القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية الشرف الجزء الثالث الفصل السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر بقلم قسمة الشبينى

 رواية الشرف الجزء الثالث الفصل السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر  بقلم قسمة الشبينى 




رواية الشرف الجزء الثالث الفصل السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر  بقلم قسمة الشبينى 


السادس


يدخل حجاج صباحا لبيت عمه صالح ومن يرى هيئته يعلم أنه لم يأت لخير مطلقا .كان هيبة واخويه قد انتهوا من تناول الفطور وجلس الجميع بقلب الدار بصحبة زبيدة التى أصبح تفاعلها من جديد يسعد الجميع .

دخل حجاج ثائرا : ايه اللى عملته ده يا هيبة ؟؟ وبتجول على نفسك كبير ؟ كيف ده ؟

انتفض ضاحى : وبعدهالك يا حچاچ !!

وتبعه راجى : خوى كبير بالناس مش بجوله يا حچاچ

نظر هيبة لزوجته لتختفى فورا ويتبعها ريتاچ وهناء ثم نظر له ببرود : چرى ايه يا حچاچ محدش علمك إن البيوت ليها حرمة ولا ايه ؟؟

تبادلا النظرات لتفهم زبيدة أن كل منهما يعلم سبب ثورة حجاج فتقول : اجعد يا حچاچ . 

لم ينظر لها حجاج وقال بسفه : مااجعدش فى داره إلا أما يرچع أرضنا اللى بيفرجها الأغراب 

صرخ هيبة ينهره : حچاچ !!!

عادت نظراتهما النارية ليتابع هيبة : اللى يتجول عليه غريب اجرب لينا منيك .. أجله صاين عرضنا .

اقترب منه خطوات ليقف بمواجهته : وانت من الأساس چاى تتحدت بصفتك ايه !! مال ابوى واتجسم بشرع ربنا ..ليك فيه ؟؟

قاطعه ضاحى بتهكم : فاكرنا ناكل ليال زى ما اكلت خواتك ولا إيه ؟؟

نظر له حچاچ وقال بغرور : انى ماكلتش حدا ..البنتة ماياخدوش أرض دى عوايدنا ولا كأنكم اتمصرتوا لما اتچوزتوا مصاروة !!

تحدث راجى بهدوء : لسانك يچيب سيرة الحريم تانى تبجى انت اللى حكمت على روحك يا حچاچ .

نظر له بتهكم : حتى انت يا راچى ؟؟

رفع هيبة حاجبيه : وماله راچى كمان ؟؟ ماعاچبش چنابك فى إيه ؟؟ لاچل ارچل منيك يعنى ؟؟ 

عقد ساعديه : طيب رحمة واخدت أرضها وجولت ارض ابوى وچوزها راچل امير مازودش معاك حديت ..وزناتى !!

زاد حجاج قربا من هيبة معلنا تحديه السافر : مالاكش صالح بخوى ..بزياده حكم بوك اللى خد ارضى واداها لواد شريفة ..وبزيادة واد المصاروة اللى عطيته أرضنا ..بدتوه هو وبوه على وعلى ابوى جبل سابج ..الأول خدوا حريمنا ودلوك ياخدوا أرضنا  .

تغيرت نظرات هيبة معلنة قبوله تحدى حجاج : خيتى لا كانت ولا هتكون من حريمك يا حچاچ.. ولا انت ولا غيرك يمنعنى انفذ شرع ربنا ..واعلى ما في خيلك اركبه يا ..يا واد عمى .

أولاه ظهره : شرفت .

نفض جلبابه وغادر بنفس الغضب الذى دخل به ليزفر هيبة بضيق ويعود لجوار أمه واخويه لمجلسيهما . تساءلت زبيدة : حچاچ درى منين إنك كتبت الأرض لخيتك يا ولدى ؟ 

غابت القسوة التى تبادلها مع حجاج من نبرته وقسماته ليقول بحنان : ماخابرش ومايهمنيش يدرى هو ولا غيره .محدش يجدر يمنعنى انفذ شرع الله يا اما .

ربتت على ذراعه والهواجس تنمو بقلبها ، تعلم أن حجاج ما أراد ابنتها يوما إلا طمعا في المال ، وحصول ليال على الارض فى ارثها سيعيد تأجج نيران طمرت تحت أعوام من إظهار المودة . حجاج ليس كأبيه وليس كجده . إنه الأسوأ يمكن لها أن ترى ذلك من تأجج نيران عينيه الذى لا يخبو .

تنهدت تبث مخاوف قلبها لله .دارت أعينها على اولادها الذين تناسوا ما حدث منذ دقائق وعادوا لإنشغالهم بأعمالهم ليبتهل قلبها لله أن يحفظهم من شرور حجاج وأمثاله .


_____


يخرج طايع من غرفة فتاتيه ممسكا بكف كل منهما بيد ليصيح : بسرعة يا لى لى اتأخرنا .

فترفع نسمة رأسها وتنظر له : أنا عاوزة اروح معاكم اشوف النونو فى بطن ماما .

بسمة : وانا كمان 

يتنهد طايع : ماينفعش ياحبايبى مرة تانية 

بسمة : طيب ودينى العب مع خالد !!

تأفف طايع : مفيش وقت يا بسمة 

ويرفع صوته مناديا : يلا يا لى لى

لتقول نسمة بهدوء وتحذير : بابا اتكلم صعايدة .

يزفر طايع : هو أنا هلاقيها منك ولا من امك .


جذبت كفها من بين انامله كنوع من العقاب لتعقد ساعديها وتنظر له بغضب .كاد أن ينهرها لولا قاطعه خروج ليليان من الغرفة اخيرا ليتحول بنظره لها معاتبا : اتأخرنا مش هنلحج نودى البنات لعمتى .


ضربت نسمة بقدمها باعتراض لم تفهمه ليليان لتنظر لها بتعجب وتقول : بابا هيقابلنا قرب المسجد يعنى مش هندخل الحى خالص وده هيفرق طبعا .


توجهوا جميعا للخارج مع تذمر الفتاتين ..كل منهما تملك سببا للتذمر لكن كل منهما تملك أيضا سببا للتجاوز.


اوقف طايع سيارته حين لمح تاج ليغادرها نحوه يحيه بمحبة واحترام وسرعان ما عاد للسيارة لتهبط الفتاتين تتجها لتاج الذى غادر بصحبتهما .


اليوم موعد فحص ليليان الطبى وقد شددت الطبيبة على الموعد . 

جلس طايع بتوتر بينما ليليان مسترخية مبتسمة بعد انتهاء الفحص أمام الطبيبة التى قالت : هنحتاج نعمل Ultrasound  

وشوية فحوصات للدم تانى و Fetoprotein أهم حاجة اتأكدوا إن المعمل على مستوى عالى التقنية 


تساءل طايع فورا : ليه يا دكتورة مش عملنا كل الفحوصات الشهر اللى فات؟

ابتسمت الطبيبة فهى تقدر توتره وقلقه : لمزيد من الاطمئنان ماتقلقش .

ليليان : حاضر يا دكتورة هاعمل كل المطلوب

الطبيبة : هى مكلفة شوية بس ضرورية .


ليست التكلفة المادية هى مايشغل باله حاليا ، بل سبب تلك الفحوصات .لقد اخبرتهما الشهر الماضي أن حبيبته أجرت كل الفحوصات اللازمة .

ترى ما الذى تخفيه الطبيبة عنه ؟

ما الذي تخشاه أو تتوقع حدوثه ؟


تنفس بعمق ؛ حسنا ربما السبب الحقيقي هو مزيد من الاطمئنان . يريد أن يصدق هذا . بل يتمنى هذا .

عاد بتركيزه للطبيبة التى ستجرى بنفسها فحص الموجات الفوق صوتية بعد الحصول على نتيجة فحص الدم .

إسرافها فى بث الطمأنينة يدعوه للتخلى عنها .

___________


دخل تاج من الباب لتتهلل الفتاتان لرؤية غالية التى فتحت ذراعيها تستقبلهما بحنان .هرعتا للارتماء بين ذراعيها ليبتسم تاج ويتساءل : تاج الصغير لسه ما جاش ؟

غالية : زمانهم على وصول ليال كلمتنى قبل ما تنزل .

صاحت الفتاتان بحماس فإن لم تجدا خالد ف تاج الصغير هو افضل بديل فهو متفاهم تماما أيضا كما أن تقارب الاعمار بين الصغار زاد من التفاهم بينهم .


جلس تاج على الأريكة متسائلا : ها مين حفظت سورة الملك كويس ؟ اللى هتسمع احسن هتاخد شيكولاتة .

اقبلتا عليه لتنضم لهما غالية : أنا كمان عاوزة اسمع 

اعترضت بسمة التى تظهر تجاوبا برفقتهما دائما : لا يا نانا دى مسابقة للصغيرين انت كبيرة .

ضحك تاج حين عقدت ساعديها بغضب مصطنع : أنا كبيرة يا بنت ليليان ؟؟ طب مفيش كريم كراميل .


صرخت الفتاتان اعتراضا ليقاطع الجميع رنين الجرس . دخلت ليال ليسرع تاج نحو جده بينما أمسكت نسمة كفه لتخبره عن التحدى ليتحمس أيضا .


دقائق وحصل ثلاثتهم على نصيبه من الحلوى فجميعهم يحفظ بإتقان بالفعل . 


راقب تاج أحفاده الثلاثة وردود أفعالهم حيث احتفظت الفتاتان بنصيبهما من الحلوى لتتقاسماه مع جنين أمهما المنتظر فقد اخبرتهما غالية مسبقا أن هذا الصغير القابع ببطن أمهما يشاركها طعامها .بينما فتح تاج الصغير قطعة الحلوى الخاصة به ليقسمها بالتساوى بين جميع الحاضرين .

تراقبه غالية بحنان فيبدو أن هذا الصغير لم يحصل على اسم حبيبها فقط ، بل حصل على جزء من روحه أيضا.

___________


لم يتوجها لمنزل عمته بل لأفضل معمل تحاليل لعمل  الفحص الذى طلبته الطبيبة  .


كانت تبتسم لتشعره أن الأمور على ما يرام لكن الهواجس تنتابها مثله تماما وتخشى فقدان جنينها بعد أن ازهر الأمل بقلبها مرة أخرى فى نجاتهما معا .

توجها بعد ذلك لمنزل والديها حيث ينتظرهما الجميع .


نحت كل الهواجس جانبا فهى لن تشعر والديها بالقلق والتوتر مرة أخرى .كما أنها تتمنى أن تكون الأمور على ما يرام .

فتحت ليال الباب واستقبلتهما بود .


جلسا لتتساءل غالية فورا عن نتيجة الفحص فيقول تاج : اصبرى يا غالية ياخدو نفسهم .


ابتسمت ليليان بينما توجس تاج من اضطراب ملامح طايع ومحاولته إظهار عكس ما يخفيه .

تحدثت ليليان بحماس زائف : الحمدلله كل حاجة تمام بس الدكتورة طلبت تحاليل عملناها وأما تطلع النتيجة هنروح نعمل التراسوند .

ابتسمت ليال : ده طبيعى كل الناس تقريبا دلوقتي بتعمل التراسوند

ايدتها ليليان فورا : فعلا الفحوصات دى بقت شئ عادى .


كان يتابع الحوار بصمت وشرود حتى قاطعت صمته صغيرته نسمة وهى تخبره عن ذلك التحدى وتعرض عليه الجائزة ثم تطلب من تاج الصغير تقسيم الحلوى خاصتها كما فعل بخاصته لتسرع بسمة وتحذو حذوها .


________


لم تعد الأمور بنجع الحساينة تسير بخير . بل عاد قاطنى الجبل للتعدى على أهل النجع بشكل اقلق الجميع .

زادت حوادث سرقة المواشى ولم تتمكن الشرطة من ضبط الجناة لذا لم يعد أهل النجع مرحبين بالتعاون مع الشرطة كما كان يحدث في حياة صالح .


اجتمع أهل النجع فى تلك المندرة التى طالما أوجدت حلولا لمشكلاتهم فى منزل الحاج صالح والذى لم تخرج منه زعامة النجع التى أولاها الناس ل هيبة بلا تردد وكل منهم يحمل شكواه وغضبه .


يجلس رفيع وسط الجموع بجوار زناتى وضاحى وراجى بينما يجلس حجاج بتأهب بعيدا عن الجميع يحيط به شرذمة من تابعيه أو منافقيه الذين اتخذوا من مطامعه وسيلة للتكسب.


هبط هيبة الدرج بثقة ليرحب به الجميع ويجلس بينهم لتتعالى الأصوات الغاضبة : هنضل لميته نسكت للمطاريد ؟

: دى خامس مرة الشهر ده يسرجوا مواشى ؟

: انى مش هسكت على حجى ولا هستنى الحكومة تچيبة .

: والله اللى هنلمحه منيهم هنطخه ومالوش دية .

ظل هيبة محتفظا بصمته يستمع لصياحهم حتى رفع كفيه مكتفيا من غضبهم : اسمعونى يا رچالة .


بدأت الاصوات تخبت ويلتفت الجميع له ليتابع : انى معاكم إن المطاريد زودوها جوى واتچراوا علينا بس ده سببه ايه ؟ سببه إننا بجينا نسكت ومحدش يساعد الحكومة . كلنا خابرين زين الحكومة عملت ايه جبل سابج .

وجدها حجاج فرصته السانحة التى طال انتظاره لها ليضحك مستهزءا : يعنى ايه يا كبير النچع نروح نبكى للحكومة كيه الحريم ونستنوا حجنا اللى ماهيرچعش ؟


نظر له هيبة لقد اكتفى من جنونه لكن رغم ذلك قال بهدوء  : حچاچ ماتنفخش فى النار وألزم حدودك 

لينتفض حجاج : ألزم حدودى يعنى ايه ؟؟ الناس چاية تستنچد بيك تجولهم روحوا للحكومة ؟ بدل ماتطلع تطربج الچبل على اللى فيه .

انتفض ضاحى  صارخا : حچاچ چنيت ولا ايه ؟ انت عاوز واد عمك يطلع الچبل ؟

نظر له حجاج بنفس الغضب : وفيها إيه مش گبير النچع !! 

امسك رفيع ذراع ضاحى ليجلس مرة أخرى ويقول هو بهدوء تصنعه جيدا : المطاريد كاشفين اللى طالع من النچع يا حچاچ جول حديت موزون أو اسكت .


عادت الاصوات للتعالى ليقف هيبة بغضب اسكت الجميع . نظر للجميع بحدة بادله حجاج بنظرات حاقدة وهو يقول : نفرج إيه عن المطاريد لما نعمل زيهم ؟ لا كنا في يوم همچ ولا غچر ولا هنكون . اللى رايد حجه بالأصول يستنى واللى مارايدش غير الموت والخراب يفارجنا .


علم حجاج أنه المعنى بالحديث ليقف بعنجهية أمام هيبة : واحنا ماهنسكتش عن حجوج الخلج . اللى رايد حجه ورااااچل يجدر يچيبه بدراعه ياچى معاى هنطلع الچبل الليلة وماهنعاودش إلا بالمواشى المسروجة واللى رايد يجعد اهنه يبكى ويولول كيه الحريم يجعد بس لو رجعت مواشيه هتبجى من حج اللى رچعها .


علت الاصوات والهمهمات مع مغادرة حجاج والبعض من رجال النجع تبعه بغرور وكبر .وقف هيبة صامتا حتى غادر حجاج ومتابعيه ثم قال بهدوء ظاهرى : أنى برئ من دم اللى مشى ورا حچاچ ، مش هسيبهم يروحوا للموت برچليهم بس اللى مايرچعش منيهم دمه فى رجبة حچاچ واد صخر .

جلس ليقول : اطمنوا يا رچالة اللى انضر فى ماله هنعوضه واللى عملوه المطاريد ماهسكتش عليه بس جبل ما نجول المطاريد عملوا ايه . نجول عرفوا منين مين فى داره بهايم وعرفوا منين كيف يدخلوا لهم من غير ماحد ينضرهم ولا يسمع بيهم . بنا حد بيوصل اخبار بيوتنا للمطاريد وده جزاته هتبجى اكبر من المطاريد نفسيهم .


بدأت الهمهمات تعود وعقلانية الحديث تسيطر على العقول لتنتهى الجلسة بسلام ظاهرى وحرب خفية أعلنها حجاج على هيبة هدفها الوحيد الزعامة أما من يسقط ضحية فى طريق وصوله إلى زعامته المزعومة ليس من اهتماماته مطلقا .


غادر الناس المنزل وقد قاربت الساعة على العاشرة مساءا . ظل هيبة مع اخويه ورفيع وزناتى الذى رفض صحبة حجاج هذه المرة فهو لن يتحمل دماء الأبرياء .


________


غادر حجاج فورا إلى منزله يتبعه شرذمة من أهل النجع سعد بهم للغاية واعتبرهم نواة زعامته القادمة .


وصل لبيته ليفتح لهم الباب ويقول فورا : كل نفر منينا يچهز بسلاحه .هنطلع الچبل الليلة زى ماجولت والمطاريد لازمن يفهموا زين مين الكبير اهنه . اذا سكتنا على المال ممكن توصل للعرض وحصلت جبل سابج ومحدش ينكر .


همهم الرجال بجمل تصديقية على حديثة فلن ينسى رجال النجع محاولة خطف الفتيات سابقا من قبل المطاريد وإن كانت محاولة فاشلة إلا أنها تعدى لن يغتفر مهما مر الزمن 

.

________


أغلق ضاحى باب المندرة ليلتفت لأخيه بفزع : هتعمل ايه يا هيبة ؟ لو طلعوا الچبل محدش منيهم هيعاود على رچليه .

زناتى بحيرة : حچاج چن 

راجى : لازمن نمنعوه لو هو چن الخلج ذمبهم ايه ؟

تنهد رفيع : هيبة شوف هتتصرف كيف وانى معاك 

اخرج هيبة هاتفة وطلب رقما ثم رفعه ينتظر الإجابة ليقول بعد قليل : اجطعوا طريج الچبل وإن حد جرب اضربوا نار في الهوا ماعاوزش عيار يصيب . 

تلفت الجميع بنظرات متسائلة كان ل رفيع السبق في النطق بها : انت مراجب طريج الچبل ؟

ابتسم هيبة ليتساءل ضاحى : طب سايب المطاريد يسرجوا الخلج ليه ؟

هز راجى رأسه كأنه متفهم لما يحدث بينما قال رفيع : اللى انت رايد تعرفه تمنه غالى جوى يا واد عمى .


نظر له هيبة وقد فطن لأنه تفهم مقصده من الوصول للخائن الذى يحمل اخبار النجع لقاطنى الجبل ثم قال : ماتخافش يا واد عمى إن كان على المال يتعوض المهم عيندى أرواح الخلج . دى حاچة مااسامحش فيها واصل ..

صمت لحظة ثم تابع : لو ماكانش حچاچ خربط فى الحديث كنت هعرف السبوع ده مين بينجل لهم الاخبار .بس ملحوجة .

نظر لهم جميعا ونهض منهيا اللقاء : جوموا ارتاحوا وماتخافوش انى حاسب كل حاچة زين .

________


دخل مهران لمنزله الهادئ يعلم أن ولده قد نام حتما وحبيبته تقرأ كعادتها . دخل ليجدها كما توقع فوق الفراش وتمسك هاتفها تدقق النظر إلى شاشته .

رفعت عينيها لحظة دخوله ليبتسم لها ولهيئتها المرتبة المثيرة والتى لا تتخلى عنها حتى فى خصامها له ، ربما تستخدمها في ذلك الوقت كنوع من العقاب الذى يرحب به فهو يحثه دائما على إنهاء سبب الخلاف أيا كان لصالحها بالطبع .

خلع حذائه واقترب منها متسائلا : بتجرى ايه ؟

أطفأت الهاتف ووضعته جانبا وهى تجيب بتلقائية: رواية جديدة

فتح الحقيبة التي يحملها : طب شوفى چبت لك ايه ؟


ابتسمت بسعادة ، ليس غريبا أن يهاديها . لكنه فى الفترة الأخيرة كثرت هداياه التى لا مناسبة لتقديمها . فقط يعود حاملا لها الملابس وأدوات التجميل وقطع الحلى التى تعشقها .


أما هذه المرة فقد أخرج من حقيبته مجموعة من الروايات لتشهق بسعادة : روايات !!!!

ابتسم لسعادتها : اعمل ايه والله ما كنت عارف اشتريهم كيف بس خايف على عنيكى من المحمول ده .

احتضنت الكتب بسعادة وهى تقول : عادى تروح اى مكتبة واشترى مش صعبة يا مهران 

نظر لها بإستخفاف : لا چبتى التايهة .

ضحكت حين فهمت مقصده : انت مكسوف تشتريهم ؟

حك مؤخرة رأسه بحركة تنم عن خجله وهى تحفظها تماما ثم قال بثقة : ماسمعتيش عن البوك استور ؟ اشترتهم أون لاين .


إنه مهران المكابر العنيد . لا بأس هى تعلم أنه يجد الحلول منحته ضحكة رنانة أوقفت تبديله لملابسه الذى بدأ فيه ليتطلع لها بحب سرعان ما تحول لغيظ واضح وهو يقول : وادى اخرتها ، اشترى انى وحضرتك بتحضنى الكتب !!!!


منحته ضحكة أخرى جعلته يعود لتبديل ملابسه بسرعة منفثا عن غضبه منها . وضعت هديته الغالية جانبا لتنهض عن الفراش وتقترب منه بدلالها الذى يسقط رايات غضبه دائما لتتابع بلهجة صعيدية تفلح دائما في فتح أبواب حصونه أمامها وهى تقول : بتغير على يا واد عمى ؟

مد ذراعه يجذبها نحوه بلهفة : بغير حتى من خلجاتك .

تحركت أنامله على طول ذراعها : من النسيم اللى بيمسك . 

رفع رأسها لينظر لعينيها : من العنين اللى بتنضرك .


وصلت أنامله لرأسها ليداعب خصلاتها الغجرية ويتابع بصوت بحت نبرته : من الروايات اللى بتاخد جلبك منى .

همست بتساؤل وترقب : جبتهم ليه ؟؟

أجاب بنبرة تكاد تسمعها : لأچل نجراهم سوا ومفيش حاچة فى الدنيا تاخد جلبك منى تانى .


ابتسمت بسعادة فحصل هو على تلك البسمة الرائعة واحتفظ بها في جوفه المشتعل شوقا إليها وفى اللحظة التالية اقتطف ثمار قسماتها اليانعة التى تذوب شوقا لالتهامه لها .لحظات وكان يخوض بها في يم عاتية أمواجه. بكل قوة يجتاح أمواجه العاتية ليعلن سيطرته الكاملة على محيطها المتقلب .

__________


تعلم أنه عينيه لم تغمضا لوهلة ، تصنع النوم وهدأ من وتيرة أنفاسه لتسكن هى وتغفو . لكن ما لا يعلمه أنها هى أيضا تتصنع النوم عله يغفو .


فتحت عينيها لتنظر لوجهه دون أن تحرك رأسها عن كتفه ، رأت عينيه متعلقتين بالسماء . اخفضت عينيها مرة أخرى لصدره الذى يبدو هادئ الأنفاس .

تحركت أناملها الصغيرة تمسده برقة ليلتفت لها بصوت مبحوح : مانعستيش ليه يا جلب طايع ؟


تنهدت براحة لهذا الإسم الذى ينسبها إليه كجزء منه لتمد ذراعها وتحيط خصره تشد نفسها إليه مبتسمة بسعادة .


اعتدل ليصبح فى مواجهتها وتصبح بين ذراعيه تماما . ارتفعت أنامله تداعب وجنتها بدفء لتنظر لعينيه مباشرة : مالك يا طايع ؟

لم يحاول المراوغة بل قال بصراحة شديدة : خايف 

نظرت له بتعجب ليتابع : خايف جوى عليكى 

هبط كفه لبطنها يتحسسها برفق : وعليه .


تجولت عينيها على ملامحه المتألمة لتقترب بجرأة لم يتعجب منها تقبله بهدوء.. تقبله بود سرعان ما تحول لشغف الذى تحول بشكل أسرع لجموح حاول جاهدا السيطرة عليه .

_________


كانت غافية حين وصل رفيع فقد عرج فى طريق عودته هو وزناتى لمنزل حجاج على أمل اثنائه عما ينتوى لكنه لم يكن بالمنزل لذا أصر على توصيل زناتى لمنزله قبل العودة ليطمئن قلبه .


ليس من عادته ايقاظها إن غفت قبل عودته هو غالباً يندس في أحضانها فتشعر به وتحتويه لذا حين هزها برفق لتستيقظ هبت فزعة تنظر له : مالك يا رفيع؟

حاول أن يشتت انتباهها : أنى زين .

اقترب يضمها : اتوحشتك . بجيتى تنعسى وتهملينى .

نظر لها بلوم لتبتسم بحنان  . تعلم أنه لا يقول الحقيقة لكن لا بأس ستجاريه . إنه يبحث عن الاطمئنان بين ذراعيها وهى كالعادة ستمنحه ما يحتاج إليه .

________


غادر أخويه وولدى عمه بينما ظل يتجول داخل الحجرة كأسد حبيس .

إلى أين يريد حجاج أن يصل بهم !!

إنه يحاول إخفاء قذارته إبقاءا على صلة الدم . لكن رغم محاولاته تلك يتجرأ ويتحداه ويحاول التقليل منه أمام الجميع .

يبدو أن المواجهة هى السبيل الوحيد لإيقافه .

أغمض عينيه يوارى غضبه : وبعدهالك يا حچاچ . هتخلينى امشى فى طريج واعر مارايدهوش يا واد عمى .


نهض بتثاقل يجر قدميه نحو غرفته عله يجد متنفسا لتلك الوساوس التى تنهش صدره .. يحتاج أن يلقى برأسه المنهك فوق صدرها حيث يمكنه أن يكشف عن كل ما يعتمل بنفسه معها .. ولم لا .. فهى نفسه .


#الشرف_الجزءالثالث_قسمةالشبينى


السابع 


منذ دخل هيبة الغرفة وهو ينفرد بنفسه جالسا فوق الأريكة . طال انتظارها لقربه لكنه لم يقدم عليه . تحركت بهدوء تزيح الغطاء لتتوجه إليه فكأنه انفصل عن عالمه تماما .

رأسه تتصارع فيه الأفكار ويحسب كل النتائج التى قد تنتج عن تلك الليلة العصيبة . انتبه لكفها الذى استرخى فوق ذراعه ، حاول أن يرسم ابتسامة هى تستحقها منه لكنه فشل .

همست بحنان طالما غمرته به وتشعر أنه بحاجته حاليا : مالك يا قلبى ؟

تعلقت عينيه بها باحثة عن مستقرها لتصل له بسهولة . تلك القسمات التى لم يغرب نورها عن حياته منذ وقعت عينيه عليها .لكم تمنى منذ دخوله للغرفة أن يلقى كل ما برأسه خارجا ثم يلقى بنفسه بين طيات دفئها للأبد .

وضع كفه فوق كفها الدافئ لتشعر ببرودة كفه الشديدة فتزداد قلقا : حصل ايه يا هيبة ؟ 

ضمت كفه بين كفيها ليغمض عينيه مستسلما لحاجته لها : بردان يا سما .احضنينى .

جذبته بسرعة لصدرها لتخفيه عن الدنيا وهمومها التى تثقله رغما عنه وعنها ، زفر براحة لتعتدل بجلستها لتمنحه مزيدا من الراحة لم يمانعها مطلقا وهو يرفع قدميه ليستقر فوق الأريكة بين ذراعيها .

___________

تشعر ريتاچ ب ضاحى يجوب الغرفة ذهابا وإيابا منذ تصنعت النوم لكنها سمعت الاصوات المتعالية فى المندرة وتعلم أن ثمة ما يوتره . 

حاولت امتصاص هذا التوتر لكن توتره اقوى مما تخيلت . يبدو أن الأمر جلل .

دق قلبها خوفا إنه لم يبد بهذه الحالة مطلقا . طالما هزأ من المخاطر ولا يأبه للمشكلات .

هل يصل الأمر إلى الأرواح ؟؟

سؤال ورد بذهنها لتنسى تظاهرها وتعتدل جالسة تتساءل بفزع : ضاحى اوعى يكون حد هيموت ؟؟

نظر لها بحيرة لتتساءل بترقب : هى مشكلة تار وحد هيموت ؟؟

تنهد وكاد أن يجيب لتأتى الإجابة مع طلقات الرصاص التى من غزارتها يخيل للبسطاء أن حربا ضروس قد اندلعت بالانحاء .

انتفضت عن الفراش فهذه الأصوات تحمل لها ذكريات مؤلمة ، غمرها بجسده فى لحظة يعيدها للفراش هامسا : ماتخافيش . انى اهه ماهملكيش واصل .

تشبثت به بذعر . هو يثق بأخيه الأكبر ويعلم أنه قد احتاط للأمر جيدا لذا سيهتم بهذه المذعورة المتشبثة به أولا .والتى كانت منذ البداية أكبر مخاوفه 

_________

كان رفيع هاربا بين ذراعيها حين علت الطلقات الغاشمة ليزداد تشبثه بها عوضا عن تفقد ما يحدث .

إذا هو على علم مسبق بما يحدث !!

لذا هو يهرب مما يعلمه ويرفضه !!!

شعر بفتور لمستها ليعترض مهمهما فهو يحتاج لكل قطرة من فيض حنانها عل تصحر صدره يرتوى ويزول الجفاف عن قلبه فيجد طريقه الذى ضل عنه فهام بلا هدى .

_______

انتفضت سما ليضغط هيبة على ساقها بكفه هامسا : ماتخافيش مفيش حاچة  . ده ضرب فى الهوا 

نظرت له بفزع : وانت عرفت منين ؟؟

دارت الأسئلة برأسها فورا .. ما الذى يخفيه عنها ؟؟ 

شعر بإضطرابها ليقول بهدوء : ماتخافيش يا سما ده حفظ أرواح كنت مضطر ليه .

تنفست بعمق وهي تقول : ربنا يكملك بعقلك يا هيبة ويعينك على الحمل .

ابتسم هيبة واغمض عينيه لدقائق قبل أن يعلو رنين هاتفه . اعتدل ليجيبه فورا . ظهر الاسترخاء على ملامحه فورا وسرعان ما شكر محدثه وانهى الإتصال . نظر لها بحنان وقد استعاد كامل هدوء نفسه وسكينتها : جومى يا غالية نناموا فى فرشتنا . ربك كتب السلامة .

___________


ساد سكون مخيف سماء النجع بعد تلك المناوشات لم يخرق قدسيته سوى الأقدام المهرولة هنا وهناك .

مرت الساعات وبسطت الشمس رداء النور لتتضح الصورة وتبدأ القصص تدور بين المنازل البسيطة .


إنه حجاج الذى اقسم أن يصعد للجبل ويعود بما نهبه قاطنيه . لكنها الخديعة التى حيكت له ولتابعيه حيث أخبر أحدهم المطاريد بذلك ليترقبوا صعوده .

محاولة فاشلة لقتل البطل ومساعديه الصناديد لم تسفر إلا عن فشل إعادة المسروقات وعادوا جميعا سالمين .

لترتفع الايدى للسماء تطلب لهم السلامة وتتشدق الأفواه بعبارات الحمد لوجود مثل هؤلاء الرجال بينهم .

قبل أن يهبط من غرفته وصلته تلك الأقاويل لترتسم ابتسامة ظافرة تزين محياه فهذه افضل طريقة تسكت حجاج حتى يتفرغ له ، نشوته ببطولته الكاذبة ستمنحه بعض الوقت ليحكم سيطرته على مجريات الأمور.

___________


وصل زناتى لمنزل رفيع وكانت شريفة قد أعدت الفطور ودعت رنوة ورفيع للمشاركة .

اقبل زناتى فقبل رأس أمه ثم رأس شريفة وجلس أمام الطعام صامتا .

نظر له رفيع ليعلم أنه جاءه بخبر عن أحداث تلك الليلة .حمحم بقوة وهو يقول : مد يدك يا زناتى ورانا مشوار مهم .

نظرت له بطرف عينها ثم نظرت لولديها : يلا يا سويلم علشان تروح مع بابا يوصلك للمدرسة .

ثم نظرت له بتحدى : ولا ايه يا رفيع ؟


ابتلع الطعام وقد فطن أنها كشفت أمره وتغضب لمراوغته معها ، لكنه لم يقصد المراوغة . 

هو يشتاقها كل ليلة . لم يبثها شوقا كاذبا .


احتاجها بشدة وهى لم تتخلف مطلقا عن دعمه .

هو لا يفهم لما لم يخبرها ببساطة أن ثمة ما يقلقه !!

أن ثمة ما يخيفه !!

أصبح يخجل من ضعفه أمامها !!!

هو نفسه لا يفهم ما حدث وسرعة الأحداث لا تمنحه وقتا ليواجه نفسه  .


_________


حين هبط هيبة كان أول إخوته لجوار أمه التى تحمل صالح الصغير وتجلس ببهو المنزل . تدافع الأطفال هنا وهناك فى هرج صباحى ليس بجديد .

نظرت زبيدة له لتربت ابتسامته على قلبها وتنحى مخاوفها جانبا .

قبل رأسها وجلس لتقول : ضرب النار عشية كأنه الحرب جامت .

اتسعت ابتسامته : خوفتى اياك ؟

ضحكت زبيدة فى سابقة لم تحدث منذ وفاة زوجها : دى تبجى عيبة على اخر الزمن.. اخاف من كام طلجة في الهوا !!

رفع حاجبيه بتساؤل : وعرفتى كيف أنهم كانوا ف الهوا ؟؟

اشاحت بكفها بلا مبالاة : اللى بيجتل بيضرب طلجة في مجتل ويفر . لكن اللى يجف يفرغ له كام خرطوش بيهوش . 

ربتت على كتفه بحنان : ابجا احسبها زين النوبة الچاية .

ابتسم هيبة : حاضر يا ام هيبة . هبجى احسبها زين .

___________

مرت عدة أيام وكان على طايع وليليان زيارة الطبيبة مرة أخرى . نفس التوتر الذى يشعر به طايع لكن مع وتيرة غضب أعلى . 

صحب الفتاتين مبكرا لمنزل تاج فهو لا يريد أن يفرغ هذا الغضب على حبيبته أو فتاتيه .

جلس بهدوء ظاهرى ينتظر نهاية استعدادها ، لم تستغرق الكثير من الوقت مثلما تفعل فى العادة، يرى توترها أيضا وخوفها فيجاهد ليبدو أكثر هدوءا .

رأها تغادر الغرفة لينهض ويسبقها بخطوات نحو الباب لتوقفه بصوت مهزوز نطق اسمه بتقطع اجفله واوقف تقدمه ليلتفت لها بفزع : مالك ؟؟

أجابت بلا تردد : خايفة 

يااااالله إنه يموت رعبا من هذا الفحص أو من نتيجته . يخشى أن يضطر لخسارة هذا الصغير . ويخشى أن ينكسر قلبها . ويخشى أن يتحطم قلبه .

لكن رؤيتها بهذه الهيئة واعترافها بالخوف بهذا الذعر جمد كل مخاوفه ليقترب مسرعا ويقول بهدوء : ماتخافيش يا جلب طايع ديه حاچة عادية كل الحريم بيعملوها دلوك . واهى تطمنا اكتر . لو مش عاوزة بلاش اجول للدكتورة بلاش الاشاعة دى .

اندست تخفى وجهها بضلوعه : لا . بس خليك جمبى .

أحاط كتفيها بذراع واحد لتتقدم معه : انى معاكى لاخر نفس في صدرى .


***

امسك الطبيبة بتقرير التحاليل التى أجرتها ليليان ولم تتحدث عنه بل طلبت منهما التوجه لقسم الأشعة بالمركز الذى طلبت توجههما إليه .

استلقت ليليان فوق الفراش المعدنى وبدأت الطبيبة إجراء الفحص بنفسها فكما قالت تريد أن تتأكد من النتيجة .

كان وجهها يحمل ملامح جامدة طول الوقت وتحث ليليان على الهدوء والاسترخاء .

ظل ممسكا بكفها يمسد إبهامه ظاهره برتابة يحاول فيها اخفاء ما يعتمل داخله من توتر .

تركت الطبيبة الجهاز ونظرت ل طايع بعد فترة ليست قصيرة نظرة لا تبشر بالخير .

بدأ فورا مساعدة حبيبته فقد انتهى الفحص وعليهما الان مواجهة النتيجة .

جلسا أمام الطبيبة التى حمحمت بهدوء : انا هكون صريحة معاكم 

خيم التوتر على الجميع وهى تفرغ شحنة توترها بالقبض على كفه بقوة لتتابع الطبيبة : أنا طلبت الفحوصات الأخيرة لانى شكيت إن الجنين مصاب ب Down syndrome  والحقيقة الفحوصات أكدت ده بنسبة خمسة وتمانين فى المية.

ساد الصمت لحظات لتتابع الطبيبة بهدوء : فى فحص اسمه بزل السلى وده عبارة عن فحص السائل المحيط بالجنين مباشرة وده نتيجته بتكون قاطعة ونهائية لكن مش قبل اسبوعين .

ابتلع طايع ريقه بصعوبة ليتساءل : وده نعمله ازاى ؟

الطبيبة : زى الالتراساوند تمام بس بحدد حركة الجنين وادخل ابرة من البطن للكيس السلوى ناخد عينة صغيرة جدا طبعا ماتأثرش خالص هى بس تحتاج راحة تمانية وأربعين ساعة لأن الإبرة بتخترق البطن والرحم لكن مش مؤلم نهائى .

تساءلت ليليان بصوت مبحوح : مفيش خطورة على الجنين ؟

تنهدت الطبيبة : صراحة فى نسبة خطورة يعنى حالة من كل ثلاثمائة وخمسين فحص بتنتهى بالاجهاض لكن إذا تحبى تعمليه أنا هعمله بنفسى واهم حاجة مهنية الدكتور علشان يحافظ على سلامتك وسلامة الجنين .

ساد الصمت لتقول الطبيبة : اتمنى تفكروا هتعملوا إيه كويس . أنا عارفة إن فى ناس كتير لما بتعرف أنهم منتظرين طفل Down syndrome  بيفضلوا ينهوا الحمل فأحب اقول من دلوقتي إذا ده قراركم ماترجعوش ليا لانى مش هقدر اساعدكم .

أحاطت ليليان بطنها بكفيها بفزع واضح بينما انتفض طايع : انت بتجولى ايه؟؟؟

تنهدت الطبيبة : بقول الواقع اللى بعيشه مع الحالات .

اسرعت ليليان تقول قرارها بتصميم واضح : أنا مش هتخلى عن ابنى تحت اى ظرف من الظروف ومش عارفة هعمل الفحص ولا لأ بس اذا هعمله هيبقى بهدف واحد انى استعد لاستقبال ابنى بطريقة مناسبة ليه غير كدة لا .

شعرت الطبيبة ببعض الراحة بينما فضل طايع التروى فى فكرة هذا الفحص هو لن يضحى بصغيره مهما كانت الأسباب ، لذا لا يرى ضرورة من تعريضه للخطر بهذا الفحص وإن تضاءلت نسبة هذا الخطر .

________ 

عادا للمنزل دون إعادة الصغيرتين بل هاتفت والدها وطلبت منه ابقاءهما هذه الليلة . 

حاول تاج أن يفهم ما الخطب لكنها وعدته بالشرح لاحقا ليرضخ لها .

جلسا بشرود وقد نبتت بعض المخاوف بقلب ليليان خاصة مع صمت طايع الذى لم يتخلى عنه منذ انهيا الفحص .

ترى هل سيفكر حقا فى هذا ؟؟؟

لن تترك للظنون مكان لترعى بينهما مرة أخرى . هى لن تحتمل ليلة كتلك الليلة مرة أخرى .

اقتربت لتجلس بالقرب منه متسائلة بترقب : هنعمل ايه يا طايع ؟

كان طايع حازما أمره ليقول بثقة : مش هنعمل الفحص اللى جالت عليه . لو الخطورة واحد فى الألف مش هنخاطر بيه .

اجتاحتها راحة وسكينة لتبتسم شفتيها فورا وتقول : أنا بردو بقول كدة . 

نهض ليحضر حاسوبه النقال : بس جدامنا كام خطوة . اول هام لازم نفهم كل حاچة عن المتلازمة وتانى هام لازم الكل يعرف واللى ماجابلش ولدى كيف ما ربنا خلجه يخرج من حياتنا جبل ولدنا ما ياچى للدنيا من أصله .

اتسعت ابتسامتها وقد جلس أمامها وبدأ يبحث عن معلومات صحيحة ليكتشف أنه كان يجهل الكثير .

سميت المتلازمة نسبة للعالم كليفورد داون الذى اكتشف هذه الحالة عام ألف وثمانمائة وست وستين

 وكلمة متلازمة تعنى اجتماع مجموعة من السمات والاعراض التى يجتمع فيها أفرادها . علم أن المصاب بمتلازمة داون يحمل بعض السمات الخلقية المتشابهة مثل الرأس الصغير والرقبة القصيرة .

كما أنه قد يملك نموا أبطأ من أقرانه بنفس العمر وإدراكا أقل وتأخر لغوى .

شعر بالراحة حيث أن المتلازمة ليست موروثة فى أغلب الأحيان هى تنتج عن تغيير فى الكروموسومات حيث توجد نسخة إضافية من الكروموسوم الحادى والعشرين مما يسبب تغير في المورثات .

لذا فإن فرصة ولادة طفل داون لأم فى العشرين من عمرها هو حالة واحدة لكل الف وأربعمائة ولادة بينما فرصة ولادته لأم تعدت الخامسة والثلاثين من العمر هى حالة لكل أربعمائة ولادة فقط .

كما علم أن الاول والعشرين من مارس من كل عام هو اليوم العالمى لمتلازمة داون .

قرأ عن احتياجات مصابى المتلازمة حيث يستفيد الاطفال من برامج معالجة النطق واللغة Language therapy ومن العلاج الطبيعي والفيزيائى Physiotherapy  ومع تقدم العمر يستفيد من المعالجة المهنية أو الوظيفية Occupational therapy والتى تساعده على تقبل مكان عمله والتمتع بحياة مستقلة .

كانت المخاوف كلها تتمحور حول الإصابة بأمراض أخرى حيث أن نصف المصابين بمتلازمة داون يولد بأمراض خطيرة في القلب .لذا يجب فحص المولود لحظة ولادته للكشف عن أي مشكلات إضافية .

أغلق طايع حاسوبه وهو ينظر ل ليليان : الموضوع مش هين يا لى لى بس انى خابر إننا نجدر نرعى ولدنا ونحافظ عليه .

وضعت رأسها فوق كتفه وكفها فوق بطنها . هى تحبه منذ علمت بوجوده ومهما كانت طبيعته فهى طبيعته لن تنقص ذرة من مقدار حبها له . 

لا تتمنى من الله سوى سلامته ولا ترجو سوى أن تضمه لصدرها وهو بخير . أما باقى مقدرات الحياة فيمكنهم التعايش معها مهما كانت .

صغيرها يستحق الحياة .

صغيرها يستحق السعادة 

صغيرها يستحق أن تحترم طبيعته .

صغيرها يستحق 

وهى ستقدم له ما يستحق .

___________

كان عليهما فى اليوم التالى التحدث إلى أقرب الأقربين والديهما .

جلسا بمنزل تاج وقد حرص طايع على الحضور بموعد يتواجد فيه تاج .

ساد الصمت ليتساءل تاج : فى إيه يا ولاد ؟

رفعت ليليان رأسها ليحترم طايع رغبتها في الحديث ويترك لها المجال لتقول : احنا عاوزين نقولكم اننا منتظرين طفل مميز .

ظهر التساؤل على ملامح تاج بينما تساءلت غالية : مش فاهمة يا بنتى .

تنفست بعمق وقالت بهدوء : ابننا بنسبة خمسة وتمانين فى المية هيكون مصاب بمتلازمة داون .هو فى فحص يأكد بشكل قطعى بس قررنا مانعملوش .

أغمضت غالية عينيها وبعض الصور لصغار تشع ملامحهم بالبراءة تتقافز لذهنها .بينما قلبها يخبرها كأم إنها طبيعتهم .هكذا خلقوا ويجب احترام هبة الله مهما كانت طبيعتها .

فتحت عينيها بعد دقيقة واحدة لتقول : وايه المشكلة يا حبايبى ربنا يبارك لكم فيه 

ربتت على كف ابنتها : وتقومى لنا بالسلامة يا حبيبتي .

نظر طايع ل تاج الذى لم تختلف ملامحه منذ أنهت ليليان حديثها فقط بسمة خفيفة تكلل وجهه وصمت تام . فطن من نظرة طايع أنه ينتظر حديثه ليقول : بارك الله فيما وهب 

ابتسم طايع ليتابع تاج : بس اعرفوا مين مش متقبله وابعدوه عن محيطه مش عاوزين تأثيرات نفسية سيئة .

أخبره طايع أنهما ينتويان ذلك بالفعل ، كانت التساؤلات الاكثر براءة من الصغيرتين وكان طايع وليليان يجيبان بثقة وفى كل إجابة يرددان أن تلك طبيعته وعلى الجميع احترامها .

تركا الصغيرتين مرة أخرى بصحبة غالية وتوجها لمنزل رفاعى حيث ينتظرهما مواجهة أخرى .

تحدث طايع هذه المرة وبسط الأمر لكن والديه لم يستوعبا ما يقول ليتساءل رفاعى : يعنى ايه يا ولدى اللى بتجوله ده ؟

وتتساءل زينب : ايه دون وممز اللى بتجوله ده ؟ولدك فيه ايه يا ولدى ؟

اخرج طايع هاتفه ليبحث عن صورة تقرب لهما ما يحاول شرحه . نظر رفاعى الصورة بصدمة واضحة ثم تحولت عينيه نحو ليليان بشفقة واضحة .

لم تحتمل زينب الصبر أكثر من ذلك فسحبت الهاتف تنظر للشاشة وطايع يقول : ولدى هيشبه الولد فى الصورة .

ضربت زينب على صدرها بفزع وهى تقول صارخة : يا حزنى مت......

لم تحتمل ليليان الكلمة وهبت واقفة : ابنى مش كدة يا مرات خالى . مش زى ما بتقولى ابدا .. ابنى طبيعته كدة وربنا خلقه كدة واحنا بنحبه كدة .

وقف رفاعى يلملم ألم ابنة شقيقته : أهدى يا بتى الزعل عفش عليكى دلوك .

تعحبت ليليان صمت طايع بينما لم تحيد عينيه عن عينى أمه فى نظرة متألمة .

شعرت زينب بفظاعة الكلمة التى تفوهت بها من نظرة ابنها . لم تهتم لغضب ليليان ولا صوتها الذى علت نبرته للمرة الأولى عليها .

لكنها متألمة .. مصدومة .. لا تعرف ماذا تقول !!! ماذا تفعل !!!

لتنهى كل هذا وتتجه لغرفتها بخطوات سريعة .

اعتدل طايع واقفا ليقول : يلا يا ليليان 

أوقفه رفاعى : ماتزعلش من امك يا ولدى هى بس مافهماش .

هز رأسه بتفهم : مااجدرش ازعل منيها يا بوى . إذا امى ماريداش ولدى انى جابل بس هى امى وهو ولدى مجدرش استغنى عن حد منيهم التنين غاليين ..غاليين جوى .

اقترب رفاعى يقبل رأس ليليان وكل ما يفهمه حاليا أن زواج طايع من ابنة عمته هو سبب هذا الجنين الذى لم يفهم بعد كيف ستكون طبيعته .

______

نشوة حجاج بإنتصاره منذ عاد من الجبل جمعت حوله الناس مما زاد شعوره بالسيطرة والزعامة القريبة . بينما زاد أيضا بشكل كبير شغفه للوصول إليها وهذا ما لم ينتبه له هيبة بشكل جيد . 

جلس حجاج بمنزله بغرفة مستقلة عن المنزل لا يرى قاطنيه من يدخل إليها أو يخرج منها ، وقد حرص حجاج على هذه الغرفة فهو لا يثق حتى بزوجته وولده بينما جلس أحدهم أرضا ينظر ل حجاج بخوف وهو يقول : استنى  الليل واعمل اللى جولت لك عليه جبل الفچر . واذا حد خد خبر برجبتك وانت خابر انى اعملها .

أومأ الرجل بخوف : بس انى خايف . اذا سى هيبة ولا حد من خواته درى بيا الناس هتجتلنى .

نظر له حجاج بإشمئزاز : ما انت إكده ولا إكده ميت بس فى فرج بين احتمال يجتلوك وانى اكيد هجتلك .

نكس الرجل رأسه بخزى فمنذ تبع حجاج كتب على نفسه الموت كان يعلم ذلك وقد أحسن حجاج استغلال مخاوفه 


#الشرف_الجزءالثالث_قسمةالشبينى



الثامن

أغلق باب منزل والديه ليغلق عينيه ويتنفس بعمق ، فهذا أبسط ما توقع أن يلاقيه عليه أن يمرن نفسه على تجاوز تلك الكلمة المؤلمة .

مدت كفها تلتقط كفه لينظر لها ، أزاح همومه جانبا ورسم ابتسامة وهو ينظر فى ساعته : ماهنلاجيش مهران ولا ريان دلوك ، نجابلهم وجت تانى .

كان الوقت سانحا لكنها أيضا تريد فسحة من الوقت لتجاوز تلك الكلمة التى اخترقت قلبها قبل مسامعها فأسرعت تؤيده : ايوه خلينا نجيب البنات من المدرسة دلوقتي .

طايع : يلا ونروحوا كلنا نتغدا برة .

________

دخل رفاعى لغرفته بعد مغادرتهما ليجد زينب قابعة بصمت تام فوق فراشها ، اقترب وجلس أمامها ليقول بلوم : ليه إكدة يا زينب ؟

رفعت عينيها تنظر له لتقول بتلعثم : انى عملت ايه !!! اذا كان ولده إكده . أنى جولت الحجيجة اللى ولدك ومرته بيهربوا منيها . 

لم يكن رفاعى يوما من أصحاب الحجة الدامغة لكنه تبع قلبه الذى يخبره أن هذا الصغير هبة من الله عليه أن يشكره عليها .

صمت قليلا ثم قال : إحنا لينا فى نفسينا حاچة لاچل نعايبوا خلجة ربنا !!! تجدرى تخجلى زى الولد اللى ماعچبكيش ده يا زينب ؟؟؟

نظرت له بحدة : أنى ماجولتش إكدة يا رفاعى .. استغفر الله العظيم ..بس الولد مش طبيعى يا رفاعى .مش طبيعي .

قالت جملتها بلوعة واضحة ليتنهد رفاعى : يعنى ايه مش طبيعي !! اللى أفهمه بعجلى اللى على كدى إن كل اللى يخلجه ربنا طبيعى . ربنا بيخلجنا فى أحسن صورة يا زينب استغفرى ربك .

عادت تتمتم : استغفر الله العظيم ، اللهم  لا اعتراض على حكمك .

ربت على كتفها بحنان : اعملى حسابك تاخدى هدية زينة وتروحى تباركى لولدك ومرته ، الحمدلله انهم التنين عاجلين وهيعرفوا يربوا ولدهم زين .

حمحمت بحرج : أمرك .. يوم ولا تنين إكده .

نظر لها بحدة ، إنها لا تتقبل هذا الصغير ، قد يشكل هذا فجوة بينه وبين ابنه يتمنى من الله ألا تكون .

__________

عاد رفيع من الخارج ، نجح صباحا فى التملص من عينيها التى تلومه . لقد بنيا حياة ناجحة على المصارحة فى كل شىء . لم يحاول يوما إخفاء مشاعره عنها ربما كان هذا سببا رئيسيا في شدة تقاربهما رغم اختلاف بيئة نشئتهما .

كذلك فعلت .. لم تشعر بالخجل يوما من مصارحته بجهلها قيمه الثقافية التى مرنت نفسها على تفهمها وعايشتها .

لم تخجل يوما من مصارحته بمخاوفها مهما كانت صغيرة .

وكم أسعدها أنه كان يرمى كل همومه ببر تفهمها الذى اتسع دائما لاحتواء كل مخاوفه وألامه مهما كانت شديدة .

لم تمانع يوما هروبه بين ذراعيها من مواجهة تلك المخاوف .

وبعد تلك الأعوام يصر أن يخفى عليها ما يهرب منه ، اين المصارحة التى اعتادتها منه ؟؟

دخل للغرفة وكانت تمشط شعرها بشرود ، نظرت له نظرة طويلة اختلط الشرود فيها بالتأمل والتساؤل . 

حمحم لتنظر لانعكاسها فيشعر ببعض الراحة .

وضعت الفرشاة جانبا لتنهض عن مقعدها وتتجه نحوه ، نظر لها بشوق وعينيه تتفحصان روعتها التى تبهره بها دائما .

ابتسمت له بدلال : مش عاوز تقول حاجة يا رفيع ؟

تاه في دلالها الذى لن يفقد سطوته عليه مهما مرت الأعوام . وضع جلبابه فوق المشجب وهو يراقب تقدمها منه . علقت كفيها متشابكين فوق كتفه لتحصل على طول إضافى يهلك المسافة بين وجهيهما ، نظر لها بشرود لتتساءل بخفوت : بتبص لى كدة ليه ؟

أحاطها بذراعه ليقول بهمس صادق : اتوحشتك من عشية .

تلمس وجنتيها برقة ، طالما كان رقيقا متمهلا . عدا نوبات ذعره التى تفقده السيطرة . لذا لم تعد تخطئ ذعره مهما تظاهر بعدمه .

امهلته ليزداد احتياجا وشوقا لتتساءل : مش هتحكى لى حصل ايه امبارح ؟

تصلب جسده وعلت أنفاسه لتبتسم بظفر . لم تكن مخطئة ، وها هي تمنحه فرصة جديدة للمصارحة وتتمنى أن يحسن اغتنامها .

مرت دقيقة كاملة قبل أن تهدأ أنفاسه وتسترخى عضلاته ويعود مقبلا عليها بشوق هامسا : مالناش صالح .

عقدت حاجبيها متعجبة إصراره على الهروب منها : وانت مالاكش صالح ؟

زفر بضيق وهو يبتعد عنها بوجهه : جصدك إيه ؟

رفعت كفيها تحيط وجهه لتنظر لعينيه مباشرة وتقول بلوم رقيق : بتخبى عليا ليه ؟ تخبى على رنوتك حبيبتك !!! من أمته بتهرب فى حضنى من غير ما تقولى بتهرب من ايه !!! من يوم ما اتجوزنا وكل واحد فينا كتاب مفتوح للتانى .. هتيجى دلوقتي تخبى عنى وتبعدنى عنك .

صمتت لحظة وتابعت : اوعى يا رفيع تبعدنى عنك . لو بعدنا عن بعض هنتوه من بعض يا رفيع . ولا انت خلاص مابقتش تحتاج رنوتك حبيبتك !!

اغرق رأسه في ثناياها بلهفة : لاه محتاچ لك جوى . ماتبعديش عنى . اوعى تتوهى منى . 

أراد أن يخبرها أنه يضيع في دنيا هى ليست بها . لكن لسانه عجز عن النطق . وكيف يفعل وهو يهرب من مصارحتها بها !!

لم يعد قادرا على تحميلها المزيد . ربما يخشى انهيارها. . وربما يخشى انهياره .

__________

أراد أن يستقدمهم لمنزله ، يتوسم خيرا فى أخيه وأخيها . لا يظن أن أى منهما قد يتخلف عن دعم صغيره او ينفر منه .

طرق الباب ليتوجه إليه ، استقبل ريان الذى ظهر القلق فى ملامحه : فى إيه يا طايع ؟ انتو كويسين والبنات بخير ؟

ابتسم طايع وربت على كتفه : بخير يا ابو تاج اتفضل . 

دخل ريان لتنهض ليليان لاستقباله فاتحة ذراعيها  : حبيبى .

ضمها بحب لتبتعد عنه بمرح : وسع بقا ليال وحشتنى .

تحدث الصغير فورا : وانا مش واحشك يا عمتو .

ضحكت ليليان وهبطت لمستواه تقبله بقوة : واحشنى قد الدنيا يا قلب عمتو .

استقر الجميع جلوسا لتتساءل ليليان : عاملة ايه يا ليال ؟ 

ابتسمت ليال : بخير الحمدلله .

نظرت لزوجها وقالت : احنا اتخضينا لما طايع اتصل وصمم نيجى دلوقتي .

طرق الباب طرقا عنيفا ليتجه له طايع مرة أخرى فيستقبل مهران الذى لم يختلف توتره عن ريان : خبر ايه يا خوى ؟

تقدمت روان لتخترق الباب بلهفة : فى إيه يا جماعة ؟

ابتسمت ليليان : وحشتينا ومابتسأليش 

تنهدت روان وهى تضم ليليان : خضتونى .

اسرع خالد نحو عمه : عمو ممكن ادخل ألعب مع بسمة ونسمة ؟

أشار له طايع : خد تاج الصغير وادخل .

اسرع الصغيرين لغرفة الفتاتين لتستقبلهما بسمة بسعادة : عرفتوا !! ماما هتجيب نونو 

صدمة علت الوجوه البريئة تبعها حماس شديد 

ساد صمت حذر بعد اختفاء الصغار والكل يتبادل النظرات المتسائلة .

ربت ريان فوق كتف شقيقته : ليليان انت كويسة ؟؟

اهتزت ابتسامتها ليتوجس خيفة ويقول مهران : يعنى انتو چايبنا على ملا وشوشنا لأچل تطلعوا فينا ؟

حك طايع فوق أنفه ليرى الجميع توتره ويقول بهدوء : لى لى حامل .

اتسعت الابتسامات وبدأت عبارات التهاني تنهال على ليليان . قبل ريان جبينها لتتشبث به ، شعر فورا أن الأمر ليس على ما يرام .

احاطها بذراعه وتساءل بتوجس : فى ايه يا لى لى ؟

نظرت لأخيها تتعلق بعينيه وقالت : ابنى ..

قطب جبينه متسائلا : ماله ؟؟

تحدث طايع لتخبت الظنون : مصاب Down Syndrome 

قطب مهران جبينه بشدة بينما تحدثت روان وليال بصوت واحد : وايه يعنى ؟؟

زفر مهران وهو ينظر لأخيه بحدة وهو يقول بلهجة تحذيرية  : اوعاك يا طايع ترفس نعمة ربنا 

ابتسم طايع ونهض لبجذب ليليان من بين ذراعى أخيها ويقربها من صدره ، لم يخيب أى منهم ظنه ، جميعهم يرحب بصغيره المنتظر .

تحدث طايع براحة : لا طبعا .احنا بنعرف اللى يهمونا بس علشان لو حد مش متقبل ابننا يخرج من حياتنا . لأن مفيش حد هيبقى اغلى منه 

زفر مهران براحة بينما عاد ريان يجذب شقيقته نحوه بعند واضح : سيب لى اختى شوية يا اخى هو انت ما بتصدق .. وسع كدة خليها تعرف تتنفس .

ضحك الجميع بينما قال طايع : وهى هتتنفس فى صدرك وينكتم نفسها في صدرى .

ريان بثقة : طبعا ما انت كابس على نفسها ليل نهار .

ضحكت ليليان وهى تقبل أخيها وتنظر لزوجها بعند : حبيبى يا ريان 

نظر لها طايع بغضب واضح ليضحك الجميع وقد تسللت الراحة لتربط بين القلوب فتزيد المودة .

_________

حاول رفاعى فى الأيام التالية دفع زينب لتقبل الصغير لكنها لم تفعل . طلب منها إظهار التقبل على أقل تقدير لكنها رفضت أيضا .

بدأت ليليان وطايع يبحثان ويتعلمان كل ما قد يفيدهما مستقبلا في التعامل مع صغيرهما المنتظر ويهيئان الفتاتين لتقبل شقيقهما دون مقارنته بغيره .

كانت روان منذ علمت بهذا الشأن تبحث أيضا عن كل ما هو متاح عن تلك المتلازمة فقد أحبت هذا الصغير الذى لم تحمله بين ضلوعها منذ علمت بوجوده .

____

كان مهران يغط فى نومه وقد غادر خالد منذ قليل . دخلت الغرفة تتحرك بحماس : مهران . مهراااان قوم 

فتح عين واحدة ونظر لها بتذمر : فى إيه؟؟

اسرعت نحو خزينة الملابس : عاوزة اروح ل ليليان . هتقوم تودينى ولا اروح لوحدى ؟

تأفف مهران : ليليان !!! هتروحى ل ليليان الساعة سبعة ونص يا روان ؟ أهدى يا حبيبتي ربنا يهديكى الناس وراهم أشغال .

كانت قد بدأت في تبديل ملابسها بالفعل لتقول بحزم : خليك نايم بقا وانا هروح .

انتفض عن الفراش ليمسك ذراعها بغضب فهو يظنها تغار من حمل ليليان وقد طال انتظارها للحمل  : خبر ايه ؟ انت بتبلغينى ولا بتاخدى رأيى ؟ خلاص بجا شورك من راسك وچوزك كمالة عدد ولا ايه؟

تألمت من شدة قبضته لتظر له بألم : كدة بردو يا مهران ؟ انا بعمل كدة؟

خفف قبضته تخفيفا نسبيا : چرى ايه على صباحية ربنا ملهوفة ليه على ليليان إكدة ؟

اخفضت وجهها حزنا : ابدا انا ببحث على النت علشان اقدر اساعد ليليان لما تولد ولاقيت مركز بيأهل الولاد من اول ما يتولدوا لحد تلت سنين ويعلمنا نتعامل معاه ازاى . كنت عاوزة ابشرها .

خفف قبضته ليمسد مكانها بتردد : وحبكت على الصبح !! يچرى ايه لو روحتى فى اى وجت ؟

لم ترفع رأسها وقالت : المركز ده هيبقى بعيد اوى عنهم . كنت عاوزة اعرفهم علشان يشوفوا سكن قريب . كنت فرحانة انى هساعدهم بمعلومة حتى لو صغيرة .

لم ير دموعها لكنه استمع إلى اختناقها بتلك الدموع . لم يكن لغضبه سببا .لقد أخطأ . طالما كان محتويا لغضبه . لقد أساء الظن بها .

أساء الظن بحبيبته ..

تنهد بضيق وقربها منه ليقبل وجنتها بندم هامسا : خلاص ماتبكيش .

وكأنه يطلب منها بقلبه عكس ما يتفوه به لسانه . لتطلق سراح شهقاتها الفزعة دون أن يبدى اعتراضا . لم يكن ليسمح بذلك الألم إن يستوطن صدرها ولو لساعة واحدة . فلتفرغ أحزانها على صدره .

امهلها بعض الوقت وهو يغمرها بذراعيه . زادها قربا : حجك على خلاااص

انحنى نحو ذراعها الذى لم يزل عنه اثر قبضته ليقبله بحنان : وچعتك !!

همهمت بصوت يعنى نعم ليقبل موضع قبضته مرة أخرى .ارتفعت شفتيه تلتقط كل ما ظهر منها بشوق . اقترب من وجهها لتعيد رأسها للخلف وتقول بدلال : مهران 

همهم وهو يجذبها نحوه لتقول برجاء : عاوزة اروح عند ليليان .

زفر بضيق وهو يحررها ببطء : امرى لله كملى لبس 

اقتربت تقبله بقوة : يبارك لى فى عمرك يا واد عمى .

ابتعدت خطوة ليعيدها لصدره : إيه اللى عملتيه ده ؟ 

نظرت له برجاء ليبادلها بخبث وهو يقول بلهجة تحذيرية حادة : جدامك دجيجة واحدة تخلصى لبس وإلا مانتيش خارچة من باب الاوضة من أصله .

اسرعت تدفعه وهى تقبل تحديه الذى يدرك جيدا مدى صعوبته . هو لم ينتوى صحبتها لمنزل أخيه فى هذا الوقت المبكر بكل الأحوال .

___________

تجمع أهل النجع بمنزل هيبة منهم من يؤيد حجاج الذى يريد إعادة الكرة وصعود الجبل مرة أخرى ومنهم من يعارض ذلك خوفا من فقدان حيوات هى فى الواقع اغلى من تلك المسروقات التى يسعى حجاج لإعادتها .

وقف هيبة ليصمت الجميع . اقترب من حجاج بخطوات بطيئة ، وقف أمامه مباشرة بملامح لا تبشر بالخير ليقول : المرة اللى فاتت ربنا ستر ورچعتم سالمين . هتروح بالخلج لفين يا حچاچ ؟

بادله حجاج النظرات الحادة : هرچع لهم حجهم اللى ضاع ومالهم اللى اتنهب .

حك هيبة ذقنه دون أن يحيد بعينيه عن حجاج . التفت فجأة ليقول : وانى موافج نطلع الچبل ونتاوى فيه المطاريد 

اتسعت أعين أغلب الحضور حتى حجاج نفسه بينما تابع هيبة بنفس القوة : بس مش دلوك .

عاد ينظر ل حجاج : لما اعرف مين الخاين اللى بيوصل اخبار النچع للمطاريد .

ارتخت ملامح حجاج بسخرية : ولحد ما تعرف يكونوا نهبوا مالنا كله .

اقترب هيبة من حجاج ليشعر الاخير بالريبة منه وهو يقول : مش ملاحظ يا واد عمى إن مطاريد الچبل بيسرجوا الغلابة بس ؟

علت الهمهمات ليتابع : كل اللى اتسرجت منه بهايم حداه بالكتير تلت أو أربع روس . 

تساءل حجاج بغباء : ودى فيها ايه دى كمانى ؟

ابتسم هيبة : فيها كتير يا واد عمى . فيها إن اللى بيوصل اخبار النچع بيعادى الغلابة . يمكن مثلا عاوز يبجى كبير !!!

كان الاتهام الضمنى الذى أعلنه هيبة كعود ثقاب ألقى على كومة من الحطب شديد الجفاف فأشعله فى طرفة عين .

ظهرت النيران في عينى حجاج ليحاول أن يدفع عن نفسه هذا الاتهام مسرعا : أو عاوز يكوش على مال النچع وناسه وياخد حج مش حجه .

اتسعت ابتسامة هيبة الساخرة لذلك الاتهام الواهى ليقول : عموما يا رچالة انى عرفت الخاين خلاص . وزى النهاردة وفى نفس المعاد تتچمعوا إهنه هتلاجوه تحت رچليا وليكم على كلمة من النهاردة المطاريد مايغيروش على حد منيكم لحد ما يعدى السبوع وإن حصل وغاروا على حد منيكم من غير إذن يدخل دارى ويسحب البهايم اللى تعوضه 

علت أصوات المؤيدين ل هيبة حتى من كان يتبع حجاج منذ لحظات تبع هيبة وأيده دون تفكير ، ليضطر اخيرا أن يعلن تأيده مرغما على أمل فشل هيبة فى الإمساك بالخائن فهو على ثقة أنه لن يفعل

______

أصبحت ليليان ترسل الفتاتين لمنزل والديها اغلب الوقت وأثر هذا على الفتاتين وزاد تعلقهما ب تاج وغالية ، خاصة بسمة التى يدور أمر ما بينها وبين جدها .

دخل تاج للغرفة ومعه بسمة التى تنظر له بترقب وتقول : انا خايفة يا جدو .

ربت على خدها بحنان : خايفة ليه يا بسمتى ؟ 

تنهدت بحزن : مش عارفة .

ابتسم وأمسك كفها يجذبها نحو الأريكة ، جلس وجلست فوق ساقيه ليقول بحنان : يلا نجرب مع بعض تانى .

#الشرف_الجزءالثالث_قسمةالشبينى


التاسع

مر الأسبوع واجتمع رجال النجع مرة أخرى في منزل هيبة حيث سيكشف اليوم عن الخائن الذى يحمل اخبار النجع للمطاريد فكان منهم ما كان من انتهاك للحقوق والأموال .

جلس الجميع يترقب دخول هيبة .الكل ينتظر التعرف على هذا الخائن ، الكل ينتظر أن يقتص منه .

دخل هيبة بخطوات مهيبة لتتعلق به الأعين جلس بنفس شموخه المعتاد ،يرى التساؤل فى جميع الأعين ؛ عدا عينيه ...

وحده حجاج ينظر له بتحد ساخر ليبادله بسمة ساخرة .

حمحم هيبة لينتبه الجميع فيقول : طبعا كلاتكم چايين الليلة تشوفوا مين الخاين زى ما وعدتكم . وانى عند كلمتى .

تحولت بعض الملامح للترقب والبعض للتعجب ، لحظات ودخل ضاحى يقتاد شخص احكم قيده بحبل غليظ لتتعالى الهمهمات .

دهشان !!!!

ومن يكون دهشان ؟ ليس سوى واحد من هؤلاء المهمشين الذين لا يلتفت لوجودهم أحد . 

لا يمكن لأحدهم أن يقتص منه . فلا قصاص من ضعيف . إنها مبادئهم الراسخة . 

يقف دهشان مرتعدا تحت النظرات الناقمة التى يرمقه بها حجاج والنظرات الثاقبة التى يرمقه بها الجميع .

تحدث أحدهم بصوت منفعل : كيف ده !! بجا انت يا لمامة النچع السبب في الخراب ده كلاته .

ابتلع دهشان ريقه بصعوبة وتحدث بتلعثم عرف عنه مسبقا : أ .. أن ..أنى ما..ماعملتش .ح..حاچة . هم سأ ..سألونى وجلت لهم .

انتفض أحدهم يسبه بكلمة نابية لينهره هيبة ثم يقول : دهشان مالوش عيش وسطينا من النهاردة .. هو اختار طريجه . لكنه فى حمايتى لحد ما يهمل النچع . اللى هيتعرض له بكلمة يبجى اتعرض لى انى .

تساءل أحدهم بغلظة : كيف يعنى ؟؟ ومالنا اللى اتنهب .

هيبة : مالكم فى رجبتى 

نظر ل حجاج بظفر : واد عمى حچاچ اطوع جبل سابج يطلع الچبل وانى بأذن له يطلع الچبل وجت ما بده .

إحتقن وجه حجاج غضبا فها هي لعبته تنقلب ضده .

علت الأصوات منهم من يؤيد حجاج ومنهم من يعارضه . تمكن هيبة من تهدئة النفوس اخيرا لينفض الجمع والكل ينتظر ما ستسفر عنه تلك المخاطرة الغير محسوبة .

لم يغادر رفيع وزناتى ليجلس هيبة بين أخويه و ولدى عمه 

ساد صمت مهيب لدقائق قبل أن يتحدث رفيع : هيبة مش دهشان اللى بينجل الاخبار .

نظر له هيبة قائلا بثقة : خابر 

نظر له الجميع بدهشة وتساءل راجى : وأما انت خابر ظلمته ليه ؟

هيبة : هو ظلم حاله وشال شيلة مش شيلته . هو كان حيا الله مرسال بينه وبينهم . بس چبان . خاف منيه .

ضاحى : امال مين الخاين يا هيبة ؟

ابتسم هيبة بسخرية ، هو رغم ثقته لا يملك بينة عليه .

زناتى : يعنى ايه ؟؟ إكده حچاچ فى خطر !!!

هنا انفجر هيبة ضاحكا لينظر له زناتى بطيبة شديدة حتى هدأت ضحكاته ليقول : ماتخافش يا زناتى . خوك هيطلع الچبل ويعاود سليم .

شعر زناتى بالراحة ليتابع هيبة : لأن هو ذاته اللى بيبلغ المطاريد ومش بعيد يكون بيجسم معاهم . حچاچ خلاص بجى كيه الحنش الچعان وماهيشبعش إلا بالنچع كلاته .

ظهر الألم على وجه رفيع والصدمة على وجوه الجميع . لقد حاول هيبة دفع دهشان للشهادة ضد حجاج ووعده بالحماية .لكنه ضعيف النفس هش العزيمة لم يكن ليخاطر بمعاداة حجاج . 

بكى وتوسل ليقرر هيبة إخراجه من النجع لحمايته ليس إلا . وكم يتمنى أن ينجح في ذلك .

__________

حين عرضت روان فكرة مركز المساعدة على ليليان وطايع بدءا فورا بتفقد المركز . توجها فى زيارة له ليفخرا بما يقدمه .

إنه مركز جديد أنشأته سيدة فاضلة لم يسبق لها الإنجاب لتتمكن من تعويض ما تشعر به من فقدان بأصحاب القلوب البريئة .

شعرت ليليان بالراحة فما عثرت عليه عبر وسائل التواصل مجموعة من المراكز التى تقدم المساعدة بالفعل لكنها تحمل أسماء تقوض كل عزيمة وتنحر كل محاولة للتقدم .

الملائكة الصغار ...

ياله من اسم مميز لمركز يساعد اطفال أكثر تميزا .

بعد المسافة بين منزلهم الحالى وبين المركز جعل فكرة الانتقال بالسكن فكرة ملحة بالفعل .

لذا بدأ طايع بالفعل يبحث عما يرضيه للانتقال .لم يكن الأمر سهلا مطلقا فقد كابد المشقة أياما طويلة.

اخيرا وجد ما يناسبه ويقدم له الخصوصية التى يحتاجها لنفسه وأطفاله . حقا سيتكلف الأمر الكثير من المال لكن لا بأس فصغاره يستحقون .

________

دخل مهران لمنزله الهادئ لتقابله روان التى تنتظر عودته : اتأخرت ليه يا مهران ؟ وقافل موبايلك ليه ؟

تلمع عينيها بغيرتها لكنه سيتظاهر بالتغافل .اخرج هاتفه : المخروب ده لازم اغيره علطول مفيش شبكة .

وضعه على الطاولة ليسمح لعينيها بإستراق النظر لتتأكد أن الهاتف ليس مغلقا . جلس بإنهاك فوق المقعد : كنت مع طايع بيشوف بيت جديد جرب المركز اللى جولتى لهم عليه .

اختفى كل شئ وظلت الحماسة لتجلس أمامه متسائلة : عن چد ؟؟

ضحك مهران فهى لن تتغير مطلقا .هز رأسه مؤكدا : عن چد . وهنكتب العجد بكرة وينجلوا جبل ليليان ما تولد .

خبت سعادتها دفعة واحدة وهي تقول بحزن : بس هيبعدوا عننا اوى .

ابتسمت بشحوب  : المهم ربنا يسعدهم 

امسك كفها ليرفعه لشفتيه دون مقدمات يقبل باطنه برقة ، اتسعت ابتسامتها وتخللتها الحياة ليقول : هنشترى البيت شرك . دورين طايع فوج واحنا الدور الاول .

نظرت له بصدمة !! أحقا ما سمعته أم تتخيل !!! 

ابتلعت ريقها لتتساءل : انت قلت ايه دلوقتي ؟ قول تانى كدة؟؟

جذبها لتتحرك بلا إرادة فتستقر فوق ساقيه وهو يعيد عليها ما قال ، ومع كل كلمة لمسة حانية . رأى سعادتها بهذا الصغير أحبته بقلبها قبل أن تراه عيناها وهو لن يقوض تلك السعادة مهما كانت الأسباب .

إن كانت رعايتها لإبن أخيه تسعدها ، فلتفعل . يكفيها ألما عدم الإنجاب مرة أخرى . 

إنه يذكر ذلك اليوم حين عادا من منزل طايع وتساءل ولده ببراءة : ماما انت ليه معندكيش نونو زى عمتو ؟ وانا ليه معنديش اخوات ؟

رأى الألم يصرخ بعينيها . ألم نفذ لقلبه فورا وطعنه بقسوة . إن كان هذا الألم الساحق شعوره هو فكيف يكون شعورها هى !!!

_________

لم يكن صعود الجبل موفقا هذه المرة أيضا فرغم أنهم لم يتعرضوا للأذى لكنهم ايضا لم يجدوا المطاريد ولا المسروقات . كان الجبل خاويا تماما من أى مظهر للحياة .ليعود حجاج بخفى حنين ويبدأ ذلك التجمع الذى كونه فى خطر ساحق .بدأت أفكاره تزداد سوداوية وعزم على إجلاء هيبة عن الزعامة وعن النجع بأكمله دون لحظة تردد.

جلس هيبة بصحبة والدته التى تحمل حفيدها الغالى  ذات صباح ينتظر تجهيز الفطور . هبط ضاحى يتحدث إلى نفسه كما يفعل عادة ليعلم الجميع أن زوجته المجنونة قد اغضبته كعادتها ، وكالعادة لم يهتم احد فهى أيضا من سيراضيه كالعادة .. لا يجب التدخل في العادات اليومية مادامت تصل إلى بر الأمان ويعود كل منهما ليرسو بقلبه فى حمى الآخر  .

جلس ينفض جلبابه ليبتسم هيبة . لحظات وكان راجى يهبط الدرج بملامحه المستكينة دائما . جلس يلقى عليهم تحية الصباح ليبدأ فورا في مناقشة بعض الأمور مع هيبة .

لم يكن باب المنزل مغلقا بكل حال لكن علت طرقات مزعجة لتلتفت الأعين نحو الباب بتلقائية ؛ دخل ضابط شرطة يتساءل بحدة : مين فيكم هيبة صالح ؟؟

انتفض الجميع وقوفا ليقول هيبة بثقة : انى يا حضرة الضابط 

أشار له الضابط بإحترام فمن هيئته لا يبدو كمجرم ولن يقاومه وهو يقول : حضرتك متهم في جناية قتل . اتفضل معايا .

جحظت الأعين وهمهمت الألسنة : قتل .. جناية .. متهم ..

تماسك هيبة وهو يتساءل : جتل مين يا حضرة الضابط ؟

الضابط : هتعرف كل حاجة فى المركز . اتفضل .

رفع هامته بشموخ ناظرا لأخويه نظرة تسكنها الثقة  بينما اقبلت سما تعدو من المطبخ لتراه بنفس شموخه لم ولن يهتز لكن رغم شموخه زلزلت رؤيته قلبها الذى ارتعد  . 

تحرك للأمام بصمت لترفع كفيها لفمها تكمم صرخة ستشق صدرها لتفر منه ،لكنه لم يغادر بل اقترب منها قائلا بثقة : مش هغيب عليكم 

أغمضت عينيها ترفض رؤيته مغادرا بتلك الطريقة ، ارتمت زبيدة فوق مقعدها بإنهزام واسرعت إليها هناء بينما اتجهت ريتاچ لابنة عمها تضمها وتشد ازرها فى مصيبتها التى لم يظن أحدهم أن تنزل بهم يوماً .

_________

انتشر الخبر في النجع بسرعة البرق ، بدأت القصص تنسج فورا عن كبير النجع الذى استفرد بهذا المسكين بعد أن أسفرت الجهود على لا شئ فى ساعة واحدة كان هيبة قد أصبح مجرما فى نظر البسطاء الذين ينتمى لهم القتيل من الأساس  .

لقد أخرجه من النجع ليبعد عنه الشبهات ، هو الوحيد القادر على فعلها ، لن يتجرأ أحد على المجاهرة بإتهامه .كما لن يتجرأ أحد على اختراق الحماية التى كفل بها دهشان

دهشان الذى أخرجه من النجع فى حمايته فقط لإبعاد أصابع الاتهام عنه لاحقا . البعض يرى دهشان يستحق تلك النهاية والبعض يراه مجرد مسكين تلاعبت به أقداره لتصل به إلى نهايته المأساوية .

وصل الخبر ل رفيع خارج المنزل ليفقد صوابه ويتجه فورا إلى منزل عمه . دخل من الباب الذى لم ولن يغلق .

لم يجد غير زبيدة قابعة بقلب الدار تنتظر عودة رجاله الذين غادروه ، لقد لحق ضاحى بأخيه بينما اسرع راجى للبحث عمن يتولى الدفاع عن أخيه الذى يثق ببراءته .

دخل رفيع بفزع : فى ايه يا مرت عمى ؟ صوح الحديت الداير فى النچع ؟ هيبة جتل دهشان !!! لاه واد عمى مايعملهاش .

رفعت زبيدة رأسها تنظر إليه بقوة ظاهرة : وأما انت خابر إنه مايعملهاش بتسأل ليه ؟

ابتلع رفيع ريقه بصعوبة وهو يحاول التحكم في غضبه : ماتخافيش يا مرت عمى . هيبة هيبات فى فرشته الليلة . انى خابر الندل اللى عملها .

واندفع خارجا فى لحظة بنفس الغضب .

توجه من فوره لمنزل حجاج الذى كان يجلس بغرفته المنعزلة ينتظر أن يلتف حوله أهل النجع ليتزعمهم فى تلك الفترة العصيبة .

دخل رفيع بغضب ليبتسم حجاج بخبث : اهلا بالغالى . 

إحتقن وجه رفيع : من ميته عنديك غالى يا حچاچ ؟ مين اللي جتل دهشان ؟

هز حجاج رأسه بأسف مزعوم : الله يرحمك يا دهشان . كان غلبان وراح فى الرچلين .

انقض عليه رفيع ممسكا بتلابيبه : ماتعملش عليا المسخرة دى ؟ انطج يا حچاچ وإلا ورحمة بوى وبوك لأكون مبلغ عنك الحكومة تريحنا من چرسك وغباوتك .

نفض حجاج كفى رفيع عن ملابسه وهو يصيح بغضب : الزم حدك يا ولد ابوى انى دلوك كبير النچع وباجى على دم بوى اللى بيچرى فى چتتك .

لم يزل غضب رفيع : وصلت للدم يا حچاچ !! يكون فى معلومك إذا واد عمى بيت ليلة واحدة في المركز انى اللى هچمع الخلج واجولهم الحجيجة كلاتها .

استهزأ حجاج به : وانت بجا خابر الحجيجة كلاتها ؟؟

رفيع : كلاتنا خابرين عفاشتك وندالتك . خابرين إن انت اللى كنت بتجول للمطاريد على اخبار النچع . وإن دهشان كان مرسال لا اكتر ولا أجل . وان انت اللى خبرتهم جبل ما تطلع الچبل لاچل يلبدو فى بطن الچبل والرچالة كيه ما يطلعوا كيه ما ينزلوا 

شحب وجه حجاج ورفيع يتابع : شوف انت بجا إذا حديتى ده وصل للحكومة مين اللي هيبجى ليه مصلحة فى جتل دهشان ؟

تلعثم حجاج : انت بتخرف بتجول ايه ؟ كل ده كلام فاضى .

نظر له رفيع بثقة مبتلعا غضبه : العيار اللى مايصبش يدوش يا واد ابوى واهو تروح زى هيبة ما راح ونبجى نشوف مين منيكم هيعاود .

رجفة سرت بأطراف حجاج ؛ أكان الجميع على علم بكل ما كان منه !! 

تابع رفيع بنفس القوة : معاك من دلوك للمسا .

وغادر المنزل كما دخل لكنه لم يترك حجاج على نفس الحالة التي وجده عليها .تركه يغلى غضبا وحقدا ستطال نيرانه من الجميع  .

ارتمى فوق مقعده محدثا نفسه : بالراحة يا حچاچ ..جاتل بلا بينة سلطان ..أعلى ما فى خيله يركبه .

انتفض واقفا : واذا جدر يطلع منيها ..هيبة مش هين بردك مادام خابر كل حاچة يبجى عنديه تصريفة 

عاد يجلس بهدوء ظاهرى : أما اشوف يا واد صالح حتى لو خرچت منيها ليك عندى اوعر منيها . أنى وانت والزمن طويل.

____

أشار ضابط الشرطة إلى هيبة : اتفضل اقعد .

جلس هيبة أمامه ليتساءل الضابط : التحريات بتقول إن كان فى عداوة بينك وبين القتيل وانك طردته من النجع .

زفر هيبة بضيق : يا حضرة الضابط انى كبير ناسى ودهشان الله يرحمه كان بينجل اخبار النچع للمطاريد لاچل يغيروا على الخلج ويسرجوا البهايم والمحاصيل . انى خرچته من النچع حماية ليه لو كان فضل كان الف من يأذيه .

الضابط : كنت فين امبارح من الساعة عشرة لحداشر بالليل ؟

هيبة : كنت في دارى . فى المندرة كان في تنين متعاركين بحكم بينهم خرچوا من عندى الساعة اتناشر تجريبا .

الضابط : مين الاتنين دول ؟

أخبره هيبة عن شخصين من عائلة واحدة تعاركا لإختلافهما لتقسيم ارث والد الاول والذى يكون والد زوجة الثانى . الاول يرفض منح شقيقته حقها كاملا فى إرث ابيها والآخر يريد أن يحصل على حق زوجته كاملا .

دخل راجى إلى المركز برفقة هذا المحامى الكبير الذى أحضره من منزله مباشرة لحضور التحقيق والتأكد من موقف أخيه .

وقف راجى بجوار ضاحى الذى يستند إلى الجدار بعيدا إلى حد ما عن مكتب الضابط بينما تقدم المحامى ليستقبله الضابط بإحترام : اهلا استاذ عرفان .

رحب به عرفان ببسمة متكلفة : أنا جاى احضر التحقيق مع هيبة صالح .ومن فضلك عاوز اقعد معاه شوية قبل التحقيق .

ابتسم الضابط : حقك طبعا عموما هو استشهد بإتنين لحد ما نجيبهم تقدر تقعد معاه براحتك .

أشار عرفان ل هيبة الذى نهض معه ليجلسا بأحد الأركان لحظة اندفاع رفيع نحو هيبة : واد عمى !!

التفت له هيبة : ماتجلجش يا رفيع . بسيطة إن شاء الله

قلب رفعان نظراته بينهما بينما اقبل راجى وضاحى ليتساءل عرفان : أنا عاوزك تحكى لى كل اللى حصل من لحظة القبض عليك .


أخبره هيبة بكافة التفاصيل ليتساءل : والاتنين دول هيشهدوا لصالحك فعلاولا فى سبب يخليهم يغيروا شهادتهم ؟

ضاحى : مايجدروش يغيروا شهادتهم طبعا 

أشار له هيبة ليصمت وهو يقول : هم هيشهدوا باللى چرى لا اكتر ولا أجل

عرفان : عموما اذا ده حصل فعلا هعمل كل جهدى انك تتعرض على النيابة المسائية النهاردة وطبعا بالوضع ده هيتم الإفراج عنك من سراى النيابة .

كان حديثه مطمئنا كما سريان الاحداث وحين حل المساء كان هيبة يدخل للمنزل بصحبة شقيقيه وابنى عمه بنفس الشموخ الذى غادر به في الصباح لكن نظرة واحدة لعينيه كافية لتظهر الانكسار الذى يشعر به داخليا 

____

إلتزمت حجرتها منذ ساعات ، تركت رعاية طفليها لابنة عمها وقبعت بغرفتها تنتظر عودته ، أخبرها أنه لن يتأخر وهو لم يكذبها قولا مطلقا .

نقلت لها ابنة عمها بشرى عودته سالما ، لكن بالطبع كان في انتظاره جمع من أهل النجع .منهم من هو سعيد بعودته ومنهم من جاء يتحقق براءته المزعومة . ومنهم من جاء شامتا يريد رؤية كسرته ؛ ولم يكن هذا سوى حجاج .

مرت ساعتين قبل أن ينفض عنه الجميع ويتجه لقلب المنزل حيث تجلس زبيدة تنتظر أن تتكحل برؤيته .

تهلل وجهها لطلته المهيبة الشامخة ، اقترب وقبل رأسها بحنان لتهمس : الحمدلله يا ولدى غمة وانزاحت .

همهم بالحمد لله لتربت فوق صدره : إطلع يا ولدى ارتاح فى فرشتك .

لم يعترض فهو بالفعل بحاجة إلى الراحة .كل الراحة..

ارتقى الدرجات بثبات ليصل لغرفة طفليه اولا . تفقدها أثناء نومهما ليخرج من الغرفة نحو غرفته مباشرة .

فتح الباب لتسرع نحوه : حمد الله على سلامتك.

ابتسم هيبة وكأنه يؤكد لنفسه أنه بخير : الله يسلمك يا غالية .

رفعت عباءته عن كتفيه متسائلة : هتنام ؟؟

هز رأسه نفيا : هتسبح الاول .

تحركت خطوة للأمام لتتوقف وتنظر له بتوتر ، رأت ألمه بعينيه ورأى فزعها بعينيها ، لم يفكر لحظة وجذبها إليه مطمئنا : انى اهه ماتخافيش .

هزت رأسها وهى تتنفس بصعوبة لدرجة آلمت صدرها وهي تقول : معلش يا حبيبي .معلش 

ربت كفها فوق كتفه بدفء وهى تقبل وجهه قبلات متتالية وتعتذر له عن تحمله الألم ..للحظات شعر بها تمتص الوجع الذى كان يأن به صدره رويداً رويداً .اجلسته فوق اريكته ورفعت رأسه لتنظر لعينيه وتمنحه بسمة تربت فوق جرح كبرياءه .

انطلقت الى المرحاض لتملاء المغطس وتعود لتأخذ بيده : تعالى معايا علشان جسمك يرتاح .

لم يبد اى اعتراض على رفقتها ، شعر بالماء الدافئ يتخلل مسامه ويزيل تيبس عضلاته التى كان التوتر سببها .

بعد ساعة كاملة وصلت به للفراش ليتوسد صدرها واناملها تداعب شعيراته الرطبة ، شعرت بإنتظام أنفاسه لتتساءل : هيبة !!

همهم بخفوت : بردااان يا سما .

هذه الجملة تخترق قلبها حرفيا فهو لا يتفوه لها إلا في أشد أوقاته صعوبة .ورد فعلها المعتاد أن تشده إليها وتخفيه عن الدنيا اجمع .


#الشرف_الجزءالثالث_قسمةالشبينى


العاشر

كانت تنتظره بلهفة وترقب . تعلم أنه بحاجتها . أنه مشوش يعانى التخبط . ولابد أنه يعانى صراعا داخليا . إنه رفيع الذي لا يتحمل أن يطال أحبته سوءا . 

والمصاب جلل . إنه هيبة . ليس مجرد ابن عم يهتم لأمره . بل هو كضلع فر من بين ضلوعه ليسكن جسدا اخر . جميعهم كذلك . حتى حجاج الذى يثير فوضته هنا وهناك . تعلم أنه يخشى عليه من نفسه رغم كل ما يسببه له من حرج .

تنهدت بحيرة وهى تتذكر تبدل أحواله فى الآونة الأخيرة ، لم يعد يرسو بسفن ألامه على شواطئ امانها ، لم يعد يلقى بمخاوفه فى ابحر حنانها ، أصبح بعيدا ..بعيدا للغاية .

كم تفتقده !!! 

تفتقد قلبه الدافئ . تفتقد عقله الواعى الذى آلف بين قلبيهما بقوة تعجب لها الجميع .

عادت تزفر تخبطها مع أنفاسها المضطربة . ماذا عليها أن تفعل لتعود به لسابق عهده !!؟

لطالما كان داعما لكل محاولاتها للتقارب بينهما .. أما اخيرا أصبح يقاوم محاولاتها تلك بطريقة تنفر منها بشدة .

علاقتهما لم تكن يوما علاقة رجل وامرأة . بل كانت تآلف للقلوب ، تفاهم للعقول واندماج للارواح .

عله يأتيها الليلة كما إعتادت أن يأتيها يبحث عن عقلها ليستمع إلى شكواه .يبحث عن قلبها ليضمد جروحه .يبحث عن روحها ليستشفى بين ثناياها .

استمعت لصوت إغلاق باب المنزل فهبت تستقبله بلهفة قلب محب يعلم أن حبيبه يتألم .

فتحت باب الغرفة قبل أن يصل إليها ليستقبلها مبتسما . نظرت له بصدمة 

رفيع يبتسم !!! فى يوم عصيب كهذا يبتسم !!!

تساءلت لهفة قلبها بلسانها : رفيع انت كويس؟؟

اتسعت ابتسامته وهو يقول: الحمدلله بخير .

تجاوزها وبدأ يبدل ملابسه بينما اوقفتها صدمتها عن اللحاق به . 

اين حبيبها ؟؟

كيف ضاع منها وكيف سمحت بذلك ؟؟

لما يخفى أوجاعه عنها ؟؟ هل وجد بر أكثر أمانا من برها هى ليرسو فوق شطآنه ؟!

ألم تعد له الأمان !! 

ألا يرغب في سكب أحزانه فوق صدرها !!

آفاقها من شرودها تساءله : مالك يا رنوة ؟ واجفة ليه إكده ؟

لم تجب فهى لم تعد تعلم ما الذى يحدث معه . تحركت نحو الفراش وقد تمكن منها الإحباط ليوقف ذراعه تقدمها تتبعه همسته المتلهفة : اتوحشتك جوى .

ثار قلبها فور ملامسته لها .

اهكذا أصبحت !!

مجرد وسيلة لتفريغ طاقته السلبية !!

اقبل عليها بلهفة اعتادت عليها مؤخرا وتنفر منه .. أم تنفر منه !!! سؤال تخشى البحث عن إجابته .

______

كان بحاجتها . ليست حاجة جسدية كما تظن أنه يحتاج . 

يحتاج لأمانه الذى استوطن صدرها مذاك اليوم ولم يعد يجده إلا بالغرق بين ذراعيها .

يحتاج ربتات كفها فوق قلبه قبل جسده لتخبره أن كل شئ سيكون على ما يرام.

يحتاج للعثور على روحه الشاردة التى تهرب من الدنيا كلها لروحها هى .

لكنه عاجز ...

لم يعد قادرا على تحميلها المزيد من أوجاعه ؟؟ ربما !!!

لم يعد قادرا على تحميلها ضعفه ؟؟ ربما !!!

لم يعد قادرا على تحميلها شرود روحه ؟ وصراخ عقله ؟ واستغاثة قلبه ؟ ودموع عينيه ؟؟؟

ربما !!! وربما !!! وربما !!!

كل ما يفهمه أنه توقف فى نقطة ما عاجز تماما عن الوصول إليها إلا عبر هذا السبيل الممتع والمؤلمة متعته .

بالفعل مؤلمة .قلبه يتألم ..روحه تتألم ..وعقله يحذر وكلما عزم على العودة من ذاك الطريق يتذكر ما يجعله يمضى فيه خطوات مبتعدا عنها ..عن نفسه.

يغرق وبر نجاته أقرب إليه من الهلاك ويتجه نحو الهلاك .

وكعادته مؤخرا .

يلجأ لاسهل وسيلة تشعره أنها لازالت هنا .

أن الأمل في نجاته لم ينتهى .

يغرق بشوق يمزق ضلوعه ، يكوى جسده ، يحرق روحه أملا في العثور على بعض الراحة التى لم تعد تتواجد سوى هنا . معها . بها .راحة للحظات خير من الاحتراق الدائم .

___

لم تعد تتحمل . هى لا تريد رفيع هذا .. بل تريد رفيع الذى قربه يحيها ، دفعته عنها بعنف ليفيق من سكراتها مرغما . نظر لها بأعين متسعة وتحدث بصوت بالكاد خرج من حجرته مهزوزا : حوصل ايه ؟؟ مالك ؟؟

أشارت إلى صدرها بغضب : مالى !!! أنا اللى مالى !!

زاد عجبه وهو يرى غضبها وهى تقول : انت اللى مالك ؟؟ لا  انت مين ؟؟

ردد سؤالها بعفوية وتعجب : انى مين كيف ؟؟

دفعته بصدره ليتراجع خطوة للخلف : ايوه انت مين ؟؟ انت مش رفيع اللى أنا عارفاه .. وديت حبيبى فين ؟ وديت جوزى فين ؟

تدفعه مع كل كلمة ليتراجع خطوة ، امسك ذراعيها يعيدها لصدره : انى اهه ، انى حبيبك . انى چوزك .

صرخت مقاطعة استرساله وهى تدفعه عنها مرة أخرى: لا مش انت . انت واحد شبهه . لا انت مسخ من غير روح . من غير قلب . من غير عقل .

تعالت صراخاتها ليرفع كفيه برجاء : هششش أهدى يا رنوة . 

هزت رأسها نفيا بصدمة واضحة : مش ههدى غير لما ترجع لى حبيبى ..

امتلأت عينيها باللوم : حبيبى ماكانش بيجينى بجسمه . كان بيجينى بروحه ، بعقله ، بقلبه ، كل وجعه كان بينتهى فى حضنى ، كل همه كان بيموت بين اديا ، كل خوفه كان بيدوب جوايا .لكن انت مين ؟؟ أنا معرفكش . 

تنهد بألم يعلم أنه ابتعد عنها بكل ما ذكرت ، لم يعد يأتيها إلا جسدا خاويا سوى من رغباته . لكنه لم يعد قادرا إلا على هذا القرب . 

اقترب منها متصنعا الهدوء : رنوة الهنا ..بزيداكى ..انى اهه ماهملكيش واصل .

تراجعت للخلف رافضة قربه : لا هملتنى . لما حسيت بالغربة فى بيتك تبقى هملتنى . لما حسيت بالبرد فى حضنك تبقى هملتنى . لما حسيت بالوجع منك لأول مرة في حياتى تبقى هملتنى . 

ارتمت جالسة بإنهاك فوق الفراش تتحدث بإنهيار قلب  : أنا مش عاوزاك . أنا عاوزة حبيبى امشى ورجع لى حبيبى . وحشنى . رفيع وحشنى .

اقترب مسرعا يجثو أمامها ، رفع وجهها ونظر لعينيها : انى اهه چارك اتوحشتينى وانى چارك ؟

هزت رأسها نفيا : مش انت أنا معرفكش . اللى وحشنى حبيبى مش انت 

دفنت وجهها بين كفيها لتهرب من ضياع نظراته . 

هى لا تريده بهذه الطريقة . 

هب واقفا ليغادر الغرفة . سمعت صوت الباب لتعلم أنه لا يزال رافضا قربها الذى يهلكها شوقا له . هى تريد زوجها بكل ما فيه . وهو يريدها بجزء منه لا يرضى شوقها إليه .

أغمضت عينيها سامحة لدموعها بالتحرر . فهذا الغريب الذى تخشى ضعفها أمامه غادر للتو . كم تتمنى أن يفتح الباب عن حبيبها الذى يمكنه هو وحده تكفيف تلك الدموع . ونزع هذا الألم . و رى هذا الشوق .

______

ألقى جسده المشتعل فوق الأريكة . ضرب جانبى جبهته بكفيه كأنه يبحث عن إفاقة من سكر بين .

اين عقله !! 

كيف وصلا لهذه النقطة !!

إنه خطأه.. بلى ، هو كذلك . 

فى تلك الليلة التى يكره أن يتذكر تفاصيلها . كانت مهشمة الجسد . جريحة الروح . لكن قلبها وحده . حبها وحده وفقط ذراعيها بر الأمان من ضياعه المحتم .

تذكر فتحها ذراعيها وقد أفاقت للتو من غيبوبة كادت تقتله . تذكر همسها الضعيف وصوتها الذى بالكاد سمعه : تعالى في حضنى علشان مش قادرة اجى لك .

ومنذ تلك اللحظة ، ومنذ تلك الضمة استوطن أمانه بين ذراعيها . 

ترى ما الذي حدث ليبتعد عنها لتلك الدرجة !!! 

مسح بكفه فوق صدره المشتعل . ليزداد تحكم رغباته سطوة . هب فى لحظة عائدا إليها . 

يحتاج لإطفاء تلك النيران بأى وسيلة . إنه يحترق . مواجهتها له بما وصلا إليه زادته لهيبا .

هو أيضا يحتاج أن يأتيها كما تحب وترضى .وكما يحب ويرضى.

عجزه يحول دون تحقق هذا الرضا . فليأتيها كما يريد  لا كما يحب .


___

كففت دموعها فور سماع خطواته تطوى الأرض إليها . ولد بقلبها امل أرادت له أن يحيا .

فتح الباب لترفع عينيها فيقتل أملها الوليد . بحثت عن حبيبها فيه فلم تجد سوى من غادرها منذ دقائق . 

عاد نفس الشخص الأجوف لكن عينيه تصران على فرض سيطرته . انتصر هذا الأجوف على حبيبها الذى لم تعد تدرى متى يعود إليها .

نظر لها ليرى مدى السوء الذى اوصل حبيبته إليه . تراجعت أمام عينيه فوق الفراش ليزيد الأمر سوءا وهو يغرق الغرفة فى بحر ظلامه معلنا عن رفضه القاطع رؤيتها . بل عجزه أن يفعل . 

شعرت بالراحة لهذه الظلمة التى تحجبها عنه فلا طاقة لها لرؤية هذا الغريب .

شعرت بأنفاسه تحرقها وهو يهمس : ماجادرش . سامحينى .

وساد الصمت لا يخرقه سوى صوت أنفاسه التى تزداد تطلبا لانفاسها ولم يتراجع حتى اكتفى .

أغمضت عينيها وهي تتوارى أسفل الأغطية ، رغم الظلام تشعر بالعرى ، ورغم الأغطية تشعر بالبرد .

____

شعرت صباحا بتسلله وتصنعت النوم . هى أيضا لا يمكنها مواجهته بعد تلك الليلة التى هجرها فيها بإصرار .

ابكر فى المغادرة ليهرب قبل أن تنهض لروتينها الصباحى وتيقظ صغيره ليلحق بمدرسته .

انتظرت ساعة كاملة بعد مغادرته عله يرجع من فراره هذا . عله يندم على هجرها . عله يعيد روحه إليها . 

نهضت اخيرا بإنهزام وقد اتخذت قرارا.

ستهجره كما هجرها . 

ستفر منه كما فر منها .

ستبتعد عنه كما ابتعد عنها .

ستحرمه منها كما حرمها منه .

استعدت للمغادرة لتتوجه لغرفة طفليها فتحت الباب وقالت بحزم : سويلم . سليم . يلا بسرعة اصحوا .

فتح سويلم عينيه لترى عينيه فيها وهو يتساءل : اجوم للمدرسة ؟

اخرجت ملابسه واخيها ووضعتها فوق الفراش: لا قوم مسافرين .

انتفض الصغير : مسافرين ليه ؟

نظرت له بحزم ترفض البحث عن والده فيه وهى تقول : اسمع الكلام قدامكم ربع ساعة على ما اجهز الشنط .

اتجه إلى فراش أخيه يدفعه برفق : سليم .جوم يا سليم 

فتح سليم عينيه بنعاس : جوم غير خلاجتك .

بعد نصف ساعة كانت تنزل الدرج تحمل حقيبة متوسطة ويتبعها صغيريها بصمت  ، قابلتها شريفة لتفزع من هيئتها : على فين يا بتى ؟

رفعت نظارتها الشمسية تخفى دموعها وهى تقول : ماشية .

ضربت حسنات فوق صدرها : ماشية كيف يعنى ؟ 

لم تجب واكملت هبوطها الدرج لتتساءل شريفة : رفيع عنديه علم بإكده ؟

ابتلعت ألمها وهي تقول : قولى له يا ماما يرجع لى رفيع اللى حبيته .

صمتت لحظة تغالب دموعها : قولى له رنوة بتقولك ماتقدرش تعيش غريبة فى بيتك . أنا فى بيت اهلى . يا يرجع لى رفيع يا يعتبر دى النهاية.

توجهت نحو الباب لتلحق بها حسنات بينما سيطرت الصدمة على شريفة . أمسكت ذراعها ترجوها : بلاش لاچل خاطره . لاچل خاطر الولد . انى ماخبراش اللى بناتكم . بس كل حاچة تتصلح .

صمتت رنوة لتتابع حسنات : عيبة كبيرة جوى يا بتى تهملى دارك وراچلك مش فيه 

تحدثت اخيرا بصوت مختنق : العيبة الأكبر انى اعيش زوجة بدرجة جارية 

نظرت لها حسنات دون أن تدرك مغزى ما قالته .

سمحت لشهقة أن تخرج من صدرها وهى تحرر ذراعها من كف حسنات لتغادر ويتبعها طفليها . 

خطت بضع خطوات خارج المنزل لتتوقف سيارة بجوارها ويتساءل قائدها الذى لم يكن سوى زناتى : على فين يا ام سويلم ؟

نظرت له ولم تجد ما تخبره به سوى أن تقول : نازلة مصر يومين .

زناتى : لحالك ؟؟ 

أجابت بثقة : ايوه رفيع عنده شغل هيخلصه ويحصلنا .

لم يجد أمامه سوى أن يقلها للمحطة ، لم ينتبه لكفها الذى يكفف دموعها من حين لآخر . لم ينتبه إلى أن أخاه لم يتركها مطلقا تسافر بمفردها . لم ينتبه حتى حين طلبت منه الا يتوجه إلى محطة القطار زاعمة عدم تمكنهم من إيجاد تذاكر للمرة الأولى .

استقلت إحدى السيارات وقد طلبت من السائق أن يتحرك فورا ، طلب السائق مبلغا ماليا كبيرا فلم تعترض . بدأت الشكوك تساور زناتى وبدأ يرتاب لامرها .

لأول مرة بحياته يرفع عينيه يتطلع لوجه زوجة أخيه .

إنها باكية !!!

صدم من غبائه ، كيف لم يتوقع مع مغادرتها بهذه الطريقة أنها تهجر أخاه !!

بل وساعدها بسذاجته على ذلك .

نظر لها بصدمة ليمسك فورا بكف سويلم : انت رايحة فين يا ام سويلم ؟ انت غضبانة ؟

تساءل بهمس فزع لتوارى وجهها عنه وتأمر ولدها : سويلم اركب العربية .

اسرع زناتى يفتح الباب المجاور لها : لاه . يبجى رفيع مايعرفش انك خرچتى من الدار أساسه . انى مستحيل اسيبك تمشى .

نظرت له بإصرار : حاول تمنعنى .يلا يا سويلم .

جذب الطفل للخلف : سويلم ماهيروحش معاكى . ولا سليم كمانى .

نظر ل سليم أمرا : انزل يا ولد من العربية 

فزعت رنوة بينما أنهى سويلم ما يحدث وجذب كفه بحزم من كف عمه : لاه هنروحوا مع امى ماهنهملهاش واصل .

نظرت له براحة بينما نظر عمه له بصدمة : لو رچالة الدنيا هملوا امى انى مااهملهاش . انى ولدها واحج بيها من اى راچل فى الدنيا حتى من ابوى ذات نفسيه .

تساءل زناتى : هتهمل ابوك يا سويلم ؟؟

تحرك سويلم نحو السيارة بعزيمة رجل فى جسم طفل وهو يقول : بوى راچل يجدر يدير باله على حاله . لكن امى انى ادير بالى عليها .

فتح الباب لينظر لعمه بحزم : جول لابوى إن امى معاها راچل وإذا ماكانش جادر يراضيها انى هراضيها .

جلس بجوار السائق تاركا المقعد الخلفي لامه وأخيه وهو يقول بلهجة آمرة لا تعبر عن عمره مطلقا : اطلع يا اسطى .

تسللت بعض الراحة لقلبها . فحبيبها لم يغادرها بشكل كامل. بل ترك لها في نبتته بعضا من روحه التى تعشقها . هى لم تخسر رفيع .

رفيع خسر فرصتين ليجد نفسه .

فرصة معها .. وفرصة مع ولده .

____

كان يتجول بالمزرعة بلا هدف حين علا رنين هاتفه . نظر لشاشته واجاب بلا تردد لتتسع عينيه فزعا : هملت الدار كيف ؟ ازاى يا اما تهمليها تمشى ؟وخدت الولد كمان . 

تسارعت أنفاسه واختنق صدره . هجرته !!!

أنهى المحادثة وهو يردد بهلع : خدت روحى وفرت منى . تبجى مارجعاش .

تحركت قدميه بلا تردد ليستقل سيارته نحو محطة القطار . 

دخل رفيع المحطة يبحث عنها بين الوجوه . بل يبحث عن روحه بين أطياف لا يعرفها .

غادر بعد قليل إلى المنزل مباشرة . وجد زناتى ليخبره ما قاله صغيره الذى لم ينتبه أنه ولد كبيرا . وأخبرته أمه كلمات رنوة التى لم تفهمها .

لم يجب بل فر من أمام الجميع إلى شقته . باحثا عنها ليسترد أنفاسه . جاب الشقة ذهابا وعودة فلم يجد سوى بعضا من رائحتها .

نظر لانعكاس صورته وهو يرى نفسه هزيلا للمرة الأولى .

يرى نفسه ضعيفا للمرة الأولى.

يرى صورته المهزوزة للمرة الأولى .

هنا رأى بالفعل ما كانت تخفيه عنه من ضعفه .

كانت سد الحماية الذى حماه لأعوام من رؤية جانبه الضعيف .

وضع كفه فوق صدره يلوم قلبه : ليه يا رفيع عملت فيها إكده ؟ 

چبنت !!!؟ 

هز رأسه مؤكدا : ايوه چبنت . ضعيف وچباااان لو جولت لها كانت سمعتنى وفهمتنى..لو جولت لها كانت طيبت الوچع  ..

جثى أرضا .لقد أراد أن يفر منها بهمومه ففر منها بقلبه ولم ينتبه أن قلبها يذبل بعيدا عن قلبه وروحها ترتعد بردا بعيدا عن روحه .

_____

منذ قررا الانتقال وروان تلازم ليليان معظم الأوقات وكم كان وجودها مؤثرا حيث تعانى ليليان من متاعب الحمل لتكون روان خير داعم لها مع تأخر حالة غالية الصحى والذى تصر أن تخفيه عن الجميع لكنه أثر على دعم صغيرتها فى مرحلة الحمل المتعبة .

تحمل طايع واجبات إضافية حيث تنحت ليليان عن اغلب واجباتها المنزلية .يعلم أنها تتدلل ولا يرى بأسا فى ذلك .

كان تواجد روان الدائم محببا جدا للصغار الثلاث حيث زاد التقارب بينهم ورغم ذلك لم تفكر بسمة فى الإفصاح عن سرها الصغير الذى تشاركه جدها فقط رغم إلحاحهما .

عقدت ساعديها بغضب : قلت لكم مش هقول حاجة ..لما احس انى قادرة اقول هاقول .

تعترض نسمة فورا : كده يا بسمة طب انا مخصماكى .

بدل نظراته بينهما ليرى العند والقوة بعينى نسمة بينما الحزن بعينى بسمة ليرق قلبه لها مباشرة كالعادة .نظر ل نسمة بلوم : علفكرة المفروض تدعميها وتطمنيها مش تخاصميها !!

نظرت له نسمة : طبعا هتدافع عنها . تقدر تقولى ادعمها ازاى فى حاجة مش عارفاها !!

اقترب خالد ليقف بجوار بسمة ويقول بثقة : يمكن مانعرفش مخبية ايه بس نعرف بسمة كويس وانا متأكد إنها مش هتعمل حاجة غلط ابدا وكمان متأكد لما تحب تقول لحد احنا هنكون الحد ده .

نظر لها متسائلا : صح يا بسمة !!

أجابته دون لحظة تردد : صح يا خالد والله .

نظرت لها نسمة وقد شعرت ببعض الندم الذى لن تفصح عنه مطلقا لتقول بعند وسطوة : بس انا اكون اول واحدة تعرف .حتى قبل خالد 

ابتسم خالد لتقول بسمة : وانا موافقة بس محدش يسألنى تانى انا هقول لوحدى .

ليقولا معا : متفقين .

فتح باب الغرفة عن روان : ايه ده بتتفقوا على مين ؟ 

نظر لها ثلاثتهم دون إجابة لتضحك : طبعا مش هتقولوا . ماشى يلا يا خالد نروح .

حمل خالد حقيبته بتذمر : امته بقا نروح البيت الجديد انا زهقت .

دفعته روان برفق : ماشى يا لمض عمك وابوك مابيرتاحوش علشان حضرتك ترتاح .اتفضل قدامى .

نظر للفتاتين مبتسما وصحب أمه بصمت 


تكملة الرواية من هنااااااااا


تعليقات

التنقل السريع