رواية انتقام عبر الزمن الفصل السابع والثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر بقلم إلهام عبد الرحمن كامله
رواية انتقام عبر الزمن الفصل السابع والثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر بقلم إلهام عبد الرحمن كامله
الفصل السابع
فلاش بااااك......
قاسم بفرحة:« بابا..... يا بابا.... يا حاج عبد المقصود يا جدعان يا اللي هنا يا أمي...»
خرجت رقية من المطبخ مسرعة إلى ابنها.
رقية بلهفة:« إيه يا قاسم مالك يا ضنايا في إيه بتزعق كدا ليه؟!»
قاسم بفرحة:« نجحت ياما نجحت أخيراً وخلصت من الإعدادية وهدخل ثانوي، ثم احتضنها بفرحة وظل يدور معها وهو يضحك من قلبه وأكمل حديثه:« وهدخل كلية الطب عشان أعالج بابا وقلبه يبقى زي الحديد.»
رقية:« ألف مبروك يا قلب أمك إن شاء الله هتبقى أحسن دكتور في الدنيا كلها ربنا يبارك فيك يا حبيبي.»
«ثانوي إيه وطب إيه اللي بتفكر فيه يا قاسم انت آخرك هتدخل دبلوم وكفاية كدا عشان تقف معايا في المحل.» كان ذلك صوت عبد المقصود والد قاسم.
قاسم بحزن:« ازاي يا بابا دا أنا جايب مجموع كبير يدخلني ثانوي ازاي حضرتك عاوز تدخلني دبلوم حضرتك كدا بتضيع مستقبلي.»
عبد المقصود بحدة:« أنا اللي هضيع مستقبلك! لما أبقى عاوزك تدير المحل اللي هو مصدر رزقنا لما تبقى انت الكبير والمفروض إنك سند ليا وعاوزك تتعلم أصول الشغل يبقى كدا بضيع مستقبلك الجامعة هتعلمك إيه فهمني كدا؟ أقولك أنا... الجامعة هتخليك تسيب المحل لأنك هتشتغل في مجال دراستك طيب فكرت أنا بقا لو جرالي حاجة مين هيمشي الشغل بعدى؟ طبعا ما فكرتش لأنك أناني وما بتفكرش غير في نفسك بس.»
رقية بحزن:«ليه بس كدا يا حاج تكسر بخاطر الواد ما تسيبه يتعلم ويبقى دكتور قد الدنيا واسم الله عليه يبقى حاجة تشرف وبعدين قاسم شاطر في دراسته.»
عبد المقصود بحزم:« أنا قولت كلمتي خلاص من بكرا قاسم ينزل معايا المحل عشان يتعلم الشغل ماشي ازاي وكدا كدا الدبلوم مش محتاج لمذاكرة يعني لا شغله هيأثر على الدراسة ولا الدراسة هتأثر على الشغل.»
قاسم ببكاء:«يا بابا أرجوك طب والله هشتغل معاك بردو وفي نفس الوقت أذاكر وأحقق حلمي دا أنا كان نفسي أبقى دكتور عشان خاطرك انت بس وأعالجك.»
عبد المقصود بغلظة:«قاااااسم قولت خلاص وبطل بكا زي الحريم انت راجل دموعك دي ما أشوفهاش تاني انت فاهم ولا لا؟»
قاسم بقهر:«حاضر يا بابا اللي تؤمر بيه هنفذه، طيب هو إبراهيم أخويا هينزل هو كمان الشغل معايا؟!»
عبد المقصود بلهفة:« لا طبعاً إبراهيم لسة في سنة تانية إعدادي يعني لسة صغير وبعدين انت عارف إن إبراهيم صحته على قده لما يشد حيله ويخلص الإعدادية زيك يبقا يحلها ألف حلال.»
قاسم ببكاء مكتوم وقهر :«حاضر يا بابا طالما حضرتك شايف كدا يبقا خلاص، عن اذنكم انا هدخل أوضتى.»
دخل قاسم حجرته ذلك الطفل ذو الخمسة عشر عاما وأطلق لنفسه العنان وانفجر باكياً من ظلم والده له فلطالما أحب إبراهيم أكثر منه وفضله عليه في كل شيء والحجة دائماً أن إبراهيم يعاني مشاكل صحية في القلب فكان والده يدلله أكثر من اللازم مما جعل الغيرة والحقد تتولد في قلب قاسم تجاه إبراهيم فقد استطاع الشيطان اقناع قاسم بأن إبراهيم هو سبب حرمانه من التعليم العالي وضياع مستقبله ولم يراعي أن إبراهيم لا ذنب له فيما حدث فهو لم يطلب من الله أن يولد ولديه تلك الوعكة الصحية ولو كان الأمر بيده لحارب العالم كله من أجل أن ينال قاسم ما يتمناه فقد كان إبراهيم يحب أخاه بشدة وحاول اقناع والده بأن يكمل قاسم تعليمه ولكن قوبل طلبه بالرفض وكلما مرت الأيام ازداد دلال عبد المقصود لولده ابراهيم وازدادت قسوته على قاسم اعتقاداً منه أنه بذلك يجعل منه رجلاً له شأن، ومرت الأيام وأنهي إبراهيم الشهادة الإعدادية وكان قاسم سعيداً بأن أخاه سينزل معه للعمل بالمحل فيتقاسم الجهد ويتوفر له الوقت للدراسة فقد قرر بداخله أن يكمل تعليمه بعد الدبلوم ولكن كما هي العادة تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن فحينما ظهرت نتائج امتحان إبراهيم حضر إلى والده في المحل ليخبره بنجاحه.
إبراهيم بفرحة :«بابا يا حبيبي... قاسم أخويا باركولي أنا نجحت»
قاسم بفرحة:« ألف مبروك يا هيما انا فرحانلك أوي يلا بقى يا بطل عشان تيجي تشتغل معايا في المحل دا أنا اتعلمت حاجات كتير أوي وهعلمهالك كلها مش هبخل عليك بحاجة.»
عبد المقصود بحزم:« لا إبراهيم هيدخل ثانوي عشان يكمل جامعة مكانه مش هنا وصحته ما تستحملش مناهدة الزباين.»
إبراهيم بفرحة:« بجد يا بابا يعني هتسيبني أكمل ثانوي... يعني هكمل تعليمي وأدخل الجامعة ربنا يخليك ليا يا أحن أب في الدنيا.»
قاسم بصدمة:« يعني إيه يا بابا الكلام دا اشمعنا إبراهيم اللي هيكمل تعليمه أومال ليه ما سبتنيش أنا كمان أكمل تعليمي ليه نزلتني معاك الشغل رغم إن حضرتك كنت عارف إن كان نفسي أدخل كلية الطب.»
عبد المقصود بحدة:« في إيه يا سي قاسم هي قصة كل شوية هترغي فيها مش خلاص خلصنا من الموال ده وبعدين انت الكبير وانت اللي لازم تضحي وتبقى سند لأخوك، دا بدل ما تفرحله وتشجعه عاوز تضيع مستقبله وتخيب أمله عاوزه يبقا فاشل يا قاسم هي دي محبتك لأخوك؟ دا على كدا لو مت هتاكل حقه وترميه في الشارع؟!»
قاسم بصدمة:«كلام إيه اللي بتقوله دا يا بابا أنا!... أنا آكل حق أخويا؟ أنا أرميه برا للدرجة دي شايفني إنسان مش كويس يا بابا بس والله أنا مش كدا أنا بحب أخويا لكن انت اللي بتفرق بينا كدا ودا حرام وظلم وميرضيش ربنا.»
عبد المقصود بقسوة:«انت اتجننت ياقاسم انت بتقول عليا إن أنا ظالم يا قليل الأدب يا عديم التربية.»
ثم رفع يده وصفعه على وجهه صفعة قوية أسقطته أرضاً فارتمى عليه إبراهيم صارخاً بإسمه.
إبراهيم بحزن ولهفة:« قاسم أخويا ليه كدا يا بابا قاسم عنده حق ليه فرقت بينا في المعاملة ليه حرمته من التعليم انت فعلاً كدا هتخلي أخويا يكرهني أنا خلاص مش عاوز أكمل تعليمي هبقى زي قاسم وأدخل دبلوم خلاص مش عاوز كليات حب أخويا ليا أحسن من مليون كلية.»
عبد المقصود بحزم:« إبرااااهيم آخر مرة تعلي صوتك وتتكلم معايا بالأسلوب ده وانت هتدخل كلية يعني هتدخل كلية وهتكمل تعليمك أما انت يا قاسم على قلة أدبك دي حتى الدبلوم مش هتكمله وهتشتغل في المحل وبس.»
إبراهيم بذهول:« لا يا بابا بلاش تعمل في قاسم كدا بلاش تإذيه بالشكل ده عشان خاطري طيب خليه يكمل الدبلوم بس والنبي انت كدا بتضيع مستقبله وهو مايستاهلش العقاب ده أرجوك يابابا.»
قاسم بجمود:«وفر مجهودك يا إبراهيم وكفاية تمثيل وحضرتك يا بابا أنا هعمل اللي انت عاوزه عاوزني ما أكملش تعليمي حاضر عاوزني أشتغل في المحل حاضر كل اللي تؤمر بيها هنفذه.»
إبراهيم وهو يمسك يد أخيه ويبكي:« والله يا قاسم أنا مش بمثل أنا بحبك والله وكان نفسي تدخل الكلية اللي بتحبها واتحايلت على بابا كتير حتى إسأله مش كدا يا بابا قوله خليه يعرف إني مش بكرهه وإني بتمنى إنه يبقى أحسن مني كمان.»
عبد المقصود بحزم:« إبراهيم روح على البيت وكفاية كلام في الموضوع دا أنا خدت قراري ومفيش رجوع خلاص.»
إبراهيم بحزن ودموع:«راجع نفسك يابابا بلاش تخليني أخسر أخويا اللى ماليش غيره فى الدنيا بلاش تظلمه أكتر من كدا بلاش تخليه يكرهنى اكتر من كدا.»
قاسم بكره:«اسمع كلام بابا يا إبراهيم وامشي من هنا خلينا نشوف الشغل اللي ورانا كفاية تضييع وقت لحد كدا.»
فاق قاسم من شروده من تلك الذكرى وهو يلعن حظه العاثر الذي جعله الأخ الأكبر فكان من نصيبه الذل والإهانة وعدم تحقيق أمنيته الوحيدة.
قاسم بقهر:« انت السبب يا بابا انت اللي خلقت مني إنسان حاقد غيور خلتني كرهت أخويا وأنا عارف ومتأكد إنه مالوش ذنب حتى بعد موته كرهى ليه اتنقل لبنته وهي ما لهاش أي ذنب وياريتك اكتفيت بكدا بس دا انت عملت اللى خلانى كرهتك أكتر وحتى الرحمة مش قادر أدعيلك بيها، يا رب وحياة حبيبك النبي تزرع محبتها في قلبي وتخلصني من كرهي وحقدي اللي غطى على قلبي سنين لما خلي قلبي بقا عامل زي الخرابة يا ترى هقدر أعوض المسكينة دي عن اللي عملته فيها؟ يا ترى هتسامحني إني خليتها ما تكملش تعليمها زي ما أبويا عمل فيا؟ أنا مش عارف أنا خدتها ليه بذنب أبوها أصلاً أبوها نفسه ما كانش ليه ذنب الذنب كله ذنب أبويا اللي بحبه لأخويا ملا قلبي كره ليه ولأخويا لكن ازاي أقدر أصلح العلاقة بيني وبين جنة؟ ازاي أقدر أخليها تنسى قسوتي عليها؟ ااااه يا علا لو تعرفي قد إيه أنا محتاجك في اللحظة دي قد إيه أنا محتاج نصيحتك يا رب انت اللي عالم بالحال حلها من عندك يا كريم فك الكرب يا رب.»
القصه بقلم الهام عبد الرحمن تفاعل لو عايزين نكمل👍👍
الفصل الثامن
في صباح اليوم التالي كان يقف كرم أمام منزل جنة يطرق الباب وبعد لحظات استجاب قاسم لطرقات كرم وقام بفتح الباب وألقى عليه الصباح.
قاسم:« صباح الخير يا كرم تعالى اتفضل يا ابني ادخل.»
كرم:« صباح الخير يا أستاذ قاسم هو حضرتك مش رايح لطنط علا ولا إيه؟»
قاسم:« لا طبعا رايح حالاً بس جنة بتجهزلها غيار وبعدين تعالى هنا إيه حكاية أستاذ قاسم اللي انت عمال تقولهالي كل شوية دي هو انت نسيت إن أنا مربيك انت وأختك يعني بعد كدا ما أسمعش كلمة أستاذ دي تقولي يا عمو قاسم زي زمان وزي ما البت بسمة بتقولي ولا خلاص فكرت نفسك كبرت وبقيت كبير على كلمة عمو.»
كرم بابتسامه:«لا طبعاً أنا عمرى ماأكبر عليك، حاضر اللي انت تؤمر بيه وأحسن عمو كمان بس مش يلا بقا عشان ما نتأخرش ولا إيه؟»
قاسم:«ثواني هشوف جنة خلصت ولا لسة.؟»
«أنا جاهزة أهو تعالوا افطروا الأول وبعدين نمشي صباح الخير يا كرم.»
كان ذلك صوت جنة التي خرجت من حجرتها بعد أن استمعت لحديثهم.
كرم بابتسامة:« صباح الورد يا جنة، طيب يا عمو قاسم أنا هنزل أستناك تحت لغاية ماتفطروا.»
قاسم:«تنزل إيه يا كرم قرب تعالى هنفطر سوا وبعدين نروح المستشفى أوعى تكون مكسوف ياض؟!»
كرم:« لا أبداً بس عشان تاخدوا راحتكم.»
قاسم:«يلا يا كرم وبطل خيابة انت مش غريب يا ابني وخلص بقا إحنا مش هنقضي اليوم كله في محايلة حضرتك خليني أروح أجيب وردة حياتي بدل ما تدبل في المستشفى.»
تناول الجميع طعام الافطار ثم ذهبوا إلى المشفى للاطمئنان على حالة علا واصطحابها إلى المنزل وبالفعل طمأنهم الطبيب على حالتها بعد قيامه بالكشف عليها وسمح لها بالخروج والعودة إلى المنزل على أن تتبع تعليماته وتتناول الأدوية في مواعيدها.
قاسم:« هو انت ما عندكش شغل النهاردة ولا إيه يا كرم يا ابني؟!»
كرم:«لا أنا واخد أجازة النهاردة مخصوص عشان طنط علا هو في أغلى منها.»
علا بوهن:« ربنا يبارك فيك يا كرم ويحفظك بس ماكانش له لزوم تعطل نفسك وتسيب شغلك.»
كرم:« ما تقوليش كدا يا طنط علا انتى غالية عندنا أوي طب يا ريت أقدر أعملك أكتر من كدا ده أنا مهما عملت مش هعرف أرد جمايلك عليا أنا وأختي ربنا يشفيكى ويقومك بألف سلامة»
خرج قاسم وكرم حتى تستطيع جنة مساعدة علا في ارتداء ملابسها و لكن حينما حاولت علا التحرك شعرت بدوار قليل فنادت جنة عمها قاسم من الخارج ليساعدها في إسناد علا وعندما دخل قاسم وقف أمامها وتحدث بقلق.
قاسم بقلق:« مالك يا علا فيكى حاجة ياحبيبتي أنادى للدكتور يشوفك؟!»
علا بوهن:«ما تخافش يا قاسم أنا كويسة هو بس عشان قومت مرة واحدة اطمن أنا بخير تعالى بس اسندني ويلا نمشي عشان نروح بيتنا.»
قاسم:« يا حبيبتي لو لسة تعبانة خليكي النهاردة كمان في المستشفى عشان أطمن عليكي»
علا:« يا قاسم والله أنا كويسة مفيش حاجة يلا بقا والنبي نمشي من هنا مابحبش قاعدة المستشفيات.»
قاسم بحب:« حاضر يا قلب قاسم ونور عيونه.»
ثم اقترب منها وحملها بين ذراعيه رغم محاولاتها في منعه من فعل ذلك، نظرت لهم جنة بابتسامة حب ودعت الله في نفسها أن يديم ذلك الحب بينهم وأن لا يفرقهم أي شيء في الدنيا، خرج قاسم من الحجرة حاملا علا التي أراحت رأسها على كتفه باطمئنان وتبعتهم جنة وابتسامة حب ترسم ملامح وجهها وحينما رآهم كرم ابتسم هو الآخر ونظر لجنة بكل حب وتمنى في نفسه لو يأتي يوما ويحملها بين ذراعيه هو الآخر ويعيش معها أجمل قصة حب.
في منزل جنة تمددت علا على الفراش وأحضرت لها جنة الطعام فأخذه قاسم منها وطلب منها أن تتركه وإياها وتذهب هى إلى حجرتها وبعد خروج جنة جلس قاسم بجوار علا ثم تناول ملعقة من الطعام واقترب بها من فمها وحاول إطعامها لكنها أبت معللة ذلك بأنها لا تريد تناول شيء الآن، فوضع قاسم الملعقة ونظر لها والابتسامة تملأ وجهه ثم تحدث بهمس.
قاسم بهمس:«ما ينفعش يا روحي لازم تاكلي عشان الجرح يلم بسرعة وتبقي كويسة ولا عاجبك رقدتك دي وأفضل محروم من دلعك يرضيكى يعني كدا.»
ثم اقترب من شفتيها وقبلها برقة فاغمضت عينها مستسلمة لذلك الشعور الذي هز كيانها وجعلها وكأنها تطير فوق السحاب فاستغل قاسم الوضع ووضع الملعقة في فمها ففتحت عيناها وتحدثت بعتاب.
علا بعتاب:«بقا كدا يا قاسم بتستغل الوضع عشان تأكلني قاسم بابتسامة خبث خلاص يا قلب قاسم كل معلقة ببوسة من شفايف الكريز دي ولو اعترضتى هيبقى كل معلقة ببوستين ولو فضلتى معترضة هزود وأنا بصراحة عاوزك تفضلى معترضة.»
نظرت له علا بخجل ثم قالت:« هو انت بتتلكك يا راجل ولا إيه؟!»
قاسم وهو يقترب منها:« اه طبعاً بتلكك عندك مانع ولا حاجة ويلا بقا ولا انتى لسة معترضه تصدقي شكلك معترضة؟»
ثم هم ليقبلها ولكنها أبعدته بخجل ووهن وتناولت الطعام وكان يتحدث معها بحب وحنان أثناء ذلك.
قاسم بحب:«تعرفى لو كان جرالك حاجة بعد الشر عليكي أنا كان ممكن اروح فيها انتى رعبتينى عليكى أوى قوليلى بقا إيه اللى حصل واتجرحتى ازاى؟»
علا:«كنت داخلة أعمل عصير وشوية ماية وقعوا منى على الأرض ولسة بتحرك عشان أجيب قماشة أمسح بيها الماية قومت متزحلقة ودماغى اتخبطت ومدريتش بالدنيا إلا وأنا فى المستشفى.»
قاسم:«الحمدلله إنها عدت على خير ياحبيبتي بس ابقى خلى بالك على نفسك أنا ماليش غيرك ويلا بقا كفاية عليكى كدا ارتاحيلك شوية.»
أنهى قاسم جملته، ثم دثرها جيدا لتنال قسطا من الراحة.
في منزل كرم مساءً كان يجلس كعادته في شرفة المنزل يستمع إلى بعض الأغاني ويحتسي كوباً من القهوة وينظر بكل حب تجاه منزل جنة لعلها تخرج إلى الشرفة فيمتع نظره برؤيتها، فهو لا يكتفي ولا يمل من رؤيتها ويود لو تظل أمامه للأبد، ظل شارداً هكذا حتى دخلت عليه بسمة ثم جلست على المقعد المقابل له.
بسمة:« يا ابني والله عمرها ما هتبقى من نصيبك طول ما انت عايش في دور الحبيب الصامت ده البنت بتحب اللي يفرض نفسه عليها وعلى حياتها خليك دايما موجود قدامها خليها تشوف مواقفك معاها بلاش تبقى مجرد جارها واخو صاحبتها لازم توريها كرم الشهم الراجل الجدع اللي دايما موجود وقت ما تحتاجه خليها تشوف فيك الشاب الرومانسي اللي بيهتم بتفاصيلها خليها ما تشوفش غيرك.»
كرم:«خايف يا بسمة مرعوب من فكرة إنها ترفضني بس تصدقي انتى عندك حق أنا فعلاً لازم أتجرأ وآخد خطوة عشان جنة تبقا من نصيبي أنا ممكن يجرالي حاجة لو ما اتجوزتهاش مستحيل تبقى من نصيب حد تاني غيري.»
بسمه:« ياااه يا كرم قد كدا قلبك متعلق بيها ربنا يجعلها من نصيبك وأشوفك فرحان ومتهني انت وجنة يا رب قولى بقا طنط علا عاملة إيه أنا اتكسفت أطلعلها دلوقتي خوفت تكون نامت وقولت أطلعلها بكرا وبالمرة أقعد مع البت جنة شوية والحمد لله إن بكرا أجازة.»
كرم:«هى الحمدلله كويسة ربنا ستر وعداها على خير ويلا بقا كفاية رغى وقومي جهزيلنا عشوة حلوة أصل أنا جعان أوي.»
بسمة:«بس كدا من عيونى ياقلب أختك هقوم على طول أهو وكمان في فيلم حلو أوي في التلفزيون نتفرج عليه سوا.»
في منزل جنة أنهت جنة تنظيف الأواني بالمطبخ، ثم قامت بتغيير ملابسها واطمأنت على علا واستأذنت عمها قاسم لتذهب حتى تخلد للنوم طالما أنهم لا يحتاجون شيئا منها، دخلت جنة حجرتها وتمددت على الفراش بإجهاد وحاولت النوم ولكنه جفاها بشدة أمسكت هاتفها وأخذت تتجول بين الجروبات حتى تأخر الوقت فوجدت هاتفها يصدر رنين وصول رسالة فأخذها الفضول وقامت بفتحها فوجدت خالد من قام بإرسالها فظلت تنظر لها باستغراب وأخذت تحدث نفسها.
جنة في نفسها:«هو في إيه هو أنا عشان رديت عليه مرة يقوم يعملها شغلانة وكل شوية يبعتلي لا وكمان رايح يبعتلي في وقت متأخر زي ده هومفكرني إيه إن شاء الله؟!»
ولكن فضولها تغلب عليها وأرادت أن ترى محتوى تلك الرسالة فاضطرت إلى فتحها وقرأت محتواها.
خالد:« يا ترى إيه اللي مصحيكي لحد دلوقتي باين كدا في موضوع مهم شاغل تفكيرك؟»
شعرت جنة وكأن رأسها تغلي كالبركان وتحدثت بحدة من بين أسنانها.
ة بحدة :«هو الباشا مفكر نفسه من بقية عيلتي ولا إيه؟ لا وكمان ناصح ما شاء الله عليه وحدد إن اللي مسهرني موضوع بفكر فيه ويا ترى بقا عارف إيه هو الموضوع ولا منتظر مني إني أقوله عليه؟ هو إيه السواد اللي أنا فيه دا.»
خلال لحظات تفكيرها مع نفسها أرسل خالد رسالة أخرى فنظرت لها جنة وقرأت محتواها.
خالد:« أنا آسف بجد لتطفلي عليكى بس ليه بتفتحي الرسايل وتقرأيها ومش بتردي يا ريت نتكلم مع بعض شوية لو ما عندكيش مانع؟»
ترددت جنة قليلا قبل أن ترد عليه ولكنها حسمت أمرها وقامت بكتابة الرد.
جنة:« أولاً من ة التطفل فحضرتك عندك حق انت فعلاً متطفل أما إني بقا فاتحة في وقت متأخر وسهرانة أعتقد بردو إن دي حاجة ما تخصكش وماتخصش أي حد وكوني بفتح الرسايل وما بردش عليها فدا طبيعي لأن أي إنسان طبيعي لما بتجيله رسالة بيبقى عاوز يعرف محتواها إيه أما بقا إنى أرد على محتوى رسالتك أو ما أردش دى حاجة ترجعلي لكن حضرتك حابب تفرض عليا إني أرد.»
خالد:«أنا بجد بعتذرلك وبعتذر لنفسي قبل منك لأني حطيت نفسي في موقف محرج زي دا وانتى فعلاً عندك حق أنا غلطان لأن مش من حقي إني أسألك سهرانة ليه ولا دي حاجة تخصني بعتذر مرة تانية.»
جنة:« المفروض إنك كدا ثبتني بأسلوبك دا واعتذارك عارف انت إيه اللي خلاك تدخل تكلمني لأنك فكرت بخيالك المريض إني واحدة مش تمام طالما سهرانة على النت لوقت متأخر كدا فقولت لما أدخل أتسلى شوية يمكن السنارة تغمز لكن لا فوق يابابا أنا مش من النوع دا ويا ريت تبقا فاهم كدا كويس أنا ة محترمة وأهلي ربوني أحسن تربية ماليش في شغل السهوكة والمحن بتاع البنات فالزم حدودك معايا واظبط نفسك كدا.»
خالد:« اللهم طولك يا روح ما تهدي على نفسك كدا ووحدى الله هو انتى شايفاني داخل عليكى بخمرة وبقولك كلام 18+ دا ما كانش سؤال سألتهولك يا ستي والله أنا غلطان وأستاهل ضرب الجزمة كمان أنا أصلاً ما بكلمش بنات وكل الحكاية إن شايل جميلك اللي عملتيه معايا وحسيت إنك إنسانة محترمة وطيبة وكريمة وبتحبى الخير لغيرك فلما لاقيتك صاحية والوقت متأخر كدا وانتى دايما بتبقي قافلة النت في التوقيت دا فقولت أكيد عندك مشكلة ولا حاجة فحبيت أتكلم معاكي يمكن أقدر أساعدك وأهو أبقى رديت جميلك عليا لكن والله عمري ما فكرت فيكى تفكير وحش ويعلم ربنا إنك عندي حاجة كبيرة أوي ويا ستي دي أول وآخر مرة أكلمك تاني سلام.»
شعرت جنة بالخجل الشديد من نفسها وتسرعها في الرد وظلت تعاتب نفسها وحاولت جاهدة أن ترد عليه باعتذار مناسب ولكنها عجزت عن ذلك فأغلقت هاتفها وهي تشعر بالضيق بسبب هذا الهجوم الغير مبرر فحاولت استدعاء النوم وعدم التفكير ولكن هيهات فقد ظلت مدة ليست بقليلة على هذا الوضع إلى أن غلبها النعاس أخيراً فلم تشعر بنفسها إلا وهي تفتح عيناها ببطء استجابةً للصوت الذي يناديها وحاولت أن ترى ذلك الشخص ولكن كانت الرؤية مشوشة ففركت عيناها ثم فتحتهما مرة أخرى فصدمت بشدة واتسعت عيناها على آخرها وحاولت أن تستوعب الأمر فلم تستطع التصديق أن من يوقظها هو عمها قاسم فظلت تنظر له مشدوهة.
قاسم:«قومى يا جنة يلا يا بنتي عشان تفطري الجمعة قربت تأذن شكلك مجهد أوي عشان كدا ماصحتيش بدري النهاردة بس انتى ربنا يكون في عونك بجد انتى فعلاً بتتعبي أوي ودلوقتي علا تعبانة وكل شغل البيت هيبقى فوق دماغك لوحدك يلا معلش بقا أنا عارف إنك قدها.»
قال جملته وهو يزيح ستارة الشرفة ويقوم بفتحها لتنشر أشعة الشمس نورها داخل الحجرة، ثم أكمل كلامه بحنان.
قاسم بحنان:«يلا بقا يا حبيبتي قومي وبلاش كسل أنا جهزت الفطار برا وعشان الصنايعي جاي النهاردة عشان تنقوا الموديل اللي هيتعمل كفاية تأخير لحد كدا.»
قال كلامه وهو يتجه خارجا من الباب ظلت جنة تنظر في إثره وتفرك عيناها تارة وتنظر للشرفة تارة أخرى لتأكد لنفسها أنها استيقظت بالفعل ولكنها ظلت تنكر ذلك وأخذت تردد بهمس.
جنة بهمس:« لا أكيد أنا بحلم استحالة عمو قاسم يدخل أصلاً يصحيني لا وكمان يجهز لي الفطار لا لا لا لا لا دا حلم وهفوق منه على الاسطوانة بتاعت كل يوم انتى جهنم مش جنة وبالفعل وجدت عمها قاسم ينادي من الخارج بصوت عالي نسبيا حتى تسمعه ولكنها صدمت مما سمعته.
قاسم:« يلا يا جنة بقا أنا هموت من الجوع وعلا مش راضية تفطر إلا لما تصحي اخلصي بقا يا بنتي.»
هبت جنة مسرعة وذهبت خارج حجرتها ووجدت قاسم وعلا يجلسان في صالة المنزل وطعام الإفطار موضوع أمامهما وينتظرانها حتى تشاركهم إياه فوقفت تفرك عيناها وتنظر لهم غير مصدقة نفسها.
علا بابتسامة:« صباح الخير يا جنة حياتي إيه يا قطتي النوم دا كله دا عمك قاسم صاحي من بدري مجهز لنا فطار ملوكي يلا اغسلي وشك واتوضي وصلي وتعالي بسرعة عشان نفطر سوا.»
جنة بعدم تصديق:« هو دا بجد يعني أنا صاحية دلوقتي ولا نايمة لسه وبحلم حلم جميل بس لو دا حلو فأنا مش عايزة أصحى بالله عليكم.»
ثم ذهبت باتجاه قاسم واحتضنته بشدة وبكت وأكملت قائلة:« بالله عليكم مش عاوزة أصحى خليني في الحلم الجميل دا انت حلو أوي يا عمو جوه الحلم.»
تردد قاسم في احتضانها ولكن مشاعره غلبته فضمها إلى صدره واحتضنها بشدة ثم همس بجانب اذنها.
قاسم بهمس :« بس انتي مش بتحلمي يا بنتي انتي صاحية وفي كامل وعيك قومي يا حبيبتي وخلصي بسرعة وتعالي نفطر وإن شاء الله دي هتفضل حقيقة في حياتك العمر كله ومش هتعيشي معايا غير كل حاجة حلوة.»
ثم نظر بعينها وقد هربت من عيناه دمعه متمردة وما أعظم أن يبكي الرجل فهذا أكبر دليل على صدق مشاعره.
قاسم بابتسامة دامعة:« سامحيني يا بنتي سامحيني على كل اللي عملته معاكي سامحي أبوكي اللي غلط في حقك وجايلك ندمان دلوقتي وعاوز يبدأ معاكي صفحة جديدة عاوز يحس بالنعمة الكبيرة اللي في حياته ويعيش معاكي أجمل احساس كان حارم نفسه منه إنه يكون أب لأطيب وأرق وأجمل بنت في الكون.»
ارتمت جنة بين أحضانه واعتصرته بشدة وكأنها تثبت له بذلك أنها لا تكن له أي ضغينة بقلبها فشدد هو الآخر في احتضانها ونظرت لهم علا بابتسامة دامعة، ثم تحدثت وهي تمسح دموعها.
علا:« يادي النيلة، الدراما والنكد ما طلعوش من اختصاص الستات بس إيه يا سي قاسم انت كمان هنفضل عايشين فى الدراما دي كتير ما تقومى بقا يا بت يا جنة خلينا نفطر أصل والله آكل وأسيبكم انتم الاتنين.»
جنة وهي تركض باتجاه الحمام:« ثواني وأكون عندكم بس أوعوا تفطروا من غيري.»
ثم عادت مسرعة وقبلت قاسم في وجنته وعادت مرة أخرى إلى الحمام لتتوضأ.
علا:« ربنا يبارك فيك يا قاسم ويجبر بخاطرك ويفرح قلبك زي ما فرحت اليتيمة دي.»
قاسم:« خلاص يا علا أنا قررت أبدأ صفحة جديدة وأردم على اللي فات كله وأبقى أب بجد لجنة وقادر ربنا يسامحني على اللي فات.»
علا وهي تربت على قدمه:« هيسامحك يا أخويا هيسامحك عشان اللي انت عشته بردو ما كانش قليل وكفاية حرمانك من التعليم ومن ورثك واحد غيرك كان عمل أكتر من كدا لكن انت نبتة طيبة من أصل طيب وإيمانك بربنا كبير ربنا يديم هدايته عليك ويوسع في رزقك بالحلال.»
بعد مدة من الوقت حضر صانع المطابخ وقامت علا وجنة بانتقاء الموديل المطلوب وكانت جنة تشعر بسعادة عارمة ليس لأنها انتقت ما تريده ولكن سعادتها كان سببها تلك الإبتسامة المرسومة على وجه عمها ذلك الرجل الذي أذاقها القسوة طوال حياتها واليوم أحل محلها الحب والحنان.
مر اليوم بدون أي مشاكل، كانت جنة تشعر أنها تعيش حلم جميل وأرادت ألا تفيق منه وكانت تدعو الله أن تستمر هذه الحياة بهذه الفرحة، وحينما حل المساء جلست كعادتها الجديدة تتصفح هاتفها وتذكرت خالد وسوء تصرفها معه وردها العنيف فأرادت أن تعتذر له ولكنها ظلت مترددة لفترة، ثم حسمت أمرها أخيراً.
القصه للكاتبه الهام عبد الرحمن
تفاعل يابنات علشان انزلكم اكتر من بارت🥰
الفصل التاسع
في صباح اليوم التالي كان يقف كرم في موقف سيارات الأجرة ليذهب إلى عمله حينما استمع إلى أحد الأشخاص يناديه فالتفت إلى ذلك الشخص وما كان سوى والده، ولكنه صدم مما رآه هو، في نفس الوقت لم يظهر صدمته.
محسن والد كرم:«كرم ازيك يا ابني عامل إيه وأخبار بسمة أختك إيه؟»
كرم بجمود:« الحمد لله أخبار حضرتك انت إيه؟»
محسن بنفس مكسورة:« إيه يا كرم يا ابني مفيش يوم تغلط وتسأل على أبوك ولا أنا ما بوحشكش يعني، دا حتى بسمة أختك مفيش مرة تقول أتصل على أبويا أشوفه عايش ولا ميت؟!»
كرم وهو يحاول ضبط أعصابه:« وهو المفروض مين يسأل على مين يا بابا، الأب اللي يسأل على أولاده اللى المفروض بيبقوا محتاجينه عشان يراعيهم ويحميهم من مخاطر الدنيا ولا الأولاد هم اللي يسألوا على الأب اللي سابهم وباعهم عشان يعيش حياته مع زوجة جديدة بمجرد مازوجته وعشرة عمره فارقت حياته.»
محسن بإنكسار:« يا ريتني فضلت عايش على ذكراها يا ابني أنا ما عرفتش قيمتها إلا لما عاشرت غيرها يا ريت تقدروا تسامحوني وتنسوا اللي فات وتسمحولي بس أودكم وأطمن عليكم.»
ثم فرت من عينه دمعة ألهبت مشاعر كرم مع سقوطها.
كرم وهو يحاول إخفاء تعاطفه:« ربنا يسهل معلش أنا مضطر أمشي لأن أنا اتأخرت على شغلي.»
ثم تركه وذهب دون أن يعطيه فرصة أخرى للكلام فنظر محسن في إثره وترقرقت الدموع بعينيه وبدأت في الهطول على وجنتيه وكأنها حبيسة لمدة سنوات وأرادت الهرب ثم بدأ يتحدث بهمس فى نفسه بصوت يملأه الوجع والقهر.
محسن بقهر ووجع:« أنا أستاهل أكتر من كده لو كنت ما ردتش حتى عليا يا ابني بردو هيبقى عندك حق يا ريت الزمن يرجع بيا ما كنتش اشتريت الرخيص وبعت الغالي.»
ثم انصرف هو الآخر فى تلك اللحظة كان كرم ينظر إليه من بعيد بعد ما اختبأ بشفقة على حالته المزرية فكانت ملابسه في حالة يرثى لها وشعره أشعث كما أنه أصبح هزيلاً وكأنه لا يأكل الطعام، كان يبدو عليه الإنكسار والحزن رق قلب كرم وحاول الرجوع إليه وضمه بين ذراعيه ليشعره بالاطمئنان ولكن عقله منع قلبه، فحدث كرم نفسه بعقلانية وابتعد عن العاطفة التي سيطرت عليه.
كرم بعقل:«للأسف انت اللي اخترت الطريق دا يا بابا، انت اللي بعتنا ونسيتنا، انت اللي فضلت واحدة تانية على أولادك، انت اللي اخترت ولازم تتحمل نتيجة اختيارك إحنا كنا بالنسبالك مجرد واجب بتقضيه في مناسبة، دقايق قليلة لا تشفع ولا تنفع وعشان كدا الدقايق دي ما شفعتش ليك عندي النهاردة حتى لو قلبي موجوع عليك»ثم ذهب وركب السيارة واتجه إلى عمله.
ظلت جنة شاردة أغلب الوقت تنظر إلى هاتفها بين الحين والآخر تنتظر أن يرد خالد على رسالتها فقد علمت أنه قرأها ولكنه لا يزال صامتا رافضا أن يبلغها رده ففتحتها مرة أخرى وقرأت محتواها لعلها كتبت بها شيئاً خاطئ جعله لا يريد الرد عليها بسببه.
جنة:«أستاذ خالد أنا بجد ة على أسلوبى الهجومي دا أنا فعلاً مش كدا ولا دا اسلوبي لكن لما لاقيت حضرتك داخل تكلمني في وقت متأخر زي دا فكرتك من الشباب اللي بيحبوا يوقعوا البنات في شباكهم فحبيت أبينلك إنى قوية ومش بتاعت نتعرف ونتكلم والأسلوب والحوارات دي لكن رد حضرتك صدمني ومن ساعتها وأنا بعاتب نفسي على ة ذوقي مع حضرتك أتمنى تقبل اعتذاري وما تكونش شايل في قلبك أي حاجة وحشة من ناحيتي.»
ظلت تنتظر وتنتظر ولكن دون جدوى حل المساء وجنة تشعر بأرق وتوتر وظلت تسأل نفسها لماذا لا يقوم بالرد عليها هل ترسل له مرة أخرى ألذلك الحد هو غاضب، رأتها علا وهي جالسة في الشرفة وملامح وجهها يبدو عليها الضيق فجلست بجوارها وتحدثت بهدوء.
علا بهدوء:« مالك يا روحي في حاجة مضايقاكى ولا إيه؟!»
جنة بابتسامة :«أبداً يا حبيبتي مفيش حاجة أنا كويسة اطمني بس.....»
علا بتساؤل:« بس إيه يا جنة في إيه احكيلي عمك قاسم زعلك في حاجة تاني؟!»
جنة بلهفة :« لا لا أبداً دا أنا لحد دلوقتي مش قادرة أصدق إنه بقا يعاملني حلو بالشكل دا،تعرفى إن معاملته ليا النهاردة مسحت السنين اللي فاتت كلها بكل ما فيها بس بصراحة في حاجة تانية حصلت ومش عارفة أتصرف ازاي انتى عارفة إني مش بخبي عليكى حاجة يا طنط علا لأن وربنا يعلم أنا بعتبرك زي ماما بالظبط.»
علا وهي تطمئنها:« طيب قوليلى يا قلبي إيه الحكاية يمكن تلاقي الحل عندي.»
قصت جنة كل ما حدث بينها وبين خالد دون أن تزيد كلمة أو تنقص كلمة وبعد أن انتهت نظرت إلى علا التي صمتت قليلاً تنتظر منها رأيها في ذلك الموضوع.
علا بعد تفكير:« بصى يا جنة أنا مش هجاملك وأقولك إنك ما غلطتيش لما فتحتى الرسالة من الأول لأنه يا حبيبتي كان المفروض لما لاقيتى رسالة من راجل غريب وفي وقت متأخر ما كانش لازم تفتحيها أبداً لأن أي حد مكان الشخص ده هيحكم عليكى غلط هيبقا من وجهة نظره إنك حابة تتكلمي معاه ويمكن دا فعلاً اللي حصل أما فكرة إنه زعل وأخد على خاطره فالله أعلم مش عاوزة أظلمه لكن قلبي مش مرتاحله دا لو كان حد محترم ما كانش حاول يكلمك في وقت متأخر كدا حتى لو انتى فاتحة النت فدا حقك لكن اللي مش من حقه إنه يقتحم خصوصيتك بالشكل دا ولو كان بيراعي ربنا كان ممكن يبعتلك يشكرك تاني يوم ما حبكتش يعني في وقت متأخر أما انتى بقا ردك عليه دا كان طبيعي لواحدة محترمة اتفاجئت بواحد بيكلمها في أنصاص الليالي وهو ممكن مش بيرد عليكى عشان يخليكى تحسي بالذنب فا تكلميه زي ما انتى عملتى بالظبط وبكدا يبقا وصل للي هو عايزه ووقعك في شباكه وممكن بردو يكون زعل فعلاً من اسلوبك، بس نصيحة بقا من قلب بيخاف عليكى بلاش تشغلي نفسك بيه انتى بعتيله واعتذرتي هو رد بقا أو ما ردش مش هيفرق المهم إنك ريحتى ضميرك وخلاص وأوعى حد يصعب عليكى اللي يصعب عليكى يا بنتي يفقرك الناس هنا يا حبيبتي بمليون وش لأنهم بيتكلموا من ورا شاشة مخبية حقيقتهم كل واحد فيهم بيبقى عامل نفسه قديس وملاك وهو شيطان رچيم وكل ست عاملة نفسها ضحية وهى الله اعلم بحياتها وبتدي لنفسها الحق تتكلم مع رجالة غريبة وتستحل تحكي أسرار بيتها وتنسى أنها في عصمة راجل وبتبقا مبررة لنفسها إنها مظلومة ومفتقدة للحنان والحب وما بتصدق تسمع كلمة حلوة من راجل غريب عشان تعوض بيها النقص اللي عندها وفي النهاية بتفوق على مصيبة كبيرة ويمكن على خراب بيتها ربنا يعافينا حافظي على نفسك يا بنتي وابعدي عن شياطين النت اللي مفيش وراهم غير كل أذى.»
جنة بخوف:« يا ساتر يا رب كل دا بيحصل دا ما عادش أمان في الدنيا ربنا يستر على ولايانا اطمني يا طنط علا أنا عمري ما هعمل حاجة تزعلك مني أبداً وهفضل بنتك اللي ربتيها وفخورة بيها.»
ربتت علا على كتف جنة وهي تدعو لها بالستر وحفظ الله، ثم تركتها وذهبت إلى حجرتها مرت حوالي ساعة بعد ذهاب علا، ثم أتاها صوت تلك الرسالة المنتظرة فأمسكت هاتفها ورددت في نفسها.
جنة في نفسها:« أخيراً عبرت ورديت المفروض دلوقتي أعمل إيه بقا أقرأها وأرد عليك ولا أسمع كلام طنط علا وما أعبرش فيك وأطنشك وخلاص أعمل إيه يا ربي أنا الفضول قاتلني عاوزة أعرف هو رد وقال إيه هو صحيح أنا مش من عادتى الفضول لكن ما أعرفش أنا عاملة معاه كدا ليه هو بالذات ما أعرفش ليه بيثير فضولي بالشكل دا، دا لو مسلسل تركي مش هيبقى عندي فضول بالشكل ده.»
ظلت تنظر للهاتف وهي تحاول اقناع عقلها بأن تبتعد عن اخذ تلك الخطوة ولكن هيهات للنفس البشرية الأمارة بالسوء فقد استسلمت لسلطان نفسها الذي أمرها بفتح تلك الرسالة لمعرفة محتواها والتي كانت تنص على.......
القصه بقلم الكاتبه الهام عبد الرحمن تفاعلو علسان نكملها
الفصل العاشر والحادي عشر هديه لمتابعينها الغالين
خالد:« أولاً أنا اترددت كتير في إني أرد عليكي لأني كنت خايف تفهميني غلط بردو زي المرة اللي فاتت بس انتى من حقك إني أرد عليكي زي ما من حقى أدافع عن نفسي بالإتهام اللي انت وجهتهولي يا آنسة جنة أنا كلمتك بالليل لأن شغلي بيفرض عليا أفضل صاحي طول الليل أنا واحد صاحب ورشة بفتحها من المغرب وبفضل سهران فيها طول الليل أما بالنهار فبشتغل تبع شركات يعني ما بعرفش أمسك تليفون وأكلم حد وبعدين ظروفي صعبة طول اليوم ما بين شغل الشركات وشغل البيت ويا دوبك ألحق أنام شوية عشان ألحق أصحى أشوف شغل الورشة عشان أقدر أكفي عيشتي وحياتي، فبجد أنا آسف إني وصلتلك فكرة غلط عني بس والله مش مقصودة أنا أخلاقي مش وحشة يا آنسة جنة والله وربنا اللي عالم بحالي وعلى العموم حصل خير وانتى بردو عندك حق ما كانش ينفع أكلمك في وقت متأخّر كدا وإن شاء الله الغلطة دي مش هتتكرر تاني ربنا يحفظك ويوفقك.»
تسمرت جنة امام تلك الرسالة جاحظة العينين وتوقف عقلها عن التفكير فقد اقتنعت الآن أنها ظلمته وظنت فيه ظن السوء هي وزوجة عمها وانتابها تأنيب الضمير وحدثت نفسها بتأنيب.
جنة:« يا عيني دا شكله راجل شقيان وتعبان في حياته أوي إيه دا لحظة واحدة كدا دا كاتب إن هو اللي بيعمل شغل البيت كمان يعني هو مش عايش مع أهله ليكون يتيم زيي؟ أنا احسن حاجة ارد عليه وأعتذر له تاني عن سوء الفهم دا وخلاص ومعتش أكلمه تاني هو باين عليه إنسان محترم لأنه لو كان غير كدا ما كانش زعل أوي بالشكل دا ولا حاول يبرر موقفه ويدافع عن نفسه.»
ثم قررت أخيراً أن تتحدث معه.
جنة:« خلاص حصل خير يا أستاذ خالد وأنا بعتذرلك عن سوء التفاهم دا وأتمنى بجد ما تكونش شايل في قلبك أي حاجة من ناحيتي بس معلش هو ممكن أسأل حضرتك سؤال ولو مش حابب ترد عليا خلاص براحتك أنا مش هجبرك يعني.»
خالد بعدما جعلها تنتظر قليلاً:« خلاص يا آنسة جنة كان سوء تفاهم وخلصنا منه وكل شيء بقا واضح واطمني أنا قلبي أبيض وما بزعلش من حد ها بقا قوليلي إيه هو السؤال اللي حابة تسأليهو لي؟»
جنة بتردد:«حضرتك كتبت في رسالتك إنك اللي بتعمل شغل البيت جنب شغلك هو حضرتك مش ساكن مع أهلك حضرتك مغترب يعني؟! طبعا أنا آسفة إني بسأل في حاجة ما تخصنيش لكن كلامك لفت انتباهي.»
خالد بضحك:« ياستي ولا يهمك يعني هو سر حربي يعني، أنا مش مغترب ولا حاجة كل الحكاية إنى منفصل عشان كدا عايش لوحدي.»
جنة باستغراب:« منفصل! ليه هو حضرتك كبير أوي كدا؟!»
خالد بضحك:«لا مش للدرجة دي أنا كل الحكاية 29 سنة اتجوزت بنت خالتي وعشنا مع بعض سنتين وبعدين انفصلنا.»
جنة بلهفة :« يا لهوي بنت خالتك دا انت كدا هتفرق بين مامتك وخالتك وبعدين انفصلتم بعد سنتين بس هو للدرجة دي الحياة بينكم كانت مستحيلة؟ ويا ترى معاك أولاد منها؟!»
خالد:« إيه حيلك.... حيلك إيه كل الأسئلة دي واحدة واحدة عليا أنا حاسس إني في تحقيق.»
جنة بحرج:«أنا آسفة والله مش قصدي خلاص خلاص ما تقولش حاجة شكلى اتدخلت في حياتك زيادة عن اللزوم بعتذر لك سلام.»
خالد مسرعاً:« استني بس رايحة فين انتى زعلتي ولا إيه؟!»
جنة:« لا أبداً مش زعلانة أنا بس مش حابة أفرض نفسي على حد.»
خالد:« ولا بتفرضي ولا حاجة يا ستي وبعدين عادي يعني كل الحكاية إن عمري ما اتكلمت في الموضوع دا مع حد أبداً وانتى ما شاء الله عليكي عملتي زي وكيل النيابة اللي بيحقق مع المتهم على العموم يا ست البنات هحكيلك كل حاجة دا إحساس جديد أول مرة أجربه وبصراحة طلع حلو أوي إن حد يبقى مهتم بيا كدا وعاوز يعرف تفاصيل حياتي وإيه اللي حصل فيها.»
جنة بخجل:« تعرف إني أول مرة أتكلم مع حد أصلاً أنا كمان يمكن عشان كدا حسيت بالفضول وإنى حابة أعرف ازاي راجل بيوفق بين شغل بيته وشغله وازاي قادر تعيش من غير ست في حياتك تاخذ بالها منك وتراعيك أنا حاسة إن الموضوع صعب عليك أوي إنك تشتغل وترجع كمان تعمل أكل وتنضف وتغسل وترجع تشتغل تاني بالليل ياااه دا مجرد التفكير في الموضوع يتعب.»
خالد بضحك:« ولا متعب ولا حاجة في الأول بس كان فعلاًمتعب لكن بعدين اتعودت خلاص.»
جنة بفضول:« طب يلا احكي بقا.»
خالد:«حاضر يا ستي هحكيلك أهو أولاً أنا والدتي متوفية عشان كدا مفيش فراق هيحصل بين الإخوات ولا حاجة لانه جه من عند ربنا خلاص أما الحكاية نفسها بدأت لما بنت خالتي كان في شعور بالحب فى قلبها من ناحيتي وبدأت تلمح ليا وخالتي كمان لما خدت بالها قالت دي فرصة كويسة وإن زيتنا يبقا في دقيقنا وبعتتلي وفاتحتني في الموضوع وقالتلي إنها مش هتطمن على بنتها إلا معايا وإن أنا هخاف عليها عشان هي لحمى ودمي وفعلاً أنا فكرت في الموضوع بالشكل دا لاقيت إن دي حاجة كويسة وبدأت أفكر فيها كزوجة مش بنت خالتي اتخطبنا وبعدين عملنا تحاليل عشان ما يبقاش في أولاد مشوهين والحمد لله كل حاجة طلعت كويسة واتجوزنا وهي كانت بتشتغل ممرضة كنت برجع البيت ألاقيه مش نضيف والدنيا مكركبة وأنا بصراحة واحد موسوس وبحب النضافة والترتيب فبدأت أتكلم معاها بالراحة وكانت دايما حجتها إنها تعبانة من الشغل وبترجع مهدود حيلها وكفاية إنها بتطبخ مع إنها أغلب الوقت كانت بتجيب أكل جاهز أو تطنش وناكل أي حاجة وخلاص من التلاجة بدأت أزهق وأتضايق عرضت عليها تسيب الشغل عشان تفوق لبيتها وأنا الحمد لله الدنيا تمام معايا والشغل كان كويس عن دلوقتي كمان لكن هي رفضت وعملتها مشكلة وقالت إن أنا اتجوزتها وهي موظفة وإن هي عمرها ما هتسيب وظيفتها.»
جنة:« طيب واتصرفت ازاي في الموضوع دا ويا ترى كان بقا بينكم أطفال ولا لسة؟!»
خالد:« الحمد لله ما كانش حصل لسة خلفة أما أنا كنت بضطر أقبل شغل تبع الشركات بيبقا عبارة عن سفر وبيات بالكام يوم عشان بس أبعد عنها وما أتخانقش معاها كنت بحاول إن الحياة بينا تستمر لكن للأسف مهما اتكلمت معاها ومهما نصحتها هي ما بتحاولش تغير من نفسها أبداً لحد ما جه اليوم اللي خيرتها فيه بيني وبين شغلها.»
جنة:«وطبعاً اختارت شغلها وفضلته عليك.»
خالد بضيق:«فعلاً هو دا اللي حصل قالتلي بالحرف الواحد أنا ما تعبتش في المذاكرة واتوظفت عشان بالساهل كدا أسيب الوظيفة اللي معيشاني ومخلياني أجيب كل اللي نفسي فيه انت عاوزني أسيب وظيفتي عشان أفضل محووجة ليك وتحت رحمتك ويوم ما تحب ترميني ما يبقاش عندي اللي أصرف بيه على نفسي لكن دا بعدك الوظيفة أهم منك انت تروح ألف غيرك هييجي لكن الوظيفة لو راحت عمري ما هلاقي غيرها في البلد دي.»
جنة بصدمة:« معقول في ست تتكلم مع جوزها كدا رغم إنك انت اللي مستحملها؟!»
خالد:« بسبب كلامها دا ما حستش بنفسي إلا وأنا بطلقها وبقولها انتى عندك حق روحي للألف اللي يتمنوكي وسيبيني أنا اللي ما ليش لازمة في حياتك وفعلاً لمت هدومها ومشت و راحت قعدت عند مامتها.»
جنة بتساؤل:« طيب مامتها كان موقفها إيه؟!»
خالد :«والله خالتي حاولت ترجعنا لبعض لكن أنا ما وافقتش رغم إنها كانت عاوزة ترجعلي لكن أنا قولتلها إن أنا مش زعلان وخلي اللي حصل مجرد تجربة في حياتنا وقولتلها إني هفضل أخ ليها لو احتاجتلي في أي وقت وفضلت أزورهم وأتكلم مع خالتي عادي وفي المناسبات أودهم ودلوقتي هي اتجوزت وعايشة حياتها وبحمد ربنا بجد إن إحنا ما خلفناش وإلا كنا هنضطر نعيش مع بعض غصب عننا عشان الأولاد.»
جنة:« طيب انت منفصل بقالك قد إيه؟!»
خالد:«بقالي تلات سنين وعشنا مع بعض سنتين بس.»
جنة:« بس بردو زمانك زعلان على العفش اللي اتاخد منك، سنتين مش كتير يعني لأن فرش بيتك لسة جديد وكدا انت اللي طلعت خسران في الحكاية دي كلها وهي اتجوزت دلوقتي وعاشت حياتها لكن انت اللي حياتك وقفت على كدا.»
خالد:« ولا وقفت ولا حاجة وبالنسبة للفرش خالتي بصراحة كانت رحيمة بيا وأخدت اللي هي جابته وبس وأنا كملت فرش بيتي تاني واحدة واحدة وعايش في الشقة دلوقتي وهي قريبة من ورشتي كمان.»
جنة:« طيب ليه ما رجعتش تعيش مع باباك تاني حتى تونسوا بعض بعد وفاة مامتك.»
خالد بصراحة أنا حابب أعيش لوحدي ما بحبش الدوشة واخواتي البنات على طول عند بابا بأولادهم وأنا ببقا راجع هلكان ومش حابب أزعل اخواتي مني لو اتنرفزت على حد فيهم.»
جنة:« لا كدا انت عندك حق بس ما هيبقاش عندك وقت تزور والدك ولا اخواتك بحكم الشغل الكتير اللي انت بتشتغله؟!»
خالد:« لا أنا بروح أزوره يوم الجمعة واتغدى معاه وأطمن عليه وبعدين أرجع بيتي.»
جنة:« هي الشقة اللي انت قاعد فيها باباك اللي اشتريهالك؟!»
خالد :« لا هي مش تمليك هي إيجار بس الحمد لله إيجارها معقول بقدر أدفعه كمان بقدر أحوش فلوس من شغلي ربنا دايما ساترها معايا.»
جنة:« ربنا يوسع عليك ويزيدك كمان وكمان.»
أثناء حديث جنة مع خالد استمعت لطرقات الباب فأجابت الطارق فوجدته قاسم ففزعت بشدة وأغلقت الهاتف مسرعة دون أن تقول شيء لخالد، ثم سمحت لعمها قاسم بالدخول وحينما دخل نظرت له بوجه شاحب وأصابها التوتر فنظر لها هو الآخر بترقب ثم قال.....
الفصل 11
في منزل بسمة كان يجلس كرم في حجرته شارداً حزينا يتذكر مشهد أبيه وحالته الرثة التي آل إليها ويتذكر كيف كانوا يعيشون قديماً قبل وفاة والدتهم وكيف كانت حياتهم مليئة بالفرحة والبهجة وكانوا ينعمون بالهدوء والسكينة إلى أن مرضت والدتهم وطالت فترة مرضها وبدأت تلك الأفعى بالظهور في حياتهم وكأنها حبيبة تهتم لأمرهم فهي ابنه عم والدهم توفى زوجها ولم يرزقها الله بأطفال ولكنها من النساء اللائي تهتم بمظهرها الخارجي وتضع الكثير من مساحيق التجميل و تتحدث بالعين والحاجب، دخلت بسمه بعد ان طرقت الباب عدة مرات ولم يسمعها كرم بسبب شروده فوقفت أمامه وحركت يدها أمام وجهه فانتبه أخيراً لوجودها ونظر لها بوجه متجهم ثم تحدث بصوت يملأه الحزن.
كرم بحزن :«خير يا بسمة في حاجة إيه اللي لسة مصحيكى لحد دلوقتي؟!»
بسمة باهتمام:« مفيش كنت قايمة أشرب ولاقيت أوضتك منورة قولت أطمن عليك، مالك يا كرم فيك إيه يا حبيبي إيه اللي قالق منامك بالشكل ده ومطير النوم من عينك لدرجة إنك ما حسيتش بيا وأنا بخبط على الباب ولا حسيت حتى بوجودي معاك في الأوضة؟!»
اعتدل كرم في جلسته و مسح وجهه بكفيه ثم تنهد تنهيدة حارة وصمت قليلاً، فجلست بسمة بجواره وربتت على قدمه ثم تحدثت بحنان وحزن.
بسمة بحنان وحزن:« ياااه يا كرم من زمان ما شفتكش بالحالة دي إيه اللي حصل خلاك رجعتلها تاني؟!»
كرم بوجع :« بابا يا بسمة شوفته النهاردة في الموقف.»
بسمة بضيق وعصبية:« وإيه اللي فكروا بينا تاني هو مش طلعنا من حياته وباعنا واشترى الست هانم بتاعته.»
كرم بحزن:« لو كنتى شوفتيه النهاردة كان حاله صعب عليكي أبوكي ما عادش زي الأول.»
بسمة بغل وكراهية:« يستاهل كل اللي جراله هو اللي سمح للحرباية دي تدخل حياتنا من يوم ما جت تزورنا وشافت ماما وهي تعبانة وعملت نفسها حبيبة وخايفة علينا وعلى بابا وإن مين اللي هيخدمنا قدرت تضحك على ماما لما خليتها هي اللي طلبت منها تقعد معانا أنا صحيح كنت صغيرة لكن فاكرة كل حاجة فاكرة دلعها على بابا وطول الوقت مخلياه يحس بتقصير ماما لحد ما زهق من تعبها، ثم انفجرت بالبكاء وأكملت: عمري ما هنسى يا كرم لما قرر يتجوزها ودخل عند ماما بكل جراءة يبلغها بقراره قالها الخبر بكل دم بارد وخرج ولا كأنه عمل حاجة، وقتها دخلت على ماما وشوفت وجع وقهر الدنيا كله في عينيها وما عداش عليها اليوم إلا وهي بين إيدين ربنا صمتت قليلا وبدأت شهقاتها تزيد ثم أكملت عارف يا كرم قبل ما تموت بصيتلي بوجع وقالتلي سامحيني يا بنتي أنا اللي دخلت الحية دي البيت أنا اللي سمحت أحط البنزين جنب النار كان قلبي حاسس إن في حاجة بينهم وأهي الحقيقة ظهرت قدامي كدا يا محسن هانت عليك العشرة كدا قدرت تبص لواحدة تانية وروحها طلعت وهي مقهورة من شريك حياتها اللي باعها وباع ولادها وعشرة عمرهم.
انتفض كرم من مكانه وأخذها بين أحضانه وهو يحاول تهدئتها ويطيب بخاطرها.
كرم بحزن وأسى:«اهدي يا بسمة اهدي يا حبيبتي أنا حاسس بيكي وبالقهر اللي جواكي لأن في أضعاف أضعافه جوايا كفاية إني اتحرمت من عاطفة الأمومة واتحرمت من السند والضهر لاقيت نفسي بعافر في الدنيا لوحدي شايل همي ومسؤولية طفلة لازم تتربى وتتعلم كنت لما أحس الدنيا بتضغط عليا بالقوي ما كنتش بلاقي الصدر الحنين اللى أترمي في حضنه عشان يهون عليا كنت بقع وأقوم عشانك يا حبيبتي عشان أبقى سندك وظهرك وأمانك عشان ما تلاقيش نفسك فجأة لوحدك في الدنيا كان نفسي تكملي تعليمك وتدخلي الجامعة لكن انتى فضلتى تبقي مع جنة.»
بسمة ببكاء ووجع:« حرمني من أمي يا كرم في عز ما كنت محتاجة ليها أنا اتعلقت بجنة وطنط علا عشان أعوض حرماني من أمي البنت غير الولد البنت دايما لأم في حياتها في تفاصيل كير لا أب ولا أخ يقدروا يسدوا مكانها لولا طنط علا ربنا يكرمها هي اللي كانت معتبراني زي جنة بالظبط وكانت بتنصحني وتفهمني كفاية إنها علمتني ازاي أحافظ على نفسي وأرضي ربنا أنا عمري ما هسامحه أبداً أبداً وعمر قلبي ما هيصفى ليه خليه مع الست هانم بتاعته خليه يشبع بيها وينسانا بقا كفاية أوي لحد كدا هو مش قالها زمان إن إحنا بالنسباله موتنا مع ماما الله يرحمها خلاص جاي عاوز إيه من الأموات.»
كرم:«يا بسمة بابا متدمر خالص مش هو ده بابا اللي أعرفه بقا انسان هش وضعيف بابا اللي كان الناس كلها بتحلف بشياكته بقا عامل زي الغلابة والمساكين اللي مش لاقيين تمن اللبس حتى بقا مبهدل في نفسه أوي كأن مفيش ست في حياته تهتم بيه على قد ما أنا شايل منه على قد ما صعبان عليا وهو مكسور ومذلول بالشكل ده ويا عالم الست دي عاملة فيه إيه وصلته للحالة دي.»
بسمة:« بردو ما يخصنيش هو اللي حابب كدا وهو اللي اختار ومهما قولت يا كرم قلبي مش هيحن ليه.»
كرم:«لا والله أنا مش بقولك كدا عشان أحنن قلبك على بابا مفيش حد بيتحكم في مشاعر حد يا بسمة بس أنا فعلاً قلقان عليه وعاوز بس أفهم، دا مهما كان بابا ومش معنى إنه ظلمنا إن إحنا كمان نتخلى عنه دا ربنا عز وجل قال في كتابه العزيز« ولا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما.» ورسولنا الكريم أوصانا على صلة الرحم فى حديثه الشريف« من سره أن يمد له في عمره ويوسع له في رزقه ويدفع عنه ميتة السوء فليتق الله وليصل رحمه.» صدق رسول الله. ولولا إني ما أعرفش عنوانه كنت روحت وسألت عليه على العموم أنا هعدي عليه في شغله وأطمن عليه أنا قلبي مش مطاوعني أشوفه بالمنظر ده وما أحاولش أعرف حتى هو ماله مش يمكن محتاج مساعدة وكان جاي يلجألي ولما لقى معاملتي جافة معاه اتحرج يطلب.»
بسمة:« انت حر يا كرم أنا ما أقدرش أمنعك لكن ما تحاولش في يوم تجبرني إني أعامله كويس أو أتواصل معاه.»
كرم:« بتهيألي يا بسمة أنا عمري ما جبرتك على حاجة وأظن انتى عارفة دا كويس أوي لأن دي مش أخلاقي أنا بس عاوز أطمن عليه مش أكتر يلا بقا يا حبيبتي كفاية كدا قومي اغسلي وشك وروحي يلا عشان تنامي ما تنسيش عندنا شغل الصبح والوقت اتأخر.»
بسمة وهي تقبله من وجنته:« تصبح على خير وسعادة يا أحن أخ في الدنيا ربنا يخليك ليا وما يحرمنيش منك أبداً ويعطيك من فضله وكرمه.»
كرم بابتسامة:« وانتى من أهل الجنة يا قلب أخوكي ربنا يديمك نعمة فى حياتى.»
كانت جنة تنظر لقاسم والتوتر يملأ أوصالها فكانت تشعر بالخوف من أن يكون قد علم أنها تحدث شخصا على الهاتف ولكن قطع تفكيرها صوت قاسم وهو يحدثها.
قاسم:« إيه اللي لسه مصحيكى لحد دلوقتي يا جنة الوقت اتأخر يا حبيبتي.»
جنة بارتياح:«مفيش حاجة يا عمو أنا بس ما جاليش نوم فقولت أقرأ قصة على الموبايل وأنام.»
قاسم:« شكل الموبايل ده هيعلمك السهر ودا هيخلي تركيزك ضعيف وصحتك هتبقى مش كويسة اقفليه ونامي يلا أصل بعد كدا هاخده منك عشان ما تسهريش عليه بالليل وبعدين قصة إيه اللي مخلياكي ما حستيش بخبطى على الباب دا أنا خبطت كتير أوي وفين وفين لما رديتي.»
جنة:« ها.... مفيش دى قصة كدا اسمها عاشق بدرجة مجنون لكاتبة اسمها الهام عبد الرحمن والقصة حلوة أوي يا عمو.»
قاسم بفضول:«عاشق بدرجة مجنون معنى كده إنها قصة حب امممم يعني هو اتجنن بسبب الحب؟!»
جنة:«لا مش كدا هو كان بيحب واحدة لمدة 10 سنين وبعدين يوم فرحها فقدت الذاكرة وما بقتش عارفاه واتخيلت نفسها واحدة تانية متجوزة وعندها بنت وعاش معاها مأساة وبيحاول يقنعها إن هو جوزها لكن هى فضلت رفضاه.»
قاسم بعقلانية:« اااه قصة حلوة بس شكلها كدا بتحرك المشاعر وتخلي أي واحدة تحب تعيش قصة حب ودا ممكن يوقعها في الغلط صح ولا أنا غلطان يا جنة؟»
جنة بابتسامة:«اطمن يا عمو أنا تربية طنط علا وحضرتك يعني عمري ما هعمل حاجة غلط وبعدين هو أنا بخرج ولا بروح في أي مكان عشان حتى تبقى قلقان إن يكون في فرصة لكدا وعارف يا عمو الكاتبة دي كل رواياتها فيها نصايح حلوة أوي ومفيدة.»
قاسم:« ربنا يحميكى يا بنتي ويحفظك انتي وكل اللي زيك يلا قومي بقا نامي وأنا كمان هروح أنام.»
وعندما اتجه صوب الباب ليفتحه ويذهب سمع صوت جنة تناديه فالتفت لها ورد قائلا.
قاسم:« خير يا جنة في حاجة يا حبيبتي؟!»
جنة:« هو أنا ممكن أعرف إيه اللي غيرك من ناحيتي كدا؟!»
التفت لها قاسم بابتسامة هادئة وقال بيتهيألي كده أحسن ولا إيه رأيك؟!»
جنة:« أكيد طبعاً أحسن وحتى زمان كنت متقبلة منك أي حاجة لأني بحبك مهما عملت بس اللي نفسي أعرفه ليه كنت بتعاملني كدا ليه كنت قاسي معايا كدا رغم إن قلبك طيب وأنا كنت متأكدة إنك حنين وأهو حنيتك غلبت قسوتك.»
قاسم:« بلاش تنبشي في الماضي يا جنة خليكى عايشة في الحاضر ولحظاته الجميلة استمتعي بيها وعيشي يا بنتي وربنا يقدرني أعوضك عن القسوة والحرمان اللي عشتيهم بسببي يا ريت يا بنتي لو بتحبيني بلاش تفتحي الموضوع ده تاني.»
ثم تركها وذهب ونظرت جنة في إثره وأصرت في نفسها على معرفة الحقيقة ثم تذكرت فجأة خالد الذي أغلقت بوجهه فأسرعت وقامت بإرسال اعتذار له تخبره فيه بما حدث وسبب إغلاقها معه الحديث فتقبل اعتذارها وظل يتحدثان سويا حتى شارف الوقت على الفجر دون أن تشعر فغلبها النعاس دون إرادة منها وحينما حل الصباح حاولت علا إيقاظها ولكنها لم تستجب لها فتركتها علا لتنال وقتا أطول من النوم حتى يستريح جسدها وحينما أقبل الظهر قامت علا بإيقاظ جنة ولكنها كانت غاضبه بعض الشيء ونظرت لها جنة بتساؤل.
جنة:« مالك يا طنط علا شكلك متضايق كدا ليه؟!»
علا بضيق:« انتى كنتى سهرانة على التليفون يا جنة؟!»
جنة بخجل من نفسها:«معلش يا طنط علا والله أنا آسفة مش هتتكرر تاني أنا عارفة إن كان المفروض أصحى بدري بس غصب عني والله اعتبريها آخر مرة.»
علا بحدة قليلاً:« لا يا جنة مش هتبقى آخر مرة طالما سمحتي بيها مرة وبدأ النت يشدك يبقى ما توعديش لأنك مش هتعرفي تنفذي وعدك وبتهيألي إن أنا حذرتك من الموضوع دا قبل كدا وشكلك هتمشي في تيار النت ودا عامل زي سكة الندامة اللي يروحها ما يرجعش تقدري تقوليلي إيه اللي شدك فيه كدا عشان تسهري طول الليل وما تقدريش تصحي؟!»
جنة بتردد:« بصراحة.... أنا... بصي يا طنط علا أنا عمري ما كدبت عليكى ومش عاوزة أكدب عليكي عشان كدا هقولك الحقيقة أنا امبارح كنت بكلم خالد دا طلع مش زي ما انتي كنتى فاكرة خالص والله دا طلع انسان محترم ومكافح ومؤدب والله.»
علا وهي تحاول السيطرة على نفسها:«محترم.... ومؤدب.... ومكافح... اااه واضح كدا إنكم اتكلمتم كثير لدرجة إنك عرفتي عنه كل حاجة انتى شايفة إن اللي عملتيه دا صح رغم إني حذرتك يا جنة قبل كدا من إنك تكلميه؟»
جنة بحزن:« أنا آسفة والله يا طنط علا أنا ما كانش قصدي إن أغلط بس والله كل اللي حصل مجرد كلام عادي يعني زي أي اتنين بيتكلموا...»
قاطعتها علا بحدة قائلة:« أي اتنين! انتى بتستهبلي يا جنة راجل وبنت شابة زيك يتكلموا في أنصاص الليالي بالله عليكي يا شيخة الكلام هيبقى عادي زي ما بتقولي ولو بقا عادي أول مرة هل هيفضل كدا علطول دا الحديث الشريف بيقول «ما اجتمع رجل وامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما» يعني آجلاً عاجلاً
ً الشيطان هيخليكم تغلطوا وأنا مش هسمح إن ده يحصل.»
جنة ببكاء:«للدرجة دي شايفاني وحشة يا طنط علا طيب اسمعيني بالله عليكي الأول وبلاش تحكمي عليا بالشكل دا أنا هقولك ليه هو بيتكلم بالليل بس ثم قصت لها كل شيء قاله خالد لها.»
علا وهي تحاول تهدئة نفسها حتى لا تفزع جنة:« بصى يا حبيبتي أنا معاكي إن ظروفه متسمحلوش يكلم حد إلا بالليل كدا بس انتى بقا ليه سمحتيله إنه يتكلم معاكي وتاخدي وتدي معاه في مواضيع تخص حياته انتى شايفة إن دي حاجة كويسة حتى لو انتى بتتعاملي بفطرتك وعشان انتي أول مرة تتعاملي مع رجالة فحاسة إن دا وضع جديد عليكي وعاوزة تجربي وتتكلمي لأن دى طبيعة البشر كل جنس يميل إلى الجنس الآخر بس صدقيني هو عمره ما هيثق فيكي عارفة ليه لأنك كلمتيه في وقت متأخر من ورا أهلك بعنى انتى كدا بالنسباله انسانة خاينة للأمانة كان ممكن تنهي الموضوع باعتذارك ليه لكن انتى فضولك هيضيعك وأنا مش هسمحلك تضيعي نفسك وعشان كدا أنا هاخد الموبايل دا ومش هتاخديه تاني.»
جنة ببكاء:« لا عشان خاطري يا طنط علا بالله عليكي ما تاخديهوش مني أنا ما صدقت ألاقي حاجة تسليني وأنا خلاص مش هكلمه تاني.»
علا بحزم:« جنة... خلاص أنا قولت مش هيفضل معاكي يعني مش هيفضل معاكي انتهينا لما أحس إنك رجعتى جنة اللي ربيتها ساعتها هبقى أرجعهولك.»
ثم أخذت الهاتف وخرجت من الحجرة تاركة جنة تبكي وتلوم نفسها على تهاونها في حق نفسها، فعلا معها حق لأن خالد لن يراها غير إنسانة مستهترة خانت ثقة أهلها وتحدثت مع شخص غريب في وقت متأخر.
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق