القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

روايةعطرها الجافي الجزء الثاني الفصل السابع والثامن والتاسع الأخير من جفت ورودها الحمراء بقلم وسام أسامة

 

روايةعطرها الجافي الجزء الثاني  الفصل السابع والثامن والتاسع الأخير من جفت ورودها الحمراء  بقلم وسام أسامة 




روايةعطرها الجافي الجزء الثاني  الفصل السابع والثامن والتاسع الأخير من جفت ورودها الحمراء  بقلم وسام أسامة 


عطرها الجافي

الجزء الثاني من جفت ورودها الحمراء 

الفصل السابع

......................................

تقلبت في الفراش بإنزعاج لتفتح عيناها بصعوبة لتصدم عيناها بالظلام المحيط بها..اعتدلت وهي تتأوه بألم وتحرك رأسها يمينًا ويسار هامسة...

-أشعر وكأن شاحنة مرت فوق جسدي


مسحت وجهها وهي تحاول الإستقامة في الفراش

كي تقف وتبدد هذا الظلام..وبصعوبة وبعض التعثرات وصلت الى زر الإنارة لتضعط عليه

ثم اغمضت عيناها بقوة وألم من أثر الضوء


ثون ورفعت رأسها لتنظر لساعة الحائط لتجدها تُشير للسادسة مسائًا...شهقت متفاجأة..

-نمت كل هذة الساعات !


خرجت من الغرفة وهي ترى الأضواء تعم الشقة

قادتها قدماها لتلك الموسيقى الناعمة المُنبعثة من أحد الأركان..تصنمت للحظات وهي تراه واقف أمام الموقد ويقلب شيئًا مافي وعاء..ومنشفة موضوعة على رقبته


نقلت نظرها بدهشة نحو طاولة المطبخ لتجد الصحون موضوعة ومتحضرة لملأها بالطعام

وكوبان من عصير الليمون ودورق للماء و


انتبهت لصوته الهادئ وهو يتسائل..

-ها قد استيقظتِ..اغتسلي بينما اضع الطعام


حركت رأسها بدهشة وهي تنظر لملامحه الساكنة...

-لِمَ لم توقظني لأعد الطعام..واعدتهُ بنفسك !


جذب المنشفة عن عنقه ووضعها جانبًا...

-كنتِ نائمة..لم اُريد أن اوقظكِ إلا بعدما اغتسل واحضر الطعام


ثم التفت ليتابع الطعام بينما هي لاتزال واقفة خلفه وهي لا تستوعب تصرفاته الهادئة او مراعاته الغريبة

همهمت شاكرة وهي تتحرك لخارج المطبخ..

-اشكرك..سأغتسل وانضم اليك لأساعدك


اتجهت نحو الحمام لتغسل وجهها ولكن جعدت جبينها بضيق وهي ترى خصلاتها مُشعثة بفوضاوية

هندمته وهي تهمس بضيق وهي تنظر لسعرها...

-إن لم أُمشطك قبل النوم تقف كأسلاك الكهرباء !


ثم حدقت لوجهها المتوهج بإحمرار لتتلمس بشرتها الدافئة لتهمس...

-مابال وجهي متوهج وساخن هكذا


فتحت صنور الماء مره اخرى لتغسل وجهها بماء بارد

انتهت من ضبط هيئتها وخرجت لتتجه نحو المطبخ كي تساعده فيما بقى..ولكنها وجدته جالس أمام الطاولة وقد حضر الطعام بالفعل..ومن الواضح انه ينتظرها ليبدأ تناول طعامه

جلست على مقربه منه ونظرت للطعام الشهي لتُغمغم بجوع ...

-كيف استطعت إعداد كل هذا

هل استيقظت قبل ساعات !


امسك ملعقته ووضعها في الحساء ليقول..

-استيقظتُ قبل ساعتين..ولم اُعد الطعام اليوم

كان الطعام مُجمد ولم افعل سوى تسخينه فقط


حركت رأسها بإدراك وبدأت بتناول الطعام بصمت وكذالك هو..قطعت الصمت بعد دقائق طويلة وهي تقول بجفاء...

-الخالة عزيزة تُدللك بدرجة كبيرة


توقف عن تناول الطعام ورفع رأسه لها بتساؤل صامت..لتبتسم ساخرة وهي تُشير للمائدة..

-تُعد لك الطعام الجاهز لتأخذه معك لمدينة اخرى

ولكن من الآن لا داعي لتتعب نفسها..ها قد جائتك الزوجة الذي ستعد كل طعامك..انها مهمتي الآن


جعد جبينه وهو يردد خلفها..

-مهمتك !


حركت رأسها بإيجاب وقد بدأت الحديث بحدة ساخرة..

-ولِمَ تزوجتني ياترى..لأحضر لكَ طعامك وأغسل ملابسك وانظف وبآخر الليل اعطيك الفرصة لنُنجب طفل صغير اهتم به هو الآخر ومُكافئتي مقابل ذالك الطعام الذي آكله والبيت الذي يأويني وأكون ممتنة لك..اليست تلك مُهمات الزوجة


امسك المنديل ليمسح فمه ويقول بهدوء..

-انا من أعد الطعام واجمده..لقد انتهيت

اكملي طعامك واغسلي الصحون بعدما تنتهين


ثم وقف ليخرج من المطبخ مبتعدًا عنها

بينما هي ابقت عيناها على أثره لتغمض عيناها بضيق من نفسها..لِمَ باتت تُلقي بالحديث الأهوج

بدلاً من أن تشكره أنه لم يوقظها وأعد الطعام بنفسه

تنعته بالمُدلل !


تأوهت بضيق لتهمس لنفسها...

-مادخلكِ انتِ إن كانت والدته تُعده أم هو


فقدت شهيتها لتقف وتُلملم الصحون..ثم بدأت بغسلها وتجفيفها وعيناها شاخصة في الفراغ..تحاول أن تؤذيه بكلماتها كي لا يؤذيها بأفعاله كما كان يفعل غريب..تجعد وجهها بألم وهي تتذكر خنوعها وطاعتها العمياء له..وكأنها جارية اشتراها من سوق النخاسة

وليست إمرأة لحمًا ودم..وبدلاً من أن تثور عليه

كانت تنكس رأسها مغمغمة تلك الكلمة البغيضة

"مفهوم" وكأنها جُندي من أسرى الحرب


بينما توفيق الذي بعاملها بلين وهدوء تُلقي له بكلمات مسمومة الغرض منها إحراجه والتقليل منه..هل فقدت عقلها وتعاقبه على لطفه معها !

جففت يدها وقد حسمت امرها..ستعتذر له عن افعالها الغير مقبولة..من الآن ستحاول إغلاق فمها كي لا تُلقي على مسامعه كلمات مسمومة جائت من رواسب الماضي


بالفعل خرجت من المطبخ واتجهت نحو غرفة الجلوس..لتجده جالس على الأريكة وعيناه مُثبتة على ساشة التلفاز وهي تعرض أحد الأفلام القديمة على مايبدو


اقتربت منه وجلست على المقعد المجاور له ولازال هو ينظر للشاشة ولا يعرها أي انتباه او حتى نظرة عابرة..لتُغمغم بخشونة...

-انا..انا أعتذر إن كان حديثي ازعجك

لم أكن اقصد أن اكون حادة وكلماتي صلفة ولكم


قاطعها ولازالت عيناه مُسمرة على الفيلم..

-لا مشكلة


توقفت عن الكلام وفتحت فمها بضيق لتقول..

-لا مشكلة !

أنا احاول الإعتذار وأنت تقابلني بهذا الصمت البارد

جئتك اقول اني أعتذر وترد على بلا مشكلة !


نظر لها بإنزعاج ليقول بهدوء..

-نعم اقول لا مشكلة لتكفي عن الكذب ياسندس

انتِ عنيتِ كل كلمة تفوهتِ بها..صورتي زواجنا بأبشع الصور وكأنه مصلحة..وليست مصلحة متبادلة ايضًا  بل من طرفٍ واحد وهو أنا


عادت الدماء تفور في وجهها لتقول بحدة..

-أليست هذة الحقيقة !

انت تزوجتني لأجل متعتك الجسدية و..


قاطعها وقد ظهر الغضب في عيناه ولكنه تحدث بهدوء حاد..

-إن كنت تزوجتكِ لمتعتي الجسدية كان من المفترض أن تكوني في الفراش الآن

اتمنى أن تغلقي فمكِ عن كلمات تصورني كأنني حيوان..وانكِ جارية


ثم نظر للتلفاز من جديد وهي مصدومة تطالعه بشعور من الخجل والغضب..لتنتفض متجهة الى الغرفة كي تنفرد بنفسها وتحاول ضبط لسانها وتنظيم أفكارها المندفعة

وعاد الندم يراودها من جديد..مالذي فعله لتقول له انه لا يهتم إلا برغباته الجسدية وهو لم يحاول الإقتراب منها من الأساس


لِمَ رمته بهذا الإتهام الباطل الذي يصوره وكأنه حيوان كما قال تمامًا !

تنهدت وهي تُلقي برأسها على الوسادة هامسة بإرهاق...

-ما خطبكِ ياسندس..رأسكِ صقيل ولسانكِ حاد

اشعر أنني لستِ بخير ابدًا


تأوهت وهي تمسد رأسها بألم..

-اود النوم من جديد..والذي يحدث لي


اتمت جملتها وعيناها تُطبق بإرهاق ونعاس وغرقت بعالم آخر..والوجوه تتداخل ببعضها

نسمة وغريب ووالدتها وهالة وعفاف أحاديث كثيرة

وكلمات تتكرر على عقلها..وضربات تتلقاها من غريب تجعلها تتأوه بألم ودموعها تهبط آكثر

صفعاته تلسع جلدها..وكلماته الغاضبة تصدح في أذنها بقسوة

"انتِ طالق ومحرمة عليّ كأمي واختي

هل ارتحتِ الآن طُلقتي ليلة زفافك..هل تأكدتي اني رجلاً الآن"


ثم ضرباته بدأت بالتوافد عليها وكأنه ثور رأى علامة حمراء وافرغ فيها جنونه..ومع كل ضربة كانت تتنفس بإرتجاف وروحها بدأت تفارق روحها

وكلمة يتيمة تخرج من شفتيها المكدومة وهي تُتمتم...

-إبتعد عني..لا تضربني ياغريب


ظلت تردد كلماتها بهلوسة ويدان تثبتانها بقوة

وصوت حنون هادئ يدخل بين كوابيسها كامياة عذبة

-اهدأي ياسندس..انا جوارك انا توفيق زوجك


بدأت حركتها العنيفة تهدأ وهي تهمس بأنفاس منتهية..

-تـ..توفيق


ثم غابت عن الوعي من جديد

بينما هو جالس جوارها يربت على يدها برفق

ويده الأخرى تضع منشفة مُبللة على جبينها كي تنخفض حرارتها المُرتفعة..ليتطلع اليها وهو يغمغم ببهوت...

-في صحوكِ ونومكِ تُعذبين نفسكِ بالتذكر ياسندس

وكأن غريب مختلط بدمك


اشاح وجهه عنها وتنهد ولازالت هي مُمدة بسكون

والحُمى تُفقدها رشدها..وتُلقيها لكوابيسها اللعينة

                             ***

آه يا حلوة..ياللي نسيتني

عمرك ما عرفتي..شو كان علي بالي زمان

آه يا حلوة، لو تجوزتيني..

كان جد عرفتي بها الدنيا

مين حبك إنسان..

ولشو زمان على ها الأيام 

ومشتاق لأيام زمان مشتاق


رنت كلمات الأغنية في المذياع الموضوع جوار فراشها..وهو يقف أمام الشرفة يحدق في السماء الواسعة...وهي لازالت نائمة على الفراش بسكون

وقد بدأت حرارتها بالإنخفاض وبدأت الحمى بالإختفاء بعد ساعات طويلة من نومها المُتعب

آناتها بدأت تجلب إنتباهه..ليلتفت لها ويجد وجهها لوحة من الألم والغضب..وكأنها تقاوم أحدهم في كابوسها


جلس جوارها ومسح على رأسها وهو يهدهدها

لتستفيق من ذاك الكابوس..في الواقع

مر يومان وهي تحت تأثير الحمى وكوابيسها الكثيرة

تعلقت عيناه بوجهها الشاحب..ليمرر يده على بشرتها بشرود والاغنية تصدح من جديد


آه يا حلوة

شو عذبتيني..وأنا اللي معمر

ليكي ببالي بيتك بولاد


آه يا حلوه

شو وجعتيني..من بين هالناس

 إخترتي لك شي غيري رجال


ليش الزعل؟ وليش اللوم؟

أنا اللي عشت سنين مشغول

أنا اللي نسيت رضا المحبوب

يا ريت أيام زمان تعود


رقت ملامحه وهو يتذكر لقائهم الثاني منذ سنوات

في سنته الثالثة في الجامعة..حينما جاء للبلدة في إجازة ويدعوا الله أن يراها من جديد

وبالفعل اثناء سيرة جوار منزل حكيمة كان الباب مفتوح نسبيًا..ليقترب كي يطرق الباب

لتقع عيناه عليها وهي تقف في الشرفة الداخلية

تسقي الأزهار وتبتسم..كما رأها أول مره


ولكن الآن كبرت عدة سنوات اضافية

جعلت حُسنها يظهر كاشمس ساطعة

كانت لا تقل جمالاً عن تلك الورود الرائعة


تحشرجت أنفاسه ورفرف قلبه ببهجة..لهفته تزداد

وحبه يتضاعف أكثر وأكثر..

ولم يتحرك من أمام المنزل إلا حينما اختفت بين الجدران...واخذت قلبه قبل أن ترحل


في ذات اليوم ذهب لجده بلهفة ليتصل بالخالة حكيمة لتأتي مع سندس..تجعد وجه الجد بضيق ليغمغم...

-لن تستطيع المجيئ يابُني..تُجهز لخطبة إبنتها

انسى الأمر ياتوفيق عوضك الله خيرًا منها


وقتها شعر وكأن جده صفعة بقسوة..ليُغمغم بعدم استيعاب..

-ولكن ياجدي..أنت أخبرتني أن أنتظر وستخبر أباها عني حينما انهي عامي الثالث..وسأتزوجها بعدما انهي عامي الخامس..كيف..كيف 


لم يستطع قول كلمة "يأخذها آخر"

لم يستطع أن يستوعب انه أنتظرها عامين وجاء آخر ليأخذها منه ببساطة..سحب بساط أحلامه من أسفل قدميه


ليسمع صوت جده يقول متنهدًا بضيق..

-حادثت اباها..وقال أن الفتاة مُقدرة لإبن عمها منذ أن كانت طفلة هو انتظرها كل هذة السنوات


إندفع توفيق ليقول بغضب مكبوت..

-ماهذة العادات البالية..فليأخذ برأيها قبل أن يرفض

هل هي قطعة أرض تُباع لمن يحجزها أولا


قاطعه الجد بهدوء...

-الفتاة موافقة على إبن عمها..وتحبه


الى هنا وانتهى الأمر..قلبها ملكًا لآخر

مُجبر على تقبل رفضها..وخسارته

غمغم بكلمات خافتة وسافر في اليوم التالي

لم يستطع تقبل وجوده في المدينة بوقت خطبتها

وحاول تجاوزها والمُضي بمستقبله..


وحينما أتم دراسته الجامعية سعت والدته بجد كي يتزوج

ولكن لم يُفلح الأمر...سندس اغلقت قلبه وغلفته بطريقة مُحكمة كي لا تستطيع انثى آخرى أن تلمس قلبه ونجحت بجدارة


إستفاق من ذكرياته حينما تململت من يده التي تداعب وجنتها بإلحاح..لينخفض ويطبع قبله طويله على وجنتها هامسًا بشرود ...

-كيف لقلبي أن يحتوي كل هذا الحب لكِ ياسندس


حاصرته مشاعره من كل إتجاه

لينتزع نفسه ويخرج من الغرفة..عليه أن يحظى بحمام بارد كي يطرد إرهاق يومان وهو جالس جوارها يتابع حالتها الصحية..يجب أن يستفيق ليعطيها دوائها وإن لم تنخفض حرارتها سيأخذها للمشفى كما اخبرته جارته الطبيبة التي فحصت سندس

"إن زادت حالتها سوءًا فالأفضل أن تتلقى الرعاية في المشفى "


وهكذا مر يومان وهو يهتم بها ويطعمها ويهتم بدوائها..ولكنها كلما تستيقظ تكون مشوشة غائبة عن الوعي..تأكل بصعوبة شديدة وتنام بتعب ليبدء هذيان كوابيسها


انهى تحضير ملابسه ومنشفته وخرج من غرفته

ليجدها تسير في الردهة بترنح..ولازالت تحت تأثير المرض..توسعت عيناه وهو يراها تنهار ارضًا 

ليتجه اليها سريعًا يحملها بقلق...

-سندس انتبهي..لِمَ فارقتِ الفراش !


كانت تتمسك به بوهن كي لا تسقط مره اخرى

لتقول بهذيان وعيناها تُغمض...

-أود الذهاب للحمام


غمغم بإيجاب وأخذها للحمام وانزلها ليجدها تترنح من جديد ليثبتها بذراعيه...واخيرًا استطاعت الوقوف

ابتعد عنها خطوة بعدما ترك معصمها

ليجدها تنهار ايضًا وهي تهمس بألم..

-اشعر بالدوار..سأتقيئ بأي لحظة


امسكها مره اخرى ليتجه بها نحو المغسلة وأمسك رأسها الدافئ ليقول...

-لا تدعي جسدكِ يتشنج..انا أمسك بكِ


همست بصوت متقطع وغثيان..

-سأتقيئ ..سأقع ارضًا ياتوفيق


-لا عليكِ انا امسك بكِ جيدًا

بعدما اتم كلمته اندفعت تتقيئ بألم وتقزز

وهي ترتجف بين يداه وقد بدأ جبينها بالتعرق

ليربت على ظهرها كي تهدأ ليسمع تهمس..

-اخرج واتركني..انا متقززة من نفسي


لم يتركها أو يرد عليها لتأتيها موجه غثيان قوية وتنحني لتتخلص من ألم معدتها وهو يحاوط ظهرها الى أن انتهت ليفتح الصنبور ويغسل وجهها ويداها

وهي تتململ بين يداه بإعتراض ضعيف


ولكنه كان صامت لا يأبه بتذمرها..ليجفف وجهها

لتقول بخفوت وهي تستند للحائط..

-اخرج واتركني


عقد حاجبيه بإعتراض لتقول بخفوت مُتعب..

-أود إستعمال الحمام..وبالطبع لن افعل هذا وانت تقف أمامي هكذا


وجهه الصلب أنبأها أن تركه لها في هذة اللحظة من المستحيلات لتقول بإعياء...

-ارجوك اخرج أكاد اقع ارضًا

اعطيني بعض الخصوصية


ولكن الرفض كان قاطع لتتنهد بغضب

وانتهي الأمر به وهو يقف خارج الحمام بعدما اشترط أن يبقا باب الحمام مفتوح..واشترطت أن يعطيها ظهره ولا يخطو لداخل الحمام ولو خطوة


وبعد وقتٍ قصير كانت بين يداه يحملها كي تشغل فراشه في غرفته لتهمس متذمرة...

-لِمَ لم تضعني في غرفتي


دثرها جيدًا ليقول بهدوء...

-فراشك متعرق نامي هنا الى أن اغير اغطية غرفتكِ

استرخي الى أن احضر الطعام لتأخذي دوائك


ارخت رأسها على الوسادة لتقول برفض...

-لا اود الأكل سأصيب بالغثيان مره اخرى


لم تتلقى رد..لترفع رأسها عن الوسادة لتجد الغرفة خالية..لتضع رأسها على الوسادة من جديد وتهمس..

-هدوء هذا الرجل وعناده سيقتلاني بلا شك

لا يُجيد سوى الصمت والعناد..واللطف


صمتت لثوان وعقلها يسترجع وجهه من وسط ضباب الذكريات وهو يعتني بها وكأنها ابنته وليست زوجته

نظرت لملابسها الثقيلة..وتفحصتها لتقول بوجوم..

-والتطفل والوقاحة..بدل ملابسي ايضًا !


رأته يدلف للغرفة وهو يُمسك بطاولة طعام صغيرة

ليضعها أمامها قائلاً...

-اعتدلي لتتناولي الطعام


احتد وجهها لتندفع صارخة..

-هل بدلت لي ملابسي ايضًا !


امسك كتفاها ليجلسها بقوة زيقول بذات الهدوء..

-ارى أن بقائك بملابس متعرقة ومبتله

افظع من تبديلي لملابسك..هيا ابدأي الأكل


توهج وجهها بإحمرار مجنون لتقول بحدة...

-ياالله..سأموت غيظًا منك


تنهد لينظر لها بصبر ويشير للطعام..

-افضل من موتك بالحمى..لذا اغلقي فمك الثرثار ياسندس وابدأي بالأكل


-وهل تزعجك ثرثرتي !


اقترب منها وامسك الملعقة ليملئها بالحساء ليقول بنفاذ صبر..

-لن اكذب عليكِ وأقول لا..نعم تزعجني ثرثرتك وكلماتك المندفعة 


وجه الملعقة ليحشرها بفمها حينما حاولت الحديث

لتمضغ الطعام بقوة وتقول بغيظ..

-إذًا لن اتوقف عن الحديث إلى أن بنفجر رأسك

كما تكاد تقتلني بهدوئك واستفزازك لي


إبتسامه صغيرة نمت على شفتيه وهز رأسه بلا فائدة

وهو يطعمها بصمت..وهي تمضغ الطعام وتُلقي بتعليقات طفولية لاذعة عن وقاحته وعدم إحترامه لمساحتها الشخصية..

                             ***


عطرها الجافي

الجزء الثاني من جفت ورودها الحمراء 

الفصل الثامن

.....................................

استيقظت باكرًا بعدما تعافى جسدها من الحمى وذالك بفضل توفيق الذي لم ينفك عن الإعتناء بها لدرجة إجبارها على الإستحمام بمنتصف الليل

عند هذة الذكرى أبعدت الشرشف عنها بحدة...وهي تتذكر ليلة أمس حينما ارتفعت حرارتها من جديد

سمعته بوضوح وهو يقول...

- حرارتك ارتفعت مره اخرى سآخذك للحمام كي احممك و..


انتفضت من الفراش سريعًا وهي تضع يدها على وجهها قائلة بتقطع..

-لم ترتفع..انا..بخير تمامًا


هز رأسه بنفي وانخفض ليضع ظهر كفه على جبينها ليُغمغم عابسًا...

-بلى حرارتك مرتفعة..ستتحممين ثم نذهب للمشفى كي تتلقى رعايتهم و..


صرخت بحدة وهي تجذب من يده الشرشف...

-انا بخييير يارجل اخبرك انني بخير..كيف لك أن تقول احممكِ هذة..كنتُ أعلم انك شخص مُنحرف هدوئك هذا لم يخدعني


رفع حاجبه بإستنكار وعقد ساعديه ليقول...

- اممم..منحرف،هكذا إذًا !


تحرك نحوها وجذبها من أسفل الشرشف..

-كنت أنوي أن اجعلكِ تتحممين مُنفردة

لكن لابد من تهذيب كلماتك المُندفعة

وسأحممك بنفسي


حاولت التخلص من يده بوهن هاتفة برجاء...

-اقسم أنني لا أستطيع الوقوف على قدمي حتى


حملها رغم مقاومتها وكاد يتحرك وهو بغمغم بهدوء..

-وهذا ايضًا سبب وجيه كي احممكِ بنفسي


انتفضت بين يداه برفض على حين غفلة لتقع أرضًا ويرتطم رأسها وظهرها  لتتأوه وهي تُمسد ظهرها المُمدد ارضًا...

-هل تنوي قتلي في رابع ايام زواجنا !


انخفض ليجلس امامها ارضًا بضيق...

-سندس انا أكثر شخص صبور قد تريه بحياتك

ولكن في اربعة ايام فقدت استهلكتي كل صبري

معنى هذا أني سأكون أكثر حزمًا معكِ


إعتدلت لتجلس أمامه وقد بدأت قواها الضيئلة تنهار لتهمس وهي تمسد رأسها....

-انت تعاملني بحزم بالفعل..أكثر من هذا ستكون قاسيًا يازوجي...آااه اشعر بدوار عنيف


وقف وانحنى ليحملها من جديد ليقول بحزم وقد بدا مُخيفًا لها في هءة اللحظة...

-سآخذك للحمام وأملئ المسبح بماء بارد

وسأترككِ لتخلعي ثيابك وتجلسين بالماء

ولكن ياسندس اقسم بالله إن غشيتني

سأدلف وأضع رأسك تحت الماء بنفسي

وانتِ عارية


انكمشت بين بداه مُرددة خلفه بذهول...

-عارية !


حرك رأسه بثبات وردد بقوة...

-نعم عارية تمامًا ايضًا


استفاقت من شرودها وهي تُمتم بخفوت...

-ذاك المُتجبر..يعتمد على قوته الجسدية

محاولة مقاومته وكأن صرصور يُزيح جبلاً


-من الصرصور انتِ

انتفضت بفزع من وجوده المفاجئ..

لتجده أمامها عاقد ساعديه ويرفع حاجبه بتساؤل

 تأوهت وهي تضع يدها على قلبها لتقول بإرتجاف...

-هل تنوي إصابتي بسكتة قلبية !

افزعتني لِمَ لا تطرق الباب ككل البشر


أشار لنفسه بهدوء متسائل...

-انا افزعتكِ..لا اظن ان هذا سيكون رأيك حالما تنظرين للمرآة وتدركين من منا المُفزع الحقيقي


جعدت وجهها بحنق وهي تبعد الشرشف عنها وتهبطت من الفراش متجهة نحو المرآه

رفعت حاجبها ساخرة وهي ترى إنعكاسها مُشعثة الشعر وكأنه كومة من القش المُبعثر

التفتت له ببرود وهي تمسد على خصلاتها وتعدلها عن وضع الأسلام الكهربائية...

-انا معتادة على هذا الشكل كل صباح

فالمشكلة مشكلتك أنت..عليك الإعتياد

ثم انك تغزلت بي سابقًا..أم انك كنت تكذب


حرك كتفيه ببساطة وغمغم...

-انا تغزلت بخصلات ناعمة مُرتبة

لم اتغزل بهيأتك المُشعثة تلك


امسكت شعرها لتقول بحدة...

-خصلاتي لازالت ناعمة..ولكني كثيرة التحرك في الفراش ويتشعث شعري سريعًا.. وخلال ثوان سيعود ذاك الشعر الذي تغزلت به 


إبتسم واطرق رأسه لعدة ثوان قبل أن ينظر لها من جديد ويقول برفق...

-مُشعثة أو مُرتبة انتِ جميلة بكل الأحوال


تصنمت للحظات وهي تنظر له بتفاجؤ

وتهدل كتفيها عن وضع الهجوم وهي تحدق في وجهه الهادئ..ونظرة صادقة تطل من عيناه جعلت إرتباكها يزداد لتُغمغم بخشونة وتفصل تواصلهم البصري...

-اخرج لإبدل ملابسي إذا سمحت


حرك رأسه بإيجاب وخرج ليُغلق الباب خلفه

لتنهار على الفراش واضعة يدها على معدتها هامسة..

-ماذاك الألم الآن بسبب كلمة تافهة قالها !


وعادت الكلمة ترن في اذنها بصوته العميق

"مُشعثة أو مُرتبة انتِ جميلة بكل الأحوال"


تأوهت وهي تضع يدها على اذنيها تمنع الصوت من التردد داخل عقلها لتهمس بضيق...

-هذا تأثير أول كلمة غزل اتلقاها بحياتي..لِمَ اتصرف كمراهقة حصلت لتوها على إعتراف بالحب !


وقفت لتخرج ملابس منزلية مكونة من بنطال وكنزة لترتديهم بعجاله وتخرج من الغرفة متجهة نحو المطبخ لتحضر ما يأكلونه


فتحت المُبرد لترى محتوياته وتخرج البيض والجُبن

والقشطة وبعض الخضروات لتبدء في تحضير فطور متواضع مقارنة فيما يعده هو كل صباح

لم تحتاج للبحث كثيرًا بسبب نظام المطبخ لتهمس..

-رجل مُنظم في هذا العالم !

يالحظي العظيم بزواجي منه


سمعت طرقات رتيبة..التفتت لتراه مستند الى الطاولة وهو يقول..

-ها انا طرقتُ كي لا تفزعي


قلبت عيناها بلا مبالاة لتقول...

-اها نعم احسنت احسنت

اخبرني كيف تُفضل البيض


جائها رده المختصر وهو يقول...

-افعلي ماتُجيدينه

 

بدأت تضع المكونات في الأطباق وقد قطعت الخضروات مُسبقًا..واخرجت الخبز الساخن من الفرن الكهربي لتضعهم على الطاولة لتقول...

-بما أنني لازلت اشعر بالإجهاد حضرت فطور متواضع

من الغد سأبدأ بتحضير الثلاث وجبات لا تقلق


كالعادة تجاهلها وبدأ بتناول الطعام..ولازالت هي واقفة دون حِراك..ليرفع عيناه لها بتساؤل...

-لِمَ تقفين هكذا !


-لم تخبرني بالجلوس لإشاركك الطعام

عقد حاجبيه بدهشة وترك الخبز ليقول...

-وهل تحتاجين أن اخبركِ بالجلوس ومشاركتي الطعام !


دهشته الواضحة جعلتها تشرد في موقف مُشابه

حينما كانت واقفة جوار غريب و رفع وجهه أخيرًا "ليقول بإنتباه..

-قالت أمي انكِ يتشاركيني طعامي..لا أن تحدقي بي دون هدف ياسندس"


"زاد إحمرارها وجلست سريعًا تبرر بإندفاع..

-انتظرتك أن تقول لي ان أجلس"


"التوت شفتيه برضا ليغمغم بهدوء..

-أرى أنكِ تعلمتِ درسك جيدًا"


"عبست وهي تتذكر صراخ والدها حينما كان يأكل طعامه مع غريب..وانضمت لهم بعفوية ضاحكة..ليصرخ بها والدها معنفًا إياها..كيف تجلس على الطعام معهم دون أن تأخذ الإذن من خطيبها"


"غمغمت بخفوت..

-نعم أنا أتعلم سريعًا بشكلٍ جيد"


"جيد..هيا تناولي طعامك"


إستفاقت على يد توفيق وهو يجذبها لتجلس والضيق بادٍ على وجهه ليقول بحزم...

-لا تُكرري ماحدث الآن ياسندس

انا لا املك الحق لأُعطيكِ الإذن لتناول طعامك

انتِ لستِ جارية أو خادمة لتفعلي هذا


تعلقت عيناها بوجهه دون حديث لترتجف يداها

حينما شعرت بتلك الذكرى المُهينة تتلاشى مع كلماته الحاسمة..وكأنها ذرات غُبار طارت في الهواء

وضع الخبز أمامها حينما طال صمتها وظلت ساكنة

ليقف متجهًا للغلاي الكهربي...

-احب تناول الشاي مع الفطور..تُحبين الشاي !


حركت رأسها بإيجاب دون أن تتفوه بحرفٍ واحد

انتهى من إعداد الشاي ليضع الكوب أمامها ويُشير لطبق الجُبن باسمًا...

-لُقمة من الجُبن مع رشفة من الشاي تحصلي على طعم كالسحر..لذالك أحب أن اشرب الشاي مع وجبة الفطور يوميًا


بادلته الإبتسامة بأخرى ضعيفة وهي شاكرة لمحاولته لإخراجها من شرودها..لتفعل مثلما قال وتمضغ الخبز والجُبن ثم تعقبه برشفة شاي..لتتوسع عيناها وهي تقول مؤيدة...

-انت محق الطعم رائع

كنت اظن أن ملوحة الجُبن

 مع المذاق الحلو للشاي سيكون سيئًا !


إبتسم وتابع تناول طعامه ليقول..

-يتلائم كل ماهو مختلف ياسندس

الإختلاف يُعطيكِ نكهة جديدة

انا التطابق لا يُعطي سوى الطعم المعتاد


رفعت حاجبيها وهي تشعر ان كلماتها كالعادة يُقصد بها معنيان..ولكن لم تُعقب حينما رأته عاد لصمته من جديد وكذالك هي

                            ***

في وقت العصر...


تأفأفت وهي تقلب محطات التلفاز بضجر

رنت بطرف عيناها نحوه لتجده لازال يمسك هاتفه

ويكتب ويتلقى الرسائل..وبدى مندمجًا للغاية

لوت شفتيها بضيق لتهمس...

-ملل الزوجية بدأ من الآن..اين انتِ يانوران


 انتبه لكلماتها ليتحدث توفيق بغير إنتباه..

-تودين التحدث مع نوران


غمغمت بضيق...

-اود الحديث مع اي كائن حي

يستطيع إيجاد الحديث بدلاً من الصمت


إبتسم واكمل عبثه بالهاتف ليقول...

-انا صامت لأن و بمجرد أن نبدء بالحديث تبدئين بإلقاء كلمات كطوب البناء 


كتمت غيظها منه ومن إنشغاله بالهاتف لتقول بإندفاع حاد....

- لا تتوهم اني أريد تبادل الحديث معك ،بل أود هاتف كالذي بيدك


جذبت إنتباهه أخيرًا لينظر لها بإستفهام ليلوح لها بالهاتف...

-تودين استخدام هاتفي..أم شراء مثله !


نظرت للهاتف الحديث لتغمغم بضيق...

-انسى الأمر أعلم انك سترفض


نظرت للتلفاز من جديد لتسمع صوته يقول...

-مالذي دفعكِ للتأكد من رفضي !

لا اظن انني رفضت لكِ شيئ سابقًا


-لم ترفض لأنني ام اطلب منك شيئ بعد

وانت لم تسألني إن كنت اود طلب شيئ منك او لا


تنهد بصبر ليقول برفق وكأنه يحادث طفلة..

-ها انا اسألك مالذي تودينه ياسندس

هيا اخبريني


زمت شفتيها وزاغت عيناها لتقول بخفوت..

-انا استعمال هاتفك..وايضا انشئ حساب

على موقع التواصل الإجتماعي لأحادث رفيقاتي

وإن رفضت لا بأس سأهاتفهن كما كنت افعل سابقًا


لم يقابلها سوى بالصمت والتحديق بها بغرابة

ليقول بعد دقيقة...

-لاحظت انكِ تقتنين هاتف قديم الطراز

ألم تقتني هاتف حديث ابدًا ياسندس !


حركت رأسها بنفي وتشغالت بالنظر لأصابعها لتقول..

-لم اقتني حتى هاتف قديم الطراز

امي اشترت ذاك لأحادثها وانا هنا

حاولت مرارًا اقنعها هي وابي وغريب أن اقتني هاتف حديث ولكن غريب كان يرفض بإستمرار كي لا تفسد أخلاقي و..


قطعت كلماتها وهي تشهق بإدراك انها جائت بإسم رجلاً آخر أمام زوجها..رفعت عيناها لتجد يطالعها بهدوء..ولكن نظرته المستائة كانت كافية لتجعلها تُدرك خطئها


اشاح وجهه عنها ليُغمغم بخفوت...

-سأرجع لعلمي منذ الغد..اذهبي وبدلي ملابسك كي نتنزه قليلاً لابد انكِ مللتي الجلوس هكذا


وقف عقب انتهاء حديثه وخطر نحو غرفته

لتطرق رأسها بضيق هامسة...

-اود أن اقسم بكل الكتب السماوية اني لا اتقصد اغضابه ولكن في كل مره اكرر هذا بكل غباء العالم


تنهدت لتقف متجهه لغرفتها كي ترتدي ملابسها 

ولكن اثناء مرورها كان باب غرفته غير مُقغل بالكامل

لتراه عبر شق صغير جالس على الفراش يستند بساعديه الى ركبتيه وينظر أمامه بملامح واجمة


من دون إرادة تحركت نحوه وطرقت الباب ليرفع وجهه لها دون حديث..لتُغمغم بتوتر...

-انا اسفة..اممم..لا أعلم انا في العادة لا اتحدث بإندفاع..ولستُ ثرثارة ايضًا


حرك رأسه بإيجاب ليقول بعد صمت..

-لا عليكِ


رفعت يدها لتمسد رقبتها بغير راحة لتقول..

-مارأيك بهدنة صداقة !


-صداقة !

غمغمت بإيجاب وهي تتلاعب بإطراف خصلاتها

بينما هو يطالعها بإنتظار الإجابة...

-نعم..إن تصرفنا كأصدقاء او كأقارب سنخلق نوعًا من الطاقة الإيجابية..انا اتوتر من الأجواء المشحونة

او ان يغضب مني احدهم..سأحاول ألا اندفع بالحديث مره اخرى


افترت شفتاه عن إبتسامة صغيرة ليقول بنبرة لينة..

-لم اعد غاضبًا وأوافق على إبرام الإتفاقية

ولكن اشك بقدرتك على كبح كلماتك العنيفة


تجعد وجهها بحدة لتقول بإندفاع...

-هكذا إذًا..انا احاول التعاون معك بسبب اعتنائك لي في مرضي ولكنك لا...


توقفت حينما رفع حاحبيه دلالة على إندفاعها من جديد..بكل بساطة بلعت الطُعم وغضبت واندفعت بغباء..لتتنهد بضيق وتقول...

-اووه حسنًا اعدك أنني سأحاول بكل جهد أن افكر بالحديث قبل أن أقوله


وقف بطوله الفارع ليمد كفه باسمًا..

-انا موافق


نظرت ليده ثم لوجهه مطولاً..لتتيه أفكارها به وهي تتأمله بصمت..لأول مره لا تراه ضخمًا يثير بها الخوف..بل وسيم خاصة بإبتسامته اللطيفة تلك

بشرته المتأثرة بلون الشمس..وعيناه اللامعة

خصلاته القصيرةومع ذالك كانت ناعمة كحال كل فرد في عائلة والدتها...اخفضت عيناها لكفه الممدودة

لتصافحه بتردد


اتسعت إبتسامته ليشد على يدها برفق وطال صمتهم

 انتبهت لتحديقهم الطويل لبعضهم لتسحب يدها من كفه بقو مغمغمة بإرتباك...

-اوه..يجب أن اغير ملابسي للنزهة

وانت ايضًا..لن اتأخر


ثم خرجت سريعًا من الغرفة..وعيناه تلاحقها بنظرات مُلتهفة خرجت عن سيطرته وتمردت على هدوئه

ولكن بصعوبه لجمها وتنهد وهو يهمس لنفسه بالصبر..

-بات الوصول وشيكًا ياتوفيق..لن يضرك صبر أيام او اسابيع..لقد انتظرت لسنوات


وجودها في غرفته تطلب عقد صداقة بينهم في حد ذاته إنجاز..رغم انه غير مشجع ابدًا بسبب صمته وهدوئه..ولكنه يُفضل الصمت على أن يسمع مالا يطيقه..خاصة وانها لم تتعافى من الماضي تمامًا


نظر لكفه وضم أصابعه يستذكر نعومة يدها

إسم على مُسمي..سندس حريرية الملمس حبيبة الفؤاد والروح


خرج من غرفته بعدما تأنق وانتظر خروجها من غرفتها..وبالفعل دقائق وخرجت في ملابسها السوداء المعتادة ووشاح وجهها كذالك لتقول بخفوت..

-انا جاهزة


امال رأسه يتفحصها ليقول....

-لا ترتدين سوى اللون الأسود !


اطرقت رأسها بإيجاب وتحدثت بتردد..

-لم يكن مسموح أن اخرج من المنزل بغير الأسود

إذا خرجت من الأساس


فهم تلميحها الخفي ليمد كفه ليها..

-هيا ياسندس دعينا نذهب كي نبدء نزهتنا


لم تكن نزهة بالمعنى الحرفي..بل اصطحبها لمطعم مأكولات غربية ثم بدأت رحلتهم حول المحلات النسائية يبتاع لها كل مايروق له ورغم إعتراضها في البداية مُعللة انها تملك الكثير من الملابس

ولكنه اجابها بهدوء...

"يعجبني كونك محتشمة بل أنا اشد سعادة

ولا أمانع أن ترتدي الألوان الهادئة الغير جاذبة للأنظار

لا يعجبني إرتدائك للأسود بشكل دائم..كما أشعر انه لا يعجبكِ ايضًا "


نظرت له بتشتت واضح لتقول بتقطع...

"ولكن امي وابي و"


شد على كفها ليقول بهدوء...

" لا ارى سببًا لإعتراضهم طالما انكِ غير مُلفتة للنظر سنشتري اللون الأزرق والبُني..وكذالك الوشاح سنشترى منهم ألوان هادئة هيا بنا "


ثم انتهى بهم المطاف في أحد محلات الهواتف الحديثة ليشتري لها هاتف كالذي معه مع مستلزماته

وهي تحدق به بإمتنان وسعادة طفولية

مرت الساعات بسرعة شديدة وحان وقت الرجوع للمنزل..


دلفوا للمنزل منهكين وقد نفذت كل طاقتهم

لتترك الحقائب ارضًا وتبتسم له شاكرة...

-اشكرك على كل شيئ..كنت كريمًا للغاية معي

كلفتك الكثير على مايبدو


التفت لها ومنحها إبتسامته الرزينة وهو يردد..

-فِداك ياسندس..المال وصاحبه لكِ


زاغ بصرها عنه لتغمغم...

-سلمتَ ياتوفيق..أحضر لك العشاء !


حرك رأسه بنفي وجلس على الأريكة وربت جواره..

-تعالي واجلسي لتفهمي كيفية التعامل مع الهاتف


اطاعته وجلست جوار وهي تحدق بالهاتف بحماس

وتحرك رأسها بفهم كلما أشار لأحد الكلمات..ولكن توقف للحظات وهو يتسائل...

-تجيدين اللغة الثانية !


حركت رأسها بإيجاب لتقول باسمة...

-رغم أنني لم اكمل دراستي ولكن حرصتُ على تعلم اللغة الثانية للتعرف على الثقافات المختلفة..قضيت سنوات طويلة في القرائة والتعلم


إبتسم بإعجاب وربت على رأسها مغمغمًا...

-زوجتي الذكية..تودين إكمال دراستكِ ياسندس


خفق قلبها بقوة لهذا السؤال الذي كان بمثابة حلم بعيد لن تصل له ابدًا..لتُشيح وجهها عنه بحزن..

-كنت اتمنى أن ادخل الجامعة كهالة

ولكن...


قطعت حديثها وهي تعلم انه فهم إجابتها بإن غريب منعها من إكمال دراستها بعد نهاية الإعدادية

عقد توفيق حاجبيه وهو يُدرك أن غريب جردها من كل الأحلام والطموحات والرفاهية ايضًا

وضعها في صندوق محكم ولم يبقى لها سوى التسليم بأنه عالمها...كيف يستطيع جعلها تتخطى غريب وحياتها كانت تدور حوله فقط !

                             ***


عطرها الجافي

الجزء الثاني من جفت ورودها الحمراء 

الفصل التاسع والأخير

..................................

جالس على أحد الصخور في المحجر

يتابع العمال وهم يكسروا الحجارة بقوة وعزم لينالوا إعجابة وبعض النقود الإضافية في آخر اليوم

امسك حجر صغير وصغط عليه وهو يقلبه بين أصابعه وهو يهمس...

-لكل جهد ثمنه ياغريب..ولكن ماالثمن الذي اعطيته لسندس طوال هذة السنوات !


تذكر حديث شقيقته حينما جائته عقب الزفاف وهي تحترق غيظًا من سندس لتقول...

"اصبحت حادة اللسان..اطلقت شرارات حقدها علينا حالما تفوهنا بالمباركة وحاولت إذلالي وإذلال اميرة

وبالأخير وقفت ترقص مع صديقاتها وكأنها عروس سعيدة..تلك المشعوذة التي استطاعت جلب بديلاً عنك في ايام معدودة "


غيظ شقيقته لم يكن اكثر من غيظه وهو يسمع بوضوح أن سندس كانت منطلقة قي زفافها

بل وتتبجح بكونها تزوجت إثنين في شهور قليلة

سندس الهادئة الخانعة فعلت هذا !


ليأتيه صوت والدته وهي تقول بهدوء...

-لا تتحدثي عنها بسوء يارضوى..عوضها الله عن ماحدث لها بعد زيجة أخاكِ..توفيق رجل جيد و..


قاطعها حينها بصيحة غاضبة جعلتهم ينتفضون...

-امي


نظرت له عفاف بسكون لتقول بمرارة...

-لا تجرؤ على إسكاتي ياغريب

ستكتوي بنارك كما اكتويت انا بكلمات حكيمة

ستعلم حينها أن الغضب والكبرياء لا يصمدان 

أمام ندم الظُلم وكسر الخاطر


ثم رنت بعيناها لنسمة التي تتابع الحديث بصمت ووجوم لتقول بجمود...

-غدًا ستعض أناملك ندمًا وانت تستوعب انك اسبدلت الذهب بالقشور يابُني


وحينما انتهت زيارتهم له جذبته عفاف جانبًا وتحدثت بجفاء...

-حكيمة قالت لي أنك يومًا ستعلم انك وقعت كالأبله لنسمة..ولا اظن أن كلماتها جزافًا..ابحث خلف زوجتك واعلم مايختبئ خلفها


عقد حاجبيه بحدة ساخرة ليقول

-الخالة حكيمة لا تسأم من كيد النساء

دعكِ من كلماتها..نسمة تختلف عن عائلتها


استفاق من شروده وهو يرمي الحجر ليقف بعدها ليقول لعاكف...

-سأذهب للمنزل لأرتاح أشعر بأن رأسي سينفجر

تابع العمال ولا تتركهم يذهبوا قبل إنهاء العمل


لم يجب بل اكتفى بتحريك رأسه بإيجاب

تنهد غريب بضيق..علاقته بسندس أثرت سلبًا على عاكف وخطيبته العنيدة..لمَ لا يتركها ويريح رأسه منها !...تمتم غريب بسخرية..

-الأحمق يحبها وكأنها آخر امرأة بالكون

مسكين ياعاكف تضع قلبك بين يدي إمرأة لتُدميه بملئ إرادتك الحرة !


اتجه نحو منزله وهو شارد التفكير كالعادة

داخله غضب مكبوت ويدعي البرود والهدوء

كي لا تتقافز الأصابع أمامه وتخبره بوجوب ندمه

كي لا يشعر وكأنه اخطئ ويستحق العقاب


ولكن ماهو العقاب !

قطع شروده وهو يضع المفتاح في الباب وكاد يدلف ولكن سماع صوت حماه يرتفع بتهديد جعله يتسمر في محله...

-اين مال الشهر القادم يابنت..ولا تتذاكي عليّ

هل تحاولين التهرب من إتفاقنا !


سمع صوت نسمة وهي تتحدث ببرود...

-ها قد اجبت على نفسك..مال الشهر القادم

اي أنك لن تأخذه إلا بعدما ينتهي الشهر الجاري

كي لا تأتيني في الشهر الحديد وتطلب مره اخرى


زمجر رضوان وقبض على مرفقها بحدة...

-يالكِ من جاحدة عاقة..تبخلين على اباكِ وامك ببضع ورقات حقيرة بينما انتِ تعيشين في الهناء هنا

ولكن تذكري أننا من ساعدناكِ لتكوني في هذا الدار


جذبت نسمة مرفقها منه وتحدثت بحدة مماثلة..

-لن تكف عن تكرار ذكر ماحدث..اخبرتك ألا تأتي بماحدث ولو بينك وبين نفسك..وإلا تذكر أنك ستكون أول الهالكين عندما اعود لك مُطلقة


تأفأفت حينما قال بضيق...

-لا تُشعريني انني اخذ من مالكِ الخاص

هذا مال زوجك وانتِ تعطيني ثمن 

فضلي عليك


مع كل كلمة بين رضوان ونسمة كان وجه غريب يتوحش ويزداد غضبًا..ليسترجع كلمات والدته مره اخرى وقد بدء يفهم ان هناك شيئ خاطئ

"حكيمة قالت لي أنك يومًا ستعلم انك وقعت كالأبله لنسمة..ولا اظن أن كلماتها جزافًا..ابحث خلف زوجتك واعلم مايختبئ خلفها"


تقدم منهم بخطوات سريعة لتشهق نسمة بجزع وهي تراه بينهم وعلامات الغضب على وجهه واضحة وضوح الشمس..ليغمغم رضوان سريعًا وهو يتحرك للخارج...

-كيف حالك يازوج ابنتي جئتُ كي اسلم عليكم ولكن الآن يجب أن ارحل و...


قاطعه غريب وهو يصيح بحدة...

-رضوااان قف مكانك


وقف رضوان والتفت له ينظر لنسمة كي تخلصه منه

لتقترب نسمة من غريب وتغمغم بتوتر...

-اجلس لأُعد لك الشاي..وابي سيذهب فـ..


صفعة ثقيلة هبطت على وجهها تبعتها زجرة حادة..

-اجلسي مكانك الى أن انتهي من اباكِ


شهقت باكية وهي تضع يدها على وجنتها التي استحالت للحمرة لتنتفض بفزع حالما صرخ فيها...

-اجلسي


جلست على الأريكة واناملها ترتجف بخوف حقيقي

ودموعها تتوافد كأمطار في ليلة مُظلمة لتسمعه يقول لأباها...

-ماقصة المال ياحمايا العزيز

هل تسرقني أنت وابنتك..وماهو الأتفاق

وماهو الفضل الذي فعلته لها لتكون زوجتي

هيا تحدث أنا اسمعك بوضوح


حركت نسمة رأسها خفية تُنهي أباها عن التحدث بالحقيقة وفهم إشارتها لينظر لغريب ويقول بهدوء..

-انت فهمت حديثنا بشكلِ خاطئ ياغريب انا...


قاطعه غريب وهو يجلس ويقول بحدة ساخرة..

- لنبرم إتفاق سأعطيك ثلاث أضعاف ماكانت ستعطيهِ لك

ولكن تحدث بالحقيقة..أما لو كذبت فعلم انك

ستُزج في السجن..مارأيك في هذة الصفقة 


شحب وجه نسمة وأغمضت عيناها بقوة وهي تعلم أن اباها الجشع سيوافق بلا شك كانت موقنه للسيناريو الذي سيجري بعد دقائق..لتسمع صوت والدها يقول بحذر....

-وماضمان حديثك هذا

ماالذي سيضمن لي انك لن تعطيني المال وتطلق ابنتي بعدما انتهي من قول ماتريده


ضحكة هازئة خرجت من فمه لينظر لنسمة الشاحبة ليقول بحدة...

-وهل تحسبني مثلكم رجال بلا كلمة !

كلمتي ضمان يارضوان..لا تقلق ابنتك لن تصبح مُطلقة لا ضمان عندي سوى كلماتي تلك


صمت رضوان للحظات ونظر لنسمة لثوان قبل أن يبتسم ساخرًا...

-سأقص لك كل ماحدث ولكن اعطني المال اولاً

كانت تعطيني ألفي ورقة كل شهر


-لا مال ولا خروج من هنا قبل أن تتحدث لا تضيع وقتي ووقتك أكثر


ثوان معدودة وانطلق رضوان يقص كل ماحدث

من بداية حديث نسمة معه برغبتها بالزواج من خطيب فتاة تبيع لها الملابس.. وطلبها مساعدتهم مقابل مساعدة مالية ستعطيها لها كل شهر وإلا ستتوقف عن التجارة وتكون حمل زائد عليهم...وبدأت بوضع خطة منظمة ليكون غريب زوجها بأقرب وقت..


صرخت نسمة بإنهيار وهي تصيح..

-لا تصدقه ياغريب هو يقول ذالك لإجل المال

هل نسيت انه ضربني امامك ورفع السين و..


قاطعها غريب وهو يسأل رضوان بجمود..

-وإبن اخاك الذي كنت ستزوجه لها بالغصب

هل كان مشترك معكم في احتيالكم !


طأطأ رضوان رأسه وهو يغمغم بضيق...

-كنت ادين له بمبلغ كبير وكان يود إستعادة ماله بأي ثمن ..عرضت نسمة عليه الأمر ووافق مع آخذه لفوائد زائدة للمال وبالفعل أخذ نصف مهرها


ضحك غريب وهو يحرك رأسها يمينًا ويسار

ليغمغم بخفوت ساخر...

-ياالله...حفنة فاسقين اغبياء استطاعوا السخرية مني وكأني مغفل ساذج


كانت شهقات نسمة ترتفع ويداها ترتجف بجنون والعرق يتصبب على جبينها بغزارة..لينظر لها غريب للحظات وعاود الضحك وهو يستوعب انه وقع في شِرك فتاة لم تتجاوز العشرين من عمرها...حقًا !


وقف وتحرك داخل غرفته بصمت..لتنظر نسمة لأباها بغضب وانهيار...

-لمَ اخبرته ستهدم بيتي فوق رأسي لأجل المال !

الست ابنتك ألا يهمك سوى المال اللعين فقط


قلب رضوان عينه بضيق واقترب منها مغمغمًا بخفوت...

-ياغبية سيغضب يومان أو ثلاث وينسى الأمر

ثم انكِ ام إبنة لن يجازف ويطلقكِ..ولكن المال الذي عرضه عليّ لن يُعوض سنكون سعداء بهذا المبلغ لعدة ايام 


تهدل كتفاها ونبشت اظافرها في كف يدها لتقول بصوت مُرتجف مُنكسر ودموعها لا تنضب...

-تبني سعادتك على تعاستي ياابي

هل نُزعت الرحمة من قلبك لهذة الدرجة !


صمت رضوان للحظات واحتد وجهه ليقول..

-سبق وهدمتي حياة فتاة وبنيتي سعادتك على تعاستها...انسيتِ انكِ من جعلتنا نُشيع عنها انها فتاة بلا شرف وأن زوجك طلقها لأنها فاسقة..الم تكوني منزوعة الرحمة حينها يانسمة !


-عائلة بلا شرف..خذ مالك واخرج من هنا 

انتفضوا على صوت غريب خلفهم وقد سمع مادار بينهم من لحظات ليُلقي حفنة أوراق مالية ارضًا

لتتناثر تحت قدم رضوان الذي انخفض ليلملمهم سريعًا ويخرج قبل أن يفقدهم من جديد


وقفت نسمة وهي تمسح دموعها لتقول بتحشرج..

-غريب اسمعني ارجوك لم أفعل هذا إلا بسبب حُبي لك..اقسم بالله مافعلت هذا إلا لحبي صدقني


في هذة اللحظة لا يرى سوى انه كالأبله..دمر زواجه لإجل محتالة تود سحب ماله بمساعدة عائلتها الجشعة...هل هو غبي لهذة الدرجة..كم سخروا منه !

كم ضحكوا على سهولة وقوعة في شِباكهم كاحيوان غابة ضعيف

كان يحدق في الفراغ بصمت ووجهه يعبر عن تفكيره

لتقترب منه نسمة وتُمسك يده لتقول برجاء باكي...

-انا احبك ياغريب..لم استطع سوى حبك من حديث إبنة عمك عنك..وقع قلبي لك كلما كانت تُعدد مزاياك

صرتُ اذهب إليها بحجة بيع الملابس ولكنني كنت التهف للسماع عنك..رأيتك كثير عليها فتاة ضعيفة لا تليق بكَ ابدًا..ارجوك لا تنظر لي هكذا وافهمني


نزع يده منها ليهوي بصفعة عنيفة على وجهها وهو يصرخ بجنون وقد تخلى عن جموده...

-اغلقي فمك القذر ياوضيعة..جئتيني ترتجي مساعدتي كنتِ تبكين وتتوسلين..وُضعت السكين على عنقك وكنتِ ترتجفين بخوف..كنتِ تكذبين وتصطنعي ..تمثلين عليّ كل هذا الوقت !


امسكت يده سريعًا قبل أن يصفعها مره اخرى وانهارت باكية بقوة وهي تقول سريعًا...

-ليس تمثيلاً اقسم بالله..كان يضربني في كل يوم

وكاد يقتلني عدة مرات حينما امتنعت عن العمل

اقسم بالله انا لا اكذب الآن..كنتُ اعيش حياة تعيسة

ورأيت فيك ملاذي وخلاصي منهم..ارجوك ياغريب اغفر لي ماحدث..تعال لنبدء من جديد نطوي الصفحة القديمة..سيأتينا طفل وسنكون سعداء معًا 


جنونه لم يختفي أو حتى يقل لينهال عليها بالصفعات والضربات القاسية وهي تئنُ بألم

وتبكي راجية بين يداه...

-ارجوك توقف انا حامل..ستقتلني ياغريب


ومع كل ضربة كان يتذكر فتاة اخرى..كان يضربها بنفس العنف وهي تبكي وتترجى أن يتركها..فتاة طلقها وتركها من تحت رأس تلك الشيطانة التي تبكي بضعف الآن...صرخت بقوة حينما تدافعت ضرباته اكثر....

-انا هربت بزواجي منك من ضربات ابي

لا تضربني لقد شبعتُ الضرب بسنوات عمري بأكملها

استحلفك بالله أن تتركني ارجوك


ضاعت توسلاتها حينما تأكدت أن هذا الثور المندفع لن يهدئ إلا بعدما يفرغ كل طاقته فيها..ويهدئ الجنون في عيناه...ومضى وقتٍ طويل ولم يهدئ

إلا حينما فقدت وعيها ورأي الدماء تُلطخ جزئها السُفلي..وتعلن عن خسارة قاسية


                             ***

بعد مرور ستة أشهر


انتفضت من فراشها بفزع وهي ترفع يدها المُرتجفة الى جبينها تمسح حبات العرق الباردة لتهمس بصوتٍ مهتز...

-اعوذ بالله من الشيطان الرجيم

كان كابوس ياسندس اهدئي


تحسست حنجرتها وهي تشعر بالإختناق..لتتحرك من الفراش سريعًا لتجلب بعض الماء ليُبدد جفاف حلقها

خرجت من الغرفة متجهة نحو المطبخ وظلام الشقة يُزيد إرتجافتها وحينما ضغطت زر الإنارة في المطبخ صرخت منتفضة برعب


لينتفض توفيق هو الأخر من صراخها

ليجدها تتهالك ارضًا وهي تضع يدها على قلبها هامسة بتقطع وقد شحب لونها...

-ستقتلني ياتوفيق


وقف واتجه اليها بقلق لينخفض لها قائلا...

-لمَ كل هذا الفزع !

اهدئي وجهك شاحب للغاية


حاولت أن تهدئ وتنظم أنفاسها ليربت على يدها برفق...

-الساعة شارفت على الرابعة فجرًا لمَ استيقظتِ الآن !


مسحت وجهها وهي تتنهد بتقطع...

-استيقظت اثر كابوس سيئ وشعرت بالعطش

المفترض اسألك انا لمَ انت جالس في الظلام كالأشباح ولديك في الصباح عمل..اتراهن على موتي !


إبتسم وهو يساعدها على الوقوف ليغمغم بحرج...

- لي عادة غريبة..حينما اعجز عن النوم واكون مستغرق في تفكيري احب أن اجلس في الظلام..وخاصة في المطبخ ولا تسأليني لِمَ لأنني لا أعرف السبب


حركت رأسها بإيجاب لترد بخفوت...

-جميعنا نملك عادات غريبة لا داعي لحرجك

لم اعتاد رؤيتك بوجه متورد هكذا


ضحك وهو يحرك رأسه بنفي ليقول...

- انت لا تحاولين إزالة الحرج ابدًا هكذا


شاركته الضحك ليجلب لها كأس ماء ويقول...

-ألا تقرأين أذكار النوم..تمنع الكوابيس واي شيئ سيئ خاصة ان كوابيسك تبدو مُرعبة


ارتشفت الماء على ثلاث مرات لتقول بعدها بتنهيدة متعبة...

-أكثر من مرعبة..ولكن انت محق حينما انسى الأذكار ارى الكوابيس ولكن كيف علمت !


سحب المقعد ليجلس جوارها....

-لم اتركك وانتِ مريضة ورأيت فزعك في نومك

وتأكدت انكِ ترين كوابيس سيئة من هذيانك


عقدت حاجبيها بدهشة لتقول...

-هذياني..ومالذي كنت اقوله


طال صمته وهو ينظر لها بهدوء ليقول بعد ثوانٍ طويلة...

-كنتِ تأتين بإسم غريب..وتقولين ارجوك لا تضربني

وكذالك اتيتِ على ذكر والدك وانتِ تبكين بشدة


 شحبت وتهدل كتفيها واخفضت وجهها بحرج من لتهمس بأسف...

-لا اقصد أن


قاطعها بذات الهدوء وهو يكتف يده..

-سندس تُدركين أنني احبكِ !


رفعت رأسها بحدة وتوسعت عيناها من تلك الكلمة التي خرجت من فمه بهدوء وسلاسة لتهمس بتفاجؤ..

-ماذا !


مال على المائدة ليقول بنبرة واضحة تميل للتردد...

-اقول لا تُدركين انني احبك

لنا شهور وقد كونا صداقة لطيفة..وسقط الجدار بيننا

ولكن ألم تشعري انني احبكِ ابدًا..اقصد ألم يتحرك شيئ داخلك تجاهي !


رمشت بعيناها للحظات وهي عاجزة عن التحدث

تتأمل وجهه المتردد لأول مره..عيناه تحمل قلق وأرق

يرميها بنظرات مُنتظرة يترقب إجابتها

تأملته مليًا وهي تتذكر معاملته لها في الستة أشهر الماضية..كان كا جني الأُمنيات..يحقق لها كل ماتريدة

يوفر لها كل سُبل الراحة النفسية والجسدية


يُصر على إعداد وجبة العشاء لأنها اعدت الغداء ونظمت المنزل..ويحافظ على إيقاظها كل صباح قبل ذهابه بالعمل ليشاركا فطورهم المُميز الخبز والجبن المالح مع كوب الشاي


يكافئها كل نهاية اسبوع بنزهة

أو بقضاء وقت لطيف داخل منزلهم

ترى لهفتة بوضوح...ترى كل جوانبه حتى انها رأت جانبه الغاضب حينما اخفق أحد العمال في العمل

كان يصيح بحدة في الهاتف ويؤنب العامل بقسوة

وحينما حاولت الحديث معه تحدث بحدة

"سندس اتركيني الآن انا لا ارى أمامي "


وبالفعل انسحبت الى غرفتها غاضبة دون حديث

ليأتيها بعد ساعة يراضيها بكلمات حانية لتتقبل إعتذارة بإبتسامة وتسامح...لم تقوى على الغضب منه وهي تراه يبتسم بلطف ويربت على وجنتها وكأنها طفلة مدللة يهتم لحزنها


لما يحاول الإقتراب منها إلا بمعانقه حميمة وحينما يشعر بفزعها يتفهم ويربت على يدها بهدوء

ومرت الأيام بينهم متقلبين بين مرح وضيق وغضب وحزن ورضا...كافصول السنة الأربعة


انتبهت انه تحدث بنبرة خافتة وهو يطرق على الطاولة طرقات رتيبة...

-سؤالي صعب لهذة الدرجة !


هزت رأسها بنفي لترى المرارة في عيناه بوضوح ليشيح وجهه عنها ويتمتم بهدوء..

تصبحين على خير ياسندس


تركها واتجه نحو غرفته بصمت بينما هي خلفه تفتح فمها تحاول إيقافه ولكن صوتها ابى طاعتها

لتتنهد وهي تسقط على المقعد مره اخرى تتنهد بثقل

تشعر وكأنها لم تجرحه فقط بصمتها..بل وجرحت نفسها ايضًا..وانقضت ليلتهم وكلاهما شاردين بحزن 


كان توفيق ممدد على فراشه وعيناه معلقة بالسقف

يلوم نفسه لإندفاعه بسؤالها إن كانت تعلم بحبه وتبادله ذاك الشعور او لا..ولكن كيف تحبه ولا تقابل مشاعره بجفاء..لهفته تخفت كلما حاول الإقتراب منها وتمنعت...كلمات الحب تختنق في حنجرته كلما أراد اخراجها لها..لعلمه انها غير مستعدة لسماعها حتى


تنهد وهو يهمس لنفسه بخفوت...

-اخذت وردة جافة تنئى بنفسها عنك..فكيف تُمني نفسك بها وهي لم تحبك او ترى حبك حتى !

وحتي حينما فاح وانتشر في عالمك كان عطرها جافي ياتوفيق


اغمض عيناه يستقبل النوم بترحاب ليمنع عقله من تعذيبه أكثر من ذالك..وقد أخذ القرار..لن يرجوها أن تحبه..هي تقبلت وجوده فيها حياتها كزوج بلا حب

لذا عليه الإستسلام والرضا بعطرها الجافي

   تكملة الرواية من هناااااااا                      ***

لمتابعة  الروايه الجديده زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا


تعليقات

التنقل السريع