رواية جبل النار الفصل العشرون 20بقلم رانيا الخولي
رواية جبل النار الفصل العشرون 20بقلم رانيا الخولي
الفصل العشرون
في الخارج
ظلت فايزة تسلط عينيها على باب الغرفة تنتظر خروجهم فقال فريد
_في ايه يا فايزة هتفضل عينك على الاوضة كدة؟
ردت بضجر
_اعمل ايه قلقانة أوي.
_طمئنها فريد بثقة
_ان شاء الله خير هايدي عاقلة وهتعرف تصلح امورها غير إن حازم عرف قيمتها بجد، ياريتها كانت عملت كدة من الأول بس أنا اللي ضغطت عليها بحجة إنها تحافظ على بيتها.
نفت فايزة حديثه
_هايدي حافظت على بيتها لأنها بتحبه مش عشان ضغطك عليها، وصدقني هي حاليًا بتكابر بس من جواها نفسها ترجع معاه دلوقت.
تفاجئ كلاهما بأصواتهم العالية فلم ينتظر احد منهم ودخوا الغرفة
_في ايه يا ولاد.
رد حازم بامتعاض
_الهانم طالبة الطلاق.
تطلع إليها فريد بحنق
_صحيح الكلام ده؟
ردت بعناد
_اه يا بابا صحيح
تطلع فريد إلى زوجته وقال بحدة
_عقلي بنتك يا فايزة
تطلع إلى حازم
_وانت يا حازم تعالى معايا.
في المكتب
جلس فريد بجوار حازم وتحدث بعقل
_اللي اعرفه يا حازم ان اي راجل في الدنيا كلها بيتمنى عزوة واولاد يملوا عليه البيت، فلما تيجي انت تقول مش عايز الحمل ده ولازم ينزل يبقى أكيد في سبب قوى له، فإذا امكن يعني تحكيلي ايه السبب.
لم يعد هناك داعي للكتمان فقال بثبوت
_ياعمي الموضوع ده صعب عليا أكتر منها بس في سبب قوي يخلينا نعمل كدة.
قطب فريد جبينه بحيرة وسأله
_يحقلي اعرف السبب ده؟
أومأ له ثم تحدث بصعوبة
_بصراحة هايدي مينفعش تخلف تاني.
قطب جبينه مندهشًا وسأله
_يعني ايه؟ ياريت توضح أكتر.
تنهد حازم بتعب وقال
_للأسف هايدي في التوأم أصرت انها تولد طبيعي مع ان حالتها كانت صعبة زي ما الدكتورة قالت قدامك وده سببلها مشاكل في الرحم يعني مش هيتحمل ولادة تانية ولا هيتحمل حجم جنين أصلاً
تألم فريد بحالة ابنته وتمتم
_ لا حول ولاقوة إلا بالله، طيب يا ابني ليه مصرحتش هايدي بالحقيقة دي.
اخفض عينيه بحزن عميق وقال
_لأن الخبر ده هيبقى صدمة كبيرة اوي عليها وعشان كدة كتمته جوايا ومقولتش لحد عشان اضمن انه ميوصلش ليها.
تأكد الآن من حقيقة مشاعر حازم تجاه ابنته
_بس يا ابني انت لازم تقولها
هز رأسه بنفي
_لأ مش لازم تعرف.
_يعني هتسيبها كدة على عماها؟ طيب والحمل هتعمل فيه ايه؟
تنهد حازم بتعب وتمتم رغم صعوبة نطقها
_لازم اخلص منه.
_ازاي؟
نهض حازم وهو يقول بثبوت رغم شعور الألم بداخله
_لما ييجي وقته هعرفك.
خرج حازم دون أن يضيف كلمة أخرى وهو يشعر بغصة مؤلمة في قلبه
لا يعرف إذا كان منها أو عليها
استقل سيارته وانطلق إلى المشفى كي ينهي ذلك الأمر.
❈-❈-❈
في القاهرة
جلس حسين في بهو المنزل يتطلع إلى ابنه الذي يترجل من الدرج حاملاً حقيبته في وجوم تام.
وشاهي جالسة بجواره تضع قدم فوق الأخرى تهزها بكل أريحية ونظرات التشفي التي ترمق بها سليم هي السائدة الآن
فالأمس علم أن والده سجل الفيلا باسمها ولم يتبقى سوى بعض الممتلكات التي لازالت بإسمه
توقف سليم امامه وهو يسأله بفتور
_انا ماشي.
لوهلة ظهرت نظرة رجاء بعين حسين لكن لم تلبث كثيرًا وحل محالها الجمود
_برضه مش ناوي ترجع.
رد باقتضاب وهو يتطلع إلى شاهي التي ترمقه بتشفي
_لأ.
حافظ حسين على جموده وضغط على يديه يمنع تلك الرجفة التي أصابته في الآونة الأخيرة
_اللي تشوفه، بس ياريت الزيارة الجاية تكون أطول من كدة.
أومأ له سليم وحمل حقيبته خارجاً بها من ذلك المنزل
لكن تلك المرة بلا عودة
في منزل سليم بأمريكا
عاد سليم وهو يشعر باشتياق شديد لها
فرغم رفضها التام له إلا انه حقاً يشتاق إليها ان غابت عنه ولو ليوم واحد.
قريباً سيأتي الوقت المناسب ويخبرها بالحقيقة لكنه ينتظر منها أن تقبله كما هو.
لم يخبرها بعودته لأنها لم تسأله مرة واحدة في كل المكالمات التي دارت بينهم والتي كانت أغلبها مقتطبة
جلس على الأريكة بارهاق وتطلع بعينيه إلى غرفتها
شعر برغبة ملحة ان يدلف إليها وينهي ذلك الخلاف معترفاً بكل شيء لكن لم يحين الوقت بعد.
تطلع في ساعته فوجدها الواحدة ليلاً فقرر الدخول إلى غرفتها للاطمئنان عليها ثم يعود إلى غرفته.
فتح باب الغرفة لكنه أجفل حينما لم يجدها
انقبض قلبه بخوف ودنى من المرحاض يطرقه لكن ما من مجيب
خرج مسرعًا وقلبه ينبض بقوة ثم توجه إلى باقي الغرف لكن لا اثر لها
اخذ هاتفه من على الطاولة وقام بالاتصال بها لكنه تفاجئ به بغرفتها
خرج مسرعًا من شقته وتوجه إلى الشقة المقابلة لهم يطرقها
خرجت له فتاة لم يتعدى سنها العشرون عامًا
_ابيه سليم، حمد لله على السلامة.
حاول سليم الابتسام
_الله يسلمك، هي وعد عندكم.
_لأ دي لسة راجعة شقتكم من شوية، خير في حاجة؟
ازداد الخوف بداخله
_لأ مفيش اسف على الازعاج.
عاد إلى شقته
ولا يعرف لما ساقته قدماه إلى غرفته وبالفعل وجدها مستلقية على فراشه تحتضن منامته التي تركها على الفراش وقت ذهابه
بأقدام واهنة تقدم منها وهو مأخوذ بسحر تلك اللحظة
مستلقية على جانبها بمنامة قطنية قصيرة وخصلاتها المتماوجة مستلقية على الوسادة بجوارها وأخرى على جانب وجهها والباقي يرسو بأريحية على منامته هو.
شعر برغبة ملحة بأن ينضم إليها ويشاركها ذلك الفراش كما تمنى طوال تلك الأعوام
ولم يتردد لحظة واحدة في ذلك
فجلس بكل حذر على الجانب الآخر بعد أن خلع سترته وحذاءه ثم استلقى واضعًا رأسه على الوسادة ويرمقها بمشاعر لم يعد باستطاعته التحكم بها
أخذ يتطلع إلى محياها يتنقل بعينيه بين ملامحها ببطئ حتى وصلت لثغرها
وقد كانت نظرة خاطئة منه إذ شعر بتدفق الدماء بأوردته حتى هدرت بقوة
وتساءل هل إذا دنى منها أكثر وذاق مذاقها بقبلة خاطفة ستشعر به؟
تفكيره بشأن تلك البادرة جعلت الدماء تندفع أكتر حتى انفاسه أصبحت ثقيلة
رفع انامله ليبعد بها تلك الخصلة المتمردة عن وجهها
فيتصلب جسده عندما يجدها تفتح عينيها وتنظر إليه بهيام تعجب منه رددت اسمه بخفوت ثم عادت لسباتها
لكن صوتها الرخو محى على تعقله ووجد نفسه يدنو منها يتنفس انفاسها مكتفياً بذلك كي لا يهدم تلك اللحظة
فأغمض عينيه يناشد النوم بجوارها
❈-❈-❈
ظل داغر يتقلب على جمر ملتهب كلما تذكر رؤيتها له وهو قابعًا أسفل قدميها يبحث عن ضالته
كيف لم ينتبه لدخولها؟
ما كان عليها ان تراه بذلك الضعف
اعتدل في فراشه وأخذ يتحسس المنضدة حتى عثر على سجائره وأشعل أحدها بغضب شديد
لعن عجزه ولعن قلبه الذي اساء الأختيار من البداية
اسأله كثيرة يود اجابتها وأولها
يريد ان يعرف لما تعمل كممرضة
ولما أخفت هويتها
هل هربت من أهلها؟
هل جعلته يعشقها كي ينتشلها من براثين والدها وعندما علمت بعجزه لجأت لذلك الطبيب؟
يكاد يجن ولا احد يستطيع الوصول للحقيقة
إلى متى سيظل على ذلك الحال
ضغط على ساعة يده فعلم انها الخامسة صباحًا
نهض من فراشه واخذ يتحسس طريقه دون عصاه
لن يلجئ لها بعد الآن
لا يجب أن تراه عاجزًا مستندًا على عصا
خرج من الغرفة وتوجه للخارج فتلفحه نسمات باردة اشعرته برعشة تكتنفه
ظل يسير على الرمال حتى وصل للمياه
ورائحة اليود تخترقه
أخذ نفس عميق وجاءته رغبة بالذهاب برحلة على متن يخته الذي يقف على بعد عدة امتار منه
عامان لم يبحر به ولم يعد بامكانه فعلها
لكنه قرر أن يكون دافعًا له كي يشفى من ذلك الداء
عليه الذهاب لتحديد العملية الأخيرة
رغم ان الطبيب أخبره بأن الأمر يعد نفسي ولا يحتاج إليها لكنه لن ينتظر
اما هي فقد جفاها النوم وظلت تفكر فيه تارة وتارة أخرى تتأمل طفلهم
تفكر في مصيره عندما يكبر ويسألها عن والده
لقد رفضت عرض حازم لها بأن يتبناه لن تنسبه سوى لوالده.
لم تكاد تغمض عينيها حتى سمعت طرق على باب المنزل
نظرت في ساعتها فتجدها السابعة صباحًا
فتحت الباب فإذا به سائقه يقول باحراج
_انا اسف إني جاي في وقت زي ده بس كابتن داغر بعتني عشان اجيبك دلوقت.
لم تفهم اسيل شيء فقد طردها أمس ويأتي اليوم ليعيدها
_بس انا سيبت الشغل …
قاطعها برجاء
_ارجوكي تيجي معايا تقولي الكلام ده بنفسك لأنه مش هيقتنع باي اعذار.
وافقت أسيل مسرعة عندما سمعت بكاء طفلها وقد لفت نظر السائق فقالت بوجل
_طيب استناني في العربية وانا جاية دلوقت.
وافق صالح واغلقت هي الباب ودلفت مسرعة لغرفتها
حملت صغيرها والذي اخذ يبكي باعياء دخلت على اثره أمينة تسألها بقلق
_ماله في ايه؟
قالت أسيل بقلق
_مش عارفة بس جسمه سخن اوي.
جثت امينة جبينه فتجد انه حقاً محموم
_لا ده سخن أوي خلينا نتصل على هايدي تيجي تشوفه.
طرق الباب مرة أخرى فارتبكت أسيل حينما سألتها أمينة
_مين اللي بيخبط ده؟
ردت اسيل بتلعثم
_ده..ده.. السواق.
قطبت جبينها بدهشة وسألتها
_سيباه مستني ليه اعتذري النهاردة
ارتبكت أسيل أكثر وردت باحراج
_مش هينفع.
_هو ايه اللي مش هينفع؟ وبعدين انتِ مش قولتي انك سيبتيه
ازدردت لعابها بصعوبة وتمتمت بتشتت
_مش عارفة بس هو مصر
هتفت امينية باستنكار وهي تأخذ منها الطفل
_أسيل اطلعي اعتذري وعرفيه انك مش هتروحي وتعالي اقعدي جانب ابنك هو محتاجلك اكتر من اي حد.
اخذت أسيل تفكر في حل
هي لن تستطيع ترك ابنها بتلك الحالة وأيضاً تريد أن تكمل خطتها
حسمت امرها عندما سمعت الطرق مرة أخرى فقامت بفتح الباب وقالت باعتذار
_زي ما قولتلك مش هقدر اتواجد النهاردة وبكرة الصبح هكون موجودة.
وافق مجبرًا وذهب
أما أسيل فعادت مسرعة إلى طفلها وقد ازداد قلقها عليه
_دادة اتصلي على هايدي بسرعة خليها تيجي تشوفه.
قامت أمينة بمهاتفة هايدي وأخذت أسيل ابنها لتضع رأسه اسفل المياه كي تهدأ حرارته حتى مجيء هايدي.
جاءت هايدي وهي تسألهم بقلق
_ماله إياد قلقتوني.
قالت أسيل بوجل
_سخن اوي ومش مبطل عياط.
قامت هايدي بمعاينته ثم قالت بقلق
_الحرارة مرتفعة أوي، لازم نعمله كمادات عشان تهديها مع العلاج
اخرجت بعض الادوية من حقيبتها وتابعت
_والعلاج ده هيساعد معانا خلينا ندهوله
بعد وقت هدأ بكاءه واستسلم الصغير للنوم بفعل الأدوية فتطلعت أسيل إليها بقلق
_نومه ده عادي.
ابتسمت هايدي وقالت بتعاطف
_اه عادي متقلقيش ان شاء الله لما يصحى هيكون احسن بكتير.
تمتمت أسيل بامتنان
_متشكرة اوي يا هايدي تعبتك معايا
ربتت على يدها قائلة
_متقوليش كدة احنا اخوات.
نظرت لإياد وتابعت
_وإياد زي على وعمر بالظبط.
ظلت هايدي معها حتى هدئت حرارته
_الحمد لله الحرارة نزلت وبقى أحسن بكتير، مضطرة امشي عشان عندي شيفت في المستشفى لو حصل اي حاجة كلميني.
وافقت أسيل قائلة
_متشكرة أوي مش عارفة لولا وجودك كنت هعمل ايه.
ردت هايدي بمغزى
_كنتي هتعملي اللي العقل يقولك عليه، ان ابوه يعرف بوجوده.
رمشت أسيل بارتباك وتمتمت برهبة
_باباه مسافر زي ما قولتلك و…..
قاطعتها هايدي
_مفيش داعي انك تخبي عليا انا عارفة كل حاجة، وعشان متظلميش حد انا سمعت حازم وهو بيتكلم في الفون مع طنط.
أمسكت ذراع أسيل لتجلسها على الأريكة وتجلس بجوارها
_أسيل وخليني اندهلك باسمك الحقيقي، ابنك لو قدرتي تخبيه عن الدنيا دلوقت بكرة مش هتعرفي، وكمان حرام عليكي انك تسبيه من غير هوية، قوليلي لما يكبر ويحتاج يروح مدرسة هتعملي ايه؟
هتسجليه باسم والدك؟
ولو عملتي كدة الناس هتبصله على انه ابن حرام، طالما اتسجل باسم جده يبقى مجهول النسب، ولما يكبر ويفهم نظرته ليكي هتكون ازاي، صحيح ده كان غصب عنك بس هو ملوش ذنب.
رمقتها أسيل بحيرة
_عايزاني اعمل ايه؟
ردت هايدي بعقل
_تروحي لأبوه وتعرفيه انه له ابن ولازم يحمل اسمه.
انقبض قلب أسيل بخوف وتمتمت باستنكار
_وإن أخده مني؟
ردت بثقة
_ميقدرش لأنه في حضنتك وسهل أوي انك ترجعيه لحضنك بعد ما يسجله باسمه
قطبت أسيل جبينها ببخوف وغمغمت باعتراض
_انتي بتتكلمي كدة عشان متعرفيش حاجة، متعرفيش الانسان ده غدار قد ايه؟
انا اللي شوفت غدره وانكويت بيه لحد النهاردة
وصلني لسابع سما وكنت مستعدة اقف قدام الدنيا كلها عشانه بس اتفاجئت بيه بيغدر بيا من غير رحمة
صدقيني لو كان ينفع كنت عملتها بس ده انسان حقير وسهل اوي ياخده مني ويسافر زي ما دبحـ.ـني وسافر من غير حتى ما يعرف ايه اللي حصلي.
_مهما كان يا أسيل انتي مجبرة تروحيله طالما وافقتي تحتفظي بحملك.
فكري في كلامي كويس لأن مفيش حل غيره.
ربتت على يدها ثم تركتها وغادرت إلى المشفى.
حل عليها الليل وهي تفكر في حديث هايدي معها
هي محقة عليها أن تتنازل لأجل طفلها
لكن كيف؟
كيف باستطاعتها الوقوف أمامه وإخباره بأنها حملت منه واحتفظت به؟
ماذا إن رفض تصديقها واتهمها بالكذب
وهي لن تقبل ان يرفض نسبه أو أن يطالب بعمل تحليل له كي يتأكد
ماذا أيضًا إن أجبرها على الزواج منه …..
انتبهت اسيل لتلك الكلمة
الزواج.
ماذا إن اوقعته في شباك حور وجعلته يتزوج بها
سيكون باستطاعتها اثبات نسب طفلها دون إخباره
لكن أيضًا كيف ذلك وحينها سيسجل باسم حور وهي لا تملك هوية بذلك الإسم
أغمضت عينيها تحاول التفكير في حل لتلك المعضلة
ولم تجد سوى تلك الطريقة كي تحتفظ بطفلها
أما هو فقد ظل طوال النهار على جمر ملتهب منذ أن رفضت المجيء اليوم
خرج من الغرفة عندما ازداد شعوه بالاختناق جراء غيابها
هل تعمدت ذلك ردًا على طرده لها؟
أم أنها حقاً متعبة ولم تستطيع العمل اليوم.
عاد ذلك الاشتياق يقتحمه من جديد ولكن تلك المرة أشد وأقوى.
لقد ظن لوهلة انه استطاع اخراجها من قلبه لكنه اكتشف بأنه كان مخطأً
خرج من المنزل وهو ينادي سائقه
_عم صالح.
اسرع إليه صالح
_نعم يا داغر بيه.
_جهز العربية وتعالى.
❈-❈-❈
أخرج خليل الكارت من سترته وقام بوضعه بهاتفه فوجد مقطع فيديو يصور ردهة منزله
أخذ يمرر الوقت حتى وصل لوقت انتظاره لداغر وحبيبته
هم بتسريعه لكنه انتبه لمجيء العاملة
_خليل بيه في واحدة ست برة عايزة حضرتك ضروري.
تعجب خليل ثم قال لها
_خليها تتفضل.
ذهبت العاملة وعادت بعد قليل تتقدم سيدة في عقدها الأربعين فقال بترحيب وهو ينهض ليستقبلها
_اهلاً وسهلاً.
قالت السيدة بإحراج
_انا اسفة إن كنت جيت في وقت غير مناسب بس الموضوع مهم جدا.
اشار لها بالجلوس
_طيب اتفضلي اقعدي
جلست المرأة على المقعد قبالته وقالت
_انا ابقى مرات محمد السيوفي اللي البنك حجز على مصنعه.
وسمعت انهم عرضوا عليك تمسكه.
حمحم خليل بإحراج
_انا…
قاطعته بثبوت
_شكري حكالي انك رافض بس انا جاية لحضرتك اطلب منك انك انت اللي تمسكه.
سألها بحيرة
_اشمعنى انا؟ في غيري كتير وهيكونوا انسب مني.
اومأت له وهي تخفض عينيها بحزن
_يمكن يكون كلامك صحيح بس انا عايزة حد يكون نزيه، انت عارف طبعاً البنك لما بيحجز على حاجة بيموتها عشان بعد كدة يشتريها بالبخس، وعشان كدة انا عايزة حضرتك اللي تمسكه عشان توقفه على رجله من تاني يمكن اقدر ارفع عنه الحجز وارجعه.
رد خليل بتردد
_بس انا ليا ظروف خاصة بأني مقدرش استمر في الإقامة هنا في القاهرة.
_وانا مش هضغط عليك بس عايزة اقولك كلمتين وامشي بعدهم
انا لما اتجوزت محمد السيوفي كان اكبر مني بعشرين سنة والظروف وقتها اللي اجبرتني عليه خلفت منه اتنين زين عمره ١٧سنة ونور عمرها عشر سنين بعد موت باباهم مبقاش ليهم حد غيري
واخواتهم من أبوهم مسافرين وعمرهم ما فكروا في يوم يكلموهم ويطمنوا عليهم وخاصة لما عرفوا ان أبوهم كتبلي المصنع باسمي، ويمكن هما اللي ورا اللي حصل للمصنع
انا حياتي وحياة ولادي دلوقت متوقفة على المصنع لو عايز تساعدني توافق وتمسكه انت وهيكون جميل عمري ما هنساه.
نهضت وهي تتابع
_فكر كويس ورد عليا.
اخرجت بطاقة من حقيبتها وناولتها له
_ده الكارت بتاعي فيه كل أرقامي اتصل عليا في اي وقت، بعد اذنك.
خرجت المرأة وتركت خليل يفكر في طلبها
هو يود حقاً مساعدتها لكن أيضًا لن يستطيع ترك ابن أخيه في ظروفه تلك.
وخاصة بأن عليهم السفر لإجراء عملية أخرى.
فقرر بالأخير ان يعرض الامر على داغر ويطلب منه البقاء معه في القاهره.
❈-❈-❈
عادت السخونة لطفلها مما جعل خوفها عليه يزداد أكثر
قامت بالاتصال على هايدي وقالت بلهفة
_هايدي اياد جسمه سخن تاني.
_عادي يا قلبي انها ترجع خليكي ماشية على الكمادات والعلاج اللي عندك وهيكون كويس ولو عايزة تطمني أكتر هبعتلك اسم نوع على الواتساب هيساعد أكتر.
قامت هايدي بإرسال اسم الدواء وتذكرت أسيل أنها وحيدة بالمنزل فقد خرجت أمينة لشراء لوازم المنزل
نظرت لطفلها الذي مازال غافيًا فقررت الذهاب والعودة قبل استيقاظه
خرجت مسرعة واغلقت الباب خلفها وهي تسرع الخطى كي تعود بأسرع وقت
توقفت السيارة أمام منزلها وقال السائق
_وصلنا يا فندم.
أومأ له داغر وترجل من السيارة وهو بسأله
_على بعد اد ايه؟
رد السائق
_عشر خطوات لحد الباب.
أغلق باب السيارة وبدأت خطواته بالعد حتى وصل للباب
هم بطرقه لكنه توقف عندما سمع بكاء صغير مما جعله يندهش
سأل سائقه
_انت متأكد إن ده البيت؟
اومأ السائق
_أيوة هو انا كنت هنا الصبح وشوفتها بنفسي.
طرق الباب وانتظر حتى يجيبه أحد لكن لا يوجد سوى البكاء
تدخل السائق
_في جرس للباب.
ضغط عليه لكن لا من مجيب وبكاء الطفل يشتد أكثر
لا يعرف لما لامس بكاء ذلك الطفل المجهول قلبه فقال لصالح
_مفيش باب تاني؟
التف صالح حول المنزل فلم يجد
عاد إليه يخبره
_مفيش غير الباب ده.
ازداد بكاء الطفل الذي يمزع قلب داغر مما جعله يقول بأمر
_أكسر الباب.
تطلع إليه بذهول
_بس يا فندم.
هتف بلهجة حازمة
_قولتلك اكسر الباب.
وافق صالح على مضض وعاد داغر للوراء قليلاً كي يوسع له المجال
وعند اول محاولة انفتح الباب وقال صالح
_الباب اتفتح.
دلف داغر بعصاه وأخذ يتحسس الطريق وهو يصغي إلى صوت ذلك الطفل
لا يعرف المكان لذلك أخذ يتخبط مرات متتالية حتى بالأخير اصتدم بطاولة صغيرة فسقطت على الأرض
أسرع إليه صالح
_انت كويس يا ابني.
رد داغر بثبوت
_اه كويس متقلقش، هو الصوت جاي من فوق صح؟
أيد صالح
_اه جاي من فوق تحب اطلع أنا؟
قلبه رفض قبل عقله وتمتم بثبات
_لأ انا اللي هطلع، السلم على شمالي؟
اومأ صالح
_ايوة على شمالك خطوة واحدة
تتبع الصوت حتى ساقته قدماه إلى أُولى درجات السلم
فتردد كثيرًا لكن قلبه أجبره على المسير فأخذ يصعد الدرجات وهو يجد صعوبة شديدة به لذا نادى صالح الذي أسرع إليه
_لو سمحت هات الStick اللي في العربية بسرعة.
اومأ صالح واسرع باحضارها واعطاها له وسأله
_تحب اجي معاك؟
رفض داغر
_لأ خليك انت.
أخذ داغر يقيس المسافات حتى وصل للأعلى وأخذ يتابع مكان الصوت وهو يشعر بألم عجيب في قلبه
شعور لم يختبره من قبل
وكأن صوت البكاء يسحب روحه منه
أخذ يتحسس الجدران كي يصل للباب لكنه تعصر وكاد أن يسقط
استند على عصاه التي كرهها في تلك اللحظة وكره عماه الذي جعله لا يستطيع القيام بابسط الاشياء
فجاة شعر بألم حاد في عينيه مما جعله يغمضها بحدة كي يهدئ ذلك الألم
ليس الآن وصوت ذلك الطفل يمزق نياط قلبه
فتح عينيه بصعوبة فيتفاجئ بوميض أبيض ظهر أمامه لكنه أختفى في لحظة.
ازدرد جفاف حلقه بوجل
ثم أغمض عينيه يحاول معرفة ذلك الضوء الذي ظهر أمامه لكن لم يجد سوى الظلام.
ظن انها مجرد عرض للحظة ثم
عاد يتحسس الجدران حتى استطاع بعد عناء الوصل للباب
أخذ نفس عميق يهدئ به مشاعره الثائرة ثم
طرق مرتين ربما يجد إجابة لكن لا شيء سوى البكاء
فتح الباب ودخل وهو يتحسس بعصاه الغرفة وقد عاد إليه ذلك الوميض مرة أخرى لكن تلك المرة بوضوح أكثر جعل ضربات قلبه تتسارع بقوة
أعاد الكرة وأغمض عينيه وفتحها لكن لم يجد سوى الظلام
ما هذا الذي يحدث له؟
واصل تحسسه حتى صدم بالفراش الذي يبكي عليه الطفل
ثم بيد مرتعشة لا يعرف سببها تحسس الفراش حتى وصل له فينتفض قلبه عندما قام الطفل بالتشبث به وقد علت وتيرة أنفاسه
ازدرد لعابه بصعوبة وقام بحمله فيلامس وجنة الطفل الناعمة وجنته الملتحية قليلًا فتهتز بؤبؤ عينيه بشعور عجيب يكتنفه لأول مرة.
يتبع...
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق