روايةعطرها الجافي الجزء الثاني الفصل الرابع والخامس والسادس من جفت ورودها الحمراء بقلم وسام أسامة
روايةعطرها الجافي الجزء الثاني الفصل الرابع والخامس والسادس من جفت ورودها الحمراء بقلم وسام أسامة
عطرها الجافي
الجزء الثاني من جفت ورودها الحمراء
المشهد الرابع
.................................
صباح يوم الحناء
تجمعن فتيات عائلة آل فارس في شقة سندس
كانوا يمرحن بالرقص على الأغاني البدوية..وطقوس الحناء المتوارثة..في الواقع هن كانوا أكثر من جيدين معها
في محاولاتهن لإندماج العروس الواجمة معهن
ولكن العروس كانت شاردة في يومٍ مشابه لهذا
تتذكر ذاك الصباح الذي استيقظت به سعيدة تختار رسومات الحنة بحماس وقلبها ينبض بالحب والترقب لتُزف لحبيب الطفولة والشباب،سعادتها لو وزعت على العالم كانت تكفي وتفيض..ولكن انقلب عالمها بعدها بساعات..والى الآن هو منقلب
نظرت لرسامة الحنة وهي تشكل خيوط الحناء ببراعة وسهولة..لوت شفتيها بسخرية مريرة
غدًا زفافها على رجل لا تعرفه سوى من أيام قليلة
وهي الآن تتجهز لتتزوجه وتذهب معه لمدينة اخرى
ستسير لدربه وتحمل اسمه..ستكون ملكًا لرجلاً آخر
لم تستطع من عيناها من تلك دموع القهر
وقلبها يئن ألمًا ولسانها يلعن غريب
كانت هالة جالسة جوارها ترى ملامحها بوضوح
لتنخفض هامسة بقلق..
-سندس واثقة انكِ راغبة بهذا الزواج
ياالله وجهك يدل على عذابك وترددك
رفعت عيناها لهالة وهي تهمس بخفوت..
-لا توجد فرصة للتراجع ياهالة
قُضي الأمر..سأتزوج وأسافر غدًا
تنهدت هالة بأسى على حالها..لتقول سندس...
-غريب علمَ أن زواجي غدًا
تجعد وجه هالة بحدة لتقول...
-المدينة كلها تعلم بزواجك ياسندس
اخرجي غريب من عقلك لا مكان له
ضعيه خلف ظهرك مثلما قُلتي
اشاحت سندس وجهها عنها وهي تفكر ساخرة
الجميع يخبرها أن تنسى غريب..وكأنها عرفته منذ عام أو اثنين..تنساه وكأنه شخص عابر..أو ان ماكانت تكنه له إعجاب لا أكثر
غريب الذي نشأت على حبه وكرروا مرارًا أنها لغريب
كبرت في حياة تتلخص في أب وأم وغريب
وبعد كل هذة السنوات يقولون ببساطة
"ضعيه خلف ظهرك وانسيه "
صدقًا !
بهذة البساطة والمرونة !
تنهدت بثقل حينما انتهت مراسم الحناء وغادر الجميع اخيرًا وبقى هالة وحكيمة ونوران فقط..التي لم تحاول التبسم فيها حتى..رغم أن والدتها همست لها أن تخبئ جمودها وحزنها وتبتسم ولو بإصطناع
إلا انها لم تستطع ابدًا..لم تستطع إبتلاع تلك الغصة المدببة في حلقها..وذكري حنتها الأولى تلاحقها بسكين حادة
دلفت لغرفتها بعدما اغتسلت لتزيل حبات الحناء
ثم ارتمت على فراشها وهي تحدق في الرسمة الحمراء في كفها..حدقت في جلد يدها وهي تري أثر بسيط لحنتها القديمة
ضحكت وبكت في الوقت ذاته
في أقل من شهرين تجهزت للزواج من رجلين !
خبئت وجهها في الوسادة وبكت بقوة وهي تضرب وسادتها بعنف هامسة بتقطع..
-لعنك الله ياغريب..لعنك الله يانسمة
انا اموت في كل لحظة ياالله..انا اموت
نشيجها العالِ جعل والدتها وهالة ونوران يطرقن الباب بقلق
ولكنها لم تأبه..ظلت تبكي وهي تسمع توسلات والدتها كي تفتح لهن الباب..وألا تؤذي نفسها
بكائها الحاد تداخل مع بكاء حكيمة..لتقول هالة بصوت متهدج...
-ارجوكِ ياسندس اهدئي..لو أردت إلغاء كل شيئ سنحاول فعل مايرضيكِ كفاكِ بكاء ياعزيزتي
ولكن لا رد سوى بكائها الحاد الذي لم يهدأ ابدًا
التفتت هالة بلهفة لتقول لنوران التي بكت حزنًا على سندس..
-اين مفاتيح هذة الغرف يانوران
مسحت نوران وجنتها لتقول بخفوت..
-لا ادري..النُسخ الزائدة من اي مفتاح مع جدي فراس
هل اذهب له واخذه
غمغمت هالة بتحذير..
ولا تخبري أي شخص بحالة سندس
إن سألك أحد ماهذا الصوت قولي أن التلفاز عالِ
حركت نوران رأسها بطاعة وخرجت من الشقة سريعًا
بينما حكيمة جلست أرضًا أمام باب الغرفة وهي تهمس بعذاب...
-لِمَ تعذبيني ياسندس..لِمَ تُصرين على ايلام نفسك
اتفقنا على التخطي والنسيان..والآن تتراجعي !
تبكين شخص استحل كسركِ ياابنتي !
تهدرين دموعك ووقتك على رجل لم يحاول أن يحتفظ بكِ..تبكين الوغد ياسندس
انتفضت سندس من فراشها وهي تصرخ بعذاب وتشتت..
-بل ابكي نفسي ياأمي..الا تشعرون بي
لا تشعرون بعذابي..لم يمر شهرين وها انا اتزوج بآخر
والله وحده يعلم مالذي سيفعله بي..إبن عمي إختار إذلالي وضربي..ترى كالذي سيفعله الأخر..هل سيرجعني لكِ في كفن ياامي
ازدات حكيمة في البكاء وهي تضع يدها على الباب..
-لا تقولي هذا الكلام..توفيق يحبك منذ سنوات
لن يجرؤ على إذائك
-تضحكين على نفسك أم علىّ ياأمي !
لا فارق إن كان يحبني او لا..لم اعد اؤمن بالحب
غريب محق الحب تراهات لا قيمة لها..الآن صدقته ياأمي..الحب تراهات لا وجود له سوى في الخيال
هدئت نبرتها في جملتها الأخيرة وقد هدء بكائها
لتقول هالة برجاء..
-افتحي الباب لنا ياسندس
امك جالسة ارضًا والإعياء بادٍ على وجهها
وقفت سندس وهي تمسح وجهها من دموعها الغزيرة
واتجهت لتفتح الباب بعد دقيقة..لتطالع والدتها جالسة ارضًا تطالعها بتعب حقيقي ودموع غالية
انخفضت لها سندس ودست وجهها في صدر امها هامسة بتشتت...
-سامحيني يااماه..
حاوطتها حكيمة بقوة لتقول بخفوت...
-اسامحك ياحبيبتي اسامحكِ..ولكن ارجوكِ تماسكِ
لن استطيع العيش طويلاً وانا اركِ تعيسة
سأموت كمدًا عليكِ والله
بعد ثوان دلفت نوران وهي تنظر لهم بإرتباك ظاهر
وتُمسك المفتاح في يدها..لتنظر لهالة بأسف...
-حاولت أن آخذ المفتاح دون أن اقول شيئ
ولكن جدي استجوبني الى أن قُلت أن سندس متعبة
ونامت وهي تغلق الباب على نفسها
وكان توفيق جالس معه..وقَلق على سندس
واخبرني أن اجعلها ترد على الهاتف حالما نستطيع فتح الباب..وإن واجهتنا مشكلة اخبره ليأتي ويفتح الباب بنفسه
تجعد وجه حكيمة بقلق لتقول وهي تقف...
-هل اخبرته انها كانت تبكي او..
قاطعتها نوران سريعًا...
-اقسم بالله ام أقل أكثر من هذا أول اقل ياعمتي
واخشى أن يصعد هو وجدي كي يطمئنوا على سندس
وقفت سندس من الأرض لتقول بضيق...
-لا يحق له ان يصعد هنا طالما لم يعقد قراننا بعد
اخبريه انني بخير وقد فُتح الباب وانتهى الأمر
تحدثت نوران باسمة..
-ولكنه يرغب الإطمئنان عليكِ ياسندس
سيأكله القلق إن لم تردي على الهاتف وتطمئنيه
أيدت هالة حديث نوران لتنتفض سندس وهي تتحدث بحدة..
-لن اجيب على الهاتف فليذهب للجحيم لن ارد عليه
ولن اراه سوى في ليلة الزفاف
ثم دلفت للغرفة واغلقت الباب بعنف
لتتنهد حكيمة وتقول برجاء..
-اعطيه الصبر ياالله..فليصبر على ابنتي
كان الله في عونك ياتوفيق..ولينتقم الله منك ياغريب
وضعت هالو الوشاح على وجهها وهي تقول بإرهاق..
-اقترح أن تتركيها لتنام ياخالتي
وانزلي لهم وطمئنيهم عليها بنفسك
من الأفضل ألا نضغط عليها..هي الآن متوترة
غمغمت حكيمة بإيجاب لتقول وهي تنظر للساعة التي تُشير للثامنة مساءًا..
-سيأتي أحد ليوصلكِ المنزل !
-نعم سأتصل بأخي ويأختي في الحال
هو يُنجز بعض الأعمال في الجوار
وبالفعل بعد دقائق غادرت هالة واتجهت حكيمة للأسفل كي تطمئن الجد وتوفيق ان سندس على مايرام ولكنها نائمة بتعب أثر يوم مُرهق
غمغم توفيق وهو يقف هو الآخر...
-سلامتها ياخالتي..دعيها ترتاح فغدًا يوم مرهق آخر
سننتهي من الزفاف ونسافر الى القاهرة..اليوم انهيت توضيب شقتي بالكامل..وتنتظر العروس فقط
نظرت له حكيمة بتقدير ومحبة
فمنذ أن وافقت سندس وهو يسافر ليجدد شقته في أسرع وقت..ويعود ليجهز للزفاف مع رجال العائلة
وجهه بات مرهقًا من السفر وقلة النوم..ورغم ذالك لم ينفك عن الإهتمام بالسؤال عن سندس وإرسال هدايا الزواج
تمنت حكيمة من كل قلبها ألا تظلمه سندس وتظلم نفسها..ودعت لهم بالسعادة والخير..
***
كان جالس أمام التلفاز يتابع ما يُعرض دون إنتباه
ونسمة جالسة جواره تحدق به بوجوم..وهي تعلم اين ذهب عقله..لا تحتاج لسؤاله هي تعلم الإجابة
لذا لم تمنع نفسها من القول بتهور...
-لا داعي لتفكر بها ستتزوج غدًا
بعد أن تفوهت بتلك الكلمات ندمت وهي ترى وجهه يتحول لحمرة الغضب التي باتت تراها منذ اسابيع
حين تفعل اقل خطأ او تذكر اسم سندس.. تجده بنفعل ويثور وينظر لها نظرة إتهام..وكأنه بخبرها أنها ستدفع ثمن عالمه الذي انقلب اثر مساعدته لها
استفاقت على كلماته الحادة وهو يغلق التلفاز..
-اغربي عن وجهي يانسمة..ولا تُريني وجهك حتى تتوقفي عن ذكر سندس مره اخرى
كادت تتحدث ليقاطعها بحدة..
-ولا كلمة..قفي وادخلي للغرفة ولا تُريني وجهك الليلة طالما أن تحذيري لا يُجدي معكِ
توهج وجهها بإنفعال لتقف وترميه بنظرات غاضبة..
-لا ياغريب..يجب أن اذكرها ولا تتأثر
بتُ لت اتحمل أن تشرد وأنت جواري
وانا اعلم انك تفكر بها..هذا ليس عدلاً هذة خيانة
ارتفع حاجبه ساخرًا ليقول بنبرة محذرة..
-ادخلي لغرفتكِ ياسندس..ولا تراجعيني في..
قاطعته صارخة بحدة...
-انا لستُ سندس انا نسمة ياغريب نسمة
تعاقبني كلما اقول اسمها وانت لا تنفك عن مُناداتي سندس..تقول سندس في اشد لحظاتنا حرجًا..تقول اسمها في كل وقت دون مرعاة لمشاعري انا
زاغت نظرات غريب بإدراك ليُغمغم بخشونة..
-تعلمين أنني لا اقصد..اغلقي هذا الحديث
واذهبي لغرفتكِ يانسمة..لا اود قول اشياء قد تؤلمك
تغضن جبين نسمة بألم حقيقي لتقول بحدة...
-انت تؤلمني دون أن تقول شيئ ياغريب
تؤلمني كلما اتأكد انها كالشبح بيننا..تُحيل
بيني وبينك انا...
قاطعها حينما بدء غضبه يتصاعد ليقول بإنفعال..
-كفاكِ تراهات يانسمة..لا تفتحي بدفاتر قد أُغلقت
انتِ الخاسرة في هذا الحديث
-ولِمَ سأكون الخاسرة
امسك هاتفه ومفتاح سيارته ليقول بجمود قبل أن يغادر...
-لأنكِ الدخيلة يانسمة..تلك الفتاة كانت لتكون زوجتي..ولكن النصيب وضعكِ بدلاً عنها
ثم غادر وتركها تتطلع لأثره بغيظ وغضب كبيران
منذ أربعين يومًا وهي تحاول مسح اي ذكرى لسندس من عقله او قلبه..خاصة حينما سألته ذات مره..
"اكنت تحب إبنة عمك ياغريب"
كان سؤالها يرتدي ثوب البرائة لذا اكتفي أن يجعد وجهه بحدة ويقول...
-لِمَ تسألين عن شيئ لا يخصكِ "
استخدمت كل وسائل دلالها في صوتها وملامحها
وهي تميل لتحضن كتفه بقوة...
"لا اقصد ازعاجك..ولكن مجرد سؤال سأحزن وسيزداد تأنيب ضميري لو كنت تحبها "
شردت عيناه بعيدًا وصمت..ولم تتوقع منه رد إلى أن قال بنبرة منخفضة كأنه يحادث نفسه...
"لا أؤمن بكلمة حب من الأساس..
سندس كانت شيئًا آخر"
ثم نظر لها بإنتباه وابعدها عنه قائلا بهدوء..
"لا داعي ليؤنبك ضميرك هذا النصيب وعلينا أن نرضى بما يكتبه الله ولا تأتي على سيرتها مرة اخرى يانسمة..ولا تسألي عن شيئًا لا يعنيكِ مفهوم يانسمة"
حركت رأسها بطاعة وابتسمت بإتساع لتقول بدعابة..
"مفهوم ياقلب نسمة ..ولكن احذرك لأنك ستقع في حبي كما وقعت انا أثر شهامتك معي "
لم يبتسم او يتحرك..بل غرق في شروده الصامت
اودعت شروده ذاك الى طبيعته الهادئة
ولكن كانت الأيام تمر وشروده يزداد أكثر فأكثر
واسم سندس يتكرر على لسانة كلما أراد منادتها
كانت تظن ان دلالها ودهائها سيطويه تحت جناحها
ولكن غريب متبلد المشاعر..لا يتأثر بأي شيئ
وكأنها تعيش مع صنم..يأكل ويشرب وتعطيه حقوقه الزوجية فقط..لا شيئ آخر إن حاولت تبادل الحديث معه تقول عشر كلمات ليرد عليها بكلمة واحدة تضجرها..فتصمت او تتدلل عليه كي تخفي حنقها
جلست على المقعد وهي تمسد بطنها ملامح حادة خائبة وهي تتذكر ردة فعله حينما تأكدت من كونها حامل..غمغم مُباركًا وقبل رأسها متمنيًا أن يكون صبي..ضحكت حينها وقالت بمرح..
"اتمنى فالمتوارث عندنا إنجاب البنات"
جعد جبينه وقتها بضيق ليقول..
"ولكنني أرغب بصبي ياسندس "
حينها تمالكت أعصابها كي لا تنفجر به بحدة
لتقول مُذكره اياه بهدوء وملامح ممتعضة...
"نسمة ياغريب ..ثم أنني سمعت أن انجاب الصبي او البنت سببه الرجل"
اكتفى بتحريك رأسه والقول
"دعينا لا ندخل في الغيب..الله اعلم
كل مايأتينا من الله هو خير..الحمدلله "
تنهدت بقوة ومسحت دموعها ووقفت لتتجه لغرفتها كي تستلقي على ظهرها فأول الحمل يحتاج للراحة
وهي لا ترتاح ابدًا لا نفسيًا ولا جسديًا
غريب عنده وسواس نظافة..لا يحب رؤية الغبار إلا في المحجر فقط..ولا يسمح به داخل بيته
ولا يتحمل أن يكون شيئ في غير مكانه
لذا تحرص على التنظيف بإستمرار..وكذالك تحضير الطعام وغسل ملابسه يوميًا من الغبار وكيها
كل هذا يزيد من ارهاقها الجسدي
اما النفسي فأيضًا تشعر على الدوام بطاقة سلبية حولهم كلما جلست مع غريب..وكأن سندس القت لعناتها عليهم..غمغمت نسمة بضيق...
-لتدفع ثمن غبائها..في الأول والأخير إن كان غريب مقدر لها لم يكن ليمنع القدر اي شيئ..إذًا انا لم افعل اي شيئ خاطئ
غرقت في تبريراتها بينما غريب جالس في سيارته
يطالع الطريق المُظلم والغضب يتلاعب به
منذ ايام علم من عمه ان سندس ستتزوج !
صُدم في وقتها وثار معترضًا على تلك الزيجة
ولكن والده نظر لها ببرود...
"لا حق لك لتعترض..كانت زوجتك ولم تعُد القرار الأخير للفتاة وابيها "
نظر لعمه يطالبه بالرفض ولكن عادل قال بجفاء..
" اباك محقك..القرار لي ولسندس،وجدها اخبرني انها وافقت وانا كذالك وافقت كي تصمت الألسنة عن الخوض في عرضها بسببك"
سارع بالقول والغضب يتملكه أكثر
"مستعد لأتزوجها من جديد..ولكن لن أُطلق نسمة
سأنفذ اي شيئ تطلبه عدا تطليق نسمة "
إبتسامة ساخرة نمت على ثغر عمه ليقول
"وهل تظن انها توافق ياغريب..لا داعي لتطلق زوجتك ولا داعي لهذا الحديث..خُطبت لآخر وانتهى الأمر"
كلمات عمه كانت لكمة قاسية تلقاها في معدته
والآن وبعد كل تلك السنوات الطويلة
لا يملك اي حق في قول كلمة في حياة سندس
غدًا ستتزوج رجلاً آخر..إذًا اين ذهب حبها له الذي كانت تتغنى به دائمًا..انسيته بهذة السهولة !
اشتد قبضته ليضع رأسه على عجلة القيادة وشيئًا ماداخله يغلي كالنار..سندس الذي حجبها عن الجميع لتكون له وحده..ستتزوج ذاك الخبيث الذي جاء ليضربه لإجلها وصاح بتبجح ان فرصته معها انتهت
توفيق الذي كرهه من كل قلبه الآن
توعده ونفذ وعيده في اخذها..غدًا سيأخذها بدلاً عنه
غامت عيناه بنظرة غاضبة ساخطة وجزء داخله يلومه على تطليقه لها..لم يكن عليه أن يستسلم لإستفزازها له واندفع بتطليقها وتحريمها عليه كأمه واخته
في الأسابيع الماضية كان يصم اذنه عن تأنيب والدته ووالده ويتهموه بالهمجية كلما تذكروا انه ضربها وطلقاها..كان يقول بجمود
"انا غير نادم على مافعلته..كانت تستحق ذاك عقابًا على وقاحتها معي.."
يتذكر حينما دمعت عفاف وقالت بحزن
"والله ستندم يابُني..ستعض على اناملك حزنًا انك فرطت في فتاة كـ سندس التي كانت تعشقك
استبدلتها بفتاة وضيعة عائلتها بلا شرف
ستندم وتأتيني مقهورًا على مااقترفته يداك "
استفاق من شروده وشعر بحرارة جسده ترتفع
وتعرق جبينه..ليمسح وجهه مُتمتما بخشونة..
-لقد فعلت الصواب ياغريب..سندس لا تعنيك
سندس لا تعنيك..سندس لا تعنيك
صار يردد تلك الكلمات على نفسه كي لا يسمع للصوت المتهور داخله الذي بخبره أن يمنع تلك الزيجة ويأخذها زوجه من جديد
ولكن كلما تذكر كلمتها الحادة وهي تقول
"-تتزوج علي وتضربني بيومٍ واحد !
اخبرك شيئا..انت لست رجلاً وستطلقني في هذة اللحظة ياغريب...ان كنت رجلاً طلقني"
سندس التي كانت لا تجرؤ على رفع وجهها في وجهه قالت تلك الكلمات الجارحة لتستفزه ليطلقها
كلماتها تلك مست كرامته ورجولته..وهو لن يبقى على إمرأة لا تراه رجلاً..غمغم لنفسه بجمود..
-تذهب إمرأة وتأتي غيرها ولكن إن هُدرت كرامتك لا تعود ياغريب
واتبع غريب كرامته..وتنازل عن القضية بسهولة !
***
عطرها الجافي
الجزء الثاني من جفت ورودها الحمراء
الفصل الخامس
....................................
"سقطت الوردة وتناثرت اوراقها في الرياح
جفت بتلاتها وماعادت ترغب بالحياة
فمن يعيد للزهرة ورقاتها..وستكافأه بعطرها..وإن كان عطرها جافي"
صباح يوم الزفاف
لم تنم حكيمة وهي تحضر حقائب سندس ودموعها تنهمر على وجنتها بحزن ووحشة..من الآن تشتاق لها
من الآن تشعر وكأنها فقدت قلبها من كثرة الإشتياق
انتهت من وضع الحقائب جوار الباب وهي تهمس بحزن...
-إن القلب ليرتجف شوقًا من الآن يابُنيتي
اسأل الله ان يحفظكِ ويسعدك ويريح قلبك مع توفيق...ياالله لا تؤلمني في ابنتي يارب
مسحت دموعها بكفيها وهي تنظر للساعة التي تُشير للتاسعة صباحًا..دلفت لتغسل وجهها وتزيل أثر بكائها
ثم اتجهت لغرفة سندس لتوقظها برفق وإبتسامة حنونة...
-ياسندس..استيقظِ ياعروس
الساعة تُشير للتاسعة عليكِ التحضر لزفافكِ
فتحت سندس عيناها الحمرواتين من الأرق
واعتدلت لتمسح وجهها وتقول بخفوت...
-لم انم من الأساس ياامي..اغمضت عيني لدقائق فقط..اتركيني لأنام فعليًا ولو لساعتين
رأت حكيمة إمارات القلق والتعب على وجه ابنتها لتقول وهي تحاوط وجهها بهدوء...
-حبيبتي لِمَ ارى الخوف على وجهك
هل انتِ قلقة من سفرك لمدينة اخرى
ابتسمت سندس بشحوب لتُمسك يد والدتها وتقبلها قائلة بنبرة خافتة...
-لستُ خائفة..وانتِ ايضًا عليكِ بالإقلاع عن الخوف المستمر..انا استودعت حياتي ونفسي في آمان الله
والله خير حافظَ ياامي
-حفظكِ الله ياصغيرتي..ولكن سأظل الباقي من عمري قلقة عليكِ الى أن يأخذ الله امانته
ضحكت سندس لتغمغم بخشونة..
-اذًا ابي محق..يامُربية البنات ياحاملة همهم الى الممات !
هزت حكيمة رأسها بنفي لتقول بحنان..
-يامُربية البنات ترى للسعادة ألوان
تنعمي بالدفئ والأمان..تظللك
محبتهن وتموتي بينهن راضية الفؤاد
دمعت عين سندس واختفت ضحكاتها وترتمي بين ذراعيها وتقول مختنقة...
-سأشتاق لكِ ياامي..سأموت شوقًا لكِ
حاوطتها والدتها بحماية وهي تقبل خصلاتها..
-سأتصل بكِ بوميًا وسأزورك كل اسبوعان
وايضًا سأخبر توفيق يأتيني بكِ..لن ادع الإشتياق يؤلمك ياعزيزتي
ثم ابعدتها برفق لتقول...
-هيا قفي واتجهي للحمام..لقد حضرته لكِ بالزيوت المعطره..دعي جسدك يرتاح في الماء الساخن
الى أن تصل المُزينة..هيا ياحبيبتي لا وقت لدينا
تنهدت سندس بثقل ووقفت واتجهت كي تُطبق كلمات حكيمة..بينما والدتها اتجهت للهاتف كي تتصل بهالة لتأتي وتكون مع سندس
لتسمع طرقات لحوحة على الباب..اتجهت لتفتح
لتجد نوران تبتسم بسعادة..
-صباح الخير عمتي..جميلتنا سندس لاتزال نائمة !
-لا ياحبيبتي لقد استيقظت وتأخذ حمام العروس
هل استيقظ الجميع
حركت نوران رأسها بحماس...
-نعم استيقظ الجميع..خالتي عزيزة تُجهز الشربات
وتوفيق اتصل بالطهاه ونُصبت خيمة الرجال
وبعد صلاة الظهر سينصبوا خيمة النساء..ويزينوا الشارع بالأنوار وزينة الزفاف
حركت حكيمة رأسها بإستحسان وسألت..
-واين عمي فراس !
-عمي فراس لا ينم بعد صلاة الفجر
واتصل بالعمال ليحضروا الخِراف ليذبحوها بعد صلاة الظهر ايضًا..واوصى بتوزيع لحم خاروفين
وسيطهوا الثلاثة الباقين
اتسعت عيون حكيمة بدهشة لتقول..
-خمس خِراف كثير
-جدي قال الزيادة رزق للمحتاجين
والآن كيف أساعدك ياعمتي
نظرت حكيمة لحقائب السفر لتقول بخفوت..
-لقد حضرت كل ثيابها..لا شيئ لتساعديني فيه
سانزل للأسفل كي احضر كعك الزفاف والمخبوزات
ليأخذوها معهم
اقتربت نوران وعانقتها حين بغتة وهي تقول برقة..
-لا تعبسِ هكذا ياعمتي..سأكون ابنتكِ الثانية
لن اشعرك بغياب سندس قدر استطاعتي
ربتت حكيمة على ظهرها باسمة..
-حبيبتي يانوران مشكورة..العقبى لكِ يارب
اغمضت نوران عيناها وهتفت بترجي..
-ياارب ياخالتي..اكثري من هذة الدعوة الجميلة
ضحكت حكيمة وفتحت الباب لتقول قبل أن تهبط الدرج...
-لا تتعجلي ياصغيرة كل شيئ بأوانه
كوني مع سندس ولا تتركيها إلا
***
انقضت ساعات النهار الأولى وفراس وتوفيق
واقفين أمام الدار يتابعون التحضيرات بإنتباه
ليقول فراس وهو يُشير لأحد الغلمان..
-ياولد تعال
اتجه اليه الصغير ليقول بإحترام...
-امرك ياجدي
اخرج فراس من جيبه بضع ورقات مالية ليعطيهم للصبي قائلا بحذر...
-اتجه الى العطار واعطهِ المال وقُل
يخبرك جدي فراس أن تعطيني البخور الفاخر
احذر أن توقع المال ياولد
-لا تقلق ياجدي سأمسكها بقوة
ثم انطلق ليُنفذ أمر جده ليقول توفيق...
-لِمَ البخور الفاخر ياجدي !
نظر له فراس ليقول بجدية..
-لتأخذه معك ويعطيك حظي وحظ اباك
وحظ اعمامك..الم اخبرك قصة البخور هذا
ضحك توفيق وغمغم بإيجاب..
-نعم اخبرتني..وانا لازلت مُصر على رأيي
لا وجود لتلك الخزعبلات ياجدي..كيف لبخور عادي أن يُصلح حال زوجين بالله عليك ياجدي !
جعدت فراس جبينه ليقول بضيق...
-ياولد لا تراجع الكبار في حديثهم
ثم أن هذا البخور غير عادي..الم اخبرك أن الدرويش اخبرني إن اشعلت هذا البخور سينصلح الحال بيني وبين جدتك..وها انا لازلت احبها رغم انها ماتت منذ زمن..كانت إمرأة نَكِدة ورغم ذالك كنت احبها
وكذالك اباك يعشق امك رغم لسانها الصلف وصراحتها الوقحة..ايضًا بسبب البخور
واعمامك..الا تُصدق كلام عجوز مخضرم ياإبن البارحة !
ضحك توفيق ليرفع يد فراس ويقبلها بإحترام..
-استغفر الله ياجدي..ولكني
قاطعه فراس بحزم...
-ستأخذ البخور معك وستشعله
بعيدًا عن البخور وسحره..اشعال البخور ليلة الزفاف صارت عادة من عادات آل فارس..لا تكسر العادات
حرك توفيق رأسه بطاعة وهو يكتم تعليق علمي على حديث جده..ولكنه صمت..لن يضره ان يترك الجد في وهمه حول البخور السحري
تنهد فراس ليقول...
-ياتوفيق ضع سندس تاجًا على رأسك
البنت ذاقت الألم في عمر صغير
لا تكن ندمًا في حياة احدهم..
لا تجعلها تندم انها اختارتك في نكبتها
شرد توفيق في كلمات الجد..ولسان حالة يقول
"بعد كل هذا الصبر ياجدي أكون ندمًا بحياة سندس !
ايُضيع المرء حُلمه بعدما امسكه بين يداه "
وصله صوت فراس وهو يقول بإقرار...
-اعلم انك تحب سندس..لازلت اتذكر ذاك اليوم الذي اتيتني به..كنت في عامك الأول في الجامعة
وكنت في إجازة منتصف العام
جئتني وملامحك مبتهجة تخبرني أن ازوجك إبنة عمتك حكيمة..اتذكر
غامت عيون توفيق وهو يتذكر ذالك اليوم
حينما ذهب لحكيمة ليعطيها حصتها السنوية من القماش..ليرى سندس هناك..فتاو ناعمة صغيرة بجدائل طويلة تجلس في زاوية الحديقة
تسقي الورود والبسمة تعلو وجهها المليح
صورتها لم تُمحى مع تلك السنوات
بل ظلت راسخة رغم علمه أن تلك الفتاة كبرت وخُطبت لآخر..ثم عُقد قرانها..وبالأخير تزوجت
ولكن الأقدار أعادتها اليه من جديد..
اختنق بغصة الحنين وهو ينظر لجده...
-لم اكن اتخيل أن اتزوجها بعد كل تلك السنوات ياجدي
ربت فراس على كتفه بحبور..
-بل صدق ياعريس..اليوم زفافكم
ولكن عليك بالصبر وسيعطيك القدر أجمل مما كنت تتخيل..لذة العطاء بعد الصبر لا تعوض بثمن
ولا تنسى البخور له دور فعال في الزيجة
انقشع التأثر من وجه توفيق وهز رأسه بلا فائدة
بينما تابع الجد الحديث الى العمال ليبدأو بوضع مقاعد الضيوف مرتصة بجوانب الخيمة
رفع توفيق رأسه الى شرفة شقة سندس
ولازال جزءًا داخله لا يصدق أن تلك الفتاة ستكون إمرأته بعد ساعات قليلة...ايعقل !
***
عُقد القران بعد صلاة العصر
حضر عادل مباركًا الزواج ووضع يده بيد توفيق وتمنى بصدق أن يصون ابنته..ليعده توفيق انه سيتقي الله بها وستكون في امانته
بعثوا دفتر الزواج لسندس لتقول حكيمة دامعة...
-ضعي اسمك هنا يقلب امك..هيا ياعزيزتي
دمعت سندس وارتجفت يدها وهي تكتب اسمها
وتضع اصبعها في الصمغ الأزرق كختم على ورقة الزواج..وصارت زوجة توفيق آل فارس وقُضي الأمر
تنفست بإرتجاف وهي تتلقى مباركات نساء العائلة
وتجبر نفسها على التماسك والمُضي قدمًا في حياتها
انتهت المزينة من تجهيز سندس..التي كانت في ابهى صورها رغم عبوسها..استطاعت تحديد ملامحها بإحترافية لتقول بنصر وهي تضع احمر الشفاة اخيرًا...
-ها نحن ذا..انتهينا من الزينة،تبدين كالقمر في ليلة إكتماله..مارأيك ياعروس !
نظرت سندس لنفسها في المرآة وهي تشعر وكأنها وجهها سيأخذها ويسقط..وكأنها لا تطيق تلك الأصباغ على وجهها لتقول بفتور...
-رائع شكرًا لكِ
اقتربت هالة منها وتحدثت باسمة...
-ماكل هذا الجمال ياسندس..ماشاء الله تبدين فاتنة
ياسعدك ياتوفيق..محظوظ بكِ ياحبيبتي
لوت شفتيها ساخرة لتهمس..
-لستُ واثقة من هذا الأمر
وكزتها هالة بلوم لتقول وهي تضع البرقع على وجهها
-ضعي هذا لنهبط لخيمة النساء..خالتي منشغلة في توزيع الشربات..تعالى لنذهب لهم الساعة تجاوزت السابعة هيا
همهمت سندس وهي تقف ولكن تصنمت وهي تسمع نوران تقول ببهجة عجولة...
-يافتيات غطوا وجوهكن العريس يود رؤية عروسة قبل نزولها للخيمة
تعالت دقات قلبها زاغت عيناها برفض
توفيق يجعلها خائفة بشكلٍ غريزي..ضئلها أمامه يشعرها بأنه سيسحقها بيده في اي لحظة
وتُرجم شعورها عندما دلف توفيق في الزي التقليدي للزواج..يرتدي القفطان الأبيض الذي حدد عرض كتفيه وطوله..ولم يضع غطرة بل سرح خصلاته السوداء بطريقة انيقة لائمت اناقته
رأت يداه السمراء الكبيره ترفع البرقع عن وجهها
وتسمرت عيناه على وجهها وكأنه تحول لصنم
ورغم ان الزغاريد تعالت حولهم بمبالغة إلا أنها كانت تسمع ضربات قلبها المرتبكة..وهو يحدق بها بعيون متسعة
انزلت عيناها ارضًا تتهرب من النظر له لتخفف من حدة الموقف..لتسمعه يقول بصوتٍ أجش مُعذب لا يسمعه سواهم...
-لذة العطاء بعد الصبر لا تعوض بثمن ياسُندس
لم تفهم كلماته لتقول بتوتر...
-ماذا !
لم يُجب بل اقترب واحتوى وجهها بين كفيه ليطبع شفتيه على جبهتها مطولاً ليُغمغم..
-مبارك لنا ياسندس
زاد ارتجافها وابتعدت عنه سريعًا وماهي إلا ثوان وخرج توفيق من الغرفة..لتنهار على الكرسي وهي تحاول تهدئة اعصابها المُتعبة
مالت عليها هالة هامسة بعبث...
-ياحظكِ ياسندس تزوجتي رجلاً كالحائط
طول بعرض الله اكبر..كما انه يبدو لطيفًا
ولكن لا تغضبيه..لو فكر أن يصفعك ستكونين من السابقون ياعزيزتي
اقتربت منهم صديقتهم الثالثة شمس وتحدث سريعًا....
-ماهذة الضخامة ياسندس ماشاء الله تبدين كإبنته وانتِ واقفة أمامه..كم سن زوجك !
وكزتها هالة لتقول ضاحكة...
- تقريبًا واحد وثلاثون عامًا..ولكن والله انا اعطي سندس خمسة عشر عامًا وهي تقف أمامه..اخشى عليها أن يعانقها فتنكسر بين يداه
شاركتها شمس الضحك
نظرت لها سندس بضيق لتغمغم..
-اصمتي ياهالة أنا بالأساس منفعلة وخائفة منه لا تُزيدي خوفي
-نحن نمزح فقط ياسندوسة
اتكلم جديًا يبدو عليه التعقل والهدوء
كما أنني اشك ان هذا الرجل يُحبك
كان ينظر لكِ وكأنكِ كِنز ثمين عثر عليه للتو
وقفت سندس ووضعت البرقع على رأسها لتقول بخشونة...
-كفاكِ حديث ساذج ياشمس
هيا لنهبط ونُنهي الأمر
"سقطت الوردة وتناثرت اوراقها في الرياح
جفت بتلاتها وماعادت ترغب بالحياة
فمن يعيد للزهرة ورقاتها..وستكافأه بعطرها..وإن كان عطرها جافي"
***
عطرها الجافي
الجزء الثاني من جفت ورودها الحمراء
الفصل السادس
..................................
وعدها بزفافٍ كبير ووفى بوعده
هذا مافكرت به سُندس وهي تطلع الى عدد الحضور من النساء..والاتي يملئن الخيمة الكبيرة..بعضهن يتغامزن عليها..والبعض يرقصن وأخريات يأكلن
وهي جالسة بسكون غريب تنظر لكل واحدة منهن بلا مشاعر،قلبها مُثقل بالهم ولكن استطاعت السيطرة على الألم البادِ في عيناها،اقسمت ان تحافظ على ثباتها كي لا يشمت بها أحد..يكفيها ماحصدته في الأيام الماضية من شفقة وشماته وخوض في عرضها
اقتربت منها زوجة عمها وهي تنظر لها بحزن واضح..
-مُبارك لكِ ياسندس..اتمنى من الله أن يصونك ويحفظك ويعوضكِ خيرًا
لم تتفاجئ سندس من قدومها..لقد رأتها قبل دقائق وهي تدلف مع ابنتها الخبيثة واميرة إبنة عمهم
ارتسمت على وجهها البهيي إبتسامة هادية وهي تغمغم بنعومة...
-اشكركِ ياخالتي..العقبى لإبنتك رضوى
تحدثت رضوى ساخرة تقصد إيلامها..
-العقبى لي في اي زيجة من الزيجتان ياسندس !
ضحكت سندس وامالت رأسها لتقول بقسوة..
-الزيجتان ياحبيبتي..العقبى لكِ بزيجتان
كما فعل اخاكِ العزيز
وجمت وجوه عفاف وابنتها لتتقدم اميرة تقول بخبث هي تهم أن تعانق سندس..إلا أن سندس ابتعدت عنها تقول ببرود...
-لا تعانقيني لا أود إفساد زينتي يااميرة
ابتعدت اميرة وقد اسود وجهها بحدة لتقول...
-والله غلبتيني ياسندس..اكبركِ بالعمر وانتِ سبقتيني بزيجتين
-إذًا عليكِ بالزواج يااميرة بأسرع وقت
فعلت مالم تستطيعي فعله في أقل من شهرين
انهت كلماتها وهي تحرك كتفيها ببساطة باسمة
كلماتها سامة ابعدت عفاف ورضوى واميرة عنها
لتجلس سندس مره اخرى على كرسي المنصة
وعيناها تحدق أمامها بهدوء وثبات
لتميل عليها هالة تقول باسمة بفخر...
-احسنتِ ياعزيزتي اعطيهن فوق رؤسهن
والآن بجب أن تبتسمي لكي تُزيدي غيظهن
نظرت لها سُندس لتُغمغم بجمود...
-لا اهتم ليزيد غيظهن او يقل
ولكن لابد من إرسال الهدايا لغريب
لم تفهمها هالة لتجدها تقف وتجذب شال من أحد رفيقاتها لتلفه حول ردفيها والإبتسامة الجامدة على وجهها..وكأنها تتحدى من يخبرها أنها مُنكسرة
تتحدي نظرات الشفقة بأعين النساء
وتتحدي قلبها الذي يصرخ ألمًا..لتحرك جسدها مع لحن الأغنية لتصيح رفيقاتها بحماس..ويتركوا لها الممصة لترقص عليها منفردة
نظرت لهالة بعيون دامعة رغم تلك الإبتسامة الكاذبة
لتتحرك هالة اليها وقد فهمت مقصدها منذ دقيقة
امسكت هالة بيدها ورقصت معها وكأنها تواسيها بطريقتها..تجمعن الفتيات حولهن ليشاركن العروس في الرقص وسط صيحات الإحتفال والفرحة
بينما حكيمة تقف على مقربه منهم وهي تحدق في سُندس بإبتسامة حزينة
ليتها ترقص سعيدة كما كل الفتيات
ليتها لا تحمل هذا الثقل فوق قلبها وتُلقيه ارضًا
غريب لا يستحق سوى أن يكون ماضي تافه
لا يستحق هذا الأسى
شعرت بيد عفاف توضع على كتفها وهي تقول بحرج وإبتسامة غير حقيقية...
-مبارك لسندس ياحكيمة..اتمنى لها السعادة
وسامحيني إن كنتِ غاضبة علىّ
ابتسمت حكيمة بسخرية ورددت...
-غاضبة عليكِ..كيف اسامحك ياعفاف وهذا كله خطأك..بحق الله كيف تطلبين العفو !
-بسببي..اقسم بالله كنت أشد المدافعين عن سندس
انا لم اشجع غريب على
قاطعتها حكيمة بقسوة وهي تعد على أصابعها...
-ولكن شجعتي ابنتي على حب ابنك منذ صغرها
جعلتها ضعيفة الشخصية أمام ابنك وكأنها جارية
كانت كاعروس الماريونت بين أصابعك الظالمة
تحركيها بأفكارك
نعم انتِ لم تشجعي ابنك على اذية ابنتي
ولكن انتِ لم تُربيه ياعفاف..لو كنتِ ربيتيه
كان سيقطع يده قبل أن يرفعها على إمرأة
انتِ السبب في إخراج رجلاً حقير كإبنك الى العالم
كلماتها القاسية جعلت عفاف تشحب
وتزوغ عيناها بصدمة وألم حقيقي..لتتابع حكيمة بشماتة وهي تنظر لإبنتها...
-ولكن الله انقذ ابنتي من ابنك ياعفاف
انظري لها كم هي ناعمة وجميلة
خبئها الله لإبن أخي..المهندس المتعلم
رجل يحبها ويتمنى رضاها سيعطيها مابخل ابنك به على ابنتي،ستكون سعيدة عندما تستوعب أن الله ابدلها خيرًا...أما ابنك آخذ من تستحقه وغدًا سيعلم انه وقع في شركها كأحمق يسيل لعابه على ذقنه
بالإذن ياعفاف
اعطتها ظهرها وخطت بخطوات واثقة نحو ابنتها
تعانقها وتهمس لها بكلمات رقيقة جعلت سندس تبتسم بنعومة أكثر ليبتهج قلبها..وشعور بالراحة يغزوها حينما اخرجت جزء صغير من ألمها الى عفاف
نظرت في ارجاء الخيمة لتجدها اختفت،على مايبدو غادرت
وكذالك مع انقضاء ساعات الليل بدأ البقيه في الرحيل بعدما اكتفوا من الأكل والرقص والمرح
وكذالك أُعلنت ساعة رحيل سُندس مع توفيق
لتصعد الى شقتهم للمره الأخيرة كي تبدل فستان الزفاف بملابس ساترة وتتجهز للسفر بعد دقائق
ودعتها هالة وهي تعانقها ...
-ارجوكِ كوني بخير ياسندس..حادثيني دائمًا
سأشتاق لكِ بشدة
بادلتها سندس العناق وهي تقول بخفوت..
-لا تقلقي علىّ وانتِ ايضًا كوني بخير
واعطي اعاكف فرصة لا ذنب له ياهالة
هو يحبك
غمغمت هالة بطاعة وغادرت الى منزلها فقد تأخر الوقت بينما سندس انتهت من ارتداء ملابسها السوداء وجلست على فراشها ويدها ترتجف وبدأت بالتعرق
ستسافر الآن مع توفيق وحدها !
اجذت عدة إنفاس مرتجفة وهي تهمس..
-لن يؤذيني لن اسمح له..يالله
انتفضت حينما فُتح الباب لتجدها والدتها تقول برفق..
-هيا ياحبيبتي توفيق حضر السيارة ووضعوا حقائبكِ فيها..اباكِ ينتظرك ليودعكِ
وقفت سندس وضربات قلبها تصدح في اذنها
وانفاسها بدأت بالتحشرج..ولكن تماسكت وهي تضع وشاحها على وجهها ليغطيها بالكامل..هبطت الدرج لتجد توفيق يقف بالأسفل..وقد غير ملابسه هو ايضًا لملابس عمليه غير رائجة في مدينتهم
بنطال من الجينز الباهت..وقميص أسود
من يراه يُجزم انه شاب جاء من الحضر وليس من البادية..
رفعت نظرها لوجهه لتجده ينظر لها بذات النظرات الغريبة..وحينما هبطت آخر درجة وجدته يُمسك كفها البارد بيده القوية ونبرة لينة لا تليق بهيئته..
-يداكِ باردة..انتِ بخير !
حركت رأسها وحاولت سحب يدها من كفه ولكن وجدها يقبض عليها بقوة..وكأنها فأر دخل مصيدة حديده لا يقوى على الفرار
بدء السير وهي تسير معه ليقف أمام الجد وابيه واباها ولازال يحتوي كفها..ليقول فراس بهدوء ...
-اترك يدها لأعانقها ياولد
نظر توفيق ليديهم ليغمغم بخشونة...
-ياجدي عانقها لا تحتاج ليدها ابدًا
كلماته الجادة جعلتها ترفع عيناها اليه بدهشة
وازداد حرجها وجدها وخالها يضحكا على كلمات توفيق ليقول فراس...
-ستأخذها وتهرب بعد لحظات وليس العكس
هيا اتركها ياولد لا تتصرف وكأنك طفل تُنزع منه لعبته
-هي زوجتي ياجدي
قال كلماته بخشونة متضايقًا وترك يدها على مضض
ليعانقها جدها هامسًا برفق...
-مُبارك ياإبنة الغالية..اتمنى لكم السعادة والهناء
وسأنتظرك لتأتي مع توفيق في إجازته القادمة
إبتسمت سندس وهي تحاول ألا تبكي لتقول..
-شكرًا لكل شيئ ياجدي
ربت الجد على كتفها لتعانق خالها ليتمتم هو الأخر يتمنى لهم السعادة والذرية الصالحة
لتقف أخيرًا أمام أباها
عيناها في عينه
هو يحدق فيها ببهوت ونظرة حزينة وربما نادمة
أما هي تنظر له بخذلان وجرح لن يبرأ..زاد إرتجافها وهي تراه واقفًا بجمود..ينتظر أن تتحدث او حتى أن ترحل بهدوء..كلاهما صامتان
لتشعر بيد توفيق تُمسك يدها المُرتجفة من جديد ليقول بهدوء يحثها على وداع والدها...
-هيا ياسندس اباكِ تعب من الوقوف ودعيه لنرحل
اقتربت من والدها تعانقه بآلية وكأنه واجب لا أكثر
ليضمها عادل بقوة هامسًا بصوتٍ متحشرج...
مبارك ياابنتي..عوضكِ الله خيرًا يارب
كانت محتجزة بين يداه بلا حراك
يد موضوعه على ذراعه ويدها الاخرى يمسكها توفيق
تنهدت وهي تحجب بكائها المتألم..ولومها القاسي
واكتفت بالرد...
-اشكرك ابي
ثم ابتعدت عنه لتعانق والدتها بقوة بعدما افلتها توفيق ليعانق والدته هو الأخر ويلاطفها...
-هيا ياعزوزة ألن تتمني لي حياة سعيدة !
غمغمت عزيزة بحزن وهي تربت على ظهره..
-وهل اتمنى غير ذالك ياحبيبي
دعواتي ستصاحبك مع كل خطوة لك
اسعدك الله وحفظك ورعاك يابُني
قُد بحذر وانتبه لنفسك ولزوجتك
ليقول آباه مقترحًا...
-بدلاً من القيادة في هذا الظلام سافروا غدًا
هز توفيق رأسه برفض...
-لا ياأبي أود أن ارتاح في منزلي
في آمان الله جميعًا
انتهوا من وداع العائلة واتجهوا نحو السيارة
ليفتح لها الباب الخلفي لتجلس فيه
بينما اتجه نحو عجلة القيادة وانطلق بالسيارة
نظرت له سندس بطرف عيناها وهي تراه يقود بصمت دون أن يوجه لها كلمة واحدة
ونظرت لزجاج السيارة لتجده أسود لا يعكس الطريق
لتسمع توفيق يقول بهدوء...
-تستطيعين خلع وشاحك والنوم الزجاج لا يعكس صورتكِ ولن يراكِ أحد من عتمة الليل..جعلتك تجلسين بالمقاعد الخلفية لتمددي جسدك..بالتأكيد متعبة من إرهاق اليوم
عقد حاجبيها بإنتباه لتلك اللفتة اللطيفة لتقول بخفوت وإبجاز...
-شكرًا لك
ردها الجاف جعله يركز على القيادة ولا يوجه لها اي حديث إلا أن رأسها في المرآه الأمامية وهي تخلع نقابها وحجابها ايضًا..تعلقت عيناه وهو يراها تنثر خصلاتها البنية الطويلة لتقسمها الى جزئين
وتبدأ بجدل الجزء الأيمن..وأخذت دقيقتان أو ثلاث دقائق واصابعها تعمل سريعًا ليكون الناتج جديلة طويلة..ثم اتجهت للنصف الأخر لتجدله سريعًا
تشتت توفيق وهو يوزع نظره بين الطريق والمرآه
انتبهت لعيونه الحادة التي تتابعها بإنتباه..لترمي جديلتها خلف ظهرها وقد ارتبكت وهي ترى إمارات التعجب على وجهه لتقول...
-لا استطيع النوم إلا بعد تجديل شعري
وانت قُلت أن الزجاج غير عاكس و..
قاطعها بصوتٍ أجش اربكها أكثر...
-لا داعي للإيضاح..انا..فقط مُعجب بنعومة شعرك
يبدو جميلاً.. لقد استطال كثيرًا
بغير إرادة وضعت الحجاب حول وجهها من جديد لتغطي تلك الخصلات التي يتغزل بهم لتقول بخشونة وهجوم....
-اين رأيت شعري لتقول انه استطال
وناعم او خشن..لا تحاول إثبات انك تعرفني
دُهش من كلماتها الحادة وجعد جبينه ليغمغم بهدوء..
-كنتِ صغيرة عندما رأيتك..وأنا لا أحاول اثبات شيئ..
صمتت واشاحت وجهها عنه بحرج لتسمعه يقول..
نامي ياسندس وارتاحي يومك كان طويل ولازال طريقنا اطول
لا تعلم هل كلماته تحوي أكثر من معنى،أم انه يقصد الطريق فقط كما قال..تجاهلت النظر له او التفكير بكلماته وتمددت على "أريكة السيارة" وتركت عيناها تُغمض بنعاس وآخر ما رأته كان ظهره ورقبته السمراء ثم ذهبت لعالم آخر
***
سمعن كلمات بعيدة تجبرها على الإستيقاظ
واصابع تضغط على كفها عقب كل كلمة..لتفتح عيناها بنعاس لتجد توفيق ملتف اليها بكامل جسده..وعلامات الإرهاق بادية على وجهه ليقول...
-لقد وصلنا ياسندس هيا استيقظى
رمشت بعيناها وهي تنظر الى ضوء النهار الذي داهب وجهها من الزجاج الأمامي لتعتدل وهي تغمغم بصوتٍ خشن اثر النوم...
-لقد استغرقتُ في النوم
كم نمت بالضبط
اعتدل نحو في مقعده وغمغم بخفوت...
-سبع ساعات تقريبًا..حاولت إيقاظك لتأكلي
ووقفت أكثر من إستراحة ولكنك كنتِ نائمة بعمق
فركت وجهها لتطرد النعاس ثم امسكت الوشاح لتضعه على وجهها...
-لم اشعر بأي شيئ سوى الآن
بالتأكيد تعبت من القيادة طوال هذة الساعات
لم يرد على كلماتها بل اكتفى بالصمت وعندما تأكد من انها انتهت من تغطية وجهها..خرج من السيارة وفتح بابها ومد يده لتُمسكها، ولكنها عقدت حاجبيها وهي تنظر لكفه لتغمغم...
-لن انزل من فوق جبل..انها سيارة
اتمت جملتها وهي تقف لتترنح وقدماها تخونها وكادت تسقط..ليمسكها وكأنه توقع سقطوها
ثبتها وهو بحاوط كتفيها بذراعه وهو ينظر لها بمعنى "ارأيتِ"..ولم يكتفي بل سار بها الى أن بدأت قدماها تستعيد حيوتها ليقول بهدوء...
-سبع ياعات وقدمك ثابتة بالتأكيد ستتعثرين إن وقفتي سريعًا
للمرة الثانية يحرجها هدوئه وذوقه..لتجده يدلف المصعد وترك كتفها بعدما سأل...
-تستطيعين الوقوف دون مساعدة
حركت رأسها بإيجاب..ليخرج من المصعد قائلاً
-سأحضر احد الحقائب من السيارى
تركها تقف في المصعد ذو المرآه الكبيرة
نظرت لعيناها الناعسة وقد سال الكحل ليجعل عيناها دائرة من السواد..شهقت وهي تمسحة مغمغمة....
-كيف استطاع النظر لي وانا بهذا الشكل المُفزع
انتهبت اليه وهو يدخل المصعد لتتأمله لترى تأثير السفر على وجهه المتعب..وعيناه التي يحطها الإرهاق..وقد تجعد قميصه رفعت رأسها لتنظر لخصلاته القصيرة المبعثرة ايضًا أثر تخلل اصابعه فيه علة مايبدو
ضبطها تحدق به لتُشيح عيناها عنه سريعًا وتسمعه يقول...
-سأوصلكِ للشقة واجلب بقية الحقائب
بتردد شديد همهمت...
-هل اساعدك..اعني
حرك رأسه بالسلب وهو يحرك رقبته يمينًا ويسار لتصدر طقطقات عظامه..
-لا داعي
وقف المصعد ليخرجا منه ويقفا أمام احد الشقق في الطابق..ليخرج مفتاحه ويدلف وهو يهمس...
-بسم الله الرحمن الرحيم..
سارت خلفه وهي تردد البسملة..ضغط على زر الإنارة ليعم الضوء في الأرجاء..عقدت جبينها وهي تنظر لواجهة الشقة بلونها الأبيض الناصع..والديكور الرمادي البسيط يتداخل مع الأساس
وصلها صوت توفيق وهو يُشير لأحد المداخل...
-هاك الحمام..داخله كل ما ستحتاجينه
خذي حمامًا مُنعش يساعدك على الإستيقاظ الى أن اصعد بباقي حقائبك
ثم التفت ولان وجهه بممازحة..
-ولكن ارجوكِ اخلعي حذائكِ قبل الدخول
هذة أحد أحد اسباب جنوني فتخطيها
ثم خرج وأعلق الباب خلفه..ببنما هي تطالع اثرة بدهشة..وهي تنظر لحذائها تارة والى الباب تارة
ثم وزعت نظرها على الشقة الأنيقة ذات الترتيب الدقيق لتهمس بضيق...
-اتمنى أن لا يكون عنده وسواس نظافة
لتخلع حذائها وتجر حقيبتها خلفها وهي تسير في الرواق تختار غرفة من الغرف لتضع فيها حقيبتها
لتخرج ملابس بيتيه وتستعد لأخذ حمام طويل
ثم دلفت للحمام وأغلقت الباب بحرص
لتنظر لنفسها بتقزز وتغمغم...
-الآن فقط علمتُ لِمَ اخبرني بضرورة حمام منعش
نزعت ملابسها المتعرقة بضيق وبدأت الإستحمام مُستعينة بالسوائل العطرة التي تجعلها أكثر راحة وهدوء بأنها دقائق وتصبح نظيفة بالكامل..خاصة كلما تذكرت كلمات توفيق بضرورة الإستحمام
ولكن الماء الدافئ جعلها تُطيل البقاء في الحمام
وهي تُفكر في ذاك الرجل الصامت الذي يتلقى منها الكلمات الجافة المُندفعة ورغم ذالك يقابل كلماتها بهدوء يُنافي نظرته المتضايقة
نظرت ليدها وهي تتذكر كيف لم يفلتها بل وأصر بجدية أمام العائلة انها زوجته ولن يترك يدها
كم بدى في هذة اللحظة وكأنه...
حركت رأسها ساخرة من تفكيرها لتهمس..
-لا فائدة في تفكيرك الذي سيقودك للعذاب
الدائم ياسندس
انتهت من حمامها وارتدت ملابسها ولفت شعرها بمنشفة وخرجت لتسير الى الخارج حيثُ الواجهة
لتجد حقائبها مرتصة جوار الباب ولا وجود لتوفيق
رفعت حاجبيها وهي تنظر حولها تبحث عنه
لتتابع سيرها الة الغُرف لترى جسده الضخم
يرتاح على الفراش وقدميه على الأرض..من الواضح أن الإرهاق تملك منه ليسقط نائمًا دون أن يبدل ملابسه حتى..
اغلقت الباب عليه واتجهت نحو الغرفة التي اتخذتها مبيتًا لترتمي على الفراش النظيف وتغمض عيناها تستعد لموجة جديدة من النعاس..ولكن هذة المرة لم يكن غريب بين دهاليز افكارها
**
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق