القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية جبل النار الفصل الثامن عشر 18بقلم رانيا الخولي

 رواية جبل النار الفصل الثامن عشر 18بقلم رانيا الخولي



رواية جبل النار الفصل الثامن عشر 18بقلم رانيا الخولي


الفصل الثامن عشر


في مكان اخر كان توفيق يحتفل بذلك النصر بعد ان تنازل خليل عن القضية، وانتهت تلك العقبة التي وقفت أمامه 


فلم يحضر خليل الجلسة بسبب حالة ابن أخيه وترك تلك الشياطين تتلاعب بالقضاء


سألته سهى


_طيب والكاميرا اللي سيبنها دي.


اخرج توفيق بعض الأموال من خزينته وقدمها لها قائلاً 


_خلاص معدش ليها لازمة، القضية بقيت في جيبنا وخلاص دورك انتهى لحد كدة.



❈-❈-❈



دلف سليم شقته بالخارج التي قام بشراءها لأجل ان يسكن بها مع من أحب 


تنحى قليلاً كي يسمح لها بالدخول ثم قام بحمل الحقائب واغلق خلفه الباب


تطلعت إليه وعد بوجوم ومازالت على نفس موقفها منه فقالت بتبرم


_انا…..


قاطعها سليم كي يرفع عنها الحرج


_من غير ما تقولي حاجة أنا مش جايبك هنا لنفسي، أنا جايبك عشان تبني لنفسك شخصية تانية، شخصية ملهاش أي شوائب ولا نقطة ضعف تهزها


من الصبح هقدملك في جامعة خاصة تكملي تعليمك، ولو عايزة تستقلي بأوضة لوحدك مش هعارض ولا امنعك، هنا ليكي مطلق الحرية بس مش معنى كدة إنك تعملي حاجة تقل مني ومن كوني جوزك


خدي الوقت اللي انتِ عايزاه مش هجبرك على حاجة.


حمل حقيبته وهم بالتحرك لكنها أوقفته قائلة


_أوعى تفتكر إن كلامك ده هيغير حاجة، انا خلاص بعد اللي عملته قلبي اتقفل من نحيتك ومش بسهولة هيرجع يأمنلك تاني.



اومأ لها بصمت ودلف لأحدى الغرف على أمل أن تأتي خلفه 


لكن خاب ظنه عندما سمع صوت إغلاق الغرفة المجاورة فعلم حينها بأنها وافقت على أن تمحي شخصيتها وتسعى لبناء أخرى.



❈-❈-❈



فقد خليل اعصابه عندما استمرت غيبوبة ابن أخيه ولم يستيقظ منها


فقال الطبيب يهدئه


_اهدى بس سياتك قولتلك الموضوع مسألة وقت.


انفعل خليل اكثر وقال بانفعال 


_ازاي وانت بنفسك قولتلي ان حركت ايديه دليل على انه فاق منها.


اكد الطبيب حديثه


_دي حقيقة بس لما كشفنا على بؤبؤ العين ملقناش استجابة منها وده حاجة من الاتنين


يا إما حركة ايده واستجابته للوغز ده مجرد ردود وهمية يا إما…..


ضيق عينيه مستفهمًا فيتابع الطبيب 


_يا إما يكون فقد بصره.


انقبض قلب خليل بخوف وتمتم بعدم استيعاب 


_انت بتقول ايه؟


_انا مش متأكد بس كلمت دكتور الاشعة….


قاطعه خليل بحزم


_انا هجيب طيارة مجهزة وأسافر بيه على أمريكا.


حاول الطبيب اثناءه عن رأيه


_صدقني….


قاطعه خليل بلهجة لا تقبل نقاش


_مش عايز اي اعتراض.


وافق الطبيب على مضض وقاموا بالفعل بتجهيز طائرة خاصة بحيث تكون مهيئة لحالته وقام خليل بطلب اجازة مفتوحة كي يظل بجوار ابن أخيه.


❈-❈-❈



في المشفى وبعد مرور اسبوعين 


عادت أسيل لوعيها بعد أيام طويلة حاولت فيها بكل الطرق التهرب من واقعها لكن يبدو أن الدنيا لن ترحمها واعادتها إلى جحيمها.


وما إن فتحت عينيها حتى تكابلت عليها الذكريات بأشدها فتعود الرجفة تنتابها 


لكن تلك اليد التي أمسكت يدها جعلتها تهدئ قليلًا وصوتها الحاني يقول


_أنا جانبك متخافيش


تطلعت أسيل إلى أمينة التي ظلت جوارها ولم تتخلى عنها لحظة واحدة 


حاولت التحدث فإذا بصوتها مختنق لا تقوى على التحدث، شعرت بها أمينة وتمتمت بحنو


_الأيام الصعبة دي خلاص عدت ودلوقت بقيتي حرة وبعدتي عن أذاهم.


اغمضت عينيها بألم وتمتمت بصوت مختنق بالدموع


_بس التمن كان غالي أوي.


لم تقصد سلبه لها اعز ما تملك بقدر ما تقصد صدمتها به، قلبها يؤلمها بشدة وروحها معذبة وقد كانت القشة التي قصمت ظهر البعير.


 


انتبهت لفتح الباب ودخول أحدهم وعندما أقترب منها سمعته يحدثها


_حمد لله على السلامة.


تطلعت بوهن إليه فتجده ينظر لها مبتسمًا


اومأت بضعف ثم قام بمعاينتها 


_لااا بقينا أحسن بكتير.


أومأت له بوهن وقالت أمينة


_أنا بقول كفاية كدة وخلينا نروح، أنا خايفة حد يعرف بوجودها.


طمئنها حازم بروية 


_متقلقيش يا أمي أنا عامل حساب كل حاجة من النهاردة هتكون حور صالح وهتبدأ حياة جديدة بالاسم ده أسيل مش هيكون لها وجود من بعد النهاردة.


تطلعت أمينة لأسيل تنتظر ردها لكنها كانت بعالم آخر لا تبالي بما يقوله ولن تبالي بشيء بعد الآن.


تابع عندما لم يجد منها رد 


_انا هكلم الدكتور مصطفى واخليه يكتبلك على خروج.


خرج حازم وبدأت العبرات تتجمع بعينها


فتضغط أمينة على يدها اكثر وتقول بثقة


_خلاص يا أسيل كله عدى ومر، احنا دلوقت ولاد النهاردة واللي فات صفحة وانطوت مش هنقلب فيها.


هزت رأسها بضياع وهي تتمتم بصوت واهن


_مش بالسهولة دي، يارتني كنت سمعت كلامك.


تأثرت أمينة بحالتها 


_محدش بيتعلم ببلاش.


أخذت أسيل تنتحب وتمتمت بألم


_بس التمن كان غالي أوي.


_وعوض ربنا أغلى بكتير، احمدي ربنا انه فوق سليم في الوقت المناسب و….


قاطعتها أسيل بشجن


_ياريته كان موتني وارتحت من العذاب ده.


_متقوليش كدة بكرة تنسي كل حاجة وتعيشي حياة هادية بعيد عن الرعب اللي كنتي عايشة فيه.


قاطع حديثهم دخول حازم ومعه الطبيب المعالج لها وفور رؤيته سألها مبتسمًا 


_عاملة ايه دلوقت يا أنسة حور.


لم تفهم أسيل شيء لكن إيماء حازم لها بأن تجارية جعلها تجيبه باقتضاب 


_كويسة.


قام بمعاينتها 


_بقينا احسن بكتير 


تطلع إلى حازم وتابع


_تقدر تخرج عادي بس لازم تتابع معانا كل فترة عشان نطمن أكتر، وبفضل انك تعرضها على دكتور نفسي عشاني الصدمة اللي اتعرضت لها متأثرش عليها.


أومأ له حازم وخرج الطبيب  ثم دنى منها ليقول بتروي


_الحمد لله الدكتور طمنا هخلص اجراءات المستشفى تكونوا جهزتوا واروحكم 


سألته بحيرة


_بيت مين؟ ومين حور دي؟


_أولا يا ستي البيت ده يبقى بيتنا القديم اللي هتعيشي فيه انتي وأمي من النهاردة، وبالنسبة لحور فمن النهاردة هتكوني مكان حور أختي اللي غرقت في البحر وهي صغيرة.



❈-❈-❈



_أ..سـ..ـيل.


عاد داغر إلى عالمه وهو يردد اسمها بتثاقل


كان يشعر بأنه داخل دوامة شديدة وكلما حاول الخروج منها تسحبه أكثر داخلها


لكن عليه ان يعافر لأجلها، عليه أن يعود لها ليس له حياة بدونها.


هي روحه التي لا يستطيع العيش بدونها فإذا فارقته فارقته الروح معه


بصعوبة أشد ردد اسمها


_أ…سـ..يل.


يناديها يريد أن يصرخ بعلو صوته كي تسمعه وتعود إليه 


أري بك الطمأنينة والسكون ..


أري بك الحب والأمان ...


وأري فيك جمال الدنيا وعشقها ...


وأري فيك لذة الحياه وشغفها ..


أراك بعين قلبي العالم وما فيه ..


وكلما نظرت إلي طريق..


 أري كل طرقي وجميعها تقودوني إليك ..


لأنعم فيهم بالهدوء والأمان الذي لا أجده إلا معك....


فأنا دائما أراك كلماتي وهمساتي...


 وأراك دائما أول سطر في أحرفي..


 لأغزل بك أجمل سطور روايتي..


 التي لاتكتب نهايتها أبدا إلا لك ....


خاطرة بقلمي...


Rasha Saber



اسرع إليه خليل الذي غفى على الأريكة وسأله بلهفة 


_داغر انت سامعني.


ضغط على الزر بجوار الفراش فوجد الطبيب وخلفه الممرضة دالفين الغرفة فيسأله الطبيب


_ماذا حدث؟


رد خليل وهو يسمح للطبيب بمعاينته


_لقد تحدث الآن وقام بتحريك جفنيه لوهلة.


سأل الطبيب داغر


_سيد داغر هل تسمعني؟


أومأ داغر بحركة واهنة منه فعاد الطبيب يسأله


_هل تستطيع فتح عينيك، إن كان بإمكانك فعلها فلتفعل الآن.


فتح داغر عينيه ثم أغلقها واعاد الكرة لكنه لم يستطيع الرؤية


هو لا يعرف أين هو، ولا مع من يتحدث فأعاد الطبيب قوله مما جعل داغر يتحامل على نفسه وتمتم بخفوت


_لا أعرف… لا …أستطيع… فعلها.


قام الطبيب بأخراج جهاز اضاءة صغير واضاءه امام عينيه 


_هل بإمكانك رؤية ذلك الضوء.


لا يعرف إذا كانت عينيه الآن مفتوحة أم مغلقة لكن في تلك الحالتين هو لا يري أي شيء


حقيقة مرة لكنها أصبحت واقعه 


في لمح البصر فقد كل شيء ولم تفلح العمليات التي تكررت في إعادة بصره المفقود 


وآخر ما أخبره الطبيب بأن العامل هنا يعد نفسي والموضوع مسألة وقت 


لم يفكر في اعاقته كما يفكر بها


أين هي؟


لم تسأل عنه؟


ألم تسمع عن الخبر؟


أم سمعت وفضلت الإنسحاب؟


كان في غرفته عندما سمع صوت والده في الخارج يتشاجر مع عمه


_ايه يا خليل اللي انت عملته ده، بقا توصل انك تلغيني من حياة ابني وهو في الحالة دي؟


حاول خليل التحدث بروية معه


_أهدى يا وجدي مش كدة.


علا صوت وجدي


_اهدى ازاي وانا باعرف اللي حصل لابني بالصدفة مكنتش هتعرفني.


حاول خليل التحدث بتروي كي لا يزيد من انفعاله


_صدقني في الوقت ده مكنتش في وعيي، داغر كان بيموت بجد ومن خوفي عليه مفكرتش أعرفك.


_عمي.


انتبه كلاهما لصوت داغر فتقدم وجدي أولاً يدلف الغرفة وكان داغر جالساً على حافة الفراش فقال بلهفة 


_داغر ابني الف سلامة عليك.


رفع داغر يده يوقف والده عندما شعر بخطواته تتقدم منه وقال بحزم


_أنا قلت عمي.


بوغت وجدي برده وتمتم بإحراج 


_بس انا موجود يا داغر.


علا صوت داغر نسبياً 


_وانا مطلبتش غير عمي.


حاول وجدي البحث عن تبرير لموقفه 


_أقسملك يا داغر ما كنت أعرف حاجة عن الحادثة دي ولو كنت اعرف عمري ما كنت هتأخر.


_انا مش بعاتب حد كل اللي طالبه خصوصية مع عمي.


شعر وجدي بالحرج أكثر وخرج من الغرفة 


تقدم خليل منه وهو يقول بعتاب


_عيب أوي الأسلوب اللي اتكلمت بيه ده، دا مهما كان أبوك.


نهض داغر ليتحسس الارض بقدمه العارية كي يصل للمقعد بعد أن رفض حمل العصاه وتمتم بهدوء يخفي بداخله إعصار غاضب


_عمي لو سمحت انا مش عايز جدال ملوش لازمة 


جلس على المقعد وتابع


_أنا عايز اطمن على أسيل، أكيد عرفت الخبر وقلقانه عليا.


تعب خليل من التحدث معه في هذا الأمر وقال بضجر


_لو قلقانة عليك كانت اتصلت يا داغر.


رفض الاعتراف بذلك وقال بتسويف 


_لأ أكيد في حاجة منعتها عايز أكلمها واطمن عليها.


وافقه خليل وقام بتناول هاتفه من الطاولة بجواره وقام بالاتصال بها لكن مثل كل مرة هاتفها قيد الإغلاق.


_الفون مقفول زي كل مرة.


لم يتقبل الأمر وقال برجاء 


_معلش حاول تاني.


قرر المحاولة لكن لا فائدة 


استاء خليل عندما لاحظ الحزن عليه لذا ربت على ساقه وقال بثبوت 


_أنا هحاول اوصلها واطمنك عليها.


لم يتقبل الانتظار وقال برجاء


_طيب دور في الرسايل أكيد بعتت رسالة تسأل عليا..


بحث خليل لكن لا رسائل بينهم منذ يوم الحادث.


_مفيش يا داغر أي رسايل من وقت الحادثه، ياريت نهدى كدة ونفكر في نفسنا، الدكتور أكد إن حالتك دي نفسية فياريت متجهدش نفسك بالتفكير.


وضع رأسه بين يده يسب ذلك العجز الذي جعله مقيد لا يستطيع الوصول إليها فتحدث خليل بتعاطف 


_متقلقش انا النهاردة هطمنك عليها.


رفع رأسه بضياع وقال بانفعال




_قلت الكلام ده قبل كدة ومفيش حاجة اتنفذت منه، عمي متخلنيش أحس بالعجز أكتر من كدة انا بقالي تلات شهور محبوس في الضلمة دي ومحجوب عن العالم كله


حاول خليل تهدئته قائلاً بروية


_طيب أهدي وأنا حالاً هعرفلك كل أخبارها.



قام خليل بالاتصال بأحد معارفه وطلب منه محاولة التواصل معها.


لم يجد وجدي داعي لبقاءه في المشفى وابنه لا يسمح له بالتقرب منه


لا يعرف لما ذلك الجفاء


طلب منه السفر معه لكنه هو من رفض واصر على البقاء مع عمه وزوجته.


إذا كان بعده ما يريد فليفعل ما يشاء.



ظل داغر ينتظر ذلك الرد على أحر من الجمر 


يسأل عمه كل دقيقة حتى تعب منه وقال بثبوت 


_أهدى يا داغر الرجل اول ما يقدر يوصل لحد من الشغالين ويعرف حاجة هيقولنا.


قاطع حديثه صوت هاتفه وقال بحبور


_اهو يا سيدي الراجل متأخرش.


رد عليه وأخذ داغر يستمع إلى حديثه معه بترقب حتى انهى المكالمة


التزم خليل الصمت لا يعرف كيف يخبره بما سمعه وعندما طال صمته سأله داغر بتوجس


_خير يا عمي؟ ساكت ليه؟



_أصل….


سأله داغر بقلق


_في ايه يا عمي ما تتكلم على طول، أسيل جرالها حاجة؟


لم يعرف خليل كيف يصيغ كلماته لذا قرر ان يتحدث بصراحة فغمغم قائلاً 


_البنت سافرت ايطاليا، وبيقولوا انها استقرت هناك ومش هترجع تاني.


قطب جبينه بحيرة وسأله


_إيطاليا. ليه؟


_معرفش الشاب اللي كلفته يتحرى عنها سأل واحد من الأمن وقاله أنها سافرت إيطاليا تاني عند جدها.


ازدادت قضبة جبينه بحيرة وهو يتساءل عن سبب ذلك 


ولما لم تخبره؟


هل أغضبها منه عندما كانت معه لذا قررت السفر؟


لكنه لم يتذكر.


لم يتذكر اي شيء سوى استيقاظه في المشفى بالخارج


إن كان قد ضايقها لما لا تعاتبه.


لما فضلت الهرب على أن تقتص منه.


أم أن هناك سبب أخر وهو الفرار من عجزه


لابد ان الخبر قد وصل لها


هو على يقين من ذلك لذا كان عليها الهرب 


وضع رأسه بين يديه لا يعرف كيف خدع بها


من ظنها ملاكًا قامت بطعنه بكل غدر ولم تبالي لحاجته إليها 


نعم يحتاجها وبكل جوارحه


اراد ان تكون دافعًا له للشفاء 


الآن اسودت الدنيا بعينه ولم تعد للدنيا أي أهمية..


❈-❈-❈



كانت أسيل ملتزمة الفراش بسبب ذلك الدوار الذي لا يتركها فقد ازداد في الآونة الأخيرة وأصبح ملازمًا لها.


رمشت بعينيها عندما أقتحم الضوء الغرفة مرة واحدة عندما فتحت أمينة النافذة 


فقالت أسيل باعتراض وهي تخفي عينيها


_ايه يا دادة في ايه؟


دنت منها لتجلس على الفراش بجوارها وتقول بتعنيف


_وبعدين معاكي هتفضلي كدة لحد أمتى؟


اعتدلت أسيل لتستند بظهرها على الوسادة وغمغمت بتعب


_عايزاني اعمل ايه بس؟


_تقومي تخرجي تقعدي في الهوا شوية، بلاش كاتمة الاوضة اللي هتتعبك أكتر دي.


جذبت ذراعها كي تجبرها على النهوض


_قومي نقعد على البحر شوية.


تمتمت أسيل برجاء


_بس انا فعلاً تعبانة النهاردة أوي، حاسة إن الدوخة دي بتزيد.


لم تتقبل أمينة اعتراضها وقالت بإصرار 


_متهيئلك قومي بس معايا نحضر الفطار مع بعض ونفطر برة على البحر.


طاوعتها أسيل لكن ما ان وضعت قدمها على الأرض حتى شعرت بالغثيان وأسرعت بالذهاب للمرحاض تحت نظرات أمينة التي وضعت يدها على قلبها تخشى من شكها


عادت أسيل وهي تضع يدها على بطنها وقالت بألم


_تقريباً يا دادة أخدت برد في معدتي.


هزت أمينة رأسها وهي تتمتم بشك


_وممكن ميكنش برد.


قطبت جبينها وسألتها بحيرة 


_تقصدي إيه؟



ظهر الخوف على ملامح أمينة وهي تسألها


_انتي مش ملاحظة غياب حاجة؟


ازدادت قطبة جبينها للحظات قبل ان تفهم مقصدها


انقبض قلب أسيل عندما فهمت مغزى أمينة ثم تحولت انقباضته لضربات سريعة جعل الدوار يعود إليها 


هزت راسها بنفي لا ليس حقيقة لن تتحمل المزيد من المصائب فوق رأسها


تطلعت إلى أمينة وسألتها 


_تقصدي ايه؟


هزت راسها بحيرة 


_اقصد اللي فهمتيه بس خلينا نتأكد الأول.


قطبت جبينها بدهشة وعادت تسأل


_أتأكد إزاي؟


_مفيش غير إننا نروح للدكتور عشان نتأكد.


اهتزت نظراتها وقد شعرت بأن الدنيا تنهار من حولها.


تعالت ضربات قلبها من شدة الخوف وسالتها بتوجس


_وإن طلع حمل؟


هزت أمينة كتفها بحيرة


_مش عارفة يا بنتي بس حاجة زي دي ترجعلك انتي عايزة تحتفظي به هكون معاكي عايزة تنزليه انتي حره بس ده هيكون قتل روح بريئة.


تطلعت إليها بغرابة وتمتمت بضياع


_وروحي انا اللي اتقتلت.


ازاي هقدر اشيل جوايا حته منه بعد اللي عمله فيا


_والطفل ده ذنبه ايه 


صاحت بعذاب 


_وانا ذنبي ايه؟ ليه هو يعيش حياته وأنا أعيش بغلطته باقي حياتي وكمان اتحمل مسؤولية طفل منه


تفتكري لما يتولد أسجله ازاي؟


لو سألني فين ابوه أقوله ايه؟


نظرة المجتمع ليا وله هتكون ازاي؟


مستحيل أخليه في بطني لحظة واحدة.


ذهبت أسيل مع أمينة إلى المشفى وقد طلبت منها عدم أخبار حازم بذهابهم


لن تستطيع مواجهته إن تأكد شكهم


إن أكدت لهم الطبيبة ستطلب منها إجهاضه وتتخلص منه دون ان يدري بى اى شيء


دلفت غرفة الكشف فسألتها الطبيبة


_انتي متجوزة بقالك قد ايه يا مدام حور؟


اهتزت نظرات أسيل لكنها تحلت بالثبات قائلة 


_من تلات شهور.


أشارت لها بالتسطح على السرير لعمل السونار 


فتبدأ الطبيبة عملها ويظهر أمامها صورة الطفل الذي بدأ تكوينه، رفضت أسيل النظر إليه كي لا تضعف


كانت الطبيبة تشرح لها وهي بعالم آخر لا تريد أن تسمع شيء.


لا تريد أن تراه


ضربات قلبها تنبض بقوة آلمتها لكن عليها أن تكون أقوى من ذلك.


بعد الانتهاء قالت الطبيبة


_هكتبلك على مثبتات عشان….


قاطعتها أسيل وهي تنهض من السرير


_بس أنا جاية عشان أنزله.


اندهشت الطبيبة وبدا الشك يظهر عليها فقالت أمينة تصحح لها


_أصل في مشاكل بينها وبين جوزها وهما دلوقت على وشك الطلاق.


لم تقتنع الطبيية بقولها لكنها قالت 


_على العموم معنديش مانع بس عايزة موافقة الزوج الأول.


سألتها أسيل


_ولو موافقش.


ردت الطبيية 


_والله حاجة زي دي مرفوضة تمامًا إلا لو كان عن تعدي بنفضل اننا نساعد البنت ونخلصها من الفضيحة فـ….


قاطعتها أسيل بجمود


_بالظبط كدة لو سمحتي خلصيني منه.


اومأت الطبيبة لها ثم قالت


_عندنا طريقتين إنك تاخدي ادوية والجنين بينزل في خلال اسبوع بالكتير أوي أو عملية…


قاطعتها أسيل بثقة


_عملية ودلوقت.


كانت تريد أن تنهي الأمر قبل أن تتراجع فقد بدأ قلبها يحن إليه 


وافقتها الطبيبة وطلبت منها الذهاب معها إلى أحد الغرف في الطابق الأخير 


استلقت أسيل على السرير ودموعها تنزل بغزاره وقلبها يطلب منها التراجع 


لكن عقلها يأبى ذلك عليها ان تتخلص منه لأجله وليس لأجلها 


اغمضت عينيها عندما وجدت الممرضة تقترب منها وبيدها امبول الحقن


ودون إرادة منها وجدت دموعها تزداد حتى عالى صوت نحيبها 


تقدمت الطبيبة منها كي تهدءها لكن لفت انتباهها صوت عالي بالخارج.


أشارت للممرضة بأخفاء الحقن وجذب الستار على أسيل


لكن دخول ذلك الطبيب حال دون ذلك وهو يهدر بها


_انتِ يا دكتورة فاكرة نفسك فين؟ وازاي تعملي جريمة زي دي في مستشفى بالمكانة دي.


ارتعبت الطبيبة 


_يا فندم انا……


انفعل الطبيب أكثر 


_بلا فندم بلا زفت انتِ متحولة لمسائلة قانونية وهما يشوفوا شغلهم معاكي، اتفضلي برة.


تطلع الطبيب إلى أسيل التي تبكي بصمت فتقدم منها لتنصدم ملامحه عندما عرفها


_أسيل؟!!


❈-❈-❈


وقف في شرفة منزله شاردًا كعادته بها


لا تترك مخيلته لحظة واحدة هل حقاً كما أخبروه أنها رحلت دون عودة؟


لما؟


هل لأنها علمت باعاقته؟


إن كان ذلك لن يلومها


ما الذي يجبرها على البقاء مع ذلك العاجز الذي فقد كل شيء بلحظة.


نظره، وعمله، وبيئته.


فقط يعيش بظلام دامس لا يعرف نهاره من ليله


فقد أصبحت حياته ليلاً ويبدو أن لا نهاية له 


قلبه يسامحها ولا يعرف كيف 


يشعر بغصة حادة توجعه كأنها تناديه


لكن أين هي؟


يريد الوصول إليها أن يعرف منها سبب ذلك البعد وما حدث بتلك الليلة.


اسئلة كثيرة يريد الإجابة عليها


لا يتذكر سوى دخولهم للمنزل وحديثهم القليل ثم غاب كل شيء وكأن احدهم ضربه بمطرقة على رأسه أفقدته الوعي ولم يستيقظ إلا هنا في بلد أخرى.


سقطت دمعة حارقة على خده وحنين جارف يطالب بها


يريدها، يشتاقها يصرخ بصمت ينادي عليها عليها لعها يومًا تجيبه


لكن لم يجد سوى صدى صوته يعود إليه يواسيه.


سقط على ركبتيه حينما بلغ الألم مبلغه وأخذ يبكي.


يبكي على كل شيء ضاع منه وأولهم حبيبته


مازال قلبه الخائن يعشقها حد الجنون يطالب بها


لا حياة له بدونها وهي حقيقة لن يستطيع أحد ردعها.


اسند جبهته على السور الرخامي وأخذ ينتحب بشدة


لم يعد يستطيع تحمل ذلك الألم


لم يعد باستطاعته الصمود وهو في البداية


لو كانت معه لو كانت بجواره لهونت عليه كل شيء.


❈-❈-❈



وضعت العاملة كوب العصير أمام أسيل التي انتهت من سرد كل شيء لذلك الطبيب والذي آلمه حقاً ما مرت به.


انصرفت العاملة وقال عاصم


_اشربي العصير هيهديكي شوية 


مسحت أسيل دموعها وتمتمت بألم 


_مفيش حاجة هتقدر تهدي النار اللي جوايا يا عمي.


نهض ليجلس على المقعد المقابل لها وقال بتعاطف


_انا حاسس بكل اللي بتمري به، بس دي حاجة خارجة عن إرادتك محدش يقدر يدينك فيها.


تطلعت إليه بابتسامة مغمزة بالمرارة 


_دا اقرب الناس ليا ماقلش كدة فمبالك الغريب، مكنش قدامي حل غير إني أجهض الطفل ده.


_بس مش يمكن ده يكون عوض ليكِ.


ردت بألم


_يمكن بس تفتكر بعد ما يتولد هسجله إزاي


لما يسأل عن أبوه هقوله ايه.


رد عاصم بحكمة


_شوفي يا بنتي ربنا قال في كتابه العزيز( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ) يعني ربنا مش بيخلق حاجة عبث وخلاص أكيد له حكمة في ده وعشان كدة بقولك احتفظي بيه وبكرة أما تشيليه بين اديكي هتنسي كل حاجة مش هتفتكري غير حبك له وخلاص.


نهض من مقعده وقال


_تعالي يا ستي نطمن عليه بعد الحالة اللي كنتي فيها.


وافقت أسيل وقام عاصم بعمل السونار لها وأشار لها على صورته


وعند تلك اللحظة تنتهي أي ضغينة تحملها بداخلها بل تحولت لفرحة عندما بدأ يريها تفاصيله


ويشرح لها ما عليها فعله كي يكون بصحة جيدة 


وعلمت حينها بأنه ربما يكون عوضها عن ذلك العذاب الذي عاشته ومازالت تعيشه.



أما هو فقد ظل حابسًا نفسه داخل غرفته لا يسمح لأحد بالولوج ولا يريد أن يخرج منها


انتهى كل شيء بعد رحيلها 


أصبحت حياته قاحلة فلم يعد يرغب بها


وفقط سؤال واحد أصبح محور حياته 


لما تخلت عنه؟


لقد كان في أشد الحاجة إليها


فلتعود ولن تكون إعاقته عبء عليها 


فقط



يتبع...


تكملة الرواية من هنااااااا

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا



  


تعليقات

التنقل السريع