القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية شيخ في محراب قلبى الفصل السادس عشر والسابع عشر بقلم رحمه نبيل

التنقل السريع



    رواية شيخ في محراب قلبى الفصل السادس عشر والسابع عشر بقلم رحمه نبيل 




    رواية شيخ في محراب قلبى الفصل السادس عشر والسابع عشر بقلم رحمه نبيل 






    16-17

    إذا أرادَ اللهُ بعبدٍ خيراً سقاهُ دواءً مِنَ الابتلاءِ والامتحان على قَدرِ حاله يستفرغُ بهِ مِنَ الأدواءِ المهلكة، حَتَّى إذا هَذَّبَهُ وَنَقَّاهُ وَصَفَّاهُ أهَّلَـهُ لأشرفِ مراتبِ الدُّنيا: وهيَ عبوديته، وأرفعُ ثوابُ الآخرةِ: وهوَ رؤيتهُ وقُربُـهُ.


    - ابن القيم.


    صلوا على الرسول .


    _________


    نظر هادي لرفيقيه قبل أن يعيد نظره لذلك الذي يقف أمامهم ببسمة مشرقة لطيفة وثياب مهندمة لا تتناسب ابدا مع الحارة واجوائها ...


    ابتسم ذلك الشاب وهو يراقب الصدمة على وجوه الجميع ليتحرك صوبهم متحدثا ببسمة بسيطة :


    _ ها اجيب خالو واجي امتى ؟؟؟؟


    نظر رشدي للشاب وهو يهمس لهادي بصوت منخفض مازح :


    _ الحق ياض يا هادي بنت عمك هتتجوز واحد بريحة وطعم الكرواسون .


    لم يتمكن هادي من كبت ضحكاته على حديث رشدي ليسقط ارضا ضاحكا وهو يتخيل ابنة عمه بحديثها وتصرفاتها تلك زوجة لذلك الشاب برائحة الكرواسون كما يقول رشدي .


    اقترب الشاب بحنق شديد وهو يساعد هادي لينهض :


    _ ايه يا هادي مطولش ولا ايه ؟؟؟


    نظر هادي لوجه وهو يود أن يخبره أن يهرب لكنه ابتلع حديثه فتلك بالنهاية ابنة عمه وعرضه لذا تنحنح وهو يرسم الجدية على وجهه :


    _ لا ابدا يا فرانسو يا حبيبي متطولش ايه بس يابني ؟؟؟ ده انت بقيت من العيلة من يوم ما كلت سندوتش من ايد رشدي يا جدع 


    رفع رشدي يده ملوحا بها في الهواء يؤكد على حديث هادي ليبتسم لهم فرانسو بفرحة ثم يقول بحماس شديد :


    _ طب اجيب خالو امتى طيب ؟؟؟


    تحدث زكريا بتعجب من لهجة فرانسو :


    _ سيبنا من خالو دي وقولي ما شاء الله بقيت لبلب في اللهجة المصرية ازاي ؟؟؟


    _ ما هو انا اشتغلت على نفسي عشان اللحظة دي بعدين اساسا انا كنت بتكلم مصري كويس بسبب والدتي هو بس بعض الالفاظ اللي كانت محتاجة تتظبط  ...إنما الفصحى هي اللي فيها مشاكل  


    نظر له هادي بتحذير وهو يقول :


    _ اسمعك تنطق كلمة فصحى قدام زكريا هعلقك احنا مش ناقصين ما صدقنا بقاله يومين بيتكلم معانا عادي .


    خرج صوت مستنكر من حنجرة زكريا وهو يتحدث معترضا على حديث هادي :


    _ بتكلم عادي ؟؟؟ على أساس إن الفصحى مش عادي ؟؟؟ انا حقيقي مش فاهم اعتراضكم ايه هنا ؟؟؟ المفروض اساسا كلنا نتكلم فصحى 


    تحدث رشدي وهو ينهض من مقعده متجها صوب فرانسو :


    _ وانت عرفت بثينة منين ؟؟؟


    ابتسم فرانسو بحرج شديد ثم قال بخفوت :


    _ لما جينا معاكم الاول ودخلت المحل هنا عشان نكلم عمو لؤي وهي دخلت ورا البنت اللي كانت بتجري ورا الكلب شوفتها .


    همس هادي لزكريا وهو يكبت ضحكته :


    _ لؤي لو سمع كلمة عمو لؤي دي مش بعيد يولع المحل بينا .


    رمقه زكريا بغيظ شديد و لم يكد يتحدث حتى وقعت عينه على شيء في الخارج جعله يترك الجميع ويخرج سريعا ......


    _____________________


    _ معرفش والله يا شيماء الموضوع تم من غير حتى ما اخد بالي فجأة لقتني مراته وعلى سريره و...


    صمتت فاطمة وقد أدركت للتو فقط ما قالته لتبتسم ماسة بخبث وهي تقترب منها بشدة تغمز لها بوقاحة :


    _ ايوة ايوة كملي ايه اللي حصل بعد السرير كملي اصلي بحب قلة الأدب .


    اخرجت شيماء صوتًا ساخرا من حلقها وهي تهمس لنفسها بسخرية :


    _ قال يعني البت محرومة ...ده هي ورشدي ما شاء الله ٢٤ ساعة قلة ادب قدامنا .


    ابتسمت ماسة وهي تستمع لحديث شيماء ثم مالت عليها وهي تهمس :


    _ بكرة تبقي أنتِ وهادي قلالات الادب كده يا شوشو و....


    قاطعتها شيماء وهي تصرخ بخجل شديد مبعدة ماسة عنها ..هي تعلم جيدا وقاحة ماسة لذا اوقفتها عن الحديث وفي تلك اللحظة فُتح باب غرفة شيماء بعنف لتدخل منه بثينة كما لو كانت في هجوم على أحد أوكار الإرهاب ....


    صرخت ماسة بفزع مصطنع وهي تبعد طرف البلوزة الخاصة بها عنها تنفخ فيها بخوف :


    _ تف تف تف يا ستير يارب ...يا قاعدين يكفيكم شر الجايين ...


    انهت حديثها وهي تضع يدها على قلبها تمثل الفزع بينما بثينة تجاهلتها كليا وهي تتجه صوبهم تجلس على الفراش جوار شيماء لتنهض ماسة وهي تقول بضيق شديد :


    _ هروح اشوف الشاي زمان ماما خلصته ...تطفحي حاجة يا بثينة ؟؟؟


    كادت بثينة تجيبها بحديث لاذع لكن ماسة لم تمنحها الفرصة فقد خرجت سريعا وهي تقول :


    _ طب يا جماعة عن اذنكم بقى اشوف الشاي لأن زي ما انتم عارفين إذا حضرت الشياطين بقى .


    انهت حديثها وهي تغلق باب الغرفة خلفها بعنف تاركة فاطمة خلفها ترمقها بعدم فهم لما فعلته لكنها أفاقت على حديث بثينة الهجومي المستنكر  :


    _ بجد اللي سمعته يا فاطمة ؟؟؟ أنتِ اتجوزتي الشيخ ؟؟


    __________________


    خرج زكريا بسرعة من المحل للشارع وهو يلمح بعينه ما جعل عروقه تنفر في جسده حيث كان هناك أحد الشباب يمسك فرج من ثيابه بعدما خرج من المحل  بطريقة مهينة يهزه بغضب شديد صارخا في وجهه ....


    انتبه كلا من رشدي وهادي للامر ليركض الاثنان سريعا جهة الشجار الذي يدور بين رفيقهم وذلك الشاب والذي كان الابن الأوسط لفرج من بين أبناءه الأربعة ...ففرج يملك اربع أبناء؛ ثلاث رجال وفتاة وجميعهم متزوجون ويعيشون في منازل مستقلة بعيدا عنه عدا ابنه الأكبر الذي يعيش معه في نفس المنزل هو وزوجته وأولاده .


    كان زكريا يمسك تلابيب ثياب ذلك الشاب بغضب جحيمي نادر الظهور على وجهه يصرخ وقد بدأت عروقه تنفر :


    _ بتمد ايدك على ابوك يا ندل ؟؟؟


    كان فرج يبكي كطفل صغير وهو ينظر بصدمة لابنه الذي جاء ناويا ضربه ...فجأة شعر فرج بأحد يسحبه لاحضانه والذي لم يكن سوى هادي الذي ضمه بحنان شديد مربتا عليه وقد شعر بقلبه يحترق جراء تلك الدموع وهو الذي لم يرى يوما وجه فرج حزين منذ ولادته كان دائما يمزح ويضحك حتى أضحى كرفيق له وليس رجل كبير في السن ...وكان هادي يعامله على هذا الأساس .. أن فرج صديقه ورفيقه الذي يمازحه ويضحك معه والان يبكي في أحضانه كطفل صغير ...


    _ وانت مال امك انت ؟؟؟ بتتدخل بيني وبين ابويا ليه !؟؟ 


    هكذا صاح الشاب وهو يدفع زكريا في صدره بغيظ شديد محاولا الوصول لوالده فهو جاء اليوم لأجل شيء ولن يذهب دونه ... اغتاظ زكريا من حديث الشاب وتبجحه فيه ليهبط بلكمة قوية عاد الشاب على إثرها لخلف بعنف يصيح في فرج الذي يختبئ في أحضانه هادي بخوف وقلة حيلة :


    _ بتتحامى فيهم ؟؟؟ مفكر هسيبك في حالك يعني ؟؟ ياراجل اعمل حاجة في دنيتك بدل التفاهة والعيشة المقرفة  بتاعتك دي ...ده إنت عايش ولا الاهبل .


    وعند تلك الجملة كان هادي يبعد فرج عن أحضانه منطلقا صوب الشاب بغضب شديد ممسكا إياه كما لو أنه يحضر لنهايته ...


    __________________


    لم تفهم فاطمة شيء من حديث بثينة وسبب كرهها الواضح لزكريا لتبادر بالسؤال :


    _ مش فاهمة ماله الشيخ ؟؟؟ 


    زفرت شيماء بحنق شديد وهي تعلم أن رفيقتها ستبدأ في بث كرهها لزكريا وقد تتسبب في جعل فاطمة تندم :


    _ مفيش يا فاطمة هي بثينة اساسا كان فيه زمان مشكلة بينها وبين زكريا ومن وقتها وهي ....


    قاطعتها بثينة بحقد وغضب شديد :


    _ لا فيه يا شيماء ...فيه أنها هبلة ومتخلفة عشان من بين كل رجالة الحارة تتجوز الشيخ زكريا ...ده متخلف ومتحكم في كل اللي حواليه ...مش بعيد يخنقها في عيشتها وبعدين نسيتي اللي سلامة عمله قبل كده ؟؟


    _ سلامة مين ؟؟؟ 


    تسائلت فاطمة بعدم فهم وهي تنتظر إجابة بثينة التي سارعت القول وهي تقص عليها :


    _ سلامة ده كان صاحب زكريا ورشدي وهادي زمان وكان من صنف الشيخ كده حرام ومش حرام ...ومرة مسك أخته ضربها وعدمها العافية وكان هيقتلها عشان شعرها بان من الحجاب في الشارع وبعدين اتجوز بنت عمه وخنقها في عيشتها وكان كل يوم يصبحها بعلقة ويمسيها بعلقة لدرجة البنت انتحرت في الاخر .


    شهقت فاطمة بفزع شديد تتخيل نهاية تلك الفتاة المأساوية لتسمع صوت شيماء التي هدرت بغضب شديد في بثينة بسبب حديثها السام ذلك :


    _ بثينة بطلي بقى هتخوفي البنت ...بعدين أنتِ عارفة كويس اوي إن زكريا مش زي سلامة ابدا بالعكس ده هو اللي كان دايما يحوش عنه أهل بيته لما الجنون يمسكه وكان دايما يخانقه وكمان هو قاطع سلامة لما شاف اللي كان بيعمله ...


    ثم نظرت لفاطمة وهي تربت عليها محاولة مسح كل ما سمعته منذ قليل :


    _ ما تاخديش على كلامها يافاطمة هي بثينة كده زي القطر مش بتعرف تفرمل في كلامها ...والله رشدي دائما يقولي مفيش احن من زكريا فيهم كلهم واطيب واحد واكيد أنتِ شوفتي ده بعينك .


    قاطع كل ذلك ماسة وهي تدخل للغرفة سريعا راكضة جهة شرفة شيماء صارخة : 


    _ الشباب بيتخانقوا تحت والموضوع شكله كبير اوي ...


    ركضت جميع الفتيات للنافذة وخلفهم فاطمة التي كانت كلمات بثينة تدور في علقها كالطاحونة غير راحمة إياها وهي حتى لم تتخطى ما حدث لها سابقا وها هي على مشارف أن تتعرض لنفس الشيء..... عنف وضرب .


    _______________


    كان هادي يضرب الشاب بعنف لم يخرج منه سابقا حتى في أكثر شجاراته شراسة متذكرا دموع رفيقه وشهقاته بين أحضانه حتى كاد يزهق روح الشاب بين يديه لولا زكريا الذي جذبه بعنف شديد بمساعدة فرانسو ورشدي الذي انطلق للشاب وجعله ينهض بغضب شديد وهو يصرخ في وجهه :


    _ اسمع ياض اقسم باللي خلقني وخلقك رجلك تدب ام الحارة دي مرة تانية انا هسيبك ليه وبعدها هتشرفني في الحجز سامع ؟؟؟؟


    لم يجيبه الشاب حيث كانت نظراته توجه لهادي وهو يبصق الدماء من فمه ببسمة مخيفة متحدثا بصوت خافت :


    _ لا راجل يالا ...بس هنشوف هتفضل كده لامتى؟؟؟


    تحرك هادي بعنف بين يدي زكريا وفرانسو وهو يصرخ به :


    _ تحب اوريك يا روح امك ؟؟ 


    ضحك الشاب بسخرية وهو يتجاهل صياح هادي ثم نظر لفرج الذي ينظر له بقلب مكلوم وموجوع عليه رغم كل ما فعله :


    _ مبسوط ؟؟؟ سيبت شوية كلاب عشان يضربوا ابنك ؟؟؟ ده انت راجل ابن ****


    ترك زكريا هادي فجأة وهو يندفع للشاب ضاربا اياه في وجهه صارخا فيه بغضب شديد :


    _ اقسم بالله ما فيه كلب غيرك يا حيوان يا عاق .....


    ابعد رشدي زكريا عن الشاب بصعوبة لا يود أن يتطور الأمر لأكثر من ذلك حتى لا يورط أصدقاءه في قضية أو ماشابه ليوجه حديثه للشاب بغضب شديد :


    _ اتفضل امشي من هنا لاحسن انا ماسكهم عنك بالعافية واياك تعتب الحارة تاني ...امشي 


    تحرك الشاب ببطء بسبب جروحه متوعدا للجميع برد الصاع صاعين ....تاركا خلفه فرج يبكي بحزن على ما حدث لابنه وما وصل إليه...


    ابعد هادي يد فرانسو عنه ثم اتجه صوب فرج وهو يضمه إليه مقبلا رأسه بحنان  :


    _ خلاص يا فرج ...اديني ضربتهولك ضرب مش بضربه غير للحبايب


    ثم انحنى قليلا هامسا في أذنه :


    _ اللي هما العرسان اللي كانوا بيجوا لشيماء .


    ضحك فرج من بين دموعه ليبتسم هادي وهو يشاكسه حتى يخرجه من حالته تلك :


    _ خلاص بقى امسح دموعك دي لتعدي ام اشرف وهي رايحة السوق وتشوفك كده فتصرف نظر عنك  ..


    تقدم زكريا لفرج وهو يمسح دموعه ثم سحبه من أحضان هادي جهة المحل :


    _ عشان قولتلك يا فرج اقعد افطر معانا ...مش لو كنت قعدت كان زمانا متعبناش هادي كده ؟؟؟


    ضحك فرج وهو يسير مع الشباب صوب المحل يتحسر في قلبه على ابنه الذي كاد يقتله فقط لأجل بعض الأموال .


    __________________


    دخلت فاطمة للمنزل بعدما تعللت بتعبها الشديد لتنفرد بنفسها تفكر جيدا في طريقة لتنجي نفسها من هذا الرباط الذي قيدها البارحة ...هي بالاصل كانت تود أن تنتهي منه في اسرع وقت وبعدما سمعت حديث بثينة أصبحت أكثر إصرارا على الأمر ...


    خرجت فاطمة من شرودها على صوت عمتها الكريه جانبها وهي تناديها :


    _ ايه مش سامعة ؟؟؟ بقالي ساعة بنادي ...


    نظرت فاطمة لعمتها بلا أي ملامح تدل على اهتمامها 

    لتتحرك عمتها جهتها وهي تمد يدها ببعض الأموال متحدثة بنبرة حانقة متأففة كعادتها :


    _ بقولك خدي روحي هاتي اااا.....


    توقفت نحمده عن الحديث بصدمة وهي ترى ردة فعل فاطمة الجديدة عليها كليا حيث قلبت فاطمة عينها بملل شديد متجها صوب غرفتها بعدم اهتمام :


    _ معلش يا عمتي انا تعبانة نزلي منار واهو على الأقل تخرج من الأوضاع بدل ما هي ٢٤ ساعة قدام تليفونها .


    اغتاظت نحمده كثيرا من حديث فاطمة لتركض جهتها ممسكة يدها تجبرها على النظر في وجهها وهي تصيح بغيظ شديد :


    _ بصيلي كده وأنتِ بتتكلمي يا ختي ...ايه هو اللي مش هتنزلي ده ؟؟؟ هو أنتِ يابت عشان لقيتي واحد يعبرك هتشوفي نفسك ولا ايه ؟؟؟


    صمتت تنظر لفاطمة من أعلى لاسفل باحتقار :


    _ بعدين بنتي مين دي اللي انزلها ؟؟؟ أنتِ نسيتي إن بنتي بتتعلم وبتذاكر مش زيك.... آخرك ثانوية عامة و.....


    توقفت نحمده عن الحديث بسبب انتفاض فاطمة وهي تدفعها للخلف صارخة بغيظ شديد :


    _ وهو ده بمزاجكِ ؟؟؟؟ قوليلي ده بمزاجي يعني ؟؟؟ بعدين بنتك مين دي اللي بتذاكر ما بلاش نضحك على بعض يا عمتي لاني عارفة كويس اوي بنتك بتعمل ايه وأنها بتكلم ش......


    توقفت عن الحديث بسبب صفعة عمتها التي هوت على خدها بعنف شديد جاعلة من دموعها تهبط بكت فاطمة بعنف شديد تتمنى لو تقتلها عمتها الآن حتى تتخلص من كل هذا العذاب الذي ملته ...هل يمكن أن يصل وجع الإنسان وعذابه لدرجة الملل ؟؟؟ ملت هذا العذاب وهذه الحياة ...والغريب انها بدأت تدخل في حالة تبلد .


    أفاقت فاطمة من شرودها ولم تعي بذلك الذي كان يضمها منذ دقائق قليلة صارخا بغضب شديد كاد يصيبها بالصمم في وجه عمتها ...


    كان زكريا يصعد الدرج الخاص بمنزل هادي بعدما جاء معه حتى يتجهز لصلاة الظهر وقد قرر عدم العودة للمنزل بسبب إضراب والديه .... ليمر من أمام منزل زوجته والذي كان بابه مفتوح ..لكنه كعادته وضع وجهه ارضا وهو يتجه صوب منزل هادي متجاهلا الأمر ناويا أن يمر عليها بعدما ينتهي مما جاء لأجله ....لكنه توقف فجأة حينما سمع صراخ يأتي من داخل المنزل والذي كان واضحا جدا أن المعنيّ بالأمر هي زوجته ...استمع لصراخ عمتها المتسلطة ...حاول تمالك نفسه مذكرا إياها أنها عمتها في نهاية الأمر و.....

    توقف عن ذلك التفكير وهو يستمع لصوت صفعة عنيفة يتبعها شهقات عنيفة جعلته يتخلى عن كل هدوءه وصبره ويقتحم المنزل على غير عادته وهو ينطلق سريعا لزوجته ساحبا إياها لاحضانه بحنان شديد موجها نظراته المشتعلة لعمتها صارخا في وجهها وقد هاله أن يرى اثر الصفعة على وجنتها :


    _ حضرتك بأي حق تمدي ايدك عليها ؟؟؟ 


    صدمت نحمده من وجوده لكنها حاولت أن تتماسك أمامه وهي تصرخ في وجهه بالمقابل :


    _ وانت مالك انت ؟؟؟ بنت اخويا وبربيها 


    _ وتبقى مراتي برضو ....اللي حضرتك ضربتيها تبقي مراتي 


    كان زكريا يصرخ بشكل مرعب يحاول أن يحتفظ بجزء من هدوءه فمن أمامه سيدة كبيرة في النهاية ...


    تشنجت نحمده وما كادت تجيب حتى قاطعها زكريا وهو يشدد من ضمه لفاطمة بينما يده تتحرك بحنان على رأسها دون شعور منه :


    _ قسما بربي اللي مش بحلف بيه كذب إن حد هوب ناحيتها تاني ما هيلاقي مني اي احترام وهخليه يندم ....


    نظرت له السيدة بنظرات متحدية وكأنها تخبره " ارني ما لديك " ..


    ابتسم زكريا بشكل مخيف وهو ينادي :


    _ هــــــــــادي 


    اجابه هادي الذي يقف على الباب من الخارج :


    _ نعم يا زكريا 


    تحدث زكريا وعينه ما تزال موجهه لنحمده :


    _ الشقة دي الست ام فاطمة مأجراها ولا اشترتها منك ؟؟؟ 


    _ مأجراها بس ليه ؟؟؟


    ابتسم زكريا بسمة جانبية وهو يجيبه و يبدو أن رسالته وصلت لنجمده التي تراجعت في نظراتها :


    _ مفيش اصل كنت بفكر اشتريها منك وتكون مهر فاطمة .


    بالطبع لم يكن هذا قصده بل كان يود أن يوصل لنحمده أنه قادر وبسهولة على الزج بها هي وابنتها في الشارع ولتذهب وتبحث عن سكن آخر...


    ربت زكريا بحنان أكثر على ظهره فاطمة وهو يتحدث بهدوءه وقد عاد إليه أخيرا :


    _ ده اقل حاجة أقدمها لفاطمة ....ولا ايه رأيك يا عمتي ؟؟؟ 


    ابتلعت نحمده ريقها ولم تجيبه...


    كانت فاطمة في عالم آخر وهي تشهد ما يحدث وكأنها تشاهد مشهدا سينمائيا ما لا تفهم شيء ...هل حقا دافع عنها للتو ؟؟؟ وما هذا الشعور الغريب الذي شعرت به ؟؟؟ هل يعقل أن يكون الشعور المسمى بالأمان ؟؟؟ حقا لا تعلم فهي لم تجربه يوما .


    ابتسم زكريا وهو يستمع لصوت منيرة التي جائت للتو من الخارج وهي تمسح قطرات العرق التي تزين جبينها حاملة حقيبة كبيرة مليئة بالمشتريات ...حملها هادي سريعا عنها وهو يدخل للمنزل لتبتسم له منيرة بامتنان ثم تفاجئت بوجود زكريا الذي يعانق ابنتها بشكل غريب :


    _ زكريا ؟؟؟ انت هنا من امتى يابني ؟؟؟


    ابتسم زكريا وهو يبعد فاطمة عنه بهدوء ثم نظر لمنيرة واتجه لها مقبلا يدها باحترام لتبتسم منيرة بسعادة كبيرة وقد شعرت للتو أنها كسبت ابن وسند لها ...وصل صوت زكريا لها وهو يجيبها سريعا :


    _ مفيش يا امي انا بس كنت جاي ابلغ فاطمة اني بليل هاجي أخدها ونروح عند بثينة لان فيه عريس جاي ليها انهاردة .


    صدمت فاطمة من حديثه ...اي عريس هذا ؟؟؟ فهي للتو كانت مع بثينة ولم تخبرها شيء ..


    ابتسمت منيرة وهي تجيبه بسعادة :


    _ اكيد يابني دي مراتك دلوقتي  


    ابتسم لها زكريا ثم استدار لفاطمة وتحدث بشيء سريع خطر على باله :


    _ وكمان بعد اذنك لو تسمحيلي بعدها اخدها ونروح اي كافيه و...


    ترك زكريا كلماته معلقة وهو يفرك رقبته بإحراج ثم سارع بالتحدث :


    _ شوية كده والجمعة هتأذن وبعد صلاة الجمعة انا هشهر جوازنا عشان الكل في الحارة يعرف .


    ابتسمت له منيرة وهي تربت على يده بحنان :


    _ ربنا يباركلك يا حبيبي ...مفيش مشكلة يبقى خدها وأخرجوا شوية .


    ابتسم لها زكريا ثم استأذن وخرج سريعا لهادي متجها مع للشقة الخاصة به تاركا فاطمة تنظر بحنق لوالدتها بسبب موافقتها على ذلك الأمر وهي اخذت تشير لها بالرفض .


    ________________


    _ عريس ؟؟؟ عريس مين ده إن شاء الله ؟؟؟


    صاحت بثينة بغضب شديد في وجه والدتها التي حدثها هادي منذ قليل قبل ذهابه للصلاة عن أمر العريس الذي تقدم لها...ويود الحضور اليوم لأجل خطبتها .


    _ معرفش مين هو هادي اللي قالي أنه جاي انهاردة و هنشوفه بس هو صاحبه يعني وبيقول إنه عارفة ... وإنه كويس وابن حلال ..


    انكمشت ملامح بثينة بغضب جحيمي وهي تهدر :


    _ نعم !؟؟؟؟ جاي انهاردة ؟؟؟؟من غير ما تاخدوا اذني ؟؟؟؟ هو ايه أصله ده؟؟


    زفرت والدتها بحنق شديد وهي تنهض تاركة إياه متجهة صوب المطبخ تعد لسهرة اليوم :


    _ والله انا معرفش لما يجي يبقى نشوف واللي فيه الخير يقدمه ربنا ...


    انهت حديثها تاركة بثينة تكاد تحترق حية في الخارج متعودة لذلك القادم اليوم بالويل .


    _________________


    أنهى الامام صلاة الجمعة ثم أخبر الجميع بالانتظار وبعدها بدأ في اشهار زواج زكريا على فاطمة لتنهال المباركات من جميع المصلين على زكريا بينما كان هادي يستند بظهره على أحد الأعمدة بحنق شديد يلعن ذلك الفرانسو الغبي فهو كان من المفترض أن يذهب لخطبة شيماء اليوم بشكل رسمي ويحدد موعد عقد القرآن، لكن مجئ ذلك الغبي حال دون ذلك ...


    كان رشدي يكتم ضحكته على ملامح هادي بصعوبة شديد وهو يربت على كتفه مواسيا :


    _ معلش يا هادي يا حبيبي اصبر يا غالي يبقى نعملك خطوبتك مع بثينة ايه رأيك ؟؟؟


    ابعد هادي يد رشدي عنه بغيظ شديد ثم تركه واتجه صوب زكريا يبارك له وتبعه رشدي الذي ضم زكريا بحب شديد و ايضا لؤي الذي كان يستقبل المباركة من جميع رجال الحارة .


    بينما عند النساء كانت فاطمة تجلس في غرفتها وقلبها يخفق بعنف لسماعها اسمها وقد اقترن بزكريا لتغمض عينها بتعب لا تعلم نهاية ماتعيشه متجاهلة ذلك الشعور الذي خلفه عناق زكريا اليوم .


    _________________


    في المساء :


    كانت بثينة تقف أمام المرآة وهي تنظر لنفسها بغيظ شديد تكاد تحترق لا تصدق حقا ما آل إليه حالها ...هل ستتزوج من رجل آخر غير هادي ؟؟؟حسنا هذا سيحدث فقط في حالتين ..اما على جثتها أو جثة ذلك العريس المزعوم القادم ...والمتوقع أن تكون جثته هو .


    خرجت من شرودها على صوت شيماء وهي تقول ببسمة واسعة :


    _ حبيبة قلبي قمر ماشاء الله ده العريس عقله هيطير ...


    _ هو صحيح اسمه ايه يا بوسي ؟؟؟


    هكذا تسائلت فاطمة بتعجب شديد لتبتسم بثينة بسخرية كبيرة :


    _ لسه متشرفناش بيه بس قريب ه‍....


    توقفت بثينة عن الحديث بسبب صوت الزغاريد الذي ملء الغرفة وصوت ماسة يصدح في المكان مهلل بصخب :


    _ يا الف نهار ابيض يا الف نهار مبروك ...بوسي هتتجوز ؟؟؟ دي القيامة هتقوم يا جدعان .


    انهت حديثها وهي تجذب بثينة لاحضانها بعنف تقبلها بشدة على كلا الجانبين أكثر من مرة كالنساء الكبيرات في السن لتتغضن ملامح بثينة بغضب شديد تشعر بسخرية ماسة منها .


    ابتعدت ماسة وهي تقول ببسمة واسعة :


    _ طب والله يا بوسي وماليكِ عليا حلفان فرحتي فيكِ كبيرة اوي ياقلبي .....ربنا يعمر بيته يارب اللي فكر يخلصنا منك .. ربنا يوفقه يارب ويكفيه شرك.


    احمر وجه بثينة بغضب شديد وكادت تتحدث لولا شيماء التي جذبت ماسة بعيدا عن وجه بثينة قبل أن تنفجر .


    ________________


    كان هادي يجلس وهو يحترق بشدة فمن المفترض أن يكون هذا يومه هو ليطلب يد شيماء لكن ...لا كيف ينتظر الاستاذ فرانسو ...فليحترق هو لا بأس لكن فرانسو ابدا لن ينتظر ثانية فمن الممكن أن تترك بثينة عشها وتطير بعيدا .


    نكز رشدي هادي في خصره بغيظ شديد ليتحدث :


    _ خلاص يا هادي خلاص يا حبيبي الواد يا عيني تقريبا فكر أنه قتلك قتيل من بصاتك خف شوية .


    التوى ثغر هادي بحنق شديد وهو ينظر لفرانسو من أعلى لاسفل بغيظ شديد لينتبه له فرانسو :


    _ فيه حاجة يا هادي يا حبيبي ؟؟؟ معجب ولا ايه ؟؟؟


    نفخ هادي بسخرية لاذعة ثم قال بوقاحة :


    _ لا يا حبيبي مليش في الدقن والشنب .


    ابتسم فرانسو وهو يعتدل ثم نظر لخاله رمزي (والد احمد رمزي _ الخال الاصغر لفرانسو )  وهو يقول :


    _ خالو لو مش هعطلك ممكن تسيب كوباية القهوة وتتكلم ؟؟؟


    _ اصبر فاضل بق .


    اغتاظ فرانسو وهو يتحدث بحنق :


    _ بق ايه يا خالو هو إنت في قهوة ...ومستحرم البق يضيع عليك ؟؟؟


    نظر له رمزي وهو يتحدث بهدوء شديد مرتشفا كوب القهوة الخاص به :


    _ الاه ؟؟؟ يعني اسيب الكوباية  فيها شوية عشان سكان البيت يبوروا ؟؟؟؟


    تحدث هادي بحنق شديد :


    _ يبوروا ايه بس يا حاج ؟؟؟ امال إنت جاي لمين ؟؟؟ ولا يكونش مرات عمي الله يرحمه القطر هيفوتها ؟؟؟ ما تشوف خالك يا عم فرانسو .


    نظر فرانسو بحنق شديد لخاله :


    _ يعني مش كفاية بتشرب قهوة في قعدة خطوبة ولا كأنك في عزا لا وكمان جايب لينا الكلام ...يا رتني كنت جبت خالي مجدي ( الرجل الذي ظهر مع فرانسو عندما خُطف زكريا ورفاقه ) 


    تحدث زكريا وهو يضحك بعنف على ملامح هادي المغتاظة من كل ما يجري :


    _ ومجبتهوش ليه طيب ؟؟؟


    أشار فرانسو لخاله بغيظ شديد :


    _ هو اللي شبط فينا وكان لازم حد يقعد في البيت عشان معاد متابعة والدتي .


    _ شفاها الله وعفاها .


    ابتسم فرانسو لزكريا بهدوء ثم تنحنح وقد قرر أن يتحدث هو فيبدو أن رمزي قد نسيّ لما جاء من الأساس :


    _ طب يا هادي انا سبق وبلغتك بطلبي خليني ابلغك تاني .


    تنفس فرانسو بهدوء ليتحدث لكن قاطعه احمد وهو يرفع يده بغباء :


    _ ممكن اتكلم  ؟؟؟ 


    رمقه الجميع بتعجب ليتحدث رشدي بسخرية :


    _ ما تتكلم يا بني إنت في فصل ولا ايه ؟؟؟ 


    ابتسم له احمد مشيرا للمشروبات أمامه :


    _ هو انا بس كنت عايز سڤن اب مش بيبسي عشان مش بحبه وياريت لو فيه تلج اكون شكور ليكم .


    دفع هادي فرانسو بغيظ شديد وهو يقول :


    _ خد خالك وابن خالك وغور  مش عندنا بنات للجواز ..


    ثم نظر لرشدي الذي كان يضحك بعنف شديد وهو يقول :


    _ استنى يا رشدي اجيب الخلاط واجي معاك نشوف حواري مع اختك ...اياكش اتجوزها قبل الخمسين 


    امسك فرانسو يده وهو يضحك بشدة :


    _ معلش امسحها فيا بص يا سيدي نادي العروسة اشوفها وخلينا نخلص .


    نفض هادي يده وهو ينظر لزوجة عمه قائلا بضيق :


    _ نادي بثينة يا عمتي خلينا نخلص .


    تحركت سريعا عمته لتحضر ابنتها تاركة الجميع يضحك على تصرفات عائلة فرانسو متذكرين ما فعله هادي برشدي ليبدو الأمر وكأنه يُرد له ما فعله .


    دخلت بثينة رفقة والدتها دون حتى أن ترفع عينها في أحد ليتحرك هادي مشيرا للجميع بالقدوم مع للخارج ليتركوا لهما فرصة للتحدث سويا 

    ____________________


    انتظرت بثينة حتى خرج هادي لتنظر بعدها لذلك الشاب من أعلى لاسفل بسخرية ثم ابتسمت بسمة مستهزئية وهي تشير له باستحقار شديد :


    _ انت .


    أشار فرانسو لنفسه وهو يصطنع الغباء :


    _ انا ؟؟؟


    ابتسمت له بسمة مقيتة وهي تهز رأسها مشيرة للخارج :


    _ حالا تاخد نفسك وعيلتك اللي قاعدة برة دي وتقولهم محصلش نصيب سامع ؟؟؟


    ابتسم لها  وهو ينهض يهز رأسه بموافقة متحركا من جانبها يقول بكل هدوء ونبرة غير مهتمة :


    _ حاضر وبالمرة بقى وانا خارج أبلغ رشدي مين السبب في إن مراته تتهدد من شاب ومين اللي عطى الشاب رقم مراته والصور بتاعتها ....مش رشدي برة برضو ؟؟؟


    شحبت ملامح بثينة وشعرت كما لو أن الاكسجين قد فرغ من حولها وهي تستمع لكلمات ذلك الشاب لتنهض بفزع مستديرة له وهي ترمقه بصدمة :


    _ انت...انت ازاي ؟؟؟


    ابتسم لها فرانسو ثم اقترب منها وهو يقول ببسمة خبيثة تنافس خباثة بثينة :


    _ها يا قمر تحبي أخرج واكسب ثواب في رشدي المسكين ولا استر عليكِ من باب إنك مراتي والمك واعلمك الادب ؟؟؟؟؟


    ورغم كل النيران التي اشتعلت في رأس بثينة إلا أنها نظرت له بشر كبير وهناك بسمة مخيفة ارتسمت على وجهها :


    _ فاكرني بتهدد؟؟؟؟ لو عايز أخرج وقولهم بس وريني مين اللي هيصدقك.... كلمتي قصاد كلمتك .


    ابتسم فرانسو لها ثم أخرج هاتفه وقال وهو يلوح له في وجهها :


    _ تؤ تؤ كلمتك قصاد صوري .


    ________________


    دفع زكريا بالباب الزجاجي الخاص بأحد الكافتيريات وهو يدعو فاطمة بيده أن تتقدم للداخل ...فقد استأذن من هادي ورحل مع فاطمة راغبا في الجلوس معها قليلا والتحدث في القادم من حياتهما سويا ويوضحا جميع الأمور فهما حتى الآن لم يجلسا سويا ويتحدثا ابدا .


    وجد زكريا المقهى مزدحم في الاسفل لذا كاد يلتفت ويرحل لولا صوت النادل الذي ناداه وأخبره أن هناك دور علوي فارغ وهادئ ...ابتسم له زكريا بهدوء ثم تحرك لتتحرك فاطمة خلفه حتى قادهما النادل لأحد المقاعد البعيدة الهادئة والتي تجاور حائط زجاجي طويل يطل على المكان بالاسفل في منظر جميل حيث الانوار والأضواء الخاصة بالمحلات المحيطة ..


    _ المكان حلو هنا صح ؟؟؟


    حاول زكريا فتح حوار مع فاطمة والتي يبدو واضحا جدا أنها أتت هنا مجبرة ...حسنا هو بالفعل يعلم أنها هكذا لذا لم يهتم كثيرا و نظر صوب النادل الذي أتى ليأخذ طلباتهم :


    _ تاخدي ايه ؟؟؟


    لم تجب فاطمة عليه ليغتاظ منها بشدة ثم طلب بعض السندوتشات والايس كريم والعصير لها وطلب له هو عصير فقط .


    لم تعره فاطمة اهتمام وهي تفكر فيما سيحدث في حياتها القادمة ليتحدث هو متعجبا هذا التجاهل :


    _ ممكن نتكلم ؟؟؟


    _ هممم


    استفزت زكريا وبشدة من تصرفاتها معتبرا إياها وقاحة شديد منها ليتحدث محاولا أن يتمسك بهدوءه حتى لا يعلو صوته ...فليس هو من يتحدث مع امرأته بطريقة وقحة أمام أحد ولا حتى أمام نفسه :


    _ معلش ممكن افهم ليه الطريقة دي في التعامل ؟؟؟ انا بدر مني اي شيء خطأ ؟؟؟


    لم تجبه فاطمة لثوانٍ تزامنا مع قدوم النادل ووضعه الطعام ...فأخذ زكريا يقرب منها كل شيء تاركا فقط كوب عصير أمامه وهو يقول بخفوت :


    _ كلِ لو سمحتِ عشان م.....


    _ إنت هتضربني امتى ؟؟؟؟


    وكان اغبى سؤال قد يخرج من فم إنسان يوما لكن في الحقيقة فاطمة لم تكن تقصد أن يخرج بتلك الصيغة البلهاء وكأنها مشتاقة للضرب لكنها كانت تقصد أن تعلمه أنها تعرف كل شيء عنه متسائلة متى سيأخذ دوره في ذبحها بالبطئ ...فيبدو أن هذا مصيرها تنتقل من تلك اليد لتلك اليد .


    ورغم صدمة زكريا الكبيرة من سؤالها ذاك إلا أنه حمل كوبه وهو يرتشف منه بعض الرشفات الصغيرة متحدثا بجدية كبيرة :


    _ بعد الاربعين بأذن الله ....نكمل اربعين يوم متجوزين واحطلك جدول محترم كده ونبدأ ضــرب على بركة الله ...وأنتِ وشطارتك بقى يعني لو صوت صريخك عجبني ممكن ابدأ اجـــلـــ.دك .


    فتحت فاطمة فمها ببلاهة شديد لاجابته مبتلعة ريقها برعب طفولي غبي :


    _ تجــ.لدني ؟؟؟


    ارتشف زكريا المزيد من العصير الخاص به وهو يهز رأسه :


    _ اممم ومع الوقت باذن الله هتترقي و توصلي لمرحلة الكهربا وندخل في المتعة السادية الخاصة بيا بقى ...هسرق كبل كهربا من العمود اللي جنب البيت وافضل اصعق فيكِ بقى .


    ابتسم وهو يضع الكوب على الطاولة متحدثا وكأنه سادي بالفعل يستمتع بالتعذيب :


    _ هكهربك مرة قبل الاكل ومرة بعد الاكل زي الدوا كده ...و لو ربنا كرمك وعيشتي هجيب طشت ( طبق كبير ) وأغطسك فيه لغاية ما تبقللي ...


    _ ابقلل ؟؟؟


    ابتسم زكريا اكثر وهو يهز رأسه :


    _ وهجيب لؤي يفس البقاليل اللي هتخرج منك أصله بيحب يفس اوي .


    فتحت فمها وعينها بصدمة ليضيف زكريا بسرعة :


    _ البقاليل ...بيحب يفس البقاليل .


    تحدثت فاطمة بسخرية شديدة من الأمر :


    _ انت بتتريق صح !؟؟


    ابتسم زكريا باستخفاف :


    _ أنتِ شايفة ايه ؟؟؟


    لم تجبه فاطمة ليقترب منها زكريا وهو يميل على الطاولة ليصل لها ثم همس لها بنبرة مخيفة :


    _ اكيد بهزر طبعا يا فاطمة بس قوليلي بقى مين ده اللي وصلك فكرة اني ممكن في يوم امد ايدي على ست ؟؟؟ لا وكمان مراتي ؟؟؟


    ______________


    _ ولو رفضت الجواز ؟؟؟


    ابتسم فرانسو وهو يهز كتفه بعدم اهتمام :


    _ طبعا مقدرش اجبرك لاني جنتل مان زي ما أنتِ شايفة ....ولاني جنتل مان فأنا ضميري بيحتم عليا اقول لرشدي على اللي بيهدد مراته. 


    احمرت عين بثينة بشدة وهي تنظر له بشر مرددة من بين أسنانها :


    _ مش فاهمة انت مصر ليه ؟؟؟ اكيد طبعا مش من حبك فيا ؟؟


    _ وأنتِ شايفة إن فيكِ حاجة تتحب !؟؟؟؟


    لم تجب بثنية وقد صدمت من رده الوقح ليكمل هو بخبث وهو يبتسم بسمة لم ترحها اطلاقا :


    _ كل الموضوع اني عايز واحد تقبل تتجوز بيا بدون اي اعتراض .


    نظرت له بثينة من أعلى لاسفل بتعجب فحتى وإن كانت ترفض الزواج به فهي لا تنكر أنه شبه خالي من العيوب فهو حسن المظهر بتلك الملامح الأجنبية وأيضا يبدو من ثيابه أنه ميسور الحال إذا ماذا حدث ليضطر إلى تكبد كل هذا العناء من أجل الحصول على زوجة ....وأتى جوابها سريعا وهي تستمع لجملته التالية التي ألقاها بلا أدنى اهتمام في وجهها :


    _ محتاج واحدة تقبل تتجوزني وتربي ابني ....


    ابتسم بخبث يراقب صدمتها وقد حقق مراده ليهمس مكملا حديثه الخبيث :


    _ وطبعا مش هلاقي حد في ادبك و طيبتك تربيلي ابني ...ها قولتي ايه يا بوسي ؟؟؟؟


    دمتم سالمين

    شيخ_في_محراب_قلبي

    السابع_عشر


    ‏"والله لتعجَبنَّ

    كيف يُقلِّب الله الموازين

    لأجل دَعواتك" ❤️


    صلوا على النبي ❤️


    _____________


    انطلقت ضحكة بثينة الخافتة بعض الشيء حتى لا يسمع أي شخص من الخارج ذلك وهي تردد بسخافة كبيرة لذلك الأجنبي اللعين الذي يقف أمامها مهددًا إياه :


    _ وياترى بقى حابب القمور الصغير يبقى ايه ؟؟؟ شمام ولا حرامي ؟؟؟


    ابتسم فرانسو متجاهلًا سخريتها وهو يجيبها بكل جدية :


    _ على ذوقك بقى ..عايز عقربة صغيرة زيك كده .

    بعدين مين عارف مش يمكن اربيكم سوا واكسب ثواب فيكِ ؟؟؟


    ابتسمت بثينة بسمة مجنونة بعض الشيء :


    _ اممم وياترى المفتش كرومبو ميعرفش انا ممكن اعمل ايه في اللي يقف قدامي ؟؟؟ 


    هو رأسه بإيجاب مجيبا إياها بكل برود :


    _ صدقيني مفيش حد يعرف قذارتك قدي يا روحي .


    اغتاظت وبشدة وهي تنهض وقد تخلت عن برودها غير متحملة لذلك الشخص أمامها لتهدده صراحة :


    _ شكلك اهبل اسمع بقى يا عسل إنت اللي قدامك دي اساسا واحده مجنونة يعني توقع اي حاجة مني لاني صدقني لو عملت اللي في دماغك ده مش هسيبك تتهنى يوم في حياتك واديك بنفسك شوفت انا ممكن اعمل ايه !؟؟؟


    ضحك فرانسو وهو يتحدث بحاجب مرفوع :


    _ لا هو انا مقولتلكيش ؟؟؟؟ اسكتي مش انا دكتور نفسي  اساسا ...اه والله يعني كل حالات العبط دي انا تعاملت مع اسوء منها واكتر يا عسل انا كنت مخصص طبيب للحالات المستعصية في اخطر السجون فمش هتيجي واحدة بريالة زيك تخوفني في الاخر .


    كانت بثينة تنظر له بصدمة كبيرة له ولحديثه ليكمل هو بشر مشيرًا لشعره الذي يرفعه بعيدًا عن عينه :


    _ ميغركيش الشعر السايح ولا العيون الملونة دي ...ده انا قضيت في السجون مع المجانين اكتر ما قضيت مع اهلي .


    أنهى حديثه يرمق ملامح وجهها التي كانت تتغير من الصدمة للغضب للسخط الشديد :


    _ بردو مش فاهمة اشمعنا انا ؟؟؟ اصل إنت مش جاي تتقدم لحفيدة الشعراوي فمتقنعنيش انك عايزني اربي ابنك .


    ابتسم لها وهو يقترب منها بشكل خطر ثم همس جوار أذنها :


    _ رغم كل اللي فيكِ يا غالية إلا إن دماغ الأفاعي اللي عندك دي عجباني...عندك حق هو ابني سبب من الأسباب وباقي أسبابي هحتفظ بيها لنفسي .


    أنهى حديثه مبتعدًا عنها يرمق عينها بسخرية كبيرة ثم تحدث قبل أن يعود ويجلس مكانه بكل هدوء كما كان يفعل قبل قليل متحدثًا عن نفسه وكأنه لم يكن واقفا للتو يهددها :


    _ انا مطلق وطبعا زوجتي احتفظت بابني بسبب حقها في الحضانة وعشان اعرف اخد ابني منها وطبقا للقوانين في فرنسا لا يجوز اني اكون اب عازب عشان كده قررت اني اتجوز وهاخدك عشان أثبت اني متزوج وأحق بابني من أمه المهملة ....


    صمت ينتظر ردة فعل منها على ما يقول لكن لا شيء كان وجهها خاليًا من الملامح تمامًا تشعر كمن فقدت الحياة هل ضاع كل شيء فجأة؟؟؟ خسرت هادي وكل شيء ؟؟؟ والان هي مجبرة للتزوج بشخص لا تعلم عنه شيء بالإضافة لكونه مطلق ولديه ابن أيضا ....يا للسعادة التي تعيش بها .


    خرجت من شرودها على صوته وهو يحدثها بهدوء شديد وبسمة تزين ثغره :


    _ طبعا انا بلغت هادي بكل ده وهو تفهم وقال إن الأمر معتمد على موافقتك بس فزي الشطورة لما يدخل دلوقتي ويسألك رأيك تعملي نفسك مكسوفة زي اي بنت عندها دم وتمشي على اوضتك وتسيبي الباقي ليا .


    _____________________________________


    اطالت فاطمة النظر في عين زكريا حتى شعرت بالخجل فجأة ونظرت بسرعة للاسفل تحاول اخفاء ارتجاف صوتها :


    _ هو يعني ...مفيش حد بس عشان انت يعني ...


    صمتت ولم تعلم ماذا تقول هي بالطبع لا يمكنها أن تخبره أن بثينة من قالت ذلك فكما علمت من شيماء هم بالفعل ليسوا على وفاق كما أنها تخشى تأثر علاقته بهادي إن علم أن ابنة عمه تخيفها من زوجها وهي في الأصل لم تعلم أهي محقة ام مخطئة ولا يمكنها الحكم على زكريا من الآن لذا حاولت أن تشتت أفكاره ....سمعت صوته يقول بهدوء شديد وبسمة غريبة على وجهه :


    _ عشان ملتحي ولا عشان بيقولوا عليا شيخ ؟؟؟


    ابتلعت فاطمة ريقها وهي تهز رأسها بنعم فهذا اهون من قول الحقيقة ...ابتسم لها زكريا وهو يدفع الطعام جهتها أكثر متحدثًا برفق شديد :


    _ طب كلِ الاول أنا طلبت الاكل ليكِ .


    نظرت فاطمة في عينه بتعجب وتلك النبرة الحنونة التي يتحدث بها دائما تحرك قلبها بعنف شديد .


    ابتسم زكريا لرؤيته كل تلك المشاعر المتتابعة على وجهها فهذه الصغيرة ليست ظاهرة ابدًا في إخفاء ما تشعر به ...ودون أن يرتب للأمر وجد نفسه يمد يده ممسكًا بخاصتها لتجفل هي دون شعور .


    ابتسم لها وهو يشدد ضغطه على يدها متحدثا بهدوء :


    _ أنتِ شايفة اني متشدد لدرجة اني اضرب نساء وتحديدًا زوجتي ؟؟؟ 


    لم تعلم فاطمة كيف تجيب عليه فهي في الأساس لك تخطط لاي من هذا ...لذا صمتت ليكمل هو :


    _ للاسف احنا عايشين في زمن إن الملتحي أو المتدين ارهابي ...والمنتقبة سارقة وبتخطف اطفال ...تخيلي معايا سُنة الرسول حولّنا معناها السامي لمعاني بشعة بالشكل ده .


    ابتلعت فاطمة ريقها وحاولت التحدث :


    _ انا مش قصدي على فكرة هو بس . ..


    قاطعها زكريا وهو يتنهد بخفوت :


    _ فاطمة انا فاهم كل حاجة بس صدقيني قاعدة التعميم دي مش كويسة ابدا بلاش دماغك توديكِ لاني ممكن في يوم ابقى متزمت في ديني أو اتحكم فيكِ ...انا اه هتحكم فيكِ بس في حدود الدين يا فاطمة ومش هيكون تحكم بمعناه الحرفي لا انا هنصحك وهحاول اني أبين ليكِ كل جوانب الشيء اللي بحاول اقنعك بيه ...والله لو اقتنعتي يبقى خير وبركة مقتنعتيش ...اكيد مش همسكلك الكرباج واضربك هحاول مرة  واتنين وتلاتة.


    صمت يراقب ملامحها ثم رفع يدها أمام وجهه يضمها بكلا كفيه متنهدا :


    _ عمري في حياتي ما هكون سبب في إني ابكيكِ. خليكِ متأكدة من كده يا فاطمة .... إن طول ما فيا نفس هعاملك بما يرضي الله وبما يأمرني به ديني وأنتِ اكيد عارفة ديني بيأمرني بايه ؟؟؟ ده أنتِ وصية الرسول يا فاطمة .


    ____________________


    كان كل شيء حولها يحدث وهي تجلس فقط تشاهد كما لو كانت مجرد مشاهد وليست المعنية من كل شيء فها هو خاتمه يزين بنصرها بعدما اخبر هادي أنها وافقت وأنه يود أن يجعلها ترتدي خاتمه الآن وقد أحضره معه ....ذلك اللعين جهز لكل شيء لكن مخطئ إن ظنها قد استسلمت فهو جعلها أكثر إصرارا على تنفيذ ما كانت تخطط له منذ وقت ...هي ستبعد شيماء ونهائيا عن هادي وتفسخ خطبتها من ذلك الغبي ثم تتزوج هي بهادي .


    خرجت من شرودها على صوت قرب أذنها ولم يكن سوى صوت تلك اللعينة الآخرى التي لم تأخذ بثأرها منها حتى الآن ...


    انحنت ماسة على بثينة مدعية أنها تبارك لها لتهمس في أذنها :


    _ مبارك يا بوسي يا قلبي اخيرا لقيتِ واحد يلمك بعد ما كنتِ كل شوية تتبعتري على واحد وياريتك فلحتي ...يا حبة عيني كل واحد تحطي عينك عليه يبقى نصيب غيرك يا مسكينة ...معلش اديكِ هتتجوزي ونخلص منك ..


    انهت حديثها وهي تستقيم مطلقة زغرودة عالية رنّ صداها في المكان كله لتلمح بعينها رشدي الذي ابتسم لها بحب لتبادله البسمة وهي تغمز له بشقاوة جعلت ضحكته تعلو المكان ..


    بينما هادي كان كل ثانية وأخرى يوجه بسمة لشيماء بغباء شديد وهي تخجل وتخفض نظرها ارضا ...


    وكل ذلك تحت انظار بثينة التي توعدت للجميع بالويل فا هم جميعا سعداء وهي فقط التعيسة هنا ....حسنا اللعبة لم تنتهي بعد .


    _________________


    مرّ يومان على كل تلك الأحداث وقد عاد الجميع لعمله وحياته الطبيعية وكذلك فعل زكريا الذي عاد للتدريس مجددا مع بدأ العام الدراسي الجديد لكن هذه المرة في مدرسة بنات وليس التي كان بها قديما والتي كانت للصبية...


    تحرك زكريا في أحد ممرات المدرسة متجها صوب أحد الفصول وعندما وصل له استمع إلى صوت غناء و ضحكات عالية ليتجه صوب الباب يطرق عليه ثم ابتعد بعدها معطيّا ظهره لهم حتى تعود كل فتاة لوضعها وحتى لا يضع أي فتاة في موقف حرج .


    انتظر زكريا خمس دقائق ثم توجه للفصل بأقدام ثابتة وبسمة بسيطة مرتسمة على وجهه ملقيا السلام على الفتيات ليجبن بصوت منظم مرتب معا .


    ابتسم زكريا لهن ثم تحدث بهدوء شديد متحدثا لهن بكلمات حذرة مختارة :


    _ اولا كل عام وانتم بخير ...ثانيا خلوني اعرفكم بنفسي ..انا الاستاذ زكريا اللي هدرس ليكم اللغة العربية هذا العام واتمنى تكون سهلة وشرحي يكون ميسر ليكم ....ودلوقتي خلونا نتعرف سريعا قبل ما نبدأ شرح ...


    بدأت الفتيات في التعريف عن أنفسهن لزكريا الذي كان يهز رأسه محاولا حفظ جميع الاسماء حتى جاء دور إحدى الفتيات التي شعر كما لو انه رآها سابقا لكن أين؟؟ وهو في حياته لم يرفع عينه في فتاة خارج حدود تلك الجدران إلا في والدته و زوجته مؤخرا ..


    نهضت الفتاة تعرف عن نفسها ببسمة مريبة بعض الشيء :


    _ منار احمد .


    انهت منار تعريف نفسها لتجلس بعدها وتنهض التي تجاورها لتعرف عن نفسها بعد أن أدرك زكريا أين رآها فتلك هي الفتاة التي كانت تهبط من عمارته 

    وايضا هي قريبة لفاطمة فذلك اليوم نادتها فاطمة باسمها ثم رحلت معها ...


    انتهى زكريا من التعرف على الجميع ثم تحدث وهو يخرج بعض الاشياء من حقيبة ظهره الرياضية وهو يخبرهن أن يخرجن الكشكول المخصص للكتابة لكن تناهي لمسامعه صوت متحدث بطريقة مزعجة :


    _ بس احنا يا مستر مش معانا كشاكيل ..


    رفع زكريا نظره من حقيبته وهو يقول بهدوء شديد :


    _ اولا يا آنسة منار انا مدرس لغة عربية لذا يفضل لما حضرتك تناديني... تناديني بمعلم أو استاذ والكلام ده موجه للجميع هنا، ممنوع استخدام أي ألفاظ من أي لغة أخرى أثناء حصتي، لأن دي حصة لغة عربية واظن أقل شيء نعمله هو احترام لغتنا الام وعدم خلطها بغيرها من اللغات .


    صمت ينظر لجميع الوجوه الساخرة منها والمحترمة لحديثه ثم أكمل :


    _ ثانيا من لم يملك أي شيء للكتابة فليخرج ورقة ويكتب عليها .


    أنهى حديثه ثم أخرج الكتاب الخاص بها وحمل القلم ليكتب بخط جميل جدا منمق على السبورة تحت الهمسات الساخرة منه والضحكات المكتومة  "اللغة العربية " 


    _________________


    _ لا ده أنتِ شكلك جنيتي على الاخر يا منيرة انا فكرت لما قولتي اللي قولتيه إنك بتهزري .


    ابتسمت منيرة بسخرية على ملامح زوجها المفزوعة والتي أظهرت جيدا رفضه التام لما تخطط له :


    _ ايه يا مرسي ما هو كده كده هيعرف...فيعرف مننا افضل ما يعرف بنفسه و يبقى شكلنا أننا ضحكنا عليه.


    نهض مرسي يصيح بجنون في زوجته وهو لا يصدق ما تقوله :


    _ أنتِ مجنونة عايزة تروحي تقولي لجوز بنتك إن مراتك مغتصبة ؟؟؟ 


    _ مش احسن ما يعرف بنفسه ؟؟؟


    _ ما يتنيل يعرف احنا مالنا وقتها يبقى يتصرف هو وهي بس مش دلوقتي ابدا .....أنتِ عايزة بنتك تطلق ؟؟؟


    زفرت منيرة بحنق شديد هي قررت وانتهى الامر فهي لن تقبل أن تزف ابنتها ابدا له وهو لا يعلم ما حدث معها من يعلم لربما يقتلها يوم الزفاف ظنا منه أنها بلا شرف لذا الحل الامثل أن تخبره هي بما تعرفه فليس هناك رجل شرقي واحد يقبل شيء كهذا على امرأته ...وهي تعلم أنها لو تركت الأمر هكذا حتى يعلم بنفسه فلن يعطي هو فرصة لابنته يومها لتوضيح الأمور فقد يجرها ويلقيها خارج منزله كما هي ودون أي فرصة وحينعا ستعيش ابنتها تلك الحادثة بنفس البشاعة لكن اسوء واسوء...


    _ انا قررت خلاص يا مرسي واتصلت عليه أنه يعدي علينا وهو راجع انهاردة من المدرسة لاني عايزاه في موضوع وهقوله كل حاجة


    _ محدش هيقوله حاجة يا ماما .


    استدار كلا من منيرة ومرسي الذي ابتسم جهة فاطمة التي كانت تنظر لهم بملامح ميتة تقريبا ..


    تحرك مرسي جهتها ببسمة واسعة لقرارها هذا لكن فجأة توقف بصدمة كبيرة وهو يسمع كلمتها التالية :


    _ انا اللي هقوله كل حاجة بنفسي ...وكل اللي محتاج يعرفه هيعرفه مني انا ...يا ريت لما يجي يا ماما تسبينا لوحدنا .


    انهت حديثها متجه لغرفتها بأرجل واهنة تفكر بأن تلك اللحظة التي كانت تخشاها قد اتت...حسنا لربما يكون هذا سببا ليتركها وحدها تتعفن بسلام .


    _____________________


    عاد هادي من المحكمة بعدما ترافع لقضية الفتاة القاصر وحصل لها على الخلع ونجح اخيرا ...


    كانت الفتاة تقف مع خالها الذي كان يضمها بحنان شاكرا إياه :


    _ مش عارف يا بني اقولك ايه ولا اشكرك ازاي ؟؟؟ انت خدمتني خدمة العمر وانقذت بنتي .


    بكت الفتاة بفرحة شديدة وهي تضم خالها والذي كان اكثر حنانا من والديها نفسهما وهي تشكر هادي :


    _ بشكرك من قلبي يا استاذ هادي مش عارفة بجد اقدملك ايه مقابل الخدمة دي بس ربنا يسعدك يارب ويبعد عنك اي شر .


    ابتسم لها هادي وكاد يجيبها بأنه لم يفعل سوى واجبه لكنه لمح فجأة شيء غريب ليبتسم للفتاة وخالها ثم استأذن منهما وتحرك سريعا جهة أحد الأزقة الضيقة التي تتفرع من الشارع الرئيسي الذي كان يقف به ...وبعدها توجه لبيت ما وهو يطرق الباب بعنف شديد ...ثوانٍ وفتحت له سيدة تتشح بالاسود من رأسها لقدمها ووجهها يحمل نقوش غريبة كتلك التي كانت النساء توشمها قديما ...نظر هادي خلف السيدة لذلك المنزل المخيف بعض الشيء وهو يهمس بنبرة مرعبة :


    _ البنت اللي خرجت من عندك دي كانت عايزة ايه ؟؟؟؟؟


    ______________________


    ارتعشت يد ماسة بعنف وهي ترى تلك الرسالة التي تنير شاشة هاتفها والتي كانت تحتوي تهديد صريح بنشر كل صورها إن استمر زوجها بالبحث خلفه .


    ابتلعت ريقها برعب شديد لا تعلم ما تفعل فالصور أمامها كانت لها بالفعل لكن مع بعض التعديلات التي إن رآها أحد سيظن أنها هي ...


    هبطت دموع ماسة وهي تقع ارضا ملقية هاتفه بعيدا عنها بغضب شديد حتى ارتطم في الجدار متحطما تماما وهي تصرخ ارضا بغضب شديد .


    اقتحمت سحر الغرفة سريعا برعب شديد لسماعها صراخ ابنتها لتجد ماسة تجلس ارضا تدفن وجهها بين قدميها صارخة بشكل مرعب لتبكي وهي تصرخ في ابنها أن يتصل برشدي سريعا فيبدو أن ماسة قد أصيبت بنوبة انهيار أخرى والتي لم تحدث لها منذ موت والدها وكادت وقتها تصيبها بجلطة في القلب .


    _____________________


    توقف زكريا أمام منزل فاطمة بتعب شديد فهو للتو أنهى جدوله في المدرسة الجديدة والوضع حقا لم يعجبه ابدا فهو كان يفكر في كل كلمة قبل نطقها ...فالتعامل مع فتيات في هذا العمر خطر جدا وقد يخرج كلمة عفوية منه _ رغم حرصه _ وتصل للفتيات بشكل اخر لا يريده هو .


    طرق زكريا الباب منتظرا أن يفتح ليجد أن منيرة تفتحه له ببسمة مرتجفة قليلا أثارت حفيظته وقلقه لما يمكن أن تكون طلبتها لأجله ...


    _ اتفضل يابني ادخل .


    تحرك زكريا للداخل حتى وصل لغرفة الضيوف لتشير له منيرة بالجلوس :


    _ ارتاح يابني لغاية ما اجبلك حاجة تشربها...فاطمة خارجة دلوقتي .


    انهت منيرة حديثها ثم تركته سريعا متجهه صوب غرفة ابنتها تخبرها بحضور زكريا ...تاركة إياه خلفها يفكر بتعجب في حديثها فهي حينما اتصلت به في المدرسة أخبرته أنها هي من تحتاج للتحدث معها وليس فاطمة .


    لم يطل تفكير زكريا بسبب دخول فاطمة عليه وهي تبتسم في وجهه وللمرة الأولى منذ معرفته بها يراها تبتسم ...نهض لها زكريا سريعا يبادلها البسمة بأخرى حنونة تخرج منه دون إرادة وهو يتحدث لها بهدوء :


    _ السلام عليكم .


    ابتسمت له فاطمة مشيرة له بالجلوس :


    _ المفروض انا اللي اقول كده ..


    _ انا وأنتِ مش هتفرق يا ستي خليها علينا .


    ابتسمت له فاطمة لتسمعه يضيف بتوتر وقلق :


    _ خير يا فاطمة فيه حاجة حصلت ؟؟؟ اصل والدتك اتصلت بيا وقالتلي عايزاني ضروري في موضوع ميتأخرش .


    ابتسمت له فاطمة وهي ترفع عينها له والتي كانت مليئة بالدموع مما ارعب زكريا لتقول فاطمة بصوت مختنق من كتمها للدموع :


    _ إنت حابب تكمل في الجواز ده ؟؟؟؟


    دق قلب زكريا برعب ...لا يعرف لما لكن فكرة أنها احضرته هنا لطلب الانفصال قتلته، لذا سريعا و دون إدراك منه هز رأسه لها فهو ليس على استعداد للانفصال الان بعدما بدأ ببناء حياته وتصورها معه :


    _ اكيد يا فاطمة امال يعني مش هكمل ؟؟؟


    ابتلعت فاطمة ريقها وهي ترفع نظرها له برعب مضيفة بخفوت شديد :


    _ فيه ....فيه حاجة لازم تعرفها طالما اخترت تكمل معايا ......


    ___________________


    كان الطرق على الباب عنيف بشكل مرعب جعل مروة تتحرك جهته بخوف شديد وبثينة التي خرجت من غرفتها ترتعش من ذلك الصوت المرعب ....


    فتحت مروة الباب برعب شديد لتجد هادي أمامها يقف بعيون حمراء مخيفة وكأنه على أتم الاستعداد للقتل ..ارتجفت مروة من مظهره وهي تعود للخلف متحدثة برعب :


    _ هادي ؟؟؟ خير يابني بتخبط كده ليه ؟؟؟ وقعت قلبنا .


    تحدث هادي لها بصوت مخيف :


    _ فين بثينة ؟؟؟


    خافت مروة كثيرا من ملامحه وقد تأكدت أن اللعينة ابنتها أخطأت مجددا لكنها ما كادت تتحدث حتى وجدت هادي يتجه لداخل المنزل سريعا عندما لمح بثينة تقف جوار باب غرفتها برعب ..و دون أي مقدمات كان كف هادي يصطدم في وجه بثينة بعنف شديد جاعلا إياها تعود للخلف من قوته ...


    هدر هادي في جنون شديد وهو يحمل بعض الاشياء بيده :


    _ ايـــــــه دول؟؟؟  هـــــا انطـــــقـــي ايـــــه دول ؟؟؟؟


    كانت بثينة تنظر ارضا برعب شديد وهي لا تفهم ما يحدث لكنها رفعت عينها وجسدها يرتجف من نبرته تحدق في تلك الأشياء التي يحملها لتتسع عينها بخوف شديد وقد شعرت فجأة بأن نهايتها قد حانت :


    _ دول ..دددول ....


    توقفت ولم تعلم ماذا تقول لتجد فجأة هادي يلقي بالاشياء ارضا ساحبا إياها من حجابها بعنف شديد مهسهسا من بين أسنانه وهو ينظر بعينها نظرة جعلتها تصرخ محاولة الفرار منه :


    _ عمل ؟؟؟؟ بتعملي لشيماء عمل ؟؟؟ وصلت بيكِ الو*** للشكل ده يا زبالة .


    أنهى حديثه وهو يلقيها بعيدا عنه بغضب جحيمي صارخا في وجهها :


    _ بتعملــــلي لـــيهـــا عــــمـــل؟؟؟ بتروحــــي لدجــــالة يا بثــــينــة ؟؟؟؟دينك هيّن أوي كده عندك !؟؟ أنتِ عارفة أنتِ عملتي ايه ؟؟؟


    كان هادي يصرخ وهو يحرك يده بجنون في الهواء لا يدرك أن ابنة عمه قد وصلت لتلك الدرجة من الحقارة وسلمت نفسها لساحرة و هونت في حق دينها بهذا الشكل ...


    كانت بثينة ترتعش بشدة وهي تحاول أن تبرر له أي شيء علّه يرأف بها ...بينما والدتها كانت تقف بعيدا تلطم وجنتها برعب لما وصلت إليه ابنتها بحقدها وغلها..


    كان جسد هادي يرتعش من الغضب ودموعه تهبط بعنف مما وصلت له ابنة عمه لا يصدق ما وصل بهم الحال ...مد يده المرتعشة بغضب يمسح وجهه :


    _ ليه ؟؟؟؟


    كانت كلمة واحدة فقط ...كلمة واحدة عبرت عما يشعر به من خيبة أمل ووجع ...سقطت دمعة من عينه يفكر أين أخطأ ليصل لهذه النقطة ؟؟؟


    ابتلعت بثينة ريقها وهي تنظر له بخوف شديد ثم همست بصوت خافت قليلا وكأنها تخشى أن ينقض عليها لسماع صوتها :

    _ عشان بحبك يا هادي ؟؟؟؟


    رفع هادي نظره لها بفزع شديد لما تقول هل هي تمزح معه؟؟؟ تحبه هو ؟؟؟

    نظر سريعا للتقويم المعلق على الجدار ليرى تاريخ اليوم لعل ما تقول هو كذبة ابريل لكن لم يكن كذلك ...أعاد نظره لها وتساءل وهو ينظر بتعجب وكأنها أخبرته بشيء خارق للطبيعة مشيرا لنفسه باستنكار :


    _ انا ؟؟


    هزت بثينة رأسها بايجاب ولم تكد تتحدث حتى سمعت ضحكت هادي التي هزت جدران البيت ووالدة بثينة تقف بعيدا لا تستطيع نطق كلمة واحدة بعدما سمعت ما قاله منذ قليل عن ابنتها للاسف .....


    _ بتحبيني انا ؟؟؟بتحبي هادي المحامي الكحيان ؟؟؟بتحبي هادي اللي مش عنده عربية غالية ؟؟؟


    أنهى حديثه ليقول ببسمة ساخرة:


    _ قد ايه أنتِ متواضعة ؟؟؟


    تحدثت بثينة وهي تبكي بشدة من حديثه :


    _ صدقني انا بح......


    قاطع حديثها صراخ هادي وهو يطيح بما أمامه بقدمه :


    _ بس اخرسي.....اخرسي ....أنتِ كدابة يا بثينة كدابة ...سامعة كدابة .


    ____________________


    دخل رشدي للمنزل بفزع شديد وهو يشعر بانفاسه تكاد تختفي من صدره لا يجد هواء يستنشقه منذ وصله اتصال يخبره ما حدث لزوجته ...


    دخل لغرفة ماسة سريعا ليجدها تتحرك بجنون كبيرة صارخة بين ذراعيّ والدتها والجميع حولها يحاولون تهدئتها والبكاء سيد الموقف ..ركض لها رشدي سريعا وجذبها بعنف من أحضانه والدتها لاحضانه يحاول تهدئتها لكنها لم تفعل بل استمرت في البكاء بعنف والصراخ والتحرك بهياج ورشدي يمسكها بعنف حتى يوقف حركتها ليستطيع الطبيب الخاص بها حقنها بالمهدأ لكن وبسبب حركتها العنيفة جرحت نفسها بسبب الحقنة التي كان الطبيب يحاول أن يدخلها في ذراعها ...


    ضم رشدي رأسها لصدره وهو يهمس لها بغصة بكاء لحالها ..مرعوب أن تصاب هذه المرة بشيء خطير قد يفقدها لأجله ليتحدث ببكاء :


    _ ماستي حبيبتي اهدي انا معاكِ ...اششش اهدي ياقلبي انا رشدي يا ماسة ارجوكِ اهدي .


    كان يتحدث وهو يبكي برعب على حالتها حتى هدأت ماسة قليلا لكنها لم تتوقف عن البكاء والصراخ الخافتة إلا عندما نزع الطبيب الحقنة من ذراعها ليبدأ جسدها في التراخي ببطء بين ذراعي رشدي الذي ضم بقوة صارخا في الجميع أن يخرجوا ويتركوهم وحدهم ...


    نظر ابراهيم لابنه بشفقة كبيرة وهو يشير للجميع بأن يتبعوه :


    _ يلا يا جماعة سيبوهم لوحدهم وخلينا نخرج من هنا .....


    خرج الجميع واحدا تلو الآخر خلف ابراهيم تاركين رشدي يضم ماسة في منتصف الغرفة ثم تمدد ارضا ساحبا إياها بين أحضانه وهو يبكي بخوف :


    _ ماستي .....حصلك ايه ياقلبي ؟؟؟


    كانت ماسة تغلق عينها بانهاك شديد واستكانة بسبب المخدر الذي حقنه الطبيب بها منذ ثوانٍ ليقبل رشدي رأسها بحنان شديد ثم دفنها في صدره واضعا رأسه على رأسها هامسا بلوعة وعشق :


    _ رفقا بقلبي يا ماسة هموت لو حصلك حاجة .


    __________________________


    صرخت بأعلى صوت لديها ويغضب شديد من تقليله لحبها : 


    _ وانت ليه متأكد اوي كده اني كدابة يا هادي ؟؟؟ ولا انت رافض تواجه نفسك إنك غلطان ؟؟؟ وانك سبب كل اللي بيحصل وكل اللي بعمله ده .


    صدم هادي بشدة من وقاحتها تلك ...هل اتهمته للتو أنه سبب كل شيء ؟؟؟ يالله هل أصبح هو الملام الوحيد في كل هذا ..


    راقبت بثينة كل التعابير التي ارتسمت على وجه هادي لتبتسم بانتصار ولم تتوقف ابدا بل استمرت في توجيه حديثها اللاذع له ظنا منها أنها تتملص مما فعلته :


    _ لو كنت بس اخدت بالك مني ...لو كنت بس شوفت حبك في عيوني كنت...


    _ كنتِ ايه ؟؟؟؟ 


    صمتت بثينة وهي ترى نظرات هادي المظلمة والمميتة وهو يحدثها بتلك النبرة الهادئة لكن كل ذلك تغير وهو يطيح بكل شيء يقابله صارخا في وجهها :


    _ كــنــــت ايـــــــــه ؟؟؟؟ أنتِ نسيتي اللي حصل ولا ايه ؟؟؟ 


    ابتلعت بثينة وهي تراقب جنونه وقد بدأ يصرخ بها بيننا عروق رقبته نافرة بشكل مخيف :


    _ نسيتِ ؟؟؟ نسيتِ وصية ابويا ؟؟؟؟ نسيت وصيته ليا ؟؟؟ بتقولي اني أنا حيوان ومشوفتش حبك وأنتِ يا حرام البنت اللي حبت ابن عمها وهو كسر قلبها وراح يتجوز صاحبتها وحتى معطاش ليها فرصة .


    صمت يراقب ملامحها والتي لم يرى فيها حتى ولو مجرد ندم لحظي قد يشفع لها عنده ...كل ما رأى تجبر وحقد اعموا بصيرتها ....


    _ نسيتِ ولا ايه يا بوسي ؟؟؟ نسيتِ اني كنت هتجوزك ؟؟؟ 


    صمت ثم تحدث بدموع شديدة وقد تمكن منه شعور مقيت :


    _ نسيتِ إني دوست على قلبي بالجذمة عشان انفذ الوصية واتجوزك وقولت وماله يا واد يا هادي بنت عمك برضو وبكرة مع العشرة تنسى وتحبها وجيت طلبت ايدك وجبت المأذون ...ووقت كتب الكتاب سيادتك عملتِ ايه ؟؟؟


    صمتت بثينة وهي تبكي متذكرة تلك اللحظة التي يحكي عنها هادي وتتذكر غبائها وقتها فهي في ذلك الوقت كانت في عامها الاخير من الجامعة وكانت في علاقة حب مع صديقها الغني الذي وعدها بالزواج بها بمجرد انتهاء الدراسة لذا وبكل غباء داست على هادي بلا أي ندم وفعلت اغبى شيء قد يفعله شخص يوما .....


    سقطت دموع هادي بشدة وهو يشير لنفسه بوجع :


    _ ضحيت بكل حاجة وضحيت بحبي لشيماء وقتها وقولت دي وصية ابويا ولازم تتنفذ وعاهدت ربنا إن عمر في يوم ما هزعلك ابدا ولا احسسك للحظة بأي نقص هعاملك انك بنتي قبل مراتي بس أنتِ عملتِ ايه ؟؟!


    صمتت ولم تجيب ليصرخ بها وهو يبكي بشدة :


    _ عـــمـــــــلـــــــــــــتِ ايـــــــــــــــــه ؟؟؟؟؟؟؟؟


    _______________________


    _ فيه ايه يا فاطمة قلقتيني ؟؟؟؟؟


    سقطت دموع فاطمة بشدة وقد استوعبت فجأة صعوبة الأمر ...هي ظنت أنه سيكون ابسط من هذا بكثير خاصة أنها لا تخشى فقدم أو ما شابه لكن يبدو أن شعورها بالأمان جانبه جعل من إبعاده أمرا صعبا فهي لا تجد كل يوم من يحنو عليها .


    رفعت عينها له وهي تحاول فتح فمها للتحدث لكن  لم تستطع إلا أن تنفجر في البكاء ..غطت وجهها بكفها وهي تبكي بعنف متحدثة بصوت غير مفهوم وكلمات غير مفهومة له .


    صدم زكريا بشدة مما يحدث لها لذا سريعا نهض من مقعده راكضا لها وكعادته في التصرف مع كل ما يخصها جذبها لاحضانه مربتا عليها يحاول تهدئتها :


    _ مالك يا فاطمة ؟؟؟ حصل ايه لده كله ؟؟؟ حد زعلك اتكملي طيب ريحي قلبي ...


    كانت فاطمة تتحدث من بين شهقاتها العنيفة بكلمات غير مفهومة ابدا ليبعدها عنه قليلا وهو ينظر لعينها : 


    _ مش سامع يا فاطمة خدي نفس يا قلبي وقولي براحة ...حد زعلك أو عملك حاجة هنا ؟؟؟ قوليلي وانا والله اعملك مشكلة مع البيت كله واخدك معايا بس متعيطيش .


    هزت فاطمة رأسها برفض وهي تشعر أنها على وشك الدخول لتلك الحالة اللعينة وايضا تمتمت بنفس الكلمات الغير مفهومه ليقرب زكريا أذنه منها هامسا بحنان وهو يربت على ظهرها :


    _ مش سامع يا فاطمة براحة كده بتقولي ايه ؟؟؟


    رفعت فاطمة عينها له وهي تبكي بعنف تقول :


    _ بقولك انا مش بنت بنوت يا زكريا .


    تجمدت يد زكريا على ظهر فاطمة من الخلف وقد شحبت ملامحه بشدة ينظر لعينها يبحث عن أي شيء قد يدل أنها تكذب عليه أو لربما تحاول إنهاء الزواج بهذه الطريقة لكن عينها أخبرته أن كل ما تفوهت به كان حقيقة ...ابتعد زكريا قليلا عن فاطمة ويده ترتجف بشدة من هول تلك الصدمة التي لم يتوقعها يوما متحدثا باهتزاز وهناك بسمة صغيرة تجاهد للارتسام على وجهه :


    _ مطلقة يعني أو أرملة ؟؟؟


    كان رجاء أكثر منه سؤال وكأنه يرجوها أن تصدقه القول ليأتي له السهم الثاني وهي تهز رأسها بلا ثم تحدثت بنبرة خاوية ميتة وسخرية قطعته قبل أن تقطعها هي :


    _ مغتصبة .


    سقطت دموع زكريا بعنف لما سمعه منذ قليل وشعر فجأة وكأن جسده قد أصابه شلل لم يقدر على تحريك اصبع حتى نظر في ملامح وجهها وهو يترجاها أن تضحك ...تظهر أي شيء يخبره أنها كانت تخدعه أو تختبره ربما ..


    لكن لا شيء كانت فاطمة تنكمش على نفسها في نهاية الأريكة بعيدا عنه تخفي وجهها في قدمها وكأنه سينهض لينقض عليها غاسلا عاره بيده ...


    ابتلع زكريا ريقه بصعوبة شديدة فقد كان وكأنه يبتلع سكاكين حادة :


    _ تعرفي اللي عملك كده ؟؟؟


    سؤاله بهذه الطريقة الهادئة صدم فاطمة وبشدة فقد توقعت أن أول رد فعل له هو أن ينهض ويثور ويكسر كل ما يقابله في المكان صارخا بها أنها لم تحافظ على نفسها وأنه لربما تحمل هي أيضا جزء من هذا الذنب كما اخبرها البعض ...لكن أن يسأل عن الفاعل أو يبحث عن المجرم الحقيقي بدلا من رميها هي بالتهمة جعلها ترفع رأسها ببطء من بين قدمها ومازالت دموعها لم تجف بعد بل كانت تتجدد بكل سخاء .


    _ مين اللي عمل كده تعرفيه ؟؟؟


    ومجددًا نفس السؤال وهذه المرة بإصرار ونبرة غضب قد بدأت تلون حديث زكريا لتبتسم هي بسخرية شديدة تهز رأسها دلالة معرفتها بهم :


    _ اي واحد فيهم ؟؟؟؟


    لم يبدو أن زكريا فهم حديثها أو أن عقله لم يستوعب تلك الفكرة في الأساس لتعيد هي سؤالها بصيغة أخرى :


    _ اصلهم كانوا اتنين فانت قصدك اي واحد فيهم ؟؟؟؟


    ومجددًا تواصل طعنه بعنف شديد دون الاهتمام له أو لوجعه وذلك الجحيم الذي يستوطن قلبه في تلك اللحظة ...سقطت دموع زكريا اكثر مغمضا عينه بعنف وداخله يحترق بعنف شديد لا يعلم ماذا يفعل الان ؟؟؟


    _ طلقني واخلص من العار .


    وكأنها سمعت سؤاله لنفسه لتجيبه تلك الإجابة الغبية ....رفع زكريا عيونه التي احمرت من البكاء والغضب لا يفهم حديثها وكأنها تحدثت بغير لغة ...لتعيد هي حديثها الذي سمعته مرارا وتكرارا :


    _ مفيش راجل شرقي يستحمل إن مراته تكون اتلمست من حد قبله ومش واحد بس لا اتنين كمان فأنت طلقني واخلص مني .


    واه لو تدرك تلك الغبية ما سببته به وبقلبه لينهض سريعا جاذبا إياها من اخر الأريكة بعنفه ذارعا اياها بين أحضانه بشدة وكأنه يرغب في ذرعها داخل قلبه هامسا لها بوجع شديد :


    _ وهو الشرقي اللي يتخلي عن نصه التاني ؟؟؟ ولا الشرقي اللي يرمي مراته عند أول مشكلة ؟؟؟ بقينا نستخدم اللفظ ده كتير بطريقة غلط خليني اقلك يا فاطمة ....


    صمت ثم دفن وجهه في رقبتها هامسا بنبرة ظهرت لها حنونة لكن اه لو تعلم كم النيران التي تكمن داخلها ولن تنطفئ سوى بالقصاص ممن فعل هذا بزوجته :


    _ قد يكون العقل شرقي ....لكن القلب والله عاشق . 


    دمتم سالمين  ❤️


     تكملة الرواية من هناااااااا 

    لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

    بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

    متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

    الرواية كامله  من هناااااااااا

    مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا

    مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا




    تعليقات