رواية ذئب يوسف الفصل الثانى وعشرون والثالث وعشرون والرابع وعشرون بقلم ذكية محمد
رواية ذئب يوسف الفصل الثانى وعشرون والثالث وعشرون والرابع وعشرون بقلم ذكية محمد
الفصل الثاني والعشرون
تطلعت له بقلق و خاصة نبرة صوته الجامدة التي لا تدل على خير. هتفت بتساؤل :- رايحين فين يعني؟
هتف بصوت بارد :- ما قولتلك هنحط النقط على الحروف. ثم تابع بنبرة صارمة :- يلا قومي بسرعة .
ارتجفت أوصالها من القادم، و نهضت تنفذ ما طلبه تجنباً لصياحه عليها مرة أخرى.
بعد وقت نزلا معاً بعد أن تركوا الصغير مع جدته، و انطلق بها إلى حيث هؤلاء السفلة الذين خططوا لتدمير حياتهم الهنيئة، فلم ينسى إسلام أن يخبر محمد أنه يريده في أمر ضروري في نفس المكان الذي أخبر البقية بالتواجد فيه .
وصلا للمكان باكراً فهتفت بثينة بتعجب :- ما قلكش ليه عاوزنا محمد؟ غريبة!
هز رأسه بنفي قائلاً :- لا مقالش، اهو شوية يجي و نشوف.
أومأت بموافقة و صمتا ينتظران وصوله.
وصل في الوقت المحدد فترجلا من السيارة و دلفا للداخل، فمسكت يده بخوف قائلة :- رايحين فين يا إسلام؟ أنا... أنا مكنتش أقصد اللي فهمته و....
قاطعها قائلاً بابتسامة هادئة يطمئنها بحنو :- متخافيش أنا معاكِ .
دفن أناملها بين أصابعه بتملك وحب، و كم شعرت هي بالراحة لكلامه ذاك.
ما إن خطوا للمكان و رأوا بعضهم البعض خيمت الصدمة عليهم وحالة ذهول كبيرة على مريم التي ما إن رأت رأفت تراجعت للخلف بخوف قائلة بخفوت :- إسلام أنت جايبني هنا ليه؟ أنا عاوزة أمشي.
ربت على ظهرها بحنو قائلاً :- متخافيش يا حبيبتي أنا جبتك هنا علشان بس تعرفي الحقيقة و تعرفي مين السبب للمشاكل اللي كانت بينا دي.
نظرت له بعدم فهم، بينما شحب وجه الأخرى، وما إن رأى رأفت الوضع أطلق لساقيه العنان، و لكن وجد من يقف له بالمرصاد حيث كان محمود و بعضاً من الفتية ظهروا من العدم أمامه فقال محمود بسخرية :- على فين يا هدهد الجناين؟
أنهى كلماته و تبعها بلكمة قوية أوقعته أرضاً، ثم رفعه من ياقة قميصه بغضب و جره خلفه فتحفظ عليه الفتية.
في ذلك التوقيت ظهر محمد الذي تسمر مكانه حينما رأى المشهد،فهتف إسلام بسخرية موجعة وهو يشعر بألم الطعنة التي سببها له :- إزيك يا ....يا صاحب عمري، تعال شرف جنب اخواتك هنا ، الفيلم لسة في أوله.
ازدرد ريقه بتوتر قائلاً:- إسلام في إيه؟
رفع حاجبه باستنكار قائلاً :- والله ! ماشي همشي معاك للآخر دة يا سيدي معرفتك الزبالة رأفت و دي طبعاً بنت حتتنا اللي غنية عن التعريف بثينة اللي ما تفرقش حاجة عنك في ندالتك ولا وساختك.
أردف بدهشة مصطنعة وهو يدعي عدم الفهم :- يا إسلام بتتكلم عن إيه؟ أنا مش فاهمك.
اقترب منه ليقف في مواجهته ثم باغته بلكمة عنيفة قائلاً بانفعال :- بتكلم عن خيانتك و قلة أصلك يا حيوان يا حقير، أنت إزاي تعمل كدة؟ أنت يا صاحبي يا عشرة عمري! آخر حاجة أتوقعها إنك تكون بالخساسة دي.
ثم استدار ليردف بتهكم:- وأنتِ يا أستاذة يا اللي عاملة فيها الصحبة الجدعة، وأنتِ طعنتيها في ضهرها بسكين تلمة، إزاي أصحاب أنتوا إزاي؟ ملعون أبو الصحاب لو كانوا شبهكم كدة.
صمت قليلاً ليردف بوجع :- دة أنا كنت بحكيلك كل حاجة و سرنا واحد أتاريك بتخدعني وأنا ما أعرفش، إيه الحقد دة يا أخي إيه! بس تعرف إنك مش راجل ! أيوة اللي يلجأ للأساليب الرخيصة دي ميبقاش راجل، عملت كدة ليه ها، ليه؟
أردف بكره وحقد :- علشان بحبها!
طالعه بصدمة ليردف الأخير بتشفي وغل :- أيوة بحبها، أنت متستحقهاش، أنا عارف أنها بتحبك من زمان بس أنت اعمى ما بتشوفش، سيبهالي أنا أولى بيها.
لم يستطع التحمل أكثر من ذلك، إذ انقض عليه كالأسد يضربه بعنف وهو يصرخ بجنون :- اه يا زبالة يا حيوان، مريم خط أحمر فاهم، إياك ثم إياك تجيب سيرتها تاني على لسانك الزفر دة.
أخذ يلكمه والآخر يبادله و يستقبل و أردف بكذب :- متضايق ليه؟ مش أنت بتحب أمل و ما بتحبش مريم .
كان رده أنه ازداد ضربه له وهو يفرغ حممه المنصهرة بداخله فيه، فلم يشعر بنفسه و كلما رنت كلماته بأذنه تشتعل الحمم أكثر، كاد أن ينهي حياته إلا أن محمود الذي أتى و سحبه من فوقه بقوة فأخذ يصيح إسلام بحدة :- سيبني اقتله الواطي دة، أنا هخليه عبرة لغيره.
نظر محمود له بغضب قائلاً :- سيبني أنا اللي هخلص عليه .
قال ذلك ثم سقط عليه يكمل ما بدأه إسلام، إلا أن صوت موسى الحاد الصارم منعه من أن يكمل قائلاً :- محمود أقف و قوم .
نهض بعد أن لكمه بقوة في بطنه بعنف ثم بصق عليه.
تقف ترتجف في مكانها و قلبها يدق بعنف وهي تطالع ما يحدث بذعر ولا تفهم شيء كما المخدرة، ولا تفهم حديثه عن صديقتها بعد فتقدمت نحوها و مسكت يدها قائلة بحروف متقطعة :- أااا...بثينة هو في إيه؟ وأنتِ بتعملي هنا إيه معاهم؟
عض على شفتيه بغيظ منها فتقدم نحوها و جذبها بعنف من ذراعها قائلاً بحدة أخافتها :- أنتِ غبية ما بتفهميش! ثم أشار ناحية بثينة قائلاً بصوت عال :- دي واحدة خاينة افهمي، دي هي السبب في كل اللي حصلك كله من تحت راسها، الصور و مرواح الزفت دة للشقة و آخر مشكلة بينا، افهمي بقى.
سقطت الصدمات عليها واحدة تلو الأخرى كالنيزك فاقتلع جذورها من الأعماق دون هوادة، أخذت تهز رأسها بشكل هستيري و عقلها يرفض تصديق ما سمعته و كيف تصدق و الماثلة أمامها صديقة عمرها! طالعتها بوجه شاحب شحوب الموتى و أردفت بصوت مخنوق :- صحيح يا بثينة؟ صحيح اللي سمعته ؟ ردي عليا أرجوكي ردي، للدرجة دي كنت هبلة و أتخدعت فيكِ ! قوليلي إسلام كداب قوليلي و أنا هصدقك.
و حينما لم تجد منها رد صرخت بقهر قائلة :- بقولك ردي عليا، عملتي فيا كدة ليه؟ ليه؟
تعثرت في خطواتها فكادت أن تسقط لولا يديه التي حاوطتها بقلق لتنظر له بعينين مغرقة بالدموع :- إسلام أنت بتهزر صح؟ بقلم زكية محمد
نظر لها بقلب منشطر، ما كان عليه أن يحضرها معه و لكنه اضطر لذلك حتى يبين لها حقيقة الأمور، و أنها كانت مخدوعة طيلة هذا الوقت في صديقة مزيفة كحاله مع محمد.
أردف بحنو وهو يضم رأسها لصدره :- مريم أهدي يا حبيبتي متستاهلش، والله ما تستاهل.دي واحدة خاينة باعتك علشان تاخد جوزك منك، شوفتي بقى! أنا مبكدبش و محمود شاهد معايا و الدليل الزفت اللي كانت قاعدة معاه.
انفجرت باكية وهي تدفن رأسها بصدره قائلة بقلب ذبيح :- حرام عليكم عملت ليكم إيه علشان تعملوا فيا كدة؟ يا رب خدني و ريحني ..
حاوطها بخوف غير عابئ بالموجودين والقلق ينهشه عليها، وما هي إلا لحظات حتى فقدت الوعي ليخر قلبه أرضاً وهو يهتف باسمها بلوعة.
حملها بحذر ليردف محمود بصرامة :- إسلام خدها من هنا واحنا هنتصرف في الباقي يلا بسرعة كفاية عليها كدة.
أومأ له بموافقة ومن ثم خرج بها من هذا المكان ليضعها في السيارة برفق و حيطة و يصعد هو بدوره ليقود العربة بأقصى سرعة لديه إلى أقرب مشفى للاطمئنان عليها.
______________________________________
بعد مرور أسبوعين نجحت بعنادها و تصميمها على الذهاب لمتابعة عملها مع سندس، تجلس على مكتبها شاردة فيه لقد أحتل أسوار قلبها و تربع على عرشه معلناً الانتصار في تلك المعركة الطاحنة التي يقودانها عقلها و قلبها طوال تلك الفترة، لتفهم مؤخراً أن جميع هذه الاضطرابات التي تحدث بداخلها وخاصة عندما يكون هو جوارها حيث يحدث بداخلها عاصفة هوجاء تدمر حصونها شيئاً فشيئاً إلى نجح في التوغل لداخل أعماقها .
ابتسمت بهيام عندما لاح طيفه أمامها لتلاحظها آلاء التي هتفت بمرح :- الله الله يا ست رحيق سايبة الشغل و سرحانة!
انتبهت لها فهتفت بانتباه :- ها بتقولي ايه؟
ضحكت بخفة قائلة :- لا دة أنتِ مش هنا خالص، اللي واخد عقلك.
أردفت بتوتر :- ها لا مفيش كنت .....كنت بفكر في حاجة تخص الشغل كدة .
ضيقت عينيها قائلة بمكر :- شغل برده! هو الشغل هيخليكي هيمانة كدة ولا الفريزر! اعترفي إنك بتحبيه مفيش مهرب .
هزت رأسها بعناد لطالما لم يبادر هو باعترافه بأنه يحبها فهي لن تفعل حتى وإن كانت كذلك فلن تعترف لا أمامها ولا حتى بين قرارة نفسها و أردفت بنفي كاذب :- لا طبعاً استحالة، دة فريزر يا بنتي فريزر. بقلم زكية محمد
شهقت آلاء بصدمة وهي تتطلع خلف رحيق، بينما وقع قلب الأخيرة بين قدميها قائلة :- أوعي تقولي هو؟
هزت رأسها بأسف توافقها على ما تقول، فغلقت عينيها بعنف و أخذت تردد الشهادة بداخلها، لطالما يمقت هذه الكلمة منها وحذرها كثيراً ألا تتفوه بها مجدداً و لكنها تفعل في كل مرة ضاربة بأوامره عرض الحائط.
نهضت من مكانها لتلتف خلفها، ولكنها لم تجد أحد و علمت حينها أن صديقتها تخدعها، فنظرت لها بشر قائلة بوعيد :- ماشي يا جزمة أنا هوريكي بوظتي أعصابي.
أخذتا تركضان في المكتب إلى أن أمسكت بها رحيق، التي غرزت أسنانها بذراعها بغيظ، فما كان من الأخرى إلا أن صرخت بألم وهي تحاول أن تبعدها، ولكنها لم تبتعد بعد أن أخذت بثأرها لتردف بانتصار بعدها :- علشان بس تحرمي.
أردفت آلاء بوجع وهي تمسك بذراعها :- حرام عليكِ يا شيخة دراعي طلع في سنانك، إيه دة دب قطبي!
مدت لها لسانها قائلة :- أحسن حد قالك تهزري الهزار البايخ دة.
أردف و الأخرى بمكر :- دة علشان بس تعرفي إنك جبانة.
جزت على أسنانها بغيظ قائلة :- يا بت هقوملك تاني.
أردفت الأخرى بذعر :- لا خلاص و على إيه أنا مالي ما تولعوا في بعض.
حدجتها بغضب لتصمت الأخرى على الفور، و ما هي إلا دقائق حتى عادوا لمتابعة عملهم، نهضت رحيق بعد مدة لترى سندس فيما تريدها.
جلست قبالتها على المقعد فهتفت الأخرى بروح خاوية :- خدي الملف دة يا رحيق خلي مراد يمضيه و أبقي هاتيه معاكي بكرة.
قطبت جبينها بتعجب قائلة :- طيب ما نروح الشركة دلوقتي، من إمتى و الملفات المهمة بتروح البيت؟
أردفت بحدة و انفعال :- يوووه اعملي اللي قولتلك عليه أنتِ هتناقشيني!
انتفضت الأخرى في مكانها و أصابها الذهول فهي لأول مرة تراها هكذا، فنهضت قائلة بهدوء يغلفه الحزن :- حاضر يا مدام سندس.
أردفت الأخرى بندم :- رحيق استني أنا آسفة مقصدش أنفعل عليكِ يا ريت متزعليش مني.
هزت رأسها بتفهم قائلة بحزن على حالتها في الآونة الأخيرة فهي تراها تذبل يوماً بعد يوم :- مدام سندس مالك فيكِ إيه ملاحظة إنك في الفترة الأخيرة مش مظبوطة.
نهضت من مكانها و التقطت كوب الماء تتجرع منه كي تهدأ قليلاً، إلا أنها شلت عن الحركة و سقط الكوب منها أرضاً حينما أردفت الأخرى :- هو أبيه عاصم ليه علاقة بالموضوع؟
جلست تلملم قطع الزجاج بأيدي مرتجفة، ولم تلحظ تلك الزجاجة التي جرحتها لتنزف دمائها في الحال تزامناً مع نزيف قلبها.
أسرعت الأخرى نحوها ومسكت يديها و ساعدتها على النهوض و السير بحذر كي لا تتأذى حتى وصلت للأريكة فجعلتها تجلس عليها لتلتقط بعضاً من المناديل الورقية و تنظف بها الدماء العالقة بيد الأخرى و تأكدت أنه جرح سطحي فاطمئنت بداخلها و قد تأكدت شكوكها الآن فلابد وهناك أمراً يجمعهما معاً بالنهاية .
هتفت بهدوء :- مدام سندس أنا مقصدش أتدخل في خصوصياتك بس والله معجبنيش حالك دة أبداً، و دلوقتي إتأكدت إن أبيه عاصم ليه علاقة بالموضوع.
هزت رأسها بنفي قائلة بتوتر :- لا لا وأنا.... وأنا أعرفه منين يعني علشان يكون ليا علاقة بيه!
نظرت لها مطولاً قائلة :- طيب بصيلي في عنيا و قوليلي إنه ملهوش دعوة بأنه يخليكِ مش على بعضك كدة.
أردفت بهروب :- رحيق أنتِ مكبرة الموضوع ليه؟
أردفت بحزم :- لا الموضوع كبير أصلاً و أنا مش هقعد أتفرج عليكي كتير كدة، زي ما وقفتي جنبي أنا كمان هقف جنبك و مش هسيبك أبداً، قوليلي مالك مش إحنا أخوات؟
هزت رأسها بنعم قائلة بتأكيد :- طبعاً أخوات أنتِ عوض ربنا ليا اللي مهون عليا الأيام.
أردفت بتذمر :- طيب ممكن تقولي لأختك إيه اللي مزعلك كدة؟
مسحت عبراتها سريعاً قائلة بوجع :- اللي مزعلني مش هتقدري تداويه لأنه صعب.
أردفت بابتسامة بسيطة :- طيب جربي ولا أنتِ مش واثقة فيا؟ ثم ضيقت عينيها بحذر قائلة :- هو أنتِ بتحبيه؟
تجمعت العبرات سريعاً في مقلتيها قائلة :- ولو قلتلك اه دة مش هيغير حاجة، هو عنده حق يعمل كدة بس ميعرفش قد إيه بيقتلني بكلامه في كل مرة من غير ما يحس.
صمتت قليلاً لتنظر أمامها بشرود لتقص عليها ذلك الماضي المؤلم الذي تعرضت له، و بعد أن انتهت أردفت بوجع و توسل :- أنا بس عاوزاه يسيبني في حالي كفاية اللي أنا فيه.
تساقطت دموعها بغزارة وهي تستمع لمعاناتها و جروحها العميقة التي لم تلتأم بعد، يا الله! كيف لها أن تتحمل ذلك وهي تضحك و تخفف من أعباء الآخرين.
احتضنتها دون تردد لتنفجر الأخرى في موجة بكاء مرير فلم يعد بمقدورها تحمل المزيد فقواها قد خارت، أخذت تهتف بضعف و تهذي بدون تعقل :- قولوله يسبني في حالي، كلامه بيوجعني بيموتني في كل مرة، إيه اللي رجعه تاني؟ أنا لازم أفض العقد مش هستحمل أشوفه تاني و يهيني في كل ما هيشوفني أيوة هو دة القرار المناسب..
ربتت على ظهرها قائلة بحنو :- خلاص أهدي واللي يريحك أعمليه، بس أهدي و بطلي عياط علشان خاطري. ثم أردفت بمرح وإن كان به بعض الجد :- خلاص والله هعيط معاكي لو مبطلتيش.
ابتعدت عنها و أردفت بابتسامة باهتة :- لا وعلى إيه حكم أنا عارفاكي تحبي النكد زي عنيكي.
أردفت بابتسامة بسيطة :- طيب بطلي وأنا مش هقلبهالك نكد. بقلم زكية محمد
جففت دموعها ليعم الصمت المكان للحظات حتى قطعته هي قائلة بحذر :- بس يا مدام سندس بصراحة يعني هو لازم يعرف، أنتِ بعدتي غصب عنك.
أردفت بحزن :- مبقتش فارقة يا رحيق أنا بس عاوزة يبعد عن طريقي و يسبني في حالي .
أردفت بخبث :- يعني بطلتي تحبيه؟!
ابتسمت بمرار قائلة :- مش هكدب عليكِ يا رحيق، اه لسة بحبه، بس ساعات الصح بيجي في الوقت الغلط. آخر مرة مشيت فيها من عندكم كان نفسي أخنقه من غيظي منه، أنا معنديش الشجاعة الكافية إني أواجهه.
مصمصت شفتيها بتهكم قائلة :- أومال عملالي مديرة و عمالة تشخطي و تنطري على الفاضي، يا خيبتك!
رفعت حاجبها باستنكار قائلة :- دة أنا!
أردفت بابتسامة سمجة ما إن أدركت ما تفوهت به:- إيه دة مش تقولي إن أنتِ المديرة مخدتش بالي.
جزت على أسنانها بعنف قائلة بصرامة :- على مكتبك يلا.
ركضت من أمامها قائلة :- فُريرة . ثم غلقت الباب لتفتحه على حين غرة قائلة بجدية :- لو مكانك هاخد الملف و هروح الشركة ليه هو شخصياً يمضي عليه، و مش هسمحله أبداً يقلل مني أياً كانت الأسباب، بالعربي كدة هطلع عفاريتي عليه.
قالت ذلك ثم غلقت الباب و انصرفت، بينما أخذت تطالع أثرها قائلة بتفكير و تحد :- وليه لا!
______________________________________
ترقد طريحة الفراش وهي لم تفوق من الصدمة بعد، فالسكين أكثر حدة هذه المرة لتقطع قلبها إلى أشلاء، فما أوجع من الضربة التي تأتيك ممن ظننته أنه مستحيل أن يفعلها!
كيف كانت تحكي لها أسرارها و أمنتها عليها و وثقت بها ثقة عمياء، لتأتي لها طعنة الغدر منها، ممن ظنتها أختاً لها، حمدت ربها أنها لم تكشف لها سر أحمد من قبل و سرها الذي أخفته عنهم، لكانت استخدمته لصالحها أشر استخدام، وهذا مالا لن ترضى به أن تلحق بالصغير الأذى.
تساقطت دموعها قهراً على خيانتها لها، فهي لا تستحق هذا منها، كانت تقص عليها معاناتها وهي تستلذ بعذابها و قد نجحت في استخدام هذا في الإيقاع بها، فأسماء لم تكن أبداً المقصودة بل هي من كانت، يا للسخرية تلاعبوا بأخرى كي يحققوا مطامعهم! ولكن كان الله لهم بالمرصاد.
دلف الصغير بصحبة إسلام الذي يحمل الطعام بابتسامة جذابة و وضعه بجوارها ليهتف بحب :- صباح الفل على أحلى مريومة، يلا علشان تفطري، أنا و ابنك اتشقلبنا في المطبخ على ما حضرنا الفطار.
هزت رأسها قائلة بروح لا ترغب بالحياة:- مليش نفس.
زفر بضيق ثم جلس على الفراش و سحبها برفق لتنهض و تجلس نصف جلسة، فهتف بهدوء و روية :- ممكن أعرف آخرة دة إيه؟ أنتِ شايفة إنها تستحق تزعلي الزعل دة كله؟
أردفت بوجع شديد :- أنا مش زعلانة عليها أنا زعلانة على نفسي اللي آمنت لواحدة زي دي، إسلام هو أنا وحشة علشان كل دة يحصلي؟
ضمها لصدره قائلاً بهدوء :- هششش بس متقوليش كدة، دة اختبار من ربنا " إذا أحب الله عبداً ابتلاه" ولا أنتِ مش عاوزة ربنا يحبك!
أردفت بسرعة :- لا عاوزة.
أردف بحب :- يبقى توكلي أمورك لله و تصبري على ما ابتلاكي، و بعدين أنا اللي هقولك يا شيخة مريم مش المفروض إنك عارفة الكلام دة، دة أنا اللي أتعلم منك. بقلم زكية محمد
ثم نظر للصغير قائلاً :- شوف يا ميدو مامتك مش راضية تاكل، شوفلك صرفة يا عم.
حاوط الصغير وجهها بكفيه الدقيقين قائلاً بحزن طفولي :- ماما كُلي علشان خاطري، أنتِ مش قولتي إن اللي مش بيفطر مش شاطر! و أهو أنتِ مش شاطرة وأنا كمان مش هاكل.
قبلته من وجنته بحنان قائلة :- لا يا روحي أنا هاكل علشان أنت تاكل، تعال يا قلبي.
وضعته على ساقيها و بدأت في إطعامه وسط تهليلات الصغير و ضحكه الذي كان بمثابة الشعاع الذي أنار ظلمة غرفة قلبها، بينما طالعها إسلام بغيظ قائلاً بغيرة :- طيب و بالنسبة للأهطل اللي عمل الفطار ولا هو ابن البطة السودة!
نظرت له بدهشة قائلة :- إسلام دة ولد صغير هتعمل عقلك بعقله!
نهض من مكانه قائلاً بحنق :- لا لا سمح الله ، أنا سايبهالكم و ماشي.
أنهى كلماته ثم غادر الغرفة بضيق، وهو لا يصدق أنه يغير من طفل تعدى الأربع سنوات منذ مدة قصيرة.
زمت شفتيها بعبوس قائلة وهي تنظر للصغير :- إسلام زعل مننا يا ميدو، هو عنده حق أنا زودتها كتير، مش هفضل في مكاني كدة الحياة مبتقفش على حد و خصوصاً لو كان ميستهلش.
تابعت إطعام الصغير لتنتهي بعد مدة قليلة، ومن ثم نهضت لتبدل ملابسها و تنظر في المرآة فتتأمل وجهها الشاحب بحزن، ومن ثم أخذت تضع بعض المساحيق الخفيفة لمداراة شحوبها حتى يعود وجهها لطبيعته كما السابق، و تركت الصغير يلعب بألعابه، لتخرج و تراه يجلس على الأريكة بالصالة يهز ساقيه بعصبية و ينظر أمامه بحنق وهو يتظاهر بأنه يشاهد التلفاز.
ابتسمت بخفوت و طالعته بحب فهو الوحيد الذي لم يتركها بمفردها في الآونة الأخيرة، لم يكل منها أو يتعب، بل ظل بجانبها يرطب جراحها إلى أن شُفيت، أنه محق لا بد ومن السير قدماً فما مضى قد مضى.
وضعت الطعام أمامه وجلست بجواره قائلة بشجاعة وهي تقترب منه بشدة لطالما تذوب في كل مرة خجلاً ما إن أقترب منها :- إسلام أنا... أنا عاوزة أفطر معاك.
نظر لها بدهشة وكأنها تبدلت ليست تلك التي نالت الحياة منها، و رفع حاجبه لجرأتها الواهية فهي ترتعش حرفياً فابتسم بخبث عليها، و سرعان ما نظر أمامه قائلاً بعبوس مصطنع :- لا مش عاوز أفطر روحي أفطري مع ابنك.
ضحكت بنعومة أذابت جدران قلبه الصلبة، إلا أنه تظاهر بالثبات وظل على موقفه، فزفرت هي بحنق قائلة :- عاوزني أعملك إيه دلوقتي يعني، أنا ما فطرتش مع ميدو علشان خاطرك.
رفع حاجبه باستنكار قائلاً :- ميدو! إلا عمرك ما عملتيها و قولتيلي كلمة عدلة يا مؤمنة.
قطبت جبينها بتعجب من حالته قائلة بروية :- اممم طيب أقولك إيه؟ سلومة...ولا سلامونتي ولا صاصا..
أردف بحنق :- صاصا! روحي يا مريم قفلتيني.
جعدت أنفها بضيق قائلة :- هوف يعني دة مش عاجبك ودة مش عاجبك أومال أعملك إيه؟
حاوط خصرها قائلاً بخبث :- ولا حاجة متتعبيش نفسك أنا اللي هعمل.
شهقت بخجل قائلة بتوبيخ :- إسلام الولد قاعد عيب على فكرة. بقلم زكية محمد
أردف بغيظ :- بقولك إيه الواد دة تشيليه من دماغك خالص، ومن هنا ورايح في إسلام وبس، و بعدين أنتِ اللي معطلاني افضلي أرغي لحد ما يزهق من اللعب و يطلع، ركزي معايا أنا الله يخليكِ.
لم يعطيها الفرصة للاعتراض و أخرسها بطريقته الخاصة.
_____________________________________
ليلاً تجلس على الأريكة بغرفتهم بعد أن انسحبت من بينهم فهي تشعر بالإختناق منذ أن أخبرتها سندس بحقيقة الأمر، وكم تتألم لأجلها فآخر شيئاً تتوقعه أنها تخفي كل هذا بأعماقها، لطالما تظاهرت بالمبالاة و الضحك و التخفيف عن الآخرين، ليكون هذا قناعاً تخفي خلفه جروحها و أوجاعها.
بدأت شهقاتها تعلو في المكان و أزداد نحيبها حيث لم تستطع أن تسيطر على نفسها.
في نفس الوقت دلف مراد بعد عناء يوم حافل بالعمل، لتلجمه الصدمة وهو يراها بتلك الحالة، فوالدها بخير وفي أحسن حال عن ذي قبل، إذًا ما الأمر؟!
ألقى بمتعلقاته و توجه ناحيتها ليمسكها من كتفيها قائلاً بقلق :- في إيه؟ بتعيطي ليه؟
ألقت بنفسها سريعاً ترمي برأسها على صدره العريض قائلة ببكاء :- أخوك حمار و حيوان!......
يتبع..
الفصل الثالث والعشرون
توقف جامداً للحظات وهو يحلل كلماتها التي تفوهت بها منذ قليل، و التي فهمها من خلال حديثها بشكل خاطئ ليهزها ببعض القوة قائلاً بحدة :- ماله أخويا عمل إيه؟ انطقي.
هتفت بخفوت أصابه بالذهول واشعل نيران الغضب بقفصه الصدري:- أخوك الحمار بيضايق سندس وهو مش فاهم حاجة.
ضم قبضته بقوة وهو على وشك أن يلكمها بغيظ، فهو يعلم بقصتهما من قبل، و لكن طريقة حديثها هذه زرعت الشك بداخله تجاه أخيه في أن يكون قد مسها بأذى بأي شكل من الأشكال.
أردف بغضب مكتوم وهو على وشك الجنون منها :- بغض النظر عن إنك غلطتي في الأكبر منك، عمل إيه عاصم مخلي الأستاذة منهارة بالشكل دة.
ابتعدت عنه و طالعته بغيظ لتدفعه بصدره ببعض القوة قائلة بحنق وهي لا تعي ما تتفوه به :- يا برودك يا أخي! و كمان مش عارف عمل إيه، أما أنكم جوز فريزرات بصحيح.
رفع حاجبه بوعيد قائلاً بغضب مكبوت :- ها وايه تاني؟ دة الفريزر زاد واحد أهو..
اتسعت عيناها بشدة و وضعت يدها على ثغرها، وهي تستوعب بعقلها الغبي كالعادة ما قالته، لتنهض بحذر قائلة بتلعثم :- أاااا.....مش أنت...مش أنت..دة عاصم بس و شادي..
وحينما رأت نظراته المصوبة نحوها والتي لا تنذر بالخير، ازدردت ريقها بصعوبة، وما إن رأته مقدماً عليها صرخت بهلع و ركضت للخارج بسرعة البرق، وهو يلحق بها وقد تخلى عن كل ذرة تعقل لديه، فقد طاف الكيل منها ومن أفعالها.
أخذت تهتف بخوف :- يا لهوي هيموتني دة قلب على هولاكو، يا لهوي يا لهوي....
ركضت كالبلهاء وهي لا تعلم أين تذهب و تختفي منه وهي تشعر بخطواته خلفها، أسرعت من وتيرة ركضها لتنزل من على الدرج ثم تركض في ممر طويل، لتفتح بعدها غرفة نوم عمها دون أن تقصد لتجد لميس بمفردها التي ما إن رأتها هتفت بقلق :- في إيه يا رحيق؟
توجهت نحوها كالقذيفة و اختبأت خلفها قائلة بدقات قلب مسموعة للعيان :- إلحقيني يا مرات عمي ابنك هياكلني!
قطبت جبينها بدهشة قائلة :- ابني هياكلك! إزاي دة؟
صرخت فجأة ما إن رأته يدلف الغرفة لتلتصق بها أكثر قائلة بصراخ :- أهو أهو إلحقيني منه...
نظرت له قائلة بعدم فهم :- مراد فيه إيه؟
تقدم نحوهن وحاول الوصول لها إلا أنها كانت تراوغ و تتثبث بجسد لميس حيث كانت تحركها يميناً و يساراً في حركة منها للاختباء منه، فهتف هو بغضب :- اطلعي من عندك أحسنلك..
هزت رأسها بنفي قائلة بخوف :- لا لا أنت هتضربني.
جز على أسنانه بغيظ قائلاً بتهديد :- بقولك تعالي هنا وبلاش لعب العيال دة.
أتى شادي و عاصم على الصوت وما إن رأى مراد أخيه نزع الجاكيت خاصته واقترب منها و قام بوضعه على رأسه و أحكم غلقه بحيث لا يظهر منها شيئاً، وعلى الرغم من أنه يعلم شقيقه جيداً إلا أن فكرة أن يراها أحد هكذا ولو بمحض الصدفة يضرم النيران بداخله فتقضي على الأخضر و اليابس.
هتف شادي بقلق :- في إيه يا رحيق بتصرخي ليه؟
عضت على شفتيها بحرج شديد فبغبائها تسببت في حدوث جلبة بالقصر أثارت قلقهم، فتدخل هو ليهتف بحنق شديد :- متقلقش يا شادي أختك العيلة و عمايلها الهبلة أنت هتوه عنها..
ضحك بمرح قائلاً :- عملتي إيه يا مجنونة، يا قادرة قدرتي تعملي اللي فشل فيه غيرك كتير، عملتيها إزاي دي؟!
نظرت له بعيونها التي تظهر فقط من فتحة الجاكيت وهي تود لو تنقض عليه بأسنانها لتمحي بسمته الحمقاء هذه، بينما هتف عاصم بهدوء قبل أن ينصرف :- طيب خلاص يا جماعة حصل خير..
بعد أن انصرف عاصم، جذبها مراد من ذراعها قائلاً بحدة:- قدامي ..
إلا أنها تململت منه و دفعت ذراعه بعيداً عنها لتقول بحنق :- لا مش جاية معاك في حتة بعد ما تعتزر الأول.
رفع حاجبه باستنكار قائلاً بصرامة :- اسمعي الكلام وبطلي عند.
هزت رأسها بإصرار قائلة :- لا أعتذر الأول أنت غلطت فيا وقلت عليا هبلة وأنا مش هبلة، أنت فاهم؟
كان شادي و زوجة عمه يتابعان المشهد بابتسامة خبيثة لما يحدث، وكيف نجحت تلك البلهاء في أن تثير حنقه الذي لم يجرؤ أحد أن يحرك عضله بوجهه لا بضحك ولا بحزن، لتأتي هي لتضعه على شفا جرف من الجنون.
نظر لها مطولاً فهي تستغل وجود أمه و شقيقها، لذا ترتدي ثوب الشجاعة و تهذي بهذه الكلمات.
وضع يديه في جيوبه قائلاً بجمود :- براحتك، تصبحي على خير.
قال ذلك ثم انصرف ببرود كعاصفة ثلجية، بينما طالعت أثره بصدمة و قامت بالقاء الجاكت أرضاً بغيظ قائلة بتذمر :- شايفين! شايفين!
اقتربت منها لميس و احتضنتها بحب قائلة بابتسامة محببة :- معلش يا حبيبتي أنتِ عارفة طبعه و بصراحة أنتِ زودتيها شوية.
أردفت بحنق :- يرضيكِ يقول عليا هبلة، يرضيكِ؟
كبحت ابتسامتها قائلة بروية :- لا ميرضنيش يا حبيبتي طبعاً، متقلقيش هشدلك عليه..
ضيقت عينيها قائلة بإصرار :- و يعتذر؟
هزت رأسها باستسلام قائلة :- اه إن شاء الله نبقى نشوف الموضوع دة، يلا يا حبيبتي إلحقي جوزك.
هزت رأسها بنفي قائلة :- لا مش رايحة ورا حد أنا، لما يصالحني الأول.
تدخل شادي قائلاً بضحك :- أختي حبيبتي اللي مشرفاني، إيه دة بس يا وحش ! لا أنا هحجز عندك بقى و أخد دروس.
أردفت لميس بضيق وهي تنهره :- ولد! دة بدل ما تعقلها!
أردف بضحك :- أصل بصراحة يا مرات عمي أنا شمتان في ابنك جداً، خليها تطلع القديم والجديد عليه، دة ذنبي أنا و بتخلصهولي أختي.
هزت رأسها بتعب قائلة :- لا دة أنتوا مجانين خالص، استهدي بالله يا حبيبتي و متخليش شادي كلامه يأثر عليكِ.. بقلم زكية محمد
أردفت بخوف :- لا طبعاً هو أنا مجنونة اروح عرين الأسد برجليا! دة مستحلفلي، معلش يا مرات عمي على الدوشة دي، تصبحي على خير بس يا ريت تديني حجاب علشان ما أخدتش بالي وأنا وبجري لأحسن يكون عاصم برة.
أومأت لها بموافقة و أحضرت لها حجاب و التقطت سترة مراد و اعطتهم لها، وضعت الوشاح على رأسها و أخذت منها السترة و انصرفا معاً .
بعد وقت توقفت أمام الغرفة وهي تفرك يديها بتوتر، تخشى أن تدلف فهي تهابه على ما فعلت منذ قليل، و لوهلة فكرت في الذهاب لإحدى الغرف الفارغة و البقاء فيها حتى الصباح.
هتفت بخفوت و توبيخ :- ما هو مكانش لازم أقوله كدة، يا لهوتي دة غير الفريزر اللي قولتها.
سحبت نفساً عميقاً قائلة بتشجيع لنفسها :- يلا أدخلي و زي ما تيجي تيجي، أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمداً رسول الله.
فتحت الباب فتحة صغيرة لتطل برأسها و عيناها تجوب بالغرفة، فتنهدت براحة قائلة :- الحمد لله مش هنا.
دلفت للداخل ونزعت عنها الحجاب، و ابدلت ملابسها ثم جلست على الفراش تحدث سندس لمعرفة آخر التطورات، و ما إن ردت عليها هتفت بابتسامة :- عاملة إيه دلوقتي؟ ها روحتي؟ احكيلي عملتي إيه؟ وهو كان رد فعله إيه؟
تأففت بضجر قائلة :- براحة يا ماما حاضر والله هرد بس مش كدة واحدة واحدة. أولاً يا ستي الحمد لله، ثانياً اه روحت.. صمتت قليلاً لتردف بغيظ :- يا ريتني ما سمعت كلامك.
أردفت بانتباه :- ليه حصل إيه؟
تنهدت بعمق لتعود بذاكرتها للخلف تحديداً منذ أن دلفت للشركة الخاصة بهم، و صعدت المصعد لتتوجه بعدها لمكتبه بعد أن سألت عن مكانه، وما إن وصلت و مررت اسمها للسكرتيرة الخاصة به، خرجت لتخبرها بأن تنتظر بعض الوقت، فأومأت لها بتفهم وجلست على الأريكة المريحة تنتظره.
مر الوقت لتأفف بضجر وهي تنظر في ساعتها، فطلبت من السكرتيرة أن تعجله لأنها ليس لديها وقت فلديها أعمال مثله.
دلفت أخيراً بعد أن أمر الأخيرة بأن تجعلها تدخل، سحبت نفساً عميقاً في محاولة منها على الحفاظ على ثباتها الإنفعالي أمامه.
جلست على المقعد قبالته بعد أن ردت عليه التحية باقتضاب، ثم مدت له الملف الخاص بالعمل ليقرأه و يوقعه.
تناوله منها و وضعه إلى جواره وأكمل العمل الذي بيده حيث كان يراجع إحدى الملفات المهمة بصفقة تخصهم ولم يعيرها أي انتباه قاصداً إياه بخبث كي يثير حنقها.
أخذت تهز قدميها بعصبية مكبوتة، وهي تراه يضع الملف بجانبه ولم يشرع النظر فيه، رفعت بصرها نحوه قائلة من بين أسنانها :- ممكن تمضي على الملف ورايا شغل ومش فاضية، وأنت عطلتني كتير النهاردة.
قطب جبينه بدهشة مصطنعة قائلاً :- بس أنا مقصدش إني أعطلك، زي ما أنتِ شايفة ...
ثم تابع بسخرية :- ولا أنتِ فاكراني زيك بروح أهش الدبان هناك.
اصطكت أسنانها بعنف منه، فهو يخرج أسوأ ما فيها بكلامه هذا، إذ ضربت على المكتب بيدها قائلة بصرامة :- والله أظن دي حاجة متخصكش، امضي على الزفت خليني أمشي.
جز على أسنانه بغيظ قائلاً :- أنتِ إزاي تجرأي ترفعي صوتك عليا؟
جعدت أنفها بحنق قائلة بتهكم :- ليه كنت مين إن شاء الله! ابن بارم ديله!
نهض من مكانه و توجه ناحيتها بخطا دبت الرعب بداخلها، و أخذت تلعن رحيق قائلة بندم خافت :- الله يخربيتك يا رحيق، يا ريتني ما سمعت كلامك.
وقف قبالتها ليميل قليلاً ليكون في مواجهتها و وضع كلتا يديه على الكرسي يمنعها من الهرب، بينما انكمشت هي بمحلها تنتظر القادم منه.
أردف بفحيح ساخر :- إيه الشجاعة دي بس! بتردي عليا كمان.
أردفت بصوت متوتر وهي تتحاشى النظر لعينيه :- أنا... أنت اللي بتقول كلام ميعجبش.
رفع حاجبه باستنكار قائلاً :- لا والله! أومال عاوزاني أعمل إيه مثلاً أتغزل فيكِ!
حدجته بغضب قائلة :- أنت قليل الأدب، و أوعى كدة.
لم يستجيب لطلبها بل ازداد دنواً منها قائلاً بسخرية :- إيه مستغربة الكلام دة ليه، مش كنتي شبعانة منه زمان!
أردفت بتماسك :- من فضلك أمضي على الملف عاوزة أمشي، أنت مبتفهمش!
صرخ بوجهها بحدة قائلاً :- أخرسي خالص، أنا على أخرى منك، متختبريش صبري .
ربعت يديها قائلة ببرود :- اللهم طولك يا روح، ماشي اتفضل سيادتك شوف شغلك خليني أخلص.
ضرب المقعد بعنف بجوارها كي يفرغ بعضاً من النيران التي أشعلتها بداخله بسبب برودها، فصرخت هي بخوف ظناً منها أنه سيضربها.
ابتعد عنها وهو يضم قبضته بقوة كي لا يفتك بها، فكيف تقف هكذا جامدة وهو يحترق! أين تلك الوعود المزيفة التي وعدته إياها! ابتسم بسخرية لطالما أنها مزيفة فما النفع منها الآن.
عاد أدراجه وجلس بجمود هو الآخر و مسك الملف الخاص بها ليراجعه بدقة و سرعة ومن ثم خط باسمه و قام بالقائه نحوها، مما زاد من حنقها ولكنها ابتسمت بمكر فها قد أتت خطة رحيق بثمارها و ثأرت لنفسها منه.
نهضت و مسكت الملف و غادرت المكتب، ليرتعش بدنها عندما سمعت صوت تهشيم بالداخل، لتسرع من خطواتها للخارج تهرب من عرينه وهي لا تصدق أنها نجت من تحت يديه.
بالداخل كان الوضع مزري إذ قام برمي كل ما على المكتب أرضاً فور خروجها، ثم أطلق زئيراً غاضباً و ضرب بيده على سطح المكتب قائلاً بوعيد :- ماشي يا سندس وحياة الوجع اللي وجعتهولي لأدوقهولك أضعاف.
أما هي بالأسفل صعدت لسيارتها و قادتها بسرعة كمن تلاحقها الأشباح.
انتهت من قص ما حدث لتتعالى ضحكات الأخرى قائلة بانتصار :- جدعة تربيتي! يا بنتي دول مينفعش معاهم غير كدة أسأليني أنا...
ضحكت الأخرى بصخب قائلة :- اه منك يا مجنونة دة أنا لو قعدت لحظة كمان كان موتني، الحمد لله أنا عايشة و مومتش على أيده.
أردفت بضحك :- بس بزمتك مش مبسوطة من جواكِ؟ أنا بحب أوي أستفز مراد و أشوف عصبيته، دة أنا لسة حالاً عاملة مشكلة..
هزت رأسها بيأس منها قائلة :- اه منك أنتِ!
ثم سمعت طرقات الباب لتهتف بهدوء :- طيب ثواني خليكِ معايا هشوف مين...
توجهت نحو الباب لتفتحه، وما إن رأت الماثل أمامها أصابها دوار شديد و تراخت أعصابها، بينما زجها ببعض القوة و دلف للداخل قائلاً بسخرية :- إزيك يا سندس، عاملة إيه يا بنت أمي و أبويا؟
وقفت كالصنم للحظات لتستوعب أنه ماثل أمامها لتهتف بضياع :- أنت إيه اللي جابك هنا؟
هز رأسه بضيق قائلاً بعتاب مصطنع :- تؤ تؤ أخص عليكِ يا سندس بقى دي ضيافتك لأخوكي..
أشارت للباب قائلة ببعض الحدة :- أمشي أطلع برة.
عض على شفته بغيظ قائلاً :- ولا وطلعلك لسان و بقيتي تعرفي تتكلمي.
صرخت بانهيار قائلة :- أمشي أطلع برة، عاوز مني إيه تاني حرام عليك يا أخي سيبني في حالي بقى، ظهرت تاني ليه؟
ضحك بسخرية قائلاً :- المصلحة تحكم يا أختي.
نظرت له بصدمة قائلة بتلعثم :- مممصلحة! مصلحة إيه؟ أوعى يكون اللي بالي.
أومأ بتأكيد قائلاً :- أيوة أحبك وأنتِ زكية كدة .
هزت رأسها بعنف قائلة بحدة و انهيار :- لا ...لا ..مش هسمحلك تعمل اللي عملته فيا زمان تاني لا..الموت عندي أرحم.. أمشي... أمشي..
صفعها بقوة قائلاً بصرامة :- ما تتهدي كدة سرعتيني، أنتِ هتعملي اللي هقوله وبس أنا أخوكِ الكبير
أردفت بضعف :- لا لا لو هتموتني مش هعمل اللي في دماغك أنا مش آلة تحركها زي ما أنت عاوز، ولا أداة تحقق بيها مطامعك، أنت فاهم؟
نظر لها بشر قائلاً :- هنشوف و دلوقتي لازم تتربي على طولة لسانك دي..
في نفس الوقت ركضت للأسفل بعد أن ارتدت الإسدال الخاص بالصلاة، و دموعها تجري على وجنتيها خوفاً عليها، فهي منذ أن سمعت صراخها وقع قلبها بين قدميها و استنجت من الحديث أنه شقيقها ذلك الحقير الذي لا يهمه شيء سوى مصلحته. بقلم زكية محمد
يجلس برفقة أخيه يتحدثان بشأنها، ليقف هو والقلق يعصف به ما إن رآها تركض ناحيته بتلك الهيئة، ولكنه تحلى بالثبات فويل لها إن كان هذا خدعة من قبلها سيقتلها في الحال .
وقفت قبالته ثم مسكت يديه قائلة بتوسل :- مراد تعال معايا أرجوك لازم نلحقها....يلا أرجوك.
مسكها من كتفيها قائلاً بخوف :- أهدي.. أهدي..و كلميني براحة نلحق مين وفيه إيه؟
أردفت ببكاء :- أخوها جه و كان بيضربها وهي بتصرخ يلا نلحقها بالله عليك.
تدخل عاصم ليهتف بقلق :- أنتِ تقصدي سندس؟
هزت رأسها بنعم، ليركض للخارج بسرعة الريح بينما ركض مراد خلفه قائلاً :- استنى يا عاصم أنا جاي معاك.
ركضت هي معه بدورها فأردف بحنق :- خليكِ هنا وأنا هطمنك عليها.
هزت رأسها بنفي قائلة بتوسل :-لا لا خدني معاك الله يخليك، أنا عاوزة أطمن عليها...
وأمام عينيها استسلم لطلبها و غادرا معاً يلحقوا بعاصم.
تجلس إلا جوار الأريكة أرضاً، تضم ساقيها بضعف بعد أن برحها ضرباً عنيفاً منذ لحظات، وجلس هو بعنجهية يطالعها بسخرية قائلاً :- علشان بس تعرفي أنا أقدر أعمل إيه كويس.
بكت بضعف فهي ليس أمامها سواه، فليس لديها أحد لتحتمي به، فهو شقيقها الذي من المفترض أن يشكل درعاً حامياً لها، لكنه ماذا فعل ؟ يستغلها من أجل المال!
سمع طرقات الباب العنيفة و صوت الجرس ليهتف بحذر :- أنتِ مستنية حد؟
هزت رأسها بنفي، بينما أردف هو بتهديد :- أنا هطلع أشوف مين، بس لو شيطانك وزك و سمعت ليكِ نفس هقطعهولك.
توجه ناحية الباب ليفتحه، ليفاجئ بلكمة عنيفة أطاحته أرضاً، وما إن رفع بصره نحوه اتسعت عيناه بذهول قائلاً :- عاصم!
لكمه مجدداً و يقول بغضب :- أيوة عاصم، فين سندس؟
قال ذلك ثم ولج للداخل لتصيبه حالة من الذهول وهو يراها متكورة كالجنين و أثار الضرب عليها، لتفور الدماء و تتصاعد بأوردته لينقض بعدها عليه وهو يسبه بأفظع السُباب، بينما كانت تنتفض بخوف وهي تشاهده ينقض عليه بهذه الطريقة.
في نفس الوقت ولج مراد و رحيق بعد أن وجدوا الباب مفتوح على مصراعيه.
توجه مراد نحو أخيه يحاول أن يوقفه عما يفعل، بينما أسرعت رحيق نحو سندس وساعدتها على النهوض و دلفت بها للداخل كي لا ترى أكثر من ذلك.
ركله في بطنه بعنف قائلاً :- يا حيوان بتضربها ليه ها، ليه؟
نظر له قائلاً بتهكم :- أوو الفارس الشجاع!
ركله مجدداً بعنف قائلاً :- يا كلب ..يا كلب يا نجس..
مسكه مراد قائلاً بروية :- أهدى يا عاصم مش كدة، أعقل.
لم يسمع له وجذبه من تلابيب ملابسه قائلاً بعنف :- عملت كدة ليه؟
أردف بضعف من كثرة الضرب الذي تلقاه :- إيه دة هي مقالتلكش! أومال عرفت إزاي؟
أردف بغضب :- متردش سؤال بسؤال، و رد عليا.
قاطعهم صوت صراخ رحيق التي صرخت بلوعة وهي ترى تراخي جسد سندس و توقفها عن الحركة.
دلف للداخل بسرعة و تبعه مراد اللذان توقفا عند الباب فقال عاصم بخوف :- رحيق في إيه؟
أردفت ببكاء :- سندس مش بترد عليا ...
أردف بقلق :- طيب لبسيها على ما أجيب دكتور.
قال ذلك ثم خرج للصالة ليجد ذلك الجبان يحاول الفرار، إلا أن لكمة عاصم منعته حيث كانت القاضية فأفقدته وعيه في الحال ثم هتف بازدراء :- اطمن عليها الأول وبعدين أفضالك.
بعد وقت أتى الطبيب وفحصها وخرج و معالم الضيق على وجهه وهتف بعملية :- مين اللي عمل فيها كدة؟
هتف عاصم بغيظ :- دة واحد تور و حمار بس متقلقش إحنا هنتصرف معاه، دلوقتي طمنا عليها.
مط شفتيه بأسف قائلاً :- هي اتعرضت للضرب العنيف و دة سببلها بعض الكدمات و الجروح، كتبتلها شوية مسكنات و مراهم تنتنظم عليها وإن شاء الله هتبقى كويسة.
هز رأسه بأسى قائلاً :- ماشي يا دكتور شكراً لتعبك، مراد خد جيب الدوا دة ووصل الدكتور في طريقك.
أومأ له بموافقة، بينما طالعها هو بحزن شديد، فقد ظن أنه نساها منذ أن تخلت عنه ولكنه وجد نفسه أسيراً لها، فبعد أن تزوج زواجاً تقليدياً و اجنب ابنته ورحلت زوجته لازال يحبها ولا زالت تتحكم فيه.
نظر لرحيق قائلاً بهدوء :- رحيق تعالي برة عاوز أتكلم معاكي شوية.
أومأت له بهدوء وهي تلقي بنظرة أخيرة على تلك الغافية ولا تشعر بشيء حولها.
جلست قبالته فهتف بهدوء :- أنتِ عارفة سبب اللي حصل دة ؟
هزت رأسها بموافقة قائلة بغيظ :- أيوة عارفة زي ما أعرف حجات كتير، حرام المسكينة اللي جوة دي متستاهلش أبداً تعملوا فيها كدة، أخوها يلطش يمين وأنت تلطش شمال!
ضيق عينيه قائلاً بعدم فهم :- إزاي مش فاهم أنا.
مطت شفتيها بسخرية، ثم راحت تقص له كل ما أخبرتها به لتوضح له سوء اللبس الذي حدث منذ سنوات، لتنتهي و تنظر له بتشفي وهي ترى الصدمة تزين وجهه.
أردفت بتهكم :- علشان بس تعرف إنك ما تفرقش حاجة عنه ! بقلم زكية محمد
أردف بذهول :- وازاي سكتت و مقالتش، إزاي؟
مصمصت شفتيها بتهكم قائلة :- علشان كانت خايفة على جنابك بس البعيد ما بيحسش!
رفع حاجبه باستنكار لتردف هي بسرعة :- قصدي يعني أنت كنت متسرع و مدتلهاش فرصة.
أشار لذاته بسخرية قائلاً :- دة أنا! أنا كنت هبوس أيدها علشان تفضل معايا و متتخلاش عني بس هي سابتني و وجعتني بكلامها يومها، أنتِ مش فاهمة حاجة.
هزت رأسها بنفي قائلة :- لا فاهمة كل حاجة، هي حبتك بجنون وخافتت من تهديد أخوها و طليقها الله يجحمه خافت يؤذوك زي ما قالولها، وهي أهون عليها أنها تعيش مع حد غيرك على أنها تتحرم منك تماماً.
ضغط على فكه بعنف قائلاً بغضب وهو يسب الذي يقبع بالداخل :- يا ابن ال..... وجاي ليه دلوقتي؟ أكيد عاوز يساومها دة أنا هقتله النهاردة..
قال ذلك ثم نهض متوجهاً نحو الغرفة التي حبسه بداخلها، لتقف هي على آخر لحظة قائلة بتروي:- عاصم أهدى دة مش حل على فكرة، بلاش تودي نفسك في داهية علشان واحد زي دة .
مسح على وجهه بضيق قائلاً :- أبعدي من وشي يا رحيق أنا عفاريت الدنيا بتتنطط حواليا.
هزت رأسها بنفي قائلة :- لا حرام عليك طيب فكر فيها هي و في بنتك لو اتهورت واتحبست هيعملوا إيه من غيرك.
و كأن كلماتها كانت بمثابة الماء التي رُشت على حريق فأخمدته، فتراجع مستغفراً ربه فهي محقة ماذا إن تهور و حدث شيء وتم زجه للسجن ماذا ستفعل ابنته بدونه و ماذا ستفعل هي؟
دلف مراد وهو يحمل الدواء قائلاً بتعجب من وقفتهما :- الدوا أهو، إيه اللي موقفكم هنا؟
أردف و رحيق براحة :- مراد تعال شوف أخوك عاوز يرتكب جناية في البيه اللي متلقح جوة دة، شوفلك صرفة معاه وأنا هروح أشوف سندس....
______________________________________
بعد مرور أسبوع في إحدى النوادي الراقية جلست هي بتوتر وهي ترتدي نظارة سوداء تخفي ملامحها، تلتفت يميناً و يساراً بقلق تنتظر قدومه بسرعة لتنهي الأمر.
تنهدت براحة عندما رأته مقدم نحوها، و خلع نظارته الشمسية وجلس قبالتها وهتف بصوت ساخر :-يا أهلاً بمدام المرشدي، يا ترى طلبتي تقابليني ليه؟
نظرت نحوها وكأنها ارتكبت جريمة من جلوسها معه لتهتف بضجر :- أنا طلبتك بس علشان المصلحة العامة أنت هتستفيد وأنا كمان هستفيد.
ضيق عينيه بمكر قائلاً :- أحب أسمع الأول علشان أعرف هستفاد إزاي...
يتبع..
الفصل الرابع والعشرون
نظرت له مطولاً، ثم زفرت بضيق قائلة بتكبر :- أنا عارفة إنكم على خصام و مفيش وفاق بينك ولا بين مراد.
قطب جبينه بتعجب قائلاً :- إيه هتصالحينا على بعض! اطمني استحالة نكون أنا وهو في طريق واحد.
زفرت بملل قائلة :- يا ريت تسمع للآخر، أنا مجبتكش هنا علشان تتصالحوا أنا جبتك هنا علشان نتفق اتفاق كدة و صدقني أنت هتكون محتاجه أكتر مني.
ضيق عينيه بحذر وانتباه قائلاً :- اتكلمي أنا سامعك.
أردفت بشر :- أنا عاوزاك تخطف مراته، تقتلها تخليها مش مهم الأهم إنها مترجعش القصر دة تاني أبداً.
رفع حاجبه بدهشة قائلاً :- مراته! عاوزاني أخطف مراته اللي هي بنت جوزك! امممم دلوقتي فهمت سبب كرهك ليها.
أردفت بحنق :- أظن دي حاجة متخصكش، أنت ليك اللي يخصك بس.
مط شفتيه بتهكم قائلاً :- بس أنا لسة ما أعرفش وجه الإستفادة ليا.
أردفت بمكر :- هسلمك ملف لأي صفقة خاصة بيهم.
زم شفتيه بتفكير قائلاً بخبث :- ماشي اتفقنا، أضمن ملف الصفقة الجديدة في أيدي و بعدين أعملك اللي أنتِ عاوزاه.
أومأت بفرحة داخلية قائلة :- أوك ديل يا بشمهندس عز.
ابتسم بتكلف قائلاً :- ديل يا ناريمان هانم.
نهضت من مكانها قائلة بسرعة :- طيب أنا همشي بقى لأحسن حد يشوفنا مع بعض.
غادرت بسرعة، بينما أخذ يطرق بأصابعه على الطاولة بابتسامة خبيثة قائلاً بخفوت :- و رقبتك بقت تحت أيدي من غير أي مجهود، خلينا نتسلى شوية.
______________________________________
بعد أن انتهت من أعمال المنزل جلست على الأريكة لتستريح قليلاً تشاهد التلفاز، ولكن قاطع هدوئها ذاك صوت جرس الباب، فنهضت وتوجهت لترى من بالباب.
فتحته لتشهق بصدمة حينما وجدت أسماء قبالتها تقف و الدموع متحجرة في عينيها و تنظر لها بندم.
ربعت مريم يديها بضيق و أشاحت بوجهها للجانب الآخر قائلة بجمود :- أفندم؟
زمت شفتيها بأسى فيبدو ما أتت لأجله صعب المنال، ولكن لا بأس من المحاولة.
هتفت بنبرة متلعثمة :- ااا...مش هتدخليني طيب!
نظرت لها بسخرية قائلة :- بطلنا، مريم الهبلة اللي جاية تضحكي عليها بكلمتين ماتت، أنا خلاص لا عاوزة أعرفك ولا أعرف غيرك.
سقطت دموعها بحزن قائلة :- طيب اسمعيني الأول...
قاطعتها قائلة بصرامة و برود :- مش عاوزة اسمعك ولا اسمع غيرك، و يلا من غير مطرود.
نكست رأسها بأسى، ومن ثم عادت أدراجها وهي تجر أذيال الخيبة معها، فهي منذ أن علمت حقيقة الأمر وهي تعض أناملها بندم على ما أقترفت، نعم كانت جزء من مخططهم و لعبوا بها هي الأخرى ولكن ما فعلته معها ليس بقليل أيضاً، يا لها من خسارة فادحة لها! فقد خسرتها بغبائها و عليها تقبل النتائج .
أما مريم جلست بإهمال على المقعد وقد ازدادت وتيرة أنفاسها بتوتر، لم أتت مجدداً؟ أأتت لتضحك عليها مرة أخرى و تخبرها بكلمات معسول وهي تصدقها ثم لتأتي و تطعنها في أي وقت!
لا لن تسمح لها أبداً، لقد تعلمت الدرس ولن تكرر الخطأ ثانية. بقلم زكية محمد
سمعت صوت الباب يُفتح فعلمت أنه أتى، وكم هي ممتنة لذلك إذ ما إن وجدته مقدماً نحوها بابتسامة دافئة، انطلقت نحوه كالقذيفة و سكنت بأحضانه حتى كادت أن تخترق ضلوعه.
طوق خصرها بذراعيه يبادلها العناق بحب جارف، و عندما رآها صامتة للحظات هتف بمرح :- إيه يا مريومة، نمتي عندك ولا إيه؟!
تململت في صدره وهي تشم ملابسه بتلذذ بشكل أثار دهشته إذ أردف بتعجب :- مريم! أنتِ بتعملي إيه؟!
هتفت بحب وهي مازالت على نفس الوضعية :- ريحتك حلوة أوي.
رفع حاجبه بذهول قائلاً :-. ريحتي حلوة أوي! ربنا يجبر بخاطرك، بس مش غريبة!
ابتعدت عنه وهي تمسح طرف أنفها كما يفعل المدمن بعد أن يتناول جرعة المخدرات، فأردف بصدمة :- هو أنتِ ليه محسساني إني سجارة بانجو! لا أنا بدأت أقلق منك أنتِ بتتعاطي إيه من ورايا.
نظرت له بضيق قائلة :- إيه اللي بتقوله دة؟ أوعى كدة.
قالت ذلك ثم تخطته و جلست على الأريكة بتذمر، فما كان منه سوى أن يرضيها إذ جلس إلى جوارها و جذبها لتستقر رأسها على صدره قائلاً بمرح :- خلاص يا ستي متزعليش أهو شمي براحتك و خديلي معاكي نفسين.
جعدت أنفها بضيق قائلة :- أنت بتتريق عليا!
هز رأسه بنفي قائلاً بضحك :- حاشا لله يا قلبي وأنا أقدر برده أنا بس مستغرب، و دلوقتي قوليلي بقى مالك شكلك كدة في حاجة.
نظرت أمامها بحزن و شرود تتذكر مجيء أسماء، أما هو قبل رأسها بعنف قائلاً بقلق :- مريم مالك؟ حصل إيه؟
أردفت بوجع :- أسماء جات هنا.
كز على أسنانه بغيظ قائلاً :- ودي عاوزة إيه دي كمان؟ تحمد ربنا إني مخليها في العمارة ما طردتهاش من الحارة زي المعفنين اللي غاروا بشرهم من هنا.
أردفت بابتسامة ساخرة :- جاية تقولي أنا آسفة وكأنها كسرتلي طبق ولا كوباية، جاية علشان عارفة إن مريم الهبلة هتسامح.
مسد على شعرها بحنان قائلاً بحب :- لا مريم مش هبلة، مريم طيبة بشكل يخلي اللي قدامها يخجل من نفسه لو بس فكر أي فكرة مش كويسة عليها، مريم قلبها أبيض ما أتلوثش بشر ولا حقد البشر، مريم دي لو فضلت عمري كله أسجد لربنا أنه رزقني بيها مش هيكفي، عرفتي مريم إيه هي ومين؟ مش عاوز اسمع الكلام دة منك تاني.
أومأت بصمت وهي تشعر بكلماته كالنسيم في ليالي الصيف الحارقة، مر وقتاً قليلاً وهما بتلك الوضعية، ليقترب منها إسلام بخبث ويهمس في أذنها بوقاحة بكلمات جعلتها تقفز مبتعدة عنه قائلة بحدة وخجل :- يا قليل الأدب.
ضحك بوقاحة قائلاً بمكر :- قديمة ! هاتي حاجة جديدة نزلت في السوق، بقولك إيه أنا زوغت من الواد أحمد تحت، مش عامل دة كله علشان تقوليلي قليل الأدب.
أردفت بروية :- إسلام حبيبي أعقل!
ضحك بخبث قائلاً :- الله الله، قولي حبيبى كدة تاني.
قوست حاجبيها قائلة بتذمر و نبرة أطاحت بالباقي من لُبّه :- إسلام.
حاوطها من خصرها قائلاً بهيام :- يا روح إسلام وعقل إسلام، هتعملي فيا إيه تاني يا مريم! هتجننيني في مرة برقتك دي.
\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\
في اليوم التالي وقفت أمام الشركة الخاصة بزوجها بعد أن أحضرت إحدى التصميمات معها لرؤيتها و الإختيار من بينها، وفي الحقيقة لم يكن هذا هو السبب الحقيقي، فالسبب هو منذ أن علمت أن تلك الشمطاء التي كانت تتغنج و تتدلل على زوجها ستأتي للشركة اليوم و إعصار تسونامي اُضرِم بداخلها، فبالتأكيد ستكرر أفعالها المشينة للتقرب منه.
ضغطت على قبضتها بقوة قائلة بوعيد :- يا أنا يا هي النهاردة.
صعدت للأعلى وعلى درجات السلم كعادتها، حتى وصلت للطابق الذي يتواجد به مراد فجلست تلتقط أنفاسها ومن ثم تستعد لخوض المعركة.
ارتشفت زجاجة كاملة من المياه، و بعد ذلك توجهت للمكتب الخاص به إلا أن السكرتيرة اخبرتها بأنه ليس بالداخل وإنما في غرفة الإجتماعات، فابتسمت لها بتكلف و توجهت إلى هناك.
فتحت الباب على مصرعيه فجأة، لتتوجه لها أنظار من بالداخل، حيث أصابها الحرج من فعلتها حينما رأت كل هذا الجمع يطالعها بدهشة لمقاطعتها إياهم، حيث يجلس أخيها وعمها وزوجها وأخيه و تلك التي تمقتها و والدها، ازدردت ريقها بتوتر قائلة بتلعثم :- ااا... أنا آسفة إني عطلتكم، بعد أذنكم.
قالت ذلك ثم انصرفت بسرعة تختفي عن أنظارهم وهي تتمنى أن يحدث شرخاً بالأرض فيبتلعها، جلست على المقعد بالخارج وهي تعنف ذاتها و تتحدث ببلاهة، وكل من يراها يطالعها بتعجب وكأنها أُصيبت بالجنون .
بعد أن انتهى الإجتماع خرج جميعهم، لتنهض و تسرع تختبئ في أي مكان بعيداً عنه تجنباً لغضبه فلم تجد غير المكتب لتختفي تحته، و أخرجت رأسها بحذر تراقب خروجه، فشهقت بخفوت وهي تراه متجهم الوجه يطوي الأرض تحته، فأغلقت عينيها بعنف قائلة :- الحمد لله مشافنيش..
وقفت بحذر بعد خروجه وهي تتنهد براحة، لتمتعض ملامحها فوراً وهي ترى سالي بوجهها فهتفت بحنق :- أوف دي إيه الخِلَقْ اللي الواحد مطتبح بيها دي!
ثم رسمت ابتسامة سمجة قائلة :- إزيك يا سالي أخبارك إيه يا أوختشي؟
طالعتها باذدراء قائلة بتعالي :- هاي يا رحيق، مش شايفة أنك محتاجة تتعلمي الأتكيت شوية أصل كلامك سوفاج خالص.
أردفت بتهكم :- يا محنو! كلامي عاجبني يا حبيبتي وفري نصايحك لنفسك.
أردفت بمكر لتغرز الشكوك فيها :- هو أنتِ مش واثقة في مراد جاية وراه، اوه what a bitty.
جعدت أنفها بضيق قائلة :- أنا واثقة فيه طبعاً وبعدين أنتِ دخلك إيه؟
اقتربت منها قائلة بهمس ماكر :- دخلي كتير أنتِ خدتي حاجة مش بتاعتك و قريب أوي هيرميكي أصل ميرو بيزهق بسرعة بيحب يجرب و بعدين يرمي الحاجة دي عادي .
شحب وجهها، فابتسمت الأخرى بخبث وتابعت :- أنتِ تعرفي إيه عنه أصلاً؟ جيتي النهاردة و إمبارح! نصيحة يا شاطرة متنتظريش أنه يحبك زي ما أنتِ بتعملي كدة..
أردفت بتحد ولكي تثأر لنفسها :- ومين قالك إنه ما بيحبنيش! مراد بيحبني طبعاً..
أردفت بمكر :- سمعتيها منه قبل كدة؟ الكلمة دي مبيقولهاش لحد إلا أنا، و أتحداكي أنه قالها..
بهتت ملامحها فهي على حق لم يخبرها يوماً بذلك فماذا تنتظر من شخصاً بارداً مثله!
نظرت لها قائلة بثبات :- والله قالها مقلهاش كفاية إني شايفاها في عنيه و حساها جنبه مش لازم يعني، ولو أنتِ عاوزة تشوفي هو بيعترفلي بحبه أوريلك عادي..
رفعت حاجبها قائلة بإعجاب و تهكم :- أحب أوي وبكدة هثبتلك أنه مبيحبش إلا أنا..
جزت على أسنانها بغيظ ولم تعقب على حديثها، بينما تابعت الأخرى :- يلا نفذي التحدي بقى ولا أنتِ مش قده!
هزت رأسها قائلة بتوتر :- لا قده طبعاً بس، بس استني مش دلوقتي..
ضحكت بخفة قائلة :- أوك وأنا مستنية، باي بيبي..
قالت ذلك ثم انصرفت، بينما رفعت رحيق يدها في الهواء وكأنها تضربها و هتفت بتذمر :- مصيبة إيه اللي حطيت نفسي فيها دي؟ قال يعني هيقول بحبك أوي! دة مش بعيد يقتلني لو شافني دلوقتي..
ثم هزت رأسها بتفكير قائلة بغباء :- أنا هروح أقوله يقولي أنه بيحبني ما أنا مش هخلي الصفرا دي تشمت فيا..
قالت ذلك ثم انصرفت لمكتبه بسرعة، طرقت الباب بعد أن أمرت لها السكرتيرة بالدلوف وساقيها تصطك ببعضها، ازدردت ريقها بتوتر وهي تقف تضغط على يديها ولا تعرف من أين تبدأ.
طالعها بسخرية قائلاً :- إيه الأدب دة، بتخبطي قبل ما تدخلي!
رفعت شفتها العليا باستنكار قائلة :- إيه الكلام اللي بتقوله دة؟ قالولك عليا قليلة أدب !
نهض من مكانه قائلاً بغيظ :- و كمان بتقاوحي!
أخذت تتراجع للخلف وهي ترفع إصبعها بوجهه قائلة باعتراض واهي :- والله لو عملت حاجة هصوت واعملك فضيحة في الشركة وأقول المدير بيتحرش بيا.
رفع حاجبه بذهول قائلاً :- بتحرش بيكِ! هو أنا جيت جنبك!
ثم تابع بجمود :- وعلى العموم أنا ما بتهددش واعملي اللي أنتِ عاوزاه.
حاصرها بينه وبين الجدار قائلاً بحنق شديد :- اعمل فيكِ إيه ها؟
أجابته ببلاهة :- قولي بحبك و بموت فيكِ..
رفع حاجبه باستنكار قائلاً :- قولتي إيه؟ رحيق أنا مش فاضي للهزار دة.
أردفت بحنق :- ولا أنا بهزر ولا أنت بس بتعرف تقول الكلام دة للصفرا اللي برة ؟
زفر بضيق قائلاً :- رحيق أنتِ بتتكلمي عن مين، وضحِ .
زمت شفتيها بعبوس قائلة :- أقصد الهانم سالي اللي أنت مغرقها بحبك، ومستكتر تقول لمراتك كلمة عدلة.
ضيق عينيه قائلاً بانتباه :- نعم! كلام إيه دة؟
زجته بغيظ قائلة :- أيوة توه و أنكر، دة اللي بس فالح فيه..
جذبها من ذراعها بقسوة قائلاً بحدة :- وطي صوتك وأنتِ بتكلميني، و أسلوب البلطجية دة تبطليه، أنتِ سامعة؟
قوست شفتيها بألم قائلة بخفوت :- فاهمة.
تركها ببعض الحدة قائلاً بجمود :- أنا مش فاضي للعب العيال دة ورايا شغل..
قال ذلك ثم توجه لمكتبه وجلس يتابع عمله، بينما كبحت دموعها بصعوبة ومن ثم غادرت المكتب بسرعة البرق وهي تسير بترنح و بالكاد ترى أمامها، راقبتها سالي التي ابتسمت بانتصار فمظهرها ليس بحاجة لتوضيح فهي فشلت في التحدي.
نزلت للأسفل و خرجت للخارج وأخذت تسير بالشارع وهنا سمعت لنفسها بالانهيار، حيث نزلت دموعها بوجع وهي تشعر بألم شديد في قلبها، هتفت بنبرة متشنجة :- وأنا مضايقة ليه ما يغور في ستين داهية، ماشي يا مراد والله لأوريك.
مسحت عبراتها بعنف وتابعت السير، وفجأة سمعت صوت رنين هاتفها فالتقطته وما إن نظرت له هتفت بشراسة :- مش هرد عليك يا فريزر ها ..
قالت ذلك ثم غلقت الهاتف نهائياً و لم تعبأ بأي شيء آخر.
في نفس الوقت وقفت سيارة ضخمة سوداء أمامها و تقدمت نحوها و نزل بعض الرجال الضخام منها وقاموا بوضع مادة مخدرة على أنفها ففقدت الوعي على الفور، و من ثم وضعوها في السيارة وقادوها بسرعة. بقلم زكية محمد
أما هو نفخ بضيق قائلاً بغيظ :- ماشي يا رحيق.
قال ذلك ثم جمع متعلقاته وانصرف يلحق بها.
نزل للأسفل في ثوان من خلال المصعد، وأخذ يبحث عنها بعينيه في المكان فخرج ولم يجدها فأعاد الإتصال ولكنه وجده خارج نطاق الخدمة، فشد على شعره بعنف و بداخله يتوعد لها.
صعد ليبحث عنها عند شادي ربما تكون معه، ولكنه لم يجدها فهدر بعنف :- شايف غباء أختك، مشيت من غير ما تركب العربية اللي فيها الحرس، لو حصلها حاجة دلوقتي أنا هشرب من دمها.
هتف بروية ليمتص غضبه :- أهدي بس كدة مش أنت حاطط ال gbs في الخاتم اللي هي مبتقلعهوش، هنمشي وراها وهنعرف هي فين..
زفر بحنق قائلاً بغضب أعمى :- اتفضل لما نشوف، وليا حساب مع الهانم عسير أوي معايا أنا هعرف أعدل دماغها الزفت دي كويس أوي.
ركضا للخارج بسرعة ليستقلا السيارة و ينطلقا بها بسرعة الرياح، أخذ يحدد موقع تواجدها على الجهاز الذي بيده فأردف بتعجب :- دي رايحة فين دي؟
أردف بروية :- متقلقش أدينا وراها أهو..
صمت يزفر بضيق والقلق يأكله على تلك البلهاء التي ستقوده للجنون.
بعد وقت ازدادت صدمته حينما وجدها تتوجه لمنزل عدوه، فوقع قلبه بين قدميه وعلم حينئذ أنها في خطر، فنظر له شادي قائلاً بحذر :- في إيه يا مراد؟
أردف بذهول :- رحيق في بيت الزفت عز..
اتسعت عيناه بصدمة قائلاً :- إيه؟ أنت بتهزر!
أردف بحدة :- بسرعة يا شادي بسرعة مفيش وقت..
بداخل فيلا عز كانت مقيدة بإحكام و على فمها لاصق وهي تحاول الفكاك و تصرخ وتصيح فيهم بصوتها المكتوم.
هتف عز وهو يطالعها بضجر فهو أمر رجاله بوضع اللاصق كي تكف عن ثرثرتها الغبية و صراخها الحاد، فراحة له أن تظل هكذا:- أخيراً خلصت من دوشتك، تصدقي على الرغم إننا مش على وفاق إلا إني بشفق عليه كتر خيره الصراحة.
حدجته بغضب وهي تهمهم بكلمات غير مفهومة، بينما تابع هو بخبث :- ولو أنك قمر بصراحة واقع واقف مراد دة دائماً الفرص الحلوة بتترمي تحت رجليه، متقلقيش أنا بس بعد العد التنازلي اللي هيدخل فيه مراد هنا..
توقفت عن المقاومة وتابعته بتعجب بينما أردف هو بمكر :- عشرة ....تسعة ...... ثمانية....سبعة.....ستة....خمسة..... أربعة.....ثلاثة.....اتنين...واحد....
وبالفعل بمجرد أن انتهى من العد سمع صوته يهدر بالخارج باسمه بينما رجاله يمنعوه من الدلوف هو و شادي، فأشار لهم بأن يسمحوا لهم بالولوج.
دلف للداخل يركض نحوه وما إن رآها هكذا مقيدة، فارت الدماء بعروقه و قام بلكمه بعنف قائلاً :- يا حيوان يا زبالة كلامك معايا أنا واتعامل راجل لراجل.
نهض من الأرض وهو يمسح فمه قائلاً بتهكم :- هو أنا لو مش بتعامل معاك راجل لراجل كنت خليتك تعرف مكاني ولا كنت وصلتلي بسهولة كدة!
ركض شادي ليفك وثاقها، بينما مسك مراد عز من مقدمة قميصه قائلاً بحدة وغضب عاصف :- أنت إزاي تجرأ تخطف مراتي؟ دة أنا هسود عيشتك..
وعندما أقدم لضربه مجدداً مسك عز يده قائلاً بغيظ :- مش معنى إني ساكتلك تفتكر إني مش قادر أواجهك، أنا سايبك بمزاجي ، مراتك لا تهمني ولا تعنيلي بحاجة و مش عز اللي ينتهز الستات في الشغل ولا العداوة اللي بينا.
أردف مراد بتهكم :- أومال خاطفها ليها، هتفسحها!
ضحك بسخرية قائلاً :- ومين قالك إني خاطفها؟ ثم أردف باستدراك :- اه أنت قصدك على التكتيفة، سوري أصلها رغاية أوي و مركبة سرينة إسعاف في زورها علشان كدة كتفناها.
هجم عليه مجدداً قائلاً :- إياك ثم إياك تتكلم عنها تاني بالشكل دة، أنت فاهم؟
أردف بتهكم :- مش معقول، أوعى تكون بتحبها؟ لا مش ممكن دي معجزة.
غمغم بسخط :- بقولك إيه رد عليا أحسنلك.
جلس و وضع ساق فوق أختها قائلاً بخبث :- أبداً أنا كنت بس بجاري ناس عبيطة كدة و كمان علشان أثبتلك أن اعدائك كترو والطعنة المرة دي من أقرب الناس ليك.
عقد حاجبيه بتعجب قائلاً :- ناس مين دي؟
نظر لشادي بمكر قائلاً :- ناريمان هانم والدة البشمهندس شادي، شوفت بقى لا ومش بس كدة دي جابتلي ملف الصفقة الأخيرة بتاعكم و بصراحة العرض كان مغري أوي علشان كدة خطفت مراتك علشان دة بند من الاتفاق.
خيم الذهول على الجميع و بالأخص شادي، بينما جز مراد على أسنانه بعنف فقد حذرها قبل ذلك ولكنها ضربت بأوامره عرض الحائط، بينما خيم القهر على رحيق وهي تتساءل ماذا فعلت لها لكي تكرهها إلى هذه الدرجة و تريد أن تتخلص منها بأي شكل من الأشكال.
طالعهم عز بتشفي قائلاً :- تقدر تاخد مراتك يا مراد أنا زي ما قولتلك دي مش مبادئي، أما الصفقة بقى سوري أنا اتقدملي عرض و أبقى غبي لو كنت رفضته.
أخذ صدره يعلو و يهبط بعنف وهو يريد أن يهشم رأسه، ولكن لا بأس تباً للصفقة فأهم شيء هو سلامة تلك البلهاء ثم أي شيء يعوض.
جذبها من ذراعها بعنف ثم حدجه بغضب أعمى قائلاً :- متفتكرش إنك فزت كدة لسة الجولات جاية كتير.
ضحك بتهكم قائلاً بوعيد :- وأنا مستني..
لم يرد عليه وإنما سار للخارج بخطا سريعة تبعه شادي الذي لا يزال على صدمته.
ما إن وصلا للسيارة هتفت بتذمر وهي تحاول الفكاك من قبضته :- سيب أيدي يا متوحش..
طالعها بغضب قائلاً :- أنتِ تخرسي خالص و متتكلميش نهائي..
هزت رأسها باعتراض قائلة بحدة :- لا مش هبطل و كمان ليك عين تتكلم....اااه..
بترت كلماتها بسبب صفعته القوية التي نزلت على وجنتيها قائلاً بحدة :- الظاهر إن المهاودة مش جايبة معاكي نتيجة..
قال ذلك ثم فتح الباب و زجها بالسيارة بعنف وغلق الباب بحدة، بينما صعد للمقعد الأمامي خلف المقود حتى أتى شادي الذي صعد بجواره بشرود فانطلق نحو القصر و الشياطين تلاحقه.
_____________________________________
تعمل بجدية على الأوراق الموجودة أمامها، ولم تلحظ دلوف عاصم و جوري للداخل.
تقدمت الصغيرة منها بحذر ثم أصدرت صوتاً عال لتصرخ الأخرى بفزع و تهب من مكانها بخوف وهي تنظر لها بصدمة، و سرعان ما وضعت يدها على قلبها قائلة بتذمر وهي لا تلاحظ وجود عاصم الذي يكبح ضحكاته بصعوبة عليها :- حرام عليكي يا جوري خضتيني! بقلم زكية محمد
هتفت بندم :- I'm sorry أنا كنت بلعلب معاكي، بابا عاصم قالي كدة..
سبها عاصم بداخله قائلاً :- اه يا ندلة. بينما نظر في هاتفه و تظاهر بأنه منشغل به، فطالعته بغيظ قائلة بحنق :- بابا عاصم ! طيب يا حبيبتي متعمليش كدة تاني .
أومأت لها بموافقة ثم أردفت :- يلا تعالي معانا يا طنط سندس نروح نتغدى برة .
أردفت بحنو :- لا يا حبيبتي روحي أنتِ بالهنا و الشفا انا ورايا شغل كتير.
قالتها وهي تجلس لتتابع عملها، بينما نظرت هي لوالدها بمعنى ماذا تفعل، فأشار لها بأن تنفذ ما أتفقا عليه، فأومأت بخبث طفولي قائلة بتعب مزيف :- اه ..
انتبهت لها سندس لتنهض من مكانها وتجلس قبالتها قائلة بقلق :- مالك يا جوري يا روحي ؟
زرفت الدموع باحترافية قائلة :- أنا زعلانة منك .
شهقت بصدمة قائلة :- يا خبر! زعلانة مني ليه يا روحي؟
قوست شفتيها بعبوس قائلة بخبث :- علشان أنتِ مش راضية تروحي معانا، أنا مخصماكي..
قبلت كلتا وجنتيها لتهتف بحب :- يا روحي أنتِ لا خلاص هروح معاكي أنا مقدرش على زعلك أبداً يا قلبي.
احتضنتها بفرحة قائلة بصيحة طفولية :- هاااي يلا طيب يلا نروح..
ضحكت بخفة قائلة :- ماشي يا لمضة يلا نروح و أمري لله.
نظر لهن بابتسامة عريضة لنجاح مخططه فأردف بخفوت :- لا بنت عاصم بصحيح.
خرجوا معه لتنظر له بضيق، بينما طالعها بتوتر لنظراتها تلك و هو يخشى القادم.
صعدوا للسيارة و قادها هو ليصلوا بعد وقت إلى مطعم ضخم، فنزلوا وهي تتطلع للمكان بإعجاب و انبهار شديد، بينما مالت جوري على أذن والدها تهمس بمكر :- أي خدمة يا برنس عد الجمايل.
رفع حاجبه قائلاً بصدمة :- أنتِ بنت مين؟ استحالة تكوني بنتي، أنا لازم ارجع بيكِ لندن تاني.
غمزت له بخبث قائلة :- عليا أنا بردو طيب و المُزة هتسيبها لمين؟
أردف بذهول :- لا لا أنتِ لا يمكن تقعدي تاني مع رحيق..
أخذت تطالعهم وهم يتهامسون بتعجب، فتنحنحت بحرج ليقف هو قائلاً بابتسامة مهلكة :- اتفضلي..
مشت معهم للداخل حتى ولجوا للقاعة لتقف هي تنظر لما حولها بذهول و عدم تصديق......
يتبع..
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله1 اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق