رواية جبل النار الفصل الخامس والثلاثون 35بقلم رانيا الخولي
رواية جبل النار الفصل الخامس والثلاثون 35بقلم رانيا الخولي
الفصل الخامس والثلاثون
انهى خليل امضاء العقود التي وضعها المحامي أمامه
وسيلين تنظر لذلك الرجل الذي وضعها الله في طريقها كي يجعلها تقف على قدميها من جديد
اخذ المحامي الاوراق وقال
_مبروك للجميع.
ابتسمت سيلين وهي تنظر لخليل بامتنان
مبروك ليا إن ربنا وضعك في طريقي.
رد خليل
_انا معملتش حاجة تستاهل الكلام الكبير ده إن شاء الله نوقف المصنع على رجليه من تاني.
نهض المحامي وهو يقول
بالتوفيق إن شاء الله بعد إذنكم.
خرج المحامي فتطلعت سيلين لخليل بامتنان
متشكرة اوي.
ابتسم خليل بود
_على ايه، اي حد مكانك كان هيضايق المصنع بعد ما كان ملك بقى ليكِ شريك.
هزت راسها بنفي
_المصنع شوية كمان هيروح من ايدي نهائي لو كان البنك كلف مدير غيرك
كان زمانه سقطه نهائي واتباع بالبخس.
رد خليل بحكمة
شوفي يا مدام سيلين، اعرفي إن أي مكان بيدخله ربا فهو ساقط، عمر القروض مكانت حل لأي مشكلة لأنها ببساطة بتاخد الحلال بالحرام وتخرج به، ياما بيوت كتيير اوي اتخربت بسبب القروض ومصانع وشركات كان لها وزنها وللأسف بتسقط بسببها.
أيدت رأيه
_فعلا عندك حق
غيرت سيلين مجرى الحديث لتسأله عن داغر
_داغر عامل ايه دلوقت؟
تنهد خليل بتعب منه وقال
_اهو قاعد جنب مراته بيحاول يراضيها ومطلع عيني هنا وعمال يؤمر، اخلص الورق بتاع شغلي عشان ارجع تاني وغيرلي فرش البيت ولا اللي شغال عنده
اندهشت سيلين من أخلاق ذلك الرجل الذي كل مدى يؤكد لها مدى مثابرته على كل من حوله.
نهض خليل ليجلس على مكتبه وهو يقول
_ خلينا بقا نكمل شغلنا.
اومأت له سيلين بإعجاب وبدأت تعمل معه في صمت لا يخلو من النظرات.
❈-❈-❈
فرح؟
رددتها أسيل بوجل رغم رغبتها الشديدة بذلك وخاصة عندما أكد داغر
ايوة يا أسيل فرح احنا نستاهل ده بعد العذاب اللي شوفناه.
اهتزت نظراتها ولا تعرف ماذا تفعل
هل تخبره بأن ذلك أمر مستحيل لأجل ابنهم الذي لا يعرف عنه شيء حتى الآن
أم تلتزم الصمت حتى يأتي الوقت المناسب لذلك
أخرجها من شرودها داغر عندما سألها بتوجس
_انتِ لسة رفضة ترجعيلي بعد ما قولتلك الحقيقة؟
رفعت عينيها إليه فوجدته يرمقها بعينين تحمل لوعة وتوجس.
اخفضت عينيها ووضعت رأسها على صدره وتمتمت
_خايفة؟
حاوطها بذراعيه وهو يملس بيده على خصلاتها يطمئنها
_متخافيش مش هسمح لأي حاجة إنها تفرق بينا من تاني.
ابعد رأسه عن صدره يحتويه بيده وتابع
النهاردة هنرجع مصر انا حجزت التذاكر وهكلم عمي يعزم الدنيا كلها عشان يكون فرح يتحاكى به العالم كله.
تطلعت بعينيه التي ملئتها السعادة وتمتمت بألم
_ مش هينفع.
قطب جبينه بحيرة وسألها
_ ليه يا سيلا لو كان على اللي حصل…..
قاطعته أسيل دون تفكير
_لأن في طفل مش هيقدر يواجه الناس لو عملنا الفرح وهو موجود.
❈-❈-❈
أغلقت هايدي اللاب الخاصة بها فور خروج حازم من المرحاض والذي جلس على الفراش بجوارها قائلاً بحب
_مش قولتلك طول ما انا في الأوضة متخليش حاجة تشغلك عني؟
ابتسمت هايدي بحب وقالت
_مفيش حاجة في الدنيا دي تقدر تشغلني عنك بس ده دكتور الماني جاي مصر قريب بيعالج الحالات اللي زي حالتي فقلت اعرف هييجي امتى ونروح له.
_لسة مصرة، انا خايف عليكِ.
_متخافش عليا لو الدكتور قال ان مفيش امل هنسى الموضوع تمامًا
تمتمت بحنين
بصراحة من وقت ما إياد سابنا وانا حاسة بفراغ كبير أوي.
لم يريد حازم أن يقف أمام رغبتها لذا قال بروية
_اللي تشوفيه يا حبيبتي.
وضعت رأسها على صدره وتمتمت بخفوت
_ربنا يخليك ليا.
_ويخليكِ ليا يا عمري.
❈-❈-❈
رمش داغر بعينيه لا يفهم معنى حديثها فسألها بحيرة
طفل ايه مش فاهم.
اهتزت نظراتها أكثر وازدادت وتيرة دقاتها فيخرج صوتها مهزوز وهي تتمتم
_ا..بـ..ني.
لم يفهم منها شيء لذا طمئنها بعينه وتمتم بهدوء
_لو لسة خايفة مني فانا بقولك متخافيش لو الدنيا كلها قست عليكِ انا مستحيل.
لم يطمئنها حديثه بل جعلها تخشى رد فعله عندما تخبره
وخاصة عندما أخبرها خليل أن تخبره باسرع وقت وإلا سيفعل هو ذلك
ازدردت لعابها بصعوبة وتمتمت برهبة
إياد….يبقى…
توقفت عندما وجدته يقطب جبينه بحيرة
_ إياد ابن حازم؟ ماله؟ متتكلمي على طول يا سيلا.
ازدادت انقباضة قلبها لكنها شجعت نفسها على قول الحقيقة فقالت
_اياد مش ابن حازم لأنه ابنك انت.
تسمر ت عينيه على شفتيها التي نطقت تلك الجملة والتي اوقت العالم عن الدوران حتى شعر بأن قلبه توقف لبرهة من هول ذلك الخبر
أسبل عينيه للحظة ثم تطلع إليها مستفهماً
_ابن مين مش فاهم.
ارتدت خطوة للوراء خوفاً من رد فعله وغمغمت بلتعثم
_ابنك انت.
استوعب أخيراً ما قالته لكن الصدمة جعلت عقله يتوقف عن التفكير وكأن كل اعضاءه توقفت معه
مشاعر متضاربة ما بين صدمة وشعور بالغدر وفرحة بأن قلبه لم يخطيء عندما تعلق به فور حمله
لكن انتهى كل ذلك عندما اذكر صوته وهو يردد لقب "بابا" لحازم
تشنج فمه لكنه لم يبد ذلك وتحدث بثبوت
ارجعي البيت جهزي شنطتك عشان الطيارة هتطلع بعد ساعة.
انهى جملته ثم تركها ودلف للداخل كي يستعد للسفر.
لم تفهم ردت فعله وتجنبت الحديث معه الآن على الأقل
عادت إلى المنزل لتجهز حقيبتها بعد أن أخبرت جدها بكل شيء
لم يرفض رغم رغبته الشديدة في بقاءها معه
لكن عليه أن يتركها لأجل طفلها وزوجها الذي تأكد حقاً من صدق حبه لها.
ظل داغر ملتزم الصمت طوال رحلتهم وملامحه لا تعبر بشيء سوى الصمت
حتى اثناء خروجهم من المطار ظل واجماً وعندما سألته
_احنا رايحين فين دلوقت؟
توقفت سيارة صالح أمامهم فقال بجمود
اركبي وانتي هتعرفي.
استقلت السيارة وجلس هو بجوارها تتطلع إليه بين الحين والآخر وكلما حاولت التحدث يشير لها بالصمت
ظلت في ترقب حتى وجدته ينعطف باتجاه منزلها
تطلعت إليه بحيرة وسألته بوجل
_احنا جايين بيت بابا ليه؟
رد بفتور
_هو مش ابني مع سليم؟
هزت راسها بالايجاب فعاد هو لوجومه حتى توقفت السيارة بالداخل.
تحدث دون ان يتطلع إليها
_انزلي.
لم تفهم شيء فظنت أنه جاء إلى هنا ليأخذوا طفلهم
ترجلت اولاً وترجل هو بعدها فيجدا وعد تخرج من المنزل وهي تحمله ظناً منها أنه سليم
لكنها تفاجأت بأسيل وداغر معاً
ترقرقت عين أسيل بالدموع عندما وجدت إياد أمامها يتطلع إليها بفرحة
_ماما..
وقبل أن تخطو خطوة تجاهه وجدت داغر يندفع ليأخذه من يد وعد عنوة ثم يتوجه به إلى السيارة
لم تفهم أسيل شيء لكن عندما وجدته يدلف السيارة بابنها تاركاً إياها خلفه واستداربسيارته للخارج
حينها استوعبت أسيل ما يحدث فصرخت به
_داغر.
لم يبالي بندائها وهو يحتضن ابنه الذي أخذ يبكي عليها يتطلع إليها من زجاج السيارة الخلفي.
سقطت أسيل وهي تركض خلف السيارة حتى خرجت من البوابة الخارجية وانعطفت على الطريق
اسرعت وعد لتهدئتها خوفاً من حدوث شيء لها
لكن أسيل كانت تصرخ وهي تنادي داغر أن يعود.
دلف سليم بسيارته ليجد ذلك المنظر أمامه
اوقف السيارة وترجل مسرعًا تجاههم وهو يسألهم
_في ايه؟
ردت وعد التي تحتضن أسيل المنهارة
_داغر جه وأخد ابنه.
زم سليم فمه باستياء فهذا ما كان يخشاه ولا يلوم داغر على ذلك
امسك يد أسيل يساعدها على النهوض
_قومي معايا.
سألته وعد
_على فين؟
_هنروح لداغر، لازم تتكلم معاه وتفهموا هي ليه خبت عنه، لأنه مش هيسمع من أي حد غيرها، كلنا خبينا عليه.
نهضت أسيل مستسلمة ويد سليم تقودها لسيارته ثم ساعدها على الصعود وانطلق بها.
سألها
_عارفة عنوانه في القاهرة؟
_اطلع على اسكندرية.
❈-❈-❈
ظل داغر طوال الطريق يتطلع إلى ابنه الذي غفى بين يديه بحنين جارف
بين ليلة وضحاها يكتشف أن له أبناً رآه بقلبه ولم يعرفه
نعم شعر به قلبه لكن عقله لم يفهم ذلك
يتوعد بالعقاب لكل من قاموا بتدمير حياته وجعلوه ينحرم من تلك اللحظات التي يعيشها اي أب
أضاعوا عليه ليلة عمره التي حلم بها مع حبيبته
وأيضاً معرفته بحملها حتى ولادتها
كل تلك اللحظات ضاعت عليه ولم يعلم شيء عنها.
تشنج فمه عندما تذكر منادته لحازم بـ أبي
لكن هو حقاً لا يلوم أحد في كل ذلك..
دلف منزله بالإسكندرية وصعد لغرفته ليضع طفله على الفراش ثم جذب عليه الغطاء.
تطلع إليه ملياً وهو مازال غير مستوعب كل ذلك
فقد تلقى صدمات الواحدة تلو الأخرى وكأن صدمة واحدة لا تكفي
لم يندهش عندما سمع صوتها بالاسفل
فهو يعلم بأنها آتية خلفه
خرج من الغرفة فيجد أسيل بالأسفل تتطلع إليه برجاء ألا يظلمها مرة أخرى.
فتمتمت بصوت معذب
_فين ابني؟
ترجل من الدرج بوجوم حتى وصل إليها وسألها بمغزى
_ابنك لوحدك؟
أجابه سلبم بحدة
_اللي انت عملته ده غلط كبير…..
قاطعه داغر بانفعال
_انت بالذات متتكلمش عن اللي ينفع ومينفعش.
لم يجد سليم كلمات يرد بها فهو يعلم مقصده من ذلك فتابع داغر كي يواجهه بحقيقة لم يستطيع فعلها في المشفى لذا تحدث بهجوم
_لو كنت وقفت جانبها من الأول وجيت اخدت حقها مني مكنش حصل كل ده.
رد سليم بانفعال أشد
_كان غصب عني انت لو مكاني كنت هتعمل كدة.
_كنت هسمعها الأول وبعدين احكم اعمل ايه، بدل ما اسيبها مع حد غريب ومعرفش عنها حاجة
منتظر مني ايه لما اعرف إن ابني يتولد على ايد حد غريب ومن دادة امينة لحازم ليك انت زي ما يكون ملوش أب، تتحملها انت ازاي.
لم يستطيع سليم الرد ثم توجه داغر لأسيل يقول بعتاب.
_وانتِ لو أنا مجرم كدة وبالبشاعة اللي تخيلتيني بها ليه معملتش كدة واحنا مع بعض في اليخت
ليه معملتش كدة واحنا على الجزيرة، ايه اللي كان يخليني استنى تلات شهور وانا كنت قادر اعملها من زمان؟
لما دخلنا الفيلا مع بعض وانا بكلمك عن ظروف شغلي وبنخطط لجوازنا بعدها ملاحظتيش حاجة
ملاحظتيش بعد ما شربت القهوة وانا بحاول انطق واقولك اهربي….الحالة اللي كنت بهاجمك بيها دي كانت لأنسان طبيعي؟
حتى لو انا كدة
ليه مجتيش واجهتيني ليه ما رحتيش لعمي وقوتليله على اللي حصل لو انتِ خايفة من الوحش ده ليكررها تاني، لما عرفتي انك حامل ليه محاولتيش توصليلي انا كنت وقتها لسة في مصر.
هدر بها
_لما رجعت ليه مجتيش رميتي الحقيقة في وشي ووقتها كنت هنزل راكع قدامك واعتذرلك ليه سيبتي ابني طول الفترة دي مجهول هوية لا له شهادة ميلاد ولا اي حاجة تثبت وجوده، يعني لو الولد حصله أي حاجة متقدريش تتحركي به
لأن الناس هتسألك مين ده هتقوليلهم ايه؟
ابن حرام؟
قال كلمته الأخيرة بكل الغضب الذي يحمله بداخله حتى جعلها تنتفض إثرها.
اهتزت نظراتها وتمتمت بخفوت
_روحتلك البيت وانا شايلة ابني وقلت اواجهك زي ما بتقول بس وقتها الحارس قالي انك مسافر من فترة واحتمال مترجعش، وبعدين كنت منتظر إيه من واحدة الدنيا كلها غدرت به ومفيش غير الغرب اللي بتقول عليهم هما اللي وقفوا جانبها.
فجأة لقيت نفسي بنطرد وبيتحكم عليا بالموت
لما عرفت إني حامل مكنش قدامي حل غير إني أنزله
بس وقتها مقدرتش وتراجعت
لما ولدته قررت إني أجيلك عشان على الاقل تسجله باسمك ولو حتى بعقد عرفي بس قالي انك سافرت
وغيبت سنتين عني
لما دكتور عاصم طلب مني اشتغل عندك ممرضة لما سمعت اسمك انصدمت حقيقي كانت مشاعر جوايا ملخبطة، بإني حزنت على حالك وفي نفس الوقت اتشفيت فيك
وحسيت إن دي فرصتي اني انتقم منك
بس قلبي وقتها مقدرش وعرفت إني عمري ما هقدر أكرهك.
خفت اقولك إنك لك ابنك تاخده مني وعشان كدة قررت إني اخليك تتجوزني عشان أسجل ابني واقدر اسافر به لإيطاليا
ولما عمك عرف وقالي انه هيقولك الحقيقة خفت وطلبت منه انه يساعدني إنه يخليك تتجوزني عشان نسجل إياد الأول وبعدهاهحكيلك وانت شوفت الباقي بنفسك.
رغم تأثر داغر بما عانته إلا إنه تحدث بعناد
_برضه ده ميدكيش الحق إنك تخبي عليا.
تدخل سليم لينهي هذا الجدال
_داغر انت عارف كويس أوي إن كل اللي حصل غصب عنها لو عايزها برة حياتك سيبلها ابنها.
انفعل داغر وتحدث بحزم
_ابني مش هيخرج برة باب البيت ده.
عقد سليم حاجبيه متسائلاً بحدة
_يعني ايه؟ هتاخده بالغصب؟
رد داغر باحتدام وقد بدأ الحديث يشتد بينهم
_أيوة بالغصب واللي عندك اعمله.
لم تجد اسيل حل كي تنهي ما يحدث سوى أن تتظاهر بالاغماء
ولم تعرف أن فعلته تلك كادت ان تزهق بروحه عندما وجدها تسقط على الأرض أمامه.
_أسيل.
أسرعوا إليها قام داغر بحملها ليضعها على الأريكة وامسك يدها بسألها بلهفة
_حبيبتي انتِ كويسة؟
فتحت عينيها تتظاهر بالوهن وتمتمت بخفوت
_ابني يا داغر اوعي تبعدني عنه.
فهم سليم لعبتها لذا تراجع وتركها تتابع دهاءها وخاصة عندما رد داغر بوجل
_محدش يقدر يحرمك منه طول ما انا عايش.
مسح بيده على وجنتها وقال بلوعة
_ابننا هيعيش وسطينا مش هخليه يعيش الحياة اللي عانينا منها.
اومأت بعينيها بامتنان وانسحب سليم وتركهم يصفوا فيما بينهم.
تطلعت أسيل إليه برجاء
_عايزة اشوفه.
اومأ لها وقال
_تقدري تمشي ولا أشيلك.
وافقت ان يحملها كي لا يشك بشيء
فصعد بها الدرج وهو يحملها وقد استطاعت بدهائها إخضاعه لها وان ينسى كل شيء كما نست هي.
❈-❈-❈
دلف داغر الغرفة فيجدها مستلقية على الفراش تحتض صغيره وكلاهما ينامان في سكون
ابتسم وهو يتقدم منهم ليجلس على الفراش بجوارهم
لا يصدق بأنه أصبح أب وزوج لحبيبته التي حلم بها لأعوام
استلقى بدوره بجوارهم ولم يهتم بالطعام الذي طلبه ووضعه على السفرة بالأسفل
وضع رأسه على الوسادة وأغمض عينه على تلك الصورة التي اجمل ما رأتها عيناه.
❈-❈-❈
توقفت سيارة حازم أمام باب منزل داغر بالإسكندرية بعد أن أغلق هاتفه ووضعه على المقعد بجواره يتطلع إلى الباب بترقب.
لا يصدق بدوره ما حدث حتى الآن
ترجل من السيارة ووقف مستندًا يفكر
هل انتهت معانات أسيل أخيراً أم أن القدر مازال يتلاعب بها.
فتح الحارس الباب الحديدي فيظهر أمامه داغر وهو يحمل طفله الذي مازال مستغرباً إياه.
لكن عندما رآى حازم هلل بسعادة مما جعل داغر يغتاظ منه
_بابا.
ازداد حنقه وهو يقول لطفله بتوعد
_ماشي يا ابن القبطان لما أرجعلك بس.
ضحك حازم وهو يحمل إياد
_مع الوقت هينسى حازم واللي جابته كمان.
ابتسم داغر بود لكن بداخله مازال شعور الغيرة يكتنفه منه لكنه يحمل امتنان كبير له لولاه لتدمرت حبيبته بالفعل، كما أنه حافظ عليها طوال تلك الأعوام ولم يشعر أبنه باليتم.
أخذه حازم ووضعه في مكانه ثم استدار ليستقل مقعده فيتوقف مكانه عندما وجد داغر يقول بامتنان شديد
_متشكر أوي.
تطلع إليه حازم وقد فهم مقصده فرد بصدق
_انا معملتش حاجة تستحق الشكر أسيل أختي ولولا إني عرفت الحقيقة مكنتش هقبل برجوعها ليك.
استقل المقعد وانطلق بالسيارة تحت نظرات داغر الذي شعر بروحه تفارقه بمفارقة طفله
لكن سيتحمل لأجل ان يعوض حبيبته ويعود نفسه عن ذلك العذاب والقهر الذي عاشاه كلاهما.
عاد للداخل ودلف غرفته فيجد أسيل مازالت نائمة
لقد استيقظ عندما شعر بأنين طفله وهو يستيقظ بدوره فقام بحمله قبل أن يوقظها وخرج به من الغرفة
أجرى عدت اتصالات وهو يطعم طفله والذي شعر بالرهبة منه في البداية لكن داغر أغدقه بدفئ وحنان جعله يهدئ قليلًا
أخذه وصعد به إلى غرفة بجوارهم طلب من عمه قبل ان يعرف بوجود ابنه أن يتركها فارغة لأجل يوم كهذا
بدأ يحدث طفله بسعادة بأنه سيغيبا عنه فترة صغيرة وسيعود ليجد تلك الغرفة مخصصة له وحده بكل متطلباتها
وأخذ يخبره أيضاً بمكان مخصص له في الحديقة واعداً إياه ان يعوضه عن غيابه
أخرج هاتفه ليختارا معاً غرفة له يسأله عن رأيه لكن إياد لا يستوعب شيء فقط ينظر للرسومات الكرتونية ويشير عليها.
رن هاتفه برقم حازم فعلم بوصوله وقام بتركه معه..
اتكأ على الوسادة بمرفقه تطلع إليها بكل الحب الذي يحمله بداخله لها وقد أقسم في تلك اللحظة أن يعوضها حتى تمل من ذلك
كان بوده أن يقوم بزفاف كبير يليق بحبه لها لكن وجود طفله جعله يتراجع كي لا يكتشف بأنه حضر زفاف والديه وذلك كفيل ليجعله يشعر بأنه جاء نتيجة غلطة وقاموا بتصليحها
وحينها سيضطر مجبرًا أن يخبره بكل شيء
رفع أنامله ليضعها على وجنتها يملس عليها بحنو حتى شعرت به
فتحت عينيها بتثاقل وكأنها لم تكتفي من النوم بعد لكن بعد أن وقع نظرها عليه ووجدته ينظر إليها بتلك النظرات العاشقة
ابتسمت عينيها قبل ثغرها
وقد رأت ان تلك الغيوم قد انقشعت ولن تخفي سماءهم مرة أخرى.
سألها داغر بمشاكسة
_كل ده نوم، احنا بقينا بالليل.
ردت أسيل برقة
_حاسة إني بقالي سنين منمتش ولسة مشبعتش نوم.
أمسك يدها ليقبلها بحب وتمتم بوله
_ومش هسيبك تنامي تاني لمدة شهر.
قطبت جبينها بحيرة مصطنعة تسأله
_اشمعنى شهر؟
رفع حاجبيه بمكر
_لو عايزة أكتر معنديش مانع وكله وقدرة تحملك.
ضيقت عينيها بشك
_هتعمل ايه؟
ساعدها على النهوض وهو يقول بلا حياء
_هحجزك حصري لنفسي بس على جزيرة هنسيكي فيها اسمك.
لم تسمح لتلك التخيلات المخيفة ان تعكر صفو تلك اللحظة وقد نظرت الدنيا إليها أخيراً نظرة رضا فأومأت له برقة أذابته
_وانا معنديش مانع.
تذكرت أمر إياد فسألته بحيرة
_إياد فين؟
تقدم منها اكثر وأحاط خصرها بتملك وقال
_طلبت من حازم انه يفضل معاه الفترة دي لحد ما نرجع.
سك على أسنانه متوعدًا
_ابن….لسة بيقوله بابا لما ارجعله بس وحياة أمه لأنسيه حازم واليوم اللي شافه فيه.
تطلعت إليه أسيل بلوعة ومازالت لا تصدق أن حبيبها عاد من جديد يقتحم حياتها بقوة كما اقتحمها من قبل.
لو كان ما حدث يعد ضربية لحبهم فهي مرحبة بذلك دون اعتراض.
اخرجهم من فقاعتهم الوردية صوت هاتفه
تركها وأجاب هاتفه الموضوع على المنضدة
_خلصت ولا لسة
_…….
_تمام سيب كل حاجة وامشي انت والعمال.
لم تفهم أسيل شيء
وانتظرت حتى أغلق الهاتف وعاد إليها سألته بحيرة
_في ايه؟
ابتسم بحب وجذبها من يدها ليقول
_تعالي معايا وانت تعرفي.
تركته يأخذها إلى حيث يريد فوجدت اليخت يضيء في ذلك الليل المعتم على حافة الشاطئ
شهقت أسيل عندما وجدته يميل عليها يحملها ويسير بها على الممر حتى صعد بها لليخت
وعندما خطى داخله قال بأمر محبب
_غمضي عينيكِ.
غاصت في عينيه التي تسحرها وتمتمت بخفوت
_خايفة لو غمضتها يطلع كل ده حلم.
طمئنها بابتسامته وقال بمشاغبة
_لا متخافيش، غمضي بقا لأنك تقلتي أوي وضهري وجعني.
ضربته بخفة على كتفه جعلته يضحك بسعادة ثم اغمضت عينيها فوجدته ينزلها على قدميها وقال
_فتحي عينيكِ.
فتحت أسيل عينيها فتتفاجئ بصورهم في كل جدران اليخت
مما جعل عينيها تهتز بسعادة لم تختبرها من قبل
ولما لا وهو يضع صورهم أمامها وهم على الشاطئ وصور أخرى لهم على الجزيرة
وصورة لها وحدها وهي نائمة على الأريكة
ترقرقت عينيها بالدموع عندما تذكرت تلك اللحظات وكيف أنه ظل محتفظ بها طوال أعوام
كانت الأرضية مفروشة بالورود التي تهب عليها الرياح تتقاذفهم برقتها
أدارها إليه عندما لاحظ الدموع المتعلقة بأهدابها فقام بمحوها بأنامله متمتمًا بعتاب
_ليه الدموع دلوقت؟
تطلعت إليه بعشق جارف وتمتمت برهبة
_خايفة..
عقد حاجبيه متسائلاً بمكر
_اوعى تقولي خايفة ليكون حلم، أصل وقتها هضطر اعمل حاجات تانية غير اللي مخطط عليها عشان أخليكي تصدقي.
رمقته بعشق جارف وتمتمت بوله
_وانا مش هقولك لأ بعد النهاردة.
حك رأسه بيده وهو يقول بحيرة
_انتِ كدة هتخليني آجل كل المخطاطات دي لبعد سنة على الأقل.
ضحكت اسيل وقالت
_لا وعلى إيه وريني باقي مخططاتك.
مال عليها ليهمس بجوار أذنها
_هتلاقي اتنين تحت في اوضتنا اللي يعجبك البسية بس واحد منهم مينفعش تطلعي به هنا انا اللي هنزلك لو اختارتيه دلوقت.
فهمت أسيل ما يرمي إليه مما جعلها تخفض عينيها بحياء وتتركه لتنزل للأسفل.
لم يسلم الدرج من لمساته التي زينها بأشرطة حريرية بيضاء تسلب الأنفاس وهي لا تعرف كيف فعل كل ذلك في تلك الفترة الوجيزة
دلفت الغرفة وقد اتسعت عينيها بذهول مما تراه
فقد وجدت صورهم معاً وهم في المياه عندما انزلها بالغصب لكن الصورة لم تكن ذات جودة فعلمت أنها تم أخذها من كاميرة اليخت.
غير الوسائد التي كتب اسماءهم على كل وسادة منهم
وعلى الفراش الوثير كلمتين خصهما بها وحدها
(وردتي الشائكة)
اغمضت عينيها وهي تضع يدها على قلبها تهدئ من نبضاته
تطلعت إلى الثوب الأبيض والذي يشبه ثوب زفاف لكنه هادئ وجميل.
زمت فمها بحنق عندما وجدت الأخير موضوع بجواره فغمغمت بغيظ
_قليل الأدب.
أخذت الثوب الأبيض ودلفت المرحاض.
خرجت بعد مدة وهي تتهادى بمشيتها فتجده واقفاً أمام الطاولة التي وضع عليها العشاء وقد أشعل الشموع التي تراقص ضوءها بفعل النسمات الهادئة التي هبت عليهم.
لأول مرة تراه يرتدي بدلة ورابطة عنق لكن للحقيقة لاقت به كثيرًا
لم يتحرك من مكانه وهو يراها تخطو تجاهه بخطوات شعر بها تدعس على قلبه بلا شفقة ولا رحمة وقد عاندته النسمات وهي تتلاعب بخصلاتها وكأنها تعلم جيدًا مدى ضعفه أمام ذلك.
ازدادت وتيرة أنفاسه عندما وجدها تزين عنقها بذلك العقد اللؤلؤي كما حال الأقراط التي وضعت بأذنها ما كان عليه أن يهديها إليها الآن فيكفي ذلك الثوب الذي أرهقه وخطف انفاسه
اسبل جفنيه لبرهة عندما لفحته رائحتها الوردية والتي اسكرته بحب لم يشعر بمثله من قبل
هالك قلبه لا محالة فسوف تصيبه يوماً بذبحة صدرية إن استمرت على ذلك
رفع جفنيه فوجد تلك الحورية أمامه تتطلع إليه بعشق وخجل أرهقه
مد يده إليها طالباً يدها ولم تبخل عليه بها ووضعتها بيده
جذبها إليه ليقربها منه يتطلع إلى ملامحها بعشق ووله وتمتمت بصوت مبحوح
_قولتلك قبل كدة إني بحبك؟
تهربت بعينيه خجلاً وأومأت له
فسألها بمكر
_يعني بلاش اقولها؟
هزت كتفيها بدلال
_لأ قولها.
ظهر الخبث بعينيه وهو ينظر لثغرها الذي شعر برغبة شديدة بتذوق شهده لكنه أجل كل شيء لوقته وقال بخبث
_انا بقول نأجلها أحسن لإني لو قولتلها دلوقت أوعدك إننا هنموت من الجوع.
ضحكت أسيل وهمت بالجلوس على مقعدها لكنه منعها
_رايحة فين؟
اندهشت من قوله
_هقعد.
ازداد المكر بعينيه وهو يقول بلهجة ماكرة
_مينفعش أصل الكرسي ده مكسور وممكن يوقعك.
سحب مقعده ليجلس عليه ثم جذبها لتجلس على ساقه.
_داغر انت بتعمل ايه؟
رفع حاجبيه مدعي البراءة
_عايزاني اقعدك على الكرسي المكسور؟ وبعدين يا عمري انا لازم أكلك بايدي لأن مفيش أكل تاني إلا على الجزيرة لما نوصل.
رفعت حاجبيها تتصنع الدهشة
_وهنوصل امتى بقا.
غمز بعينيه بشقاوة
_احنا مش هنام على فكرة، الفجر كدة نتحرك باليخت.
قبل يدها بحب
_بقولك كفاية كلام وخليني أكلك بايدي.
ظل داغر يمطرها بكلمات الغزل وهو يطعمها بيده وهي تفعل ذلك لكن بحياء شديد كان يتطلع إليها بعشق ووله يراقب حركاتها نظراتها حتى انفاسها.
وبعد انتهاءهم
امسك هاتفه وقام بفتحه على اغنية
سهرنا يا ليل
ثم نهض بها كي يراقصها على ألحانها وهي تتحرك بخفه بين يديه وسعادة غامرة أحاطت كلاهما
كانت كالفراشة بين يديه يبعدها دون أن يترك يدها ثم تلتف لتعود لحضنه برشاقة ولوعة
حتى بالأخير شعر بأنه لم يعد يستطيع التحكم في مشاعره أكثر من ذلك
لذا قام بحملها وترجل بها للأسفل وقد أخفت وجهها في عنقه ويا ليتها لم تفعل.
إذ ألهبت حواسه التي فقد السيطرة عليها وهو يقبلها على ألحان عشقه والذي ام يختبره سوى معها وحدها..
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق