القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية قيود العشق2 الفصل الخامس والسادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر بقلم سيليا البحيرى كاملة

 

رواية قيود العشق2 الفصل الخامس والسادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر   بقلم سيليا البحيرى كاملة 



رواية قيود العشق2 الفصل الخامس والسادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر   بقلم سيليا البحيرى كاملة 




#قيود_العشق2 

فصل 5&6

**فيلا ليلى الألفي تتميز بالشياكة الكلاسيكية، حديقة واسعة وشجر حوالين البيت. صوت العيال بيلعبوا في الجنينة مالي الجو، وسيليا قاعدة في الجنينة مع عمتها ليلى ورائد، بيتكلموا عن يومهم. فجأة، باب الفيلا بيتفتح بعنف، وجاد داخل لابس هدوم شيك، ووشه كله تعالي وبرود. سيليا تسكت وتبص ناحية الباب. جاد بيتقدم بخطوات تقيلة، ونظرة احتقار في عنيه، والعيال التلاتة بيجروا ناحيته بفرحة**


زياد (بفرحة): "بابا! بابا رجع!"


مازن (يصرخ بفرحة): "بابا!"


لينا (بتحاول توصله بخطوات متلخبطة): "بابا!"


جاد ينحني بسرعة يحضن العيال من غير ما يبين أي مشاعر حقيقية، بعدين يقوم ويبص نحية سيليا وليلى ورائد اللي واقفين في الخلفية. ملامحهم باينة فيها النفور والتوتر.


زياد (مبتسم ومسك إيده): "بابا... هتفضل معانا؟ مش هتمشي تاني، صح؟"


جاد يبص لزياد من غير ما يرد، عنيه جامدة وما فيهاش أي عاطفة. سيليا، اللي لاحظت التوتر في الجو، تتقدم نحية العيال، وتحط إيدها بهدوء على كتافهم.


سيليا (بهدوء حاسم): "يلا يا حبايبي، نطلع فوق."


العيال يبصوا لجاد، مستنيين منه إجابة، لكن جاد فضل ساكت. سيليا تاخدهم بلطف، وتطلع بيهم للدور اللي فوق من غير ما تبصله. جاد واقف في مكانه، بيتابعهم بنظرة باردة.


جاد يفضل واقف في الجنينة مع ليلى ورائد. ليلى تبصله بنظرة فيها لوم ونفور، ورائد واقف جنبها حاطط إيديه على صدره وباصص لجاد باشمئزاز.


ليلى (بصوت هادي لكن حاسم): "ثريا دايمًا بتحاول تصلح اللي إنت بتبوظه، بس الحقيقة إنك ما تستاهلش العيلة اللي عندك."


جاد يبص لليلى بلامبالاة، يهز كتافه وكأن الكلام مش فارق معاه.


جاد (بتهكم): "أمي بتحب الدراما. شايفة إن الموضوع كله مُبالغة."


رائد (باشمئزاز واضح): "إنت فعلًا ماعندكش ضمير. سيليا والعيال يستحقوا أحسن من كده. كل يوم بتثبت إنك إنسان أناني ما بيفكرش غير في نفسه."


جاد يلتفت نحية رائد، بيحاول يرد لكن يحس إن الكلام مش هيفرق. يبصلهم للحظة، بعدين يلف ببرود ناحية الباب.


جاد (بلامبالاة): "أنا مشغول. لو احتاجتوا حاجة... عارفين إزاي توصلوا لي."


**وبعدها يخرج، سايب وراه ليلى ورائد يبصوله باشمئزاز، بينما سيليا فوق بتحاول تهدي العيال بعيد عن الموقف الموجع ده**


**بعد ما جاد خرج من الفيلا، ساب وراه حالة من الصمت مليانة توتر. ليلى وقفت شوية بتحاول تهدي نفسها، بينما رائد كان باصص لباب الفيلا اللي لسه مقفول، ومش مصدق إن جاد لسه عنده نفس التصرفات دي**


رائد (بغضب مكتوم): "إزاي الشخص ده يبقى جزء من حياة سيليا؟ إزاي العيال دول يتحملوا إنه يبقى أبوهم؟"


ليلى (بتنهد): "سيليا قوية، رائد... بس ماينفعش تفضل مستحملة الوضع ده للأبد. جاد لا بيحبها ولا بيحب العيال حتى."


رائد (بيهز راسه بغضب): "اللي بيضايقني أكتر إنهم فرحوا لما شافوه. زياد كان بيسأله لو هيقعد معاهم... والعيال مش عارفين الحقيقة. جاد بيأذيهم من غير ما ياخد باله."


ليلى (بأسف): "العيال صغيرين، مايفهموش. كل اللي شايفينه إن ده أبوهم، حتى لو هو في وادي وهم في وادي تاني."


في اللحظة دي، سيليا نزلت من فوق بعد ما هدت العيال، صوت خطواتها كان خفيف، بس ملامحها كانت واضحة إنها منهكة ومتضايقة. رائد وليلى بصوا عليها وهي جاية تقف معاهم.


سيليا (بصوت واطي): "مشي؟"


ليلى (بهدوء): "أيوة، مشي. ماقعدش كتير."


سيليا (بحزن): "حتى مع عياله... بيبصلهم كأنهم حمل عليه. زياد كان مستني منه كلمة، يطمنه إنه هيقعد معاهم... بس هو فضل ساكت."


رائد قرب منها، حط إيده على كتفها بحنية ودعم.


رائد (بهدوء وحزم): "سيليا، متخليش وجوده أو غيابه يأثر عليكي أكتر من كده. إحنا هنا معاكي، ومش هنسمح لحد يأذيكي تاني."


سيليا (بنبرة حزينة): "عارفة يا رائد، بس العيال... مش عارفة أعمل إيه عشان أحميهم من تأثيره."


ليلى (بجدية): "سيليا، لازم تفكري في مستقبلك ومستقبل ولادك بعيد عن جاد. الوضع ده ماينفعش يستمر. جاد بيجرحك كل مرة بيظهر فيها، ومهما ندمت ثريا أو طيبتها، هو مش هيتغير."


سيليا هزت راسها بتفكير، وعينيها كانت مليانة حيرة وألم.


سيليا (بهمس): "أنا تعبت... بجد تعبت."


رائد قرب أكتر، ونبرة صوته كانت مليانة إصرار.


رائد (بحزم): "إحنا جنبك يا سيليا، ومش هنسمحلك تفضلي في الوضع ده أكتر. لو احتجتي أي حاجة، إحنا هنا."

*********************


**في فيلا البحيري ، أوضة المعيشة في بيت العيلة، الوقت متأخر في الليل. أحمد  قاعد على الكنبة ماسك كوباية شاي، وعينيه سرحانة. مراد ، اخوه يدخل الأوضة ويقعد جنبه، الجو مليان سكون تقيل، كأن الماضي حاضر في كل ركن**


أحمد: (بصوت هادي مليان حزن) "ست سنين... عدوا ست سنين ولسه سامع صوتها كل ليلة."


مراد: (بيبص في الأرض، بيحاول يمسك دموعه) "ماكنتش عارف إن الذنب ممكن يطاردنا كده... كأنه ضل ما بيختفيش."


أحمد: (بياخد نفس عميق) "اللي عملناه مش هيتسامح بسهولة... كنا لازم نسمعها، نفهمها... بس الشكوك غلبتنا."


مراد: (بنبرة مليانة مرارة) "ودلوقتي؟ بعد إيه؟ حياتنا بقت كابوس... كل حاجة فقدت معناها بعد الليلة دي."


أحمد: (بيهز رأسه) "تفتكر هنقدر يوم نعديها؟ نعيش من غير ما نحس بالهم ده؟"


مراد: (بغصة في صوته) "نعديها؟ إزاي نعديها وإحنا ماكناش حتى عارفين الحقيقة؟ الحقيقة راحت معاها... وضاع عمرها بإيدينا."


أحمد: (بيبص لمراد) "مراد... كل ليلة بفكر... لو كانت عندنا فرصة واحدة، لو نقدر نرجع الزمن... كنت هتعمل حاجة مختلفة؟"


مراد: (ساكت لحظة، وبعدين بصوت مكسور) "كل حاجة... كل حاجة كنت هعملها بشكل مختلف."


أحمد: (بيحط إيده على كتف مراد) "إحنا مش نقدر نرجع الزمن، بس ممكن نحاول نكفّر، نعيش بطريقة تخلي روحها ترضى عننا... يمكن."


مراد: (بيبص لأحمد) "يمكن... بس الذكرى دي هتفضل زي الجرح اللي ما بيلمّش."


أحمد: "جرحنا كلنا، يا أخويا... جرحنا كلنا."


مراد: (بيغمض عينيه ويمسح دمعة نزلت) "سيليا كانت النور في حياتنا، وإحنا طفّيناه."


أحمد: (بصوت هادي) "يمكن ما طفّاش كله... يمكن نقدر نرجّع شوية نور من خلال اللي هنعمله."


مراد: "بتمنى كده... بتمنى."


(السكوت بيستمر بينهم، والمشاعر المختلطة بتزيد في الأوضة، وطيف سيليا لسه حاضر في ذاكرتهم.)


**عم  الصمت لثوان قبل أن يدخل سامر الغرفة، ووراه يوسف  وريان  الكل قاعد في سكون، الجو تقيل والذكريات الحزينة بتسيطر على الكل. ريان ويوسف كانوا الأقرب لسيليا، لكن في اللحظة اللي كانت محتاجاهم فيها، سكتوا**


يوسف: (يقعد جنب أحمد) "أنا عارف إني كنت ساكت... لكن كان لازم أقول حاجة. كان لازم أدافع عنها. مافيش يوم بيمر إلا وأنا حاسس بالندم."


ريان: (وهو واقف، صوته متوتر) "إحنا صدقناها يا يوسف... صدقناها من البداية، بس جبنّا منعنا إننا نتكلم."


سامر: (ينظر إليهم بحزن) "كلنا جبناء... مافيش حد فينا عمل الصح. سيليا كانت أختنا... كنا لازم نقف جنبها."


أحمد: (بنبرة حزينة) "الندم مش هيغير اللي حصل... بس دلوقتي إيه اللي ممكن نعمله؟ إزاي نعيش وإحنا عارفين إننا اللي خليناها تموت بالحزن؟"


يوسف: (يحاول كبح دموعه) "كنا ممكن نمنع كل ده... أنا كنت شايف الحقيقة في عينيها، بس سكت."


ريان: (يغلق عينيه، يرفع صوته) "ليه سكتنا؟ ليه ماحدش فينا فتح بقه؟! لو كنت اتكلمت... لو كنت قولت كلمة واحدة... كانت ممكن تعيش."


مراد: (يمسح وجهه بتعب) "كل واحد فينا شايل جزء من الذنب... ماحدش فينا بريء. الظنون هي اللي قتلتها، بس سكوتنا كمان كان السبب."


سامر: (بصوت مكسور) "أنا كنت فاكر إني بحمي العيلة... كنت فاكر إن الصمت هو الصح... بس دلوقتي؟ دلوقتي شايف إن اللي عملناه هو اللي ضيعها."


أحمد: "العيلة دي ضاعت من يوم ما سيليا راحت... وكل واحد فينا مسؤول."


يوسف: "بس سيليا كانت تستحق أكتر... تستحق تدافعوا عنها، وأنا ماعملتش كده."


ريان: (ينظر إلى إخوته) "إحنا لازم نعمل حاجة... مش هينفع نعيش على الندم بس. لازم نكفّر عن ذنبنا بطريقة ما... عشان نقدر نعيش مع نفسنا."


مراد: "إزاي؟ إزاي نصلح اللي كسرناه؟"


أحمد: (يفكر لحظة) "مش عارف... بس لازم نلاقي طريقة. يمكن ده يكون الشيء الوحيد اللي نقدر نقدمه لسيليا."


**(السكوت يسود الغرفة مرة تانية، كل واحد فيهم غارق في أفكاره وندمه، وكأن شبح سيليا لسه موجود وسطهم، بيذكرهم باللي فقدوه وبالذنب اللي مستحيل يتنسى.**

*********************

**بعد أن تفرق كل  واحد نحو غرفته ، أحمد جالس على طرف السرير، الإضاءة خافتة، وعيناه مليئتان بالغضب المكبوت. في يده صورة قديمة لـسمر،  أحمد ينظر للصورة بعمق، وملامحه متوترة.


أحمد: (بصوت منخفض لكنه مليء بالغضب) "فاكرة نفسك فلتّي؟ فاكرة إن اللي عملتيه عدى وخلاص؟"


(يمسك الصورة بإحكام، وصوته يتصاعد تدريجيًا)


أحمد: "سنين وأنا ساكت... سنين وأنا بحاول أمشي حياتي عادي... لكن كل مرة أتذكر وشّك، النار بتزيد جوايا."


(يرمي الصورة على الأرض، ويقف بغضب، يتحرك في الغرفة بعصبية)


أحمد: "مش هسيبك تعيشي مرتاحة... كل اللي فات ده كان مجرد البداية. أنا عارف كويس إنتي كنتي إيه، وعارف إيه اللي تستحقيه."


(يتوقف للحظة، ينظر نحو النافذة، وكأن الحقد اللي جواه بيحرقه)


أحمد: (بصوت عميق مليء بالتوعد) "هتشوفي... هتشوفي يا سمر. أيامك الجاية مش هتكون سهلة. أنا مش بنسى... وعمري ما هسامح."


(يضرب بقبضته على الحائط بقوة، ملامحه مشدودة، وتظهر عليه علامات الغليان)


أحمد: "انتقام؟ يمكن أكتر من كده. اللي جاي مش مجرد كلام، ووقتها هتعرفي إنك لعبتي بالنار، والنار دي هتحرقك."


(ينظر إلى الصورة الملقاة على الأرض للحظات، ثم يركلها بعيدًا)


أحمد: "مش هتهربي مني، سمر. الحساب قريب... قريب جدًا."


(يخرج من الغرفة بعصبية، تاركًا وراءه الصورة الممزقة كرمز لكل الحقد اللي جواه.)

********************

**في صباح اليوم التالي، كانت سيليا ماشية بسرعة في الشارع، وأفكارها مولعة بالغضب والإحباط. الموبايل كان في إيديها، وصورة جاد جوزها مع عشيقته لسه ظاهرة على الشاشة. قلبها كان بيدق بسرعة، والكلام بيلف في دماغها زي دوامة ما بتقفش.


سيليا (بتكلم نفسها): "مش سيليا البحيري اللي تنكسر يا جاد الشهاوي ، أنا هوريك، اوف ، إيه القرف ده"


في اللحظة اللي رفعت فيها راسها، خبطت فجأة في جسم قوي. اهتزت شوية قبل ما تستعيد توازنها، ولقت قدامها راجل بملامح حادة وعينيه ساحرة، زين. هو كمان كان سرحان، بس دلوقتي، أول ما عينه جات في عينها، الزمن وقف للحظة.


زين (بصوت هادي ومتفاجئ): "آسف... مكنتش واخد بالي."


سيليا (بصوت متلخبط): "لا، عادي... أنا كمان كنت سرحانة."


الاثنين وقفوا ساكتين للحظة، عينيهم بتتلاقى وتفحص الملامح. سيليا كانت شبه لوحة مرسومة، بنقاء وجمال ملائكي، وزين بوسامته وملامحه الرجولية القوية، خلّى قلبها يدق بطريقة مختلفة للحظة.


زين (بيضحك خفيف): "يظهر إن النهارده مش يوم السرحان والمشي."


سيليا (بتبتسم وهي محرجة): "يظهر كده فعلاً."


وهي بتحاول تخفي مشاعرها المتلخبطة، زين فضل يبصلها وكأنه بيدور على حاجة ورا الابتسامة الهادية دي. كان عاوز يفهم إيه اللي شاغلها، لكن صمت اللحظة كان أقوى من أي كلام.


زين (بفضول): "إنتِ كويسة؟ شكلك كأن في حاجة مضايقاكي."


سيليا وقفت للحظة، وترددت قبل ما ترد، مشاعرها كانت متلخبطة بين الغضب من جاد والانجذاب الغريب للضابط الوسيم ده.


سيليا (بتنهيدة): "مش قوي، بس... هبقى كويسة."


زين (بصوت داعم): "أحيانًا الكلام بيبقى مفيد، حتى لو مع حد غريب."


سيليا بصت في عينيه، وتسألت: "يا ترى ممكن الغريب ده يكون الملجأ اللي عمرها ما لاقته مع جوزها؟"


سيليا (بنبرة مترددة): "أنا مش متعودة أتكلم مع حد غريب... بس الحياة ساعات بتفاجئنا بحاجات مش متوقعة."


زين (مبتسم): "فعلاً، ويمكن كمان الغريب يبقى أقربلك في اللحظة دي من ناس تعرفيهم طول حياتك."


سيليا بصت للأرض شوية، بتحاول تجمع شجاعتها تتكلم. عقلها كان مليان بالغضب والخيانة، بس الوقوف قدام زين حسسها بنوع من الراحة اللي مكنتش متوقعة.


سيليا (بصوت هادي): "أنا حياتي معقدة أوي دلوقتي... مش عارفة أقولك إيه."


زين (بحنان): "خدي راحتك، مفيش داعي تقولي حاجة لو مش مرتاحة."


السيارات كانت بتمر جنبهم، صوت الشارع شغال حواليهم، لكن في اللحظة دي كانوا زي ما يكونوا في عالم لوحدهم. سيليا رفعت عينيها وبصت لزين، وحست بنوع من الأمان. كلامه كان بسيط، بس فيه حاجة جواه حسستها إنه بجد مهتم.


سيليا (بتنهيدة): "جوزي... بيخوني. وأنا... مش قادرة أتصرف."


زين اتحرك بخطوة بسيطة قدام، عينيه بقوا مليانين تعاطف.


زين (بصوت حازم): "حد زيك ما يستحقش الخيانة. الناس اللي بتقدم حبها وتضحيتها يستحقوا حد يقدرهم، مش كده."


سيليا بصتله وهي بتحس بتدفق مشاعر مختلطة. الكلام اللي قاله كان زي بلسم لجروحها، بس برضه جواها كان فيه ألم.


سيليا (بمرارة): "كنت فاكرة إننا عيلة... إن كل حاجة بينا حقيقية. بس دلوقتي أنا بسأل نفسي: كل اللي عملته عشانه راح فين؟"


زين (بنبرة صادقة): "اللي بتقدميه من قلبك عمره ما بيروح هدر، حتى لو مش شايفاه دلوقتي. المهم إنك تفكري في نفسك، في اللي إنتِ تستحقيه."


سيليا اتنهدت من تاني، وحست إنها لأول مرة من زمان تتكلم بصدق مع حد من غير خوف أو خجل.


سيليا (بصوت هادي): "يمكن... يمكن إنت عندك حق."


زين (بابتسامة مطمئنة): "مش يمكن... أنا متأكد."

*********************


**في مقهى فاخر في دبي، تجلس جيسي وصديقتها زيزي في زاوية هادئة، تتحدثان بينما تحتسيان القهوة. تتكلم جيسي بلهجة غاضبة وحاقدة، تحرك يديها بعصبية وهي تنظر إلى صديقتها بنظرات تحمل مشاعر الحسد والغيرة**


جيسي: (بغضب) والله يا زيزي، ما بعرف كيف هاي سيليا لسة عايشة مع جاد! ولا بتعمل شي مفيد بحياتها غير إنها قاعدة في مصر مع العيال. جاد ما بيشوفها إلا بالشهور، وأنا لو مكانها كنت خليته يندم على كل لحظة أهملني فيها!


زيزي: (تبتسم بمكر) بس يا جيسي، هي سيليا أم أولاده. يعني مهما صار، عندها مكانة عنده، حتى لو مهملها.


جيسي: (تضحك بسخرية) مكانة؟! إنتي بتحكي عن مكانة! ما في شي اسمه مكانة. هاي قاعدة عايشة في مصر، وجاد هون في دبي، لا يهتم فيها ولا بالأولاد. وأنا اللي شايفة كل شي. إذا هو مش مهتم فيهم، شو قيمتها عنده؟ ولا شي! لو عندها كرامة، كانت تركته زمان.


زيزي: (بابتسامة خبيثة) طيب، وشو فكرتك؟ إنتي بتكرهيها لهالدرجة، شو ناوية تعملي؟


جيسي: (تغمض عينيها بتفكير) والله يا زيزي، جاد يستحق وحدة تكون جنبه، تهتم فيه. سيليا مالها وجود إلا على الورق. لو جاد شاف شو في بنات أحلى منها وأقوى منها، كان نسيها تماماً. وأنا عندي خطة... (تبتسم بخبث).


زيزي: (بحماس) خطة؟ شو ناوية تعملي يا مجنونة؟ قولي!


جيسي: (بهدوء مميت) بدي أخلي جاد يشوف إنه يستحق الأحسن 


**زيزي تجلس أمام جيسي وتحاول إخفاء ابتسامتها الخبيثة، فهدفها الأساسي ليس فقط الاستماع لجيسي، بل هي تسعى لأن تكون أقرب لعائلة جاد لتأمين موقعها. تستغل حقد جيسي على سيليا لصالحها**


زيزي: (تبتسم بمكر أكبر) فكرة قوية يا جيسي! وأنا بصراحة شايفة إنك الأجدر تكوني جنب جاد. بس بصراحة، عندي فكرة أحسن!


جيسي: (تحدق فيها بفضول) فكرة أحسن؟ شو قصدك يا زيزي؟


زيزي: (بتصنع الود) شوفي يا حبيبتي، أنا عارفة إنك بتحبي جاد وبتحسي إنه يستحق أفضل من سيليا. بس لازم تكوني ذكية. جاد عنده نفوذ وعائلته مرموقة وثرية، وهذا النوع من الرجال لازم تحسسيه إنه محتاجك مش بس لأنك الأخت الصغيرة، بل لأنك الشخص الوحيد اللي بيفهمه وبيسنده. ومن هنا... ممكن نشتغل معاً.


جيسي: (تشعر بالريبة) معاً؟ كيف يعني؟


زيزي: (تقترب منها وتخفض صوتها) أنا بدي مصلحتك... ومصلحتي كمان. تعرفي إن جاد عائلة كبيرة ومرموقة، وأنا كنت دايماً أحلم إني أتزوج رجل مثله. شو رأيك نشتغل سوا؟ أنا أقرب منه أكثر... ومن هناك، أساعدك في إنه يبعد عن سيليا تماماً.


جيسي: (تضيق عينيها وترد بحذر) يعني إنتي بدك تتزوجي جاد؟ هذا كل الموضوع؟


زيزي: (بتصنع البراءة) بصراحة، جاد فرصة ما تتعوض، وكلنا عارفين إنه زواجه بسيليا انتهى عملياً. إنتي بتكرهيها، وأنا بدي أكون جزء من العائلة... بنقدر نساعد بعض. إذا قدرت أتقرب من جاد، أنا رح أقدر أخلصك من سيليا نهائياً، ووقتها إنتي اللي رح تكوني الأقرب له. بس لازم تفكري بذكاء.


جيسي: (تسكت للحظة، ثم تبتسم بخبث) ماشي يا زيزي... خلينا نشوف إنتي قد إيش شاطرة. لو قدرتي تقربي من جاد وتخليه يبعد عن سيليا، أنا رح أكون معك. بس، ما تنسي، أي حركة غلط... ورح تكوني أنتِ اللي خرجتِ من اللعبة.


زيزي: (تبتسم بارتياح) اتفاق إذن. سوا رح نخلي جاد يشوف مين اللي فعلاً يستحق يكون جنبه


فصل 6

بعد عدة أيام ، لم تتغير الأمور كثيرا ، جاد لازال مقيم في مصر و استمر بتجاهل سيليا و الأولاد ، زين يفكر في تلك الفتاة التي خطفت عقله و قلبه ، رائد لم يفاتح والدته بأمر خطوبته من كارما ، تميم يرهق نفسه بالعمل ، عائلة البحيري كل واحد مشغول بأعماله و لكن سيليا لم تخرج من بالهم أبدا 

******************

في مكان آخر نذهب إليه لأول مرة ، تجلس تلك الشابة التي يبدو عليها الحقد و الكره 

سمر(بشر): لازم اخطط كويس عشان ارجع لأحمد ، مش هفضل طول عمري في الفقر 

شاهي (بمكر): وأنتي فاكرة أنه هياخدك بالحضن بعد اللي عملتيه 

سمر(بخبث): عيلة و غلطت يا شاهي ، مش مستاهلة كل ده ، أحمد عبيط و أنا هضحك عليه بكلمتين حلوين ، متشغليش بالك أنتي 

شاهي (وهي تضحك بمياعة):  ودي أشوفك بتضحكي عليه فعلاً، سمر. بس لازم تكوني ذكية، ما تجيبيش على نفسك شبهة العاطفة. أحمد مش غبي، هو صح  طيب، وأنا بحب لما حد يوقعه في فخه. لو لعبتي صح، هتلاقيه في حضنك بسرعة، لكن خلي بالك من الخطوات الجاية... الدنيا كلها في يدك لو عرفتي تتلاعبين صح.

سمر ( بشر): ومش  سمر اللي بتخاف ، أنا عارفة ازاي هخليه زي الخاتم في صوباعي ، و وقتها هتصير كل أملاك البحيري ليا أنا و بس 

لتكمل سمر و شاهي ضحكاتهما الخبيثة غافلتين عن الذي كان يستمع لكل شيء 

*********************

في فيلا ليلى الألفي ، كانت سيليا تحاول الاتصال بجاد للمرة المليون ،  لكنه كنسل عليها في المرة الأخيرة ، مما اثار غضب سيليا 

سيليا ( بجنون): أنا هوريك يا جاد ، هوريك مين هي سيليا البحيري ، سامع يا جاااااااد 


ارتعب الأولاد من صراخ والدتهم ، في حين جاءت ليلى مسرعة نحوها بعد أن سمعت صراخها 

ليلى ( بخوف): حصل ايه يا بنتي ، انطقي ، في ايه يا سيليا 

سيليا ( بتصميم): أنا هخلع جاد يا عمتو ، و هسيب الأولاد ، من حقي أني اعيش حياتي ، أنا لسه صغيرة و مش هدفن نفسي بالحيا 

ليلى ( بشهقة): استهدي بالله يا بنتي ، المشاكل متتحلش كده ، عندك ثريا هانم و كريم بيه واقفين بصفك 

سيليا ( بسخرية): اها ، اظهري على حقيقتك يا عمتو ، عايزة بعتيني لجاد عشان الفلوس مش كده 

ليلى (بغضب مخفي وراء الهدوء): سيليا، مش معقول كلامك ده! أنا مش عايزة أبيعك  لحد عشان فلوس، بس عايزة مصلحتك، وده مش معناه إني ضدك. جاد مش كل حاجة، والأولاد مش مجرد أداة للانتقام. لو كنتِ بتفكري كويس، كنتِ فهمتي إن الحياة مش بتقف عنده، ولا عند فلوسه. الفوضى دي هتأذيك أكتر من أي حاجة تانية

سيليا ( بعناد):  وأنا مش هوقف حياتي عند جاد ده ، هخلعه و  اسيب  الاولاد و ارجع للجزائر ، أنا تعبت حقيقي 

كادت سيليا أن تذهب ، لكن استوقفتها ليلى قائلة بخبث 

ليلى: استني عندك يا سيليا 

سيليا ( بغضب): في ايه تاني ؟

ليلى ( بخبث): فكري كويس ، انتي دلوقتي لو سبتي ولادك لجاد ، و اتطلقتي منه ، هياخد ولاده و يسافر لدبي ، و يتجوز واحدة حرباية ، تاخد ولادك و تكرههم فيكي ، و انتي اولدي و اتعبي و ادفني نفسك بالحيا عشان خاطر اللورد جاد  و السنيورة تاخد كل حاجة عالجاهز كده 

ثم اكملت قائلة بجدية 

ليلى ( بحب صادق) : سيليا ، انتي بنتي اللي مخلفتهاش ، اللي انقذتها من الموت فآخر لحظة ، صدقيني لو كنت أعرف حقيقة جاد مكنتش وافقت على الجوازة دي من الأساس حتى لو كلفني ده خسارة صديقتي الوحيدة ثريا ، بس لسه عندنا وقت عشان نصلح اللي فات ، خدي ولادك فحضنك و اتطلقي من جاد و عيشي حياتك ، أنتي لسه مكملتيش 22 سنة يا بنتي ، و لسه عمر طويل قدامك عشان تعيشيه ، اسمعي الكلام يا سيليا ، و أنا و رائد مش هنسيبك أبدا 

سيليا (بتأثر واضح): عمتو... أنا حقيقي تعبت، ومش قادرة أستحمل أكتر من كده. جاد دمرني، خلاني أحس إني مجرد لعبة، ودايماً محسسني إني مش مهمة. بس كلامك صح... مش هقدر أسيب ولادي، مش هقدر أسيبهم لواحدة تانية تربّيهم وتكرههم فيّ.


(تتوقف للحظة وتتنفس بعمق)


سيليا (بصوت مليء بالعزم): بس أنا مش هفضل مستسلمة. هسمع كلامك يا عمتو، هاخد ولادي وأبدأ من جديد. أنا مش ضعيفة، ولازم أفكر في مستقبلي ومستقبلهم. شكراً إنك دايماً جنبي... ما كنتش هعرف أعمل ده لوحدي

ليلى (بحنان): يا حبيبتي، أنا معاك دايماً، مش هسيبك أبداً. إنتي أقوى بكتير مما بتتصوري، وده أول خطوة إنك ترجعي لنفسك وتعيشي حياتك زي ما تستحقي. ولادك محتاجينك، وأنا ورائد جنبك في كل خطوة.


(تضع يدها على كتف سيليا)


ليلى (بابتسامة دافئة): إحنا عيلة، والعيلة مش بتتخلى عن بعضها. هتعدي الأزمة دي، وهتبدأي صفحة جديدة، وصدقيني الأيام الجاية هتكون أحسن بكتير.


في غرفة الأطفال، جلس زياد ومازن معًا على السرير، يحدقان في بعضهما البعض بحيرة. كانت لينا نائمة بجانبهما، بينما كان الصمت يعم المكان، إلا من صوت أنفاسهما.


زياد (وهو ينظر إلى مازن بحزن): ليه بابا مش بيحبنا زي ما رائد بيحبنا؟


مازن (بصوت خافت): ما بعرفش يا زياد... رائد دايمًا بيضحك معانا، بيلعب معانا، بس بابا مش كده. هو مش دايمًا بيكون هنا.


زياد (بتساؤل): يعني هو مش بيحبنا زي رائد؟


مازن (بحزن): بابا مبيجيش إلا لما يبقى عنده وقت، بس رائد كان دايمًا موجود، بيلعب معانا، بيحكي لنا قصص... بابا مبيعملش كده.


زياد (بصوت منخفض): ليه بابا كده؟ هو مش مهتم بينا؟ ليه مبيشوفناش زي رائد؟


مازن (بصوت ضعيف): مفيش حد زي رائد يا زياد. رائد دايمًا معانا، بيحسسنا أننا ولاده، لكن بابا مش بيحس بينا زي كده.


زياد (بصرامة): إحنا مش غلطنا في حاجة، صح؟ رائد مش بابا، بس هو دايمًا معانا.


مازن (بحزن): عارف... بس أنا مش فاهم ليه بابا مش بيقعد معانا زي رائد. رائد يعاملنا كأننا أولاده، لكن بابا مش بيبقى معانا كده.


زياد (بتصميم): مش هنسكت. أنا هحاول مع بابا، عشان هو لازم يحس بينا زي ما رائد بيحس بينا.


مازن (بابتسامة خافتة): وأنا معاك يا زياد. يمكن لو حاولنا مع بعض، بابا يغير رأيه.


كانت الكلمات بين زياد ومازن مليئة بحزنهما وبراءتهما، وتوضح الفرق بين المعاملة الدافئة التي كانا يحصلان عليها من رائد، وبين تجاهل والدهما جاد.


في هذه اللحظات كان رائد يستمع لكلام الأطفال و شعر بالحزن على حالتهم 

رائد (في نفسه، وهو يراقب الأطفال بصمت): "هم دول مش أولادك، جاد... هما مش أولادك. إزاي تقدر تتجاهلهم كده؟ إزاي تقدر تتركهم في حالة من الحيرة والضياع؟"


(رائد يتنهد بمرارة)


رائد (بتوعد وغل في قلبه): "أنا مش هسمح لك تضرهم تاني يا جاد. مهما حاولت، مهما عملت، أنا مش هسيبك تبقى بعيد عنهم... الأطفال دول، زي أولادي تمامًا، وأنا مش هخلي حد يفرّق بينهم وبين الحق اللي هما عايشين فيه. أنت مش هتعرف تحس بيهم إلا لما تفقدهم، ومش هتقدر تقرب منهم تاني."


(رائد يغلق قبضته في غضب)


رائد (بصوت خافت): "أنت مش هتقدر تسيطر عليهم زي ما كنت فكر. ليك يوم، يا جاد، يوم هتشوف فيه من معاملة الناس ليك قد إيه كانت فارغة. يوم هتندم على كل لحظة تجاهلت فيها العائلة دي، وخصوصًا أولادك. هخليك تدفع الثمن."


(يتوقف ليتنهد ثم يواصل)


رائد (بتصميم): "مش هتخليهم يعيشوا في ظل شخص مش قادر يكون أب حقيقي. أنا هخليهم يعرفوا مين اللي كان موجود ليهم وقت ما كنت إنت غايب. لو كان فيه حد يستحق التقدير والاحترام، فهو الناس دول. وأنا مش هسمح لأي حد يحطمهم. هتبقى أسوأ لحظة في حياتك لما تعرف إنك فقدت كل حاجة لأنك مش قادر تكون الأب اللي المفروض تكونه."


(يبتسم رائد ابتسامة مريرة وهو ينظر نحو الأطفال، وعيناه مليئة بالعزم على الانتقام من جاد)

************************


كانت الساعة قربت على منتصف الليل، والفيلا هادية جدًا ما عدا صوت خطوات زين وهو داخل من الباب الكبير. النور الضعيف في الصالة كان بيخلي الظلال تظهر على الحيطان البيضا. كانت هناء، والدته، قعدة على الكنبة، عينيها شاردة في الفراغ، مستنياه زي كل مرة. لما شافها، وقف في المدخل لحظة صمت طويلة قبل ما يتكلم.


زين (بغضب مكبوت):

"إنتِ هنا؟ مستنياه في الوقت ده؟ عايزة مني إيه؟"


هناء (مظهرة هدوء مش طبيعي):

"كنت مستنيك ترجع... اتأخرت كتير. كنت عايزة أتكلم معاك."


زين (بصوت منخفض وحاد، وهو بيقرب منها):

"بتتكلمي؟ بعد كل السنين دي؟ هتقوليلي إيه؟ في مبرر للي عملتيه؟ بتفتكري الكلام ده هيرجع حاجة؟"


هناء (تنهدت، بتحاول تتحكم في مشاعرها):

"زين، أنا عارفة اللي حصل، وعارفة إن اللي عملته كان غلط. لكن كنت لسه صغير وقتها... كان عندك عشر سنين، ومش عايزة تفضل الذكرة دي بتمشي وراك."


زين (يقرب منها أكتر، وعينيه متوهجة من الغضب):

"ما تستخفّيش بيا. عشت كل يوم في حياتي وأنا شايف صورتك في دماغي، فاكر كيف خنتِ أبويا قدامي. وإنتِ بتقولي لي كنت صغير؟ كنت عايز أبويا في اللحظة دي، وأنتِ قتلتيه. أيوة، قتلتيه! مات بسببك."


هناء (بصت له، حاولت تبين بعض الندم، لكن عينيها مليانة ضعف):

"أنا... أنا غلطت. مش بطلب منك تسامحني، لكن عايزة تعرف إنني ندمانة على كل حاجة."


زين (بصوت متقطع، مليان وجع وحقد):

"ندمتِ؟ والندم ده هيرجع أبويا؟ هيرجع السنين اللي راحت من حياتي؟ هيرجع لي كرامتي اللي أهنتيها؟"


هناء (قربت منه شوية، وعينيها مليانة دموع):

"أرجوك يا زين، أنا أمك. مش قادرة أعيش في الصمت ده أكتر. عارفة إنك بتكرهني، لكن مش قادرة أعيش وأنا حاسة إنك بترفضني."


زين (ابتعد عنها بشكل مفاجئ، وكأن كلامها ما وصلش لقلبه):

"إنتِ مش أمي! أمي كانت حاجة تانية، كانت واحدة بتحبنا وتحترمنا. إنتِ مجرد واحدة مش تستاهل تتسمى أم. لو كنتي فاكرة إن كل حاجة هترجع زي ما كانت، إنتِ غلطانة. اللي بينا خلص من زمان."


وقف شوية، خد نفس عميق، وبعدين قال وهو ملتفت ناحية الباب:

"مش عايز أشوفك تاني. مفيش مكان ليكِ في حياتي. هاجي هنا بس عشان أطمن على البيت... ده كل حاجة."


قفل الباب وراءه ببطء، وتركها في الصالة، لوحدها، مع ذكرياتها المظلمة اللي مش هتقدر تتخلص منها أبداً


#قيود_العشق2 

فصل 7&8

صعد زين إلى الطابق العلوي بخطوات ثقيلة، وهو يشعر بثقل الذكريات يضغط على صدره. فتح باب غرفة والده ببطء، وكأنها ما زالت تحمل رائحته ودفء وجوده. النور الخافت المنبعث من مصباح الطاولة كان يلقي بظلال خافتة على الجدران، ليعيد إحياء مشاهد قديمة من ذاكرته.


توجه زين نحو الخزانة الخشبية القديمة، فتح أحد الأدراج بيدين ترتجفان، وأخرج ألبوم الصور الأسود. جلس على طرف السرير، فتح الألبوم ببطء، وعينيه بدأت تلتهم الصور.


كانت أول صورة له مع والده في حديقة المنزل، زين طفل صغير، يضحك بينما والده يحمله على كتفيه. عادت ضحكته إلى أذنيه وكأنها تسخر من الحاضر. قلب الصفحة، فوجد صورة أخرى لهما وهما يلعبان كرة القدم. والده كان يبتسم بفخر وكأنه يرى فيه امتداداً لحياته.


زين (بصوت مبحوح مليء بالشجن):

"يا ترى... كنت فخور بيا وقتها؟ كنت بتشوفني إزاي؟ كنت بتخطط لمستقبلنا إزاي؟"


مرر أصابعه برفق على وجه والده في الصورة، وكأن اللمس قد يعيده للحياة. كانت الصور التالية تحمل ذكريات يوم ميلاده العاشر، والده يضع له القبعة الورقية على رأسه ويطفئان الشموع معاً.


توقف عند صورة أخرى. نفس الملابس التي كان والده يرتديها في اليوم الأخير. الصورة التي التقطت صباح اليوم الذي تغير فيه كل شيء. دمعت عيناه، وكأن جسده لم يتحمل طوفان المشاعر الذي أغرقه.


زين (بصوت خافت يتخلله البكاء):

"ليه؟ ليه كل حاجة انتهت بالشكل ده؟ ليه كنت لازم أشوفك تنهار قدامي؟... ما كنتش أقدر أعمل حاجة. كنت طفل صغير... ما كنتش أعرف إني هشوفك... تموت."


أسند رأسه إلى الألبوم، وأغمض عينيه، بينما تملأ الغرفة سكوناً مشوباً بالألم.


تذكر اللحظة التي رأى فيها والده يضع يده على صدره ويسقط أرضاً، صرخاته وهو يحاول أن يوقظه، ووجه والدته الذي لم يحمل سوى الصدمة الزائفة. صوت الإسعاف وهو يأخذ والده بعيداً... للأبد.


زين (بغضب مكبوت وهو يشد يده على الألبوم):

"كانت السبب... هي اللي قتلتك. كل حاجة بسببها."


قلب الصفحة الأخيرة من الألبوم، ليجد صورة قديمة تجمع والده ووالدته قبل أن يتغير كل شيء. لم يستطع أن يزيل وجهها من الصورة، لكن بدا وكأنه يحاول إزالتها من ذاكرته.


أغلق الألبوم بعنف، ووضعه على الطاولة بجانب السرير. وقف أمام النافذة المطلة على الحديقة، وأشعل سيجارة، في محاولة يائسة لإخماد الألم الذي يشتعل في صدره.


زين (بصوت حاسم، وكأنه يخاطب نفسه):

"لازم أتحرر من ده كله. ما ينفعش أفضل محبوس في الماضي ده. أنت كنت تستحق حياة أحسن... وأنا لازم أعيشها علشانك."


نظر إلى السماء، وكأنها تحمل روح والده، ثم خرج من الغرفة، حاملاً في داخله وعداً صامتاً بأنه لن يسمح لأي أحد، بما في ذلك والدته، أن يعكر ذكريات والده أو يقترب منها مجدداً.


نزل زين من على السلم بخطوات تقيلة، بس المرة دي كان كل حاجة جواه زي بركان على وشك الانفجار. عينيه مليانة غضب وحقد، وملامح وشه جامدة زي الحجر. لما وصل للصالة، لقاها لسه قاعدة في مكانها، حواليها هدوء مصطنع كأنها بتحاول تبان قوية بعد كلامه.


وقف زين عند آخر السلم، وبص لها بنظرة كلها قرف، وكأنه شايف قدامه السبب في كل حاجة دمرت حياته.


زين (بصوت واطي لكنه مليان احتقار):

"إنتِ قاعدة هنا... مستنية إيه؟ مستنية أعملك كإنك أمي؟ ولا مستنية أصدق الندم اللي بتمثليه ده؟"


ثم أكمل قائلا بسخرية مريرة 

زين" اه ، نسيت ،انتي أصلا ملكة التمثيل و ****** يا هناء هانم"


هناء (رفعت رأسها ليه، وعينيها مليانة دموع):

"أنا مش قادرة أرجّع اللي فات، يا زين. كل اللي أقدر أعمله إنّي أطلب منك تسامحني."


زين (ضحك بسخرية مُرة وهو بيقرب منها بخطوات بطيئة):

"تسامحك؟ أسامحك على إيه؟ على إنك خنتي الراجل اللي كان بيشيلك فوق راسه؟ ولا على إنك دمرتي حياته قدامي؟"


هناء (بصوت مهزوز):

"كنت صغيرة .... ضعيفة... غلطت. بس ده مش معناه إنّي..."


زين (مقاطعاً بحدة):

"مش معناه إيه؟ مش معناه إنك خاينة؟ إنك... ****؟ آه، ****! ما تخجليش من الكلمة. عارفة إيه الأصعب؟ إن العاهر**ة العادية على الأقل ما بتهدش بيتها. لكن إنتِ، إنتِ هدمتي بيتنا... هدمتي حياة أبويا... وحياتي أنا كمان."


هناء (انهارت بالبكاء وهي بتحاول تقرب منه):

"زين... أنا أمك. حتى لو غلطت، أنا أمك!"


زين (ابتعد عنها بخطوة، وكأن قربها بيئذيه):

"إنتِ ما تستحقيش تكوني أمي. أمي كانت ست تانية... كانت ست بتحبنا وبتحترمنا. إنتِ مجرد واحدة أنانية ما فكرتيش غير في نفسك. أبويا مات بسببك، وأنا اتحولت لشخص ما بيعرفش يحب ولا يثق في حد... بسببك. كل كلمة بتقوليها، كل دمعة بتنزل منك، مش هتغير أي حاجة."


هناء (بوجع كبير):

"أنا ندمانة... والله ندمانة!"


زين (بص لها نظرة أخيرة مليانة قرف واشمئزاز):

"ندمك ده جه متأخر. كنتِ لازم تندمي يوم ما قررتي تخونيه. دلوقتي... كل اللي أقدر أشوفه فيكِ هو الخيانة. عايزة مني تسامح؟ انسِ، ده مش هيحصل. عمرك ما هتاخديه."


استدار زين ناحية الباب، فتحه وخرج على الجنينة، وسبها في الصالة لوحدها غرقانة في دموعها، وسط ذكرياتها وأخطائها اللي عمرها ما هتعرف تهرب منها.


***********************


في البار ، المكان مليان بالأضواء الملونة وأصوات الموسيقى العالية. الضحك داير حوالين الطاولات، وصوت الكوبايات وهي بتخبط في بعضها واضح. جاد قاعد على ترابيزة  ، في إيده كوباية مشروب، متكاسل على الكرسي، وعينيه متسمرة على الناس اللي بترقص على المسرح. جنبه واحدة لابسة فستان لامع يظهر أكثر مما يخفي، بتحاول تلفت انتباهه بابتسامة مغرية.


جاد: (يضيق عينيه ويبتسم بمكر) الليلة دي غريبة... فيها حاجة بتخليني عايز أنسى كل حاجة.


الست: (تقرب منه وتميل بجسمها) أنسى؟ الرجالة زيك ما بيعرفوش ينسوا بسهولة، شكلك بتحاول تهرب من حاجة.


جاد: (يرشف من كوباية المشروب ويضحك بسخرية) أهرب؟ ممكن. أو يمكن أنا بس بدور على لحظة متعة... من غير أي قيود.


الست: (بجرأة وهي بتبصله) إنت متجوز؟


جاد: (يضحك بخفة ويبص في كوباية المشروب) متجوز؟ كلمة كبيرة دي. خلينا نقول... مرتبط بواجب.


الست: (تحط إيدها على كتفه و تقول بدلع) يبقى الليلة دي إنت راجل حر.


جاد: (يبصلها بابتسامة ماكرة) دايمًا حر... حتى لو فيه قيود.


(يقطع كلامهم صوت ضحك عالي جاي من ناحية تانية في البار. جاد يلتفت للصوت ويرفع كوباية المشروب بتحية لصاحبه اللي قاعد على ترابيزة بعيدة.)


جاد: (بنبرة لا مبالية) على فكرة، إنتي شايفة إن السعادة بتيجي لما الواحد يتحمل المسؤولية؟


الست: (تضحك بمياعة) السعادة؟ السعادة تيجي لما الواحد يعيش اللحظة... زي دلوقتي بالظبط.


جاد: (يبتسم ويقوم من الكرسي، متوجه لمنصة الرقص) أهو ده اللي كنت بدور عليه... لحظة ما تخلصش.


(الست تمشي وراه وهو يكمل ليلته وسط الضحك والمزيكا، ناسي تمامًا مراته وعياله اللي سايبهم في بيت بعيد، مستنيين أب يحتويهم و يحسسهم بحنانه )

***********************


في فيلا ليلى الألفي ، في غرفة المعيشة فسيحة ومزينة بذوق راقٍ، تضج بالهدوء الذي يعم المنزل بعد نوم الأطفال. سيليا تجلس على الأريكة وهي ترتدي ملابس منزلية أنيقة، تحمل كوبًا من الشاي بيدها وتبدو على وجهها علامات التفكير العميق. على الكرسي المقابل تجلس عمتها ليلى، امرأة في منتصف العمر، بثوب بسيط ونظرة حنونة لكنها قلقة. بجانب ليلى يجلس رائد، شاب في أواخر العشرينات، ملامحه تعكس الجدية والاهتمام.


ليلى: (بنبرة حنونة) سيليا يا حبيبتي، أنا شايفة الضيق في عينيكي... لكن الكلام اللي بتقوليه مش سهل. إنتي فعلاً قررتي؟


سيليا: (تضع الكوب على الطاولة وتنظر لعمتها بثبات) قررت، يا عمتي. كفاية اللي استحملته من جاد. لا حب، لا احترام، لا اهتمام حتى بأولاده. أنا تعبت من دور الضحية.


رائد: (يتكئ للأمام ويضع كوعه على ركبته) سيليا، أنا فاهم اللي إنتي حاسة بيه، وجاد تصرفاته لا تتغتفر... بس إنتي بتتكلمي عن خطوة كبيرة. التمثيل وعروض الأزياء؟ إنتي واثقة؟


سيليا: (تبتسم بسخرية) واثقة. جاد ما بيشوفش غير المظاهر. بيحب أي حاجة تلمع وتشد الانتباه. طيب، لو دي اللعبة اللي بيعرفها... يبقى أنا كمان هعرف ألعبها.


ليلى: (بتوتر) بس يا بنتي، المجال ده مش سهل. ومش مضمون، وكمان مش لايق عليكي ، أنتي بنت محترمة مش للحوار ده وجاد... هيعمل أي حاجة عشان يحبطك.


سيليا: (بنبرة مليئة بالتحدي) عشان كده، أنا مش هخليه يحبطن و على فكرة يا عمتو أنا مش بنت ليل ، همثل بس ، أنا طول عمري عايشة عشانه، ولعياله، وهو ما قدرش ده. دلوقتي دوري أثبتله إنه مش الوحيد اللي يقدر يكون محط الأنظار.


رائد: (ينظر إليها بإعجاب مخلوط بالقلق) واضح إنك مصممة. وأنا دايمًا جنبك، بس يا سيليا، خدي بالك. اللعبة اللي بتدخليها دلوقتي فيها مخاطر، وجاد مش سهل.


سيليا: (تبتسم بثقة) ولا أنا.


ليلى: (تتنهد) ربنا يهديكي يا بنتي... أنا عارفة إنك قوية، بس متنسيش إنك أم لثلاثة أطفال.


سيليا: (بهدوء، وهي تنظر باتجاه السقف) عشانهم، يا عمتي. عشانهم لازم يشوفوا أم قوية مش واحدة مكسورة.


رائد: (ينهض ويضع يده على كتفها) لو دي خطتك، يبقى أنا معاك. بس وعديني إنك هتبقي حذرة.


سيليا: (تضع يدها على يده وتنظر إليه بامتنان) وعد.


تتبادل سيليا ورائد النظرات بثقة، بينما ليلى تهز رأسها بخوف وحنان. 


بعد صعود ليلى و رائد ، بقيت سيليا تجلس على الأريكة وحدها. في يدها صورة قديمة لعائلتها، تحتفظ بها منذ 6 سنوات منذ هروبها في ذلك اليوم ، تنظر في الصورة بصمت، وكأنها تسترجع لحظات كانت مفقودة. تبدو عيناها مليئة بالمرارة، تنهدت بشدة ثم بدأت في الحديث مع نفسها، عاتبة على عائلتها بطريقة لا تخلو من الحزن.


سيليا: (بصوت ضعيف، وهي تنظر إلى الصورة) إزاي، يعني إزاي قدروا يشكوا فيا؟ أنا اللي تربيت وسطهم، أنا اللي كنت كل حاجة ليهم... مش فاهمة لحد دلوقتي ليه شكوا فيا بالشكل ده.


(تأخذ نفسًا عميقًا، ثم تتابع بحزن)


سيليا: (بهمسات) لو كانوا شافوا الألم اللي أنا عشت فيه... لو كانوا حاسوا بيه... هل كانوا هيشكوا فيا؟ هل كانوا هيصدقوا كذبة واحدة من اللي كانوا بيقولها عني؟


(تمسك بالصورة أكثر، وكأنها تحاول أن تجد شيئًا مفقودًا فيها)


سيليا: (بغضب مكتوم) كانوا دايمًا يقولوا إني البنت المدللة، آخر العنقود. ليه دلوقتي لما كنت محتاجة لهم، هما مش موجودين؟ كانوا شايفينني قويّة، وكانوا بيقولوا إن مهما حصل أنا هكون دايمًا في أمان بينهم. 


(تسكت قليلاً، عينيها مليئة بالدموع، ثم تكمل بحزن)


سيليا: (بصوت ضعيف) أمي، كنتي دايمًا بتقولي إنك لو احتاجتي حاجة، هتكوني موجودة. لكن ليه ما كنتيش جنبّي؟ ليه ما حاولتيش تدافعوا عني؟


(تنظر بعيدًا، وكأنها تراجع الأحداث في ذهنها)


سيليا: (بهمسات) أخواتي، كلهم كانوا فاكرين إني غلطت... لو كانوا جادين في حبهم ليّ، لو كانوا فعلاً أخواتي، ما كانوا يسيبوني أهرب كده. كنتوا تقدروا تلاقوني، كنتوا تقدروا تساعدوني لو كنتوا فعلاً حاسين بيا.


(تسكت، تعقد يديها معًا، وتظهر علامات الصراع في عينيها)


سيليا: (بصوت مكسور) كان عندكم فرصة تعيشوا معايا الحقيقة، لكن اخترتم إنكم تسمعوا كلام واحد، واحد بس. مش أنتم اللي كنتوا معايا، أنا كنت الوحيدة اللي كنت عايشة في الوجع ده، وحدي.


(تنهض وتتحرك في الغرفة قليلًا، وهي تكمل حديثها بصوت حازم)


سيليا: (بصوت حازم) كان المفروض تكونوا معايا في اللحظات دي، كان المفروض تدافعوا عني، مش تكونوا أول ناس تصدقوا الكذب. أنا مش هقدر أسامحكم على الشك ده، مهما حاولتوا.


(توقف للحظة، وتلملم نفسها كما لو كانت تستعد للمضي قدمًا في حياتها، ولكن الألم لا يزال في قلبها)


سيليا: (بصوت هادئ) مش هنسى، بس مش هخلي ده يقف في طريقي. الحياة مستمرة، وأنا هعيشها من غيركم


فصل 8

مرت عدة أيام دون جديد يذكر ، غير أن سيليا غيرت رأيها و قررت أن تكمل تعليمها في الجامعة بدلا من التمثيل ، بعد أن أصرت عليها عمتها ليلى بذلك 

في صباح ذلك اليوم كانت سيليا امام المرآة تجهز نفسها للذهاب للتسجيل في الجامعة ، قاطعها صوت ابنها الصغير زياد قائلا بطفولة 

زياد(ببراءة) : ماما ، انتي رايحة فين ؟

سيليا ( بحنان): رايحة الجامعة يا حبيبي ، عشان أدرس و أكمل دراستي 


زياد (متفاجئ): "زياد كمان عايز يروح يدرس "

سيليا (بابتسامة): "لما تكبر شوية وتدخل المدرسة السنة الجاية، يا بطل."


زياد (بحماس): "وزياد هيبقى شاطر؟"

سيليا (تضحك): "أكيد، بس النهارده عايزاك تبقى شاطر في البيت و تسمع كلام تيتا ليلى و خالو رائد، وتساعد ماما وتاخد بالك من مازن ولينا."


سيليا (تقبّله على رأسه): "صح، لينا صغيرة وأنت البطل الكبير بتاع البيت، ما تنساش تدي مازن لعبته المفضلة عشان ما يعيطش، ماشي؟"

زياد (بجدية طفولية و هو يلقي تحية الجيش): "ماشي علم و يتنفذ يا فندم

سيليا (بابتسامة): "وأنا لما أرجع هاجيبلك المفاجأة اللي بتحبها."

زياد (بفرحة): "آيس كريم؟"

سيليا (تضحك): "آيس كريم، لو كنت بطل."


قبلت سيليا رأس زياد تاني، وبصت على مازن اللي كان بيلعب بلعبته ولينا اللي كانت بتبصلها بعيونها البريئة. وقالت بلطف: "خد بالك من إخواتك يا زياد، أنت البطل الكبير."

خرجت سيليا من البيت وعينيها مليانة أمل للمستقبل اللي بتحلم بيه ليها ولولادها و قررت أن تضرب كلام جاد و عن طلبه منها ترك الجامعة بعرض الحائط 


بعد عدة دقائق ، انهت سيليا تجهيز نفسها وبعد لحظات كانت  تنزل مع أولادها باتجاه المطبخ، تحمل رضيعتها لينا بين ذراعيها، بينما زياد ومازن يتسابقان امامها)


زياد (بحماس): "ماما، أنا كسبت مازن!"

مازن (بإعتراض طفولي): "لأ! أنا اللي كسبت!"

سيليا (تضحك): "طيب، كفاية سباق لحد هنا، هتوقعوا على السلالم!"


يدخلون المطبخ ليجدوا عمتها ليلى وابن عمتها رائد يتحدثان


ليلى (مبتسمة): "صباح الخير يا حبايبي! جهزت لكم الفطار."

رائد (ناظرًا إلى سيليا): "أهو جيتِ شايلة لينا كأنك رايحة تحاربي! هاتيها شوية، إيديكي لازم تستريح."

سيليا (بابتسامة): "لأ يا رائد، مش تقيلة عليا، عادي."

رائد (بابتسامة لطيفة): "هاتي بس، اعتبريها أوامر."


يمد يده برفق ليأخذ الرضيعة من بين ذراعي سيليا، وهي تسلمه الطفلة مطمئنة


سيليا (مازحة): "طيب يا أخويا الكبير، خلي بالك منها، دي مش لعبة."

رائد (ضاحكًا): "متقلقيش، ما أنا اللي علمتك إزاي تشيليها من أول يوم."


يجلس رائد على الكرسي ويبدأ بهدهدة لينا برفق، بينما ليلى تضع الطعام على الطاولة


ليلى (ناظرة إلى سيليا): "ما تنسيش تخلصي أوراق التسجيل النهارده في الجامعة، عايزة أشوفك متألقة "

سيليا (بحماس): "أكيد يا عمتي، أنا نفسي متحمسة جدًا أكمل الخطوة دي."

رائد (بجدية مازحة): "بس على شرط، لما تبقي دكتورة ولا مهندسة، ما تنسي إن أنا اللي شجعتك."

سيليا (تضحك): "حاضر يا سيادة المشجع الأول!"


زياد ومازن يجلسان لتناول الطعام، بينما ليلى تنادي عليهما لتناول الحليب، ورائد يواصل اللعب مع لينا التي تضحك بصوت طفولي يملأ المكان بالبهجة

*************************

في فيلا البحيري كان ريان يستعد لأول يوم له كمعيد في الجامعة ، 


ريان نازل من أوضته لابس شيك جدًا، ماسك شنطته ووشه كله ابتسامة. العيلة قاعدين في أوضة السفرة والفطار متجهز.


فؤاد (الأب): صباح الخير يا بطل! جاهز لأول يوم؟

ريان (مبتسم): طبعًا يا بابا، ده يوم مهم جدًا بالنسبة لي.


نجلاء (الأم): ربنا يوفقك يا حبيبي. إحنا كلنا فخورين بيك، طول عمرك رافع راسنا.

أحمد (الأخ الكبير): والله يا ريان، أنا واثق إنك هتكون أحسن معيد في الكلية، مش بس بذكاءك، بأخلاقك كمان.


مراد (مازحًا): بس خدها نصيحة مني، ما تبقاش طيب أوي مع الطلبة، هيستغلوك لو عرفوا إنك حنين زيادة.

سامر: فعلًا، لازم تكون جدع وحازم من الأول. التواضع حلو، بس الحزم أهم.


يوسف (مبتسم): ما تقلقش يا معيد، إحنا كلنا ضهرك. لو احتجت حاجة، إحنا موجودين.


ريان (بثقة): شكرًا ليكم كلكم. دعمكم ده هو اللي دايمًا بيخليني أقدر أعدي أي صعب.


نجلاء: طب كُل لقمة بسرعة يا حبيبي، ما ينفعش تروح الجامعة وإنت جعان.

فؤاد (بابتسامة حزينة): فعلاً، بس نفسي اللحظة دي تبقى كاملة... لو سيليا كانت معانا دلوقتي!


الجميع يلتزم الصمت لثوانٍ، ونجلاء تحاول كسر الحزن على وجهها بابتسامة ضعيفة.


نجلاء (بحنين): لو كانت عايشة... كانت خلصت الجامعة هي كمان السنة دي. كانت هتبقى جنب أخوها، ويمكن هي كمان تبقى معيدة يوم من الأيام.

ريان (بدموع متحجرة): أنا متأكد إنها كانت هتبقى حاجة كبيرة، يا ماما. سيليا كانت دايمًا شاطرة ومتفوقة.


فؤاد (بصوت منخفض): كان نفسي أشوفكم كلكم ناجحين مع بعض... لكن دي إرادة ربنا.


نجلاء تضع يدها على يد فؤاد في محاولة لتهدئته، والجو في الغرفة يصبح مشحونًا بمزيج من الفخر والحزن.


أحمد: ربنا يرحمها ويجمعنا بيها في الجنة، يا بابا. إحنا كلنا ورا بعض، وهنفضل كده مهما حصل.

ريان: أكيد، يا أحمد. وأوعدكم إنّي هفضل أرفع راسكم زي ما سيليا كانت بتحب تشوفنا ناجحين.


ريان يودعهم بحماس، ولكن آثار الحديث عن سيليا تظل عالقة في الجو، والجميع يدعو لها بالرحمة بصمت.


يغادر ريان المنزل بابتسامة، والجميع يودعونه بحب ودعوات بالنجاح. بعد أن يغلق الباب، يعود الصمت للحظات في غرفة الطعام.


نجلاء (تتنهد وهي تلتفت إلى أحمد): أحمد... هو إحنا هنفضل نستنّى كتير؟ مفيش أخبار حلوة منك؟

أحمد (يضع كوب الشاي بعصبية على الطاولة): أخبار إيه يا ماما؟


نجلاء (تبتسم بخفة): أخبار جوازك بقى. بصراحة نفسي أشوفك مستقر، البيت محتاج فرحة، وأنت الكبير، و...


أحمد (مقاطعًا وبحدة): مفيش جواز، يا ماما. الموضوع ده مش في حساباتي دلوقتي.


فؤاد (يحاول تهدئته): أحمد، أمك ما قصدتش تضايقك، هي بس بتحلم تشوفك سعيد ومستقر.


أحمد (بغضب مكبوت): سعيد؟ السعادة دي حاجة مش موجودة في حياتي، يا بابا. خاصة بعد... (يصمت فجأة ويشيح بنظره).


نجلاء (بحنان): يا ابني، ما تحرقش دمك كده. ربنا يعوضك عن أي وجع مريت بيه. سمر كانت...


أحمد (يقاطعها بعصبية أكبر): سمر؟ ما تجيبوش سيرتها قدامي تاني! البنت دي كانت أكبر غلطة في حياتي.


الغرفة تمتلئ بصمت ثقيل، ونجلاء تنظر بحزن إلى ابنها، بينما فؤاد يضع يده على كتف أحمد في محاولة لتهدئته.


فؤاد: أحمد، ما تعيشش حياتك في سجن الماضي. الحياة مكملة، والفرص الجديدة موجودة.


أحمد (يخفض صوته): يمكن، بس دلوقتي مش وقتها.


ينهض أحمد من مكانه ويترك الطاولة، متوجهًا نحو الحديقة ليهدأ. نجلاء تنظر إليه بحزن وتهمس لفؤاد.


نجلاء: نفسي أشوفه سعيد يا فؤاد... نفسي أشوفه يلاقي حد يستاهله وينسى اللي حصل.


فؤاد (بهدوء): اديله وقته، يا نجلاء. أحمد قوي، وهيعرف يخرج من اللي هو فيه... بس على مهله.

بعد خروج أحمد إلى الحديقة، يجلس مراد، سامر، ويوسف في غرفة الطعام بصمت لدقائق، يحاولون استيعاب الموقف.


مراد (يتنهد): بصراحة، أنا فاهم أحمد كويس. الخيانة دي حاجة ما حدش يقدر يستحملها. طبيعي إنه يبقى بالشكل ده.

سامر: طبيعي، بس لحد إمتى؟ أحمد ما ينفعش يفضل حابس نفسه في الماضي كده. اللي حصل حصل، ومش كل الناس زي... (يتوقف للحظة ثم يشيح بيده).


يوسف (بهدوء): مش سهل عليه. أحمد كان بيحب بجد، ولما الحب يتحول لجرح، مش أي حد يعرف ينسى بسهولة.

مراد (بصوت أعمق): معاكم حق، بس إحنا كإخواته لازم نساعده يخرج من الحالة دي. ما ينفعش نسيبه كده طول الوقت غارق في الماضي.


سامر (بغضب خفيف): أنا نفسي أفهم إزاي حد ممكن يعمل فيه كده؟ أحمد ما يستاهلش اللي حصل، أبدًا.


يوسف (يضع يده على الطاولة): طيب إحنا نقعد نقول ما يستاهلش وإزاي وكده؟ ده مش هيغير حاجة. الحل إننا نفضل جنبه، نحاول نشغله، نوريه إن الحياة مكملة.


مراد: معاك حق يا يوسف، لكن هو كمان محتاج يقتنع بنفسه. ما حدش هيقدر يخرجه من اللي هو فيه غيره هو.


سامر: يمكن لما يشوف إننا دايمًا وراه ويلاقي حد يستاهله بجد، هيبدأ يغير طريقته في التفكير.


يوسف (بابتسامة خفيفة): أهو ده اللي لازم نركز عليه. أحمد محتاج يشوف إن الدنيا لسه فيها ناس كويسة، وإنه لسه فيه أمل.


مراد (بثقة): وإحنا هنا علشانه. أحمد مش لوحده، مهما طالت المدة.


الجميع يهزون رؤوسهم بالموافقة، ويشعرون بثقل المسؤولية تجاه أخيهم الأكبر الذي عُرف دائمًا بقلبه الطيب وتحمله للمسؤولية.

************************

في مركز للمخابرات المصرية ، كانت الأضواء الخافتة تعكس على شاشات المراقبة المضيئة، والهدوء الثقيل يغلف المكان كأنه يحمل أسرارًا لا يمكن البوح بها. دخل زين إلى الغرفة بخطوات متثاقلة، ووجهه يحمل ظلالًا من حزن عميق. كان يرتدي بدلته الرسمية، لكن نظراته الشاردة كانت تكشف عن صراع داخلي.


رفع تميم رأسه عندما رأى صديقه على هذه الحالة، فتوقف عن مراجعة الملفات وقال بصوت خافت يحمل شيئًا من الحزن:

– إيه اللي مضايقك، يا زين؟


جلس زين بصمت على أقرب كرسي، وكأن الكلمات تخنقه. أخذ نفسًا عميقًا، ثم قال بصوت منخفض مليء بالمرارة:

– كنت في بيت أبوي... وشفتها.


تجمدت ملامح تميم للحظة، لكنه تمالك نفسه وسأله بحذر:

– والدتك؟


هز زين رأسه بإيماءة صغيرة، ثم تابع:

– شفتها قاعدة و هاممها حاجة و لا كانها عملت حاجة . كأن الزمن واقف هناك، يا تميم. كأنها مش شايفة إن البيت دا مش بيتها من يوم اللي عملته... أنا مش قادر أشوفها من غير ما أشوف اللي حصل... أبويا مات قدامي، وهي... هي السبب.


صمت لثوانٍ، ثم ضرب سطح المكتب بقبضته فجأة، وأضاف بصوت مخنوق:

– كان نفسي أصارحها... أصرخ فيها وأقول لها إنها قتلت أبويا، قتلتني أنا كمان. بس ما قدرتش... فضلت أطلع من البيت زي كل مرة وأنا شايل هم الذكرى دي.


حدق تميم فيه بعينين مليئتين بالتعاطف، لكنه لم يعرف بماذا يرد. كان يعرف أن زين يحمل عبئًا ثقيلًا منذ سنوات، لكن رؤية هذا الألم مجددًا على وجهه جعلت الموقف أصعب مما تخيل.


قال تميم بصوت هادئ، محاولًا مواساته:

– زين، الماضي عمره ما هيرجع، بس انت اللي تقدر تحدد إذا كان هيكمل يتحكم فيك... أو هتلاقي طريقة تقفل الجرح دا للأبد.


لكن زين ابتسم بسخرية، وعيناه ممتلئتان بالغضب:

– الجرح اللي سبته أمي؟ مستحيل يقفل.


نظر تميم إلى زين بعينين تحملان مزيجًا من الحزن العميق والحكمة المولودة من الألم، ثم قال بصوت منخفض، لكنه مليء بالعاطفة:


– فاكر لما قلت لك إن الوجع أحيانًا بيبقى أكبر من إننا نعرف نتعامل معاه؟ كنت بتكلم عني... عن سيليا.


توقف لحظة، وكأن الكلمات تثقل لسانه، ثم أكمل:

– سيليا كانت زي أختي... كنت شايفها ملاك وسط عتمة الدنيا. بس إحنا، عيلتنا، شكينا فيها... أهناها... ذليناها... وخليناها تواجه الدنيا لوحدها. ولما عرفت الحقيقة؟ كنت فاكر إن الندم ممكن يصلح اللي حصل، بس الوقت كان أسرع مننا، والمسامحة عمرها ما وصلت.


تغيرت نبرته، وصارت أقرب إلى الوجع:

– لما العصابة اللي كنت بطاردها قتلتها... كنت واقف هناك، شايفها بتموت بين إيديّ، وما قدرتش أعمل حاجة. ما قدرتش أنقذها. لحد النهارده، يا زين، كل مرة أبص لبنتي الصغيرة... بشوف سيليا في ضحكتها، وأفتكر إن اللي ضيعها مش بس العصابة... إحنا كمان.


توقف للحظة، ثم نظر إلى زين نظرة مباشرة، وقال بصوت جاد:

– أنا مش هقدر أغير اللي حصل، زيك ما تقدرش ترجع أبوك. بس اللي تعلمته من اللي حصل مع سيليا... إننا ما ينفعش نسيب الماضي يدمر اللي باقي مننا. مش لازم تسامح، ومش لازم تنسى، بس لازم ما تخليش الحقد يستهلكك. لأنه لو عمل كده... مش هيبقى فيك حاجة تنقذها، لا لنفسك، ولا للي بتحبهم.


ثم أضاف، بعد صمت قصير:

– أبوك لو كان هنا... كان هيطلب منك حاجة واحدة: إنك ما تبقاش زيه، وإنك تعيش حياتك بعيد عن الظل اللي سابته أمك. مش عشانها... عشانك.

نظر زين إلى تميم بعينين مليئتين بالمرارة، وقال بصوت متهدج:

– بس إزاي أعيش وأنا كل ما أبص لنفسي بشوف ابن الراجل اللي مات مقهور؟

أمسك تميم بكتف زين بحزم ونظر إليه بعينين تحملان مزيجًا من الألم والإصرار، ثم قال:

– تعيش لما تثبت لنفسك إنك أقوى من القهر اللي كسر أبوك، وإنك ابن الراجل اللي كان يستاهل تشيل اسمه بفخر، مش بحزن.


التزم زين الصمت، غرق في أفكاره، وملامحه تعكس صراعًا داخليًا بدأ يتفاقم. تشوش عقله مع الذكرى التي قفزت فجأة إلى ذهنه: وجه تلك الفتاة التي التقاها قبل أيام. ملامحها... عينيها... كل شيء فيها يذكره بشيء مألوف.


رفع رأسه فجأة، وحدق في تميم بنظرة مليئة بالفضول والحيرة، وقال:

– تميم... لو افترضنا إن... إن اللي ماتت مش سيليا... يعني لو كانت لسه عايشة، إيه اللي ممكن يخليها تختفي وتعيش حياة تانية؟


نظر تميم إليه بدهشة، ثم رد بحدة:

– زين، إنت بتتكلم عن إيه؟ أنا شفتها بعيني وهي...


قاطعه زين بعصبية:

– استنى... اسمعني بس! قبل كام يوم، وأنا مروّح... قابلت واحدة... كانت ماشية في الشارع، واضح إن جوزها بيخونها أو في مشكلة كبيرة. اللي لفت نظري... إنها شبه سيليا جدًا. نفس الملامح... نفس العينين.


تجمدت ملامح تميم، وكأنه يحاول استيعاب كلام زين، ثم قال بصوت متردد:

– شبهها؟ زين... سيليا ماتت. إحنا دفناها... إنت عارف دهو كنت معانا في العزا 


أمسك زين برأسه، وكأنه يحاول ترتيب أفكاره، ثم قال بصوت مخنوق:

– طيب لو ما كانتش هي؟ ليه حسيت إن في حاجة غلط؟ ليه كل كلمة قلتها دلوقتي خلتني أشك؟ أنا مش متأكد، بس تميم... أنا محتاج أعرف الحقيقة.


تميم، رغم محاولته التمسك بالمنطق، لم يستطع تجاهل نظرة زين المتوسلة. شعر بشيء يتحرك بداخله، ربما أمل صغير أو خوف أكبر، لكنه لم يظهر أي منهما، واكتفى بالقول بهدوء:

– زين... لو كنت شاكك فعلاً، لازم تتحقق بنفسك. بس أوعى تتعلق بحاجة ممكن تكسر قلبك أكتر من اللي حصل


عاد الصمت بينهما من جديد و كل واحد منهما غارق في افكاره الخاصة و بدأ الشك يتسلل لعقل تميم ، هل يعقل أن سيليا لا تزال على قيد الحياة ؟؟ نفض هذه الفكرة من راسه و عاد لعمله 

********************

في شقة فاخرة في القاهرة ، كان جاد يتابع أعماله من الحاسوب قبل أن يرده إتصال من الحارس 

جاد ( بجدية): في ايه ؟

الحارس ( بجدية): المدام سيليا يا جاد بيه 

جاد ( ببرود و ملل): فيها إيه الست دي؟

الحارس ( بخوف): أنا كنت مراقبها زي ما طلبت مني و راحت الجامعة دلوقتي 

انتفض جاد من مكانه و صاح قائلا بغضب 

جاد: نعم ، قلت راحت الجامعة ؟؟؟ 

الحارس ( بخوف): نعم 

جاد ( بغضب و حقد و توعد):  بقى كده يا سيليا ، تكسري كلمتي و تتصرفي على راحتك ،  أنا هوريكي مين هو جاد الحسيني 


(لحظات صمت، كان جاد يمرر يده في شعره بعصبية)


جاد (بصوت منخفض، كأنه يخاطب نفسه): لو فكرّت تخرج عن طاعتي، هتندم.. أنا مش هسيبها 


الحارس (بقلق): يعني... أعمل إيه دلوقتي؟


جاد (بحسم): تابع خطواتها، خليها ما تحسش بأي حاجة. لو حصلت حاجة غريبة، خليني عارف فورًا.


الحارس (موافقًا بتردد): حاضر، جاد بيه.


#قيود_العشق2 

فصل 9

في الجامعة ،  كانت سيليا تسير في الممرات متجهة نحو مكتب العميد و هي عازمة على الإنتقام لكل من آذاها و قلب حياتها لجحيم ،  دخلت سيليا مكتب العميد بخطوات سريعة، وقفت قدامه مباشرة وقالت:

سيليا: "صباح الخير، أنا جاية أقدم أوراقي عشان أقدم في الكلية."


رفع العميد عينه من الورق اللي قدامه، راجل في نص عمره بنظرة جدية وصوت هادي.

العميد: "إنتِ سيليا علي؟"

سيليا: "أيوة."

العميد: "معاكي كل الورق المطلوب؟"


مدتله الملف من غير كلام، أخده العميد وبدأ يراجع الورق، وسيليا واقفة مكانها ساكتة.

العميد: "شهادة الثانوية... صورة البطاقة... استمارة التقديم... كل حاجة تمام. إيه اللي أخرك عن التقديم؟"

سيليا (بثبات): "كان عندي ظروف. المهم إني هنا دلوقتي."


العميد قفل الملف وختمه.

العميد: "تمام، طلبك مقبول. روحي مكتب شؤون الطلاب عشان ترتبي جدولك."

سيليا (بهدوء): "شكرًا."


وقفت لحظة، وبعدين قالت:

سيليا: "أنا هبقى من أحسن الطلبة هنا."

العميد (مبتسم): "هنشوف."


سيليا استدارت وخرجت من المكتب بخطوات واثقة، وعزيمة ما بتتهزش


خرجت سيليا من مكتب العميد بخطوات مسرعة، فجأة اصطدمت بفتاة كانت تحمل مجموعة من الأوراق، فتبعثرت على الأرض.


سيليا (بتوتر): "آسفة جدًا، ما خدتش بالي!"

ياقوت (وهي تنحني لتجمع الأوراق): "لا عادي، أنا كمان كنت مستعجلة."


انحنت سيليا لمساعدتها في جمع الأوراق.

سيليا: "معلش، دي غلطتي."

ياقوت (مبتسمة): "ولا يهمك. شكلك لسه جديدة هنا، مش كده؟"

سيليا: "أيوة، لسه مخلصة إجراءات التقديم."

ياقوت: "أنا كمان! شكلك هتبقي معانا في الدفعة."


وقفتا بعد جمع الأوراق.

سيليا: "بجد؟ كويس أوي، أنا اسمي سيليا."

ياقوت (بابتسامة ودودة): "وأنا ياقوت. شكلنا هنشوف بعض كتير."

سيليا (بابتسامة خفيفة): "واضح. مبسوطة إني اتعرفت عليكي."

ياقوت: "وأنا أكتر. يلا نروح نشوف مكتب شؤون الطلاب سوا؟"

سيليا: "تمام، فكرة حلوة."


مشيتا معًا، حديث بسيط بينهما يمهد لصداقة بدأت بمصادفة عابرة

***********************

في مكان آخر أخذ رائد كارما و الأولاد لقضاء بعض الوقت  في الحديقة 


زياد (يجري بين الأشجار ويصيح): "يا خالو رائد! بص، أنا أسرع منك!"

رائد (يضحك): "مش أسرع مني يا بطل، أنا أسرع واحد هنا!"


بدأ رائد يركض خلف زياد، بينما مازن كان يجلس بجوار كارما على العشب، يحاول بناء شيء باستخدام قطع صغيرة من أغصان الشجر.

كارما (تبتسم لمازن): "إيه ده اللي بتعمله يا شاطر؟"

مازن( ببراءة) : "بيتي! ده البيت بتاعي أنا ولينا."

كارما (تضحك): "طيب، لينا فين؟"

مازن (ينظر للينا التي تجلس على كرسيها الصغير): "هي نايمة، مش عايزة تساعد!"


كارما (تنظر لرائد): "رائد! مازن بيقول إن لينا مش بتساعده في البيت بتاعه!"

رائد (يضحك وهو يرفع زياد عاليًا): "لينا صغيرة لسه، بس مازن يقدر يبني لوحده، مش كده يا مازن؟"

مازن (بفخر): "أيوة، أنا قوي!"


اقترب زياد من مازن بعدما تعب من الركض.

زياد: "أنا أسرع واحد، بس تعبت شوية. ممكن ألعب معاك؟"

مازن( بطفولة) : "لا، ده بيتي، ابني بيتك لوحدك!"

كارما (تتدخل بخفة): "طيب، لو ساعدتوا بعض، هنبني بيت كبير قوي."

زياد (بحماس): "ماشي، أنا هجمع الأغصان!"


بينما بدأ الأطفال يجمعون الأغصان، رفعت كارما لينا من كرسيها الصغير وبدأت تهزها بخفة.

كارما (تبتسم لرائد): "الأطفال دول بيخلوا اليوم أحلى، مش كده؟"

رائد (ينظر لهم بحنان): "أيوة، سيليا محظوظة بيهم، وأنا محظوظ إنهم موجودين في حياتي."

كارما: "وأنا كمان."


واصل الأطفال اللعب، أصوات ضحكاتهم تملأ الحديقة، وسط نظرات الحب والدفء من رائد وكارما.


كان الأطفال منهمكين في اللعب، زياد ومازن يبنيان بيتًا صغيرًا من الأغصان، بينما لينا تجلس على العشب تضحك بصوت بريء وهي تحاول اللحاق بفراشة ما 


رائد (ينظر إلى كارما بابتسامة): "عارفة؟ أنتِ أجمل حاجة حصلتلي."

كارما (تبتسم بخجل): "هو ده وقته؟ بص الأطفال هيرجعوا يسمعونا!"

رائد: "مازن وزياد مشغولين بالبناء، ولينا مش فاهمة حاجة. ده أنسب وقت."


كارما (تضحك بخفة): "إنت دايمًا بتعرف تختار كلامك، مش كده؟"

رائد (مبتسم): "معاكي مش محتاج أفكر، الكلام بيطلع لوحده."

كارما: "طيب لو خلصتوا بناء البيت، قولهم يضيفوا اوضة زيادة لي."

رائد (بمزاح): "اوضة بس ؟ أنتِ تستاهلي قصر جنب بيتهم."


التفت زياد فجأة إليهما، وعيناه مليئتان بالحماس.

زياد: "خالو رائد، تعال ساعدنا، البيت وقع!"

رائد (بضحكة): "جايلك حالًا يا بطل. استني يا كارما، هنكمل كلامنا بعدين."

كارما (بخجل): "مش هنخلص منك!"


ذهب رائد إلى الأطفال بينما بقيت كارما تنظر إليه بابتسامة دافئة، تحمل مزيجًا من الحب والسعادة.

بينما كان رائد مشغولًا مع زياد ومازن في إصلاح البيت، و كارما مشغولة بمكالمة هاتفية وردتها ، بدأت لينا تتحرك بخطوات صغيرة مترددة بعيدًا عنهم، عيناها تلمعان ببراءة، حتى وصلت إلى سيدة تجلس على مقعد قريب.


نجلاء (بصوت دافئ): "يا عروسة يا حلوة، جاية تمشي لوحدك كده؟"

مدت يديها وأمسكت بلينا التي توقفت وبدأت تضحك بخجل.

نجلاء (وهي تداعبها): "مين الشطورة دي؟ ما شاء الله، إنتِ جميلة قوي."


بدأت نجلاء تلعب مع لينا، تلوّح لها بقطعة صغيرة من حلوى كانت تمسكها، ولينا تحاول الإمساك بها وهي تضحك بصوت عالٍ.


رائد (منتبهًا لصوت لينا): "لينا؟!"

التفت بسرعة، ووجدها بين يدي السيدة. اقترب منها بخطوات سريعة.

رائد: "آسف جدًا، البنت دي بنتنا وكانت بعيدة شوية."

نجلاء (مبتسمة): "ولا يهمك، لقيتها جاية لوحدها، قلت ألعب معاها شوية."

رائد: "شكرًا لحضرتك. لينا بتحب تستكشف كل حاجة حواليها."


أخذ رائد لينا بين ذراعيه، لكن نجلاء ظلت تنظر إلى الصغيرة بعينين تملؤهما الحنان.

نجلاء (بهمس): "البنت دي جميلة... عيونها تشبه حد أعرفه."

رائد (بهدوء): "آه، ورثت جمالها عن والدتها."

نجلاء (بنبرة مترددة): "والدتها... هي معاك هنا؟"

رائد (يشعر بالارتباك و التوتر): "لا، والدتها مش موجودة دلوقتي."


ابتسمت نجلاء بحزن غريب قبل أن تنهض وتقول:

نجلاء: "ربنا يحفظها. خلي بالك منها، الأطفال دول نعمة كبيرة."

رائد: "أكيد، شكرًا لحضرتك."


غادرت نجلاء ببطء، لكن قلبها كان يضج بشيء لم تستطع تفسيره و قد تذكرت ابنتها سيليا، بينما رائد عاد إلى كارما وهو يحمل لينا، محاولًا تهدئة نبضات قلبه السريعة.

كارما (بقلق): رائد، ماله وشك مخطوف كده؟

رائد( بهلع): دي طنط نجلاء 

كارما ( بإستغراب): نجلاء مين ؟

رائد: أم سيليا و مرات خالو فؤاد ، على شوية كانت هتعرف أن لينا بنت سيليا 

كارما: يا نهار اسود ،  لو عرفت مش هنخلص 

رائد (بغموض): هنشوف بعدين ، يلا بينا نروح ناكل 

كارما: حاضر 

**********************

في فيلا جليل البحيري ، صوت المفتاح وهو بيفتح الباب ببطء. تميم واقف على العتبة، شكله مرهق بعد يوم طويل، بس بيحاول يرسم ابتسامة بسيطة على وشه


منار (الأم): "تميم! يا ضنايا!" (بتجري عليه وتحضنه بكل قوتها.)

تميم (بصوت هادي): "يا أمي... وحشتيني أوي."

منار (وعينيها مليانة دموع): "كل مرة ترجع فيها بالسلامة، بحس إن قلبي بيتولد من جديد."


(جليل بيقرب بخطوات تقيلة وواثقة، بيحط إيده على كتف ابنه.)

جليل (الأب): "حمد الله على سلامتك يا ابني. يومك كان عامل إزاي؟"

تميم (بابتسامة متعبة): "كان طويل... بس خلاص خلص. أنا معاكم دلوقتي."


(ماهر بيخرج من الأوضة، بيجري بسرعة على أخوه ومعاه ورقة في إيده.)

ماهر (بحماس): "تميم! تميم! بص الرسمة دي!"

(تميم بينحني وياخد الورقة، ويبص فيها بتركيز.)

تميم (بابتسامة دافية): "ماهر! دي تحفة! دبابة وشمس؟ دي أنا؟"

ماهر (بيحك راسه بخجل): "طبعًا! أنت البطل!"

تميم (مازحًا): "يبقى لازم تطلع مصمم الشعار الجديد بتاعي في الجيش!"


(من جوه، بيظهر صوت خطوات صغيرة وراها صوت طفولي مليان فرحة.)

سيلين (بصوت عالي): "بابااا!"

(بتجري عليه وتقفز في حضنه. هو بيشيلها ويحكم ضمته ليها.)

تميم: "يا أميرتي الصغيرة! كنتِ شجاعة وأنا مش موجود؟"

سيلين: "كنت شجاعة جدًا! ساعدت جدو و  تيتا  وماما وماهر. جبت لي حاجة؟"

تميم (بغمزة لطيفة): "يمكن... بس لازم تدوري في شنطتي الأول."


(ليديا بتظهر من المطبخ، بتبتسم بهدوء وبتقرب بخطوات خفيفة.)

ليديا: "أهلا وسهلا بالبطل!"

تميم (بيبصلها بنظرة مليانة حب): "ليديا... شوفتك دي أحلى جايزة ليا."

(بتاخد إيده بهدوء وتبتسم.)

ليديا: "المهم إنك رجعت. إحنا كلنا مستنيينك."


(الكل بيجتمع حواليه، كل واحد بيتكلم في نفس الوقت، وتميم بيضحك وهو بيتنفس بعمق، كأنه بياخد طاقة جديدة من وجودهم  حواليه. في اللحظة دي، بيحس إن كل تعبه اختفى.)

تميم (بصوت هادي): "إنتوا الوطن... وكل اللي بحتاجه في حياتي."

(لحظة هدوء مليانة مشاعر، قبل ما سيلين تضحك وتقول:)

سيلين: "بابا! عايزة أوريهم اللي في الشنطة دلوقتي!"


(المشهد بينتهي بصوت ضحك العيلة وهم متجمعين في لحظة دافية، مستحيل تتنسي.)


(تميم جالس على الأريكة، وسيلين تتسلق حضنه وتلعب بلعبتها الصغيرة. عيناه تتبعان حركاتها، لكن ذهنه غارق في الماضي. فجأة، تلاحظ سيلين شيئاً.)


سيلين (ببراءة): "بابا، ليه بتبص لي كده؟"

(يبتسم تميم بحزن، يمسح على شعرها.)

تميم (بصوت هادئ): "كنتي عارفة إنك شبه ملاك؟"

سيلين (تضحك): "لا، أنا أميرة!"


(ضحكتها تعيد صدى ضحكة أخرى في ذاكرته. يغلق تميم عينيه للحظة، وكأن شبح الماضي يزوره.)

تميم (بهمس): "سيليا..."


(تفتح سيلين عينيها بدهشة، وتضع يدها على كتفه.)

سيلين: "مين سيليا يا بابا؟"

(قبل أن يجيبها، يدخل جليل ومنار إلى الغرفة.)


جليل (بتعبير جدي): "سيليا؟ ذكرتها تاني يا تميم؟"

منار (بصوت مليء بالحنين): "يا جليل، كفاية عليه. كلنا بنتذكرها، بس الحمل اللي عليه كان أكبر مننا."


(سيلين تنظر لجدتها وجدها باستغراب، ثم تعود إلى أبيها.)

سيلين: "بابا، مين سيليا؟"

(ليديا تدخل من المطبخ، تمسح يديها بمنشفة، وتنظر لتميم بقلق.)


ليديا: "تميم... كنت حاسة إنك لسه بتفكر فيها. كل مرة بتبص لسيلين بتشوف سيليا، صح؟"

تميم (بصوت مكسور): "مش قادر أنساها، ليديا. كانت زي أختي الصغيرة... زي بنتي."


(ماهر يدخل الغرفة، يحمل كتاباً في يده، ينظر حوله بتعجب.)

ماهر: "سيليا؟ مين سيليا؟ ليه الكل بيتكلم عنها؟"

(ينظر تميم لماهر وسيلين، يحاول أن يجد الكلمات المناسبة.)


تميم (بهدوء): "سيليا كانت بنت عمي... وكانت زي أخت صغيرة ليا. بس إحنا ظلمناها..."

سيلين (بدهشة): "إزاي ظلمتوها؟"

(منار تضع يدها على صدرها، ودموعها تلمع في عينيها.)


منار: "يا بنتي، صدقنا كلام ناس ما يعرفوش الرحمة. ظلمناها واتهمناها بحاجة بريئة منها."

جليل (بحزن): "وبعد ما عرفنا الحقيقة، كانت فات الأوان."


(سيلين تقترب من جدتها، تمسك بيدها الصغيرة.)

سيلين: "هي راحت فين يا تيتة؟"

تميم (بصوت مبحوح): "هي راحت مكان بعيد... مكان مفيهوش حد يظلمها تاني."


(ليديا تقترب من تميم، تضع يدها على كتفه.)

ليديا: "تميم، سيليا كانت ضحية، وكلنا ندمنا. بس ما ينفعش تفضل تعيش جوة الحزن ده. عندك سيلين، عندك عيلة بتحبك."

ماهر (ببراءة): "هي الناس الوحشين اللي عملوا كده اتحاسبوا؟"

تميم (بحزم): "أيوه، كلهم اتحاسبوا... بس سيليا كانت التمن."


(سيلين تنظر للجميع بدهشة، ثم تحتضن أبيها بقوة.)

سيلين: "أنا هنا يا بابا! وأنا عارفة إنك هتحميني، دايماً."

(تميم يضمها بقوة، ثم ينظر إلى الجميع بابتسامة حزينة.)


تميم: "أكيد... هحميكم كلكم. سيليا مش هتتنسى، بس لازم نعيش عشان اللي باقي."

(لحظة صمت ثقيلة، تقطعها سيلين بصوتها الطفولي.)


سيلين: "طب بابا! دلوقتي عايزة أدور في الشنطة على الحاجة اللي جبتها!"

(الكل يضحك بخفة، وتميم ينهض، يحاول أن يطرد شبح الماضي، ليعيش اللحظة مع عائلته.)

***********************


في الجامعة ، سيليا وياقوت تدخلان معًا إلى قاعة المحاضرة سيليا تبدو هادئة، بينما ياقوت تتحدث بحماسة


ياقوت: "النهاردة أول محاضرة في الكلية، متحمسة؟"

سيليا (بابتسامة خفيفة): "آه، شوية."

ياقوت: "أنا سمعت إن الدكتور اللي هيدرسنا جديد  ، اتعين معيد من فترة قصيرة ، و سمعت أنه مز و صغير اوي ، وكل اللي درسوا معاه بيقولوا إنه شاطر جدًا في الشرح."

سيليا (بمرح): " يعني ده اللي همك دلوقتي ، جاية تدرسي و لا تشقطي عريس؟"

ياقوت (بحماس): "أيوه! كل حاجة ، ده شاب وبيحب يشرح ويفهمنا المادة. هتحبي طريقة شرحه ، وإن شاء الله يكون لينا نصيب معا بعض " 

سيليا (بصوت منخفض): "إن شاء الله."

دخل المعيد الجديد، الذي كان يحمل حقيبته بينما يمشي بثقة تجاه المنصة. سيليا كانت تنظر إليه لحظة دخوله، وابتسامة صغيرة بدأت تختفي من وجهها فجأة.


ياقوت (بفرح): "أهو ده، ده المعيد الجديد اللي هيدرسنا، اسمه ريان، زي ما سمعت!"

سيليا (تجمدت للحظة، وعيناها تلمعان بفزع): "ريان؟"

ياقوت (مندهشة من ردة فعلها): "أيوه، هو ده! ليه؟ في حاجة؟"

سيليا (بصوت متقطع، محاولا كبح قلقها): "لا، مفيش حاجة، بس... ممكن أروح للحمام شويّة."


ثم قامت سيليا بسرعة، وتحركت نحو الباب بسرعة غير معتادة. لم تُعطِ نفسها فرصة للنظر إلى الوراء


ياقوت (مستغربة): "سيليا! استني! في إيه؟"


لكن سيليا اختفت من القاعة بسرعة، والكل كان مركزًا في المعيد الجديد، إلا ياقوت التي شعرت بشيء غريب. لم تستطع منع نفسها من التفكير في سلوك صديقتها غير العادي.


ياقوت (لنفسها): "في حاجة غلط... ليه كانت كده؟ إيه السر؟"


ثم عادت عيناها إلى ريان الذي بدأ محاضرته، لكن قلبها كان مليئًا بالتساؤلات .....


ريان وقف لحظة بعد خروج سيليا من القاعة، عيناه تركزان على الباب الذي أُغلق خلفها، وكان عقله يعيد تساؤلاته مرارًا

ريان (بصدمة): " مستحيل ، سيليا ؟؟؟؟....."


#قيود_العشق2 

فصل 10

في مكان آخر نذهب إليه لأول مرة ، و بالتحديد في الحدود المصرية الإسرائيل**ية و في الصحراء المهجورة في، غرفة مظلمة في مخبأ سري

حسن، قائد الجماعة الإرهابية، جالس في النص وبيحاط بيه رجاله. قدامهم ملف وصورة لست لابسة نظارات شمسية، ووشها مش باين.


حسن (بعصبية):

"ست سنين، وإحنا فاكرين إننا دفنا سرها! دلوقتي تقولوا لي إنها متجوزة وعايشة؟"


الرجل الأول (بتردد):

"حسن، الخبر جالنا من يومين بس. لسه مش عارفين تفاصيل حياتها."


حسن (يضرب الطاولة):

"تفاصيل؟ كافية إننا نعرف إنها لسه عايشة. ده معناه إن تميم وزين خدعونا!"


الرجل الثاني (بيحاول يبرر):

"بس  تميم مش عارف حاجة. عيلتها فاكرة إنها ماتت، وهي اختارت تختفي."


حسن (بتحدي):

"طب إيه حكاية الجواز؟"


الرجل الأول (بهدوء):

"متجوزة راجل أعمال مصري إماراتي. غني جدًا، مش ليه علاقة بالجيش أو الضباط. متجوزاه من 5 سنين تقريبًا."


حسن (بابتسامة ساخرة):

"ممتاز. يبقى هي مش شبح زي ما كنا فاكرين. دلوقتي عندها اسم، حياة، وجوز ممكن نستخدمه ضدها."


الرجل الثالث (بتردد):

"حسن، هنعمل إيه دلوقتي؟"


حسن (بثقة):

"هنرجعها للظلام، ونستخدمها للإيقاع بتميم وزين. مش هسيب حاجة في الطريق."


الجميع (بصوت واحد):

"أمرك، حسن."


حسن (بابتسامة ماكرة):

"خليكم جاهزين. لو جوزها هيعطلنا، هنتعامل معاه برضه."


حسن (بهدوء وهو بيقلب الملف):

"خلصنا كلام عن الست دي دلوقتي، نرجع للأهم... البضاعة."


الرجل الأول (بجدية):

"الشحنة جاهزة يا حسن. مستنين بس التعليمات للتنفيذ."


حسن (بصرامة):

"التنفيذ مش هزار. الطريق لازم يكون آمن مية في المية. إيه أخبار الحدود؟"


الرجل الثاني (بثقة):

"الطريق اللي جهزناه من الشمال كله تحت السيطرة. معبر جديد ومحدش هيلقطه. الشحنة هتوصل لإسرائيل من غير ما حد يشك."


حسن (وهو بيشعل سيجارة):

"والمجندين اللي بيغضوا الطرف؟ أكيد متأكدين إنهم مأمنين الموضوع؟"


الرجل الثالث (بتأكيد):

"دول مضمونين، وكلهم بيقبضوا اللي يرضيهم. مش هيبصوا حتى على العربيات."


حسن (بنبرة تحذير):

"وأي مشكلة، حتى لو صغيرة، هنلاقي نفسنا في مواجهة مباشرة مع الجيش و حرس الحدود. عايز خطة بديلة لو حصل أي طارئ."


الرجل الأول (بتردد):

"في طريق جانبي ممكن نستعمله، بس هيحتاج وقت أطول."


حسن (بحدة):

"لازم يكون جاهز. الشحنة دي مش زي أي شحنة قبل كده. العملاء مستنيينها هناك، والتأخير مش مقبول."


الرجل الثاني (بسؤال):

"طب وبالنسبة للدفع؟ العملاء أكدوا التحويلات؟"


حسن (بسخرية):

"دفعوا نص، والباقي لما الشحنة توصل. فاهمين اللعبة كويس. مش هيدفعوا جنيه إلا لما يتأكدوا إن كل حاجة ماشية تمام."


الرجل الثالث (بحذر):

"طب لو حصل أي خطأ؟"


حسن (بعصبية):

"مافيش حاجة اسمها خطأ! أي غلطة هتدفعوا تمنها أنتم، فاهمين؟"


الجميع (في صوت واحد):

"فاهمين يا حسن."


حسن (وهو ينهي الحديث):

"تحركوا. لو عدت الشحنة دي بنجاح، الفلوس اللي هتيجي هتفتح لنا أبواب جديدة. وافتكروا، أي عثرة هتجيب علينا النار."

بعد خروج الجميع ، بقي حسن بمفرده 


يجلس وحيدًا أمام الطاولة، ينظر إلى الصورة، ثم يشعل سيجارة ببطء.


حسن (بنبرة خافتة مليانة كراهية):

"فاكر يا تميم إنك خلصت مني؟ غلطان... لسه اللعبة في بدايتها."


يأخذ نفسًا عميقًا من السيجارة ويطرد الدخان ببطء.


حسن (بصوت منخفض ولكن حاسم):

"البنت دي؟ هتكون نقطة انهيارك. هخليها ترجع من الظلال بس مش زي ما كنت فاكر. هخليها تبقى سلاح ضدك."


ينهض ببطء، يلتقط الصورة من الطاولة.


حسن (بنبرة أكثر حدة):

"انت وزين فكرتوا إنكم أقوى مني؟ هوريكم مين الأقوى. الجحيم اللي هربتوا منه، هو اللي هيطاردكم دلوقتي."


يضرب الطاولة بيده وينظر بعزم.


حسن (بصوت قاطع):

"استعد يا تميم... أنا جاي، وكل خطوة هتقربكم من نهايتكم."


يخرج من الغرفة بخطوات ثابتة، تاركًا الجو مشحونًا بالوعيد.

***********************

في مكان آخر ، سيليا كانت تجري بسرعة في الشوارع، قلبها ينبض بشدة، والدموع تكاد تملأ عينيها. توقفت فجأة عند زاوية الشارع، تنظر حولها بقلق، كأنها تخشى أن يراها أحد. تلتقط أنفاسها بصعوبة، بينما تتحدث إلى نفسها بصوت منخفض.


سيليا (بتوتر):

"مستحيل، لازم أهرب قبل ما يكتشفوا. لو عرفوا إني أنا... لو عرفوا إنهم كانوا غلط، مش هينفع. أنا ما أستحقش أي حاجة منهم. ما كانش المفروض أرجع هنا، ما كانش المفروض أشوفه تاني."


(تنظر إلى الطريق، ثم تواصل بصوت مرتجف)

"أنا خلاص... خلاص. لو عرفوا، هيفكروا إنني كنت غلطانة طول الوقت، حتى لو الحقيقة اتكشفت... مش هيصدقني. مش هيصدقوني."


(تنظر خلفها بحذر، وكأنها تشعر بأن شخصًا يراقبها)

"هو لسه مش فاهم، مش هيفهم. كل شيء هيبقى زي ما كان. خلاص... خلاص."


كانت سيليا تقف وحيدة شاردة في الشارع ، حتى شعرت بأحد يضع يده على كتفها وكان زين، فتلتفت بسرعة وعيناها مليئتان بالخوف.


زين: "اهدي... إيه اللي حصل؟"


سيليا (بتوتر): "مفيش حاجة، أنا... أنا بس محتاجة أمشي."


زين (بصوت هادئ): "سيليا، إنتِ فاكرة إن الهروب هيحل حاجة؟"


سيليا (تتجمد للحظة): "إزاي... إزاي تعرف اسمي؟"


زين: "مش ممكن أنسى. شفتك قبل كده... وشفت القوة اللي عندك، حتى وإنتِ مكسورة."


سيليا (تخفض عينيها): "قوة؟ أنا؟ أنا ضايعة."


زين (بحزم): "لا، مش ضايعة. اللي واقف قدامي أقوى بكتير مما هي فاكرة."


سيليا (بصوت منخفض): "أنا مش عارفة أعمل إيه... كل حاجة حواليّ بتنهار."


زين: "لو كل حاجة بتنهار، أنا هنا. مش هسيبك لوحدك. عديتِ كتير، وده كفاية. دلوقتي دورك إنك تلاقي السلام."


سيليا (بنبرة خافتة): "ليه بتعمل كده؟"


زين (بنظرة ثابتة): "لأنك تستحقي أكتر. ولو كنت محتاجة حد جنبك، أنا مش هتحرك."


سيليا (تنظر إليه بخجل): "مش متعودة... حد يقول لي الكلام ده."


زين (يبتسم): "اتعودي. من النهارده، كل خطوة تاخديها، مش هتبقي لوحدك."

سيليا (تنظر إليه مطولًا، تتردد قبل أن تهمس):

"مش عارفة... مش عارفة أثق في حد تاني."


زين (بنبرة دافئة):

"مش بقول لك تثقي فيا دلوقتي. خدي وقتك، لكن أوعدك... أنا مش هخذلك."


سيليا (بصوت مرتعش):

"كل اللي وثقت فيهم خذلوني. خايفة... خايفة أجرب تاني."


زين (يقترب خطوة، يضع يده بلطف على كتفها):

"الخوف طبيعي، لكن مش لازم يوقفك. أنا مش هطلب منك حاجة غير إنك تسمحي لنفسك تبقي قوية زي ما أنتِ فعلًا."


سيليا (تنظر إليه بتردد):

"مش عارفة أبدأ منين."


زين (بابتسامة مطمئنة):

"نبدأ خطوة خطوة. مفيش استعجال. وأول خطوة؟... تاخدي نفسك العميق ده، وتفتكري إنك تستحقي فرصة تانية."


سيليا (تغمض عينيها وتأخذ نفسًا عميقًا، ثم تنظر إليه):

"وإنت... ليه يهمك كل ده؟"


زين (بنظرة جادة):

"لأنك شخص يستحق. يمكن أنا ما عرفتش أنقذك أول مرة، لكن المرة دي... مش هسيبك تعدي ده لوحدك."


سيليا (بابتسامة خفيفة):

"يمكن... يمكن أديها فرصة."

كاد زين أن يكمل كلامه لكن قاطعه صوت سيليا قائلة 

سيليا (تلمح الساعة على معصمها فجأة وتفزع):

"يا نهار أسود... اتأخرت!"


زين (يتغير تعبيره إلى القلق):

"إيه اللي حصل؟ مستعجلة على فين؟"


سيليا (تحاول تهدئة نفسها):

"لازم أروح... في حد مستنيني."


زين (ينظر إليها بريبة):

"مين؟ ليه حاسة إنك بتحاولي تهربي تاني؟"


سيليا (بصوت خافت):

"مش هروب... أنا عندي أطفال، ولازم أكون معاهم."


زين (يصمت للحظة، ينظر إليها بدهشة):

"أطفال؟... إنتِ أم؟"


سيليا (تهز رأسها):

"آه، وعشانهم لازم أمشي دلوقتي."


زين (يخفض صوته بلطف):

"طيب، بس قبل ما تروحي... لو احتجتي حاجة، لو حسيتِ إنك مش قادرة... ما تتردديش تكلمني."


سيليا (تبتسم ابتسامة خفيفة وهي تتراجع):

"شكراً يا زين... يمكن أكلمك."


زين (ينظر إليها وهي تبتعد):

"هستنى المكالمة دي."


سيليا تلتفت بسرعة وتمضي بخطوات متسرعة، بينما زين يقف مكانه، عيناه تتابعانها وهو يفكر بصمت و أردف قائلا لنفسه 

زين:  يا ترى إيه حكايتك يا سيليا ، وليه أنا حاسس أنك نفسها سيليا اللي تميم يتحسر عليها 

بعد لحظة من التردد، يخرج هاتفه ويتصل بشخص ما.


زين (بنبرة جدية):

"ألو... أدهم؟"


صوت أدهم (من الهاتف):

"أيوه، خير يا زين؟"


زين:

"عاوز منك خدمة ضرورية. في واحدة اسمها سيليا، محتاج أعرف كل حاجة عنها."


أدهم (بنبرة فضول):

"سيليا؟ مين دي؟"


زين:

"شفتها مرتين، وأتأكد إنها بتخبّي حاجة كبيرة. متأكدة إنها بتعيش في ضغط رهيب، وحاسس  إن فيه حاجة غلط."


أدهم:

"طب، عندك أي تفاصيل؟ اسمها بالكامل؟ عنوان؟ أي حاجة أبدأ بيها؟"


زين:

"للأسف لا، كل اللي عندي اسمها الأول وبعض المواقف اللي جمعتنا. شوف لو تقدر تبدأ من اسمها سيليا بس، أكيد في حاجة هتوصلنا ليها."


أدهم (بنبرة مطمئنة):

"سيب الموضوع عليا. هبدأ أبحث وأبعت لك أول ما أوصل لحاجة."


زين (بتنهد):

"شكراً يا أدهم. الموضوع ده مهم جدًا بالنسبة لي."


أدهم:

"متقلقش، هتلاقي اللي بتدور عليه."


زين ينهي المكالمة، ويقف لوهلة، عقله مليء بالتساؤلات حول سيليا. يعرف أن هناك سرًا كبيرًا يحيط بها، ولا يستطيع تجاهل إحساسه بأنها تحتاج المساعدة، حتى لو لم تطلبها

**********************

(في فيلا ليلى الألفي، تدخل سيليا وهي ترتجف من البكاء، ملامحها منهارة. ليلى تلاحظ فورًا حالتها وتقترب منها بقلق شديد.)


ليلى: "في إيه يا بنتي؟ شكلك مش طبيعي!"


سيليا (تبكي بحرقة): "تخيلي مين طلع المعيد يا عمتو؟"


ليلى (بدهشة): "مين؟"


سيليا (بسخرية مريرة): "ريان."


ليلى (بصدمة): "ريان؟ أخوكي؟!"


سيليا (بصوت مكسور): "أيوة... أقرب واحد ليا، واللي أول واحد صدق الكذبة وذلني. ما سأليش حتى... رماني زي الغريبة!"


ليلى (بغضب): "ريان؟! كان المفروض يكون أكتر واحد يقف جنبك. بس لا... كلكم ظلمتوها يا فؤاد!"


سيليا (بحزن): "عمتو، شوفته فجأة... ما قدرتش أستحمل، هربت. ما ينفعش يشوفني، أنا مش قادرة أواجهه."


ليلى (بحزم): "ليه تهربي؟ سيليا، إنتِ اللي لازم ترفعي راسك. اللي عدى عليكي كان جحيم، ووجودك هنا دلوقتي دليل إنك أقوى منهم كلهم."


سيليا (بصوت مرتعش): "قوية؟ عمتو، أنا مش عارفة حتى أتنفس قدامه. حسيت بكل حاجة رجعت فجأة، الوجع... الخيانة... كأن اللي حصل من ست سنين بيحصل دلوقتي."


ليلى: "مش هيقدر يأذيكِ تاني. إنتِ اللي معاكي الحق، إنتِ اللي ظلموكي، وهو اللي المفروض يحس بالندم لما يشوفك واقفة قدامه، قوية ومستقلة."


سيليا: "بس عمتو... أنا خايفة. خايفة من نظراته، من كلماته... من كل حاجة."


ليلى (بصوت مطمئن): "سيليا، الخوف هو اللي هيضعفك. كوني زي ما أنا عارفاكِ... قوية. ما حدش هيوقفك، لا ريان ولا غيره."


سيليا (بتنهيدة عميقة): "يمكن... بس المواجهة مش سهلة، وأنا ما عنديش طاقة أرجع أعيش الوجع ده."


ليلى (تضع يدها على كتفها): "إحنا مش هنرجع لوجع الماضي. إنتِ هنا عشان تبدأي حياة جديدة. واللي ظلموكي لازم يشوفوا إنك كنتِ أكبر منهم كلهم."


سيليا (بهمس): "هحاول، عمتو. مش عشانهم... عشان نفسي و عشان ولادي"


( بعد مدة قصيرة ، يدخل رائد إلى المنزل وهو يحمل لينا بين ذراعيه، بينما زياد ومازن يمسكان بيده. كارما تسير خلفه بابتسامة خفيفة، لكن وجهه يتغير فور أن يرى سيليا منهارة بجانب ليلى.)


رائد (بقلق): "إيه اللي حصل؟ سيليا مالها؟"

ليلى (تلتفت إليه): "كانت في الجامعة وشافت... حد ما توقعتوش."

رائد (يقترب بسرعة ويجلس أمام سيليا): "سيليا، مين شوفتي؟ مين ضايقك؟"


سيليا (تنظر إليه بعينين ممتلئتين بالدموع): "ريان..."

رائد (بدهشة): "ريان؟ أخوكي؟!"

سيليا (بغضب مختلط بالدموع): "أيوة... المعيد اللي كنت مفروض أبدأ دراستي معاه."


كارما (بحذر وهي تراقب الموقف): "معيد؟ ده أكيد كان صعب عليكي."

رائد (ينظر بغضب): "صعب؟ ده جحيم! بعد اللي عمله، يظهر في حياتها فجأة؟!"


سيليا (بصوت مرتعش): "هربت، رائد... مقدرتش أبصله، مقدرتش أواجهه."

رائد (بصوت هادئ لكن مليء بالغضب): "كان لازم تواجهيه. هو اللي غلط، مش إنتِ. لازم يشوفك أقوى من كده."


زياد (يقترب من سيليا ببراءة): "ماما، ليه بتعيطي؟"

سيليا (تحضن زياد وهي تحاول التماسك): "مفيش يا حبيبي... ماما بس تعبانة شوية."


رائد (بنبرة حازمة): "كارما، خدي الأولاد  و اطلعوا للأوضة."

كارما (بهدوء): "أكيد." (تمسك بيد زياد ومازن وتخرج مع لينا.)


رائد (ينظر إلى سيليا): "إحنا لازم نحط حد للموضوع ده، سيليا. متخليش حد يهزك تاني، خصوصًا الناس اللي كانوا المفروض يحموكي."

سيليا (بضعف): "مش عارفة... المواجهة هتقتلني."

رائد (بحزم): "لا، المواجهة هتطلعك أقوى. وانا هنا معاكي، مش هسيبك تمرّي ده لوحدك."


ليلى (تتدخل): "رائد عنده حق يا سيليا. وجودك هنا مش صدفة. ده الوقت اللي تثبتي فيه إنهم ما قدروش يكسروا سيليا اللي عرفناها."

سيليا (تتنهد بعمق): "هحاول... بس وجوده هيكون اختبار صعب."

رائد (بابتسامة خفيفة): "وإنتِ شاطرة في الاختبارات الصعبة، مش كده؟"


(في اوضة الأطفال، كارما تجلس على الأرض بينما زياد ومازن يلعبان بالمكعبات، ولينا تجلس في كرسيها الصغير تراقبهم ببراءة. تحاول كارما التخفيف من التوتر الذي شعرت به في الصالة.)


زياد (يرفع رأسه): "كارما، ماما زعلانة ليه؟"

كارما (بصوت هادئ ومطمئن): "ماما مش زعلانة منك يا حبيبي، هي بس محتاجة ترتاح شوية."


مازن (بحزن): "هي بتبكي! أنا شفتها."

كارما (تقترب منه وتضع يدها على كتفه): "ماما قوية يا مازن، وهي هتبقى أحسن لما تشوفكم بتلعبوا ومبسوطين."


زياد (بحزن طفولي): "أنا عايز أبقى كبير عشان أقدر أخلي ماما ما تبكيش أبداً."

كارما (تبتسم له بحنان): "وأنا متأكدة إنك هتكون أقوى واحد وتحميها. بس دلوقتي دورك تفرحها وتكون الولد الشاطر اللي هي بتحبه."


مازن (بحماس): "أنا هارسم رسمة لماما! هي بتحب الرسومات."

كارما (بتشجيع): "فكرة جميلة، هات ورق وألوان وأنا هساعدك."


(ينطلق مازن ليحضر الورق، بينما لينا تصدر أصواتًا صغيرة وتحرك يديها.)


كارما (تضحك وتنظر إلى لينا): "وإنتِ يا أميرة، عايزة تقولي إيه؟ بتزعلي إن ماما زعلانة؟"

لينا (تضحك بصوت عفوي): "دا دا!"


زياد (ينظر إلى أخته الصغيرة و هو يمسح على رأسها ببراءة): "لينا كمان بتحب ماما... أنا هأحكي لها قصة علشان تضحك!"

كارما (تربت على رأسه): "أنت بجد رائع، زياد. ماما محظوظة إنها عندها ولد زيك."


(مازن يعود بالألوان والورق ويبدأ بالرسم، بينما كارما تساعد لينا على الإمساك بلعبة صغيرة. الجو في الغرفة يصبح أكثر دفئًا ومرحًا، محاولة منها لرفع معنويات الأطفال وإبعادهم عن أي توتر.)

*******************


في الصالة في بيت كريم وثريا في دبي، ثريا قعدة على الأريكة ماسكة في إيديها تليفونها وبتشوف آخر الترتيبات للسفر لمصر. كريم داخل الغرفة لابس هدوم السفر، باين عليه إنه جاد وفيه حسم.


ثريا:

(بتردد)

كريم، أنت متأكد إننا هنسافر؟ جاد مش مبسوط بفكرة إننا نروح لهم، أنا حاسة إنه زعلان... بس هو محتاجنا، خاصة سيليا والعيال.


كريم:

(بهدوء)

أنا متأكد يا ثريا. إحنا ماينفعش نسيبه يكمل كده. لازم نروح علشان نوريه إن العيلة أهم من أي حاجة تانية. سيليا والعيال محتاجيننا، ومش هنسيبهم في الظروف دي.


ثريا:

(بتنهدة)

عارفة... بس جاد مش فاهم ده. هو ماعاملش سيليا زي ما لازم، ومش مهتم بالعيال ولا فيهم. لحد دلوقتي مش ظهر منه إنه عايز يشوفهم زي ما لازم.


كريم:

(بابتسامة حزينة)

أوقات الراجل بيكون محتاج دفعة، أو يمكن بس تذكير بحاجة مهمة. سيليا طيبة جدًا، وأنتِ عارفة قد إيه بنحبها زي بنتنا. جاد محتاج يراجع نفسه، دي فرصة علشان نوريه إننا لسه هنا علشانه، رغم كل حاجة.


ثريا:

(بتبص لكريم بتفكير)

إنت عندك حق. بس أنا خايفة إن السفر بتاعنا يسبب مشاكل أكتر. جاد وجيسي هيكونوا مزعوجين. خصوصًا جاد، هو مش بيحب إننا نوري اهتمامنا لسيليا والعيال، بس إحنا مش هنقدر نسيبهم لوحدهم.


كريم:

(بحزم)

سيليا والعيال مش هيبقوا لوحدهم. وأنا هنا علشان أساندهم. الموضوع مش عن جاد بس، ده عن العيلة. لازم نكون مع بعض، خصوصًا في الأوقات دي.


ثريا:

(بتنهدة)

إنت دايمًا بتشجعني أكون قوية. طيب، لو ده اللي لازم نعمله، يبقى نأخذ الخطوة دي. يمكن ده يخليه يفكر.


كريم:

(بيقرب منها ويحط إيده على كتفها)

مش هيتغير حاجة لو مافعلناش القرار ده، وكل اللي نقدر نعمله هو إننا نساعدهم. يلا نروح ونوريهم إننا معاهم. وه نحاول نصلح الأمور واحدة واحدة.


ثريا:

(بتبتسم برقة)

إنت عندك حق. يلا نروح.


كريم:

(وهو بياخد شنطته)

يلا بينا. هنتحمل ده مع بعض.


ثريا:

(بتنهض وبتاخد شنطتها)

تمام، يلا بينا. يمكن نلاقي الطريق الصح لكل حاجة.


(كريم وثريا بيخرجوا من الغرفة في طريقهم للمطار، مستعدين للسفر لمصر وفتح صفحة جديدة من الأمل في عيلتهم.)

********************

في المطار، كريم وثريا واقفين جنب منطقة الانتظار، بينما جيسي قاعدة على الكرسي بتتفرج عليهم بنظرات مليانة حقد.


جيسي:

(بتتكلم مع نفسها بس بصوت مسموع، بتسخر)

"بجد! سيليا دي هي اللي هتمثل العيلة؟ يعني فين الأدب وفين الأصول؟ مش عارفة إزاي جاد صبر عليها كل السنين دي."


كريم:

(بيتحول بصوت حاد وهو يبص لجيسي، غضبه ظاهر)

"إنتِ لسه عايشة في وهم؟ بتتكلمي كده ليه؟ سيليا دي زي بنتنا، ولا يمكن تسمحي لنفسك تسخري منها أو تستهزئي بيها بأي شكل. سيليا أفضل منك بكتير، وأنتِ مفروض تكوني شاكرة لها، بدل ما تحقدي عليها."


جيسي:

(بتتراجع وتبص لأرض، وبعدها ترفع راسها بصوت متوتر)

"أنا مش حاقدة، بس مش قادرة أفهم ليه لازم نركز عليها. هي مش قدنا ولا بتستاهل كل ده. جاد كان مفروض ما يتجوزهاش."


ثريا:

(بتنبه جيسي بحزم، معبرة عن استياءها)

"جيسي، اسكتي! كفاية كده! سيليا مينفعش تتقال عنها كده. لو كانت عندك مشكلة معاها، خليها بينك وبين جاد.  مش من حقك تهاجميها قدامنا. دي عيلة، والمفروض نتعامل مع بعض بمحبة واحترام."


كريم:

(بيطلع غضبه مرة تانية، بيبص لجيسي بعيون مليانة تأنيب)

"إنتِ كده بتدمريني، جيسي. سيليا دي هي اللي ممكن تكون السبب في إصلاح حاجات كتير ضاعت بسببك وبسبب جادو بسبب استهتاركم و اهمالكم و تبذيركم للفلوس ، لو  عايزين تعيشوا في سلام، هتحتاجوا تحترموا العيلة وتفهموا إن في حاجات أهم من كده. خلي بالك، إنتِ دلوقتي مش بنت صغيرة، إنتِ لازم تبقي ناضجة أكتر."


جيسي:

(بتكتئب وتبص للأرض، مش قادرة ترد)

"آسفة يا بابا... بس مش قادرة أتقبل الموضوع ده."


كريم:

(بهدوء، لكن بتأثير حاد)

"الحقد مش هيفيدك، يا جيسي. لو مش قادره تفرحي لسيليا ولا أولادها، على الأقل خليكي محترمة. لو عندك مشاكل مع جاد، دي حاجة بينكم، لكن ما تخلينيش أسمع كلام زي ده تاني."

جيسي ( تقول لنفسها  بحقد):" حتى ماما و بابا كسبتيهم لصفك ، ماشي يا سيليا مبقاش جيسي لو ما خليتهم يكرهوكي زي جاد بالضبط


تكملة الرواية من هنااااااا

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله جميع الفصول هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا



تعليقات

التنقل السريع