رواية ذئب يوسف الفصل التاسع عشر والعشرين والواحد وعشرون بقلم ذكية محمد
رواية ذئب يوسف الفصل التاسع عشر والعشرين والواحد وعشرون بقلم ذكية محمد
الفصل التاسع عشر
صعد للأعلى بجنون بعدما أدرك أنها ليست بالمنزل، و ضرب باب الشقة الخاصة بعمه بعنف، حتى فتحته توحيدة التي ما إن رأته و رأت حالته المزرية هتفت بقلق :- خير يا إسلام يا ابني في حاجة؟
هتف بلهفة وعقله يرفض أي إحتمال آخر :- مريم عندك صح؟ هي جوة، صح يا مرات عمي، مش كدة؟
هزت رأسها بنفي قائلة بتوضيح :- لا يا ابني هي اه جات و خدت أحمد من يجي ساعة كدة و نزلت تاني، هي مش في الشقة؟
هز رأسه بضياع قائلاً :- لا لا مش موجودة، مش موجودة.. أنا هنزل أشوفها تحت عند أبويا أكيد عنده.
طوى درجات السلم تحته حتى وصل لشقة والده وطرق الباب بعنف، فانتبها له من بالداخل فهتفت عواطف وهي تضع يدها على قلبها :- يا ساتر يا رب مين اللي بيخبط كدة على الصبح؟
فتح موسى الباب ليجد ابنه الذي ولج يبحث عنها كالمجنون بالداخل، بينما ظل والديه يطالعانه بذهول من تصرفاته الغير طبيعية بالمرة.
هتف موسى بتعجب :- مالك يا إسلام بتدور على إيه يا ابني؟ بقلم زكية محمد
هتف بتيه :-. مريم، مريم يا بابا مريم مجاتش هنا؟
مصمصت عواطف شفتيها بتهكم قائلة :- لا مجاتش يا ابن بطني، و مالك مدلوق عليها أوي كدة؟ دة أنت حتى مقولتش صباح الخير، و لسة هنشوف..
قاطعها موسى قائلاً بصرامة :- عواطف بس اسكتي.
ثم التف لابنه قائلاً بروية :- لا مش موجودة يا ابني تلاقيها عند أمها ولا حاجة؟
نزلت في ذلك التوقيت توحيدة التي هتفت بقلق وهي تدلف للداخل :- لقيتها يا ابني؟ أنا شوفتها عند محمود و ملقتهاش و كمان صحبتها.
شعر بالاختناق و كأنهم سحبوا الأكسجين من المكان، فجلس بإهمال على المقعد قائلاً بضياع :- مريم ضاعت مني خلاص.
تقدم منه والده و أردف بدهشة :- قصدك إيه يا إسلام؟
نهض قائلاً بتذكر :- اكيد عند عمتو هي قريبة من هنا هروح أشوفها.
و بلحظة اختفى من أمامهم، و الصدمة ما زالت على وجوه البقية ليردف موسى بانفعال :- فيه إيه؟ أنا مش فاهم حاجة!
أردفت توحيدة بدموع قلقة :- مريم مش موجودة في البيت هي و أحمد.
قطب جبينه بتعجب قائلاً :- مش موجودة! تلاقيها راحت تشتري حاجة ولا راحت مشوار، طيب ما تتصلوا عليها.
هزت رأسها بنفي قائلة :- سألنا و مش موجودة و تليفونها هنا في البيت، هتكون راحت فين بس؟
أردفت عواطف بسخرية :- يعني هتكون اتخطفت ولا اتخطفت زمانها تيجي من الحتة اللي هي فيها، مش عارفة قالبين الدنيا على إيه!
أردفت بعتاب :- دي بنتي يا عواطف مش عاوزاني أقلب الدنيا عليها إزاي بس، بالله عليك تتصرف و تعمل حاجة يا حج موسى دي غلبانة و ملهاش حد إلا إحنا.
هز رأسه قائلاً بخفوت :- حاضر يا توحيدة روحي بلغي أيوب و محمود علشان نعرف هنعمل ايه.
في غضون دقائق كان أمام باب شقة عمته التي تسكن في الشارع المجاور لهم، و طرق الباب بلهفة وهو يأمل بداخله أن تكون بالداخل.
فتحت عمته منال الباب بوجه مقبوض فهتف هو بخوف من الإجابة:- إزيك يا عمتو ؟ هي مريم عندك؟
لم ترد عليه وانما أخذت تطالعه بغيظ شديد أربك الذي يقف أمامها، فكرر سؤاله بتلعثم :- عمتي أنتِ ساكتة ليه؟
هتفت بغيظ :- عاوز إيه يا إسلام؟
جعد أنفه بدهشة من طريقة حديثها قائلاً :- عمتو أنتِ بتكلميني كدة ليه؟!
جذبته من أذنه و سحبته للداخل قائلة بحنق :- تعال هنا يا روح أمك و قولي عملت إيه في البت؟
لم يعبأ لألم أذنه و أردف براحة و طمأنينة:- يعني هي عندك؟ مريم عندك! طيب هي فين أنا عاوز أشوفها.
زادت من ضغطها على أذنه قائلة بغيظ :- كلمني هنا و رد عليا الأول يا حمار.
أردف بتذمر و ألم :- حمار! الله يسامحك يا عمتو، طيب سيبي ودني طيب..
تركته قائلة بغل :- و ربنا المعبود لأوريكم واحد واحد يا عيلة الأحمدي، البت جيالي خلصانة لولا الدكتور الله أعلم كان هيحصلها إيه!
أردف بقلق بالغ :- ليه مالها، هي فين؟ أنا هدخل أشوفها .
و ما إن هم ليدلف للداخل و قف بسبب صوتها الحاد الصارم قائلة :- أقف عندك يا إسلام! و يا ريت لو تطلع برة و تورينا عرض قفاك.
جز على أسنانه بغيظ و هتف بهدوء مغاير :- عمتو أنا عاوز أشوف مراتي.
أردفت بجمود :- مش قبل ما نتكلم يا إسلام.
زفر بضيق قائلاً :- حاضر يا عمتي هنتكلم بس طمنيني عليها أرجوكي.
أردفت بتهكم:- غريبة بتسأل عنها يعني و قلقان عليها وأنت السبب في اللي هي فيه.
نظر لها بوجه شاحب قائلاً:- هي حكتلك؟!
أردفت بجمود :- هو سؤال واحد عملت إيه في البت وصلها للي هي فيه دلوقتي، دي كانت هتموت روحها من العياط لولا الحقنة اللي أدهالها الدكتور نجدتنا، و أحمد يا يعيني اللي كمل عياط هو الآخر خايف على أمه.
أردف بانتباه :- أحمد! هو فين طيب؟
أردفت بهدوء :- جوة في الأوضة بيلعب في لعب مازن ابن عادل بعد ما هدي، و دلوقتي مستنية جوابك يا إسلام، حرام عليك دي مريم ضفرها برقابيكم يا ولاد أخويا، دي هي اللي بتسأل عليا لو مجتش يبقى في التليفون.
حك مؤخرة رأسه بحرج قائلاً :- إيه يا عمتي يعني إحنا مش بنسأل عليكي! دة اول الأسبوع كنت عندك.
مصمصت شفتيها بتهكم قائلة :- أنت هتذلني يا واد! قصره قولي عملت إيه في البت؟
نظر للأرض بحرج و حزن قائلاً :- الموضوع كبير أوي يا عمتي، و أنا بدل ما أكحلها عميتها.
أردفت بحنق :- عملت إيه يا منيل أحكي حكم أنا عارفاك إيدك سابقة لسانك.
تنهد بعمق قائلاً :- صدقيني يا عمتي الحكاية كبيرة أوي، أكبر مما تتخيلي علشان كدة هحكي و الكل يكون موجود لأننا كلنا غلطنا في حقها مش بس أنا.
نظرت له بعدم فهم قائلة :- يعني إيه؟ أنا بدأت أقلق منك يا واد!
مسح وجهه بكف يده قائلاً بتعب :- هتعرفي يا عمتي بس شوية كدة كمان.
- عمو إثلام.
رفع بصره تجاه مصدر الصوت ليطالع كتلة البراءة تلك بحب قائلاً وهو يفرد له ذراعيه :- حبيب عمو تعال يا ميدو، تعالى يا حبيبي.
تقدم الصغير جرياً فضمه بذراعيه و رفعه ليجلسه على فخذه، و من ثم احتضنه بحب و أغلق عينيه يحاول ألا تنزل عبراته تأثراً بذلك الصغير الذي لا ذنب له أن يولد لأم كتلك ولا لأب كهذا، احتضنه بقوة حتى تألم الصغير قائلاً بتذمر :- كفاية يا إثلام خنقتني.
ابتسم له بحنو و قبله من وجنته بقوة قائلاً :- معلش يا ميدو يا حبيبي حقك عليا.
أردف بضيق :- عمو إثلام عاوز أشوف ماما، هي كانت بتعيط و الدكتور جه و أداها حقنة..
ربت على شعره قائلاً بحب :- متخافش يا أبو حميد ماما كويسة، يلا روح كمل لعب على ما أخلص كلام مع تيتة. بقلم زكية محمد
هز رأسه قائلاً :- لا أنا عاوز أقعد معاك و كمان ماما.
ضمه لصدره فاستكان الصغير بين ذراعيه و أخذ يعبث في اللعبة التي بيده، بينما نظر هو أمامه بشرود و خوف مبهم من القادم.
______________________________________
بعد مرور أسبوعين كان العمل على قدم و ساق في حديقة القصر استعداداً لاستقبال حفل زفاف حفيد العائلة بابنة عمه التي ظهرت من العدم.
تتأمل هيئتها بذلك الفستان الذي صمم خصيصاً لها من أشهر دار الأزياء العالمية، تطالع نفسها بالمرآة و مشاعر جمة تهاجمها ما بين القلق و السعادة و الخوف و الطمأنينة، لا تعلم إن كان استمرارها في تلك الزيجة هو القرار الصائب أم لا، ولكن كل ما تعرفه أنها يجب عليها الإقدام في تلك الخطوة من أجلها و من أجل والدها، زمت شفتيها بعبوس وهي تتذكر كتلة الجليد الذي بات يلعب مؤخراً على وتيرة مشاعرها و ما تشعره بقربه، و مع هذا كله ما زال متحفظاً بقناع الجمود فهي لم تخطئ أبداً حينما أطلقت عليه لقب " الفريزر" ، ذلك المتبلد الذي باتت تبحر في دروبه دون أن تفهمه.
لاحت سحابة حزن على وجهها وهي تتذكر والدتها التي في أمس الحاجة لها في يوم كهذا، شعرت بها آلاء و سندس اللاتي يقفن بجوارها، فاحتضنتها سندس بحنان قائلة بوجع خفي :- متعيطيش و تبوظي الميكب، أنا حاسة بيكي و عارفة إزاي الإحساس دة صعب، بس أهو ربنا عوضك بينا و بمرات عمك اللي هي زي مامتك دلوقتي، متعيطيش يا روحي.
هتفت بصدق :- أنا مش عارفة عملت إيه حلو علشان ربنا يبعتك ليا، ربنا يخليكي يا مدام سندس.
تدخلت آلاء قائلة بمرح :- أخص عليكي يا رورو من لقى أحبابه ولا إيه!
ابتسمت لها بخفوت قائلة :- و دي تيجي بردو أنتِ صحبة عمري، عقبالك كدة قريب.
بعد وقت دلف شادي بمرحه المعتاد، و نزل بصحبتها و كان بالأسفل يقف مراد بانتظارها برفقة والدها و والده، و ما إن وصلا للأسفل احتضنت رحيق والدها بقوة والذي بادلها عناقاً حاراً و أدمعت عيناه قائلاً:- ألف مبروك يا حبيبة بابا، ربنا يسعدك يا حبيبتي.
تماسكت بقوة حتى لا تنهار، فتدخل شادي بمرحه و استطاع أن يرسم الابتسامة على وجوههم .
وضعت يدها بيده و تأبطا و سارا للخارج لمتابعة مراسم الزفاف. بقلم زكية محمد
انسلت من بين الموجودين لتجلس بمكان خال و تسمح لعبراتها التي كبحتها كثيراً في الهطول، أخذت تبكي بصمت و قد أتتها ذكرى زواجها المشؤوم، اليوم الذي زجها فيه أخيها نحو الجحيم بعد أن حرمها من حق اختيار شريك حياتها من أجل مصالحه، و خبث الآخر الذي خطط كل شئ حتى يفوز بها و كأنها إحدى المقتنيات لتكتشف بعدها أنه خائن يخونها يومياً، و ما إن ملَّ منها و من شكواها الدائم و هذا ما زاده ضجراً ليلقي بها حيث أتت، لتصيبها الصدمة عندما لم يرحب شقيقها بوجودها معهم، ليلقي لها بحفنة من النقود من ورثها المستحق، و ما أقسى من أن تأتيك الطعنة من أقرب الأقربين!
وضعت يدها على ثغرها كي لا يصدر منها صوت شهقاتها، لتنتفض في مكانها حينما شعرت بيد تربت على ظهرها قائلة بصوت طفولي:- أنتِ بتعيطي ليه يا طنط؟
ابتسمت لها بوجع حاولت مداراته قائلة وهي تأخذ بيد الصغيرة و تجلسها إلى جوارها على العشب قائلة:- أبداً يا حبيبتي أنا مبعيطتش في تراب دخل في عيني.
أردفت الصغيرة بطفولية:- أنتِ قاعدة لوحدك ليه؟
هزت رأسها بخفوت قائلة :- لا هقوم أهو، قوليلي بقى أنتِ سايبة الفرح و جيتي هنا ليه؟
أردفت بتوضيح :- كنت thirsty و جيت أشرب و بعدين سمعت صوتك.
- جوري بتعملي إيه عندك؟
قالها عاصم الذي كان يبحث عنها بقلق، و تعجب من رؤيته لابنته برفقة سندس، بينما نهضت جوري قائلة :- بابي طنط بتعيط..
أردف بغضب مكتوم :- طيب يلا اسبقيني وانا هحصلك..صمت ليتابع بسخرية :- وأنا هشوف طنط اللي بتعيط دي!
أومأت له بموافقة و انصرفت، بينما وضع يديه في جيوبه قائلاً بتعالي :- و يا ترى المدام زعلانة و بتعيط ليه؟
مط شفتيه بتهكم ليقول بقسوة متعمدة :- ايه عينك كانت على أخويا بس طار منك، أهو يبقى صيدة جديدة.
نهضت من مكانها وهمت لتصفعه على إهانته إياها قائلة بحدة :- أخرس! و بعدين أنت ملكش دعوة،فاهم؟
مسك يدها بعنف وضحك بسخرية قائلاً :- و الشو اللي عملتيه مع بنتي من شوية دة كان إيه، واضح إنك بترسمي على تقيل.
نظرت له باذدراء قائلة :- أنت بني آدم حقير وقلة الكلام معاك أحسن.
قبض على رسغها بشدة حتى كاد أن يكسره قائلاً بحدة :- لمي لسانك أحسنلك، و شوفي كويس مين الحقير فينا!
دفعته بغضب حتى تحررت منه قائلة :- إحنا خلاص صفحة و اتقفلت فبلاش تنبش في الماضي و حجات راحت مش راجعة.
رفع حاجبه باستنكار قائلاً :- وأنا مين قالك إني يهمني الماضي، ولا تكوني فاكرة إني بجري وراكي دة أنتِ تبقي عبيطة أوي! أنا بس جاي أحذرك تبعدي عن بنتي و يا ريت بلاش من الحوارات الفكسانة دي!
أردفت بانفعال :- أنت قصدك إيه بكلامك دة؟
أردف بغيظ :- قصدي متستغليش البنت في إنك تقربي مني.
نظرت له بذهول قائلة بضحك موجع :- أستغل إيه و نيلة إيه! ثم تابعت بقوة زائفة لرد اعتبارها من الكلمات الموجعة التي وجهها لها منذ لحظات :- و أقرب منك ليه إن شاء الله! دي بس أوهام في خيالك يا بشمهندس، شوف مين اللي بيعترض طريق التاني و بيخلق أي حاجة علشان يكلمه بيها ساعتها بس هتفهم مين بيستغل مين.
قالت ذلك ثم انصرفت للداخل بسرعة لتجفف دموعها العالقة، بينما ضغط بقوة على قبضته حتى برزت عروقه و بعدها ضربها بالجدار بقوة قائلاً بوعيد :- ماشي يا سندس أنا هعرف أخد حقي منك كويس أوي.
قال ذلك ثم انصرف هو الآخر للحفل.
على الجانب الآخر كانت رودي تطالع المشهد بحقد قائلة :- البنت دي مش ساهلة و عملت اللي فشلت فيه اي واحدة تعمله، نفسي أقتلها أنا اللي مفروض أبقى مكانها البيئة اللوكل دي!
هتفت شيري بكره :- تعيشي و تاخدي غيرها يا رودي، بس عندك حق دي مش سهلة أبداً أنا أول مرة أشوف مراد كدة! لا دة معجباته النهاردة هيموتوا من الغيظ.
أردفت بسخط :- شيري! هو أنتِ فرحانة فيا!
هزت رأسها نافية تقول :- لا أبداً يا بيبي، بس بصراحة الموضوع ممتع بصي كدة سالي!
قالتها وهي تشير لسالي التي بحاجة لسيارة المطافي لإخماد الحريق الذي نشب بداخلها.
زمت رودي شفتيها بضيق قائلة :- okay أنا أصلاً مش زعلانة، أنا بس زعلانة على الأيام اللي قضيتها و أنا بأيام وردي بس يا خسارة راحت على الفاضي.
ربتت على كتفها قائلة بمكر :- متخافيش يا روحي، خليها تتمتعلها يومين قبل ما تترمي من هنا رمية الكلاب، يلا بقى تعالي نشوف البنات راحوا فين.
على الجانب الآخر كانت ممسكة بكأس العصير و عروقها قد برزت من كثرة ضغطها عليه، وهي تطالعهم بغل و كره شديدين. اصطكت أسنانها بعنف و نيرانها لم تُخمد بعد، وهي تشاهد مراد يحاوط خصر رحيق و يلتقطان بعض الصور .
وإلى جوارها صديقتها هايدي إلى تتطلع لها بحسرة و بعض التشفي، فقد سئمت من غطرستها الغير منتهية، وهي تكرر في كل لحظة أن مراد لن يكون لأي امرأة أخرى سواها، و ها هو خابت جميع توقعاتها فقد ارتبط بواحدة أخرى غيرها، فلربما هذا ينتشلها من مستنقع الغرور التي هي به، و تستيقظ و تعي حقيقة الأمور.
خرج صوتها هادئاً تقول :- سالي أنتِ كويسة؟
هتفت بغضب مكتوم و صدرها يعلو و يهبط بعنف من فرط الإنفعال:- كويسة! أنا الود ودي أقوم أخنقها بإيدي و استريح.
أردفت بروية :- سالي take it easy,darling أعصابك يا حبيبتي هتحرقيها على ناس مش مستاهلة.
أردفت بغل وهي تحدجها بكره :- مش سالي اللي تخسر بسهولة كدة.
على مقربة منهم وقفتا مرغمتان حفاظاً على مظهرهما أمام هؤلاء الذين يدعون الثراء، و اضطروا أن يكذبوا في حقيقة رحيق حيث أخبروهم بأنها كانت تدرس بلندن وعندما أنهت الدراسة أتت ليعلن بعدها مراد خطبتهم و زواجهم بعدها بفترة.
هتفت ناريمان بغيظ :- قعدتي تقولي اصبري اصبري لحد ما أهو أتجوزها و هتقعد هنا غصب عن عين التخين.
هتفت الأخيرة بسخط قائلة بنوع من الاستسلام :- يعني عاوزاني أعمل إيه و مراد عينه في وسط راسه مش بتتحرك خطوة وإلا عارف بيها.
ضيقت عينيها بحدة قائلة :- يعني إيه هترضي بالأمر الواقع، هترضي ببنت فاطمة هنا وسطنا اللي السبب في اللي حصل لابنك!
مطت شفتيها بضيق قائلة :- ناريمان بقولك إيه يا ريت تهدي، لو على المكان اللي هي موجودة متقعديش فيه .
طالعها بذهول قائلة :- إيه؟! أنتِ اللي بتقولي كدة!
ثم أضافت بسخرية لاذعة :- لا شكلك كبرتي و خرفتي.
اتسعت عيناها قائلة بغضب :- ناريمان! إلزمي حدودك كويس أوي و شوفي بتكلمي مين.
رفعت حاجبها بدهشة قائلة بتهكم :- لا عارفة كويس أوي بس يا ريت كمان ما تنسيش عمايلك.
قالتها بتهديد مبطن و اختفت من أمامها، بينما تمتمت سلوى بضيق :- و دة وقتك أنتِ كمان، طلعتي مش ساهلة يا ناريمان مش ساهلة أبداً و يتخاف منك.
تتأفف بضيق وهي تتابع المتواجدين تارة و تنظر له بطرف عينيها تارة، بينما ظل هو جامداً يتابع المراسم بهدوء ثلجي.
هتفت بضجر:- بقولك إيه يا أخينا هي القعدة هتطول، ضهري وجعني من الصبح وأنا واقفة و أيش حمام مش عارفة إيه و ميكب إيه و......
ثم أخذت تثرثر بعبوس، بينما ضيق عينيه بملل من ثرثرتها التي لم ينتبه لحرف مما قالته، و ما إن انتهت و وجدته على نفس حالته أردفت بضيق :- لكن بكلم مين " فريزر" بصحيح!
مال على أذنها قائلاً بهمس خطير :- سمعتك على فكرة و هعرفك الفريزر هيعمل إيه كمان شوية.
اتسعت عيناها بخوف قائلة ببلاهة :- لا أنا بهزر يا ميرو مبتهزرش يا راجل خلي البساط أحمدي..
طوي كفه و ضغط عليه بقوة، و بداخله يتساءل ماذا فعل ليبليه الله بتلك القصيرة الماكرة؟!
بعد إنتهاء الزفاف صعدا للجناح المخصص لهم، و ما إن دلفا للداخل توجه هو آلياً ليبدل ملابسها تحت نظراتها المزعورة فصرخت بحدة قائلة بوجه متوهج خجلاً :- أنت بتعمل إيه يا قليل الأدب؟ مش شايف إن في واحدة قدامك!
هتف بجمود :- وهي فين الواحدة دي؟
اصطكت أسنانها بعنف قائلة بغيظ :- نعم يا عمر ! ليه قالولك عليا راجل ولا راجل!
أردف بخبث :- والله أنا مش شايف غير كدة، كلامك شكلك ميدلش غير على كدة . بقلم زكية محمد
وضعت يدها في خصرها قائلة بشراسة :- مين دي اللي راجل ياض دة أنا رجالة الحتة كانوا يتمنوا نظرة مني.
رفع شفته العليا بتهكم قائلاً باستفزاز :- دول عميوا أو معندهمش زوق .
ضيقت عينيها بوعيد قائلة :- ماشي اما وريتك.
دلفت للمرحاض وهي تبتسم بظفر، بينما ضحك هو بخفوت على تلك البلهاء قائلاً :- دي عبيطة و شكلي هستغل دة لصالحي كتير..
إلا أنه وقف مصعوقاً يشاهد هيئتها الجديدة عليه التي خرجت بها، و رغم أن الخجل يقتلها إلا أنها تحلت ببعض الشجاعة لتقف قبالته قائلة بابتسامة منتصرة وهي تطالع نظراته نحوها :- بتبصلي كدة ليه، مش أنا راجل!
ثم اقتربت منه قائلة بخفوت :- علشان بس تعرف إنك أنت اللي أعمى يا ....يا فريزر.
حاوط خصرها بتملك مما جعل خلاصها منه مستحيلاً و أردف بخفوت مدمر لأعصابها :- أنتِ قد اللي عملتيه دة؟
هزت رأسها بنفي قائلة بتوتر و وجهها الذي أصبح كتلة جمر متوهجة :- لا طبعاً، أنت هتعمل عقلك بعقلي يا. ....فري....قصدي يا مراد.
رفع حاجبه قائلاً بخبث :- أنا قولتلك قبل كدة أنك هتندمي لو نطقتي الكلمة دي تاني، و أنا بقى هعاقبك كويس أوي.
أردفت بتخبط و صوت خافت :- هتعمل ايه؟
- هعمل كدة..
قال ذلك ثم مال ليتجرع الرحيق الذي أدمنه من أول لحظة اقتطفه فيها، ثم غرق معها في بحور العشق معاً.
____________________________________
متمددة على الفراش تنظر للفراغ بشرود و قد طغى الحزن عليها، وهي تتذكر آخر ما حدث منذ أسبوعين حيث أتى بقية أفراد العائلة، و هنا تحدث إسلام و أخبرهم عن ذلك السر الخطير الذي أخفته طيلة تلك السنوات دون أن يعلم به أحد.
و ما إن انتهى من سرده حلت عليهم صاعقة رعدية، ولم تختلف حالتهم عن خاصته شيئاً و كلاً منهم يسبح في واديه.
أيوب الذي يأكله الندم و الحسرة عما أقترف بحقها في كل مرة فهو لم يظلمها مرة بل كرر ذلك العديد من المرات دون أن يعبأ بشيء آخر.
تساقطت دموع توحيدة قهراً على ابنتها التي لم تذق يوماً هنيئاً، فهي تعلم بعشقها لإسلام الذي تراه مسطر في عيني ابنتها و مدى تعلقها به منذ أن كانت طفلة، وكم هي سعيدة بتلك الحقائق التي ستغير موزاين ابنتها التي ظُلمت مراراً و تكراراً افتراءً و ظلماً ليس إلا.
موسى الذي شلته الصدمة عن الحركة، لا يصدق أن ابنه فعل كل هذا، كيف كان يرتدي قناع المثالية بينما يختبئ خلفه حياة مليئة بالمعاصي، كيف خدعهم طيلة هذه المدة و هم صدقوه؟ يا للحسرة التي اعترته! فهو يقف والخذي حليفه هنا فبأي وجه سيواجه أخيه، و بالأخص هي ذلك الجبل العتيد الذي تحمل الكثير دون أن يخر أرضاً. أخذ يطلب له الرحمة فلا يجوز الآن عليه سواها.
عواطف التي شعرت بتجمد في أطرافها وهي تسمع حقيقة ابنها الذي مارس الزيف عن جدارة وكم كان بارعاً به، يا الله! لو أحد ينتشلها من ذلك الكابوس، نعم هي تشعر و كأنها بكابوس ستصحو منه قريباً. كم شعرت بالدونية و الندم لظلمها إياها، تلك التي تحملت كل شيء من ابنها ولم توشي به لأحد، و عندما اضطرت لفعل ذلك لتبرئ نفسها. حمدت الله أن الوضع لم يسؤ بعد، فالأمور يمكن اصلاحها الآن.
كان الغضب هو المتحكم بها و هي تسمع لتلك الحقائق الدنيئة التي ودت لو كانت جميعها أكذوبة. وكم شعرت بالشفقة تجاهها وما عانته بمفردها، تلك الحنونة الغالية التي تحظى بمكانة عالية بقلبها، تساقطت دموعها رغماً عنها وهي في حالة ذهول من قدرة تحملها لكل ذلك! و لم تختلف حالة سامية و محمود عنهما شيئاً.
انتبهوا جميعهم و خرجوا من تلك الحالة التي خيمت عليهم على صوت الصغير الذي خرج وهو يعبس بطفولية قائلاً :- جدو موثى.
ثم ركض ناحيته و حمله الآخر بعينين تفيضان من الدمع و احتضنه بقوة و كأنه يرسل له أسفاً كبيراً له، فنظر الصغير له بحزن قائلاً :- جدو أنت ليه بتعيط، و إثلام كمان.
ثم أخذ يطالع الجميع فوجدهم على نفس الحالة فهتف بتذمر :- كله بيعيط حتى ماما جوة بتعيط.
انتبهت حواس إسلام ليردف بلهفة :- صحيح يا ميدو يعني ماما صاحية دلوقتي؟
هز رأسه بنعم قائلاً :- أيوة يا إثلام ثاحية .
هتف بتماسك وهو يتوجه ناحية الغرفة التي تقبع بها :- أنا هروح أشوفها.
وقف أمام باب الغرفة وهو في حالة تردد من دلوفه فهو يخشى أن يصيبها مكروه بسبب رؤيتها له بعدما فعل. حبس أنفاسه و فتح الباب بحذر، لينشطر فؤاده نصفين وهو يراها متكورة كالجنين على الفراش و تبكي بصمت.
اصطك فكه بعنف غضباً من نفسه و ليس أحداً آخر، وكم ود لو يبرح نفسه ضرباً عنيفاً على تهوره و تسرعه في الحكم عليها.
زادت عبراتها نزولاً عندما شعرت بدلوفه، و كيف لا تشعر به وهو إدمانها!
تقدم منها حتى جلس على الأرض ليكون قبالتها و هتف بحزن وهو يشعر بعبراتها خنجراً يغرز في قلبه في كل مرة فيزيده ألماً :- ممم..مريم ..مريم أنا... أنا آسف كنت غبي و متهور، أنا عارف إنك موجوعة و مني أنا بالذات بس أعذريني حطي نفسك مكاني، للأسف اللي عمل كدة نجح أنه يزرع جوايا الشك، بس أوعدك هدور وراه ومش هسكت إلا لما أعرف مين هو و ساعتها هندمه على اليوم اللي أتولد فيه، مريم..مريم كلميني أرجوكي متقعديش ساكتة كدة.
مد يده ناحية وجهها ليمسح عبراتها إلا أنها بقت عالقة بالمنتصف عندما وجدها تنكمش بنفور منه و تغلق عينيها، وكم ألمه ذلك ! و علم حينها أن الطريق لوصالها صعباً، صعباً إن لم يكن مستحيلاً.
نهض من مكانه ثم مال عليها مقبلاً إياها بقوة على رأسها و كأنه من خلالها ينقل لها ندمه و أسفه، ثم انتصب واقفاً و غادر الغرفة وهو يجر أذيال الخيبة خلفه، فتطلع له الموجودون و أعينهم تتساءل بلهفة، و لكنهم تراجعوا بحزن عندما قرأوا الإجابة المرسومة على وجهه.
دلفت والدتها لها التي مكثت معها وقتاً طويلاً تطمئن فيه عليها، و بعد وقت غادروا بعد أن أوصوا منال بأن تعتني بها.
و منذ ذلك الحين وهو يأتي يومياً طلباً للعفو و المسامحة، و لكنها ترفض بكل حسم فما فعله ليس بهين.
فاقت من شرودها على دقة الباب و دلوف عمتها بعدها لتقول بابتسامة بسيطة :- مريومة حبيبتي في حد برة عاوز يشوفك.
يتبع..
الفصل العشرون
نظرت لها بتعجب قائلة بصوت مبحوح :- حد مين دة؟
أردفت بهدوء :- بيقول أنه محمد، يلا قومي علشان تشوفيه جاي ليه، أنا هطلع أستناكي.
نهضت من مكانها بتثاقل، و ارتدت حجابها بعناية ثم خرجت لترى من ذاك الذي طلب رؤيتها!
ما إن خرجت للصالة ورأته عرفته على الفور فهو صديق إسلام، تأففت بضيق و نهض هو بدوره ليمد يده ليصافحها، ليضمها بحرج عندما وجدها تطالعه بحاجب مرفوع على فعلته تلك، تنحنح بحرج قائلاً :- إزيك يا مريم؟
قطبت جبينها بتعجب و جلست إلى جوار عمتها قائلة بجمود :- الحمد لله.
أردف بابتسامة بسيطة :- يا رب دايما أنا جيت علشان ......
قاطعته بحدة قائلة :- لو جاي تدافع عن صاحبك و تعمل من البحر طحينة يبقى وفر تعبك أحسن.
هز رأسه قائلاً بتفهم :- يعني أنا معرفش اللي بينكم بس مفيش أمل حتى؟!
رفعت حاجبها قائلة بسخرية :- أمل ماتت و شبعت موت يا أستاذ يا ريت تقول للي باعتك يبطل شغل العيال دة، لإني مستحيل أرجعله و قوله يا ريت يحس على دمه و يطلقني زي ما قال.
عبس وجهه قائلاً بروية :- أفهم من كلامك دة خلاص الباب اتقفل بينكم.
هزت رأسها بتأكيد قائلة :- البيبان و الشبابيك وكل حاجة.
نهض من مجلسه قائلاً بهدوء :- طيب تمام بعد أذنكم، اه و يا ريت محدش يقول لإسلام على مجيتي هنا علشان أنا جيت من وراه ولو عرف هيزعل. بقلم زكية محمد
أومأت منال له بهدوء، بينما انصرف هو إلى حيث أتى. جلست على الأريكة وهي تشعر بالإختناق الشديد، و اه من قلب ذليل و عقل عزيز!
جلست عمتها إلى جوارها و احتضنتها دون أن تنبت بكلمة، فهي تعلم جيداً بحالة التخبط التي تعيشها فهي تقع في نيران عشقه و لا مفر لها من الهروب.
هتفت بهمس موجع :- قلبي واجعني أوي يا عمتو، نفسي أرتاح بس مش عارفة!
هتفت بدموع مكبوتة :- ألف بعد الشر عليكي من الوجع يا حبيبتي، أنتِ بس محتاجة وقت تبعدي عنهم شوية الاوباش دول اللي مزعلين مريومة حبيبتي.
ابتسمت بخفوت قائلة :- وجعوني أوي يا عمتو ومحدش فيهم صدقني، كله قال عليا مش محترمة وهما عارفين إني تربيتهم، وهو أكتر حد جرحني، كنت مستنية منه يطمني بس هو عمل زيهم و ألعن، و أسماء بعد دة كله برده جاية تدمرني...ااااه يا عمتو هموت والله مش قادرة..
ضمتها بخوف شديد و بدأت تقرأ عليها بعضاً من آيات الذكر الحكيم، و قد عزمت على شيء و عزمت على تنفيذه، فهي لن تظل هكذا مكتوفة الأيدي تشاهد سقوطها دون أن تساعدها.
______________________________________
في إحدى النوادي العامة، يجلس يهز ساقيه بانتظارهم و ما إن رآهم مقدمين عليه، ابتسم بخفوت قائلاً :- يا مراحب بالحلوين.
جلسا قبالته وهتف محمد بسعادة :- يا أهلاً بيك يا رأفت يا وش السعد .
هتف بحذر :- إيه كل حاجة تمت خلاص؟
هزت بثينة رأسها بموافقة قائلة بفرح شديد :- أيوة الخطة نجحت و الهانم مشيت أكيد إسلام هيطلقها أو طلقها في الحالتين مش هنخسر كلها شوية وقت.
أردف بخبث وهو يحك فروة رأسه :- طيب حيث كدة بقى أنا عاوز حقي قولتولي أصبر لحد ما الخطة تنجح و أديها نجحت أهي.
أردف محمد بابتسامة عريضة وهو يوجه حديثه لبثينة :- خلاص يا بوسبوس النهاردة أطمنت أنها استحالة ترجعله و هتطلق منه.
رفعت حاجبها بدهشة قائلة :- إيه دة أنت روحتلها كمان! ما تتقل يا خفيف.
أردف بسماجة :- من بعض ما عندكم يا قلبي، المهم الخطة نجحت و كله تمام التمام.
تدخل رأفت قائلاً :- طيب وأنا لا مؤاخذة نصيبي فين من دة كله، دة لولايا مكنتوش قعدتوا منشكحين كدة .
أردف محمد بغلظة و هو يدس يده بجيبه ومن ثم أخرج بعض الورقات النقدية :- خد يا رأفت ياكش يطمر بس.
تناول النقود منه وهو يعدها بشراهة قائلاً :- من يد ما نعدمها يا زُمُل.
ثم نظر لبثينة قائلاً :- وأنتِ يا حلوة الحلوين، إيه النظام؟
رمت له النقود على الطاولة بحنق قائلة :- أهو يا أخويا، إيه ما بتشبعش!
أردف بضحك :- هو في حد يقول للفلوس لا؟
نظر له محمد قائلاً بملل :- طيب يا رأفت يلا هوينا مش خدت اللي يلزمك.
وضع النقود بملابسه، و نهض قائلاً وهو يغمز بعبث :- اه يا شوية أشرار هتخططوا إيه تاني؟ على العموم لو في جديد أنا في الخدمة يلا سلام يا معلمة.
انصرف رأفت ليهتف محمد بهدوء :- و دلوقتي هنعمل ايه؟
أردفت وهي تمط شفتيها :- هنستنى لحد ما يطلقوا انت تاخد اللي ليك وأنا أخد اللي ليا.
حك مؤخرة رأسه قائلاً بقلق :- بس أنا خايف مترضاش بيا و توافق عليا.
أردفت بخبث :- جرا إيه يا حمادة شوية تسبيل على شوية إهتمام و الدنيا هتظيط معاك، سبني أنا بس أتكتك.
غمز بمكر قائلاً :- اه حبيب القلب اللي أنتِ مش عارفة توصليله! بقلم زكية محمد
رفعت شفتها باستنكار قائلة :- جرا إيه يا حبيبي، إحنا هنقعد نقطم في بعض ولا إيه؟ ما أنت كمان البت ما عبرتك في مرة، أنت هتعملهم عليا.
جز على أسنانه بغيظ قائلاً :- خلاص يا بثينة مش لازم تفكريني و تنكدي على اللي جبوني.
أردفت بضيق وهي تهم بالنهوض :- طيب يلا يا أخويا بينا لأحسن حد يشوفنا.
أردف بتساؤل :- على فين كدة ما أدينا قاعدين بندردش سوى!
أردفت بابتسامة لئيمة :- أخص عليك يا حمادة أنت مش عاوزني أقف جنب صحبتي في ظروف زي دي ! لا أبداً دة أنا لازم أواسيها، مش صحبتي يا جدع!
طالعها بدهشة قائلاً :- لا دة أنتِ إبليس يضربلك تعظيم سلام، و يقولك يا أستاذة، يخربيتك ايه دة؟صحيح إن كيدكن عظيم .
تأففت بضجر قائلة :- سلام يا حودة أشوفك بعدين.
_____________________________________
استيقظ قبلها بغيظ شديد وهو ينظر لتلك الغافية، لا ليست بسلام وإنما كأنها في معركة طاحنة، تركل و تضرب ما يقع عليه يدها أثناء نومها، وها هو قضى بقية الليل على ذلك الحال، و عندما غفي أتت لتركله ببطنه حيث أنها تقلبت أثناء نومها لتكن قدميها ممدة فوقه و رأسها عند آخر الفراش حتى خاف أن تسقط رأسها أرضاً، و كم هي تغفو بعمق و كأنها لم تفعل شيء.
مسح على وجهه بإرهاق وهو يبتسم بخفوت عليها، تلك الفاتنة الساحرة التي ألقت عليه تعويذتها منذ الصغر فباتت تسكن بداخله رافضة أن تتزحزح أنش واحد حتى مدت جزورها لأعماقه فأصبح من المستحيل بترها.
لم تتغير طباعها، سليطة لسان، مندفعة، متهورة، شرسة،لينة، حنونة، لا يحمل قلبها ذرة كره، ولكن إن تعدى أحد حدوده معها تقف له بالمرصاد، قوية، هشة، بها كل شيء و نقيضه، و نجحت في ما فشل فيه سابقاتها من اللواتي توددن له و تمنوا فقط لو ينظر لهن، لتأتي هي و تخطف لُبّه بعد أن نجحت في أسره طيلة هذه المدة، كما نجحت في أهم شيء أن تلقي بمياه مغلية على ذلك الجليد الذي يظهره لينصهر و يذوب، لم ينجح أحد في إثارة انفعالاته سواها، إلا أنه يحفظ ماء وجهه عندما يتحكم بتأثيرها عليه فلا يظهر عليه شيء تلاحظه وهذا ما يرغبه، فغروره الذكوري لا يزال يتحكم في زمام الأمور.
فاق من شروده على دفعة أخرى منها، فهتف بحنق :- دة أنتِ لو في حلبة مصارعة مش هتعملي كدة!
تنهد باستسلام لينهض و يعدل وضعيتها جيداً، بينما هي لا تشعر بشيء ثم تمدد جوارها مجدداً وهو يتطلع لها بحب، و شرد في هؤلاء المحيطين بها و كيف سيتصرف معهم فلن يسمح لأي منهم أن يمسوها بسوء.
بدأت ترمش بأهدابها الطويلة، و فتحت مقلتيها وهي تتمطئ بكسل غافلة عن تلك الأعين التي تتفرسها بإفتتان، اتسعت عيناها بذعر من رؤيتها له بجوارها فشهقت قائلة :- أنت بتعمل إيه هنا جنبي؟ اه بان على حقيقتك يا سافل يا قليل الأدب يا..........
ابتلع باقي حروفها بجوفه، ليوقف وابل الشتائم التي يطلقها لسانها البذيء، وابتعد عنها بعد فترة قائلاً بحنق :- أنا بصراحة حطيت صوابعي العشرة في الشق منك، عاوز أشتريلك كُتيب يقولي إزاي أفهم اللي جوة دماغك دي..
ثم أضاف بسخرية :- دي لو كان في دماغ أصلاً.
انكمشت بخجل وقد تذكرت ما حدث بينهما البارحة، وضمت الغطاء لتختفي تحته، بينما تعجب هو لحالتها قائلاً :- أنتِ بتعملي إيه؟ رحيق!
هتفت بتلعثم:- هذا الاسم غير موجود بالخدمة من فضلك أطلبه في وقت لاحق..
كبح ضحكاته قائلاً بعبث وهو يدرك خجلها منه :- خدمة إيه بس! ومالك مستخبية عندك كدة؟
أردفت بتذمر :- الجو حلو هنا..
أردف بخبث وهو يسحب الغطاء :- وريني كدة طيب.
هزت رأسها بعنف قائلة بصراخ :- لا لا مش حلو أنا بكدب عليك..
حاوط خصرها بتملك قائلاً بمكر:- أنا اللي هقرر إن كان حلو ولا لا.. بقلم زكية محمد
و عندما همت لتعترض تبخر رفضها في مهب الريح وهي في حضرة هيبته الطاغية مستسلمة لتلك المشاعر التي تغزوها بضراوة.
بعد وقت ضربته بصدره قائلة بتذمر و شراسة :- مكنتش أعرف إنك قليل الأدب كدة يا فريزر..
وعندما لاحظت نظراته الصارمة نحوها أردفت بتوتر :- قصدي ....يا مراد أنا... أنا مقصدش..
ضيق عينيه بغيظ قائلاً :- ماشي هعديها بمزاجي المرة دي..
أردفت بخجل :- طيب أبعد أنا عاوزة أروح أشوف بابا..
رفع حاجبه باستنكار قائلاً :- تروحي فين معلش! رحيق أصطبحي و قولي يا صبح، ما تفوريش دمي وأحنا لسة في بداية اليوم.
أردفت بحنق :- دة بابا يا مراد وأنا عاوزة أشوف أخد الدوا ولا لا.
أردف بتهكم:- لا متخافيش عمي أخد الدوا وزي الفل.
أردفت بتعجب :- أنت عرفت إزاي؟ هو قالك؟
جز على أسنانه بغيظ قائلاً :- اه قالي، رحيق اسكتي الله يخليكي أنا على آخري منك.
شهقت بتذكر، ليهتف الآخر بقلق :- في إيه؟
أردفت بجبين مقطب :- أنا جعانة أوي و عاوزة أفطر!
قبض على يده بقوة، وهو يعض على شفتيه بغيظ قائلاً:- قومي يا رحيق قومي و روحي الحتة اللي تعجبك.
قال ذلك ثم دلف للمرحاض و أغلق الباب خلفه بعنف أرتجفت على أثره قائلة بحنق :- يا باي عليك يا فريزر..
ثم وضعت يدها على ثغرها وهي تتطلع للباب خشية أن يسمعها و عندها لن يمرر الأمر مرور الكرام.
______________________________________
ليلاً صعد للأعلى و بيده باقة زهور حمراء، وهو يتذمر بداخله قائلاً:- و أديني أهو جبت الورد زي ما قالت عمتي بعد ما اللي يسوا و ميسواش بصولي وكأني عامل جريمة، ياكش ياجي بفايدة.
ضغط على مقبس الجرس، لتفتحه منال بسرعة، فدلف للداخل بهدوء وهمس لعمته :- هي فين؟
هتفت بغيظ :- طب قول السلام عليكم الأول!
أردف بحرج :- إزيك يا عمتي يا عسل أنتِ؟
مصمصت شفتيها بعدم رضا قائلة :- أهو كلام و ضحك على الدقون، ربنا يخليك يا ابن أخويا يا اللي بتسأل عني في اليوم يجي خمس ست مرات..
أردف بحنق بداخله:- مش هنخلص النهاردة.
ثم تابع بصوت مسموع:- الواد أحمد نايم وكله تمام؟
هزت رأسها بتهكم قائلة :- اه يا أخويا وهي قاعدة في الأوضة دي.
ابتسم بأمل قائلاً :- طيب حيث كدة بقى نشوف شغلنا. بقلم زكية محمد
أنهى كلماته ثم توجه ناحية الغرفة، و فتح الباب و دلف للداخل بهدوء، فوجدها تقف قبالة الشرفة تنظر أمامها بشرود، وقف للحظات يطالعها يختلس النظر والامعان فيها، قبل أن تقوم العاصفة ككل مرة.
تقف تشاهد المارة بروح خاوية نُزِعت منها الحياة، تتساءل متى سترسي سفينة راحتها على البر، فقد تعبت من العواصف البحرية و التيارات التي تجدف بها بمفردها، لم تعد هناك قدرة لديها للمواصلة فقد خارت وأصبحت رفاتاً.
عصرت مقلتيها بعنف عندما شعرت به يقف خلفها، معذب روحها و بلسم جروحها، أي جنون هذا؟!
وضع باقة الزهور على المقعد، واقترب منها بخطوات حذرة حتى توقف خلفها مباشرة، و حاوط خصرها قائلاً بلهفة ظمآن بالصحراء ولم يجد له نقطة ماء تروي عطشه:- وحشتيني.
اقشعر بدنها من قربه المهلك لها، إلا أنها أخذت تناضل حتى لا تخسر في تلك الحرب القائمة، إذ هتفت بحنق :- أوعى إيدك دي عني كدة..
أحكم حركتها بذراعيه قائلاً برفض قاطع :- لا أنا مش هبعد مهما تعملي، أنتِ وحشتيني اوي هو أنا موحشتكيش!
أردفت بشراسة :- يا برودك يا أخي و لا كأنك عملت حاجة و جاي تضحك عليا بكلمتين، لا يا حبيبي أنا مابيكلش معايا الكلام دة.
تغاضى عن حديثها إلا كلمة واحدة و أردف بمكر :- الله كلمة حبيبي طالعة من شفايفك حلوة أوي، ما تدوقيني منها شوية..
أخذت تدفعه بغضب قائلة بغيظ مغلف بالخجل:- أدوقك إيه يا قليل الأدب! أبعد كدة.
أردف بخبث :- أنا قصدي تدوقيني من الكيك اللي أنتِ عملتيه النهاردة، أنتِ اللي ضميرك مش سالك.
ضيقت عينيها قائلة بغيظ :- والله!
أردف ببراءة :- أيوة طبعاً، أومال أنتِ بالك راح لإيه يا خلبوصة؟
أخذت تقاتل بضراوة لتتحرر من أسره قائلة بحنق:- طيب سيبني بقى، و بطل عمايلك دي لأنك مهما تعمل مش هسامحك، و مستنية ورقة طلاقي منك قريب.
اصطك فكه بعنف قائلاً بغضب مكتوم :- كلمة طلاق دي لو جات تاني على لسانك هقطعهولك، أنتِ سامعة؟
أردفت بسخرية :- يا سلام! مش دة كان كلامك ليا ولا أنا غلطانة! متضايق ليه دلوقتي أديني أو هخلصك مني علشان ترتاح.
خيم الحزن على عينيه قائلاً بندم :- ومين قالك إني كدة مرتاح؟ مريم أرجعي ماشي أزعلي مني و أعملي اللي أنتِ عاوزاه بس وأنتِ معايا، أنا مبعرفش أنام من وقت ما سبتي البيت ولا عارف راحة ولا أي حاجة، مريم أنا اكتشفت إن حياتي من غيرك ولا حاجة..
أردفت بجمود وهي تحارب تأثير كلماته عليها :- أبقى أشتريلك منوم علشان تعرف تنام دي مش مشكلتي.
أردف بغيظ :- مش مشكلتك! طيب اسمعي بقى لو مجتيش البيت على آخر الأسبوع كدة، متلومنيش في اللي هعمله.
أردفت بتحدٍ :- اللي معاك أعمله أنا مش خايفة منك ها.
أردف بوعيد :- ماشي يا مريم لما نشوف شجاعتك دي هتوصلك لفين!
وقع بصره على الورود فالتقطها قائلاً بسخط وهو يقدمه لها :- خدي الورد دة يا مشحتفاني، دة أنا اتجرست بسببه في الحتة و كله بسببك.
وضعت يدها في خصرها قائلة بحنق :- وأنا مالي أنا قولتلك جيبه!
هز رأسه بيأس قائلاً :- أنا أصلاً استاهل ضرب الجزمة إني جبت زفت ورد.
و بلحظة ألقى بها أرضاً بعنف، ثم أخذ يدعس عليها بقدمه قائلاً بانفعال :- و أدي الورد يقطع الورد واللي اشترى الورد...
راقبته بذهول فأردفت بحدة :- الورد يا مجنون أنت بتعمل إيه، أوعى كدة..
أردف بغضب :- وأنتِ خليتي فيا عقل، بت أنتِ أوعية تكوني فاكراني هسكت على الوضع كتير، إذا كنت ساكت دلوقتي فدة بمزاجي.
أردفت بشراسة :- أمشي أطلع برة أنا مش عاوز أشوفك. بقلم زكية محمد
مط شفتيه بسخرية قائلاً :- والله دة بيت عمتي واقعد في الحتة اللي تعجبني..
- خلاص يبقى أنا اللي همشي.
وما إن همت لتغادر الغرفة جذبها ناحيته بعنف، و احتجزها بينه و بين الحائط خلفها، فتوترت قائلة :- أنت... أنت... أبعد..
أردف بهدوء :- هبعد بس بعد ما أخد جرعتي..
لم تفهم مرمى حديثه، إذ أقترب ليروي ظمأه بعد أن أصبحت جدار قلبه صحراء قاحلة، بينما كانت هي كالمغيبة في حضوره الذي يخدر أطرافها و قربه الذي يشفي جروحها على الرغم من أنه المتسبب في ذلك.
شعرت بالخذي لاستسلامها ذاك، لطالما نوت معاقبته على ما ارتكب في حقها، دفعته بعيداً فاستجاب لها و استدارت لتخفي نفسها عنه، بينما تفهم هو موقفها في تشعر بالتخبط وأنها في المنتصف غير قادرة على البعد وغير قادرة على الرجوع.
قبل رأسها بقوة قائلاً :- أنا همشي دلوقتي و هستناكي بعد يومين في بتنا.
قال ذلك ثم انصرف، بينما كورت يدها بغيظ قائلة :- واثق أوي من نفسه الأستاذ، طيب لما تشوف حلمة ودنك يا إسلام مش راجعة.
ثم تابعت بخزي وهي تحدث قلبها اللعين الذي يتأثر بأقل شيء منه :- وأنت هتفضل تهيني تاني لحد إمتى؟
بالخارج خرج و وجهه يغني عن ألف حديث، ما إن رأته عمته هتفت بروية :- معلش يا ابني عندها حق بردو، اللي حصل مش هين.
أردف بغيظ :- يعني مشفعش مجيتي هنا في اليوم بالتلات و الأربع مرات و أنا بتذللها ترجع مش راضية، أبوس أيدها ولا رجلها أحسن!
ضربته بخفة على رأسه قائلة :- وكمان بتقاوح! استلم أنت اللي جبته لنفسك، حد قالك أتهور و تعمل فيها تور.
أردف بغيظ مكبوت :- عمتي!
أردفت بمرح :- يا واد بناغشك فكها كدة هتبقى أنت وهي!
أردف بمراوغة :- بقولك إيه يا عمتي يا حبيبتي، ما تقعدي معاها كدة تليني دماغها الحجر دي و تخليها ترجع بدل ما أكسرهالها.
ضيقت عينيها بغيظ قائلة :- و عاوزها ترجع معاك! ينيلك يا بعيد، خد يا واد هنا و قولي عملت إيه؟ هو أنت اتكلمت معاها كدة؟
أومأ بتأكيد :- أيوة طبعاً أومال هكلمها إزاي، ألماني!
مصمصت شفتيها بسخرية قائلة :- لا جدع يا إسلام، أنت عاوز تشلني يا واد! فين الحنية و الكلام الحلو اللي قولتلك عليه؟
عبس وجهه قائلاً :- لا الكلام الحلو دة يقولوه العيال اللي لابسين سلاسل إنما أنا أحب أدخل دغري في الموضوع علطول. بقلم زكية محمد
أردفت بغيظ :- يخيبك!
أردف بانفعال :- هي كلمة هديها مهلة لحد آخر الأسبوع، جات من سكات يبقى استبينا، مجاتش يبقى تستحمل اللي هيجرالها.
أردفت بروية :- براحة عليها يا ابني، أصبر شوية كمان علشان خاطري.
أردف بحنق :- يا عمتي أنا عاوزها ترجع البيت علشان أرضى على رواقة لابن ال....... اللي كان ورا الموضوع و أعرف اجيبه، لكن طالما هي بعيدة كدة أنا مش عارف أعمل أي حاجة..
ربتت على كتفه قائلة بابتسامة :- عشت و شوفتك يا ابن موسى متشحتف كدة، لا دة أنت واقع أوي لدرجة أنك مش قادر تصبر على بعادها و باعت صاحبك يلين دماغها....
انتبه لكلمتها الأخيرة و هتف بتعجب :- صاحبي! صاحبي مين؟
تلجلجت في الحديث عندما تذكرت أنه لا يخبره حتى لا يسبب مشكلة بينهم فأردفت بتوتر :- لا أبداً أنا قصدي صاحبتها هي جات هنا تشوفها.
أردف بإصرار :- عمتي قوليلي صاحب مين اللي جه دة لأني مش هتنازل.
هزت رأسها باستسلام قائلة :- صاحبك جه اسمه محمد و جاي يشوف الوضع إيه و هيرسى على إيه، و قالنا ما نقولكش علشان متزعلش منه.
ضيق عينيه بدهشة قائلاً :- ما أزعلش منه! إمتى جه دة؟ وقال إيه بالظبط؟
قصت عليه كل شيء وما قالته مريم له، فهز رأسه بتفكير و من ثم انصرف، فأردفت هي بحيرة :- ربنا يهدي سركم مش هقول غير كدة.
____________________________________
تجلس في المنتصف بينهن، و إلى جانبهن لميس تلك السيدة الحنون التي تعاملها بكل الحب منذ أن وطأت قدميها إلى هنا لطالما هي ابنة فاطمة التي كانت تحبها كثيراً لولا الظروف التي فرقتهم.
هتفت آلاء بخبث :- إيه الحلاوة دي يا رورو، ايه أخبار الفريزر؟
حدجتها بغضب حتى لا تتحدث أمام والدته هكذا، فأسرعت الأخرى تقول :- أتصلح ولا لسة ما بيتلجش أصل إمبارح كان بايظ.
ضحكت سندس بخفوت عليهما قائلة :- اه أتصلح يا آلاء يخرب عقلك أعقلي شوية كدة أنتِ وهي.
هتفت لميس بود:- ربنا يكملك بعقلك يا سندس حكم الاتنين دول طاقة منهم على الآخر.
أردفت رحيق بغيظ :- اه فعلاً عاقلة! عاقلة لدرجة إنها بتعيط زي العيال الصغيرة لما بتاخدي منهم حاجة ..بقلم زكية محمد
حدجتها بغضب، بينما ضحكت لميس قائلة :- خلاص يا بنات أنتوا هتاكلوا بعض لو فضلتوا أكتر من كدة.
أردفت آلاء بمرح :- اه والله عندك حق.
أتت الصغيرة لتفتح رحيق ذراعيها لها، فتركض الأخرى و تلقي بذاتها بين ذراعيها، لتقبلها الأخرى بقوة قائلة :- جوري حبيبة قلبي، وحشتيني الكام ساعة دول.
هتفت بتساؤل :- أنتِ كنتي فين سألت كتير عليكي بس قالولي إنك روحتي مشوار.
أردفت بحرج :- اه يا قلبي معلش هبقى أخدك معايا المرة اللي جاية.
لاحظت سندس فأردفت بابتسامة :- طنط، عيونك خفت دلوقتي ولا لسة بتوجعك؟
أردفت بابتسامة مرتجفة :- اه يا حبيبتي خفت، يسلملي قلبك الطيب.
أردفت رحيق بتعجب :- ليه مالها عيونك يا سندس؟
عبثت في حجابها بتوتر قائلة :- لا أبداً متاخديش في بالك، أصل إمبارح عيني دخل فيها تراب و جوري شافتني علشان كدة بتسأل.
أردفت بطفولية :- هخلي بابا عاصم يكشف على عيونك و يخليها تخف..
وعلى ذكر السيرة وجدته يدلف من الباب فانسلت من بين ذراعي رحيق لتركض لوالدها، بينما نهضت الأخرى قائلة بتماسك :- طيب أنا همسي يا رحيق افتكرت مشوار ضروري لازم أمشي... أنا... أنا...ماشية يلا سلام...
رحلت بسرعة البرق تحت نظرات الأخريات المتعجبة من تصرفها، بينما بدأ الشك يتسلل بداخل الأخرى وهي تضيق عينيها بتفكير شديد.
كان لا يزال واقفاً يحتضن ابنته، وما إن مرت بجانبه رمقها بنظرات تهكمية بينما لم تستطع أن ترفع عينيها فيه، فشغلها الشاغل أن تختفي من أمامه، فهو يلقي اللوم عليها في كل مرة دون أن يعرف لم فعلت ذلك.
_____________________________________
دلف للمحل الخاص بمحمد وهو في حالة يرثى لها، بينما كان الآخر مشغولاً في تنزيل البضاعة للداخل، جلس على المكتب ريثما ينتهي، بينما هتف الآخر من الخارج بصوت عال :- هات الدفتر بتاع الحسابات يا إسلام من عندك.
أومأ له بموافقة، وأخذ يبحث في الأدراج عنه، ليفتح آخر درج لتتسع عيناه بصدمة و ذهول لما رأى.
يتبع..
الفصل الحادي والعشرون
شعر بدوار شديد ضرب رأسه بحدة وهو يشاهد صوراً لذلك الحقير الذي سبق أن رآه في شقته في ذلك اليوم، و صوراً أخرى لأسماء، و ما زاده صدمة رؤيته لصورة لمريم و مفاتيح الشقة الخاصة به.
بالخارج يتابع الرجال وهم يحملون البضاعة من السيارة و يضعوها بالمخزن، أرتجفت أوصاله حينما تذكر أنه يضع كل شيء بالدرج و إسلام بالداخل يبحث عن الدفتر، أزاح العامل من أمامه بسرعة و ركض للداخل شاحب اللون، فوجد الأخير يبحث على الدفتر فوق المكتب و ما إن رآه هتف بثبات :- فين يا عم الدفتر دة مش لاقيه.
أردف بتنهيدة راحة :- لا خلاص أنا هجيبه تعال أنت بس تابع مع العمال برة.
نهض من مكانه قائلاً بهدوء مريب :- اه وماله يا صاحبي.
خرج هو ليفتح الآخر الدرج بلهفة، وما إن رأى الأشياء بمحلها تنهد براحة قائلاً :- أكيد هو مشفهاش وإلا مكانش منظره بقى كدة.
أي معجزة هذه التي ألقت عليه هذا الثبات المخادع، فبداخله بركان يغلي تتصاعد ألسنته ولن يهدأ له بال إلا بعد أن يصب حممه المنصهرة عليه وعلى من معه، ولكنه يجب أن يصمت الآن حتى يعرف لغز وجود هذه الصور و أيضاً مفاتيحه الخاصة بشقته، يجب أن يتريث قدر المستطاع من أجلها فيبدو أن الخطر لازال يحيط بها و أنهم يحيكون لأمراً آخر.
قضى تلك اللحظات الثقيلة على قلبه كالجبل، و انصرف بهدوء متعللاً بالعمل حتى يبدو طبيعياً أمامه، و ما إن دلف لداخل الوكالة توجه ناحية محمود قائلاً بخفوت :- محمود عاوزك في حوار .
انتبه له قائلاً :- خير يا ابن عمي!
جلس قبالته و نظر يميناً و يساراً قائلاً :- فتح ودانك معايا كويس و مش عاوز حد يعرف أي حاجة بالموضوع دة.
بعد وقت نهض قائلاً بغضب مكتوم :- أنا رايح مشوار صغير كدة، وأنت نفذ اللي طلبته منك دلوقتي و حذاري أي غلطة في الموضوع.
بعد دقائق كان أمام باب شقة عمته للمرة التي لا يعلم عددها، و طرق الباب ففتحته عمته فهتف بسرعة :- إزيك يا عمتي، فين مريم؟
وكزته بذراعه قائلة بمرح :- ما تتقل يا واد!
أردف بضجر :- عمتي مش وقت هزار ناديلي مريم بسرعة هنا حالاً.
قطبت جبينها بتعجب، ولكنها تمثلت لطلبه ودلفت للداخل قائلة :- مريم كلمي إسلام عاوزك، و قبل ما تعترضي شكله كدة في حاجة حصلت أطلعي شوفيه وأنا هقعد مع أحمد.
ما إن التقط الصغير اسم عمه هتف باعتراض:- لا أنا كمان عاوز أشوف إثلام يا ماما.
هزت رأسها باستسلام و خرجوا جميعهم لرؤيته، وما إن خرجت و رآها لوهلة نسي لم هو قادم و أخذ يمعن النظر فيها باشتياق، عاد لرشده قائلاً :- مريم تعالي أقعدي عاوزك في كلمتين ضروري.
هتفت بحنق :- كلام إيه دة إن شاء الله؟!
أردف من بين أسنانه :- مريم! أتعدلي معايا و تعالي أحسنلك هنا.
امتثلت لأوامره و جلست بضجر فركض الصغير ناحيته ليحمله إسلام بحنان و طالعها قائلاً بحذر :- مين جه البيت في الفترة اللي كنا فيها مع بعض؟
جعدت أنفها قائلة بغيظ :- إيه عاوز تتهمني في حاجة تانية؟
جز على أسنانه بعنف قائلاً بغضب مكتوم :- والله أقوم أكسرلك راسك دي، ما تتعدلي كدة أنا مش جاي أتنيل أتهمك بحاجة أنا بس عاوز أعرف و ضروري يا مريم.
أردفت بحنق :- محدش جه مين يعني هيجي؟
مسح وجهه بكف يده بعنف قائلاً:- استغفر الله العظيم، يا بنت الناس أنا مش قصدي حاجة قوليلي مين جه عندك حتى لو كان الحد دة أمي وصلت؟
هزت رأسها بتذكر :- لا مرات عمي مجتش وأنت مش موجود، مفيش غير أمي و سامية و بثينة..
أردف بحاجب مرفوع :- بثينة! إممممممم.
أردفت بغيرة :- أيوة يعني عاوز إيه منها بثينة، ولا تكونش هتتجوزها بعد ما تطلقني!
أردف بنبرة يقصد من خلفها إثارة حنقها :- تصدقي فكرة بردو، مش عارف أودي جمايلك فين الصراحة.
نظرت أعنتها قائلة بتذمر :- شايفة يا عمتي شايفة، علشان أقولك دة تور ما بيحسش!
حدجها بذهول قائلاً و هو يشير لنفسه:- دة أنا دة؟! قوم يا احمد قوم لما نشوف أمك المؤدبة دي!
أنهى كلماته و وضع الصغير على الأريكة و انتصب واقفاً يسير ناحيتها و نظراته تنذر بالشر، بينما تراجعت للخلف لتختبئ خلف عمتها قائلة بخوف :- إلحقيني يا عمتي!
أردف بسخرية :- راحت فين الشجاعة اللي كانت من شوية دي؟ بقى أنا تور! ماشي يا مريم ليكِ يوم. طيب أنا ماشي ..
أردفت بتهور مصحوب بالضيق لعدم اهتمامه بها ككل مرة :- بس؟ يعني أنت جاي تقول الكلمتين دول بس؟
وضع يده بجيبه قائلاً بخبث :-اه جيت بس علشان أقول الكلمتين دول، ولا أنتِ عاوزة حاجة تانية!
حدجته بغضب و قد تحول وجهها للأحمر النبيذي قائلة بحدة طفيفة :- لا مش عاوزة حاجة شرفت.
اصطك فكه بقوة قائلاً بغيظ :- مع السلامة يا عمتي.
ثم نظر لها قائلاً بعبث :- أما ألحق أشوف بثينة..
انصرف بخفة بينما أردفت بغل :- بثينة! ماشي يا إسلام الكلب، شايفة يا عمتي ابن أخوكي بيعمل إيه؟
ربتت على كتفها قائلة بروية :- يا حبيبتي دة بيناغشك، يعني اللي مخليه يجيلك هنا كل شوية علشان ترجعي هيبص لواحدة تانية! هو بس عاوزك تغيري.
هزت رأسها بعدم اقتناع و بداخلها غيرة عمياء تحرقها، فهو غير مسموح أن يلفظ اسم أنثى غيرها.
______________________________________
بعد يومين يجلس كعادته مكفهر الوجه، فرآه محمد الذي هتف بخبث مبطن :- مالك يا صاحبي بس؟ ليك كام يوم مش مظبوط كدة!
هتف بضيق :- يا عم سيبني في حالي كفاية الغلب اللي أنا فيه.
رفع حاجبه بدهشة مصطنعة قائلاً :- لا دة شكله الموضوع خطير، فيه إيه يا صاحبي؟
ضيق عينيه بغيظ من تكرار كلمة صديقي التي يهتفها مراراً و تكراراً، ألا يشعر بالخذي عند تفوهه بها؟!
مط شفتيه بضيق قائلاً :- المشكلة اللي أنا فيها محدش يقدر يحلها يا محمد .
هز رأسه بنفي قائلاً :- لا بس قولي في إيه، مش يمكن نلاقي حل سوا.
أردف بجمود :- ما اعتقدش يا محمد لأن الموضوع دة ما يتحلش دة بينتهي وبس. أنا هطلق مريم.
لمعت بوادر السعادة بعينيه قائلاً بلهفة :- بجد؟ ثم عاد لرشده ليقول:- ليه كدة يا إسلام بقى دة اللي اتفقنا عليه، مش قلنا تدوا لبعضكم فرصة.
أردف بحنق :- لا هديها فرصة ولا نيلة طريقنا مش واحد يا محمد علشان كدة هطلقها .
أردف بروية :- طيب استهدى بالله يا صاحبي كدة و كل حاجة هتبقى تمام، بس ليه يعني هتطلقها؟
أردف بغيظ :- مبحبهاش، انا اكتشفت إني مش عارف أنسى أمل خالص حتى بعد ما أتجوزت، أنا مخنوق أوي و عاوز أخلص منها لولا أبوها كنت طلقتها من زمان علشان كدة وديتها عند عمتها..
أردف بتعجب :- يعني مش علشان زعلانة منك؟!
أردف بغضب مكتوم :- مين قالك الكلام دة؟ ما تزعل ولا تتفلق، بقولك إيه أنا قائم أشوف مصالحي.
أنهى كلماته لأنه شعر بأنه لو تحدث بحرف آخر سيطرحه أرضاً، لذا تحجج بالعمل كي لا يقتله قبل أن يحقق مبتغاه، بينما طالعه الآخر بابتسامة عريضة منتصرة قائلاً :- ولا الخطة جات بفايدة و هتلعب و هتحلو. بقلم زكية محمد
دلف للداخل وهو ينظر يميناً و يساراً بحثاً عن أية شيء يفرغ بها شحنته الغاضبة فلم يجد غير محمود الذي باغته بلكمة قوية أوقعته أرضاً في الحال، بينما وضع الآخر يده على موضع الكدمة و نهض قائلاً بحدة :- في إيه يا حيوان؟ هو هيعبيك من هنا هتاجي تفضيهم فيا من هنا! خف الغباوة شوية.
صك على أسنانه بعنف قائلاً :- مش قادر أكمل، مش قادر أضحك في وشه وأنا نفسي أقتله.
أردف بشر :- ومين سمعك أنا نفسي أنزل كرشه دلوقتي بس اللي مصبرني أعرف مين معاه و طريق الواد إياه و ساعتها محدش هيرحمه مني.
أردف بحذر :- جبت اللي قولتلك عليه؟
أومأ بنعم قائلاً :- أيوة كله جاهز بس فاضل التنفيذ.
أردف بتصميم و عزيمة :- الموضوع هيخلص الليلة، الليلة لازم أعرف إن كان شكي طلع في محله ولا لا.
______________________________________
ليلاً كانوا يجلسون معه بداخل المحل الخاص به بحجة قضاء وقت معاً يتسامرون فيه كما السابق.
التفوا حول الطاولة التي تحمل لعبة الشطرنج وهم يلعبون بتركيز و يرتشفون الشاي الساخن .
أخذا يتابعوه بانتباه وهم يشاهدون متى سيبدأ مفعول المنوم الذي وضعوه له في الشاي، حتى أنهم انتابهم القلق من فشل مخططهم.
ما إن رأوا رأسه تهتز بتثاقل، غُرِس الأمل مجدداً بصدورهم و انتظروا حتى يغفو تماماً لينفذوا ما جعلهم يلجأوا لتلك الحيلة حتى وإن كان بها بعض الدونية.
أزاحه إسلام بعنف و غيظ ليرتد الآخر على الأريكة وهو غائب عن الوعي لا يشعر بشيء، ليلتقط الآخر الهاتف بسرعة من جيبه ثم مسك بإصبعه و وضعه على البصمة الخاصة بالهاتف و لحسن الحظ فُتح معهم، فأسرع إسلام يبحث فيه عن المكالمات و الرسائل و بجواره محمود اللذان صُدِما حينما وجدوا محادثات بينه و بين تلك المدعوة بثينة، و ذلك الحقير الذي فر هارباً ولم يلحق به، و كم صُعِقوا من تفكيرهم الشيطاني و تخطيطهم الدنيء للإيقاع بهما وكم نجحوا في ذلك و بجدارة .
دون الأرقام الخاصة بهما إلى هاتفه الخاص و بعث رسالة لهما من هاتف محمد تنص على أنه يريد مقابلتهما في ****** ومن ثم مسح تلك الرسائل على الفور من الهاتف و كأن شيئا لم يكن.
نظرا له بغضب عارم فهم إسلام ليخنقه إلا أن يدي محمود أوقفته قائلاً بغيظ مكبوت :- سيبه يا إسلام لسة عاوزينه دلوقتي، أنا عارف أنه مش بني آدم معندهوش ضمير و خان صاحبه و طعنه في ضهره بس استنى بس لبكرة علشان كل حاجة تنتهي مع بعضها و نخلص.
أخذ صدره يعلو و يهبط بشدة قائلاً بانفعال :- و ربي ليشوفوا مني يوم أسود من قرن الخروب.
أردف محمود بروية :- أنا عاوز أقتله قبلك بس لازم نستنى، خلينا نقعد على ما يتزفت يصحى و نغور من هنا.
أردف بانتباه :- متنساش إني هعمل نائم أنا كمان و تصحيه هو الأول علشان ميشكش في حاجة.
أومأ بتأكيد بينما يطالعانه بنظرات مملوءة بالكره و الازدراء.
____________________________________
تجلس على الفراش و أمامها جهاز الكمبيوتر المحمول، تكتب بعض الكلمات على محرك البحث جوجل وهي تهتف بتذمر :- أجيبها إزاي دي؟ اه لقيتها اكتبِ دي يا بت يا رحيق كيف تتعامل مع شخص فريزر؟
ولكن لم تأتها النتائج المطلوبة، فكتبت وهي تقول بصوت عال :- كيف تتعامل مع مراد الفريزر؟ هوف حتى الكمبيوتر مش عارفلك كاتلوج!
كان على وشك الدلوف و لكنه تسمر عند الباب حينما سمعها تنعته مجدداً بذلك اللقب الذي يكرهه، فأتكأ بذراعه الأيمن على الجدار يشاهد ما تفعله بسخرية، بينما صرخت بحدة :- يوووه و بعدين بقى أنا غلبت.
- و يا ترى إيه اللي مغلب حرمي المصون و مخليها هتتجنن كدة؟
غلقت الحاسوب قائلة بتوتر :- لا ...لا أبداً دة ....دة أنا كنت بدور على وصفة كدة في النت.
ضيق عينيه بغيظ قائلاً :- و لقيتي اللي بتدوري عليه؟
أردفت بحنق :- لا للأسف ملقتش، أصل الوصفة صعبة أوي بعيد عنك و صعب تتلاقى.
أردف بعبوس مصطنع وهو يلتقط الحاسوب من أمامها بلحظة قائلاً :- وريني كدة اللي بتدوري عليه دة.
أردفت بسرعة :- لا لا خلاص مش مهم هبقى أشوفها في حتة تانية. بقلم زكية محمد
فتح شاشة الحاسوب لينظر لما تكتبه، لتزدرد الأخرى ريقها بتوتر وحينما رأت نظراته الحادة المصوبة نحوها هتفت بتبرير أخرق :- دة أنا كنت بشوف إزاي يصلحوا الفريزر أصل التلاجة بايظة تحت و قلت أشوف يمكن أعرف اصلحها.
أردف بتهكم :- والله!
هزت رأسها قائلة بتلعثم وهي تنهض لتلوذ بالفرار منه :- أيوة طبعاً أومال هيكون في إيه يعني؟ أنا... أنا رايحة أشرب..
ما إن همت لترحل وجدت من يجذبها نحوه بقوة حتى التصقت به ليهتف بحدة :- أنتِ إزاي عاوزة تنزلي تحت بالشكل دة ها؟
أردفت بخوف من القادم :- أنا...مش .... أااا..هو...
قاطعها قائلاً بسخرية :- إيه لسانك اتربط مش عارفة تقولي جملة مفيدة!
زاغت أنظارها ولم تعرف ما عليها فعله للخروج من هذا المأزق، بينما أردف هو بغيظ :- مش قولتلك قبل كدة الكلمة الزفت دي ما تتنطقش تاني؟
أردفت بلهفة :- أنا مقولتش جوجل هو اللي بيقول، أنا مليش دعوة حاسبه هو مش أنا.
رفع حاجبه باستنكار قائلاً :-دة بجد!
هزت رأسها بموافقة قائلة ببراءة مصطنعة :- أبقى أكسره ولا أرميه علشان يحرم بعد كدة.
أردف بوعيد وهو يقترب منها :- أنا فعلاً هكسر و هقص لسانك كمان ..
ازدردت ريقها بصعوبة قائلة :- لساني! ليه يا عم هو أنا قولت إيه؟
أردف بخبث :- أنا هعرفك قولتي إيه دلوقتي.
و بلحظة كان ينهل من رحيقها دون توقف و كأنه غريق و وجد مرساه، ليغرق معها في بحور من نوع آخر.
______________________________________
بعد وقت ليس بقليل كان في منزل عمته التي تأففت بضجر قائلة :- و بعدين بقى، من كتر المحبة يا ابن أخويا، خير!
ضحك بصخب قائلاً :- الله يا عمتي بحبك .
مصمصت شفتيها بسخرية قائلة :- بتحبني انا برده!
اقترب منها مقبلاً إياها برأسها قائلاً :- طبعاً يا عمتي أومال مبحبكيش أنا جاي أنفذ إتفاقي اللي اتفقته مع بنت أخوكي، فينها؟
قطبت جبينها بتعجب قائلة :- إتفاق إيه دة؟
جلس على المقعد قائلاً :- ناديها الأول يا عمتي ربنا يباركلك أنا تعبان و على آخري.
هزت كتفيها باستسلام قائلة :- ماشي يا أخويا لما نشوف أخرتها إيه معاكم.
خرجت هي تقف قائلة بجمود :- يا نعم!
رفع حاجبه قائلاً بتهكم :- لا شكل القعدة هنا قوِّت قلبك جامد ما شاء الله! يلا قدامي على البيت .
هزت رأسها بنفي قائلة :- لا مش هرجع معاك في حتة.
جز على أسنانه بعنف قائلاً بهدوء مريب :- بقولك أدخلي إلبسي و روحي معايا بالذوق وإلا.........
صمت لتهتف هي بحنق :- وإلا إيه أنت كل شوية هتهددني!
هز رأسه نافياً وهو يقول بوعيد :- لا يا حبيبتي أنا مش جاي أهدد أنا جاي أنفذ بس.
أردفت بمبالاة و تحدي :- وأنا أو بقولك مش رايحة، و وريني بقى هتعمل ايه!
حك طرف أنفه قائلاً بوعيد :- لا من ناحية هعمل فأنا هعمل كتير.
و بلحظة حملها عنوة و وضعها على كتفه لتصبح رأسها بالأسفل و قدميها بالأعلى، فأطلقت صرخة عالية وهي تقول بحدة ممزوجة بالخجل :- بتعمل إيه يا مجنون نزلني.
أردف بابتسامة انتصار :- لا أنتِ لسة مشفتيش جنان، أنا بقى هوريكي الجنان على حق.
أنهى حديثه و توجه بها نحو الباب لتردف هي بحذر :- إسلام أنت... أنت هتعمل ايه؟
أردف بخبث :- هنروح بيتنا يا روحي.
اتسعت عيناها بذعر قائلة :- ها كدة و أنت شايلني! لا لا نزلني الناس هتشوفنا، بالله عليك لا يا إسلام.
مط شفتيه بدون اكتراث قائلاً :- والله دي مش مشكلتي في إيدك كل حاجة يا توافقي تروحي معايا برضاكي ساعتها هنزلك و هخليكي تلبسي و تيجي معايا، مرضتيش يبقى هتروحي بلبس البيت و بالشكل دة ها أخترتي إيه؟
صمتت ولم تعرف بما تجيبه، أما هو ما إن رآها هكذا تظاهر بالنزول فهتفت بصراخ :- خلاص خلاص هاجي معاك نزلني..
خرجت منال على صوتهما وما إن رأتهم هتفت بدهشة :- في ايه؟
أردفت مريم باستغاثة :- إلحقيني يا عمتي، شوفي المجنون دة عاوز ينزلني الشارع كدة.
أنزلها لتقف على الأرض قائلاً بغيظ و صرامة :- طيب يلا يا حلوة على جوة و نفذي اللي قولتلك عليه بدل ما أنفذ تهديدي التاني.
دبت الأرض بقدميها بحنق، ومن ثم دلفت للداخل وهي تتمتم بكلمات غير مفهومة ولكنها بالطبع حانقة عليه.
هندم ملابسه بغرور مصطنع قائلاً :- الحمشنة حلوة برده.
ضربت منال كف بآخر قائلة :- و الله أنتوا جوز مجانين و عاوزين السرايا الصفرة.
بعد دقائق خرجت وهي مرتدية ملابسها الخاصة بالخروج، وهي تمط شفتيها بتذمر و ضيق، بينما تحمل الصغير الذي غفا منذ لحظات قليلة.
طالعها بابتسامة ظافرة زادتها غضباً، و تقدم منها وحمل الصغير عوضاً عنها، و من ثم ودعوا منال و أنصرفا لشقتهم الخاصة.
دلفا معاً فتوجه مباشرة و وضع الصغير في فراشه، و من ثم دثره جيداً و أودع قبلة هادئة على وجنته، ومن ثم خرج ليرى تلك التي تتصاعد منها الأدخنة أثر الحريق الناشب بداخلها.
لا زالت تقف كما هي تهز قدميها بعصبية شديدة، و قد داهمتها الذكرى لتتذكر آخر مرة كانت بها هنا و ما حدث لتشعر بالاختناق و لمعت بوادر الدموع بعينيها، شعرت به يقف أمامها فتظاهرت بالقوة وهي بالحقيقة غصن هش إن مسه أحد سيقع في الحال.
أقترب منها و احتضنها بحب قائلاً وهو يعض على أصابعه ندماً علام فعل :- آسف.. آسف لكل وجع، لكل جرح، لكل لحظة بكيتي فيها وأنا كنت السبب في دة، أرجوكِ سامحيني، أوعدك إني هجبلك حقك من اللي عمل كدة كلها ساعات كدة و كل حاجة تخلص.
أخذت تقاومه إلا أنها استسلمت أخيراً لقوته و عدم خنوعه في الأمر، و بكت بحرقة قائلة :- أنت وجعتني و هنتني يا إسلام..
قبل رأسها بقوة قائلاً :- حقك عليا يا روح إسلام، سامحيني و أديني فرصة، يهون عليكِ إسلام!
أردفت بوجع و عتاب و خفوت :- ما أنا بردو هنت عندك .
أردف بندم :- كنت غبي و مش هتتكرر تاني، أنا خلاص أتعلمت، أهم حاجة أنول الرضا يا جميل.
لم تتحدث و إنما ظلت ساكنة بين دفء ذراعيه الذي أفتقدته منذ مدة تبكي و تشهق بخفوت، بينما أخذ يمسد على ظهرها بحنو، و اليد الأخرى تحاوطها بتملك خشية فقدانها.
بعد وقت هتف بمرح :- مريم! أنتِ نمتي ولا إيه؟
ابتعدت عنه بخجل وهي تمسح دموعها التي بللت قميصه، بينما هتف هو بمزاح :- ينفع كدة بليتي القميص!
أردفت بخفوت :- أنا آسفة مخدتش بالي.
أردف بحب وهو يجفف عبراتها بحنان :- فداكِ القميص و صاحب القميص، هو أنا عندي كام مريومة حلوة كدة.
أحمرت وجنتيها بخجل بينما أردف هو بعبث :- لا وكمان بنحمر لا عدينا، بقولك إيه متعمليلي كوباية نسكافيه من إيديكي الحلوة دي واكسبي فيا ثواب، أنا ليا يومين مطبق منمتش و تعبان جداً.
أردفت بقلق وهي ترى معالم الأرق على وجهه :- مالك أنت تعبان؟
ضيق عينيه بتعب مصطنع قائلاً بفرحة داخلية وهو يرى قلقها عليه :- اه مصدع أوي يا مريم..
قال ذلك ثم جلس على الأريكة وهو يضغط بيديه على رأسه وإمارات الألم مرسومة على وجهه، فاقتربت هي منه قائلة بخوف :- إسلام أنت كويس؟
أردف بهدوء متعب :- لا مفيش حاجة أنا كويس.
مسكت يديه بخوف حقيقي قائلة بدموع مهددة بالنزول :- طيب أنا هروح أجبلك مسكن للصداع من جوة. بقلم زكية محمد
قالت ذلك ثم هرولت للداخل، بينما أخذ يتابع اختفائها بعيون ذئب ماكر، ونهض قائلاً بخبث :- استعنا على الشقى بالله.
دلف لغرفتهم و نزع قميصه، و تمدد على الفراش ليكمل باقي عرضه اللئيم مثله.
عادت بكوب من الماء و قرص مسكن و لكنها لم تجده، فأردفت بتعجب :- راح فين دة؟!
ثم سمعت صوت أناته الآتية من الغرفة فأسرعت للداخل و قد وقعت الفريسة في فخ الصياد.
شهقت بخجل لرؤيته بتلك الهيئة فتقدمت نحوه ببطء قائلة وهي تمد له الماء و المسكن، فألتقطه منها و تظاهر بوضعه بفمه ثم ارتشف بعضاً من الماء، و ما إن رآها تغادر تأوه بخبث لتعود له بلهفة قائلة :- في إيه تاني؟
أردف بخبث :- شكلي سخن، شوفي كدة.
بطيبة قلب و حسن نية أذعنت لطلبه، و جلست جواره و وضعت يدها على جبينه لتهتف بتعجب:- لا مفيش سخونة يا إسلام، تلاقيك مصدع بس..
أطلقت صرخة خافتة عندما وجدت نفسها مكبلة بذراعيه و يطالعها بخبث، لتفهم مؤخراً أنه يخدعها، أخذت تتململ قائلة :- بتكدب عليا يا غشاش!
ضحك بمكر قائلاً :- طيب أعملك إيه وأنتِ مش راضية تسامحيني بقى .
جعدت جبينها بضيق قائلة :- يعني بالشكل دة هسامحك!
أومأ بتأكيد قائلاً بخبث :- اه أنا هصالحك كدة ..
أردفت باعتراض :- إسلام ...
إلا أنه كبح اعتراضها بطريقته الخاصة ليعتذر منها بطريقته الخاصة.
______________________________________
في اليوم التالي تجلس بشرود وهي تعض على شفتيها بأسى من استسلامها المخزي له ليلة أمس، لطالما نوت معاقبته و الإبتعاد عنه، و لكنها فوجئت بانهيار حصونها أمامه ليعلن عشقه راية الانتصار في كل معركة تخوضها معه.
في المقعد المجاور كان يجلس يراقب تعبيراتها قائلاً :- مريم! مالك؟
هزت رأسها قائلة بتخبط :- مفيش.
اصابه ذلك بمقتل و علم أنها تفكر فيما حدث بينهما، و السؤال هنا هل هي نادمة على ذلك ؟ لذا نظر لها قائلاً بشكل مباشر :- مريم أنتِ ندمانة على اللي حصل بينا صح؟
لم ترد عليه فابتسم بحزن قائلاً :- ماشي، أنا متأسفلك لو فرضت نفسي عليكي بالشكل دة، و دلوقتي يا ريت تروحي تلبسي علشان ورانا مشوار مهم.
كانت سترد عليه ولكن جذبها جملته الأخيرة فهتفت بتعجب :- رايحين فين ؟
أردف بجمود :- هنحط النقط فوق الحروف.....
يتبع..
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله1 اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق