القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية الشرف الجزء الثالث الفصل الحادي والعشرون الثاني وعشرون الثالث وعشرون الرابع وعشرون الخامس وعشرون بقلم قسمة الشبينى

 رواية الشرف الجزء الثالث الفصل الحادي والعشرون الثاني وعشرون الثالث وعشرون الرابع وعشرون الخامس وعشرون بقلم قسمة الشبينى 





رواية الشرف الجزء الثالث الفصل الحادي والعشرون الثاني وعشرون الثالث وعشرون الرابع وعشرون الخامس وعشرون بقلم قسمة الشبينى 



الحادى والعشرون

منذ بدأت العلاج النفسى مع الطبيبة التى تتابع حالتها لتخليصها من الخوف الناتج عن الحادث الذي تعرضت له منذ سنوات وهى تفضل العزلة ، حتى مشاكساتها ضاحى قلت بشكل ملحوظ اشعره بالتوتر ، تتخذ من حجرتها ملاذا حيث تعيد رؤية ما مضى بشكل اوضح .

وجدت نفسها تعيد تقييم علاقتها ب ضاحى ، لقد اعجبت بشخصيته فى الماضى ، وفاءه بالوعد والتزامه بالكلمة التى ينطقها لسانه دليل على أنه لا يتفوه إلا بما يعقل ويزن ، فتنتها ملامحه الجادة التى تتنافى مع روحه المشاغبة وقلبه العابث ، أما رجولته وغيرته فهما تحتاجان أعوام للتعبير عن قوتهما . 

فى تلك الليلة العصيبة كان أول اللاحقين بالجناة بشهادة اخويها ، لم يتحمل أن يلمسها أحدهم ، تتذكر جيدا نظرة الفزع التى اوقف تفكيره وهى تراه من بين خيوط الدماء التى تنضح من رأسها ووجهها بغزارة .

تلك النظرة تحيى أنوثتها أعواما بالعشق .

وحين أفاقت لازم فراشها ليشعرها بالأمان ، كانت لمسته كافية لإزاحة كل المخاوف . وفى كل مرة عادت تلك الذكريات كان هناك يحتوى مخاوفها ..يخفيها بصدره .. يمتص الرهاب من دماءها لا يهدأ حتى تستكين .

وماذا قدمت له في مقابل كل هذه الرعاية !!!

لا ترى أنها قدمت شيئا ذا قيمة .. لا تمل من مشاكاسته .. تثير غيرته وجنونه .. حتى اطفاله ليست من يرعاهم بل تركت سما تفعل وانشعلت عن الجميع بنفسها .. جمالها الذى تخشى أن يزول ..بدنها الذى تخشى أن يتغير .

وقفت أمام المرآة تنظر لنفسها ؛ لقد كانت أنانية فى علاقتها به بشكل مبالغ فيه . 

توجهت نحو النافذة تترقب عودته ككل ليلة فقد أرهق النهار شمسه لتنزوى معلنة نهايته ، وهذا موعد عودته .

جلست خلف الشباك المغلق هى لن تثير غيرته مرة أخرى ، عليها التزام كل ما يهيئ له حياة مريحة يكفى جنونها فيما سبق .

رأته قادما بصحبة راجى من جهة الحظيرة ، ابتسمت لرؤيته يقترب من المنزل وفى لحظات تغير كل شيء .

انتفضت مع صوت الطلق النارى الذى اخترق السكون ، ليذهب التعقل للجحيم ، فتحت الشباك لتتسع عينيها فزعا لرؤية راجى أرضا مضرجا بالدماء وزوجها ينحنى فوقه .

رفع عينيه حين فتحت الشباك لترى الألم في قسماته وسرعان ما سقط بجوار أخيه لتطلق صرخة بإسمه قلبت المنزل رأسا على عقب .

_____

هرول هيبة خارج غرفته لتقصى الأمر ومعرفة من الذى تجرأ ليطلق أعيرة نارية قرب منزله لتشل خطواته مع صرخة زوجة أخيه التى اخترقت قلبه : ضاااااحى 

دفعته سما للأمام صارخة  : اتحرك يا هيبة الحق اخوك 

لتعود قدميه للعدو وفى لحظات كان خارج المنزل، كاد قلبه أن يتوقف لرؤية شقيقيه أرضا .

_____

اندفعت سما لغرفة ريتاج التى نظرت لها بفزع : سما ضاحى يا سما ضاحى وراجى انضربوا بالنار .

اسرعت سما تضمها وهى تهذى بإنهيار : ضاحى هيموت ..ضاحى هيسبنى ..ضربوه بالنار . ااااااه ضااااحى .

كان صراخها يهز جدران المنزل لتصل زبيدة وهناء للغرفة وزبيدة تتساءل بفزع : خبر ايه ؟؟ ماله ضاحى ؟؟ هيبة بيچرى ليه يا سما ؟؟

رفعت سما عينيها وهي تشعر بالعجز التام فكيف تخبر أم وزوجة بهذا الفقد.

اسرعت هناء نحو النافذة لتصرخ : يا مرى !!! راچى وضاحى سايحين فى دمهم .

نزلت الجملة على مسامع زبيدة نزول الصاعقة بينما هرولت هناء خارجا ضاربة بكل الاعتبارات عرض الحائط ، ستذهب لزوجها وان كان هذا اخر شئ تفعله بحياتها .ركضت الدرج نزولا لتزل قدمها وتسقط صارخة فيجتمع حولها العاملات بالمنزل .

تسابقت دموعها تبكيه ام تبكى نفسها لا تدرى فالألم ينخر صدرها ولا تدرى مصدره .

تقدمت زبيدة من النافذة بخطى مهزوزة لكنها لم تصل لها قبل أن تترنح لتترك سما ريتاچ وتتلقفها قبل أن تصطدم رأسها بالأرض .

وجدت نفسها في حالة من العجز لم تصل لها مطلقا لتصرخ بلا وعى : انتو ياللى شغالين هنا !!

هرولت بعض الفتيات تاركين هناء صعودا لتصرخ سما : قربى انت وهى شيلوا معايا .

____

تثاقلت انفاس هيبة وكادت تخنقه وهو يرى اخويه أرضا اقترب يجثو جوارهما بفزع : ضاحى !!! راچى !!!

هزهما برفق ليأن ضاحى بينما راجى يد جسدا هامدا .

تلعثم هيبة : ماتخافش يا خوى . ماتخافش 

رفع كفيه المخضبين بدماء شقيقيه يتفحص ملابسه بحثا عن الهاتف ليقبل أحد الحرس مقدما هاتفه : تلافونى اهه يا سعت البيه .

التقطه هيبة دون تفكير ليطلب الإسعاف لنجدة اخويه ويعلمهما بوجود مصابين لتأتى سيارتين .

سقط الهاتف من بين أنامله وهو يستمع لانين ضاحى : هيييبة .. يااا خووووى

اقترب منه بلهفة : انى اهه چارك ياخوى .

رفع ضاحى عينيه لكن لم يتمكن من الحركة فإصابته بالظهر ليقول هامسا بتحشرج واضح : الولد يا هيييبة . دير بالك على الولد يااا خووووى رااا راااچى وصانى بب ناته وانى بو صيييك ..ااااه .

تحجرت دموعه وانفاسه تشق صدره كالخناجر المسلولة وهو يجلس بعجزه هذا ويرى اخويه يصارعان الموت .

رفع عينيه ليرى مهدى ابن أخيه ضاحى يطالعه بنظرات ضائعة ليصرخ فى الحرس : بعدو الولد من اهنه .

ليتحرك أحدهم حاملا الصغير الذى لم يتفوه ببنت شفة ولم ترمش عينيه حتى .

______

انتفض ثلاثتهم فور تلفظ سليم بتلك الاخبار المشؤومة بينما اسرع الصغير يختفى فى صدر شريفة التى احاطته بقوة : مين جالك الحديت ده يا سليم ؟

تساءلت حسنات بأنفاس متقطعة ليبكى الطفل : كنت بلعب مع مهدى و سمعنا الضرب چرينا على دار عمى هيبة لجينا عمى ضاحى وعمى راچى انجتلوا 

تشبث بصدر جدته : دسينى يا ستى انى خايف .

اقبلت رنوة بخطوات سريعة : انتو هتقعدوا كده !!! يلا يا ماما نروح للحريم يمكن نقدر نعمل حاجة .

هبت حسنات وهى تعاد أمام عينيها مقتل ابنها ، لم تتمكن يومها من إنقاذه ليصاب قلبها بقهر لم يبرأ منه رغم مرور السنوات ، ربما كانت تكره زبيدة فى الماضى لكنها لم تعد تشعر بهذا البغض الذى اججه صخر بقلبها نحو الجميع والدليل على ذلك أنها تعيش في بيت شريفة الد أعدائها فى الماضى .

عليها مساعدة زبيدة فلا أحد يمكنه أن يشعر بما تشعر به الآن مثلها هى .

تحركت نحو الخارج بينما حثت رنوة شريفة لسرعة التحرك .

_____

بدأت انات ضاحى تخبت ليهزه هيبة : ضاحى !! خوى !!

تبعا لتعليماته بدأ الحرس يمنعون الصغار من الاقترب ليعلو صوت يعرفه جيدا : هملنى يا چدع انت .. عمى هيبة ..ياعمى جوله يهملنى ...

لم يلتفت هيبة لصراخات سويلم وهم بتحريك ضاحى ليصرخ الصغير : اوعاك يا عمى تحركه . اسمعنى يا عمى .

توقفت يدى هيبة عن المحاولة فإن كان تحذير هذا الصغير صحيح بنسبة واحد بالمليون فهو لن يجازف .

ضاق الصغير ذرعا وهو يدفع هذا الحارس الذى اجهده دون أن يتمكن من ابعاده ليشير هيبة للحارس فيتركه ليندفع نحوه لاهثا : ياعمى الطلجة فى ضهره ماتحركوش ممكن تأذيه بزيادة .اكتم الدم بخرجة نضيفة بس ماتحركوش .

وفى غمضة عين كان لبيب يأتى من جهة المنزل راكضا وهو يلقى بملاءة بيضاء نظيفة نحو سويلم ويمسك أخرى لينكب فوق راجى يكتم جرحه ويفعل سويلم المثل مع ضاحى .

نظر هيبة للصغيرين بنظرات زائغة متسائلة ليقول لبيب : ماتخافش يابوى إحنا شوفنا ڤيديوهات على النت عن الاسعافات كنا بنتعلم منها انى وسويلم ومصطفى 

نظر له هيبة بفزع وكأنه تذكر للتو : فين مصطفى ؟

أشار لبيب نحو المنزل : چوة مع البنتة ..عم يرچفوا رچف ومحدش وياهم .

شعر بالغضب وتساءل بحدة : امك فين وعماتك ؟

زفر لبيب : ستى وجعت وعمتى ريتاچ بتهذى وعمتى هنا وجعت وهى بتركض لتشوف عمى راچى . امى هتعمل ايه يعنى ؟؟

صرخ الصغير مدافعا عن أمه ليصمت هيبة مع تدافع أبناء عمه نحوه ، رفع رأسه ليصدم برؤية حجاج لكنه لم يهتم بذلك فمصائبه تفوق وجود حجاج .

نظر ل رفيع : محدش يحركهم الإسعاف فى الطريج .

اتخذ رفيع مكان ولده الذى بدأت ملامحه تشحب واتخذ زناتى مكان لبيب ليقول هيبة بجلد : دجيجة وراچع .

وتحرك نحو المنزل ليحصى باقى مصائبه . تبعه لبيب بينما وقف سويلم بجوار أبيه خوفا من تهور أحدهم وتحريك ضاحى .

دخل من الباب ليجد هناء لازالت أرضا ليسرع نحوها . تفحص قدمها ليقول : ماتخافيش يا مرت اخوى رچلك سليمة .

لتشهق بنحيب مزق قلبه : بالله عليك يا ابو لبيب خلينى اشوفه 

تنهد بضيق : هتركبى معاه عربية الإسعاف لازمن رچلك يشوفها حكيم .

حملها إلى الأريكة وعاد يرتقى الدرج عدوا . اندفع لغرفة ضاحى ليجد ريتاچ تجلس أرضا تبكى بإنهيار بجوارها بعض الفتيات يحاولن تهدئتها بينما أمه ترقد فوق الفراش وسما تحاول افاقتها .

اقترب يضرب وجنتيها : أما !! أما ردى عليا.

رفع عينيه لزوجته فورا : الإسعاف جاية البسى هنروح وياهم .

تحركت عدوا نحو غرفتها بينما عاد هو إلى شقيقيه مع اقتراب صوت سيارات الإسعاف .

توقفت السيارة الأولى ليسرع نحو المسعفين الذى تساءل أحدهم فور رؤية ضاحى : حد حركة ! 

اجابه بالنفى ليراه يحمد الله وبسرع نحوه ليقول بصوت خافت : چوه تلت حريم لازمن يتنجلوا معاهم .

نظر له المسعف بفزع : مضروبين بالنار ؟؟

هز رأسه نفيا : مرت اخوى وجعت من على السلم وامى غميانة ومرت اخوى معرفش مالها كأنها منهارة ولا ماتحملتش الصدمة .

وصلت حسنات فى هذه اللحظة تتبعها رنوة ليقول رفيع فورا : رنوة هاتى مرت راچى ماينفعش الرچالة الغريبة تشيلها 

اومأت بطاعة واسرعت للداخل : هناء اسندى عليا علشان اطلعك للاسعاف .

تعلقت بها هناء : جولى لى يا خية راچى فيه النفس 

هزت رأسها نفيا: والله ماشوفته . تعالى بس دلوقتي ربنا يطمن قلبك.

خرجت وقد استقر راجى بسيارة الإسعاف لتصعد رنوة وتساعدها لترتقى السيارة . تعلقت عينيه بجسمه وملابسه التى اختفى لونها بخزى أمام فيضان دماءه ليزداد نحيبها .

اطمأن هيبة أن رفع ضاحى عن الأرض تم بسلام لينظر نحو رفيع : انى هروح اشيل امى وانزلها .

وأسرع عدوا لداخل المنزل لتقابله على الدرج رنوة مرة أخرى وهى تسحب ريتاچ التى يبدو من حالتها أنها فقدت عقلها تماما وبدأت تضحك بهسيتريا دون أن تتوقف عينيها عن البكاء .

دخل الغرفة ليجدها تجلس بجوار أمه ليسرع ويحملها لتتبعه بصمت . 

هبط الدرج حاملا أمه ليجد كارت الأمان متمثلا فى حسنات فيقول برجاء : أما حسنات عينك على الولد الله يرضى عنيكى .

تجاوزها لتقول : ماتشيلش هم يا ولدى .

خرج وكان المسعفون يقفون بجوار السيارات يعلمون أن حمل النساء إلى السيارة غير مسموح لهم . 

وضع هيبة أمه فوق نقالة العربة ليرفعها الرجلين بسهولة للداخل وتسرع سما تدثرها .

وقفت ريتاچ تنظر لجسد ضاحى وتضحك بقوة : ضاحى اهوه .

تنظر ل رنوة وتشير إليه : شوفتى يا رنوة هيمشى ويسبنى . أنا كنت هقوله والله انى مش هعمل كده تانى .

عادت رنوة تجذبها للوراء لتقول بصراخ : انت رايحة فين ؟؟ ضاحى هناك اهو .

بدأت تزداد انهيارا وعنفا : اوعى كدة مش هخليهم ياخدوه منى . 

حاولت رنوة السيطرة عليها لتصرخ : بقولك اوعى 

اسرعت سما إليها : ريتا حبيبتى احنا هنروح فى العربية التانية . يلا تعالى معانا 

اغلق المسعف الباب وهو يقول ل هيبة : دى ماينفعش تركب معاهم مانضمنش هتعمل ايه في السكة .

أومأ هيبة بتفهم لتقف أمامه سيارته ويترجل منها الحارس مقدما له المفاتيح .

زاد جنونها حين اغلق المسعف باب السيارة وتقدمت منها ليسرع هيبة ويمسك ذراعها يمنعها من التقدم فتقول برجاء : انت طيب انا عارفة ومش هتخليهم ياخدوه منى . صح يا هيبة ؟؟

جذبها نحو السيارة بهدوء وهو يقول بصوت هادئ : ضاحى زين بس لازمن الدكتور يشوفه . تعى وانى هوديكى وراه محدش هياخده منك ماتخافيش .

نظر لأبناء عمه ليقول : زناتى حصلنى . وانت يا رفيع انت وحچاچ خليكم اهنه فى الدار واوعوا للولد .

فطن رفيع فورا لحكمة هيبة فهو يريد أن يضع حجاج تحت عينيه وفى نفس الوقت يحمله المسئولية ليضمن عدم خيانته فهو لن يعرض نفسه للمساءلة .

انطلقت السيارات لينظر رفيع لزوجته : ادخلى چوه مع الولد انى وحچاچ هنجف نحرسكم .

نظر له حجاج بغضب هو لا تخفى عليه نظرات الاتهام بعينيه وإن لم ينطقها لسانه ، تحكم في نفسه ليطمر شماتته فلا تتخذ ضده .

دخلت رنوة لتجد حسنات تضم ليال وخديجة بينما شريفة تضم حسناء وحورية ليكون مستقر مريم بين ذراعى أخيها مصطفى .

جلست ليقترب سليم ويجلس بالقرب منها هامسا : ماما مهدى مش راضى يكلمنى .

ربتت على رأسه ونظرت ل مهدى : مالك يا مهدى ؟؟

لم يجب الصغير لتقترب منه فلا تجد منه استجابة بصرية . تضرب وجنته برفق : مهدى !! حبيبى كلمنى .

تزفر بضيق : يادى المصيبة .

نظرت لها شريفة : خبر ايه يا بتى؟

حملت الصغير وهى تقول : سويلم نادى بابا من برة .

دقائق وكان يقف أمامها لتخبره أن هذا الصغير فقد الاتصال بالواقع وهو تحت تأثير الصدمة ويجب فحصه فورا .

أمسكت بذراعه : رفيع اوعى تبعته مع حجاج الكلمة دلوقتي تأثر عليه جامد .

أومأ بتفهم وأسرع للخارج وهو يهاتف زناتى ليطلب منه العودة إلا أنه توقف والحاج زيدان يقتحم المنزل : خبر ايه يا رفيع ؟

انتبه لوجود النساء ليحنى رأسه ويعود للخلف بينما يقول رفيع : راچى وضاحى انضرب عليهم نار .

تساءل زيدان : وهيبة فين ؟

رفيع : راح وراهم المستشفى فى حريم كمان بعافية .

تحرك زيدان : انى رايح له وهشيع لك حسين ولدى وناصر واد اخوى يجفوا على باب الدار .

أوقفه رفيع : حج زيدان . خد الولد معاك وانى هحدت هيبة وافهمه .

لم يناقشه زيدان بل حمل الصغير الذى لم يبد استجابة حتى الآن أو تفاعل وتوجه إلى سيارته أمرا سائقه : على المركز يا ولد .

_____

دخل راجى وضاحى لغرفة العمليات فورا وبعد فحص زبيدة تم حجزها بالعناية الفائقة . غابت هناء بغرفة الأشعة أما ريتاچ فحقنت بمهدئ حين أخبرتهم سما أنها تخضع لعلاج نفسى فمن الأفضل التحكم بها حتى استشارة طبيبتها .

وقف وحده بجواره زوجته وابن عمه أمام غرفة العمليات فى انتظار خبر يحيى قلبه عن اخويه أو أحدهما .

دق هاتفه ليجيب دون اهتمام ليأتيه صوت رفيع والذى أخبره أن مهدى فى الطريق إليه .

أنهى المكالمة ليغمض عينيه ، بالطبع لم يتحمل الصغير رؤيا والده مضرجا بدمائه ، إنه طفل أتم بالكاد عامه الثالث .

دقائق وكان زيدان يطوى الرواق بسرعة ، تلقفه هيبة منه ليقدمه ل سما وهو ينظر ل زناتى : شوف حكيم يشوف الولد چرى له ايه .

بعد عدة ساعات جلست هناء بجوار سما التى تحمل مهدى الذى أقر طبيب الأطفال بضرورة مراقبته بعد استيقاظه من غفوته التى ارغمه عليها بعقار طبى .

وفى الجانب الآخر يقف هيبة وزيدان وزناتى والجميع يقتله الانتظار .

اخيرا فتح الباب ليخرج ثلاثة أطباء تجمع حولهم الجميع فمن النظرة الأولى تحمل وجوههم أخبارا غير سارة .

تحدث أحدهم : المصاب بطلق فى صدره كويس .نزف كتير بس هيبقى كويس الرصاصة ماصابتش موضع حساس .

اسرعت دموعها وقلبها ينبض بالحمد لله بينما زفر الطبيب : أما المصاب التانى فصعب نحدد إصابته ولا مدى الضرر الطلقة أصابت العمود الفقري للاسف . اذا عاش ماافتكرش يتحرك .

اخفض رأسه بحزن حقيقى بينما ترنح هيبة لتمسكه يدى زيدان وزناتى .

غادر الأطباء تاركين خلفهم قلوب تبكى مرارا وصدور تضيق بخفقات أصبحت مؤلمة بالفعل .

تعلقت عينيها به وهو على وشك الانهيار . فما حمله اليوم من مصائب يعجز اى كان عن حملها .

رأت طبيبا مقبلا . إنه الطبيب الذى يتولى رعاية زبيدة . صرخ قلبها طلبا للرحمة بينما وقف الطبيب ليتساءل : حضرتك هيبة ؟؟

نظر له بفزع ليراعى الطبيب حالته ويقول فورا : الست الوالدة فاقت وطالبة تشوفك . بس بلاش اخبار مزعجة اصلا اتحكما فى الضغط بمعجزة ساعة كمان ولا قدر الله كانت هتوصل لمرحلة سيئة .

رأى الضياع بملامحه ليتساءل : حضرتك هتيجى تشوفها .

اسرعت تقاطعه : أنا هاجى اشوفها .

تحرك دون إضافة مشيرا لها لتتبعه مدت يديها لتتلقف هناء الصغير عنهما وتبعته بصمت . وقفت أمام الغرفة التى ترقد بها زبيدة ليتعجب الطبيب فيراها تغمض عينيها وتتنفس بعمق للحظات قبل أن ترتسم على ملامحها ابتسامة لا يعرف كيف تمكنت منها ؟ 

تقدمت للداخل بوجهها الهادئ : حمد الله على سلامتك يا ماما . كده تخضينا عليكى؟

نظرت لها زبيدة وتساءلت : هيبة فين ؟ ولادى چرى لهم ايه ؟

اتسعت ابتسامتها وهى تقول: الحمدلله زى الفل بس مايعرفوش انك تعبانة وهيبة كان معاهم فى الاوضة معرفتش ابشره انك فوقتى بالسلامة .

ربتت على كفها برقة: شدى حيلك بقا علشان نروح كلنا سوا 

نظرت لها زبيدة بشك . قلبها يتمنى صدقها رغم رجفته وفزعه إلا أن الامانى تغلبت على الفزع لتستكين ملامحها وتغمض عينيها تحمد الله .

تقدم الطبيب فلا يمكن أن يتماسك انسان مهما كانت قدرته على التحمل بهذا الشكل لوقت أطول فقرر إنهاء معاناتها ليقول : كفاية كلام يا حجة علشان ماتتعبيش . من فضلك اخرجى هى هتنام دلوقتي وهبلغكم لما تصحى .

ابتسمت لها سما وغادرت فقد فقدت السيطرة واى كلمة أخرى ستأتى بنتيجة عكسية .

خرجت من الغرفة لتجده يقف بآخر الرواق منتظرا خروجها . حاولت أن تحافظ على ابتسامتها لكنها فشلت لتفر دمعات خائنة تعبر عن الضغوط التى تعرضت لها.

#الشرف_الجزءالثالث_قسمةالشبينى


الثانى والعشرون

اقتربت سما من هيبة بخطوات بطيئة ، كم تتمنى أن ترتمى بين ذراعيه وتفرغ كل ما مرت به في ذلك اليوم العصيب . لكنها ترى وجعه بعينيه ،وجع يضاعف ما شعرت به أضعافا مضاعفة . رفعت كفها لتقترب تلفه حول رقبته ،شعرت بتصلب جسمه لتدفعه دفعا إلى صدرها .

تنفس بعمق وبطء وسمح لعينيه بتهريب دمعتين ليتنفس صدره ، مرغ وجهه قرب رقبتها ليوارى دموعه مصيرها الأزلى .لحظات لم تصل لدقيقة قبل أن يبتعد عنها بوجهه وكأنه لم يقترب لتقول : ماما زبيدة هتنام ولما تصحى الدكتور هيبلغنا .

أومأ دون تحدث لتقول : تعالى نروح للدكتور نفهم وضع ضاحى لو محتاج دكتور تانى ولا يتنقل مستشفى تانية اكبر .

إنها فكرة جيدة..وهو يحتاج أفكارها فتشوش عقله جراء ماحدث يربك أفكاره .. لذا تحرك معها على أمل إنقاذ أخيه من براثن الموت ، إن لمح طيفا لأمل لعودته فسيحارب حتى يصل إليه .

___

جلس الطبيب ليتساءل هيبة : ضاحى اخوى حالته خطيرة جوى ؟ يعنى إذا يلزمه يروح مستشفى تانية ولا نچيبوا دكاترة من مصر ولا من برة حتى ؟

نظر له الطبيب ليقف وينتقل حيث صورة الأشعة : شوف حضرتك دى صورة أشعة لضهر اخوك قبل العملية . شايف الرصاصة مستقرة فين ؟ طبعا كانت مجازفة كبيرة لأن زى ما انت شايف الرصاصة أصابت العمود الفقري وتسببت في كسر لفقرة ودى بنسميها إصابة الحبل الشوكي الرضحية .

تساءلت سما : يعنى ايه يا دكتور حضرتك قلت فى خطورة على حياته ؟

الطبيب : إصابة العمود الفقري بالشكل ده مميتة فعلا لكن نفع المريض إن محدش حاول يحركة .

نظر لهما بأسف : لو اتحرك غلط كان ممكن مايوصلش المستشفى من أصله .

اغمض عينيه بألم لاعنا نفسه فلولا أولئك الصغار لكان قضى بنفسه على حياة أخيه بينما تابع الطبيب : احنا دلوقتي مستنين يفوق ومش معنى كدة إن الخطر زال . احيانا أصحاب الإصابات دى بيتوفوا بعد الإصابة بفترة من اسبوعين لشهر .

زاد وجيب قلبه ليعبر لسانه عن فزعه : يعنى ايه؟؟خوى ماهيجومش منيها؟

هز الطبيب رأسه بأسف : لما يفوق هنقيم حالته إذا كانت إصابة كاملة ولا جزئية لكن بخبرتى ومع حاله زيه بتوقع الأسوأ .

عجز عن النطق ليتحدث لسانها بحاله : وايه الأسوأ يا دكتور ؟

نكس الطبيب رأسه لحظة قبل أن يتابع : شلل رباعى وخسارة وظائف أجهزة الحوض .

شهقت بفزع بينما تعلقت عينيه بالطبيب الذى تنهد وعاد لمقعده لينظر ل هيبة : اخوك بنيته قوية وإن شاء الله يفوق بس لازم تأهلوا نفسكم للتعامل معاه .

عادت تتساءل : يعنى مفيش اي امل يا دكتور ؟ احنا ممكن ننقله اى مستشفى او نسفره برة حتى 

نظر لها الطبيب : نقدر نفكر في الأمل بعد شهر من دلوقتي إذا قدر يقاوم الشهر ده وقتها ممكن نفكر يبقى أمله الوحيد في المانيا . وحتى الامل ده هياخد وقت طويل جدا علشان يتحقق .

قاطعه هيبة بلهفة : نسفروه من بكرة الصبح

الطبيب : اى حركة ممكن تزود الضغط على الحبل الشوكي واى ضغط دلوقتي فيه خطورة كبيرة . هو متجوز ؟

تساءل الطبيب ليومأ هيبة بصمت فيقول : اتمنى مراته تتفهم حالته وتقدر تتعامل معاه . إذا فاق حطو قدام عنيه كل حاجة تخليه يحارب ويقاوم .

أمسكت كفه لينهض معها للخارج لكنه توقف متسائلا : وراچى ؟؟

عاد الطبيب يجيبه بلا تردد : المصاب فى صدره حالته بسيطة جدا تعتبر الإصابة سطحية الرصاصة لا اخترقت القفص الصدري ولا صابت اى عضو هو بس نزف كتير وده علاجه سهل

توترت نظرات هيبة : بس كان جاطع النفس !!

أومأ الطبيب بتفهم : الطلقة جت فى صدره وطبيعى دفعته ووقع على ضهره فى الوقت ده رأسه اتخبطت وفقد وعيه فى خلال دقيقة على أقصى تقدير لكن هيبقى كويس وهتشوفوه النهاردة إن شاء الله.

حسنا بعض الأخبار الجيدة التي لن تزيل ألمه ولن تنزع عنه همه لكن يكفى أن أحدهما بخير .

عادا بعد دقائق ليستقرا أمام قسم العناية الفائقة حيث الأحبة يرقدون .

_____

قضى الجميع الليلة بمنزل هيبة فلن يجازف أحدهم بترك الصغار ولا بإخراجهم من المنزل بينما كان وصول حسين وناصر زيادة اطمئنان ل رفيع فقد حشدا عشرة رجال للحراسة بالإضافة لحرس هيبة ورفيع لن يتمكن اى كان من الاقتراب من المنزل المحاط بكل هذه الحراسة .

قضت رنوة الليلة تتنقل بين غرف الصغار ولزيادة الامان جمعت الفتيات بغرفة والفتيان بغرفة أخرى .

كانت المشكلة الأصعب الصغير صالح الذى لم يتوقف عن البكاء والسؤال عن جدته التى لم تغب عنه مطلقا قبلا .بالكاد غفى بين ذراعى شريفة من كثرة البكاء .

_____

مع تباشير الصباح جاءت إفاقة راجى لتتنفس الصدور بعض الراحة أعلن الطبيب أنه سينتقل لغرفة خاصة خلال ساعات .

مع الظهيرة وصلت طبيبة ريتاچ النفسية وبعد جلسة قصيرة مع الطبيب الذى أجرى جراحة ضاحى توجهت للقاء ريتاچ .

حقنتها بعقار وانتظرت افاقتها ولم يطل الانتظار . فتحت ريتاچ عينيها لترى ملامح طبيبتها متجهمة على غير عادتها .

تأوهت بتعب : اااه ..فى ايه ؟؟ أنا فين ؟؟

نظرت لها الطبيبة : انت مش فاكرة اللى حصل يا ريتا ؟؟

نظرت لها لتتسع عينيها فزعا وهى تقول : ضاحى !! ضاحى ضربوه بالنار ..هو فين ؟؟ مين جابنى هنا ؟؟ أنا عاوزة اروح لجوزى .

أمسكت الطبيبة ذراعيها : هتروحى له ماتخافيش بس لازم تعرفى حالته الاول وتعرفى هتتعاملى معاه ازاى 

نظرت لها بصدمة : حالته !!!

جلست الطبيبة لتقول : شوفى يا ريتا أنا عارفة انك كنت بتعيدى تقييم علاقتك بجوزك الفترة اللى فاتت . ممكن اعرف وصلتى لايه ؟

نكست ريتاچ رأسها لحظة ثم نظرت للطبيبة : أنا كنت هقوله مايزعلش منى ، هو استحملنى كتير .. أنا كنت أنانية اوى .. كنت بتعمد انرفزه علشان اتدلع عليه ويصالحنى ..كنت عارفة ايه بيخليه يغير وكنت بعمله عند علشان احس إنه بيغير عليا ويحبنى . كنت مشغولة بنفسى اوى ..بس انا كنت خايفة ابقى وحشة ويزهق منى ويسبنى .أنا كنت أنانية اوى

نظرت لها الطبيبة : ماتقسيش على نفسك يا ريتا كل اللى بتقوليه ده طبيعى انت خوفك بعد الحادثة خصوصا إنها كانت هتشوه وشك رسخ جواكى خوف من القبح بالإضافة أن ده شعور طبيعى عند كل ست . كمان كل ست بتحب تحس إن حبيبها بيغير عليها ويحبها دى مش أنانية تقدرى تقولى جزء من فطرتنا كستات .اللى يهمنى دلوقتي انك لما أعدتى تقيم علاقتك بجوزك اكتشفتى انك بتحبيه بجد وبتحبيه جدا كمان . يعنى استمرارك معاه ماكنش علشان احساسك بالأمان بالعكس احساسك بالأمان نابع من حبك ليه .

تاهت نظرات ريتاچ لتتابع الطبيبة بهدوء : دلوقتي ممكن اعرفك حالة جوزك بعد الإصابة ايه ! وممكن توصل لايه ! وازاى تتعاملى معاه علشان ما يدخلش فى اكتئاب هيأثر عليه تأثير عكسى .

وبدأت الطبيبة تشرح لها حالة ضاحى الصحية المتأخرة ووضعت أمامها كافة الاحتمالات الواردة والتى تتضمن فقده . ثم أوضحت لها كيفية التعامل معه وتأهيله لتقبل الحالة التي سيصبح عليها مستقبلا .

_____

مع حلول المساء كانت ريتاچ تقف بباب زوجها تنتظر رحمة الله بقلبها وعودته إليها . هى تتقبله بكل الأوضاع فقط تتمنى عودته .

يستقر بين ذراعيها صغيرها مهدى والذى أقرت الطبيبة النفسية بإصابته بصدمة عصبية شديدة ناتجة عن رؤية الحادث واوصت له ببعض الأدوية .

تم نقل راجى لغرفة أخرى بعد أن استقرت حالته تماما .

تهرب هيبة منه حتى لا يخبره بمدى تدهور حالة ضاحى .. عمل الطبيب على تنويم زبيدة أطول فترة ممكنة فكانت تفيق لساعة او اثنتين وتعود للنوم بفعل العقاقير .

دخلت هناء بخطوات متعرجة إلى غرفة زوجها لينظر لها بفزع : خبر ايه ؟مالها رچلك ؟

ابتسمت بهدوء : ولا حاچة انى زينة اهه .

نظر لها بشك لتجلس بطرف الفراش : خلعت جلبى عليك 

ربت على كفها بحنان : حجك على راسى 

رفعت كفه لشفتيها تقبله بحب : الحمدلله انك بخير ربنا يبارك لنا في عمرك

ابتسم بشحوب لتضم كفه لصدرها : ارتاح وانى چارك اهه .

ابتسم مرة أخرى واغمض عينيه بإنهاك فكثرة فقده للدماء تشعره بالضعف الشديد .

______

أعاد زناتى مهدى للنجع واتخذ مكان رفيع لساعة حتى يتفقد أبناء عمه ويشد من ازر هيبة الذى فاق تحمله كل وصف .

وصل رفيع المشفى حاملا بعض الطعام لكنه فشل تماما فى إقناع هيبة بتناوله .

اخيرا بعد يوم طويل بدأ ضاحى يصارع غيبوبته ليخرج منها معلنا تحديا جديدا للحياة لن يتكهن أحد بنتيجته أو مدته .

____

دخل تاج للمنزل بعد صلاة العشاء ليجد غاليته بإنتظاره ، ابتسم وهو يجلس بجوارها ليخرج من جيبه قطعة من الحلوى ويقول بمرح : الحمدلله الدكتور قال مفيش سكر . ربنا مايحرمنى من انى اجيبلك كل اللى يفرحك .

أمسكت كفه الممسك بالحلوى لتقول : بس بردو هتاكلها معايا .

فتحت الغلاف لتضع القطعة الأولى بفمه ثم تقول : تاج إيه رأيك نروح الصعيد كام يوم !!!

قطب جبينه متعجبا : انت عاوزة تروحى الصعيد !!!

ابتلعت الحلوى بتلذذ : من وفاة صالح الله يرحمه ماشوفتش زبيدة ولا اطمنت عليها . انت عارف طول عمرهم بيودونى ويسألوا عليا .

ابتسم تاج : حاضر يا غالية يومين كده ونبقى نروح بس زيارة قصيرة .

قال بتحذير لتبتسم ويستقر رأسها فوق كتفه .

_____

خرج الطبيب معلنا ميلاد امل وهو يقول : الحمدلله المريض فاق .

خر هيبة ساجدا لله بينما اسرعت للطبيب : اقدر اشوفه يا دكتور .. ارجوك 

الطبيب : الصبح إن شاء الله تقدروا تشوفوه .يعنى اربع خمس ساعات نطمن عليه .

عاد للداخل لتسرع سما التى بلغ الإجهاد منها مبلغه تضمها وتتمتما معا الحمدلله .

طلبت زبيدة رؤية هيبة مرة أخرى وكان عليه مواجهتها فى كل الأحوال مهما تأخرت تلك المواجهة .

دخل لغرفتها وكانت بانتظاره لتقول بلهفة : خواتك چرى لهم ايه يا هيبة ؟

ربت على كفها : راچى بجى زين الحمدلله ومرته جاعدة چارة .

وضاحى : تساءلت بلهفة ليتابع : الحمدلله فاج بس لساته بعافية 

ابتسم بشحوب : هيبجى زين إن شاء الله بس انت ادعى له .

لم يخف عليها الرجاء بصوته ليتمكن الخوف من قلبها ، نظرت للطبيب بشراسة : انى ماريداش الرجدة دى . ودونى لولادى 

اقبل الطبيب : يا حجة الانفعال غلط قلت لحضرتك كام مرة . 

لم تختلف نظرتها ليزفر بضيق: ممكن اسمح لك تشوفيهم طبعا بس مفيش خروج من المستشفى قبل ما الضغط يتظبط خالص .

رأى الراحة بملامحها ليبدأ فى نزع إبرة المحلول من ذراعها ويقول ل هيبة بتحذير : هى قدامها ساعة لحد معاد الازارة التانية . قبل الساعة ماتخلص تكون هنا .

أومأ هيبة وتقدم من أمه لتستند لذراعه الممدود والذى شعرت لاول مرة بإرتجافته . تفقدت راجى وكان بخير ليشعر قلبها بالأمان ثم توجهت إلى قسم العناية الفائقة لتقبل عليها سما : ماما ايه قومك من السرير ؟

ربتت على خدها بحنان ولم تجب بينما اسرع رفيع يقتنص تلك الفرصة ويعرض عليهم تناول الطعام ، يعلم أن هيبة مضطر للإستجابة أمام والدته وقد كان وتناول كل منهم لقيمات غص بها لكنها ستشد من بأسه .

_____

قرر هيبة فى الصباح إخبار شقيقته بهذه المصيبة التي حلت بالجميع ، يعلم أن حملها قد يحول دون إمكانية قدومها لكنه لن يجازف ويخفى عنها أمرا كهذا .

_____

وصل ريان للمتجر من ساعة لكنه منشغل بإستلام البضائع ليقاطعه رنين الهاتف . ابتسم وهو يجيب حين رأى اسم هيبة . كان ينتوى مهاتفته فى كل الأحوال .

 أجاب ليصيبه الفزع مما يخبره به بل وأوكل له مهمة نقل تلك الأخبار إلى زوجته .

أنهى المكالمة ليتمكن الإحباط من عزيمته فورا ، كيف يخبرها بهذه المصيبة التي نزلت بهم .قرر العودة للمنزل وفى طريق العودة هاتف طايع ليخبره بما ألم ب ضاحى .

____

خرج الطبيب الذى استقدمه هيبة خصيصا لتقيم حالة ضاحى من غرفة العناية منكس الرأس ، أقبلوا عليه ليقول : زى ما توقعت لما شوفت الأشعة .. إصابة كاملة .

ارتمى هيبة فوق المقعد بينما تساءلت بقوة : اقدر اشوفه ؟؟

نظر لها بتساؤل لتقول : أنا مراته .

أشار للممرضة : عقمى المدام ودخليها .

هرولت بلا تفكير تاركة خلفها الدنيا بأسرها فهو دنيتها حيث تحب أن تكون .

دخلت الغرفة تلفظ اسمه بلهفة كان مستلقيا على ظهره وقد دعمت رقبته وجزعه العلوى  . تحركت عينيه نحوها ليقول بصوت خافت مبحوح : انى زين ماتخافيش .

لم تصدق انها استمعت لصوته من جديد لتهرول نحو الفراش ، كم تمنت أن تلقى بنفسها فوق صدره تفرغ صدرها من كل ما يعتمل به ، لكن حذرتها الطبيبة من اى ضغط قد يكون تأثيره كارثيا لذا التقطت كفه الذى فقد الشعور به لتضمه لصدرها وتعاتبه بلين : كدة يا ضاحى تخوفنى كده .

ابتسم بشحوب : ماتخافيش يا جلب ضاحى .

فتحت كفه لتستلقى وجنتها بباطنه : عمرى ما اخاف وانا جمبك .

قطبت جبينها بمشاغبة : دى تبقى عيبة فى حقك .

افلتت ضحكة ليقول بألم  : ههه . ااااه ماجادرش اضحك يا ريتا ماجادرش .

أعادت كفه لصدرها : ألف سلامة يا عمر ريتا ، بكرة لما تخف هبقى اضحكك بأثر رجعي .

افلتت أنه أخرى : ههه .اااه يا مچنونة هتموتينى ههه.

انتفض قلبها فزعا لكنها لم تستجب لفزعه ، رفعت إصبعها بتحذير : من فضلك أنا حرة في جوزى ماتدخلش بنا .

اشرق وجهه رغم شحوبه : ههه.اه . ريتا اطلعى برة .

قطبت جبينها بمبالغة : بتطردنى يا ضاحى !!

نظر لها بحب : اطردك منين يا مچنونة وانت معششة بين ضلوعي ، روحى بس دلوك وشيعى لى هيبة .

تنهدت براحة وهى تعيد كفه لموضعه بحرص : حاضر ولو انك هتوحشنى . انت تعمل حسابك تخرج من الاوضة اللى الدخول ليها بحساب دى .

ابتسم لتنهض عن الفراش وتتجه للخارج وما إن أولته ظهرها حتى سمحت لدموعها بالتحرر من سجن مأقيها .

____

دخل ريان لمنزله يقدم خطوة للأمام ويعود خطوة للخلف .كانت بفراشها بعد ليدخل من باب الغرفة : الناس الكسلانة !!

فتحت عينيها تنظر له : رياااان !! كنت بحلم بيك .

أطلق صفيرا خافتا وزم شفتيه وهو يستقر بجوارها : قلبى قالى يا واد يا ريان حبيبتك بتحلم بيك قلت له لازم اروح احقق لها أحلامها .

ضحكت ليال : يعنى انت جاى تحقق احلامى بس .

حمحم بتصنع وهو يضع كفه فوق بطنه : واحلامى أنا كمان .

ضم كفيه برجاء : جعاااان يا لياليا . بس هعمل إضراب عن الطعام لو معرفتش الحلم الأول .

اتسعت ابتسامتها وطل النقاء من قسماتها وهى تقول بسعادة : كنت بحلم إننا عند الكعبة . أنا وأنت ..وليليان اختك وطايع .. وضاحى اخويا وريتا .

توترت ملامحه لوهلة قبل أن يعيد سيطرته ويربت على كفها لتتابع : بس سبحان الله اكتر واحد وشه منور كان ضاحى . وحشنى والله هبقى اطلبه النهاردة ارزل عليه شوية .

نهض مبتعدا عن الفراش ليخفى تجهم وجهه عنها : طب قومى يا كسلانة صلى الضحى على ما اجهز الفطار .

تحركت بتباطؤ بينما غادر الغرفة نحو المطبخ عليه أن يحرص على تناولها الطعام بصورة جيدة فهو لا يعرف متى ستتناوله مرة أخرى بعد هذه الأخبار المريعة .

______

دخل هيبة ل ضاحى حسب طلبه ، جاهد ليرسم ابتسامة واهية بادله ضاحى إياها وهو يتساءل : راچى زين ؟

وقف هيبة بجواره ليقول : الحمدلله راچى زين واول ما تتنجل اوضة هتشوفه .

زفر بارتياح وصمت لحظات قبل أن يقول : انى اتشليت ؟ صوح؟

انقبض قلب هيبة وظهرت انقباضته فورا ، تلعثم لسانه لقد أخبروه كيف يؤهله لإصابته لكن لم يخبره أحدهم كيف يقرها إذا تبدلت الأدوار!!

تابع ضاحى حين رأى صمت أخيه : ماتخافش يا هيبة 

من منهما عليه أن يهدأ مخاوف الآخر !!!

من منهما عليه أن يساعد الاخر !!!

اكتشف هيبة للتو أنه بالفعل خائفا !!؛

اكتشف أنه بحاجة تلك الكلمة من شفتى ضاحى ...

أنه بحاجة تلك النظرة القوية بعينيه ...

مهما كانت المصائب التي واجهها مؤخرا فهى لا تساوى شيئا أمام مصيبة ضاحى وفقده ورغم ذلك يطلب منه ببساطة ألا يخاف !!!

ابتسم هيبة : اخاف كيف وانت فى ضهرى يا خوى ! 

بالفعل كيف يخاف وله اخ بهذه القوة .

_____

انتهيا من تناول الطعام وحرص ريان على إطعامها حتى صرخت تستكفيه ليبتسم لها ، لكن بسمته متألمة !!!

تبددت بسمتها البريئة وتساءلت : مالك يا ريان ؟؟ شكلك مخبى عنى حاجة !

زفر ريان : صراحة يا ليال فى مشكلة صغيرة فى البلد .

انتفضت فزعا : حد من اخواتى جرى له حاجة ؟؟

نكس رأسه فهو يعجز عن الكذب وهو ينظر بعينيها ليقول : راجى وضاحى متعورين .

شهقت ليتابع : بس حالتهم مستقرة .

هزت رأسها نفيا : وقاعد تأكلنى !!! لا الحكاية اكبر من كده .

رفعت وجهه بحزم : بص فى عنيا يا ريان وقولى اخواتى جرى لهم ايه !؟؟

تنهد ريان لتهب عن المقعد بلوعة : ليه كده !! ليه كل المصايب بتنزل على دماغنا كده !! 

لحق بها زوجها : استغفر الله العظيم .. انت بتقولى ايه يا ليال ؟؟ مش هندخل فى حكمة ربنا .

إلتفت لتواجهه بدموعها : ليه قلبى مكتوب عليه الوجع !! 

تنهد ريان بضيق وهو يجذبها لصدره مستغفرا : وحدى الله يا ليال .لازم تكونى واثقة إن ربنا احن بينا من نفسنا . إن الله إذا أحب عبدا ابتلاه .

تعلقت بسترته واجهشت بالبكاء وقلبها يتقد نارا رفضا لذلك الابتلاء الذى ألم بهم دون أن تمنح نفسها فرصة التحلى بالصبر .


#الشرف_الجزءالثالث_قسمةالشبينى



الثالث والعشرون

عهد ريان ل محمد ومحمود برعاية متجر زوجته ليصحبها لزيارة شقيقيها فهى لم تكف عن البكاء منذ علمت بتلك الفاجعة رغم أنه لم ينقل لها الصورة كما نقلها له هيبة .

جل ما يخشاه عليها عدم الصبر والتفوه بالكثير من الكلمات التي تدمى قلبه لعلمه بأن قلب حبيبته يبتعد عن الله شيئاً فشيئا .

قرر مهران وطايع أيضا التوجه لدعم شقيقتيهما فهى بأمس الحاجة للدعم واضطرت ليال لترك صغيرها تاج برعاية عمته ليليان التى لن تصحب زوجها لظروف صغيرها إياد ف غالية وتاج قررا أيضا التوجه لتفقد الموقف .

وصلت ليال وزوجها فى الصباح التالى وكانت الأمور أكثر استقرارا ، ساعد الحاج زيدان كثيرا في حماية المنزل فى غياب هيبة خاصة أن رفيع أصبح كثير التغيب أيضا لعجز زناتى عن ترك زوجته وابنته فترة طويلة .

توجها للمشفى فورا وكان ضاحى لا يزال بغرفة العناية الفائقة لكن سمح الطبيب لهم بتفقده فى أوقات محددة .

دخلت بلهفة تسرع الخطى رغم حملها لتلتقطها عينى هيبة فور ظهورها في نهاية الرواق وفى لحظات طوى الأرض ووصل إليها ليتلقاها بين ذراعيه فتجهش بالبكاء مرة أخرى .

ربت على رأسها بحنان : هشششش بزيداكى يا خيتى . الحمدلله جدر ولطف .

رفعت عينيها ترجوه : خلينى اشوفهم يا هيبة عشان خاطرى 

همس بحنان : خاطرك على راسى يا جلب اخوكى . هتشوفيهم ماتخافيش .

قاطع ريان حوارهما وهو يحمحم ليفهم هيبة فورا أنه لم يخبرها الحقيقة كاملة ، رحب به ثم توجهوا جميعا لغرفة راجى الذى تحسنت حالته كثيرا .

اندفعت للداخل : راجى !!!

رفع عينيه يطالعها بسعادة ويفتح ذراعه السليم لتستقر فوق صدره ؛ كتم تأوهه رغم ظهوره بملامحه إلا أنه اطبق عليها بقوة : ماتبكيش يا خيتى انى زين اهه 

: الف سلامة عليك يا راجى 

قبل رأسها بينما اقترب ريان : الف سلامة يا راجى . طهور إن شاء الله .

حاول رفعها عن صدره برفق : ليال كده هتتعبيه .

ابتعدت فورا ليبتسم راجى مخفيا ألمه : بزيداكى بكا هتأذى حالك أكده 

نظرت لهم بحيرة : فين ضاحى ؟؟

تبادلوا جميعا النظرات ليقول راجى : لساته بعافية شوى بس ماتخافيش خواتك چبال مش رچال .

هذا ما أخبره به هيبة أنه لم يتحسن بشكل كامل وقد كان راجى صادقا في قوله الذى لا يعرف غيره .

تنفس ريان ببطء وهو يخشى من القادم .أخبرهم ان أبيه وأمه قادمين برفقة خاله وزوجته وأبناء خاله لكنهما تعجلا الوصول .

_____


وصلت ليال لباب العناية الفائقة لتجد ريتاچ بالداخل وقد سمح الطبيب ل ضاحى ببعض الطعام وهى معه تطعمه ، تعجبت ليال ألهذه الدرجة حالته سيئة .لم يتجرأ أحدهم ويخبرها الحقيقة لكن تمكن هيبة من المراوغة فهو موعد عودة أمه للمنزل وقد وصل رفيع بالفعل لاحضار سما وهناء والعودة ب زبيدة .

امسك كفها وسار لتتساءل : هيبة إحنا رايحين فين ؟

لم يجب لتتابع : أنا عاوزة اشوف ضاحى !

فتح باب الغرفة لترى امها وتنظر لها بصدمة : ماما !!! بتعملى ايه هنا ؟

فتحت زبيدة ذراعيها : جلب امك .. إيه چابك وانت إكده ؟

تقدم ريان مسرعا : الف سلامة يا ماما زبيدة .

نظرت له ليشير لها فتفهم أن ابنتها لم تحط علما بالحقيقة كاملة فتقتنص الفرصة : يبجى ترچعى وياى على الدار . ايه رايك يا ريان يا ولدى ؟

ريان براحة : والله يا ماما يكون احسن ترتاح وتاكل دى مابطلتش عياط ولا كلت من امبارح الصبح .

شهقت زبيدة : حرام عليك يا بتى .. ذنبه ايه اللى فى بطنك !!

رفعت عينيها لأمها برجاء : طب اشوف ضاحى ونروح 

ربتت زبيدة فوق رأسها تعيدها لصدرها : ابجى شوفيه بعدين هو زين انى دخلت له النهاردة 

وكانت زبيدة صادقة أيضا فقد صحبها هيبة لرؤية ضاحى بناءا على رغبة من كليهما . وبعد ما رآه من رضا ضاحى وتقبله لحالته لم يتعجب رضا أمه وتقبلها صغيرها الذى سيظل صغيرا ولو شابت مفارقه وتعثرت خطواته بالهرم أو لم يعد قادرا على خطوها مجددا .

_____

وصل الجميع للمشفى رأسا وكانت ريتاچ قد أنهت مهمتها للتو ليلتقطها صدر ابيها فور أن خطت خارج الغرفة .

دارت عينيها بينهم : انتو جيتو أمته ؟ وعرفتو ازاى ؟

اسرع طايع يجذبها من صدر أبيه لصدره : مش مهم اى حاجة المهم إننا معاكى .

انتقلت ل مهران الذى قال : ماتخافيش ربنا ارحم من إنه يسونا فيه .

اخيرا وصلت لصدر امها التى صمتت تماما لتجذبها غالية وتهمس : أنا عارفة انك قوية وهو قوى وهتصمدوا قدام اختبار ربنا  . 

أحاطت وجهها بكفيها : اصبرى حبيبتى وربنا هيعوض صبرك خير .

اومأت بتفهم ليتساءل تاج : هو ضاحى عامل ايه دلوقتي ؟ عرف حالته وتقبلها .

اقبل هيبة يرحب بهم : اكتر ماتتخيل يا عمى . انى كنت داخل ماخابرش اجوله كيف لجيته هو بيجولى . عرف حالته من كشف الدكتور .

ربت تاج على ذراع بفخر : انت كمان اتحملت كتير ربنا يعينك .

قررت غالية العودة للمنزل بعد أن تفقدت راجى فقط لتفقد زبيدة ورعاية ليال التى بدأت المخاوف تدور حولها فهى لا تبدو بخير مطلقا .وبالطبع صحبتها زينب بينما فضل تاج البقاء لموعد زيارة ضاحى لتفقده .

 قدم الجميع تاج على نفسه فكان أول من دخل ل ضاحى فى موعد الزيارة التالى .

دخل بوجهه البشوش : السلام عليكم

انتبه ضاحى لصوته فورا : عمى تاچ يا مرحب يا مرحب .

اقترب تاج من فراشه فورا ليقول : مرحب بيك يا غالى يا ابن الغالى .

ربت على صدره بحنان : طهور إن شاء الله يا ضاحى اوعى تزعل 

ابتسم ضاحى : ازعل !! إن الله إذا أحب عبدا ابتلاه .. مش كنت دايما تجولنا إكده !!

ابتسم تاج : وأشد الناس ابتلاء ، الانبياء فالامثل فالامثل .ربنا يراضيك ويرضى عليك

تنهد ضاحى : راضى يا عمى بالمكتوب ، الحمدلله .

تحركت عينيه نحوه : تعرف يا عمى كان زمانى ميت ؟

قطب تاج جبينه ليتابع بشرود : لما العيار صاب راچى وجع وفى ثوانى غمى 

تنهد وتابع : سمعت صوت الشباك بيتفتح رفعت راسى ، العيار بدل ما ياچى فى راسى چه فى ضهرى .

صمت لحظة وتابع : انى ماجولتش الحديت ده لحد واصل . كلهم جلوبهم موچوعة لأچلى ..بزيداهم 

عاد للصمت ليشعر تاج بإختناقه بالدموع وهو يقول : كل ما افتكر انى هبجى حمل تجيل على الكل . اجول يارب جوى جلبى يتحمل .

ترقرقت عينيه بدموعه : حكم النفر منينا لما يحس إنه تجيل واعرة جوى على جلبه .

انسابت دموعه ليغمض عينيه ثم يعاود النظر ل تاج : تعرف يا عمى انى مابستحيش من مرتى واصل .بس خايف عليها تجع منى فى السكة .عارف إنها هتتحملنى لآخر نفس ومارايدش احملها فوج طاجتها .

ابتسم بشحوب : حكم ريتا مرتى ماتتحملش ..هى غير الحريم .لاااه دى كيه النسمة وجلبها رهيف بزيادة .

عاد يختنق بدموعه ليقول بحزن : عمى بدى اصلى 

شعر تاج بألم بصدره ، هذا الفتى قوى بالفعل وقد أرضاه الله بقضائه.

مد كفه يكفف دموعه : بسيطة جدا أنا اوضيك دلوقتي ونصلى سوا .

اخفض عينيه خجلا : بس انى ماخابرش اصلى كيف وانى مش متوكد إذا كنت طاهر ولا لاه !

ابتسم تاج : يا حبيبي دينا اسهل وأيسر دين . احنا اللى بنصعب على نفسنا .أصحاب الأعذار اللى زيك كده بيتوضوا مرة واحدة في اليوم ويصلوا اليوم كله لأن نواقض الوضوء فى الحالة دى خارجة عن إرادتهم .مش بس فى حالة المستشفى والرعاية المركزة ...

صمت لحظة ثم قال : انت زى ابنى وربنا عالم ماتتكسفش منى . بعد كده لما تروح البيت بالسلامة وتضطر تستخدم الحفاضات بردو تتوضا مرة واحدة أو مع تغيير الحفاضة بس . انت حالة خاصة 

ابتسم ضاحى براحة : طيب الحمد لله الحكاية هينة 

وقف تاج يخلع سترته : يلا هوضيك ونصلى سوا جماعة .

تهلل وجه ضاحى : بذات نفسيك يا عمى !!!

قبل تاج جبينه بحنان : اسمح لي اشاركك الثواب . انت هتركع وتسجد بعينك يا ضاحى ماتحاولش تعمل غير كده 

ابتسم ضاحى : اصلا ماجدرش اعمل اكتر من أكده . جادر كريم يكرمنى واسچد له من تانى 

أطال تاج الصلاة سامحا له ببث ربه هموم قلبه . انتهى ليقترب منه ويكفف دموعه . قرب كوب الماء من فمه ليضع القشة بين شفتيه ، شرب قليلا ورفع عينيه ليفهم تاج أنه اكتفى فيربت على صدره بحنان : أنا هخرج علشان رفاعى والشباب عاوزين يشوفوك وهاجى لك الصبح إن شاء الله

شيعه ضاحى ببسمة راضية وقد اسكنت الصلاة الراحة بقلبه لتبدو قسماته رغم الألم مضيئة بالرضا.


____

طال وجود تاج بالداخل لدرجة تشكك الجميع بالأمر خوفا من ايه مضاعفات ألمت ب ضاحى ، بدأ هيبة يتفقد ساعته كل بضعة دقائق حتى خرج إليهم 

ليتساءل رفاعى بلهفة : اتأخرت ليه يا خوى حوصل حاچة؟

ابتسم تاج : معلش اخرتكم بس قلنا نصلى جماعة .

نظر ل هيبة : هيبة عاوزك فى كلمة .

اقترب هيبة باحترام لينظر ل ريتاچ : وانت يا بنتى لو سمحتى.

نهضت بلا تردد تتبعهما بينما توجه رفاعى للداخل .

حين أخبرها تاج الا تغتر بقوة ضاحى الظاهرة ابتسمت لنفسها ، كانت تعلم أنه يتظاهر بالقوة أمام الجميع لكنها لم تخطئ الم قلبه فهو رغم كل شيء حبيبها الذى ترى قلبه فى عينيه ، ألمه ذا ذكرها بألمه لأجلها يوما ما ، كان يخفف من خطواته حتى كادت قدميه تلمس الأرض فقط خوفا من أنة ألم قد تفر من شفتيها  لتخترق صدره .ذلك الرباط الذى أشعره بألمها أشعرها اليوم بألمه وهى جاهزة تماما لتسكين هذا الألم الذى ساعدها على تنحية شوائبها النفسية جانبا فلا  وقت لها ..هناك حبيبا يصبو لإحتوائها له وستفعل .

______

حاول ريان التحكم في حزنها وامتصاصه ليفشل فشلا ذريعا ، قلبه يتألم لأجلها فإن أصاب شقيقته عشر ما أصاب أخويها لبكى قلبه حتى نضبت منه الدماء .

حاول أكثر من مرة دفعها للاستغفار وعدم التفوه بتلك الكلمات التي هى اعتراضا واضحا على قضاء الله لكن اجابتها شرود دائم . زاد وجيب قلبه الفزع وهو يثق ان القادم لا يبشر بالخير.

جلسا بغرفة زبيدة حيث يجتمع الجميع لتدخل رنوة حاملة طبقا من الفاكهة : نورتى بيتك يا طنط زبيدة .

تبتسم لها زبيدة : تجلنا عليكى يا نضرى !!

قطبت رنوة جبينها دون مبالغة : ليه عملت ايه يعنى ؟ المهم انك نورتى البيت بالسلامة .

شريفة : احنا هنروح الليلة بجا يا زبيدة وناچوا بكرة .

أشارت ل ريان : الحمدلله وياكم راچل اهه 

تحدثت غالية : جرى ايه يا شريفة هو احنا جينا انتو تمشوا ؟

ابتسمت شريفة : انى أجدر . من النچمة هتلاجينى عنديكى .

قطع ريان تفاحة وقدمها لزوجته التى تستلقى فوق صدر امها تشاركه مع الصغير صالح ، اشاحت وجهها بنفور لتقول زينب : يا بتى ماينفعش إكده ده انت بتاكلى جوت !!

تنهد ريان : قولى لها يا مرات خالى . شوفى وشها اصفر ازاى .

ربتت سما على رأسها : يا حبيبتي لازم تاكلى علشان صحتك .

رفعت عينيها تنظر لهم : مش قادرة والله انا مصدعة اوى .

قالت زبيدة بأسى : من كتر البكا . ارحمى حالك يا بتى 

قالت رنوة : أنا جهزت اوضتك قومى ارتاحى وإن شاء الله تقومى احسن .

جذبها ريان عن صدر امها : تعالى يا ليال ارتاحى فى الاوضة احسن .

تحركت معه بإنهاك وما إن وقفت حتى شعرت بالدوار لتلقى بثقل جسمها إلى صدره ، شعر بإنهاكها ليحملها ويغادر بصمت دون أن يشعر بأى نظرة منهن تشعره بالحرج بل الجميع يتألم لأجلها وهو أكثرهم ألما  .

ما إن غادرا حتى قالت زبيدة : يا خوفى لما تشوفه .

رنوة : حاولوا تأجلوا الزيارة دى على ما تفوق حتى .

تحدثت حسنات اخيرا بعد صمت طويل : الحمدلله إن حسه فى الدنيا .

رأف الجميع بها لتغير غالية مجرى الحديث ببراعة : الولاد ناموا يا رنوة .

ابتسمت رنوة لحنكتها وقالت : ناموا يا طنط مفيش غير مريم ومهدى من يوم ما رجع من المستشفى وهى بتنام بيه فى اوضة باباهم . لاقيته بدأ يتكلم قلت خليه يتفاعل معاها احسن .

نظرت لها غالية بفخر : ربنا يكملك بعقلك يا بنتى .

شعرت شريفة بالفخر لتقف بهدوء : خلينا العافية عنديكم ، الرچالة زمانهم راچعين .

تحدثت حسنات بشرود : انى هبيت اهنه يا ام رفيع بس ماتتأخريش عليا .

تعجبت شريفة فهى لا تناديها بكنية مطلقا لكنها لم تعلق على الأمر وودعت الجميع على لقاء قريب 

______

قررت ليليان وروان أن تقيما بشقة واحدة حتى عودة زوجيهما لتتعاونا على رعاية الصغار وكان الأمر مفلحا .

عادت روان من الخارج حيث صحبت خالد لتمرين السباحة الذى انتظم فيه .ركض الأطفال يستقبلونه وتاج يقول : طنط خدينى المرة الجاية اتفرج على خالد .

بسمة ونسمة : واحنا كمان 

قالت ليليان : هى طالعة رحلة ولا حاجة ؟

اعترض تاج : أنا هخلى بابا يودينى تمرين لما يجى 

نسمة : لا أنا عاوزة اركب خيل زى الفارسة اللى شوفناها فى التلفزيون .

نظرت ليليان ل بسمة وتساءلت : وانت هتعملى ايه انت كمان ؟؟

هزت كتفيها بلا مبالاة : مش هعمل .مش بحب الحاجات دي ..أنا هتفرج على خالد بس .

نظرت لها ليليان بخيبة أمل واضحة للأعين لتشيح الصغيرة عينيها بعيدا بينما وضعت روان كفها أسفل ذقنها كمن يفكر في أمر عسير ثم قالت : هو تمرين خالد الجاى يوم الجمعة وممكن نروح كلنا النادى ونتغدا هناك كمان .

علت الصرخات الحماسية من الصغار بينما قالت ليليان بحزم : بس لو الهوم ورك ماخلصش يوم الخميس محدش هيروح .

______

استلقى ريان وهى فوق صدره تتحرك كل بضعة دقائق ليتساءل بقلق : مالك يا ليال !! مش مرتاحة ليه !!

تنهدت بضيق : مش عارفة مش مرتاحة عاوزة اقعد النوم بيوجعنى .

ساعدها لتعتدل جالسة لتتنهد براحة : ااام كده احسن وانا نايمة حاسة نفسى مكتوم .

وضعت كفها فوق صدرها تتنفس بهدوء ، أشارت للأريكة المقابلة للفراش : هنام وانا قاعدة على الكنبة احسن .

استنكر ريان : كنبة ايه اللى تنامى عليها .

عدل وضع الوسائد وجلس متكئا بظهره وجذبها لتتكأ إلى صدره : بس نامى كده .

نظرت له ليقطب جبينه محذرا ، فهمت أنه لن يتراجع لتستند إلى صدره وتغمض عينيها فيهمس : بكرة نشوف دكتورة تطمنا عليكى .

أغمضت عينيها لدقائق ليشعر بإنتظام أنفاسها ، نظر لشحوبها بقلق واغمض عينيه ليحظى ببعض الراحة التى سيحتاجها بشدة لاحقا .

_____

توجه هيبة لغرفة راجى بعد مغادرة الجميع ، طرق الباب ف هناء رفضت رفضا قاطعا ترك زوجها رغم أصابتها التى يحمد الله أنها لم تكن سيئة .

دخل بهدوء ليبتسم راجى : جالوا لى هعاود الدار الصبح .

أومأ هيبة : صوح الدكتور جال انك الحمدلله احسن كتير .

نظر ل هناء : عليكى بالوكل يا مرت اخوى لحد ما چرحه يطيب .

تساءل راجى بمرح : وأما اطيب ماهتوكلونيش ؟؟

نظر له هيبة بحنان : اتبدلت ب ضاحى اياك !!

ضحك راجى : مش هشوفه بجا ؟

هيبة : هتشوفه . هو بده يشوفك وانى چاى اخدك عنديه . بس فى حاچة لازمن تعرفها .

تساءل بفضول : حاچة ايه ؟

نكست هناء رأسها وكذلك هيبة ليقول راجى بقلق : خبر ايه ؟؟ خوى چرى له ايه؟

تنهد هيبة ثم قال : ضاحى العيار صاب ضهره و ...

حثه راجى : وايه يا هيبة ما تنطج ؟؟

تنهد هيبة : اتشل .

نظر له راجى بصدمة تركت أثرا على قسمات وجهه وتركت جرحا بقلبه لكن لم تترك دموعه بعينيه .

نظرت له هناء : أمر الله يا راچى .

نظر لها بحدة : كنت خابرة ؟؟

صدمتها اعلمته بالإجابة ليصيح بغضب : وبتكدبى يا ام خديجة ؟؟ اكمنى وجعت !! كتر خيرك يا بت عمى

اسرع هيبة يقاطع غضبه بحدة : راچى انى اللى جلت محدش يخبرك جبلى . كان بدك مرتك تكسر كلمتى ولا ايه ؟؟

علم أنها الطريقة الوحيدة التى ينقذ بها زوجته من غضبه ، صمت راجى ثم نهض عن الفراش : ودينى ل ضاحى يا واد ابوى .

______

رضا ضاحى ربت على قلب أخيه ليغادر غرفته بقلب غير الذى دخل به كما الجميع .

فى الصباح بدت ليال أكثر شحوبا وشرودا أيضا مما اقلق الجميع ، هاتف ريان رفيع وطلب منه أن يقلهما للمشفى فهو يشعر أنها ليست بخير .

تناولت لقيمات تحت ضغط الجميع لتغادر بصحبة زوجها فقد أقل رفيع زوجته وأمه ليصحب ريان وليال .

قابلتها رنوة فى طريق الخروج لتفزع لشحوبها والضعف البادى عليها فتسرع نحوها : مالك يا ليال ؟ 

شعر ريان بالراحة : اذا ممكن تقولى لنا اسم الدكتورة بتاعتك ؟

رنوة وهى تخرج هاتفها : أنا هحجز لها مستعجل .

قاطع حديثهم حجاج الذى ينظر ل ليال بتشفى ويتساءل بتهكم : مالك يا بت عمى ضعفانة إكده ؟ مابيوكلوكيش ولا ايه ؟

تمتم ريان : استغفر الله العظيم . جرى ايه يا حجاج ماتخليك فى حالك .

نظر له بتهكم بينما اسرع رفيع نحوهم متسائلا : خبر ايه ؟

ريان بغضب : شوف اخوك اللى بيقول شكل للبيع . انا اصلا فيا اللى مكفينى .

زادت نظرات حجاج الشامتة : مش كد نسبنا كنت بتتچرأ عليه ليه ؟

نهره رفيع : حچاچ . ماتخربطش فى الحديت .

اسلم ريان إسناد ليال ل رنوة ودفع حجاج بصدره : تصدق انك راجل قليل الادب .

خرج الرجال من المنزل ليسرع تاج نحو ابنه يمسك ذراعه فيصيح : سيبنى يا بابا أعلمه الأدب .

حاول تاج التحكم في غضب ابنه : جرى ايه يا ريان !! من امته ده اسلوبك ؟؟

صرخ ريان ليعلو صوته صوت أبيه للمرة الأولى بحياته : يا بابا البنى ادم ده بيحرق دمى قاصد .

شرد تاج لوهلة رأى نفسه في موقف مشابه منذ أعوام مضت ليتلمس عذرا لغضب ولده بينما وقف طايع بجسده حائلا بينهما ليعيد ريان خطوات للخلف بينما تحكم مهران ورفيع فى حجاج ورفيع يقول : انت غلطان يا حچاچ راچل ومرته تدخل بينهم ليه ؟

حجاج : مرته تبجى بنت عمى وانى اجرب ليها منيه 

دفع ريان طايع بغضب : وسع يا طايع خلينى ارجع له عقله 

هم حجاج بالحديث لتسكته لكمة من قبضة مهران الذى قال بغضب : جسما بالله انى اللى هرد عليك بعد إكده . ارفع عينك ورد الضربة لو تجدر .

صرخ حجاج وهو ينفلت من قبضة رفيع : طبعا لازمن تاچو عليا كيه ما بوكم چه على بوى زمان لأچل بوه اللى لا كان ولا هيكون منينا . بس لازمن تفهموا انى مش صخر انى حچاچ .

تبع صراخه انصرافه الغاضب الذى لم يخل من وعيد خافت

قطب ريان جبينه ناظرا لوالده وخاله بتساؤل : قصده ايه ؟

زفر تاج : ريان ودى مراتك للدكتورة مش شايف حالتها ؟

اندفع نحو زوجته يحملها بغضب مكتوم ليتقدمه رفيع نحو السيارة وتلحق بهم رنوه التى قالت لزوجها : رفيع الدكتورة مستنياكم فى المستشفى .

أومأ رفيع وتحرك بالسيارة لتقول ليال بحزم : ريان مش هعمل اى حاجة قبل ما اشوف ضاحى


#الشرف_الجزءالثالث_قسمةالشبينى


الرواية قربت تخلص 


الرابع والعشرون

استيقظ راجى فى الصباح ليتوجه إلى غرفة العناية لتفقد ضاحى مرة أخرى كانت ريتاچ تغادر الغرفة وقد أنهت مهمتها الصباحية فى رعايته وقد حرصت فى اليومين الماضيين على حضور جلسة تنظيفه الخاصة التى يقوم بها مختص بذلك لتتعلم منه ولا يضطر للاستعانة بغيرها .

ابتسمت فور رؤية راجى : كويس انك جيت ضاحى عاوز يشوفك قبل ما تروح .

أومأ راجى : مجدرش اتحرك جبل ما اطمن عليه .

افسحت له مجالا ليمر ومنحتهما الخصوصية التى يحتاجان وتوجهت لتجلس بجواه هيبة الذى لا يبرح مقعده بباب أخيه .

نظرت لحالته المزرية لتقول : مش تروح يا ابو ليال ترتاح وتغير وترجع .

نظر لها بطرف عينه مستنكرا لتقول : احنا محتاجينك قوى ..الدكتورة قالت مانحسسش ضاحى إننا تعبانين بسببه .علشان مايحسش إنه حمل تقيل.

زفر بضيق ليقول : حاضر لما ياچى مهران ولا طايع ابجى اروح اتسبح واحلج دجنى وارجع .

هزت رأسها بتفهم ف هيبة يريد أن يشعر ضاحى أنه موجود لأجله دائما ، لكن الطبيبة نصحتها بعدم إشعاره بتوقف الحياة بسبب ما ألم به كى لا يحمل نفسه ذلك وهى تراعى كل نصائح الطبيبة فهذا الرضا الذى اعتمر بصدره يجب المحافظة عليه ودعمه ليستمر .

___

دخل راجى وهم بالتحدث ليجد أخيه محدقا للأعلى ويتمتم بآيات قرآنية ، راقبه بترقب ليكتشف أنه يصلى .

أغمض ضاحى عينيه مسبحاً الله ليقف راجى بإحترام منتظرا فروغه من صلاته . 

نظر له بطرف عينه : كيفك يا واد ابوى؟

انتبه راجى من شروده ليقول : زين الحمدلله .جلت اطل عليك جبل ما اروح 

تنهد ضاحى ليقول برجاء  : هات لى الولد يا راچى . هيبة مارايدهمش ينضرونى إكده لكن مسيرهم يعرفوا . شكلى هفضل إكده .

اقترب راجى مسرعا : مين جالك إكده ؟؟ بكرة تجوم على رچليك وترمح رمح .

ابتسم ضاحى بشحوب وصمت فما من بادرة لشفائه وإن كان الامل موجودا لطرحه الأطباء لرفع روحه المعنوية على أقل تقدير  ما يحزنه بعض الشئ أن الجميع يستخف بإدراكه وعقليته ربما لمزاحه المستمر لكنه فى الواقع بجيد تجميع التفاصيل ليرى الصورة بوضوح وإن لم يفصح عن ذلك .

____

وصل ريان للمشفى ليحمل زوجته للداخل يتبعه رفيع الذى قال : الدكتورة من إهنه انى خابر عيادتها زين ...

قاطعت ليال حديثه : مش هعمل حاجة إلا أما اشوف ضاحى .

تنهد ريان ، لقد ماطل كثيرا منذ الأمس خوفا من هذه المواجهة لكن لا أمل أمامه ، إلتف وسار نحو المصعد ليصل إلى ضاحى وتبعه رفيع بصمت .

ما إن وقف المصعد حتى قالت : ريان نزلنى مش عاوزة هيبة يشوفنى تعبانة .

تنهد ريان : ليال انت مش قادرة تقفى !!

جمدت ملامح وجهها وهى تقول : هقدر ماتخافش .

وضعها أرضا برفق لكن علق كفيها بذراعه .

رأت اخويها يتبادلان حديثا مع ريتاچ ليقترب ثلاثتهم فيقول هيبة : خلاص يا ام مريم رفيع اهه وريان كمان انى هروح مع راچى .

نظر له الجميع بتساؤل ليخبرهم بإختصار عن عودته السريعة للمنزل فتقول ليال بسرعة : مش مشكلة إحنا هنقعد هنا لما ترجع .

ربت على خدها بحنان : شكلك ماعاچبنيش واصل .

ربتت فوق كفه : لسه تعبانة من الطريق . هبقى كويسة ماتقلقش.

نظر لها ريان كاتما غضبه ليقول راجى : كنت ارتحتى فى الدار النهاردة تعى ويانا وابجى ارچعى بكرة .

تشبثت بذراع ريان : لا أنا كويسة هرجع مع ريان اخر النهار .

نظر هيبة لهيئتهم بتوجس وتساءل : هو چرى حاچة ؟؟ شكلكم بتداروا حاچة !! 

تنهد ريان وقاطعه رفيع : هو فى غير حچاچ !! اتطاول على ريان واتعاركوا سوا .

قطب جبينه بغضب : حسابه تجل انى سكت كتير وصبرى جرب ينفد .

ربت على كتف ريان : حجك على راسى يا خوى .

ابتسم ريان بشحوب ليستأذن هيبة وراجى الذى توجه لغرفته حيث تنتظره زوجته التى تبعته بصمت فهو غاضب منذ ليلة أمس .

___

دخلت ليال لغرفة ضاحى لتتصنم لرؤية جسده المحاط بالدعامات من كل مكان . نظر بطرف عينه ليراها ويقول مبتهجا : ليااال . جربى . جربى يا خيتى .

لم تستجب له ليصيح بحدة : ليااال .

نظرت له بصدمة واضحة وهى تشير لجسمه : ايه ده !! مش قالوا إنك انضرب عليك نار بس .

ابتسم ضاحى وقال بهدوء : جربى يا ليال ..جربى ماتخافيش.

تقدمت ببطء نحوه حتى لامست الفراش ليقول : العيار چه فى ضهرى والنتيچة زى ما انت شايفة إكده .

رمشت بعصبية : يعنى ايه ؟؟

اتسعت ابتسامته : يعنى جولى الحمدلله .

بدأت تفقد السيطرة على غيامات عينيها لتهطل دموعها ليقول فورا : انى زين ماتخافيش هبجى زي الجرد 

دفنت وجهها بكفيها : كان قلبى حاسس . علشان كده مارضيوش يخلونى اشوفك .ليه يا رب بيحصل لنا كده

قال مسرعا :استغفر الله العظيم..اللهم لا اعتراض .. خايفين عليكى يا جلب اخوكى تتخلعى عليى .بالله عليك بزيادة بكا .

سمعت الرجاء بصوته يعلو عن نبرة صوته نفسها ، مسحت وجهها بكفيها ورسمت ابتسامة واهية وهى تقول : مش انا شوفتك فى الحلم ؟؟

علم أنها تخرجه من دائرة حزنها وتطمرها بقلبها لكن لم ير بأسا فى مجاراة تلك المحاولة التى قد تعيد البسمة لوجهها ..أو هكذا يتمنى .

____

تأفف ريان وهو ينظر لهاتفه : اتأخرت جوه ليه ؟

ريتاچ : تحب ادخل لها ؟

نظر لها برجاء : ارجوكى هى تعبانة وهننزل للدكتورة .

اومأت وهى تتجه للداخل ، طرقت الباب طرقات طفولية عابثة ليقول ضاحى : أهى المچنونة چت 

نظرت له بإستنكار : أنا مجنونة !! يبقى ليس على المجنون حرج واختك هتمشى وتسيبك .

نظر لها متصنعا الفزع وهو يقول بوهن : هتجتلينى إياك !! 

اقتربت لتمسك كف ليال : لو سمحتى بقا سيبينى مع اخوكى علشان هو كده حضر العفريت .

همس ضاحى : ماتصدجيهاش يا ليال . عفاريتها حاضرة ليل نهار ههه

ضحكت ليال ضحكة لم تنبع من قلبها ولم تصل لعينيها لتقول : طيب اسيبكم تخلصوا وصلة الجنان الخاصة وارجع لكم بعد الفاصل .

تخصرت ريتاچ معترضة لتتحرك ليال بضعف نحو الباب وهى تؤكد له أنها ستعود لتفقده قريبا بينما شحبت بسمته التى برع في رسمها وهو ينظر لها بحزن بينما اقتربت ريتاچ تربت على صدره برقة ، انتزع نظراته المشيعة لأخته ونظر لها لتهمس : هتبقى كويسة .

أغمض عينيه بألم لتجلس بجواره بصمت .

____

خرجت من الباب ليسرع نحوها : كل ده تأخير يا ليال ؟ قلت لك هنكشف بس ونرجع له إذا عاوزة تقعدى طول النهار معاه اقعدى مش هحوشك بس اطمن عليك.

لم تجب لكن دفنت وجهها بصدره وأحاطت خصره بذراعيها تشده نحوها بقوة واهنة وفى اللحظة التالية استرخت ذراعيها ليحيطها بفزع قبل أن تسقط أرضا وهو يستنجد : الحقنى يا رفيع 

نظر له رفيع بعد أن اشاح وجهه عنهما منذ خرجت ليقول مسرعا : هم يا ريان ننزلها للدكتورة .

_____

وصل هيبة وراجى إلى المنزل لتركض ليال نحو ابيها : باباااا 

لفتت صرختها انتباه الجميع ليجتمع الاطفال ، بنات راجى أحطنه ليضمهن بسعادة حامدا ربه على عودته إليهن وليال استقرت بالفعل بين ذراعى هيبة الذى نظر نحو الأريكة ليجد مريم تحمل شقيقها مهدى وتنظر أرضا بينما ينزوى مصطفى ولبيب بأحد الأركان .

اقترب هيبة ليربت على رأس مريم : ماهتسلميش على عمك يا مريم !!

استرقت له نظرة لتقول : حمد الله على السلامة يا عمى .

جلس هيبة ليقرب ليال منه ويجذب مريم أيضا مرغمها على الاقتراب بينما اقترب راجى أيضا : وانى ماليش حمد الله على السلامة !! 

لتقول الفتاة برقة : لا طبعا حمد الله على سلامتك يا عمى . الحمدلله إن حضرتك بخير .

تلفت هيبة حوله : هو الدار فاضى ليه إكده ؟ انتو لحالكو ولا ايه ؟

اسرعت ابنته تجيب : لا كلهم فوق فى اوضة تيتة 

تعجب هيبة وتساءل راجى : وامى جاعدة فوج ليه ؟

نهض هيبة : هم بينا نشوف الحكاية ايه ؟؟

صعدا ليجدا النساء يجتمعن بغرفة زبيدة ويبدو أن حسنات ليست بخير ، أخبرته أمه أنها اضطرت للصعود للغرفة بعد مشاجرة ريان وحجاج التى زادت من سوء حالة حسنات وخوفا عليها من الضغط النفسى إلتزمن الغرفة . تساءل عن الرجال ليكتشف أنهم توجهوا للمركز جميعا ف حسين ابن الحاج زيدان يصر على عدم مبارحة الدار حتى عودة هيبة .

رأى هيبة أنه من اللائق شكره وابن عمه على المجهود الذى لم يدخراه لحماية منزله بغيابه فعاد لخارج المنزل يبحث عنه تاركا راجى يحظى ببعض الراحة فجرحه لم يشف بشكل كامل .

_____

أنهت الطبيبة الفحص لتقول بغضب : ازاى سيبتوها توصل للحالة دى ؟

حررت ذراعها من جهاز الضغط بينما زاغت أعين ريان وهو يقول : ليه يا دكتورة مالها ؟؟

مسحت السائل عن بطنها وهى تغطيها لتقول : اتفضل معايا نتكلم برة .

نظر لزوجته بقلق : مش هتفوقيها !!

توجهت للخارج وهى تقول بحدة : لا .

اتسعت عينيه فزعا ولحق بها حيث رفيع المنتظر فى الغرفة الملحقة .جلست خلف مكتبها متسائلة : هى تعبانة من أمته ؟

كانت تنظر ل ريان بتحدى واتهام واضح لم يعره انتباه واجاب فورا : اول امبارح لما عرفت إن أخواتها عملوا حادثة رفضت الاكل . جينا امبارح من مصر وكانت بتاكل تحت ضغط بس قالت مصدعة وبالليل قالت نفسها مكتوم ونامت وهى قاعدة .

حكت الطبيبة جبهتها ثم عادت تنظر له وقد تبدلت نظرتها لتقول : أنا اسفة ضغطها عالى جدا والجنين للاسف متوفى من وقت مش قريب ..كدة دى حالة تسمم حمل .

ارتعد بدنه بشكل واضح تبعا لإرتعاد قلبه ليتساءل رفع : مالك يا خوى ؟

نظر له بنظرات زائغة لتزفر الطبيبة بضيق : طبعا الإغماء ده فى مصلحتها هنحاول ننزل الضغط بسرعة علشان تنزل الجنين في اسرع وقت لأن اى تأخير مش فى مصلحتها .

حمحمت وتساءلت : ده اول حمل ؟

هز رأسه نفيا لتقول براحة : الحمدلله ربنا يعوض عليكم .

كاد أن ينهض لتقول : لحظة من فضلك !!

نظر لها بنفس التيه لتقول : لازم تقرر هننزل الجنين ازاى ؟

بدأت تشرح له طرق انزال الجنين بشكل طبيعى أو بجراحة لتفاضل بين الطريقتين بشكل علمى . لم يكن يفهم اى مما تقوله منذ أخبرته أن صغيره الذى لم ير النور بعد قد فارقه . 

اعتصر الألم قلبه بقسوة حتى خبت دقاته ثم زادت بجنون ليشعر بتضخم قلبه حتى لم يعد صدره يتسع له .

حين اسهبت فى الشرح كان هناك إعصار من الحزن قد أطاح بقلبه وذراه ليبدأ الخواء يحتل صدره ويشعر بفراغ مؤلم يسكن موضع خافقه الذى لم يعد يدرى اين استقر ولا كيف استقر !!!

فجأة ومضت صورتها أمام عينيه ليهب منتفضا عن المقعد بشكل افزع الطبيبة لتعود للخلف برهبة واضحة ودون أن ينظر لها توجه إلى حيث ترقد زوجته في أضعف حالة قد تصل لها امرأة وفى أشد احتياج من زوجة لزوجها .

نظر رفيع للطبيبة ليقول : على ما ضغطها ينزل نكون شوفنا هنعمل ايه 

_____

غادر رفيع غرفة الكشف حين دق هاتفه أكثر من مرة برقم طايع ومهران حيث يبحث عنه الجميع .

وصل لرواق العناية ليجد الرجال مجتمعين وتاج يغادر غرفة ضاحى بوجهه المبتسم ليخفض عينيه فورا .

نظر له طايع بتوجس : خبر ايه يا رفيع ؟ فين ريان ؟

اقترب تاج ليقول رفيع بتوتر واضح : هيكون فين !! مع مرته 

نظر له رفاعى بأعين خبيرة ترى توتره ونظراته الزائغة ليعلم أن هناك ما يود قوله ويعجز عن ذلك .رأى عينيه تتجه ل تاج الذى يتحدث مع مهران ليقول : خبر ايه يا رفيع ؟ مابجيش حاچة تطيح اكتر من اللى حوصل .

زفر رفيع بضيق وهمس له بما حدث لتتغير ملامحه بينما طايع من شدة صدمته عاد خطوات للخلف متهربا من تلك المواجهة .

اقترب رفاعى ليضع كفه فوق كتف تاج الذى نظر لتبدل ملامحه : مالك يا ابو مهران ؟؟

نظر له رفاعى بأسى ثم قال : لله ما اعطى ولله ما اخذ.

تجهمت ملامح تاج وتساءل بصوت مبحوح : مين ؟؟؟

اخفض عينيه حزنا : ولد ريان .

خر قلب تاج ليتابع رفاعى : مات فى بطن أمه 

التقط تاج نفسا لاهثا فقد ظن أن حفيده تاج أصابه مكروه ليجد نفسه دون شعور يحمد الله على أن تلك المصيبة قد أصابت طفلا لم تتعلق به قلوبهم بعد . حقا فقده مؤلم للجميع لكنه قضاء الله .

____

هاتف تاج زوجته وطلب حضورها للمشفى مع هيبة وفضل عدم ذكر ما حدث فالنوازل التى حطت بهذه العائلة فى بضعة أيام قد تدك عزيمة أشد الرجال .

تم نقلها لغرفة أخرى وبدأت تخضع لعلاج سريع لتجهيز جسمها للفظ هذا الصغير الذي عاشت تحلم برؤيته .

وصل هيبة للمشفى بصحبة غالية التى لم يخبرها أحد بما حدث حتى تفقدت ضاحى فيجب اخفاء هذه الأخبار عنه مهما حدث .

توجه تاج لغرفة ليال ، طرق الباب ودخل بهدوء ليفزع لرؤية ولده بهذه الحالة . اقترب وجلس بجواره ليسرع ريان مكففا دموعه .

تنهد تاج وربت على كتف صغيره الذى احنته مصيبته ليقول : لله ما اعطى ولله ما اخذ.زخر يابنى إن شاء الله .

أومأ ريان وفقد تماسكه وفى لحظة انفجر باكيا ليتلقفه أبيه بين ذراعيه هامسا : ابكى يابنى علشان تقدر تستحمل وجعها . مراتك دلوقتي في أشد الضعف والحاجة ليك .اوعى تخذلها يا ريان ..إذا كان قلبك موجوع قيراط هى قلبها يتوجع أربعة وعشرين .

شهق ريان بقوة : اعمل ايه يا بابا ؟؟اقولها المصيبة دى ازاى ؟؟

تنهد تاج : هى هتعرف اول ما تفوق من غير كلام ، بس انت لازم تصبرها وتقويها .

أبعده عن صدره ليحيط وجهه بكفيه : اوعى يا ريان .

كفف ريان دموعه مع اندفاع غالية للغرفة وقد أخبرها رفاعى ما حدث ، نظرت ل ليال الغائمة بإشفاق : يا حبيبتي يا بنتى .

نظرت لابنها بحنان : ريان أنا عارفة إنه صعب بس خليها تنزله طبيعى لو عملوا جراحة هتأخرها فى الحمل بعد كدة وده هيتعبها نفسيا اكتر ...

أومأ ريان : عارف يا ماما بس خايف عليها 

حين أفاقت ليال وشعرت بألم المخاض الذى أدخلت فيه قسرا بحثت عن نفى مخاوفها بين عينيه فلم تجد غير ثبوتها . ساعتان من العذاب شاركها فيهما كل لحظة حتى دوت صرخة ليندفع الجنين خارج رحمها .

نظر ريان له بلهفة لتتسع عينيه ؛ إنها فتاة !!!

أغمض عينيه وهو يجذب زوجته لصدره سامحا لها بالبكاء ومخفيا دموعه عنها وليمنح الطبيبة فرصة لإخراج الجثمان الصغير قبل أن تتعلق به عيناها وقلبها .

____

كانوا يتبادلون الدخول وتفقد ضاحى خوفا من علمه ما حدث لشقيقته ، أخبروه أنها عادت للمنزل ليتمنى فقط أن تكون بخير .

أصر ريان أن تعود أمه للمنزل ولا تخبر أحد حتى يعيدها فى اليوم التالى ، ترك شقيقها بصحبتها فقد عادت غالية للمنزل بصحبة زوجها واخيها وولديه بعد انتهاء مراسم دفن الصغيرة .

عاد ريان يحمل بضعة حقائب لتنظر له بضعف فيقول : لازم تاكلى .

اشاحت وجهها عنه ليقول بحنان : ليال أنا مش مستغنى عنك هتسمعى الكلام بالذوق ولا اكلك بالعافية ؟

ابتسم هيبة : اسمعى كلام چوزك يا ليال محدش فينا مستغنى عنيكى 

نظر له ريان : لا ما انت هتاكل انت كمان 

أومأ دون مناقشة : اكل .

وضع ريان الطعام فكانت اللقيمات التى تصل لفمها من زوجها واخيها أكثر مما يصل إلى جوفهما ، يبتلع كل منهما ألمه مع كل لقمة عله ينتهى بنهاية الوجبة.

____

منذ عاد ليقلها وامه وطفليها وهو صامت تماما ، لم يعقب لبقاء حسنات لليلة التالية مع زبيدة .

نام سليم بصحبة جدته بينما توجه سويلم لغرفته بصمت ، نظرت له بتعجب : مالك يا رفيع ؟

وبدون مقدمات اسرع يحملها بين ذراعيه بلهفة : انت زينة ؟؟ حاچة بتوچعك ؟

تعجبت لكن أجابت : أنا كويسة الحمدلله .

جلس وأجلسها ليضع كفه فوق بطنها البارز  متسائلا بهمس متحشرج : بيرفس !!!

وضعت كفها فوق كفه لتجذبه جهة اليمين فشعر بركلة جنينها اسفل كفه . تنهد براحة : الحمدلله .

ربتت على كفه : حصل ايه ؟؟

تهرب بعينيه منها : ليال سجطت .. البنية ماتت في بطنها .

شهقت بفزع وقد شعرت بما يشعر به من خوف لتنزوى بين ذراعيه ويحيطها بهما دون أن يفكر أحدهما في الابتعاد عن الآخر .

_____

غادر هيبة مصرا على إلتزام باب ضاحى فالمهلة التى تحدث عنها الطبيب لم تنته بعد وكلما مرت دقيقة سحقت قلبه فزعا .

طلب منها أن تحصل على قسط من الراحة بعد أن تناولت دواءها لكنها ظلت مكانها تنظر له بجمود .

جلس أمامها متسائلا : مالك يا ليال !!

لم تحد بعينيها عنه وقالت : ربنا بيعاقبنى ؟ صح ؟ 

قطب جبينه بتساؤل : بيعاقبك على ايه مش فاهم ؟؟

بدأت دموعها تعلن الانشقاق عن راية الصمود وهي تقول : علشان انا اعترضت على قضاء الله ..لما بابا مات لبست توب الحزن وبعدت عن دنيتى وابنى .وعنك انت كمان ..

أمسكت كفه لتضغط على أنامله وتشهق بضعف : وأما حصل اللى حصل بردو فضلت اعارض .نسيت كلام ربنا لما قال ( والذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله و إنا إليه راجعون) بدل ما ادعى لأخواتى واقول اللهم رد عنا القضاء وارفع عنا شر البلاء بقيت اقول اشمعنا احنا وليه بيحصل لنا كده .ربنا اخد بنتى علشان يعاقبنى يا ريان !!

تنهد ريان وجذبها نحوه ليخفى دموعه لا دموعها : ليال ربنا قال ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) ربنا رحيم . اكيد ليه حكمة فى الحرمان من نعمته ..ويمكن عاوز يختبر صبرنا على الابتلاء . وبعدين يا حبيبتي هو الموت يتحاش . اللى عمره بيخلص مفيش حاجة ممكن تمده ثانية واحدة .عمرها يا قلبى خلص ومش مكتوب لها اكتر من كده .اصبرى يا ليال وافتكرى إن ربنا قال ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب)

اكتفى من الحديث أو لم يعد قادرا عليه ، إنها تحمل نفسها ما حدث لصغيرته وهو مؤمن بقضاء الله ويعلم أن لا حيلة بيدها ولا بيده . لذا اكتفى بإسكانها أضلعه حتى سكنت مرغمة تحت وطأة الإرهاق وتأثير العقاقير وحين شعر بإنتظام أنفاسها لم يشعر برغبة في البعد عنها لذا اعتدل بجلسته ليستقر رأسها فوق صدره عل قربها يهون ما بجيش به من ألم .


#الشرف_الجزءالثالث_قسمةالشبينى


إنفراج الأمل 💖💖💖


الخامس والعشرون

دخلت هناء للغرفة بهدوء ، ستعمل بنصيحة زبيدة مجددا ، لطالما كانت نصائحها مجدية . اقتربت من الفراش لتضع كفها فوق صدره برقة : خابرة انك صاحى .

فتح عينيه ونظر لها بحدة لتجلس بجواره : كان بدك اعمل ايه ؟ اخلع جلبك على خوك وانت لسه راچع لى وجلبى موچوع عليك !! 

اشاح وجهه عنها : ماكنتيش تكدبى لما أسألك . 

اعترضت برقة : انى ماكدبتش ..انى جولت اللى جالوهولى .. هو انى كنت شوفت ابو مريم ؟؟ ولا كنت جادرة امشى من اساسه !! ده لولا ام ليال كتر خيرها كانت لتسندنى لاچل أچيك .

نظر لها وقد رق قلبه لصوتها المختنق ، إنها محقة بكل تأكيد ، إنها مصابة أيضا ..زفر بضيق . كيف حملها وزر عدم إخباره بشئ لم تكن تعلمه من الأساس !!

متى أصبح قاسيا بهذا الشكل !!!

سمعت زفرته ورأت ملامحه تزداد ضيقا لتنهض مبتعدة ، أخبرتها زبيدة أن ترق فى العتاب وتتركه للعذاب .

وقد أحسنت العمل بالنصيحة فها هو يعاتب نفسه على غضبه الغير مبرر منها . ليس عليها الأن سوى انتظار نتيجة عتابه الذاتى .

بدأت تبدل ملابسها بصمت وهو يسترق لها النظر خوفا من أن يضبط متلبسا بفعلته .

انتظرت أن يتحدث لكنه لم يفعل ، حسنا عليها زيادة اللعب على ضميره الذى لم يخذلها مطلقا ، اقتربت من الفراش منكسة الرأس بخطوات بالغت فى إظهار ضعفها وعرجها لتقول : يعنى مش راضى عنى ؟؟ ماشى يا ابو خديچة انى هنام على الأرض لحد ما ترضا .

انتفض جالسا : چنيتى يا هنا !! ارض ايه اللى تنامى عليها !! من ميته كنت ندل إكده ؟

تصنعت البكاء : اعمل ايه يعنى لاچل ترضا وتسامح على حاچة معملتهاش !

نظر لها بحنان ليمد ذراعه السليم ويقول هامسا بهدوء : تعى چارى اهنه .

تبدلت ملامحها فورا وانجلت الكآبة التى برعت فى إظهارها وهى ترتقى الفراش فى لحظات وتستقر قرب صدره جاذبة ذراعه السليم محيطة نفسها به ليتساءل : رچلك لسه بتوچعك ؟؟

هزت رأسها نفيا ولم تتكلم فإن فعلت سيعلم أنها بالغت فى إظهار الألم والضعف لتحصل على تعاطفه وتمرر سوء التفاهم الذى خيم على سماء عقله منذ الأمس 

______

راقب غفوتها المضطربة بعد مغادرة أخيها وحوارهما المؤلم ، كم كان بحاجة للراحة لكن حاجتها له اقوى . فصل إبرة المحلول عن ذراعها فقد أخبرته الممرضة سلفا أنها الزجاجة الأخيرة لهذا اليوم .تسطح بجوارها ليجذبها نحوه ، فتحت عينيها دون أن تستيقظ لترخى جفونها مرة أخرى ببطء وهى تدفن رأسها فى صدره .

_____

عاد لزوجة أخيه فعليهما مقابلة الطبيب كما طلب منهما ، كان كل منهما يقدم ساقا ويؤخر أخرى .

قلوب راجفة .. عيون زائغة وشجاعة زائفة 

نظر لهما الطبيب ليرى الوجل المسيطر عليهما فلا يزيد عليهما ويقول : دلوقتي تقريبا مر اربع ايام على الإصابة والحمد لله مفيش مضاعفات خطيرة ممكن تأخر الحالة . ضغط الدم كويس مفيش سوائل مكان الإصابة وده لوحده كويس جدا والأهم إن المريض مستقر نفسيا بشكل فوق الممتاز .

شعرا بالراحة لتتساءل بخفوت : طيب هنعمل ايه دلوقتي يا دكتور ؟

الطبيب : طبعا لازم يفضل فى المستشفى فترة طويلة مش هنحددها دلوقتي لكن هو لازم يتعايش مع إصابته . المفروض نجرى جراحة نثبت الفقرات المتضررة لكن هنأجل الخطوة دى شوية لأنها مش هتساعده كتير غير فى تخفيف الدعامات .

ظل صامتا يستمع حوارها مع الطبيب الذى بدأ يتوسم خيرا فى نجاة أخيه من الموت ، كان لديه الكثير والكثير من الأسئلة لكنه يخشى طرحها بل هو يخشى إجاباتها .

غادرا غرفة الطبيب لتقول بهدوء : ضاحى قالى إنه طلب من أبو خديجة يجيب الولاد علشان يشوفهم وخايف انك تمنعه .

نظر لها بحيرة : ماخابرش اتصرف كيف فى الحكاية دى ؟ حجه يشوف عياله لكن خايف عليهم يشوفوه إكده .

تنهدت بحزن: فى كل الأحوال لازم هيشوفوه كده ولازم يفهموا الوضع . 

صمتت لحظة لتتابع : لما يجو هتكلم معاهم قبل ما يشوفوه .

_____

فى الصباح جهزت هناء الصغار لرؤية أبيهم حسب طلبه الذى لن يتوانى راجى عن تنفيذه .

وصل ريان للمنزل حاملا زوجته التى لم تتخطى صدمتها بعد .

وضعها بغرفتها بهدوء ودون جلبة قد تؤدى لتجمع حولها هو لا يريده حاليا فحتى هذه اللحظة لم يعلم اى من النساء ما حدث سوى غالية وسما التى اسرعت واحضرت الحساء الذى سيساعدها على التعافى بدنيا 

دثرها بعناية وتساءل بود : مرتاحة حبيبتى ؟

حاولت أن تبتسم : مرتاحة يا ريان ربنا يبارك لى فى عمرك ويجازيك عنى خير .

ترقرقت عينيها واختتق صوتها ليجلس بطرف الفراش مقبلا جبينها : ليه بس الدموع دى ؟ بنتنا سبقتنا على الجنة .

أختنق صوته هو أيضا وهو يقول : أنا بدعى لها تكون في كفالة سيدنا ابراهيم وربنا يجعلها زخر لينا .

ابتلع ريقه بصعوبة ليتابع : قولى حبيبتي إنا لله و إنا إليه راجعون .

رددت بضعف ليجذبها جزعها نحوه بألم ينخر بين ضلوعهما معا وهو يقول بخشوع لا يقطعه سوى الدموع : أسأل الله العظيم أن تحط رحالها فى الجنة وأن تسبقنا إلى نعيمها المقيم ، وأسأله تعالى أن تكون لنا يوم القيامة شافعة وعن النار حاجبة وأسأله تعالى أن تلقانا على أبواب الجنة الثمانية تأخذ بأيدينا إلى الجنة برحمتك يا أرحم الراحمين .

اعتصرت بدنه بين ذراعيها لتقول بألم : اللهم امين ، وأسأل الله ذلك .

طرقات خفيفة على باب الغرفة ليعيدها للفراش ويكفف دموعه مسرعا قائلا بإختناق واضح : اتفضل .

مد كفيه يمسح وجهها وبسمته المنكسرة ترتسم ببطء لتبادله مثلها ، دخلت سما تحمل صينية الطعام وتبتسم بود : الف سلامة يا قمر العيلة .

نظرت لها ليال لتتابع : عاوزاكى تاكلى كويس علشان عمتو هتجيب ماما زبيدة بعد شوية ولازم تشوفك كويسة .

وضعت الصينية فوق الفراش لتجلس وتربت على كفها بحنان : الصابرين على خير يا ام تاج .. ده ربنا قال " إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب"

اومأت بضعف لتنظر سما ل ريان : جرى ايه يا بن عمتى ؟ يلا مد ايدك وكل مع ام تاج علشان تفتح نفسها .

ابتسم ريان لحنان سما ورقتها ليقول : حاضر . تسلم ايدك يا ام ليال .

عادت تربت على كفها وتقول بمرح : أنا هروح اغلى حلة قرفة بقا علشان الجيش اللى هيجى يقعد معاكى بعد شوية 

ابتسم كل منهما لتغادر بهدوء اعتاده منها الجميع ، نظر لها بحنان ليقرب الطعام مبتسما : أنا واقع من الجوع علفكرة . وهاكل نص الفرخة دى .

ابتسمت وهى تعلم أنه لن يفعل فها هو يشرع في إطعامها .

_____

دخلت غالية حيث تجلس النساء يجتمعن بوجهها البشوش ، نظرت لها رنوة بلهفة لتبتسم وتجلس بجوارها : ربنا يكمل لك على خير يا حبيبتي .

امنت رنوة ثم تساءلت : ليال عاملة ايه دلوقتي يا طنط ؟

ابتسمت غالية : الحمدلله بخير شوية كدة وندخل لها كلنا بس سما لسه مدخل الاكل .

نظرت أرضا : يا طنط لو مش عاوزانى ادخل مش هزعل والله انا حاسة بيها وإن نفسيتها تعبانة .

اتسعت ابتسامة غالية : اصلك ما تعرفيش ليال كويس تراهنى أنها اول ما هتشوفك هتدعى لك !!

نظرت لها رنوة بتعجب لتقاطع زبيدة تهامسهما : انتو بتجولوا ايه يا ام الغالى ؟

نظرت لها غالية : بنقول هنروح نقعد مع ليال شوية فى اوضتها 

تساءلت بلهفة : هى چت . ما كانلوش عازة بياتها فى المشتشفى هى وچوزها .

ها قد جاءت الفرصة ل غالية لتخبر زبيدة حقيقة الأمر بهدوء فليس منهم من يعترض على قضاء الله لكنها صدمة مواجهة القضاء هى ما يؤلمهم .

غابت البسمة عن وجهها وهى تقول : اسمعينى يا زبيدة وبلاش انفعال ولا زعل مش هيجيب غير التعب . كلنا لازم نراعى حالة ليال ونصبرها مش نضعفها اكتر ما هى ضعيفة .

زاغت أعين النساء فمجرد هذه التقديمة تؤلم قلوبهن مع استشفاف لما سيقال نظرا لحالة ليال السابقة .

_____

دخلت ليليان إلى المنزل بوجه متجهم فقد هاتفت أخيها الذى أخبرها بما نزل بهم ، وجدت روان جالسة تداعب إياد الذى يضحك وعينيه متعلقة ب روان . تعجبت روان حالها : مالك يا لى لى ؟ 

جلست ليليان : هو مهران ماكلمكيش ؟

روان وقد زادت مخاوفها : أنا رنيت عليه ماردش خوفت يكون مشغول مارنتش تانى .

أخبرتها ليليان ما حدث ل ليال لتتألم وتفكر بطريقة اختلفت عن الجميع : هنقول ل تاج ازاى ؟ ده يا حبيبي لسه قايل لى امبارح أنا عاوز ماما تجيب نونة بنت علشان تعملى لها قطاقيط زى بتوع نسمة وبسمة .

تنهدت ليليان بحزن : هى كانت بنت فعلا . ربنا يصبرهم .

نظرت لصغيرها الذى يبدل نظراته بينهما متعجبا تعابير وجهيهما لتبتسم بحنان : قلب ماما عمل ايه وانا مش هنا ؟؟

ابتسمت روان وهى تنظر له أيضا لتتسع ابتسامته ويصفق بيده ورغم أن كفيه لم يتلامسا فعليا إلا أن روان صفقت أيضا : بنعمل كده هههه

ليفعل الصغير مثلها تماما لتقفز ليليان من مكانها تنهال عليه تقبيلا .

لحظات ودق الجرس لتدخل الفتاتين بصمت مريب فتتساءل ليليان : مالكم !؟؟

تبادلا النظرات وقالتا معا : مفيش يا ماما

تساءلت بسمة فورا : عمتو خالد جه ؟

روان : لا زمانه جاى . تاج جوة بيعمل الهوم ورك 

أمسكت نسمة كف اختها وتقدمت للأمام : هندخل بقا على ما خالد يجى نعمل الهوم ورك مع تاج .

نظرت روان ل ليليان : شكل بسمة مش عاجبنى ابدا يا لى لى.

زفرت ليليان بضيق : البنت دى مش زى اختها خالص ، معرفش شخصيتها ضعيفة وسلبية كده ليه !!

روان : يمكن حاجة مأثرة عليها . نتكلم معاها ونشوف .

ليليان : لا ابدا ، أنا بحس إنها بتغير من اختها علشان اشطر منها في كل حاجة .

استنكرت روان فورا : مفيش حد شاطر في كل حاجة يا لى لى واكيد بسمة فى حاجة بتميزها حتى لو لسه مااكتشفتهاش .

تنهدت ليليان بصمت وعادت لملاعبة إياد متجاهلة حديث روان بشكل كامل وبشكل اسفت له روان جدا.

____

دخلت ريتاچ يتبعها أبنائها لغرفة ضاحى بعد أن تحدثت مع ثلاثتهم أن الله اختص أبيهم بإختبار صعب وعليهم جميعا مساعدته على إجتيازه ، أجابت كل اسئلتهم البريئة بصبر جميل .

مريم : يعنى بابا مش هيحضنى تانى ؟

ريتاچ : لو مقدرش يحضنك بدرعاته قلبه بيحضنك يا حبيبتى بلاش تحسسيه إن دى مشكلة هو قلبه احسن ولا اديه ؟

ظهر الاقتناع على وجه مريم بينما تساءل مصطفى : يعنى بابا اتشل زى ما دياب ابن عمى حجاج قال ؟

تجهم وجه ريتاچ وقالت بحدة : ده ولد قليل الأدب ، إذا قالك كده تانى قوله إن الله إذا أحب عبدا ابتلاه . 

ابتسم مصطفى : يعنى ربنا بيحب بابا ؟

ربتت فوق رأسه بحنان : ربنا بيحبنا كلنا .

ابتسمت مريم : خلاص يا ماما أنا هحضن بابا بإديا وهو يحضنى بقلبه.

نظر لها مهدى وتساءل بعفوية : بابا مش هيركب معايا حصان ؟

ضمته بحب فهو الأكثر تأثرا بهذا الحادث : عادى عمو هيبة يركب معاك زى ما بابا كان بيركب مع لبيب . 

أفاقت من شرودها بحديثها وأبنائها على صرخة مهدى : وحشتنى يا بابا أنا كنت خايف علشان انت وقعت بس انا لما كنت بقع كانت تيتة تقولى الشاطر بس بيقع ويقوم . وانا عارف انك شاطر وهتقوم علشان أنا شبهك .

ابتسم ضاحى ، لم يكن يعلم أن رؤيتهم ستكون مؤلمة بهذا الشكل بينما كان ولديه الأكبر اقدر على تحمل هذه الهيئة فأسرعت مريم نحو الفراش لتنحنى وتقبل وجنتيه : وحشتنى اوى يا بابا أنا هاجى كل يوم اقعد معاك لحد ما ترجع معايا البيت .

ازاحها مصطفى بعند طفولى : وسعى إكده !!

وابتسم لأبيه قائلا : ماتزعلش يا بوى . إن الله إذا أحب عبدا ابتلاه .

نظرا له بدهشة هى لم تصدق قناعته الفورية وهو لا يصدق أن من يحدثه هذا صغيره .

كانت اسرع منها تقبلا لهذا التقدم ومنحته فرصة للتجاوب : إيه اللى عملته ده يا مصطفى ؟ هو ده تعليم بابا ليك ؟؟ فى راجل يزق أخته كده !!

نكس الصغير رأسه خجلا لينهره ضاحى : ارفع راسك يا ولد . الراچل مايطاطيش ابدا . وأما يغلط يبجى جادر يعتذر . الاعتذار مش ضعف يخچلك من حالك . الاعتذار جوة مايفهمهاش غير الرچالة .

رفع الصغير رأسه وأسرع يقبل أخته معتذرا : حجك على يا مريم . كنت بعاكسك والله ماجصديش ازعلك .

نظرت له الفتاة وتخصرت كحال امها دائما حين تشاكس ابيها لتتسع عينى ضاحى وهو يرى النسخة المصغرة عن زوجته تقول : هو انت مع ماما تتكلم مصراوى ومع بابا تتكلم صعيدى ليه ؟ أنا عاوزاك تتكلم زى بابا وانا اتكلم زى ماما .

مد مصطفى كفه بقوة لا تليق بعمره : اتفجنا 

صافحته مريم ليضع مهدى كفه فوق كفيهما ويقول : وانا اتفقت معاكم 

نظرا له ليتساءل والده : وانت اتفجت على ايه بجا ؟ 

نظر له الصغير ببراءة : اللى يخلف وعده اقول للتانى عليه .

ضحكت ريتاج بقوة ضحكة غابت عنها طويلا واشتاقها قلبه لينظر لها مبتسما بحب لتقول : طب يلا يا غلباوى انت وهو أنا مدخلاكم هنا سرقة لو شافنا الدكتور هيطردنى قبليكم .

خرج الصغار بعد موجة من الاعتراض لفراق أبيهم ، تغيرت مشاعره وزال الألم عن صدره ليحل محله سكينة . دق قلبه بقوة وعزيمة ، إن كان هناك حرب عليه أن يخوضها مع الحياة فسيفعل ليكن قويا دائما كما يحب صغاره أن يروه ، ليكن مقوما دائما كما يحب صغاره أن يكون ، ليكون حنونا دائما كما يحب صغاره أن يجدوه . سيكون دائما ما يحتاجون إليه وإن كان مقعدا فوق كرسى متحرك يكفى أنه معهم حين يحتاجون إليه .

_____

دخل خالد للغرفة ليجد السكون يخيم على ثلاثتهم فيتساءل بمسئولية يشعر بها تجاههم : فى ايه حد زعلكم ؟

نظروا له جميعا وتساءل تاج : خالد يعنى ايه عورة ؟؟

هز كتفيه : عورة يعنى حاجة ماينفعش حد يشوفها . ماما قالت لي كده

نكست بسمة رأسها لترفعه نسمة : أنا مش مصدقة الكلام ده 

جلس خالد أمامهم بعد أن وضع حقيبته أرضا : مش مصدقة ايه ؟ مالك يا بسمة ؟ 

أجابته بدمعة اسرع يكففها وهو يقول بحزم : قلت لك الف مرة ماتعيطيش وانا موجود أنا اخوكى الكبير اللى هيجيب لك حقك من اى حد.

نظرت الصغيرة لهم لتقول نسمة مشجعة : قولى يا بسمة ماتخافيش محدش فينا هيقول لحد . وريهم يلا .

تنفست الصغيرة بعمق وأغمضت عينيها لتنشد بصوت شجى 

يااارب إن عظمت ذنوبي كثرة 

فلقد علمت بأن عفوك أعظم

إن كان لا يرچوك إلا محسن 

فبمن يلوووذ !! فبمن يلوووذ ويستچير المچرم ؟؟

أدعوك ربى كما أمرت تضرعا .

فإن لم تستچب لى !! فمن ذا يرحم !!

مالى إليك وسيلة إلا الرچااا 

و چميل عفوك ثم أنى مسلم .

فتحت عينيها لترى السعادة في عيون ثلاثتهم وخالد يقول : الله يا بسمة !!! صوتك حلو اوي . اراهنك اى حد يسمعك بتنشدى كده هيعيط .

نكست رأسها بحزن : بس انا سألت مس التربية الإسلامية قالت لى صوت المرأة عورة .

تاج معترضا : يعنى ايه بقا ؟؟

نظر له خالد وقال : فين التاب بتاعك ؟

اسرع تاج محضرا جهازه ومقدمه له ليبحث على شبكة الإنترنت ويبتسم وهو يقول : المقولة ليست ب آية قرآنية ولا حديث شريف ليعتد بها ..ربما تكون مقولة لبعض الفقهاء المتشددين رددها الناس حتى رسخت فى عقول البسطاء .

اخد الفتى يقرأ لهم الفتاوى الخاصة بأمر هذه المقولة حتى ازدادت بسمته ونطقت قسماته بالسعادة وهو يقول :  الضوابط الشرعية للحديث هى ما جاء فى قوله تعالى لمخاطبة نساء النبى " فلا تخصعن بالقول فيطمع الذى فى قلبه مرض وقلن قولا معروفا " 

وإن كان صوتها عورة لكان مطلق قولها منكرا ، وكن النساء يأتين النبى صلى الله عليه وسلم ويخاطبنه بحضور الرجال ولم ينهاهن عن ذلك 

( مجمع فتاوى ورسائل الشيخ محمد صالح العثيمين_ المجلد الثاني عشر _باب ستر العورة )

نظر لهم بحماس شديد وتابع : والإمام بن الباز بيقول نفس الكلام .استنوا اسمعوا كدة .. قال تعالى " قد سمع الله قول التى تجادلك فى زوجها وتشتكى إلى الله والله يسمع تحاوركما "

إن كان صوت المرأة عورة لأشار الله سبحانه وتعالى بذلك في الآيات القرآنية بل أشار إلى جدال المرأة للنبى صلى الله عليه وسلم دون أن ينكر عليها ذلك . 

اغلق الجهاز وهو ينظر لها بسعادة متراقصة بعينيه واعينهم جميعا وهو يقول بثقة : صوت المرأة مش عورة واللى قالت لك كده غلطانة .

ضيق عينيه بخبث : قولى لى بقا كم ناشد المختار ربه .ده انا هخليكى تنشدى ليل نهار .

ضحك الصغار لتقول الفتاة برجاء : بس انا عاوزة اعمل مفاجأة لبابا لما يجى ماتقولوش لحد أنا كنت بحفظ الاناشيد من زمان وعاوزاه يفرح بيا .

قرب تاج رأسه وهو يفتح ذراعيه لتتقارب الرؤس قائلا ببراءة : طب قولى بصوت واطى .

عادت الصغيرة لتتساءل بعدم ثقة : انت متأكد يا خالد !! يعنى الاناشيد الدينية مش حرام ؟؟

ربت على خدها بحنان : متأكد يا بسمة المهم ماتدلعيش فى الكلام بشكل يلفت النظر ليكى .

رفع إصبعه بتحذير : اصلا مش هسمح لك تعملى كده هو انا مش راجل ولا ايه !!

ابتسمت له بسمة بفخر بينما قالت نسمة معترضة : خالد احنا مش بنتدلع ..ده كلامنا كده ..عاجبك ولا مش عاجبك !؟

دفع جبهتها بإصبعيه : عارف ياختى ما انتو شبه عمتو ليليان فى كل حاجة .

زفر تاج بضيق : وبعدين بقا بطلوا كلام علشان نسمع بسمة 

عادت الرؤس تتقارب ليترنم صوت الصغيرة وتتحرك معه القلوب 


تكملة الرواية من هنااااااا


تعليقات

التنقل السريع