القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية رحيل العاصي الفصل الحادي والثلاثون والثانى والثلاثون للكاتبة ميار خالد حصريه


رواية رحيل العاصي الفصل الحادي والثلاثون والثانى والثلاثون للكاتبة ميار خالد حصريه



رواية رحيل العاصي الفصل الحادي والثلاثون والثانى والثلاثون للكاتبة ميار خالد حصريه




#رحيل_العاصي

#الكاتبة_ميار_خالد

#الفصل_الحادي_والثلاثون


ظل يطالعها بغضب حتى وجد نظراتها تتغير إلى الرعب وكانت تنظر إلى شخصاً ما يقف خلفه، وفجأة أمسكت يد عاصي بخوف ونظرت له بعيون دامعه، طالعها عاصي بدهشه ثم استدار هو وسلمى لينظروا إلى الشخص التي تطالعه رحيل بكل هذا الرعب..

وكان هذا الشخص هو أحمد..

الذي كان يقف أمامهم بثبات وسط نظراتهم المصدومة..

تذكره عاصي على الفور فتحرك نحوه بسرعه وأمسكه من ملابسه بعنف وصاح به: 

- أنت بتعمل إيه هنا! 

قال أحمد ببرود: 

- جاي اطمن على بنتي، بنتي اللي أنت مقدرتش تحميها 

وبعد كلماته تلك لم يستحق أحمد أن يرد عليه عاصي، بل استحق لكمة قوية توقعته أرضًا، اتجهت إليه رحيل بسرعه وامسكته ليبتعد عنه وكذلك سلمى، وقد استدعت إحدى الممرضات التي رأت هذه المشادة العنيفة أفراد الأمن ليأتوا بعد لحظات وقد أمسكوا بأحمد ولكنه دفعهم عنه ونظر إلى عاصي وقال: 

- بنتي كانت تحت حمايتك بس أنت مطلعتش قد المسؤولية 

نظر له عاصي بغضب عارم وقال: 

- أنت أخر واحد تتكلم عن المسؤولية أنت فاهم!! أنت جاي بأنهي عين أصلاً

ابتسم أحمد ببرود وقال: 

- هرفع قضية وهاخد بنتي منك، أكيد الحكومة هتوافق أني أخد حضانتها خصوصاً لما يعرفوا إنك مش قد المسؤولية عشان كده بنتي حاولت تقتل نفسها! 

طالعه عاصي بذهول وسأل نفسه، كيف عرف تلك المعلومات؟! أقترب منه عاصي ثم قال بعيون قد أصابها الاحمرار من كثرة الغضب:

- لو متحركتش من قدامي دلوقتي هعمل اللي معملتهوش قبل سنين 

نظر إليه أحمد بدهشه فأكمل عاصي:

- هقتلك، أبعد عن وشي احسنلك 

فابتسم أحمد ببرود وأردف:

- تمام أنا همشي دلوقتي بس هرجع تاني عشان اطمن على بنتي 

ثم نظر إلى رحيل ولوّح لها بيده وتحرك من مكانه، طالعها عاصي بذهول ليجدها تنظر إلى احمد الذي قد تحرك واختفى من أمامهم بصدمه، عاد إليها عاصي فقالت له بعيون متسعه: 

- هو ده!

قال عاصي بتساؤل:

- أنت تعرفيه منين؟! 

- ده اللي خطفني أنت اللي تعرفه منين! 

التفت عاصي بسرعه وقد أدرك ما يحدث حوله، ركض بسرعه خلف أحمد حتى يمسك به ولكنه لم يتمكن من اللحاق به لأن الآخر قد اختفى من أمامهم في ثواني، وعندما وصل عند باب المستشفى بحث عنه كثيراً ولكن بدون فائدة، أتصل بعز الدين فوراً وأخبره أنه قد تعرف على شخص من الاثنان الذين يبحثون عنهم، وقد أرسل معلوماته لعز حتى يبدأ الآخر في التحري عنه..

عادت حنان من الحمام لتجد سلمى ورحيل يقفون معاً بمفردهم فاتجهت إليهم بتساؤل وسألتهم أين عاصي فكذبوا عليها أخبروها حجة أخرى لغيابه، وعندما عاد إليهم أقنع والدته أن تعود مع سلمى إلى المنزل من أجل مريم على الأقل حتى لا تبقى بمفردها، ولكن حنان قد رفضت وبشدة حتى جاءت إليهم طبيبة ليلى مرة أخرى، نظر لها عاصي باهتمام فقالت الطبيبة: 

- الأخبار مش أحسن حاجه بس في نفس الوقت مش وحشه، أنا هسمح لحد واحد بس أنه يدخلها، مين أكتر حد الطفلة متعلقة بيه أو بتسمع كلامه 

قالت حنان بلهفه: 

- رحيل، هي بتحبها جداً 

أومأت رحيل برأسها ونظرت إلى الطبيبة باهتمام فتابعت:  

- طيب أنا عايزاكِ تفضلي جنبها وتمسكي أيديها بقوة، المشاعر دي المسؤول عنها المخ وبرضو هو المسؤول عن الاستجابات، حتى لو كانت في عالم تاني شعورك واحساسك هيقدر يرجعلها لينا تاني، وحبها ليكِ هيخليها تدرك وتتمسك بالحياة أكتر عشانك 

أومأت رحيل برأسها بسرعه وقالت: 

- أنا موافقة هعمل كده 

وبعدها أخذتها الممرضة وجهزتها حتى تدلف إلى العناية المركزة حيث توجد ليلى، وبعد دقائق كانت رحيل تجلس أمامها بعيون دامعة وتمسك يدها السليمة بين كفوفها وظلت تحدثها بأمل واشتياق أن تعود إليهم..

كان عاصي يتابع كل هذا من النافذة الصغيرة التي توجد في نصف الباب، حتى شعر بيد سلمى التي وضِعت على كتفه، التفت لها بعيون دامعة فحاولت الأخرى أن تهون عليه، قالت: 

- أنت لسه زعلان مني؟

مسح عاصي عينيه وقال: 

- مش وقت الكلام ده 

كررت سلمى سؤالها وعندما لم تتلقى منه أي إجابة قالت: 

- لو أنا مكنتش رجعت غصب عنك مكنش كل ده هيحصل، صدقني كل حاجه هتتصلح تاني أنا وعدت نفسي وأنا راجعه أني أصلح كل حاجه 

أومأ عاصي برأسه وابتسم بفتور، فقالت هي: 

- أنت اتغيرت أوي على فكرة، هي السبب في التغيير ده مش كده؟

قالت تلك الجملة ثم نظرت إلى رحيل الجالسة أمام ليلى، و طالعها عاصي بصمت أيضاً، قالت سلمى: 

- مين دي؟ وليه موجودة بينا دلوقتي مش فاهمه 

- لو هي مكنتش موجودة مكنش زمان في كلمة " بينا " اللي أنتِ بتقوليها دي 

- بتحبها؟

قالتها سلمى بفضول فصمت الآخر ولم يرد عليها، وبعد دقائق من الصمت قال: 

- روّحي أنتِ وماما دلوقتي عشان مينفعش مريم تكون لوحدها، وهاتي رقمك خليه معايا عشان لو احتاجتلك 

ابتسمت سلمى وأومأت برأسها ثم أخذت نمرة هاتفه واتصلت به من هاتفها، وعندما اتصلت به نظر عاصي إلى الهاتف بعيون ضيقة وكأنه يحاول أن يتذكر متى رأى هذا الرقم، قال بعدم تركيز:

- أنتِ اتصلتي بيا من الرقم ده قبل كده؟

- لا، بس غريبة أنا لقيت رقمك على موبايلي بس مش متسجل

وهُنا جاءت فكرة لعاصي أن يرى تاريخ كل المكالمات التي جاءت إليه من هذا الرقم، وعندما رأى اول مكالمة من هذا الرقم كان نفسه اليوم التي اتصلت به رحيل عندما تم اختطافها، وفي ثواني استوعب ما حدث وقتها فقال لها: 

- أنتِ نزلتي في فندق أول ما رجعتي مصر؟؟ كان قدامه محطة بنزين الفندق ده؟؟

طالعته بذهول وقالت: 

- أنت عرفت منين؟ 

نظر لها عاصي بصدمة ثم ضحك بسخرية، ما تلك اللعبة التي تتسلى فيها الحياة بهم، وكأن الحياة تلعب بهم جميعاً الشطرنج، عقله البشري لم يستوعب كم تلك الطرق التي تتقابل عند نقطة معينه لتعود وتفترق عند نقطة أخرى، لا يعرف ماذا تخبئ لهم الحياة في الأيام القادمة، لا يعرف كيف ستنتهي لعبة الشطرنج تلك ومن هو المنتصر فيها..

الكاتبة ميار خالد 

مرت ساعات عادت فيها سلمى مع حنان إلى البيت، ليجدوا أن مريم قد نامت مكانها ولم يكن شادي في المكان، من الواضح أنه قد ذهب عندما غطت هي في النوم، وفي المستشفى وعندما وجد عاصي أن الوقت بدأ يتأخر ذهب إلى رحيل التي كانت تجلس أمام غرفة ليلى وقال: 

- تعالي اوصلك الوقت بدأ يتأخر

- لا أنا مش همشي غير لما ليلى تفوق عشان لما تفتح عينيها تشوفني قدامها 

قال عاصي برفق: 

- بس أنتِ تعبتي النهاردة وأنتِ أصلاً تعبانة، يلا 

- أبداً قولت مش همشي خلاص غير لما اطمن عليها 

نظر لها عاصي بقلة حيلة وأدرك أنها إذا صممت على شيء سوف تفعله، فنهض من مكانه وغاب لوقت ثم عاد لها وقال: 

- الممرضة هتجهرلك اوضة قريبة من ليلى عشان ترتاحي فيها، أعتقد كده ملكيش حجة 

ابتسمت رحيل ونهضت من مكانها بتعب ثم قالت:

- إذا كان كده ماشي بس أنت كمان لازم ترتاح خليها تجهز سريرين في الاوضة دي 

ابتسم عاصي وقبل أن تتخطاه أمسك يدها فوقفت ونظرت إليه بتساؤل، صمت للحظات ثم نظر لها بإمتنان وقال: 

- شكرًا، شكرًا على كل حاجه وآسف برضو على كل حاجه 

طالعته رحيل بذهول وعيون متسعه: 

- معقول عاصي بيشكر وبيعتذر من رحيل في نفس الجملة، أحلام العصر دي صح!!

ضحك الآخر رغماً عنه فقالت بابتسامة: 

- صحيح في سؤال متأخر أوي بس عايزه أعرفه، أنت ليه أول يوم اتقابلنا فيه حبستني وقولتلي في الأول مين اللي باعتك؟

ابتسم عاصي وقال: 

- شوفتك وأنتِ قدام الشركة نازلة من عربية راجل غريب وبعدها أداكِ الكارت بتاعه، وطبعاً بعد المصيبة اللي عملتيها قدام الفوج افتكرت إنك جاسوسة

- جاسوسة مرة واحدة!! في جاسوسة بالعبط ده الله يخليك، اليوم ده حصل فيه مليون مصيبة أول حاجه نسيت أحط بنزين والعربية وقفت بعدين الراجل ده خبط عربيتي خبطة جامدة عشان كده وصلني لحد ما وصلت للناس الصينين دول، بجد أنا حظي وحش جداً 

- بس أنا حظي حلو عشان شوفتك 

كان يطالعها بعيون لامعه فتوترت الأخرى بشدة وقالت: 

- ياااه على البني آدم ده أنت مكنتش طايقني في الأول يا راجل 

- معروفه المحبة بتيجي بعد العداوة، مع إني عمري ما كنت عدوك أنا كنت عدو غباءك بس 

نظرت له بابتسامة خجولة وفجأة تغيرت تلك الابتسامة إلى العبوس وقالت: 

- لو حصل وجرالي حاجه، هتفضل فاكرني؟

شدد قبضته على يدها وقال بنفي: 

- مش هيجرالك حاجه بلاش الكلام ده، كلنا عايزينك معانا عشان كده هتحاربي أي مرض وتفضلي

ابتسمت بحزن وقالت: 

- بس الدكتور قال إن قلبي ضعيف أوي 

قال عاصي بابتسامة: 

- مصدقش، القلب اللي قدر أنه يتخلص من العاصي اللي جوايا قوي جداً، أقوى مني أنا شخصياً 

- بجد؟!

قالتها رحيل بضحكة واسعه فضحك الآخر بطريقة لا إرادية، وبعدها ذهبت رحيل إلى الغرفة التي جهزتها لها الممرضة ونامت على إحدى السريرين الموجودين بها وقد غطت في النوم بسرعه من كثرة تعبها، وبعد فتره دلف عاصي إلى الغرفة أيضًا ونام على السرير المقابل لها، استلقى على جنبه وظل ينظر إليها وهي نائمة أمامه، ولأول مرة يشعر بكل هذا الخوف، يخاف أن يخسرها، يخاف أن تحقق المعني من أسمها وترحل عنه، الكثير من الضغط العصبي الذي يتعرض إليه لذلك حاول أن ينام حتى يرتاح قليلاً..

وفي الصباح..

استيقظت رحيل أولاً وعندما وجدت عاصي نائم لم تود أن تيقظه، لذلك خرجت من الغرفة واتجهت إلى العناية حتى تطمئن على ليلى، ولكنها عندما وصلت لها وجدت غرفة العناية فارغه!!

عادت إلى عاصي مرة أخرى وايقظته رغماً عنها وعندما استيقظ قالت بقلق:

- العناية فاضية ليلى راحت فين!

انتفض الآخر من مكانه واتجه إلى العناية فوجد كلام رحيل صحيح، بحث كالمجنون عن الطبيبة المسؤولة عن حالتها حتى وجدها وكانت هي أيضًا تبحث عن ليلى التي اختفت فجأة! 

قال عاصي بقلق: 

- ليلى فين؟!

ردت عليه الطبيبة بقلق كبير:

- حالتها استقرت وإحنا نقلناها اوضة عادية، أنا كنت مستنيه حد فيكم يصحى عشان افرحه بالخبر، هي كانت موجودة في الاوضة أنا مش فاهمه راحت فين !

وللحظة جال بذهن عاصي هذا الخائن الذي يُدعى أحمد، حاول أن يهدأ قليلاً وهو يقول: 

- في كاميرات في المستشفى صح؟

- أيوة بس لازم إذن من البوليس عشان تدخل الاوضة نفسها

أومأ عاصي برأسه ثم نظر إلى رحيل وقال: 

- هتتحركي معايا دلوقتي هوصلك بيتك وأنا هشوف الموضوع ده 

حاولت رحيل أن تعترض ولكنه اسكتها ونفذت كلامه في النهاية، وبعد أن اوصلها بيتها أتصل بعز الدين واستدعاه إلى المستشفى حتى يتمكنوا من الدخول إلى غرفة الكاميرات..

                                 ***

الكاتبة ميار خالد 

-هي كده مرتاحه صح؟

قالها أحمد بقلق، رد عليه الطبيب الموجود بجانب ليلى:

- كويسة الحمدلله بس هتاخد وقت لحد ما تستعيد وعيها تاني، عموماً الممرضة هتفضل معاها برضو ولو حصل أي حاجه كلمني..

ثم خرج من الغرفة، جلس أحمد بجانب ليلى وكان ينظر لها مشاعر كثيرة لا يفهمها، وأفاق على صوت شريف الذي قد دلف إلى الغرفة وقال: 

- محتاج حاجه تاني؟

نهض أحمد من مكانه وقال: 

- أنا مش فاهمك بصراحه، أنا كنت فاكر لما اجي أقولك على الفكرة دي هترفض مش تساعدني 

أبتسم شريف وقال: 

- بالعكس ده أنا اللي استغربت عشان أنت مكنتش عايز تدخل بنتك في أي حاجه 

- ولحد دلوقتي مش عايز أدخلها في حاجه بس عِناد في عاصي هخليها عندي لحد ما تخف وهخليها تكرههم كلهم 

- ركز أن البنت مش على اسمك وأنت معترفتش بيها أصلاً يعني أنت كده قدام البوليس خاطفها 

- عارف بس أنا عايزك تساعدني وإحنا في الأخر مصلحتنا واحده 

- وماله ماشي 

وخرج شريف مرة أخرى، ونظر أحمد إلى الطفلة النائمة وتذكر كيف انتشلها من تلك الغرفة ومن المستشفى بأكملها في ثواني، فلم يشعر أحد به ولكن ما لم يحسب حسابه هو كاميرات المراقبة التي تمكنت من رصده، وقد تأكد عاصي من شكوكه تلك عندما وجد وجه أحمد في الفيديو..

حاول عز أن يُهدأ من غضب عاصي قليلاً، فقال الآخر:

- أنا مش فاهم البجاحه اللي هو فيها، زمان دمر حياة مريم ودلوقتي جاي يكمل عليها، بس أنا مش عارف مين الطرف التاني معاه

قال الجملة الأخيرة بتفكير، قال عز بتذكر:

- فاكر لما قولتلك في البداية إن طرف منهم ليك حساب قديم معاه بخصوص صفقة تقريباً، كده الصورة هتوضح بالنسبالك أكتر حاول تفتكر 

ولكن عاصي لم يتذكر أي شيء بخصوص هذا الموضوع، وظل الاثنان معاً يبحثون في هذا الموضوع، حتى جاءت مكالمة لعاصي من الشركة فذهب إليها بعد فتره غياب طويلة..

في منزل عاصي..

استيقظت مريم من نومها بفزع لتجد حنان بجوارها وقد نظرت إليها بلهفه وخوف، قالت مريم بقلق: 

- عايزه أروح لليلى بنتي 

ابتسمت حنان وقالت: 

- متقلقيش هي كويسة أخر مره عاصي كلمني فيها امبارح قالي أنها كويسة، غير كده رحيل معاها وجنبها هي بتحبها أوي 

نهضت مريم من مكانها بهدوء ووقتها لاحظت تلك الغرفة التي تنام بها، أخر مره تتذكر أنها نامت على الأريكة عندما كان شادي معها، نظرت إلى الغرفة بشعور غريب عندما تذكرتها على الفور، غرفتها البسيطة والهادئة التي تحمل في ثناياها العديد من الذكريات القاسية و السعيدة في نفس الوقت، لم يتغير أي شيء بها ما عدا صورها التي قد اختفت منها، وعندما لاحظت حنان نظراتها تلك قالت بابتسامة: 

- الاوضة وحشتك صح 

 لم ترد عليها مريم وظلت تطالع كل شيء بصمت حتى وصلت بعيونها إلى حنان، ظلت تنظر لها بصمت وهدوء وكأنها تروي عطش عينيها برؤية والدتها وسماع صوتها بعد كل تلك السنوات، قلقت حنان للحظات فقالت مريم: 

- كنتِ واحشه عيوني مش عارفه لا أتكلم ولا أحس بأي حاجه غير إني عايزه ابصلك 

وتلك كانت الإشارة لدموع حنان حتى تنطلق، بكت بقهرة وأخذت ابنتها في أحضانها وظلوا هكذا حتى قالت حنان بتوعد:  

- قلبي مش هيسامح عاصي على اللي عمله ده، كدب عليا ودمر حياتك ودمر حياة ليلى إزاي هثق فيه بعد كده 

ابتعدت مريم عن حضنها وقالت: 

- لولا عاصي مكنش زماني في الحياة أصلاً 

نظرت لها حنان بعدم فهم وتساؤل، فتابعت الأخرى: 

- اللي أنتِ متعرفيهوش إني حاولت أقتل ليلى وهي لسه صغيرة، كانت لسه مولودة جنبي في السرير بتاعها محستش بنفسي غير وأنا كنت هقتلها، كنت هقتلها وأقتل نفسي بعدها، النار اللي جوايا مكنتش هتهدى غير بموتي، عقاب عاصي كان تأديب بنسبالي، حتى لما دخلت المصحة حاولت أقتل نفسي كتير وكل مره كانوا بيلحقوني، أخر مره حاولت أقتل فيها نفسي عاصي هو اللي منعني، كان جوايا غضب كبير اوي ناحيته وكنت شايفه أنه السبب في كل حاجه، في اللحظة اللي قدرت فيها إني اتخلص من الغضب ده قدرت أقف على رجلي، الغضب ده كان حِمل تقيل اوي عليا 

نظرت لها حنان بعد أن قالت الأخرى تلك الكلمات، أي عقاب هذا أن تسمع تلك الكلمات من فوهة ابنتها الوحيدة، أي عقاب هذا الذي يجعلها ترى نظرة الألم تلك في عيون أولادها، ماذا فعلت في حياتها ليكن عقابها هو التألم على اولادها بهذا الشكل..

وكان جوابها على كلمات مريم هو عناق قوي ودموع، في بعض الأحيان يكون علاج ألم الروح هو عناق بسيط من احبتنا، عناق بسيط لا يدوم سوى بضع ثواني قد يكون الحل للكثير من الألم والأسى..

                              ***

الكاتبة ميار خالد 

كانت تجوب غرفتها بتوتر، حتى دلفت داليا إليها واخبرتها بموضوع فارس وأنه سوف يأتي لخطبتها بعد يومين، فرحت رحيل لها ولكنها لم تبدي رد فعل قوي لذلك تعجبت داليا وسألتها إذا حدث معهم شيء ولكن الأخرى لم ترد عليها ولم تخبرها أي شيء بخصوص ليلى وما حدث، تفهمت داليا أن من الممكن أن تكون رحيل تشعر بالضيق والتوتر من كثرة الاحداث التي تعيشها فقالت بمكر: 

- إيه ده عاصي؟!

وكأنه قد خرج من أفكارها لتسمع اسمه أمامها فقالت بلهفه وبسرعه: 

- عاصي إيه بيتصل ولا جه؟!!

ضحكت داليا بصوتٍ عالٍ ففهمت الأخرى أنها تمزح معها، قالت بضيق: 

- أنتِ شايفه ده وقت هزار يعني

قالت داليا بدهشه: 

- والله؟! شوف مين بيتكلم، إيه التغيير ده كله 

ابتسمت بحزن وصمتت، لا تعرف ماذا حدث ليحل الظلام على روحها هكذا، برغم معرفتها لمرضها منذ شهور ولكن ولأول مره تشعر أنها خائفة، تائهة، حزينة، الكثير من المشاعر..

وعندما وجدتها داليا بهذا الضيق لم تود أن تزيد الأمر عليها فتركتها وعادت إلى غرفتها..

في شركة عاصي..

كان يقرأ العديد من الأرواق الموجودة أمامه بشرود، عقله مع ليلى وقلبه خائف أن يحدث لها أي شيء، وانتشله من مستنقع الخوف هذا هاتفه الذي صدع رنيناً برقم غريب، نظر إلى الهاتف بعدم تركيز ثم رد عليه، قال:

- الو

قال الطرف الآخر:

- أنت عاصي القاضي ؟؟

- أيوة خير؟

- أنا عارف ليلى بنت اختك فين، أنا متصل بيك عشان أساعدك 

انتفض عاصي من مكانه وقال بلهفه: 

- أنت مين؟!

- فاعل خير صدقني نيتي الوحيدة أني اساعدك، أنا أعرف أحمد هو صاحبي وعارف هو وليلى فين، بس مش هنقدر نرجعها النهاردة، هو لسه خاطفها النهاردة احتمال تتعب أو يجرالها حاجه، أنا هديك ميعاد نتقابل بكره وهنروح وهات البوليس معاك احتياطي 

قال عاصي بدون تصديق: 

- دي لعبه جديدة مش كده ؟

قال الآخر بصدق واضح في كلماته:

- صدقني ولا لعبه ولا حاجه ولو ليلى مرجعتش لحضنك أعمل اللي أنت عايزُه، أنا هقفل دلوقتي وبكره الساعة ٢ هتلاقيني قدام الشركة عندك جهز نفسك عشان نتحرك 

- أنت مين ؟

- قولتلك فاعل خير وعموماً بكره هنتقابل..

ثم أنهى المكالمة ونظر عاصي أمامه بشك كبير، ولكن جزء صغير بداخله اطمئن لهذا الشخص لا يعرف السبب، شعر وكأنه يقول الحقيقة فعلاً

ترا ماذا سوف يحدث؟؟


يا ترا مين ده؟؟ 

توقعاتكم للي جاي؟؟ آراءكم ؟؟




 رواية رحيل العاصي الفصل الثاني و الثلاثون 32


 


قال عاصي بدون تصديق:


– دي لعبه جديدة مش كده ؟


– صدقني ولا لعبه ولا حاجه ولو ليلى مرجعتش لحضنك أعمل اللي أنت عايزُه، أنا هقفل دلوقتي وبكره الساعة ٢ هتلاقيني قدام الشركة عندك جهز نفسك عشان نتحرك


– أنت مين ؟


– قولتلك فاعل خير وعموماً بكره هنتقابل..


ثم أنهى المكالمة ونظر عاصي أمامه بشك كبير، ولكن جزء صغير بداخله اطمئن لهذا الشخص لا يعرف السبب، شعر وكأنه يقول الحقيقة فعلاً..


لذلك أتصل بعدها بعز الدين وأخبره بما حدث واتفق معه أن يكون أمام الشركة في الوقت المحدد، حتى يروا نية فاعل الخير هذا، وهل سوف يساعدهم حقاً أم يخدعهم..


لم يعلم عاصي كيف يعود إلى بيته، ولم يعلم كيف سوف يقترب النوم وصغيرة قلبه بعيدة عنه هذا غير مرضها وحالتها الصحية، كان يشعر بعجز كبير بسبب ما يحدث، كان يقنع نفسه أن أحمد في النهاية والدها مهما وصلت به الحقارة لم يقدر على ايذائها ..


وعند احمد..


لم يتحرك من جوار ابنته كان ينظر لها فقط، ولوهله تمنى لو كان أبًا حقيقياً لها، أباً تخبر أصدقائها عنه بكلم فخر وسعادة، وقطع جلسة تأنيب الضمير تلك دخول شريف إلى الغرفة، نهض الآخر من مكانه فقال شريف:


– جهز نفسك ممكن بكره نتحرك من هنا


قال أحمد بتساؤل:


– ليه؟


– احتمال المكان ده يتعرف خليك جاهز لأي حاجه في أي وقت


أومأ أحمد برأسه ثم تركه الآخر وخرج من الغرفة، مر وقت ولم تستعيد فيه ليلى وعيها لذلك شعر أحمد ببعض القلق وقبل أن يتصل بالطبيب وجدها تفتح عيونها ببطيء، جلس بجوارها بسرعه وانتظر منها أي ردة فعل ولكن حدث عكس ما توقعه، وكان صمت الطفلة التام، لم تفتح فمها لتقول كلمة واحده قط، استكفت بالنظر إلى السقف لدقائق ثم أغمضت عيونها وعادت إلى راحتها، فاطمن عليها أحمد وظل بجانبها طوال اليوم..


في اليوم التالي..


وأكاد أجزم أن اليوم السابق كان أطول وأصعب يوم يمر على عاصي وكذلك رحيل التي كانت تجلس بقلق كبير تنتظر أي خبر من عاصي، حتى أخبرها عن فاعل الخير هذا والذي سوف يدلهم إلى مكان ليلى، وفي الصباح قد تفاجئ عاصي أن رحيل أمام باب منزله! رحبت بها حنان ودلفت إلى الداخل، وقد خرجت سلمى إليها ورحبت بها أيضًا، قال عاصي:


– جيتي ليه المفروض ترتاحي ؟


قالت بإصرار:


– هاجي معاك


قال الآخر يتهكم:


– تيجي معايا فين؟


وللأسف لم يخبر عاصي أحد أن ليلى تم اختطافها من قبل أحمد، بل فقط أخبرهم أنها مازالت في المستشفى وقد تركها تحت رعاية إحدى الطبيبات، وبكلام رحيل هذا قد دمرت كل ما فعله في الأمس حتى لا يعرف أحد ما حدث، قالت حنان بتساؤل:


– وفيها أي يا عاصي لو جت معاك المستشفى عندها حق، أصلاً كلنا جاهزين عشان نروح


قالت رحيل بسرعه:


– لاا مش هينفع


وفي تلك الأثناء كانت مريم قد انتهت من ارتداء ملابسها وظلت في غرفتها برهبه، حتى خرجت واتجهت إلى الصالة حيث يتحدثون..


قالت رحيل وهي تُحدّث عاصي:


– أنت مقولتش لحد تاني؟!!


حاول عاصي أن يُسكتها ولكن بدون فائدة، فعندما وصلت مريم إليهم قالت رحيل بعفوية:


– أحمد خطف ليلى من المستشفى امبارح


– نعم؟!!


الكاتبة ميار خالد


قالتها حنان ومعها سلمى بصدمة، زفر عاصي بضيق وقد انتابه الغضب بسبب تصرف رحيل ولكنه صمت عندما استدار ووجد مريم تقف عند بداية الصالة تطالعهم بعيون متسعة على أخرها، استداروا جميعاً حتى ينظرون إلى مصدر صدمة عاصي ليجدوا المسكينة الأخرى أمامهم تطالعهم بصدمة ثم قالت:


– أحمد مين اللي خطف ليلى، مين أحمد ؟!!


اتجه إليها عاصي وحدثها بهدوء حتى تلتقط أنفاسها ولكن بدون فائدة، وكأن هناك بركان قد انفجر بداخلها، صرخت:


– رد عليا أحمد مين؟!!


صاح بها عاصي:


– ممكن تهدي!!


صرخت الأخرى:


– إيه اللي رجعه بعد كل السنين دي، وهو ماله بليلى أصلاً مش هو اللي أتخلى عني راجع تاني ليه، عايز يدمر اللي اتبقى من حياتي


أمسكها عاصي وأحكم قبضته على ذراعها وقال:


– مش هخلي ده يحصل ومش هسمحلك إنك تدمري نفسك تاني، خليكِ واثقة فيا ليلى النهاردة هترجعلك


نظرت له مريم بدموع محبوسة في عيونها وصمتت بقلة حيلة، التفت عاصي إلى رحيل وعيونه مليئة بالغضب، فنظرت هي له بخوف ولكنه لم يترك لها الفرصة أن تتكلم وامسكها من يدها بعنف وخرج بها من البيت، وبعد خروجه وقفت أمامه وقالت بأسف وندم:


– أنا أسفه والله مكنش قصدي


وللحظة غضب عاصي قد خرج عن سيطرته وصاح:


– أنا تعبت من تصرفاتك! تعبت من أفعالك اللي بتعمليها من غير ما تفكري! حقيقي أنا تعبت


نظرت له بدموع وقالت:


– أنا والله مكنش قصدي أنا بس عشان خايفة على ليلى وقولت لازم كلهم يكونوا عارفين


صاح عاصي:


– ليه!! أنتِ مالك ومال عيلتي ملكيش دعوة بكل ده، بتحبي ليلى ماشي ومحترم ده بس مش من حقك تفكري في عائلتي بالنيابة عني!


قالت بدموع مجمدة في عيونها:


– أنا فعلاً مكنش قصدي


– كل مره مش بيكون قصدك برضو، اللي حصل حصل


صمتت رحيل بحزن وندم فقال الآخر:


– روّحي دلوقتي أرجوكِ وأنا هبقى أقولك اللي هيحصل


وقبل أن يتحرك أمسكت يده وقالت:


– المرة دي حاسة إني لازم أكون موجودة، لو ليلى ملقتنيش جنبها مش هتثق فيا تاني، أنا أخر حد بتثق فيه بعد اللي سمعته عن مامتها وبُعدك عنها، أرجوك عشانها


نظر لها عاصي للحظات وظل يفكر بكلماتها، واتصل به عز وقتها حتى يلتقوا في شركته، فابتعد عنها قليلاً وقال لعز:


– رحيل مصممه تيجي


– كده كده كل حاجه أمان متقلقش وأنا عامل حسابي، هاتها عشان ليلى متخافش على الأقل تطمن لما تشوفها، لسه بدري دلوقتي بس لازم تكون قدام الشركة في الوقت المحدد تمام


أومأ عاصي برأسه وعاد إليها فكررت كلامها:


– أرجوك وافق والله ما هعمل حاجه تبوظ الدنيا


– فطرتي؟


قالها عاصي وهو غاضب وقد قطب حاجبيه، فقالت هي بعفوية:


– ملحقتش لا


– اتحركي طيب


قالت بفرحه وحماس:


– بجد هتاخدني معاك!!


– اخلصي يا رحيل إحنا مش رايحين نتفسح


حمحمت بإحراج ثم تحركت أمامه، وكانت سلمى تتابعهم من النافذة بفضول، وحتى الآن لا تفهم طبيعة علاقة عاصي مع تلك المجنونة..


استقلت رحيل السيارة بجانب عاصي وتحرك بهم إلى الشركة، وفي الطريق قال لها:


– عايزه تفطري إيه؟ لازم تأكلي عشان دواكي


– أي حاجه


ثم وقف عاصي أمام إحدى المطاعم واشتري لها بعض الطعام وبعد وقت طويل كان الاثنان في الشركة ينتظرون الساعة المحددة للانطلاق..


***


كان أحمد يشعر بالضيق ولأول مره بسبب كل ما فعله في حياته، لا يعرف كيف استيقظ ضميره فجأة بعد كل هذا، هل تأثير هذه الطفلة قوي لدرجة أن يحرك قلبه الذي يضاهي الحجر في قسوته، كان يقف في الشرفة فلاحظ خروج شريف من البيت فانتابه الفضول قليلاً نحوه، فلم يشعر بنفسه إلا وهو يخرج من البيت خلفه وقد ترك ليلى تحت رعاية الممرضة، استقل سيارة أجرة وذهب خلفه حتى وصل الآخر بعد فتره إلى المقابر..


ترجل شريف من السيارة ودلف إلى الداخل وانتظر أحمد للحظات ثم دخل خلفه، ظل يتابعه عن بُعد حتى أقترب منه ووقف خلفه تماماً وكان وجهه أمام التربة المقابلة لظهر شريف، فلم يراه الآخر ولم يلاحظ حتى وذلك بسبب وجود العديد من الزائرين لأحبائهم المتوفين، هذا غير حالة شريف النفسية التي كانت واضحه أنها سيئة للغاية..


كان يظن أحمد أنه قد جاء إلى أدهم والده الذي قد تبناه حتى بدأ شريف في التحدث حيث قال وقد ترقرقت الدموع في عينيه:


– وحشتيني.. عدت سنين ولحد دلوقتي مش عارف اتأقلم على الحياة من غيرك، أنا تايه وجوايا نار، نار خلتني أتغير لدرجة إني مبقتش عارف نفسي، بس عارف حاجه واحده وهي إني مش هسيب حقكم، عاصي قتلني قبل ما كان سبب في موتك، وجه قتلني مره تانية لما كان سبب في موت الراجل الوحيد اللي ساعدني واللي خلاني أقف على رجلي، لو في بني آدم أنا بكرهه في حياتي فهو عاصي، عارف إنك زعلانه مني عشان اتغيرت وبقيت شخص وحش، بس أنا مش هرتاح غير لما أرجع حقكم، هحرق قلبه واعيشه في الفقر عايز أشوفه بيشحت، زي ما حرق قلبي على فراقك وكسر ضهري لما أدهم مات، هحرق قلبه على أي حاجه بيحبها، أنا عمري ما قتلت حد ولا هقتل عشان وقتها عارف إنك عمرك ما هتسامحيني، مش هقتل عشان وقتها هكون خسرت نفسي زي ما خسرتكم..


كان أحمد يسمع تلك الكلمات بعيون متسعه!! وقد تأكدت شكوكه حول شريف فالموضوع ليس مجرد صفقة قد أخذها عاصي لصالحه، بل الموضوع أكبر وأعمق بكثير مما يظن، ولوهله شعر بالخوف والخطر من شريف، مسح الآخر عيونه وتحولت نظرته إلى البرود مرة أخرى وتحرك من مكانه، وعندما تأكد أحمد أن الآخر قد ذهب التفت ليرى الاسم الموجود على المدفن ولكنه كان مدفن جماعي وبه العديد من الأسماء، فلم يعرف من كان يقصد شريف بكلامه، ولكنه بعد وقت من التفكير خرج من المدافن وعاد إلى البيت، وقرر أن يأخذ ليلى من هذا المكان في أسرع وقت ويختفي بها..


في البيت التي توجد به ليلى..


بدأت الصغيرة في استعادة وعيها مرة أخرى، ظلت تنظر أمامها بعدم تركيز واغمضت عيونها عدة مرات وفتحتها مرة أخرى، وعندما لاحظتها الممرضة اتجهت إليها بابتسامه وقالت:


– حمدالله على السلامة كل ده نوم


نظرت لها ليلى بعيون متعبه، وفحصتها الممرضة فوجدتها في أحسن حال ماعدا يدها ورجالها المكسورين، قالت ليلى ببكاء:


– دماغي وجعاني أوي


جلست الممرضة بجانبها وقالت بحنان:


– عشان فيها تعويره صغيرة بس أنتِ باين عليكِ بنوته جميلة وشجاعة، أنسي الوجع ده وارتاحي بلاش تتعبي نفسك


نظرت لها ليلى بدموع تملئ عيونها ثم اقفلتهم مرة أخرى ونامت من تعبها..


***


الكاتبة ميار خالد


كان يجلس في مكتبه بتوتر، ورحيل أمامه لا تعرف كيف تهون عليه، كان ينظر أمامه بتركيز وكأنه يجمع كل الخيوط في رأسه حتى يصل إلى شيء ما يفيده، نظرت له رحيل بقلة حيلة وقالت:


– محتاج حاجه؟


أشار برأسه بالنفي فصمتت ثم قالت بعد ثواني:


– بتفكر في إيه طب؟


– بحاول افتكر أي حاجه تساعدني


صمتت رحيل وفكرت معه بصوتٍ عالٍ فقالت:


– أنا مسألتكش بعد ما نشرت خبر خطوبتنا، إيه اللي حصل؟


زفر عاصي ثم قال:


– حرقتلهم موضوع الصور فعلاً


– أيوة يعني معرفتش هما عملوا كل ده ليه؟


قال عاصي بتفكير:


– عشان أتنازل عن صفقة المول


قالت رحيل بسرعه:


– يبقى أكيد في حاجه في الصفقة دي هتحل الموضوع ده..


وقبل أن تُكمل كلامها اتسعت عيونها فجأة عندما استوعبت شيئاً ما فنهضت من مكانها بصدمة وقالت:


– لقيتها


نظر لها عاصي بعدم تركيز وتساؤل فأكملت:


– لما عز كان عندنا في البيت قال إنه الموضوع مش بس صور أو تهريب، قال إنه فيه حساب قديم بينك وبين حد منهم، قال إن واحد فيهم خسر أبوه بسببك وبسبب الشركة بتاعتك وأكيد الشخص ده مش أحمد، يبقى أكيد الشخص التاني ده ليه علاقة بموضوع صفقة المول وبالذات لما طلب منك إنك تتنازل عن الصفقة


نظر لها عاصي فجأة وهب من مكانه وكأنها قد وضّحت الصورة أمامه، من كثرة الأحداث التي حدثت له لم يبقى به عقل ليفكر في كل تلك الأشياء، نهض من مكانه هو الآخر ونظر لها بتمعن ثم قال:


– يعني أكيد لو أنا دورت ورا الصفقة دي والشركات اللي كانت بتسعى ليها هوصل مين اللي خسر ومات، وساعتها هكون حليت كل حاجه !


– بالظبط!!


وفي تلك اللحظة دلف رامي إلى مكتب عاصي وبيده العديد من الأوراق التي تنتظر إمضاء عاصي عليها، اتجه إليه وقال:


– مستر عاصي ده شغل الفترة اللي فاتت كلها


قال الآخر:


– صفقة المول، تقدر تعرفلي وتدورلي من اللي كان بيسعى للصفقة قبل الشراكة اللي تتم بيني وبين شركة الرحاب؟


– أكيد أقدر


– كويس جدًّا، عايزك تعرفي كل الشركات دي وبكل تفاصيلها، حتى لو معلومة بنسبالك مش مهمه أنا عايز أعرفها


قال رامي بدهشه:


– حاضر بس ليه؟


– الموضوع مهم جدًّا نفذ بس


أومأ الآخر برأسه وترك الأوراق على مكتب عاصي وقبل أن يخرج التفت إليه وقال بابتسامه:


– صحيح أنا نسيت أبارك لحضرتك ولأنسه رحيل على الخطوبة، ألف مبروك ربنا يتمملكم على خير مع أنه كان خبر صادم للكل بصراحه


نظرت له رحيل بتهكم وقالت:


– والله؟؟ وخبر صادم ليه يعني


ضحك رامي رغماً عنه وقال:


– بسبب الحادثة اللي حصلت أول ما دخلتي الشركة، كله كان متوقع أن أستاذ عاصي يعمل تصرفات أقسى من اللي حصلت بس أنتِ محظوظة جدًّا، أستاذ عاصي مش بيسامح حد زي ما سامحك بسهوله كده


نظرت الأخرى لعاصي بغضب مكتوم فوجدته يبتسم بهدوء، فناظرت رامي مرة أخرى ثم ظهرت ابتسامة صفراء على وجهها وقالت:


– طيب باقي الموظفين مش عايزين يباركوا ولا إيه؟!


ثم أمسكت يد عاصي عنوة وخرجت معه أمام جميع الموظفين، الذين طالعوهم بنظرات مختلفة إحداها غيره والأخرى حقد ونظرات أخرى سعيدة لهم وتتمنى لهم الخير، هكذا هم الناس


قالت رحيل وابتسامة صفراء على وجهها:


– عيب مش معقول رامي بس اللي يباركلنا هو مش كلنا عيلة هنا ولا إيه


ثم وضعت يدها في ذراع عاصي ونظرت له بضحكة جميلة، ووقتها أتجه إليهم بعض الموظفين والذي كان معظمهم رجال، وكانت رحيل تطالع الموظفات بنظرة صفراء وغيظ في نفس الوقت، وتركت يد عاصي ثم اتجهت إلى بعضهم وقالت:


– سمعت من رامي أنكم مستغربين الخطوبة ليه كده


وإحداهم كانت على قدر كبير من الجراءة فقالت بسخرية:


– يعني، مكنش باين عليكِ إنك ذوق مستر عاصي


نظرت لها رحيل بابتسامة صفراء وقالت:


– والله ويطلع إيه ذوق مستر عاصي؟


قالت الأخرى بضحكة سخرية:


– تكون البنت طبيعية على الاقل، أحنا مش فاهمين إزاي ده حصل بعد اللي عملتيه مع الفوج بصراحه، أنا أسفه بس أنا صريحه شوية مش عارفين خطبك على إيه


نظرت لهم رحيل بغيظ وقبل أن تمسك شعرها بيدها امسكها عاصي من يدها بسرعه، نظرت له وقالت بصوتٍ خفيض:


– سيب أيدي!


– اوعي تعملي اللي بتفكري فيه


ولكن رحيل قد تملكها الغضب وقبل أن تبدي رد فعل عنيف قال عاصي:


– مش وقته دلوقتي، خلينا نخلص من كل حاجه الأول وأنا هخليكي تنزلي فيهم تلطيش براحتك


نظرت له الموظفة التي كانت تتكلم مع رحيل بصدمة وقالت:


– مستر عاصي حضرتك بتقول إيه ؟!


– والله لما أنتِ تحترمي نفسك الأول وتركزي أنتِ بتتعاملي مع مين هبقى أخد أنا بالي من كلامي


ثم أمسك يد رحيل وتحرك بها، فالتفتت الأخرى وطالعتهم بشماته ورفعت حاجبيها وانزلتهم بسرعه مع لسانها التي قد أظهرته لهم ليشعروا جميعاً بالغيظ..


وقف عاصي مع رحيل أمام الشركة وجاء لهم عز الدين وكان يتابع مع يوسف حتى إذا حدث أي شيء غير متوقع يتدخل فوراً، قال عز:


– الساعة جت ٢، واضح أن فاعل الخير رجع في كلامه


ظلوا جميعاً على أعصابهم، حتى شعر عاصي بيد توضع على كتفه، التفت بسرعه وكذلك عز ورحيل ليجدوه يقف امامهم، قال عاصي:


– أنت مين؟


قال الآخر بابتسامة ودوده:


– فاعل الخير


– أسمك إيه ؟!


صمت للحظات ثم قال بنظرة خبيثة:


– شريف المحمدي، أنا هوصلك لمكان احمد!

يتبع 

تكملة الرواية من هناااااااا 

 

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا





تعليقات

التنقل السريع