الأصول فمن تلجأ لمعاقبة زوجها والضغط عليه لتنفيذ مطالبها بأن تحرمه من حقوقة عليها فهي ..
وضعت كفها على فمه لتمنعه من قول المزيد
- فهمت ولن يحدث هذا مرة أخرى أبدا .. وأنت أيضا لا تعاقبني بأن تتجاهلني بهذا الشكل .
قبل كفها وأمسك يدها بيده
- وأنا أيضا آسف .
وفى لحظات كان يقف ويحملها بين ذراعيه عائدا بها الى غرفة نومهما وقلباهما يتنافسان أيهما أكثر سرعة فى دقاته من قلب الآخر .
****
الفصل العاشر
من رواية .. وغابت شمسها
قراءة ممتعة ❤️😍🤩
أيقظها بقبلة على قمة أنفها فتمطعت تحت الأغطية مبتسمة وعيناها مازالت مغلقة
- أستيقظي سنتأخر على رحلتنا .
فتحت عيناها على أتساعهما وقالت بدهشة
- رحلتنا ؟
تأملته .. كان صالح يرتدي ملابسه .. شورت بيج وقميص أبيض واسع وشعره رطبا من أثر الأستحمام , قال مبتسما بمرح
- رحلة بحرية على متن يخت .. حجزتها من أجلك بالأمس .
خرجت من الفراش بسرعة فقد كانت تشتاق للخروج ورحلة بحرية هي أكثر مما تحلم به , أسرعت الى الحمام فاستوقفها بقوله
- لا تنسي أن ترتدي ثوب سباحتك المثير ذاك
فاستدارت اليه بعجب فتابع بسرعة
- ولكن أرتدي فوقة شيئا محتشما .. سآخذك الى مكان تسبحين فيه ولا يستطيع أن يراك فيه أحد غيري.
ضحكت بسعادة وقالت بأثارة
- لا يهم .. طالما ستتركني أسبح .
وهي تحت الدش راحت تفكر .. لم يمنعها صالح من أرتداء ثوب السباحة على الشاطئ لانه يرغب فى التحكم في أفعالها ولكن لأنه يغار عليها ويريد حمايتها من عيون الناس الجائعة على جسدها .. شعرت بدفقة من المشاعر الدافئة تغلفها فالغيرة والأهتمام مرادفان للحب وهو يحبها حقا .. لقد حجز للرحلة بالأمس وهي التي كانت تعتقد أنه كان يتجاهلها وكان هو يخطط لأسعادها .
أرتدت ثوب سباحتها وأرتدت فوقه سروال من الكتان الأبيض وقميص بحري بأزرار أمامية قصير الأكمام وعقدت شعرها برباط مطاطي حتى تستطيع وضع قبعة القش الواسعة الحواف على رأسها وخرجت من الغرفة يملأها الحماس
- أنتهيت .. ما رأيك ؟
نظر اليها بأبتسامة واسعة
- جميلة ورائعة وحبيبتي .
فضحكت بسعادة وأقتربت منه وعانقته بحب فاشتدت يده من حولها وبعد لحظات تلوت مبتعدة عنه تقول
- هاي .. سنتأخر .
زفر بقوة وتمتم متبرما
- ليتني لم أحجز تلك الرحلة .
ضحكت وهي تجذبه من يده الى الباب
- هيا .. أشعر بأنني لم أرى الشارع والبشر منذ قرون .
****
حدقت مرام أمامها بصدمة فى اليخت المتوقف قرب المرسى فاغرة فاها ثم نظرت الى صالح وقالت بجمود
- أنت تمزح .
فشل فى أخفاء ابتسامته
- ألا يعجبك ؟
أحمر وجهها غضبا وهي تعود للنظر من خلف زجاج نظارتها الشمسية الى قائد اليخت أو قائدة اليخت .. فقد كانت أمرأة .. فى بداية الثلاثينات من عمرها تقريبا .. جميلة جدا وذات جسد رياضي .. ترتدي سروال جينز قصير جدا ( هوت شورت ) يظهر ساقيها الملوحتين وقد بدتا لمرام طويلتان بلا نهاية ومن فوقه تي شيرت خفيف وقصير يظهر خصرها النحيف الذي كان بلا قطعة شحم زائدة .. استدارت اليه مرام تعطي ظهرها للمرأة التي تنتظرهما عند مؤخرة اليخت وسألته بحدة
- وكيف تعرفت اليها ؟
أجاب بحذر
- قابلتها في بهو الفندق ليلة أمس ولكنها لم تكن ترتدي هكذا .
وقبل أن تقول مرام شيئا استطرد بسرعة
- لقد طلبت من ادارة الفندق أن يؤجرا لي قارب لنبحر به فقالوا أنه من الصعب أن أجد قارب يسمح لي بقيادته منفردا في هذا الوقت وعندما أخبرته أن زوجتي ترغب بالسباحة ولا تريد رجلا غريبا معنا فنصحني بأستأجار يخت مونيكا وأتصل بها وجاءت لمقابلتي وتم الأمر .
عجزت مرام عن قول شئ وكأن شفتيها قد ألتصقتا ببعضهما بالغراء وبعد زمجرة عنيفة استدارت وتوجهت الى اليخت بخطوات غاضبة .. سمعت ضحكة صالح من خلفها وهو يلحق بها .. وقفت متردده عند اللوح الذى وضع لتعبر فوقه فجاء صالح من خلفها وحملها بسهولة بين ذراعيه وقفز بها الى سطح اليخت فنظرت الى مونيكا بحدة تستطلع ردة فعلها فوجدتها تبتسم لهما وراحت ترحب بهما بحبور ثم دعتهما الى رؤية اليخت من الداخل قبل الأبحار .. كان اليخت صغيرا ولكنه جميل ويبدو جديدا وكانت مونيكا بحارة كفؤة كما قال صالح بعدما أصبحا فى عرض البحر فقالت بحنق
- وكيف لك أن تحكم على كفاءتها .. خبير أنت فى الأبحار على ما أظن .
أبتسم بشدة فقالت بحدة
- لماذا تضحك ؟
همس فى أذنها
- لأنك تغارين .. وهذا يسعدني لدرجة لا تتخيلينها .
أحمر وجهها وقالت
- أنت زوجي ومن الطبيعي أن أغار عليك .
هز رأسه وقال
- هناك دوافع للغيرة عدا الحب .. فهناك غيرة بدافع الغرور وهناك الغيرة التى تكون بدافع الحب وهي التي تحرق وتكوي القلب وأنا أستطيع أن أرى نار قلبك من خلال عينيك وهذا ما يجعلني سعيدا .
نعم هي تغار ولا تتحمل أن ينظر الى أمرأة أخرى ولا أن تنظر اليه أمرأة غيرها .. ليس غرورا بنفسها وغيرة من أن تكون هناك أمرأة أفضل منها .. بل خوفا من أن يفقد أهتمامه بها ويذهب لغيرها .. تشعر بأنه ملكا لها . نظرت اليه بعجب .. هل أحبته حقا ؟ .. لقد قالت لنفسها منذ قليل أن الغيرة والأهتمام مرادفان للحب وهي تهتم به وتسعى لأرضاءه وتشعر بالغيرة الشديدة عليه .. اذن فهي تحبه .
****
قضيا فترة الصباح كلها فى السباحة والغطس واللعب فى الماء حيث أخذتهما مونيكا لزيارة جزيرة الطويل المشهورة بممارسة رياضة الغوص وبقيت مونيكا فى مقصورة القيادة تقرأ وقد أعطتهما مساحة من الخصوصية ولم تقاطعهما الا عندما جاء موعد الغداء وكانت قد حضرت لهما مائدة صغيرة على سطح اليخت وعليها مأكولات بحرية ورفضت مشاركتهما الطعام قائلة
- تفضلا أنتما بالهناء والشفاء .. أنا لا أتناول اللحوم بأنواعها ومعي غدائي النباتي ينتظرني فى المقصورة .
وبعد أنصرافها قالت مرام بلهجة ممطوطة وهي تراقبها
- لهذا تمتلك جسدا رشيقا .
لم تلاحظ أن نبرتها كانت حسودة حتى قال صالح ضاحكا
- وعلام تحسدينها ؟ .. ان جسدك أجمل من جسدها .
نظرت اليه بشك فتابع
- أعني حقا ما أقول .. جسدها كله عضلات فان حضنتها مثلا سأكون وكأنني أحتضن رجلا مثلي ..
ضاقت عيناها عليه بحدة وقالت
- انت تكذب .. فجسدها مثالي جدا .. أنت تقول هذا فقط كي تريحني .
- بل أقول الحقيقة .. ثم أنها أذواق .. فعن نفسي أحب أن يكون جسد المرأة لينا وطريا وناعما و.
قاطعته ضاحكة
- هذا يكفي .. لقد أقتنعت ولكني أحذرك من أنني سوف أراقبك عن كثب فى المستقبل .
****
عادا الى الفندق في الساعة السادسة مساءا
تركها صالح قرب باب المصعد وذهب الى الأستقبال لكي يطلب حجز طاولة للعشاء فى مطعم الفندق وضغطبت مرام زر المصعد لأستدعائه لحين عودته .
فتح باب المصعد من خلفها وفجأة شعرت بشخص يدفعها الى داخله حاجبا عنها الرؤية فذعرت وهمت بدفعه عنها عندما أكتشفت أن هذا الشخص ما هو الا فودة .. فتجمدت في مكانها وباب المصعد يعود ويغلق عليهما
- بحثت عنك فى كل فنادق الجونة حتى وجدتك .
كان ينظر اليها بشراسة وقد ضغط زر الصعود بعشوائية وتابع
- تزوجتي ؟ .. أخبرني سامح عن زواجك .. لم أصدق أنك فعلتي هذا بي .
دفعها بعنف فاصطدمت بجدار المصعد بقوة وتأوهت بألم , صرخ بوجهها المرتعب
- كلما وثقت بك خنتني .. ماذا أفعل بك هاه .. أقتلك ؟ وهذه المرة لن تجدي من ينجدك من بين يدي .
كان صوته يرتعش من شدة الغضب
- أنه نفس الرجل الذى أنقذك مني من قبل اليس كذلك ؟ ولكنه لن ينقذك مني هذه المرة يا مرام .
أبتلعت ريقها وهي ترفع كفيها أمام وجهها بخوف وقالت
- فودة أرجوك .. نحن أصدقاء فقط .. لم يكن بيننا يوما شئ ..
قاطعها بانفعال وقد أحتقن وجهه بشدة حتى ظنت أنه سينفجر
- حتى وان لم تحبينني .. كان يجب على الأقل أن تقدري شعوري ولا تتزوجي من وراء ظهري وتخدعينني بالقول انك سوف تتركيه .. ان كنتي صديقتي حقا كما تدعين كنت على الأقل صارحتني .
لقد كان يهذي .. فكلامه ليس منطقيا وخشيت أن يكون تحت تأثير المخدرات وسيؤذيها حقا هذه المرة ولن تجد من ينقذها منه , قالت محاولة أن تمتص غضبه
- أسمعني جيدا أرجوك .. لقد كنت مرغمة على هذا الزواج .. وليس في نيتي الأستمرار فيه .. كنت بحاجة لشخص يحميني .
أرتعشت شفتاه وكانت هناك نظرة يأس غريبة فى عينيه وهو يقول
- اذا أتركيه فورا .. استمرارك فى الزواج منه سيبعدك عني يا مرام وأنا فى حاجة اليك .
دمعت عيناه وتبخر غضبه وتحول فى لحظة الى طفل عاجز , مدت يدها بحذر وتردد وربتت على وجنته فهي مازالت تخشى من تقلب مزاجه
- أهدأ أرجوك .
ضمها اليه بقوة واضعا رأسه على كتفها وصدر عنه نشيج كالبكاء فوقفت عاجزة عن دفعه عنها .. لم يكن فى عناقه لها ما يدل على الرغبة بل كان عناق من بحاجة الى الأحساس بالأمان والأطمئنان فارتخت كتفاها وربتت على ظهره فى الوقت الذي فتحت فيه أبواب المصعد وخشيت مرام من أن يراهم أحد على هذا الوضع فيظن السؤ فدفعته عنها بلطف فتركها بتردد وهو يمسح عينيه .. كان حقا يبكي , وضعت يدها عند الباب حتى لا يعاود الأنغلاق وقالت بتوتر
- يجب أن تدعني أذهب الأن .
نظر اليها بحدة وقال
- أعطني الأمانة التي لديك أولا .
قالت بجزع
- لا يمكن .. زوجي سيكون فى الغرفة الأن .
تغير مزاجه من جديد وزمجر بشراسة
- مماطلتك زادت عن حدها .. هل المخدرات معك أم أنك تصرفت بها ؟
قالت من بين أسنانها وبصوت خفيض
- أخفض صوتك .. كيف سأتصرف بها أيها المعتوه .. أنتظر رسالة مني الليلة وسأحاول أن أجد وقتا أنفرد فيه بنفسي غدا وأسلمك اياها .. واذهب الأن ولا تأتي خلفي .
خرجت من المصعد واسرعت تعدو في الرواق ولم تكن تعرف فى أي طابق هي وكان يجب عليها العودة بسرعة الى غرفتها قبل أن يصل صالح اليها أولا .
صاح فودة من خلفها محذرا
- سأنتظر منك رسالة الليلة .
أسرعت مرام تنزل درجات السلم حتى وصلت الى الطابق الذي به غرفتها واخرجت البطاقة الممغنطة وفتحت الباب وتفقدت الغرفة سريعا ثم حمدت الله أن صالح لم يصل بعد .. دخلت الى الحمام وفتحت الدش وخلعت ملابسها على عجل .. وما أن دخلت تحت الماء الدافئ حت سمعت صوت صالح يناديها بقلق
- مرام ؟
فتح باب الحمام ونظر اليها عابسا وهي بحجرة الدش
- أنت هنا .. قلقت عندما لم أجدك فى أنتظارى .
أخرجت رأسها من فتحة صغيرة للباب الزجاجي وابتسمت له
- آسفة .. كنت بحاجة الى دخول الحمام ضروري .
هز رأسه وخرج من الحمام وأغلق الباب خلفه
سالت دموع الراحة من عينيها ثم راحت تتمهل في غسيل شعرها ودعك جسدها وعندما خرجت من الحمام كان صالح على الشرفة يتحدث على الهاتف وكان غارقا فى محادثة بدت هامة فلم يشعر بها فى البداية وعندما استدار ورآها ظل وجهه جامدا وحاجباه معقودان بشدة وكانت هي شاردة غير منتبهه لنظراته اليها .
جلست مرام على الأريكة والمنشفة فى يدها تجفف شعرها بشرود وهي تفكر فى فودة .. مصيبة حياتها الوحيدة .. وراحت تلعن اليوم الذى تورطت فيه معه ولكن كان هناك مشاعر متضاربة تتقاذفها فى تلك اللحظات .. فاذا كان فودة قد أصبح حملا ثقيلا على مشاعرها كان كذلك حملا أثقل على ضميرها .. ذلك الضمير الذى ظهر فى حياتها فجأة ولا تعرف لماذا ففى العادة كانت لا تهتم الا بنفسها والطوفان من بعدها ولكن ها هي تشفق وترثى لحال انسان آخر غيرها .
- حجزت العشاء فى التاسعة .
رفعت مرام رأسها مجفلة ووجدت صالح يقف مستندا على اطار الشرفة ينظر اليها متمعنا
, شيئا ما فى نظراته لم يريحها .. أم أنها تشعر هكذا فقط بسبب ما حدث ؟
ردت بابتسامه باهتة
- هذا جيد .
أعتدل فى وقفته وقال بجفاء
- سأذهب أنا أيضا لآخذ حماما .
تركت مرام المنشفة تنزلق من يدها بعد ذهابه وقالت لنفسها .. لابد أنها تتخيل فلا معنى لجفاءه هذا الا اذا كان الأتصال الهاتفي هو السبب .
****
اختفى قلقها فقد كان صالح يتعامل معها بطريقة طبيعية واصطحبها الى العشاء وقضيا أمسيتهما بمرح ولم تعترض عندما رفض أن يجعلها تخلع الوشاح الذي كان يغطي كتفيها العاريين بل أنها خضعت لمشيئته عندما صمم أن تضع مشبكا لتثبته وقبلت عن طيب خاطر فهي لا تريد أغضابه منها مرة أخرى .
سألته وهما على مائدة العشاء
- مع من كنت تتحدث على الهاتف ؟
رفع حاجبيه متساءلا فتابعت
- وأنت على الشرفة كنت تبدو متكدرا بعض الشئ .
أبتسم وقال
- آه .. كنت أتفقد أحوال المصنع .. العمال يجدون بعض الصعوبة فى التعامل مع الماكينات الجيدة واحداهم تعطلت اليوم فكنت أتحدث مع مهندس الصيانة .
ابتسمت وبدأت تشعر بالراحة أكثر .
خرجا وتمشيا قليلا ثم استقلا سيارة أخذتهم الى احد الكازينوهات التي تطل على البحر وتقدم عروضا أستعراضية وأعجبت مرام بالجو السائد حولها .. الصخب والمرح ... جو أفتقدته خلال الفترة الماضية. ورأت بعض من الفنانين فأخذها الحماس وطلبت من صالح أن يدعها تأخذ صورا تذكارية مع بعضهم ووافق صالح بأمتعاض وقد كان يبدوا غير متلائم مع المكان ويتصرف بنفاذ صبر وعندما أنبته على ذلك أثناء عودتهما الى الفندق
- ألا تحب المرح أبدا ؟
قال معترضا
- بالطبع أحب المرح واستمتع بالموسيقى والغناء ولكن عندما يزيد الأمر عن حده الى درجة الأسفاف فهذا يفسد مزاجي ويوترني .
ثم استدار اليها وكانا أمام الفندق قائلا بحنق
- ثم بالله عليك .. ذلك الممثل الباهت شكلا وأداءا لما كنت تقفزين كالمجنونة كما لو كنت قد رأيت توم كروز ؟
ضحكت وقالت بخبث
- أنت تغار .
قال مستنكرا
- ومما أغار ؟ أراهن على أن عضلاته هرمونات فقد بدا كسولا ومتراخيا .
راحت تضحك أكثر وهي تردد مغيظة اياه
- أنت تغار .. أنت تغار ..
سحبها من يدها الى داخل الفندق وهو يقول من بين أسنانه
- والأن أخرسي فقد أصبحنا بين الناس .
****
في غرفة الفندق
شئ ما أقلق نوم مرام ففتحت عينيها وأدركت على الفور انها وحدها فى الفراش بحثت بعينيها حولها وكان النوم له الغلبة عليها فظلت مستلقية بضعة لحظات حتى صفا ذهنها .. كان باب الغرفة مغلقا وباب الحمام مفتوح ويصدر عنه نورا باهتا دليلا على ان لا احد يشغله , خرجت من الفراش تحك رأسها وبطرقة عفوية رتبت شعرها المشعث وسارت حافية القدمين الى الباب وقد ألقت نظرة سريعة على الحمام وكما توقعت وجدته فارغا .. لم تعرف كم الساعة الأن ولكن الظلام مازال حالكا ..
وجدت صالح جالسا على الأريكة فى الظلام ينظر عبر زجاج الشرفة المغلق وبدا شاردا تماما .. أقتربت منه وقدميها العاريتين لا تصدران أي صوت على البساط , وضعت يدها على كتفه برقة وقالت
- صالح ..
أجفل واستدار اليها بحدة فابتسمت له بوجهها الناعس
- آسفة لو كنت أفزعت .
مرت لحظات حتى تذكر أن يبتسم لها فسألته بقلق
- هل أنت بخير ؟
جذبها من يدها فدارت حول الأريكة وأجلسها على ركبتيه يضمها اليه بشدة ولكنه لم يرد على سؤالها فعادت تسأل
- هل أنت مريض ؟
مرت لحظات وظل صامتا فظنت بأنه لن يجيب أيضا وكان وجهها مدفونا في عنقه مما جعلها عاجزة عن رؤية تعابير وجهه ولكنه رد أخيرا بصوت مرهق
- أعاني من ألم خفيف في رأسي .
حاولت الجلوس مستقيمة وهي تقول
- لدي دواء جيد للصداع سأحضره لك و..
ولكنه منعها من الأبتعاد وقال
- أبقي كما أنت .. لقد أخذت بالفعل أقراصا مسكنة منذ قليل .
تنهدت وقبعت بهناء بين ذراعيه .. استند صالح على ظهر الأريكة وأخذها معه مريحا ذقنه فوق قمة رأسها وشعرت هي بأنه لا يريد الكلام فظلت صامته واندست به أكثر لتشعر بالدفئ , راحت أصابعه تعبث بخصلات شعرها الناعمة فأدت حركته الرتيبة الى جعلها تغرق فى النوم من جديد .
****
أستيقظت للمرة الثانية ووجدت نفسها وحيدة فى الفراش مرة أخرى وكان نور الشمس يملأ الغرفة فتساءلت بقلق اذا مازال صالح مريضا ؟ .. لقد حملها ووضعها فى الفراش ولكنه لم ينم بجوارها وعندما نهضت وبحثت عنه لم تجده فى الغرفة كلها .. تلفتت حولها تبحث عن هاتفها لتتصل به .. أين وضعته ومتى آخر مرة استخدمته .. ثم تذكرت أنها أرسلت منه رسالة بالأمس الى فودة تخبره فيها بأنها ستراه اليوم فى بهو الفندق لتعطيه أمانته أثناء توجهها الى صالون التجميل وسترسل له الميعاد بالضبط فى رسالة أخرى فقد وجدت أنها الطريقة الوحيدة التى تستطيع بها التخلص من صالح وتكون وحدها بدونه .. ولكن أين وضعت الهاتف ؟ بحثت عنه فى كل مكان حتى وجدته أخيرا على الأريكة محشورا بين ظهر الأريكة والوسادة .. كانت هذه احدى عاداتها السيئة .. تضع هاتفها بأي مكان ثم تبحث عنه وتجده بصعوبة .
كان الهاتف مغلقا فقد كانت حريصة على أغلاقه دائما بعد أن تنتهي من استخدامه حتى لا تأتيها مكالمات غير مرغوب فيها فى وجود صالح وكانت تهم بفتح هاتفها عندما تعالت الطرقات على باب الغرفة وكادت ان تفتح الباب بسرعة عندما تذكرت أنها مازالت ترتدي قميص نومها وقد يكون الطارق أحد موظفي الفندق من عمال النظافة فاسرعت الى غرفة النوم وأخذت مئزرا أرتدته وربطته حول خصرها ثم فتحت الباب .
شهقت بفزع وهي ترى فودة أمامها وهو يحمل حقيبة ظهر رياضية على كتفه فسألته
- ما الذي آتى بك الى هنا .. هل جننت .. ؟
قاطعها وهو يدفعها من أمامه ويدخل قائلا
- زوجك ليس هنا .. لقد رأيته يخرج من الفندق منذ قليل .
ثم تابع بمرارة
- بدوتما سعيدين معا كعاشقين بالأمس فقد كنت أراقبكما طوال الليل .
تجاهلت مرام قوله وقالت بتوتر
- وماذا لو عاد الأن ووجدك هنا ؟
استدار اليها بعنف
- أعطني ما يخصني بسرعة كي أرحل اذا .
نظرت اليه بغضب وصرخت به فى حده
- حسنا .. ولكنني لا أريد أن أرى وجهك بعد ذلك أبدا .
نظر اليها بغضب مماثل
- ولكننا لم نتفق على ذلك .. وعدتني أن تتركيه وتعودي لي .
أشارت له بسبابتها
- فودة .. أنت لست فقط مدمن بائس .. لقد أصبحت مريضا نفسيا تحتاج للعلاج .
ثم تركته وذهبت الى غرفة النوم وسحبت حقيبة ملابسها الفارغة بعنف من جوار خزانة الملابس وفتحتها بعصبية وهي تتمتم بغضب
- فلتأخذ .. قذوراتك أيها الكلب ..وأعدك .. أن .. لا .. أراك بعد ذلك أبدا .
كانت الحقيبة فارغة .. فارغة تماما .. وقفت مبهوتة وقد خلا وجهها من الدماء .. رمشت بعينيها للحظات ثم عادت تبحث فى الحقيبة كالمجنونة وتتحسس القماش الرقيق فربما ستجدها قد أخترقته مثلا .
جاء صوت فودة من عند باب الغرفة نافذ الصبر
- ما الذي يؤخرك .. هل حفرت لها فى الحائط وخبأتها .
رفعت وجهها الشاحب اليه وقالت
- لقد ضاعت .
تقدم فودة الى الداخل وهو يقول بحدة
- ماذا تعني بأنها ضاعت ؟
هزت رأسها وهي تشير بيديها المرتجفتين الى الحقيبة
- وضعتها هنا وكنت أطمئن عليها كل يوم تقريبا ولكنها أختفت الأن .
جذبها فودة بقسوة من ذراعها وقد شحب وجهه بدوره
- سوف أضيع .. سينتهي أمري ان لم تعطيني الهيروين .. لقد وعدت أصحابه بأنني سأسلمه لهم اليوم .
لقد أخذهم صالح .. لا يمكن أن يكون أحد غيره قد فعلها . لقد رأت اللفافة آخر مرة مساء أمس ولم يكن هناك غيرهما .. ثم تذكرت حالته التي كان فيها فقالت بخفوت
- صالح .. بالتأكيد هو من أخذهم ولكن كيف عرف عنهم ؟
قال فودة وقد أصبح مرعوبا الأن
- وماذا سيفعل زوجك بهم ؟
نظرت الى عينيه برعب مماثل
- صالح كان ضابط شرطة وأخشى .. أخشى ..
ولكن لا .. صالح يحبها ولن يسلمها للشرطة لتحبسها , قال فودة بحدة
- ابحثي جيدا ربما يكونوا مازالوا هنا .
تحركت بسرعة تبحث فى الخزانة أولا وتولى فودة أمر الأدراج
- عم تبحثان ؟
أستدار كلاهما بحدة الى مصدر الصوت وكان صالح يقف عند الباب باسترخاء ولكن عيناه كانتا بؤرتين من الجحيم , كانت مرام ترتجف والدموع بدأت تسيل من عينيها وهي تنظر اليه برجاء صامت , قال فودة بانفعال ردا على سؤاله
- أنت تعلم عم نبحث .. أين هم أعطهم لي ؟
نظر اليه صالح ببرود قاتل
- وما الذي سيجبرني على أعطاء أي شئ لك .. فأنا ضابط شرطة وهذا ضد مبادئي .
قال فودة بتوتر شديد
- ان لم تعيدهم لي سوف تؤذي مرام كذلك فهي شريكتي فى كل شئ وبالمال أيضا .
ابتسم صالح أبتسامة ذئبية وهو ينظر الى مرام وكأنه يعريها
- وأنا بالطبع كما ترى لا أستطيع العيش بدون زوجتي الجميلة المخادعة .
ضمت مرام عنق مئزرها كرد فعل غريزي على نظرته المهينه لجسدها الشبه عاري أسفله وقد استفزت طريقته فودة مما جعله يصيح بغضب
- أنها لا تحبك ..
استدار اليه كلاهما .. صالح ببرود ومرام بصدمة وتابع
- لقد تزوجتك لأنها كانت خائفة عندما أختفيت .. أرادت من تحتمي به ..فلم تجد غيرك أمامها .
قالت مرام بصوت باك
- أخرس الله يلعنك .
ولكنه تابع وهو ينظر الى صالح بتشفي
- لقد خطبت لأبي كذلك .. وكادت أن تتزوج به لولا أنني ظهرت ومنعتها .
ثم نظر الى مرام وسألها بتحدي
- هل تنكرين ذلك ؟
ثم وجه حديثه الى صالح من جديد والذي كان يستمع اليه بجمود
- أنها سافلة .. لا يهمها ان جمعت بين الأب وابنه .
نظرت مرام الى صالح بيأس وهي عل شفى الأنهيار
- لا تصدقه .. أنه لا يعي ما يقول .. لم يكن بيننا أي شئ من هذا أبدا .. لقد تزوجتك وتعلم جيدا أنني لم يكن لدي تجارب من قبلك .
شخر فودة ساخرا وقال
- الفتيات هذه الأيام لديهن طرق للأستمتاع ولكن دون المساس بطهارتهن .
لم تتحمل مرام سفالته أكثر من ذلك فهجمت عليه وخمشته في وجهه بأظافرها ثم راحت تركله بقدميها عندما كبل معصميها ليبعدها عن وجهه
- أخرس أيها الكلب والا قتلتك .
دفعها فودة عنه بقوة حتى كادت أن تسقط على ظهرها وصاحت به
- أذهب من هنا أيها الحقير .
ولم يتدخل صالح بينهما ونظرت مرام اليه .. كان يتابع المشهد بازدراء وقرف شديد فأنكمشت وهي تعض على شفتها السفلى بمرارة.
صرخ فودة بعصبية وهو ينقل نظراته المجنونة بينهما
- أعطوني المخدرات أولا وسوف أذهب .
تقدم صالح فى الغرفة بهدؤ ورفع يده الى ما فوق الخزانة وسحب الكيس البلاستيكي الذي به لفة المخدرات , أسرع فودة وجذبها من يده بلهفة وأخرجها من الكيس يتأكد من أنها هي ثم تنهد براحة وأعادها داخل الكيس مرة أخرى وأخذ حقيبة ظهره عن الأرض وقبل أن يضع لفافة المخدرات بها أخرج رزما من النقود وقال لمرام
- هذه نقودك مع الأرباح .. الضعف كما أتفقنا .
تقدم صالح منه بحدة وأخذ النقود بعنف وقسمها الى نصفين تماما ورمى بنصفها الى فودة
- خذ أرباحك معك .. فلن أسمح أن يدخل قرشا من حرام الى بيتي .
أخذ فودة النقود وأعادها الى الحقيبة ولم يقل شيئا واسرع الى الباب وهو يقول بنظرة أخيرة الى مرام
- سوف أنتظرك .. عندما يتركك عودي الي .
كادت أن تبصق في اثره ولكنها ظلت واقفة فى مكانها ترتعش ولكن .. خطر فى بالها شئ فنظرت الى صالح بشك
- لماذا تركته يذهب بهذه السهولة ؟
أبتسم هازئا ومازالت عيناه مشتعلتان بنار جحيمهم فقالت وقد جف حلقها
- ماذا خططت له ؟
رفع حاجبه بترفع وقال بنفس ببروده المميت
- سيلقى القبض عليه بالطبع .
هزت رأسها بجزع وقالت بدون تفكير
- لا .. لا .. أرجوك لاتجعلهم يقبضون عليه .
وفكرت .. أنها يجب أن تلحق به لتنقذه فبرغم نذالته معها الأن الا أنه ليس سيئا .. أنه صديقها .. وسوف يقضي بقية عمره فى السجن وربما يعدموه وستكون هي السبب .
نظرت الى صالح برجاء وهي تهم بالخروج
- يجب أن ألحق به وأحذره .
ولم تعرف أنها بموقفها هذا وبتلك الكلمات قد حررت الوحش من داخله وقد كان حريصا من قبل على أن يتمالك نفسه لآخر وقت فألتفت أصابعه على ذراعها وغرزت بقوة داخل لحمها جاذبا اياها بقوة قائلا بقسوة
- أنت لن تذهبي الى أي مكان .
أنتفض جسدها ألما وخوفا وقالت بارتباك
- فودة ليس سيئا .. كما تعتقد .. أنه .. أنه .. أنا..
قاطعها بغضب هادر يتهمها
- تحبينه .
قالت بسرعة باكية
- لا .. ليس هكذا .. أرجوك دعني ألحق به وبعدها سأشرح لك كل شئ .
تركها على الفور وهو يقول بقسوة
- أذهبي اذن .. الشرطة في أنتظاره بالأسفل .. هيا ألحقي به ولكن اذا ألقت الشرطة القبض عليكما معا لن أتدخل من أجلك .
تسمرت مرام في مكانها ونظرت اليه متسعة العينين فتابع بحقد شديد
- ماذا ؟ .. ألن تلحقي بعشيقك كي تنقذي رقبته من حبل المشنقة الذي ينتظره ؟
هزت رأسها تشعر بالهلع وتخيلت المصير الذي ينتظر فودة وينتظرها فى حالة لحاقها به .. جلست على الأرض تبكي وتنتحب بشدة .. أنها لا تصدق ما آل اليه حالها بعد أن ظنت أنها وجدت أخيرا سعادتها والأنسان الذي أحبها وأحبته .. رفعت وجهها الباكي الى صالح والذى وقف كالجبل منتصبا فوقها ووجهه خاليا من أي شفقة أو رحمة .. لم يعد يشبه أبدا الرجل الطيب المتسامح الذي تزوجته منذ بضعة أيام قليلة وقد أغرقها فى بحار حبه .. وقف الأن كمارد منتقم فوق رأسها يتلذذ برؤية ذلها .. يبرد سريان دموعها من نار حقده عليها , لم تحاول الدفاع عن نفسها فما سمعه من فودة نسف أي أمل لها لكي يفهم الحقيقة .. ولكن أية حقيقة ؟ .. فهل كذب فودة في شئ ؟ .. ألم تسعى للزواج حقا من والده ؟ .. وألم توافق ضمنيا على أخذ مال المخدرات عندما يعيد اليها نقودها بفوائدها من تجارته ؟ .. وألم تخطط للزواج منه بحيلة من حيلها وقامت بأغواءه كي تضمن لنفسها حاميا ولم يكن الحب هدفها وانما الطمع والجشع ؟
- بصمات أصابعك مازالت على اللفافة والرسائل التى كانت بينكما نسخة منها بكل سهولة ستضم الى محضر القضية .
سألته بشهقات بكاءها
- ماذا تعني .. هل ستسلمني للشرطة ؟
- مادمت معي ستظلين خارج القضية ولكن ان فكرت بتركي من السهل علي جدا ألقاءك فى السجن بجوار حبيبك المدمن تاجر المخدرات .
حدقت به بذهول .. كانت تظن بأنه سيطلقها ويلقي بها فى الشارع فسألته بذهول
- هل .. هل مازلت تريدني بعد كل ما حدث ؟
هجم عليها ورفعها عن الأرض يهزها بقوة وهو يصرخ بوجهها بوحشية
- نعم مازلت أريدك .. ولكن ليس كما كنت أريدك من قبل.. فمن الأن وصاعدا سيتغير كل شئ .. أولا سأجعلك تدفعين ثمن خداعك وكذبك ولهوك بي .. لن تجدي مني أي أحترام فأنت لا تستحقين أحترامي .. ولن تجدي في قلبي من ناحيتك أي ذرة عطف أو لين .. وأنصحك بأن توفري دموع التماسيح هذه ولا تدعي الرقة والمسكنة فقد أصبحت أراك على حقيقتك .
ثم دفعها عنه باشمئزاز فسقطت على الفراش وقال لها بأحتقار
- ذكريني أن أعتذر لوالدك عن عدم تصديقي له عندما حاول كشف زيفك لي .
****
تعليقات
إرسال تعليق