رواية وكر الافاعى الفصل العشرون والحادى وعشرون بقلم امانى جلال حصريه
رواية وكر الافاعى الفصل العشرون والحادى وعشرون بقلم امانى جلال حصريه
20=21
صباحا في المستشفى بالتحديد بغرفة العناية
كان يقف أمامها وهو يضع يده داخل جيوب بنطاله وأخذت عينيه تتشرب ملامحها بتمعن فهي كانت نائمة بعمق على هذا السرير الأبيض اللعين، معانيها مخيفة وجسدها الضئيل ساكن بشكل غريب وكأنها ميتة لا روح فيها، وجهها أصفر وشفاهها بياض كالسحاب الثلج.
اقترب منها وجلس الى جوارها لتتسلل يده بشكل تلقائي ليحتضن يدها الباردة، انحنى قليلا بجذعه العلوي ليكون جسده شبه مائل عليها ليخرج من جيب سترته ورده حمراء ذو غصن أخضر طويل.
أخذ يمررها على وجهها وجفونها ببطئ شديد وكأنه يملك الوقت كله لفعل هذا فقط، ابتسم باستمتاع رهيب واقترب منها أكثر وعينيه زاد تركيزها عندما بدأ يمرر أوراقها الناعمة على جسر أنفها وصولا الى شفتيها ثم أكمل طريقه بشكل مستقيم نحو عنقها وجيدها وااااء.
هنا توقف وهو مغمض العينين بخمول وكأنه أصبح يكمل طريقه هذا بخياله الوقح معها، عض طرف شفتيه بخفة ليفتح عينيه بعدها بانتشاء ما إن سمع أنينها الخافت دلالة على بدء استفاقتها
دفن وجهه بتجويف عنقها ليقبل ما وصل له شفتيه برقة ثم أخذ يمرر ذقنه المهذبة على وجنتيها بعدما استنشق عطر بشرتها ليهمس لها بفحيح خافت عند أذنها
- ده آخرة اللي يلعب معايا يا مرمر.
أما تلك التي أمامه كانت في حالة اللا استيعاب أخذت تحرك رأسها بتعب لتبعد وجهها بنزعاج عن تلك النغزات وهي تأن بألم، ليسمعها تقول بصوت مبحوح بالكاد خرج منها
- بابا!
- مافيش بابا في ياسين ينفع، قالها وهو يداعب أرنبة أنفها بسبابته
فتحت عينيها بنعاس من أثر الدواء ثم أغلقتها بإرهاق
ولكن أجبرت نفسها على الاستفاقة ما إن شعرت بقبلات خفيفة بدأت تمطر على وجهها وهو يقول بخبث.
- يابت اااااالايه حتى وأنتي عيانة مطيرة عقلي
رفعت يدها وأخذت تتلمس بشرته وهي تقول بعدم تصديق لما ترى: ياسين أنت هنا بجد!
- أيوه هنا ياحبيبته أنتي، قالها وهو يقبل باطن يدها التي كانت تستكشفه لتنزل دموعها وهي تقول بألم من أثر العقار الذي دمر كل خلية بجسدها
- قلبي بيوجعني
ابتعد عنها قليلا وقال بمرواغة: وجعك لأنك وجعتيني لما وقفتي قصادي و رفضتيني...
سحبت يدها منه و وضعتها على صدرها بالجهة اليسرى وهي تقول بصوت مبحوح من أثر الصراخ: بس أنا بتكلم جد...
- ومين قال إني بهزر، الحب يعمل أكتر من كده يامرمر
وقلبك ده أنا ليا فيه أكتر ما أنتي ليك، عشان كده ماستحملش بعدي عنه وكان هيقف من غيري
رفع نفسه قليلا ليقبل ما بين عينيها ثم سند جبهته على خاصته وأكمل بهمس سحري أذابها به...
بحبك ياميرال بحبك أووووي و بصراحة ماكنتش أعرف إنك بتحبيني بالشكل ده.
- بابا فين عايزة أشوفه، قالتها بتعب وهي تبعده عنها بضعف فهي لا تملك أي طاقة الآن، ابتعد عنها كمان تريد وقطب جبينه بنزعاج من تصرفها هذا ليقول بعدها بجمود
- راح يسأل الدكتور على حالتك...
لوت شفتيها وهي على وشك البكاء
- بابي زعلان مني مش كده...
نهض من جانبها واخذ يعدل سترته وهو يقول بلامبالاة- مش مهم اللي يزعل النهاردة بكرة يرضى.
ما تشغليش بالك أنتي بكل ده ياحبيبتي. اصحي يلا عشان نكتب الكتاب بسرعة، قبل ما باباكي يغير رأيه ولو ده حصل أروح فيكي بداهية
نظرت له بصدمة ثم أخذت تمسح دموعها بظهر كفيها وهي تقول بتحفز: كتب كتاب مين؟
- كتب كتابنا، هما مش بيقولوا رب ضارة نافعة
ده اللي حصل معانا بالضبط، و وقعتك دي خلت سعد يرضخ و يوافق على جوازنا شفتي ربك كريم ازاي جبر بخاطرنا بسرعة.
- بجد! طب احلف إن بابا وافق ااااه، تأوهت وهي تحاول أن تنهض لتعود إلى وضعها السابق بإرهاق ليقترب منه ويحاصرها بذراعيه وهو يقول
- وحياة عنيكي الحلوين دول اللي بموت فيهم وافق
أخذ وردته وقبلها ثم أعطاها لها لتبتسم بخجل جميل وهي تحتضنها نحو صدرها لتتبعه بنظرها
ما إن وجدته يعود بخطواته إلى الخلف حتى انفتح الباب ليدخل من خلاله والدتها وسيلين التي تلاشت ابتسامتها بذهول عندما رأته عند أختها.
تجاهل ياسين نظراتها له واستأذن من والدتها وخرج وماهي سوا ثواني حتى لحقت به الاخرى الى الممر الخارجي ولكن قبل ان يدخل الى المصعد نادته بغضب
- ياسين استنى
استدار وهو ينظر لها بترقب: نعم
- ياريت تبعد عن ميرال وكفاية أوي اللي حصلها بسببك، ما إن قالتها بجدية تامة حتى أخذ يبتسم بسخرية وهو يقول
- وأنا دلوقتي لازم أنفذ كلامك وأبعد صح
عقدت ساعديها أمام صدرها وقالت بتكبر
- والله ده اللي لازم يحصل.
نظر لها ياسين باستصغار وقال
- روحي العبي بعيد ياشاطرة
- مش هطولها، ما إن قالتها بغضب حتى ضحك بحقارة ثم قال هو
- بجد!
ردت عليه بنبرة تهديد واضحة: لو مابعتش عنها أنا هروح وأبلغها بكل وساختك وإن كل اللي بيحصلنا بسببك أنت واخوك وابقى قابلي لو تفت بوشك بعد كده.
نظر الى الأرض وهو يمط شفتيه ثم سرعان ما سحبها من مقدمة ثيابها بقبضته وهو ينظر الى داخل عينيها المندهشة من جرأة فعلته هذه ثم بلهجة سامة همجية يظهر بها على الوجه الحقيقي
- روحي قوليلها عشان أبعتلك راس سعد ببوكس هدية، أنا لا شاهين ولا يحيى سامعة أنا ياسين اللداغ...
اللعب معايا يدفعك عمرك على عمر حبايبك
قاطعته وهي تنزل بكف يدها على وجنته بكل قوتها
بعدما دفعته عنها وهي تقول بانفعال: حقير.
تشنجت عضلات وجهه من شدة الصك على أسنانه وبرزت شرايين رقبته وهو ينظر لها بطريقة جعلتها ترتد إلى الخلف بخوف كتمته بداخلها ما إن قال
- لولا شاهين منبهني ماجيش جنبك كنت دفنتك بمكانك هنا على عملتك دي بس ملحوقة إن ما خليت أختك هي اللي هتحاسب ع المشاريب...
سيلين بثبات تحسد عليه. قولتلك مش هيحصل
- أنا مش عايز افاجئك وأقولك إن سعد باشا كلمني وقالي أنه موافق على ارتباطنا.
تخدرت أطرافها من صدمتها وهي تقول بعدم تصديق: كداب بابا مستحيل يعمل كده ويوافق على واحد زيك لا أصل ولا فصل، واحد مالوش جذور مانعرفش طلعلنا من أي مستنقع
ليقول ياسين ببرود ماكر رفع ضغطها به فهو بدأ يلعب بأعصابها ليحاربها نفسيا
- صدقتي أو لاء دي مشكلتك مش مشكلتي وبعدين انتي شايفة الكاميرات الحلوة الموجودة حولينا دي.
أنا ممكن استخدمها ضدك لما أوريها لأختك وأقولها بتغريني عشان أسيبك وأصلها كانت عايزاني من الأول و بتغير منك لأني فضلتك عليها فعشان كده بدأت تألف عليا حكاوي من بتوع ألف ليلة وليلة...
- ميرال هتصدقني أنا، وحتى لو ماسمعتش مني
مش مهم بابا أكيد هيصدقني وده كفيل أنه يلغي كل شئ وابقى قابلني لو لمحت ظلها بعد ده كله
نظر ياسين بغضب الى تلك التي تقف أمامه فهي لا يستهان بها وهو يقول.
- لو بايعة عمر أبوكي بصحيح وعايزة تدفنيه تحت التراب وتلبسي عليه أسود بدري اعمليها، وااااه أنا مش بهدد لا سمح الله، بس كل الحكاية إني ببلغك باللي هعمله مع إن ده مش طبعي لأني بحب أقطع العرق وأسيح دمه من غير ما أذيع أنا هعمل ايه لأني بحب أعمل للي يتحداني سبرايز بس لأنك أخت حبيبة القلب ده استثناء ليك وياريت تبقي ذكية وتعملي فيه، أنا بقى كده عملت اللي عليا وعداني العيب ومافضلش عليا عتب، اللهم بلغت اللهم فاشهد.
أنهى كلامه وكاد ان يلتفت ولكنه عاد بنظره لها وأكمل
بسخرية، وبعدين تعالي هنا شاغلة بالك با أختك وباباكي وعملالي فيها أم العريف و ناسيه نفسك...
قلصت حدقة عينيها بتركيز ما إن سمعته يقول
أنت وضعك مش أحسن من ميرال، الهجين مش هيسيبك، بس هو شكله كده حابب يلاعبك شوية قبل ما يحبسك عنده مؤبد، عارفة يعني إيه مؤبد
يعني لا خلاص منه...
قالها وهو يضغط على زر المصعد وما إن دخل والتفت لها حتى صرخت به باستنكار من ما يحدث حولها فعقلها بدأ لا يستوعب كل هذه المؤامرات
- هو انتم مفكرين إن بنات الناس لعبة بإيديكم
- لا مش مفكرين، ااااحنا متأكدين، تشاووو
قال الأخيرة باستفزاز وهو يرفع لها كفه يودعها وما إن انغلق باب المصعد وبدأ بالنزول حتى تأفأف وهو يفتح زر قميصه العلوي ثم قال.
- ياستار، إيه البنت دي، دي ميرال ملاك بجناحات عنها، ربنا يكون بعونك ياشاهين دي قادرة
أما عند سيلين ذهبت نحو غرفة أختها تقول بانفعال
ممزوج بقهر ما إن دخلت: أنا مش عارفة أنتي حبيتي الكائن ده ازاي، غشك وخدعك ازاي. بس استغرب ليه وهو أصلا شيطان بزي إنسان...
داليا بعتاب: سيلين! صوتك مايعلاش احنا مش في البيت وبعدين سيبي أختك تعبانة مالك هبيتي في وشنا كدة ليه مرة وحدة، أنا ألاقيها منك ولا من أبوكي اللي ناوي على موتي ده
- يعني أسيبها تغرق بالوحل قصاد عيني وأسكت
قالتها ثم نظرت الى الأخرى وذهبت لتجلس أمامها وهي تكمل بهدوء لعلها تفهم عليها.
ميرال، أختي حبيبتي، اسمعيني، اللي أنا عرفته ان شاهين وياسين عايزين يكسروا بابا فينا فبلاش تديهم الفرصة دي بطبق من دهب، ده حتى القرض والحريق كل ده حصل هما اللي وراه
- إيه الكلام ده يا سيلين، ما إن قالتها داليا بصدمة من ما سمعت حتى اعتدلت ميرال بجلستها بعدما كانت مستلقية وقالت بجدية ممزوجة بحدة طفيفة
- بغض النظر عن اللي بيني وبين ياسين، أحب اصححلك معلوماتك، القرض ده اللي بتقولي عليه.
أنه بسببهم حصل كده، لاء غلط مش بسببهم، ياسين ياما حذر بابا منه وأنا كنت شاهدة على ده وبابا أصر عليه...
ومع كده ياسين تحمل الخسارة وشاهين اللي دايما مش عاجبك هو اللي كلم البنك عشان يدونا مهلة
وبسبب معارفه الكتير وعلاقاته والمصالح اللي مابينهم وافقوا أنه يأجله الدفعة الأولى سنة كاملة
وحريق المخازن ضيع تعب الاتنين، يعني هما وبابا.
بنفس المركب، أنا اللي اشتغلت معاهم وأنا اللي شفت هما تعبوا قد ايه فيه، فما تجيش دلوقتي تنكري كل ده لمجرد شكوك وهمية
وبعدين لو جينا وفكرنا ياسين هيكسرني ازاي،؟
حب وحبني وخطوبة وخطبني رسمي على سنة الله ورسوله، عايزة من الراجل يعمل ايه أكتر عشان يبين حسن نيته مع اللي بيحبها غير أنه يدق بابها بالحلال
نظرت لها بحزن فهي لا تملك دليل على كلامها هذا لتقول بعجز: ميرال أنا معنديش غيرك.
- حبيبتي انا مقدرة خوفك عليا بس أنا بحبه
- ربنا يخيب ظني وتطلعي أنتي الصح، قالتها وخرجت تمشي بممرات المستشفى لتجد نفسها تجلس بالحديقة الخاصة بها متى أتت الى هنا وكيف وصلت لا تعرف فبالها مشغول لا بل مصدوم لاااااا
بل تكاد أن تجن...
في هذه اللحظة سحبت هاتفها من جيب البنطال الخلفي وأخذت تتصل على معذبها فهي تريد أن تخرج حرقة قلبها به.
في الوكر بالتحديد بالمستودع كان يرتدي بنطال جينز أسود مع فانيلا كات من نفس اللون
وما إن توجه للخروج لعمله حتى تفاجئ بها تدخل من البوابة الحديدية وأغلقته خلفها بسرعة ليجدها تقول بعدما التصقت به كالغراء ويدها تتلمس عضلات ذراعه البارزة
- مش هتحن بقى وترحمني
شاهين ببرود: أحن على إيه، عايزاني أحن على الزبالة...
ابتعدت عنه وهي تصرخ: بقى بعد ما ربيتك وكبرت قصاد عيني وأنا بتمناك تروح لغيري أنا ممكن اموت فيها، شاهين دي أخرتها تقول عليا زبالة
ليقول باشمئزاز واضح وتحقير صريح: والله ده اللي أنا شايفه قصادي، وحدة عدت الخمسين وبتلاحق واحد من دور ولادها ومش بس كدة، ده غير عمايلك معايا المقرفة وأنا مراهق اللي مش ناسيها لحد دلوقتي بحجة إنك هتاخدي بالك مني، قال ربيتك. قال. تربية وسخة، ده يسمى ايه غير قرف و زبالة...
أنتي عاملة زي المداس اللي رايح واللي جاي معدي عليه
زينة بانفعال: فشررررر أنا مش أي حد يقدر يطولني والكل بيبوس جزمتي إلا أنت منشف ريقي عليك...
أنا عمري ما شفت جبروت كده، لا وأنت مراهق رضيت ترضخ ليا، ولا لما كبرت رضيت، مع إن مافيش وحدة بجمالي بالوكر له
صمت قليلا وهو يتأملها ثم قال
- زينة عارفة أنتي بالنسبالي إيه
اقتربت منه بسرعة وهي تتأمل به بشغف وتقول
- إيه يا حبيبي
- أنتي عاملة زي عملي الأسود.
- لاء أنا كدة أزعل منك ياسيد الرجالة، قالتها بدلع مفرط ليرفع حاجبه وهو يدفعها بعيدا عنه ليرد عليه بضجر
- ماتتفلقي أعملك إيه يعني، وسعي كده عندي شغل، قال الأخيرة وهو يسحبها من طرف جلابيتها بإهانة من امامه ثم خرج ليتفاجئ بسلطان يقف أمامه وهو ينظر له باستغراب ولكن ما زاد الطين بلة هو عندما خرجت خلفه تلك اللعينة وهي تقول بكيد النساء ما إن رأت سلطان أمامها هي الأخرى.
- شفت ياحاج. شاهين وعمايله. بقى يرضيك آجي لحد عنده أسأل عنه ويكرشني، كبر ونسي اللي ربته
- أنتي تسألي عنه ليه و إيه اللي جابك هنا أصلا
عوجت فمها بعدم رضا وقالت: الله. الحق عليا قولت آجي أطمن على فتوتنا ليكون محتاج حاجة كده والا كده
- زينة، ع الشقة عدل وحسابي معاكي لما أرجع.
- يووووه يعني أنا دلوقتي طلعت غلطانة، لأن قلبي حنين وقلت أسأل ده جزاتي، يالا مش غريبة يعني أنا من يومي وعظمي مرمي للغرب، كانت تغمغم بهذه الكلمات بصوت عالي مسموع وهي تعود أدراجها الى شقتها
لينظر سلطان بشك الى شاهين الذي امامه وقال
- زينة كانت معاك جوة بتعمل ايه
التفت برأسه له وقال بنظرات حادة كالسيف.
- قصدك ايه، كلامك مش عاجبني، الست زينة جت تعمل الواجب مش أكتر وبعدين يعتبر هي اللي ربتني لأنها من وأنا صغير وهي اللي بتاخد بالها مني
وبعدين أنت عارف كويس إني ماليش لا بالرخص ولا بالرمرمة...
ضحك سلطان بتهكم: أومال بتعمل إيه وأنت لا بترمرم ولا متجوز ااايه عايش راهب.
- ماتخافش عليا من الناحية دي، قالها ثم التفت يعطي أوامره بكل جدية وتركيز ل الرجال حوله ما إن دخلت سيارة شحن كبيرة بالقطاع ليقف كل من الهجين و يحيى يشرفون على استلام الحمل الذي وصل الآن...
بعد مرور مدة زمنية التفت شاهين الى أخيه الصغير وقال بأمر
- يحيى غير خط سير الشحن المعتاد لما تروح توزعهم...
ليقول باستفهام
- ليه ما أنا كل مرة بعتمد ع الخريطة دي.
- شامم ريحة غدر، هجان ساكت بقاله فترة وده مش من صالحنا لازم نفتح عنينا كويس
- ايوه بس مافيش وقت عشان نأمن طريق تاني
البضاعة لازم تتصرف الليلة، ودي مجازفة
- اتصرف
- أنت خوفك من الحكومة ولا من حبايبنا الكتير
- الاتنين
- غريبة ما كنتش اتوقع ردك ده، الهجين يخاف
- عليك خايف عليك
- ماتخافش أخوك ينام وهو مفتح عينيه وبعدين محدش بياخد الروح غير اللي خلقها
- ايمانك ده بيأثر فيا لاااء وعايش الدور كمان...
قالها بهزار وهو يضربه على عنقه من الخلف جعله يتلوى بين يديه من الوجع ثم سحبه له وهو يكمل بجدية بعدما وضع يده على كتفه
والله اللي يمس شعرة منك يايحيى يبقى بايع عمره هو وعيلته كلها بس بردو الحذر واجب...
قطع حديثهم هذا ارتفاع رنين هاتفه والتي لم تكون سوا تلك المغرورة: خد بالك من الحمل وركز لغاية ما أرجع، هاااا ركز بلاش تصيع هنا والا هنا.
قالها بتحذير و انسحب من بين هذا الحشد وما إن ابتعد عن الضجيج ودخل الى المستودع مرة أخرى حتى ضغط على الإجابة ليأتيه صوتها الراعد
- شااااهين انااااا بكرهك وبكره اليوم اللي شفتك فيه
ارتسمت ابتسامة على وجهه من جنونها هذا ليقول باستمتاع: طيب
- وبقولك إيه أنا مش عايزة أشوفك تاني
- ماوعدكيش، ما إن قالها ببروده المعتاد حتى نادته
بغيظ- شااااهين
- نعم
- عايزة أشوفك.
- أما عجايب بصحيح من شوية تقولي مش عايزة أشوفك ودلوقتي بتطلبي العكس اااايه وحشتك اعترفي
- وحش أما يلهفك، ساعة زمن وألاقيك بالمكتب لو تأخرت هتيجي تلاقيه مدغدغ مافيهوس حتة سليمة
- ياريت والله و وقتها هطلب تعويض منك
- مش مهم هديلك الفلوس ع الجزمة
- الجزمة دي اللي هضربك فيها على دماغك، بت أنتي تعدلي أحسلك
- بت أما تبتك، لما تعدل تصرفاتك يبقى وقتها أنا أعدل لساني...
- لو المكتب انكسرت حاجة فيه هتدفعي تمنها غالي.
- مش مهم الفلوس المهم أحرق قلبك، يلا اجري كلم الأمن عشان يمنعوني
- ومين قال إني همنعهم ومين قال إني عايز فلوس، أنا هاخد قصاد كل كسر بوسة من شفايفك يابطة تخيلي بقا كدة معايا لما تدغدغي المكتب كله وآجي أحاسبك عليه حتة حتة مش بعيد أدخل عليكي مرتين لغاية مانقفل الحساب.
- أنت قليل الأدب، قالتها بصدمة من وقاحته ثم أغلقت الخط بوجهه لينفجر بالضحك عليها وهو يرمي نفسه على الكرسي، يااا الله كم هذه الفتاة لذيذة بتصرفاتها
دخل يحيى مع ياسين الذي وصل لتوه وهو يقول: الله الله ده شكل الهجين رايق...
- فوق ما تتصور، قالها وهو ينهض ليغير ثيابه ويذهب للقاء تلك المجنونة
ياسين بتساؤل- رايح فين؟
- عندي شغل
- والشغل ده عبارة عن بنت سعد
- بالضبط كده.
ليقول ياسين بتلقائية: أنا مش عارف أنت طايقها ازاي دي.
هي صحيح حلوة بغباء بس لسانها ااايه مبرد وقوية ومابتخافش اااااء
قطع كلامه وأخذ يتأوه ما إن عالجه شاهين بلكمة على فكه ليجعله طريح الأرض وهو يصرخ به بغيرة
- عرفت إن لسانها مبرد منيييين
نطق ياسين بغباء- ما أنا كنت معاها
- وبتقولها في وشي، قالها وهو يسحبه من سترته لينهض أمامه وقبل ان يبرر الآخر تلقى ضربة على أنفه جعلته يرى الذي أمامه اثنين وثلاثة.
- الله يخرب بيتك هتبوظلي وشي، افهم يا أخي...
- أفهم ايه جاي تقولي، حلوة وقوية وكلمتها وكلمتني وكنت معاها ده أنت لو عايزني أدفنك بإيدي مش هتعمل كده
ياسين بتوضيح سريع قبل أن ينضرب مرة أخرى: افهم، هي جت وتخانقت معايا عشان أسيب ميرال، بس على مين والله ما أنا سايب أختها لو على موتي...
نفضه بفظاظة من بين يديه ثم تركهم وخرج وهو يغلي من الغضب فغيرته قاتلة لا وصف لها، كالإعصار المجنون لا يترك خلفه سوا الحطام.
أخذ ياسين يتحسس وجهه بألم ثم نظر الى يحيى بانزعاج وقال: وأنت واقف تتفرج يا غبي ما كنت تجي تسحبه عني
حرك يحيى يده بلامبالاة وهو يقول: وأنا مالي أنت اللي جبته لنفسك و وقعت بلسانك قصاده أنا آجي انضرب معاك ليه، دي إيده طرشة ما تعرفش لا صاحب ولا صديق
ده لما هزر معايا وضربني قفا قطع الكهربا عندي
عايزني دلوقتي آجي أقف جنبه وهو عصبي، ليه مستغني عن نفسي
- تصدق صح إيده طرشة ده أنا مش حاسس بوشي.
قالها وهو ينهض ولكن سرعان ما نظر الى أخيه الذي قال بتساؤل
- ياسين أنت حبيتها ل ميرال
صمت بتفكير واخذ ينزع ثيابه ليبقى فقط بالبنطال ورمى نفسه على السرير الحديدي الموجود على طرف المستودع ثم قال وهو ينظر للسقف العالي
- لاء بكرهها بس بنفس الوقت عايزها
نظر له يحيى باستفهام: مش فاهم تيجي ازاي دي
أخذ يحرك نفسه بتعب وهو يقول بحالمية.
- هو أنت مش سامع القيصر بيقول ايه، أكرهها وأشتهي وصلها وإنني أحب كرهي لها، ده بقى بينطبق عليا بالحرف...
- ده أنت شكلك واخد الحكاية لعب
- وده من بختهم لو أنا أخدتها جد هولع فيهم بجاز وسخ وأولهم انت لو مانكرشت من قدامي، بقالك ساعة بتلت زي الست المطلقة اللي ماورهاش حاجة
غير اللوك لوك، غور عايز أنام مطبق بقالي يومين
واقفل الباب وراك
- لا خلاص طالع، سلام، قالها وخرج ليكمل استلام البضاعة.
علي الجهة الأخرى. كانت تأخذ أرضية المكتب ذهابا وأيابا تقسم بأن دمائها تغلي بشرايينها من فرط العصبية التي وصلت لها، التفتت بشراسة نحو الباب الذي فتح وما إن وجدته أمامها حتى حملت تحفة صغيرة ولكنها ثقيلة وضربته بها ولكنه تفاداها بأعجوبة لينظر لها بصدمة وهو يقول
- ايه الجنان ده
ولكنها لن تكون سيلين إن توقفت فهي ما إن دخل حتى أخذت ترمي عليه كل ماتصل يدها إليه...
تفادى الضربة مرة ومرتين ولكن هيهات فهي صاحبة اليد اليسرى تضرب ولا تبالي، ذهب عندها بلمح البصرح وقيدها بذراعيه وهو يقول بعصبية وصوت عالي نسبيا
- ماتتهدي بقى
- شيل إيدك عني، أنت قافش فيا كده ليه سبني.
- هشششششش اهدي بس الأول وأنا أسيبك، ما إن قالها بهدوء حتى صمتت واخذت تنهج وهي تنظر له بحدة وكلما أرادت أن تقاومه لتتخلص من قيوده حتى همس لها بكلمات خافتة ولكن ما إن ألصق رأسها على صدره رغما عنها حتى بدأت تهدأ بالتدريج بشكل تلقائي عندما اخترق أذنها صوت دقات قلبه السريع
وكأن بداخله حرب وهذه طبولها...
أغمضت عينيها على هذه النغمة لتدفن نفسها دون وعي منها داخل أحضانه أكثر مماجعله يشدد من احتوائها هو الآخر وأخذ يلمس على شعرها بحنان
لا يعرف من أين أتى به
صمت رهيب عم المكان حتى أنفاسهم بالكاد تسمع
لا يوجد الآن بينهم سوا لغة الجسد، ثواني أم دقائق مرت عليهم لا نعرف ولكن لم يدوم طويلا ما إن وجدها تبعده عنه بحركة عنيفة بعض الشئ دلالة على انزعاجها منه ثم قالت
- ابعد عن بابا
رفع سبابته لها وقال.
- مش هيحصل إلا لو بقيتي ملكي
- ابعد أخوك عن ميرال
- الاثنين بيحبوا بعض أنا مالي
- أخوك عايز يأذيها
- يبقى ده نصيبها، ما إن قالها حتى اقتربت منه وسألته: كنت متعمد صح
- وضحي أكتر
- كنت متعمد إنك تخليني أعرف حقيقتك صح عشان تحرق قلبي على عيلتي...
- ويتحرق ليه روحي حذريهم...
لتقول سيلين بغصة قهر: مش بيصدقوني
- يبقى غباء منهم ويستاهلوا اللي يجرالهم
- وليه ما نقول إن هما عقلهم مش مستوعب وساختكم أنت و أخوك.
- ممكن كل شئ جايز
- نفسي أعرف كل الحقد ده ليه
- لما نتجوز بعد عشر تيام هتعرفي
سيلين باستهزاء: أنت بتقول ايه، جواز ايه، ده عمره ماهيحصل
- جهزي نفسك مع أختك ياعروسة اللي فهمته إن كتب كتابهم بعد أسبوع وأنا بعدهم بيومين هاخدك عندي، أو بمعنى أصح أنتي اللي هتجيني
دق قلبها بخوف نعم بخوف فهي وجدته يتكلم بثقة كبيرة، متأكد بأنها ستذهب له ولكن كيف سيحدث؟ عند هذه النقطة نطق لسانها بما يجوب بعقلها: ناوي تعمل ايه.
- ناوي أتجوزك وتبقي من حقي أنا وبس، ملكي...
بأسمي، أنام بحضنك وأصحى على ريحتك اخبيكي من الكل محدش يقدر يشوفك غيري...
سيلين بتكبر: أنت مش محتاج جواز أنت محتاج دكتور نفسي بس تصدق بالله أنا مش مستغربه، ده العادي بتاعي مافيش حد شافني قدر ينساني، بس أنت طلعت واقع ع الاخر
- لاء ما هو أنا هعمل كل ده مش حبا فيك، بس عشان أكسر غرورك
- امممممم مبرر مش بطال بس بردو مش هتطولني.
ومش هتجوزك، وبعدين أنت مش ملاحظ إن حوارتنا بدأت تتكرر في كل مرة نتقابل فيها
- لاء ازاي لاحظت أكيد فعشان كده نويت أغير واتجوزك فعلا
- أنت الكلام معاك مالوش فايدة، اسمعني يا هجين
مش أنت الهجين بردو...
حاوطها بيده واحتدت نظراته بشدة ليعتصر خصرها بقسوة جعلتها تصمت وتكز على أسنانها بألم حاولت أن تداريه ولكنها فشلت ما إن ظهر بتعابيرها لتجده يقول بطريقة أول مرة تراه بها
- مانصحكيش تشوفي الهجين خلينا ب شاهين.
اللي محدش شافه كده غيرك حتى أنا ماكنتش أعرف أنه موجود من قبل ما شوفك
- ااااه أنت بتوجعني
- هو أنا لسه عملت حاجة
- اااااااه
- سلامتك، قالها بخبث وهو يحرر خصرها لتلتفت بسرعة وهي تنوي الخروج ولكنه سحبها من عضدها الى صدره وهو ينظر حوله ويقول
- رايحة فين لسه ماحسبتكيش على كل التكسير ده.
ختم كلامه وهو يمسك وجهها بين يده ليقبل ثغرها المستفز لرجولته ولكن أخفى ابتسامته بأعجوبة ما إن وجدها تضع كفيها بسرعة على فمها وهي تحرك رأسها بنفي ترفض اقترابه منها
أطلق سرحها وهو يقول: مش مشكلة الحساب يجمع
بس ده مش هيمنع إني آخذ تصبيرة.
تجمدت أمامه ما إن وجدت نفسها بين أحضانه وأنيابه الحادة انغرزت بعنقها بقوة كامصاصي الدماء مما جعلتها تصرخ بوجع لتتحول عضته هذه بالتدريج الى قبلة عميقة بنفس المكان وكأنه يريد الاعتذر منها عن قسوة ما سبقها ليترك أثر بروحها قبل عنقها
ابتعد عنها بصعوبة وأخذ ينظر لها ليجد وجهها محمر من هول الموقف الذي مرت به وهي بالكاد تقف بطولها أمامه. أخذ يضرب وجنتها بخفة وهو يقول.
- لاااا فوقي وأنتي حلوة كده لحسن افترسك
. سيلين، سيليناااا
- هاااا
- هااا ايه صباح الخير، يلا يا ماما ع البيت
أومأت له برأسها وهي شاردة ذهبت نحو الباب لتخرج ولكن انحنت بسرعة وحملت الساعة الرملية الملقاة على الأرض والتفتت له وضربته بها على منطقة تحت الحزام بكل غل ثم فرت الى الخارج مسرعة وكأن هناك من يريد افتراسها غير آبهة بصوته العالي الذي يتوعد لها.
بعد نصف ساعة وصلت الى منزلها ودخلت من بوابة الفيلا متوجهة الى الداخل ولكن قبل أن تصل للباب الداخلي وجدت والدها خلفها يقول
- كنت فين؟
عادت له بخطوات مترددة وهي تقول
- بمشوار
سعد باستفسار- مشوار ايه ده
سيلين بتهرب: بابا هو في حاجة
ليرد عليها بانزعاج- طبعا في، لما تطلعي من المستشفى من غير ما تقولي لحد، يبقى في والا لاء
سيلين باعتذار: أنا آسفة مش قصدي أشغل بالك بس والله نسيت استأذن.
- ماقولتليش مشوار ايه ده بقى المهم اللي خلاكي تنسي حتى أهلك
- بابا مش عايزة أرد، ما إن قالتها وهي تنظر الى الأرض كالطفل المشاغب حتى اقترب منها وقال بترقب- ليه
- لأني لو رديت هكدب وأنا مش عايزة اكدب على حضرتك...
- طالما مش قادرة تقولي اللي بتعمليه يبقى غلط
نظرت له والدموع تلمع بمقلتيها- مش بتثق فيا؟
- ماهي دي المشكلة أنا مش عايز الثقة دي تنكسر.
أنا مش حمل ضربتين ورا بعض كفاية اوي عليا ميرال اللي كسرت ظهري مش هقدر أخسرك أنتي كمان، سيلين أنت نفس أبوكي اللي بيطلع وينزل ده
أبوس إيدك بلاش توجعيني عليك، عايز اخبيكي من كل الناس
عند كلامه هذا ضحكت برقة وهي تقول بعفوية
- أنت كمان عايز تخبيني زيه هو حد قالكم إني عصفورة عشان تخلوني بقفص، ألاقيها منك ولا منه
ماكنتش أعرف إني مجنناكم بالشكل ده.
تلاشت ضحكتها ما إن رأت والدها يقترب منها أكثر وهو يقول بصدمة: أنت كمان؟ ليه هو في حد قبلي قالك كده...
- لاء، ما إن قالتها حتى قرأ الكذب بعنيها ليمد يده لها وهو يقول بأمر مخيف: هاتي موبايلك
نظرت له بتوسل وهي تقول: بابا
- مش هعيد، ما إن قالها بطريقة لا نقاش بها حتى وضعت هاتفها بيده ليغلقه امامها ويضعه بجيبه ثم أكمل، ودلوقتي على أوضتك ومافيش خروج بعد كده.
كلماته كانت بالنسبة لها كالصاعقة لتنزل دموعها على وجنتيها بحرقة ثم تركته وركضت نحو الداخل وهي تبكي من كل قلبها، تنهد وهو ينظر الى اثرها وهو يقول
- أظلمك أنا أحسن ما أنتي تظلمي نفسك
في الأعلى بالتحديد غرفة ميرال
- شفتي بابا زعلان مني ازاي، ماتحمدليش ع السلامة ولا بص بوشي من ساعة ما صحيت.
داليا بعتاب: ماهو أنتي اللي عملتيه مش قليل برضوا بذمتك أنا ربيتك كده، فين الاحترام لما تعملي كل ده قصاد باباكي عشان يتجبر يوافق
ميرال بحيرة حقيقية: والله أنا معرفش عملت كده ازاي. كنت زعلانه ومقهورة وفجأة حسيت إن دماغي بقت نصين وقلبي هيتفجر من كتير الدق والله أنا شفت الموت بعينيا وما متش ومحدش حس فيا الكل فكر إني بدلع، والله أنا لسه قلبي بيوجعني وجسمي كله حتى شوفي.
قالتها تكشف عن ساقيها وذراعيها لتتفاجئ داليا بأن هناك كدمات زرقاء منتشر مائلة للون البنفسجي
ضربت داليا صدرها برعب: يااالهوي ده سببه ايه
- سألت الدكتورة قالت ده من تجلط الدم بالأطراف
و الحمدلله إنها ظهرت هنا وما جتش بالقلب
- و ايه السبب الرئيسي لده كله
- قالت انهيار عصبي و ارتفاع بالضغط بشكل كبير
هو اللي عمل ده كله مع إن كل التحاليل سليمة يبقى ده كل بسبب نفسي مش عضوي.
- الف سلامة عليكي ياقلب أمك، نامي وارتاحي
- وبابا
- أنا هكلمه ماتشغليش بالك وبعدين هو زعلان لأنه بيغير عليكي ياستي مش مستحمل يشوف إنك تحتبي حد أكتر منه
- مستحيل حد يوصل لمكانته في قلبي
- ربنا يهدي النفوس، يا لا يا قلبي نامي وارتاحي وما تفكريش غير بكتب كتاب اللي بعد اسبوع لازم تبقي كويسة عشان تلحقي تجهزي نفسك ياعروسة
- ربنا يخليكي ليا يا أحلى أم بالدنيا
- ويخليكم ليا ياحبايبي.
بعد مرور ست أيام، مرت بهدوء وسكون لا جديد فيها سوا أن ميرال تحسنت حالتها وبدأت تجهز لخطوبتها، تقضي الليل كله على الهاتف مع محبوبها الذي اغرقها بكلامه المعسول وحبه المغشوش ليجعلها أسعد فتاة بالعالم إلا أن سعادتها هذه لم تكتمل فوالدها حتى الآن لا يكلمها حاولت أكثر من مرة أن تعتذر منه إلا أنه كان يغلق الباب بوجهها يرفض سماعها وهذا غير انطواء سيلين بغرفتها طوال الوقت...
أما شاهين مرت عليه تلك الايام وهو عبارة عن نيزك ناري سينفجر بوجه كل من يقف أمامه، اختفت سيلينا خاصته من آخر لقاء بينهم، لا يستطيع الوصول لها عبر الهاتف فهو مغلق طوال الوقت.
ذهب أكثر من مرة الى منزلهم بحجة العمل ليراها ولكن لم يصادفها وهذا ما جعله يجن بشكل رسمي وأصبح جميع من في الوكر في انذار فهو حقا كان كالغول المتوحش، لا يرحم من يخطئ، ولكن ما جعله يصبر قليلا هو بأنها بالتاكيد ستظهر بحفلة خطوبة أختها، وهناك سيلقنها درسا على اختفائها هذا الغير مبرر لقلبه.
أما عند غالية كانت تعيش بملل فظيع تكاد أن تصاب بداء التوحد فهي طول اليوم لوحدها لا يوجد وسائل للتسلية هنا ولكنها محبوسة بشقة راقية من الطراز الرفيع، ابتسمت بسخرية، ماذا تفعل بكل هذا الرقي وهي محبوسة لاشئ يضاهي حريتها...
حتى يحيى أصبح نادرا ما يتواجد معها أغلب الوقت في الخارج وإن عاد يكون شارد الذهن، لا تعرف بأن ضميره يؤنبه عليها.
تأفأفت بضجر وما إن همت بالنهوض لتحرك ساقيها المتشنجة من كثرة الجلوس حتى وجدت باب الشقة الرئيسي يفتح ليليه دخول معذبها الوسيم
لحظة! هل هي بدأت تراه وسيم أم ماذا...
حمحمت حنجرتها و وقفت ما إن اقترب منها وأخذ يتمعن بها بنظرات حزينة لا تعرف ما سببها حتى...
كاد ان يتكلم إلا أنه غير رأيه وتركها ودخل الى الحمام دون أن يلقي السلام عليها.
غاب مايقارب العشر دقائق وخرج وهو لا يغطي جسده سوا منشفة حول خصره، اختفى داخل الغرفة لثواني معدودة ثم خرج وهو يرتدي بنطال منزلي فقط...
كانت تجلس بهدوء تراقب كل حركة صادرة منه ولكن ما جعلها ترفع حاجبيه باستغراب هو عندما وجدته يستلقي على نفس الأريكة التي تجلس عليها ليستقر رأسه على وسط فخذها ولكن كانت الطامة الكبرى عندما نام على جانبه الأيسر وهو يحاوط خصرها بقوة ليدفن وجهه ببطنها وهو يقول.
- اعمليلي مساج عندي صداع هيفرتك دماغي
- طبعا هتصدع وأنت صايع ليل ونهار
- وليه ما تقوليش صداع من كتر تفكيري فيكي
ما إن قالها بحب حتى أبعدت نظراتها عنه بتوتر وقالت
- أين كان السبب تستاهل ويالااا هوينا أنا مش فاتحة جمعية خيرية عشان كل لما تحتاج شوية حب وحنان تجيني
رفع رأسه قليلا ليصبح وجهه مقابل وجهها وهو يقول بمشاكسة- هو أنا عندي غيرك عشان أروحله
يا غلا الروح أنتي.
- والله اللي أنا شايفة إن حبايبك كتير، قالتها بتقزز منه وهي تنظر الى أثر بنفسجي خفيف مطبوع تحت اذنه
دعك يحيى رأسه وهو يكرمش وجهه بتلاعب ويقول: ااايه ده، أنتي طلعتي شقية وانا معرفش
- لا والنبي، أوعى كده جاتك القرف، قالتها وهي تريد أن تنهض ولكنه منعها وهو يقول بغطرسته المعتادة
- هو أنا لو حلفتلك ع الماية تجمد ان البوسة دي كانت بريئة مش هتصدقيني صح
- يحيى!
- ياقلبه
- جاتك ضربة بقلبك اللي عامل زي المكروباص.
ابتسم بغرور ممزوج بتكبر وكأنه يمن عليها بحبه هذا
- بس المكروباص ده مافيهوش غير كرسي واحد وأنتي اللي قاعدة عليه والتانين واقفين شفتي إنك مميزة عندي ازاي
- اوووعى كده، قالتها بغيظ وهي تدفعه عنها ليسقط على الأرض وهو يضحك عليها بقوة كاد أن يلحق بها ليراضيها بكل ممنونية فهو يعشق غضبها هذا
ولكن اتصال حودة منعه من ذلك ولكن ما جعل الأرض تدور به هو عندما سمعه يقول بتنهيدة.
- يحيى باشا، البقية بحياتك أم الست غالية
تعيش أنت...
رفع رأسه وسحب نفس قوي وأخذ ينظر بحزن الى الباب الذي اختفت خلفه معشوقته وهو يقول
- امتى ده حصل
- من ربع ساعة بس هات بنتها عشان تغسلها وتودعها
بلاش تبقا أنت والزمن عليها يا باشا بس اوعى تقولها
دلوقتي لحسن تتجنن عليك سبها لما تجي المستشفى أحسن
- كده أحسن برضوا، مسافة السكة وهنكون عندكم.
انهى المكالمة وذهب وطرق عليها الباب ولكنها لم تفتح، سند مقدمة رأسه ع الباب وهو مايزال يطرقه باستمرار ولكنها عنيدة ولم تفتح، ابتلع غصته وقال باختناق من ضميره الذي أخذ يأكل فؤاده دون رحمة
- غالية افتحي في حاجة مهمة عايزك فيها
اما غالية ما إن نطق اسمها بالشكل الصحيح حتى ذهبت وفتحت الباب لتنظر له باستغراب مابه لما عينيه عبارة عن جمرة من شدة الاحمرار ولكن ما زاد ذهولها هو عندما قال بجدية
- غيري هدومك.
- ايه المناسبة
- أنا تعبان وعايز أروح أكشف واعمل تحاليل بالمستشفى وعايزك معايا
- ليه صغير وخايف تتوه!
- غالية، قالها وهو يتنفس بعمق وكأن هناك هموم بوزن الجبال على أكتافه...
التزمت بالصمت أمام حالته هذه وذهبت تغير ثيابها دون أن تجادل فحالته هذه غريبة أول مرة تراه فيها بهذا الشكل
بعد أقل من عشر دقائق من الزمن كانت تجلس الى جواره بداخل السيارة وصوت احتكاك الاطار مع الاسفل عالي من شدة سرعته...
ربطت حزام الأمان من خوفها وهي تقول
- بالراحة شوية
لم يصغي لها وكأنه لم يسمعها أساسا وقبل أن تنطق مرة أخرى ثعثرت سيارته بإحدى المطبات جعلت رأسها ينضرب بزجاج النافذة بقوة مما جعلها تصرخ بخوف أكبر وهي تقول بانفعال...
- يحيى هتموتنا، حااااااااسب عااااااااا.
صرخت برعب وهي تفتح عينيها على وسعهما بعدما وجدته يحاول أن يتجاوز تلك السيارة التي أمامه حتى تفاجئت بظهور سيارة أخرى تأتي عليهم بشكل سريع من الإتجاه المعاكس.
21 =رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل الحادي والعشرون
- يحيى هتموتنا، حااااااااسب عااااااااا
صرخت برعب وهي تفتح عينيها على وسعهما بعدما وجدته يحاول أن يتجاوز تلك السيارة التي أمامه حتى تفاجئت بظهور سيارة أخرى تأتي عليهم بشكل سريع من الإتجاه المعاكس.
ليدير الدركسيون بسرعة ليتلافى الارتطام بكليهما ولكن هذا ما جعل سيارته تخرج من الطريق الرئيسي لينزل الى الترابي بعدما اصطدم بعمود الإنارة ليتهشم عليهما الزجاج الأمامي وهي تنقلب بهم السيارة أكثر من مرة لتستقر بالآخر بشكلها الطبيعي بقدرة قادر...
صمت غريب عم عليهم بالمكان، كل شئ حدث بسرعة رهيبة لدرجة عقلها أستغرق عدة ثواني ليستوعب ما حدث ولكن لفت انتباهها تأوه يحيى القوي وهو يضغط على شفتيه بوجع حاول ان يداريه عنها ولكن صوت أنفاسه العالية كانت أكبر دليل بأنه يكبت أوجاعه المفرطة فقد انضرب رأسه وذراعه بالباب و لكن تجاهل هذا كله والتفت بلهفة لتلك التي تجلس الى جواره وهو يقول بخوف محب
- غلا أنتي كويسة.
ابتلعت لعابها بذهول ونظرت له دون ان ترد عليه وكأنها تريد أن يؤكد لها بأنها مازالت حية ونجت من هذا الموت المحتم...
رفع يحيى يده السليمة وأخذ يتحسس وجنتها المجروحة وهو يقول بتوتر
- غلااا ردي عليا أنتي كويسة في حاجة وجعاكي
أخذت تتنفس بانفعال ثم ضربت يده لتبعد لمساته المزعجة عنها وهي تنفجر به بعصبية
- أنت امتى هتبطل تهورك ده كنت هموت على إيدك.
قوللي امتى هتعقل أنا خلاص تعبت منك، رجعني ع الشقة أنا مش عايزة أروح معاك في أي حتة
سحب نفس قوي ثم نزل من السيارة والتف حولها وفتح الباب لها وانحنى ليفك عنها حزام الأمان ثم أمسك يدها وسحبها معه نحو الشارع العام مرة أخرى يريد سيارة الأجرة ولكن هيهات فهو الآن على الخط السريع اين يجد مطلبه هذا
رفع هاتفه بتوتر وأخذ يجري اتصال ليقول باستعجال بعدها بتعب ما إن فتح الخط: حودة تعالى ع المكان اللي هقولك عليه.
- ليه في إيه ياباشا أنت فين؟
- أنا على طريق الصحراوي عملت حادثة بالعربية
- ربع ساعة وهكون عندك، قالها حودة وهو يخرج من المستشفى بسرعة أما يحيى ما إن أنهى المكالمة حتى ذهب نحو سيارته مرة أخرى ليغمض عينيه وهو يجلس بوجع على الأرض ليسند ظهره على إطارها
شعر بلمسة يدها الصغيرة وهي تنفرد على صدره ليليه صوتها الهامس الذي عصف بمشاعره: يحيى!
فتح عينيه بشبه ابتسامة وهو يقول
- يا قلبه أنتي.
غالية بقلق- قوللي إيه اللي بيوجعك
نظر الى عينيها التي بالكاد يراها من الظلام وهو يقول: بتخافي عليا
ذمت شفتيها وهي تكرر نداء اسمه بحدة وكأنها تؤنبه: يحيى!
- ياجمال اسمي منك، قالها وهو يميل برأسه على الجهة اليمنى لتشهق برعب ما إن عكست إنارة الشارع
علي عنقه لتراه غارق بالدماء
أخذت تستكشف جسده لتجد مصدره جرح عميق بجانب رأسه وهي تقول برعب
- ااايه كل الدم ده، قولي مالك بس.
- ماليش حاجة ده جرح بسيط، ما إن قالها وهو يمسك يدها بقوة حتى أخذ يبتسم بسعادة على تصرفاتها هذه وهو يقول
- اللي يشوفك كده يقول بتحبيني
التزمت بالصمت ولم ترد ليكرر سؤاله ولكن بصيغة مباشرة: بتحبيني
- والنبي أنت فايق ورايق هو ده وقته، قالتها بانزعاج مصطنع لتتهرب من همساته المغرية هذه ولكن الذي أمامها مراوغ مكار ويرفض ردها هذا كجواب لسؤاله
- قوليها وريحيني قبل ما أموت وتبقى بنفسي يرضيكي كده.
نظرت له من طرف عينيها وهي تقول بستنكار
- تموت ايه! مش لدرجاتي يعني. أنت بتدلع
سحب شهيق بصوت عالي ثم قال بعدما كرمش وجهه بألم: وماله لما أدلع عليكي مش مراتي حبيبتي، هاتي بوسة بقا عشان يسكن وجعي ده شوية ياعلاجي أنتي
- بوسة! لا طالما قليت أدبك يبقى أنت تمام أوعى كدة، قالتها وهي تدفعه عنها وتنهض ليتأوة بصوت عالي لتعود أدراجها أمامه بسرعة وأخذت تقبل وجنته بطريقة عفوية وهي تقول بلهفة.
- أهو أهو بوستك خلاص متتوجعش...
- خلاص ماتزعليش أوي كده عليا، تعالي أما أصالحك، قالها وهو يضع يده خلف عنقها ليقربها منه و يلصق أنفه بوجنتها ويقبلها باشتياق ولكن قبل أن تدفعه أو تبدي أي رد فعل وجدو ثلاث سيارات سوداء إثنان منهما ذو دفع رباعي تنزل على الطريق الترابي متوجهة نحوهم وهذا ما جعل يحيى ينهض ويسحبها خلفه بسرعة وما كان منها سوا أن تتمسك بقميصه بكلتا يديها وكأنها تطالبه بحمايتها.
أما يحيى ما إن توضحت له الرؤية حتى زفر أنفاسه براحة عندما وجد شاهين وياسين ينزلون منها وخلفهم حودة الذي اقترب بسرعة ليطمئن عليه لينظر له يحيى بعتاب
- بتبصله كده ليه مش عايزنا نعرف ولا إيه، ما إن قالها شاهين وهو يقترب منه حتى اتبعه ياسين الذي أخذ يمرر نظره على حالته هذه التي يرثى لها ليقول بشك غاضب
- الحادث ده حصل ازاي؟
تدخل شاهين بجمود: مش وقته دلوقتي يلا بينا من هنا ونبقى نشوف إيه الحكاية، هتقدر تسوق
- لاء تعبان، قالها وهو ينظر الى ذراعة اليسرى
ليعلم الآخر بأنه مصاب ولكنه لا يريد أن يقول أمام زوجته التي لا يظهر منها سوا عينيها التي تلمع كالقطط وهي تنظر لهم بخوف من خلف ظهره
- خدهم ياحودة ع المستشفى وابقى طمني...
حودة بتنفيذ: اعتبره حصل ياهجين...
أخذ يحيى زوجته نحو السيارة وفتح الباب لها وما إن صعدت حتى أغلقه وعاد لهم مرة ثانية وهو يقول
- شاهين بلاش تتهور
ليرد عليه ببرود غريب
- التهور ده اختصاصك، قولي دراعك مالها
نظر يحيى الى يده بحيرة ثم قال
- معرفش يمكن انكسر
- تستاهل، ماهو قالك خد بالك اليومين دول، ما إن قالها ياسين بانزعاج لعدم استماعه له حتى رد عليه وهو يقول بتوضيح
- أيوه بس ماكنتش متوقع إنهم يقطعوا فرامل عربيتي.
ياسين باستفزاز: وماله وشك مخطوف كده ليه، أوعى تقولي خفت
يحيى بصدق: أيوه خفت، بس خفت عليها هي.
أنا لحد دلوقتي مش مصدق إنها طلعت منها سليمة
- بس أنت متدغدغ
- فداها
- طب يا عم روميو روح عالج نفسك وماتنساش بكرة كتب كتابي هتيجي يعني هتيجي مش عايز أعذار
- ربنا يسهل، قالها وهو ينظر الى الهجين الملتزم بالصمت الرهيب الذي بالتأكيد سيخلف بعده كوارث.
تركهم وعاد بأدراجه نحوها وما إن صعد وانطلق بهم حودة إلى هدفهم حتى احتضن غاليته تحت ذراعه وقبل جهتها وهو لا يصدق حتى الآن بأنهم نجو من كل ما حدث معهم
بعد مدة زمنية دخلوا إلى المستشفى وصعدو الى الطابق الثالث وما إن خرجوا من المصعد حتى أخذ يشدد من مسك يدها بتوتر واضح وهو لا يعرف كيف سيوصل لها خبر وفاة والدتها...
نظرت له باستغراب وهي تقول: مالك
مرر لسانه على شفتيه الجافة وهو يقول بصعوبة: غلا مامتك.
تحفزت كل خلايا جسدها وهي تقول بترقب
- مالها؟!
- لا ملهاش هي بقت كويسة الحمدلله وفاقت وعال العال والباشا جابك هنا عشان هي عايزة تشوفك
. قالها حودة وهو يقترب منهم لينظر له يحيى كالمصعوق من ماسمع منه
- فاقت! هي ماما كانت عيانة، قالتها باستفهام له ثم نظرت الى زوجها المبجل لتنفض يدها منه بغضب وهي تكمل، يعني أنت كنت عارف أنها عيانة وماقولتليش ولو ماكنتش هي طلبت ماكنتش جبتني
مع الأسف من يوم يومك أناني.
حاولت أن يمسك يدها مرة أخرى إلا أنها رفضت لينظر لها بتوسل: غلا.!
تجاهلت نظراته ونبرته هذه والتفتت الى حودة وقالت: ألاقي مامتي فين؟
- هتلاقيها بأوضة خاصة رقمها 36
تركتهم وذهبت مسرعة لا بل كانت شبه راكضة نحو جنتها التي تقسم بأنه لا يوجد شيء في الدنيا يعوضها عنها
أما يحيى ما إن اختفت حتى سحب حودة من تلابيب ثيابه بيده السليمة وهو يقول بعدم تصديق
- بقا تضحك عليا وتقولي ماتت وهي عايشة.
نظر الى الأرض وقال: حبيت أحميك من نفسك ياباشا، لو كان حصلها حاجة، عمرها ما كانت هتسامحك
- وأنت مالك بتتحشر باللي مالكش فيه ليه، غور من وشي، قالها بغضب وهو يدفعه عنه ولكن الآخر لم يصغي له وقال وكأن شيئا لم يحدث
- تعالى ياباشا نفحص ذراعك ونشوف مالها وصدقني
اللي عملته ده عشانك مش عشانها...
تأفأف و أومأ له وذهب نحو غرفة الكشف في الطابق الأرضي وهو شارد بتفكيره في ما سيحدث بعد ذلك.
وصلت غالية الى هدفها لتجد امام الغرفة خالها و زوجته تحية التي ما إن وجدتها أمامها حتى لوت شفتيها وقالت
- ما لسه بدري كنتي غيبي شهرين كمان
لم ترد عليها أو حتى تلقي السلام تخطتهم وكأنهم نكرة لا بل هم بالفعل نكرة بالنسبة لها، فتحت الباب لتدخل مباشرة لوالدتها.
توقف الزمان بها ما إن وجدت أحب الناس لها مستلقية على السرير محاوطة بالأجهزة اللعينة هذه، اقتربت منها تنظر لها بشوق لتجد والدتها تفتح عينيها قليلا وهي ترفع يدها نحوها وتقول بصوت ضعيف بالكاد وصلها: غالية أنتي جيتي
انحنت بسرعة نحوها وقبلت يدها ورأسها ثم احتضنتها وأخذت تستنشق رائحتها بقوة وهي تقول ببكاء مرير وكأن دموعها هذه تريد أن تشكي لها بكل ما مرت به.
- أيوه جيت يااااااعمر غالية. وراحتها اللي راحت منها بغيابك عنها
ختمت كلماته هذه وهي تدفن وجهها بأنحاء صدرها الدافي ليزداد صوت أنينها ما إن شعرت بحنانها وما كان من والدتها سوا أن تحاوطها بضعف، لتقول غالية بعتاب وهي تدفن نفسها أكثر فيها
- ليه جوزتيني بدري ليه والله أنا لسه صغيرة ومالحقتش أشبع من حضنك والله. انا مش قد إني أواجه الحياة دي لوحدي، تعبت ببعدك عني.
- حكم القوي ع الضعيف ياضنايا و الله غيابك عني كان على عيني
ارتفع صوت أنينها المعذب بشكل كبير وهي تشدد من احتضانها هذا غير شهقاتها المتفاوتة التي شقت صدرها. رفعت الأم كفها و أخذت تمرر يدها على رأس فلذة كبدها وهي تتلو عليها آيات من كتاب الله لتهدأ بالتدريج لتقول بعدها بتساؤل
- طمنيني عنك يا قلب أمك أنتي كويسة.
ابتعدت عنها غالية وأخذت تمسح وجهها الأحمر المغطى بالدموع الغزيرة: بفضل دعاكي الحمدلله كويسة...
- الحمدلله إني شفتك قبل ما أموت، ما إن قالتها حتى ردت عليها ابنتها بانفعال
- بعد الشر عليك إن شاء الله يوم تحية وخليل قبل يومك يا قادر يا كريم
ابتسمت الأم بضعف وقالت بلسان ثقيل
- لسه لسانك طويل زي ماهو
- لاء طول حبة كمان
- من يومك شقية يا بنت بطني
تنهدت وهي تقول- قصدك من يومك متعوبة القلب.
نظرت لها قليلا بصمت وبرغم مرضها وتعبها الواضح إلا أنها لم تستطع تأجيل سؤالها وهي تقول
- عاملة إيه مع جوزك مرتاحة
- الحمدلله
- مرتاحة يعني طمنيني
- الحمدلله يا حبيبتي ماتشغليش بالك أنتي مخلفة راجل...
- راجل ايه؟ لاء أنا مخلفة بنوته قمر ربنا عوضني بيها عن تعبي اللي شفته في عمري
- حبيبتي ارتاحي وأنا هروح أشوف الدكتور، قالتها وهي تهم بالخروج إلا أن سؤال والدتها أوقفها عندما قالت.
- جوزك فين يا غالية أنا لسه ولا مرة شفته
- يابختك، ياريتني كنت بمكانك ولا شفت طلته البهية قال ماشفتوش قال هتشوفي الأملة يعني
قالتها دون أدنى مجاملة مما جعلت والدتها ترفع حاجبيها من ردها هذا الغير متوقع ثم تركتها وخرجت لترى زوجة خالها أمامها لتذهب نحوها ومن دون اي مقدمات سحبتها من شعرها الظاهر من تحت طرحتها بقوة وهي تقول بغضب.
- ايه اللي وصل أمي للحالة دي ياحرباية، سبتهالكم زي الوردة مافيهاش غير العافية آجي ألاقيها بالشكل ده ليه عملتي فيها ايه يابوز الإخص عشان توصليها لكده، انطقي!
دفعتها عنها تحية وهي تقول بصوت عالي- اوعي كده، دلوقتي عاملة نفسك خايفة عليها بعد ما شبعتي سرمحه ومشي على حل شعرك
- ماهو أنا بقى عايزة أطلع السرمحة دي على عينك...
قالتها غالية ثم أنقضت على وجه الأخرى بأظافرها الطويلة هذا غير خصلات شعرها التي تقطعت بين يدبها.
ليرتفع صراخ تحية العالي وهي تطالب بأحد ينقذها منها ليتجمع كادر التمريض حولها لإنقاذها ولكن ولكن من يستطيع أن ينقذها من فك الأسد هذا. غير الأسد نفسه وبالفعل هذا ما حدث عندما لف يحيى ذراعه السليمة على خصرها من الخلف وحملها عن الأخرى، وأدخلها بسرعة الى الغرفة المجاوره لوالدتها وهي ماتزال تعافر للوصول لتلك الحقيرة
وهي تقول بغضب
- سبني عليها أربيها وأعرفها مقامها.
ثبت جسدها على الحائط وهو مايزال يحتضنها من ظهرها ليهمس لها بحرارة اللهب بوجنتيها
- خلاص ياقلب يحيى خلاص، البنت كانت
هتموت في إيدك ياوحش
التفتت له ليصبح وجهها أمامه وهي تقول بانفعال وشراسة لذيذة: أنت ماسبتنيش أموتها الكلبة دي ليه، هي السبب أكيد بحالة ماما دي
عض طرف شفته بتمني وهو ينحني نحوه ثغرها ويقول بوقاحة: ده أنا هروح أبوس راس ماما وإيدها كمان عشان خلفتلي العسل ده كله وبقى ليا.
كادت أن ترد عليه إلا أنها قطبت جبينها باستغراب عندما لاحظت يده اليسرى مغلفة بالجبس الأبيض
مما جعلها تمرر أناملها عليه بخفة وهي تقول
- مالها إيدك
- كسر بسيط، قالها بتمسكن ليكسب تعاطفها ولكن ردها كان غير. رد متشفي
- تستاهل، ومن أعمالكم سلط عليكم
ابتعد عنها وهو يقول: مقبولة منك ياقمر، يا لا تعالي نودع مامتك عشان نرجع لأني هنام وأنا واقف زي الحصان من تعبي.
غالية باستنكار: اودع ايه ونرجع فين، اللعبة انتهت لحد هنا يا ابن اللداغ، اتكل أنت بالسلامة وانسى إنك بيوم شفتني من أساسه.
- يعني إيه معنى الكلام ده، ما إن قالها بصدمة وهو يرفض أن يصدق ما سمعه الآن إلا أن أتاه ردها كالضربة القاضية عندما قالت بجدية وهي تقف أمامه بثبات وقوة
- يعني أنا مستحيل أرجع لسجنك ده تاني. طلقني!
الوقت: قريب الفجر
المكان: الواحات، الصحراء الغربية.
كان هجان ينام بالعسل مع إحدى الغجريات ولكن ما بدأ يعكر مزاجه هو ارتفاع رنين الهاتف، حاول أن يتجاهله إلا أن الطرف الآخر كان مصر
ابتعد عنها بضجر قليل ليرد على هذا المتصل المزعج
، اعتدل بجلسته بترقب عندما سمع غالب منصور يصرخ به ما إن ضغط على زر الإجابة وهو يقول
- أنت مش بترد ليه
هجان باستغراب: في حاجة؟
- مصيبة، يحيى ما متش، ما إن قالها حتى زوى مابين حاجبيه بتعجب وهو يقول.
- و ايه اللي هيموته واحنا لسه مانفذناش
- لا ما هو أنا نفذت
انتفض هجان من مكانه وأخذ يصرخ به ويقول
- الله يخرب بيتك. مين اللي قالك إنك تعمل كده
غالب بتوضيح: بكرة كتب كتاب ياسين والكل مشغول قولت دي فرصتنا، وكل شيء بقى تمام إلا أنه طلع منها زي الشعرة من العجين تقول قط بسبع ترواح
هجان بتحذير: ادعي المرادي تعدي على خير و أوعى مرة تانية تتصرف من دماغك
- مش هنا المشكلة
- في إيه تاني ياوش الفقر.
- ياسين جايلك وناويلك ع الشر وحسب معلوماتي زمانه وصل مكانك
- ااااااااايه ياسين، قالها هجان برعب وهو يغلق الخط بوجهه لينظر غالب بترقب الى ذلك الذي يقف أمامه ك ملك الموت فهو على استعداد تام أن يقضي عليه
- كنت عايز تتخلص منه بس شوف حكمة ربك اللي حفرته ليه هيبقى ليك، يحيى اللداغ خط أحمر
وأنت تعديت حدودك كتير أنا أسامح واعدي كتير بس لحد يحيى، لاء...
- والله مكنتش أعرف يا هجين أنا فكرته صاحبكم.
بس، وبعدين أنا عملت كل اللي أنت عايزه وكلمت هجان قصادك وماحسستوش بحاجة سبني بقى زي ما وعدتني وأنا مش هخليك تشوف وشي تاني
ابتعد شاهين قليلا وأخذ ينظر له فهو كان مقيد اليدين وهناك جنزير خشن ملفوف حول عنقه بإحكام وتحت قدميه كرسي، وضعه كامل و تام لتنفيذ حكم الإعدام.
- وأنا عند وعدي، أهو سبتك، قال الأخيرة وهو يضرب الكرسي بقدمه بقوة ليسقط ثقل جسده كله مترنحا من عنقه ليرفس بقدميه و ينتفض بمكانه بشدة قبل أن يسكن بهدوء يعلن بها خروج الروح منه
سحب الخنزير الخاص به بقوة منه ليسقط على الأرض بكل ثقله ثم بصق عليه ليتركه ويخرج بعدما أمر رجاله تنضيف المكان من البصمات ثم إبلاغ الشرطة ليكون عبرة لأعدائه.
أما عند هجان بعدما طرد تلك الفتاة التي كانت معه حتى أخذ يرتدي ثيابه بسرعة مقررا الفرار
ذهب نحو الباب بسرعة وما إن فتحه حتى تلقته ركله قوية على وجهه جعلته يسقط على الأرض
وهو يصرخ فعلى مايبدو بأن أنفه وفكه السفلي قد انكسر
وقبل أن يستوعب ماذا يجري حتى عالجة بركلة أخرى على معدته جعلت الدماء تتدفق من بين شفتيه كالنافورة، خاصة ما إن كرر الضربة مرة أخرى بنفس المكان.
رفع هجان رأسه لذلك الذي يقف فوق رأسه والذي لم يكن سوا ياسين الذي ضحك بخبث دون أن يصدر صوت ثم قال
- اللي يلعب مع ولاد اللداغ يتحمل قرصتهم
- والله أنا ما عملت حاجة ده غالب منصور مش أنا
- ماهو زمانه خد جزاته من الهجين، بس بردو لازم أسيبلك تذكار مني، اعتبره هدية يا أخي.
- لالا لاااااا ياسين، قالها بفزع ما إن وجده يقيد قدميه وأخذ يجره على الأرض الصلبة ليخرج به عند سيارته ليربطه بها ثم انطلق بكل سرعته ما إن استقر خلف الدركسيون، كان يطلق الصفيرة من بين شفتيه وهو لا يسمع سوا صرخ الآخر الذي بالتأكيد الآن انسلخ جلده عن لحمه...
بعد مدة توقف ما إن انقطع صوته، نزل ليتفحصه ليجده فاقد الوعي ولكنه مايزال حي وهذا بالتاكيد لم يروق ل ياسين الذي أخذ يمط شفتيه بتفكير كيف يعاقبه أكثر فهذا كله لم يشفي غليله منه بعد
ولكن سرعان ما ابتسم بشر وخرج من صندوق سيارته زجاجة شفافة تحتوي على ماء ولكن هذا ليس ماء عادي بل هو تيزاب ( مية نار )
فتحه ثم اخذ يسكبه ببطئ على نصف وجهه وهذا ما جعل صراخ الآخر يكاد أن يصل للسماء الأولى من ما يعيشه الآن.
فك قيده ورماه بالصحراء للوحوش المفترسة وهو يقول: ده عقاب صغير من ياسين عشان تبقى درس لكل واحد يفكر يأذينا
تركه وانطلق يعود أدراجه للوكر وهو يشغل المسجل على أغنية أكرهها للقيصر، وأخذ يردد معه هذه الكلمات بمزاج عالي وكلما انتهت الأغنية أعادها مرة أخرى دون أن يمل فهذه تذكره بمحبوبته الرقيقة...
سحب هاتفه وأخذ يتصل عليها ما إن لاحظ شروق الشمس ليأتيه صوتها الناعس المبحوح من أثر النوم
- الو.
أبتسم باتساع وقال بانتشاء
- صباح الحب يا حب ياسين
ابتسمت هي أيضا بحالمية وأخذت تمط يديها وهي تقول: صباح النور يا حبيبي، إيه اللي مصحيك بدري كده
- أنا مانمتش أصلا من فرحتي مش مصدق إن خلاص
مافضلش غير ساعات...
- قد كده بتحبني
- وأكتر بكتير من ما عقلك ممكن يتخيله
- هممممم كويس. قالتها وهي تنام على بطنها وتحتضن وسادتها بنعاس ليصرخ بها ياسين بانفعال
- بنت أنتي بلاش تلعبي بأعصابي وتهمهمي.
كرمش وجهها باستغراب وقالت
- مش فاهمة قصدك ايه
ياسين بسفالة
- قصدي أنا عايز آكلك وأنتي بتغريني بطعامتك
ميرال بحيرة: دي فزورة دي ولا ايه
- أنتي يا إما غبية يا إما نقية
- ياسين
- نعم
- بحبك
- وأنا كمان...
- يلا بقا روح نام كويس عشان تريح جسمك عايزك تكون فايق لما تيجي بالليل مش تعبان
- حاضر أي أوامر تانية
- أيوه
- أأمريني
- خد بالك من نفسك
- بهمك يعني
- أنا معنديش استعداد إني أخسرك لأي ظرف كان.
- بس أنتي رفضتيني قبل كده فاكرة
- ايه ده أنت كل يوم هتسمعني الكلمتين دول مش هتنسى
- عمري ما هنسا
- بس أنا اعتذرتلك قبل كده كتير وشرحتلك موقفي
- عايزاني أسامحك، قالها بترقب شديد ليأتيه ردها المؤكد: طبعا
ياسين بغدر خفي: تيجي معايا بعد حفلة كتب الكتاب
- آجي معاك فين؟
ليقول بخبث: نسهر مع بعض بالمناسبة الحلوة دي
ميرال بتوضيح: أيوه بس بابا مش هيرضى بده
ياسين بعصبية: تاني بابا ياميرال تاني.
- قولي أعمل إيه يعني بابايا صعب ازاي عايز أقوله هسهر مع ياسين والله اتكسف وبعدين أكيد هيرفض
- يعني أقدر أفهم من كلامك أنك هتختاري باباكي تاني
- أنت ليه مش قادر تفهمني والله صعب اللي بتطلبه وخصوصا الحفلة هتخلص متأخر عايزني آجي معاك فين بس
- تمام وصلني جوابك، قالها وهو ينهي هذه المكالمة دون أن يسمع ردها لترفع الهاتف عن أذنها وهي حزينة...
نهضت من فراشها بزعل وذهبت نحو الحمام لتغسل وجهها وأسنانها ثم نزلت ببجامة نومها الحرير ذو اللون الرصاصي الغامق دون أن تغيرها
خرجت مباشرة إلى الحديقة لتستنشق بعض الهواء النقي ولكن تفاجئت بوجود أختها تجلس قرب حوض السباحة، ذهبت بإتجاهها وما إن جلست إلى جانبها حتى احتضنتها بحب وهي تقول بحنين
- وحشتيني يا سيلي هنت عليك ماتكلمنيش طول الأيام اللي فاتت دي
- عايزاني أكلمك أقولك ايه مبروك مثلا وأنا عارفة إنك.
رايحة لنهايتك برجليكي
ميرال بعتاب: سيلين!
- شفتي كلامي مش على هواكي عشان كده بعدت عشان مازعلكيش على أمل تفوقي أو أطلع أنا اللي غلطانة
انفجرت ميرال باختناق من كل مايحدث: يووووووه أنا بجد تعبت، كل البنات تتجوز تفرح إلا أنا الكل ضدي، مش عارفة ألاقيها من مين والا مين
ارحموني بقا، بابا وأنتي وياسين، يارب أموت عشان ترتاحوا.
قالت الأخيرة وهي تبكي متوجهة الى الداخل ولكن ماهي سوا خطوتين و وجدت نفسها بحضن والدها الذي احتواها بذراعيه بحنان عندما وجد دموعها تجري على وجنتيها
رفعت نظرها له وهي تقول بغصة: بابا
- مبروك يا حبيبتي، قالها سعد وهو يقبل جبهتها لتقول بنبرة متوسلة وهي تحتصنه بقوة
- والله بحبك أكتر من نفسي حتى.
- ربنا يبارك لي فيكم، قالها وهو ينظر بحب إلى سيلين التي تقف أمامه بزعل...
عند نظراتها المدللة هذه لم يستطع أن يقاوم أكثر ليفتح ذراعه لها هي أيضا لتأتيه راكضة على الفور ليضمهما معا الى صدره وأخذ يقبلهما لتقول ميرال بتردد
- بابا
نظر لها وقال: قولي يقلبي
ميرال بقلق: أنت لسه زعلان مني
ابتسم بحزن وقال: لاء مش زعلان وربنا يوفقك بحياتك اللي اختارتيها ياقلب أبوكي أنتي، ودلوقتي يلا قومي جهزي الفطار عايزه يبقى من إيديكي النهاردة.
- بس كده من عينيا، قالتها ميرال بفرحة وهي تقبل فكه ثم تركتهم وذهبت الى المطبخ لينظر سعد الى أثرها وهو يقول بتنهيدة
- آاااه يا وجع قلبي أنتم
- احنا وجع يا بابي؟ قالتها سيلين باندهاش وهي تنظر إلى عينيه الحزينة باستغراب
- أيوه وخصوصا أنتي
- هو أنا عملت إيه بس ده أنت معاقبني ومخاصمني من غير سبب
- متأكدة من غير سبب، خدي تلفونك أهو، أنا مافتحتوش من ساعتها عارفة ليه
- ليه؟
- مش عايز انصدم كفاية عليا ضربة ميرال، لأن لو جتني ضربة منك انتي بالذات أنا مش هستحملها
- بابي أنا معملتش حاجة
- عارفة شاهين قالي إيه
شحب وجهها ونظرت له بتقرب لما سيقول، نظر لها بتمعن لقلقها الملحوظ هذا وأكمل بقهر فأصبح شكه يقين الآن، قال لو أخويا مالوش نصيب عندكم أنا أكيد ليا، كان بيتكلم بثقة غريبة، هو مش ده نفسه اللي كان عايز يحبسك بقفص زيي والا أنا غلطان
- بابا.
نظر لها سعد بحدة وقال بعدما رفع سبابته بوجهها: شوفي يا سيلين لو أنا وافقت على ياسين لما شفت ميرال تعبت لما رفضته أنتي بقى عندي استعداد أشوفك بتموتي قصادي ولا إني أديكي ل شاهين ده سامعة
- بابا أنت فاهم الحكاية غلط أنا أصلا مش بفكر بالجواز ولا بالكلام ده خالص
- أتمنى يابنت قلبي، أتمنى!
- لا شاهين ولا غيره هيقدروا ياخدوني منك، قالتها وهي ترمي هاتفها بحوض السباحة ثم عادت الى أحضانه وهي تكمل، مش عايزة من الدنيا دي غيرك
- إيه جو العشق الممنوع ده، قالتها داليا وهي تكتف يديها وتنظر الى زوجها بغيرة مضحكة
- انا أنسحب أحسن ما اضرب، قالتها وهي تريد أن تهرب من أحضان والدها إلا أن سعد تمسك بها وقال: كده بتستغني عني يا سيلي وتسبيني بوش المدفع.
- عادي. استغنيت عنك ل مامي مش لحد غريب وبصراحة كده أنا مش قد ضربها، دي بتقرص جامد تقول عقربة
ما إن قالت كلمتها الأخيرة حتى شهقت داليا بصدمة وهي تقول: أنا عقربة، تعالي هنا يابت
اختبأت خلف والدها وهي تقول
- آسفة والله ما قصدي هي طلعت معايا كده
داليا بتوعد: اطلعي من ورا أبوكي اللي مطلع عينك ده عشان أربيكي من تاني
سيلين بترجي جميل: بابي احميني منها عشان خاطري.
- أهو يلا اجري على فوق بقا، قالها وهو يحتضن زوجته لتفر سيلين الى الداخل بسرعة وهي تضحك بكل شقاوة
نظرت داليا الى زوجها وقالت بغضب
- عاجبك عمايلها دي
سعد بقبول: جدا. سيلين تعمل اللي يعجبها
- والله ماحد مقويها علينا غيرك
- حبيبة أبوها ودلوعته
- وأنا مش حبيبتك، قالتها وهي تلعب بمقدمة ثيابه بدلع لينحني نحوها وهو يقول عند أذنها
- أنت عندك شك بكده
حركت رأسها وهي تقول: أيوه عندي شك.
- خلاص نفطر ونطلع أوضتنا نريح شوية عشان أشيل الشك ده من عقلك بشكل عملي وشفهي كمان لو حابه
داليا بحب ممزوج بمياعة: حابة جدا، أيوه كده...
هو ده الكلام
- بابا الفطار جاهز، ما إن نادتهم بها ميرال حتى دخل سعد مع زوجته ليجلسوا حول طاولة الطعام.
مع عائلته الصغيرة ليمر الوقت عليهم بسرعة بين التجهيزات ولكن كلما اقترب الوقت شعرت سيلين بأختناق حتى أنها رفضت النزول للحفل ولكن تحت ضغط والدتها داليا رضخت في الأخر لكي لا تكسر قلب أختها وتتمنى من الله أن يسير كل شيء على مايرام وأن كل مايدور بعقلها من شكوك ليس سوا تهيؤات.
مساء في الحديقة الأمامية لفيلا الجندي التي كانت مزينة بشكل أقل ما يقال عنه فخم وراقي فقد حرص ياسين أن تكون التجهيزات على أتم ما يكون، وقام بدعوة أكبر رجال الأعمال
كان يقف الهجين مع بعض المدعوين ولكن بدأ قلبه قبل عينيه يبحث عن تلك التي سرقت النوم منه، أيام طويلة لم يراها بها أو حتى يسمع صوتها...
تنهد و رفع رأسه بشكل تلقائي وهو يتحدث مع أحدهم لتتبعثر الحروف من لسانه ما إن وقع نظره عليها كانت تقف بالشرفة ترتدي فستان اسود بربع كم مع شال شفاف على مرفقيها من نفس اللون وخصلاتها المموجه تتطاير خلفها بين الحين والآخر بسبب فعل الهواء، كانت كالأميرة التي تنتظر حضور فارس أحلامها.
مع إن وجهها كان حزين للغاية ولكن برغم هذا كله، جمالها لم ينقص بل زاد بنظره لا يعرف أهو بسبب شوقه لها أم هذا هو جمالها الرباني
انسحب من بين المدعوين بتريث وصعد لها خلسة وهو لا يصدق ما يفعله الآن، هل هو مراهق أم ماذا، ولكنه الآن أيقن أن الحب يفعل الأفاعيل
. لحظة. حب؟ هل هو الآن بالفعل واقع بحبها؟
وصل الطابق الثاني وتوقف وهو يفكر بسؤاله هذا.
ولكن لم يجد له الجواب أو دعنا نقول بأنه رفض أن يعترف لنفسه بهذا...
ذهب نحو الشرفة الكبيرة ليجدها تعطيه ظهرها
لينطق لسانه تلقائيا: سيلينا
التفتت له بسرعة وهي لا تصدق وجوده هنا
- أنت بتعمل إيه هنا
شاهين باستفسار
- كنت مختفية فين طول المدة دي وقافلة تلفونك ليه
سيلين بنزعاح: وأنت مالك، حل عني بقا.
نظر لها قليلا ثم بحركة سريعة مسكها من رسغها وذهب بها نحو الداخل ليبعدها عن أنظار الناس وما إن نجح بذلك حتى زرعها بداخله بكل قوته ليدفن بعدها وجهه بشعرها الناعم لينعم براحته، ليبدأ باستنشاقها بشغف كالمدمنين
رفعها من خصرها وأخذ يدور بها وهو مازال يعتصرها بداخله أكثر من السابق لدرجة آلمتها كأنه بفعلته هذه يعاقبها لمقاومتها له أنزلها على الأرض وابتعد عنها قليلا لينظر إلى عينيها الحاقدة وهو يقول بتملك.
- ياويلك مني لو غبتي عن عيني مرة تانية أنتي مش ملك نفسك عشان تعملي كده...
- والله أنت مجنون مش طبيعي...
- لو كنت أنا مجنون ف أنتي سبب جنوني، ما إن قالها وهو يكز عليها أسنانه يود أن يأكلها ياا الله كم هي شهية ومغرية له وهذا كله جعل سيلين تحرك رأسها بغرور وهي تقول.
- وأخيرا اعترفت إنك واقع فيا، أيوه كده جرب الوجع، و هو ده اللي أنا عايزاه بالضبط، هكون ليك سراب يا ابن اللداغ كل ما تقول هانت همسكها تلاقيني هووووووب اختفيت من بين إيديك، ان ما وريتك إن الله حق، ولففتك حوالين نفسك ما بقاش أنا سيلين الجندي
رفع حاجبيه بهدوء متعمد ما إن قال.
- بجد! كل ده هتعمليه فيا، اممم شوفي سيلينا نصحتك كتير. بس غرورك أعمى عيونك، لو مفكرة إنك ممكن تلعبي فيه أحب أقولك ذكائك خدعك أنتي لحد دلوقتي ماشفتيش من شاهين غير الحنية فبلاش تخليني أقلب عليك
- أنا مابتهددش
- وأنا مشتاق
- نعم.
- مشتاق ليهم، قالها وهو ينحني ليقبل شفتيها إلا أنها عادت للخلف باندهاش ممزوج بغضب من تصرفه هذا، ليضحك عليها وهو يمسكها من يدها رغما عنها وأخذ يغلغل أنامله بخاصتها وكأنها ملك خاص به غير آبه برفضها ثم سحبها معه إلى الأسفل
حاولت ان تحرر كفها منه إلا أنها فشلت وبجدارة بهذا الشئ لتقول بتوسل وهي تنزل معه الدرج
- شاهين سبني والله بابا لو شافني معاك هيزعل مني...
وقف بالبهو وقال: أسيبك بشرط ايه...
- شرط ايه، ما ان قالها بحذر حتى رد عليها
- ترقصي معايا برا وقصاد الكل
- مش موافقة طبعا انا مستحيل ازعل بابا عشان واحد زيك...
- طيب، قالها وهو يحرر يدها وتنظر لها بذهول فقد تركها مع أنها رفضت شرطه...
- ماتستغربيش إني سبتك لأن بمزاجك أو غصب عنك هترقصي معايا
- هو كل حاجة عندك عافية
- أنتي ماتجيش غير كده، وأنا كل حاجة عايزها باخدها وأنا عايزك، وهاخدك عروسة ليه بعد بكرة يابطة.
قال الأخيرة وهو يقرص شفتيها بخفة ثم تركها وخرج لتبتعد بخطوات بطيئة وهي تفكر بكلامه هذا، اقتربت من والدتها التي كانت تقف إلى جوار ميرال، وأخذت تراقب المراسيم...
ما إن جلس ياسين الى جانب المأذون و وضع يده بيد سعد وأخذ يردد ما يملى عليه بسعادة أما والدها الروحي كان مع كل كلمة يلفظها يشعر باختناق وكأنه يتم نزع روحه منه لااااا يريد كل هذا ولكن ما باليد حيلة، أغمض عينيه وتنهد بصعوبة ما إن سمع جملة المأذون الشهيرة
نهض ياسين واقترب منها .
اخيرا وصلت لكي
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق