رواية غناء الروح الفصل الثامن عشر 18بقلم زيزي محمد ( حصريه في مدونة موسوعة القصص والروايات)
رواية غناء الروح الفصل الثامن عشر 18بقلم زيزي محمد ( حصريه في مدونة موسوعة القصص والروايات)
الفصل الثامن عشر.
-شرط أيه؟!
قالها "سليم" بنبرة خشنة تحمل اعتراضًا قويًا، بينما كان "يزن" ينظر إليه بتسلية وهو يعيد ترتيب أوراق اللعبة لصالحه، فقال بهدوء قاتل للأعصاب:
-أنا وافقت وماحبتش أقل منك ولا من قراراتك اللي انت واخدها في حياتي وكأنها حياتك، بس الباقي بقى ده يخصني معلش، وأنت بتتفق متحددش معاد للجواز، دي بتاعتي أنا بقى، أنا أقرر امتى اتجوز وامتى مااتجوزش.
ثوانٍ من الصمت مرت عليهما وهما جالسان يتبادلان النظرات الغامضة والشرسة، حتى قطعها "سليم" بوقوفه المفاجئ وابتسامته البسيطة، مبديًا موافقته بسلاسة أدهشت "يزن":
-بس كده، تمام مفيش أي مشكلة، وبعدين يا يزن نقطة الجواز دي بالذات أنا مقدرش اتدخل فيها، تصبح على خير.
انعقد حاجبا "يزن" من بساطته الغريبة عليه، وابتسامته الغامضة المثيرة لشكوك مريبة تداخلت مع بعضها لدرجة أنها كانت بمثابة شبكة عنكبوتية، سببت له صداعًا شرسًا، دفعه لأن يلقي بجسده للخلف فوق فراشه، ناظرًا إلى سقف الغرفة بشرود، متأملًا التغير المفاجئ الذي طرأ على حياته، غير قادر على تحديد مشاعره وهويتها وما يميل إليه قلبه وعقله، زفر بقوة، وأغمض عينيه مستسلمًا للنوم وأحلامه بصدر رحب، وما إن سقط عقله في فوهة الأحلام حتى سمع صوتًا قويًا يأتي من الطرقة الخارجية، ففتح عينيه على وسعهما بقلق ونهض يتحرك ببطء شديد صوب الباب، وما إن أمسك بالمقبض حتى همس بتوتر شديد:
-بسم الله الرحمن الرحيم، أنا سايبهم في الأقصر!
فتح الباب فتحة صغيرة ونظر من خلالها، لم يجد أحدًا، وما إن هبط ببصره حتى وجد الصغير "أنس" يقف في صمت والإضاءة الخافتة في الطرقة تلعب دورًا مخيفًا على ثباته، حتى قال الصغير بابتسامة واسعة:
-عمو يزن أنا جاي أنام معاك.
-ها؟!
قالها "يزن" بحماقة كبيرة وهو ينظر للصغير الذي يفرك في عينيه وابتسامته لا تزال على وجهه، فقال بتيه أثر على عقله واستيعابه:
-تنام فين؟!
-معاك يا عمو، بابا قالي انزل أنام معاك، عشان انت خايف تنام لوحدك.
هز "يزن" رأسه باستيعاب ففتح الباب للصغير يستقبله في غرفته، مرحبًا به بحفاوة:
-والله يا أنس انت جاي في وقتك، انت من هنا ورايح تنام معايا.
جلس الصغير فوق الفراش وهو يقول بصوت ناعس:
-حاضر، بس أنت ازاي كبير وبتخاف؟
جلس "يزن" بجانبه وهو يحتويه بذراعه، مردفًا بحسرة:
-ما أنت ماشوفتش اللي أنا شوفته، بس هقولك أنا مفتقد الحنان في حياتي اوي يا أنس.
رمش الصغير بعينيه وهو يقاوم النوم، متسائلًا بعدم فهم:
-يعني إيه؟!
فكر "يزن" مليًا قبل أن يقول بأسلوب مبسط وهو يمزح مع الصغير:
-يعني مفيش حد بيطبطب عليا.
تثاءب الصغير وهو يضع كفه الصغير على فمه، ثم قال بتعجب طفيف:
-طيب وصحباتك البنات فين؟!
مط "يزن" شفتيه بضيق وانزعاج حقيقي خرج من عمق مشاعره المتناقضة ولكن نبرته كانت تحمل حسرة على حاله:
-كرهتهم كلهم، عمك خلاص يا أنس راحت عليه!
ربت "أنس" فوق يده برفق وهو يظهر تعاطفه معه من خلال عروضه البسيطة، ظنًا منه أنه يساعد عمه:
-طيب متزعلش، أجيبلك صحابي يصحبوك!
ضيق "يزن" عينيه متسائلًا بمزاح:
-بنات؟!
-اه.
عاد "يزن" يسأله وابتسامة تسلية تحتل وجهه:
-حلوين؟!
أجاب الصغير بلا مبالاة وهو يرقد يستعد للنوم:
-اه، بكرة هبقى أعرفك عليهم.
مسد "يزن" فوق شعره بحنان وحب، ثم داعب طرف أنفه وهو يشاكسه:
-مش خايف ليحبوني أنا ويبطلوا يصاحبوك!
فتح الصغير عينيه يفجر قنابل الثقة والتعالي الموروثة من قبل أبيه، فقال بعنجهية شابهت تعالي والده:
-لا أنا صاحبهم من زمان، أما انت هيصاحبوك عشان خاطري بس!
انكمشت ملامح "يزن" باندهاش وهو يرد باستنكار:
-إيه الرد ده!!، طب راعي حتى إن أنا عمك.
أعطاه الصغير ظهره وألقى أوامره دون أن يبالي بـ "يزن" المصدوم من طريقته:
-نام بقى، عشان لو فضلت تتكلم كتير، أنا مش هنام جنبك تاني، وهخلي بابا هو اللي بينام جنبك...
هز "يزن" رأسه رافضًا ذلك التهديد، فقال برجاء:
-لا أبوك لا، أنت أرحم!
غاص الصغير في نومه وترك "يزن" ينظر إليه بحب، حتى ضيق "يزن" عينيه بشك وهمس:
-أنت يالا أبوك أكيد باعتك تراقبني، لازم أخد بالي!
****
في اليوم التالي...
جلست والدة "فايق" تتابع التلفاز، وبجانبها إحدى جاراتها يتابعان مسلسلهما المفضل، حتى قطعت جارتها مشاهدتهما بقولها الفضولي والحماسي:
-يااختي ما تعرفيش الزغاريط اللي كانت جاية من بيت حسني دي إيه؟!
حركت والدة "فايق" كتفيها بلا مبالاة وهي تخفي نظراتها عنها:
-علمي علمك!
لكزتها جارتها بغيظ وهي تقترب منها:
-يا ولية عليا، ده أنتي عارفة أخبار الحارة كلها!
مطت والدة "فايق" شفتيها بحسرة زائفة:
-ما بقتش يااختي وحياتك!
اقتربت جارتها أكثر وهي تلقي عليها ما سمعته من قبل أطفال عائلة الحاج "حسني" وهم يلعبون أسفل البناية صباحًا:
-طيب هقولك عشان أنتي حبيبتي، أنا سألت العيال الصغار قالوا جاي عريس لسيرا، قولتلهم مين، مارضيوش يقولوا!
حركت بؤبؤ عينيها نحوها وهي تقول بنبرة مقتضبة كي لا تتلفظ بحرف يفسد اتفاقها مع حكمت، التي أصدرت تنبيهاتها بعدم التحدث مطلقًا عن ذلك الموضوع حفاظًا على الخصوصية، وكي لا تصاب أختها بحسد، وخاصة أن حكمت تخشى كثيرًا الحسد:
-والله طيب كويس!
ضيقت الأخرى عينيها بمكر وشك في آن واحد وهي تناظرها، فلم تتحمل والدة "فايق" خداعها أكثر من ذلك، فقالت بنبرة شبه منفعلة وهي تعلن استسلامها:
-طيب هقولك بس اوعي تقولي لحد، العريس ده يبقى فايق ابني، اسمالله عليه وعلى اسمه حبيبي، اتقدم للبت سيرا، وأنا كلمت حكمت، وهي قالتلي هتسمعي الجواب من الزغاريط، وأنا كنت متفقة معاها هنروحلهم يوم الجمعة إن شاء الله، ادعيلنا بقى.
توسعت ابتسامة المرأة سعادة وهي تردف:
-يا ألف نهار أبيض، هما يلاقوا زي فايق فين، ده زينة رجالة المنطقة كلها، بس هما ليه مش عايزين حد يعرف؟!
-يااختي ما أنتي عارفة حكمت بتخاف من الحسد ومابتحبش حد يعرف عنها حاجة، واتفقت معايا على كده.
بررت لها والدة "فايق" بضيق، فقالت الأخرى بفضول:
-وهتاخدوا معاكم إيه يوم الجمعة يا أم فايق؟
رفعت جانب شفتيها باستنكار وهي تقول:
-هناخد إيه يعني، فاكهة يااختي، هقول لفايق ينزل ويجيب كام كيلو من نوعين!
توسعت أعين المرأة بتعجب ساخر، ثم مطت شفتيها بضيق:
-يا ولية فكي الكيس وجيبي تلات أنواع ولا أربعة، ولا طبق حلويات كمان.
شهقت والدة "فايق" باستهجان قوي وهي ترفع أحد حاجبيها باعتراض قوي:
-ليه يااختي، ده حيالله اتفاق، وبعدين لسه الجايات كتير وهنجيب وهنشيل، اهدي شوية يااختي بالله عليكي، أصل المشرحة مش ناقصة قتلة، الواد مفحوت في الفنادق في شرم والغردقة شغل ليل نهار عشان يتجوز، أقوم أنا أبزعقها في هدايا.
زمت جارتها شفتيها بانزعاج واضح وهي تحرك إصبع الإبهام نحو أسنانها، قائلة:
-عليا، ده أنتي جلدة وتخافي تصرفي الجنيه.
-هتتفرجي على المسلسل وأنتي ساكتة ولا تطرقيني من سكات؟ وحسك عينك أسمعك بس بتتكلمي مع واحدة من ستات المنطقة، أنا مش ناقصة وجع دماغ من حكمت، حكمت دي ولية قرشانه وصعبة ومش هخلص منها.
فجرت تهديدها دفعة واحدة في وجه جارتها، فانكمشت الأخرى رغم انزعاجها وهي تؤمي برأسها في استسلام:
-حاضر، حاضر، ولا هفتح بوقي يااختي والله.
****
في صباح يوم الجمعة.
رتبت "يسر" ثيابها في خزانتها الصغيرة وانتهت من وضع أشيائها، وهي تمرر بصرها على زوايا غرفتها التي عادت إليها ولكن هذه المرة بصحبة ابنتها الصغيرة "لينا".
مسحت دموعها المتساقطة وهي تجذب أنفاسًا طويلة، مقررة ألا تبكي مرة ثانية، وتستمع لنصائح والدها، فابنتها تستحق أمًّا أفضل وأقوى مما كانت عليه!
رسمت ابتسامة صغيرة على شفتيها وهي تخرج للخارج لتساعد والدتها، التي ما إن رأتها حتى ابتسمت بحب وقالت:
-يا ألف بركة، والله إنك خرجتي من أوضتك يا يسر.
جلست "يسر" بجانبها وردت بنبرة ضعيفة وهي تنظر إلى صغيرتها التي تشاهد التلفاز في صمت:
-ماما، أنا بفكر أخرج أنا ولينا افسحها شوية.
-وماله يا حبيبتي، البنت تستاهل والله، دي غلبانة وملهاش ذنب.
جذبت "يسر" نفسًا طويلًا قبل أن تنهض وتتحرك لتجلس بجانب صغيرتها، تحتضنها وتهمس لها:
-إيه رأيك نخرج، نقضي اليوم بره؟
لمعت عيناها بوميض السعادة وقد تبدلت حالتها كليًا:
-يا ريت يا مامي، وبابي هيجي معانا؟!
تجمدت "يسر" أمام سؤالها كالصنم، فبدت ملامحها خالية من التعابير، وما إن التفتت نحو والدتها حتى ناظرتها بعدم رضا وعتاب، فرمقتها "يسر" بضيق، لعلمها برأي والدتها الذي لم تعد تأخذه على محمل الجد بعد أن هوت في بئر من الأخطاء بموافقتها على زيجتها من نوح منذ البداية، والسبب هو آراء والدتها التي لم تجنِ منها سوى ثمارها الفاسدة.
عادت بنظرها نحو صغيرتها وقالت بثبات وابتسامة مقتضبة:
-لا يا لينا، أنا وأنتي بس، ها نخرج ولا لا؟
أخمدت شعلة حماسها قليلًا وهي تحرك رأسها بإيماءة، وحجزت أسئلتها عن والدها داخل جدران عقلها الصغير، بدايةً من غيابه المستمر، وإقامتهما في منزل جدها، وتركهما منزلهما الجميل وغرفتها المليئة بالألعاب وبأشيائها المحببة لقلبها.
تجاهلت "يسر" أسئلة ابنتها الصامتة وساعدتها في الجلوس وهي تتجه بها نحو غرفتهما، تبدل ثيابهما بينما هزت "أمل" رأسها بيأس وحسرة:
-ربنا يهديك يا فاضل، ويهديلك الحال يا يسر يا بنتي، وترجعي بيتك تاني.
****
كان الجميع في منزل "سيرا" على قدم وساق، كل فرد يعرف مهمته ويعمل على إتقانها بأقصى جهد لديه، أما "سيرا" فكانت مصدومة، قلقة، متوترة، ولكن الجزء المسيطر عليها هو سعادتها، فأغمضت عينيها تتمنى أن يمر اليوم مرور الكرام كما تتمنى!
أما في الخارج، فكانت "شاهندا" تقف تتابع "أبلة حكمت" في المطبخ وهي تضع بعض أنواع الفاكهة في حقيبة بلاستيكية سوداء، وهمست لابنها "حودة":
-خد يا حودة، ادي دول لدهب أختك.
نظر "حودة" إلى التفاح الأحمر الشهي وأشار بنهم:
-ماما، حطي تفاحتين كمان ليا.
وضعت "أبلة حكمت" طلبه في الحقيبة وهي تقول بنزق:
-خدهم بقى وانزل على دهب على طول.
لم تتحمل "شاهندا" أكثر من ذلك، فدخلت باندفاع وهجوم أثار حفيظة أختها الكبرى:
-إيه اللي بتعمليه ده يا أبلة؟!
توسعت عينا "حكمت" باستنكار قوي وهي تتخصر:
-بعمل إيه يا أختي؟؟
-بتاخدي من الفاكهة اللي بابا جايبها للضيوف وتنزليها عندك، هو ده ينفع؟!
رفعت "حكمت" أحد حاجبيها بغضب وهي تردف بنبرة مرتفعة غير مبالية بموقفها الحرج:
-اه ينفع يا أختي، هو الحاجات اللي بابا جايبها حلال عليكم وحرام عليا أنا وعيالي؟! أنا زي زيكم يا حبيبتي!
-إنتي مش محتاجة يا أبلة، وتقدري تجيبي ده وأكتر، اللي بتعمليه ده اسمه استخسار على فكرة.
أنهت حديثها الغاضب والهجومي وهي تشير نحو الحقيبة التي يمسكها "حودة"، المتابع لحديثهما باهتمام بالغ وهو يمسك تفاحة صغيرة يقضمها باستمتاع، بينما دخل الجميع بسبب أصواتهما المرتفعة، وأولهم والدتهما التي قالت بقلق:
-في إيه يا بنات، بتتخانقوا ليه؟!
وقبل أن تتحدث "شاهندا"، وجدت "حكمت" تتحدث بانكسار وحزن طغى فجأة على نبرتها التي تغيرت بلمح البصر:
-يعني يا ماما فيها إيه لو دهب بنتي نفسها في حاجة ولقيتها عندكم، قلت أبعتلها، الأستاذة شاهندا تدخل وتزعقلي وماتعملش حساب إني أختها الكبيرة والمفروض تحترمني.
وقفت "كريمة" بجانب "شاهندا" وهي تنظر إلى الحقيبة التي ما زالت في يد "حودة" يتمسك بها بقوة:
-معلش يعني يا أبلة حكمت، إنتي مش محتاجة! وبعدين شاهندا بتتكلم من باب إن في ضيوف جايين النهارده، وبابا جايب حاجات كتير ما شاء الله، لما يمشوا ابقي خدي اللي نفسك فيه!
تبرمت "حكمت" وتحولت تعابير وجهها للانزعاج وهي ترمقها بجرأة:
-هو انتوا عيالكوا يا كريمة بيخلوا حاجة؟ وبعدين إنتوا واقفين تتكلموا في إيه؟ ده بيت أبويا زي زيكم ومن حقي أتصرف زي ما أنا عايزة، ومفيش واحدة فيكم تيجي تقولي حاجة، يلا يا حودة، أنا هنزل، ولما الضيوف ييجوا هبقى أطلع، طالما أنا مش مرغوب فيا.
أوقفتها والدتها بضيق وهي تقول برفق، بينما نظرت إلى ابنتيها بعتاب كي يصمتا:
-يا حبيبتي، لا مرغوب طبعًا، اقعدي وخدي اللي إنتي عايزاه، وبعدين الخير كتير، وأبوكي جايب بزيادة عشانكم كلكم وعشان عيالكم ياكلوا براحتهم ويتبسطوا.
-ربنا يخليكي يا ماما، أنا هقعد طبعًا عشان خاطر سيرا حبيبتي أختي اللي مشرفانا بعريسها، يلا هقعد في الصالة وانتوا كملوا تنظيف بقى، خلاص كلها كام ساعة وهيجوا، مش عايزين أي عطلة.
ألقت "حكمت" كلامها الصلد، الذي كان بمثابة قنابل دوت في عقولهن وهن ينظرن إليها، بينما هي تجاهلتهن عن عمد وخرجت إلى الصالة، والتفتت والدتهما إلى بناتها الثلاث "شاهندا" و"كريمة" و"فريال":
معلش يا حبايبي، عدوا اليوم، وبلاش مشاكل عشان خاطر سيرا، بلاش نبوظ فرحتها.
بينما كانت "سيرا" تقف على أعتاب باب غرفتها في آخر المنزل، تراقب الموقف في صمت وعيناها تصرخ بالاستياء منهم جميعًا، فعادت إلى غرفتها محبطة الآمال، متجهمة الوجه، شاردة التفكير.
****
مساءًا...
توقفت سيارة "نوح" أمام أحد المطاعم المشهورة، يراقب "يسر" وابنته الجالسين على طاولة صغيرة بجانب واجهة زجاجية كبيرة، ويأكلان وجبتهما التي طالما أحبتها صغيرته!
أمسك المقود بقوة وهو ينظر لـ "يسر" الجالسة تراقب صغيرتهما في صمت وملامحها ساكنة، شاردة،
أغمض عينيه وكلمات المحامي الخاص به تدوي في رأسه كالقنابل، متذكرًا كيف اخترقت سمعه بالأمس عندما تلقى منه اتصالاً يفيده بأن زوجته رفعت قضية "خلع"، لم يصدق في بادئ الأمر وشعر بنيران تعصف عقله، وكرامته المحفوظة أصبحت مهزوزة بلا قيمة بعد أن طعنته يسر بسكين الغدر فجأة في ظهره.
فتح عينيه مرة أخرى يطالعها بغضب ناري لو طالها لأحرقها بلهيبه المتفاقم بشراسة، ظل يراقبها في صمت منتظرًا اللحظة الحاسمة لشن هجومه عليها، وما أن بلغه أحد الافراد الذي كلفه بمراقبتها بخروجها مع طفلتها حتى تولى هو مهمة مراقبتها، وما أن رآها وحدها في إحدى المرات التي تركتها بها طفلتها حتى كاد يتهور ويركض نحوها يصرخ بها ولكن ما أن عادت ابنتها إليها حتى كتم صرخته وتجمدت داخل صدره، وتحولت إلى سيل من الغضب المتفجر!
ولكن الفرصة يبدو أنها ستذهب هباءً دون أن يحادثها وخاصةً أنها يبدو على وشك مغادرة المطعم، زفر بضيق وهو يلقي بصبره في حاوية الانتظار، فلم يعد يتحمل أكثر من ذلك، وترك سيارته متوجهًا نحوها بخطوات واسعة حتى وصل أمامها ووجه حديثه إلى صغيرته التي احتضنته ما أن رأته:
-روحي يا حبيبتي على العربية بتاعتي هناك أهي، لغاية ما أكلم مامي ثواني.
أخفت "يسر" اندهاشها ببراعة لوجوده أمامها، وتظاهرت بوجه جامد، بارد يستحقه تمامًا، أما عيناها فتنظران إلى الفراغ كأنما تستجدي من عالم آخر القوة لتقف أمامه ثابتة، وفور ذهاب الصغيرة، التفت إليها وعيناه مليئتان بالدهشة والاحتجاج، وجسده يرتجف من شدة الانفعال، فنطق بصوت متقطع، كأنما يحاول فهم ما لا يمكن فهمه:
-ازاي قدرتي تعملي كده، ترفعي قضية خلع عليا أنا يا يسر !!
عقدت ذراعيها ببرود فاجأه وهي تواجه نظراته الحارقة بأخرى ثلجية قاسية:
-هو وصلك! طيب والله كويس، زعلان ليه يا دكتور ما ده اللي تستحقه طالما مش راضي تطلقني!
انتفض قلبه، كأنها طعنة بخنجر مسموم، لم يتوقع يومًا أن يصل إلى هذه اللحظة معها، فقال بضيق محتدم:
-اللي بتعمليه ده مش صح، وأخرته مش حلوة ليكي يا يسر، وبلاش تركبي دماغك، انتي مش هتعلميني الأدب.
أبدت استنكارها ثم نطقت كلماتها بهدوء، لكن بهدوء يحمل في طياته الكثير من الألم:
-اعلمك الأدب! هو انت فاضي أصلاً عشان تتعلمه، الله يكون في عونك، تعبان في شغلك، وفي نزواتك!!
تقدم نحوها خطوة قاصدًا إثارة توترها، فحدق في عينيها اللتين تهربان من نظراته، محاولًا العثور على بقايا حبهما ليتشبث بها ويضغط عليها كما كان يفعل قديمًا، ولكنه لم يجد إلا صمتها وغمامة سوداء أسدلتها على عينيها اللتين أصبحتا مخيفتين له، وكان ذلك كفيلاً بإشعال النار في صدره أكثر، فقال:
-انتي روحتي رفعتي قضية خلع عشان اوهام في دماغك مش اكتر، أنا قولتلك لو عايز اعمل حاجة هعملها بالحلال، مش هعصي ربنا، أنا عارف الحلال والحرام كويس.
مالت شفتيها جانبًا بسخرية، وحرقة تشعر بآلامها في حلقها وهي تقول بهدوء كمَن يجر سيفًا من غمده:
-والله كويس اوي، وربنا مقالش تعاملني بالمعروف، ولا تعرف اللي ليك بس، مقالش تعامل مراتك بالحسنى، طالما انت متدين كده، في حاجات في الدين كتير تقدر تقرا فيها يمكن تخليك احسن من كده!
بدأ الغضب يتحول إلى يأس، وأخذت الكلمات تتساقط من فمه متقطعة، بين شهيق وزفير ثقيل، فكان يحاول استيعاب تغييرها وجمودها الموجع وكأنها ترسل إليه بسرعة تخطيها له، لم يكن هذا متوقعًا أبدًا منها، ولم يكن مستعدًا لمواجهة حقيقة كهذه، فقال بقوة وهو يعلن مليكته لها:
-أنا مش جاي أناقشك في شخصيتي، أنا جاي اقولك إن أنا مش هطلقك يا يسر واعلى ما خيلك اركبيه.
ظل صامتة لبضع لحظات، قبل أن ترفع رأسها وتنظر إليه، محاولةً العثور على أي أثر للندم في عينيه، لكنها لم تجد سوى آلامها المتجسدة طوال فترة زواجهما في عينيه الصارخة بعناد قاسٍ، فتلفظت حروفها بصوت ناعم مليء باللامبالاة، وكأنها تتحدث عن الطقس، قاصدة إهانته:
-انت فعلاً مش هتطلقني بإرادتك، عشان كده أنا هخلعك، هخلعك يا نوح سامع، وهيبقى اسمك من هنا ورايح نوح المخلوع.
ثم تركته وخطت خطوات سريعة كي تهرب من نظراته التي كادت تسحقها بغضب وغل، وأخذت ابنتها من سيارته واوقفت سيارة أجرة سريعًا واستقلتها هي وابنتها تاركة إياه ينظر إلى أثرها بصدمة بالغة من جرأتها في الحديث معه، وتحديها الذي أشعل مشاعره في مرجل العناد، فتوعد لها بنظراته الشرسة، معلنًا بداية حربه معها، فمَن سيسقط سريعًا ويستسلم للآخر في معركة من الصعب حسم أي الطرفين أقوى؟ فكلا الطرفين يعانيان من اهتزاز نفسي، يصعب علاج آثاره حتى لو تظاهرا بعكس ذلك!
****
دقّت الساعة الثامنة والنصف... ووصلت عائلة "سليم الشعراوي" بأكملها إلى أسفل البناية التي تسكن بها "سيرا"، ساعد زيدان والدته في النزول من السيارة، فقامت بتقييم المنطقة بعينيها اللتين ظهر بهما الانزعاج من وضع المنطقة التي تسكن بها العروس، ثم انتقلت بنظراتها نحو البناية، والتي كانت من المباني القديمة لكنها حافظت على قوامها، بعد ذلك، نقلت بصرها إلى "سليم" الذي كان يساعد "شمس" في النزول مع ابنتها "قمر"، وصلت سيارة يزن أخيرًا، وكأنه تعمد التأخير لاستفزاز سليم، ولكن الآخر كانت تجري في دمه أنهار ثلجية باردة، وابتسامته السعيدة أثارت استفزاز يزن، أغلق يزن سيارته بعد أن حمل صندوق حلوى باهظ الثمن، وورود اختارتها شمس بنفسها:
-يا ابني انت ليه أصريت على البنت دي، يعني....
قاطعها سليم بحسم وهو ينهي أي اعتراضات كادت تبديها:
-مالوش لزمة الكلام ده، الناس مش ببيوتهم ولا عندهم أيه، الناس بقيمتهم، والناس دي محترمة، أنا مش هدخل أخويا أي عيلة وخلاص.
قالها سليم عن قناعة نابعة من معرفته بعائلة سيرا، وذلك بعدما كلف أحد الأشخاص بمعرفة أدق التفاصيل عنها وعن عائلتها، وعندما أخبره الشخص المكلف بالمهمة بتفاصيل عديدة عنها وعن عائلتها وعن والدها الذي يتحمل مسؤولية بناته حتى بعد زواجهن، ازداد احترام سليم لهم، عائلة بسيطة تحافظ على تقاليدها وعاداتها، والفتاة تحمل سمعة طيبة، لم يمسها سوء، والجميع يشهد لها باحترامها، وما أعجبه أنها مكافحة، لم تكن كفتيات الجيل الحالي بدلالهن المفرط، أخوه يحتاج إلى هذه البيئة لتساعده في التغيير الذي يتمناه له الجميع.
-لا، يلا نمشي من هنا يا ماما، أنا أمي مش راضية عن الجوازة دي، وأنا رضا الأم أهم عندي من رضا الأخ.
فأشار إلى والدته برأسه وهو يقول برجاء زائف:
-يلا يا ماما.
-يلا يا عريس الغفلة، اطلع الناس مستنينا، بص فوق كده.
قالها زيدان بسخرية، ثم رفع بصره إلى الأعلى ليجد جميع النوافذ ممتلئة بأشخاص لا يعرفهم، فقال بتيه مستنكر:
-مين دول؟!
لكنه تلقى ابتسامات عديدة منهم جميعًا، فاضطر إلى رسم ابتسامة منمقة على وجهه وهو يشير إليهم جميعًا، فبدا كنجم سينمائي يلتقي بمعجبيه في مشهد شبه هزلي!
صعدوا جميعًا إلى الطابق الذي تسكن فيه سيرا، ووجدوا عائلة "سيرا" في استقبالهم، تلقى "يزن" استقبالًا خاصًا جدًا من عائلتها، وخاصةً أخواتها الفتيات اللواتي كن يقيمهن وظهرت سعادتهن عليهن، فتبسم إليهن يزن وبدأ في التعرف عليهن، وشعر بالتيه من الجمع المنشود أمامه من عائلتها وكثرة الأطفال المنتشرين هنا وهناك.
لن ينكر أبدًا أن هناك مشاعر خاصة ومميزة داعبت فؤاده وهو ينتظر خروجها، وكأنهما حبيبان منذ زمن بعيد... ولكنه خرج من لذة أحاسيسه الغريبة على صوت "أبلة حكمت" بجانبه وهي تقول:
-سيرا هتيجي كمان شوية.
تجمدت ملامحه للحظات عندما أدرك بلاهته، فقد ظهر إليها أنه يبحث عنها أو ينتظر خروجها على أحر من الجمر، فانتقل ببصره إلى الجميع فردًا فردًا ليتأكد أن فضيحته كانت في محيط أنظار حكمت فقط، لكنه وجد الجميع في خضم لحظات التعارف، فحمد الله في سره، ثم مال عليها وهمس بإعجاب وهو يشاكسها:
-سيرا أيه بس، قوليلي أيه الشياكة دي كلها!
ظهرت علامات الانبهار على وجهها وهي تشير نحو نفسها:
-بجد تسلم ده من ذوقك، وبعدين ده من براند غالي اوي بس مش فاكرة اسمه أيه، وبعدين الشياكة اللي بجد هتخرج دلوقتي.
ثم لكزته في ذراعه وغمزت له بطرف عينيها، وهي تقدم له قطعة "جاتو" وتبدي إصرارها ليأكلها، وفي ظل محاولاته لرفضها، خرجت سيرا بفستان ناعم قماشته أرجوانية اللون، يتوسط خصرها حزام جلدي أسود اللون، وحجاب من نفس اللون، وحذاء ذو كعب عالٍ من درجتي الفستان والحزام، كانت رقيقة جدًا بوجهها شبه الخالي من المساحيق تقريبًا، حيث اعتمدت على براءة ملامحها، ولم تضع إلا القليل بناءً على محاولات عديدة من قبل أخواتها الفتيات.
تقدمت بخطوات واثقة وهي تبعد نظراتها بعيدًا عنه هو تحديدًا، فلم تصدق حتى الآن أنه تقدم لخطبتها بهذه السرعة، قامت بمصافحة عائلته الذين أبدوا سعادتهم بها، حتى منال، التي كانت معترضة في بادئ الأمر، وجدت نفسها سعيدة وراضية، خاصة عندما رأت سيرا.
جلست سيرا بجانب شمس ومليكة، وما أن رفعت بصرها حتى اصطدمت بنظرات يزن إليها بثبات وجرأة أدهشتها وأربكتها منه، فتلقائيًا فركت كفيها ببعضهما وظهر توترها، خاصة عندما رأت ابتسامته التي ما زالت تشبه تلك الابتسامة اللعوب المشاكسة، وكأنه لا يعرف سواها، أليس من المفترض أن تنم ابتسامته عن سعادته بها، وليست تلك التي تستفزها كثيرًا؟!
انتبهت إلى حديث "سليم" الذي يبدو أنه كان يتحدث منذ فترة قصيرة، وبسبب شرودها في تفسير إمارات وجه يزن لم تنتبه إليه، فانتبهت إلى قول سليم الذي أنهى حديثه به:
-وزي ما قولتلك احنا يشرفنا أكيد إننا نخطب سيرا ليزن أخويا، يزن شقته جاهزة وكل حاجة موجودة ومتوفرة والشبكة اللي انتوا تطلبوها والمهر كمان اللي تحبوه، ويا ريت يكون الجواز بعد خمس شهور بالكتير وده طلب يزن.
ترك يزن وجه سيرا الذي كان يتأمل تفسيره، وتجمدت أطرافه عندما استمع إلى قول سليم الأخير، فحول بصره نحو أخيه الذي تجاهله واستمر في مناقشة والد سيرا الذي أبدى اعتراضه البسيط على سرعة الزواج، فقال سليم:
-يا حاج حسني شقة يزن جاهزة وكل حاجة موجودة ليه التأخير مش كده يا يزن؟!
تحولت نظرات الجميع إلى يزن الذي لم يستطع إخفاء دهشته من تصرف سليم، لقد ألقى بشرطه عرض البحر، ولم يهمه غضب يزن إطلاقًا، وفعل ما يريده دون أن يعيره انتباهًا، فشعر يزن وكأن الأرض ابتلعته ولم يتمكن من استيعاب ما يجري، حتى انتبه إلى تدخل الحاج "صافي" بقوله:
-يا حاج حسني، الراجل جاهز من كله يبقى خير البر عاجله.
-يا جماعة أنا بقول يعني لو مدة الخطوبة سنة والعرسان يفهموا بعض أكتر ودي مدة كافية يعرفوا فيها بعض ويقدروا يحكموا ويشوفوا هيقدروا يكملوا مع بعض ولا لا.
تدخلت "حكمت" باندفاع أثار ضيق والدها منها:
-طبعًا يا بابا، هيكونوا متفهمين، دول لايقين على بعض اوي.
ثم مالت على يزن تتمتم ببعض كلماتها الحانقة التي استفزت ملامح الاستنكار على وجهه:
-ما تتكلم يا اخويا انت واكل سد الحنك!
حمحم يزن قبل أن يقول بنبرة مهذبة منمقة وهو ينظر إلى سليم بتحدٍ واضح:
-أنا مقدرش أزعل الحاج حسني، اللي هو عايزه هيمشي، سنة اتنين براحتك خالص.
لم يعلم "يزن" أن كلماته المبطنة بالتحدي والعناد الموجه لسليم ستنقلب عليه، حيث قال والد سيرا وهو ينظر إلى سليم:
-وأنا مقدرش ازعلك يا استاذ سليم، ٥ شهور مفيش مشكلة.
كادت ضحكة قوية تخرج من فم زيدان، الذي تابع ما يحدث في صمت تجلى على وجهه الذي ظهر عليه تسليته بالوضع، حتى ارتفعت نبرة سليم وهو يتسم بانتصار، بينما يزن غرق في أنهار الغضب والسخط.
-يلا نقرا الفاتحة وبعد إذنك أنا جايب معايا دبلتين للعرسان يلبسوها لغاية ما يقرروا معاد الشبكة امتى.
حسنًا، سيفقد وعيه الآن مما يحدث له، حتى والدها أبدى موافقته ببساطة لم يتقبلها يزن، حيث كان يتمنى أي شيء يعرقل تلك الليلة، ولكن أمنياته ذهبت في مهب الريح عندما انتهى الجميع من قراءة الفاتحة التي لم يقرأها هو من الأساس، وفجأة وجد نفسه جالسًا على الأريكة الكبيرة الموجودة في منتصف الصالة، وبجانبه سيرا، وشمس تجلس بجانبها تقدم صندوقًا مغلفًا بالقطيفة المخملية وبه خاتم ذهبي ذو فصوص بيضاء وآخر فضي، وللعجب أنهما بنفس مقاس أصابعهما!
علت الزغاريد والمباركات والتهاني عليهما جميعًا، حتى سيرا كانت صدمتها تشبه صدمته وعجزه، فلم تعلم أتتقبل التهاني والمباركات، أم تعلن سخطها على سرعة مجريات الأمور دون إبداء رأيها، أم تتقبل شعور السعادة الطارق على أبواب قلبها!
دق جرس الباب وانتبه الجميع على صوت "حودة" ابن "حكمت" وهو يقول:
-ماما، ام عمو فايق وعمو فايق وأخته سهام واقفين على الباب برة.
شلت حركة حكمت تقريبًا، فكانت الصدمة أكبر من استيعابها، وكأن الزمن توقف مرة واحدة، فخبر وجودهما كان بمثابة الضربة القاضية!
تحركت ببصرها نحو والدها الذي ظهر على وجهه ألوان الطيف، وأدرك فداحة ما أوقعته به ابنته الآن، فأين المفر من ذلك المأزق؟
نهضت حكمت تجر ساقيها جرًا حتى وصلت إليهم، ورأت ابتسامة والدة "فايق" الواسعة وهي تقول بعتاب:
-أيه يا حكمت مابترديش على التليفون ليه، بس الحمد لله أنا جيت في معادي اهو، ادخل يا فايق، ادخلي يا سهام.
ثم قدمت والدته حقائب الفاكهة إليها، فأمسكتها حكمت وهي لا تزال على نفس صدمتها، دخلوا جميعًا ونظروا إلى الجمع الموجود، حتى وقف "حودة" يقول بحماقة طفولية بحتة:
-خالتوا سيرا اتخطبت لده.
وأشار على يزن الجالس بحانب سيرا التي بدأ الدم يختفي تقريبًا من عروقها من هول الصدمة فبدت متسمرة وكأن هناك عاصفة برق ضربتها، فأكمل الصغير بحماس:
-معاه عربية حلوة اوي تحت، شوفتها يا عمو فايق.
وهنا فقد "حسني" وعيه من فرط غضبه وكتمانه انفعاله داخله، فبدا وجهه كقطعة قماش حمراء، ومن خلفه سقطت حكمت مغشيةً عليها من فرط الإحراج الذي كانت السبب به، فعلى ما يبدو أن تلك الليلة السعيدة انتهت بكارثة!
____________________
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااا
تعليقات
إرسال تعليق