روايـه صغيره أوقعتني في حبها الفصل الأول والثاني والثالث بقلم رنا تامر النشار
روايـه صغيره أوقعتني في حبها الفصل الأول والثاني والثالث بقلم رنا تامر النشار
𝐩𝐚𝐫𝐭 𝟏..
كان اليوم يبدو عاديًا بالنسبة لـ"مي"، لكنها كانت غارقة في عالمها الذي يفيض بالتوتر والقلق. مي، الفتاة ذات الثامنة عشرة عامًا، تمتلك جمالًا بسيطًا، شعر بني طويل وعينين واسعتين تحملان حزنًا دفينًا. رغم أنها أنهت الثانوية العامة بتفوق، إلا أن فرحتها لم تكتمل بسبب الأجواء المشتعلة في المنزل.
كل صباح كان يبدأ بنفس الطريقة: والدتها تصرخ بسبب أي شيء بسيط، ووالدها يرد عليها بصوت أعلى. أصوات الشجار التي كانت في البداية تزعجها أصبحت مألوفة لدرجة أنها لم تعد تهتم بها، لكنها في نفس الوقت، أثقلت روحها.
في هذا الصباح، بينما كانت جالسة على طرف سريرها تحاول ألا تبكي، سمعت والدها يصرخ قائلاً:
"أنا زهقت! البيت ده بقى زي الجحيم!"
كان هذا كافيًا لدفعها للهرب من البيت. ارتدت ملابسها سريعًا، وضعت سماعات أذنها لتغرق في موسيقى هادئة، وغادرت دون أن تتحدث مع أحد.
الشارع والبحث عن هدوء
كانت شوارع المدينة مزدحمة كعادتها، لكن هذا لم يكن يزعج مي. كانت تسير بخطوات سريعة، وكأنها تهرب من شيء يطاردها. وجدت نفسها أمام كافيه صغير لم تزره من قبل. كان المكان يبدو هادئًا، مضاءً بإضاءة خافتة، مع موسيقى كلاسيكية خفيفة تتسلل من الداخل.
"يمكن ألاقي شوية هدوء هنا"، قالت لنفسها وهي تدخل الكافيه وتختار طاولة في الزاوية، بعيدة عن الجميع.
طلبت كوب قهوة وجلست تحدق في النافذة. تفكر في حياتها، أحلامها، وكيف أصبحت وحيدة في كل شيء. منذ صغرها، كانت تحلم بعائلة متماسكة، مليئة بالحب، لكنها وجدت نفسها تعيش في بيت ينهار أمامها.
«مي عبدالله كانت في الـ18 من عمرها، عيونها زرقاء زي البحر في يوم صافي، وكان شعرها دهبي طويل ولامع زي خيوط الشمس. بشرتها كانت بيضاء ناعمة، مع ملامح رقيقة، لكنها مش دايمًا كانت حاسة إنها مرتاحة. حياتها كانت مليانة توتر بسبب المشاكل المستمرة بينها وبين أهلها. مشاكل في البيت، وضغوط من كل ناحية، خلتها تحس إنها مش قادرة تلاقي طريقها وسط كل الفوضى دي. كانت عايزة شخص يحس بيها، يحبها من قلبه ويحتويها، شخص يبقى جنبها وقت ما تحتاجه».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ✦
في نفس الوقت، كان "آدم" يجلس على طاولة قريبة، منشغلًا بجهاز الكمبيوتر المحمول وأوراق مبعثرة أمامه. آدم، الرجل ذو الثلاثين عامًا، كان يتمتع بملامح هادئة لكنها جادة. بشعره الأسود القصير وعينيه العميقتين، كان يبدو كرجل اعتاد تحمل المسؤولية.
آدم كان يعمل في شركة كبيرة، يدير فريق عمل ويعيش حياة مليئة بالالتزامات. كان ناجحًا في عمله، لكنه فقد شيئًا مهمًا في حياته الشخصية: البساطة، والعفوية، والإحساس بأن هناك شيئًا يجلب السعادة الحقيقية.
بينما كان يركز على شاشته، لاحظ وجود مي. كانت تبدو مختلفة عن أي شخص آخر في المكان. عيناها كانت تحملان حزنًا كبيرًا، لكنها حاولت إخفاءه بوضع سماعاتها والتظاهر بعدم الاكتراث.
"غريبة..."، قال لنفسه، لكنه تجاهل الأمر وعاد إلى عمله.
ادم نصران« فكان في الـ30 من عمره، شعره بني مدي على الدهبي وكان دايمًا مرتب وأنيق، وعنده دقن خفيفة بتميزه. عيونه الزرقاء كانت بتعكس شخصيته الجادة، وكان دايمًا بيهتم بشغله أكتر من أي حاجة تانية. ادم جاي من عائلة غنية جدًا، ومن عيلة محترمة، لكن رغم الرفاهية اللي كان عايش فيها، كان دايمًا حاسس إنه في حاجة ناقصة. كان عنده حياة منظمة جدًا، لكن من جوا كان محتاج لحد يفهمه، حد يقدر يعبر عن نفسه معاه».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ✦
بعد أقل من ساعة، قررت مي أن تغادر. شعرت أنها استراحت قليلاً، لكنها لم تكن تريد البقاء طويلاً. وبينما كانت تخرج، اصطدمت حقيبتها بطاولة آدم عن طريق الخطأ، مما تسبب في سقوط كوب القهوة الخاص به على أوراقه.
"آسفة جدًا!" قالت بسرعة وهي تحاول تنظيف الفوضى التي أحدثتها.
رفع آدم عينيه، للحظة كان يبدو غاضبًا، لكنه سرعان ما قال بهدوء:
"ولا يهمك... حصل خير."
"بجد آسفة، أنا... ما كنتش مركزة"، قالت مي، وعيناها مليئتان بالحرج.
ابتسم آدم ابتسامة خفيفة وقال:
"مافيش داعي، الموضوع بسيط. بس خلي بالك المرة الجاية."
نظرت إليه مي للحظة. لم تكن تعرف لماذا شعرت براحة غريبة من طريقة حديثه. قالت بخجل:
"شكرًا... عن إذنك."
غادرت الكافيه سريعًا، لكن هذا الموقف ظل عالقًا في ذهنها طوال اليوم. شعرت أن هناك شيئًا مختلفًا فيه، شيئًا لم تستطع وصفه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ✦
بعدما غادرت مي الكافيه، عاد آدم إلى عمله، لكنه لم يستطع منع نفسه من التفكير في تلك الفتاة. لم تكن مجرد فتاة صغيرة مرت في حياته؛ كان هناك شيء غريب في طريقتها، نظرتها، وحتى أسلوب اعتذارها. رغم محاولته لإقناع نفسه بأن الأمر مجرد مصادفة عابرة، إلا أن ملامحها بقيت عالقة في ذهنه طوال اليوم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ✦
على الجانب الآخر، مي كانت تسير في الشارع غارقة في التفكير. لقاءها بآدم جعلها تشعر بشيء مختلف، نوع من الارتياح غير المبرر. لأول مرة منذ فترة طويلة شعرت وكأن أحدًا فهمها حتى لو لم تنطق بكلمة عن حياتها أو معاناتها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ✦
في الأيام التالية، حاولت مي أن تخرج من روتينها المعتاد بالهروب من المنزل عند اشتداد الخلافات. كانت تعود لنفس الكافيه الذي وجدت فيه الهدوء، على أمل أن تستعيد شعورها بالراحة ولو للحظات.
وفي إحدى تلك الزيارات، وبينما كانت تجلس في نفس الزاوية الهادئة التي أصبحت مألوفة لها، فوجئت بآدم يدخل الكافيه مرة أخرى. جلس على نفس الطاولة التي كان يجلس عليها في المرة السابقة، وبدأ ينشغل بجهاز الكمبيوتر وأوراقه كالعادة.
لم تكن مي تعرف لماذا شعرت بشيء من السعادة لرؤيته. كانت تفكر في أن تذهب وتعتذر له مجددًا عن الحادثة السابقة، لكنها ترددت.
"أكيد مش فاكرني... ولو فاكرني هيقول عليّا غريبة!" فكرت في نفسها وهي تحاول التركيز على الكتاب الذي تحمله بين يديها.
لكن آدم لاحظ وجودها، وابتسم في نفسه وهو يفكر: "هي تاني؟ غريبة... بس شكلها مش صدفة."
بعد دقائق من التردد، قررت مي أن تتحلى بالشجاعة وذهبت إليه.
"السلام عليكم... فاكرني؟" قالت بصوت منخفض، لكنها بدت مترددة.
رفع آدم عينيه من جهاز الكمبيوتر، وابتسم وقال:
"طبعًا فاكر... إنتِ اللي وقعتِ قهوتي."
ضحكت مي بخجل وقالت:
"كنت عايزة أعتذر تاني عن اللي حصل... ماكنش قصدي."
قال آدم بلطف:
"ولا يهمك، الموضوع خلص من زمان... لكن واضح إن الكافيه ده بقى مكانك المفضل."
أومأت مي برأسها وقالت:
"بصراحة، أه. بحب الهدوء هنا... وأحيانًا بحتاج مكان بعيد أرتاح فيه."
كانت كلماتها تبدو عادية، لكن آدم شعر بأنها تحمل شيئًا أعمق من مجرد حب للهدوء. قال بنبرة مهتمة:
"الهدوء مطلوب فعلًا... لكن واضح إنك بتدوري على أكتر من مجرد مكان هادي."
توقفت مي عن الكلام للحظة، وكأنها تفكر في الرد. لم تكن معتادة على أن يقرأ أحد مشاعرها بهذه السهولة. قالت بعد تردد:
"ممكن يكون عندك حق... أحيانًا الواحد بيحتاج حد يسمعه أكتر من مجرد مكان يهرب له."
ابتسم آدم وقال:
"ده حقيقي. ولو محتاجة حد يسمعك، أنا موجود."
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ✦
بدأت مي تحكي لآدم بشكل بسيط عن حياتها، عن توتر العلاقة بين والديها، وعن شعورها بالوحدة وسط كل هذه الفوضى. ورغم أنها كانت تروي الأمور بطريقة خفيفة، إلا أن آدم كان يشعر بثقل الكلمات التي تخرج منها.
آدم لم يكن شخصًا عاطفيًا بطبعه، لكنه وجد نفسه مهتمًا بسماع مي، ليس بدافع الفضول فقط، بل لأنه شعر بأنها تستحق أن يكون لديها شخص تعتمد عليه. ومع ذلك، كان هناك شيء داخله يهمس له: "فرق السن كبير... مش المفروض أسمح لنفسي أقرب منها أكتر."
لكن تلك الفكرة لم تمنعه من محاولة دعمها. قال لها:
"المشاكل اللي بتحكي عنها مش سهلة، لكن المهم إنك ما تخليشها تأثر على طموحاتك أو حياتك. إنتِ تستحقي تكوني سعيدة، حتى لو الظروف حواليكي صعبة."
شعرت مي براحة كبيرة في كلامه، وكأنها لأول مرة تجد شخصًا يرى قيمتها. قالت بابتسامة خفيفة:
"شكرًا... كلامك خلاني أحس إن لسه فيه أمل."
منذ ذلك اليوم، أصبحت لقاءات مي وآدم في الكافيه شبه يومية. لم تكن مخططة، لكنها كانت تحدث بشكل طبيعي. وبمرور الوقت، بدأت العلاقة بينهما تأخذ شكلًا مختلفًا.
مي كانت ترى في آدم الشخص الذي حلمت به دائمًا؛ شخصًا ناضجًا، يدعمها، ويمنحها الأمان الذي فقدته في بيتها. أما آدم، فكان يرى في مي براءة وشغفًا للحياة، أشياء افتقدها بسبب جدية حياته وروتين عمله القاتل.
يــتــبــــع❤..
روايـه صغيره أوقعتني في حبها🤍.
ࢪنــا تــامـࢪ الـنشــاࢪ✍🏻✍🏻✍🏻.
𝐩𝐚𝐫𝐭 𝟐..
كانت مي تشعر وكأنها تعيش في عالم جديد تمامًا. علاقتها بآدم أصبحت شيئًا تعتمد عليه في حياتها. كل لقاء بينهما كان يُشبه نقطة ضوء في يومها المظلم. لم تعد تشعر بأنها وحيدة؛ أصبح هناك شخص يُصغي إليها، يهتم بما تشعر به، ويُعاملها بلطف لم تعتد عليه من قبل.
في أحد الأيام، بينما كانت تجلس في نفس الزاوية المعتادة بالكافيه، تأخر آدم قليلًا. شعرت مي بالقلق. اعتادت على حضوره في نفس التوقيت تقريبًا كل مرة، وكانت تلك هي المرة الأولى التي يتأخر فيها. بدأت تُقلب صفحات كتابها، لكن عقلها كان بعيدًا تمامًا.
فجأة، ظهر آدم أمامها، بملامحه المعتادة وابتسامته الهادئة، لكنه بدا مُتعبًا بعض الشيء. جلس أمامها وقال بابتسامة خفيفة:
"آسف، اتأخرت شوية النهارده."
رفعت مي عينيها بسرعة وقالت بقلق:
"خير؟ إنت كويس؟"
أومأ آدم برأسه وقال بنبرة مُطمئنة:
"ما تقلقيش، بس كان عندي شغل كتير في الشركة. الضغط في الشغل الأيام دي زايد أوي."
قالت مي بنبرة هادئة:
"واضح إنك محتاج تريح شوية."
ابتسم آدم وقال مازحًا:
"ومين قال إني مش باخد راحتي؟ أنا معاكِ دلوقتي، وأهو ده أحسن وقت في يومي."
شعرت مي بخجل شديد من كلماته. كانت تعلم أنه يقصد التخفيف عنها، لكنها لم تستطع إنكار السعادة التي شعرت بها حين قال ذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ✦
بينما كانا يتحدثان، شعرت مي بشيء مختلف في نظرات آدم. كان أكثر هدوءًا من المعتاد، وكأنه يُفكر في شيء ما. بعد دقائق من الصمت، قال فجأة:
"مي... تعرفي إني مكنتش متوقع إني أرتاح في وجود حد زيك؟"
نظرت إليه باندهاش، ثم قالت بخجل:
"زيي؟!"
قال آدم بنبرة صادقة:
"أيوة. فرق السن بينا كبير، وأنا دايمًا كنت شايف إن حياتي مشغولة بالشغل وبس، لكن إنتِ... غيرتي حاجات كتير جوايا."
شعرت مي بارتباك شديد. كانت كلمات آدم تحمل الكثير من المعاني التي لم تكن تعرف كيف ترد عليها. قال لها آدم بجدية:
"بس فيه حاجة لازم تكوني عارفاها... أنا مش عايز أعمل حاجة تزعلك أو تضايقك."
ابتسمت مي بخفة وقالت بصوت هادئ:
"أنا عمري ما حسيت بالراحة مع حد زيك يا آدم. مش مهم فرق السن، المهم إنك كنت جنبي وقت ما كنت محتاجة حد."
شعر آدم بتأثر كبير بكلماتها. كان يعلم أن مشاعره تجاهها تتطور بشكل كبير، لكنه كان دائمًا مترددًا بسبب الفجوة العمرية بينهما.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ✦
وفي اليوم التالي، أثناء جلوس آدم مع صديقه المقرب "سامي"، بدأ سامي يتحدث معه قائلًا:
"يا آدم، إنت الفترة الأخيرة شكلك مُختلف. فيه حاجة شاغلة بالك ولا إيه؟"
حاول آدم أن ينكر، لكنه في النهاية قال بعد لحظة صمت:
"مفيش حاجة... بس فيه بنت قابلتها بالصدفة، وشايف إنها مميزة."
نظر سامي إليه باندهاش وقال:
"بنت؟! إنت بتتكلم جد؟ عمرنا ما شُفناك بتقول كده قبل كده. مين دي؟"
قال آدم بنبرة هادئة:
"هي بنت صغيرة... أصغر مني بكتير. عندها مشاكل في بيتها، وواضح إن حياتها مش سهلة، وأنا حسيت إني عايز أساعدها."
ضحك سامي بخفة وقال:
"بس إنت كده بتدخل نفسك في موضوع مش سهل، فرق السن مش حاجة بسيطة."
أومأ آدم برأسه وقال بجدية:
"عارف، وده اللي مخوفني. أنا مش عايز أظلمها أو أسيب انطباع غلط."
قال سامي بجدية:
"لو إنت شايف إنك مرتاح معاها، اتأكد بس إن مشاعرك حقيقية، وإنك مش بتتعلق بيها لمجرد التعاطف."
كلمات سامي جعلت آدم يُفكر بعمق في الأمر. كان يعلم أن مي أصبحت جزءًا مهمًا من يومه، لكنه لم يكن متأكدًا إن كان هذا صحيحًا من ناحية مشاعره أم مجرد إحساس بالمسؤولية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ✦
في اليوم التالي، قرر آدم أن يُقابل مي كالعادة، لكنه شعر بضرورة الحديث معها بصراحة. جلسا في الكافيه وبدأ الحوار بنبرة جدية:
"مي، ممكن أتكلم معاكِ بصراحة النهارده؟"
نظرت إليه مي بتوتر وقالت:
"طبعًا، خير؟"
قال آدم بوضوح:
"أنا عارف إن فيه فرق سن كبير بينا، وده شيء مش بسيط. أنا خايف أكون بأقرب منك بطريقة ممكن تزعجك أو تخليكِ تفهميني غلط."
نظرت مي إليه وقالت بثقة:
"آدم، أنا عارفة كل ده. بس مشاعري واضحة، وإنت الوحيد اللي فهمني وكنت جنبي."
تأثر آدم بكلماتها، لكنه قال بنبرة هادئة:
"مشاعرك دي مهمة، وأنا كمان... حسيت معاكِ بحاجات جديدة عليّ، بس خلينا ناخد الأمور خطوة بخطوة."
قالت مي بابتسامة خفيفة:
"أهم حاجة إنك ما تسيبنيش."
ابتسم آدم وقال:
"عُمر ما هيحصل."
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ✦
لكن الأيام التالية لم تكن هادئة كما توقعا. بدأت والدة مي تُلاحظ تغيّرها، وبدأت تطرح عليها أسئلة كثيرة:
"إنتِ بتخرجي فين كل يوم؟ وليه شكلِك متغير كده؟"
شعرت مي بالارتباك، وحاولت أن تُخفي الحقيقة، لكنها كانت تعلم أن والدتها لن تتوقف عن الشك.
في نفس الوقت، كان آدم يتلقى ضغطًا من أسرته بشأن زواجه. والدته كانت تقول له باستمرار:
"عمرِك 30 سنة يا آدم، ولازم تفكر في مستقبلك. مش هتفضل كده لوحدك طول العمر."
كان آدم يشعر بأنه محاصر بين ما يشعر به تجاه مي، وبين التوقعات التي يفرضها عليه مجتمعه وأسرته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ✦
في أحد الأيام، بينما كانا يجلسان في الكافيه كالعادة، قال آدم لمي:
"لازم أواجه نفسي وأواجهك بالحقيقة... أنا خايف من اللي إحنا فيه."
نظرت مي إليه وقالت بحزن:
"خايف من إيه؟"
قال آدم بنبرة صريحة:
"خايف أكون بأقرب منك وبوعدك بحاجات مش هقدر أنفذها.. إنتِ تستحقي حياة هادية ومستقرة."
قالت مي وهي تحاول إخفاء دموعها:
"إنت الوحيد اللي حسسني إن ليّا قيمة... لو هتمشي وتسيبني، قول من دلوقتي."
نظر آدم إليها بحزن وقال:
"أنا مش هسيبك، بس لازم نكون أقوياء قدام أي تحدي هيواجهنا."
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ✦
ترك آدم ومي هذا اللقاء وهما يشعران بثقل ما يواجهانه. كان كل واحد منهما يُفكر في المستقبل وما يحمله لهما. هل سينتصر الحب رغم كل العقبات؟ أم ستكون الفجوة العمرية والمجتمعية أكبر من أن يتخطياها؟
لكن في أعماق كليهما، كان هناك أمل خافت بأن هذه العلاقة لن تكون مجرد محطة عابرة في حياتهما.
يــتــبــــع♥..
روايـه صغيره أوقعتني في حبها🤍.
ࢪنــا تــامـࢪ الـنشــاࢪ✍🏻✍🏻✍🏻.
𝐩𝐚𝐫𝐭 𝟑..
في اليوم التالي
تكررت لقاءات "مي" و"آدم"، ولكن في هذه المرة، شعرت مي برغبة في استكشاف مكان آخر بعيدًا عن الكافيه.
"إيه رأيك نغير المكان شوية؟" قالت مي بتردد، بينما كانت تجلس أمام آدم في الكافيه المعتاد.
ابتسم آدم وهو يضع قلمه جانبًا: "ليه لأ؟ عندك مكان معين في بالك؟"
فكرت للحظة وقالت: "أنا كنت سمعت عن مكتبة قديمة في وسط البلد... بقالها سنين موجودة ومحدش كتير يعرف عنها. دايمًا كنت عايزة أزورها."
وافق آدم سريعًا. لم يكن المكان يعنيه بقدر ما كان مهتمًا بصحبة مي، ومساعدتها على الخروج من دائرة الوحدة والضغط النفسي الذي تعيشه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ✦
عند المكتبة القديمة
كانت المكتبة مكانًا ساحرًا بمعنى الكلمة. جدرانها تعج بالكتب العتيقة، وأرففها تمتد حتى السقف كأنها تحتضن تاريخًا عظيمًا. كان الضوء خافتًا، يتسلل عبر نوافذ صغيرة مغبرة، وهواء المكان محمل برائحة الورق القديم.
"المكان ده كأنه متجمد في الزمن..." همست مي بدهشة وهي تتجول بين الأرفف.
رد آدم بابتسامة: "عالم تاني فعلًا."
بينما كانا يتنقلان، ظهر رجل عجوز يحمل مجموعة من الكتب. كان صاحب المكتبة، واسمه "الحاج إبراهيم". كان يتميز بابتسامة ودودة، لكن عينيه كانتا تخفيان قصة طويلة.
"أهلا بالشباب... أول مرة تزوروا المكتبة؟" قال الرجل وهو ينظر إلى آدم ومي.
ردت مي بحماس: "أيوه، وأنا مبسوطة إني أخيرًا جيت."
"الكتب هنا بتختار أصحابها... دوروا براحتكم وهتلاقوا اللي بيدور عليكم." قال إبراهيم، قبل أن يتركهم ليعود إلى عمله.
بينما كانت مي تتنقل بين الأرفف، وقعت عيناها على كتاب قديم مغطى بالغبار. حملته بحذر ومسحت الغبار عن عنوانه: "أسرار من الماضي". كان الكتاب يبدو مميزًا بطريقة غريبة.
"آدم، شوف الكتاب ده!" قالت مي، بينما آدم اقترب منها بنظرة متفحصة.
"باين عليه مهم، افتحيه."
عندما فتحت مي الكتاب، سقطت منه ورقة قديمة عليها رسالة بخط اليد. كانت الرسالة غير مكتملة، لكن كلماتها كانت مؤثرة:
"إلى من يجد هذه الرسالة... قد تكون قصتي انتهت، لكنك أنت من سيكمل الحكاية. الحياة دومًا تمنحنا فرصة أخرى... ابحث عن الحقيقة في الماضي."
نظرت مي إلى آدم باندهاش: "دي رسالة حقيقية؟"
رد آدم وهو يدرس الورقة: "واضح كده... بس الغريب إن صاحبها كان عارف إن حد هيلاقيها."
شعرت مي برغبة عارمة في معرفة القصة وراء تلك الرسالة، وقالت بإصرار: "أنا لازم أرجع للمكتبة دي تاني وأعرف كل حاجة عن الرسالة دي."
آدم، رغم أنه كان مترددًا في البداية، شعر بأن تلك الرحلة الغامضة قد تضيف شيئًا جديدًا لحياته.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ✦
في الأيام التالية، بدأت مي تزور المكتبة بانتظام، لكنها لم تكن وحدها. هناك التقت بشخصية جديدة: "ليلى"، فتاة شابة تعمل متطوعة في المكتبة.
ليلى كانت مرحة جدًا، عكس مي الهادئة. كانت تتحدث كثيرًا وتضحك بصوت عالٍ، لكنها سرعان ما تعلقت بمي، وكأنها تبحث عن صديقة تشبهها.
"أنا بشتغل هنا عشان بحب الكتب، بس كمان بحب أسمع أسرار الناس... الكتب دايمًا بتحكي قصص، صح؟" قالت ليلى ذات يوم وهي تساعد مي في البحث عن معلومات عن الكتاب.
مي ردت بابتسامة: "يمكن أنا كمان عندي قصة، بس مش لاقية حد يسمعها كلها."
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ✦
في إحدى المرات، أثناء زيارتها المكتبة مع آدم، اكتشفا وجود أوراق قديمة تشير إلى عائلة كانت تسكن في نفس المنطقة منذ سنوات طويلة، وأن هناك قصة معقدة متعلقة بالرسالة التي وجدوها.
بمساعدة الحاج إبراهيم وليلى، بدأوا رحلة البحث عن الحقيقة.
في تلك الفترة، لاحظ آدم أن اهتمامه بمي لم يعد مجرد تعاطف أو صداقة. كان يشعر أنه يريد حمايتها من كل شيء يزعجها، لكن فكرة فرق السن كانت تطارده باستمرار.
"آدم، في حاجة مضايقاك؟" سألت مي في أحد الأيام، بينما كانا يسيران معًا بعد خروجهما من المكتبة.
نظر إليها آدم بتردد وقال: "لا، بس بفكر فيكِ... إنتِ قوية رغم كل اللي مريتي بيه."
ابتسمت مي وقالت: "يمكن لأني أخيرًا لقيت حد يسمعني... من زمان وأنا حاسة إن محدش فاهمني."
في تلك اللحظة، أدرك آدم أنه أصبح جزءًا من حياتها، وهي أصبحت جزءًا من حياته.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ✦
بعد أيام من البحث والضغط النفسي، قرر آدم أن يأخذ مي وليلى إلى مكان هادئ ليغيروا جو. كانت الحديقة العامة مليئة بالأشجار الخضراء والزهور الملونة، والجو كان هادئًا وجميلًا.
"كنت محتاجة المكان ده أوي..." قالت مي وهي تجلس على العشب تحت شجرة كبيرة.
ليلى، كعادتها، كانت مرحة وقالت: "إحنا لازم نعمل نزهة كل أسبوع. ده علاج طبيعي للنفسية!"
ضحك آدم وقال: "فكرة حلوة... بس بلاش نسيب المكتبة كتير، يمكن نوصل لحل بخصوص الرسالة قريب."
في تلك اللحظة، شعرت مي أنها لم تعد وحدها. أصبحت لديها صديقتان: ليلى، التي أضافت الكثير من المرح لحياتها، وآدم، الذي كان بالنسبة لها السند الذي افتقدته طويلًا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ✦
مع استمرار البحث، يكتشف آدم ومي أن الرسالة قد تكون مرتبطة بعائلة إبراهيم نفسه، وأنها تخفي سرًا قديمًا يتعلق بماضيه. في الوقت نفسه، يتطور الصراع داخل آدم بين مشاعره المتزايدة تجاه مي، ومحاولته الحفاظ على مسافة مناسبة بسبب فرق العمر.
يــتــبــــع🤍..
تعليقات
إرسال تعليق