القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية جبل النار الفصل التاسع عشر 19بقلم رانيا الخولي

 

رواية جبل النار الفصل التاسع عشر 19بقلم رانيا الخولي




رواية جبل النار الفصل التاسع عشر 19بقلم رانيا الخولي

الفصل التاسع عشر


مرت الأيام وكل منهم في وادي سحيق


لا يستطيعون الخروج منه


يتظاهرون بالقوة وأن ما حدث ولىٰ وانتهى لكن ذلك أبعد بكثير


فقلوبهم تلتهب شوقاً إلى بعضهم البعض رغم قسوتهم


يعاتب كلاً منهم الآخر من القلب للقلب


حتى تعبت القلوب وسيطر العقل على كل مشاعرهم ليحل محلها الانتقام


وكلما ازداد الشوق كلما ازداد الكره بداخلهم حتى وصل ذروته


ثم تحول إلى رغبة في الثأر


بدأ الحمل يظهر عليها فبدأت تتدرى أكثر كي لا يلاحظ أحد حملها 


"حور" تلك التي اخذت أسمها فلا تريد أن تدنسه لذا كان عليها ان يظل الحمل طي الكتمان 


فقط تكتفى بالجلوس قليلًا في الشرفة ثم تعود مسرعًا حينما تهاجمها الذكريات وتتنفس بعمق وتخرجه متمهلاً


هكذا اخبرتها الطبيبة النفسية التي وصاها عاصم عليها.



أما هو فقد زهد كل شيء وتصالح مع ظلامه


لكن لم تترك صورتها مخيلته لحظة واحدة


حاول بشتى الطرق ان يخرجها لكن قلبه العاصي تشبث بها يأبى الرضوخ له وأعلنها مستسلماً أن لا ملجأ له سواها.


مازال عاشق ولن يرضخ لسطوة عقله.



جاء موعد تدريبه والذي أصر عليه عمه كي يشغله قليلًا، حاول الرفض لكن هو يريد الاعتماد على نفسه فقد أصبح واقع وعليه الرضا به


دلفت الفتاة وهي تضع حقيبتها على الأريكة التي يجلس عليها وقد كان خافضاً رأسه يستند بمرفقيه على ساقه


_صباح الخير مستر داغر.


رد داغر باقتضاب ومازال على وضعه


_صباح الخير.


علمت من هيئته بأنه لا يريد التحدث وأن تبدأ عملها مباشرة 


بدأ الفتاة عملها


_اين وضعت حقيبتي.


رد داغر بثبوت 


_على يميني بمقدار خطوة واحدة.


عادت هي خطوة للوراء دون ان تصدر أي صوت.


_وأنا؟


_ابتعدتِ عنها خطوة واحدة بعد أن كنتِ بجوارها.


ابتسمت لفطنته وتعلمه السريع


_لقد تعديت المرحلة الأولى في وقت وجيز.


هل انت مستعد للمرحلة الثانية.


اومأ لها مستسلماً فقالت بروية 


_إذا علينا الخروج من الغرفة.


رفض داغر قائلاً 


_لن أخرج خارج هذه الغرفة.


_لكن لابد من ذلك، لن تظل داخل تلك الغرفة للأبد عليك الخروج من تلك الدائرة التي وضعت نفسك داخلها، لقد أخبرك الطبيب أن حالتك الآن نفسية وليست طبية، فعليك أن تساعد نفسك كي تخرج من ذلك الظلام الذي أحاطك.


تمتم داغر وهو على وضعه


_لم تعد للحياة أهميها.


جلست الفتاة على المقعد قبالته وقالت برتابة


_من قال ذلك، هل معنى فقدانك لشخص عزيز ان يجعلك بذلك اليأس!


الحياة لا تقف عند أحد إذا اختارت هي البعد فكن مثلها وإختار الصمود ومع الوقت ستكون ماضي عابر مر يوماً بحياتك.


قم معي وابدأ أولى خطواتك خارج هذه الغرفة ولا تسمح لشيء أن يهد ذلك الجبل الشامخ، كن كجبل النار لا يستطيع أحد اطفاءه.


وافقها مجبرًا ليس لطوي صفحات الماضي ولكن كي لا يشكل عبء على أحد بعد الآن 



خرج من الغرفة ثم واصلت الفتاة عملها


_عليك ان تخلع حذاءك بما انها المرة الأولى سيساعدك ذلك باكتشاف المكان أفضل.


فعل ذلك وبدأت ترشده كيف ينزل الدرج بعصاه وكيف يقيس الدرجات مع كل درجة وكذلك الصعود


تدرب على كل شيء حتى الأنفاس التي تخرج ممن بجواره هل رتيبة تكون عادية أم لاهثة ام مرتبكة


حتى الخطوات وكل شيء متعلق بالحياة من حوله.



انتهى تدريبه مع انتهاء مدة حملها وجاء موعد ولادتها.


كانت ولادة عسيرة أرهقتها واستغرقت وقت كبير، شعرت بوحدة قاتلة ولم يخفف من حولها من حدتها


فمن تحتاج لوجودهم لم تجد احدًا منهم، بل تخلى عنها الجميع


لم تستطيع أمينة ولا هايدي تعويضها في تلك اللحظة


لم تحتاج لغيره


تريده في ذلك الوقت معها لا أحد غيره يستطيع التخفيف عنها


ستغفر وتسامح فقط يعود


فليعود من حاربت الكون لأجله، من تحملت ويلات العذاب لعشقه


صدحت صرخة قوية باسمه وبعدها أعلن الصغير خروجه للحياة



وفي ذلك الوقت كان داغر يشعر بغصة مؤلمة حادة بقلبه لا يعرف سببها.


يشعر بها تناديه، تستغيث به لكن أين؟


وضع يديه على اذنه ربما يخفف من ذلك الصوت الذي اقتحمه فجأة وكأنها بجواره


يشعر بقلبه الملتاع يأن ألمًا ولا يعرف سبباً لذلك.


يصرخ بدوره باسمها يناشدها أن تعود هي وحدها من لا يخجل من اظهار ضعفه أمامها


وهو الآن في اكثر أوقاته ضعفاً



جثى بركبتيه على الأرض وسمح لنفسه بالانهيار


يصرخ ويصرخ ويناجيها أن تعود 


سيغفر بدوره ويسامح فقط تعود


ولم يدري شيئاً عن حالة عمه وهو يسمع صرخاته ولا يستطيع الإقتراب منه


يرفض أن يواسيه احد حتى لو كان عمه


وانزوى ذلك اليوم داخل غرفته ولم يستطيع أحد اخراجه من تلك الحالة.



❈-❈-❈



دلف عاصم الغرفة فيجد أسيل تحمل طفلها بين ذراعيها تتطلع إليه بشرود


_عاملة ايه يا حور دلوقت؟


رفعت عينيها إليه وابتسمت له بامتنان


_الحمد لله أحسن، متشكرة اوي يا عمي مش عارفة لولا وجودك كنت عملت ايه.


جلس على المقعد بجوارها وقال


_بصراحة لو حد يستاهل الشكر ده فهو حازم، انا معملتش أي حاجة تذكر جانب اللي عمله.


التزمت الصمت ولم تجيبه فقال عاصم


_ها مقولتيش هتسميه ايه؟


عادت تنظر لطفلها الذي تمسك بقبضته الصغيرة اصبعها وتمتمت بحزن


_على قد ما وجوده خفف عني كتير على قد ما تعبني وهزني وانا حتى مش عارفة اسجله زي أي طفل، بفكر اسجله باسم بابا بس خايفة  يعرف بأي طريقة ويكتشف إني لسة عايشة، وفي نفس الوقت مش هينفع اسيبه كدة.


تحدث عاصم بعقلانية 


_يبقى تعملي اللي العقل بيقول عليه وتروحي لأبوه تعرفيه، على الأقل يسجله باسمه ولو بعقد عرفي وبعدها كل واحد يروح لحاله.


تطلعت إليه بوجل وقد اهتزت نظراتها وعادت إليها ذكريات حاربت كي تنساها


ارتعش جسدها وبدأت الدموع تتجمع بعينيها وهي تهز رأسها برفض


_لأ… مستحيل.


_بس انتِ مجبرة يا أسيل مش عشانك عشان خاطر ابنك من حقه يكون له اسم وعيلة 


مش بقولك ارجعيله كل اللي بقوله إنك تروحي لأبوه وتعرفيه انه له ابن ولازم يحمل اسمه.


_ممكن يرفض.


قالتها بقلب ملتاع لكن عاصم نفى بثقة


_مستحيل أب يشوف ابنه ويرفضه


على العموم فكري كويس وخلي ابنك مصلحته فوق الجميع.


تركها وخرج من الغرفة فيصادف خروجه دخول امينة وهايدي التي تحمل الطعام بيدها


_معلش يا حور اخرنا عليكِ.


مسحت دموعها سريعًا وتظاهرت بالابتسامة  لهايدي التي لم تتركها لحظة واحدة وظلت بجوارها


فقاات بامتنان


_مأخرتيش ولا حاجة انا اللي تعبتك أوي.


أخذت أمينة الطعام من يدها وقالت 


_تعبك راحة يا بنتي متقوليش كدة.


اخذت هايدي الطفل من يدها وقالت 


_سيبيلي انا القمر ده واتغدي انتِ.


تطلعت أسيل للطعام وقالت برجاء


_ارجوكِ يا دادة مليش نفس بلاش تغصبي عليا.


ردت أمينة بإصرار 


_مش هينفع لازم تاكلي انتِ ما أكلتيش حاجة من امبارح.


تحدثت هايدي بحزم


_لازم تاكلي يا حور عشان خاطر ابنك.


وافقت أسيل على مضض وتناولت القليل ثم اصرت على عدم إكماله


اخذت هايدي تشرح لها كيفية التعامل معه 


وهي شاردة في حديث عاصم


لا تعرف ماذا تفعل هل توافقه وتذهب إليه لأجل طفلها؟


لكن ماذا إن رفض الاعتراف به؟


سيزيد ذلك من بغضها له وربما وقتها يهدئ ذلك القلب الملتاع لمعذبه وتنطوي تلك الصفحة للأبد.


اعادها لشرودها حازم الذي دلف مرحباً بالجميع 


_السلام عليكم.


رد الجميع 


_وعليكم السلام 


تابعت هايدي 


_ممكن اعرف حضرتك كنت فين كل ده؟


رد وعينيه تتطلع إلى أسيل


_معلش كانت في حالة صعبة ومكنش ينفع اسيبها


عاملة ايه يا حور دلوقت.


ابتسمت له بامتنان


_الحمد لله أحسن.


تطلع لهايدي وتحدث بجدية


_هايدي خدي الولد اكشفي عليه واتأكدي إن كل أموره تمام.


شعرت هايدي بأنه يود التحدث مع اخته لذا قررت تركهم وخرجت به من الغرفة 


_حاضريا حبيبي بعد اذنكم.


خرجت هايدي وتطلع إلى أسيل يسألها


_ها يا اسيل فكرتي فاللي قولتلك عليه؟


قررت أمينة تركهم كي لا تخجل أسيل من وجودها رغم رفضها لذلك القرار الذي اتخذه ابنها


ليس لأنها ترفض أسيل لكن لأجل زوجته التي لم يرى منها سوى كل خير.


خرجت أمينة وتطلعت أسيل إليه بعرفان


_شوف يا حازم انا فتحت عينيه على الدنيا دي لقيتك قصادي


كنت بتعوضني عن جفاء سليم معايا حتى قسوة بابا كنت بتعوضني عنه


لما كنت بعيط محدش كان بيواسيني غيرك عشان كدة كبرت وانا شيفاك أخ، كنت بتمني إن الانسان اللي هرتبط به يكون زيك، بطبتك بحنيتك بقلبك الكبير بس بصراحة صدمتني لما جيت صرحتني بمشاعرك


كان لازم أرفض لأن مينفعش البنت تتجوز أخوها، ولا حتى النهاردة ينفع.


_بس انا لسة بحبك.


_وانا لسة شيفاك حازم اخويا، وبعدين انا حبيت هايدي واتعلقت بها أوي ومستحيل أكون سبب في دمار حياتها


انا لسة محتجالك ويمكن النهاردة اكتر من اي وقت، انا وابني محتاجين لوجود أخ نعتمد عليه مش أكتر من كدة، ابني مش هيتسجل غير باسم ابوه، انا قررت اروح وأعرفه بوجوده عشان يسجله وبعدها هاخده واسافر ايطاليا ومش هرجع هنا تاني.


حاول الاعتراض


_بس…


قاطعته أسيل 


_ده قراري الأخير ومش هغيره، ارجوك يا حازم ساعدني وبلاش تقف قصاد لأن مبقاش ليا غيرك.


طرق الباب ودلفت هايدي وهي تطمئنهم بابتسامة حاولت بها إخفاء مشاعرها وهي تعيد الطفل لأسيل


_اطمني يا حور ابنك زي الفل ربنا يخليه.


تطلعت لحازم الذي لم يلاحظ نظرات العتاب بعينيها وقالت


_ها يا حبيبي هنروح دلوقت ولا ايه الدكتور طمنا وقال إننا نقدر نروح.


اوما لها وقال


_ساعديها تغير هدومها وانا هشوف الدكتور قبل ما نمشي..



❈-❈-❈


بعد مرور شهر



وقفت سيارة الاجرة أمام المنزل الذي شهد على لحظات لم تمحيها السنين


هنا قضت معه أسعد أيامها وتغنى كثيرًا بعشقهم.


لم تتخيل يوماً أن تأتي إلى ذلك المكان بتلك الطريقة بل كانت تحلم بأن تأتيه بثوب زفافها وهي تحمل كعروس وليس طفلاً بيدها آتية كي تتضرع له بالاعتراف به


انتبهت على صوت السائق يسألها


_هستنى حضرتك ولا أمشي.


فكرت قليلًا ثم قالت


_استنى متمشيش.


اومأ لها السائق وهمت بالترجل لكن لم تقوى على ذلك 


لا تملك القوة لمواجته لن تستطيع الدخول ورؤيته


عليها الهرب الآن قبل ان تراه أمامها


تطلعت لطفلها الذي أخذ يبكي كأنه يعترض على ذهابها.


مما جعلها تزدرد جفاف حلقها بصعوبة ثم تمسكت بطفلها وترجلت من السيارة وقد ازدادت وتيرة دقاتها 


تقدمت من المنزل بأقدام واهنة حتى وصلت للبوابة الكبيرة 


تفاجئت بالحارس يخرج منها وسألها


_في حاجة يا هانم.




حاولت اسيل البحث عن صوتها فخرج مهزوزاً وهي تسأله


_كنت جاية اسأل عن كابتن داغر.


تعجب الحارس من سؤالها 


_بس داغر بيه مسافر من فترة طويلة أوي.


ظنت أسيل أنها رحلة عمل لذا سألته بتوجس


_متعرفش هيرجع امتى؟


هز رأسه بنفي 


_حقيقي معرفش بس مظنش انهم هيرجعوا دلوقت.


اندهشت لصيغة الجمع التي يتحدث بها ثم سألته مستفهمة


_هما مين؟


_هو وخليل بيه الاتنين سافروا من سنة تقريبًا ده كل اللي اعرفه لأني مستلم الشغل جديد.


تركها الرجل وعاد للداخل فتتجمع الدموع بعيونها واخذت تنظر إلى المنزل بضياع


فقد فعل فعلته ولاذ بالفرار.


استدارت لتمضي وقد أقسمت ان تنتقم منه يوماً أشد انتقام 


فقط يعود وستعمل بكل الطرق على اسقاطه.




عودة للحاضر 



انتبه داغر لصوت الباب ليعيده لواقعه


وحاول أن يظهر صامدًا بعد تلك الذكريات التي داهمته


 


قام بوضع البوصلة في موضعها داخل الخزانة لكن لم ينتبه جيدًا فتسقط علبة اخرى بالخطأ كانت بجوارها


انتبه لسقوط شيء ما فقام بتحسس مكان الأخرى لكن لم يجدها


يبدو انها من سقطت على الأرض.



مال على الأرضية وأخذ يتحسس بيده يبحث عنها، عليه أن يجدها، لا يجيب أن تراها 


أخذ يتحسس الارضية يبحث عنها بيده حتى استطاع إيجادها 


أغمض عينيه براحة لم تدوم طويلاً عندما وجدها فارغة


إذا لقد سقط ما بها، ضغط أكثر على أسنانه وكره عجزه الذي اوصله لتلك المرحلة من العذاب 


واصل تحسسه لكن لا أثر لهم


لكنه لم ييأس عليه ان يجده بأي شكل لكن انتبه لنفسه عندما لامست يداه قدمها حينها أجفل وشعر بكم ضئالة لم يشعر بمثلها من قبل 


هاجت أعصابه وبدات عينيه الرمادية تتحول لسحب محملة بالغيوم وفمه الحازم يتشنج من شدة غضبه


ثم غمغم بلهجة حازمة أخفى منها مدى سخطه


_اطلعي برة.


رمقته أسيل بنظراتها المتشفية وقد أصبح أمامها ذليل لعماه، انفعل أكثر عندما لم يسمع خطواتها وهدر بها ساخطاً 


_قولتلك برة.


كان صوته تلك المرة يحمل غضب الدنيا بأكمله مما جعلها ترمقه باستخفاف وخرجت من الغرفة.


شعور بالرضى تظاهرت به لكنها تعلم جيدًا بأن ذلك القلب الخائن يأن ألماً عليه وعلى ما وصل إليه 


انسحبت بهدوء كي لا يشعر بها يكفي ما رأته حتى الآن 


عليها ان تنتقل لخطتها الثانية وبعدها سيكتمل انتقامها وترحل من تلك البلد دون عودة.



عادت أسيل إلى المنزل في وجوم تام


لا تعرف ما سبب تلك الغصة التي تشعر بها 


مؤكد بأنها ليست لأجله


اندهشت أمينة من عودتها مبكرًا فتقدمت منها لتجلس بجوارها تسألها


_ايه يا أسيل اللي رجعك تاني.


اسندت رأسها على ظهر الأريكة وقالت بإرهاق


_حسيت نفسي تعبانة شوية قلت اروح أرتاح


تطلعت إلى وجهها الشاحب وسألتها بقلق


_انتِ أخدتي العلاج الصبح؟


وضعت يدها على رأسها وتمتمت بألم 


_مبقاش بيجيب نتيجة، عايزة أروح للدكتور تاني واطلب منه يغير العلاج


اعتدلت لتتلفت حولها تبحث عنه


_اومال فين إياد؟


_لقيت جسمه دافي اديته دوا للسخونة ونام.



انقبض قلبها بقلق وقالت بلهفة 


_طيب اتصل على هايدي تيجي تشوفه.


_كلمتها وهي اللي قالت اديله دوا للسخونة متقلقيش.


نهضت اسيل بقلب لهيف 


_مقلقش ازاي انا هدخل أشوفه.


دلفت الغرفة مسرعة فتجده نائمًا في فراشه قامت بحمله والتأكد من حرارته فوجدتها ليست طبيعية 


دلفت أمينة خلفها وهي تقول


_يا بنتي قولتلك كويس بتقلقيه ليه بس.


شددت أسيل من احتضانه وصورة والده وهو منكب على الأرض لا تترك مخيلتها فتمتمت بحزن


وهي تتطلع إليها بقلق


_بس جسمه لسة سخن.


_لسة اخد الدوا دلوقت ملحق يعمل مفعول اطمني.


حاوط ابنها عنقها بيديه الصغيرة ووضع رأسه على كتفيها باعياء


_انتِ متأكدة انها سخونة بس، انا بقول أكلم هايدي تيجي تشوفه أحسن.


_اطمني هي قالت لما تخلص الشيفت بتاعها هتعدي تطمن بنفسها.


جلست على الفراش وهي مازالت تحتضنه وهو غافي على كتفها وشعور بالذنب يكتنفها


فمهما وصل تعبه لا تستطيع الخروج به من المنزل وتنتظر مجيء هايدي التي حقيقة لا تتأخر عنه وتعامله كطفلها.


تنهدت بتعب وقالت


_حاسة بذنب كبير أوي من ناحيته


_وبعدين معاكي يا أسيل هتفضلي محملة نفسك الذنب لحد أمتى، انا اتخدعت فيه زيك بالظبط مش لوحدك وبعدين هو نصيبه من الدنيا كدة 


_مش عارفة هيفضل لحد امتى كدة مش عارفة اسجله.


_ما حازم…


قاطعتها أسيل بإصرار 


_قلت لأ هو ملوش ذنب يتحمل غلطة غيره ارجوكي بلاش كلام في الموضوع ده تاني 


_خلاص تروحي لأبوه وتعرفيه.



تنهدت أسيل وسألتها


_وإن اخده مني هعمل ايه وقتها.


_ميقدرش يعملها.


_مين قالك كدة، اللي زي ده ممكن يعمل أي حاجة لأن الخيانة في دمه


كنت فاكرة إني هعرف انتقم منه بس اكتشفت إني اضعف من كدة بكتير، وأضعف من إني اقف قصاده، والآخر طردني


لاحت صورته أمامها


_او يمكن عشان لقيته عاجز قدامي فقلت عدل ربنا مفيش افضل منه، بس مقدرش اجازف واعرفه انه له ابن.


سألتها أمينة 


_يعني خلاص هتسيب الشغل عنده.


أومأت أسيل وهي تنظر لصورته المصغرة


_خلاص معدش له لزوم.


ربتت امينة على ساقها وقالت بسرور


_كدة أفضل سيبي الملك للمالك هو اللي هياخدلك حقك وانتي في مكانك.


يلا نيمي ابنك ونامي جانبه شوية 


اومأت أسيل ووضعت ابنها في فراشه ونامت بجواره


اخذت تحسس على وجنته الناعمة وتدقق في تفاصيله التي لم تترك شيء من أبيه 


هل هذا عقاب آخر أن يظل بحياتها حتى بعد خروجه منها؟


لكن من قال انها استطاعت اخراجه من داخلها


واهمة إن ظنت ذلك


فمنذ ان وقعت عينيها عليه وعاد القلب ينبض من جديد 


فكلما حاولت إخراجه نظرة واحدة لطفلها تعيد إليها ذكريات لا تنسى.



❈-❈-❈



في منزل 


دلفت فايزة غرفة ابنتها فتجد أنها مازالت نائمة


_هايدي هتفضلي نايمة كدة؟ مش هتروحي المستشفى؟


نهضت هايدي بتكاسل وتمتمت 


_لأ اخدت اجازة النهاردة كمان، حاسة بتعب شديد اوي.


_ده أكيد من الحمل، قومي افطري معايا وخلينا نتكلم شوية.



كانت هايدي تتلاعب بطعامها تمثل فقط بأنها تأكل ولم يخفى ذلك على والدتها فسألتها 


_انتي ناوية على ايه يا هايدي.


رفعت عينيها عن طبقها 


_اعمل ايه في ايه؟


_في جوزك اللي مصر على رأيه.


ابتسمت بحزن عميق وقالت بعدم اهتمام


_مش فارقة


_يعني ايه مش فاهمة؟


تركت الملعقة من يدها وأجابت


_يعني وجودي في حياته زي عدمه، كنت مجرد زوجة بتلبي احتياجاته وخلاص بس الزوجة دي جابت اخرها ومبقتش بتحس معاه بالأمان فالافضل لها انها تنسحب بهدوء وتخرج من حياته بكرامتها.


لم تقتنع برأيها 


_بس يا هايدي انتي بقالك خمس سنين متجوزين عمرك ما شكيتي منه وكنت بشوفكم مبسوطين اوي مع بعض.


لاح الحزن بنظراتها 


_ده اللي كنت بضحك على نفسي بيه واقول كفاية أنه بييجي آخر الليل ينام في حضني انا مش واحدة غيري


بس طلعت غلطانة لأن غيري هي اللي مالكة كل جوارحه مش بس قلبه 


وصلت انه ينطق اسمها وهو في حضني يعني وهو معايا فاكرني هيا


تدحرجت دمعة على عينيها وتابعت


_وفوق كل ده رافض يخلف مني، أكيد من جواه بيفكر لو قدر يوصل لحببته هيبقى الخلاص من طفلين أفضل من تلاتة


مسحت دمعتها وتابعت


_عشان كدة انا مش هنزل الحمل ده ومش هرجعله.


_بس انا شايفة انك بتظلمي حازم لأنه مش بـ….


قاطعتها هايدي بفتور


_لو سمحتي يا ماما الموضوع ده منتهي مش عايزة كلام فيه، انا بقالي خمس سنين بقول بكرة يرجع ومينفعش اهد بيتي بايدي، بس هو اللي هده باديه


الحل الوحيد قدامي هو الطلاق غير كدة لأ


ضربت فايزة على صدرها 


_طلاق؟! انتي اتجننتي؟


هزت راسها بتأكيد فقالت فايزة باستنكار


_لااا انتي شكلك اتجننتي فعلاً.


_لا يا ماما متجننتش كل الحكاية اني عايزة احافظ على اللي باقي من كرامتي.


انفتح الباب ودلف منه فريد وهو يقول


_اتفضل يا حازم ادخل.


نهضت هايدي لتتوجه إلى غرفتها لكن والدتها امسكت رسغها تمنعها


_عيب مينفعش تسيبيه وتمشي.


شدت يدها ودلفت لغرفتها تحت نظرات حازم المبغضة.


تحدث فريد بتعاطف


_معلش يا ابني اعذرها هي بس اخده على خاطرها منك، ادخل وراها وحاول تراضيها.


اومأ حازم وتوجه إلى غرفتها



نظرت فايزة لفريد وقالت باستياء 


_ليه متكلمتش معاه الاول


جلس فريد على المقعد وتحدث بحكمة


_لما نشوف الاول هيعملوا ايه، بنتك بتحبه وهو بيعرف يأثر عليها، هيرجعوا لبعض وكلمتنا احنا اللي هتقف يبقى نهدى كدة ونشوف هيعملوا ايه 



في الداخل


دلف حازم الغرفة فوجدها جالسة على الفراش في سكون تام


آلمه قلبه لحالتها لكنه مجبر لأجل مصلحتها


تقدم ليجلس بجوارها ثم تطلع إليها يسألها بروية


_ممكن اعرف سبب للي بتعمليه ده؟


لم تنظر إليه وظلت على وضعها فمد يده إلى يدها وقربها لفمه يطبع عليه قبلة اشتياق وتمتم بحشرجة


_وحشتيني، بقالك يومين بعيدة عني.


سحبت يدها بهدوء لكنه لم ييأس وتسللت يده لخصرها يقربها منه وتابع حميته


_ايه موحشتكيش.


طبع قبلة صغيرة على وجنتها قبل أن يتسلل لثغرها وهو يتمتم من بين شفتيها


_الليلتين دول كانوا اصعب ليلتين مروا عليا وحشتيني أوي.


ابعدت ثغرها عن مرمى فمه مما جعله يزفر بنمق وسألها


_في ايه يا هايدي كل ده عشان أوهام في دماغك؟


التفتت إليه بحدة وقالت باستنكار


_أوهام؟ بعد كل اللي قلته ده وتقولي اوهام؟


وضع يده على وجنتها وتمتم بثبات 


_هايدي انا بحبك ومفيش في حياتي واحدة غيرك.


_بس قلبك فيه غيري.


تنهد بيأس منها وقال بتسويف


_محصلش انا ……


نبهته بتحذير


_اوعى تكدب عشان مش بحب الكدب 


_بس انا عمري ما كدبت عليكي، انا بحبك انتي.


_وحور؟


بغت بسؤالها وضيق عينيه بشك 


_حور أختي.


ابتسمت بسخرية ونهضت قائلة


_حور مش أختك، لأن حور ماتت من سنين اللي معاكم دي أسيل حسين النعماني حلم حياتك


جذبها حازم من ذراعها يسألها بحدة


_انتي بتقولي ايه؟ 


جذبت ذراعها من يده وقالت بثقة


_بقول الحقيقة وأوعى تنكرها لأني اتأكدت بنفسي.


غمغم برفض


_مش حقيقي.


_لأ حقيقي وأكبر دليل على كدة اقناعك لها انك تسجل اياد باسمك ومتخافش اوي كدة عليها انت عارف كويس معزتها عندي لأني شفت بنفسي قد ايه بتحاول تتجنب وجودك عشاني يعني انا مقدرش اقول فيها حاجة


انا بتكلم عنك انت.


مسح بكفه على وجهه ثم سألها 


_انتي عايزة ايه دلوقت؟


اشاحت بوجهها وقالت بتحدي


_نتطلق.


_نعم؟


قالها حازم بعدم استيعاب ثم تابع بحدة


_يظهر انك اتجننتي وعايزة اللي يرجعك لعقلك


امسك ذقنها كي يواجه عينيها وقال باحتدام


_طلاق مش هطلق ولو السما اتطربقت على الأرض، وبالنسبة للحمل ..


تحولت نظرات التحدي لرجاء فتابع هو



يتبع...



تكملة الرواية من هنااااااا

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا



  


تعليقات

التنقل السريع