رواية التل الفصل الخامس والسادس بقلم رانيا الخولى
رواية التل الفصل الخامس والسادس بقلم رانيا الخولى
…………
توقف الاثنين عندما سمعوا صوت طرقات قوية على باب المنزل فنظرت الين إليها بخوف وهي تتمتم
_ شكلهم الشرطة.
رمشت توليب بفزع وسألتها
_ مش هعرف اهرب منهم.
جذبتها إلين بسرعة لأحدى الغرف وأخفتها بداخلها وهي تقول
_ استخبي في أى مكان جوه وأنا هقولهم إنك مش موجودة
اغلقت الباب بالمفتاح بعد دخولها وذهبت لتفتح الباب وهي تتظاهر بالثبات فتجدهم بعض من رجال الشرطة
فقال الضابط
_ احنا جايين بأمر من النيابة لاحضار توليب على الحسيني.
استطاعت إلين الثبات امامهم وردت بهدوء
_ بس هي خرجت من بدري.
نظر الضابط لأحد العساكر ليدلف للبحث عنها
بحث في كل الغرف وعند وصوله لغرفة توليب وجدها مغلقة هم بفتح مفتاحها لكن إلين منعته بثبات
_ لو سمحت دي اوضة بابا وماما وهما مسافرين مينفعش حد يدخلها .
نظر العسكري إلى الضابط فأومأ له بتركها وتحدث بقوة
_ ياريت لو تعرفي مكانها تخليها تسلم نفسها.
_ أكيد طبعًا
خرجت الشرطة واغلقت إلين الباب لتتنفس براحة ثم فتحت لها باب الغرفة لتخرج توليب وهي تسألها بخوف
_ مشيوا خلاص.
طمئنتها بثقة
_ اه خلاص مشيوا يلا بسرعة ننزل عشان اخرجك من باب المطبخ.
خرجوا مسرعين وترجلوا من السلم الخلفي حتى خرجوا من باب البناية ووضعت إلين مبلغ من المال في يد توليب وهي تقول بقلق
_ خلي الفلوس دي معاكي لان الشقة هناك هتلاقيها فاضية
أبت توليب اخذها
_ لأ معايا بابا اداني وهو بيهربني.
_ خليها بس معاكي احتياطي لأن محدش مننا هيقدر يجيلك الفترة دي.
أخذتها توليب كي لا تجادل معها وقامت بوداعها واوقفت سيارة أجرة وانطلقت بها على العنوان المدون
❈-❈-❈
جلست سلمى في غرفتها تفكر في والدها الذي لم يكلف نفسه عناء مقابلتها واكتفى بتلك النظرة التي رمقها بها وتركها وغادر
لما كان هذا العقاب.
هل لأنها أحبت ابن خالتها ورفضت الإرتباط بإبن صديقه الذي لم تتجاوز علاقتهم حد الأخوة.
هي تعشق مراد منذ صغرها وعاشت على أمل أن تكون له
وعندما طرق بابها تمسكت به بكل ما أوتيت من قوة رغم معاندة والدها له
لكنه لم يتركها وعاقبها بحرمانها منه وقد كان أشد عقاب
ظنت بأنه سيضعف أمامها وسيرضخ لها
لكن عناده كان أقوى من ذلك ولم يظهر ضعفه لها بل واصل تعذيبه بحرمانها منه
تناولت هاتفها من المنضدة وقررت الإتصال عليه ربما ينجح عتابها تلك المرة
بعد محاولات عديدة أجاب على على ابنته التي ما إن سمعت صوته بالهاتف حتى دق قلبها شوقًا له
_ بابا.
أجابها بفتور أراد به مواصلت عاقبها
_ خير بتتصلي ليه؟
حبست سلمى دموعها وهي تجيب بشوق
_ وحشتني أوي يا بابا.
استطاع وفيق الثبات وهو يجيبها ببرود
_ وانا ممنعتش إنك تيجي تزوريني، بيتي مفتوح ليكي في أي وقت ولسة مستنيكي.
أغمضت عينيها بحزن عميق
_ بس شرطك ده انا مقدرش عليه.
_ يبقى خلاص خليكي ورا أختيارك لحد ما تيجي في يوم تعيطي وتعترفي بندمك على عمرك اللي بتضيعه معاه.
تساقطت دموعها بغزارة وقد ازاد ضغطه عليها وتمتمت بألم
_ صدقني حاولت ومقدرتش، مراد جزء من روحي مقدرش اعيش من غيره.
_ وتقدري تعيشي من غيري أنا مش كدة؟!
هزت رأسها بنفي
_ لأ انت أخد جزء كبير من قلبي بس مراد ملك روحي ومن غيره أموت، أرجوك يابابا بلاش تكون بالقسوة دي معايا.
_ انا مقستش عليكي بالعكس انا كل اللي بعمله لصالحك انتي، لو كنتي وافقتيني وقبلتي تتجوزي آسر مكنش حصل اللي حصل ده وكان زمانك دلوقت ورثتي كل حاجة.
_ بس آسر مكنش بيحبني وانت عارف كدة كويس.
_ الحب بييجي بعد الجواز وحتى لو مجاش في ناس كتير أوي عايشة من غير حب ومع ذلك مبسوطين في حياتهم.
_ بس لا انا ولا هو كنا هنبقى مبسوطين مع بعض
على صوته قليلًا
_ عايزة تفهميني إنك مبسوطة معاه وانتي عارفة كويس هو متجوزك ليه؟
صاحت به بقهر
_ عشان بيحبني يابابا وانت عارف كدة كويس، واكبر دليل انه متخلاش عني بعد اللي حصل واتمسك بيا.
صحح لها وفيق بقسوة
_ تقصدي عشان يبان شهم قدام أهله وبس مش اكتر من كدة، ولعلمك أنا راجل زيه وعارف انا بقول أيه جوازكم مش هيستمر كتير فـ ياريت تنسحبي بكرامتك أفضل
وعلى العموم انا بيتي مفتوحلك في اي وقت إلا إذا نفذتي اللي قلت لك عليه.
أنهى حديثه ثم اغلق الهاتف ولم يبالي بمن ظلت تبكي حزنًا وألمًا على حالها
عاد مراد من الخارج ليجدها بتلك الحالة فعلم حينها بأنها هاتفت والدها
تقدم منها ليجلس بجوارها ويحتويها بذراعه ويضع انامله أسفل ذقنها ليرفع وجهها إليه وتحدث بروية
_ مش جولتلك مش عايز اشوف الدموع دي تاني؟
مسحها بابهامه وتابع
_ العيون الچميلة دي اتخلجت بس عشان تضحك وتنور حياتي مش عشان تبكي واصل.
حاولت الابتسام فأفترى ثغرها عن بسمة باهته لم تصل لعينيها فهز رأسه برفض
_ مش دي الضحكة اللي رايد اشوفها
نظرت إلى عينيه التي تحتويها بشغف وتمتمت بوله
_ مراد أنا بحبك أوي، أوعى تفكر في يوم من الايام تبعد عني.
ابعد خصلاتها ليضعها خلف أذنها ورد بشغف
_ بس انا عمري ما فكرت ابعد عنك بالعكس انا حياتي كلها عايز اعيشها معاكي، بس بلاش نظرة الانكسار اللي بشوفها دي، انا عايزك تكوني أجوى من أكدة بكتير
انتي جررتي تجفي جدامه عشان متمسكة بيا يبجى تواصلي تحديكي ده ومتفكريش في أي حاچة ممكن في يوم تفرج بينا.
ابتسمت بامتنان وشعور الراحة بداخلها يكتنفها بعد حديثه فتمتمت بحب
_ مش عارفة لولا وجودك في حياتي كنت هعمل ايه؟
أمسك يدها ليقبلها بحب وتحدث برزانة
_ ولا حاجة انا اللي كنت هعمل بإني أفضل وراكي لحد ما تدخلي حياتي وتنوريها.
أراد ان يمحي حزنها فتمتم بمزاح
_ شكلك بتعملي إكدة عشان تنيميني من غير عشا واني حجيجي جعان جوي، كان عندي ضغط عمليات كتير ومأكتلش حاچة.
اتسعت ابتسامتها واشارت لعينيها
_ من عينيه.
نهضت لتخرج من الغرفة لتحضر له الطعام أما هو فقد انمحت ابتسامته واحتل الجمود مكانها فور ذهابها
يعلم جيدًا بأن أبيها لن يتركها وسيظل خلفها حتى يأخذها منه لكنه لن يسمح بذلك مادام على قيد الحياة
دلف المرحاض ليأخذ حمام دافئ كي يريح به
اعصابه قليلًا بعد تلك الضغوط التي تعرض لها خلال الأسبوع الماضي.
انهت سلمى تحضير الطعام وعادت إليه لتجده أنهى حمامه وجلس على المقعد شاردًا
وضعت الطعام على الطاولة الصغيرة أمامه وتمتمت بابتسامة
_ انا اللي عملت الأكل النهاردة يارب يعجبك.
ابتسم بمجاملة ثم بدأ بتناول طعامه ومازال على نهج شروده فعلمت حينها بأن هناك ما يشغله، نظر إليها يسألها
_ مش هتاكلي معاي؟
_ لأ سبقتك واتعشيت مع طنط
ترك الملعقة من يده وتطلع إليها ليرى كم الحزن الذي تحاول اخفائه داخل عينيها فتمتم بسكون
_ سلمى انا خابر جد ايه متعذبه بعقابه ليكي، بس هو بيضغط عليكي بالطريجة دي عشان ترچعيله، جلتلك اتحملي وهو اللي هيرچعلك لأنه هو كمان ملوش غيرك، جوي شخصيتك شوي جدامة بلاش الضعف اللي شايفه في عينيكي ده.
هزت راسها بنفي وقالت
_ بس ده مش ضعف انا بس عايزة اعرف ليه بيعمل كدة.
تنهد بتعب شديد وتمتم بلهجة حازمة
_ لأن دي حجيجته اللي انتي رافضة تصدجيها.
قطبت جبينها بعدم استيعاب وغمغمت برفض
_ بس بابا مستحيل يعمل كدة اكيد في سبب تاني.
عاد مراد يتناول طعامه كي ينهي ذلك الحديث، فقد مل من التطرق به دون فائدة.
وعندما لاحظت استياءه غمغمت بحزن
_ مش قادرة اصدق إن بابا ممكن يعمل حاجة زي دي
ترك مراد الملعقة من يده وقال بلهجة حازمة
_ خلاص يا سلمى مش عايز حديت كتير اني عرفتك حجيجته تصدجي ولا لاه انتي حره
………..
انسلت سلمى من جواره بعد أن تأكدت من نومه وخرجت من الغرفة لتذهب إلى خالتها كي ترتمي في احضانها وتخفف عن كاهلها ذلك الحمل الثقيل
دلفت غرفتها فتجدها مستلقية على الفراش وتتلو القرآن الكريم بصوتها العذب
وعندما رأتها أغلقت الكتاب وتمتمت بهدوء
_ تعالي ياسلمى.
تقدمت سلمى منها بعد أن اغلقت الباب وجلست بجوارها وهي تغمغم بحزن
_ تعبت اوى ومبقتش قادرة اتحمل.
لاحت ابتسامة خافتة على وجه أمال وقالت بصبو
_ انتي اللي عاملة في نفسك إكدة، جلتلك كتير عيشي حياتك مع چوزك ومتفكريش في اي كلمة ابوكي يجولها بس انتي اللي مصرة تعذبي حالك.
تاهت نظراتها وشعرت برعشة تنتابها عندما تذكرت ما مرت به وتمتمت برهبة
_ صعب أنسى وكل حاجة قدامي بتفكرني وبابا عارف النقطة دي كويس أوي فبيدخلي منها يشككني في كل شيء
قطبت جبينها بخوف وتابعت
_خايفة مراد في يوم من الأيام …
قاطعتها آمال باستنكار
_ مراد ابني عارف ربنا زين وعارف انه ميرضاش بالظلم وهو عمره ما هيظلمك.
تنهدت آمال بتعب واردفت
_يابنتي شيلي الاوهام دي من دماغك، انتي إكدة هتخسري چوزك
وبعدين محدش أجبره هو اللي أختارك بنفسه واتمسك بيكي
ربتت على ساقها وقالت بروية
_وحدي الله يابنتي وجومي أرچعي لچوزك وبلاش تفتحي الموضوع ده معاه لأنك كدة بتفتحي عينيه على حاجات يمكن هي مش في دماغه.
تنهدت سلمى وقالت بتمني
_ ياريت.
ربتت على يدها وقالت برقة
_ روحي لجوزك وخديه في حضنك وبلاش تشغلي نفسك بالكلام الفارغ ده.
أومأت لها وقبلت رأسها بحب ثم خرجت من الغرفة لتعود لزوجها لكن تلك الهواجس لم ترحمها وتترك مخيلتها لحظة واحدة
❈-❈-❈
دلف عامر غرفة والده كي يتحدث معه بشأن ياسمين
_ صباح الخير يابا
رد حسان وهو مازال مسلقيًا على الفراش
_ صباح النور ياولدي
تقدم عامر وسأله بهدوء
_ هتعمل ايه مع ياسمين؟ اني كلمتها من شوية ولساتها مصرة على الطلاج
رد حسان بجمود
_ كلمة الطلاج دي ملهاش مكان في بيت الخليلي.
سخر عامر من حديثه وتحدث متهكمًا
_ وليه المكان ده اتخلج ليا انا؟
_ لإنه كان محكوم عليه بالفشل من البداية وانت اللي اصريت عليه
والآخر هملتك وهملت ولادها وراحت
فكان طبيعي إني أجبرك تطلجها لما لجيتك مُصر تروح وراها بعد ما خلتك كيف الخاتم في صباعها.
لم يتغير والده رغم مرور كل تلك الاعوام، ورغم انه كان شاهدًا على عذابه وما عاناه في بعدها ورغم ذلك لم يلين قلبه فقال بعتاب لم يهز ذلك الصخر
_ كل ده عشان حبيتها؟ عشان اعترضت على أوامرك مرة واحدة في حياتي كلها واتچوزت اللي جلبي رايدها! كل اللي يهمك مصلحة العيلة وولادك لا؟
عقد حاجبيه بحيرة وتابع عتابه
_ جولي ايه المصلحة عنديك في إنك تشوفنا متعذبين إكدة؟
مين فينا عايش مبسوط بأختيارك؟
أنا اللي أجبرتني أتچوز مرات أخوي اللي مات برضك من جهره؟
ولا جواد اللي دمرته بجوازه من شمس والآخر نبذتوه وكأنه هو اللي جتلها
ولا ياسمين وخالد اللي كل واحد منهم في وادي ومصر تكمل تدمير في حياتهم.
ضم شفتيه يحاول السيطرة على اعصابه وتابع قائلاً
_ المرة دي الحكم على ولادي هيكون ليا وياسمين هتطلج من خالد يا كدة يا إما أنا كمان ههمل الجصر واعيش معاهم.
رمقه حسان بغضب ولأول مرة يشعر بأن الطوق الذي أحاط به عائلته أصبح يتراخى
وإذا عاند تلك المرة لن يستطيع حزمه مرة أخرى
عليه التفكير جيدًا قبل أن يخطو أي خطوة داخل هذا الأمر
عليه أن يهدء قليلًا كي يعيد حزم الطوق حولهم مرة أخرى
تطلع حسان إليه بجمود يحاول به أخفاء امتعاضه وتحدث بقوة
_ موافج أنه يطلجها بس مش رسمي.
ضيق عامر عينيه بحيرة وسأله
_ معناته ايه حديتك ده؟
_ يعني هيطلجها بينا بس مش عند مأذون، مش عايز الناس يجولوا أني معرفتش أمشي أحفادي كيف ما اني رايد وده آخر كلام عندي.
_ واني ايه اللي يجبرني اوافج على إكدة.
_ وايه اللي يخليك ترفض، ولا في حاچة في دماغك عايز توصلها؟
تقدم منه عامر أكثر ومال عليه قليلًا كي ينظر داخل عينيه وقال بحنق
_ لو فاكر اللي بتعمله ده هيغير حاچة تبجى غلطان، اللي اتزرع جوايا ليك مستحيل حاجة هتغيره لأنه اتمكن من جلبي وغلطتي إني موافجتهاش وهملت البلد معها
لاه وكمان سيبتلك ولادي تتحكم فيهم زي ما انت رايد
اعتدل في وقفته وتابع بحزم
_ ورجة طلاق بنتي توصلها بكرة بالكتير ياإما انت خابر زين اللي ممكن اعمله
خرج عامر من الغرفة صافقًا الباب خلفه بعنف
لكن حسان ظل عقله يعمل يحاول البحث عن مخرج لتلك المعضلة
ولن يهدأ له بال حتى ترجع الامور إلى نصابها
❈-❈-❈
ظلت حياة تنظر إلى يزن الذي أخذ يبتسم لياسمين ويسير خلفها أينما ذهبت بغيرة واضحة.
تلك الابتسامة هي لها وحدها وليس لغيرها
فهو طفلها الذي أخذ منها عنوة ولن تسمح بأخذه مرة أخرى
استغلت انشغال جواد في مكتبه وتقدمت من ياسمين التي كانت تداعب يزن وهي شاردة الذهن
مالت على الطفل لتحمله وهي تقول
_ اني هاخد يزن احميه وأكله.
تطلعت إليها ياسمين وتعجبت من أمر تلك الفتاة
فما إن تراه معها حتى تخرج بآلاف الحجج كي تأخذه منها، فتمتمت بعناد
_ لأ أنا اللي هحميه
حاولت حياة ضبط اعصابها وردت بثبات
_ بس أني أهنه عشان اجوم بكل اللي يلزمه وانتي من وجت ما چيتي وهو معاكي وإكدة مينفعش.
تعجبت أكثر من وقاحتها بالحديث وردت بانفعال
_ انتي ايه حكايتك معايا بالظبط؟ ومالك انتي يفضل معاي ولا لا؟
انتبه جواد لصوت اخته فتنهد بتعب منها فهي لا تترك تلك الفتاة في حالها.
فترك آدم وخرج لها وهو يسألهم
_ في ايه تاني؟
نظرت ياسمين إلى حياة التي اخفضت عينيها بحزن وقالت باندفاع
_ شوف البنت اللي انت چايبها دي ايه حكايتها بالظبط
نظر جواد لحياة وقد شعر بانكسارها فسألها بوجوم
_ ايه اللي حصل؟
رفعت بصرها إليه ببطئ فتتقابل أعينهم في صمت للحظات قاطعته ياسمين
_ متنطجي.
تحدث جواد بتحذير
_ ياسمين اهدي شوي.
التزمت ياسمين الصمت وعاد هو يحدث حياة بروية
_ اتكلمي.
رمشت حياة بعينيها وتمتمت بصوت مبحوح
_ مفيش أني بس بجولها إني دوري اهنه أخد بالي من البيه الصغير بس هي رفضت وجالت أني بجل أدبي عليها.
أومأ جواد وقال بهدوء
_ طيب روحي انتي دلوجت.
تطلعت حياة إليه بصدمة وقد أخذ قلبها يهدر بخوف هل معنى حديثه أنه يستغنى عنها؟
انسحبت بخوف شديد وقد عاد إليها شعور الفقد بعد أن عوضها ذلك الصغير وها هو المشهد يعاد أمامها ويأخذه الزمن منها.
نظر جواد إلى ياسمين وتحدث بهدوء
_ ياسمين البنت دي اتظلمت كتير في حياتها وهي بتحاول تعوض أمومتها مع يزن بلاش تجسي عليها انتي كمان وسيبيه معها.
غمغمت ياسمين بشك
_ بس البنت دي مش مرتحالها حاسة إكدة انها مش سهلة.
طمئنها باقتضاب
_ متخافيش
تركها وعاد إلى المكتب وقد لاحظ شرود آدم وهو يجلس على مقعده
تقدم جواد من المكتب ليطرق عليه وهو يجلس على مقعده لينبهه
_ روحت فين؟
حمحم آدم بإحراج وقال بثبوت
_ معاك.
تابع جواد حديثهم
وتفكير آدم بعيد كل البعد عن حديثه، فمنذ علم بما حدث ورفرف قلبه بأمل الالتقاء
قد يكون اصعب من ذي قبل لكن الأمل بداخله يجعله متشبثًا بعشقه
أما هي فمنذ أن رأته اليوم وقلبها لا يرحمها
تعلم بأنها مازالت متزوجة ولا يجوز التفكير به لكن ماذا تفعل في ذلك العشق الذي تغلغل داخلها وتمكن من كل كيانها
خرجت إلى الحديقة لتجلس بها قليلًا وتركت يزن يلعب بحرية حولها وقد أصبح يعتاد الوضع بوجودها.
لمحته وهو يخرج من باب المنزل مارًا بجوارها فتعاد لحظات العذاب وكل واحدٍ منهم يحاول اخفاض عينيه بصعوبة بالغة حتى مرت تلك المحنة لكنها تركت آثار دامية على قلوبهم.
مازال الأمل عالقًا
ومازالت القلوب تشتاق بلوعة الحب
لكن عليهم احكامه حتى لا تعرف الخيانة طريقها إلى قلوبهم.
رفعت جفنيها تتطلع في اثره عندما انطلق بالسيارة وقلبها يدق بعنف وأخذت عينيها
تذرف دموع القهر على حالها
ولم تنتبه لغياب الطفل حتى سمعت صوت جواد وهو يجلس بجوارها
_ لزمته ايه البكا دلوجت؟ مش ده كان اختيارك ووافجتي عليه؟
مسحت دموعها بظهر يدها وتمتمت بألم
_ عمري ما عملت حاجة باختياري عشان يكون خالد منها
زي ما ضغط عليك واچبرك ضغط عليا وأچبرني وانت خابر إن محدش فينا يجدر يجوله لأ.
يعلم جيدًا بأنها محقة لكنه حينها كان معها لكنها استسلمت لضعفها
_ بس اني جولتلك هجف چانبك واساندك جولتي لأ
ابتسمت بسخرية مغمزة بالمرارة
_ ولما انت رفضت شمس عمل فيك أيه. هددك بالمزرعة لأنه خابر زين إنها نجطة ضعفك، فكان هيضغط عليا انا كمان بنقطة ضعفي، ده قدرنا وكان لازمن نرضى بيه.
تنهد جواد بيأس لعلمه بحقيقة الأمر بأن جدهم لن يترك لهم مجال للرفض.
تذكر كيف وقف أمامه يرفض قراره وكيف انصاع بعدها بكل استسلام لجبروته
تطلعت إليه بحيرة وهي تسأله
_ جواد انت ليه رافض إني اسافر لأمي؟
زم فمه دلالة واضحة على استياءه من ذكر اسمها وغمغم بضيق
_ طلبتي كتير وجلتلك لأ، هي اللي اتخلت مش احنا عشان نچري وراها.
_ بس جدك مكنش رايدها وسطينا ومحدش خابر ممكن يكون هددها أنها تبعد زيي …
قاطعها بانفعال
_ مفيش أي مبرر لأنها تسيب ولادها وترحل من غير حتى ما تودعهم وكأننا حمل تجيب ومصدجت خلصت منه، حتى لو كانت في النار لازمن تتحمل لاجل ولادها
نظرت إليه تستعطفه وهي تبحث عن تبرير لها
_ طيب خلينا نسمعها لول وبعدين نحكم.
هز رأسه بنفي
_ متحاوليش لإني مش هسامح، مفيش أي مبرر للي عملته.
لو تفتكري بعد تلات شهور من چوازي من شمس لما تعبت وقررت إني اطلجها واهمل الجصر واعيش في المزرعة اكتشفت وجتها إنها حامل، خفت ابني يعيش نفس تجربتي
وضغط على نفسي وكملت معها
ولما عرفت نجطة ضعفي بدأت هي اللي تهددني بالانسحاب وعشان أكدة وافجتها إننا نعيش بالقاهرة زي ما كانت رايدة
وجتها جالت إن لو هملنا الجصر كل مشاكلنا هتتحل
غشت المرارة عينيه لكنه لم يبدها وهو يتذكر ما حدث ذلك اليوم وتابع
_ بس كالعادة انا اللي خسرت وجتها
لو هي خسرت روحها انا كمان خسرتها زيها وبزيادة كمان
عاد قناع القوة والجمود يحتل وجهه ونظر إلى أخته ليتحدث بقوة
_ خليكي جوية والغي المشاعر دي من حياتك عشان تجدري تكملي.
أومأت له مجبرة فلاحظت غياب يزن فسألته
_ فين يزن؟
قطب جبينه بحيرة وأجاب
_ تلجاه مع حد چوه
نادى على نعمة التي أسرعت إليه
_ نعم يابيه
_ فين يزن؟
تطلعت إلى ياسمين وقالت بنفي
_ مخبراش، كان مع ست ياسمين من شوية.
انتاب الجميع القلق فتذكرت ياسمين أمر حياة فقالت بقلق
_ تلجاه مع اللي اسمها حياة دي، هي فين؟
_ هدخل اشوفها چوه
دلفت نعمة ونظرت ياسمين بقلق إلى جواد وقالت
_ جواد انت مرتاح للبنت دي؟
لا يعرف لما ساوره القلق أيضًا ودلف للداخل كي يبحث بدوره
❈-❈-❈
في القصر
يجلس حسان على مكتبه يطرق بأنامله عليه وهو يشعر بالامتعاض لما يحدث
لأول مرة تخرج الأمور عن سيطرته، كل شيء يسير كما يشاء وكيفما يشاء لكن تلك المرة اجبر بالعدول عن أمره كي يأخذه لصالحه فيما بعد
طرق الباب ودلف أحد رجاله
_ المأذون وصل زي ما أمرت وعامر به معاه.
عاد حسان يطرق بأصابعه على المكتب يفكر قليلًا ثم تحدث بأمر
_ ابعت آدم على المزرعة يچيب ياسمين لأن المأذون هيحتاچها.
أومأ الرجل
_ تحت أمرك.
ذهب الرجل وأخذ حسان يفكر هل ستنجح خطته تلك المرة أم ستفشل بوجود جواد.
هو يعلم بحب خالد لياسمين وربما عندما يتواجها يضعف أمامها ويطلب منها الصفح
وربما تضعف هي أيضًا وتغفر له.
_______________
انقبض قلبه وهو يدلف للداخل كي يبحث بدوره لكنه وجدها تنزل الدرج مع ابنه ونعمة.
غضب من فعلتها وأراد محاسبتها على أخذه دون عملهم لكن نظرات الخوف التي ظهرت في عينيها جعلته يهدئ قليلًا وخاصة عندما تمتمت بوجل
_ انا لجيتكم مشغولين بالحديت جلت اخذه احميه.
اندهش من كم الهلع الذي ظهر في عينيها مما جعله يتعاطف معها وقال بثبات
_ بس كان الأفضل تستئذني لول.
رمشت بعينيها وقالت بأسف
_ مش هكررها تاني.
مد يده يأخذه منها فدون أن يقصد تلامست أيديهم فسحبت يدها مسرعة وهي تقول برهبة
_ أني فوج لو احتاجت مني حاچة.
دلفت ياسمين لتشاهد الموقف وتشاهد نظرات جواد التي تتابعها حتى اختفت من أمامه
واندهشت من ذلك
هل من الممكن أن يكمن أخيها تلك الفتاة حبًا؟
أنكرت ذلك وبررت بأنه فقط يتعاطف معها.
انتبه جواد لوجودها فغمغم بثبوت
_ اني خارج رايح على القصر واحتمال چدك يخلص موضوعك مع خالد، لساتك مصرة ولا غيرتي رأيك؟
اخفضت عينيها بأسف على حالها وقالت
_ لأ مش هغير رأيي مينفعش نكمل مع بعض بعد اللي حصل.
أومأ لها ثم ترك معها يزن الذي بدأ يعتاده وخرج من المنزل
❈-❈-❈
في القصر
جلس الجميع ينتظر مجيئها عندما طلب حسان حضورها
وموقف مشابه يتلاعب بقلب عامر الذي مازال يتذكره بكل تفاصيله
رحيلها الغامض بعد تلك الليلة التي قضتها معه وظلوا مستيقظين حتى الصبح لا تسمح له بالنوم وكأنها تريد أن تملي عينيها منه قبل ذهابها
وعندما غلبه النعاس استيقظ ولم يجدها، بحث وبحث حتى آته اتصالها لطلب الطلاق منه
وإصرارها عليه، لما؟
ماذا فعل حتى يستحق ذلك؟
رفض وهي أصرت حتى وصلت للتهديد وحينها منعته رجولته من التمسك بها ووافق على أمر الطلاق
نفس المكان وتلك الجلسة المشابهه وهم بانتظارها
عودتها وعينيها تبعدها عن مرمى عينيه كأنها تتهرب منه.
كانت عيناه ترجوها أن تتراجع لكنها اصرت على ذلك وحينها لم يستطيع فرض نفسه عليها أكثر من ذلك وخرجت الكلمة التي قطعت حبل الوصال بينهم
رحلت وأخذت معها قلبه الذي لازال ينبض بعشقها حتى الآن، لكن لم ييأس حينها..
___________
لم يكن الأمر هين عليه عندما طلبوا منه إحضارها
ود أن يعتذر لكن لم يكن هذا ما يريده قلبه ولأول مرة يتبع رجاء قلبه وذهب ليحضرها
عاد بذكرياته لأول يوم عمل له في القصر بعد تخرجه من الجامعة عندما طلب منه عامر إحضارها من محطة القطار.
لم يستطيع حينها سؤاله عن شكلها وكيف يعثر عليها
وقف أمام محطة القطار ينظر للمارين
أين هي من كل هؤلاء؟
وكيف تبدو؟
سمع أنها لأم لبنانية وتشبه والدتها كثيرًا
سخر من نفسه
فبماذا تختلف فكلهم بنات حواء
تنهد بتعب ووقف مستندًا على السيارة ينظر للمارة
كلما وقع نظره على فتاة يظنها هي حتى تمر من أمامه ويراها تشير لسيارة أجرة
إذًا ليست هي.
وأخرى وأخرى
تنهد بتعب حتى ظهرت هي أمامه تتعثر في سيرها بتلك الحقيبة الكبيرة
مؤكد هي
وتمامًا كما أخبره صديقه عندما علم بعمله في القصر
فلتملي عينيك بجمال ابنة اللبنانية.
بالحق نطق
فتلك الفاتنة قد جذبت كل العيون لها
وقف ينظر إليها بتسلية وهو يشاهدها تنظر في ساعتها ويبدو أن هاتفها قد نفذ شحنه
فأعادته إلى الحقيبة وقد شعرت بالملل والتعب أيضًا
يكفي سيذهب إليها
تقدم منها ليحمل حقيبتها دون التفوه بكلمة مما جعلها تندهش وتسأله
_ انت مين وبتعمل ايه؟
أجاب ببساطة
_ عامر بيه طلب مني اوصلك للجصر.
_ آه هو انت السواق الجديد؟
_ ايوة.
حمل الحقيبة ووضعها في السيارة وصعدت إليها وهي تندهش فمن يراه لا يصدق أبدًا بأنه سائق.
أخذ آدم مقعده في السيارة وباشر في قيادتها وبين الحين والآخر ينظر إليها في المرآة
فليملي عينيه قليلًا كي تهون عليه ذلك الطريق الطويل.
احتك إطار السيارة بالطريق عندما ضغط على المكابح متفاديًا تلك السيارة التي قطعت الطريق أمامهم مما جعلها تصرخ بألم عندما صدم ذراعها بحافة الباب
انقبض قلبه خوفًا عليها والتفت إليها يسألها بقلق
_ انتي زينة
أمسكت ياسمين ذراعها بألم شديد ولم تستطيع الرد
ترجل مسرعًا وفتح باب السيارة ينظر إلى ذراعها الذي أمسكته بألم وعاد يسألها
_ دراعك فيه حاچة
ادمعت عينيها من شدة الألم وقالت
_ دراعي بيوجعني أوي
ازداد شعوره بالقلق وسألها
_ نروح المستشفى؟
أومأت بألم
_ اه بسرعة.
عاد الى مكانه وانطلق بالسيارة إلى المشفى القريب منهم ثم اتصل على عامر يخبره بما حدث.
وقف ينتظر أمام المشفى وهو يشعر بالاستياء من نفسه
لقد كان السبب فيما حدث لها
ظل يأنب نفسه حتى وجدها تخرج من المشفى وقد وضع ذراعها داخل حامل
فأخفض عينيه بإحراج عندما نظر إليه عامر بتوعد دون النطق بشيء أمامها فعلم انه هالك لا محالة
عودة للحاضر.
وقف أمام المنزل ينتظر خروجها فوجدها تخرج وتترجل الدرج أمامه وهو يحاول بصعوبة غض بصره عنها
لكن قلبه آبى ذلك وأخذت وتيرته تزداد بعنف
كذلك الأمر معها لكنها مازلت على عهدها ولم تبالي بتلك الضربات القوية التي اعلن عنها قلبها العاصي
صعدت السيارة ولم تهتم له
وصعد هو بدوره منطلقا بها إلى القصر
الصمت سيد الموقف والعيون تحارب كي لا تلتقي
وحده القلب الذي لا سلطان عليه هو المتحرر الوحيد
ما تلك اللعنة التي سقطت عليه وما هو الخلاص منها
كان عليه أن يصر على موقفه ويترك العمل حينما فرقهم القدر لكن جواد رفض ذلك بإصرار وأجبره على البقاء
ظل على حاله حتى وصل إلى القصر
ترجلت ياسمين من السيارة وهي مازالت تحارب عينيها التي تتوق للنظر إليه واسرعت بالدخول للقصر فتجد الجميع منتظرها
شعرت بالرهبة من الموقف لكنها تحلت بالقوة وتقدمت منهم وجلست بجوار جواد بعدما ألقت عليهم السلام
اشاحت بوجهها بعيدًا عن عين خالد التي ترمقها بعتاب وكأنها هي من اخطأت بحقه
إذا ظن بأن طريقته تلك ستجعلها تتراجع فهو واهم
بدأ المأذون بعمله وطلب من خالد إلقاء كلمة الطلاق عليها
لكنه خالد التزم الصمت قليلًا ثم تحدث بوجوم
❈-❈-❈
حملت نور حقيبتها وخرجت من الغرفة وعينيها تجوب المكان بوداع وكأنه وداع أخير
اليوم سترحل ولا تعرف ماذا يخبئ لها القدر
لكن ليس بيدها شيء سوى الذهاب لوالدته ربما تجد الراحة والسلوان هناك.
خرجت من الشقة ونزلت الدرج ولم ترحمها تلك العيون السائلة وهي تراقبها حتى خرجت من البناية
أوقفت سيارة أجرة وأملته العنوان
عليها أن تذهب للشقة لتأخذ قسيمة الزواج وتريها لوالدته كي تكون عونًا لها من اي إتهام
طلبت من السائق الانتظار وصعدت إليها بالمفتاح الذي تركه معها فتدلف للداخل وتعود إليها الذكريات
كيف دلفت ذلك اليوم معه وقد قام باحضار المأذون لعقد قرانهم
كيف رفضت وأصرت على الرفض وكيف أقنعها ووعدها بأشهاره في الوقت المناسب
لم يكذب عليها بل كان واضحًا معها منذ أن اعترف بحبه لها
واعترفت هي أيضًا بمكنونها
لم تختبر الحب يومًا لذلك عندما طرق بابها فتحت له بكل ثقة ورحبت بتلك المشاعر التي شعرت بها معه
كيف عوضها عن الحنان الذي افتقدته من والدها وكيف اغدقها به
وجدت معه كل شيء حرمت منه ولذلك استسلمت له طواعية
وها هي الآن تدفع الثمن غاليًا
تقدمت من غرفة النوم فوجدتها كما تركوها منذ أيام
ملابسه الملقاه بأهمال كما حاله دائمًا
صورتهما التي وضعها في إطار جميل وهي بذلك الثوب الأبيض الذي ارتدته له وحده
تساقطت دموعها بغزارة
وهي تأخذها لتضعها داخل حقيبتها
تقدمت من الخزانة الخاصة به ورائحته المميزة تهب داخل صدرها فتحبس أنفاسها كأنها تحبسه معها داخل صدرها
فتحت أحد الأدراج لتخرج منها العقد وقامت بالنظر إلى صورتهما فتزداد دموعها انهمارًا
وظلت تعاتبه على تركه لها
فليعود ولن تطالبه بشيء سوى راحته
فقط يعود.
جذبت حقيبة أخرى ووضعت بها ملابسها والأشياء الخاصة بها وخرجت من الشقة بنظرة وداع أخرى
وكأن الوداع كتب عليها بعد وداعه هو.
خرجت من البناية واستقلت السيارة التي مازالت تنتظرها وقالت للسائق
_ محطة القطر لو سمحت.
❈-❈-❈
توقفت سيارة توليب امام البناية كما أخبرتها إلين لكنها لم تنزل منها فقد نسيا كلاهما أمر المفاتيح ولن تستطيع العودة إليها مرة أخرى لتطلبه منها وقد أخبرها أدهم بعدم فتح هاتفها
ظلت فترة داخل السيارة تفكر حتى مل السائق
_ وبعدين يافندم هتفضلي كدة كتير؟
نظرت إليه توليب بعض الوقت ثم قالت بروية
_ اطلع على محطة القطر.
رواية الـتــل
رانيا الخولي
الفصل السادس
………....
_ لاه
نظر إليه الجميع بدهشة وأولهم حسان الذي تحدث بحدة
_ انت بتجول ايه؟
نهض خالد من مجلسه وتحدث بثبات
_ بجول مش هطلج إلا لما اقعد معها لول.
نظرت إليه ياسمين بوجوم وقررت الموافقة كي تعرف ما ينوي الوصول إليه فنهضت بدورها
_ موافجة.
تطلع إليها بحنين جارف وتمتم بامتنان
_ تعالي نجعد لحالنا
أشار لها لغرفة المكتب ودلفت معه ثم أغلق خالد الباب خلفه فوقفت هي تنظر إليه تنتظر حديثه
لكن ما أدهشها حقًا هو رؤية ذلك الانكسار داخل عينيه وكأنها ترى شخصًا آخر وخاصة عندما تحدث برجاء
_ ياسمين أنا آسف، اديني فرصة خليني اكفر عن ذنبي في حجك وأوعدك مش خليكي تندمي.
شعرت بصدق حديثه لكنه جاء متأخرًا فردت بهدوء
_ للأسف ياخالد مبجاش ينفع انا وانت نفس قصة جواد وشمس اتحكم علينا نعيش مع بعض مجبرين خلينا نخرج على الاجل من غير خسائر وجرح جلوب اكتر من اكدة
الأفضل إننا ننسحب بهدوء لأن جلبي خلاص جفل بالنسبالك
_ بس اني بحبك.
_ بتحبني بس عمرك ما حسستني بده يبجى بلاش منه افضل، خلينا ننسحب بهدوء وبلاش نجرح بعض أكتر من إكدة.
تقدم منها خطوة ارتدتها هي للخلف مما جعله يندهش من مدى رفضها له فغمغم بألم
_ للدرچة دي رافضة جربي؟
اشاحت بوجهها بعيدًا عنه وتمتمت بجمود
_ خالد أنا عمري ما حبيتك وانت خابرة إكدة من البداية ومع ذلك اصريت تتزوچني
يمكن انت خفت تجول لجدي لا، بس لو وجفت چامبي لما جولتلك مش ريداك كنت هحترمك على الأجل بس انت أصريت يبجى تتحمل.
تحدث بصدق
_ بس أنا فعلاً مجدرتش أجول لجدي لا لأنك خابره زين هو ممكن يعمل ايه، كان عندي امل تحبيني بعد الجواز زي ما حصل مع يسر وعدي ….
قاطعته بانفعال
_ متقارنش نفسك بعدي، عدي عمره ما ظلم يسر ولا فكر حتى يخونها
إنما انت الخيانة في دمك من قبل حتى ما نتزوچ، انت خنتني بعد فرحنا بأسبوع واحد وكنت بتعرفها كل اسررنا وجليت مني جدامها.
هز رأسه بنفي وتحدث رافضاً اتهامها
_ محصلش عمري ما فكرت أجل منك
قطبت جبينها بدهشة وهي تسأله بتهكم
_ كل اللي عملته ده ومقلتش مني؟!
ابتسمت بمرارة وتابعت
_ خلينا نخرج بالمعروف ياخالد وبلاش نفتح في الماضي، خلينا نحتفظ باللي باقي بينا وهي صلة الدم وكفاية اللي حصل لحد كدة.
شعر خالد بأنه حقًا خسر تلك المرة
_ يعني خلاص مفيش أمل؟
هزت راسها بنفي
_ خلاص ياخالد مبقاش ينفع.
في الخارج
كان جواد جالسًا على جمر ملتهب وهو منتظر انتهاء الأمر والخروج من القصر
لم تخفى عليه نظرات عدي المُدينة له وهي بقتل أخته كما يزعم الجميع والآن يفرق بين أخيه وزوجته
و يحيى الذي ينظر إليه باشفاق وفي نفس الوقت يدينه
يعلم جيدًا بأن العيون كلها مصوبة تجاهه لكنه لم يبالي
هو موجود فقط لأجل أخته وبعد خلاصها سيتركهم خلفه ويذهب دون الالتفات لهم.
خرجت ياسمين بصحبة خالد وحسان يأمل أن تكون نفوسهم تراضت وانتهى الأمر
لكن خاب أمله عندما وقف خالد أمامها ويلقي كلمته بعد صمت دام للحظات
_ انتي طالق.
لم تتخيل أن تكون وقع الكلمة على أذنها بتلك الحدة
نعم كانت تأمل الخلاص منه يومًا لكن لم تتخيل أن تؤلمها كذلك
أما حسان فقد نظر إلى خالد بغضب تلاشاه وهو يمضي على قسيمة الطلاق وخرج من القصر تاركًا الجميع خلفه غير عابئ بشيء
مضت ياسمين بدورها وانسحبت بهدوء مع أخيها وخرجوا من القصر وهو يشعر بالنصر رغم دموع اخته التي لازمتها حتى عادوا إلى المزرعة.
فهذا انسب كل لها، وهنا ارتاح قلبه الذي لم يهدئ مطلقًا منذ أن تركها في القصر ورحل
الآن فقط استرد باقي عائلته من ذلك القصر وانطوت صفحته..
_______________
في محطة القطار
جلست توليب على مقعدها تنتظر انطلاق القطار إلى وجهه لا تعرفها
وبدأ الخوف يتسرب إليها
ماذا ستفعل إن لم تجدها؟
وماذا إن لم يسمح لها أحد بالبقاء إذا علموا بمصابها
ماذا لو صادفت الشرطة هناك وتم القبض عليها
لا لن تذهب ستعود
نهضت مسرعة عندما دوى صوت القطار معلنًا عن انطلاقه واستدارت لتترجل منه لكنها تعثرت في أحد المارة وسقط كلاهما أرضًا
نظرت إليها توليب معتذرة
_ أنا اسفة مكنتش أقصد
نهضت نور وهي تتمتم بتفاهم
_ حصل خير.
انتبهت توليب لتحرك القطار فنهضت مسرعة لتترجل منه لكن فات الأوان وانطلق القطار مسرعًا إلى وجهته
فأسندت رأسها بكمد على الباب وأخذت تنظر إلى الطريق من نافذته فتتساقط دموعها رغماً عنها وظلت على ذلك الحال لحظات حتى استسلمت وعادت لمقعدها
مرت ساعات طويلة داخل القطار وكل واحدة منهم تتساءل ماذا ينتظرها
وعند كل محطة يفكر كلاهما بالترجل والعودة لكن يمر الأمر عليهم بالاجبار ويظلوا في أماكنهم
ظلوا على ذلك الحال حتى وصل القطار إلى وجهته
ترجل الإثنان وخرجا معًا دون أن تلتفت إحداهما للأخرى
أشارت توليب لسيارة أجرة وتقدمت منه تسأله
_ ممكن توصلني لقصر حسان الخليلي؟
رحب الرجل وسمح لها بالصعود
أما نور فلم تعرف عنوانهم أو اسم عائلتهم
فجلست على الرصيف تفكر ماذا تفعل
فكل ما تعرفه عنهم بأن أحدهم يدعى مراد والآخر مؤيد
ظلت على ذلك الحال لحظات حتى فكرت في الذهاب لكبير البلدة وهو يساعدها
فاقتربت من سيارة أجرة وسألت الرجل
_ ممكن توصلني للعمدة أو أي حد كبير في البلد.
رد الرجل بتهذيب
_ تحت امرك.
صعدت السيارة وانطلق السائق متخذًا طريقه
وظلت هي تفكر ماذا لو لم يستطيع أحد التعرف عليهم
فالاسماء تتشابه والقرية تبدو كبيرة
فقررت نور أن تسأل السائق
_ تعرف حد في البلد اسمه الدكتور مراد وله أخ مهندس معماري اسمه مؤيد
فكر الرجل قليلًا ثم سألها
_ تجصدي مراد العوامري؟
هزت رأسها بحيرة
_ مش عارفة اسم عيلتهم بس كل اللي اعرفه إن عندهم حالة وفاة من أسبوع
أومأ الرجل مؤكداً
_ يبجى هما، أخوهم كان عايش في مصر؟
أكدت مسرعة
_ اه بالظبط
_ يبجى هما، عشر دجايج ونكون عنديهم
تنهدت نور براحة
_ متشكرة اوي.
_ لا شكر على واجب
عادت نور بظهرها للوراء وهي تشعر بالراحة فقد تساهلت الأمور في طريقها لكن لا تعرف ما يخبأ لها فور وصولها.
_____________
ظلت توليب تنظر للطريق من نافذة السيارة تشاهد الحقول والخضرة التي تحتل جزءً كبيرًا من تلك البلدة الصغيرة
تذكرت حينما أتت إليها في زفاف ياسمين
بصحبة ابيها وإلين
كيف كان جالساً بجوارهم يشرح لهم أهمية الزراعة وكل شيء متعلق بها
كانت سعادتها لا توصف بتلك المناظر الخلابة
تلك الأطفال الذين يمرحون في الطرقات بأمان
والنساء الذين يحملن الطعام لأزواجهم في الحقول
وأخرى تساعد زوجها في جمع الثمار.
النخيل الذي يحمل التمر بمختلف انواعه
والأطفال تتدارى حوله وهم يمرحون بحرية.
كل شيء حولها تراه كأنه يعاد مرة أخرى أمامها
ظلت على حالها حتى بدأ القصر بشموخه يظهر أمامها تدريجيًا وبدأ شعور الرهبة يتسلل إليها حتى فكرت في التراجع
لكن إلى أين، فهذا هو المكان الوحيد الآمن لها
توقف السائق أمام القصر وظلت هي للحظات تنظر إليه وشيء بداخلها يطلب منها التراجع لكن فات الأوان
ترجلت من السيارة لتحاسب السائق ثم انطلق عائدًا بسيارته
نظرت للقصر بوجل ثم تقدمت من أحد الرجال ويبدو أنه مكلف بالحراسة فسألته
_ لو سمحت ممكن اقابل ياسمين
نظر لها الرجل بتفحص واجاب بهدوء
_ ست ياسمين هملت الجصر.
اتسعت عينيها بصدمة كبيرة وشعرت بأن الدنيا تلتف بها
فقد بدأ الليل يسدل ستائره
والقطار لن ينطلق إلا في الصباح فماذا ستفعل الآن.
وقفت توليب بصدمة لا تعرف ماذا تفعل
فلا يمكنها العودة الآن
ولا تعرف مكان تقضي فيه ليلتها وقفت حائرة حتى ظهرت تلك السيارة التي تقدمت من البوابة الكبيرة فأسرع الجميع بفتحها كي تعبر السيارة لكنها توقفت أمام توليب
❈-❈-❈
ترجلت نور من السيارة وشكرت السائق ثم تقدمت من المنزل تفكر فيما يقابلها بداخله
طرقت الباب والخوف سيد الموقف
فتفتح لها أحد العاملات وسألتها بوجل
_ لو سمحتي ممكن أقابل الست أم مراد؟
أومأت لها وقالت بترحيب
_ اتفضلي هي موچودة چوة.
دلفت نور وهي تحمل حقيبتها وتجوب عينيها المكان حتى استقرت على والدته والتي تجلس في بهو المنزل بكمد وبجوارها ابناءها
تقدمت منها العاملة وهي تقول
_ في واحدة بتسأل عليكي
نظر الجميع إلى نور التي ظهرت من خلف العاملة بنظراتها المرتبكة فغض مراد بصره عندما وجدها أمامه دون حجاب وبنطال أسود ضيق قليلًا وغمغم بضيق
_ استغفر الله العظيم.
نهضت سلمى لترحب بها
_ أهلًا وسهلًا اتفضلي.
تركت نور الحقيبة من يدها ونظرت إلى آمال وقالت بصوت واهن
_ لو سمحت ممكن اتكلم مع حضرتك لوحدنا؟
تطلعت إليها أمال بوداعة وقالت بترحيب
_ اتفضلي يابنتي مفيش حد غريب دول ولادي.
اخفضت عينيها بحزن عميق وتمتمت
_ معلش بس أنا جيالك في موضوع شخصي.
اندهش الجميع وأول ما قام هو مراد الذي نظر إلى أخيه
_ يلا يا مؤيد عشان نروح المشوار اللي جلتلك عليه.
أيده مؤيد وخرج معه كما فعلت سلمى مع سهر وتركوهم وحدهم
أشارت لها أمال بالجلوس
_ اتفضلي يابنتي تعالي جانبي
جلست نور على الأريكة بجوارها وقالت بغصة
_ البقاء لله الأول
ردت بصبر
_ الحمد لله على كل حال خير يابنتي
تناولت نور حقيبة اليد وأخرجت منها عقد الزواج وقدمته لها بريبة
نظرت أمال للورقة بحيرة فيبدو أنها قسيمة زواج وسألتها
_ ايه دي يابنتي؟
_ افتحيها وانتي تعرفي.
أخذت أمال الورقة وفتحتها بين يديها فتتسع عينيها بصدمة وهي تشاهد صورة ابنها بجوار صورة تلك الفتاة بعقد زواج رسمي لهما.
نظرت إليها أمال بصدمة فتخفض نور عينيها بألم
_ أيوة أنا وآسر متجوزين بس كان مخبي على ولده عشان كان رافض جوازنا ولما عرفت إني حامل قرر يواجه أبوه بس ملحقش….
توقفت نور بهلع عندما تراخي جسد أمال وفقدت الوعي..
_______________
في النيابة
قررت النيابة أخلاء سبيله لعدم ثبوت أي أدلة تدينه بل كل الأدلة تشير إلى توليب
عاد توفيق إلى المنزل ويبدو عليه القلق على صغيرته
لم يعرف ما حدث لها ولم يخبره أحد عنها شيئاً
فتح تميم الباب ودلف خلف والده الذي حمل هموم الدنيا على كاهله
اسرعت إليه سلوى بلهفة
_ توفيق حمد لله على السلامة
جلس على المقعد بارهاق وغمغم بتعب
_ الله يسلمك ياسلوى
جلست بجواره وهي تسأله بتأثر
_ عامل ايه دلوقت؟
عاد بظهره للوراء وتحدث بتعب
_ تلات أيام مروا عليا وانا في الحبس كأنهم تلات سنين ربنا يستر ومحدش يقدر يوصلها
آمنت خلفه وقالت بتعاطف
_ طيب انا هروح اجهزلك الحمام وبعدين احطلكم الغدا
أومأ لها توفيق وذهبت لتحضر ملابسه ثم نظر إلى تميم يسأله
_ أختك فين دلوقت؟
أخفض تميم عينيه ولم يستطيع الرد
مما جعل القلق يتسرب لقلب توفيق فعاد يسأله
_ مترد عليا أختك فين؟
تمتم تميم بوجل
_ مش عارف
عقد حاجبيه مندهشًا ونهض وهو يسأله
_ يعني ايه مش عارف؟ هي مش عند إلين؟
هز رأسه بنفي
_ أنا روحت امبارح اسأل عليها إلين قالتي أنها بعتتها الشقة اللي في ….. ولما افتكرت انها نسيت المفتاح راحت وراها بس ملقتهاش والبواب قالها إن محدش دخل العمارة.
امسكه توفيق من تلابيبه وهدر به
_ وانت كنت فين؟ وإزاي واقف قدامي كدة من غير ما تقلب الدنيا عليها.
اسرعت سلوى تبعده عنه وهي تتساءل
_ ايه ياتوفيق في ايه؟
نالها نصيبًا من غضبه وهو يهدر بها
_ فين بنتك ياهانم؟ ولا انتي شيلاها من حسباتك.
نظرت سلوى إلى تميم وقالت بقلق
_ تميم قالي أنها عند إلين وانا مردتش اروحلها عشان محدش ياخد باله.
تحدث تميم باحراج
_ ماما متعرفش حاجة.
صاح به يعنفه
_ انت تخرس خالص ومسمعش صوتك، كنت فاكر إني سايب راجل في البيت بس يظهر إني كنت غلطان وتطلعت عيل
نظر لسلوى وتابع بتعنيف
_ وانتي ياهانم ياللي مصدقتي وخلصتي منها متصلتيش على إلين ليه واطمنتي على بنتك.
انقبض قلبها بخوف على ابنتها وغمغمت بخوف
_ انا انشغلت بيك وقلت هي مع صاحبتها
نظرت إلى ابنها وقالت بانفعال
_ اختك فين؟
عاد يخفض عينيه ولم يستطيع الرد عليها فهو بحث عنها ولم يجدها
دفعهم توفيق بعيدًا عنه وهو يقول بغضب
_ خليكم انا اللي هدور عليها
لحق به تميم لكنه منعه بحدة
_ خليك مكانك مش عايز اشوفك قدامي.
توجه إلى منزل إلين التي فرحت برؤيته
_ أهلاً ياعمو حمد لله على السلامة
_ الله يسلمك يا بنتي، أومال فين توليب؟
قطبت جبينها بدهشة وسألته
_ هو تميم معرفش مكانها؟ انا من وقت ما خرجت من الشقة وانا معرفش عنها حاجة وحتى الفون أدهم خلاها تقفله.
نهش القلق قلبه وعاد يسألها
_ طيب متعرفيش حد من اصاحبكم ممكن تروح عنده؟
هزت راسها بنفي وقالت
_ لأ انت عارف إن توليب ملهاش اصدقاء غيري.
شكرها توفيق وذهب يبحث عنها في مكان آخر
لم يترك مكان الا وبحث به فزاد عليه الأرهاق وعاد إلى المنزل والخوف لا يرأف به
وما إن دلف المنزل حتى اسرعت اليه سلوى تسأله بلهفة
_ عرفت حاجة عنها ؟
هز رأسه بنفي وهو يلقي بجسده على الأريكة
_ ملهاش آثر.
انقبض قلبها خوفًا على ابنتها وغمغمت بقلق
_ يعني راحت فين؟ انا خايفة تكون اتخطفت.
اسند رأسه على ظهر الأريكة وأجاب بوجوم
_ ياريتني اعرف، والمشكلة أن فونها مقفول يعني مش هنعرف نوصلها إلا إذا كلمتنا هي.
_ خلاص نبلغ الشرطة
رد بسخرية تغلفها المرارة
_ هقولهم ايه؟ اقولهم دوري على بنتي اللي مطلوب القبض عليها؟ واللي بنفسي هربتها منهم؟
جلسوا جميعاً بكمد وقلبهم يأن بحزن عليها وتوفيق لم يكف عن الاتصال عليها وإرسال الرسائل ربما تراها
……..
انتبهت سهر التي كانت تتداري لتسمع حديثهم لسقوط أمال فأسرعت إليها بعد إن نادت سلمى ونظرت إلى نور بغضب
_ انتي عملتي فيها ايه؟
هزت نور رأسها بنفي
_ معملتش حاجة..
قاطعتها سلمى
_ مش وقته ياجماعة روحي يا سهر هاتي الجهاز والانسولين بسرعة.
رمقتها سهر بنظرة حانقة ثم ذهبت لتحضر الجهاز
وتقوم بالاتصال على مؤيد كي يعرف ما يدور.
هم مؤيد بالصعود لسيارته لكنه توقف قائلاً
_ استنى نشوفهم بيتصلوا ليه
أجاب مؤيد
_ خير ياسهر..
قاطعته بلهفة
_ الحج يامؤيد البنت اللي چات دي معرفاش جالت ايه لأمك خلتها سجطت من طولها
أغلق مؤيد الهاتف بخوف ونظر لمراد قائلاً بقلق
_ امك تعبت تعالى نشوف فيه ايه
عاد كلاهما إلى الداخل ليتفاجؤا بوالدتهم غائبة عن الوعي وسلمى تقوم بقياس السكر لها.
تقدم منهم يسألهم بقلق
_ ايه اللي حصل؟
شحب وجه نور عندما رمقها مراد متسائلًا فاخفضت عينيها بأسف دون النطق بشيء
لكن سلمى انتشلتها من اعينهم الحانقة
_ متقلقوش السكر مش عالي أوي هتفوق دلوقت
اعطاها مراد جرعة مخففة من الأنسولين فبدأت آمال تفتح عينيها رويدًا
وقع نظر مراد على تلك الورقة التي سقطت على الأرض فمال ليلتقطها فتتسع عينيه بصدمة وهو يقرأ محتواها
رفع نظره إليها فرمشت هي بعينيها مرات متتالية وقد هربت الدماء من عروقها حتى كادت أن تسقط بدورها لكنها تماسكت
سألها مراد
_ ايه اللي في الورجة دي؟
ازدردت لعابها بصعوبة بالغة وتمتمت برهبة
_ دي قسيمة جواز.
هدر بها مراد
_ خابر انها جسيمة زواج بس إزاي واحنا منعرفش حاچة عن الموضوع ده.
رافت سلمى بحالة الفتاة رغم انها لا تفهم شيء فتقدمت من زوجها تقول بتعاطف
_ مراد براحة على البنت مش شايف وشها عامل ازاي.
صاح بها مراد بغضب
_ خدي سهر وادخلوا چوة دلوجت.
اجفلت سلمى لعلمها بمدى غضبه واشفقت على الفتاة وسحبت سهر التي عاندت قليلًا ثم ذهبا معًا للداخل
تمتمت أمال بتعب
_ براحة ياولدي خلينا نفهم في ايه.
صاح مراد بوالدته
_ اسكتي انتي يا أما خليني افهم
عاد بنظره اليها غير عابئ بحرمانية النظر إليها من شدة غضبه وعاد يسألها
_ جولي ايه الحكاية بالظبط
اهتزت نظراتها وحاولت التحلي بالشجاعة أمام تلك العيون التي لا ترأف بحالها فتمتمت بألم
_ أنا كنت متجوزة آسر من غير أهله ما يعرفوا لأنهم كانوا رافضين جوازنا، قالي انه حل مؤقت بس لحد ما يقنع والده وفي اليوم اللي قرر يواجهه فيه عمل الحادثة ومات
غشت الدموع عينيها وتمتمت بحزن
_ وللأسف عمته طردت ماما وهددتني عشان كدة جيت اتحامى فيكم.
لم يقتنع مراد بحديثها وعاد اسئلته
_ وانتي عرفتي طريجنا إزاي؟ واحنا اول مرة نشوفك.
اخفضت عينيها وهي تمحو عبراتها بظهر يدها وتمتمت بألم
_ لأن ماما الله يرحمها كانت شغالة عندهم واسر كان مواعدني إن لو ابوه اصر على الرفض هنيجي نعيش عندكم بس للاسف مات قبلها.
لم يقتنع مراد بحديثها وعاد يسأل
_ معجول آسر أخوي كان جايلك العنوان بالفصيل؟
حاول مؤيد تهدئة الأمر لكن مراد صاح به
_ استنى انت.
ثم نظر إليها ينتظر اجابة فتمتمت بألم وهي تمسح عبراتها
_ كان حكيلي عنكم وقالي ان بلدكم اسمها التل في المنيا، لما نزلت من القطر سألت السواق واديته المعلومات اللي اعرفها لقيته عارفكم وجابني على هنا.
عاد مراد ينظر إلى الورقة ويقرأ محتواها بتمعن فكل شيء بها صحيح اسمه كاملا واسم والدتهم وصورته والامضاء التي يعلمها جيدًا
طوى الورقة بين يده ونظر إليها بحدة
_ والمطلوب؟
لاح الانكسار في عينيها وتمتمت برهبة
_ أنا مش عايزة حاجة غير أنكم تحموني، عمته اتسببت في موت ماما وهددتني انها هتأذيني لو مبعدتش وانا مليش مكان اروحه وخصوصاً إني حامل.
اتسعت اعينهم بصدمة أخرى وكأن صدمة واحدة فقط لا تكفي فتأتي ما هي أشد وأقوى.
هز مراد رأسه بصدمة وهو يغمغم بنفور
_ استغفر الله العظيم، استغفر الله العظيم.
كل ذلك يحدث وأمال تكتفي بالدموع التي تتساقط بغزارة من عينيها فهي تعلم ابنها جيدًا لا يسمح لأحد بالتدخل اثناء حديثه
أما نور فقد شعرت بأنها غير مرحب بها بينهم وعليهم الانسحاب بكرامتها
مالت لتأخذ حقيبتها وهي تقول بألم
_ أنا أسفة إن كنت عملتلكم ازعاج وانا بنسحب…..
قاطعتها أمال برجاء
_ هتهمليني بضي عيني وتروحي فين؟ خليكي يابنتي الله يرضى عليكي انتي الحاچة الوحيدة اللي بجيالي من ريحة الغالي.
نادى مؤيد على زوجته التي أسرعت إليه
_ خير
اشار لها على نور وقال بأمر
_ خديها چوة خليها ترتاح لول من الطريج وبعدين نكملوا كلامنا
لم تستطيع نور الرفض لأنها حقًا متعبة من الطريج وتشعر بألم شديد بعد تلك السقطة التي تعرضت لها في القطار.
سارت معها لكن نظرات سهر اجفلتها فنادى مراد على سلمى والتي جاءت بعد ذهاب نور
_ نعم يامراد
_ خليها تلبس عباية من بتوعك وتغطي شعرها ده.
اومأت له وأسرعت إلى غرفتها لتخرج لها عباءة وحجاب وذهبت إلى الغرفة التي كانت خاصة بآسر عندما يأتي من خلف أبيه.
وجدت سهر تخرج من غرفتها وما إن رأتها حتى سحبتها بعيدًا لتقول بسخط
_ البنت دي مش مرتحالها وشكلها إكدة خطافة رچالة، وجودها اهنه غلط علينا.
نهرتها سلمى
_ ياشيخة حرام عليكي انتي مش شايفة حالتها
همت بالذهاب لكن سهر منعتها
_ انا جلتلك وخلاص وانتي حرة
تركتها ودلفت للداخل فتجد نور تجلس على المقعد وتضع وجهها بين يديها وتبكي بقهر على حالها
اشفقت عليها سلمى وجلست بجوارها لتقول بحزن
_ بلاش عياط عشان البيبي.
رفعت نور وجهها الذي شحب من شدة البكاء وتمتمت بخفوت
_ متخيلتش إن كل ده هيحصل، ومكنتش اعرف إن الموت قريب مننا بالحد ده والا كنت ضغطت على قلبي اللي ضعف قدامه ووافقت إن ده يحصل.
ربتت سلمى على كتفها وتمتمت بتأثر
_ لعله خير ربنا عمره ما بيجيب حاجة وحشة ويمكن ربنا عمل كدة عشان يترك لولدته عوض عنه جزاء لصبرها، اتركي امرك لربنا وهو هيعمل الاصلح ليكي.
ناولتها الملابس وقالت بتعاطف
_قومي البسي الهدوم دي وحاولي تنامي شوية.
اومأت لها بامتنان وأخذت الملابس وخرجت سلمى لتتركها ترتاح قليلًا
في الأسفل
جلس الجميع بوجوم وكأن على رؤوسهم الطير ومراد لا يكف عن الاستغفار
ومؤيد لا يستوعب تلك الصدمة حتى الآن
اما أمال فقد ظلت تحمد ربها على ذلك العوض الناتج عن صبرها
فقد عوضها الله بقطعه من ابنها تهون عليها ذلك الفراق الذي نحرها بغير رحمة
واول من قطع الصمت هو مؤيد
_ هنعمل ايه دلوجت؟
نظر مراد إلى والدته التي عاد الأمل يغزو روحها وتمتم بنفور
_ انا لو اتكلمت هجول كتير خليني ساكت افضل.
نظرت إليه آمال بعتاب
_ ايه يا مراد مستكتر عليا عوض ربنا؟
مسح وجهه بيده وغمغم بنفي
_ حشي لله ياأمي بس ربنا عرفوه بالعقل إزاي عايزاني اصدق اللي بتجوله ده.
تحدث مؤيد بحكمة
_ بس العجد صحيح والبيانات الموجودة بتأكد صحته
زم فمه دلاله على مدى غضبه وغمغم باستياء
_ هنعرف كل حاچة بس مش دلوجت.
رمقته آمال بعتاب
_ ليه يا ولدي مستكتر عليا الفرحة والبنت شكلها غلبانه ومش بتاعة الكلام ده.
_ ياأما بصي للموضوع من جهة تانية دي واحدة منعرفش عنيها حاچة بقول نتأكد لول من حديتها وبعدين نحكم.
سأله مؤيد بحيرة
_ وهتعرف إزاي؟
_ في واحد صاحبي شغال في السجل هديله اسم آسر لو فعلا جوازهم حقيقي هيظهر في السجل ولو مش حجيجي
نظر أمامه وهو يتابع بتوعد
_ يبقى جبته لنفسها.
_ طيب ولو طلع حجيجي.
تنهد بتعب
_ وجتها يحلها الحلال.
❈-❈-❈
تكملة الرواية من هناااااااااا
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله1 اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق