القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية شيخ في محراب قلبى الفصل التاسع وعشرون والثلاثون الأخير بقلم رحمه نبيل

التنقل السريع

     رواية شيخ في محراب قلبى الفصل التاسع وعشرون والثلاثون الأخير بقلم رحمه نبيل 





    رواية شيخ في محراب قلبى الفصل التاسع وعشرون والثلاثون الأخير بقلم رحمه نبيل 




    29💘30

    " هونت عليك يا جمال ؟؟؟ "


    كانت همسة متوجعة خفيضة انطلقت من فم مصطفى الذي كان يجاهد لرفع وجهه بعدما تلقى من زكريا ما جعل حنجرته تتألم من الصراخ ...


    انطلقت ضحكات يرن صداها في الغرفة عقبها صوت جمال المرعب وهو يتجه بابصاره لأخيه :


    " احمد ربك يا درش إني مش حابب اوسخ ايدي بيك "


    صمت ثم نظر له نظرة ...فهم مصطفى ما يقصد بها :


    " وإلا......انت عارف كويس اوي اوي أنا اقدر اعمل ايه ؟؟؟" 


    أنهى حديثه وهو يوجه نظره لجيمي الذي كان يغمض عينه متنفسا بحدة يحاول كتم تأوه مانعا نفسه عن الصراخ كالفتيات :


    " منورنا يا جيمي والله ...اهو صاحبك قدامك تعبان عشان متقولش بس إن سفريتك جات على الفاضي " 


    رفع جيمي عينه بغضب شديد يرمقه لجمال يتمنى لو كان يستطيع أن ينهض وينقض عليه ....


    رفع جمال حاجبه باستهزاء من نظرات جيمي وهو يقول بسخرية :


    " لا جيمي بتبصلي كده ليه ؟؟؟ مش خايف على روحك ولا ايه ؟؟؟" 


    بصق جيمي في الأرض وهو يبتسم بسخرية :


    " اخاف على ايه بقى ما كله محصل بعضه يا جمال باشا "


    ادعى جمال التفكير في حديثه ثم قال بعد صمت قصير ببسمة :


    " انت عندك حق فعلا .... ألا قولي يا جيمي هو السيد الوالد ضاقت بيه الدنيا وملقاش غير جمال ويسميك بيه ؟؟؟ اصل الصراحة مستخسر الاسم في خلقتك " 


    ابتسم جيمي ولم يجب عليه واكتفى يتنفس بغضب فقط 


    " انفخ انفخ ده اخرك ....ايه يا درش يا حبيبي ما تشاركنا في الحوار اللطيف ده ...مش انت كنت حابب زمان اقعد مع جيمي واتكلم معاه وادي نفسي فرصة أفهمه ؟؟؟ " 


    لم يجبه مصطفى يا تحدث بجمود :


    " قولت لماما ؟؟؟" 


    " ملكش دعوه بيها من اليوم ده تعتبر نفسك خارج عيلتنا سامع ؟؟؟ غير اني سفرتها عند خالك لغاية ما انضف مكانك " 


    سقطت دمعة مصطفى بوجع وهو يردد :


    " اخر واحد كنت أتوقعه يعمل كده يا جمال " 


    " وده اكبر دليل إنك متعرفنيش كويس يا مصطفى ...." 


    قاطع حديثهم صوت رنين هاتف جمال ليجيب سريعا ويصل له وللجميع في الغرفة صوت رجل يصدح ببعض الكلمات كانت وقعها على الجميع مُوجع لاسباب مختلفة ....


    " جمال باشا تم تحرير محضر بالواقعة وكمان تم ايقاف مصطفى باشا عن العمل لحين انتهاء التحقيق وبكرة هيتم إحضاره هو والمتهم التاني ...."


    _____________________________


    " نقاب ؟؟؟" 


    هزت رأسها ببسمة واسعة وهي تردد على مسامعة نفس الكلمة مجددا :


    " ايوة عايزة البس نقاب بس الاول عايزة اعرف كل حاجة عنه لاني مش حابة اكون صورة تسئ ليه " 


    ابتسم زكريا بسمة واسعة وهو ينظر لها بفرحة عارفة يردد بهمس وصل إليها واضحا :


    " تعرفي اني حاليا بتخيل اقوم وامسكك وأدور بيكِ من كتر الفرحة ؟؟؟" 


    ضحكت فاطمة بشدة وهي تقترب منه قليلا ثم قالت بخفوت :


    " نأجلها بعدين لأن حاليا ممكن ماما وداد تدخل في أي وقت المهم نبدأ ؟؟؟" 


    ابتسم لها زكريا وبدأ يشرح لها كل ما قد تحتاجه للنقاب وهي تستمع له باهتمام شديد تحاول فهم كل كلمة ينطقها حتى تطبقها فيما بعد تقنع نفسها أنه حان الوقت لذلك .....


    كان زكريا يتحدث بلا توقف وبحماس شديد وهو يتحرك في الغرفة محضرا العديد من الكتب التي قد تنفعها في بعض الأحكام يشير لها على الصفح التي قد تفيدها وهو يشعر أنه يدرس لابنته الصغيرة في المدرسة ..


    _______________________


    زفر بضيق وهو ينظر له يضم يديه بين ركبتيه مبتسما بخجل شديد يحاول افتتاح الحديث بأي كلمة، لكن كل مرة تخونه شجاعته ...


    " يا عم فرج اتكلم ابوس ايدك عايز افتح الورشة "


    ابتسم فرج وهو يرفع عينه ثم اعتدل في جلسته وهو يخبره مباشرة ودون مقدمات :


    " بصراحة يا عمي انا جاي طالب القرب منك "


    " عمي ؟؟؟ عمي مين يا عم فرج ده ابنك الصغير كان زميلي في المدرسة انت بتقول ايه بس ؟؟؟ ثم انك طالب القرب في مين معلش ؟؟؟" 


    كان يتساءل بعيون تقدح شرارا عالما إجابة سؤاله لكنه يود فقط أن يسمعها منه هو حتى لا يكون هناك حجة عند قتله ....


    " يعني هيكون في مين يابني كلك نظر ؟"


    " لا ما هو انا اساسا نظري ضعيف مش شايف النضارة اللي لابسها ولا ايه ؟؟؟؟ فلو سمحت وضح كده جاي طالب ايد مين ؟؟؟؟"


    " امك " 


    احمرت عين اشرف بغضب شديد وهو ينهض صارخا به :


    " نعـــــــــــم ؟؟؟؟؟؟؟؟"


    نهض فرج وهو يصعد بكله على المقعد يهتف برعب من ملامح اشرف :


    " في ايه ؟؟؟ انا والله جاي اتجوز امك بجد مش شتيمة "


    " حلو غلط وانا كنت مستنيه يغلط " 


    اجابه فرج بعدم فهم :


    " هو مين ده اللي غلط ؟؟؟بعدين مالك كده اقعد واستهدى بالله " 


    ابتسم اشرف وهو يشمر كم قميصه يعدد أخطاء فرج عليه :


    " يعني يا راجل يا عجوز إنت جاي تطلب ايد امي بكل بجاحة وقاعد كده عادي ؟؟؟بعدين خلاط ايه اللي جايبه معاك ده؟؟؟" 


    نظر له فرج بشر كبير وهو يعتدل في وقفته أمامه ليصل حتى بداية صدره هادرا فيه بغضب :


    " اولا ايه عجوز وجاي أطلب ايد امك دي ؟ هي والدتك قاصر وانا معرفش ؟؟ ما هي نفس سني تقريبا ....ثانيا فيها ايه لما اطلب ايد امك ؟؟؟ثالثا انت متعرفش الخلاط ده بيعمل ايه ولا ايه ؟؟؟ ده بركة " 


    أشار اشرف للخلاط الذي يتوسط الطاولة وهو يقول :


    " الخلاط ده ؟؟؟" 


    هز فرج رأسه بنعم ليجد اشرف يتجه صوب الخلاط وهو يحمله ملقيا إياه ارضا بعنف كاسرا إياه ....


    تجمد فرج في محله بصدمة كبيرة لا يصدق ما فعله اشرف للتو صارخا :


    " الخلاط كسرته ليه ؟؟؟ ده هادي هيكسر دماغي انا وانت منك لله " 


    ________________________


    امتدت يدها المرتجفة تحاول الامساك بثيابه عله يهدأ قليلا، لكنه على العكس ازداد اشتعالا وهو يبعد يدها بغضب جحيمي صارخا بها دون أن ينتبه أنه يحدثها بالفرنسية :


    " أبقي خارج الموضوع فهمتي !؟؟"


    استدار بعدها فرانسو للنادل وهو يشرف عليه بطوله قائلا بشر ينطق من جميع خلجاته :


    " هيا أعد ما قلته منذ قليل ...أعد ما قتله ." 


    عاد النادل للخلف بقلق من نبرة فرانسو :


    " عفوا يا سيدي انا لم اخطئ ولكن وجود زوجتك هنا بهذا الشيء على رأسها يثير فزع رواد المكان "


    " لما ؟؟؟ هل ترتدي حزاما ناسفا على رأسها ؟؟؟ أو تحمل في حقيبتها قنبلة ؟؟؟ اسمع يا هذا انا لا اسمح لك او لأي حقير في هذا المكان بالتقليل من شأن زوجتي فهمــــت ؟؟؟"


    أنهى حديثه وهو يستدير في المكان صارخا بغضب :


    " من لديه اعتراض على حجاب زوجتي فلينهض ويحدثني الان ويقنعني بمدى خطورته " 


    عم صمت طويل ولم يجب أحد عليه ليبتسم بسمة ساخرة ثم حمل اشياءه من الطاولة وهو يقول بشر :


    " فلتخبر رئيسك أن يستعد للمقضاة فلن اصمت عن إهانة زوجتي فأنا أيضا مواطن في تلك الدولة مثلك ...." 


    امسك بعدها يد بثينة بحدة شديد جعلتها تخشاه حقا في تلك الدقيقة ليقول هو قبل خروجه :


    " سؤال واحد للجميع اذا سمحتم لي " 


    انتبه له الجميع ليهتف هو بنظرات جامدة :


    " اذا زار أحدكم بلدا عربية مسلمة فهل سبق واجبركم أحد على ارتداء الحجاب أو عاملكم أحد باستصغار ؟؟؟ لا صحيح ؟؟؟ وهذا تحديدا هو الفرق بيننا " 


    امسك يد بثينة واتجه صوب باب المحل وهو يقول بنبرة تهديد :


    " اذهب للبحث عن عمل آخر يا فتى فهذا المطعم سيُغلق " 


    " انتظر يا سيدي لحظة من فضلك لقد اسئت فهم العامل هنا ...هو لا يهينك زوجت بل ...." 


    توقف مدير المطعم عن الحديث والذي خرج منذ قليل من مكتبه بسبب الضوضاء وسمع اخر كلمات فرانسو ليرتعب من تنفيذه للتهديد فهم سابقا حينما كانوا يبعدون اي شخص من المطعم كان يرحل دون قول كلمة أما هذا فقد وقف وتحداهم بكل جرأة اخافت المدير من حديثه ....


    " اسمع يا سيد انا لست ابلها لكي لا أفهم حديث الفتى ولست غبيا حتى لا اعلم الدولة التي عشت بها عمري والعنصرية التي تمارسوها ضد المسلمين هنا " 


    أنهى حديثه وهو يرحل قبل أن يتحدث المدير بكلمة إضافية وهو يشتعل داخليا فهو يعلم جيدا أن تلك البلد هي أكثر البلاد التي قد يلاقي فيها أي مسلم ما يكفيه من العنصرية ....وقد شهد سابقا على العديد من الحوادث كتلك بل و ابشع، لكن ما لم يتخيله أن تتعرض يوما زوجته لذلك الأمر وأمام اعينه لذا في داخله توعد لهم بالويل حتى وإن اضطره الأمر للقول إنه تمت إهانته هو شخصيا حتى ينال منهم ....


    ____________________________________


    انتهى زكريا من درس اليوم مع فاطمة ثم راقبها وهي تنظر في أحد الكتب التي أعطاها لها تحاول فهم شيئا ما ليقاطع كل ذلك وهو يقول لها فجأة .....


    " فاطمة ...." 


    رفعت فاطمة نظرها له وهي ترمقه بترقب :


    " نعم ؟؟؟" 


    " ممكن نتكلم شوية ؟؟؟" 


    تركت فاطمة الكتاب جانبا ثم اعتدلت في جلستها وهي تنظر له بانتباه شديد منتظرة أن يبدأ الحديث :


    " اتفضل يا زكريا انا سمعاك " 


    ابتسم لها زكريا ثم صمت قليلا قبل أن يبدأ في قول ما يحاول استدعاء شجاعته منذ قليل للبوح به :


    " فاكرة انا وعدتك بايه قبل كده ؟؟؟؟" 


    لم تفهم فاطمة حديثه تحاول تذكر أي وعد هذا الذي وعدها إياه فهو وعدها بكثير من الوعود :


    " اي واحد قصدك ؟؟؟" 


    ابتلع زكريا ريقه يحاول التفكير في طريقة هينة للبوح بالأمر :


    " قصدي الموضوع اللي ...هو يعني ...اللي هو " 


    " مالك يا زكريا انا مش فاهمة منك اي حاجة ...موضوع ايه ده اللي بتتكلم عنه ؟؟؟ " 


    حاول الابتسام ليطمئنها بعدما ازداد قلقها :


    موضوع مصطفى وجمال يا فاطمة " 


    وسريعا انسحبت الدماء من وجهها لتشحب شحوب الأموات تتنفس بعنف وهي تنظر له بعدم فهم :


    " مالهم ؟؟؟؟ حصل حاجة ؟؟؟ هما عرفوا اني مراتك و......."


    توقفت فاطمة عن الحديث وهي تجد زكريا ينهض سريعا ليجلس ارضا جوارها ممسكا بيدها وهو ينظر في عينها بقوة هامسا باسمها وكأنه يخبرها الا اتخشى وهو جانبها :


    " فاكرة وعدي اللي قولتلك عليه ؟؟؟ اني هاخدلك حقك ؟؟؟ فاكرة يا فاطمة ؟؟؟؟ جه أوان اني أنفذه "


    ارتعشت شفاة فاطمة بعظم تصديق وهي تردد بتيه:


    " تنفذه !؟؟؟يعني ايه ؟؟؟"


    " اتقبض على  مصطفى وجمال " 


    فزعت فاطمة وهي تحاول نزع يدها من يده ليتمسك هو بها أكثر وكأنه يخبرها أنه ابدا لن يترك يدها طالما كان يتنفس لذا أكمل حديثه وهو يضم كفيها بين كفيه :


    " مسكناهم وجبنا دليل عليهم وبكرة هيتم حبسهم  بأمر رسمي وبعدها هياخدوا جزاءهم "


    كان يتحدث وهو ينظر لعيونها التي اتسعت بعدم تصديق وهناك دموع تهبط بعنف شديد وشهقاتها قد بدأت تعلو في المكان كله تهز رأسها بالنفي وهي تردد بدون وعي :


    " مستحيل....لا لا " 


    رأى زكريا حالتها تلك ليجلس سريعا جوارها وهو يجذب رأسها لصدره بحنان هاتفا بتأكيد مواسيا إياها :


    " لا يا فاطمة مش مستحيل ....خلاص الكابوس ده خلص وحقك هيرجع وتقدري وقتها تعيشي وأنتِ مطمنة " 


    بكت فاطمة أكثر وهي تهتف من بين صرخات قلبها العالية :


    " بابا ...بابا ......"


    لم تتمكن من اكمال كلمتها وهي تزداد بكاءا على نفسها وحياتها التي ضاعت بسبب اب ضعيف جبان حتى عن استراد حق ابنته ...عن الوقوف في وجه من دمروها وكسروا برائتها......


    ضمها زكريا اكثر وهو يحاول تهدئتها يعلم جيدا بما تفكر وبماذا تشعر ...يشعر بوجعها وخذلانها ليهتف لها بحنان :


    " تحبي نروح ليه ؟؟؟" 


    لم تفهم فاطمة مقصد زكريا لترفع رأسها ببطء من على صدره وهي تهمس بعدم فهم :


    " نروح ليه ؟؟؟" 


    " اممم قصدي والدك ...تحبي نروح نزوره؟؟؟نتكلم معاه ؟؟؟ تقعدي معاه ؟؟؟ لو ده هيخفف عنك نروح ليه ايه رأيك ؟؟؟"


    وكانت اجابتها هزة صغيرة رافضة من رأسها تنفي حديثه وترفض اقتراحه خوفا في الذهاب ورؤية تلك النظرة في عينيّ والدها التي كان يمطرها بها حارما إياها من نظرة حنان واحدة ...نظرة كانت ترتجيها منه ....نظرة لم تجدها سوى في عين ذلك الذي يربت على ظهرها بحنان شديد وكأنه يخشى أن تُكسر في ده ....


    صمتت وصمت ليطول صمتهما الذي لم يقطعه سوى همسة زكريا وهو يناديها بحنان شديد :


    "فاطمة ؟؟؟"


    لم يصله ردها على كلمته ليبعدها قليلا عن صدره يحاول تبين إن كانت غفت ام لا؟؟؟؟ لكنها ابت أن تتحرك ولو انش واحد بعيد عن صدره وهي تهمس بصوت ابح من كثرة البكاء :


    " زكريا ...." 


    ربت زكريا على رأسها وقد علم أنها في هذه اللحظة تحتاج فقط للشعور بالأمان لذا توقف عن محاولة رؤية وجهها عن طريق أبعادها عنه :


    " عيونه ؟"


    " انا بحبك اوي "


    ابتسم زكريا بسمة واسعة وهو ينحني مقبلا رأسها بحب شديد لا ينضب ولا يجف بل يزداد في الفيضان داخل قلبه كبحرٍ هائجٍ :


    " وانا ماتت كلماتي أمام تلك الكلمة صغيرتي " 


    تغضنت ملامح فاطمة بضيق وهي تهمس له :


    " يعني ايه؟؟؟ يعني انت مش بتحبني ؟؟؟" 


    ضحك زكريا بعنف على حديثها وهو يخبرها من بين ضحكاته :


    " هذا ما وصل لكِ من حديثي ؟؟؟ "


    ابتعدت فاطمة عنه بغيظ شديد وهي تهمس :


    " زكريا إنت بتحبني ولا لا ؟؟؟"


    تشنج زكريا بغيظ وهو يرمقها لا يصدق ذلك السؤال الغبي الذي خرج للتو من فهما لينهض مبتعدا عنها بنزق وهو ينهض هاتفا :


    " من بين كل نساء الارض رزقت بكِ أنتِ "


    " وانت مالك بنساء الأرض يا زكريا يا شيخ يا محترم ياللي مش بترفع عينك في واحدة يا اللي كنت كل ما تشوفني تدفن وشك في الأرض وتبعد عني كأني جربانة " 


    نظر لها زكريا لثوانٍ قبل أن ينفجر في الضحك متذكرا تلك الأيام وهو يهتف بحنين :


    " اه فكرتيني ...مكنتش المحك غير لما يحصلي مصيبة " 


    صمت قليلا ثم قال بتعجب شديد :


    " صحيح هو ازاي بقيت اقابلك عادي من غير ما تحصل مشكلة ؟؟؟ ولا المشاكل دي كانت قبل الجواز بس ولا ايه ؟؟؟" 


    لم تفهم فاطمة ما يقول لتتحدث بحنق :


    " انت بتقول ايه ؟؟؟ شكلك بتوه الكلام عشان متقولش بحبك " 


    رفع زكريا حاجبه بسخرية شديدة وهو يتجه لها ببسمة هاتفا حينما أصبح قربها :


    " جميلتي الصغيرة اه فقط لو كنتِ تملكين عقلا لكنتِ اصبحتي افضل نساء الارض " 


    أنهى حديثه وهو يبتعد عنها تاركا إياها تفتح فمها ببلاهة مرددة :


    " ايوة يعني بتحبني ولا لا برضو ؟؟؟"


    " أنتِ شايفة ايه يا فاطمة ؟؟؟" 


    " زكريا تتجوزني ؟؟؟؟"


    ابتسم زكريا بعدم تصديق لكلمتها يفتح فمه ببلاهة وهو يهمس وقلبه يقرع بشدة :


    " أنتِ اللي تتجوزيني يا فاطمة ؟؟؟ انا اللي المفروض اقولك كده بل واترجاكِ كمان " 


    نظرت له فاطمة ببسمة وهي تقول محاولة ابعاد تلك الغصة عن حلقها وهي تقترب منها تدفن نفسها في صدره :


    " مش مهم مين يقولها المهم انك تتجوزني يا زكريا وتبقي جنبي دايما لغاية اخر نفس فيا " 


    اغمض زكريا عينه ببسمة وكأنه يستعشر همساتها ثم قال ببسمة :


    " فاطمة ..."


    " اممممم...."


    ابعد زكريا وجهها قليلا عن صدره ثم اقترب من وجهها بشدة وهو يهمس بحنان وحب :


    " لا اعلم إن أخبرتك سابقا بكلمة احبك، لكن إن لم افعل فتأكدي أنه ماكان ذلك سوى خجلا من أن أقول كلمة لا تصف مقدار مشاعري تجاهك، فـ والله ما في قلبك تجاهك قد تخطى درجات الحب الاثنا عشر والتي عرفتها اللغة العربية للدرجة الثالثة عشر والتي وجدت فقط لاجلك وها هي على أعتاب الدرجة الرابعة عشر بل وربما الخامسة عشر فحبي لكِ يتزايد بدرجة مخيفة لذا فقط ارفقي بي....."


    ___________________________


    كانت تسير جواره صوب المصعد بعدما عادا الاثنان للمنزل وفي قلبها تحمل شيئا من الخوف لما رأته منه منذ قليل ...وها هم منذ  خرجوا من المطعم وهو يجري اتصالات عديدة يتحدث فيها بغضب عارم جعلها تتقي شره ولا تتحدث بكلمة واحدة حتى .


    فتح فرانسو باب شقته ثم تقدم للداخل دون كلمة واحدة ملقيا مفاتيح شقته على اول طاولة قابلته، لكن ما كاد يخطو بقدمه داخل الغرفة حتى وصل لمسامعه صوتها الهامس وبشدة وكأنها كانت تخشى أن تزعجه فينقض عليها ....


    " هو ...هو اللي حصل هناك ده بسببي ؟؟؟ انا عملت حاجة غلط ؟؟؟" 


    توقف فرانسو وهو يعطيها ظهر ثم مسح وجهه بضيق شديد يحاول الهدوء فليس لها أي ذنب بما حدث ابدا ..ها قد أصبحت تخشاه أكثر بعدما نجح صباحا في أخذ اول خطوة صوبها ...احسنت فرانسو .


    استدار لها ببطء وهو يجاهد لرسم بسمة على فمه يخبرها بها أنه ابدا ليس غاضبا منها بل هو فقط غاضبا لأجلها .....


    " لا يا قلبي مش بسببك و....."


    توقف فجأة وهو يستوعب ما قال منذ ثواني وتلك الصدمة التي ارتسمت على وجهها على إثر كلمته التي خرجت عفوية منه ..اه حسنا ها هو يفسد الأمور أكثر ....


    " تمام شكلي بوظت الدنيا صح ؟؟؟"


    لم تفهم بثينة ما يقصده بحديثه ذلك ومازالت الصدمة جراء كلمته تحتل ملامحها ليهز هو كتفيه بعدم اهتمام لما حصل وهو يضيف على حديثه السابق متجها لها بخطى سريعة :


    "  وبما أنها كده كده بايظة فنبوظها أكثر "


    أنهى حديثه وهو يجتذبها لاحضانه بعنف شديد يهمس لها بدون مقدمات 


    " بحبك يا بثينة "


    كان قلبها يضرب جنبات صدرها بعنف شديد لدرجة الألم تشعر باطرافها وكأنها تجمدت وهو يضمها بهذه القوة إليه بينما هي كانت ترخي ذراعيها جوارها لا تعلم ماذا تفعل سوى أنها أخرجت همسة بلهاء من فمها :


    " ها ؟؟؟؟" 


    " من سنين طويلة بحبك اوي يا بثينة "


    فتحت بثينة عينها بصدمة ...اي سنين تلك ؟؟؟ هي تعرفه منذ أسابيع فقط ....


    " هتحبيني زي ما بحبك ولا نكتفي بحبي ؟؟؟ متخافيش هو كببر وهيكفينا "


    شعرت بثينة بدمائها تغلي في عروقها وهي تفكر أن الذي ظنت أنها  تعشقه طوال سنين حياتها لم يبادلها يوما بنظرة حب واحدة ...وها هو ذلك الذي نبذته يعشقها ويهيم بها عشقا كما ترى ......


    " بتحبني ؟؟؟" 


    ابتعد فرانسو عنها وهو يرجع شعر رأسه للخلف هامسا ببسمة وجنون :


    " مش اوي يعني هو ممكن تقولي هوس جنون يعني حاجة في الرنج ده ...تقريبا من كتر قعدتي معاهم بقيت زيهم "


    ضحك دون أن ينظر لها ثم أضاف  مبتلعا ريقه وهو يتساءل بعيون وشفاه ممدودة كطفل صغير :


    " تفتكري اني محتاج اتعالج ؟؟؟؟"


    نظرت له ببلاهة وهي تهز رأسها بعدم معرفة ليبتسم هو فورا مضيفا وهو يسحب يدها ثم اتجه بها لخارج الشقة كلها وهو يقول بحماس شديد :


    " انا لقيتها احنا نخرج دلوقتي نروح ناكل ايس كريم وبعدين ارجع اتعالج  " 


    تحركت بثينة خلفه وهي تنظر له بذهول شديد ومازالت كلماته تتردد في اذنها تبتسم ببلاهة تشعر بشعور غريب يغمرها لذا سحبت يدها منه ليتوقف فجأة وقبل أن يتحدث بكلمة كانت هي تلقي بنفسها بين أحضانه وهي تهمس بأمل في حياة جديدة بأمل في حب يغمرها بأمل في عائلة تحبها :


    " سوا ....نتعالج سوا يا فرانسو ..." 


    ______________________________


    " ما خلاص بقى يا هادي مكانش خلاط ده اللي متنكد عليك بسببه بقالك يوم " 


    زمّ هادي شفتيه وهو يتحدث بحنق شديد لرشدي الذي يستهين باحزانه غير عالما بمكانة ذلك الخلاط لديه :


    " طبعا ما انت مش حاسس بناري ....الخلاط ده يا استاذ ياللي بالنسبة ليك عادي ...كان شاهد كبير على قصة حبي انا واختك وفجأة كده اختفي من حياتي ..منك لله يا فرج بس المحك والله لـــ...."


    توقف هادي عن الحديث وهو يرى فرج يتهادى أمام عينيه بخفة وكأنه البارحة لم يكسر قلبه مع خلاطه الثمين ....كانت اعين هادي تتحرك بالتزامن مع حركة فرج وهو يسير أمامها ببسمة واسعة دون أي شعور بالذنب قد يشفع له عند هادي بل وأن القاحة وصلت به بأن يلوح بيده لهما يلقي عليهما تحية الصباح ثم ابتعد صوب مقعده على القهوة تاركا بركان هادي على وشك الفوران ....


    أشار هادي صوب فرج وهو يحدث رشدي بشر :


    " اهو جه لغاية عندي برجليه " 


    ربنا بعدها على ذراع رشدي وهو يقول بينما يرفع أكمام قميصه :


    " خد زكريا ومراته وعلى القسم وانا هحصلكم بعد ما اخلص " 


    أنهى حديثه ثم ركض صوب القهوة قبل أن يتمكن رشدي حتى من منعه أو الإمساك به ......


    كان يجلس بملل شديد على مقعده ينعي فشله الـ.. حسنا هو لا يتذكر رقم هذه المرة من كثرة محاولاته الفاشلة في الزواج بأم اشرف وكل هذا بسبب ذلك البغيض اشرف


    " تذرب حاجة يا عم فرج ؟؟؟"


    استفاق فرج من أفكاره على صوت فتى صغير لينظر له بحسرة وهو يردد :


    " كوباية لمون يابني خلينا اروق بدل حرقة الدم " 


    " لا خليها كوباية قهوة على روح المغفور إليه "


    رفع فرج رأسه مذعورا من ذلك الصوت وهو يردد بخوف محاولا رسم بسمة مرتجفة :


    " هادي ؟؟؟ اهلا يا حبيبي اخبارك واخبار الست الوالدة ؟؟؟ " 


    ابتسم له هادي بسمة مخيفة ليقول فرج وهو يراقب رحيل الفتى :


    " خير يعني طلبت قهوة على روح المغفور إليه ؟؟ مين ده اللي مات ؟؟"


    جلس هادي جواره وهو يراقب حديثه مبتسما 


    " الحاج فرج " 


    صدم فرج من حديثه وهو يتراجع للخلف :


    " الحاج فرج ؟؟؟ لا متقولش الحاج فرج الحلاق ؟؟؟لا حول ولا قوة الا بالله ده كان من اسبوع بيلعب معايا طاولة ...تعرف الحاج فرج  ده كان زميلي في اعدادي كنا بنقعد ورا بعض في اللجنة ويغش منــ.....فيه ايه يا هادي يا حبيبي بتبصلي كده ليه ؟؟؟" 


    ابتسم هادي وهو ينهض مشرفا على فرج :


    " لا متخافش الحاج فرج ربنا يديله الصحة بخير بس فرج تاني هو اللي هيموت ...."


    " فرج تاني ؟؟؟ يكونش فرج بتاع الروبابيكيا ؟؟؟ بس ده لسه عيل يا عيني حسرة قلب أهله عليه و...." 


    توقف وهو يرى هادي ينقض عليه قائلا من بين أسنانه :


    " يعني جبت كل اللي اسمهم فرج في الحتة ونسيت نفسك يا فرج ؟"


    تراجع فرج للخلف برعب وهو يبحث عن مفر له :


    " انا ؟؟؟ ما انا زي الف اهو يابني "


    " كنت ...زي الفل " 


    صرخ فرج وهو ينهض من مقعده بسرعة يحاول الفكاك من يد هادي الذي لحق به بغيظ شديد يهتف به أن يتوقف لولا أن سيارة توقفت أمامه واطل منها رأس رشدي الذي صاح به في نزق وضيق :


    " انت يا زفت يلا اطلع " 


    " قولتلك روح وانا هاجي وراك "


    " انت اهبل ياض ؟؟؟انت المحامي يا متخلف اركب  " 


    نظر هادي بشر لفرج وهو يشير على رقبته بعلامة الذبح متوعدا له ثم تحرك صوب السيارة ثم صعد جوار الجميع متجهين للنيابة العامة بعدما حدثهم جمال مخبرا اياهم باخر المستجدات كلها .....


    كان زكريا يراقب فاطمة يحاول سبر اغوارها يعلم جيدا ما تمر به لذا مد يده يمسك يدها ضاغطا عليها بقوة يحاول مؤازرتها ودعمها ...


    نظرت فاطمة صوب زكريا تستجدي حنانه ودعمه ليبتسم لها تلك البسمة التي لم تفشل يوما في اسعادها .....بادلته فاطمة الابتسامة بأخرى متوترة لتسمع همسة لها :


    " فاطمة "


    انتبهت له بكل حواسها تنتظر كلمته ليقول لها وهو يدعي الخجل محاولا إخراجها من حالتها السيئة تلك :


    " انا بلغت أهلي امبارح بطلبك وهما وافقوا " 


    لم تفهم فاطمة عما يتحدث واي طلب هذا الذي يتحــ .....يا الله ليس هذا هل أخبرهم فعلا عن طلبها الغبي له بالأمس ؟؟


    " قولتلهم ايه ؟؟؟؟"


    ابتسم زكريا لإخراجها من حزنها ذلك ثم قال وهو يدعي الخجل :


    " قولتلهم إن فيه عروسة بنت حلال عايزة تتجوزني والصراحة انا حسيت بقبول ليها فوافقت وهي مستنية موافقة منكم ولو كده هتيجي تتقدم " 


    فتحت فاطمة عينها بصدمة كبيرة ثم صرخت بعدما كانوا يتهامسون تلفت انتباه كلا من رشدي وهادي اللذان يجلسان في الامام بصرخاتها :


    " لا يا زكريا متهزرش اوعى تكون قولت كده " 


    ضحك زكريا بعنف من ملامحها وذلك الرعب الذي سكن ملامحها وكأنه ألقى لها باتهام أو ما شابه لتضربه هي بغيظ شديد هاتفه :


    " اوعى تكون قولتلهم يا زكريا والله العظيم ازعل منك و...."


    جذب زكريا رأسها إليه ثم كتم فمها بصعوبة وهو ينظر باعتذار لرفيقيه وبعدها همس لها من بين ضحكاته :


    " اششش بهزر معاكِ  " 


    صمتت هي قليلا ثم أبعدت يده عنها بضيق ليقول هو بجدية كبيرة احتلت ملامحه :


    " بس ده ميمنعش اني اخدت العرض بجدية وهنفذه " 


    " قصدك ايه ؟؟؟" 


    انتبه زكريا لتوقف السيارة ليقول قبل أن يهبط منها :


    " يعني استعدي يا فاطمة فرحنا اخر الاسبوع وانا بلغت الكل بكده "


    هبطت فاطمة خلفه بصدمة كبيرة وهي تراه يمسك بيدها جاذبا إياها إليه وهو يتقدم لهادي يتحدث معه بجدية كبيرة فيما هم مقبلين عليه اليوم .....


    لتشعر فجأة بشعور راحة وأمان بين احضان ذلك الرجل الذي لو جمعت كل الصفات الجيدة في القاموس لن توفيه حقه ...دمعت عينها وهي تتخيل ما كانت ستئول إليه حياتها لولا تدخله به ...ماذا كانت لتفعل دون أحضانه ؟؟؟كيف كانت ستعيش بعيدا عن بسمته ؟


    " فاطمة ...فاطمة " 


    أفاقت من شرودها لتجد نفسها تقف في ممر لا تذكر متى جاءت إليه أو كيف وزكريا ينظر لها بقلق شديد وهو يضم وجهها بين يديه :


    " ما بكِ اميرتي ؟؟ أخائفة أنتِ ؟؟؟" 


    هزت فاطمة رأسها بنفي وهي تدمع من التأثر هامسة له بحب :


    " خليك معايا يا زكريا " 


    ابتسم لها زكريا وهو يمسح دمعتها بحنان شديد هامسا لها وهو يشير صوب جمال الذي يتحدث مع أحد الأشخاص والذي يبدو وكيل نيابة :


    " متقلقيش جمال هيتصرف ويدخلني معاكِ " 


    ابتسمت له بحب ثم لمحت اقتراب جمال منه وهو يتحدث بجدية رغم ملامح الإرهاق التي تظهر عليه :


    " انا بلغت وكيل النيابة وهو هيخليك تدخل بشرط متتحركش ولا تعمل اي شيء ابدا ممكن يعطل سير التحقيق " 


    هو زكريا رأسه موافقا يكفيه أنه سيكون جوارها ....


    تحدث هادي وهو يبتعد عن أحدهم مقتربا منهم :


    " جاهزة يا مدام  فاطمة ؟؟؟ " 


    تحدث زكريا ممسكا بيد فاطمة :


    " يلا يا فاطمة " 


    " انت هتدخل ؟؟؟" 


    هز زكريا رأسه لهادي ليتحرك الثلاثة لداخل الغرفة تاركين رشدي وجمال في الخارج ....


    استند جمال برأسه على الجدار وهو ينظر لأعلى بشرود كبير يتذكر اخر كلمات اخيه أثناء اعتقاله من منزله.....


    " مش هسامحك ابدا يا جمال ...عمري ما هنسى ولا هسامحك يا جمال ...مش هسامحك ابدا " 


    سقطت دمعة من عيون جمال يحاول تمالك نفسه لذا سريعا دفن وجهه بين كفية يكتم دموعه بصعوبة شديدة ليشعر فجأة بتربيته على ظهره ...


    رفع عينه التي كانت حمراء بشدة من كتمه لدموعه 


    " عارف إن الموضوع صعب اوي ...وإن ده اخوك يا جمال باشا فلو حابب تمشي و...."


    قاطعه جمال بإصرار شديد :


    " هو اخويا فعلا بس هو غلط يا رشدي ولازم ياخد جزاته " 


    صمت قليلا ثم تحدث بحسرة شديدة :


    " انا بس مش ...مش عارف اقول ايه لامي ؟؟؟ اقولها ابنك اللي تعبتي فيه كان بيجور على بنات ويدمرهم هو وصاحبه ؟؟؟"


    ربنا رشدي على كتفه وهو يتحدث بحنان اخوي له :


    " احنا معاك ولو حابب نيجي معاك وقتها نيجي ...انت باللي عملته ده خدمتنا يا جمال وعمرنا ما هننسى وقفتك جنبنا لأن لولا اللي عملته عمرنا ما كنا هنوصل للحظة دي بسهولة ومن دلوقتي انت بقى عندك تلات اخوات "


    ابتسم له جمال بامتنان شديد وهو يشكره بعينه على كلماته تلك ........


    __________________________


    " دلوقتي يا مدام فاطمة هندخل المتهمين وعايزك تتعرفي عليهم "


    اعتدل زكريا في جلسته بتحفز شديد ينظر لفاطمة يمنحها دعم مخبرا إياها أنه هنا لأجلها بينما هادي كان يراقب الجميع بهدوء شديد منتظرا الانتهاء منذ ذلك الإجراء الروتيني .....


    في الخارج كان مصطفى وجيمي كلا منهم يتحركا صوب المكتب منقادين خلف بعض العساكر ليبصر مصطفى أخيه ويرميه بنظرة غاضبة قابلها جمال بلا مبالاه أجاد اصطناعها ....


    تقدم الجميع لداخل المكتب بهدوء شديد ليبصر كلا من جمال ومصطفى فاطمة تجلس أمامها وهي تخفض رأسها لاسفل ....


    ثوانٍ ورفعت فاطمة رأسها ببطء وهي توجه نظرها لهم لتسمع صوت وكيل النيابة وهو يتحدث :


    " هما دول يا مدام فاطمة اللي اعتدوا عليكِ ؟؟؟" 


    لم تجيب فاطمة ولم تنزع نظرها من عليهما وهي تتذكر كل ما حدث لتسقط دموعها دون شعور حينما صدح صوت جمال ( جيمي) الساخر في المكان متهكما مما سمع للتو :


    " مدام ؟؟؟ فاطمة الصغننة بقت مدام ؟؟؟ وياترى اللي اتجوزك عارف انك مستعملة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟"


    دمتم سالمين  ❤️

    شيخ_في_محراب_قلبي

    الثلاثون

    ماقبل_الاخير


    الفرق بين الناس والورى؟!


    - الناس: تقال علىٰ الأحياء والأموات. 

    - الورى: الأحياء منهم دون الأموات. 


    -خديج. 

    لغويات_الروضة.


    صلوا على النبي ❤️


    ________________________


    " مدام ؟؟؟ فاطمة الصغننة بقت مدام ؟؟؟ وياترى اللي اتجوزك عارف انك مستعملة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟"


    كانت مجرد جملة صغير تتكون من بضع كلمات، لكنها ابدا لم تكن كذلك على وقع من بالغرفة...استشاط هادي غضبا وهو يفتح عينه بصدمة من تلك الجملة الوقحة التي وصلت لمسامعه ولم يكد يستدير لمواجهة صاحب الجملة الا و وجد قذيفة تنطلق جهة جمال  بغضب كبير ....


    لم يشعر زكريا بنفسه سوى وهو ينهض منطلقا له بشكل مرعب ينقض عليه بغضب جحيمي وجملته مازالت تتردد على مسامعه ...أمسك زكريا رأس جمال ليضربها في الحائط خلفه بكل جنون وغضب وهو يصرخ بكل ما يعرف من سباب والغضب قد عماه حتى عن فاطمة التي كانت تفتح عينها بصدمة لما يحدث وقد بهتت ملامحها وشعرت أنها على وشك الدخول لتلك الحالة مجددا وهي نفسها الحالة التي كانت عليها أثناء الاعتداء مخدرة لا تستطيع الحديث أو الحركة لذا كلما خافت أو حزنت تدخل في نفس الحالة ......


    كان زكريا يصرخ كـ المجنون وهو يضرب بعنف شديد يبعد العساكر عنه وقد تحول لزكريا الذي جاهد على أخفاءه بعيدا عن زوجته ...جاهد ألا تراه ابدا بتلك الهيئة وها هو في ثواني فقط يتحول إليه ضاربا بكل شيء عرض الحائط ......


    كاد العساكر يتدخلون لمنع ما يحدث وسحب زكريا للخارج، لكن توقفوا بإشارة من وكيل النيابة الذي شعر وكأن نيران تحترق داخله من حديث جمال لذا رأى أن افضل شيء هو أن يدع زوج المعنية هو من يتصرف...وهو بالنهاية رجل شرقي يعلم جيدا حساسية تلك الامور لذا هو ابدا لن يمنعه..........


    كان هادي يحاول جذب زكريا بصعوبة من فوق جمال الذي لم يعد بقادر على فتح عينه حتى...ولم يبتعد زكريا عنه سوى عندما تدخل جمال الاباصيري ورشدي اللذان دخلا سريعا بسبب الصراخ .....


    جذب كلا من جمال ورشدي زكريا للخارج بينما زكريا ما زال يصرخ بجنون في جيمي ومصطفى يسبهم بكل ما يعرف من سباب لم يتخيل يوما أن ينطق بها فمه وقد اعماه غضبه و نسى مبادئه في لحظة جنون .....


    واخيرا أُغلق الباب بعدما خرج زكريا ومن معه، لكن صرخاته ما زالت تصل واضحة وبشدة للجميع بالداخل ...


    كان جسد فاطمة ينتفض بعنف شديد وهي تتنفس بصعوبة تحاول اجبار عقلها على عدم الدخول في تلك الحالة اللعينة ليس الان ...وليس بعيدا عن زكريا فهي بدونه لن تجد من يطمئنها لتعود كما كانت ...


    في الخارج كان زكريا يصرخ كالمجنون ودموع تهبط من عيونه دون وعي ولا أحد يستطيع إيقافه عن ذلك وكأن غضبه قد أعطاه قوة جيش بأكمله ....


    بك هادي لما يحدث مع رفيقه وهو يضمه بخوف هامسا له :


    " خلاص يا زكريا اخر الحكاية قربت بس ابوس ايدك بلاش تعمل في نفسك كده " 


    توقف زكريا عن الصارخ وهو يشعر بهادي يكبله في أحضانه ليبكي أكثر وهو يقول :


    " دبحوها يا هادي ولسه بيدبحوها " 


    ضمه هادي أكثر وهو يحاول أن يقويه ثم ابتعد عنه وهو يشير للمكتب قائلا :


    " انا هدخل عشان التحقيق وعشان لازم حد يكون مع فاطمة تمام بس انت اهدا ارجوك " 


    جلس زكريا بتعب على أحد المقاعد وهو يشعر أن غضبه قد استهلك كل قوته ليهز رأسه بتعب وهو يقول :


    " ادخل ليها يا هادي وقولها اني مستنيها برة " 


    هز هادي رأسه ليدخل سريعا وهو ينظر لزكريا بحزن وخوف من سقوطه لكن اطمأن حينما رأى رشدي وهو يجلس جواره جاذبا رأسه لتستقر على كتفه ثم أخذ يربت عليها بحنان كأم تهدأ طفلها وهو يهمس له ببعض الكلمات .....


    ابتسم هادي بسمة صغيرة وهو يدخل للمكتب تاركا زكريا رفقة رشدي _ الحضن الدافئ للمجموعة _ 


    تقدم هادي ليجلس على المقعد المقابل لفاطمة وهو يميل قليلا هامسا لها يتساءل :


    " فاطمة أنتِ كويسة !؟؟"


    نظرت إليه فاطمة برعب وهي تهمس :


    " زكريا ؟؟؟"


    " هو بخير ومستنيكِ برة هنخلص ونطلع ماشي ؟؟؟"


    هزت رأسها تحاول بث الدفء والقوة _ اللتان فقدتهما بمجرد خروج زكريا _ لنفسها ...لتسمع صوت وكيل النيابة يعلو مجددا في المكان :


    " ها يا مدام فاطمة هما دول ؟؟؟" 


    رفعت فاطمة رأسها بخوف قليلا لهم لتجد أن جمال كان شبه مستند على أحد العساكر بينما جواره مصطفى الذي كان يرمقها بخبث وبسمة ذكرتها جيدا ببسمته ذلك اليوم بعدما انتهوا من قتلها لتحتد نظراتها فجأة وهي تهمس بنبرة مخيفة أودعت بها كل ما تحمل من غضب واشمئزاز وكره :


    " اه هما ........"


    ________________________


    " حسنا ضع الصناديق في هذا الجزء ...نعم نعم هنا شكرا لك " 


    أنهى فرانسو كلماته وهو يدون شيء في دفتر ثم رفع نظره لتلك السيدتان اللتان تنظران له بشغف وترقب ليبتسم وهو يقول فاردا ذراعيه بفرحة :


    " الطلبية وصلت يا سيدات وبكده نقدر نقول إن المحل بقى شبه جاهز " 


    وفي لحظة كان فرانسو يتراجع للخلف بفزع يخفي وجهه خلف الدفتر الذي كان يحمله بخوف من القردتان اللتان كانتا تقفزان بشكل مخيف أمامه .....


    كانت بثينة تضم ماريانا وهي تقفز معها بفرحة كبيرة جدا فها هي أول خطوة في بناء مستقبل للصغير قد تمت ....فعندما وافق فرانسو أن يترك الصغير لماريانا كان بشرط أن يظل في فرنسا شهرا ليرتب له مستقبله والذي كان بدايته هو محل الهدايا الذي سيفتتحه لأجل ماريانا ....


    ابتسم فرانسو يراقبهما ببسمة واسعة حتى شعر بشيء يتمسك بقدمه بعنف شديد ليخفض نظره ويرى الصغير الجميل صغير صديقه الذي رحل وهو مازال ابن بضع شهور فقط لا يعي على شيء ....


    " شكرا الك بابا فرانسو ...امي كتير سعيدة بهالمحل " 


    ابتسم فرانسو وهو يحاول منع دمعة من الهبوط لينحني وهو يحمل الصغير باسم يقول ببسمة واسعة مقبلا خده :


    " اه انظروا لذلك الرجل الصغير الذي يساعد والدته " 


    ابتسم باسم بشدة وهو يضم فرانسو أكثر سعيدا بذلك الحب الذي بدأ يستشعره مؤخرا من والدته بعد قطيعة طويلة باردة ...يشعر واخيرا أنه طفل طبيعي كأصدقاءه بعدما كان يرى نفسه منبوذا من الجميع حتى والدته ....واخيرا توقفت والدته عن إحضار أصدقائها المقرفين للمنزل وأضحت تهتم به كثيرا ....


    بكى فرانسو بحنين شديد يتذكر رفيقه الحبيب الذي رحل في حادث سير تاركا خلفه ابنه و زوجته ...تنفس براحة أكبر وهو يضم الطفل بعد أن نفذ وصية رفيقة الأخيرة وهو يهمس بشوق :


    " وصيتك اتنفذت يا حبيبي وصيتك اتنفذت ربنا يرحمك يارب " 


    " بالضبط وهنا هنحط الورود عشان الشمس وبكده يكون المحل بقى فلة اوي " 


    ضحكت ماريانا وهي تنظر حولها لذلك المحل الكبير الذي اشتراه لها فرانسو ذو الجدران الزجاجية وهي تقول ببسمة :


    " ايه والله ما في احلى من هيك " 


    ابتسمت لها بثينة وهي تنظر خلفها لترى زوجها وهو يلاعب الصغير أمام المحل لتبتلع ريقها وهي تقول :


    " شكلهم حلو اوي سوا " 


    لم تفقه ماريانا ما تقصده بثينة إلا عندما استدارت لترى ما تراه ...ارتسمت بسمة واسعة على شفتيها وهي تهمس بدموع حزن :


    " الله يرحمك محمد ...كنت بتمنى يكون معي لهلا " 


    ابتسمت لها بثينة وهي تتجه لها وتضمها بحنان هامسة :


    " هو معاكم ...وشايفكم ...هو فوق جنب بابا وهما الاتنين شايفينا واكيد هما فرحانين لاننا فرحانين " 


    مسحت ماريانا الدمعة التي سقطت منها وهي تبتسم لبثينة بامتنان شديد فهي أضحت أقرب رفيقة لها في الآونة الأخيرة ....


    " يلا يا جماعة عشان باسم جعان وانا كمان جعان اوي "


    ابتسمت ماريانا وهي تنظر لفرانسو الذي قال وهو يغمز لبثينة :


    " يلا بوسي عزماكم على أكل مصري " 


    صرخت ماريانا بفرحة كبيرة وهي تضم بثينة قائلة :


    " اوووه بوسي حبيبتي اشكرك ...لكم تمنيت أن اتذوق الطعام المصري يوما .." 


    ابتعدت وهي تتجه لطفلها تحمله بفرحة ثم قالت بسعادة وهي تسبقهما بعدما رأت النظرات بينهما :


    " سأنتظركما مع باسم في السيارة لا تتأخرا " 


    استدار فرانسو لبثينة وهو يبتسم لها ثم فتح ذراعيه وهو يدعوها له لتركض إليه وهي تهتف بسعادة كبيرة :


    " انا فرحانة اوي اوي يا فرانسو حاسة كأني ...كأني واخيرا حرة " 


    " يسلملي البطل " 


    ___________________________________


    كانت نظرات فاطمة تخترقهما بقوة واحتقار واشمئزاز وهي تتذكر معاناتها وتعبها وكل ما حدث لها بسببهما ....مكوثها في مصحة نفسية ثلاث سنوات وتلك الأيام التي كانت تخشى النوم فيظهروا لها بكوابيسها ...ثلاث سنوات جحيم عاشتهم في تلك المصحة بعدما تدهورت حالتها وأضحت تخشى الاقتراب من أحد أو النوم ...كانت تشعر وهي نائمة بأيادي عديدة تمتد لجسدها بطريقة قذرة ...كان عقلها لا يشفق عليها وهو يرسم لها أنها ما زالت في تلك الغرفة الصغيرة ...كان يجعلها تشعر بأنفساسهم مازالت تتلمس بشرتها لتحرقها ....ثلاث سنوات قضتهم في عذاب حتى تمكنت من العيش شبه طبيعية كالجميع هذا إن تغاضينا عن الحالة التي تأتيها كل فترة أو عن الرعب وهي نائمة أو عن خوفها من النظر لاي رجل حتى لا ترى نظرة شهوة بعينه لها تعيد إليها ذكرى تلك الليلة ......


    واخيرا انتهى التحقيق مع الجميع ليصدح صوت وكيل النيابة وهو يملي الشخص جواره بعض الكلمات ثم ارفق بهم شهادة فاطمة والأدلة التي تم العثور عليها في حاسوب مصطفى ...


    نهض هادي وهو يصافح وكيل النيابة شاكرا إياه على تعاونه ثم نظر لفاطمة يدعوها لتتقدمه ...نهضت فاطمة من مقعدها بتردد وهي تتجه للخارج في نفس الوقت الذي بدأ بعض العساكر في جذب كلا من مصطفى وجمال للخارج ليتوقفوا بمحازاة فاطمة التي نظرت لهما قليلا بشر ثم وفي ثانية كانت يدها ترتطم بوجه مصطفى في عنف شديد لم تعرفه يوما اتبعته بعدها بصفعة أشد على وجه جمال وهي تردد بتشفي وانتصار ونبرة حاقدة :


    " هكتفي بقلم بس وهسيب الباقي لجوزي واظن إنه مش هيقصر معاكم ...أصله كريم جدا " 


    أنهت حديثها وهي تتحرك للخارج تحت بسمات هادي الشامتة بنظرات الفزع على وجوه الاثنين وقد كان يقف خلفها تحسبا لأي شيء يستدعي تدخله ....


    بمجرد فتح الباب كان زكريا ينتفض من أحضان رشدي وهو يركض مستقبلا فاطمة بين أحضانه وكأنها عادت بعد سنين بعد وشوق ....


    ضمها بشدة وهو يتأكد أنها بخير هامسا :


    " أنتِ كويسة ؟؟؟ صح ؟؟؟؟" 


    ابتسمت فاطمة تنظر له بدموع تتخللها تنهيدات راحة :


    " لأول مرة احس اني كويسة كده يا زكريا شكرا ليك " 


    ضمها زكريا إليه بحب وهو يحمد ربه على انتهاء تلك المحنة واخيرا بعدما نفذ لها وعده وانتقم لأجلها ...رفع نظر لهادي الذي أشار له بعينه أن كل شيء تم كما خُطط له والان هم فقط في انتظار المحاكمة .....


    ______________________________


    كانت تتحرك صوب الباب بسرعة ولهفة شديد تمسح كفها في إحدى المناشف بعدما خرجت من المطبخ صوب الباب ظننا منها أن ابنتها قد عادت، لكنها توقفت فجأة وهي تلمح وجه زوجها يقف أمام الباب بنظرات مرهقة وتعب قد أخذ كفايته منه ....


    " ايه يا منيرة مش هتدخليني ؟؟؟؟" 


    نظرت له منيرة بتحفز شديد وهي تبتعد عن الباب تفسح له مجال المرور ليدخل مرسي بخطوات متراخية يجلس على اول مقعد قابله ....تبعته منيرة وهي تفكر في سبب مجيئه بعد كل ذلك الوقت .....


    " خير يا مرسي ؟؟؟ فيه حاجة حصلت ولا ايه ؟؟؟"


    " وهو لازم يكون في حاجة حصلت عشان اجي اشوف عيلتي يا منيرة ؟؟؟"


    رفعت منيرة حاجبها بتعجب شديد من نبرته تلك وهي تردد :


    " لا ابدا يا خويا براحتك ده بيتك طبعا بس اصلا مش من عادتك يعني "


    انتبهت منيرة لملامح الوجع التي ارتسمت على وجهه وهو يبتلع ريقه مرددا :


    " انا طلقتها...."


    فتحت منيرة عينها بصدمة كبيرة وهي تنظر له لا تفهم حديثه أو أنها تدعي عدم الفهم ليوضح هو الأمر :


    " طلقتها يا منيرة ورجعت ليكم تاني " 


    كانت حقا ترغب في أن تنفجر ضحكا الان وهو يخبرها أنه طلق زوجة أخيه المرحوم التي تزوجها بعد وفاة أخيه بفترة بدعوة أنه أحق من الغريب ليهتم بأبناء أخيه وزوجته و دون حتى أن يأخذ شورتها ذهب وأحضر زوجة ارتها الويل والذل بالاعيبها حتى ملّ هو الشجار اليومي ليقرر أن يحضر لها منزلا رفقة ابنتها حتى يريح رأسه من المشاكل وايضا ليبعد ابنته عن أي أحد يعرفهم .....


    " والله مش عارفة اقولكم مبارك ولا ربنا يجعلها اخر الاحزان ؟؟بس معلش هو ايه اللي رجعك تاني لينا ؟؟؟"


    صمتت تراقب ملامح الخزي التي اتخذت طريقها على وجهه وهو يقول :


    " رجعت عشانك وعشان بنتـــ....."


    " لا ....لا يا مرسي اوعى تقول الكلمة دي ...لان من وقت ما عملت اللي عملته في بنتك و انت خلاص فقدت حقك في إنك تكون كده " 


    " فيه ايه ؟؟؟ ايه الصوت والزعيق ده؟؟؟؟" 


    كان هذا صوت نحمده التي كانت في الفترة الأخيرة تحاول قدر الإمكان الابتعاد عن فاطمة ومشاكلها لتجد الان صوت أخيها وزوجته يعلو لذا اعتزلت غرفتها واخيرا وهي تذهب لترى ماذا حدث ...


    " متدخليش أنتِ يا نحمده عشان ده حساب بيني وبين اخوكِ وبنصفيه " 


    صمتت نحمده بصدمة من حديث منيرة ذاك وهي تبتلع اعتراض كاد ينفلت منها تتابع بصمت ما يحدث وتخاذل أخيها وهو يطأطأ رأسه بشكل غريب ....


    استدارت منيرة تواجه مرسي مجددا وهي تهتف بوجع :


    " كنت فين انت وبنتك محجوزة في مصحة نفسية عشان مش قادرة تعيش طبيعي زي اي بنت في سنها ؟؟؟ها قولي كنت فين ؟؟؟ "


    صمت مرسي ينظر للاسفل يحاول منع دموع النظم من غزو عينيه لتكمل منيرة بصراخ حرق قلبها قبله :


    " اقولك انا ؟؟؟ كنت وقتها بتدور على اي واحد كبير في السن يتجوزها عشان يغطي على العار اللي انت بتقول عليه ....طب ..طب كنت فين وهي كل يوم بتدبل وبتصرخ إن حد يسمعها ...كنت فين وغيرك بيقوم بدور انت اتكسفت تقوم بيه عشان كلام الناس ؟؟؟ كنت فين ؟قولي كنت فين وانا وبنتي الكل بينهش فينا ؟؟؟" 


    صمتت منيرة وهي تتنفس بعنف تراقب مرسي الذي تصدعت قشرته الواهنة .......


    " بابا ؟؟؟"


    صمت الجميع فجأة وسكتت الاصوات بسماع تلك الهمسة التي خرجت وكأنها خرجت من بئر سحيق ....


    تقدمت فاطمة للداخل يتبعها زكريا الذي كان متحفزا لأي شيء ....


    _________________________________


    " ايوة يعني هفضل طول حياتي بوزي في بوزك كده ؟؟؟" 


    انتبهت شيماء لحديث ماسة لتنظر لها بتعجب لا تفهم حديثها ...لتوضح ماسة ما تقصده من وراء حديثها :


    " يعني اخوكِ مش عايز يتحرك ؟؟؟ انا زهقت وعايزة اتجوز بقى " 


    ابتسمت شيماء عليها ثم قالت بعد صمت ثوانٍ :


    " تعرفي اني احيانا بشفق على اخويا ؟؟؟ اه والله ساعات بقعد مع نفسي افكر يا ترى هيفضل مستحملك لامتى ؟؟؟ "


    زفرت ماسة باستخفاف ثم قالت وكأنها لم تسمع ما قالته شيماء :


    " البيت بتاعنا توضيبه خلص من اسبوع وماما عايزة تمشي بس انا مش راضية ...بقنعها نفضل قاعدين على قلبكم كده يمكن اخوكِ يتكسف على دمه ويتجوزني ونخلص ...بس نقول ايه اخوكِ عديم احساس ما شاء الله " 


    " من بعض ما عندكم يا استاذة ماسة " 


    انتفضت كلا من ماسة على صوت رشدي الذي دخل المنزل للتو يتبعه هادي ...


    " أباظة ؟؟؟ انت سمعت انا قولت ايه ؟؟؟"


    كانت تتحدث بفزع شديد أن يكون سمع ما قالته للتو عنه ...ليجيب رشدي عليها ببسمة مع هزة رأس صغيرة منه ..لتبتسم هي له وهي تنهض قائلة :


    " حلو اوي ...ومتكسفتش على دمك؟؟؟؟"


    " انا برضو اللي اتكسف ؟؟؟ اقولك يا ماسة انا جبت اخري منك وخلاص تعبت هادي اتصل بالمأذون " 


    نظرت له ماسة ببسمة غبية وهي تقول بتفاجئ :


    " مأذون ايه بس يا حبيبي ركز احنا كاتبين الكتاب ...بس فاضل نعمل فرح " 


    ابتسم رشدي لها قبل أن يتجه لغرفته قائلا بخبث :


    " وده ملفتش نظرك لحاجة ؟؟؟"


    لحق هادي برشدي وهو مازال يرسل قبلات وغمزات لشيماء التي كانت تحمر خجلا من أفعاله ....


    نظرت ماسة للباب الذي اغلقه هادي للتو خلفهم تفكر في مقصد رشدي من حديثه هي حقا لم تفهم مقصده ...لما سيحضر مأذونا وهما متزوجان بالفعل منذ زمن ؟؟؟


    " هو اخوكِ قصده ايه بكلامه ؟"


    نظرت لها شيماء بسخرية كبيرة وهي تردد :


    " يعني مش بتاعة مشاكل  وبس لا وكمان غبية ؟؟ أعانك الله يا رشدي يا اخويا " 


    أنهت حديثه وهي تتجه صوب الغرفة الخاصة بها تفكر في ذلك الذي سرق قلبها ويجلس الان مع أخيها تاركة خلفها ماسة وهي تفكر في مقصد رشدي والذي  يبدو أنه سيأخذ سنين حتى يصل إليها ........


    _____________________


    " واخيـــــــرا " 


    كانت تلك كلمة هادي وهو يرتمي على الفراش بتعب شديد بعدما انتهوا من تلك القصة التي نغصت حياة الجميع في الآونة الأخيرة ....


    ابتسم رشدي وهو ينزع ثيابه ملقيا إياها ارضا :


    " مش مصدق إن أخيرا خلصنا من الحوار ده ...ناقص بس يوم المحكمة ويبقى اتعشت " 


    لم يلقى رشدي ردا من هادي ليستدير بتعجب كبير وهو يناديه، لكنه وجده يتسطح على بطنه مبتسما بغباء للهاتف لذا تحرك رشدي ببطء ليتسطح على معدته جواره وهو ينظر لهاتف هادي ويجد أنه يتحدث مع أخته ....


    ضحك هادي بخفوت وهو في عالم بعيد كل البعد عما يحيط به وهو يكتب بمهارة عالية وأصابع سريعة :


    " طب ايه نخلي الفرح اخر الاسبوع مع زكريا ولا نخليه لوحدنا احسن ؟؟؟"


    ثوانٍ ووصل الرد له والذي كان عبارة عن كلمات وجوارهما وجه خجول :


    " لا خليها لوحدنا احسن " 


    ابتسم هادي أكثر وهو يكتب لها :


    " طب تحبي نقضي شهر العسل فين يا عسل إنت يا عسل ؟؟؟" 


    ابتسم رشدي وهو يستدير برأسه للهاتف يتابع ذلك الحوار الشيق الذي يثير اشمئزازه :


    " اي حتة فيها تلج عشان نفسي العب بالتلج اوي " 


    مصمص رشدي شفتيه بشفقة مصطنعة وهو يهمس :


    " يا مسكينة محرومة يا عيني من التلج " 


    لم يهتم له هادي أو ينتبه له بالأحرى بل أخذ يكمل حديثه بها :


    " اي رأيك نخرج انهاردة سوا ؟؟؟" 


    ابتسمت شيماء من الجانب الآخر بخجل وهي تكتب له :


    " ايوة يا ريت عشان بجد زهقانة اوي وماسة قرفتني في عيشتي ....بس قول لرشدي الأول "


    تحدث رشدي بسخرية :


    " عندك حقك والله ماسة مقرفة فعلا ...بعدين يقولي ايه يا ستي توكلوا على الله  " 


    ابتسم هادي وهو يبتعد قليلا عن رشدي متجاهلا إياه وهو يكتب :


    " لا فكك من رشدي أنتِ مراتي يعني ميقدرش يفتح بقه " 


    أنهى كلماته وهو يستدير لرشدي الذي يلتصق به قائلا :


    " لا مؤاخذة يا رشدي " 


    " ولا يهمك يا حبيبي خد راحتك " 


    ابتسمت شيماء بشدة من الجانب الآخر وهي تنهض بسرعة تقول بلهفة :


    " طب هقوم اجهز لبسي بسرعة " 


    " ماشي يا حبيبتي لا اله الا الله "


    " محمد رسول الله " 


    تشنج رشدي وهو ينظر له هامسا :


    " ايه الاستاذ استدعوه يقف على الحدود ولا ايه ؟؟؟" 


    ألقى هادي الهاتف جواره وهو يتسطح بحالمية مغمضا عينه يمني نفسه بساعات مع حبيبة القلب وجواره رشدي ينظر له ببسمة غبية وهو يهمس له :


    " حلو الحب يا هادي صح ؟؟؟"


    " اوي اوي يا حبيبي" 


    ابتسم رشدي وهو ينهض ينظر له بشر ثم قال قبل ان يهجم عليه بغضب شديد :


    " لا والأحلى بقى مرارة الحب ...دوق معايا مرارة الحب يا هادي "


    ___________________________________________


    استدار الجميع لصوت فاطمة الذي اخترق الأجواء المشتعلة منذ قليل ليجدوها تقف على باب المنزل ترمقهم بتعجب، لكن لم تتمكن من فتح فمها لتكرير سؤالها لتجد فجأة والدها يركض صوبها جاذبا إياها لاحضانه بشكل افزعها وهي تعود للخلف كرد فعل غير إرادي منها .....


    ضمها مرسي بشدة وهو يبكي طالبا منها بدموع صامتة أن تسامحه على تقصيره في حقها كأب...لكن فاطمة شعرت بالغرابة وهو يضمها شعور عجيب اكتنفها في تلك اللحظات وهي تستشعر ضمته هل هذا عناق الاب ؟؟؟ هل هو باهت هكذا ؟؟؟ بلا مشاعر وبلا اي دفء ؟؟؟ام أن هذا الأمر معها هي فقط ؟؟؟


    ابتعد مرسي عن ابنته وهو يستشعر برودتها لينظر في وجهها يجدها تناظرة بتعجب شديد وكأنه للتو قام بعمل خارق...لكنه لم يأبه بل مد يده وأمسك وجهها بحنان :


    " حبيبتي أنتِ بخير ؟؟؟ حد منهم كلمك ؟؟؟انا عارف انك كنتِ انهاردة في النيابة "


    استدارت فاطمة ببطء وهي تنظر لزكريا متأكدة أنه هو من اخبرها ليخفض زكريا نظهر يتلاشى نظراتها تلك ...


    نظرت فاطمة بعدها لوالدها وهي تهز رأسها بنعم :


    " اه صحيح فعلا انا كنت انهاردة في النيابة بجيب حقي يا بابا " 


    قالت اخر كلماتها وهي تضغط عليها بقصد ليبهت وجه مرسي وهو يبتعد عنها قائلا بخذلان كبير وخجل :


    " فاطمة يابنتي انا بـ...."


    " ولا يهمك "


    نظر لها مرسي بتعجب لا يفهم ما تقصد لتقول فاطمة ببسمة تحاول بها منع تساقط دموعها :


    " مش انت برضو كنت هتبرر تصرفك وتعتذر وانا بختصر كل ده وبقولك ولا يهمك انا مش زعلانة " 


    " فاطمة " 


    استدارت فاطمة تنظر لزكريا الذي كان يحدجها بنظرات معاتبة لحديثها ذاك مع والدها وبهذا الشكل لكنها تحدثت وهي تنظر له وقد بدأت دموعها تتساقط :


    " ايه يا زكريا ؟؟؟ انا قولت حاجة غلط ولا ايه ؟؟؟ انا بس بوفر عليه الكلام يمكن يكون مستعجل ولا حاجة " 


    نظرت فاطمة في أعين والدها الذي ولأول مرة ترى دموعه تهبط :


    " ولا يهمك يا بابا محصلش حاجة دول هما يا دوبك كام سنة عشتهم بعيدة عن حضنك وكله بيتهمني ويشاور عليا كأني مجرمة وانت كنت واقف تتفرج ...ولا يهمك محصلش حاجة دي حياتي بس اللي اتدمرت وانت معملتش حاجة عشان تصلحها يا بابا "


    بكت وهي تتحدث لا تتذكر شيء واحد قد يشفع له عندها حتى قبل الحادثة كان دائما باردا معها هي و والدتها يعاملهم وكأنهم شيء ثانوي في حياته لا أهمية لهم ابدا ....


    " أنا اسف يابنتي حقك عليا انا اسف " 


    سقطت دموعها وهي تهز رأسها تهمس بوجع :


    " متعتذرش يابابا متعتذرش، انا مش زعلانة منك والله لاني لما قعدت وفكرت لقيت إن كان عندك حق ..اصل مين اللي هيتحمل إن بنته تكون من غير شر....."


    " فـــــــاطـمـــة " 


    " تعبت ...فاطمة تعبت يا زكريا تعبت وملت من كل ده ...هو انا مش مكتوب ليا اعيش زيي زي اي بنت في سني ؟؟؟"


    كانت تتحدث وهي على وشك الانهيار بعد كل ما مرت به اليوم بينما زكريا يغمض عينه بوجع على ما يحدث معها ليسمع صوتها يردد قبل أن تتحرك صوب غرفتها ....


    " انا مسمحاك يا بابا ..مسمحاك بس مش عشانك لا عشان نفسي " 


    أنهت حديثها وهي تدخل لغرفتها ثم أغلقت الباب بهدوء تاركة خلفها الجميع كل في حال مختلف عن الاخر لكن ما يجمعهم هو الحزن والوجع لما حدث مع فاطمة .......


    ______________________________


    يسير في ممرات المدرسة بتعب شديد وارهاق كبير لعدم أخذه ما يكفيه من النوم البارحة وهو يفكر في فاطمة وحالتها النفسية تنهد وهو يدلف أحد الفصول وعينه موجهه على واحدة معينة ثم أخبرهم أن يخرجوا كتبهم الخاصة ......


    كانت اسراء تشعر بالرعب الشديد كلما استدار زكريا صوبها وقد غابت عن المدرسة لايام خوفا من المواجهة والان يبدو أنه حان الوقت لذلك .....


    كان زكريا يشرح لهم كعادته وقد نحى أفكاره جانبا يحاول تصفية ذهنه لما هو مقدم عليه فها هو على وشك إنهاء آخر مشكلة في حياته حتى يتفرغ بعدها لحبيبته الجميلة ويفكر كيف يكسر جبال الاحزان التي تستوطن قلبها ....


    واخيرا انتهى من شرح الدرس ليبتسم بسمته المعتادة وهو يضع قلمه على المكتب :


    " احنا بكده نكون انتهينا من نصف المنهج بالضبط وباذن الله بكرة في مراجعة شاملة عليه "


    صمت قليلا ثم قال بجدية :


    " وبما أننا خلصنا الحصة بدري ممكن اللي عنده اي سؤال في أي جزئية من اللي درسناه يتفضل يسأل "


    جلس زكريا على مكتبه وهو يستقبل بعض الأسئلة من الطالبات أمامه غير غافلا عن اسراء التي كانت تحاول بأقصى جهدها أن تختفي عن أنظاره ....


    نظر زكريا في الوجوه أمامه وهو يقول :


    " ها حد تاني عنده سؤال ؟؟؟؟" 


    صمت عم المكان ليتنهد زكريا وهو يعود بظهره للخلف ثم قال وهو يدعي التفكير :


    " طب ايه رأيكم نستغل الوقت الفاضي ده ونتكلم شوية اعتبروني اخوكم " 


    صمت وهو ينظر في الوجوه وقد انتبهت له جميع الفتيات ليقول ببسمة لهن :


    " عايز اعرف كل واحدة حلمها ايه ؟؟؟" 


    سؤال بسيط افتتح به زكريا الحوار بينه وبين طالباته ...لتبدأ كل واحدة في رفع يدها والتحدث بحماس شديد عن حلمها ليبتسم لهن زكريا وهو يشاركهن الحديث بلهفة توازي لهفتهن ثم وفجأة تحدث :


    " انسة اسراء ؟؟؟؟" 


    انتفضت اسراء بفزع بعدما كانت تحاول الاختباء خلف صديقاتها وهي تستمع لاسمها من المعلم لتقف وهي تبتلع ريقه تكاد تبكي تتخيل ابشع السيناريوهات وهو يخرج رسالتها ويقوم بفضحها على مرأى ومسمع من الجميع ........


    " نعم يا استاذ " 


    ابتسم زكريا بسمة صغيرة وهو يتحدث بنبرة عادية وكأن لا شيء حدث :


    " مقولتيش ايه هو حلمك ؟"


    " ها ؟؟؟ حلمي ؟؟؟ " 


    هز زكريا رأسه بنعم وهو ينتظر اجابتها لتتحدث هي بتوتر شديد لا تفهم ما يحدث ولما لم يتحدث في أمر الرسالة :


    " عايزة ابقى ...هو يعني نفسي لما اكبر ابقى زي اختي " 


    " اختك ؟؟؟ وهي اختك بتشتغل ايه ؟؟؟"


    ابتسمت اسراء بتوتر وهي تقول :


    " ممرضة " 


    ابتسم لها زكريا بتشجيع :


    " حلو ممرضة مهنة جميلة جدا ونافعة ...اتفضلي اقعدي " 


    جلست اسراء وهي تتنفس الصعداء ليبدأ زكريا في التحدث عما يريده بطريقة غير مباشرة :


    " كل احلامك جميلة جدا باذن الله تحققوها...بس متنسوش وانتم في طريق تحقيق حلمكم انكم تحطوا ربنا قدام عينكم دائما ...بلاش خلال الطريق ده تقفوا في محطة غلط او تتعلقوا بشخص غلط ....وقصدي هنا بالشخص هو شخص من الجنس الآخر " 


    صمت ينظر للوجوه أمامه يحاول معرفة إذا كان مقصده قد وصل اليهن ام لا ليكمل حديثه :


    " بنات كتير اوي ممكن أثناء رحلة تعليمها أو عملها أو حياتها عامة تتعلق بشخص وتقعد تبني أحلامها عليها وبمجرد رحيل الشخص ده بتدمر أحلامها عشان كده اللي قصدي عليه أن أحلامكم تتبني عليكم انتم مش على حد تاني واحذروا الفتن اللي منتشرة حاليا "


    صمت ثم قال وهو يستمع لحرس انتهاء اليوم الدراسة :


    " نصيحتي ليكم هي انكم تحطوا ربكم دائما قدام عينكم واتقوا الله دائما في كل تصرفاتكم وبلاش تمشوا ورا أي ذنب لمجرد أن عدد مرتكبيه كبير وبقى في عيون الكل عادي .... و بلاش ترخصوا قلوبكم لأنها غالية ...غالية جدا "


    أنهى حديثه وهو يتجه للخارج سريعا يتنفس براحة وقد رأى صدى رسالته على وجه اسراء ..توقف فجأة وهو يسمع صوتها وهي تناديه وكأنها خرجت من أفكاره لتتمثل أمامه ...


    توقفت اسراء امام زكريا وهي تخفض رأسها للاسفل بخجل شديد تبكي :


    " استاذ انا اسفة والله مش....."


    " على ايه يا آنسة اسراء محصلش حاجة ...اهم حاجة دلوقتي اجتهدي عشان  تكوني اضطر ممرضة اتفقنا " 


    رفعت اسراء نظرها لزكريا بامتنان شديد وهي تهز رأسها بنعم ليبتسم لها زكريا ثم رحل ينظر في ساعته وبعدها أخرج هاتفه ليجد اتصالات عديدة من هادي ورشدي وقد نسي أنه وضع هاتفه في وضع الصامت ...


    " الو يا رشدي.....انا جاي في الطريق اهو .....اجهزوا انتم بس ....نص ساعة واكون عندكم " 


    _________________________


    خرجت فاطمة من الغرفة الخاصة بها في فزع شديد وهي تستمع لصوت الطرق العنيف على الباب ......


    كانت تعدل من وضع الحجاب على رأسها وهي تضع قطعة بسكوت اي فمها تتحدث بصعوبة بسببها :


    " طيب جاية ...قولت جاية "


    فتحت الباب بحنق شديد وهي تصرخ في الطارق :


    " فيه ايه قولت جااااا......زكريا ؟؟؟؟ بتعمل ايه هنا ؟؟" 


    ابتسم زكريا وهو يكسر قطعة البسكوت التي تتناولها ليأخذ قطعة منها وهو يتناولها غامزا :


    " ما هذا ...بسكوت يأكل بسكوت؟" 


    ضحكت فاطمة على حديثه وهي تمضغ القطعة التي تبقت في فمها تقول بخجل :


    " لسه جاي ولا ايه ؟"


    هز زكريا رأسه وهو ينظر داخل المنزل متساءلا عن والدتها لتقول هي أنها خرجت منذ قليل للسوق ...


    ابتسم لها زكريا ثم سحبها خارج الشقة وهو يغلق الباب قائلا 


    " حسنا تعالي معي " 


    نظرت فاطمة بيده التي تجذبها بتعجب شديد :


    " اجي فين ؟؟؟ طب اصبر طيب اغير العباية دي اصبر بس "


    لم يعطها زكريا  الفرصة لقول كلمة وهو يجذبها خارج البناية متجها للبناية الخاصة به بلهفة وحماس شديد ثم أخذ يركض بها على الدرج تحت صرخاتها المتعجبة من تصرفاته وهو الرزين الهادئ ....


    أخذ زكريا يطرق الباب بعنف وهو ينظر لها ببسمة غريبة لم تفهم لها معنى، لكن فجأة فُتح الباب بواسطة وداد التي ابتسمت لهما غامزة لزكريا الذي قبلها بحب شديد وهو يهمس لها بشكرا ...ثم تحرك صوب البهو وخلفه وداد وفاطمة التي كانت تشعر بالغرابة، لكن كل ذلك تلاشى بمجرد ما دخلت البهو لتجد المكان كله مزين بشكل جميل والجميع يقف به ينتظرونها وهم يطلقون في وجهها قصاصات ملونة جميلة وهم يصرخون في صوت واحد والبسمات تعلو الوجوه كلها :


    " مفـــــاجــــأة " 


    صدمت فاطمة وهي تنظر للوجوه حولها فالجميع بلا استثناء كان هنا والدتها وعائلة كلا من زكريا ورشدي وهادي وحتى ماسة وفرج وجمال رفيق الشباب وايضا ام اشرف التي تعرفت عليها سابقا وشاب اخر يقف جوارها يحجز بينها وبين فرج خمنت أنه اشرف ..


    سقطت دموع فاطمة بعدم فهم وهي تنظر للجميع الذين كانوا يبتسمون لها باتساع لتنفجر فجأة في البكاء بتأثر مما فعلوه لها ...


    اتجه زكريا صوبها بسرعة وهو يضمها لاحضانه بحب كبير ...


    " ليه كده يا فاطمة المفاجأة معجبتكيش ؟؟؟"


    بكت فاطمة أكثر وهي تمسح وجهها في ثيابه ليبتسم بحنان :


    " لا لا دي جميلة اوي اوي " 


    " وأنتِ بتعيطي عشان جميلة اوي اوي ؟؟؟"


    بكت فاطمة وهي تهز رأسها بنعم ليضحك زكريا وهو يبعدها عنه قائلا بصوت عالي :


    " طب يا جماعة الغوا الحوار عشان فاطمة بتعيط خلاص مش هنكمل المفاجأة " 


    انتفضت فاطمة بسرعة وهي تصرخ بهم :


    " لا لا محدش يعمل حاجة "


    انفجر زكريا يضحك عليها وعلى ملامح الرعب التي تلبستها عندما تحدث لتضربه هي بخفة في صدره ثم نظرت للجميع وهي ترى أمامها عائلة كبيرة كانت جوارها دائما ولم تبخل يوما عليها بشيء لتمسح دموعها وهي تقول بصوت متأثر :


    " انا بحبكم كلكم اوي اوي " 


    " البنات بس " 


    قال زكريا وهو ينظر للجميع بتحذير لتهز فاطمة رأسها بنعم وهي تضحك :


    " ايوة البنات بس والشباب شكرا ليكم "


    " لا متشكريش حد برضو انا اللي عملت كل ده لوحدي " 


    خرج صوت مستنكر من حنجرة جمال وهو يصيح به ملقيا ما بيده ارضا :


    " نعم يا خويا ده انتم كنتم معلقيني فوق عشان الزق الزينة لما ضهري انكسر " 


    تحدث هادي بحنق شديد وهو يمسح أصابعه من الحلوى متحدثا وفمه ممتلئ بقطعة جاتوه :


    " وانا فضلت ساعة متذنب في محل الحلويات عشان الاقي تورتة تليق بجنابك "


    " وفي الاخر أكلتها لوحدك " 


    ابتسم هادي بغباء وهو يقول :


    " ايوة ما انا هبطت من كتر الوقفة "


    نظر زكريا لرشدي وهو يقول سخرية :


    " وانت مش هتذلني بحاجة ؟؟"


    هز رشدي رأسه بلا وهو يجيبه ببسمة :


    " لا انا كنت بشرف بس على التجهيزات معملتش حاجة اساسا " 


    ضحك زكريا وهو يتجه لهم ثم ضمهم جميعا سويا كأب يعانق صغاره قائلا بمشاكسة :


    " يا ختي على الحلوين يا ختي "


    ضحك جمال بعنف وهو يبادله العناق :


    " تستحق السعادة كلها يا زكريا ربنا يسعد قلبك دايما "


    ابتسم له زكريا وهو يهمس بالشكر ثم ضم رفاقه بقوة وهو يمطرهم بوابل من الشكر ....


    ركضت جميع النساء صوب فاطمة معانقين إياها وخاصة وداد التي كانت تضمها بحنان شديد مربته على رأسها وهي تتذكر ما قصه عليهم زكريا البارحة وقد أخبرهم كل ما حدث مع تلك الصغيرة المسكينة .....


    علت الضحكات في المكان بين الجميع وايضا الصرخات السعيدة علت المكان ليقطع كل ذلك صوت عالي جذب انتباه الجميع والذي لم يكن صادرا سوى من فرج الذي كان يقف على أحد المقاعد وهو يهتف بساعة كبيرة :


    " وبالمناسبة السعيدة دي حبيت أبلغكم الخبر السعيد اللي كل الحارة كانت مستنياه ...."


    صمت قليلا ثم نظر لام اشرف وأشرف الحانق وهو يقول بصراخ سعيد :


    " اشرف وافق على جوازي انا وامه "


    اغتاظ اشرف من حديثه وهو يتحدث لوالدته بغضب :


    " شوفي برضو بيقول ايه طب والله لا...." 


    قاطع حديثه صراخ هادي الصاخب وهو يركض لفرج حاملا إياه على كتفه بفرحة وجميع الشباب حوله يهللون له وكأن فريقهم المفضل قد نال للتو كأس العالم .......


    ضحكت فاطمة بشدة لما ترى لتشعر فجأة بأحد يسحبها لإحدى الغرف ....لكنها لم تفزع أو تخاف فهي تعلم جيدا من فعل ذلك لتبتسم باتساع وهي ترى زكريا يرمقها ببسمة واسعة هامسا لها :


    " اذا سيدتي ألا اجد بسمة تكافأني على ما فعلت ؟؟؟"


    ابتسمت فاطمة وهي تلقي بنفسها بين أحضانه تهتف بعشق :


    "وفي وقت ألمي الذي لا أعرف مصدره قد يكون صدرك هو ملجأي "


    " إذا أما حان الوقت لتدفئِ ملجأك وتسكنيه ؟؟؟"


    ابتسمت له فاطمة باتساع ليكمل هو حديثه :


    " اعتقد أنه حان الوقت لتصبحي اجمل عروس ..............."


    _____________________________________


    قد تبدو هذه نهاية سعيدة لقصة كتلك، لكن لم يحن بعد وقت نهاية قصتي ...فمازال هناك فصل من السعادة نشاركه هذه العائلة لذا كونوا على الموعد مع نهاية حكايتنا يوم الجمعة القادمة بمشيئة الرحمن، وحتى ذلك الوقت اقول لكم ..........


    دمتم سالمين ❤️


    تكملة الرواية من هناااااااا 

    لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

    بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

    متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

    الرواية كامله  من هناااااااااا

    مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا

    مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا




    تعليقات