القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية قيود العشق2 الفصل السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر بقلم سيليا البحيرى كاملة

التنقل السريع

     

    رواية قيود العشق2 الفصل السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر  بقلم سيليا البحيرى كاملة 




    رواية قيود العشق2 الفصل السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر  بقلم سيليا البحيرى كاملة 


    #قيود_العشق2 

    فصل 16

    بعد لحظة من الصمت على طاولة العشاء، زياد، الطفل البالغ من العمر 4 سنوات، يتوقف عن اللعب مع أخويه وينظر إلى والده جاد. ينهض من كرسيه الصغير ويتجه نحو جاد بخطوات صغيرة لكنها واثقة. الجميع يلاحظ تصرفه، وكأنهم ينتظرون ما سيقوله


    زياد: (بنبرة جادة لا تناسب عمره) بابا... ممكن أسألك سؤال؟


    جاد يرفع عينه ببطء وينظر لزياد بدهشة خفيفة، يحاول إخفاء استغرابه بابتسامة ساخرة


    جاد: (بتصنع) طبعاً يا زياد، قول يا بطل.


    زياد: (بنظرة بريئة لكنها مليانة عتاب) ليه مش بتحبنا؟


    الجميع يندهش من كلام زياد، وسيليا تحاول تتدخل بهدوء


    سيليا: (بلطف) زياد، حبيبي...


    زياد: (مقاطعاً والدته) لأ، يا ماما. أنا عايز أعرف. هو بابا ليه مش بيقعد معانا زي جدو كريم و خالو رائد؟ ليه مش بيلعب معايا زي ما صحابي بيلعبو معا باباهم؟


    ثريا تضع يدها على فمها محاولة كتمان دموعها، وكريم ينظر لجاد بنظرة تأنيب


    جاد: (مرتبكاً قليلاً) إيه الكلام ده، يا زياد؟ طبعاً أنا بحبك... بس الشغل كتير.


    زياد: (يهز رأسه) لا... جدو برضه بيشتغل، بس بيلاقي وقت يلعب معايا. حتى خالو رائد بيقعد معانا. إنت دايماً بتقول مشغول... حتى لما بنبقى في نفس المكان، إنت مش بتتكلم معايا.


    جاد يحاول يبتسم لكنه يفشل في إخفاء توتره


    جاد: (بتلعثم) أصل... أصل الشغل مهم علشانكم، علشان مستقبلكم.


    زياد: (ببراءة قاتلة) بس إنت مفيش مرة قلتلي إني وحشتك... أو إني ولد شاطر. حتى لما كنت برسم في الحضانة، ما جيتش تبص على رسمي زي ما جدو عمل.


    سيليا تبكي بصمت وهي تنظر لزياد، بينما ثريا تضع يدها على قلبها من التأثر. رائد يراقب الموقف بصمت لكنه يبتسم بفخر لصراحة زياد


    زياد: (يكمل بنبرة حزينة) بابا، أنا كنت نفسي تبقى زينا... بس شكلك مش عايز.


    زياد يلف ويرجع لطاولته الصغيرة، ويجلس بهدوء. الجميع يظل صامتاً، وجاد يبقى مذهولاً للحظات، يحاول الكلام لكنه يعجز. كريم يضع كوبه بهدوء على الطاولة وينظر لجاد بحزم


    كريم: (بهدوء) أعتقد إنك سمعت اللي زياد قاله... لو عندك أي رد، إحنا كلنا بنسمعك.


    جاد ينظر للجميع، ثم يخفض رأسه في صمت، غير قادر على الرد. سيليا تنظر لزياد بفخر ودموعها لا تزال تملأ عينيها، وتبتسم له بحنان

    بعد لحظة من صمت الأطفال، ينظر مازن بعينيه البريئتين إلى والده جاد. يمسك بلعبته الصغيرة، ويقترب بخطوات مترددة، لكنه يتوقف فجأة في منتصف الطريق، ويقول بصوت خافت لكنه مليء بالوضوح الطفولي


    مازن: (بنبرة حزينة) بابا... أنا مش بحبك.


    الجميع على الطاولة يتجمد في مكانه، ينظرون إلى الطفل الصغير بدهشة ممزوجة بالحزن. جاد يرفع حاجبيه بتعجب، لكن بدلاً من الشعور بالذنب، يظهر تأففه المعتاد


    جاد: (ببرود) مازن، إنت بتقول إيه؟


    مازن: (ينظر إلى والده بجرأة طفولية) بقولك إني مش بحبك... بحب خالو رائد أكتر. هو دايماً بيلعب معايا وبيحضني، لكن إنت دايماً بعيد.


    زياد ينظر إلى أخيه بدهشة، بينما سيليا تضغط شفتيها بقوة لتمنع دموعها من الانهمار. رائد ينظر إلى جاد بنظرة تعبر عن مزيج من الغضب والأسف


    جاد: (بتنهيدة ثقيلة وتأفف) مازن، ما تبقاش درامي كده. أنا أبوك، يعني لازم تحبني، ده الطبيعي.


    مازن: (ببراءة حزينة) مش لازم. الحب بيجي لوحده. وإنت عمرك ما حاولت تخلي حد يحبك، حتى ماما...


    كلمات مازن الصغيرة تضرب الجميع كالصاعقة. ثريا تضع يدها على فمها مصدومة، بينما كريم يهز رأسه بخيبة أمل. جيسي تنظر إلى أخيها جاد بتوتر، غير قادرة على التدخل. سيليا تمسك بيد ابنها بلطف، ثم تقف بجانبه وكأنها درعه الحامي


    سيليا: (بهدوء) جاد، مازن مش بيبالغ. الحقيقة واضحة في عيون الأطفال، وأظن كلامه دليل كفاية على اللي عملته فينا السنين اللي فاتت.


    جاد ينظر إلى الجميع، ثم يهز رأسه بلا مبالاة ويقف من على الكرسي


    جاد: (بصوت متأفف ومستفز) خلاص، زهقت من الدراما دي. لما تخلصوا تقلبوا العشا لحفلة مشاعر، ابقوا قولولي.


    جاد يخرج من الغرفة دون أن يلتفت إلى الوراء، تاركاً الجميع في حالة من الصدمة الصامتة. مازن يمسك بيد أمه بشدة، بينما زياد يربت على كتفه بحنان، وكأنهم معاً أقوى من غياب والدهم العاطفي. ثريا تقترب من الأطفال وتضمهم بحنان، محاولة تخفيف الألم الذي زرعه ابنها في قلوبهم


    ثريا: (بحزن) حقكم عليا، يا حبايبي... إحنا هنا عشانكم.


    سيليا تنظر لأطفالها بحب وتصميم، وتهمس لنفسها بهدوء وكأنها تعدهم بمستقبل أفضل


    جيسي تجلس على الطاولة، ملاحظة ما حدث للتو، وتبدأ تضحك بسخرية، بينما تراها سيليا بتوتر. جيسي تحاول فرض سطوتها، غير مكترثة بمشاعر أحد


    جيسي: (ساخرة) بجد يا سيليا؟ جايبالي الولاد دول يشتكوا من أبوهم قدامنا؟ بقى لهم عقل دلوقتي؟ ده أكيد أنتِ اللي مليتي دماغهم بكلام فارغ. إيه يعني لو جاد مش بيهتم بيهم؟ هما مش محتاجين حب ولا اهتمام، دول عندهم ألعاب ولبس جديد وخلاص!


    سيليا تحاول أن تظل هادئة، لكنها تكاد تشتعل من الداخل. جيسي تواصل في سخريتها، غير مهتمة بالأجواء المحبطة التي سادت بين الجميع


    جيسي: (بتعالي) مش عارفة ليه مش قادرين تتقبلوا الحقيقة! جاد مش غلطان، هو مش ملزم يكون بطل عاطفي. أنتم اللي لسه متعلقين بفكرة الأب المثالي اللي في أفلام الخيال.


    ثريا تبتسم ابتسامة متوترة، لكنها لا تستطيع أن تقاوم، فتقف فجأة من مكانها لتواجه جيسي بحزم


    ثريا: (بغضب خفيف ولكن بحزم) جيسي، مش دي الطريقة اللي هنتعامل بيها مع الأطفال دول. أنتِ لو فاكرة إن الكلام ده يمر من غير حساب، تبقى غلطانة. سيليا مش ناقصة تعليقاتك السخيفة.


    جيسي تتنهد بتكبر وتحدق في ثريا، لكنها لا ترد مباشرة، بل تدير وجهها بحقد


    جيسي: (بسخرية) آه، طبعاً، فالأطفال دول أصبحوا معصومين من الخطأ دلوقتي، مش كده؟ لكن لو كنتِ شايفة إن كلامي مش صحيح، ليه أنتم عايشين في نفس البيت مع اللي حصل؟


    ثريا: (بغضب) أنا مش هسمح لك تهيني أولاد سيليا قدامنا، ولا حتى تسخري منهم. نضوجهم مش من حقك تحكمي عليه. سيليا حرة في تربية أولادها بالطريقة اللي تشوفها مناسبة.


    جيسي تحاول أن ترد، لكن كلام ثريا كان حاسماً جداً. ثريا تنظر إلى سيليا وتطمئنها بنظرة داعمة، بينما تلتفت جيسي بحنق إلى جانب آخر من الغرفة


    جيسي: (بهمس مستفز) آه، طبعاً، كلكم ضدي.


    ثم تترك الجميع في الجو المشحون، بينما سيليا تشد يدي أولادها برفق، مع نظرة مليئة بالحزم والثقة، تدرك أن الأمور لن تعود كما كانت. كريم يراقب الموقف بصمت، ثم ينظر إلى ثريا ويهمس لها بابتسامة حزينة


    كريم: (بهمس)  الأمور هتتحسن، بس لازم نكون جنبهم أكتر.


    ثريا تبتسم برقة، وتربت على كتف سيليا، وهي تعلم أن دعمها لهم هو المفتاح للمستقبل


    الجميع في غرفة الجلوس بعد العشاء، ومازن، الذي يبلغ من العمر ثلاث سنوات، يجلس على ركبتي سيليا، وهو يتحدث ببراءة وهو يلوح بيديه


    مازن: (ببراءة، وهو يبتسم) ماما، خالو ريان طيب جداً!


    سيليا تبتسم بحنان وتضع يدها على رأسه


    سيليا: (بلطف) إيه اللي عمله خالك ريان علشان تحبه كده؟


    مازن: (بحماس) خالو ريان بيحكي لي قصص حلوة قوي! دايماً بيضحك معايا وبيخليني ألعب معاه، وهو مش زي بابا جاد... بابا جاد مش بيبص عليا ولا على زياد، بس خالو ريان دايماً معايا... (يتوقف للحظة ثم يواصل) خالو ريان بيقول لي إني شاطر!


    سيليا تشعر بألم في قلبها ولكنها تخفيه بابتسامة، بينما جاد وأسرته يبدو عليهم الاستغراب، خاصة جيسي التي ترفع حاجبها في دهشة


    جاد: (بدهشة، بنبرة متعالية) خالك ريان؟! مين ريان ده؟


    سيليا تنظر إلى جاد بنظرة هادئة، لكنها تختار ألا ترد مباشرة على سؤاله. ثم تنظر إلى مازن وتبتسم له بحنان


    سيليا: (بلطف) ريان هو أخويا، يا حبيبي، وهو إنسان طيب قوي.


    جيسي تدخل في الحديث بتعجب، وعلامات الاستفهام تظهر على وجهها


    جيسي: (بحقد وكأنها لا تصدق) أخوكي؟! يعني ريان ده، شقيقك؟! ده إزاي؟!


    الجميع يتبادل النظرات في حالة من الاستغراب، بينما مازن يظل جالسًا مبتسمًا، غير مدرك لتأثير حديثه على المحيطين


    مازن: (ببراءة) أيوة! خالو ريان هو دايماً معايا!


    ثريا تتدخل، محاولة أن تكون مهذبة رغم استغرابها


    ثريا: (بلطف) بس هو مش في مصر، مش كده؟ ليه ما سمعناش عن ريان ده قبل كده؟


    سيليا تشعر بالحرج من الأسئلة ولكنها تظل ثابتة في إجاباتها، تبتسم بشكل هادئ


    سيليا: (بهدوء) ريان ساكن في مكان بعيد عنكم، بس هو قريب مني.


    الجميع يظل في حالة صمت، يستوعبون ما قالته سيليا، وجاد يبدو عليه الغضب المختلط بالاستفهام. جيسي لا تستطيع أن تخفي دهشتها


    جاد: (بتهكم) يعني عندك أخ اسمه ريان ومحدش فينا يعرفه؟ دي أول مرة نسمع عنه.


    سيليا تشعر بأن الأمور بدأت تصبح معقدة أكثر، ولكنها تبقى هادئة ومتماسكة


    سيليا: (بتحفظ) ريان كان في مكان بعيد، وده مش وقت الحديث عن الماضي، أنا هنا دلوقتي مع أولادي.


    الموقف يصبح محملاً بالشكوك والدهشة، والجميع يبادل بعضهم النظرات الحائرة


    الجميع في الغرفة يشعر بالحرج والاستغراب بعد حديث مازن عن ريان. كريم، والد جاد، يلاحظ الجو المشحون في الغرفة ويحاول تهدئة الأجواء


    كريم: (بتفهم، وهو ينظر إلى جاد وجيسي) كفاية كده، يا جماعة، لازم نهدأ شوية. يمكن الموضوع مش زي ما إحنا فاكرين.


    ثريا: (بابتسامة هادئة، محاولة تغيير الموضوع) صحيح، يمكن يكون في سوء فهم. مش لازم نضغط على سيليا دلوقتي.


    كريم يلتفت إلى سيليا بتعبير طيب وحنون


    كريم: (بمودة) سيليا، إحنا عارفين إنك مررتي بظروف صعبة، ودايماً كان عندنا نية طيبة معاكِ ومع الأولاد. موضوع ريان ده ممكن نتكلم عنه في وقت تاني لما تكوني مستعدة.


    جيسي تنظر إليهم باستهزاء، ثم تلتفت إلى سيليا بعينين مشككتين


    جيسي: (بتنفس ساخر) أوكي، يعني الموضوع كله ملوش علاقة لنا، صح؟ ريان ده جاي منين يعني؟ ياريت تحترمي ذكائنا شوية.


    لكن كريم يتدخل بسرعة لتهدئة الموقف


    كريم: (بصوت هادئ) جيسي، كفاية. مش وقته نفتح مواضيع مؤلمة. سيليا تحت ضغط كفاية.


    ثريا تضع يدها برفق على يد جيسي، محاولة تهدئتها


    ثريا: (بهدوء) جيسي، بلاش تعقيد الأمور. الموضوع ده ممكن يكون له تفسير آخر، وكل واحد فينا عنده أسرار وخصوصيات.


    سيليا تشعر ببعض الراحة بعد أن تتدخل ثريا وكريم وتخففان التوتر، لكنها تبقى صامتة، غير راغبة في الخوض أكثر في الموضوع الآن


    سيليا: (بهدوء) شكراً ليكم يا عمو كريم و طنط ثريا. أنا مش جاهزة دلوقتي للحديث عن كل التفاصيل.


    الجميع يبقى في صمت لحظات، يحاولون استيعاب الموقف والتفكير فيما سيحدث بعد ذلك


    كريم: (بابتسامة خفيفة) طيب، خلونا نوقف هنا دلوقتي. وإحنا كلنا معاكِ يا سيليا. دايمًا حابين نكون بجانبك.


    ثريا: (بلطف) أكيد، مش لازم نتسرع في كل حاجة. المهم إنك لسه معانا.


    جيسي تظل صامتة للحظة، ثم تلتفت بنظرة غاضبة إلى سيليا، لكنها تجلس على الكرسي دون أن تتكلم


    جيسي: (بهمس) زي ما تحبوا.


    المحادثة تتوقف، وكل واحد يشعر بمشاعر متناقضة. الجو في الغرفة يصبح هادئًا، لكن التوتر لا يزال موجودًا في الهواء


    **********************

    في فيلا جليل البحيري ، في غرفة تميم و ليديا، كان تميم قاعد على الأريكة جنب مراته ليديا، وسيلين الصغيرة كانت بتلعب على الأرض جنبهم. الغرفة كانت منورة بضوء خفيف من لمبة الطاولة، وده خلق جو دافيء وهادي في المكان. تميم بصة ليديا بابتسامة هادية، لكن كانت عينيه مليانة حزن.


    تميم: (بصوت هادي) "أوقات بحس إني في حلم... حلم بعيد عن الواقع."


    ليديا: (بتبتسم برقة وبتقعد جنبه) "يعني إيه الكلام ده، تميم؟"


    تميم: (بياخد نفس عميق) "إنتِ عارفة إني فقدت حاجات كتير... بس مش قادر أبطل أفكر في سيليا... في اللحظة اللي كان المفروض أكون فيها جنبها عشان أحميها."


    ليديا: (حطت إيدها على إيده وبصت في عينيه) "إنت كنت هناك علشاننا كلنا. لو ما كنتش رحت في اللحظة دي، مكنش عندنا السلام اللي إحنا فيه دلوقتي. إنت ضابط مخابرات، ولولا ده، كانت حياتنا هتتغير."


    تميم: (بهمسات) "بس احنا خسرناها للأبد "


    ليديا: (بتحاول تهديه) "وأنت دلوقتي معانا، ده المهم. مش هنعيش في الماضي، تميم. إحنا عايشين دلوقتي علشان سيلين."


    تميم: (بص على سيلين، وبعدين رجع يبص على ليديا) "سيلين... شبه سيليا جدًا، مش كده؟"


    ليديا: (بتبتسم وبتلمس شعر سيلين برفق) "أيوه، شبهها قوي. لكن في عينيها كمان بحس بحبنا، وسلامنا."


    تميم: (بصوت حزين) "أوقات، بحس إن في وجه سيلين ملامح من سيليا، وبحس إني بعيش لحظات ضايعة."


    ليديا: (بتحتضن إيده بحنية) "لكن مش هنخلي الماضي يتحكم فينا، صح؟ إحنا عايشين في الحاضر، وبنسعى علشان المستقبل."


    تميم: (بص ليها بعينين مليانين حب وامتنان) "إنتِ صح، ليديا. وإنتِ السبب في قوتي النهاردة. بحبك."


    ليديا: (بتبتسم، وبتحط راسها على كتفه) "وأنا بحبك. مع بعض، هنواجه كل حاجة."


    في اللحظة دي، حس تميم بحياة جديدة بدأت تدخل قلبه. رغم كل الألم والماضي المظلم، كان عنده دلوقتي عيلة بيحبها، وهو مستعد يحمى عيلته مهما كانت التحديات.


    ********************

    في فيلا فؤاد البحيري  ، كان ريان قاعد على الأريكة في غرفة الجلوس، بيفكر في عيون والده فؤاد. كان التوتر مالي قلبه، وأفكاره بتجري بسرعة بين الماضي والحاضر. بعد شوية من الصمت، قرر يسأل السؤال اللي كان شاغل باله من ساعة ما اكتشف الحقيقة.


    ريان (بصوت واطي ومتردد):

    "بابا...  أنت عندك أخت؟"


    فؤاد (مستغرب ورافع حاجبيه):

    "أخت؟... يعني إيه؟ ما عنديش أخت."


    ريان (مستغرب شوية، وبيحاول يخفي توتره في صوته):

    "يعني مفيش واحدة من العيلة... كنت فكرت إنك ممكن يكون عندك أخت أو حاجة زي كده؟"


    فؤاد (بص له مش فاهم، وبعدين هز راسه):

    "لا... مفيش أخت. عندي أخويا جليل وأنت عارف ده كويس. ليه بتسأل؟"


    ريان (بيحاول يتظاهر إنه مش مهتم، لكن عينيه بتكشف قلقه):

    "لا... كنت بفكر في حاجة... ممكن يكون سؤال غريب. مفيش حاجة."


    فؤاد (تنهد شوية، وبعدين ابتسم بابتسامة هادية):

    "ممكن تكون متوتر بسبب حاجات تانية. ما تشيلش هم. كله تمام."


    ريّان ابتسم ابتسامة خفيفة، وبعدين طأطأ راسه شوية وهو بيحاول يتمالك نفسه. لكن جواه، كان قلبه بيدق بسرعة


    بعد فترة قصيرة، كان يوسف قاعد مع ريان فأوضته. الجو كان مشحون بالتوتر، والضوء الخافت كان بينعكس على وشوشهم، وريان قاعد بيبص في موبايله من غير ما يظهر عليه أي اهتمام، بينما يوسف كان بيراقب توتره. من كام يوم، كان ريان باين عليه حاجة غريبة، وكل ما يوسف يحاول يسأله، كان بيتهرب من الإجابة. لكن النهاردة، قرر يوسف إنه مش هيسكت لحد ما يعرف الحقيقة.


    يوسف (بصوت جاد، وبص له بتوجس):

    "ريان... في حاجة مش طبيعية معاك، أنا عارفك كويس، وعمرك ما كنت كده. ليه أنت متوتر؟ في حاجة مقلقاك؟"


    ريان (بيحاول يظهر هادي، لكن مش قادر يخبي توتره):

    "مفيش حاجة، يوسف... أنا كويس، يمكن الشغل والمشاكل اليومية اللي بتتراكم."


    يوسف (ينحني للأمام، عينيه متثبتة في عيون ريان):

    "أنت مش كويس، وأنا عارف. مش زيك... دايمًا كنت بتقول لي كل حاجة. إيه اللي بيحصل؟"


    ريان (بيبتسم بحزن، وبعدين بيحط الموبايل جنب):

    "يوسف... أرجوك، خلي الموضوع يعدي. مفيش داعي تدور على حاجات ما ليهاش قيمة."


    يوسف (بعناد، صوته بيزيد إصرار):

    "ريان، أنا أخوك، مش غريب عليك. لو في حاجة... لازم تقولي. مفيش حاجة لازم تحتفظ بيها جواك."


    ريان (بيغمض عينيه لحظة، وبعدين بيأخذ نفس عميق، بيقرر يواجه الحقيقة):

    "يوسف... في حاجة كبيرة... حاجة مش سهلة أقولك عليها."


    يوسف (باندهاش، مش قادر يخبّي قلقه):

    "إيه فيها؟ قول لي... مفيش حاجة في الدنيا تستاهل إنك تحملها لوحدك."


    ريان (بينفخ بعمق، وبعدين بيبص في عيني يوسف):

    "سيليا... هي... لسه عايشة."


    يوسف (مفاجأ، فمه بيفتح من الصدمة، ويقوم فجأة):

    "إيه؟! إزاي؟! إزاي... إزاي هي لسه عايشة؟"


    ريان (بيخفض رأسه شوية، وحاسس بتأنيب الضمير):

    "أنا وعدتها إني ما أقولش لحد... لكن هي ما ماتتش، يوسف. هي موجودة."


    يوسف (رجف، مشاعره متداخلة بين الدهشة والألم):

    "لكن... إزاي؟... إزاي؟ هي كانت... كانت ميتة... إزاي عاشت؟"


    ريان (بيبص للأرض، وحاسس إن يوسف مش عارف كل حاجة):

    "كانت مؤامرة، يوسف... الأمور معقدة قوي. وهي دلوقتي... في مكان تاني. لكني وعدتها إني هاسكت."


    يوسف (وقف مش قادر يتكلم لحظة، صدمته ملياها، وبعدين همس بصوت واطي):

    "لكن... ليه؟ ليه؟... إزاي هي عايشة هناك؟ وإزاي... إزاي قدرت تتحمل وحدها كل السنين دي؟"


    ريان وقف جمب يوسف، وتنهد، وهو حاسس إن السر ثقيل عليه جدًا، ويوسف فضل في حالة صدمة، مش قادر يستوعب اللي سمعه، وعينيه بتسأل عن المستقبل، وعن الألم اللي مروا بيه كلهم طول الست سنين اللي فاتت.


    ريان (بيحاول يهدّيه، حط إيده على كتفه):

    "هي عايشة، يوسف... هي كانت عايشة طول السنين دي. لكن كان لازم أخبي عنك كل حاجة. وعدتها."


    يوسف (بصوت مرتجف، أخد نفس عميق وبعدين قام فجأة):

    "لو هي عايشة... ليه ما قولتناش؟ ليه ما خبرتنيش؟ كان ممكن أكون جنبها! ليه كل ده؟!"


    ريان (خفض رأسه، بصوت حزين):

    "كان لازم ألتزم بوعدي، يوسف. هي كانت في خطر، وكل حاجة كانت عشان تحميها. ما كانش لازم يعرف حد."


    يوسف (شعر بفرحة شديدة فجأة، وعينيه لامعة):

    "لكن هي عايشة! ده الأهم! هي عايشة! أنا... مش قادر أصدق، ريان، مش قادر أصدق. لازم أخدني ليها، لازم أشوفها، لازم أكون جنبها بعد كل اللي حصل."


    ريان (بتردد، باين عليه الصراع الداخلي):

    "ما ينفعش تروح لها، يوسف. وعدتها إني ما أخبرش حد... وما كانش لازم هي تكون في خطر."


    يوسف (وعينيه مليانة رجاء):

    "لكن ممكن أشوفها، صح؟ ممكن تخليني أشوفها؟ مش قادر أعيش وأنا مش عارف هي إزاي! في أي طريقة؟"


    ريان (بصوت واطي، حاسس بثقل الموقف):

    "في فرصة... يوم من الأيام لما تروح الكلية... أنا معيد هناك. ممكن تشوفها من بعيد."


    يوسف (ابتسم، وقلبه بيدق فرحة وأمل):

    "على الأقل ده حاجة... شكراً يا ريان، شكراً."


    يوسف ابتسم لأول مرة من سنين، كأن جزء من قلبه رجع للحياة، لكنه عارف إن لقاؤه بسيليا هيكون محاط بالقيود. ريّان فضّل ساكت، بيحاول يسيطر على مشاعره، لأنه مش قادر يكسر وعده رغم رغبته العميقة إنه يشوف أخته ويسمع صوتها تاني.


    ********************


    في مقر للمخابرات ، كان تميم يخطو بسرعة نحو مكتب أدهم  ملامحه مشدودة وتعب وجهه من قلة النوم. دخل المكتب ووجد أدهم جالسًا على مكتبه، يراجع بعض الأوراق.


    تميم، بتوتر، سأل:

    – أدهم، فين زين؟


    أدهم رفع رأسه من الأوراق، وقال بصوت هادئ:

    – زين في مهمة ميدانية، مش هنا دلوقتي.


    تميم، محاولًا إخفاء القلق في صوته، رد سريعًا:

    – مهمة؟ طيب، هيرجع  امتا؟ 


    أدهم نظر إليه للحظة، ثم قال بحذر:

    – ما عنديش فكرة عن الوقت، المهمات دي غالبًا بتأخذ وقت طويل.


    ثم، بشكل غير متوقع، زل لسان أدهم وقال:

    – بس لو كنت بتسأل عن سيليا، فهي لسه عايشة.


    تميم تجمد في مكانه، وعينيه اتسعت في صدمة غير قابلة للتصديق. كانت الكلمات التي خرجت من أدهم كالصاعقة التي ضربت رأسه، ولم يستطع استيعاب ما سمعه.


    – إزاي؟ سيليا... لسه عايشة؟


    أدهم، الذي أدرك الآن خطأه الفادح، حاول أن يشرح بسرعة:

    – تميم، أنا آسف... ما كانش لازم أقول كده. بس زين اكتشف إنها لسه حية.


    تميم، وقد بدأ قلبه يخفق بسرعة، ابتعد خطوة إلى الوراء، وعينيه مليئة بالدهشة:

    – ازاي؟ اختفت ليه؟ و ليه ما حدش قال لنا؟


    أدهم، في محاولة لتوضيح الموقف، قال:

    – التفاصيل مش واضحة، بس الحقيقة إنها عايشة. زين كان بيدور عليها و لقاها.


    تميم ظل في مكانه، عقلها مشوشًا، جسده شبه متجمد من وقع المفاجأة. بعد لحظات من الصمت، همس تميم بصوت مكسور:

    – سيليا... لسه عايشة...


    #قيود_العشق2 

    فصل 17

    تميم خرج من المكتب بخطوات ثقيلة، أنفاسه تتلاحق، وكأنه يحاول استيعاب الصدمة. المشهد في ممر المقر بدا غريبًا، وكأن كل شيء حوله يتحرك ببطء شديد. همهمات الموظفين وضجيج الهواتف، حتى خطواته، كانت كلها تبدو كأنها جزء من حلم غريب.


    توقف للحظة عند باب المقر، التفت حوله وكأنه يبحث عن شيء. لم يكن يعلم ما الذي يجب أن يفعله الآن. شبح سيليا الذي كان يطارده في كوابيسه طوال السنوات الست الماضية عاد ليطارده الآن، ولكن في يقظته.


    تمتم لنفسه بصوت مبحوح:

    – "سيليا... مش ممكن... كانت ميتة. شفت الجثة. شفت النار اللي حرقتها. ازاي؟"


    ركب سيارته ويداه ترتجفان على عجلة القيادة. جلس للحظات يحاول تهدئة نفسه، ولكن الصور القديمة اجتاحت ذاكرته كالعاصفة. سيليا وهي تذل و تهان... وجهها البريء المليء بالدموع... أخبار موتها المفاجئ... جنازتها... والآن، الحقيقة التي قلبت كيانه.


    شغل السيارة وانطلق بلا وجهة محددة. عقله كان يغلي بأسئلة لا نهاية لها. كيف ظلت سيليا على قيد الحياة؟ ولماذا لم تتصل بالعائلة؟ ومن هؤلاء الذين أخفوها؟ وما الذي حدث لها خلال السنوات الماضية؟


    توقف عند مكان هادئ على جانب الطريق. ترجل من السيارة وسار بخطوات متوترة باتجاه حافة صغيرة تطل على البحر. وقف هناك، والرياح الباردة تعبث بشعره، بينما كان نظره مثبتًا على الأفق.


    أخرج هاتفه بتردد، وبدأ يفتح قائمة الأسماء. بحث عن اسم "زين" ثم توقف. يده كانت ترتجف بشدة. ضغط على الاسم وأخذ الهاتف يرن. بعد ثوانٍ، جاء صوت زين الهادئ:

    – "أيوة، تميم؟"


    تميم، بصوت متوتر وكأنه يلهث:

    – "زين... سيليا... إنت لقيتها؟"


    زين تنهد بصوت مسموع، وكأنه كان يتوقع هذا الاتصال.

    – "تميم، مش وقتها دلوقتي... الموضوع معقد جدًا."


    تميم رفع صوته بغضب:

    – "مش وقتها إيه؟! أنا مش هستنى دقيقة واحدة! لازم أعرف كل حاجة دلوقتي! فين هي؟"


    زين، محاولًا تهدئته:

    – "تميم، أرجوك تهدى. أنا مش هقدر أقول أي حاجة في التليفون. تعالى نتقابل ونتكلم بهدوء."


    تميم ضغط على أسنانه وأغلق الهاتف قبل أن يرد زين. عاد إلى سيارته، وانطلق بسرعة جنونية. عقله كان مشوشًا بين الحزن، الغضب، والفرحة المختلطة بالخوف. شيء واحد كان واضحًا في ذهنه...

    – "أنا لازم أشوفها... مهما كان الثمن."

    ********************


    في مقر الجماعات الارهابية في الصحراء ، فأوضة ضلمة، في نصها ترابيزة خشب قديمة حواليها رجالة مسلحين. قائد الجماعة، حسن، قاعد على رأس الترابيزة، ملامحه غاضبة وعنيه فيها تركيز. الكل ساكت ومركز معاه.


    حسن (بصوت حاد): "سيليا لسه خطر علينا. مش عاوز أي غلطة، لازم نخلص منها بسرعة."


    واحد من الرجالة: "بس هي دلوقتي تحت حماية الحكومة، صعب نوصلها."


    حسن (بعصبية): "مافيش حاجة اسمها صعب. لو تحت حماية، نستهدف اللي بيحموها. شغلوهم في حتة تانية."


    واحد تاني: "أنا شايف نراقب تحركاتها. يمكن نلاقي فرصة وهي لوحدها."


    حسن: "راقبوها كويس. مش عاوز أي حد يتحرك من غير ما أعرف. ولو مافيش فرصة، إحنا اللي هنخلقها."


    الرجالة بيهزوا راسهم بالموافقة وبيبدأوا يناقشوا تفاصيل الخطة.


    حسن (بصوت واطي وحاسم): "افتكروا، دي آخر فرصة ليكم لو فشلتم."


    الصمت يسيطر على المكان، والرجالة يخرجوا من الأوضة عشان ينفذوا الأوامر.

    ********************

    في فيلا البحيري ، فأوضة ريان ريان (بيحاول يلتقط أنفاسه، وحاسس إن اللي هيقوله هيكون أصعب):

    "يوسف... في حاجة تانية لازم تعرفها."


    يوسف (بعينيه مليانة قلق وترقب):

    "إيه؟ قول لي، ريان، أنا مش هقدر أستحمل نص الحقيقة."


    ريان (بتردد، بيحاول يختار كلماته بعناية):

    "عندنا عمة اسمها ليلى؟"


    يوسف (باندهاش):

    "عمتنا ؟! إيه اللي بتقوله ده؟!  و ليه ما حدش عمره اتكلم عنها."


    ريان (بتنهيدة عميقة):

    "هي السبب إن سيليا عايشة. هي اللي أنقذتها."


    يوسف (بصدمة، قرب خطوة من ريان):

    "إيه؟! يعني إيه أنقذتها؟ منين طلعت ليلى دي فجأة؟! وإزاي أصلاً ما حدش قال لنا عنها حاجة؟!"


    ريان (بهدوء، لكن صوته متأثر):

    "بعد اللي حصل مع سيليا... لما هربت، ليلى كانت في المكان الصح في الوقت الصح. أنقذتها، وأخذتها معاها لمكان بعيد. من وقتها، كانت هي اللي بتعتني بيها، لكن فضلت القصة كلها سر."


    يوسف (بغضب مكبوت):

    "يعني كانت في حياتنا كل السنين دي واحنا فاكرينها ميتة؟! ليه؟! ليه ما قالتش حاجة؟!"


    ريان (بتبرير، وحاول يهدّيه):

    "سيليا كانت خايفة، يوسف. كانت فاكرة إن لو رجعت، هتتكرر نفس القصة. كانت محتاجة تعيش بسلام بعيد عن الألم اللي مرّت بيه."


    يوسف (بصوت مليان غضب):

    "بسلام؟! وهي دلوقتي عايشة بسلام؟! قول لي، ريان، إيه اللي حصل بعد كده؟!"


    ريان (بهدوء، لكنه متردد يكمل):

    "سيليا اتجوزت، من خمس سنين و دلوقتي عندها 3 اطفال 


    يوسف (بنبرة دهشة وغضب مختلط):

    "اتجوزت؟! مين؟! 

    ريان (بحزن واضح):

    "اسمه جاد. لكنه... مش زي ما تتوقع. للأسف، معاملته ليها كانت... قاسية. كان بيهملها، يوسف. بيهجرها لفترات طويلة، كأنها مش موجودة. دلوقتي هيطلقوا."


    يوسف (اشتعل غضبه فجأة، وصوته علي):

    "جاد؟! وده مين ده أصلاً؟! إزاي يتجرأ ويعاملها كده؟! بعد كل اللي مرت بيه؟! كان المفروض يحميها، يعوضها عن كل حاجة، مش يزيد أوجاعها!"


    ريان (حاول يهدّيه، لكنه هو نفسه متأثر):

    "يوسف، أنا فاهم غضبك، لكن سيليا كانت بتحاول تعيش حياتها بعيد عن كل حاجة، بعيد عن الماضي. ما كنتش تقدر تتحكم في قراراتها كلها."


    يوسف (بصوت مليان حقد و غضب):

    "مش هسيبها تتأذى أكتر. جاد ده لازم يتحاسب. أنا مش هقف أتفرج عليها بتتألم تاني، و تاني، ازاي ليلى دي تقبل بده تعرف، قبل 5 سنين سيليا كان عندها 17 سنة، عارف أنها طفلة متمتش السن القانوني، و أنت بتقول أنها هتطلق، تتطلق وهي عندها 21 سنة و معاها 3 أطفال، إيه الجبروت ده؟"


    ريان (بتردد):

    "سيليا ما كانتش عايزة حد يعرف، يوسف. وعدتها إني ما أتكلمش، لكن... حسيت إنك لازم تعرف."


    يوسف (بحزم):

    "وأنا هتدخل، سواء وافقت أو لا. سيليا أختنا، مش مجرد سر. لو جاد دا مش هيقدّرها، يبقى هو اللي خسر، لكن هي مش هتخسر أكتر من كده."


    ريان (بابتسامة حزينة):

    "بس حاول تكون هادي، يوسف. سيليا محتاجة دعمنا، مش مشاكل جديدة."


    يوسف (بثبات، لكن غضبه واضح):

    "الدعم ده هيوصلها، وأكتر من اللي تستحق. محدش هيقرب منها تاني إلا وهو عارف قيمتها."


    ريان سكت، وفضل يراقب أخوه اللي كان الغضب والشغف ظاهرين عليه. يوسف كان عازم على استرجاع سيليا، سواء عاطفيًا أو واقعيًا، ومهما كلفه الأمر

    **********************


    بعد عدة أيام ، ريان ويوسف قاعدين في عربية ريان قدام باب الجامعة. الجو هادي برة، والطلبة داخلين الجامعة واحدة واحدة. ريان باين عليه التوتر، ويوسف متحمس وبيبص من الشباك منتظر يشوفها. فجأة، سيليا ظهرت وهي ماشية بخطوات واثقة ناحية باب الجامعة. يوسف يبصلها في صمت، ودموعه تنزل ببطء.


    يوسف (بصوت مهزوز وهو مركز عليها):

    "ريان... دي هي؟ دي سيليا؟ ... إزاي بقت كده؟ شكلها اتغير جدًا... بقت زي الملاك."


    ريان (بياخد نفس عميق وبص ليوسف):

    "أيوة، دي سيليا... بس مش هي البنت اللي كنا نعرفها. السنين غيرتها كتير... الألم غيرها."


    يوسف (بيمسح دموعه بسرعة، بس عنيه لسه عليها):

    "إزاي قدرت تعدي ده كله لوحدها؟ إزاي عاشت بعيد عننا؟ ريان... أنا حتى مش مستحق أشوفها... بس قلبي مش قادر يتحمل بعد ما شفتها."


    ريان (بصوت هادي بس حاسم):

    "يوسف، هي قوية. سيليا عاشت حاجات صعبة ونجت. بس افتكر، أنا وعدتها إني مش هقول لحد إنها عايشة. هي لسه موجوعة، ومش هتسامح بسهولة."


    يوسف (بياخد نفس طويل وصوته مليان ندم):

    "مش بطلب إنها تسامحني... بس مش قادر أشوفها كده وأعمل نفسي مش واخد بالي. كان نفسي أجري عليها، أحضنها وأقول لها قد إيه وحشتني... بس حتى لو من بعيد، وجودها بيخليني أتنفس."


    ريان (بلهجة مترددة):

    "عارف إحساسك... بس الأحسن نفضل هنا. سيبها تاخد وقتها. سيليا مش البنت الصغيرة اللي كنا نعرفها. دي دلوقتي ست شالت هموم أكبر مننا كلنا."


    يوسف (بيبص عليها تاني، وهي داخلة الجامعة):

    "ريان... أنا مستعد أستنى عمري كله، المهم أعرف إنها بخير. سيليا بالنسبة لي مش مجرد أخت... دي جزء مني كان مفقود. أنا مبسوط بس عشان شوفتها."


    ريان يحط إيده على كتف يوسف، والاتنين يقعدوا في صمت، بيتفرجوا على سيليا وهي بتختفي وسط الناس. اللحظة مليانة حب وندم، بس فيها أمل إن الفرصة جاية عشان يصلحوا اللي اتكسر


    ريان ويوسف ما زالوا في السيارة بعد أن رأيا سيليا من بعيد. يوسف فجأة يتذكر أن ريان أخبره من قبل عن زواج سيليا وأولادها. يدير وجهه نحو ريان بحماس مفاجئ.


    يوسف (بحماس):

    "ريان! لحظة واحدة... أنت قلت لي قبل كده إن سيليا متجوزة وعندها أولاد، صح؟!"


    ريان (بهزة رأس بسيطة):

    "أيوة، عندها تلاتة... زياد و مازن و لينا 


    يوسف (عينيه بتلمع):

    " طب... طب معاك صور ليهم؟ نفسي أشوفهم!"


    ريان يبتسم ابتسامة صغيرة ويطلع موبايله من جيبه. يفتح ألبوم الصور ويبحث عن صور الأولاد. بعد لحظات، يدير الموبايل ويوجهه نحو يوسف.


    ريان (بهدوء وهو بيوريه الصور):

    "اتفضل... دي صورة لزياد ومازن وهما بيلعبوا ، ودي صورة للينا وهي نايمة في حضن سيليا."


    يوسف يثبت نظره على الصور، وابتسامة كبيرة تملأ وجهه، وعينيه تدمع من الفرحة.


    يوسف (باندهاش وفرحة):

    "ياااه... دول ملايكة! زياد شبهها جدًا... نفس العيون! ومازن شكله شقي أوي. ولينا... دي حتة سكر! مش مصدق إن دول أولاد أختي."


    ريان (بصوت هادي):

    "سيليا بتحبهم جدًا. هما السبب اللي خلاها تقدر تكمل وتواجه كل اللي عدّى عليها."


    يوسف (بفرحة ممزوجة بالأسى):

    "كنت نفسي أشوفهم من زمان... كنت نفسي أكون موجود في حياتهم. بس أنا مبسوط إنهم مع أمهم... سيليا أكيد أم عظيمة."


    ريان (بنبرة جادة):

    "وأكتر من كده. هي بتعمل كل حاجة عشانهم، رغم كل التعب اللي مرت بيه."


    يوسف (بحماس):

    "ريان... وعدني لما تيجي فرصة، تخليني أشوفهم في الحقيقة. حتى لو من بعيد زي ما شفت سيليا."


    ريان (بابتسامة صغيرة):

    "أوعدك، بس على شرط... سيليا لازم تكون جاهزة لده. متسرعش الأمور."


    يوسف يهز رأسه بالموافقة، وعينيه ما زالت على الصور، وهو يتخيل لحظة لقائه بأولاد أخته لأول مرة.


    يوسف (بحب):

    "سيليا... مهما كانت زعلانة مننا، هي علمتهم يكونوا زيها... قلوبهم نقية ووجوهم بريئة. نفسي أكون جزء من حياتهم، ريان... نفسي أرجّع اللي ضاع."


    ريان يضع يده على كتف يوسف في محاولة لتهدئته، بينما يتركا المكان بقلوب مليئة بالحنين والأمل


    يوسف ما زال ينظر إلى صور أولاد سيليا، ولكن فجأة يتحول وجهه من السعادة والحنين إلى ملامح غاضبة مليئة بالإصرار. يضع الموبايل على الكرسي بجانبه وينظر إلى ريان بنظرة حادة.


    يوسف (بصوت منخفض لكنه مليء بالغضب):

    "ريان... إزاي جاد ده يعامل سيليا بالشكل ده؟ هي وأولادها... إزاي يسيبها تعاني وهي أم أولاده؟!"


    ريان (بحذر):

    "يوسف، أنا عارف إنك زعلان... بس الموضوع معقّد، وسيليا ما كانتش عاوزة حد يتدخل. هي قررت تواجه ده لوحدها."


    يوسف (بنبرة أكثر غضبًا):

    "سيليا أختنا! أنا مش هقف أتفرج عليها وهي بتتوجع... لو هو راجل فعلاً، ماكانش يسيبها تعاني بالشكل ده. جاد ده هيعرف قيمتها غصب عنه."


    ريان (يحاول تهدئته):

    "يوسف، أنا فاهم اللي حاسس بيه، بس سيليا مش عايزة المشاكل تزيد. هي دلوقتي قررت تطلب الطلاق وتركز على نفسها وأولادها. أهم حاجة دلوقتي إننا ندعمها، مش نزود عليها الأعباء."


    يوسف (بإصرار):

    "أنا مش ناوي أعمل مشكلة. بس أوعدك، لو شفته في يوم من الأيام... هيفهم إنه مش من حقه يعاملها بالطريقة دي. سيليا مش لوحدها، وأنا مش هسمح لأي حد يقلل منها أو يؤذيها تاني."


    ريان (يتنهد):

    "طيب، بس وعدني إنك تفكر كويس قبل ما تعمل أي خطوة. سيليا محتاجة دعمنا بهدوء، مش مشاكل جديدة."


    يوسف (بحزم):

    "مفيش مشاكل، ريان... بس أنا كمان مش هسكت. جاد لازم يعرف إن سيليا ليها إخوات ورجالة وراها، وإن اللي عمله فيها مش هيعدي بسهولة."


    ريان ينظر إلى يوسف بإعجاب ممزوج بالقلق، يدرك حماس يوسف لحماية شقيقته لكنه يخشى أن يتحول الغضب إلى مواجهة مباشرة تزيد الأمور تعقيدًا. يوسف يعيد نظره إلى الصور، وابتسامة صغيرة تظهر وسط ملامح غضبه.


    يوسف (بهدوء وهو ينظر للصور):

    "سيليا... هتشوفي يوم، وإحنا كلنا هنبقى جنبك. الجرح اللي سببه جاد هيتعالج، وهتعيشي حياة تستاهلها."


    ريان يضع يده على كتف يوسف في محاولة لتهدئته، بينما يشعر كلاهما بمسؤولية كبيرة تجاه أختهما التي عانت كثيرًا

    *****************


    عاد زين من مهمته الميدانية، وعيناه تحملان شعورًا غريبًا من القلق والترقب. وصل إلى المكتب حيث كان تميم يجلس على مكتبه يراجع بعض التقارير، وكأن شيء ما قد تغير بينهما بعد تلك اللحظات التي انفجر فيها أدهم بالكلمات التي غيرت كل شيء.


    زين اقترب من تميم، وألقى نظرة حادة عليه قبل أن يتحدث بجدية:

    – تميم، لازم نتكلم.


    تميم رفع عينيه ببطء من الأوراق، وعيناه مليئة بالتساؤلات والدهشة. كان يدرك أن زين يخبئ شيئًا مهمًا، وكان قلبه ينبض بشدة بسبب الموضوع الذي دار في ذهنه طوال الأيام الماضية.


    – عن إيه بالضبط؟


    زين أخذ نفسًا عميقًا، وأغلق الباب خلفه ليمنع أي شخص من سماع ما سيقال:

    – عن سيليا.


    تميم تجمد في مكانه، وكأن الكلمات التي سمعها كانت صادمة مرة أخرى. أغمض عينيه لفترة قصيرة، ثم سأل بلهجة منخفضة:

    – إزاي؟ إيه اللي حصل؟


    زين اقترب منه أكثر، وعيناه مليئتان بالتصميم:

    – سيليا لسه عايشة، تميم. الحقيقة كلها ظهرت قدامي، واللي حصل قبل سبع سنين كان غير اللي كنا فاكرينه.


    تميم، وقد بدت عليه ملامح الصدمة، تكلم بصوت مرتجف:

    – يعني... مامتتش؟


    زين هز رأسه وقال بصوت حازم:

    – لا. هي عايشة، متجوزة، وعندها حياة جديدة.


    تميم، وقد أصبحت ملامحه أكثر تكتلًا، نظر إلى زين باحثًا في عينيه:

    – بتقول إيه؟ يعني هي كانت... لسه عايشة طول الوقت ده؟


    زين جلس أمامه، وبدأ يروي له كل شيء بتفاصيل دقيقة:

    – لما رجعت من مهمتي قبل 3 شهور، عرفت الحقيقة من مصدر موثوق. سيليا كانت في حياة جديدة، بس مش في المكان اللي كنا فاكرينه. هي هربت منكم بعد ما كنتوا فاكرين إنها ماتت. والسبب في كل ده كان الخوف من العائلة، من وصمة العار اللي تم إلصاقها بيها.


    تميم ظل ساكتًا للحظة، ثم سأله بقلق:

    – ليه ما قالتلناش؟ ليه ما رجعتش؟


    زين قال بصوت منخفض، وكأن الحقيقة كانت ثقيلة عليه:

    – لأنها كانت متأثرة جدًا، وأنت عارف الكارثة اللي حصلت مع العائلة. الناس كانوا عايشين في شكوك وأحكام ظالمة. سيليا اختارت الهروب عشان تحمي نفسها.


    تميم، وقد بدأ يسيطر على مشاعره، قال بصوت حاد:

    – وما كنتش عارف من قبل؟ زين... ليه ما قلتليش من البداية؟


    زين نظر إليه بتمعن وقال، وهو يحاول إخفاء الحيرة في صوته:

    – كنت خايف، تميم. خايف إنك تنصدم زي ما أنا اتصدمت. الحقيقة أكبر من أي حاجة كنا متوقعينها.


    تميم تنهد بعمق، وعيناه تائهتان في الزمان والمكان، وعينيه مليئة بالندم:

    – يعني كل السنين دي كانت كذب؟ أنا كنت عايش في وهم؟


    زين جالسه أمامه وقال بصدق:

    – كلنا كنا عايشين في وهم، تميم. الحقيقة أخفتها سيليا عن الكل، وده كان اختيارها. بس دلوقتي، لو عايز تلاقيها، لازم تتقبل الحقيقة بالأول.


    تميم نظر إلى زين، ثم أغلق عينيه للحظة وكأنما يعيد ترتيب كل شيء في عقله، قبل أن يقول بصوت خافت:

    – لازم نلاقيها. مش هسمح لحد تاني ياخدها مننا

    ******************


    في أحد أروقة الجامعة، كان ريان يسير بهدوء وهو يحمل بعض الأوراق في يده، وفجأة يلتقي بسيليا التي كانت تخرج من أحد القاعات. ابتسمت سيليا لرؤيته، وهو رد الابتسامة بحب وأخوة. يقترب منها ريان بحذر، يحاول أن يظهر رغبته في التحدث معها، لكنه يشعر بشيء من التوتر.


    ريان (بابتسامة ودية):

    "إزيك يا سيليا؟ عامل إيه؟"


    سيليا (بابتسامة خفيفة ولكنها مرهقة):

    "أنا بخير، إنت عامل إيه؟ كل حاجة تمام؟"


    ريان (بصوت منخفض وهو يقترب أكثر):

    "تمام الحمد لله... بس انتِ شكلك متعبة شوية. كده المذاكرة مش هتنجح."


    سيليا (تبتسم بحزن):

    "أيوة... الدراسة مش سهلة. وفيه حاجات لازم أركز فيها. بس... مش مشكلة، هتعدي."


    ريان (بتشجيع):

    "مش هتعدي لو مافيش حاجة مريحة. لو عاوزة تساعدني في حاجة أو لو في أي صعوبة، أنا هنا."


    سيليا (بابتسامة خفيفة):

    "شكراً ليك يا ريان... فعلاً كان نفسي الدنيا تمشي بشكل أسهل من كده."


    ريان ينظر إليها بقلق، يشعر بالألم في قلبه لرؤيتها متعبة بهذه الطريقة. يلاحظ أن سيليا تحاول إخفاء الكثير من مشاعرها وراء ابتسامتها، لكنه يعرف جيدًا أن الأمور ليست على ما يرام.


    ريان (بحنان):

    "إنتِ مش لوحدك يا سيليا، أنا جنبك دايمًا. حتى لو كنتِ مش قادرة تقولي، أنا عارف إن في حاجات بتحزنك. ولو عاوزة أي حاجة، تفضلي قولي لي."


    سيليا (بعيون متأثرة):

    "أنا عارفة... والله عارفة... أنا بس مش عاوزة أزود عليك. أنا مش عايزة أكون عبء على حد."


    ريان (بصوت حازم ولكن مليء بالعاطفة):

    "أنتِ مش عبء، سيليا. إحنا أخوات...  أنا اخوكي و أنتي اختي ،إنتِ عارفة ده. ما فيش حد في الدنيا هيكون جنبك زي ما أنا هكون جنبك."


    سيليا تتنهد قليلاً، ثم تبتسم بصدق، وتضع يدها على ذراع ريان بلطف.


    سيليا (بابتسامة ضعيفة):

    "مفيش حد زيك يا ريان... لو كنتِ عارف إن أنا كنت بحاول أواجه كل حاجة لوحدي، مكنتش هخليك تحس إن في حاجة صعبة. بس الحمد لله، في ناس زيك في حياتي."


    ريان (بابتسامة دافئة):

    "أنا هنا علشانك في كل وقت، سيليا"


    سيليا تشعر بشيء من الراحة، فهي تعرف أنه رغم كل شيء، ستظل تجد في ريان الأخ الذي يحمل قلبًا مليئًا بالحب والدعم. يظل الأخوان يتبادلان النظرات الحانية، وكل منهما يدرك أن حياتهما لن تكون سهلة، لكن معًا سيواجهان كل الصعاب.



    #قيود_العشق2 

    فصل 18&19

    في كافيه هادية - زين وتميم قاعدين على ترابيزة جنب الحيطة


    زين شكله متوتر شوية، وتميم باصص له بنظرات حادة وهو مشدود بعد ما عرف إن سيليا لسه عايشة. الجو مليان غضب وتوتر.


    تميم (بعصبية):

    زين، إزاي كنت عارف إنها عايشة ومقلتش؟ إزاي قدرت تخبي عليا الموضوع ده؟


    زين (بياخد نفس ويحاول يهدي):

    تميم، اسمعني الأول. أنا مكنتش متأكد في الأول، ومكنتش عايز أعمل دوشة أو أقول حاجة تأذيك من غير دليل.


    تميم (مقاطعًا بصوت عالي):

    "مكنتش متأكد"؟! سيليا بالنسبة لي أختي الصغيرة. أنا دفنتها بإيدي! ودلوقتي بتقول إنها عايشة وأنت ساكت طول الوقت ده؟


    زين (بحزم وهو بيحاول يبرر):

    متعليش صوتك عليا يا تميم. أنا مقدر غضبك، ولو كنت مكانك كنت هحس بنفس الحاجة. بس كنت محتاج وقت أتأكد. خليني أشرح.


    تميم (بيضرب الترابيزة بإيده):

    اتكلم!


    زين (بيبدأ بهدوء):

    أول مرة شفتها كان في شغل ميداني. مكنتش عارف هي مين. كانت واقفة قدام بيتها، غضبانة وبتزعق عشان جوزها اللي عرفت إنه بيخونها. ساعتها الموضوع كان شكله مشاكل عادية، لكن مكنتش رابط بينها وبين سيليا اللي كنتوا فاكرين إنها ماتت.


    تميم (ساخر):

    والمرة التانية؟


    زين:

    المرة التانية كانت مختلفة. شوفتها بالصدفة في مول. كان في حاجة في شكلها مألوفة. بدأت أشك، خصوصًا لما لاحظت ارتباكها لما شافتني وحاولت تهرب.


    تميم (بنبرة أهدى شوية، لكن الغضب باين في عينيه):

    وبعدين عملت إيه؟


    زين:

    بدأت أتحرى وطلبت من  أدهم إنه يدور ورا الموضوع. وبعد شوية بحث، اتأكدنا إنها هي. الصدمة كانت كبيرة بالنسبة لي.


    تميم (بضيق عينيه، بنبرة مشككة):

    وإيه اللي عملته بعد ما تأكدت؟


    زين (بصراحة):

    روحت قابلت واحدة اسمها ليلى. هي اللي أنقذتها وخبتها طول السنين دي. ليلى دي عمتك يا تميم. أخت أبوك وعمك فؤاد.


    تميم (غاضب جدًا):

    ليلى؟! عمة مين؟ إحنا معندناش عمة اسمها ليلى!


    زين:

    عارف إن الموضوع صادم، بس الحقيقة إنها أخت أبوك. هي وابنها رائد أنقذوا سيليا لما كنتوا فاكرين إنها ماتت.


    تميم (بيتعصب أكتر وبيقوم فجأة):

    إزاي تعمل كده؟ وإزاي تخبي الحقيقة دي؟


    زين (بيقوم وراه، بيحاول يهديه):

    تميم، اسمعني! أنا مقصدتش أخبي حاجة بنية وحشة. كنت محتاج وقت أفهم القصة كلها. مكنش ينفع أقولك حاجة ناقصة.


    تميم (بياخد نفس عميق وهو بيحاول يسيطر على غضبه):

    زين، دي مش مسألة وقت. دي أمانة. كان لازم تقولي من أول لحظة.


    زين (بيحط إيده على كتف تميم):

    عارف إنك زعلان، وحقك. بس دلوقتي اللي فات مات. المهم دلوقتي إننا نفكر إزاي نرجّع سيليا لأهلها ونصلح اللي اتكسر.


    تميم (بيرجع يقعد وباين عليه إنه سرحان):

    ليلى... عمة؟ وسيليا عايشة؟ الموضوع كبير عليا يا زين. بس عندك حق. لازم نبدأ نصلح كل حاجة.


    زين بيبتسم بهدوء، وتميم بيبص بعيد وهو غرقان في التفكير. واضح إنه قرر يبدأ خطواته عشان يرجع سيليا لمكانها الطبيعي بين أهلها

    ******************


    في منزل ليلى ، سيليا قاعدة على الكنبة في غرفة المعيشة، بتحاول تذاكر لكنها مشغولة بأولادها الصغيرين، و ريان معاها ،راحوا معا بعض عشان يذاكرلها ، 


    ريان (بنبرة مترددة):

    سيليا... ممكن أتكلم معاكي؟


    سيليا (بتسيب الكتاب وبتبص له):

    خير يا ريان؟ شكلك مش طبيعي.


    ريان (بياخد نفس عميق وبيقعد قدامها):

    أنا... أنا محتاج أقولك حاجة، بس أرجوكي تسمعيني للآخر.


    سيليا (بتشد حواجبها باستغراب):

    إيه اللي حصل؟ أنت عملت إيه؟


    ريان (بصوت هادي ومحاول يثبت نفسه):

    يوسف... يوسف عرف الحقيقة.


    سيليا (بتقوم بسرعة وهي مصدومة):

    إيه؟! إزاي؟ مش إحنا اتفقنا إنك مش هتقول لحد؟


    ريان (بحزن وندم):

    ما قلتلوش، هو اللي ضغط عليا. يوسف مش غبي و له عبيط، لاحظ إني متوتر وفضل يسألني ويزن عليا. حاولت أتهرب، حاولت بجد، بس في الآخر انهارت واعترفت.


    سيليا (بتتكلم بصوت عالي وبغضب):

    إزاي يا ريان؟ إزاي تعمل كده؟ أنا وثقت فيك! إنت وعدتني!


    ريان (بيقف ويحاول يهدّيها):

    عارف إني غلطان، وعارف إني خيّبت ظنك. بس يوسف مش هيعمل حاجة تضرّك، وعدني إنه مش هيقول لحد.


    سيليا (بتضحك بسخرية):

    وعدك؟ زي ما أنت وعدتني؟ أنا دلوقتي مش عارفة أصدق مين ولا أعمل إيه.


    ريان (بحزن):

    سيليا، أنا آسف بجد. كان لازم أكون أقوى، بس... يوسف أخوكي برضو. هو زيي، ندمان على كل حاجة حصلت.


    سيليا (بتلف وشها عنه وهي بتحاول تهدي نفسها):

    مش كفاية الندم دلوقتي يا ريان. أنا مش جاهزة أواجههم، ومش عارفة أتعامل مع الوضع ده.


    ريان (بيقرب منها):

    أنا هنا عشانك، وسيليا، يوسف مش هيخونك. هو فعلاً عايز يصلح كل حاجة.


    سيليا (بتهز رأسها وهي مش مقتنعة):

    أنا مش عارفة أصدق ده دلوقتي. سيبني أفكر.


    ريان (بنبرة ندم):

    أنا فعلاً آسف، وأوعدك إني مش هسمح لحد تاني يعرف من غير إذنك.


    سيليا بتلف وشها بعيد، مش قادرة ترد عليه، ريان مش قادر يبصلها 

    **********************


    في شركة البحيري ، أحمد جالس على مكتبه، منهمك في العمل. فجأة، تُفتح الباب دون استئذان، وتدخل سمر بابتسامة مصطنعة وملامح واثقة. أحمد يرفع نظره ليجدها أمامه، وعيناه تمتلئان بالاشمئزاز.


    أحمد (بنبرة حادة):

    إيه اللي جابك هنا يا سمر؟


    سمر (بنبرة ناعمة ومتصنعة):

    وحشتني يا أحمد. قلت أجي أشوفك، يمكن نبدأ صفحة جديدة.


    أحمد (بيرمي القلم بعصبية وبيقف):

    صفحة جديدة؟ إنتي بتهزري؟ بعد كل اللي عملتيه، جاية بكل بجاحة تطلبي ده؟


    سمر (بتتكلم بثقة وكأنها مش سامعة كلامه):

    أحمد، ده كان زمان. كلنا بنغلط. وبعدين، فاكر الأيام الحلوة اللي قضيناها مع بعض؟


    أحمد (بيرد بحدة):

    أيام حلوة؟ إنتي بتستعبطي؟ إنتي كنتي السبب في تدمير أختي، تدمير عيلتي، وجاية دلوقتي تتكلمي عن أيام حلوة؟


    سمر (بتضحك بسخرية):

    تدمير عيلتك؟ ده عشانكم كنتوا أغبياء وصدقتوا كل حاجة بسهولة. أنا مالي؟


    أحمد (بيقرب منها وعينيه مليانة غضب):

    إنتي مالك؟ إنتي اللي زرعتي الشك فينا، إنتي اللي لعبتي على مشاعرنا وسممتي دماغنا ضد سيليا.


    سمر (بتهز كتفيها بلا مبالاة):

    كنت صغيرة ومتهورة. وبعدين، ليه الموضوع كبير كده؟ دي حياتكم مشيت بعدها، مش كده؟


    أحمد (بصوت عالي وغاضب):

    حياتنا مشيت؟ إنتي عندك فكرة إحنا مرينا بإيه بسبب كذبك؟ إنتي دمرت أختي، دمرت ثقتي في كل حاجة، وجاية دلوقتي بكل برود كأنك ما عملتيش حاجة؟ و اختي تحت التراب دلوقتي بسببك يا هانم ، انتي مش مستوعبة حجم المشكلة و الكارثة اللي عملتيها؟؟ 


    سمر (بتحاول تلمس إيده بإغراء):

    أحمد، أنا هنا عشان أصلح كل حاجة. ليه مش بتدي نفسك فرصة؟


    أحمد (بيسحب إيده بسرعة وبنبرة اشمئزاز):

    مش هديكي ولا نفسي أي فرصة. إنتي بالنسبة لي ماضي أسود، وجودك هنا بيخليني أتأكد إنك عمرك ما هتتغيري.


    سمر (بابتسامة مستفزة):

    أنت كده بتقاوم بس، أحمد. بس في الآخر هترجع لي، عارف ليه؟ لأن مفيش حد هيحبك زيي.


    أحمد (بيقفل الملف اللي كان بيشتغل عليه بعصبية):

    لا سمر، مفيش حد هيكرهك زيي. إنتي مجرد ذكرى قذرة بحاول أنساها. وأظن المفروض تمشي دلوقتي قبل ما أفقد أعصابي اكتر و اعمل فيكي جريمة دلوقتي 


    سمر (ببرود وابتسامة ساخرة):

    زي ما تحب، بس أنا هفضل موجودة. هتشوف.


    تخرج سمر من المكتب بخطوات واثقة، بينما أحمد يقف مكانه، يحاول يسيطر على أعصابه. بعد ما تقفل الباب، يضرب مكتبه بيده وهو بيكتم غضبه

    *********************


    على الناحية الاخرى ، مراد جالس على كرسيه، يراجع بعض الملفات. فجأة تُفتح الباب وتدخل شاهي بدون استئذان، بابتسامة متصنعة ونظرة مغرية. مراد يرفع نظره إليها ببرود.


    مراد (بهدوء وبرود):

    فيه حاجة يا شاهي؟


    شاهي (بتتكلم بنبرة دلال مصطنعة):

    مش معقول يا مراد، دايماً رسمي كده معايا؟ جيت أشوفك، قلت يمكن نتكلم شوية ونغير جو.


    مراد (بيرجع بظهره على الكرسي وبيبصلها ببرود):

    نتكلم؟ عن إيه بالظبط؟


    شاهي (بتقرب بخطواتها وبتجلس على الكرسي قدامه):

    عن أي حاجة. عنك، عن حياتك، عن اللي مضايقك... أهو نفضفض.


    مراد (بنبرة جافة):

    ما فيش حاجة مضايقاني، وبصراحة مش محتاج أفضفض مع حد بالخصوص أنتي 


    شاهي (بتحاول تضحك بلطافة):

    يا مراد، أنا مش زي سمر، أنا مختلفة عنها. فاكرني زيها؟


    مراد (بلهجة حادة):

    أيوة، فاكر إنك زيها بالظبط. صاحبتها الروح بالروح، وشبهها في كل حاجة.


    شاهي (بصوت متصنع ومندهش):

    مراد! أنا مش زيها، سمر غلطت، لكن أنا جاية هنا عشان أقولك إني دايماً معجبة بيك، ومن زمان قوي.


    مراد (بيقطع كلامها بسرعة):

    معجبة؟ شاهي، أنا مش مهتم، لا بيكي ولا بأي حاجة ليها علاقة بيكي.


    شاهي (بتحاول تستميله):

    ليه دايماً بتصدني كده؟ يمكن لو حاولت تشوفني بجد، تتغير نظرتك ليا.


    مراد (بصوت قوي وحازم):

    وأنا مش مهتم أحاول. إنتي وسمر، نفس الأسلوب، نفس التصرفات، ونفس الطمع و نفس الهدف ، وأنا مش عايز أشوفك هنا تاني.


    شاهي (بتحاول تستفزه بابتسامة):

    أنت بتقاوم بس، مراد.  عارف؟ أنا هفضل أحاول.


    مراد (بيشاور على الباب):

    لو كنتي فعلاً بتعرفي حدودك، دلوقتي تخرجي من مكتبي. وإلا مش هسكت و انده للأمن يطلعوكي بره 


    شاهي بتقوم ببطء، تخرج وهي بتضحك بسخرية، ومراد بيرجع يركز على شغله، وعينه مليانة استياء

    **********************


    في مطار القاهرة الدولي ،جاد وجيسي واقفان ينتظران وصول زيزي. جاد يبدو عليه الضيق من الموقف، بينما جيسي متحمسة وهي تحمل باقة ورد صغيرة. تظهر زيزي مرتدية ملابس فاخرة وتقترب منهما بخطوات واثقة وابتسامة واسعة.


    زيزي (بصوت مرح):

    جاد! جيسي! وحشتوني أوي!


    جيسي تحتضن زيزي بحرارة، بينما جاد يكتفي بهزة رأس وجملة مقتضبة.


    جاد (ببرود):

    أهلاً، أخبارك؟


    زيزي (تتحدث بنبرة دلال مصطنعة):

    أنا تمام لما شوفتكم! خصوصاً إنت يا جاد، إيه الحلاوة دي كلها؟ شكلك زي ما هو، يمكن أحلى كمان.


    جيسي (تضحك بخبث):

    جاد دايماً كده، مفيش جديد.


    جاد يتجاهل تعليق زيزي ويدير وجهه للباب للخروج، لكن زيزي تمسك بذراعه برفق.


    زيزي (بدلال):

    استنى شوية، إيه الاستعجال ده؟ كنت لسه عايزة أعرف أخبارك.


    جاد (بنبرة ضجر):

    زي ما إنتِ شايفة، الشغل، الحياة... كلها عادية.


    زيزي (بتبتسم بسخرية):

    آه طبعاً، عادية قوي لما تكون متجوز واحدة زي...  اسمها إيه؟ آه، سيليا.


    جيسي (تضحك بخبث):

    آه، الزوجة المثالية اللي ما حدش طايقها.


    جاد (بتأفف):

    سيليا؟ ما تتكلميش عنها. العلاقة بيننا انتهت خلاص، وده أحسن شيء حصل لي.


    زيزي (تضحك بتعليق لاذع):

    طبعاً أحسن حاجة، كنت دايماً مستغرب إزاي واحد زيك يقبل بواحدة زيها. أكيد غلطت غلطة عمرك.


    جاد (يهز رأسه):

    ما كانتش غلطة، كانت كابوس. بس خلاص، الموضوع انتهى.


    زيزي (بنبرة خبث):

    طيب، عايز رأيي؟ إنت تستحق حد يفهمك، يعرف يعيش معاك. مش حد تقليدي وكئيب زي... سيليا.


    جيسي (تبتسم بخبث):

    بالضبط، حد يعرف يقدّر إن جاد مش مجرد زوج، دا جاد حكاية!


    جاد (بنبرة حاسمة):

    كفاية بقى الكلام ده، مش ناقص نقاشات عن موضوع منتهي. خلونا نخرج من هنا.


    زيزي تبتسم بثقة وتنظر إلى جيسي وكأنها تؤكد أنها ستظل تحاول، بينما جاد يتقدم إلى الأمام متجاهلاً تصرفاتهما

    *********************


    في فيلا ليلى الألفي ، سيليا تجلس على الأريكة في حالة غضب، وعيونها ممتلئة بالدموع، بينما ريان يقف أمامها مرتبكًا يحاول تهدئتها.


    سيليا (بنبرة عتاب وغضب):

    إنت وعدتني، ريان! قلت مش هتقول لأي حد، ليه كسرت وعدك؟


    ريان (يتنهد ويحاول التبرير):

    سيليا، والله ما كان قصدي. يوسف ضغط عليا، لاحظ إني متوتر وكل شوية يسألني... ما قدرتش أتحمل.


    سيليا (تصيح بغضب):

    يعني أول ما الأمور تبقى صعبة شوية تخون ثقتي؟ أنا كنت فاكرة إنك الوحيد اللي ممكن أثق فيه، ريان!


    ريان (يتوسل):

    أنا آسف، سيليا. بس يوسف يستاهل يعرف. هو أخونا برضه، وندمان على كل اللي حصل.


    سيليا (تهز رأسها بحزن):

    ندمان؟ الندم مش هيرجع اللي ضاع. أنا ميتة بالنسبة لكم من زمان، ليه دلوقتي عايزين يعرفوا الحقيقة؟


    ريان ينظر إلى الأرض بصمت، لا يجد ما يقوله. فجأة يرن جرس الباب. سيليا تلتفت نحو الباب بقلق.


    سيليا (بقلق):

    مين ده؟


    ريان (بهمس):

    يوسف...


    سيليا تحدق فيه بصدمة، صوتها ينخفض كأنه لا تصدق.


    سيليا:

    إنت... إنت بعتله العنوان؟


    ريان (يحاول تهدئتها):

    سيليا، هو بس عايز يشوفك...


    سيليا (بغضب):

    إزاي تعمل كده؟ إزاي؟


    يطرق الباب مرة أخرى. سيليا تبتعد بسرعة نحو إحدى الزوايا، تضع يديها على وجهها محاولة تهدئة نفسها. ريان يتجه لفتح الباب ببطء. يظهر يوسف واقفًا أمام الباب، وجهه يعكس مزيجًا من القلق والحزن.


    يوسف (بصوت مختنق):

    سيليا...


    سيليا تتجمد في مكانها عندما تسمع صوته. تلتفت ببطء لتنظر إليه، عيناها تفيض بالدموع. يوسف يقترب منها بحذر، وكأن أي خطوة قد تجعلها تهرب.


    يوسف (يتوسل):

    سيليا، أرجوكي... سامحيني.


    سيليا تنهار بالبكاء فجأة، وتغطي وجهها بيديها. يوسف يقترب منها بسرعة ويمسك بكتفيها بلطف.


    يوسف (بصوت مكسور):

    أنا آسف، أنا... أنا غلطت، ما كنتش أستحق أكون أخوكي.


    سيليا تسقط في أحضانه، تبكي بشدة وكأن سنوات الألم تنفجر في تلك اللحظة. يوسف يضمها بقوة، ودموعه تنهمر على وجهه، يربت على رأسها بحنان وحزن.


    يوسف (يبكي):

    سامحيني، يا سيليا... والله ندمان على كل لحظة.


    ريان يقف بعيدًا، يشاهد المشهد وعيناه تلمعان بالدموع، بينما سيليا ويوسف يستسلمان لدموعهما في عناق طويل مليء بالحزن والندم.


    فصل 19

    داخل فيلا ليلى الألفي ، سيليا لا تزال تبكي في أحضان يوسف، الذي يضمها بقوة وكأنها قد تضيع منه مرة أخرى يحاول أن يتحدث، لكن صوته مكسور من البكاء


    يوسف (بدموع وتوسل):

    سيليا، أرجوكي... سامحيني. أنا كنت أعمى، ما شفتش الحقيقة... ما صدقتش اللي كان المفروض أصدقه.


    سيليا تحاول التحدث وسط بكائها، لكنها لا تستطيع. يوسف يمسك بيديها، ينظر في عينيها، وصوته مليء بالندم


    يوسف (بإلحاح):

    كل يوم كنت بدعي ربنا يغفر لي، وكنت بقول يا ريت أرجع بالزمن وأصلح اللي عملته. بس الزمن ما بيرجعش، سيليا... اللي فاضل هو إنك تسامحيني.


    سيليا (بصوت مكسور):

    يوسف... إنت عارف قد إيه وجعتوني؟ إزاي كلكم صدقتوا إني ممكن أعمل حاجة زي دي؟


    يوسف (يمسك بكتفيها برفق):

    عارف، عارف إننا ظلمناكي... وأكتر واحد أنا. كنت المفروض أكون أخوكي اللي يحميكي، مش اللي يشك فيكي. أنا ما أستاهلش إنك حتى تسمعي كلامي... بس بترجاكي تسامحيني.


    ريان، الذي كان واقفًا بعيدًا، ينفجر بالبكاء بصوت مكتوم. يقترب منهما وينحني بجانب سيليا، يمسك بيدها.


    ريان (بدموع):

    سيليا، أنا كمان غلطت... سامحينا، إحنا كنا وحشين، كنا ظالمين.


    سيليا تنظر إليهما، دموعها تتدفق بلا توقف. تتذكر سنوات الألم والوحدة، لكنها ترى الندم الحقيقي في عيونهما. تأخذ نفسًا عميقًا وتحاول التحدث.


    سيليا (بصوت مرتعش):

    يوسف... ريان... أنا...


    تتوقف للحظة، ثم تمد يدها لتلمس وجنة يوسف بلطف.


    سيليا:

    سامحتك، يا يوسف. سامحتك لأنك أخويا، ولأن الوجع اللي جوايا مش هيقل غير لما أسامحكم.


    يوسف ينفجر بالبكاء مرة أخرى، يحتضنها بقوة.


    يوسف (يبكي):

    شكرا... شكرا، يا سيليا. والله عمري ما هنسى إنك سامحتيني.


    ريان ينحني ويضمها هو الآخر، والبكاء يسيطر على الجميع. لحظة صمت مليئة بالمشاعر، فقط أصوات بكائهم تُسمع.


    ريان (بدموع):

    سيليا... مش هنسيبك تاني. هتفضلي وسطنا ومعانا طول العمر.


    سيليا تهز رأسها بإيجاب، وهي لا تزال تبكي، لكن دموعها هذه المرة ممزوجة ببعض الراحة التي افتقدتها لسنوات

    **********************


    سيليا ما زالت في أحضان يوسف، ودموعها تبلل كتفه. ريان يقف بجوارهما، يمسح دموعه بصمت. فجأة، يسمعون صوت خطوات صغيرة، غير ثابتة، على الأرضية الرخامية. يتوقف الجميع عن البكاء، ويلتفتون نحو مصدر الصوت.


    لينا، تظهر  وهي تمشي بتعثر، تحمل دميتها الصغيرة بإحدى يديها، وتحاول أن تصل إلى والدتها.


    يوسف (باندهاش):

    لينا؟... هي دي لينا اللي كنت بشوفها في الصور؟


    سيليا تبتسم ابتسامة صغيرة لكنها متعبة، ثم تمسح دموعها بسرعة وتحاول الوقوف لاستقبال طفلتها


    سيليا (برقة):

    آه... دي لينا، حبيبتي الصغيرة.


    يوسف ينظر إلى لينا بدهشة، ثم ينزل على ركبتيه ليكون في مستوى نظرها. الطفلة تقترب بخطوات متعثرة، تضحك ضحكتها البريئة


    يوسف (بصوت هادئ):

    تعالي هنا... تعالي عند خالك يا أميرة.


    لينا تتوقف للحظة، تنظر إليه بفضول، ثم تواصل المشي نحو سيليا. تصل إلى والدتها، وتسحب طرف فستانها لتلفت انتباهها


    سيليا (تضحك بخفة):

    إيه يا لينا؟ جيتي دلوقتي علشان تشوفي خالك؟


    يوسف يمد يديه نحو الطفلة بحذر


    يوسف (بصوت مليء بالعاطفة):

    ممكن أشيلها؟


    سيليا تنظر إليه للحظة، ثم تومئ برأسها موافقة. يوسف يحمل لينا بين ذراعيه بحذر، وكأنه يحمل كنزًا ثمينًا


    يوسف (بهمس):

    يا رباه... شبهك يا سيليا. دي جميلة زيك.


    لينا، التي لا تفهم شيئًا، تضحك بصوت عالٍ، وتمسك بأنف يوسف بخفة. يوسف يبتسم، ودموعه تتجمع مجددًا في عينيه


    يوسف (ينظر إلى سيليا):

    سيليا... أنا مش هسامح نفسي أبدًا على اللي فات. مش بس ظلمتك... ده أنا كنت بعيد عن حاجات زي دي، عن عيلتك، عن بنتك.


    ريان (يضحك بخفة):

    لينا كسبت خال جديد النهارده.


    سيليا تنظر إلى يوسف ولينا، ثم تقترب وتلمس خد طفلتها بحنان.


    سيليا (بصوت دافئ):

    لينا مش بس بنتي... دي بداية حياتي الجديدة. والنهارده، يمكن نبدأ صفحة جديدة كلنا.


    يوسف يقبل جبين لينا بخفة، ثم ينظر إلى سيليا بابتسامة مليئة بالامتنان.


    يوسف:

    إن شاء الله يا سيليا... إن شاء الله

    **********************


    يوسف يجلس على الأريكة، واضعًا لينا على ركبتيه، يلعب معها بخفة. سيليا تجلس بجانبه، تبدو أكثر هدوءًا بعد اللقاء العاطفي. ريان يقف بجانب النافذة، ينظر إلى المشهد بابتسامة خفيفة، لكن فجأة يتحول وجه يوسف إلى الجدية.


    يوسف (بنبرة جادة):

    سيليا... في حاجة لازم أتكلم معاكي فيها.


    سيليا (تنظر إليه بتوجس):

    في إيه يا يوسف؟


    يوسف (ينظر إلى ريان):

    ريان قالي عن جاد... عن اللي بيعمله معاكي.


    سيليا تشحب ملامحها، وتخفض نظرها نحو الأرض.


    سيليا (بصوت متردد):

    يوسف... الموضوع ده مالوش داعي دلوقتي.


    يوسف (بحزم):

    إزاي مالوش داعي، سيليا؟! جاد المفروض يبقى زوجك... وأبو ولادك. هو بدل ما يحميكي ويكون سندك، بيهملك وبيكره ولاده؟


    ريان يتقدم بخطوة، يحاول التخفيف من حدة الحوار.


    ريان (بلطف):

    يوسف... سيليا مش ناقصة ضغط أكتر. إحنا هنا عشان نساندها، مش نزيد عليها.


    يوسف (بغضب مكبوت):

    ريان، أنا مش هسكت على الموضوع ده. خمس سنين وهي متجوزاه، وخلال الفترة دي كلها بيهينها ويخونها؟ لا... جاد لازم يتحاسب.


    سيليا (بصوت ضعيف):

    يوسف، أرجوك... أنا متفقة مع جاد على الطلاق. الموضوع خلاص بينتهي.


    يوسف ينظر إليها بذهول.


    يوسف:

    طلاق؟! يعني هو قرر يسيبك بعد كل اللي عمله؟


    سيليا (بهدوء):

    لأ... أنا اللي طلبت الطلاق. أنا تعبت، يوسف. تعبت من إهماله، من كرهه ليا ولأولادي... مفيش حاجة تربطني بيه غير الورق.


    يوسف (بغضب):

    وأنا مش هسيبه. مش هسيب واحد زي ده يفلت كده بسهولة بعد اللي عمله.


    ريان يحاول التدخل مرة أخرى.


    ريان:

    يوسف، الموضوع مش بالسهولة دي. جاد عنده نفوذ وشغله قوي... ممكن يقلب الموضوع ضدنا.


    يوسف (بصرامة):

    نفوذه مش هيمنعه لما أقف قدامه. ده متجوزها وهي لسه طفلة عندها 17 سنة، وبعدين يعاملها بالشكل ده؟ دي مش رجولة.


    سيليا تمسك يد يوسف، تحاول تهدئته.


    سيليا (برقة):

    يوسف... أرجوك، سيب الموضوع لي أنا. الطلاق خلاص قريب، وأنا عايزة أعيش بهدوء بعد اللي عديت بيه.


    يوسف (بحنان):

    سيليا... إنتي أختي الصغيرة، وأنا مش هقف أتفرج تاني. اللي عمله فيكي وفي أولادك مش هعديه بالساهل.


    سيليا تبتسم بخفة، لكن الخوف يظهر في عينيها.


    سيليا (بتوسل):

    بس، يوسف... أوعدني إنك مش هتعمل حاجة تتهور فيها. أنا مش عايزة مشاكل أكتر.


    يوسف (يأخذ نفسًا عميقًا):

    ماشي... أوعدك إن مفيش حاجة هتحصل دلوقتي. بس صدقيني، يا سيليا... جاد هياخد جزاءه، بالطريقة اللي يستحقها.


    ريان ينظر إلى يوسف بسيطرة هادئة، لكن القلق يسيطر على وجهه.


    ريان:

    يوسف، إحنا هنقف مع سيليا في أي حاجة تختارها، بس لازم نفكر بعقل.


    يوسف يومئ برأسه ببطء، لكنه ينظر إلى لينا التي تبتسم ببراءة في حضنه، وكأنه يقرر في داخله أنه لن يترك الأمور كما هي

    ********************


    بعد فترة قصيرة ، يوسف لا زال يحمل لينا التي تضحك وتلعب في حضنه. سيليا تجلس بجانبه تنظر بحذر إلى يوسف، بينما ريان يقف بجانب النافذة يراقب الشارع. فجأة يُفتح الباب، ويدخل رائد وهو يحمل حقيبة صغيرة بيد، وفي اليد الأخرى يمسك بيد زياد ومازن، اللذين يدخلان وهما يركضان نحو الداخل.


    رائد (ينادي بحيوية):

    رجعنالكوا... الحضانة كانت زحمة جدًا النهارده!


    يتوقف فجأة عندما يلمح يوسف جالسًا، عيونه تضيق بحدة ويميل رأسه قليلاً، متسائلاً.


    رائد (بنبرة حذرة):

    مين ده؟


    يوسف ينظر إلى رائد بارتباك واضح، ثم ينقل نظره إلى ريان.


    يوسف (يشير إلى رائد):

    مين ده؟


    ريان يضع يده على جبينه بتوتر.


    ريان:

    آه... لحظة، لحظة. رائد، ده يوسف... أخويا الكبير. يوسف، ده رائد... ابن عمتنا ليلى.


    رائد يصدم للحظة، ملامحه تصبح متصلبة، ويخطو خطوة إلى الأمام.


    رائد (بدهشة):

    أخوها الكبير؟ يعني... ده يوسف؟


    يوسف يقف من مكانه، يضع لينا على الأريكة برفق، وينظر إلى رائد بتساؤل.


    يوسف (بحدة لكن بنبرة محترمة):

    أيوة، وأنا عايز أفهم إنت مين بظبط؟


    رائد (يرد بسرعة):

    أنا ابن ليلى... عمتك.


    يوسف يفتح عينيه على مصراعيهما، ويبدو وكأن صدمة جديدة تسقط عليه.


    يوسف:

    عمة مين؟ إحنا معندناش عمة اسمها ليلى.


    سيليا (بتردد):

    يوسف... في حاجات كتير متعرفهاش. ليلى هي أخت بابا اللي محدش كان يعرف عنها حاجة... وهي اللي أنقذتني.


    يوسف يبدو مذهولًا، لكنه لا يتكلم. فجأة، يقترب زياد ومازن ببطء، ينظران إلى يوسف بحذر.


    زياد (بصوت طفولي):

    مين ده؟


    مازن (يتمسك بيد رائد):

    رائد... مين الراجل ده؟


    يوسف ينحني ليصبح في مستوى الأطفال، يبتسم بخفة ليخفف توترهم.


    يوسف:

    أنا... أنا خالكم يا زياد ومازن.


    زياد ومازن ينظران إلى بعضهما البعض بذهول، ثم يركضان نحوه بابتسامة واسعة.


    زياد (بفرح):

    إنت خالنا؟ بجد؟


    مازن:

    يعني زي خالو ريان ؟


    يوسف (يضحك ويحتضنهما):

    أيوة... زي ريان بالضبط.


    سيليا تنظر إلى المشهد بعيون ممتلئة بالدموع، بينما رائد يقف بجانب الباب، ينظر إلى يوسف بحذر لكنه يتنفس بعمق، محاولًا استيعاب الموقف.


    رائد (يخاطب سيليا):

    واضح إن في كلام كتير لازم يتقال... بس مش هنا.


    سيليا (بابتسامة خفيفة):

    عارفة يا رائد... عارفة.


    يوسف يحمل زياد ومازن، ويلعب معهما بحب واضح، بينما سيليا تراقب المشهد بمزيج من الحزن والفرح

    ***********************


    سيليا، يوسف، رائد  و ريان يجلسون في الغرفة. زياد ومازن يلعبان مع لينا في زاوية الغرفة، بينما يوسف يتحدث مع سيليا ويضحك على ذكريات قديمة. رائد يجلس في الزاوية الأخرى، ملامحه جامدة ومستاءة، لكنه لا يظهر استياءه. فجأة، يُفتح الباب وتدخل ليلى تحمل أكياس تسوق، لكنها تتوقف فجأة عندما ترى يوسف.


    ليلى (بدهشة):

    يوسف؟!


    يوسف ينظر إلى ليلى، يحدق فيها للحظات، ثم يقف ببطء. عينيه تمتلئان بالدهشة.


    يوسف (بصوت خافت):

    ...إنتِ؟


    ليلى (تقترب بخطوات مترددة):

    إنت... ابن فؤاد؟ يوسف؟


    يوسف يهز رأسه ببطء، وكأنه يستوعب الحقيقة تدريجيًا.


    يوسف (بصوت مرتجف):

    عمة ليلى... إنتِ فعلاً موجودة؟


    ليلى تبتسم ابتسامة حزينة، تضع الأكياس على الطاولة، وتنظر إليه مطولاً.


    ليلى (بهدوء):

    أيوة يا يوسف... موجودة.


    يوسف ينظر إلى سيليا، ثم إلى ليلى، وكأن الأسئلة تتراكم في ذهنه.


    يوسف:

    بس... ليه؟ ليه طول السنين دي ما حدش كان عارف عنك حاجة؟ وليه سيليا كانت عندك؟


    ليلى تنظر إلى سيليا، ثم تأخذ نفسًا عميقًا.


    ليلى (بحزن):

    دي حكاية طويلة اوي، ظلموني زي ما ظلمتوا سيليا 


    يوسف يخفض رأسه، يشعر بالعار والندم، بينما سيليا تضع يدها على كتف ليلى محاولة تهدئتها.


    سيليا:

    عمة ليلى... يوسف ما كانش يعرف. محدش كان يعرف... وهو هنا علشان يتأسف.


    يوسف (يرفع رأسه):

    فعلاً يا عمة. أنا ما كنتش أعرف عنك حاجة، وما كنتش أعرف إنك كنتي الملجأ الوحيد لسيليا. بس أنا هنا علشان أصلح الغلط اللي عملناه... لو لسه في مجال.


    ليلى تنظر إلى يوسف بتمعن للحظة، ثم تهز رأسها بخفة.


    ليلى (بهدوء):

    مش بسهولة كده يا يوسف. اللي عملتوه في سيليا كان كابوس... ولسه شايلة جواها ألم السنين دي كلها.


    يوسف يقترب بخطوة نحو ليلى، عينيه ممتلئتان بالندم.


    يوسف:

    عارف.... أنا مستعد أعمل أي حاجة علشان أعوض سيليا... وعلشان أثبت إننا ندمنا بجد.


    ليلى تنظر إلى سيليا، التي تبتسم بخفة وتومئ برأسها. ثم تتنهد ليلى ببطء، وكأنها تقبل وجود يوسف في حياتهم.


    ليلى (بصوت منخفض):

    هنشوف يا يوسف... الزمن هو اللي هيحكم.


    رائد ينظر إلى الحوار بصمت، ملامحه ما زالت جامدة، لكنه يختلس النظر إلى سيليا التي تبتسم بخفة، وكأنه يحاول فهم قرارها بمسامحة عائلتها.


    تتبادل ليلى النظرات مع يوسف ،  بينما سيليا تجلس في الوسط، تحاول أن تكون الجسر بين الماضي والمستقبل

    ***********************


    الجميع يجلس في صمت بعد الحوار الأول. ليلى تأخذ نفسًا عميقًا، ترفع رأسها وتنظر إلى سيليا، يوسف، وريان.


    ليلى (بهدوء):

    كنتم دايمًا بتسألوا ليه أنا بعيدة عنكم؟ ليه ماحدش يعرفني؟ الوقت جه علشان تعرفوا الحقيقة.


    يوسف ينظر إليها بترقب، وريان يضع يده على كتف سيليا ليواسيها، بينما رائد يجلس في زاوية الغرفة، يراقب بصمت.


    ليلى:

    جدكم... والد فؤاد وجليل... كان شخص عنيد. لكن في نفس الوقت، كان بيهرب من أي حاجة مش على مزاجه.


    يوسف (بحذر):

    إيه اللي حصل؟


    ليلى (بحزن):

    جدكم كان متجوز جدتكم... اللي خلف  منها فؤاد وجليل. لكن حياتهم مع بعض كانت مليانة مشاكل. وبدل ما يواجهها، اختار الهروب. ساب جدتكم، وراح اتجوز واحدة تانية... والدتي.


    ريان يفتح عينيه بدهشة، بينما سيليا تضع يدها على فمها.


    ريان:

    يعني... إحنا وإنتي من نفس الجد؟


    ليلى (تومئ برأسها):

    أيوة، أنا عمتكم... أخت فؤاد وجليل من أبوكم.


    يوسف ينظر إلى الأرض، يحاول استيعاب الكلام.


    يوسف:

    طب... ليه ماحدش كان يعرف ده؟


    ليلى (بمرارة):

    لأن لما جدكم رجع لجدتكم، قرر ينسى كل حاجة عن والدتي... وعن وجودي. كانت بالنسبة له نزوة. سابها وهي حامل... ورجع لبيته الأول.


    صمت ثقيل يملأ الغرفة، وسيليا تمسح دموعها بخفة.


    سيليا (بصوت منخفض):

    يعني... عشتي كل الألم ده لوحدك و احنا منعرفش  

    ليلى (تبتسم ابتسامة حزينة):

    أنا ما كنتش لوحدي. كان عندي  زاهر ابو رائد و ابني رائد ومن يوم ما أنقذت سيليا، بقت هي بنتي التانية.


    رائد ينظر إلى ليلى بعيون مليئة بالغضب المكتوم.


    رائد (بصوت هادئ لكنه حاد):

    وبالرغم من ده كله، العيلة دي دايمًا بتعيد نفس الأخطاء. زي ما سابوكي زمان، عملوا نفس الشيء مع سيليا.


    يوسف يخفض رأسه، يشعر بالخجل. ريان يحاول التحدث لكنه يتراجع.


    ليلى (تنظر إلى رائد):

    رائد... هما هنا علشان يصلحوا اللي فات.


    رائد (بجفاء):

    اللي فات؟ اللي فات كان سنين من الألم والندم اللي مستحيل يتعوضوا بسهولة.


    سيليا تضع يدها على ذراع رائد، تحاول تهدئته.


    سيليا (برفق):

    رائد... هما غلطوا، وأنا سامحتهم. ده اللي مهم دلوقتي.


    رائد (ينظر إليها):

    سامحتيهم بسرعة أوي، سيليا. بس يمكن لأنك نسيتي كل اللي عدتي فيه.


    ليلى تتدخل بحزم، تقطع التوتر المتزايد.


    ليلى:

    رائد، كفاية. الغضب مش هيغير الماضي. لازم نركز على المستقبل... نصلح اللي نقدر عليه.


    يوسف يرفع رأسه، عينيه ممتلئتان بالندم.


    يوسف (بصوت منخفض):

    أنا مش عارف أقول إيه... بس كل كلمة بتقولها صحيحة، رائد. إحنا أخطأنا، وأنا مستعد أعمل أي حاجة علشان أثبت إننا ندمنا بجد.


    رائد ينظر إليه بصمت، ثم يهز رأسه بخفة دون أن يقول شيئًا. المشهد ينتهي بتبادل نظرات حزينة بين الجميع، بينما يسيطر الصمت على الغرفة

    **********************


    في مقر للمخابرات ، تميم يجلس على كرسيه، يضع رأسه بين يديه. المكتب هادئ، والساعة تشير إلى ما بعد منتصف الليل. أمامه تقارير مفتوحة لكنه لا يقرأ أي شيء، وعينيه مثبتتان على نقطة غير مرئية في الأفق.


    تميم (بهمس لنفسه):

    سيليا... معقولة؟ كل ده كان كذب؟ كل الألم والندم اللي عيشناه... كانت حية طول الوقت؟


    يتنهد بقوة، يدفع الكرسي للخلف وينهض. يبدأ في المشي ببطء في مكتبه، يمرر يده على وجهه بعصبية.


    تميم (يكلم نفسه):

    زين... زين عرف وسكت؟ ليه؟ كان مفروض يقولي على طول... بس... هل أنا جاهز أقابلها؟


    يتوقف فجأة أمام النافذة، ينظر إلى المدينة المظلمة، أضواء الشوارع الخافتة تضفي جوًا كئيبًا على المشهد.


    تميم (يهمس):

    ست سنين... ست سنين وأنا فاكر إنها ماتت. ست سنين وأنا فاكر إننا السبب في موتها.


    صوت طرق خفيف على الباب يقطعه، لكنه لا يلتفت.


    تميم (بصوت مبحوح):

    ادخل.


    يدخل أدهم، يقف مترددًا خلف الباب.


    أدهم:

    سيدي... كنت فاكر إنك غادرت.


    تميم (يلتفت إليه ببطء):

    لا، لسه هنا. عايز حاجة؟


    أدهم (يتردد):

    لا، بس... إذا كنت محتاج أي مساعدة أو حاجة، أنا موجود.


    تميم ينظر إليه طويلًا، ثم يهز رأسه بخفة.


    تميم:

    شكراً يا أدهم. روح ارتاح، أنا تمام.


    أدهم يخرج بهدوء، يغلق الباب خلفه. تميم يعود إلى كرسيه، يجلس ويمسك بقلم على المكتب، يديره بين أصابعه وهو شارد.


    تميم (بصوت أعلى، لنفسه):

    طيب... لو رحت وشوفتها، إيه اللي ممكن أقوله؟ إزاي أبرر اللي حصل؟ هل هي حتى مستعدة تسمعني؟


    يتذكر وجه سيليا عندما كانت طفلة صغيرة، تبتسم له عندما كان يزورهم، تذكر كيف كانت تتوسل لهم في ذلك اليوم ، لكن لم يصدقها أحد ، تذكر نظرة الكسرة و الخذلان فعينيها 


    تميم (يتنهد بعمق):

    كانت زي أختي الصغيرة... وسبتها تضيع.


    يضرب سطح المكتب بقبضته فجأة، صوته يخرج مشحونًا بالغضب والحزن.


    تميم:

    لازم أروح. لازم أشوفها... حتى لو ده آخر شيء أعمله.


    ينظر إلى الساعة على الحائط، ثم ينهض بحسم. يلتقط معطفه من على الكرسي ويخرج من المكتب بسرعة، وجهه يعكس مزيجًا من الحيرة، الغضب، والأمل

    تكملة الرواية من هناااااااا


    لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

    بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

    متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

    الرواية كامله جميع الفصول هناااااااااا

    مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا

    مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا




    تعليقات