القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية نيران نجع الهوى الفصل الثالث عشر 13 بقلم هدير دودو

 رواية نيران نجع الهوى الفصل الثالث عشر 13 بقلم هدير دودو 






رواية نيران نجع الهوى الفصل الثالث عشر 13 بقلم هدير دودو 




#الفصل_الثالث_عشر

#نيران_نجع_الهوى

#هدير_دودو 


    

                            ❈-❈-❈


     "حكاوي وأسرار مخفاة داخل الافئدة"


                          ❈-❈-❈


كانت نظرات عمران المصوبة نحوها لا توحي بالخير مَن يراه يقسم أنه سيقتلها لا مَفر، نشبت نيران الغيرة المضطرمة تنهش في قلبه الهاوي لها، واندلع الغضب يغزو عقله ليخبرها أنها سعيدة بنظراته لها بتلك الجراءة، تشنج جسده وعينيه ترسل إليها العديد من النظرات المتوهجة تعكس نيرانه المشتعلة وما سيفعله بها. 


انتبهت وأخيرًا من وجوده ومن نظراته المصوبة نحوها بشرر فسارت برعشة قوية تصيب كامل جسدها وظهر الخوف عليها لكنها تحاول أن تتمالك على ذاتها وسارت متوجهة نحو الأعلى هاربة من أمام عينيه وعيني حسن  الذي يرمقها بإعجاب شديد أغلقت الباب خلفها ووقفت خلفه وصدرها يعلو ويهبط عدة مرات بعنف ملتقطة أنفاسها بصعداء واضعة يدها فوق قلبها الذي يدق بعنف كالطبول، لا تعلم ماذا سيحدث في حياتها القادمة بعد عودة حسن وخروجه، لا تدرى ماذا تحمل لها الحياة بعد بعدما ألقتها بفواجع القدر القاتلة، لا تعلم كيف ستسير حياتها صدر عنها تنهيدة حارقة تعبر عما بداخلها.. 


في الأسفل كان هناك حرب مشتعلة تدور بينهما مَن يراهما لم يظن أنهما شقيقان، كل منهما يتطلع نحو الآخر وبداخله كره مشحون، يتبادلان النظرات المتوهجة وقف حسن أمامه بجسد متشنج غاضب يرمقه بتوعد وضغينة بادله عمران بنظرات أقوى ملتهبة وعينيه مثبتة نحوه بحدة كما لو بينهما عداوة، ليقطع هو ذلك الصمت السائد مردفًا بتهكم وشبه ابتسامة ساخرة نمت فوق ثغره:


- مبارك خروچك بالسلامة. 


ضحك ببرود منتصرًاؤ وأجابه ساخرًا:


- كنك معتجولهاش من جلبك ياولد ابويّ.. 


كان يفهم مغزى نظراته فاومأ برأسه أمامًا عدة مرات وعينيه مثبتة عليه ليجيبه ببرود مدعي الإستنكار:


- وه ليه عتجول إكده عاد؟ 


اعتلت ضحكاته مرة أخرى ورمقه بغيظ لكنه حاول السيطرة على ذاته، وأردف بخبث:


- مبارك چوازك ياخويّ جولت لازمن اباركلك. 


اقترب يحتضنه هامسًا بمكر ساخر:


- بس جلب مرَتك لساته معاي مخابرش كيف عتجبل إكده، عتنام چار واحدة مرايداكش ولا رايدة جربك. 


غلت الدماء داخل عقله بغضب عارم فابتعد عنه ودفعه بقوة ليرتد إلى الخلف، وأسرع قابضًا فوق أطراف ثيابه يجذبه منها مرة أخرى، مغمغمًا بلهجة حادة حازمة: 


- الله في سماه أنت شوفتك عتبص لمرتي أو تچيب سيرتها في حديتك لأجتلك ومهعملش حساب لحد واصل، اديني جولتلك اتجي شري يا حسن. 


أسرعت فهيمة مقتربة منهما بغضب واضعة يدها فوق يد  عمران الممسكة بشقيقه، صائحة بغضب وحسرة على ابنائها وذلك التفرق الذي حل عليهما:


- عمران همّل أخوك بزياداك عاد. 


ضحك حسن باستفزاز وأجابه بمكر وتحدي:


- مش لو هي عرفت تنسانيّ ياخويّ بجولك جلبها معايّ، أخوك معيتنسيش يا عمران. 


لم يستطع السيطرة على ذاته بعدما سيطر الغضب عليه واهتاج عقله وهو يتحدث عن زوجته، يخبره بحبه الكبير لها وعشقها له، يخبره أن زوجته لازالت لم تستطع نسيانه ولازال يتربع على عرش قلبها وهو قد رأى لهفتها الضارية عليه بعينيه، رأى ماذا فعلت لأجله كيف كانت على استعداد للتضحية بذاتها مقابل خروجه وعودته لأحضان عائلته متذكرة تلك الحمقاء أن الأمر تحت سيطرته، تشنج جسده باحتدام فلم يشعر بذاته سوى وهو يلكمه بعنف مصطحبًا فعلته بوعيد ساخط ملتقط أنفاسه بغضب جامح وهو يهزه بعنف من ثيابه:


- الله في سماه يا حسن أن فكرت تچيب سيرة مرتي في حديتك لأجتلك، وأنت خابر عمران الچبالي معيجولش حديت ومينفذهوش. 


كل ذلك دار تحت أنظار مَن في المنزل عدا هي التي كانت في غرفتها لا تعلم شيء عما يدور في الأسفل لا تعلم عن ذلك الصراع المشتعل بحدة بسببها، اعتلت صرخات فهيمة بحسرة عندما وجدت حسن لم يصمت على فعلته بل أسرع يمسكه هو الآخر من جلبابه بعنف:


- يا مرك يا فهيمة يا مرك على ولادك وجهرة جلبك عليهم عتاكلوا في بعضيكم كيف اللأغراب عشان واحدة متسواش حاچة في النچع، كانت عتاچي هي وأمها تاكل بواجي الوكل وتخدم علينا يا مرك يا فَهيمة. 


تطلع عمران نحوها بغضب هادرًا بها بعنف حاد:


- أمّا اتحدتي على مرتي زين، دلوك هي تسوَى كَتير في النچع وأنتي خابرة إكده. 


اخترقت صرخات فهيمة المستمرة أذنيها فأنقبض قلبها يهوي بداخلها بخوف وعلمت أن الأمر لم ينتهِ بينهما بسلام، أسرعت ترتدي رداءها الأسود لتخفي جسدها بداخله واضعة وشاحها سريعًا فوق خصلات شعرها السوداء، وسارت مسرعة نحو الأسفل لترى ما حدث شاعرة بالخوف مما ستراه، بالفعل تأكد شعورها عندما وجدتهما بتلك الهيئة كل منهما ممسك بالآخر وداخل عينيهما غضب جامع ونيران مضطرمة، قبل أن تصل نحوهما تحدثت فهيمة بغضب:


- همّل يا حسن أخوك الكبير وأنت كُمان يا عمران بعّد عن أخوك بزياداك عاد والله أموتلكم حالي وارتاح من اللي عيحصل جدام عينيّ. 


أكملت بنبرة حزينة متبرمة وعينيها ترمقمها بحسرة وقلب مقهور:


- والله الموت عنديّ أهون من وجفتكم لبعض إكده، كنتم في ضهر بعض ايه اللي حُصل يا ولاد الچبالي لچل ما عتاكلوا في بعض إكده. 


اقتربت عهد تقف بجانب عمران الذي ترك شقيقه تأثرًا بحديث والدته التي اجتمعت الدموع داخل مقلتيها بشجن، وفعل حسن ذلك أيضًا لكن نظراتهما لازالت مشحونة بتوعد. 


كانت  تخشى نظرات حسن التي أصابتها أيضًا لكنها لم تستطع الإقتراب منه بعدما قررت ألا تصبح أمرأة خائنة لزوجها بالرغم مما حدث لها وضعت يدها المرتعشة فوق كتفيه بتردد فالتفت نحوها بدهشة وقبل أن يتحدث وجدها تسأله باهتمام وقلق شديد ظهر في عينيها قبل نبرة صوتها المتلعثمة:


- عـ... عمران أنت مليح. 


اومأ برأسه أمامًا بهدوء وجدية ولازالت تنظر نحو حسن الذي رمقها باشمئزاز متوعدًا لها كان ينتظرها أن تبقى بجانبه بدلًا من زوجها، لكنه لم يجدها تلك الكاذبة التي أخبرته أنها فعلت ذلك لأجله، ظهرت أمامه أنها تضحي وفي الحقيقة لم تفعلها، تقف الآن بجانب زوجها كما لو لا يوجد بينهما حب ضاري. 


غمغمت فهيمة بحدة ساخرة منها وهي تطالعها باشمئزاز وازدراء معترضة على وجودها:


- إيوه زين هو واخوه عيتحدتوا مفيهاش حاچة هملينا أنتي وبعدي عنينا، وانتي حية عتتلوني لچل ما توصليّ كيف ما عتجول نعمة، بس والله لو هموت يا بِِت هنية لو هموت ما هنولك اللي في بالك واللي عتخططيله. 


قبل أن ترد عليها صاح عمران بحدة:


- أمّا مرتي معِملتش حاچة، ولا رايدة حاچة عتتطمن على چوزها، مفيهاش حاچة عاد.


تطلع نحو نعمة بغضب وأردف يحذرها بنفس اللهجة الحادة:


- ومحدش بعد إكده يتچرأ ويچيب سيرة مرتيّ حتى بينه وبين نفسيه. 


ابتسامة سعيدة تنبع من قلبها لعودة حقها بسببه دون أن تطلب، احتضنها بقوة وسار بها نحو الأمام متجه نحو غرفته، فسندت رأسها فوق كتفه متحاشية النظر نحو حسن حتى لا تثير غضب عمران المتوعد لها لهيئتها التي نزلت بها عندما ولج، وأيضًا لا تريد رؤية نظرات حسن المتوعدة لها والغاضبة منها، لا تريد أن تستمع إلى قلبها مرة أخرى وتصبح امرأة خائنة لزوجها التي تحمل أسمه حتى لو كان عنوة. 


شعر عمران بالرضا من فعلتها واقترابها منه حتى عدم تطلعها لحسن يعلم أنها تفعل ذلك خوفًا منه ليس أكثر لكنه سعِد من فعلتها التي أرضت كبرياءه، التفت نحو حسن ليراه بانتصار وأردف بمكر مشددًا عليها داخل أحضانه:


- نسيت أجولك ياخويّ مرتي داست على جلبها برچليها أحسن ما تبجى مَرا خاينة لچوزها. 


استكمل طريقه نحو غرفته بهدوء ولازالت تقبع داخل حضنه صافعًا الباب خلفه بعنف جعلها ترتعش وهي ترمقه بعدم اطمئنان تنتظر رد فعله، لكنها تفاجأت عندما سار من جانبها ببرود يتجاهل وجودها كما أنه لا يراها..


ابتلعت ريقها بتوتر وتطلعت نحوه بدهشة متعجبة من صمته فاقتربت منه تقف أمامه بتوتر وكأنها تلفت انتباهه لوجودها فرفع بصره متطلع نحوها ثم عاد يفكر بصمت يريد أن يعلم كيف خرج شقيقه وهو متأكد من استحالة حدوث ذلك. 


بدأت تخلع ثيابها وتنزع وشاحها منتظرة حديثه الآمر، لكن انتظارها كان دون جدوى، فابتلعت ريقها وبللت شفتيها بتوتر وتحدثت هي تقطع الصمت السائد بينهما تبرر موقفها بتوتر:


- أ... أني والله ما كنت خابرة أن حسن رچع وخرچ بالسلامة، أني نزلت إكده عشان عارفة أن مفيش حد في السرايا. 


اومأ برأسه أمامًا واضعًا يده فوق صدعيه متنهدًا بضيق رد عليها بلهجة مشددة بحزم:


- متنزليش تحت حتى لو حسن مش موچود خليكي جاعدة إهنيه الا لو حد چاكي من جرايبك. 


امتعضت ملامح وجهها، وأجابته معترضة بضيق:


- بـس أني إكده مهعرفش اجعد. 


صاح بها غاضبًا دون أن يتطلع نحوها وعقله منهمك في التفكير لما حدث الآن:


- اعملي كيف ما جولت مش لازمن تنزلي السرايا. 


تأفأفت عدة مرات غاضبة ترمقه بعدم رضا ملتقطة أنفاسها بصعداء، وعادت تتحدث من جديد:


- طب أني رايدة أتحدت وياك، أنت جولتلي جبل سابج أن أخوك  مهواش مظلوم. 


تعمدت ألا تتفوه باسمه حتى لا تثير غضبه وينقلب الأمر عليها فهي تود معرفة الحقيقة وهل هو ظالم كما أخبرها أم أن عمران كاذب يخفي الحقيقة عنها؟


تطلع نحوها وأغمض عينيه بقوة ثم أجابها بجدية مشددًا على حديثه ليهرب من سؤالها الذي حقًا لم يعلم إجابته والحقيقة إلى الآن:


- نتحدت بعدين يا عـهـد، مجادرش اتحدت دلوك. 


التقطت أنفاسها بصعداء وأغمضت عينيها هي الأخرى وتمددت فوق الفراش بصمت لم تعقب حتى لا تثير غضبه وينفجر بها هي، فمن الواضح أن هناك غضب مشحون بداخله كما لو براكين قوية تنتظر الانفجار فتحاول أن تتلاشى ذلك حتى لا يحدث بها.. 


آتى الصباح ومضى يومها بملل شاعرة بالضيق لازالت جالسة في غرفتها تنفذ حديثه وأوامره الصارمة، قلبها يؤلمها يدفعها أن تنزل لتراه متلهف بلوعة شديدة لكن عقلها يذكرها بقرارها وبأوامر عمران الصارمة وعلمها بعقابه إذا خالفته، يذكرها أنها لن تصبح خائنة مثلما فعلت من قبل، شاعرة بنيران ملتهبة تعصف داخل قلبها مصطبحة بألم قوي كاد الفتك بها قادر على إنهاء حياتها بعد توقف قلبها المتألم الصارخ بضراوة.. 


للمرة الأولى التي تتجاهل الآم قلبها وصرخاته التي ترتفع وينتصر عقلها لتمتنع من رؤيتها لمَن تهوى، عقلها فرض أغلاله حول روحها مكبلًا جسدها بالكامل لتخضع إليه وتستمع إلى طريقه تلك المرة، على الرغم من أنها تسير فيه عنوة.. لأن قلبها يأبى الخضوع.

يا لك يا قلبي من قاسٍ تختار ما يؤلمني وتتمسك به، كأنك تهوَى الوجع وتكافح على استمراره.. 


بقيت جالسة حبيسة غرفتها إلى أن آتى ليلًا لكن ملامح وجهه يبدو عليها الغضب الجامح، فالتزمت الصمت التام تلك الليلة عندما رأت الوجع يبدو بوضوح داخل عينيه فلم تفضل أن تتحدث في أي شيء.


❈-❈-❈


في صباح اليوم التالي.. 


أعد عمران ذاته بعدما ارتدى جلباب باللون الأسود وأقترب منها يطالعها وهي نائمة كما أعتاد يرى وجهها الساحر الخلاب الذي يجعله يشعر بالسعادة في بداية يومه، عينيها الفاتنة كافية تجعله ينسى جميع همومه وحزنه، لم يستطع السيطرة على ذاته تارك زمام الأمور لقلبه المُغرم يقوده للإقتراب نحوها فاقترب لم يمانع ولم يتردد، كيف يمكنه أن يتردد زوجته وحلاله بين يديه فلِما الإبتعاد، أقترب مُلتقط شفتيها في قبلة متلهفة بلوعة عاشق أنهكه العشق اشتعلت نيرانه تحاول أن تتخلص من ذاك العشق المهلك الذي فَتك به. 


استيقظت شاعرة به لكنها تمسكت بقبضة يدها فوق شرشف الفراش تحاول أن تدعي النوم لتهرب مما سيفعله بها بعد ذلك، لازالت تخشاه وتهابه، تدعي ربها سرًا أن يبتعد سريعًا حتى لا ينكشف أمرها، لكن بداخلها قلبها يتراقص لعودة كبرياءه من جديد بعدما كانت تشعر أنه نفر منها وأصبح يهرب من أقترابها، لا يريدها كما أخبرها لكنها الآن ترى لهفته الجامحة عليها كما لو أنها الإمرأة الفريدة بنوعها في العالم بأكمله، تشعر بأنفاسه الحارة المثيرة تلفح وجهها حاولت بصعوبة بالغة ألا تفتح عينيها أثر أقترابه بتلك الطريقة الشديدة، تعرق وجهها وتسارعت دقات قلبها متسابقة شددت قبضة يديها فوق الشرشف تحث ذاتها على الإستكمال تحاول أن تدّعي النوم.. 


وجدته يطبع قبلة حانية شغوفة فوق جبهتها بحنان ثم أسند جبهته عليها مغمغمًا بنبرة هامسة بصدق وصلت إلى أذنيها تخترقها: 


- آآه يا عهد جلبيّ لو تعرفي أني عاشجك كيف، الله في سماه جابل أموت وروحي تروح فِدا لعيونك جبل روحك، خابرة أني بعمل إكده لچل حسن وأني جلبي عيچري يدور عنيكي في كل مكان لا عمره عيشوف مَرا تسكنه وتملاه كيفك يا عهد الجلب، هيمان ومحاسسش بروحيّ جدامك، بس ليه مكتوب عليا العذاب. 


صمت لوهلة وعينيه تطالع كل أنش في وجهها بحنين كما لو أنه يطالعها للمرة الأولى وأكمل بنبرة يملأها الوجع الأليم: 


- ليه مكتوب عليا العذاب والجهرة، ليه جلبك يُبجى مع راچل غيري، والله يا عهد الجلب ما حد عمره هيعشجك كيفي، مخابراش ولا حد خابر عمران الچبالي العاشج الهيمان في حب بِت الحوامدية وعهد جلبه اللي معيشوفش غيرها، جلبي عماني ومفكرتش في حاچة غير چوازي منيكي بأي طريجة مهما كان التمن، عتشوفيني ظالم وجاسي بس والله ما ظلمت حد، عتشوفي چوازي منيكي انتجام وظُلم وأني عشجان محاسسش بروحي وياكي. 


شعرت باهتزاز جسده فوقها كما لو أنه يريد البكاء لكنه يحاول السيطرة على ذاته بصعوبة شديدة، طبع قبلة رقيقة فوق جبهتها مرة أخرى ونهض ملتقطًا أنفاسه بصعداء ثم سار بخطوات واسعة نحو الخارج ليشرف على عمله ويذهب لمعرفة ماذا حدث لشقيقه وكيف خرج بعدما كان على علم أنه حقًا يتاجر في السلاح وينوَى تسهيل دلوفه إلى النجع وذلك ما لم يسمح به.. 


فتحت عينيها على وسعهما عندما استمعت إلى صوت الباب الذي أُغلق معلنًا ذهابه، وعادت تلتقط أنفاسها المكتومة والذهول يسيطر عليها يراودها سؤال واحد كـيـف؟! كيف عمران الجبالي يعشقها؟! كيف فعل كل ذلك لأجلها؟! لماذا كل ذلك العذاب لهما؟ 


استمعت إلى حديثه بأذنيها، نبرة صوته العاشقة والموجوعة لعدم حبها له كانت تخرج بصدق حقًا، كانت تشعر كما لو أنها في حلم لم يصدقه عقلها، عمران يعشقها، استمعت إلى صوته الذي يفيض بعشق لها لم تراه من قبل مع أحد، ارتعش جسدها بالكامل ولازالت تحت تأثير الصدمة، تتذكر حديثه وهو يبوح بعشقها يخبرها أنه فعل ذلك لأنه يعشقها وهي أيضًا قبلت كل ما فعله بصدر رحب لأنها تعشق غيره، لكن كيف للعاشق أن يؤذي معشوقته مثلما يفعل! فكرت قليلًا بتعقل وحركت رأسها نافية بعدما وصلت لإجابة سؤالها هو إلى يومها هذا لم يؤذيها دومًا يتراجع عن أذيتها.. 


شعرت بالضيق والإختناق عندما تذكرت نبرته الموجوعة خاصة أنها تعلم وجعها لم تفرح بها فهي تقهر قلب أعتى رجال نجع العمدة وكبيره، شعرت بالحزن عليه لكن بقى لها سؤال لم تتوصل إلى إجابته هل هو ظالم لشقيقه أم لا؟ لم تفهم وقلبها يرفض تصديق ما تفوه به عمران وخاصة أنه عاد وخرج، لكن هو أردف الآن أنه ليس قاسي وظالم؟ صدر عنها تنهيدة حارة وحاولت التوقف عن التفكير فعقلها كاد أن يجن بسبب ذلك.. 


انفرجت شفتيها باسمة بسعادة غامرة عندما تذكرت حديثه العاشق وكيف يتفوه باسمها بنبرة لا مثيل لها لم تستمع إليها من قبل عادت تلك الكلمة التي ولجت إلى قلبها تستنيره بتهلل بينها وبين ذاتها بخفوت وحياء أصاب ملامح وجهها المستحية: 


- عـــهـــد الجــلــــب.. 


ظلت تكررها بينها وبين ذاتها عدة مرات بسعادة تزاد وابتسامة واسعة مصطحبة بنبضات قلبها التي تزداد بعنف هي الأخرى وهي غير قادرة على استيعاب تلك الصدمة التي تلقتها اليوم..


ظلت تجلس في غرفتها طوال اليوم غالقة باب غرفتها عليها، صفية تحضر لها الطعام كانت تشعر بالملل تنهدت بضيق وامتعضت ملامح وقتها شاعرة أن الوقت يمر عليها ببطء، تنتظر مرور الساعات مسرعة حتى يعود وتتحدث معه لن تستطيع تحمل وجودها سجينة بين جدران تلك الغرفة لا تجد ما تفعله، لا تعلم كيف آتى المساء واعتدلت في جلستها عندما وجدته يفتح باب الغرفة ويدلف، تعلم أنه هو فلا أحد يأتي إلى غرفتها سواه وصفية التي تدق الباب اولًا تنتظر أن تسمح لها هي بالدخول.. 


نهضت مقتربة تحمل عنه قفطانه وهي تتحاشى النظر داخل عينيه بعد حديثه فى الصباح، للمرة الأولى التي تشعر بالخجل منه لكنها تحاول أن تهدأ وتتحكم في ذاتها، تمتمت متسائلة بهدوء عندما لاحظت نظراته المعلقة نحوها:


- اچهزلك الوكل دلوك؟ 


اومأ برأسه نافيًا وأجابها بجدية:


- لاه مجادرش. 


اومأت برأسها أمامًا وسارت تجلس فوق المقعد قبالته لكنه كان منشغل بالتفكير في أمر هام خاص بالعمل، بللت أطراف شفتيها وتحدثت بجدية والتوتر أصاب اوتار قلبها:


- عمران أني مهجدرش أفضل جاعدة إكده، هبجى انزل تحت كيف ما كنت أو هبجى اطل على إيمان اتوحشتها جوي وكمان رايدة اتطمن عليها عشان حِبلة. 


تطلع نحوها بنظرات حادة اخترقتها جعلتها تنكمش على ذاتها بخوف وأطال النظر بها، ثم أجابها بجدية حادة:


- ماشي يا عهد ابجي انزلي، وشوفي لو مرت أخوكي رايدة حاچة جوليلي. 


ابتسمت بسعادة ولم تصدق أنها حصلت على الموافقة منه بتلك السهولة، لكنه سرعان ما تابع حديثه بحدية حادة يملأها الوعيد:


- بس متتحدتيش ويّا حد تحت واصل. 


اومأت برأسها أمامًا في صمت، وانتظرته أن يتحدث عن أمر حسن ويخبرها بالحقيقة لكنها وجدته صامت قررت ألا تتحدث اليوم حتى لا يتراجع عن قراره ومن الواضح أنه منزعج اليوم، ستنتظر حتى يتحدث هو ويخبرها بالحقيقة لكنها لن تنتظر كثيرًا تود أن تريح بالها وعقلها المنشغلان بالتفكير..


❈-❈-❈


في الصباح كانت تضع وشاحها فوق شعرها متمسكة به بقوة نظرًا لنسيم الهواء القوي الذي يداعب خصلات شعرها أسفله، تسير في الحديقة الخاصة بالمنزل بشرود لكن سرعان ما اعتلت شهقتها بصوت مرتفع تحت أثار الخضة عندما وجدت حسن يقف أمامها لا تعلم من آين ظهر لها، تراجعت نحو الخلف حتى شعرت بتلك الشجرة الضخمة خلف ظهرها تمنعها من الإبتعاد فأسرع يحاوطها بذراعيه، بقيت في حصار بينه وبين تلك الشجرة الضخمة أغمضت عينيها بقوة وتمتمت بنبرة خافتة بقلق:


- نورت السرايا يا حسن، مبارك رچوعك. 


رمقها بسخط غاضبًا، وأردف بتهكم ساخرًا:


- مش بدري شوية حديتك دِه! ولا وجتها صُح كنتي خايفة على چوزك وهملتيني عشانه. 


التقطت أنفاسها بصعداء وحاولت أن تشرح له الأمر بهدوء:


- مش إكده بس أني مجدرش ابجى خاينة لچوزي يا حسن كيف رايدني أهمل چوزي عشانك، أنت خابر عمران وجتها هيجطع خبري وماهيكفيه كُمان.


اقترب بوجهه منها فعادت برأسها للخلف تحاول الإبتعاد، رمقها بعينين تلتمع بالغضب وأجابها بحدة:


- كيف ما جدرتي تهمليني عشانه ولا صُح هو عمران عتخافي منيه أني لاه. 


انفعلت عليه بغضب بعدما فهمت ما يشير إليه:


- أني جولتلك جبل سابج وبجولهالك دلوك كُمان أني مهملتكش أني عِملت إكده عشان تخرچ يا حسن. 


أكملت حديثها بضيق ساخرة هي الأخرى:


- وبعدين مين جال أني هخاف من عمران، أني جولتلك أني مهبجاش خاينة لچوزي دِه يعني بحترمه مش بخاف منيه، وطالما معتصدجنيش يُبجى بزياداك عاد وهملني. 


حاول السيطرة على ذاته هو الآخر حتى لا ينفعل عليها ويظهر ما يخفيه، فتحدث بعتاب وهو يتطلع داخل عينيها: 


- جدر لسانك ينطُجها يا عهد، جدرتي تجوليلي أهملك! وبزياداك لحسن اللي عاشجك وحصُل فيه إكده لچل ما يُبجى چارك ويتچوز منيكي. 


تطلعت أرضًا هاربة من نظراته، وتمتمت متلعثمة بأسف: 


- ا... أني مجصديش بس والله يا حسن أني وافجت على چوازي من عمران لچل ما يخرچك، بس برضك معينفعش أخونه كيف مانت رايد هو عيثج فيا وهملني أنزل. 


هدر بها بعنف حاد مصطحبًا بسباب غاضب لعمران: 


- هو مخرچنيش ولا عِمل حاچة، أني رچعت لأني معملتش حاچة هو اللي عِمل إكده عشان يبعدني عنيكي ويتچوزك ويجربلك كيف ما عمل. 


ابتسمت بلهفة، وقد عاد إليها الأمل في برائته من جديد:


- بچد يا حسن يعني أنت معتاچرش في اللسلاح كيف ما عيجولوا صُح؟ 


لم تخبره أن عمران مَن أخبرها حتى لا يزداد الأمر سوء بينهما، تنتظر إجابته بقلق ودقات قلبها تتعالى بداخلها بعنف..


حاول التحكم في ملامح وجهه المتشنجة عالمًا من أين آتت بحديثها، وأجابها مؤكدًا بهدوء:


- لاه يا عهد بجولك خرچوني لو عتاچر فيه هخرچ ليه عاد.


شعرت باطمئنان قلبها وابتسمت ملامح وجهها بسعادة وارتياح، فأكمل هو منتهزًا تلك الفرصة بمكر:


- هو رايد يخطفك منيّ وجدر يعملها عشان يجربلك ويحرج جلبي عليكيؤ همليه يا عهد وأني هتچوزك بعد كل دِه لأني لساتني رايدك وبحبك. 


حركت رأسها نافية، وحاولت أن تشرح له الأمر بارتباك وخوف:


- لاه يا حسن هو مجربليش لحد دلوك، مخابراش اتچوزني ليه بس برضك مهينفعش اهمله. 


شعر بالصدمة تسيطر عليه بعد جملتها، فعاد حديثها مرة أخرى بخبث مبتسمًا:


- يعني عمران لحد دلوك مجربلكيش كيف، أمال اتچوزك وعيحرج جلبي عليكي ليه؟ 


اومأت برأسها أمامًا مؤكدة بصدق:


- إيوه والله يا حسن ما جربلي سلامة جلبك من الحُرجة، بس برضك مهينفعش اللي عتطلبه منيّ فيها جطع رجبتي عمران وجتها مهاسميش عليّ. 


سارت رعشة قوية في كامل جسدها بعدما فكرت في حديث حسن خوفًا مما سيفعله بها وهي تتخيل فقط، وتعلم أن الحقيقة ستكون أسوأ بمراحل لذلك حركت رأسها نافية تخرج تلك الفكرة السامة من عقلها حتى لا تنفذها بعدما علمت عواقبها وتخيلت رد فعله القاسي، كما أنها علمت بمشاعره نحوها، كيف يعشقها بصدق.


انتهز حسن تلك الفرصة الذهبية، واقترب منها بجسده أكثر أصبح ملتصقًا به، شعرت بعدم الإرتياح والغضب من اقترابه المبالغ فيه بتلك الطريقة فدفعته بقوة نحو الخلف محاولة الإبتعاد تترجاه بضيق:


- حسن بـعّد عنيّ ميصُحش إكده، أني مرت أخوك دلوك. 


تعامل بجراءة كما لو أنه لم يستمع إليها فبدأت تضربه بقبضة يدها بعنف وقوة لكنه لم يتحرك من مكانه بل يزداد اقتراب منها قبل أن تلامس شفتيه خاصتها اعتلت نبرتها المترجية صائحة بغضب ودموعها تسيل فوق وجنتيها بضعف ومهانة:


- حـسـن بجولك هملني، بعّد عني ميصُحش اللي عتعمله معايّ. 


لم يبالِ بدموعها بل أسرع يبتعد عنها مرغمًا عندما ارتفعت نبرة صوتها وكاد أن يستمع إليها جميع المنزل بالعاملين به، دفعها بغضب وعاد بخطواته نحو الخلف فارتطمت رأسها بالشجرة بقوة ألمتها وتسببت في جرح خفيف برأسها، صدر عنها تأوه خافت واضعة يدها فوق رأسها بضعف:


- آه راسي.. 


لم يهتم  لأمرها بل وبخها بعنف غاضب:


- بجى للدرچادي مرايداش جربي. 


تحاملت على ذاتها وابتعدت عنه مسرعة، حتى لا يكرر اقترابه منها مرة أخرى بجراءة متبجحًا بها مثل الآن لأنه لازال يحبها ويريدها:


- مش إكده يا حسن بس ميصُحش أني متچوزة ومهاخونش چوزي كيف ما جولتلك. 


رد عليها ساخرًا مبتسمًا ببرود:


- چوزك اللي مجربلكيش لحد دلوك. 


شعرت بالندم لأنها أخبرته بذلك الشيء الخاص بينهما، والغضب ظهر عليها لكنها أجابته تدافع عنه بقوة ضارية:


- ديه حاچة بيناتنا، بعدين هو راچل رايد جربي بالمحبة والرضا. 


أكملت حديثها بجدية وهي تسير مبتعدة عنه في طريق غرفتها لتداوي جرح رأسها البسيط تاركة جرح قلبها الغائر ينزف بغزارة دون أن تهتم وتجد مَن يداويه فذلك تحديدًا لن تستطيع مداواته بذاتها:


- مبارك رچوعك يا حسن بس بلاش اللي عتفكر فيه مهيحصُلش واصل، أني حتى لو هملته بجيت متحرمة عليك لأن غير إكده عمران هيجتلنا احنا التنين وأنت خابر حديتي زين، وأني مهبجاش خاينة ليه.


اختفت من أمامه متوجهة نحو غرفتها بأنفاس لاهثة لا تعلم على مَن تقسو الآن؟ عليه أم عليها؟ على قلبه أم قلبها؟ لكن ذلك القرار هو الأنسب لهما، من الواضح أن القدر لم ينصف حبهما وكتب عليهما الفراق ومذاقه المُر، ومن المؤسف أن لا أحد يهرب من قدره، لكنها كانت غافلة عن الأعين التي تشاهد ما حدث منذُ البداية.


جلست تداوي جرحها ولم تشعر بألمه فهناك ألم أقوى ينبعث من داخلها كاد ينهي حياتها وقادر على فعلها في أي وهلة، لكنها تنتظر عودة عمران حتى تتحدث معه معلنة غضبها منه لأنه كذب عليها كان يريد أن يظهر شقيقه بصورة سيئة أمامها لتكرهه ويرضي كبرياءه.


وقف حسن يتابع أثر اختفائها من أمام عينيه المشتعلة بالغضب وصدر عنه سباب غاضب وعقله يعيد عليه حديثها وتمسكها بعمران حتى وإن كانت لن تهواه لكنه زوجها وترفض الابتعاد عنه، رأى التغير الكبير الذي حدث لها فأمامه امرأة ناضجة تفكر بعقلها وبعواقب ما ستفعله على الجميع ليست مثلما تركها كانت مندفعة تسير خلف فؤادها بخطوات عمياء لم تنفذ سوى ما يريده قلبها العاشق. 


❈-❈-❈


في المساء.. 


عاد عمران من العمل بوجه مقتضب يبدو عليه الغضب فلم يتوصل إلى الحقيقة حتى الآن، هو علم من الضابط أن هناك مَن آتى واعترف أن السلاح المتواجد خاص به وليس بحسن الجبالي، لكن ما يسيطر على عقله ويجعله يظن أن هناك شيء خاطيء يحدث خفية بغموض وتخطيط ماكر  أن ذلك الشخص ليس من أهل النجع فكيف استطاع أن يدلف بالسلاح داخل النجع، هناك تفكير قوي يسيطر عليه أنهك عقله بات منفجرًا بسببه. 


حاول أن يتوقف عن تفكيره قليلًا ولن يتحدث في ذلك الأمر سوى بعد إنجلاء الحقيقة واضحة أمام عينيه ليضحى متأكدًا منها،لفت نظره تلك الجالسة ترمقه بدهشة ما أن ولج الغرفة لكنها تضمد رأسها كما لو أن بها جرح اقترب منها بلهفة شاعرًا بقلبه ينتزع من مكانه بقلق ضاري خوفًا عليها:


- إيه اللي حُصل لراسك؟ 


بللت أطراف شفتيها وللمرة الأولى التي لم تتعجب من اهتمامه ولهفته المبالغة لها بعدما بات الأمر متضحًا أمام عينيها، وعلمت بعشقه لها،فأردفت تجيبه بهدوء:


- لاه مفيش حاچة راسي اندجت بالحيط حاچة بسيطة. 


لازال قلبه يشعر بالقلق فغمغم بعدم اطمئنان:


- أچيب دَكتوره تشوفه لچل ما نتطمنُ. 


حركت رأسها نافية وتمتمت بصدق تطمئنه:


- لاه مهياش مستاهلة لدَكتورة دِه چرح صِغير ومعيوچعنيش كُمان. 


وضع يده فوف رأسها يتحسسه بحنان وسألها بشك مضطربًا خوفًا عليها:


- متوكده معيوچعكيش؟ 


اومأت برأسها أمامًا تؤكد حديثه بصمت، ثم ابتعدت عنه ووقفت قبالته مغمغمة بجدية:


- رايدة اتحدت ويّاك يا عمران ومجادراش اسكت أكتر من إكده. 


قطب ما بين حاجبيه بدهشة من حدتها فغمغم متسائلًا بحدة حازمة:


- بِدك تتحدتي في ايه يا عهد. 


يخفق قلبها وتزداد ضرباته بسرعة عالية عندما تستمع إلى اسمها منه لتتذكر ذلك اللقب الذي استحوذ عليها معجبة به ما أن استمعت إليه منه، تنتظره أن يتفوه به مرة أخرى، مهما رددته بينها وبين ذاتها لم يكن بذاك الجمال الذي استمعت إليه منه تلك الليلة صباحًا، لكن سرعان ما زجرت ذاتها بعنف فهو يقف ينتظر حديثها بغضب وتلك الحمقاء تفكر في ذلك الأمر. 


التقطت أنفاسها بصعداء وأجابته بجدية يملأها العتاب:


- ليه كدبت عليّ، وجولت أن حسن مهواش مظلوم وهو ملوش دعوة باللسلاح ليه عتكدب عليّ.


صاح بها بغضب حاد وتشنجت عضلات جسده باحتدام:


- أني معكدبش عليكي، واتحشمي بلاش حديت ماسخ عاد. 


ابتعدت عنه بخطواتها خوفًا من غضبه الضاري مستنكرة  حديثه بعدم فهم:


- يعني ايه معتكدبش عليّ، وهو خرچ وملوش صالح باللي حُصل. 


مسح على وجهه بعصبية، وزفر بغضب حاد متوهج بداخله ليجيبها بنفاذ صبر:


- عهد بلاها حديت دلوك. 


تأفأفت بضيق متسائلة بجدية متعجبة من هروبه الدائم منها عندما تتحدث في ذلك الأمر تحديدًا:


- امال عنتحدتُ ميتى؟ ميتى هتجولي الحجيجة؟ أني رايدة اعرف كل حاچة دلوك مهجدرش اجعد إكده، ورايدة اسمعها منيك. 


أسرع قابضًا فوق ذراعها بقوة يجذبها منه، وهدر بها بعنف:


- بزياداكي حديت ماسخ جولت مش دلوك، هتحدت على كيفك عاد. 


قال جملته الأخيرة بتهكم ساخرًا بعدما شدد قبضته فوق ذراعها فتأوهت بألم وصمتت لم تعقب ولم تتحدث حتى أنها لم تخبره بوجعها أسفل قبضته ترمقه بصمت وعتاب ونظراتها معلقة عليه. 


دفعها نحو الفراش بغضب عندما وصل إليه تأوهها الخافت وصدره يعلو وبهبط بضيق غاضبًا من نظراتها المعاتبة لكنه أنهى الأمر بحدة حازمة:


- مفيش حديت في الموضوع دِه لا دلوك، ولا بعد إكده افهمي حديتي زين مرايدش اجوله تاني. 


غرزت أسنانها في شفتيها بعدم رضا أسفل نظراته المليئة بالرغبة في تقبيل شفتيها الغارق بعشقهما لكنها أجابته معترضة بغضب:


- لما مفيش حديت كيف ما عتجول ليه جولتلي إكده من اللول وجولتلي هتُبجى تفهمنيّ. 


طالت نظراته بها وعينيه مثبتة عليها بغضب لكنه حاول التحكم فيه ليعيد حديثه عليها مرة أخرى بنبرة تزداد حدة:


- أني جولت اللي عنديّ ومرايدش أعيد حديتي من تانيّ متتحدتيش في الموضوع دِه بعد إكده، وملكيش صالح بيه. 


أنهى حديثه وسار من أمامها متوجه نحو الأسفل بخطوات غاضبة اتجه نحو الأسطبل الخاص بالخيول، وقف أمام الخيل الخاص به والذي يفضل ركوبه دومًا ذو اللون الأسود الحالك أشبه بظلام الليل، يربت فوقه ويتطلع داخل عينيه بوجع، فصدر عنه صهيل باسل وكأنه يخبره أنه يشعر به فربت عليه بحنان واضعًا وجهه فوقه، وأسرع يركب فوقه وانطلق به بسرعة عالية يحاول أن يفرغ طاقة الغضب المشحونة بداخله. 


بينما هي هندمت هيئتها ووقفت داخل الشرفة تفكر بشرود مقررة ألا تفتح معه حديث مرة أخرى، بعدما رأت موجة غضبه المهتاجة، رأته وهو على الخيل فنمت فوق شفتيها ابتسامة لا تدري لِمَ؟ لكن سرعان ما رأت حسن الذي ظهر لها من وسط الظلام يرمقها بغضب، سرعان ما اختفت ابتسامتها وشعرت بالخوف والحزن وقد عاد قلبها يذكرها بالمشاعر المتواجدة بداخله، لم تجد أمامها سوى الهروب كعادتها تاركة العشق يتردى مصطحبًا معه سعادة قلبها، وسارت نحو الداخل مسرعة بعدما أغلقت الشرفة مرة أخرى تحاول أن تهدأ وتسيطر على مشاعرها المندفعة، لكنها تفكر طالبة من عقلها النجدة قبل أن تفعل شئ تندم عليه فبقيت داخل غرفتها تنتظر عودة زوجها كما كانت... 


❈-❈-❈


بعد مرور شهر.. 


لم يحدث فيه شيء جديد، كانت عهد كما هي تحاول قدر المستطاع الابتعاد عن حسن الذي لم يترك فرصة تمرئ بسلام ينتهزها ليقترب منها بشتى الطرق لكنها تبتعد، كما أصبحت تتعامل مع عمران بهدوء عما كانت تنفذ جميع حديثه حتى لا تثير غضبه، كانت تسير متوجهة إلى الاسفل لتناول الطعام وذلك آخر شيء تفكر به قبل أن تسقط مغشية عليها مصطحبة بصرخات صفية العاملة التي شاهدتها:


- يامريّ الحجي يا ست فَهيمة الست عهد باينها فجدت وعيها وتعبانة. 


توجه الجميع نحوها عدا عمران الذي كان لم يعُد من عمله بعد، حملها حسن يضعها فوق الأريكة المتواجدة في بهو المنزل وأحضر الطبيبة مسرعة ويقف بجانبها بقلق شديد، بدأت الطبيبة تفصحها بعناية بعدما استعادت وعيها، وأردفت بعملية مبتسمة بهدوء:


- متجلجوش يا جماعة الست عهد زينة والعُمدة الصَغير هيشرف عن جريب، مبارك يا ست فَهيمة الست عهد حِبلة. 


شعرت عهد بالقلق يغمرها كاد أن يتوقف قلبها مستنكرة حديث الطبيبة، ماذا تقول تلك الحمقاء هي حامل كيف؟! كيف تحمل دون أن يمسها أحد، رعشة قوية أصابت جسدها وقلبها الذي ينبض رعبًا مما سيحدث لها، سألت الطبيبة بضعف من بين دموعها التي بدأت تسيل فوق وجنتيها:


- إنتي متوكده يا دَكتورة أني حِبلة؟ 


اومأت إلى الأمام تؤكد حديثها بهدوء، وهي تلملم اغراضها بعملية: 


- إيوه طبعًا متوكده يا ست عهد، مبارك ربنا يجومك بالسلامة ونتطمنُ عليكي وعلى العُمدة الصغير. 


أنهت حديثها وسارت من أمامها تغادر المنزل مسرعة تاركة تلك خلفها تبكي بعنف تود الصراخ وتخبرها أنها لازالت عذراء كيف تحمل الآن؟ تفكر تلك المسكينة في عمران وماذا سيفعل معها عندما يعلم، بالطبع حديث الطبيبة خطأ لكنه لن يفهم ذلك، شعرت بتثاقل أنفاسها ونبضاتها التي بدأت تقل مع وجهها الذي شحب بضراوة والرعب أصابها عندما رأت عمران يدلف بملامح مندهشة من اجتماع الجميع حولها، وبكاؤها الذي يزداد شعر بالخوف عليها يفكر أن هناك مَن ازعجها مثلما يفعلون دومًا. 


اقترب بجانبها بعدما دفع حسن بعيدًا، متسائلًا بقلق:


- في إيه؟ إيه اللي حُصل يا عهد؟


بقيت صامتة لم تتحدث ولا تدري كيف تخبره بما حدث وخاصة أمام الجميع، تعلم أنه إذا علم سيقتلها لا مفر، تمسكت بيده بقوة ويديها ترتعش لكنها لم تبالِ، فأسرع يربت فوق كتفها بحنان لتهدأ.


مصمصت والدته شفتيها ساخرة، وأجابته بتهكم وضيق: 


- مرتك حِبلة عتبكي لچل إكده، مبارك يا عمران. 


قالت حديثها بعدم رضا لكن عهد شعرت أن روحها تنسحب من جسدها شاعرة ببرودة يده المتمسكة بها، وتجمد جسده وهو يرمقها بنظرات حادة كالسهام تخترق جسدها حركت رأسها نافية وهي تتطلع داخل عينيه  وكأنها تقول له أنها لن تفعلها،  بقي كما هو يقف جامد بشموخ وملامح وجه جامدة لكن الغضب خرج من عينيه ونظراته التي تفهمها جيدًا، وقبل أن يصدر منه رد فعل أمامهم ردد حديث والدته بينه وبين ذاته كأنه يتأكد مما استمع إليه:


- مرتي حِبلة... حِبلة! 


وهي تحرك رأسها نافية تنتظر ما سيفعله بها وتعلم أم الموت سيكون نصيبها، ظهر فجأة صوت حسن الساخر: 


- عتباركيله على إيه يمّا، باركيلي أنيّ هي حِبلة صُح مش منيّ مش منيه. 


اقترب هامسًا داخل أذنيه بمكر ليؤكد حديثه ببرهان قوي: 


- تشكر يا وِلد أبوي أنك متجربتلهاش. 


دفعه عمران بعيدًا عنه بغضب، وعينيه مصوبة نحو تلك الصامتة التي تشعر باختناق كأنها ستموت لكنها حقًا ستموت على يديه دون أن يتردد، تارك هواها يتردى من فؤاده ليحل محله الكره و الانتقام، سيترك قيوده تلتف حول عنقها لتسلب روحها.. 


المرة دي إهداء الفصل لعزيزتي الغالية التي تغمرني دومًا بحبها ودعمها الدائم وتفاعلها المستمر مع الرواية بشكل خاص أشكرك من قلبي وسعيدة لمتابعتك لي وأود أخبرك بحبي الكبير لكِ 

عزيزتي الغالية Huda Ghazy 


❈-❈-❈❈-❈-❈❈-❈-❈❈-❈-❈❈-❈-❈❈-❈-❈❈


رأيكم يا  حبايبي في الفصل وتوقعاتكم للقادم تفتكروا هيحصل ايه وعمران هيعمل ايه؟

وعهد هيحصل فيها ايه؟

تكملة الرواية من هناااااا

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا


تعليقات

التنقل السريع