القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية قيود العشق2 الفصل الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر بقلم سيليا البحيرى كاملة

 رواية قيود العشق2 الفصل الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر  بقلم سيليا البحيرى كاملة 




رواية قيود العشق2 الفصل الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر  بقلم سيليا البحيرى كاملة 



#قيود_العشق2 

فصل 11

في فيلا ليلى الألفي كانت سيليا تجلس على الأرض، شعرها فوضوي ودموعها تنهمر بغزارة. عمتها ليلى وكارما تحاولان تهدئتها، لكن سيليا في حالة هستيرية من الحزن والغضب. رائد يقف في الزاوية، يراقب الموقف بقلق


سيليا:

(بصوت مرتجف ومليء بالغضب)

"أنا مش قادرة أستحمل أكتر من كده! كفاية... كفاية! حياتي كلها ظلم... ظلم من أول ما ولدت! أهلي... جاد... كلهم دمروني! أنا إنسانة، ليه محدش شايفني كده؟!"


ليلى:

(بحنان وحزن وهي تحاول تهدئتها)

"يا بنتي، اهدى شوية. إحنا كلنا معاكي. اللي حصل في الماضي انتهى، وده وقتك تعيشي حياتك زي ما إنتي عايزة."


سيليا:

(تصيح بانفعال)

"إزاي أنسى يا عمتي؟ إزاي؟ كل لحظة مع جاد كانت عذاب. عمري ما حسيت إني متجوزة... ولا حتى إنسانة. كان بيكرهني بدون سبب! أنا ما عملتش له حاجة. ليه كان بيبصلي كإني عدوته؟!"


كارما:

(بحزن وهي تضع يدها على كتف سيليا)

"سيليا، إنتي قوية، وقرارك بالطلاق هو أول خطوة إنك تنقذي نفسك. ما تخليش حد تاني يتحكم في حياتك."


سيليا:

(بغضب ودموعها تزداد)

"أنا هطلق... هطلق منه لو آخر حاجة أعملها في حياتي! مش هعيش معاه تاني. هو ما استاهلش حتى أشوفه. أنا خلاص تعبت، عايزة أربي أولادي بعيد عن ذلّه وعن ظلمه."


رائد:

(يتقدم خطوة للأمام، يتحدث بحزم)

"وأنا هكون جنبك في كل خطوة. لو جاد فكر يعترض على الطلاق أو يحاول يضايقك، أنا مش هسمح له."


ليلى:

(بتنهيدة)

"قرارك ده شجاع يا سيليا، بس لازم تكوني مستعدة لأي تحديات جاية. جاد مش هيكون سهل."


سيليا:

(تصيح وهي تضرب الأرض بيدها)

"مش فارق معايا! أنا مش هسمح له يتحكم في حياتي أكتر من كده. عايزة أعيش لنفسي... لأولادي... من حقي أكون إنسانة سعيدة!"


سيليا تنفجر بالبكاء مجددًا، وتضع رأسها بين يديها. ليلى تربت على ظهرها برفق، وكارما تجلس بجانبها تمسك بيدها. رائد ينظر إليها بنظرة مليئة بالغضب تجاه جاد والتصميم على مساعدتها


رائد:

(بهدوء وحزم)

"سيليا، إحنا هنكون معاكي. ما تخافيش، الطريق صعب، بس إحنا مع بعض هنعدي كل ده."


سيليا:

(بصوت متقطع بين البكاء)

"مش عايزة حاجة غير الحرية... الحرية من كل حد ظلمني."


ليلى:

(بابتسامة مشجعة)

"وهتكوني حرة يا بنتي. هتكوني حرة."

********************


فجأة يُفتح باب الفيلا بعنف، ويدخل جاد غاضبًا. صوته يعلو وهو يبحث عن سيليا، مما يجعل الجميع يلتفتون نحوه


جاد:

(بغضب شديد)

"سيليا! إنتي فاكرة نفسك بتلعبي مع مين؟! مين سمحلك تخرجي من البيت وتعملي اللي في دماغك من غير إذني؟"


سيليا تقف ببطء، عيناها مليئة بالدموع ولكن مظهرها صارم. تنظر إلى جاد بثبات وبدون خوف


سيليا:

(بصوت قوي رغم انكسارها)

"أنا مش لعبة في إيدك، جاد. ومش محتاجة إذنك عشان أعيش حياتي! خلصت أيام الذل اللي كنت فيها تحت رحمتك. أنا مش هعيش تحت طوعك تاني!"


جاد:

(يقترب منها بغضب، مشيرًا بإصبعه نحوها)

"إنتي نسيتي نفسك ولا إيه؟ إنتي مراتي، وأنا اللي أقرر تعملي إيه وما تعمليش إيه!"


سيليا:

(تصرخ وهي تشير إلى نفسها)

"مراتك؟! إنت فاكر إنك جوزي؟ جوزي اللي بيحبني ويحترمني؟ إنت عمرك ما كنت جوزي! كنت مجرد سجّان. عمري ما حسيت معاك غير بالظلم والقهر. كل يوم معاك كان عذاب!"


جاد:

(يحاول كتم غضبه ولكن صوته يرتجف)

"أنا اللي ظلمتك؟! إنتي اللي طول عمرك ناكرة للجميل. أنا اللي وفرتلك حياة مستقرة!"


سيليا:

(تضحك بمرارة)

"حياة مستقرة؟ إنت بتتكلم عن بيت كنت فيه مجرد شبح؟ عن أولادك اللي ما تعرفش عنهم حاجة؟ عن سنين من الإهمال والخيانة؟ لا، يا جاد، إنت ما وفرتش غير الألم."


ليلى:

(تحاول التدخل لتهدئة الموقف)

"جاد، مش بالطريقة دي تتكلم مع سيليا. شوف حالك، إنت السبب في كل اللي وصلنا له دلوقتي!"


جاد:

(يصيح)

"ماحدش يتدخل بيني وبين مراتي!"


رائد:

(يتقدم بخطوة لحماية سيليا)

"سيليا مش لوحدها هنا. لو فاكر إنك هتستمر في التحكم بيها فأنت غلطان. سيليا حرة، وهتعمل اللي هي شايفاه صح."


سيليا:

(تواجه جاد بجرأة)

"أيوة، أنا حرة. وهطلق منك مهما حاولت تمنعني. أنا كرهتك... كرهتك من كل قلبي. كنت فاكرة إن أسوأ حاجة في حياتي ظلم أهلي ليا، لكنك أثبتت إنك أكبر غلطة ارتكبتها في حياتي."


جاد:

(يحاول كتم تأثير كلامها عليه، لكنه يلتفت غاضبًا)

"إنتي مش هتقدري تعيشي من غيري. أولادك، حياتك، كل حاجة تحت سيطرتي!"


سيليا:

(تصرخ بألم)

"حياتي ما كانتش حياتي وأنا معاك. كل اللي باقيلك هو اسمك. لكن قلبي وروحي اتحرروا منك من زمان. أنا هاخد أولادي وهكمل حياتي، وهتشوفني واقفة على رجلي من غيرك!"


كارما:

(تقف بجانب سيليا)

"جاد، كفاية. سيليا مش هتخضع ليك تاني. خلّي عندك شوية كرامة وانسحب قبل ما تخسر أكتر."


جاد:

(ينظر إلى الجميع بغضب، ثم إلى سيليا بتحدٍ)

"هنشوف مين اللي هيكسب في الآخر، سيليا. بس  أوعدك، مش هيكون بالسهولة اللي إنتي فاكرة."


يدفع الباب بعنف ويغادر، وصداه يترك الجو مشحونًا بالتوتر. سيليا تنهار جالسة على الأريكة، تغطي وجهها بيديها، والدموع تسيل من عينيها


سيليا:

(بصوت مخنوق بالبكاء)

"كرهته... كرهته أكتر من أي حاجة في حياتي. يا رب خلّصني منه، أنا تعبت... تعبت أوي!"


ليلى:

(تجلس بجانبها وتحتضنها بحنان)

"اهدّي يا بنتي، كل ده هيعدي. إنتي أقوى من كل اللي ظلمك."


رائد:

(بغضب مكبوت)

"وإحنا مش هنسكت. سيليا مش لوحدها، وإحنا هنا عشان نحميها."


كارما تمسك بيد سيليا، تحاول طمأنتها، بينما الجميع ينظر إليها بحب ودعم، مصممين على مساعدتها للوقوف ضد جاد وظلمه

*********************

بعد ساعة أو أكثر وصل جاد لفيلا والديه بمصر و كان كريم  يجلس على الأريكة، ملامحه غاضبة وواضحة الجدية. ثريا تجلس بجانبه، تعقد ذراعيها بحزم. جاد يقف أمامهما، متوتراً ولكنه يحاول التظاهر بالقوة، بينما جيسي تجلس على الكرسي القريب، تنظر بعصبية وتحاول التدخل


كريم:

(بغضب مكتوم، ينظر إلى جاد بحدة)

"إيه اللي بسمعه عنك يا جاد؟ إنت متخيل إنك في حرب مع مراتك وأولادك؟! فين عقلك؟!"


جاد:

(يحاول الدفاع عن نفسه)

"بابا، سيليا هي اللي بتعاندني. هي اللي مش عايزة تسمع الكلام. بدل ما تحاسبوني أنا، شوفوا هي بتعمل إيه!"


ثريا:

(تقاطع بغضب واضح)

"بتعمل إيه يا جاد؟ بتكمل تعليمها؟ دي جريمة؟! من إمتى بقت الست لما تحاول تبني حياتها تبقى غلطانة؟! سيليا ضحت بكل حاجة عشانك، وإنت بدل ما تحترمها، قررت تحطمها!"


جاد:

(يرفع صوته)

"هي بتخرج عن طوعي، يا ماما! أنا جوزها وليا حق عليها!"


كريم:

(يضرب الطاولة بيده غاضبًا)

"وطي صوتك، يا جاد! إنت فاكر الجواز يعني تتحكم في مراتك كأنها عبدة عندك؟! إنت مسؤول عنها وعن أولادك، مسؤول إنك تكون ليهم سند، مش تكون مصدر ألمهم!"


جاد:

(بتوتر)

"أنا ما ظلمتهاش، بس هي اللي مش عايزة تعيش معايا زي ما أنا عايز!"


ثريا:

(تنظر إليه بحدة)

"تعرف إيه؟ لو فضلت تعاملها بالشكل ده، أنا شخصيًا هقف جنبها وأساعدها  تخلعك و تاخد الطلاق منك. إنت مش فاهم قيمة البنت دي، بس أنا فاهمة."


جاد:

(بصدمة)

"إيه؟! ماما، إنتي بتهددي ابنك؟!"


ثريا:

(ترد بحزم)

"أيوة، لو ده الحل الوحيد عشان تنقذها منك ومن عنادك. سيليا تستحق الراحة، تستحق زوج يحترمها، مش واحد يعتبرها جزء من ممتلكاته."


كريم:

(بصوت أكثر هدوءًا ولكنه حازم)

"جاد، إحنا جينا هنا عشان نصلح الأمور، مش عشان نسمع أعذارك. لو فضلت على عنادك ده، هتخسر كل حاجة: مراتك، أولادك، واحترامنا ليك كمان. القرار في إيدك."


جيسي:

(تتدخل بعصبية)

"بابا، ماما، إنتوا دايمًا بتقفوا في صف سيليا! هي مش مظلومة زي ما بتدّعي، كل ده عشان تلفت انتباهكم وتكسب تعاطفكم."


ثريا:

(تنظر لجيسي بغضب)

"جيسي، كفاية كلام ملوش معنى! سيليا مش محتاجة تكسب تعاطف حد، إحنا عارفين مين هي ومين إنتي. بدل ما تزودي النار، فكري شوية إزاي تصلحي أخوكي وتدعمي مرات أخوكي وأولاده."


كريم:

(يضع يده على كتف ثريا ليهدئها، ثم ينظر لجاد)

"دي آخر فرصة ليك، يا جاد. لو استمريت بالطريقة دي، سيليا هتاخد ولادها وتبعد عنك للأبد و أنا بنفسي هساعدها، وساعتها مش هتلاقي حد يدعمك. فكر كويس، ومستني أشوف تصرفك اللي يليق برجل مسؤول مش عيل عنيد."


جاد:

(ينظر لوالده ثم لوالدته بغضب مكبوت، قبل أن يدير ظهره ويغادر الغرفة)

"هنشوف مين اللي هيكسب في الآخر."


(ثريا تنهض بتوتر، تنظر إلى كريم بإحباط.)


ثريا:

"مش عارفة إزاي جاد طلع كده، كريم. ما كانش ده اللي اتمنيته لسيليا أو لأولادها."


كريم:

(بتنهيدة ثقيلة)

"هنحاول يا ثريا، بس هو اللي لازم يقرر يتغير. إحنا عملنا اللي علينا."


تجلس ثريا بجانب كريم، وكلاهما يبدو عليهما القلق، في حين تظل جيسي جالسة في صمت، تضرب بأصابعها ذراع الكرسي بتوتر

***********************

في شارع مزدحم في قلب مدينة القاهرة، الأضواء بتلمع في المساء، وصوت العربيات مليان في الجو. أحمد ماشي بخطوات واثقة، لابس بدلة شيك، وعنيه فيها قوة راجل عدى على كتير في حياته. فجأة، يسمع صوت مألوف بينادي عليه. يلف ويلاقي قدامه سمر، مبتسمة ابتسامة كلها خبث مصطنع.

سمر (بنبرة مغرية):

يا نهار أبيض! أحمد! مش مصدقة إني شفتك! عامل إيه؟

أحمد (بصوت بارد ونظرة حادة):

سمر؟ عمري ما كنت أتخيل أشوفك هنا.

سمر (بتقرب منه وهي بتحاول تتودد):

عارف؟ أنا وحشني صوتك، بصراحة، أنت دايمًا كنت الشخص اللي مستحيل يتنسي.

أحمد (بياخد خطوة لورا):

النسيان؟ متقلقيش، أنا ما نسيتش حاجة. إزاي ممكن أنسى اللي علمني معنى ال خيانة؟

سمر (بتضحك ضحكة خفيفة مليانة تصنع):

يا أحمد، بلاش القسوة دي، إحنا كنا عيال صايعة وقتها، أيام وعدّت.

أحمد (بصوت هادي لكنه مليان غضب):

عيال صايعة؟!؟ بلاش تعملي نفسك بريئة، سمر. إنتِ كنتِ عارفة كويس أوي إنتِ بتعملي إيه. كنتِ بتلعبي بمشاعري وبتستغلينيو طماعة في فلوس و ثروة عيلتي 

سمر (بتحاول تسيطر على الحوار):

أحمد، بلاش تفتكر الماضي بالشكل ده. أنا اتغيرت، وبجد متأكدة إن قلبك كبير وبتعرف تسامح.

أحمد (بيقاطعها):

قلب كبير؟ القلب اللي كنتِ بتضحكي عليه ده اتكسر يوم ما شفتك فحضن الواطي وائل 

سمر (بنبرة غضب مكتومة):

يعني مش هتنساها أبدًا؟ كل الناس بتغلط يا أحمد.

أحمد (بصوت صارم):

الغلط بييجي لما يكون وراه ندم، وإنتِ لحد دلوقتي ما عندِكيش نقطة ندم واحدة. بس ما تقلقيش، أنا متشكر ليكِ. بفضلك، اتعلمت أفرق بين الحب الحقيقي والزيف.

سمر (بتوتر):

أحمد...

أحمد (بيقاطعها):

خلص الكلام يا سمر. في حاجات في الحياة ما تستاهلش فرصة تانية، وإنتِ واحدة منها.

بيخلص أحمد كلامه وبيمشي بخطوات ثابتة وهو سايب سمر واقفة في نص الشارع، متلخبطة ما بين غضب وذهول  تحاول استيعاب الموقف. فجأة، تظهر شاهي، صديقة سمر، التي كانت تراقب المشهد من بعيد، وتتقدم نحوها بابتسامة شماتة.

شاهي (تقترب منها وهي تضحك بخبث):

يا حرام يا سمر! واضح إن أحمد مش بس قفّل الباب، ده كمان قفّله بمفتاح ورماه في البحر.

سمر (تنظر إليها بغضب مكتوم):

بلاش شماتة يا شاهي، مش ناقصة سخافاتك.

شاهي (بتتهكم):

سخافاتي؟ لا يا حبيبتي، أنا واقفة أستمتع بس وأنا شايفة اللي كنتي فاكرة نفسك ماسكة بيه ينفض من حياتك كأنك ما كنتيش.

سمر (تضغط على أسنانها محاولة تمالك أعصابها):

سيبيه يمشي، أحمد مش نهاية العالم. فيه ألف طريقة أرجعه بيها لو عايزة.

شاهي (بضحكة ساخرة):

ترجّعيه؟ إنتِ لسه فاكرة نفسك بتلعبي زي زمان؟ أحمد دلوقتي غير، وحتى لو جربتي ألف لعبة، ده بقى فاهمك و حافظك كويس.

سمر (بنبرة مليانة حقد):

عارفة يا شاهي؟ مش هو اللي مضايقني. اللي بيقهرني فعلاً هي سيليا.

شاهي (تتفاجأ):

سيليا؟ أخت أحمد؟ هي إيه دخلها؟

سمر (بنظرة مليانة غل):

سيليا كانت دايمًا شايفة نفسها عليا. بنت العيلة المدللة، اللي الكل بيحبها. أحمد كان بيعبدها، وكانت بتحسسني إني أقل منها، دايمًا تنتقدني وتتعامل معايا كأني وصمة عار في حياتهم.

شاهي (بخبث):

وده كان وقتها، دلوقتي ما بقيتش موجودة عشان تعمل كده و كمان سمعت أنها فآخر أيامها اتعرضت لفضيحة جامدة اوي 

سمر (بترد بقسوة):

بس صدقوها في النهاية ، و ما تفتكريش إني زعلت لما ماتت. بالعكس، ارتحت. بس كل ما أفتكر إن ذكراها لسه عايشة في قلوبهم، بحس إن وجودها عامل لي لعنة

شاهي (بصوت منخفض ومخيف):

يا سمر، إنتِ فعلاً شريرة.

سمر (تبتسم بسخرية):

شريرة؟ لا يا شاهي، أنا واقعية. والواقع يقول إن الناس زي سيليا وأحمد مكانهم تحت رجلي، مش فوق راسي.

(شاهي تهز رأسها بخبث، وتغمغم وهي تبتعد):

على العموم، حظ سعيد، يا سمر. شكلك داخلة على جولة جديدة مع أحمد وعيلته، وربنا يستر عليكِ.

تبتعد شاهي تاركة سمر واقفة في مكانها، تغلي بالغضب والحقد، وعيناها تلمعان بتصميم خبيث

*********************


في فيلا ليلى الألفي ، سيليا تجلس على الأريكة، تحاول استعادة هدوئها بعد انهيارها السابق. ليلى بجانبها تربت على يدها بحنان، بينما رائد يقف بالقرب، يراقب الوضع بقلق. كارما تدخل الغرفة بهدوء، تحمل نظرة مترددة، وتشعر بثقل الموقف.


سيليا: (تتنهد بتعب وتمسح دموعها) الأولاد...  شافوني كده، مش كده؟


كارما: (تجلس بجانبها وتمسك بيدها) أيوة، يا سيليا. شافوكي زياد ومازن كانوا خايفين شوية، ولينا بدأت تبكي لما شافتك كده... بس حاولت أطمنهم.


سيليا: (تغطي وجهها بيديها وتبدأ بالبكاء مجددًا) أنا أم فاشلة... إزاي أسمح لنفسي إنهم يشوفوني في الحالة دي؟ المفروض أكون قوية عشانهم


ليلى: (بحزم وحنان) سيليا، كفاية جلد ذاتك. إنتي مش فاشلة. إنتي إنسانة، ومن حقك تضعفي. الأولاد بيحبوكي وبيحسوا بكل حاجة، و اللي حصل مش غلطك.


كارما: (بنبرة مطمئنة) زياد كان بيقول إنه عايز يحضنك، ومازن ما سابش إيدي طول ما كنا طالعين. هما بس محتاجين يشوفوكي هادية عشان يطمنوا.


سيليا: (تنظر إلى كارما بعينين مليئتين بالندم) أنا السبب في خوفهم، كارما... جاد دمر حياتي، وأنا دمرت حياتهم من غير قصد. مش عايزة الأولاد يكرهوني زي ما هو بيكرهني.


رائد: (يتقدم بخطوة نحوها) سيليا، كفاية لوم نفسك. لو في حد يتحمل مسؤولية اللي حصل، فهو مش إنتي. الأولاد محتاجين يشوفوا أمهم القوية اللي بتحارب عشانهم. وإحنا هنا عشان نساعدك.


ليلى: (تربت على كتفها) حبيبتي، بكرة لما تشوفيهم، حضنيهم كويس، وخليهم يحسوا إنك كويسة. إحنا هنا عشان ندعمك.


سيليا: (تمسح دموعها وتتحدث بحزم لكنها مكسورة) أنا مش عايزة يبقوا زيي... مش عايزة يشوفوا أكتر من اللي شافوه. لازم أخلص من جاد، وأعيش عشانهم، عشان يلاقوا حياة تستحقهم.


كارما: (تبتسم بخفة وتشد على يدها) وهما هيفتخروا بيكي لما يشوفوكي بتاخدي خطواتك دي. صدقيني، يا سيليا.


سيليا: (تنظر للجميع بنظرة امتنان ممزوجة بالألم) شكراً، يا جماعة... أنا فعلاً ما كنتش هقدر أعمل أي حاجة من غيركم.


رائد: (بابتسامة داعمة) إحنا هنا دايمًا، يا سيليا. وهنفضل هنا مهما حصل.


سيليا: (تنظر لكارما) طيب... زياد ومازن ولينا نايمين دلوقتي؟


كارما: (تهز رأسها) أيوة، نيمتهم بصعوبة بعد ما طمنتهم شوية. زياد كان عايز يتأكد إنك كويسة.


سيليا: (بصوت مكسور لكن مليء بالحب) هشوفهم الصبح وأحضنهم، وأوعدهم إن مفيش حاجة هتخوفهم تاني.


ليلى: (تقف) وهما هيحسوا بالأمان طول ما إنتي معاهم.


سيليا تنظر للجميع بحزم جديد، كأنها تستعيد قوتها تدريجيًا من أجل أولادها. يتبادل الجميع نظرات مطمئنة، وكلهم متفقون على دعمها في مواجهة أي تحدٍ قادم

*************************


في فيلا البحيري كانوا جميعا متجمعين في صالون القصر في أجواء ثقيلة يغمرها الحزن والندم. نجلاء تحمل بين يديها دمية صغيرة، تتأملها بصمت وكأنها تعيد ذكرى دفينة. فؤاد يجلس على كرسي بجانبها، عيناه غارقتان في التفكير. سامر يقف بالقرب من النافذة، يحدق في الخارج بشرود، بينما مراد ويوسف يجلسان على الأريكة بوجوه تعكس الإرهاق النفسي.


نجلاء: (بصوت مكسور) قابلت بنوتة صغيرة النهارده في الحديقة... ملامحها حسستني بحاجة غريبة، كأنها... (تتوقف وهي تبتلع دموعها) كأنها كانت بتشبه سيليا.


فؤاد: (ينظر إليها باهتمام) بنوتة؟ فين؟


نجلاء: (تمسح دموعها) كانت مع واحد شكله طيب. الطفلة دي... حسيت إنها تناديني، بس أكيد دي خيالاتي.


مراد: (يتنهد بعمق) مفيش لحظة في حياتنا بتمر إلا ونتمنى إنها تكون معانا.


سامر: (بتوتر وهو يدير وجهه من النافذة) بس مش هي... سيليا ماتت، والندم مش هيرجعها.


يوسف: (بصوت هادئ لكنه مؤلم) ساعات بحس إننا بنتعاقب كل يوم. كل مرة نشوف فيها طفلة صغيرة، بنتذكر إنها كان المفروض تكون هنا، معانا.


يدخل فجأة خادم العائلة، معلنا وصول ريان، الذي كان في الجامعة. يحييهم، لكنه يبدو متوترا قليلاً


ريان: (يضع حقيبته) مساء الخير.


فؤاد: (يلتفت إليه) مساء الخير، يا ابني. شكلك مرهق... إيه الأخبار في أول يوم كمعيد؟


ريان: (يتردد) عادي... شفت حاجة غريبة بس.


نجلاء: (تقترب منه بقلق) غريبة إزاي؟


ريان: (ببطء، وكأنه يفكر في كل كلمة) وأنا في الجامعة، لمحِت بنت... كانت شبه سيليا... شبهها لدرجة مش طبيعية.


مراد: (يهز رأسه) ريان، كفاية أوهام. إحنا شوفنا جثتها بعينينا.


ريان: (يتحدث بصوت أعلى) أنا عارف! بس اللحظة اللي شفتها فيها... كانت نفس الملامح، نفس الارتباك في عينها لما لمحتني. قبل ما أقدر أفكر، كانت اختفت.


سامر: (بغضب مكبوت) سيليا ماتت، يا ريان! إحنا لازم نتقبل ده بدل ما نفتح جراح قديمة كل يوم.


نجلاء: (بعينين ممتلئتين بالدموع) يمكن ربنا بيعاقبنا... يمكن كل وجه بنت صغيرة أو حركة عابرة بيجي عشان يذكرنا بالذنب اللي مش هنقدر نتخلص منه أبدا.


فؤاد: (يحاول أن يتماسك) الحقيقة إننا فشلنا... كأهل، كعيلة. سيليا كانت ملاك، وإحنا دمرنا حياتها.


يوسف: (يتنهد) لو الزمن رجع بينا، تفتكروا كنا هنصدقها؟ ولا كنا هنكرر نفس الغلطة؟


ريان: (يتحدث بنبرة يملؤها الحزن) ما أقدرش أقول إني كنت هتصرف غير كده... كنا كلنا مغيبين. بس دلوقتي... أنا متأكد إن كان في حاجة غلط. واللي شفته النهارده خلاني أشك.


نجلاء: (تضم الدمية الصغيرة لصدرها) بنتي ماتت بسببنا... وإحنا اللي هنعيش بعقابنا ده طول حياتنا.


فؤاد: (بنبرة قاطعة) كل اللي نقدر نعمله دلوقتي إننا ندعي لها بالرحمة... ونطلب من ربنا إنه يسامحنا.


يسود الصمت من جديد، وكل فرد يغرق في مشاعره. ريان يبقى واقفاً، يفكر في الصورة التي رآها، وكأن فكرة معينة بدأت تتشكل في ذهنه، لكنه يبقيها لنفسه

********************


بعد مدة قصيرة ، يدخل أحمد إلى الفيلا بخطوات غاضبة، يرمي حقيبته على الكرسي بعنف، ووجهه يكسوه الغضب. عائلته، الذين كانوا يجلسون في غرفة المعيشة غارقين في ذكرياتهم الحزينة، ينتبهون فور دخوله.


نجلاء: (بقلق) أحمد، في إيه؟ مالك؟


أحمد: (بغضب مكتوم) قابلتها... سمر.


فؤاد: (ينظر إليه بحدة) سمر؟ إيه اللي جاب سيرتها؟


أحمد: (يجلس بقوة على الأريكة) كانت واقفة مستنياني برا الشركة. نفس الوش اللي يجيب الغثيان، ونفس الأسلوب الخبيث. بتحاول تلعب دور الضحية، وكأننا ننسى هي عملت إيه.


سامر: (يبتسم بمرارة) ولسه عندها الجرأة تيجي قدامك بعد كل اللي حصل؟


أحمد: (يهز رأسه) جرأتها دي عمرها ما كانت في محلها. بدأت تمثل إنها ندمانة، وإنها بتحاول تصلح كل حاجة... بس خلاص، أنا مش أحمد بتاع زمان.


نجلاء: (بتوتر) قالت لك إيه؟


أحمد: (بصوت مرتفع قليلاً) حاولت تقنعني إنها كانت ضحية، وإن كل اللي عملته كان بسبب ضغط وظروف! بتلوم الدنيا كلها إلا نفسها... ولا حتى لحظة قالت كلمة ندم على اللي عملته في سيليا.


مراد: (بغضب) النوع ده من البشر ما يعرفش الندم.


فؤاد: (يأخذ نفساً عميقاً) لازم تبقى قوي، أحمد. إحنا كلنا عارفين إنها كانت السبب في كل المصايب اللي حصلت.


أحمد: (يضرب الطاولة بيده) أنا مش ضعيف، يا بابا. قلت لها في وشها إن الكذب بتاعها مش هينفع تاني. قلت لها إنها كانت السبب في تدمير أختي، وإنها مهما حاولت، عمري ما هصدقها ولا هرجع لها.


يوسف: (يبتسم بخفة) ردك ده هو أقل حاجة تستحقها.


نجلاء: (تحاول تهدئته) أحمد، أنا عارفة إن سمر أذت العيلة كلها، بس مش لازم تضيع طاقتك عليها.


أحمد: (بصوت منخفض لكنه غاضب) مش هضيع طاقتي، بس كان لازم تعرف إن خلاص... انتهت. مهما عملت، هتفضل هي الجزء الأسود اللي ما ينمحيش من ذاكرتنا.


ريان: (بنبرة جادة) هي مش بس جزء أسود... هي البداية لكل اللي حصل لسيليا.


أحمد: (ينظر إلى ريان بحدة) وعشان كده، وعد مني... مش هسمح لها تدخل حياتنا تاني. انتهت، للأبد.


فؤاد: (يضع يده على كتف أحمد) إحنا كلنا معاك، يا ابني. المهم إنك ما تخليش غضبك يأكلك.


أحمد: (ينظر إلى والده) مش هخلي غضبي يأكلني... بس هفضل أفتكر، عشان ما نكرر نفس الغلطة مع أي حد تاني.


يسود الصمت مرة أخرى، وكل فرد في العائلة يغرق في أفكاره، خاصة عن الماضي الذي ما زالت ظلاله تطاردهم. أحمد ينهض متجهاً إلى غرفته، وعيناه تحملان مزيجاً من الألم والتحدي

********************

في مكتب زين في مقر المخابرات ،كان زين جالسًا خلف مكتبه، يحدق في أوراق أمامه بعينين شاردتين. يشعر بشيء غامض يجذبه نحو سيليا، شيء يتجاوز الشبه بينها وبين ابنة عم تميم. الباب يُفتح بهدوء، يدخل أدهم حاملًا ملفًا سميكًا.


أدهم (بنبرة جدية):

"باشا، المعلومات اللي طلبتها جاهزة."


زين (يرفع عينيه ويركز على أدهم):

"اتفضل، قول."


أدهم (يجلس على الكرسي المقابل للمكتب، يفتح الملف):

"اسمها سيليا... نفس الاسم اللي قلت عليه. متزوجة من ست سنين من واحد اسمه جاد، غني جدًا، بس حياته ماشية في سكة تانية تمامًا. زير نساء وما بيهتمش بمراته ولا أولاده."


زين (ببرود واضح):

"الأولاد؟"


أدهم (يكمل):

"عندهم 3 أولاد: زياد عنده 4 سنين، مازن 3 سنين، ولينا عندها سنة. سيليا عايشة في مصر مع عمتها ليلى وابن عمتها رائد. أما جاد، عايش في دبي مع أهله، مهملهم تمامًا."


زين (بحاجبين مرفوعين):

"عمتها ليلى؟"


أدهم (يهز رأسه):

"أيوة، ليلى دي حسب اللي عرفته أخت والد سيليا فؤاد ووالد تميم جليل. بس فؤاد وجليل ما يعرفوش إن عندهم أخت أصلاً. واضح إن العيلة متقطعة من زمان، طاهر بيه كان متجوز واحدة تانية و خلف منها الست ليلى "


صمت زين للحظة، يحاول هضم المعلومات. قلبه بدأ ينبض بسرعة.


زين (بصوت خافت لكن حازم):

"سيليا... نفس الاسم، نفس التفاصيل... أدهم، أنت متأكد من كل ده؟"


أدهم (بنبرة حازمة):

"100% يا باشا. ما فيش مجال للشك. كل التفاصيل اللي طلعت بتأكد إنها هي."


زين (يقف فجأة، يضع يديه على المكتب):

"يعني اللي كنت شاكك فيه طلع حقيقي... سيليا، اللي تميم وعيلته فاكرين إنها ماتت من 6 سنين... عايشة؟ ومش بس عايشة، متجوزة وعندها أولاد؟"


أدهم (بهدوء):

"أيوة، هي نفسها. ما حدش كان عارف إنها لسه عايشة، حتى عيلتها."


زين (بنبرة حادة):

"جاد ده، اللي متجوزها، إيه تفاصيل حياته؟"


أدهم (ينظر في الملف):

"زي ما قلت، عايش في دبي، مستهتر، وعلاقاته النسائية كتير جدًا. سيليا عايشة لوحدها تقريبًا بتربي الأولاد. الظاهر إنهم متجوزين شكليا بس، ما فيهاش أي مشاعر أو اهتمام من ناحيته."


زين (يشد أنفاسه ويحاول تهدئة نفسه):

"كويس. تمام، شكراً يا أدهم. شغلك كان دقيق كالعادة."


أدهم (وهو يغلق الملف):

"لو في حاجة تانية عايزني أعملها يا باشا، أنا جاهز."


زين (بجملة قاطعة):

"دلوقتي مفيش. بس خليك قريب، ممكن نحتاج نتحرك قريب."


أدهم يقف ويحييه قبل أن يخرج من الغرفة. زين يجلس على كرسيه مجددًا، يضع رأسه بين يديه قائلا 

"سيليا ، أخيرا لقيتك ، يا سيليا البحيري..... الاميرة المفقودة...."


#قيود_العشق2 

فصل 12

في اليوم التالي ، استيقظت سيليا مبكرا وهي كلها عزيمة و ارادة لإكمال تعليمها و الوقوف على قدميها من جديد ،  سيليا  بعد ما ادت فرضها و دعت الله أن يوفقها و يحفظ لها اولادها كانت ترتدي ثيابها للإستعداد للجامعة، لينا   قاعدة في سريرها بتضحك بهدوء. جنبها في السرير، زياد  ومازن  نايمين ومش حاسين بحاجة. سيليا تبص حوالين الغرفة وهي بتبتسم.

سيليا (وهي بتهمس وبتبص على لينا): "إيه يا شقية ؟ صحيتي بدري كده؟ 

(تقوم بهدوء عشان ما تصحيش زياد ومازن، وتاخد لينا في حضنها.)

لينا (تضحك وتمسك طرحتها): "ما... ما!"

سيليا (تضحك وهي بتفك الطرحة من إيدها الصغيرة): "آه يا ماما، هو كل حاجة تمسكها تبقى لعبة؟ أنا كده مش هعرف أجهز للجامعة!"

(تروح سيليا تقعد على طرف السرير، تبص على زياد ومازن، وتكمل بصوت واطي.)


سيليا: "بصّي على الرجالة دول، نايمين زي الملائكة. أول ما يصحوا هنلاقي الحفلة الصباحية بدأت!"


لينا (بتصدر صوت فرحة وتخبط بإيديها): "دا... دا!"


سيليا (تبتسم وهي بتطبطب عليها): "أيوة يا روحي، بس مش دلوقتي. ماما لازم تقوم تلحق تلبس قبل ما يتقلب البيت."


(تحط لينا على السرير وتديها لعبتها الصغيرة.)


سيليا: "خدي يا قمر، العبّي شوية لحد ما ماما تخلص. بس بالله عليكي متعمليش دوشة، عايزين زياد ومازن يفضلوا نايمين شوية."


(تبدأ سيليا تجهز بسرعة، تلبس طرحتها وتاخد شنطتها. تبص على الساعة بقلق.)


سيليا (تتمتم): "يا نهار أبيض، الوقت بيجري! لازم أخلص بسرعة قبل ما الشباب يصحوا ويقلبوا الدنيا."

فجأة يستيقظ زياد و يفرك عينيه وما إن رأى والدته حتى هرع إليها قائلا بقلق 

زياد: ماما ، أنتي كويسة ؟

ابتسمت سيليا لذلك الطفل الكبير الذي يسعى جاهدا لحماية والدته و اخوته الصغار 

سيليا (بحب): أنا كويسة يا حبيبي متقلقش ، ماما دلوقتي هتروح الجامعة و هترجع بعدين و هنروح لمكان حلو ، بس لازم بالأول تخلي بالك من مازن و لينا و تسمع كلام تيتا ليلى و خالو رائد 

زياد ( بحماس): بجد يا ماما ، هنروح فين ؟؟

سيليا ( بغموض): هقولك لما ارجع  

زياد: حاضر 

لتقبله سيليا من وجنته و هي عازمة على فعل أمر ما 

نزلت للأسفل وهي تحمل لينا بين ذراعيها و زياد يسير بجانبها في حين أن مازن لايزال نائما بالأعلى ، وجدت عمتها ليلى و رائد جالسين يتحدثان 

ليلى ( بحب): صباح الخير يا حبايبي ، إيه اللي مصحيكم دلوقتي 

سيليا ( بجدية): عمتو ، بعد الجامعة هنروح لبابا و ماما 

صعقت ليلى و رائد من كلام سيليا  في حين صاحت ليلى قائلة بتردد 

ليلى: ايه اللي خلاكي تقولي الكلام ده يا سيليا ؟؟

سيليا (بإصرار) : أولا أنا لازم اخلع جاد و اخلص منه فأقرب وقت 

رائد: أنتي متأكدة انك مبتحبيش جاد يا سيليا ؟؟

سيليا (بكره): جاد من ساعة ليلة جوازنا شلته من قلبي و من حياتي و كنت هطلق منه بعد شهور من جوازنا بس ربنا قدر اني احمل بزياد و قلت اعطيه فرصة عشان يتغير بس لاء ، كل ما اخلف له ولد يتغير بشكل عكسي نحو الأسوء و أنا فعلا قرفت من كل ده ، طلاقنا أنا وجاد هو الحل الأنسب لأنه الحياة بينا بقت مستحيلة  

ليلى (بتردد): طيب ، و الولاد ، ذنبهم إيه عشان يعيشو بين أم و اب منفصلين ؟؟

سيليا ( بإستغراب): عمتو ، أنتي جرا لعقلك حاجة ؟؟ أنتي مش عايزاني اطلق من جاد ؟؟؟  مش شايفة حياتي بقت ازاي ؟؟ 

ليلى: لا ، مقصدتش كده يا حبيبتي ، بس أنتي هتطلقي و أيوه أنا واثقة انك هتربي ولادك أحسن تربية ، بس هيجي يوم و تتجوزي و ساعتها ولادك مصيرهم هيكون ازاي ؟؟

سيليا ( ببرود): ومين قالك اني هتجوز تاني؟؟ أنا هعيش لولادي وبس 

رائد: خلاص يا ماما ، أنا معا سيليا و أكيد ربنا هيقدم اللي فيه الخير 

سيليا: أما بالنسبة لموضوع عيلتي ، أيوه أنا فكرت طول الليل و قررت أني هرجع ، بس مش هسامحهم أبدا ، أنا عارفة و متأكدة انهم عرفوا الحقيقة و ماتوا من عذاب الضمير ، من حق ولادي انهم يعرفوا أن ليهم عيلة و كده كده ريان هو المعيد بتاعي في الجامعة و مش هقدر اهرب منه على طول ، يبقى نلعب عالمكشوف أحسن 

نهضت ليلى و امسكت بيد سيليا و أردفت قائلة بحنان 

ليلى: وأنا معاكي دايما في كل خطوة يا بنتي ، ربنا عوضني بيكي بعد ما خسرت بنتي و جوزي في الحادث و بقيت اربي رائد لوحدي 

سيليا ( بإبتسامة): وأنا متأكدة من ده يا عمتو ، 

ثم اكملت قائلة بمرح 

سيليا: مش عايزة تتعرفي على اخواتك يا ست ليلى 

ليلى ( بشوق): اكدب لو قلت لاء ، بس كل ما اشوفهم في الجرائد و المجلات افتكر ابويا و اللي عمله فأمي...

سيليا: ومن امتا ناخد حدا بذنب حدا يا عمتو ؟؟

ليلى ( بفخر ): كل يوم افتخر أنك موجودة يا سيليا ،ربنا يوقفك يا بنتي ، يلا دلوقتي اقعدي عشان تفطري و متتأخريش عن الكلية 

سيليا ( بإبتسامة): حاضر 

لتجلس سيليا و تتناول الإفطار و ليلى تطعم لينا و رائد يطعم زياد الذي لم يفهم شيئا مما يحدث حوله 

(بينما كانت سيليا تتناول إفطارها بسرعة، وزياد يجلس بجانبها يتناول لقيمات صغيرة بيديه، انطلقت أصوات خطوات صغيرة قادمة من الدرج. رفعت سيليا رأسها وهي تبتسم بخفة.)


سيليا (بصوت حنون): "آه، صاحب الحفلة الصباحية وصل."

(كان مازن يمشي بخطوات ثقيلة، يفرك عينيه الصغيرتين ويجر بطانيته خلفه.)


مازن (بتذمر وهو يتثاءب): "ماما... أنا جعان."


(قبل أن ترد عليه سيليا، أصدرت لينا صوت ضحكة صغيرة وهي تضرب الملعقة على الطاولة. فجأة مدت يدها الصغيرة وسحبت بطانية مازن، وبدأت تشدها بقوة.)


مازن (بغضب طفولي): "لينا! رجعي البطانية!"


(تضحك لينا بصوت عالٍ وتستمر في شد البطانية، مما جعل مازن يقترب ويحاول استرجاعها منها.)


سيليا (بحزم ولكن بابتسامة): "لينا، سيبي البطانية، يا شقية. مازن لسه صاحي ومش ناقص إزعاجك."


(لكن لينا تجاهلت كلام سيليا وبدأت تزحف نحو مازن وهي تمسك البطانية بيدها الصغيرة، ثم فجأة تسحبها بقوة، فيسقط مازن على الأرض.)


مازن (يصرخ): "ماما! لينا وقعتني!"


زياد (يضحك وهو يشاهد المشهد): "لينا قوية يا مازن، مش هتعرف تكسبها!"


سيليا (تمسك مازن وتجلسه في حضنها وهي تهدئه): "مازن، معلش، هي مش فاهمة يا حبيبي. لينا صغيرة وشقية شوية."


(ثم تمسك سيليا بلينا وتضعها في كرسيها الصغير على الطاولة.)


سيليا (تنظر إلى لينا بجدية): "بس يا لينا، مش عايزين دوشة الصبح. خليكي شاطرة ولعبي بلعبتك."


(لينا تنظر إلى سيليا ببراءة ثم تضحك مجددًا وتضرب الملعقة على الطاولة، مما يثير ضحك زياد ومازن.)


ليلى (تقترب وتبتسم وهي تمسك بطبق): "يلا يا مازن، تعال عند تيتا عشان تفطر وسيب ماما تهتم بالشقية الصغيرة."


مازن (يتردد للحظة): "طيب، بس خلي بالك من لينا. دي مش هتخليني أعيش!"


رائد (يضحك): "مازن خايف من بنت صغيرة! ههههه!"


مازن (بغضب): "مش خايف، هي بس مزعجة!"


(بينما انشغل مازن وليلى، حاولت سيليا استغلال اللحظة لتكمل استعدادها، ولكن لينا بدأت تضرب الملعقة على الطاولة مرة أخرى وتصدر أصواتًا، مما جعل الجميع يضحك مجددًا.)


سيليا (تتنهد بابتسامة): "الحفلة الصباحية بدأت رسميًا. يا رب اليوم يعدي على خير!"

لتودع اولادها و عمتها و رائد و تذهب للجامعة 

**********************


بعد مدة قصيرة ، يقف زين أمام بوابة الفيلا الحديدية المزخرفة، ينظر إليها بحدة، وكأنه يحاول أن يخترق الجدران العالية بنظراته. في يده ملف يحوي الصور والمعلومات التي جمعها. طرق على الجرس، ثم انتظر للحظات حتى جاء الحارس.


الحارس:

"حضرتك مين؟ وعاوز مين؟"


زين (بهدوء جاف):

"زين... أنا عاوز أقابل مدام ليلى الألفي."


الحارس (ينظر إليه بتردد):

"المدام ما بتقابلش حد من غير موعد."


زين (بصوت صارم):

"قول لها زين حسن الحريري عاوز يقابلها."


يتردد الحارس للحظات، ثم يختفي داخل الفيلا. بعد دقائق، تُفتح البوابة بصوت آلي، ويدخل زين إلى الحديقة الأمامية. يشعر بالهدوء الذي يحيط بالمكان، لكنه يعلم أن هذا الهدوء يخفي خلفه أسرارًا ثقيلة.


(داخل الفيلا)


يجلس زين في صالون فخم، أعمدة من الرخام، وستائر حريرية. خطوات تقترب، ويظهر منها امرأة أنيقة في منتصف العمر، وجهها يحمل مزيجًا من الصرامة والحذر. إنها ليلى الألفي.


ليلى (بهدوء بارد):

"حضرتك زين حسن؟ قالي الحارس إنك عاوزني."


زين (ينظر إليها بتركيز):

"أيوه، أنا زين حسن الحريري ضابط شرطة... وزميل تميم جليل البحيري "


تتغير ملامح ليلى قليلاً عند ذكر اسم تميم، لكنها تخفي انزعاجها.


ليلى:

"تميم؟ مال تميم؟"


زين (بصوت واثق):

"مش جاي هنا أتكلم عن تميم،  عن سيليا."


يتجمد وجه ليلى للحظة، لكنها تعود لتظهر صرامتها.


ليلى:

"ما عنديش فكرة أنت بتتكلم عن إيه."


زين (يخرج صورة لسيليا وأولادها ويضعها على الطاولة):

"سيليا... اللي عيلتها كلها افتكرت إنها ماتت واتحرقت. اللي قعدوا سنين يبكوا عليها بعد ما اكتشفوا الحقيقة إنها بريئة. أنتِ اللي أنقذتيها وأخدتيها بعيد عنهم... ليه؟"


ليلى (تتردد قليلاً، ثم بصوت بارد):

"مش فاهمة أنت جاي هنا ليه. لو فعلاً أنقذتها، فده لأن عيلتها ما كانتش تستحقها. شتموها، أهانوا شرفها، وطردوها زي ما تكون... عدوهم."


زين (بحدة):

"واللي حصل غلط! بس هم عرفوا الحقيقة، وعاشوا في ندم السنين دي كلها. ليه خبيتيها؟ ليه ما رجعتيهاش؟"


ليلى (تنظر إلى زين بغضب مكبوت):

"وكنت تتوقع إيه؟ إنها ترجع لعيلة دمرتها؟ لمجتمع كان مستعد يحكم عليها من غير دليل؟ أنا اخترت أحميها، اخترت أعطيها فرصة تبدأ حياتها من جديد بعيد عن الناس اللي خانوا ثقتها."


زين (بصوت هادئ لكن مليء بالاستنكار):

"وإنتِ فكرتي إنك بتحميها؟ وهي دلوقتي في حياة مع راجل بيهملها، وولادها محرومين من أبوهم؟ فكرتي في التمن اللي دفعتوه إنتِ وهي بسبب هروبكم؟"


ليلى (بحدة):

"كانت حياتها معايا أفضل من إنها ترجع تعيش مع ناس ما قدروش قيمتها. أنا عملت اللي كان لازم أعمله!"


زين (يقف، ينظر إليها بثبات):

"ده رأيك... بس سيليا؟ هي اللي عاشت الوحدة والخوف. هي اللي كانت تستحق قرارها الخاص. كنتوا الاثنين غلطانين... العيلة لما خانوها، وإنتِ لما حرمتِها من فرصة التصالح معاهم."


تظل ليلى صامتة للحظات، ثم تلتفت بعينيها بعيدًا عن زين، وكأنها تحاول الهروب من الحقيقة التي طرحها.


زين (بنبرة هادئة):

"أنا مش جاي ألومك. أنا جاي أسمع منك... ليه؟ وإزاي هتحلي اللي حصل؟ سيليا تستحق إنها تعيش حياة أفضل، وأولادها كمان. عيلتها تستحق تصالح معها. لكن القرار في إيدك دلوقتي."


يترك زين الملف على الطاولة، وينظر إلى ليلى نظرة أخيرة قبل أن يغادر، تاركًا إياها في مواجهة الحقائق التي حاولت الهروب منها لسنوات.

***********************


بعدما انتهى النقاش الحاد بين زين وليلى، وقبل أن يغادر زين، يسمع صوت بكاء طفولي خافت قادم من الغرفة المجاورة. يلتفت زين بحذر، يحاول استيعاب الموقف.


زين (بنبرة استفسارية):

"الصوت ده... صوت طفل؟"


ليلى (تتنهد وهي تضع يدها على جبينها):

"دي لينا... بنت سيليا. أنا اللي بهتم بيها، لأنها صغيرة وسيليا في جامعتها "


يقترب زين من الباب بحذر، ويفتحه ليجد طفلة صغيرة بعمر سنة واحدة تجلس على السجادة، عيناها الواسعتان تحدقان فيه ببراءة، ودموعها لا تزال تبلل وجنتيها. ترفع الطفلة يدها نحوه وكأنها تطلب منه حملها.


زين (بنبرة ناعمة مليئة بالمشاعر):

"دي... بنت سيليا؟"


ليلى (بهدوء):

"أيوة. اسمها لينا. أصغر أطفالها، و... يمكن أكتر واحدة بتحتاج رعاية."


ينحني زين ويحمل الطفلة بين ذراعيه. تتوقف لينا عن البكاء وتنظر إليه بفضول، ثم تمسك بشعره بأصابعها الصغيرة وهي تضحك بخفة.


زين (يبتسم رغمًا عنه):

"سبحان الله... شبهها. شبه سيليا بشكل كبير."


لينا تضحك مرة أخرى وتضع رأسها على كتفه، وكأنها وجدت راحة في حضنه. زين يشعر بثقل المشاعر يغمره، ويفكر في سيليا وحياتها الصعبة.


زين (بصوت منخفض لنفسه):

"طفلة بريئة... زيها زي أمها. تستاهلوا حياة أفضل."


ليلى (بصوت أكثر لينًا):

"زين... افهمني ، أنا لازم احمي سيليا و الولاد "

زين ( بجدية)

"أقدر أفهم خوفك، لكن ده ما يمنعش إن سيليا تستحق تكون وسط عيلتها. تستحق فرصة تصلح اللي فات، ولينا لازم تعرف الحقيقة عن أمها وجدودها."


لينا (تضحك وتصدر صوتًا غير واضح):

"دااا!"


يبتسم زين ابتسامة خفيفة وهو ينظر إلى الطفلة الصغيرة، ثم يعيد عينيه إلى ليلى.


زين:

"أنا مش هقف هنا وأتفرج. سيليا تستحق تعيش حياة أفضل، وأنا هساعدها، حتى لو كنتِ إنتِ مش موافقة."


ليلى (تنظر إليه بتردد):

"لو كنت فعلاً بتحب الخير لسيليا، ما تضغطش عليها أكتر. هي عندها أسبابها، وزمانها مش زي دلوقتي."


يضع زين لينا برفق على السجادة، ثم ينحني لمستواها وينظر إليها بابتسامة دافئة.


زين (بلطف):

"هترجعي لعيلتك يا لينا. بوعدك."


ينهض زين وينظر إلى ليلى بحزم قبل أن يغادر الفيلا، وقد ازداد تصميمه على كشف الحقيقة وإعادة الأمور إلى نصابها

**********************


بعد أن وضع زين لينا على السجادة، وقبل أن يغادر، أردفت ليلى 


ليلى (بصوت منخفض):

"في حاجة تانية لازم تعرفها، زين."


زين (يتوقف ويعقد حاجبيه):

"إيه هي؟"


ليلى (بتردد):

"سيليا قررت... النهاردة بالليل. قررت إنها تواجه عيلتها."


زين (يتقدم نحوها بحذر):

"تواجههم؟ قصدك إنها هتروح لهم؟"


ليلى (تهز رأسها):

"أيوة. قبل ما تخرج للجامعة النهارده الصبح، قالتلي إنها مش قادرة تكمل حياتها وهي شايلة كل الحزن والوجع ده جواها. عايزة تخبرهم إنها لسه عايشة، وإنها ما سامحتهمش."


زين (بدهشة وحذر):

"ما سامحتهمش؟ يعني هي مش راجعة عشان تصالحهم؟"


ليلى (بحزم):

"لأ. قالت إنها مش قادرة تنسى اللي عملوه فيها. قالت إنها محتاجة تشوف نظرات الندم في عيونهم، محتاجة تواجههم باللي عملوه."


زين (يصمت لبرهة، ثم يتحدث بنبرة جادة):

"دي خطوة خطيرة، ليلى. لو العيلة عرفت إنها عايشة من غير ما تكون مستعدة نفسياً، ممكن الأمور تخرج عن السيطرة. أنتِ متأكدة إنها جاهزة للمواجهة دي؟"


ليلى (بتنهيدة):

"مش عارفة. بس سيليا عنيدة. لما بتحط حاجة في دماغها، محدش يقدر يغيرها. النهاردة بالليل، هنروح لهم."


زين (يفكر للحظات ثم ينظر إليها بحزم):

"طيب، أنا هاجي معاكم. مش هسيبها تروح هناك لوحدها وتتعرض لأي ضغط أو أذى. لازم أكون موجود لو حصل أي حاجة."


ليلى (تنظر إليه بتردد):

"بس دي مواجهتها، زين. أنت مش واحد من العيلة."


زين (بصوت مليء بالإصرار):

"أنا مش محتاج أكون من العيلة عشان أحميها. سيليا... هي مش مجرد قضية بالنسبة لي. أنا هكون هناك، سواء وافقتي أو لأ."


ليلى (تخفض نظرها بتردد):

"زي ما تحب... بس خلي بالك، زين. الليلة دي ممكن تغير كل حاجة."


زين (بهدوء وحزم):

"أحيانًا التغيير هو اللي بنحتاجه. خليني أعرف تفاصيل اللقاء بالضبط، وأوعدك إني مش هتدخل إلا لو الأمور خرجت عن السيطرة."


تنظر ليلى إليه بصمت لثوانٍ، ثم تهز رأسها موافقة، وعينها على الطفلة لينا التي تجلس على السجادة تلعب ببراءة، غير مدركة للعاصفة التي على وشك أن تهز عالمها.

*************************


خرج زين من البوابة الرئيسية للفيلا، وهو غارق في أفكاره حول ما قالته ليلى عن سيليا. فجأة، توقفت سيارة سوداء صغيرة أمام البوابة. نزل منها شاب وسيم يبلغ من العمر حوالي 27 سنة، يمسك بيد طفلين صغيرين: زياد  ومازن  


الشاب (بابتسامة ودية، لكنه متوجس قليلاً من رؤية زين):

"حضرتك مين؟ بتعمل إيه عند الفيلا؟"


زين (ينظر إليه بتمعن، ثم يجيب بهدوء):

"أنا زين. كنت عند مدام ليلى في شغل مهم."


الشاب (بصوت جاد):

"زين؟ طيب، وشغلك إيه مع والدتي؟"


زين (يبتسم ابتسامة خفيفة):

"كنت محتاج أتكلم معاها بخصوص موضوع يخص سيليا."


الشاب (عيناه تضيقان بحذر):

"سيليا؟ إنت تعرف سيليا منين؟"


زين (ينظر إلى الطفلين للحظة، ثم يعود بعينيه إلى رائد):

"الموضوع معقد شوية، بس تقدر تقول إن سيليا شخص مهم بالنسبالي. أنت رائد، صح؟ ابن مدام ليلى؟"


رائد (بتحفظ):

"أيوة. وإنت إزاي تعرفني؟"


زين (يجيبه بثقة):

"سيليا حكيتلي عنك. واضح إنك كنت دايماً سند ليها."


رائد (يشعر بالمفاجأة، لكنه لا يزال متحفظاً):

"أيوة، سيليا زي أختي الصغيرة، ودايماً هكون جنبها. بس لسه ما قلتليش علاقتك بيها إيه."


في تلك اللحظة، يركض زياد نحو زين، يمسك بقميصه الصوفي بلطف، ويرفع رأسه لينظر إليه بعيون بريئة.


زياد (بفضول):

"إنت بتعرف ماما؟"


زين (ينخفض لمستواه بابتسامة هادئة):

"أيوة، يا زياد. بتعرفني كويس."


رائد (ينظر إلى زين بدهشة):

"إنت متأكد؟ ما أظنش إنها جابت سيرتك قبل كده."


مازن (يتمسك بيد رائد، وينظر بخجل إلى زين):

"أنت هتروح معانا عند ماما؟"


زين (ينظر إلى مازن بابتسامة مطمئنة):

"لا، يا بطل. بس أنا هنا عشان أتأكد إن ماما وأنتوا في أمان."


رائد (بصوت أكثر جدية):

"طيب، لو بتحب تطمّن، سيليا في أمان معانا. أنا وأمي عمرنا ما هنسمح لأي حد يأذيها أو يأذي ولادها."


زين (ينهض، وينظر إلى رائد بعينيه الحادتين):

"دي حاجة كويسة، لأن سيليا تستاهل الأمان. بس خلي بالك، لو حصل حاجة... أنا موجود."


رائد (بصوت حازم، وعيناه تضيقان):

"مش فاهم إنت مين بالظبط، ولا جاي ليه. بس واضح إنك عارف أكتر من اللازم. لو عندك حاجة تضايق سيليا، أوّل حد هيتصدى لك هو أنا."


يتبادل الاثنان نظرات مليئة بالشك والحذر، قبل أن يدخل رائد مع الطفلين إلى الفيلا. يتجه زين إلى سيارته، وأفكاره تتسارع بين كشف الحقيقة وحماية سيليا بأي ثمن.

*********************


في قاعة المحاضرات في الجامعة . ريان واقف قدام السبورة، بيشرح الموضوع بتركيز. صوت الطلاب في القاعة مليان، وكل واحد منهم بيكتب ملاحظاته. ريان رفع عينيه علشان يطمن على الحضور، وفجأة وقف في مكانه. اتجمد في مكانه وهو بيبص على واحدة قعدة في الصف التاني.


ريان (بصوت هادي ومرتبك): "ده... مش ممكن..."


بيركز في البنت اللي قعدة قدامه، ملامحها مش غريبة عليه. هو مش مصدق، لكن... ده مستحيل! هي ماتت!


ريان (في نفسه): "لا... مش معقول تكون سيليا. احنا دفناها بأيدينا... لكن... دي هي! نفس ملامحها... نفس عينيها!"


إيديه ابتدت ترجف وهو ماسك الطباشيرة جامد. وقف عن الكلام، وفيه صمت غريب في القاعة. الطلاب بدأوا يبصوا عليه مستغربين.


طالب: "دكتور ريان؟ انت تمام؟"


ريان (بصوت ضعيف): "آه... آه... أنا... آسف."


بيحاول يرجع نفسه، لكن عينيه مش قادرين يبصوا في أي حتة تانية غير البنت دي. كل ما يبص فيها أكتر، كل ما يتأكد إنه مش بيحلم.


ريان (صوته ضعيف ومهتز): "إنتِ... إسمكِ إيه؟"


البنت رفعت عينيها ليه  وقالت بصوت واثق ساخر: "سيليا، أختك يا ريان بيه"


الطباشيرة وقعت من يد ريان، ورايح خطوة ورا كأنه ضربه في قلبه.


ريان (صوت مرتجف): "مستحيل..."


ذكرياته بتطلع قدامه زي الطوفان: أيام لعبه مع شقيقته، حزنه لما فقدها، وكل وعد أخده إنه يحافظ على ذكراها. دلوقتي هي قدامه، عايشة.


ريان (صوته بيتهز بين الفرح والرعب): "سيليا؟! إنتِ فعلاً... سيليا؟!"


القاعة كلها ساكتة في حالة دهشة.


ريان (صوته عالي، ومش قادر يصدق): "إزاي؟ إزاي؟!"


وريان واقف في مكانه، عيونه مليانة دموع وذهنه مش قادر يستوعب اللي شافه.


#قيود_العشق2 

فصل 13

سيليا تقف من مكانها ببطء، تنظر إلى ريان نظرة خليط بين التحدي والألم. القاعة كلها في حالة صدمة، والطلاب يهمسون فيما بينهم عن سبب هذا التوتر الغريب بين المعيد والطالبة


سيليا (ببرود وهدوء): "إيه؟ مش مصدق؟ فكرت إن لما تدفن جثة وتبكي عليها خلاص تبقى أنهيت الموضوع؟"


ريان (بنبرة مختلطة بين الذهول والندم): "سيليا... أنا... إحنا كنا بندور عليكِ... ما كناش عارفين... ما كناش نقدر نصدق إنك حية..."


سيليا (تقاطعه بصوت عالٍ ولكن مشحون بالوجع): "كفاية يا ريان! أنتوا دفنتوني وأنا حية. أنا متت من ست سنين... متت لما قررتوا تصدقوا الكذبة بدل ما تسألوني أو تسمعوني. لما حطيتوني في موقف ما ينحطش فيه حد!"


ريان يتقدم نحوها خطوة، والدموع تملأ عينيه. يحاول أن يتحدث ولكن صوته يخونه. سيليا تشير إليه بإصبعها بنبرة حادة


سيليا: "ما تقربش! أنا مش هنا عشان أتصالح معاكم أو أسمع تبريرات. أنا هنا عشان أكمل حياتي، أدرس، أربي ولادي، وأبني مستقبلي بعيد عن الماضي اللي دمرته أنت وأهلي!"


ريان (بصوت متهدج): "سيليا... أنا فاهم وجعك، أنا... إحنا ندمنا، ندمنا بكل معنى الكلمة... بس كنا مغيبين، كنا خايفين... سامحينا، سيليا. أعطينا فرصة نعوضك."


(سيليا تهز رأسها بقوة، تبتسم بسخرية مليئة بالحزن.)


سيليا: "سامح؟ كلمة سهلة يا ريان، لكن مش بقدر أنسى إنكم شككتوا في شرفي. شرفي! وبدل ما تحموني، سلّمتوني للعالم وأنا لوحدي!"


(ريان ينحني رأسه، يشعر بعجزه أمام كلماتها التي تحمل وجع السنوات. الطلاب ينظرون إليهما في صمت، يشعرون بثقل اللحظة.)


سيليا: "دلوقتي أنا مش أختك يا ريان. أنا مجرد طالبة. شوفني كده... معيد وطالبة. ولا كلمة أكتر ولا كلمة أقل."


(سيليا تمسك حقيبتها وتستدير لتغادر القاعة. ريان يحاول أن يناديها، ولكن صوته يختنق.)


ريان (بهمس): "سيليا... أرجوكِ..."


(تتوقف سيليا عند باب القاعة، تستدير ببطء وتنظر إليه نظرة أخيرة، مليئة بالوجع والتحدي.)


سيليا: "الكلام ده انتهى من زمان يا ريان. أنا مش محتاجة حاجة منكم. ولا حتى عذر."


تغادر القاعة بخطوات ثابتة، تاركة ريان ودموعه تنهمر أمام طلابه الذين لا يزالون في حالة ذهول

**********************

ريان لم يستطع تحمل فكرة مغادرة سيليا بهذه الطريقة. ترك القاعة على عجل وسط همسات الطلاب المندهشين. وجدها في الممر خارج القاعة، تسير بخطوات سريعة وواثقة، ولكن عينيها مليئة بالدموع


ريان (يناديها بهدوء): "سيليا... استني، من فضلك."


تتوقف سيليا للحظة، تأخذ نفسًا عميقًا وكأنها تحاول السيطرة على مشاعرها، ثم تستدير ببطء نحوه، عيناها مليئتان بالحذر


سيليا (ببرود): "عايز إيه يا ريان؟ مش قلنا كل حاجة جوه؟"


ريان (بصوت خافت): "لا، ما قلناش كل حاجة. سيليا، أرجوك... اديني فرصة أتكلم معاكي، فرصة أوضح... فرصة أطلب السماح."


سيليا تنظر إليه لثوانٍ طويلة، ثم تشير إلى زاوية هادئة بعيدًا عن الممر الرئيسي


سيليا (بهدوء): "ماشي، نتكلم هنا. لكن أوعى تتوقع مني حاجة غير اللي سمعته."


يجلسان على مقعد في الزاوية، ريان يبدو متوترًا ويداه ترتعشان قليلاً. بينما سيليا تحافظ على جمودها، عيناها تخفيان بحرًا من المشاعر


ريان (بصوت مكسور): "سيليا... عارفة إن كل كلمة أقولها مش هتعوضك عن اللي حصل، لكن والله العظيم كنا ضايعين وقتها. لما حصلت الحكاية دي، حسينا إن العالم كله انهار. كنا مغيبين... غبيين... ما كناش بنفكر."


سيليا (بحدة ولكن بصوت منخفض): "ما كنتوش بتفكروا؟ ما كنتوش بتفكروا إن عندكم بنت صغيرة محتاجة دعمكم بدل ما تحكموا عليها؟ كنتوا عيلتي، أقرب ناس لي، ومع ذلك اخترتوا تصدقوا الكذب بدل ما تسألوني حتى سؤال واحد!"


ريان (ينظر إلى الأرض، صوته مليء بالندم): "عندك حق... كل كلمة بتقوليها صح. إحنا ظلمناكي، ما عنديش أي تبرير غير إننا كنا خايبين. لحظة الشك كانت أكبر من أي حاجة، وعارف إننا فقدنا حقنا نطلب منك السماح."


سيليا (بصوت مرتجف): "ريان، فاكر آخر مرة شفتوني فيها؟ فاكر الإهانة؟ فاكر نظراتكم لي؟ فاكر كلامك وكلام أحمد ومراد و يوسف و سامر و اهانات بابا و نظرة الكسرة في عيون ماما؟"


ريان يهز رأسه، عيناه تلمعان بالدموع


ريان: "فاكر، ومش قادر أنساه، حتى لو حاولت. الكلام ده قتلني من يومها، سيليا. لما عرفنا الحقيقة، كل واحد فينا كان عايز يموت. عشنا ست سنين بنلوم نفسنا، بنعاقب نفسنا كل يوم. بس عارف إن ده مش كفاية."


سيليا تصمت للحظات، ثم تبتسم بسخرية


سيليا: "وأنا؟ أنا دفعت تمن غلطتكم. تهجرت، خسرت عيلتي، دُمرت حياتي. حتى لما لقيت فرصة أعيش، كل لحظة كان فيها ألم الذكريات. تعرف إيه هو أكتر شيء كان يوجعني؟ مش إنكم صدقتوا الكذبة... لكن إنكم ما صدقتوش أنا."


ريان ينظر إليها بعجز، وكأنه يبحث عن كلمات مناسبة ولكنه يعجز عن قول أي شيء. أخيرًا، يرفع رأسه


ريان: "أنا ما أقدرش أغير الماضي، سيليا. لكني مستعد أعمل أي حاجة عشان أكفر عن اللي عملناه. إحنا فقدناكي مرة، بس مش مستعدين نفقدك تاني. حتى لو مش هتسامحينا، ارجعي لعيلتك. ارجعي ليهم... خلي ولادك يعرفوا إنهم عندهم عيلة بتحبهم."


سيليا تبتسم ابتسامة حزينة، تهز رأسها بخفة


سيليا: "رجوعي مش ليكم، ريان. رجوعي لأولادي. ولادي اللي أستحقوا يعرفوا جدهم وتيتتهم وأخوالهم. لكن مسامحتي ليكم... ما أظنش إنها حاجة أقدر أقدمها."


ريان يحاول الرد، لكن سيليا ترفع يدها لتوقفه


سيليا: "مش دلوقتي. يمكن يومًا ما. لكن دلوقتي، خليني أحاول أكمل حياتي من غير ما أرجع أدفع تمن الماضي."


سيليا تقف، تنظر إليه نظرة أخيرة قبل أن تبتعد. ريان يبقى في مكانه، عينيه تتابعانها وهي تمشي بعيدًا، وكل خطوة من خطواتها تمثل له ثقل الذنب الذي سيحمله دائمًا

************************

ريان كان مصدومًا من كلمات سيليا السابقة، لكن شيء في حديثها الأخير جذب انتباهه بشكل أكبر. وقف فجأة ونظر إليها بعيون متسعة، وكأنه يحاول استيعاب ما قالته للتو


ريان (بصوت متردد ومصدوم): "أولاد؟ إنتِ... عندك أولاد يا سيليا؟"


سيليا توقفت عن المشي، تنفست بعمق، ثم التفتت إليه ببطء. نظرت إليه بنظرة تجمع بين الحذر والتحدي


سيليا (بهدوء): "أيوة. عندي تلاتة."


ريان شعر وكأن الأرض تهتز تحت قدميه. وضع يده على صدره وكأنه يحاول أن يلتقط أنفاسه


ريان (بصدمة): "تلاتة؟! إنتِ... إنتِ أم؟! إزاي؟ مين... مين أبوهم؟"


سيليا عبست قليلًا وهي تنظر إليه ببرود


سيليا: "مش موضوعك، ريان. حياتي بقت بعيدة عنكم من زمان. إنت آخر واحد ليه حق يسألني عن حاجة تخصني."


ريان شعر بمزيج من الغيرة، الغضب، والحزن. اقترب خطوة منها، لكن عيونه كانت مليئة بالتوسل


ريان: "سيليا، أنا مش بسأل عشان أتدخل... أنا بس مش قادر أصدق. بعد كل اللي حصل، كنت فاكر إنك... إنك لو رجعتي، حياتك هتكون متوقفة عند اللي فات. لكن دلوقتي... عندك حياة جديدة، عيلة جديدة..."


سيليا نظرت إليه بعينين حادتين، وكأنها تحاول أن تُبعد كل المشاعر التي تحاول التسلل إلى قلبها


سيليا: "عيلة جديدة؟ عيلتي هي أولادي وبس، ريان. لو كنتوا موجودين وقتها، لو كنتوا صدقتوني، كان ممكن تكونوا جزء من حياتي. لكن ده ما حصلش. عيلتي القديمة ماتت يوم ما قررتوا تصدقوا الكذبة بدل ما تصدقوني."


ريان ابتلع ريقه بصعوبة، يشعر بعجز لا يوصف


ريان: "سيليا، أرجوكِ... حتى لو مش هتسامحينا، حتى لو شايفة إننا ما نستحقش. بس أنا... أنا أخوكي. ما أقدرش أتخيل إنك عايشة حياة كاملة وأنا مش عارف عنها حاجة."


سيليا شعرت بارتعاش طفيف في يدها، لكنها سرعان ما تمالكت نفسها


سيليا (بحزم): "ريان، في حاجات لازم تبقى مجهولة بالنسبة ليك. أولادي مش هيدخلوا حياتكم إلا لما أقرر أنا كده. ومش هسمح لأي حد يأذيهم زي ما أنا تأذيت."


ريان شعر بشيء ينكسر داخله، لكنه لم يستطع الرد. سيليا تنهدت وبدأت تمشي مبتعدة عنه، تاركة إياه واقفًا في مكانه، يحاول استيعاب الحقيقة الجديدة التي قلبت كيانه رأسًا على عقب

***********************

سيليا حاولت المشي سريعًا بعيدًا عن ريان، لكن خطواته كانت قريبة منها صوته المرتجف ملاً أذنيها، وكلماته كانت كالسكاكين التي تقطع قلبها شيئا فشيئا.

ريان (يتوسل، وصوته مليء بالندم): "سيليا، أرجوك... ما تمشيش. أنا عارف إني ما أستحقش منك حتى نظرة، بس ما تقدريش تسيبيني كده. أنا تعذبت ست سنين... ست سنين، سيليا، وأنا بعيش كل لحظة فيها بلوم نفسي على اللي حصل !"

سيليا توقفت فجأة أنفاسها كانت متسارعة، لكنها لم تستدر. حاولت أن تظل قوية، لكن كلمات ريان ضربت أضعف نقطة في قلبها.


ریان( بصوت مكسور ):"سيليا، أنا ما نسيتش صوتك... ما نسيتش ضحكتك... ما نسيتش حتى أيامك معانا كل يوم كنت أفتكر إننا السبب في إنك رحتي من حياتنا. لو كنت تعرفي كم مرة تمنيت أموت بدل ما أشوف اليوم اللي دفناك فيه !"


سيليا بدأت تشعر بتأثير كلامه. عيناها بدأت تلمع بالدموع، لكنها حاولت كتمانها استدارت أخيرًا، ونظرت إليه بعينين مليئتين بالحزن والغضب.


سيليا بصوت متقطع: "ريان... انتو... انتو خنتوني خنتوا ثقتي فيكم. أنا كنت بنتكم..... أختكم.... كنت حبيبتكم إزاي قدرتوا تصدقوا الكذب عني ؟ إزاي ؟!"


ریان اقترب بخطوات بطيئة، لكنه كان منهارًا تماما. سقط على ركبتيه أمامها، وعيناه مملوءتان بالدموع


ريان: "لأننا كنا أغبياء... لأننا ما كناش نستحقك. لكن سيليا، أنا... أنا مستعد أعمل أي حاجة عشان أرجعك. سامحيني... حتى لو مش هتسامحي الباقي... سامحيني أنا سيليا. أنا اللي وعدتك يوم ما كنت صغيرة إني هكون سندك دايمًا، وخنت الوعد."


سيليا شعرت بأن جدرانها تنهار صوت بكاء ريان وكلماته المكسورة، وندمه الصادق... كل هذا حطم الحاجز الذي بنته حول قلبها دون أن تدرك الدموع بدأت تتساقط بغزارة على وجهها.


سيليا تصرخ وهي تبكي: "ريان! أنا تعبت... تعبت من كل حاجة ست سنين وأنا لوحدي، ست سنين وأنا بحاول أكون قوية، بس أنا مش قوية زي ما فكرت!"


ريان وقف بسرعة، ومد يده لها بتردد. حين رأى انهيارها، لم يستطع منع نفسه من احتضانها بقوة.


ریان بصوت متهدج: "سيليا، أنا آسف... آسف على كل حاجة ما كنتش المفروض أسمح لشيء يأذيكي. سامحيني، أرجوك."

سيليا أخيرًا استسلمت وانهارت في حضنه. بكاؤها كان مثل عاصفة، لكنه كان عاصفة طال انتظارها. لأول مرة منذ سنوات، شعرت بأن هناك من يحتضن ألمها ويفهمه.


سيليا وهي تبكي في حضنه: "ريان.... أنا وحشتني عيلتي... بس أنا لسه موجوعة... لسه مش قادرة أنسى."


ریان بصوت حنون: مش مهم تنسي سيليا. المهم إنك هنا، وأنا مش هسيبك تاني مهما حصل، أنا معاك، زي ما المفروض أكون من البداية."


ظلا على هذا الحال لبضع دقائق، بينما كانت الشمس تشرق عبر النوافذ، وكأنها ترحب بعودة الأخت والأخ بعد سنوات طويلة من الألم والفراق.

**********************

كان الطريق إلى فيلا ليلى  هادئًا على السطح، لكن داخل السيارة كان التوتر يملأ الجو. سيليا كانت تقود بهدوء، بينما ريان بجانبها يجلس في حالة من الصدمة والارتباك. ظل يحدق في وجهها بين الحين والآخر وكأنه يحاول التأكد من أن ما يحدث حقيقي


ريان (ينظر إليها بدهشة): "سيليا... مش قادر أصدق. إنتي فعلاً قدامي... بتتكلمي... وعايشة. أنا طول السنين دي عشت وأنا فاكر إنكِ... إنكِ ميتة."


سيليا (بهدوء مشوب بالمرارة): "ميتة؟ أيوه، بالنسبة لكم كنت ميتة، لكن الحقيقة كانت أصعب من كده بكتير."


ريان يحاول أن يفهم كلماتها، لكن صوته يخرج متقطعًا


ريان: "إيه... إيه اللي حصل؟ أنا مش قادر أفهم حاجة. إنتي هربتي؟ وبعدين... ازاي؟... الجثة؟ إحنا شفناكي، دفناكي، سيليا!"


تتنهد سيليا بعمق، ويدها تشد على المقود


سيليا (بهدوء ممزوج بالألم): "الجثة اللي دفنتوها مش أنا. دي كانت مؤامرة... الإرهابيين اللي كانوا بيطاردوا تميم خطفوني. كنت مجرد ورقة ضغط بالنسبالهم."


ريان (بصدمة): "إرهابيين؟! مستحيل... مستحيل ده كله يكون حقيقي."


سيليا: "صدق أو لا تصدق يا ريان، دي الحقيقة. كنت هكون ميتة لو ما ظهرتش عمتنا ليلى... اللي أنتو ما كنتوش تعرفوا إنها موجودة. هي وابنها رائد أنقذوني من الموت."


ريان (بعيون متسعة): "عمتنا؟... ليلى؟! إحنا عندنا عمة؟!"


سيليا (تهز رأسها): "أيوه. شقيقة بابا وعمنا جليل. بس الجد أبوهم قطع علاقته بيها من زمان لأنه خان تيتا و اتجوز أم عمتو ليلى 


ريان (يحاول استيعاب): "طب... ليه ما قالتش لبابا؟ ليه ما رجعتش البيت؟"


سيليا (بصوت منخفض): "رجعتلكم... لكن مش زي ما كنتِ تتوقع. لما رجعت، كنتوا كلكم مصدقين إني... إني شرفي راح. كنتوا كلكم ضدي، ريان. عمرك تتخيل وجع إنكِ تكوني بريئة وكل اللي بتحبيهم يتخلوا عنكِ؟"


ريان يضع يديه على وجهه، وعيناه تلمع بالدموع


ريان (بصوت مختنق): "سيليا... إحنا... كنا أغبياء. إحنا صدقنا حاجة ما كانش المفروض نصدقها أبدًا. سامحيني، بالله عليكِ سامحيني!"


سيليا (بصوت ثابت ولكن متألم): "سامحتك يا ريان. بس اللي حصل بعد كده، كان النهاية بالنسبالي. لما كنتوا بتدوروا عليّ، كانوا الإرهابيين سلموني ليكم... محروقة."


ريان (يهتز من صدمة كلماتها): "محروقة؟! الجثة اللي دفناها؟!"


سيليا (تومئ): "كانت حيلة منهم عشان يبعدوا أي شكوك. بس زي ما قلتلك، ليلى ورائد أنقذوني في آخر لحظة. أخدوني عندهم، ودوني حياة جديدة."


ريان يهز رأسه ببطء، يحاول جمع كل ما سمعه، لكنه يفشل


ريان (بصوت مختنق): "ومع جاد؟... إزاي حصل ده؟"


سيليا (بابتسامة مريرة): "كان جزء من حياتي الجديدة، لكنه كان أسوأ قرار في حياتي. جاد مش إنسان، كان مجرد وهم. و دلوقتي، أنا مش بس بحاول أعيش... أنا بحاول أحمي ولادي منه."


ريان يبقى صامتًا للحظة، يحاول السيطرة على مشاعره المتضاربة. ثم يضع يده على يدها التي تمسك المقود


ريان (بصوت مرتجف): "سيليا، ما كنتش موجود لما احتجتيني، لكن دلوقتي... أنا هنا. مهما حصل، مش هسيبكِ تاني."


سيليا تنظر إليه للحظة، ثم تهز رأسها بخفة، وعيناها تلمع بالدموع. السيارة تتابع طريقها، لكن شعورًا جديدًا من الأمل يلوح في الأفق

*******************

ريان يحاول تهدئة نفسه بعد كل الصدمات التي سمعها، لكن مع كل كلمة كانت سيليا تقولها، كان غضبه يزداد. قبضته تشددت على ركبته، وعيناه تمتلئان بالغضب


ريان (بصوت هادئ لكنه مليء بالتهديد): "سيليا... جاد ده... هو السبب في كل اللي انتي بتعانيه دلوقتي؟"


سيليا (بنبرة هادئة ومرة): "مش بس هو، يا ريان. جاد دمرني بعد كل اللي حصل. كنت فاكرة إني ببدأ من جديد لما تزوجته، لكنه كان أسوأ كوابيسي. أنا عشت معاه حياة كلها إهمال، خيانة، وظلم. لو ما كانش أولادي موجودين، يمكن ما كنتش هبقى عايشة لحد دلوقتي."


ريان يضغط بفكه بقوة، ويشعر بالغليان داخله. عينيه تضيقان وكأنهما تحاولان رسم صورة لجاد في ذهنه


ريان (بصوت خفيض مليء بالغضب): "سيليا، احكيلي أكتر. عايز أعرف كل حاجة عن جاد... كل حاجة عملها فيكي."


سيليا (تنظر إليه بتردد): "ريان، ما تضغطش على نفسك. أنا خلاص قررت أنهي العلاقة دي وأبعد عنه تمامًا. المحكمة هتاخد حقي."


ريان (بصوت غاضب وقاطع): "محكمة؟! انتي متخيلة إن واحد زي ده ممكن يفلت من اللي عمله بس لأنه طلقك؟! لا، يا سيليا، ده مش كفاية. الراجل ده لازم يدفع تمن كل لحظة وجع عاشتيها بسببه. أنا مش هسمح لواحد زيه يعيش مرتاح وهو دمر حياتك."


سيليا (بقلق): "ريان، مش عايزة مشاكل. جاد عنده نفوذ وفلوس، و..."


ريان (يقاطعها بغضب): "ونفوذه ده مش هيحميه مني. سيليا، أنا أخوكي. كان المفروض أكون جنبك من الأول وما حصلش. دلوقتي دوري إني أحميك، وأنتقم لكل لحظة ألم عشتيها بسببه."


ريان يمرر يده على وجهه، يحاول استعادة السيطرة على غضبه، لكنه يفشل


ريان (بإصرار): "احكيلي كل حاجة عن جاد. مكان شغله، بيته، أي حاجة ممكن تخليه يندم إنه قابل أختي في حياته."


سيليا (بنبرة هادئة): "ريان، أنا مش عايزاك تعمل حاجة تندم عليها. أولادي هما الأهم، وعايزاك تكون موجود عشاني وعشانهم."


ريان ينظر إليها، والغضب في عينيه يبدأ يتلاشى قليلاً، لكن تصميمه يظل واضحًا


ريان (بصوت أكثر هدوءًا): "أولادك هما أولادي، سيليا. مش هسمح لحد يهدد حياتك أو حياتهم. بس صدقيني... جاد مش هيهرب من الحساب. سواء على إيدي أو على إيد القانون."


سيليا تنظر إلى ريان، ثم تبتسم بخفة، تمسح دمعة تسللت إلى وجنتها


سيليا: "ما كنتش أعرف إنك لسه قادر على إنك تكون الأخ الكبير اللي بحتمي فيه."


ريان (يبتسم بخفة): "دايمًا كنت كده، سيليا. بس أنا اللي غلطت. ودلوقتي دوري أصلح كل حاجة."


السيارة تصل إلى الفيلا، وقرار ريان واضح في عقله: جاد سيدفع الثمن، بأي طريقة كانت

**********************

وصلت السيارة أمام بوابة الفيلا الهادئة، توقفت سيليا قليلاً قبل أن تنزل. تنهدت بخفة، ثم استجمعت شجاعتها، ونظرت إلى ريان بجانبها


سيليا: "مستعد؟ مشهد الترحيب هنا بيبقى صاخب شويتين."


ريان (بابتسامة متوترة): "لو هما زي ما قلتي، يبقى أكيد هيتقبلوني، حتى لو أنا مش قادر أستوعب كل اللي بيحصل."


تفتح سيليا الباب، وتركض نحوها ثلاثة ظلال صغيرة. زياد ومازن يقفزان باتجاهها، بينما لينا تمد يديها الصغيرة من بعيد


زياد (بحماس): "ماما! ماما!"


مازن: "جبتيلي حاجة؟!"


تضحك سيليا بينما تنحني لتحضنهم جميعًا دفعة واحدة


سيليا (بحب): "أيوه يا رجالتنا، بس دلوقتي في مفاجأة كمان."


زياد ينظر إلى ريان الذي يقف بجانب السيارة بتوتر، عيناه الصغيرة مليئة بالفضول


زياد (بصوت خافت): "مين ده يا ماما؟"


مازن يتشبث بسيليا وهو ينظر إلى ريان بحذر، بينما لينا تضرب يديها الصغيرة معبرة عن حماسها دون أن تفهم شيئًا


سيليا: "ده خالكم يا حبايبي. اسمه ريان."


ريان (بصوت هادئ وابتسامة): "أهلاً يا أبطال."


زياد (بدهشة): "خالنا؟ إحنا عندنا خال؟"


مازن (بتذمر): "أنا كنت عايز لعبة مش خال!"


سيليا تضحك بخفة وتربت على رأس مازن


سيليا: "مازن، مش عيب كده؟ قول مرحبًا لخالك."


قبل أن يكمل الأطفال دهشتهم، تظهر ليلى من باب الفيلا، تنظر إلى المشهد غير مصدقة. خلفها يظهر رائد، عابسًا قليلاً من المفاجأة


ليلى (بصدمة): "ريان؟! إنت هنا؟"


ريان (بصوت مفعم بالندم): "حضرتك ليلى؟ عمتنا ؟"


ليلى (تتقدم نحوه بخطى مترددة): "أيوه... بس إيه اللي جابك؟ وإزاي... إزاي قابلت سيليا؟"


رائد يعبر بخطوات أسرع، يقف أمام ريان مباشرة، ونظراته مليئة بالريبة والحذر


رائد: "إنت مين بالضبط؟ وإيه اللي جابك عندنا؟"

( ملحوظة .....رائد لم يكن يعرف شكل إخوة سيليا)


سيليا تتدخل بسرعة، تضع يدها على ذراع رائد لتهدئته


سيليا: "رائد، ده أخويا ريان. احنا كنا في الجامعة، واتقابلنا صدفة."


يهدأ رائد قليلاً، لكن الحذر لا يزول من عينيه


رائد: "ريان، أظن إنك كنت واحد من الناس اللي..."


سيليا (تقاطعه بلطف): "رائد، كفاية. ريان معايا دلوقتي. خلينا نحاول نبدأ صفحة جديدة."


زياد ينظر إلى ريان ثم يسأل ببراءة


زياد: "هو خالنا هيبقى معانا على طول؟"


ريان (بابتسامة): "لو مامتك موافقة، أكيد. هبقى موجود عشانكم."


مازن ينظر إلى ريان بفضول


مازن: "إنت بتلعب بلاي ستيشن؟"


ريان (يضحك): "ممكن أتعلم عشان ألعب معاك."


تقترب ليلى من سيليا وتمسك بيدها بخفة


ليلى (بحنان): "أهم حاجة إنك مرتاحة، يا بنتي."


سيليا (بابتسامة صغيرة): "أيوه يا عمتو، مرتاحة أكتر مما كنت متخيلة."


يتقدم الجميع نحو داخل الفيلا، بينما ريان ينظر حوله، يحاول استيعاب المشاعر المتداخلة بين الذنب والفرح لرؤية شقيقته مرة أخرى

**********************

بينما يدخل الجميع إلى الفيلا، تجلس سيليا على الأريكة، تحمل لينا بين ذراعيها. الرضيعة تنظر إلى ريان بفضول شديد، تمد يديها الصغيرة نحوه وهي تصدر أصواتًا عشوائية مليئة بالحماس


لينا: "دا... دا...!"


ريان ينظر إلى الصغيرة بابتسامة دافئة، يتردد للحظة، ثم يجلس على ركبتيه ليكون بمستواها


ريان (بلطف): "إيه يا أميرة؟ بتندهيني؟"


تمد لينا يدها وتمسك بأنف ريان فجأة، ثم تضحك بصوت عالٍ


ريان (يضحك بخفة): "آه يا مشاغبة! أنف خالك مِلكِكِ رسميًا؟"


سيليا (تضحك وهي تهز رأسها): "متستغربش، لينا لازم تسيب بصمتها على كل حد جديد في حياتها."


لينا (تصدر صوت فرح): "دااا!"


تحاول أن تزحف نحو ريان بين ذراعي سيليا، مما يجعل سيليا تسلمها له


سيليا: "اتفضل يا خالو، دي طلباك."


يحمل ريان لينا بحذر، يبدو عليه التوتر في البداية، لكن ابتسامتها الصغيرة تزيل أي حرج. تبدأ الصغيرة بلمس وجهه وتمد يدها إلى شعره


ريان (بمزاح): "إيه؟ شكلي عجبك يا شقية؟"


رائد (من الخلف وهو يضحك): "أظن إنك اتقبلت رسميًا في نادي الأطفال هنا."


زياد (ينظر إلى لينا بغيرة طفولية): "ليه هي اللي تلعب مع خالو الأول؟ أنا الكبير!"


ريان (يبتسم لزياد): "أنت الكبير فعلاً، لكن الصغار ليهم حقوق برضه. أول ما تخلص لينا، الدور عليك."


مازن (متذمر): "وأنا؟"


ريان: "أكيد يا مازن، مش هنسيبك."


لينا تصدر صوتًا آخر وتضرب بيدها الصغيرة على صدر ريان، مما يجعله يضحك بخفة


ريان (ينظر إلى سيليا): "أطفالكِ... هم النعمة اللي ما كنتش عارف إنهم موجودين في حياتنا. يا خسارة على الوقت اللي راح."


سيليا (بحب وحنان): "لسه في وقت، يا ريان. أهم حاجة إنك هنا دلوقتي."


لينا تصدر صوتًا يشبه الضحك، وتضرب يديها الصغيرتين بحماس، مما يثير موجة ضحك بين الجميع


ليلى: "شايفة؟ الصغيرة عارفة إنها جمعت العيلة النهارده."


يتبادلون النظرات المليئة بالحب والأمل، بينما لينا تظل مركز الاهتمام بين ذراعي ريان


#قيود_العشق2 

فصل 14

جوه أوضة الجلوس في بيت ليلى. سيليا باينة عليها متوترة، واقفة قدام ريان اللي بيحاول يلبس جاكيت علشان يرجع لبيت العيلة. العيال نايمين في الأوض التانية، وليلى قاعدة من بعيد بتراقب بصمت


سيليا: (بتتحرك فجأة وتقف قدام الباب علشان تمنعه يخرج، صوتها بيرتعش) ريان... لو سمحت.


ريان: (بيبصلها باستغراب ورافع حواجبه) فيه إيه يا سيليا؟


سيليا: (عينيها بتتوسل، بتقرب منه خطوة بخطوة) ما تقولهمش... بالله عليك ما تقولهمش إني لسه عايشة.


ريان: (صوته مستغرب ومعصب شوية) إنتي بتقولي إيه؟ إزاي أخبي حاجة زي دي؟ العيلة لازم تعرف إنك عايشة، ده إحنا اتدمرنا بسببك!


سيليا: (بتصرخ فجأة، بتقطع كلامه) وأنا؟! أنا ما اتدمرتش؟! ست سنين يا ريان، ست سنين عشتهم لوحدي، مذلولة، موجوعة! سابوني أواجه الدنيا لوحدي... افتكروني خنتهم، دبحوني بشكهم... ودلوقتي؟ عايزني أرجع كأن حاجة ما حصلتش؟


ريان: (بيحاول يهدّيها، بيحط إيده على كتفها) سيليا، همّا كانوا غلطانين، وندموا، الكل بيعاني بسبب غيابك.


سيليا: (بتشيل إيده من عليها، عينيها مليانة دموع) ما ينفعش أرجع دلوقتي، مش بالساهل كده... أنا مش مستعدة أبص في وشوشهم وأشوف فيها شفقة أو تأنيب ضمير. أنا محتاجة وقت، محتاجة أسترجع نفسي الأول.


ريان: (بتردد، بيبصلها في عينيها، بيحاول يفهم وجعها) وطب وهمّا؟ هيعيشوا في العذاب أكتر؟


سيليا: (بتنزل على ركبتها قدامه، ماسكة إيده بقوة، صوتها مخنوق بالعياط) أرجوك، ما تعملش كده. لو إنت فعلاً أخويا... لو إنت بتحبني... ما تموتنيش تاني بإنك تقولهم. أنا محتاجة وقت... بس وقت.


ريان: (ساكت شوية طويل، بيبصلها بحزن، بيمسح على شعرها بهدوء) ماشي يا سيليا... بس ده مش سهل عليا.


سيليا: (بامتنان كبير، عينيها مليانة دموع وهي بتبصله) شكراً... شكراً يا ريان.


ريان: (بيستدير ناحية الباب، بس قبل ما يخرج، بيتلفت يبصلها) ما تتأخريش كتير يا سيليا. العيلة محتاجاك زي ما إنتي محتجاهم...


بيخرج وسيليا قاعدة على الأرض، المكان مليان صمت تقيل بيعكس قراراتها وحزنها

**********************

ريان خرج وفضلت سيليا قاعدة على الأرض، ودموعها بتنزل بصمت. ليلى وابنها رائد واقفين قريب منها، ليلى بتبصلها بحنية، ورائد باين عليه القلق عليها


ليلى: (بتقرب منها وبتحط إيدها على كتفها) سيليا... لسه خايفة؟


سيليا: (بصوت مبحوح، من غير ما ترفع راسها) أنا مش خايفة، يا عمتي... أنا مدمرة. مش قادرة أتخيل إن حياتي كلها بقت كده... كأني عايشة كابوس.


رائد: (بيجلس جنبها على الأرض، صوته هادي ومليان حزم) بس إنتِ مش لوحدك يا سيليا. إحنا معاكي، وهنفضل معاكي لحد ما تقفي على رجلك تاني.


سيليا: (بتبصله بعيون مليانة دموع) أنا تعبت، يا رائد. تعبت من كل حاجة... من الخوف، من الذكريات، ومن إن كل حاجة حواليا بتضغط عليا.


ليلى: (بتمسك إيدها بحنية) يا بنتي، أنا فاهمة وجعك... بس اللي حصل النهارده خطوة كبيرة. إنك واجهتي ريان وسامحتيه، دي بداية جديدة ليكي.


سيليا: (بصوت ضعيف) بس أنا مش عارفة إذا كنت أقدر أكمل... إذا كنت أقدر أواجه الباقي.


رائد: (بصوت جاد) هتقدري، سيليا. إنتِ أقوى بكتير مما فاكرة. شوفتي قد إيه عديتي حاجات مستحيلة؟ ده دليل إنك تقدر ترجعي وتكملي حياتك، بس خطوة بخطوة.


سيليا: (بتنهد وتبص لتحت) يمكن... بس مش عارفة إذا كنت جاهزة دلوقتي.


ليلى: (بابتسامة مطمئنة) محدش هيضغط عليكي، يا حبيبتي. خدي وقتك، بس فكرّي دايمًا إن العيلة دي هتفضل مستنياكي، لأنك مهما حصل... قلبهم.


سيليا: (بهمس وهي تنظر إلى ليلى ورائد) شكراً ليكم... لولاكوا ما كنتش عارفة أعيش ولا آخد الخطوة دي.


رائد: (بابتسامة خفيفة) إحنا عيلتك برضه، سيليا... ومهما حصل، إحنا هنا علشانك.

***********************

في غرفة طعام فخمة في فيلا كريم. الأسرة تجلس حول طاولة العشاء. الجو مشحون بالبرود. ثريا تحاول الحفاظ على أجواء ودية، بينما جيسي تستغل اللحظة لبث سمومها


جيسي: (بصوت هادي لكنه مليان حقد، وهي تقطع قطعة من طعامها) على فكرة يا جاد، أنا مستغربة إزاي لسه مستحمل سيليا وأولادها لحد دلوقتي؟ يعني... بصراحة، البنت دي جايبة معاك مشاكل من يوم ما دخلت البيت.


جاد: (يتنهد بضيق، يحرك كرسيه قليلاً) جيسي، مش وقته الكلام ده.


جيسي: (بتضحك بسخرية) مش وقته؟ إزاي يعني؟ أنا بقول الحقيقة بس. سيليا عارفة تستغل طيبة ماما وبابا علشان تحسسك إنك الغلطان،  الحقيقة واضحة... هي طول عمرها مش قد المستوى.


ثريا: (بصرامة مفاجئة، تضع الشوكة والسكين بصوت مسموع على الطاولة) كفاية، جيسي. ما بحبش الكلام ده في بيتي.


جيسي: (تتظاهر بالبراءة) ماما، أنا بس بقول اللي في قلبي. إنتِ عارفة إنها...


ثريا: (تقاطعها، نبرة صوتها صارمة) قلت كفاية، جيسي. سيليا جزء من عيلتنا، واحترامها احترام لنا كلنا. مش هسمحلك تكملي الكلام ده.


جاد: (ينهض فجأة من على الطاولة، يمسك بالكأس أمامه، صوته مليان ضيق) الموضوع ده اتقفل خلاص. مش عايز أسمع اسمها ولا سيرة الأولاد هنا.


كريم: (ينظر لجاد بحدة، يرفع حاجبه) جاد! تصرفك ده مرفوض. إذا كنت مش عايز تشوف عيلتك أو تتحمل مسؤوليتك، ده ما يديكش الحق تهينهم أو تهرب.


جاد: (بنبرة باردة، ينظر لوالده) بابا، مشكلتي مع سيليا. أنا كنت واضح من البداية.


ثريا: (بتحاول تهدي الوضع، لكن نبرتها حزينة) واضح إن المشكلة مش في سيليا، يا جاد... المشكلة فيك.


جيسي: (تحاول تهرب من الموقف، تضحك بهدوء وهي تشرب من كوبها) طيب، أظن إن العشاء بقى مش حلو زي ما توقعت.


كريم: (ينظر لها بغضب، يرفع صوته لأول مرة) وجيسي! كفاية لعب بالكلام. عيلتنا محتاجة تتعدل، وإنتِ جزء من الخراب اللي حاصل.


جاد يأخذ معطفه ويخرج بسرعة من الغرفة. جيسي تحاول التظاهر بعدم الاكتراث، بينما ثريا تمسح على جبهتها بضيق وكريم ينظر للطاولة بعيون مليانة حزن


ثريا: (بهمس وهي توجه الكلام لنفسها) يا رب، عاوزة أشوفهم متصالحين مع نفسهم قبل ما أموت.

********************

كريم ينظر إلى جيسي بحدة بعد خروج جاد، بينما ثريا تجلس بصمت تحاول تهدئة غضبها الداخلي. الجو متوتر


كريم: (ينهض بهدوء لكنه بحزم، يلتقط معطفه من الكرسي) جيسي... اللي بتعمليه ده مش تصرف بنت محترمة، وأكيد مش بنتي.


جيسي: (بتحاول ترد بتحدي وهي تميل بظهرها على الكرسي) بابا، مش فاهمة إزاي أنا اللي غلطانة هنا! أنا بس بقول اللي كلنا عارفينه عن سيليا.


كريم: (بصرامة، يوجه إليها نظرة شديدة) سيليا مرات أخوكي وأم ولاده، واحترامها مش خيار. آخر مرة أسمع منك كلام زي ده، فاهمة؟


جيسي: (تبتلع كلماتها، لكنها ترد بتمتمة واضحة) طيب، واضح إنكم كلكم واقفين في صفها.


كريم: (بصوت حاسم وهو ينظر لها نظرة أخيرة) صف الحق دايمًا هو اللي لازم نقف فيه.


كريم يلتفت إلى ثريا، يضع يده على كتفها برفق، ويخرج دون أن ينظر مرة أخرى إلى جيسي. يبقى الصمت للحظات قبل أن تقطعه ثريا بنبرة هادئة لكنها حادة


ثريا: (تنظر لجيسي بنظرة عتاب وحنق) قولي لي يا جيسي، إنتي إمتى بالظبط بقيتي البنت دي؟ البنت اللي شايفة في الشر أسلوب حياة؟


جيسي: (بتحاول تبرر، لكنها تشعر بعدم الراحة تحت نظرات أمها) ماما، أنا مش شريرة. بس سيليا مش مناسبة لجاد، وأنا شايفة ده من أول يوم.


ثريا: (تضرب الطاولة بيدها برفق لكن بصرامة) كفاية! كفاية تبريرات سخيفة. سيليا أم ولاد أخوكي، وأنا بحبها زيك . كل مرة تفتحي سيرة عنها بالشكل ده، بتجرحيها وبتجرحيني.


جيسي: (بغضب مكتوم، وهي ترفع يديها استسلامًا) طيب، ماشي، هسكت. بس لما يحصل اللي أنا متوقعة، ما تلوميش غير نفسك.


ثريا: (تقف ببطء، تضع يديها على الطاولة وتنظر مباشرة في عينيها) اللي أنا متأكدة منه، إن يوم هتيجي تندمي على كل كلمة سمّيتي بيها الجو ده. وسيليا، لما تكون فوق اللي بتقولي عنها، إنتِ اللي هتبقي تحت، لوحدك.

*********************

ثريا تنهض من مكانها بعد أن ألقت كلماتها الأخيرة، تنظر لجيسي بنظرة مليئة بالعتاب، ثم تستدير لتخرج. يبقى الصمت للحظات بعد خروجها، وجيسي وحدها على الطاولة، تمسك شوكتها بعصبية وتضغط عليها بإصبعها


جيسي: (تتحدث مع نفسها بغضب مكتوم، تهمس بصوت منخفض) سيليا... سيليا... كل حاجة بقت سيليا!


تدفع الكرسي للخلف بعنف، تنهض وهي تدور حول الطاولة ببطء


جيسي: (تتمتم، لكن صوتها يعلو تدريجيًا مع غضبها) الكل شايفها ملاك... البنت الطيبة اللي اتبهدلت... والكل نسي إنها السبب في اللي إحنا فيه!


تلتقط كأس ماء من الطاولة وترميه بعصبية على الحائط، فيتناثر الماء والزجاج


جيسي: (بصوت أعلى، وكأنها تخاطب شخصًا غائبًا) هي السبب في بعد جاد عننا... السبب في غضب بابا... حتى ماما اللي دايمًا بتدعمني، بقت تفضلها عليا!


تجلس على الكرسي مجددًا، تضع رأسها بين يديها للحظات، ثم ترفع رأسها بعينين مليئتين بالشر والحقد


جيسي: (بصوت منخفض لكنه مليء بالتوعد) لو فاكرين إنهم هيعيشوا مبسوطين، يبقوا بيحلموا... سيليا، أنا مش هسيبك. هخلي حياتك جحيم... إنتِ وأولادك!

********************

داخل فيلا البحيري، الساعة تشير إلى الحادية عشرة مساءً. الجميع مجتمعون في غرفة الجلوس الواسعة


الباب يُفتح فجأة، يدخل ريان متعبًا، يحمل حقيبته على كتفه. جميع العيون تتجه نحوه

نجلاء: (توقف ما بيدها وتنظر إليه بحدة) ريان، الساعة بقت كتير، كنت فين لحد دلوقتي؟


ريان: (يحاول التظاهر بالهدوء، يخلع معطفه) كنت في الجامعة يا أمي، عندي شغل كتير... محاضرات وتحضير.


نجلاء: (تضع الحياكة جانبًا وتقترب منه بخطوات بطيئة) ريان، متأكد؟ شكلك مش طبيعي...


فؤاد: (يقطع الحديث بصوت حازم) أمك بتسأل، جاوبها كويس. ليه شكلك مضطرب؟


ريان: (ينظر إليهما ثم يخفض نظره) مفيش حاجة يا بابا، شوية ضغط شغل... ده كل اللي في الموضوع.


جليل: (بنبرة شك) ريان، لو في حاجة، احكي، إحنا عيلة واحدة.


ريان: (يرفع رأسه ويحاول تغيير الموضوع) بجد، كله تمام. أنا بس تعبان شوية... لو تسمحولي، عايز أطلع أوضتي أريح.


نجلاء: (تمسك يده قبل أن يتحرك، بنبرة ملؤها القلق) ريان، لو في حاجة مخبيها، إحنا هنفهم،  متزودش همومنا أكتر.


ريان: (يبتسم ابتسامة باهتة) متخافيش يا أمي، مفيش حاجة... صدقيني.


يرفع حقيبته ويتجه نحو الدرج، لكن قبل أن يصعد، يوقفه صوت يوسف


يوسف: (ينظر إليه بريبة) ريان، عادي لو سألناك سؤال؟


ريان: (يلتفت ببطء، يحاول ضبط نفسه) طبعًا، قول يا يوسف.


يوسف: ليه حاسس إنك بتخبي حاجة؟ مفيش حد بيتأخر في الجامعة كده...


ريان: (يضحك بارتباك) أنا فعلاً ماشي صح، إنتم بس شايلين هم أكتر من اللازم.


ريان يسرع بالصعود قبل أن يكمل أحد الحديث. الجميع يتبادلون النظرات المستفهمة، ونجلاء تنظر لفؤاد بحيرة، في حين أن تميم كان متأكد أن ريان يخفي شيئا ما 


نجلاء: (تتنهد) أنا حاسة إنه مخبي حاجة كبيرة.


فؤاد: (بصوت هادئ ولكن صارم) لو في حاجة فعلاً، هيبان... مفيش حاجة بتستخبى للأبد.


  صعد ريان لغرفته ، أغلق الباب خلفه بإحكام. جلس على سريره، وضع رأسه بين يديه، وتحدث مع نفسه بصوت خافت


ريان: (بصوت منخفض) يا رب، ساعدني... ماقدرش أقولهم، مش دلوقتي... مش وأنا وعدتها.


ليمسك رأسه بيده،  بينما تتردد في ذهنه كلمات سيليا وهي تتوسل إليه أن يبقي سرها طي الكتمان

**********************

في غرفة الجلوس. العائلة لا تزال مجتمعة. سيلين، ابنة تميم، تركض هنا وهناك، تلعب بدمية صغيرة. الجو هادئ، لكن الحزن يخيم على الأجواء كلما وقعت أعينهم على الصغيرة التي تذكرهم بسيليا


ريان ينزل ببطء من الدرج، يحاول التصرف بشكل طبيعي، لكنه يبدو متوتراً. يجلس على طرف الأريكة بجانب يوسف


فؤاد: (ينظر إلى سيلين بابتسامة حزينة) البنت دي... سبحان الله، شبه سيليا بالظبط وهي صغيرة.


الجميع يصمت فجأة، عيونهم تتحول إلى الصغيرة التي تجلس على الأرض وتضحك


نجلاء: (تتنهد وتمسح دمعة بصمت) فعلاً، حتى ضحكتها زيها...


سامر: (بصوت منخفض) كانت أحلى حاجة في حياتنا.


مراد: (ينظر إلى ريان) ساعات بحس إنها لسه معانا... مش كأنها اختفت.


ريان: (يبتلع ريقه، يحاول السيطرة على توتره) يعني... ذكراها دايماً في قلوبنا.


تميم: (يضع يده على رأسه بإحباط) لو ماكنتش طاردت الجماعة دي... يمكن ماكنش حصل اللي حصل.


أحمد: (بهدوء، لكنه يحمل نبرة حزن عميقة) مش ذنبك، تميم. كلنا قصرنا في حقها...


يوسف: (ينظر إلى ريان بريبة) بس إحنا المفروض نبطل نلوم نفسنا... مش كده يا ريان؟


ريان: (ينهض فجأة، يحاول الابتعاد) صح... أنا محتاج أطلع أوضتي شوية.


فؤاد: (ينظر إليه بحيرة) مالك يا ابني؟ ليه من ساعة ما جيت شكلك متوتر ومش عايز تقعد معانا؟


ريان: (يتظاهر بالابتسام) مفيش يا بابا، تعبان شوية من الشغل...


يسرع ريان بالصعود إلى غرفته، يترك خلفه جواً من الشك. الجميع ينظرون لبعضهم البعض بصمت


مراد: (يكسر الصمت) إيه حكاية ريان؟ بقاله ساعة و هو غريب.


أحمد: (يعقد حاجبيه) أكيد مخبي حاجة...


يوسف: (يضيف بنبرة جدية) وإحنا لازم نعرف إيه هي.


سامر: (يشير نحو الدرج) يمكن حاجة تخص الجامعة؟


تميم: (يضع يده على الطاولة بصرامة) مش متأكد... بس في حاجة أكبر من كده.


فؤاد: (يضع يده على رأسه، بنبرة حزن) لو في حاجة فعلاً، يا ترى لها علاقة بسيليا؟


نجلاء: (تقاطعه) فؤاد، كفاية عذاب... سيليا مش راجعة.


يوسف: (بصوت خافت) يمكن مش راجعة... بس في حاجة غريبة.


الجميع يصمت مجدداً، وكل منهم غارق في أفكاره، بينما تستمر سيلين في اللعب مع ماهر ، ببراءة غير مدركين ما يحدث من حولهما 

************************

في غرفة نوم ليلى،جلست هذه الأخيرة لتتصل بزين، ، سيليا نائمة في غرفتها، أولادها بجوارها في أسرتهم. رائد، في الخارج يعمل في النادي الرياضي. ليلى تجلس على الأريكة، هاتفها في يدها، تتحدث مع زين. صوتها متوتر


ليلى: (بتردد) زين، ريان عرف الحقيقة و كان هنا من كام ساعة... ، بس  سيليا كانت مرعوبة.


زين: (من الطرف الآخر، بلهجة جادة) وقلتي له إيه؟


ليلى: (تنهد) سيليا توسلت له... طلبت منه ما يخبرهم. قالت إنها مش مستعدة للرجوع لبيتها.


زين: (بقلق) ليه؟ سيليا لازم تواجههم. هو ده الوقت المناسب، موش لازم تهرب أكتر من كده.


ليلى: (بحذر) مش سهلة، زين. سيليا مرّت بأيام صعبة، وعشان كده مش مستعدة تفتح الجراح من جديد.


زين: (بتنفس ثقيل) لو تأخرت، الموضوع هيصعب أكتر... ريان مش هيقدر يسكت كتير ، مش هيقدر يخبّيها.


ليلى: (بغضب مكبوت) أنا عارفة، بس سيليا مش هتقدر تتعامل مع كل ده دلوقتي. لو رجعت عشان مواجهة كده، ده هيكسرها.


زين: (بصوت منخفض لكنه حازم) يعني هتخليها تهرب للأبد؟ مش هتقدر تعيش في الخوف ده كل حياتها، ليلى.


ليلى: (تنظر إلى سيليا وهي نائمة، ثم تتنهد) هي خايفة، زين. خايفة من الناس اللي هي بتحبهم، مش عاوزة تصدق إنهم ظلموها.


زين: (بتوتر) ليلى، أنا لو مكانك، كنت هنصحها إنها تقابلهم النهاردة قبل بكرة. خليها تواجه الواقع... خليها تكون قوية.


ليلى: (بصوت هادئ) هي مش قوية كفاية دلوقتي. أنا هخليها تتكلم لما تكون جاهزة، مش دلوقتي.


زين: (بعد صمت قصير) لكن لازم تعرف إن ما فيش وقت ضايع أكتر... ولازم تبقى جنبها.


ليلى: (تغلق عينيها وهي تمسك الهاتف) أنا هكون جنبها، زين. بس سيليا هي اللي لازم تقرر.


صمت طويل قبل أن يقطع زين المكالمة


زين: (من الهاتف، بنبرة حنونة) خلي بالك منها، ليلى.


ليلى تغلق الهاتف،  وتتنهد بعمق، ثم تخرج من الغرفة بهدوء و تتجه لتجلس في الحديقة رغم برودة الجو ، تفكر في حياتها و حياة سيليا و رائد 


و تفكر في الأيام القادمة وما قد تحمله من تحديات



#قيود_العشق2 

فصل 15

بعد أسبوع ،في فيلا كريم الأنصاري 


صوت جرس الباب بيرن. ثريا تفتح الباب بحماس


ثريا: (بصوت دافئ) أهلاً وسهلاً! البيت نوّر والله!


تنحني تحيي الأطفال اللي واقفين جنب سيليا


ثريا: يا خبر، شوفوا العسل ، تعالوا يا حبايبي، جدتكم نفسها تشوفكم من زمان.


سيليا: (بابتسامة خجولة) متشكرة قوي على العزومة، يا طنط 


كريم: (يظهر من ورا ثريا مبتسم) عزومة إيه يا بنتي! ده بيتك وبيت ولادك. اتفضلوا، ما تقفوش على الباب.


الجميع يدخلوا الصالة الكبيرة اللي مليانة دفء وراحة


الأطفال يجروا على كريم، اللي ينزل على ركبته علشان يستقبلهم.


كريم: (بيضحك) زياد، مازن، ولينا العسولة! وحشتوني يا ولاد.


زياد: (بحماس) جدو! هتلعب معانا النهارده؟


كريم: (يمسح على رأس زياد) طبعًا، عندي ليكم مفاجأة جامدة جدًا.


مازن: (باحتراس) إيه المفاجأة دي، جدو؟


كريم: (بيغمز بثقة) هتعرفوا حالًا!


بياخد كريم الأطفال على أوضة جنب فيها ألعاب وهدايا


في الصالة، ثريا قاعدة جنب سيليا.


ثريا: (بحنان) يا حبيبتي شكلك تعبان. كل حاجة تمام؟


سيليا: (بتتنهد) مرهقة أوي يا طنط، بس بحاول أتماسك علشان ولادي.


ليلى: (بهدوء) سيليا قوية، وقدها .


ثريا: (تمسك إيد سيليا) إحنا هنا معاكِ، ودايمًا في ضهرك.


رائد واقف جنب كريم بعد ما رجع من اللعب مع الأطفال.


كريم: (بيضحك وهو قاعد) يا نهار أبيض، الطاقة دي كلها جايبينها منين؟ أرهبوني!


رائد: (مبتسم) الطاقة دي واخدينها من أمهم، واضح إنهم ورثوا قوتها.


كريم: (بيبص لسيليا بفخر) وأنتِ يا سيليا، إحنا عيلتك، ومافيش حاجة هتغير ده.


سيليا تبتسم بخجل وتحس براحة لأول مرة من زمان


في الخلفية، صوت جيسي جاي من فوق وهي بتتكلم في التليفون مع جاد


جيسي: (بصوت عالي وساخر) مش مصدقة إنكم عازمينها هي وعيالها!


ثريا وكريم يبصول بعض، وبعدين يتجاهلوا الكلام


ثريا: (بتغير الموضوع بابتسامة) سيليا، أنا محضّرة لك أكل مخصوص. عايزة أشوفك بتاكلي كويس، ما تهلكيش نفسك.


سيليا: (مبتسمة بحرج) متشكرة قوي يا طنط.


الأطفال بيضحكوا و  بيلعبوا مع جدهم، وثريا بتبص لسيليا وليلى بحب واضح، وعزمها إنها تكون دايمًا في ضهرها مهما حصل


جيسي بتنزل من السلم، خطواتها مسموعة بوضوح، ونظراتها مليانة حقد وهي داخلة الصالة. ثريا بتبصلها بحذر، وكريم بيتجاهلها كأنه مش واخد باله


جيسي: (ببرود) أوه، الكل مجتمع هنا، ما شاء الله! شكل الجو لطيف جدًا.

بتبص لسيليا وليلى بطريقة مستفزة، وبنبرة متعالية

جيسي: ما كنتش عارفة إن الضيوف الكرام ليهم زيارة النهارده.


ثريا: (بحزم) سيليا مش ضيفة، ده بيتها.


جيسي: (بابتسامة مصطنعة) آه طبعًا، أكيد.


بتقرب جيسي من الأطفال بابتسامة مصطنعة عشان تخفي مشاعرها


جيسي: (بصوت ناعم مصطنع) زياد يا روحي، تعال عند عمتك جيسي.


زياد يبص لها بتوتر ويشد إيده بعيد عنها


زياد: (بيهز رأسه) لا.


جيسي تحاول ما تظهرش إحراجها، وتلف لجهة مازن


جيسي: طب إيه رأيك إنت يا مازن؟ تعال هنا، عمتك هتجيب لك حاجة حلوة.


مازن يبعد خطوتين للخلف، بصوته الطفولي


مازن: لا، عايز أروح عند جدو.


جيسي تتنهد بغيظ، وتحاول تسيطر على أعصابها، وبعدها تبص للينا الصغيرة اللي قاعدة على حضن ثريا


جيسي: (بصوت مليان تصنّع) وآه، دي بقى لينا العسولة! تعالي يا حبيبتي لعمتك الجميلة.


جيسي تمد إيديها عشان تشيلها، لكن لينا تبص لها بعيون صغيرة مشمئزة، وتبدأ تبكي بهدوء وهي تلف وشها ناحية ثريا


ثريا: (بابتسامة خفيفة وهي تحضن لينا) أصل لينا مش بتتعود على حد بسرعة.


جيسي تضغط على أسنانها وهي بتحاول تخبي إحراجها، وبصوت متوتر


جيسي: (بضحكة خفيفة) آه، الأطفال ساعات بتكون غريبة في تعاملها.


بتقعد جيسي على الكنبة بتكبر واضح، وتحاول تخبي نار الغيظ اللي مولعة جواها


كريم: (بيرمقها بنظرة جانبية وهو بيكلم زياد) تعال يا زياد، جدك عايز يعرف مين اللي كسب في اللعب!


زياد يجري على كريم ويقعد جنبه، وسيليا تبص لجيسي بنظرة هادئة وواثقة، كأنها بتقول إنها مش مهتمة باستفزازها


ليلى تنظر لرائد وتبتسم، وكأنها بتقول له بهمس "واضح مين الكسبان هنا.


جيسي قاعدة متجمدة، ونار الحقد باينة في عينيها، بينما العيلة بتكمل الليلة بشكل عادي، كأن وجودها مجرد تفصيل صغير


سيليا تقعد في مكانها بهدوء وهي بتحاول تهدي لينا الصغيرة اللي رجعت لحضنها، وبعدين ترفع عينها بهدوء تبص لجيسي اللي قاعدة مكانها، ملامحها متوترة ومليانة غيظ واضح


سيليا: (بابتسامة هادية وواثقة) الأطفال أوقاتهم أغلى من أي حاجة... بيعرفوا دايمًا مين اللي بيحبهم بجد.


جيسي تحاول تحافظ على برودها، بس عينيها باينة فيها نار الغيظ، وترد بصوت متوتر


جيسي: (بتصنع) آه، الأطفال دايمًا عندهم تصرفات غريبة. يمكن بس محتاجين شوية وقت يتعودوا على الناس الكبيرة اللي في حياتهم.


سيليا تضحك ضحكة خفيفة، بنبرة كلها ثقة، وتبص لجيسي مباشرة


سيليا: (بنبرة هادية) أكيد. بس الحب الحقيقي ما بياخدش وقت... بيبان من أول لحظة.


جيسي تحاول تخفي إحراجها، وتبص بعيد وهي ماسكة كوب العصير قدامها بإحكام لدرجة إن صوابعها بتبيض. كريم يلاحظ الموقف، ويفتح كلامه بهدوء عشان يخفف التوتر


كريم: (بابتسامة) آه، الأطفال دول أذكياء قوي... بيعرفوا كويس مين اللي فعلاً بيهتم بيهم.


ثريا تبص لجيسي بنظرة مليانة عتاب


ثريا: جيسي، تعالي شوفي لينا، يمكن لو لعبتي معاها بهدوء، تتعود عليكي.


جيسي تبتسم ابتسامة متصنعة


جيسي: (بتوتر) لا، مش عايزة أضغط عليها... الأطفال محتاجين مساحة.


سيليا تضحك ضحكة خفيفة، وتحضن لينا اللي بدأت تضحك هي كمان، بينما نظراتها المليانة ثقة بتفضل على جيسي اللي شكلها بيزداد غضب و  غيظ 


ليلى تقرب من سيليا وتهمس لها وهي مبتسمة


ليلى: (بهمس) كده كتير يا بنتي، هتفجريها!


سيليا ترد عليهم بهمس وهي مبسوطة


سيليا: (بهدوء) خلينا نشوف آخرتها إيه.


جيسي تقوم من مكانها فجأة، وتتكلم بنبرة عصبية متصنعة الهدوء


جيسي: (بسرعة) أنا طالعة أوضتي. مش بحب الازدحام ده.


جيسي تطلع على السلم بخطوات سريعة، بينما سيليا تبص لليلى بابتسامة المنتصر وتكمل تهز لينا برفق وهي تضحك


بعد فترة قصيرة ، باب الفيلا بيفتح، وجاد داخل لابس بدلة شيك وهو ماسك شنطته. صوته بيدوي في المكان


جاد: مساء الخير!

يبص حوالين الصالة، يلاقي الكل قاعدين، الأطفال بيلعبوا مع كريم، وسيليا قاعدة جنب ثريا وبتتكلم بهدوء مع ليلى


ثريا: (بحماس) جاد! أخيرًا جيت، اتفضل ارتاح.


جاد بيبتسم بسمة خفيفة، وبعدين يبص للأطفال


جاد: (بنبرة متصنعة)  تعالوا هنا عند بابا.


زياد، مازن، ولينا يبصوله لحظة، وبعدين يكملوا لعب مع كريم وكأنهم ما سمعوش


جاد: (بيكرر بصبر مزيف) زياد؟ مازن؟ تعالوا فحضن بابا.


زياد يقوم واقف، بس بدل ما يروح لجاد، يجري نحية ثريا ويستخبى وراها وهو بيقول بصوته الطفولي


زياد: لا، مش عايز!


مازن يبص لجاد وبعدين يهز راسه ويقرب من كريم


مازن: (بصوت بريء) جدو كريم أحسن من بابا.


جاد يتسمر مكانه للحظة، ونظرة إحباط خفيفة بتظهر على وشه، بس بيحاول يخبيها


جاد: (بتوتر) ولينا؟ إنتِ أكيد هتيجي عند بابا، صح؟


جاد يقرب علشان يشيلها، بس لينا الصغيرة تلتف بسرعة ناحية كريم وتبدأ تمد إيديها ليه وهي تبكي و بتبص لجاد بخوف 


سيليا تبص للمشهد وهي بتحاول تحافظ على ملامحها الهادئة، لكن ليلى تشوف ابتسامة خفيفة على وشها


جاد: (بيتنهد ويحاول يتصنع الضحك) شكلهم مش متعودين عليّ، ده كل اللي في الموضوع.


كريم: (بنبرة فيها عتاب) ولادك محتاجينك، جاد. وجودك معاهم هو اللي هيعودهم عليك.


جاد: (بنبرة دفاعية) شغل كتير يا بابا، ومش دايمًا عندي وقت.


ثريا تهز راسها بأسى


ثريا: الولاد أهم من أي شغل يا جاد. دي حاجات ما بتتعوضش.


جاد يبص لسيليا، اللي بتتجنبه وبتحاول تهدي لينا، ونار الغيظ والحيرة تشتعل جواه وهو بيحاول يخفيها بابتسامة متوترة


جاد: (بجفاف) أنا هطلع أغير وأريح شوية.


جاد يسيبهم ويطلع فوق، وكل الموجودين يحسوا بالثقل اللي سابه وراه، بينما الأطفال بيكملوا لعبهم وكريم وثريا بيحاولوا يغيروا الجو


بعد فترة قصيرة ، الكل  كان متجمع حوالين طاولة العشاء. كريم وثريا قاعدين على رأس الطاولة، سيليا قاعدة جنب ليلى، والأطفال حوالين الجد والجدة بيضحكوا ويلعبوا، جاد قاعد على الطرف المقابل وباين عليه إن مفيش كلام كتير بينه وبين حد. جيسي قاعدة جنب جاد وبتاكل بصمت، واضح عليها إنها متضايقة


كريم: (بنبرة فخورة) على فكرة، سيليا، أنا عرفت من ليلى إنك رجعتي الجامعة وكملتي دراستك. بصراحة، أنا فخور جدًا بيكي.


سيليا تبتسم بهدوء وبثقة


سيليا: (بنبرة ممتنة) شكراً يا عمو كريم، التعليم كان دايماً حلمي، والحمد لله قدرت أرجع أكمله.


ثريا: (بحماس) ودي حاجة تستاهل كل التقدير، يا حبيبتي. إنك تفكري في مستقبلك ومستقبل أولادك... ده شيء عظيم.


جاد يرفع عينه من الطبق، يبص لهم باستهزاء خفيف


جاد: (بنبرة جافة) الجامعة في الوقت ده؟ مش شايفة إن ده مجهود زيادة ملوش لازمة؟


كريم يرد بسرعة وبحدة لطيفة


كريم: (بحزم) بالعكس يا جاد، التعليم عمره ما كان مجهود على الفاضي. سيليا بتعمل اللي لازم يتعمل علشان تبني مستقبلها ومستقبل الأولاد.


ثريا: (بتأييد) بالظبط! واحنا كلنا هنا ندعمها. الحقيقة، أنا شايفة إن ده قرار شجاع جدًا منها.


جيسي تبص بنظرة حادة لسيليا، وترد بتصنع


جيسي: (بفتور) آه، شجاعة أكيد... بس برضه مش عارفة إزاي بتوفق بين الجامعة والأولاد. دي مسئولية كبيرة.


سيليا ترد بهدوء وبابتسامة واثقة


سيليا: (بثقة) كل حاجة بتتظبط لما تكوني عارفة إيه اللي عايزة توصليه. وأنا عندي هدف واضح.


رائد يقطع الحديث وهو بيحط شوية أكل للأطفال


رائد: (بحماس) وأنا شايف إنها قدها وأكتر. سيليا ما شاء الله عليها، بتعرف توازن بين كل حاجة.


ليلى: (بفخر) وده مش غريب عليها، سيليا طول عمرها قوية وبتعرف تاخد قراراتها بنفسها.


كريم يبص لجاد بنظرة مليانة معاني


كريم: (بحزم وهدوء) جاد، يمكن لازم تتعلم حاجة أو اتنين من سيليا... الإرادة والتصميم.


جاد يحاول يتجاهل التعليق ويرجع يأكل بصمت، بينما سيليا تبص لكريم وثريا بابتسامة امتنان وتكمل تناول العشاء بهدوء وثقة


الجميع على طاولة العشاء، الجو مشحون بعد التعليقات اللي فاتت. سيليا تبص لجاد بنظرة حازمة، وكأنها قررت تنهي أي شيء معلق بينهم. تسند ظهرها للكرسي وتتكلم بثقة وهدوء، وكل العيون تركز عليها


سيليا: (بحزم وهدوء) جاد، أنا مش هطول عليك... أنا قررت إني أخلّص من العلاقة دي للأبد. عايزة طلاق، وبكل احترام، عايزة أعيش حياتي بعيد عنك أنت وأفعالك.


الجميع يندهش للحظة، لكن ملامح كريم وثريا تبان عليها علامات الفهم والقبول. جاد يبتسم ابتسامة مستفزة ويضحك ضحكة خفيفة


جاد: (باستهزاء) طلاق؟ وأخيراً قررتي تطلبي اللي كان واضح من زمان؟ كنت مستني اللحظة دي، الحقيقة.


سيليا تبتسم بثقة، ترفع راسها وترد بثبات


سيليا: (بنبرة قوية) أنا مش طالبة الطلاق عشان أهرب، ولا عشان أستسلم. أنا بطلبه عشان أستعيد حقي في حياة كريمة ليا ولأولادي... الحياة اللي أنت عمرك ما فكرت فيها غير بنفسك.


ثريا تبص لجاد بحزن واضح، وتحاول تتدخل، لكن كريم يشاور لها بهدوء إنها تسيبهم يكملوا


جاد: (بنبرة تهكم) كريمة؟ ده كلام كبير أوي يا سيليا... الحياة مش فيلم درامي زي ما بتتخيلي.


سيليا: (بحزم) الحياة بالنسبة لي دلوقتي هي أولادي ومستقبلهم. أنت كنت موجود بالاسم بس... لا حسيت بالمسئولية ولا حاولت تبقى أب ليهم. وأنا مش ناوية أضيع سنين تانية في علاقة من طرف واحد.


رائد ينظر لجاد بنظرة احتقار واضحة، ويمسك بكوب الماء عشان يهدي نفسه. ليلى تبص لجاد وتتكلم بهدوء


ليلى: (بهدوء) سيليا عندها حق، وجاد، لو عندك أي ذرة إحساس بالمسئولية، هتوافق على الطلاق من غير مشاكل.


جاد يهز كتفيه وكأنه الموضوع ملوش أهمية بالنسبة له، ويبتسم ابتسامة ساخرة


جاد: (بلامبالاة) ماشي... عايزة الطلاق؟ خلاص، زي ما تحبي. أنا مش متمسك بحاجة.


سيليا تبتسم ابتسامة صغيرة، وكأنها انتصرت في حرب طويلة، وتبص لجاد مباشرة


سيليا: (بثقة) شكراً، وأتمنى إنك في يوم ما تفتكر اللي عملته في أولادك وتحاول تصلحه، لو لسه عندك فرصة.


ثريا تبكي بصمت، بينما كريم يهز رأسه بحزن ويقول بهدوء


كريم: (بهدوء) كنت متمنى أشوفك شخص أحسن من كده يا جاد... بس القرار قراركم.


الجميع يعودون لتناول العشاء بصمت، وسيليا تبص لأطفالها اللي بدأوا يلعبوا مع جدهم وجدتهم وكأنها أخيراً شافت الضوء في نهاية النفق


تكملة الرواية من هنا اااااااا


لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله جميع الفصول هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا


تعليقات

التنقل السريع