رواية جبل النار الفصل الواحد وعشرون 21بقلم رانيا الخولي
الفصل الواحد والعشرون
كان بكاء الطفل يمزق نياط قلبه ولا يعرف سبباً لذلك فقام بتهدئته قائلاً بحنو
_هششش خلاص أنا جانبك
اندهش داغر عندما وجده يتشبث به ولم يهابه
بل بدأ بكاءه يهدئ قليلًا ويندهش أكثر عندما وجده يضع رأسه على كتفه
ازدرد لعابه بصعوبة وقد شعر بسخونة جسده.
وضع يده على ظهر الصغير يثبته على صدره فتزداد ضربات قلبه المتسارعة بشعور عجيب يجتاحه لأول مرة
نادي على سائقة
_عم صالح.
أسرع إليه صالح الذي كان ينتظره بالأسفا
_خير يا ابني.
رد داغر وهو يربت على ظهر الطفل
_هو ولد ولا بنت.
دقق السائق بملامحه مما جعله يندهش من تقارب الشبه بينهم
لم يرى عينيه جيدًا من شدة بكاءه لكن الشبه واضح
_ده ولد.
_طيب خده مني ويلا نروح بيه للمستشفى.
السائق بتردد
_بس كدة أهله هيقلقوا لو رجعوا وملقوش ابنهم.
رد داغر بعدم اهتمام
_لو بيقلقوا مش هيسيبوه لوحده بالحالة دي.
وافق السائق وهم بأخذ الطفل لكنه تشبث بداغر أكثر ورفض صالح الذي حاول أخذه.
منعه داغر
_خلاص سيبه، امشي قدامي عرفني الطريق.
سار صالح أمامه يشرح له الطريق حتى وصلوا للدرج، كانت خطوات داغر حذرة ليس خوفاً على نفسه بل خوفاً على ذلك الصغير
نزل أولى الدرج دون أن يستند على السياج وذلك جعل نزوله أصعب بكثير
كان يتنفس عد كل درجة ويواصل صالح إرشاده
تعركل في نزوله وكاد أن يسقط لكن يد صالح انقذته.
ولأول مرة يسمح بأن تساعده يد أخرى لكن عليه ذلك كي يصل بالطفل للأمان.
تنفس بأريحية عندما انتهت معاناته عند آخر درجة
خرجوا من المنزل ثم توجهوا للسيارة التي انطلقوا بها للمشفى
وطوال الطريق والطفل يتشبث بعنقه وكأنه طوق نجاة له
كانت أنفاسه المحمومة على عنق داغر تقلقه أكثر عليه مما جعله يشدد من احتضانه له حتى وصلوا للمشفى..
وقفت أسيل في الصيدلية تنتظر الدواء والذي بدأ الطبيب بالبحث عنه ثم عاد إليها بأسف
_خلص للأسف بس لو عايزاه ضروري استنى خمس دقايق بس.
ترددت أسيل لكنها وافقت مجبرة فأشار لها بالجلوس والانتظار حتى يأتي به
لم تمضي ثواني وقالت بقلق
_ارجوك بسرعة لأني سيباه وحده في البيت.
رد بتفتهم
_دقيقتين بالظبط وهيكون معاكي.
ظلت أسيل تنتظر حتى جاء الدواء وأخذته لتعود إليه مسرعة.
لم تنتبه لتلك السيارة التي مرت من جوارها ولم ترى أحد سوى الطريق الذي سيصلها لابنها.
وصلت للمنزل فحمدت ربها عندما لم تسمع صوت بكاءه فظنت انه مازال نائمًا
أخرجت المفتاح من حقيبتها وهمت بوضعه في مكانه لكنها وجدته مفتوح
ظنت لوهلة أن أمينة قد عادت فنادتها
_دادة.
لم يجيبها أحد فانتبهت للطاولة الساقطة على الأرض فشعرت بالخوف وأخذت تنادي
_دادة أمينة.
لكن ما من مجيب
صعدت الدرج وقلبها ينبض بشدة حتى وصلت لغرفتها فوجدتها مفتوحها على مصراعيها
أخذ قلبها يهدر بعنف وتطلعت للداخل فتجد الغرفة فارغة.
رمشت بعينيها مرات متتالية وعقلها يرفض ما تفكر به.
اخذت تنادي مرة اخرى
_دادة أمينة انتي هنا؟
لكن لم يجيبها أحد
بأرجل كالهلام اخذت تبحث في الغرف لكنها لم تجد أحد
فتتصلب أرجلها عندما وجدت أمينة تدلف وحيدة من الباب وهي تقول بحيرة
_مين اللي كسر الباب كدة.
لم تستوعب الصدمة وكل شيء حولها يؤكد لها بأن ابنها قد تم خطفه فسقطت أسيل مغشياً عليها
❈-❈-❈
دلف داغر المشفى وقد غفى الطفل على صدره
لم يستطيع استخدام عصاه وهو يحمل الطفل فترك امر الإرشاد إلى صالح حتى وصلوا للطوارئ
تقدمت منه أحد الممرضات وهي تسألهم
_خير في حاجة؟
قال داغر
_الطفل جسمه سخن أوي وجاي اسأل على دكتور أطفال
ردت الممرضة
_دكتورة هايدي لسة جاية من شوية اتفضلوا معايا
لم تنتبه الممرضة لإعاقة داغر إلا عندما وجدت من معه يخبره بالتحرك ويرشده للطريق
تحصرت عليه وقالت في نفسها
_يا خسارتك في العمى
دلفت غرفة هايدي وهي تقول
_دكتورة هايدي في حالة برة بس ايه حاجة من الآخر
ابتسمت هايدي وسألتها
_هو مين بقى، الطفل ولا ابوه.
ضحكت الممرضة
_انا لما شفت ابوه مأخدتش بالي من أي حاجة تانية بس الحلو ميكملش كفيف.
_طيب يا ستي دخليه.
فتحت أسيل عينيها على صوت حازم الذي يحسها على الاستيقاظ
لم تنتبه لنفسها للحظات ولا تعرف أين هي او ماذا حدث لكن ألم قلبها الذي شعرت بغصته جعلها تنتبه لنفسها ولما حدث فتمتمت بتيهة
_ابني فين؟
لم يفهموا منها شيء وقالت أمينة بقلق
_فوقي يا بنتي وفهمينا في ايه؟ وفين إياد؟
ازداد شعور الدوار عندما سمعت أمينة والتي تؤكد بأن ابنها لم يكن معهم وقد تم بالفعل اختطافه فهزت رأسها برفض وتمتمت بتيهة
_ابني راح مني…ابني فين
نهضت أسيل بوهن وهي تتلفت حولها
_ابني رجعت ملقتهوش… ابني راح مني…اياد….
سألها حازم بحيرة
_اهدي بس وفهمينا اللي حصل.
نهضت أسيل وهي تتلفت حولها
_إياد….رد عليا …إياد حبيبي……
أخذت تتخبط في سيرها وحازم خلفها يحاول ايقافها وفهم ما حدث
_انتي رايحة فين اهدي يا أسيل وفهمينا ايه اللي حصل.
اجابت أسيل وهي تتخبط في كل شيء حولها
_ابني مش…موجود… اتخطف….حد خطف ابني.
الفتت إلى أمينة وتمتمت بتوهان
_ابني خرجت…. اجيبله الدوا…
(هزت راسها بضياع) رجعت ملقتهوش.
اهتزت نظراتها وهي تتابع بوهن
_هاتلي ابني يا حازم …. هاتولي ابني.
تطلعت لحازم وتمتمت برجاء
_حازم….ابني ياحازم…ابني ارجوك…إلا أبني لو جراله حاجة…اموت فيها…ارجوك
تعذب حازم لرؤيتها بتلك الحالة ووقف عاجزًا لا يعرف ماذا يفعل
فلا احد يعلم بوجوده
ولن يستطيع الذهاب إلى أقسام الشرطة
وما يقلقه اكثر أن يكون والدها قد علم بوجودهما وهو من وراء اختفاءه
تطلعت أمينة لحازم وقالت بقلق
_اتصل على هايدي تكون رجعت تاني وأخدته.
_هايدي هتاخده ازاي من غير ما تقول.
لم تستمع أسيل لحديثهم ولا شيء سوى عينين تبحث في كل مكان وقلب تزداد وتيرته بغصة مؤلمة
هل ضاع ابنها منها؟
ذلك العوض الوحيد الذي خرجت به من ذلك الزمن الغادر
هو وحده من جعلها تتشبث بالحياة بعد ما زهدتها، لا لن تتحمل فقده
إن حدث له شيء لن تستطيع العيش لحظة واحدة
أخذت تبحث في كل انش بالمنزل ولا أمل لإيجاده
تمتمت بضياع وهي تنظر إليهم
_ابني لقى الباب مفتوح وخرج لما ملقاش حد فينا.
ساقتها قدماها للخارج فتصادف البحر الهائج في طريقها يثور وترتفع أمواجه بشموخ وعلو
كأنه يخبر الجميع بأن واهم من فكر في مجابهة ثوراته.
لم تبحث معهم بالخارج ولم ترى شيء سوى صورة ابنها وهو يسير باكيًا على الرمال حتى وصل للبحر وخطفته أمواجه الغادرة
هزت راسها برفض
محال
محال أن تسمح له بأخذه
فإن أخذ طفلها فليأخذها معه فليس لها حياة بدونه.
بأقدام واهنة تقدمت منه
لم تتراجع ولم تخاف تلك الموجة العاتية التي لن ترحم من يجابهها ولا يتحدى قوتها إلا من جاء يبحث عن الموت
اغمضت عينيها عندما وجدتها تقبل عليها مستسلمة لمصير محتم بالموت، يكفي ما عاشته من عذاب حتى الآن، وقد راح الداعم الوحيد لها
تطلعت إلى الموجة العالية التي تتقدم منها تنذرها بعدم الوقوف أمامها فالغدر من طباعها وليس بوسعها شيء
لكن كان للقدر رأي آخر وانتشلتها يد قوية وسقطت معها أرضًا فلم تستطع الموجة أن تسحبهم وهم ثابتين على أرضهم، فاستحت الموجة ان تعود إليهم.
_أنتِ مجنونة، كنتِ عايزة تموتي نفسك؟
لم تجيبه بل استسلمت لصمت مطبق ولم تنتبه ليدي أمينة التي تساندها كما تفعل دائماً
فقط مستلقية على الأريكة تضع رأسها على ساق أمينة تهدئها بكلماتها الحانية
خرج حازم كي يبحث عنه ويتساءل
هل حقاً كما ظنت أسيل بأن وقع في البحر لكنه لن يستطيع الوصول للباب ولا فتحه.
إذاً فقد تم اختطافه.
لكن من؟ ولما؟
هل علم والدها به وبعث من يقوم بأخذه
لم يكن أمامه سوى الاتصال بهايدي
دلف داغر المكتب وهو مازال يحمله وقال
_السلام عليكم
ردت هايدي بابتسامة
_وعليكم السلام اتفضل حضرتك الكرسي على شمالك
تحسس داغر وجلس على المقعد فسألته هايدي
_خير حضرتك؟
لم يعرف داغر ماذا يقول أو بماذا يخبرها فهو حتى لا يعرف اسمه ولا والديه ولا يعرف مما يشكو ذلك الصغير
ولا يعرف أيضاً سببًا لفعلته سوى مشاعر عجيبه حسته على المجيء به هنا
فأشار على طفله وهو يقول
_الولد جسمه سخن اوي.
نهضت هايدي قائلة
_طيب خليني اعاينه
التفت وتقدمت من داغر كي تأخذه منه لعدم استطاعته السير جيدًا واندهشت كيف لوالدته ان تأمن عليهما.
مدت يدها تأخذ ذلك الغافي منه وتركه داغر لها
لكن تسمرت أرجلها عندما وجدت إياد ابن أسيل بين يديها
تطلعت لداغر الذي يجلس ثابتًا ولا يظهر أمامها بأنه خاطف.
لكن ما لفت نظرها أكثر هو مدى الشبه الذي بينهما وخاصة الأعين، وكأنها ترى صورة مصغرة له.
تطلعت لإياد الذي كان غافيًا بين يديها
ماذا حدث؟
هل هذا حقاً والده؟
هل علم بمكان أسيل وقام بأخذ طفله منها عنوة؟
حاولت ايجاد صوتها لكنها لم تستطع التفوه بكلمة
ازدردت لعابها بصعوبة وتمتمت
_اومال…. مامته… فين؟
وجدته يقطب جبينه ويتمتم قائلاً
_ليه؟
لم تعرف بماذا تجيب فغمغمت بارتباك
_اقصد يعني …إن ولدته هفهم منها…حالته أكتر.
رد بوجوم
_هو قدامك اتفضلي شوفيه.
اومأت بوجل ثم
وضعته على (الشزلونج) وهي لا تعرف ماذا تفعل.
هل تبعث رسالة لأسيل تخبرها، أم تخبر حازم وتطلب منه الإسراع إليها لكن كيف ذلك فإن علم بأنها كشفته فربما يأخذه ويرحل قبل مجيء حازم.
اسبلت عينيها براحة عندما رن هاتفها فعلمت دون ان تنظر إليه بأنه حازم.
تركت إياد وتحججت قائلة
_ثواني هرد على الفون.
ازدردت لعابها بوجل عندما وجدته حازم بالفعل ولم تستطيع الخروج من المكتب كي لا يشك بأمرها
فأجابت بحرص
_ايوة
سألها حازم بلهفة
_هايدي إياد معاكي؟
تطلعت هايدي إلى داغر بتوجس وأجابت
_اه موجود.
تنهد براحة لكنه اندهش عندما سمعها تقول
_لو وصلت دلوقت هتقدر تلاقيه.
سألها بحيرة
_يعني ايه مش فاهم انتي جيتي وأخدتيه
_لا هو اللي جاه تعالى وانت تشوفه.
أغلقت الهاتف ونظرت لداغر بعينيه المتصلبة ثم عاينت إياد الذي كان نائمًا وآثار الاعياء واضحة عليه.
لم يفهم حازم شيء لكن الأهم الآن أنه وجده وعليه ان يطمئنها.
اتصل على والدته والتي أجابته مسرعة
_خير يا حازم لقيته؟
اعتدلت أسيل وخطفت الهاتف من يدها
سألته أسيل برجاء أن يكذب عليها ويطمئنها
_لقيت اياد يا حازم؟
تفادى حازم تلك السيارة التي مرت من أمامه ولم ينتبه أنه يسير في الطريق المعاكس فقال
_اه الحمد لله لقيته
اغمضت عينيها براحة وتمتمت بشكر
_الحمد لله.
قال حازم وهو يحاول تفادي السيارات التي تقابله
_طيب انا هقفل معاكي لأني لازم اروح المستشفى دلوقت.
قالت بلهفة
_في ايه؟ اياد حصله حاجة؟
طمئنها حازم بروية
_لأ كويس بس هو عند هايدي وهروح هناك واطمنك
_طيب خدني معاك؟
_هتروحي بصفتك ايه سيبيني خليني اشوف في ايه.
بوغتت أسيل برده والذي يؤكد حقيقة مرة مهما حاولت الهرب منها
من هو؟
ومن هي بالنسبة له؟
لا يشيء يثبت ذلك.
ربتت امينة على كتفها وقالت بتعاطف
_الحمد لله إن اياد بخير.
تنهدت أسيل بشرود وهي تجيب
_للأسف يادادة اياد عمره ما هيكون بخير.
انتهت هايدي من معاينته
وحمحمت كي يخرج صوتها طبيعي ولا يشك بشيء ثم جلست على مكتبها وضغطت على الزر فتدلف الممرضة
_نعم يا دكتورة؟
قالت هايدي بثبوت لداغر
_هو ابنك محتاج يتحجز الليلة دي في المستشفى لأن الحرارة مرتفعة أوي ولازم يكون تحت الملاحظة.
رد داغر بنفس ثبوتها
_اكتبي كل الحاجات اللي محتاجها وانا هبعت السواق يجيبها لكن حجز لأ.
ازدردت لعابها بوجل ثم رفعت عينيها للممرضة وقالت
_طيب يا هدى هتيلي كانيولا اركبها عشان المحلول.
اومأت هدى وخرجت من المكتب ثم قامت بارسالة رسالة إلى حازم
__"تعالى بسرعة مفيش وقت الولد في خطر"
ثم أغلقت الهاتف
سألها داغر
_الموضوع هيطول؟
ردت بنفي
_لأ خالص خمس دقايق وهتروحوا.
اومأ لها وأخذت هايدي تنظر إليه بتوجس
ماذا حدث؟
وكيف عثر عليهما؟
وما قصة بصره ومتى فقده؟
بغتت عندما تحدث داغر
_هتفضلي مركزة معايا كتير؟ ولا بتضيعي وقت لحد ما حد منهم يوصل.
اهتزت نظراتها بوجل وسألته
_ليه بتقول كدة؟
ابتسم داغر بسخرية وقال
_صوتك اللي اتغير لما شيلتي الطفل وأخدتي بالك منه، المكالمة اللي بتأكدي فيها إن الطفل عندك، وطلبك إن الطفل يأخر لحد ما حد من اهله ييجي
نهض متابعًا
_أنا مش خاطفه ولا حاجة بس أنا كنت رايح للممرضة بتاعتي وسمعت صوته فاضطريت اخده واجيبه المستشفى لما لقيته بالحالة دي
بعد أذنك دوري انتهى لحد كدة.
اندفع الباب ودلف منه حازم والذي تسمر بدوره عندما وجده أمامه
لم يصدق ما يراه
لم تتركه هايدي يفكر كثيرًا وقاطعته قائلة
_تعالي يا دكتور حازم ابنك بخير متقلقش.
تدفقت الدماء بعروق داغر عند نطق اسمه واشتعلت نيران الغيرة بقلبه لكنه استطاع ببراعة أن يتحلى بالثبات وتحدث بهدوء
_بما إن والده جاه استئذن أنا.
خرج داغر تاركًا حازم في صدمته
لا يعرف ماذا يحدث
تطلع إلى هايدي وسألها
_ايه اللي جاب ده هنا؟
تأكد شك هايدي فقالت بهدوء
_يظهر إنه المريض اللي حور اشتغلت عنده ولما مراحتش النهاردة جاه عشان يطمن عليها لقى إياد في البيت لوحده وتعبان بالشكل ده، قام بدوره وجابه هنا عشان يكشف عليه.
ابتلع ريقه بصعوبة بالغة وتطلع إلى إياد الذي بدأ يعود لوعيه
فتقدم منه يحمله وقال بثبات
_انا هروحه لحور لأنها قلقانة عليه، وارجعلك تاني لأن في بينا كلام كتير لازم نخلصه.
اوقفته هايدي ودونت بعض الادوية وهي تقول
_هات الدوا ده بسرعة لأنه السخونة عاليا أوي.
اخذ منها الورقة وقال
_تمام متروحيش إلا لما ارجعلك.
خرج حازم من المكتب دون ان يستمع لردها
وأخذ يسرع بخطواته كي يلحقه ويتأكد أكثر ربما يكون أخطأ
وبالفعل وجده ينزل الدرج وقد لفت نظره تلك العصاه التي تساعده في النزول بقياس المسافة
متى حدث ذلك؟
نزلت الدرج حتى وصل قبالته وهنا تمتم الطفل دون قصد
_با..با
رد حازم بصوت مسموع وهو يمر من جواره
_انت مع بابا متخافش.
شعر داغر بأنه تعمد ذلك لكنه لم يهتم واستقل مقعده بالسيارة وقال للسائق
_اطلع بينا على عيادة دكتور منتصر.
❈-❈-❈
دلف حازم المنزل فيجد والدته جالسة على الأريكة منتظره عودته
وعند رؤيته حمدت ربها على عودته
_الحمد لله.
تقدم منها حازم ليضعه بين يديها وسالها
_أومال أسيل فين؟
_ادتها حباية مهدئة ونامت خفت لو فضلت صاحية يجرالها حاجة.
_طيب نيمي اياد جانبها وانزلي عشان عايزك ضروري.
صعدت أمينة ووضعته بجوار أسيل التي نامت بفعل المهدئ فلا تدري بشيء حولها.
عادت إلى حازم تسأله وهي تجلس بجواره
_ايه اللي حصل وهايدي اخدته أمتى ؟
تنهد حازم وقال بدون مقدمات
_انتي كنتي عارفة إن أسيل بتشتغل عنده؟
لم تفهم سؤاله في بادئ الأمر لكنها انتبهت لمقصده فلا داعي للكذب لذا ردت بروية
_معرفتش غير امبارح.
سألها بحدة
_وليه مقولتيش يا أمي؟
_ما تفهمني ايه اللي حصل الأول.
رفع حاجبيه متسائلاً
_اللي حصل؟!
تعرفي اللي حصل ده خلاه يتجرأ ويدخل بيتي وياخد اياد ويمشي بكل بساطة.
قطبت جبينها بدهشة وسألته
_ازاي؟
قص عليها ما حدث وأمينة تستمع إليه بصدمة
_معقول ده؟
رد حازم بلهجة حادة
_اه معقول، لما تخبوا عليا حاجة زي دي يبقى مستغربش اي حاجة تحصل بعد كدة.
علىٰ صوته بادانة
_ازاي يا أمي توافقيها على حاجة زي دي، وهي وافقت تشتغل عنده بناءًا على ايه؟
رد أمينة بقلة حيلة
_اعمل ايه بس يا ابني، انا معرفتش غير امبارح ولما سألتها قالت إنها وافقت عشان تنتقم منه..
قاطعها حازم باحتدام
_يبقى لسة بتحبه يا أمي، لسة جواها والانتقام حجة عشان تشوفه، معقول نسيت اللي عمله فيها
قالت أمينة بدفاع
_محصلش صدقني، اسيل منسيتش ولا عمرها هتنسى، كل الحكاية إنها عايزة تنتقم منه زي ما قالت.
_هتعمل ايه يعني؟ هتقتـ.ـله مثلًا؟ ما هو اصلًا بقى شبه ميت، ايه اللي عايزاه غير إن قلبها حن له وعايزة تكون جانبه لا وكمان شغالة عنده ممرضة.
نهض من مقعده وتابع
_أنا ماشي دلوقت ولما تفوق هيكون في كلام تاني، هبعتلكم حد يصلح الباب.
خرج حازم واستقل سيارته عائدًا إلى شقته كي يبدل ملابسه المبتلة ثم عاد إلى المشفى.
❈-❈-❈
عادت وعد إلى شقتها وهي تشعر بالارهاق
فقد تأخر السائق عليها فاضطرت لركوب الحافلة
جلست على المقعد ثم نظرت بساعتها فتجدها قد تعدت الثانية مساءً
ميعاد عودته
وبالفعل قبل ان تقوم من مقعدها وجدته يدلف من الباب.
_مساء الخير
قالها سليم بلهجته الهادئة وهو يضع مفاتيحه على الطاولة ويجلس على المقعد فترد هي بفتورها المعهود وخاصة بعد أن استيقظت ووجدته بجوارها على الفراش
_مساء النور
تابعت وهي تنهض
_ثواني هقوم اجهزلك الغدا.
منعها سليم
_خليكي أنتِ شكلك لسة راجعة.
لم تخبره بأن السائق تأخر عليها كي لا يعاقبه على ذلك فقالت بنفي
_لأ مش تعبانة
نهضت لتدلف غرفتها كي تبدل ملابسها ثم خرجت فتجده دلف غرفته كي يبدل ملابسه بدوره
دلفت المطبخ واخرجت الاشياء من المبرد وبدأت بإعداد الطعام
انتبهت لصوته خلفها يسألها
_تحبي اساعدك في حاجة؟
كانت تود الرفض لكنها حقاً متعبه وتريد مساعدة
اومأت له وبدأ هو يساعدها في إعداده
كانت نظراته لها تحمل اشتياق شديد لكنها مازالت تعاقبه على ما فعله بأخته
كان باستطاعته ان يخبرها بالحقيقة لكنه لا يريد عودتها إليه بتلك الطريقة
يريد أن تعود إليه وهي تتقبله بكل مساوئه
وحينها سيخبرها بكل شيء
وقف بجوارها امام المقود مما جعل اكتافهم تتلامس دون قصد بالنسبة لها
لكنه كان يحترق بنارها كلما تلامسوا
أغلقت وعد المقود ووضعت الطعام على السفرة الصغيرة في المطبخ وكذلك فعل هو.
كان الصمت سيد الموقف لكن قلوبهم تحكي الكثير
سألها سليم
_عاملة ايه في الجامعة؟
ردت بعدم اهتمام
_في حاجات كتير بتسقط مني بس بحاول افهمها من اصحابي.
قطب جبينه بحيرة وسألها
_اصحاب مين؟ وساكنين فين؟
ردت وهي تتظاهر بعدم الاهتمام
_عرب وساكنين قريب من الجامعة.
ترك الملعقة من يده وسألها بغيرة
_اقصد بنات ولا شباب؟
رفعت نظرها إليه لترى مدى غيرته فأرادت اشعالها حقاً كما يفعل معها ويتناول طعامه مع نساء بحجة عشاء عمل.
_كدة وكدة.
ازدادت عقدت جبينه وغمغم بانفعال
_وازاي حضرتك تسمحلي لنفسك تكلمي شباب حتى لو بدافع الدراسة.
تركت هي أيضاً الملعقة من يدها وقالت بفتور
_زي ما حضرتك بتتعشى مع ستات بحجة عشاء عمل والكلام الفاضي ده.
انفعل اكثر من ردها وقال باحتدام
_بس ده شغل.
ردت بتحدي
_ودي دراستي.
ضيق عينيه مستفهمًا رغم علمه بأنها تستفز غيرته
_يعني ايه؟
_يعني زي ما انت بتحلل لنفسك بدافع الشغل انا كمان بيكون بدافع الدراسة.
رغم سروره بغيرتها عليه إلا إنه لم يقبل طريقتها بالحديث معه ولا بتحديها له فقال بلهجة حادة وحازمة
_الكلام اللي اقوله يتنفذ من غير نقاش، مفيش كلام تاني مع اي شاب حتى لو كان دكتور الجامعة نفسه، فاهمة؟
تطلعت إليه بعتاب ورأت نفسها أسيل أخرى وهي ما لن تسمح به، فليتركها تعود لعالمها البسيط لا تريد تلك الحياة بقيودها حتى وإن كانت قيود ألماس.
هزت رأسها برفض
_وانا مش هقبل أكون أسيل التانية.
ضربته بمقتل عند ذكر أخته وما عانته معهم
ماذا تعرف هي عمّ عاشته أسيل كي تقارن وضعها به
تقدم منها خطوة عادتها هي للوراء حتى صدم ظهرها بالمبرد خلفها
ورغم غضبه الشديد منها ورغبته في معاقبتها إلا إن رؤية الخوف بعينيها جعله يتراجع عمّ انتواه وخاصة عندما تابعت بعتاب احرق قلبه
_مش عايزة الحياة دي، مش دي الحياة اللي اتمنتها معاك، انا بحبك واتمنيت اكون من نصيبك بس انت دمرت كل حاجة باللي عملته في أختك، خلتني افقد احساسي بالامان اللي محستوش إلا معاك.
استطاعت بكلماتها أن تنهى على من تبقى من غضب وعاد العشق يأخذ موضعه داخل عينيه وتمتم برق
_وانا اتمنيت أعيش حياة أفضل من دي معاكي، لا إنتِ ادتيني حبك ولا حسيتي معايا بالأمان، يعني كل واحد منا مستني التاني يبدأ
ملس بأنامله على خدها وتابع بهمس
_بس أنا حقيقي اديت كل حاجة، اديتك قلبي وحبي وعمري واديتك اسمك، مفكرتيش تدي حاجة واحدة من دول حتى قلبك استكترتيه عليا
بقيت بدور عليكي وانتي قدامي، لأنك ببساطة مبقتيش البنت اللي حبتها
بقيتي واحدة تانية شكاكة ومتطلبة حتى فقدت ثقتها في نفسها.
متستنيش مني اديك لأني اديت كتير
يتبع...
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق