القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية انتقام عبر الزمن الفصل الثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر بقلم إلهام عبد الرحمن كامله

 رواية انتقام عبر الزمن الفصل الثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر  بقلم إلهام عبد الرحمن كامله 





رواية انتقام عبر الزمن الفصل الثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر  بقلم إلهام عبد الرحمن كامله 


الفصل12 و13 هديه للغوالي اللي متابعينها🌹🌹


في مقر عمل كرم استأذن كرم رئيسه بالعمل للذهاب لرؤية والده وبالفعل ذهب كرم إلى عمل والده حتى يطمئن عليه حيث كان يعمل مديراً عاماً بمديرية التموين، حينما وصل إلى مقر عمل أبيه صعد إلى مكتبه ولكنه لم يجد والده فسأل أحد زملائه.


كرم:« السلام عليكم أنا كرم ابن الأستاذ محسن عبد الجليل.»


زميل محسن:«أهلاً يا ابني ازيك عامل إيه وأخبار والدك إيه صحته كويسة دلوقتي؟»


كرم باستغراب:«تعبان... هو بابا ما جاش الشغل بقاله قد إيه لو سمحت؟!»


زميل محسن بدهشة:« إيه ده يا ابني هو انت ما تعرفش إن باباك واخد أجازة مرضي شهر عدى منهم أسبوعين.»


كرم بتوتر وتردد:«أصل الحقيقة إحنا مش عايشين مع بعض فلو أمكن حضرتك تديني عنوانه عشان أطمن عليه وأكون شاكر لحضرتك جداً.»


زميل محسن:« اه طبعاً تحت أمرك والدك انسان محترم وخلوق والكل هنا بيحبه وبيحترمه لكن الفترة الأخيرة دي ما أعرفش إيه اللي جراله بقا مبهدل في نفسه وحاله ما يعلم بيه إلا ربنا.» 


كرم بقلق:« طيب أرجوك اديني العنوان بسرعة.»


زميل محسن:« ثواني يا ابني هكتبهولك في ورقة أهو.»


أخذ كرم الورقة التي دُوِن بها العنوان وذهب مسرعاً إلى منزل والده وقلبه يعتريه القلق وحينما وصل وقف أمام الباب وتردد قليلاً في الطرق عليه فهو لا يريد أن يرى تلك الأفعى ولكنه استجمع شجاعته أخيراً فقد تغلب حب والده في قلبه على كراهية تلك الأفعى المسمومة التي دمرت لهم حياتهم وطرق الباب وحينها استمع لصوت تلك الافعى فريال.


فريال بصوت مرتفع:«شوف مين على الباب يا موكوس واتحرك بدل ما انت مالكش لازمة كدا وقاعدلي زي قرد قطع في البيت.»


غلى الدم فى عروق كرم وأراد أن يفتك بها فكيف لها أن تتحدث إلى أبيه بتلك الطريقة المهينة وبعد لحظات قام محسن بفتح الباب وكان يبدو عليه الإنكسار وحينما رأى كرم أمامه ارتمى بين أحضانه وبكى بشدة فشدد كرم من احتضانه هو الآخر.


كرم بحزن على حال والده:« بابا حبييبى وحشتني أوى مالك يا حبيبي إيه اللي عمل فيك كدا؟!»


محسن ببكاء:«كرم ابني أنا مش مصدق إنك هنا واقف قدامي وبتكلمني أنا مش مصدق نفسي بجد انت يا كرم جاي تطمن عليا بعد كل اللي عملته معاكم؟» 


كرم:« اهدى يا بابا بلاش دموعك دي اللي حصل حصل خلينا فيك دلوقتي طمني عليك وقولي مالك فيك إيه وإيه وليه مبهدل في نفسك بالشكل دا؟!»


« هيكون ماله يعني يا أخويا ما هو زي القرد أهو كنت جيت لاقيته ناقص إيد ولا ناقص رجل.» 


كان ذلك صوت فريال التي كانت تقف في وسط صالة المنزل وتضع يدها في خاصرها وتهتز وهي تتحدث. رفع كرم رأسه ونظر في اتجاهها ولكنه سرعان ما أدار وجهه باشمئزاز فقد كانت ترتدي فستان يفضح أكثر ما يستر فقد كان قصيراً يصل إلى الركبة ومفتوح ببزخ أعلى الصدر كما أنه كان يحدد معالم جسدها بشدة وتضع الكثير من مساحيق التجميل تاركة شعرها الغجري ينسدل حول أكتافها وترتدي خلخالاً بقدمها وتمضغ العلكة بفمها وكأنها فتاة من فتيات الليل.


فريال:«إيه يا أخويا بتدور وشك الناحية التانية ليه مش عجباكك يا سى كرم ولا إحنا مش قد المقام؟!»


محسن:« في إيه بس يا فريال مالك داخلة على الحامي كدا ليه هو كرم داسلك على طرف.»


فريال بحدة:« انت مش شايف قلة ذوقه جاي بيتى من غير إحم ولا دستور وكمان بيدور وشه الناحية التانية لما شافني تقولش شاف عفريت.» 


كرم وهو ما زال ينظر بعيداً عنها:« لو سمحتي أنا مفيش بيني وبينك أي كلام أنا جاي لبابا وبعدين عاوزاني أبصلك ازاي وانت واقفة بالمنظر اللي انتى فيه ده؟»


شهقت فريال ولطمت على صدرها:« نااااعم منظري ما له منظري يا عينيا إيه شايفني عريانة ولا خارجالك ملفوفة بملاية؟»


كرم:« أنا مش هرد عليك لأن عمري ما هنزل للمستوى السوقي دا لو سمحت يا بابا خلينا نخرج برا نتكلم مع بعض.»


محسن بانكسار:«خلاص يا كرم استناني تحت انت لحد ما أغير هدومي وأجيلك.»


فريال بحدة:« تنزل فين يا محسن مفيش خروج اللي عاوزين تقولوه اتفضلوا قولوه هنا قدامي، ثم نظرت لكرم بتحدي وأكملت مش يمكن جاي عاوز يقلبك في قرشين؟»


محسن بانكسار:« قرشين إيه يا فريال ايش ياخد الريح من البلاط هو أنا حلتى حاجة يا ست فريال والبركة فيكى.»


كرم بحزم:« أنا هستناك تحت يا بابا يا ريت ما تتأخرش عليا.»


ثم ذهب مسرعاً قبل أن تزيد تلك الأفعى أي كلمة أخرى ويفقد سيطرته على نفسه معها. نظر محسن بقهر لفريال ثم دخل حجرته وارتدى ملابسه ونزل إلى أسفل حيث ينتظره كرم، ثم ذهبا سوياً إلى أحد الكافيهات. 


كرم بغضب مكتوم:« إيه اللي أنا شوفته دا يا بابا ازاي تسمح لواحدة زي دي تعاملك بالحقارة دي وازاي تقف قدامي باللبس بتاعها دا للدرجة دي مش عاملة لحضرتك اعتبار؟!»


محسن بانكسار:« غصب عني يا كرم ما أقدرش أقولها تلت التلاتة كام سامحني يا ابني إني حطيتك في موقف زي دا يا ريتني ما اتجوزتها أنا دلوقتي بس عرفت قيمة أمك الست اللي كانت زي الجوهرة أنا عارف إن ربنا بينتقم مني على اللي عملته في أمك وأديني بشرب من نفس الكاس دلوقتي.»


كرم باهتمام:«انت قلقتني يا بابا قولي عملت فيك إيه الحرباية دي.؟!» 


محسن بحسرة:« بعد وفاة مامتك فريال منها لله ما ادتنيش فرصة حتى أحزن عليها فضلت محاصراني وعيشتني فترة وكأني شهريار وهي جارية عندي بتلبي كل طلباتي فضلت تهتم بيا وتدلعني وتبخ سمها في وداني إني كنت مدفون بالحياة وإني استحملت أمك بمرضها وإنى لازم أفوق لنفسي وأعيش حياتي وأعوض السنين اللي ضاعت من عمري هي السبب في إني أطردكم وأسيبكم حتى القرشين اللي كنت محوشهم للزمن عشان أربيكم بيهم خدتهم وما خلتش حيلتى أي حاجة حتى مرتبي أول بأول واخداه لدرجة إنه ما بقاش يكفيها ساعتها بدأت تبان على حقيقتها وبدأ لسانها يطول و لما أخدت موقف وضربتها بسبب قلة أدبها عليا أجرت ناس بلطجية واتكاتروا عليا وضربوني وعدموني العافية ومضوني على وصولات أمانة بمليون جنيه وأجبرتني ءدور على شغلانة تانية عشان أكفيها وأنا خلاص ما بقتش قادر وصحتي بقت في النازل حتى هدومي متبهدلة ومش عارف أشتري طقم جديد وما بقتش عارف هروح شغلي ازاي اضطريت أعمل تعبان عشان آخد أجازة مرضي وما أروحش الشغل وأهو كدا كدا المرتب هاخده وبروح الشغل التاني على الأقل محدش فيها هيقولي لبسك مبهدل ليه.»


كرم بتساؤل:« ليه هو حضرتك بتشتغل إيه؟!»


محسن بانكسار:«بشيل رمل وزلط يا كرم يا ابني أي حاجة تجيب فلوس علشان أسد بقها وما تدخلنيش السجن.»


كرم بحدة:« دا لا عاشت ولا كانت دا أنا أوديها في ستين داهية هي البلد ما فيهاش قانون ولا إيه دى ممضياك بالإكراه انت تطلقها وتيجي تعيش معانا تاني وأنا اللي هقف قصادها واوعى تخاف أبداً أنا في ظهرك يا بابا.»


محسن:«يا ريت ينفع يا ابني الكلام سهل أوي لكن حلني لما تقدر تثبت إن الإمضا كانت بالإكراه أكون مت في السجن.» 


كرم بتساؤل:« أومال هتفضل تحت رحمتها كدا وتسيبها تهينك بالشكل ده؟!» 


محسن بقلة حيلة:« طيب قولي يا ابني أعمل إيه لو كان معايا فلوس كنت رميتهالها وخلصت منها لكن ما باليد حيلة دا حتى الشقة اللي قاعدين فيها خليتني كتبتها بإسمها.» 


كرم:« طيب إيه الحل دلوقتي أنا مش هقدر أعيش وارتاح في حياتي وانت عايش بالشكل دا يا بابا.»


محسن:« سيبها لله وهو يدبرها من عنده المهم إنك رجعتلي تاني يا ابني وعقبال بسمة ما تحن عليا هي كمان ويتلم شملنا من تاني.» 


ظل محسن وكرم جالسان سويا يتجذبان أطراف الحديث ثم استأذن كرم من والده ليذهب على وعد بالعودة مرة أخرى، وبعد أن ذهب كرم قام محسن بالتحدث في هاتفه إلى أحد الأشخاص وقال. 


محسن باهتمام:« اه هو لسه ماشي حالًا.. لا ما فتحتوش اصبر بس عليا شوية ماينفعش أفاتحه في الموضوع دلوقتي خلاص خلاص هحاول أفاتحه في أقرب فرصة بس انت اصبر عليا شويه ماشي يلا سلام. 


كانت بسمة تقف فى سنتر أدوات التجميل الذي تعمل به حينما دخل عليها شاب يبدو من ملابسه أنه ميسور الحال كما أنه من الشباب الذين يهتمون بلياقتهم البدنية.


الشاب:«لو سمحتي يا آنسة كنت عاوز أشتري هدية للقطة بتاعتي بس بصراحة أنا ما بفهمش في حاجات البنات دي.»


بسمة وهي تنظر له بدهشة:« نعم.... قطة اااه قصدك الجيرل فريند بتاعتك.» 


الشاب بضحك:«اسم الله عليكي يا مثقفة أيوا الجيرل فريند قوليلي بقا إيه أحسن حاجة ممكن أقدمها أصلها بتحب الميك اب أوي.»


بسمة:«يعني حضرتك عاوز هدية في حدود قد إيه؟»


الشاب:«لا اصرفي وكلفى ما يهمكيش الفلوس دي آخر حاجة أفكر فيها أنا أهم حاجة عندي المزة بتاعتي تبقى مبسوطة عشان تعرف تبسطني أنا كمان.»


بسمة باشمئزاز:« خلاص يا فندم أنا هعمل لحضرتك بوكس شيك إن شاء الله هيعجبها.» 


الشاب:« خلاص تمام شكل ذوقك حلو يا قمر.» 


نظرت بسمة للشاب بضيق ثم أخذت بوكس الهدايا وبدأت في انتقاء بعض أدوات التجميل ووضعتها في البوكس ثم تقدمت من الشاب وسألته إذا كان يريد شيئاً آخر؟»


الشاب:« لا كدا تمام البوكس شكله روعة أوي عاوزك بقا تعمليلي واحد تاني بس المرة دي شوفي الحاجات اللي انتي تحبيها وحطيها فيه.» 


بسمة بدهشة:« واشمعنى يعني اللي أنا أحبه؟!»


الشاب:« عشان البوكس دا هيبقى هدية ليكى انتي يا قمر أصل انتي ذوقك عجبني أوي ودخلتى مزاجي على الآخر.»


بسمة بحدة:« ناااعم يا حيلتها دخلت مزاجك! إيه يا عينيا دخلت مزاجك ازاى هو انت مفكرني إيه إن شاء الله كان حد قالك عليا إني واحدة مش ولابد عشان أقبل من شاب ما أعرفهوش هدية انت هنا في مكان محترم يعني تقف وتتكلم بأدب واحترام.» 


الشاب:« هو في إيه يا آنسة أنا حر شوفت حاجة عجبتني وحبيت أعبر عن إعجابي بيها ما حصلش حاجة يعني وبعدين هو انتى تطولي أصلاً تتعرفي عليا وتبقي الجيرل فريند بتاعتي.»


بسمة بحدة:« شكلك كدا عاوز تتربى من أول وجديد انت فاكر نفسك شهريار دا انت ما تسواش في سوق الرجالة قرش تعريفة يلا يلا من هنا بدل ما أفرج عليك أمة لا إله إلاّ الله وأعرفك مقامك.» 


الشاب بحدة:« انا هعرفك مقامك يا حشرة والله لأفعصك انتي مش عارفة بتكلمي مين أنا عاوز أعرف ازاي يشغلوا ناس زيك في مكان محترم زي دا أنا هوديك في ستين داهية هو فين صاحب المكان دا ولا المدير.»


بسبب تلك المشادة تجمع بعض العاملين بالمكان حول بسمة لمعرفة ما حدث وحاولوا تهدئة الشاب حتى لا يتسبب في طردها من عملها ولكنه أصر على مقابلة المدير وبعد لحظات وصل مالك المكان ودخل بكل وقار ونظر إلى بسمة والشاب ثم تحدث بهدوء.


يونس مالك المكان:«خير يا أستاذ في إيه حضرتك إيه المشكلة اللي مخلياك بتتكلم بالصوت العالي ده؟»


الشاب بصوت عالي:« انت مشغل عندك ناس مبتفهمش ازاى تتعامل مع الناس المحترمين الهانم مش عارفة تشوف شغلها كويس هو مش الزبون دايما على حق أنا بقا عاوز حقي من البني آدمة دي ولازم تتطرد من هنا حالا.» 


يونس بهدوء:« لو سمحت وطي صوتك انت في مكان محترم ودا مكان أكل عيش مينفعش فيه الصوت العالى وانت فعلاً عند حضرتك حق لأن الزبون دايما على حق.» 


ثم نظر باتجاه بسمة التي نظرت له بدهشة وصدمة ونظر لها الشاب بتشفي وغرور فأكمل يونس حديثه.


يونس وهو ما زال ينظر لبسمة:« الزبون المحترم فعلاً هو اللي على حق ثم استدار له ووجده ينظر لبسمة بشماتة فأكمل قائلاً: واللي هو مش حضرتك طبعاً.»


فانصدم الشاب ونظر بدهشة ليونس وتحدث بحدة:«انت اتجننت انت عارف أنا مين عشان تفضل عليا واحدة زى دى؟!» 


يونس ببرود:«ميهمنيش أعرف كفاية أخلاق حضرتك اللى واضحة قدامى واللى ماتدلش على إنك انسان محترم ياريت بقا تحافظ على اللى باقى من كرامتك وتتفضل من غير مطرود ومتورنيش وشك تانى هنا.» 


الشاب بغضب:«أنا فعلاً اللى غلطان إنى جيت مكان بيئة زى دا انتم ماتستاهلوش واحد محترم زيى يدخل يشترى من عندكم.» ثم تركهم وذهب واستدار يونس للجميع وطلب منهم أن يذهبوا ويباشروا عملهم ثم اقترب من بسمة وتحدث بهدوء. 


يونس بهدوء:«آنسة بسمة أنا اللى بقولك أهو أى واحد يحاول يتجرأ عليكى أوعى تخافى وتسكتى خدى حقك وعمر ماحد هيعملك حاجة طالما ماعملتيش حاجة غلط أوعى تكونى ضعيفة قدام أى مخلوق أظن رسالتى وصلت ياريت تكملى شغلك ولا كأن أى حاجة حصلت.» ثم ابتسم لها وتركها وذهب. 


مرت الأيام ومازالت جنة معاقبة من علا فعادت كما كانت تقوم بمساعدة علا فى الأعمال المنزلية ووقت فراغها تقضيه بالمكتبة تقرأ مابها من كتب زاخرة بالمعلومات القيمة التى تساعدها على تنمية عقلها ولكنها أيضا كانت تفكر فى خالد وتسأل نفسها هل شعر بغيابها؟ هل حاول معرفة سبب هذا الغياب؟ أم أنها لا تشكل له فرقاً. أما قاسم فكان يحاول تعويض جنة وذلك عن طريق معاملته الحسنة لها وإحضار كل ماتحبه وتشتهيه والجلوس معها وممازحتها و لكن ظل عقلها مشغولا بسبب معاملته السابقة لها والتى كانت تتميز بالقسوة وحاولت معرفة السبب من علا ولكنها رفضت أن تبوح لها بشئ بناءاً على أمر من قاسم، أما كرم فكان محسن دائم السؤال عنه محاولا التقرب إليه وكرم لم يقصر معه أيضا فى السؤال كما أنه كان يقدم له بعض المساعدات المادية. 


وفى إحدى الليالى لم تستطع جنة النوم فقد جافاها من شدة التفكير وكانت الساعة شارفت على الثالثة فقررت جنة أن تلهى نفسها بالقراءة وبالفعل قامت وذهبت إلى المكتبة وحينما تناولت كتاباً لقرائته تذكرت ذلك الكتاب الذى طالما حذرتها جدتها من قرائته فاتجهت إليه وتناولته وجلست على الأريكة ثم تحسسته بيدها فبدأت الأضواء على غلافه بالسطوع وحينما فتحته حدث مالم يكن فى الحسبان......


الفصل13



كانت جنة تجلس على الأريكة ممسكة بيدها هذا الكتاب العجيب الذي بدأ غلافه يشع ضوءاً أرجوانيا فزادها ذلك فضولاً وأصرت على فتحه وقراءة محتواه وحينما فتحته وجدت به رسومات كثيرة لغابة أشبه ما تكون بغابة سحرية كل رسمة تتوسط صفحة من صفحات الكتاب وحولها الكثير من الرموز الغريبة وأسفل كل صورة بعض الكلمات الغير مفهومة حاولت قراءة تلك الكلمات ولكنها فشلت في فهمها حتى وصلت لتلك الصفحة في منتصف الكتاب وحاولت قراءة الكلمات أسفل الصورة التي بدت لها وكأنها كلمات بسيطة ولكن دون معنى فكانت المفاجأة بعد قراءتها أن شع ضوءاً شديداً من الكتاب وتحولت تلك الرموز حول الصورة إلى رموز مضيئة ثم بدأت في الابتعاد عن الصورة وتطايرت فارتعبت جنة من ذلك المنظر وألقت الكتاب أرضاً بعيداً عنها وحاولت الهروب من المكتبة ولكن قوة رهيبة ألصقتها بمكانها على الأريكة كذلك حاولت الصراخ والإستنجاد بعمها أو زوجة عمها ولكن هيهات فقد اختفى صوتها فبدأ الهلع يملأ أوصالها وتساقطت دموعها ورددت فى نفسها:«ليتني استمعت إلى نصيحتك يا جدتي.»



ظلت تنظر إلى الكتاب الذي سقط مفتوحاً وظلت أوراقه تتراقص يشع منها ضوءاً شديداً ويتطاير خارج هذه الأوراق تلك الرموز التي كانت تزين صفحاتها، ثم تحولت الصورة في منتصف الكتاب إلى صورة مجسدة حيث خرج من كل صفحة على جانبي الكتاب فروعاً لأشجار يغلب عليها الضوء الزهري والأرجواني وتناثرت على الصفحات حشائش خضراء يتزينها زهور ثم تقوست تلك الفروع فأصبحت كبوابة سحرية يتطاير فوقها فراشات مضيئة باللون الذهبي وأخرى باللون الأرجواني كما ظهرت بعد الفراشات باللون السماوي ولكن كانت أكبر حجما، ظلت جنة تنظر لما يحدث أمامها وهي جاحظة العينين وأخذت تتأمل تلك البوابة فرأت من خلالها قصر وكأنه مملكة ولكن صورتها غير واضحة قليلاً



وفجأة اتسعت تلك البوابة ووجدت نفسها تسير دون إرادة منها وتدخل من تلك البوابة وفجأة تحولت ملابسها من منامة بيتية بسيطة إلى فستان زهري رقيق وشعرها أصبح منسدلاً على أكتافها ظلت تسير خطوات بسيطة حتى توقفت أمام شلال من الماء يكسوه أضواء غريبة وكأنها مصابيح تزينه لها ألوان مبهجة حوله فروع لأشجار تُنبت أوراق قليلة تقف بجوار ذلك الشلال فراشة ضخمة ذات لون سماوى تشع هي الأخرى ضوءاً جذاباً. 



وقفت جنة أمام تلك الفراشة تنظر لها بذهول يعجز لسانها عن النطق حتى تفاجئت بذلك الصوت الصادر من تلك الفراشة.


الفراشة:« أهلاً بكِ يا حفيدة رقية الغالية لقد طال انتظارك فتاتي الجميلة.»


جنة بذهول:« من انتِ وكيف أتيتُ إلى هنا وكيف تتحدثين وانتِ مجرد فراشة؟! انتظري.... ما هذا لماذا أتحدثُ الفصحى؟!» 


تحدثت الفراشه برقة وهدوء:« أنا فراشة العالم السحري، أما كيف أتيتِ إلى هنا فذلك لأنك قرأتِ الكلمات أسفل الصورة والتي هي بمثابة مفتاح لعالمنا، وأنا أتحدث لأننا بعالم سحري وسترين هنا كل ما هو غريب، أما أنكِ تتحدثين الفصحى فلأنه عالم لا يقبل سوى بالرقي والفصحى من طرق التحدث الراقية.»


جنة بخوف:«ولماذا أتيتُ إلى هنا أيتها الفراشة؟ وهل لك اسم أناديكِ إياه؟» 


الفراشة:« لقد أتيت إلى هنا بسبب أمنية أرقتكِ خلال الفترة الماضية وتريدين معرفة جوابها وذلك الإلحاح في قلبك ساعدك في فتح تلك البوابة، أما اسمي فهو بيرهات وتعني الذكرى فأنا جوابك لذلك السؤال الذي طالما أرقك قد وضعتني هنا جدتك الحبيبة حتى ما إذا حالفك الحظ واستطعتِ دخول هذا العالم أن تحصلي على جواب سؤالك وحل مشكلتك.»


جنة وقد بدأ يزول عنها الخوف قليلاً:«ماذا تقصدين ما هو هذا السؤال الذي تقصدينه؟ وما هي تلك الذكرى التي تركتها لي جدتي؟ ولماذا تركت لي ذكرى وهي كانت دائمة التحذير لي بعدم فتح الكتاب إلا بعد اتمام عامى الواحد والعشرون؟!»


الفراشة بيرهات:«لا أستطيع إظهار تلك الذكرى إلا إذا سألتي سؤالاً مباشراً عنها، أما جدتك فقد تركت لكِ تلك الذكرى حتى لا تأكل الكراهية قلبك تجاه شخص قريب منكِ، وكانت دائمة التحذير لك لأن العالم السحري يبدو جميلاً جذاباً ولما لا فهو سحري ولكن ليس كل ما هو جميل يحوي في باطنه نفس الجمال الظاهري فدائما يوجد الشر حيث يوجد الخير.»


جنة بفهم:«وها أنا علمت سؤالي.» 


الفراشة بيرهات:« والآن أطلقيه لكي أتحرر فقد انتظرت سنوات طوال.»


جنة:« لماذا كان عمي قاسم قاسي القلب معي؟ لماذا جعلني أعيش حزينة في كنفه رغم حبي له؟»


الفراشة بيرهات:«الآن سوف ترين كل شيء انظري إلى ذلك الشلال لتري ما حدث في زمن فات وانقضى.»


التفتت جنة إلى ذلك الشلال ونظرت بقلق وبدأت تلك الذكرى في الظهور حيث رأت قاسم وهو طفل عندما نجح بالشهادة الإعدادية وكيف أن والده حرمه من التعليم العالي وجعله يعمل بالمحل خاصتهم كما رأت والدها أيضاً حينما نجح بالشهادة الإعدادية وكيف أن جدها أصر على أن يكمل تعليمه ليدخل أعلى الجامعات، رأت عمها قاسم والحزن ينهش قلبه وحلمه يضيع بين يديه حينما أصر والده على عدم إكمال تعليمه المتوسط أيضاً، وظل هكذا لم يحصل سوى على الشهادة الإعدادية، رأت اهتمام جدها بوالدها بسبب مرضه واعتماده الكلي على عمها في العمل ودلاله لوالدها، رأت حب والدها المستمر لعمها كما رأت كراهية عمها لوالدها وحقده عليه، رأت ذكرى مريرة أخرى لعمها بعد أن أصبح شاباً يافعاً حينما ذهب إلى جدها يطلب منه أن يذهب معه لطلب يد إحدى الفتيات في حيه للزواج ولكنه صُدم حين استمع لرد والده والذي قال بتهكم:« لا أستطيع الذهاب واحراج نفسي معك فتلك الفتاة جامعية كيف ستقبل بك وانت لم تكمل تعليمك؟!»


فرد قاسم:«ولكني أحبها يا أبي وأريد أن أتزوجها مهلا ألم تكن انتَ أبي سبب عدم إكمال تعليمي رغم أنك ساعدت أخي الصغير ابراهيم لاستكمال تعليمه؟!»


فرد عليه والده:«هل هذا وقت إحياء تلك الذكرى التافهة مرة أخرى، اتركك من تلك المواضيع فلدي زوجة مناسبة لك أما تلك الفتاة فهي تناسب أخيك ابراهيم أكثر فهو جامعي مثلها.»


شعرت جنة بانقباض قلبها حينما رأت تلك الذكرى وكيف أن عمها قاسم نظر لوالده وهو جاحظ العينين يشعر بالنار تأكل قلبه فأشاحت بوجهها بعيداً وسقطت بعض دموعها، ثم استعادت رباط جأشها ونظرت مرة أخرى إلى ذلك الشلال لترى بقية الذكريات فرأت عمها قاسم وهو يتزوج علا وكيف كان حزينا وكيف أنه لم يستطع الاقتراب منها ومعاملته القاسية لها ولكنها استطاعت أن تجبره على حبها بل عشقها وكيف لا فقد تعدى عشقه الحدود فقد رفض نصيحة والده بالزواج من أخرى لينجب ويصبح له ذرية واكتفى بوجود علا في حياته تلك السيدة الطيبة الحنونة رقيقة القلب جابرة الخواطر كما أنها رأت والدها والذي أصر على الرفض من تلك  الفتاة لأن أخيه كان يريدها لنفسه ورأت أيضاً يوم ولادتها وكيف أن عمها قاسم كان يحملها بين يديه يشع وجهه سعادة وفرحاً، رأت تعلقه الشديد بها وفرحته وكأنها ابنته هو، واهتمامه بها وعدم تركها لحظة لدرجة إنها تساءلت أين ذهبت تلك المحبة، رأت وفاة والدتها وحزن أبيها ومواساة عمها لوالدها، رأت وفاة جدها و الوصية الملعونه التي تركها ومعها خطاب موجه لقاسم، فكانت تلك الوصية تنص على أن المحل من نصيب ابراهيم وقاسم هو الذي يديره ويعطي إيراده لإبراهيم ويأخذ قاسم راتباً مناسباً له، رأت عمها وهو يثور أمام أخيه والمحامي بعد قراءة تلك الوصية فناوله المحامي ذلك الخطاب المرفق مع الوصية ففتحه وقرأ محتواه.


عبد المقصود والد قاسم:« قاسم ولدي الحبيب أعلم أني تحاملت عليك كثيراً ولكن على من أتحامل وانت ولدي الأكبر وسندي بالحياة سامحني يا ولدي فقد ظلمتك كثيراً ولكن ليس بإرادتي فقد ابتلانى الله بمرض أخيك وقد علمت من الأطباء أن حياته لن تطول هو الآخر فأحببت إسعاده ولقد كتبت المحل بإسمه وأعلم أنه بعد وفاته انت من سترثه وستربي ابنته وبذلك يكون عوضك الله عن عدم انجابك وأعاد إليك إرثك مرة أخرى.»


نظر قاسم لهذا الخطاب بكل كراهية وظل يتحدث بصوت عالي وحاد ويردد قائلا.


قاسم بقهر ووجع :«ظلمتني طوال حياتي لأن ولدك الآخر لن تطول حياته كان بامكانك إسعادنا نحن الاثنان ولكن ولدت الكراهية  بدلا من الحب في قلوبنا ماذا استفدت أبي الآن وقد تركت أخٌ ينتظر وفاة أخيه حتى يحصل على حقه ماذا استفدت الآن والكراهية أكلت قلبي كما تأكل النار الهشيم لا سامحك الله والدي على ما جعلتني أعيشه.»


رأت كيف حاول والدها إرجاع المحل ليتشارك هو وأخاه فيه بشرع الله ولكن رفض قاسم واعتقد أن أخيه يمن عليه وسيطر عليه شيطان نفسه ولم يرى حب أخيه له وزادت كراهيته أكثر وأكثر ويا ليت تلك الكراهية اقتصرت فقط على ابراهيم ولكن شملت تلك الصغيرة اليتيمة التي لا حول لها ولا قوة فبعد أن كان ملتصقا بها طوال الوقت أصبح لا يقربها وينفر منها، شعرت جنة بالحزن والقهر ووجع القلب على حال عمها قاسم والتمست له العذر في معاملته القاسية معها وسامحته وأصرت على أن تعوضه على كل ما حدث معه.


انتهت الذكريات ونظرت جنة للفراشة بأعين دامعة وتحدثت بصوت رخيم. 


جنة:«شكراً لك أيتها الفراشة بيرهات لقد أثلجتي قلبي بمعرفة الحقيقة وأدعو الله أن يعينني على تعويض عمي العزيز والآن أخبريني كيف أعود إلى عالمي؟!»


الفراشة بيرهات:«ستستطيعين الخروج بسهولة بعد حصولك على المفتاح من الجزيرة القمرية.» 


جنة بدهشة:«مفتاح.... وجزيرة قمرية! وأين أجد تلك الجزيرة؟» 


الفراشة بيرهات:«ستذهبين عبر ممر الفراشات الذهبية 



وستمرين بالنساء ذات الرداء الأبيض ولكن إياكِ والنظر إليهم ففي لحظة مرورك عليهم هن لا يشعرن بكِ ولكن إن نظرتي  أنتِ لهم وهم يؤدون تعويذاتهم احترقتي وتحولتِ إلى رماد،



ثم ستمرين بقصر شهبانو أي قصر الملكة وهو قصر ضخم أبيض كالكريستال يشع أضواء جذابة حوله شجيرات كأنها مغطاة بالثلج يحاوط هذه الشجيرات وأرضية القصر الضباب وكأنه يسبح بين السحب 



لا تغرك هذه المناظر الجذابة فتاتى الطيبة فكما قلت لك سابقا حيثما يوجد الخير يوجد الشر أيضاً فملكة هذا القصر سيدة يافعة لا ترتدي سوى الأبيض لها شعر رمادي غجري يصل إلى أسفل ظهرها ترتدي تاجاً كأفرع الشجر يزينه بعض أحجار الزمرد لها ذئب ضخم ذو فراء أبيض يهابه كل من في الغابة فهو حارسها الوحيد



آجلاً عاجلاً ستلتقين بها ولكن ليس الآن فإياكِ ثم إياك أن تنبهري بشيء. بعد القصر بعدة أمتار سترين سلم يحاوطه الزهور وأعلاه القمر كبدر ستجدين أعلى السلم مفتاحاً يحلق بالهواء هذا هو أحضريه وعودي بسرعة



اه نسيت اخبارك أن كل ممر تمرين فوقه ستتغير ملابسك بألوان تناسب المكان الذي تمرين عليه فلا تنزعجي ولا تخافي حينما تعودين بالمفتاح سيعود كل شيء كما كان وستضعين المفتاح في هذا الجانب من الكتاب وأشارت إلى غلاف الكتاب وحينما وحينها ستفتح البوابة مرة أخرى وتخرجين منها وتعودين مرة أخرى إلى نفس الوقت الذي دخلتِ فيه إلى عالمنا وهنا تنقضي مهمتي فقد أتممتها على أكمل وجه بعد انتظار دام لسنوات وسأذهب للقاء جدتك الحبيبة فسلامي لك حبيبتي الغالية وأتمنى حينما تعودين إلى هنا ألا تخسري خسارة عظيمة كما خسرت جدتك حياتها.»


جنة بدهشة:«انتظري أيتها الفراشة بيريهات أخبريني كيف فقدت جدتي حياتها؟!» 


الفراشة بيرهات « ليس مسموح لي بإخبارك فسوف تعلمين حينما تعودين مرة أخرى إلى هذه البوابة وأتمنى أن لا تعودين إليها مرة أخرى والآن اذهبي سريعاً قبل أن يتحول القمر من حالته وتسجنين هنا إلى الأبد هيا أسرعي فتاتى الغالية.»


ثم بدأت في الإختفاء وهي تردد:« حافظي على حياتك.. حافظي على حياتك.. لا تنبهري بأي شيء فحيثما يكمن الخير يكمن الشر م

عه.» 


نظرت جنة في إثرها ثم نفذت ما أمرتها به تلك الفراشة وعادت بالمفتاح ووضعته بغلاف الكتاب وفتحت البوابة مرة أخرى وخرجت منها ووجدت نفسها جالسة على الأريكة بمكتبة منزلها تمسك بيدها الكتاب وترتدي نفس المنامة البيتية التي كانت ترتديها سابقاً وكانت الساعة الثالثة وكأن شيئاً لم يحدث ونظرت إلى الكتاب وسؤالاً يراودها «هل ستعود فعلاً إلى تلك الغابة السحرية مرة أخرى وتعيش مغامرة جديدة أم أنها ستهاب الرجوع بسبب تحذير تلك الفراشة لها؟» 


والآن قررت أنها ستكتفى بتلك الحقيقة التى توصلت إليها وستترك مسألة رجوعها إلى تلك الغابة لوقت آخر، ثم ذهبت لتنال قسطا من النوم.


القصه للكاتبه الهام عبد الرحمن 

تفاعل عالي علشان نكمل

الفصل 14


في صباح اليوم التالي استيقظت جنة من نومها وهي تشعر بإرهاق شديد بسبب مامرت به فظلت جالسة قليلًا على فراشها تحاول استدعاء توازن جسدها وبعد قليل قامت وتوضأت وأدت فرضها ثم ذهبت إلى المطبخ وقامت بإعداد العديد من الأصناف لطعام الإفطار ثم وضعتها على طاولة السفرة وذهبت لإيقاظ عمها وزوجة عمها ولكنها تفاجأت قبل أن تتحرك بوجود عما يقف خلفها يلقى عليها الصباح فالتفت له ونظرت له بشوق شديد وكأنها لم تراه منذ سنوات.


جنة: «يسعد صباحك يا أحن وأطيب عمو قاسم في الدنيا كلها.»


قاسم باستغراب وهو ينظر يميناً ويساراً:«إيه دا هو الدلع دا ليا أنا.» 


جنة بابتسامة حب:« طبعاً هو في في حياتى عمو قاسم غير واحد بس.»


قاسم بضحكة خفيفة :«شكلك قايمة رايقة على الصبح إيه نمتى  كتير ولا إيه؟»


جنة بحب وحنان:« طبعاً لازم أبقى رايقة وفايقة ومبسوطة كمان وأنا ربنا رازقني بأحن أب وأم في الدنيا كلها.» 


قاسم بدهشة:« أب... ثم شرد قليلاً في لذة تلك الكلمة وكيف أنها أثرت على قلبه ومشاعره.»


جنة بتردد  :«هو أنا ممكن أطلب منك طلب وما ترفضوش؟!» 


قاسم بجدية:« أؤمري يا حبيبتي عاوزة إيه محتاجة فلوس؟»


جنة بتلعثم:«لا الحمد لله مش محتاجة لحاجة بس هو... أنا... يعني... أنا ممكن أقولك بابا؟!» 


قاسم بذهول:«  بابا! انتى يا جنة عاوزة تناديلي بابا؟!»


جنة وقد اعتقدت أنه سيرفض:« أرجوك أوعى تقول لا، ثم ارتمت بين أحضانه وبدأت في البكاء وأكملت من بين دموعها أنا اتحرمت من ماما قبل ما أشوفها واتحرمت من بابا وأنا ة ة ما أعرفش أب وأم غيرك انت وطنط علا هي طول عمرها عاشت أم ليا وانت كمان كنت أب ليا ربتني وعلمتني وصرفت عليا واهتميت بيا.»


قاسم بأعين دامعة:« ليه يا جنة....؟ ليه انتى صافية أوي كدا؟ ليه قلبك مليان طيبة بالشكل دا؟ ازاي قادرة تسامحيني بعد كل اللي عملته فيكي ازاي قادرة تحبيني كدا قلبك دا مصنوع من إيه؟»


جنة بابتسامة باكية:« مش يمكن عشان عارفة قد إيه انت انسان طيب بقسوة مش حقيقية مش يمكن عشان عارفة الحقيقة وعارفة قد إيه انت اتعذبت في حياتك.»


قاسم باستغراب:« عارفة؟! عارفة ازاي؟ ومين حكالك وعارفة إيه بالظبط؟ علا حكت ليكي حاجة؟» 


جنة بلهفة :« لا لا لا لا أبداً طنط علا عمرها ما قالتلي حاجة تخصك مفيش على لسانها غير إنك طيب وحنين بس قاسيت كتير في حياتك يا عمو انت ما شاء الله عليك ذكي وناجح في شغلك يعني كنت هتبقى حاجة كبيرة أوي لو كنت كملت تعليمك أنا مش عاوزة أتكلم في اللي فات لأنه خلاص حصل بس يكفيني إنك موجود في حياتي وإنك أب حنين وجميل أنا بحبك أوي يا بابا.»


قاسم بأعين باكية وتنهيدة ة وهو يجذبها داخل أحضانه:« اااااه يا جنة انتى فعلاً اسم على مسمى جبرت قلبي بعد سنين حرمان قوليها تاني يا بنتي قوليها واروي قلبي المحروم بقاله سنين من إنه يسمع ويتمتع بأحلى كلمة في الدنيا.» 


جنة ببكاء وهي تحتضنه بقوة:« بابا قاسم هفضل أقولها باقي عمري كله بابا... بابا....»


كانت تقف علا على باب الحجرة وتنظر لهم بسعادة وحب وعينها تذرف الدموع فرحاً من كم هذه المشاعر التي تولدت بين ليلة وضحاها داخل قلوب قاسم وجنة ورددت في نفسها سبحان مقلب القلوب إنك لا تهدي من أحببت ولكنَّ الله يهدي من يشاء. 


علا من بين دموعها:«وأنا يعني بنت البطة السودا ولا إيه يا ست جنة يعني هو بابا وأنا  هفضل طنط علا ماليش نصيب يتقالي ماما.» 


جرت جنة وارتمت بين أحضانها وأمسكت يدها وقبلتها وقالت:« أنا ما عرفتش أم غيرك ليا انتى اللي ربيتي وتعبتى وسهرتى وذاكرتي بس كنت خايفة أجرح احساسك لما أقولها وأنا مش بنتك بجد، ثم نظرت لقاسم وأكملت بتردد كنت خايفة من عمو قاسم لأنه كان رافض وجودي لكن دلوقتي خلاص أنا مش هقول غير ماما وبابا أنا ماليش غيركم وما أعرفش أب وأم غيركم.» 


في مقر عمل كرم  كان ينهي كرم بعض الأوراق حين أتاه اتصال هاتفي من رقم غير معروف هوية صاحبه.


كرم:« الو... السلام عليكم مين معايا؟!» 


الشخص:« حضرتك الأستاذ كرم محسن؟»


كرم:« أيوا يا فندم مين حضرتك؟!»


الشخص:«أنا جبت نمرة حضرتك من والدك الأستاذ محسن أنا آسف إنى ببلغ حضرتك إن والدك تعبان شوية يا ريت حضرتك تيجي تاخده لأنه مش قادر يمشي لوحده.» 


كرم بلهفة:« ماله في إيه إيه اللى حصله؟ طب قولي بسرعة  من فضلك العنوان فين؟»


قام الشخص بإعلام كرم بالعنوان واستأذن كرم من رئيس عمله وذهب مسرعاً حيث يوجد والده فاستقبله الشخص الذي هاتفه.


كرم:« بابا فين لو سمحت أنا كرم محسن مش حضرتك اللي كلمتني دلوقتي؟»


الشخص:« اهدى يا أستاذ والدك بخير اطمن تعالى معايا أنا هوديك عنده هو ما كانش ينفع نسيبه هنا وهو دايخ بالشكل دا لأن دا سوبر ماركت فأخدته وديته للمسجد اللي هناك دا وشيخ المسجد قاعد معاه شكله عنده هبوط سكري هو والد حضرتك عنده السكر؟» 


كرم بتردد:«مش عارف وصلني بس ليه وأنا هاخده على أقرب مستشفى عشان أطمن عليه.»


وصل كرم إلى المسجد حيث يجلس والده فأقبل عليه بلهفة ووجده مسطحاً على الأرض يظهر عليه الوهن الشديد كما يوجد جرح ليس بكبير أعلى جبينه.


كرم بلهفة :«بابا مالك يا حبيبي فيك إيه وإيه اللي جرحك كدا، ثم التفت إلى الرجل وسأله هووقع واتعور ولا إيه؟!» 


الرجل:« لا يا أستاذ هو كان مجروح كدا هو أصلاً ما وقعش إحنا لحقناه أول ما حس بدوخة وشربته عصير وبعدين وصلته للمسجد علشان يرتاح لحد ما انت توصل.» 


كرم:«قوم يا بابا تعالى نروح يلا أي مستشفى عشان أطمن عليك.»


محسن وقد عزت عليه نفسه والتمعت أعينه بالدموع:« مالوش لزوم يا كرم يا ابني أنا بقيت كويس الحمد لله هم شوية دوخة بسيطة بسبب قلة الأكل والإجهاد  والحمد لله ربنا سترها أنا بس عاوز أتكلم معاك ضروري اسندني وخلينا نروح في أي حتة نقعد شوية ونتكلم.»


كرم بحنان وخوف على والده:«حاضر يا حبيبي ثانية واحدة بس هخرج أوقف أي تاكسي عشان ما تتعبش من الوقفة.»


بعد دقائق قليلة دخل كرم بعد أن استوقف سيارة أجرة وأسند والده وذهبا سوياً إلى أحد المطاعم، ثم طلب له أشهى المأكولات وشرعا في تناول الطعام وأثناء ذلك نظر كرم إلى والده الذي يتناول طعامه بصعوبة وهو شارد الذهن، ثم سأله باهتمام.


كرم:«خير يا بابا موضوع إيه المهم اللي كنت حضرتك عاوز تكلمني فيه والأهم من دا الجرح اللي في دماغك دا اتجرحته ازاي؟!»


محسن بتلعثم:« أنا... أنا... يا كرم يا ابني.... بصراحة... والله ما عارف أبدأ منين وأقولك إيه ثم بدأت دموعه في الهطول وهو يردد يا ريتني ما بعت الغالي بالرخيص.»


كرم بقلق:«في إيه يا بابا قلقتني عليك يا حبيبي ولازمته إيه الكلام دا دلوقتي؟»


محسن ببكاء:« عشان البني آدمة اللي أنا متجوزها اللي اشتريتها وبعتكم اللي مضيتني على وصل أمانة بمليون جنيه لما تعبت وما عدتش قادر أشتغل ولا أوفرلها طلباتها بدأت تقل أدبها عليا جامد ما حستش بنفسي إلا وأنا بضربها لاقيتها بتهددني إنها هتسجنني بوصل الأمانة وأنا ما حيلتيش اللضا عشان حتى أعطيهولها وأخلص منها وما بقتش عارف أتصرف ازاي يابنى دا وصل بيها الحال إنها تخبطني في دماغي بالطبق اللي كان في إيديها وتطردني من بيتي أنا بقالي يومين بنام على الأرصفة في الشوارع يا كرم يا ابني.»


كرم بدهشة وغضب إيه بتقول إيه بتنام على الأرصفة ازاي كل دا يحصل وما تقوليش هى فاكرة نفسها إيه دى واحدة ولا تسوى أنا هعرفها مقامها وأعرفها ازاى تتطاول عليك بالشكل ده.» 


محسن بقلة حيلة:«اهدى ياكرم إحنا مش هنقدر نعملها حاجة لأن هى مسكانى من إيدى اللى بتوجعنى متنساش دول مليون جنيه.» 


كرم بضيق وحدة:«والمفروض هنسكت على إهانتها دى وبعدين ازاى يجرالك كل دا وتنام على الأرصفة ازاى متجيش بيتك تانى وتقعد معايا أنا وبسمة؟» 


كرم بخجل من حاله:«وتفتكر كان يجيلى عين أرجعلكم تانى بعد مااتخليت عنكم فى عز ماكنتم محتاجينلى؟ تفتكر بسمة كانت هتتقبلنى تانى فى حياتها؟ بتهيألى اللى عملته هو الصح أنا ماأستحقش أى رحمة ولا تعاطف منكم.» 


كرم بذهول:«انت بتقول إيه يابابا انت مهما حصل منك هتفضل أبونا اللى ربانا وبعدين إحنا اتفقنا ننسى اللى فات وإن كان على بسمة فصدقنى هى قلبها أبيض ومع الوقت هتسامحك ماانت عارف الستات بيتضحك على عقلها بكلمتين يعنى شوية حنية منك على كلمتين حلوين منى هتلين وتحن وتسامحك والزن على الودان أمر من السحر يا أبو كرم  .» 


محسن برجاء:«يسمع من بوقك ربنا ياكرم ياابنى.» 


كرم:«بص يابابا أنا هحاول أجيب قرض ونديه للست دى وبعدها تطلقها وتيجى تعيش معانا.» 


محسن بحزن:«ياريتها بالسهولة دى ياحبيبى انت موظّف يعنى مش هتقدر تجيب قرض عالى بالشكل دا وهى عمرها ما هتقسط المبلغ بالعكس دى هتبقى عاوزة تعجزنا عشان أتسجن وتشمت فيا.» 


كرم بنفاذ صبر:«طيب والحل؟!» 


محسن بتردد:«مفيش غير حل واحد بس.» 


كرم بتساؤل:«إيه هو قولى عليه.» 


محسن:«نبيع البيت.» 

كرم:«ازاى وانت كاتبه باسمها؟» 


محسن:« لا ماهو أنا مش قصدى البيت بتاعى أنا أقصد البيت بتاعك انت وأختك اللى ورثتوه من مامتكم.» 


كرم بذهول:«انت بتقول إيه يابابا انت واعى للكلام اللى بتقوله دا يعنى هى تاخد بيتك منك وحضرتك تيجى تاخد البيت اللى حيلتى انا وأختى واللى آوينا وتبيعه وتديلها فلوسه.» 


محسن:«ياكرم ياابنى افهمنى أنا لو مااتصرفتش بأسرع وقت هروح فى داهية والبيت بتاعك انت وأختك فى واحد تقيل أوى ومعاه فلوس لو فضل عمره كله يصرف فيها مش هتخلص وهو عاوز البيت بأى تمن يعنى المليون بالنسباله شوية ملاليم فاحنا هنطلب اللى إحنا عاوزينه وهو مجبر إنه يدفع عشان ياخد البيت.» 


كرم بفهم:«اااه يبقى هو دا اللى رجعك لحياتنا تانى مش حتة بقا إنك ندمان وعاوز تلم الشمل والكلام دا كله أنا آسف يابابا أنا معنديش بيوت للبيع.» 


محسن:«ياكرم يابنى أرجوك بلاش تتخلى عنى أنا ممكن أروح فى داهية بالشكل دا بلاش تتخلى عنى أنا أبوك هترضى إنى أترمى فى السجن؟!» 


كرم بصرامة:«آسف معنديش كلام تانى أقدر أقولهولك وياريت متفتحش معايا الموضوع ده تاني.» 


محسن بانكسار:«اللى تشوفه ياكرم.» 


كرم:«يلا بينا خلينا نروح عندى فى البيت.» 


محسن:«وبسمة هتقدر تقنعها بوجودى معاكم.» 


كرم:«سيبها لله لما نوصل نبقا نشوف هنعمل إيه معاها.» 


بعد مدة وصل كرم ووالده محسن إلى منزل كرم وصعدا سوياً وجلسا ينتظران قدوم بسمة حيث لم تكن انتهت من عملها بعد وبعد فترة من الزمن حضرت بسمة وحينما دخلت إلى المنزل تفاجأت بوجود والدها فنظرت لهم بصدمة وسقطت حقيبة يدها أرضا فوقف محسن وحاول الإقتراب منها ليسلم عليها ففرت مسرعة إلى حجرتها فالتفت ونظر إلى كرم بإنكسار ثم تحدث قائلا. 


محسن بانكسار:«مش قولتلك بلاش يابنى أنا كنت متأكد إنها يستحيل تتقبلنى فى حياتها أنا همشى يابنى عشان مسببش أى مشكلة بينكم.» 


كرم:«استنى بس يابابا هتروح على فين أنا هدخل أكلمها وياريت متزعلش منها واعذرها.» 


ترك كرم والده واتجه إلى حجرة أخته بسمة فوجدها تجلس على الفراش حاملة بيدها صورة والدتها وتبكى بحرقة فنظر لها كرم بشفقة وجلس بجوارها فتحدثت بقهر. 


بسمة بقهر:«انت وعدتنى ياكرم إنك مش هتجبرنى أتعامل معاه ولا أكلمه ليه خلفت وعدك ليه جبته هنا البنى آدم دا أنا مش عاوزة أشوف وشه ولا أتعامل معاه بأى شكل أرجوك خليه يمشى من هنا وحياتى عندك ياكرم مشيه أنا مش هستحمل أعيش معاه تانى.» 


كرم بهدوء:«بسمة أولاً أنا مش هحاسبك على الكلام اللى انتى قولتيه دا لأنى مقدر مشاعرك كويس وأنا مش بجبرك تتعاملى معاه ولا حاجة ثانيا الحكاية إنه واقع فى مشكلة وأنا بحاول أساعده مش أكتر.» 


بسمة بغل:«ميخصنيش مشاكله يحلها بعيد عننا هو جاى يفتكرنا دلوقتي لما وقع فى مشكلة.» 


كرم بحدة بسيطة:«بسمة لاحظى إن اللى بتتكلمى عليه دا أبونا يعنى مينفعش نتخلى عنه وربنا مش هيباركلنا فى أى حاجة لو اتخلينا عنه ياريت تفهمى كدا أنا مش هرمى ابويا فى الشارع عشان زعلانين من تصرفاته الأصيل مش بيبان غير فى وقت الضيق.» 


بسمة بقلة حيلة:« خلاص يبقا مالوش دعوة بيا ولايتعامل معايا بأى شكل وينسى خالص إن له بنت اسمها بسمة.» 


كرم:«حاضر هقوله بس انتى بردو حاولى تهدى شوية وتتأقلمى على الوضع ده لأن الموضوع شكله هيطول.»


خرج كرم واتجه إلى والده وطلب منه أن يصبر قليلا على بسمة حتى تهدأ وأن الزمن كفيل بمعالجة كل شئ، ثم أدخله حجرة والدته لينام بها. 

مرت عدة أيام  ولم يحدث شيئا جديدا فجنة حياتها الآن مليئة بالمحبة والسعادة وكرم يحاول تهدئة الأوضاع بين والده وبسمة أما بسمة فلم تستطع مسامحة والدها ولا الاقتناع بوجوده معهم كما انها اخبرت كرم بعدم ارتياحها لوجوده ولكن كرم أخبرها أن هذا الشعور نتاج غضبها منه، وفى إحدى الليالى خرجت بسمة لتملأ قارورة المياه الخاصة بها فاستمعت إلى صوت والدها وكأنه يتشاجر مع أحد فى الهاتف  فاقتربت أكثر من باب حجرة والدها لتستطيع سماع مايقول فشهقت بصوت مكتوم وجحظت عيناها بشدة وقالت هامسة. 


بسمة بهمس:«أنا كان عندي حق انا ماكنتش مرتحالك من الأول بس اصبر عليا اما وريتك مبقاش أنا بسمة.»


القصه بقلم الكاتبه الهام عبد الرحمن


تفاعل علشان ننزل اكتر لو حابينها👇👇👇👇


تكملة الرواية من هناااااااا 

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله  من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا



تعليقات

التنقل السريع