رواية شيخ في محراب قلبى الفصل السابع وعشرون والثامن وعشرون بقلم رحمه نبيل
رواية شيخ في محراب قلبى الفصل السابع وعشرون والثامن وعشرون بقلم رحمه نبيل
27💘28
صمت هو كل ما قابلها من الجهة الأخرى حتى كادت تظن أنه اغلق المكالمة، لكن اسمه الذي ينير الشاشة أمام أعينهم هو ما أكد لها أنه مازال موجودا، فتحت فمها لتتحدث، لكن أي حديث هذا يمكن أن تقوله بعد كلمتها الغبية تلك لذا أغلقت فمها مجددا وكأنها سمكة تحاول التنفس خارج الماء ...
وبعد صمت طويل بعض الشيء وصلها صوته الذي كان ابعد ما يكون عن المزاح :
" بتتكلمي جد ؟؟؟ فاطمة حد عملك حاجة أو فيه حاجة حصلت ؟؟؟"
وكم آلمها خوفه عليها في حين أنها الان تمزح معه في أمر كهذا والذي كان من الممكن أن يكون مجرد مزاح عادي بين أي زوجين، لكن ليس هما فهما في حالة مختلفة عن الباقيين ...أخرجها همسه الحنون من شرودها :
" فاطمة حبيبتي أنتِ كويسة صح ؟؟؟يعني مفيش حاجة حصلت ليكِ "
وكان هذا أكثر ما يقلقه أن تكون تعرضت لشيء في غيابه مما دفع تفكيرها لهذه النقطة كما حدث منذ قليل ..يالله ماذا يفعل؟؟؟ هل يحضرها ويحبسها في منزله ولا يسمح لأى انسان برؤيتها حتى لا تتأذى ؟؟؟ كلما تركها، تعرضت لشيء محزن وهذا ما يؤلمه بشدة وهذا الصوت الغبي في رأسه يدفعه للالتصاق بها ....تنهد زكريا بوجع وهو يستمع للصمت على الجهة الأخرى قائلا لينهي هذا الأمر :
" فاطمة حبيبتي هقول كلمتين ومش هكررهم تاني ماشي ؟؟؟"
انتظر اجابتها والتي كانت عبارة عن همسة صغيرة
" ماشي "
" كلمة انفصال أو طلاق أو أننا نسيب بعض دي تمحيها من حياتك لأن ده هيحصل في حالة واحدة بس وهي إني أموت تمام ؟؟؟"
" بعد الشر عليك يا زكريا اوعى تقول كده بالله عليك والله انا اللي هموت لو حصلك حاجة "
كانت تتحدث وهي تبكي تتخيل تلك الفكرة المرعبة وبشدة ..حياتها بدون زكريا ...يالله حتى مجرد التخيل مفزع .
كانت شيماء تبكي بتأثر مما تراه وتسمعه أمامها حتى وجدت منديلا ورقيا يظهر أمام عينها لتأخذه من يد ماسة وهي تمسح به عينها وتسمع همس ماسة :
"اسمعي يا ختي اسمعي ..ده احنا متجوزين عربجية "
تحدثت بخفوت شديد وهمس :
" لا محصلش حاجة يا زكريا هو بس كنت مخنوقة و...."
صمتت لا تعلم ماذا تقول لذا تحدثت سريعا وهي تنهي المكالمة قبل أن يفلت الحديث منها وتخبره عن تلك اللعبة الغبية :
" بص خلاص انسى كل اللي قولته ماشي ؟؟هكلمك بعدين سلام يا زكريا"
أنهت كلمتها وهي تغلق المكالمة بسرعة تتنفس الصعداء محاولة ابعاد تفكيرها عما حدث ...رفعت بعدها نظرها للفتاتين ثم انقضت عليهما بغل كبير وهي تصرخ بهما :
" كنت هطلق بسببكم يا شوية بقر "
__________________________
عاد زكريا وجلس جوارهم ليسمع جمال وهو يتحدث ...
" لا بإذن الله بكرة هيوصلكم اتصال مني اول ما الزفت جيمي ده يوصل "
صمت قليلا ليستمع لسؤال زكريا الذي كان استقر جوار هادي :
" طب بعد ما نجيبه الشقة عندك هنعمل ايه ؟؟؟؟ انت عارف إن إحنا مش معانا أي دليل يثبت اللي حصل وممكن نــ....."
قاطعه جمال وهو يشير بيده مطمئنًا إياهم :
" بس انا زي ما قولت لمصطفى انا عندي دليل يثبت اللي عملوه ومش بس كده دليل على كل البلاوي اللي عملوها "
انتبه له الجميع جيدا ليكمل هو حديثه بتركيز :
" الكومبيوتر بتاع مصطفى فتحته ولقيت فيه فولدر باسم جمال بس للاسف مقفول بكلمة سر ولسه بحاول افتحه وانا متأكد أن ممكن يكون عليه دليل "
أنهى حديثه وهو ينظر لزكريا الذي انسحبت الدماء من وجهه تاركة إياه شاحبا وهو يفكر أن هذا الحقير ربما سجل ما فعل ؟؟؟ يالله ليس هذا هو تحمل كل شيء إلا أن يرى هذا بعينيه ...
افاق من شروده على صوت رشدي :
" وايه اللي خلاك متأكد اوي كده ما يمكن حاجة عادية بس خاصة بيهم بعيدا عن القرف اللي هو بيعمله "
هز جمال رأسه بعدم معرفة وهو يجيبه :
" انا مش عارف بس شبه متأكد من الحوار ده واتمنى يكون صح ولو مش صح هقدر اجيب اعتراف منهم لأن الغرفة اللي هما فيها مليانة كاميرات ومسجلات صوت وهقدر تخليهم يعتــ..."
قاطع حديثهم صوت رنين هاتف يصدح في الغرفة كلها لينظر رشدي بتعجب له ثم نهض وهو يستأذنهم للرد على الهاتف سريعا ثم يعود لهم ....
توقف رشدي خارج الغرفة وهو يفتح المكالمة متحدثا بنزق شديد وهو لم ينسى بعد ما قامت به :
" افندم ؟؟؟"
تحدث رشدي وهو يراقب بعينه والده الذي كان يتراقص في الصالون كــ راقصين الباليه،لكنه لم يهتم كثيرا وهو يستمع لصوت ماسة الذي أتاه عبر الأسلاك :
" فيه ايه يا رشدي ايه الأسلوب ده ؟؟"
ابعد رشدي عينه من على والده بملل وهو يجيبها :
" والله ده اقل واجب مع حضرتك "
* على الجهة الأخرى *
انتفضت ماسة بعدما كانت تتسطح على الفراش بكسل وهي تتخصر كأنه يراها :
" نعم نعم يا استاذ أباظة ؟؟ وضح كلامك كده وبلاش لف ودوران "
اطلق رشدي ضحكة ساخرة وهو يشير بعينه لوالده أن ينتبه للطاولة حتى لا يكسرها في غمرته أثناء الرقص ثم اجاب :
" عايزة ايه يا ماسة عشان حاليا مش فايق الصراحة "
" عايزاك تطلقني يا أباظة "
وفجأة صدح صوت زغرودة من الهاتف جعلت الفتيات ينظرن لبعضهن البعض بتعجب شديد لتتحدث ماسة بعدم فهم :
" ايه صوت الزغاريد دي يا أباظة هو فيه حد بيتجوز عندك ولا ايه ؟؟؟"
تحدث رشدي ببسمة واسعة ونبرة يعلم جيدا أنها ستستفزها ولكن هي من استحقت ذلك بعد كل ما فعلته به وبمن معه :
" لا يا ختي عقبال عندك اخدت إعفاء "
" إعفاء؟؟؟ هو مش إنت خلصت جيش من زمان ؟؟"
ضحك رشدي بشدة عليها ثم قال بعدما هدأ من ضحكاته :
" لا وأنتِ الصادقة خدت اعفاء من بلاء انا اللي جبته لنفسي "
ابتلعت ماسة ريقها بخوف من نبرته تلك :
" قصدك ايه يا أباظة ؟؟؟ "
ابتسم رشدي ثم ردد بنبرة خبيثة :
" قصدي هقولهولك بنفسي لما تيجي يا ماستي وجها لوجه يا روحي لان مينفعش يتقال ابدا على التليفون "
" قلة أدب صح ؟؟؟"
ضحك رشدي بعنف على حديثها وهو يهز رأسه بيأس منها ومن تفكيرها :
" امممم حاجة شبه كدة و دلوقتي سلام عشان مشغول "
أنهى حديثه وهو يغلق الهاتف مبتسما كالغبي ينعي نفسه على هذا الزواج الذي لن يسبب له سوا المرض حقا ....
دخل رشدي للغرفة ليجد الجميع ينظر له بعدم فهم ....
" الزغرودة اللي ...."
صمت جمال عن إكمال كلماته بسبب ضحكات رشدي وهو يتحدث بلا اهتمام :
" لا ده انا كنت بزغرد لابويا برة أصله أبدع النهاردة المهم كنا فين ؟؟؟"
لم يكد أحد يفتح فمه حتى ارتفع رنين هاتف هادي لينظر له بابتسامة واسعة ولم يكد يتحدث وهو ينهض حتى امسك رشدي يده يجذبه ليجلس مجددا مرددا له وهو يشير برأسه للهاتف :
" رد عليها وافتح الاسبيكر "
رفع هادي حاجبه بتعجب :
" نعم ؟؟؟"
"رد بس عليها عشان فيه حاجة كده في دماغي "
فتح هادي المكالمة بحنق شديد وهو يرمي رشدي بنظرات سامة ثم فتح بعدها المكبر ليصدح صوت شيماء وهي تلقي على مسامعه نفس الجملة التي سبق وسمعها كلا من زكريا ورشدي :
" هادي طلقني ........"
____________________
" وبس يا ستي هي دي حكايتي كلها بس بيني وبينك انا اساسا من صغري كنت طفل اهبل شوية عشان كده بـ....."
توقف فرانسو عن الحديث وهو يرى بثينة جانبه قد غطت في نوم عميق أو هذا ما تدعيه هي بمهارة، لكن ليست عليه فحركة اجفانها انبئته جيدا بكذبتها لذا ابتسم بخبث وهو يقترب منها أكثر هامسا بنبرة هزت كيانها كله :
" اه لو تعلمين مقدار الخراب الذي تحدثيه بقلبي يا مليحة "
ورغم عدم فهمها لما قال منذ قليل، فهو تحدث بالفرنسية إلا أنها انقلبت للجانب الآخر مدعية انها مازالت نائمة حتى لا يشعر بما فعله بها، وهي لأول مرة في حياتها تتعرض لمثل تلك المواقف منه ومثل تلك الأحاديث التي تخوضها معه ...اشياء جديدة كليا على حياتها تخشى أن تنهزم أمامها بسهولة وتسلم له رايتها ...
ابتسم فرانسو على كل تلك الصراعات التي تطغى على ملامحها ليبتعد عنها قليلا بعدما طبع قبلة خفيفة على خدها مربتا على رأسها بحنان شديد ثم سحب الغطاء عليهم جيدا ونام جوارها لتمر دقائق من الصمت وانتظمت انفاسهما دلالة على سقوط الاثنين في النوم، لكن قاطع كل هذا صوتها الذي صدح في الغرفة بسؤال لطالما أرق مضجعها :
" فرانسو "
" اممممممم"
اعتدلت بثينة في نومتها لتقابل وجهه بعدما فتح عينه ينتظر ذلك الشيء الذي جعلها تتخلى فجأة عن ادعائها.....
" مش انت دكتور نفسي ؟؟؟"
هز فرانسو رأسه ببطء ينظر لها جيدا يحاول أن يستشف منها ما تريده لتكمل هي بنبرة إصابته في مقتل :
" طب هو انا مريضة نفسية ؟؟؟يعني انت عارف كل حاجة عني تقريبا فهل كده انا مريضة ؟؟؟"
نظر لها فرانسو بتفاجئ من سؤالها لا يدري بما يجيبها حقا، لكن هذا لا يمنع سعادته الشديدة بها فهي بإدراكها لوضعها قد خطت اول خطوات علاجها ...
" اه يا بثينة "
" يعني انا مجنونة ؟؟؟"
" وهو الشخص اللي محتاج علاج نفسي يبقى مجنون "
سقطت دموع بثينة بعنف وهي تخبره :
" انا مش عايزة ابقى مجنونة يا فرانسو ومش عايزة ابقى كده "
تحدثت بتشتت وهي تشير لنفسها :
" مش عايزة ابقى كده ...كده انا ..انا مش عارفة انا فيا ايه بس ..بس انا مش مستريحة مش عارفة اعيش طبيعي وابقى ..."
صمتت قليلا وهي تذرف المزيد من الدموع ثم تساءلت بنبرة مقهورة :
" انت فاهمني صح ؟؟؟ "
هز فرانسو رأسه وهو يراقب صراعها ذلك يدرك جيدا أن هذا بداية انهيار كبير ..انهيار سيكسر قشرتها التي جاهدت دائما لبناءها :
" فاهمك يا بثينة فاهمك يا قلبي ...تحبي تتكلمي معايا ندردش سوا بعيدا عن جو الدكتور والمريض ؟؟؟"
كان رجاء أكثر منه سؤال لتسارع هي بهز رأسها وهي تنهض وتجلس على الفراش مشيرة له بيدها :
" انا....انا مش عارفة فيه ايه بس انا ..انا بضايق لما اشوف حد سعيد وانا لا و..وكمان مش بحب حد ياخد حاجة انا اتحرمت منها انا ...انا وحشة اوي وانا عارفة كده كويس بس مش بقدر اسيطر على تفكيري مش بقدر ااااا"
توقفت عن الحديث وهي تدفن وجهها في يدها منفجرة في البكاء :
" انا ..انا الشريرة في كل القصص يا فرانسو ...عمري ما كنت في مرة البطلة ...طول عمري ببقى الشريرة و...انا مش سعيدة لمدة ومش عايزة ابقى كده انا بس ...تعرف اني طول عمري كنت بتعاطف مع الأشرار في الأفلام بحس انهم كانوا يستحقوا فرصة البطل ..يعني ليه ميبقوش هما ابطال ...اصل لو هما اخدوا نفس الفرص اللي أخدها الابطال مش كان ممكن يكونوا ابطال ؟؟؟"
كانت تتحدث عدة أحاديث غير مرتبة ولا مرتبطة ببعضها فقط تخرج كل ما بداخلها تحاول إفراغ كل ما بعقلها دفعة واحدة دون أن تصيغ حديثها بشكل منظم ...
ابتسم فرانسو وهو يتحدث بهدوء شديد لها :
" تعرفي اني انا كمان بفكر كده ؟"
نظرت له بتعجب من بين دموعها ليكمل هو ببسمة :
" دايما بفكر يا ترى لو الشرير ده كان في ظروف تانية مع ناس تانية كان هيبقى برضو شرير ؟؟؟ ولا هيكون كويس ويصنع قصته الخاصة ويكون هو بطلها ؟؟"
نظرت له قليلا لا تفهم مقصده ليتحدث هو بعملية شديد حاول صبغها بالحنان :
" لو أنتِ كنتِ في ظروف تانية ومع ناس تانية هل كان ممكن تعملي كل اللي عملتيه ده ؟؟؟ أو لو مثلا كان والدك عايش أو ليكِ اخ يعرف يوجهك كويس كان ممكن تعملي كل اللي عمليته ده ؟؟؟"
" انا ...ممكن يعني ...مش عارفة ...مش عارفة "
ابتسم فرانسو وقد أدرك جيدا ما تعاني منه زوجته وعلم كيف يعالجها من ذلك الذي تعاني منه فهو في حياته قابل العديد من المجرمين الذين عانوا من نفس ما تعاني منه، لكن في حالتهم هم تطور الأمر أكثر وأكثر حتى وصل لارتكابهم جرائم بشعة وهذا ما كانت بثينة بصدد فعله إن لم تعالج وفي اسرع وقت :
" تحبي اساعدك ؟؟؟ نساعد بعض ونكتب قصتك وتكوني أنتِ البطلة اللي فيها ؟؟؟"
رفعت بثينة نظرها بعدم فهم له وهي تتساءل :
" هو ينفع ؟؟؟"
ابتسم لها فرانسو بسمة واسعة أكثر وهو يسحبها مقربا إياها منه ثم تسطح وهو ما زال يضمها أكثر يجيبها بحنان :
" اممم ينفع اوي ومن بكرة هنبدأ الفصل الاول في حكاية من بطولة بثينة وفرانسو ....."
____________________________
" نعم ؟؟؟"
كانت كلمة واحدة أجاب بها هادي على طلب شيماء الغبي لترتعد شيماء من الجانب الآخر ...
" بقولك عايزة أطلق "
" تمام يا فندم اي حاجة تانية ؟؟؟ يعني طحينة زيادة أو كاتشب ؟؟؟"
نظرت ماسة للهاتف بحنق شديد وهي تعلم أنه يسخر هامسة :
" مش قولتلك متجوزين عربجية ؟؟؟ اهو قلب ابو عمار السوري اهو "
نظرت شيماء للهاتف بحنق تكره سخرية هادي منها :
" هادي إنت بتتريق ؟؟؟ "
وصلتها ضحكته عبر الأسلاك لتبتسم بغباء شديد جعل ماسة تضرب كف بكف
" متخلفة والله العظيم متخلفة وهتبوظ اللعبة "
صدح صوت هادي مجددا وهو يتحدث بنبرة عادية :
" شيماء يا حبيبتي ..."
" نعم ؟"
" نعم الله عليكِ يا قلبي ..روحي نامي وانا الصبح هجبلك شكولاتة ماشي ؟؟؟"
سارعت شيماء بالإجابة بلهفة كبيرة :
" وجيلي كولا ؟"
أنهت حديثها لتتلقى ضربة عنيفة على رقبتها من الخلف من يد ماسة التي عنفتها بغيظ شديد :
" بقرة حلوب اقول ايه يعني وأنتِ فيكِ كل العبر ؟"
نظرت لها شيماء بعدم فهم وهي تقول بألم من الضربة :
" ايه فيه ايه.. ايه ؟؟ "
لم تجب ماسة عليها ليصدح صوت رشدي من الهاتف :
" ماشي يا ماسة بقيتي شغالة مأذون وماشية تطلقي في خلق الله ؟؟ بس لما اشوفك عشان حسابك تقل اوي ..وقولي للهبلة اللي جنبك دي هي كمان حسابها معايا عشان تبقى تسمع العبط ده تاني "
أنهى حديثه وهو يغلق الهاتف بغيظ وأعطاه مجددا لهادي لتصدح ضحكات جمال في المكان عليهم جميعا بينما رشدي يتمتم بغيظ وزكريا يبتسم براحة أن ما حدث مجرد مزاح سخيف من ماسة وليس أن فاطمة قد تعرضت لما احزنها .....
________________________
في صباح يوم جديد وبعدما انتهى الشباب من الاتفاق على كل شيء يخص أمر مصطفى وصديقه عاد كل واحد منهما لمنزله.......
كان يسير في ممرات المدرسة وهو يحمل حقيبته ينظر كل ثانية لساعة يده حامدا ربه أنه الآن لا يملك أي فصول ليدرسها حتى ينتهى مما أجله كثيرا ....
توقف أمام أحد الفصول يعدل من هيئته ثم طرق الباب ليسمع صوت زميل له يأذن له بالدخول ...أطل زكريا برأسه وهو يبتسم بسمته المعروفة :
" معذرة لو عطلت الحصة بس ممكن استأذن حضرتك في اميمة "
نظر له المعلم الواقف وهو يشير له بمعنى لا بأس ليبتسم له زكريا ثم أدار رأسه يبحث عنها بعينه حتى رآها تكاد تسقط ارضا بملامح باهتة مشيرا لها برأسه أن تلحق به :
" اميمة ...ورايا على غرفة المعلمين اذا سمحتي "
أنهى حديثه وهو يستدير شاكرا المعلم زميله ثم بعدها رحل بخطوات هادئة صوب غرفة المعلمين والتي لم يكن بها سوى معلمة كبيرة في السن قليلا وايضا معلم اخر وكلا منهما يجلس على مكتبه ينكب على الكتب أسفل يده غير منتبهين له وهو كان شاكرا لهذا في الحقيقة ...ثوانٍ و رأى اميمة تتحرك بخطوات بطيئة صوب مقعده وهي ترتعش بشكل جعله يشفق عليها ...أشار بيده صوب مقعد خشبي يقبع جوار النافذة :
" هاتيه يا اميمة وتعالي اقعد قدامي هنا "
ابتلعت اميمة ريقها برعب شديد ثم تحركت بخطى شعرت أنها تخطوها للجحيم حملت المقعد بأيدي مرتعشة وبعدها وضعته حيث أشار ثم جلست عليه ولم تكد تلتقط انفاسها حتى عاجلها زكريا بحديثه :
" أنتِ اللي حطيتي الظرف في قميصي اليوم إياه صح ؟؟؟"
______________________
خرجت من غرفتها وهي تتثائب بنعاس شديد لتتفاجئ به يقف جوار باب غرفتها وهو يربع ذراعيه لصدره مبتسما بسخرية كبيرة :
" صباح الخير يا قمر "
فزعت ماسة من وقوفه بهذا الشكل أمام غرفتها لتبتعد للخلف قليلا وهي تلمح تلك النظرة في عينيه ويده التي تحركت ببطء صوب حزامه :
" صباح النور يا رشدي يا حبيبي ...خير يعني مروحتش الشغل ليه ؟؟"
ابتسم رشدي وقد انتهى من فك حزامه وهو ينزعه مرددا على مسامعها:
" لا ما هو انا بدلت مع زميلي ومسكت شيفت مسائي عشان اقدر اخلص شوية حاجات كدة متأجلة ....
ابتلعت ماسة ريقها وهي تنظر حولها تحاول البحث عن أحد تستنجد به، لكن قبل أن تعثر على أحد كان رشدي يدفعها للغرفة التي خرجت منها للتو مجددا ثم اغلق الباب خلفه ناظرا إليها بغضب جحيمي وهو يلف الحزام على يده بشكل آثار فزعها :
" ايه ؟؟؟بتعمل ايه ؟؟؟ والله اصوت والم الناس واقولهم عايز يمارس عنف أسري عليا "
ابتسم رشدي بسخرية ثم اقترب اكثر وهو يهتف
" وماله صرخي يا ماسة تحبي اصرخ معاكِ ؟؟؟"
ارتعبت ماسة أكثر وقد شعرت بجدية الأمر وهي من ظنته يمزح معها فقط :
" انت هتضربني بجد يارشدي ؟؟؟"
ابتسم رشدي وهو يهز رأسه لها بحركة عادية لا مبالية وكأنه لا يهتم لها أو لاي شيء ...
" على فكرة أنا كنت بهزر بس والله كل ده عشان اتبليت ده انا بس كنت بنعشك أثناء الحرب عشان لقيتك كده بتنام وانت بتضربهم فقولت يابت يا ماسة اديله دوش كده يفوقه و......."
توقفت عن الحديث بسبب اصطدامها بالفراش خلفها لتبكي برعب شديد وهي تراه يرمقها بنظرة مخيفة :
" خلاص يا رشدي انا اسفة مش هعمل كده تاني ...خلاص "
و رغم كل الغضب الذي يعتريه إلا أنه وللمرة التي لا يعلم عددها يضعف أمام رجائها ودموعها بالإضافة أنه لم يكن ينوي ضربها ابدا ولن يفعلها ابدا فليس هو من يرفع يده على نساء بيته أو اي نساء عامة هو فقط أراد اخافتها ..
ورغم لينه إلا أنه تحدث بنبرة حادة بعض الشيء حتى يعلمها ألا تتجاوز حدودها مجددا :
" اللي حصل يا ماسة لو اتكرر هيكون فيه رد فعل وحش مني وأنتِ عارفة قلبتي ...أنتِ مش صغيرة عشان تصرفاتك دي سامعة ؟؟؟"
هزت رأسها بسرعة وهي تمسح دموعها التي تتجدد باستمرار :
" سامعة والله سامعة ...انا اسفة يارشدي اوعدك والله ما هعمل اي تصرف غبي زي ده تاني و......"
قاطع حديثها صوت رنين هاتف رشدي لينتزعه من ثيابه وينظر به ...ثوانٍ وانقلبت ملامحه للسواد ثم أشار لها متحدثا بعجلة :
" تمام يا ماسة كلامنا لسه مخلصش لما ارجع هنكمل ..."
نظرت ماسة لاثره بحنق شديد وهي تردد :
" كل مرة تقول نفس البوقين دول قبل ما تختفي ...مش فاهمة احنا هنكمل ام الكلام ده امتى ؟؟؟ في محكمة الأسرة ؟؟؟"
______________________
قبل ذلك بساعة تقريبا استيقظ من نومه الذي سقط به دون شعور على صوت جرس المنزل الذي كان يرن بإصرار شديد لينهض وهو يحاول ابعاد النعاس عن عينيه ....
توجه صوب باب المنزل وهو يتحدث بحنق :
" حاضر لحظة جاي "
فتح جمال الباب ليتفاجئ أمامه بــ جيمي ( جمال رفيق مصطفى ) وهو يدخل للشقة بفزع شديد هاتفا :
" ايه يا جمال برن عليك من اول ما وصلت مصر ومش بترد...مصطفى كويس دلوقتي ؟؟؟ هو حصله ايه ؟؟؟ "
ورغم صدمة جمال إلا أنه تدارك نفسه سريعا وهو يسحب جيمي كاتما فمه بسرعة وكأنه يخفي سرا :
" اشششش وطي صوتك امي واخدة العلاج ونايمة وانا اساسا مش معرفها اللي حصل لمصطفى عشان متتعبش اكتر "
رفع جيمي حاجبيه بعدم فهم
" ازاي يعني مش معرفها اللي حصل ؟؟؟"
" انا قولتلها إن مصطفى في مأمورية واخدته لشقتي الخاصة عشان يتعالج هناك لغاية ما يقوم انت عارف انها بتتعب بسرعة وممكن تروح فيها "
هز جيمي رأسه باقتناع ثم قال سريعا :
" طب فين شقتك دي وانا اروح ليه"
ابتسم جمال بخبث شديد ثم أشار على الأريكة التي تتوسط البهو :
" اتفضل ارتاح وانا هلبس واجي معاك اوريك وبالمرة نطمن سوا على مصطفى ......"
_______________________
" انا ...انا يا استاذ مش انا والله مش انا "
كانت تتحدث وهي تبكي بعنف شديد تنفي عنها تلك التهمة التي الصقها بها زكريا للتو بعدما أخرج الرسالة ووضعها أمام عينها ليشهد بنفسه صدمتها وهي تهز رأسها بهيستيريا أنها لم تقم بما يقوله ..
زفر زكريا وهو ينظر حوله ليتأكد أن لا أحد ينتبه لهم فهذه سمعة الفتاة في النهاية وهو لن يكون سعيد عندما تتناقل الأقاويل عن أنها حاولت اغواء المعلم ...
" طب يا اميمة طالما مش أنتِ اللي عملتي كده يبقى مين ؟؟؟ اصل يومها محدش لمسني غيرك وأنتِ بس اللي قربت مني لدرجة تسمح أنها تحط الورقة دي في جيب القميص "
بكت اميمة وهي تخفي وجهها بين كفيها تندب حظها السيء الذي أوقعها في هذه المصيبة وهي تردد :
" مش انا اللي كتبته والله ولا اساسا كنت اعرف ايه اللي فيه ...ده هي اللي خلتني أحطه في جيب حضرتك وقالتلي أنها ورقه فاضية عادي جدا وكان مجرد تحدي مش اكتر "
تنفس زكريا وهو يحاول تحليل كلماتها تلك عله يتوصل لمن فعل هذا :
" اتكلمي براحة يا اميمة عشان افهمك ارجوكِ ...مين اللي قالك تعملي كده وتحدي ايه ده اللي بتتكلمي عنه ؟؟؟؟"
_______________________
" تمام يا فندم ...كده انا محتاج اكتر من شاهد عيان ممكن يشهدوا قدام المحامي إنك ام تصلحي لحضانة الطفل عشان نقدر نــ....."
توقف هادي عن التحدث بسبب ذلك الذي اقتحم مكتبه بعنف شديد وهو يصرخ بجنون :
" هادي يا كداب فين الشكولاتة اللي ........"
توقفت شيماء عن الحديث وهي تنتبه لنظرات هادي المصدومة مما
فعلت للتو ونظرات السيدة المتعجبة لما تقول ...
" انا اسفة مكنتش اعرف إن فيه حد هنا "
ابتلعت ريقها وهي تشير لأريكة تقبع في أحد أركان الغرفة مرددة :
" كملوا زي ما كنتم انا هقعد انا ..."
أنهت حديثها وهي تركض صوب الأريكة تاركة هادي يناظرها بحنان يحاول كتم بسمته ليرسم هيئة عملية ويكمل الحديث مع السيدة التي تنظر لشيماء بتعجب جاذبا انتباهها.....
" تمام زي ما قولت كده لحضرتك محتاجين ......."
كان هادي يتحدث مع السيدة بجدية كبيرة صارفا انتباهه عن تلك التي تلتفت حولها كطفلة صغيرة تستكشف الحياة من جديد وهي تلعب في كل ما تقع عليه يديها حتى انتهى واخيرا من جلسته لينهض مودعا السيدة التي حيته بابتسامة ثم خرجت تاركة إياه يرمق تلك الصغيرة اللطيفة بحب شديد ...
أشار هادي لشيماء أن تتقدم منه لتنهض هي ببطء متجهه صوبه بخجل شديد مما فعلت وهي تتحدث بخفوت :
" اسفة مكنتش اعرف إن عندك حد وكمان السكرتير مكانش برة و..."
توقفت عن الحديث بصدمة وهي تشعر بيد هادي تجذبها إليه ثم همس لها وهو يخرج حقيبة من الدرج المجاور له :
" اهي الشيكولاتة فين بقى المقابل ؟؟؟"
نظرت له شيماء بصدمة شديدة وهي تردد :
" مقابل ؟؟؟ انت عايز مقابل مني يا هادي ؟؟"
ابتسم هادي وهو يهز رأسه لها بمعنى نعم اريد مقابل ابتسمت هي بغباء شديد وهي تسأله :
" كام ؟؟؟"
" أنتِ وذوقك يعني معاكِ من بوسة لالف وانا واحد على باب الله "
فتحت شيماء عينها بصدمة من حديثه :
" هادي إنت طلعت قليل الادب زي رشدي وماسة ؟"
" يعني هو حلال على اخوكِ وحرام عليا ؟؟؟ بعدين يعني مش كل مرة تتفاجئ اني قليل الادب تقبلي الواقع بقى و....."
قاطع حديثه رنين الهاتف ليرفعه وهو يهتف بحنق شديد :
" اهو شكله حس أننا جبنا في سيرته ...الو يارشدي ..فين ؟؟؟ بجد طب انا جايلك دلوقتي "
أنهى حديثه وهو يغلق الهاتف ثم نظر لشيماء بحسرة وهتف مقبلا إياها من وجنتها سريعا وهو يخرج :
" معلش يا دبدوبتي عندي مشوار مهم هجيلك بليل اشطا ؟روحي على طول بقى "
أنهى حديثه وهو يخرج من المكتب سريعا تاركا إياها تنظر في أثره بتعجب شديد .....
__________________________
خرج زكريا من المدرسة بعدما استطاع إقناع المدير بصعوبة بضرورة رحيله وبعدما علم أيضا من وراء تلك الرسالة الملعونة متوعدا لها بكل الويل ....لكن رنين هاتفه وما علمه جعله يهرع خارج المدرسة راميا امر الرسالة جانبا حتى ينتهي مما بيده الان.....
وبعد ربع ساعة تقريبا كان قد وصل أمام البناية التي بها شقة جمال ليصعد سريعا وهو يسابق الريح يحاول احتواء غضبه الذي سينفجر الآن إن لم يرى ذلك الحقير الثاني ويشبعه ضربا ....
طرق الباب بسرعة كبيرة لينتظر ثوانٍ حتى فتح له هادي وملامحه لا تفسر لينظر له بتعجب وهو يتقدم للداخل وأثناء ذلك وصل لمسامعه صوت ضحكات عالية لمصطفى وهو يهتف بخبث شديد :
" لا بس ايه رأيك باللي عملناه ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟"
___________________________
.❤️شيخ_في_محراب_قلبي
الثامن_والعشرين
"لا بس ايه رأيك شوية شقاوة من الاخر "
انكمشت ملامح زكريا بعدم فهم لذلك الصوت ليتقدم بأرجل رخوة وبحركة بطيئة داخل الشقة وجواره هادي بملامح لاتفسر.....لكنه للحق لم يكن يهتم في تلك اللحظة سوى لذلك الصوت الذي ارتفع مجددا وهو يردد :
" يابني دي لحظات للذكرى هو احنا هنلاقي كل يوم بطة زي دي "
صدحت ضحكات اخرى تعلو في المكان كله مرددة خلف ذلك الصوت بكل قذارة :
" اسمها بطة وهي بطة "
عند تلك الجملة كان زكريا قد وصل البهو ليجد رشدي يجلس جوار جمال الذي كان يحمل الحاسوب الخاص به وهو يضعه على قدمه يراقبه بصدمة لم يعلم أن قذارة أخيه قد تصل لتلك المرحلة فهو لم يكتفي بتدمير تلك الفتاة بل أيضا سجل لهم فيديو بعدما انتهوا منها فــ اثناء حديثهم ذلك ستلمح فاطمة ممدة على فراش بعيد قليلا عنهم وهي مغطاه كليا عدا رأسها ......
اغمض جمال عينه يشعر بنيران تتصاعد داخله حاثة إياه على الدخول الآن وقتل أخيه بيده والانتهاء من ذلك .....
تقدم زكريا منهم بأقدام متجمدة ..يبدو وأنها قد التصقت بالأرض اسفلهم حيث كان يحثها بصعوبة على التحرك وكأنها تأبى أن تعرض صاحبها لهكذا عذاب ....
رفع جمال اعينه لزكريا ولم يكن افضل حالا منه فهذا أخيه وصغيره بحق الله ...ابتلع زكريا ريقه وهو يدعو الله ألا يكون ما يخشاه قد حدث وأنهم وثّقوا تلك اللحظات ....
" هو ايه ؟؟؟ايه ده "
سؤال غبي بالطبع فهو والجميع في هذا المكان يعلمون ما هذا...لكن ذلك القلب الذي يكاد يتوقف في أي لحظة يتمنى لو يكذبه أحدهم ...
اقترب هادي سريعا منه وهو يمد يده يحاول أن يسانده لييعد زكريا يده سريعا ويبتعد هو بدوره عن هادي مشيرا للحاسوب وكأنه مرض ما :
" لقيتوا ايه عليه ؟؟؟ اتكلموا ؟؟"
صمت يترقب الوجوه ليعلو حديثه وكأنه يتخبط في كل شيء حوله :
" لازم تعرفوا إن لو اللاب ده فيه اي فيديو لمراتي مش هيخرج من هنا وانا هكسره بنفسي حتى لو اضطريت ادخل اقتلهم واحــ "
قاطعه رشدي سريعا وهو يرى قرب انهياره :
" مش فيه ....متخافش يا زكريا فاطمة مش ظاهرة هما بس كانوا بيصوروا فيديو سلفي ليهم ومعترفين فيه بكل حاجة ومش بس كده كمان باقيت قاذورتهم اللي عملوها لان الظاهر مش فاطمة بس اللي عملوا فيها كده ."
ابتلع زكريا غصة في حلقة يرغب لو يبكي الان كــ طفل صغير، لكنه تحمل فيكفيه انهيارا حتى الآن فمنذ هذه اللحظة هو يحتاج لكل ذرة شجاعة وثقة بأن الله معه .....ذلك قد يخفف عن بعض ما يعيشه الان ...
" عايز اشوفهم "
نظر له الجميع برفض لتلك الفكرة ليتحدث هادي سريعا بما قرره قبل أن يأتي زكريا :
" بلاش يا زكريا ارجوك ....انا هاخد الفيديوهات دي وهتصرف بمعرفتي وصدقني مش هرتاح غير لما اااااا "
قاطعه زكريا وهو يرفع يده برفض لحديثه :
" مش قبل ما اطفي ناري يا هادي..... مش قبل ما اطفي ناري و اشوفهم مذلولين قدامي "
أنهى حديثه ولم يعطى فرصة الإجابة لهادي حتى نظر سريعا لجمال الذي كان يرميه بنظرات مقهورة متحسرة ومعتذرة
" لو سمحت تعالى افتحلي الباب "
وعلى عكس ما اتفق عليه مع رشدي وهادي قبل قليل ألا يسمح لزكريا برؤيتهما حتى لا ينهار أو يفقد عقله ...تحرك جمال ببطء صوب الغرفة التي يحتجز بها أخيه وذلك الضيف الجديد الغير مرغوب به تماما ثم انتظر حتى دخل زكريا وبعدها اغلق الباب خلفه ينظر للوجوه وهو يعلم أن خلف هدوء زكريا اعصار كبير سيقتلع الكل ......
__________________________
" يابنتي دي عيال هبلة ..درسين ايه اللي آخدهم في كل مادة ؟؟ ايه عندي وقتي وفلوسي مش عارفة اعمل بيهم ايه ؟؟؟"
أنهت منار تلك الكلمات بسخرية كبيرة وهي تتحدث مع إحدى رفيقاتها عبر الهاتف لتصمت قليلا مستمعة للجانب الآخر ثم ضحكت بصخب شديد متجاهلة فاطمة التي دخلت للتو عليها وهي تتحدث بضيق شديد :
" أستاذة منار مش انا بناديكِ ؟؟؟"
أشارت لها منار بيدها أن تصبر قليلا حتى تنهي المكالمة لتزفر فاطمة بحنق شديد وهي تتركها خارجة بعد أن القت كلمتها :
" خلصي واطلعي عشان تتغدي"
ثم خرجت وهي تتمتم بغيظ وملل شديد منها ومن أفعالها تلك :
" مش فاهمة مروحتيش المدرسة ليه ؟؟؟"
ورغم سماع منار لحديثها إلا أنها تجاهلتها وهي تكمل حديث مع رفيقتها حتى قاطعت ذلك الحديث وهي تبعد الهاتف عن اذنها قليلا ناظرة به مرددة :
" طب يا منال اقفلي دلوقتي لما اشوف البت اسراء عايزة ايه ؟؟؟"
أنهت كلماتها وهي تغلق تلك المكالمة وتستقبل الآخرى التي كانت في الانتظار متحدثة :
" الو يا اسراء عاملة ايه ؟؟؟......لا انا الحمدلله اخبارك انتِ؟؟؟....يارب دايما يا قلبي، خير يعني متصلة بيا واليوم الدراسي لسه مخلصش تلاقيكِ بتتكلمي في الحمام .....فيه ايه يابنتي أنتِ بتعيطي ؟؟؟؟....طب اهدي بس وفهميني ....ماله مستر زكريا ؟؟؟؟"
صمتت منار طويلا وهي تستمع بصدمة لما فعلته رفيقتها لتهتف بدون وعي :
" يا مصيبتي ايه اللي هيبتيه ده ؟؟؟ أنتِ مش عارفة أنه متجوز ؟؟؟....بتحبيه ايه ونيلة ايه ؟؟؟انتِ هبلة يابت أنتِ ده أكبر مننا ومتجوز ثم إنه اساسا مش بيبص لواحدة فينا كده ولا هيبص لانه بيحب مراته جدا .......ايوة وانا المفروض اعمل ايه ؟؟؟.....نعم يا ختي اتوسط لمين؟؟؟.....ايوة صاحبتي وكل حاجة بس مش في الحوار ده ...أنتِ اتصرفتي بدماغك يبقى طلعي نفسك بنفسك بقى .....أنتِ عايزاني اروح اقوله ايه ؟؟؟ مستر زكريا معلش صاحبتي كــ ....."
توقفت منار عن الحديث بصدمة وهي تلمح فاطمة تقف على باب غرفتها ترمقها بنظرات شعرت أنها تخترقها ثم صدح صوتها جامدا مرعبا في الغرفة :
" زكريا ؟؟؟ مال زكريا بصحبتك يا منار ؟؟؟؟"
__________________________
" اصبر طيب اصبر هتكفي على وشي مش طبيعي كده "
أنهت بثينة كلماتها لذلك الطفل الكبير الذي يسحبها خارج شقتهما بحماس شديد وهو ينظر في ساعته بلهفة :
" يلا يا بثينة اخلصي بقى كمان ساعة وكل الكافيهات هتتزحم "
نظرت بثينة له بحنق وهي تعدل حجابها :
" وانا مالي تتزحم ولا لا ...هو انا هشتغل فيها ؟؟"
ضحك فرانسو بصوت عالي عليها ثم اقترب منها وهو يساعدها في تعديل وضع حجابها بلطف شديد مرددا لها بحب :
" مش احنا اتفقنا امبارح أننا نبدأ قصة جديدة ؟؟"
هزت بثينة رأسها بنعم ليكمل هو الحديث ببسمة واسعة :
" ودي يا ستي مقدمة القصة و انا عايزها تكون متتنسيش "
أنهى كلماته ثم سحب يدها و جرها نحو المصعد بلطف شديد وبعدها صعدوا وانتظروا دقائق قليلة حتى كانوا في الطابق الارضي ليقوم فرانسو بفتح مظلة لم تنتبه لها بثنية سوى الان ثم جذبها لاحضانه وهو يكتفها بطريقة غريبة هامسا وهو يشير للخارج فقد كان الجو ممطرا :
" والان انستي هل تتكرمي على عبدٍ مسكين وتتناولي معه الافطار في أجواء رومانسية كهذه ؟؟؟فذلك المسكين والله عاشق "
رمقته بثينة بعدم فهم لتردد بغباء :
" مش فاهمة "
شدد فرانسو احتضانها أكثر وضحكاته تتصاعد عليها ثم جذبها معه نحو الخارج وهو يردد بجدية كبيرة :
" مش مهم تفهمي دلوقتي يا قلبي المهم حاليا في الفترة دي تحسي بكل اللي حواليكِ ....تحسي وبس "
تحركت بثينة لتخرج خلفه وتختبئ أسفل المظلة معه وهي تراقبه عن قرب كيف يتصرف ولم تنتبه لنفسها ولا لشرودها به ليخرجها من كل ذلك صوته الذي صدح وهو يخبرها بجدية :
" غمضي عينك وخدي نفس عميق وبعدين خرجيه "
" ليه هنغطس ؟؟ "
فتح فرانسو عينه بانزعاج من تلك المفسدة وهو يتحدث بغيظ :
" لا يا ظريفة بس عايزك تستقبلي الصباح ببسمة ونفس منتعشة "
" واللي انت بتعمله ده هو اللي هيخليني منتعشة ؟؟؟"
هز فرانسو رأسه بالايجاب لتغمض هي عينها وتستنشق نفس سريع ثم فتحت عينها وهي تهمس بسخرية كبيرة منه :
" ايه الانتعاش ده مش معقول كده ده ولا كأنك شربت كوباية لمون بنعناع في عز الصيف "
ضحك فرانسو بعنف وهو يجذبها إليه أكثر ثم أخذ يحسس على جانب وجهها بيده مما صدمها لتحاول الابتعاد بخجل عنه, لكنه صدمها حينما امسك بأذنها من خلف الحجاب وشدها بعنف لتصرخ هي بألم ...
" وهو اللي أنتِ عملتيه من شوية ده اسمه نفس ؟؟ ده لو نفس حشيش كنتِ اخدتيه بمزاج اكتر ...ده النفس يا حبة عيني ملحقش يوصل للرئة اساسا قومتي خرجتيه تاني "
وهذه المرة كانت هي من تضحك؛ ضحكة لربما تكون غريبة حتى عليها هي؛ فهي يوما لم تتضحك بهذا الشكل ...ابتسم فرانسو وهو يدرك أن أول خطوات العلاج تسير بشكل صحيح وحالتها ستكون اسهل مما ظن فهي تحتاج فقط للحنان وهو سيغرقها حنانا .....
توقفت بثينة عن الضحك وهي تتنفس لتهدأ ثم أغلقت عينها وأخذت شهيقا طويلا ثم أخرجته ببطء كما رأته لتظل ثوانٍ مغلقة عينها لتردد ببسمة صغيرة ارتسمت على شفتيها :
" وكأني اول مرة اتنفس فيها "
___________________________
كانت تجلس على الأريكة في البهو وهي تستمع لحديث شيماء التي تردد نفس الحديث منذ ساعات وهي تقص عليها ذلك الموقف الذي تعرضت له في مكتب رشدي واصفة كم أخرجها واخجلها هذا ....
" ياربي ...يا شيماء يا حبيبتي لو بتوصفي اللي أنتِ اتعرضتي ليه ده احراج يبقى مشوفتيش اللي بعمله مع اخوكِ واهو عايشة زي الفل ولا هاممني تعرفي ليه عشــ ....."
توقفت ماسة عن الحديث وهي ترى رشدي يدخل من باب المنزل لتبتلع ريقها ظنا منها أنه سيأتي ليكمل تقريعها، لكن على عكس المتوقع تجاهل الجميع وذهب لغرفته بملامح لم تستطع تفسيرها، وبدلا من أن تفرح لذلك كانت تنهض سريعا متجهه صوب غرفته بقلق شديد متحدثة :
" معلش يا شيماء هشوف رشدي ماله واجيلك تاني "
أنهت حديثها وهي تطرق الباب ثم دخلت سريعا دون انتظار أذنه ...تاركة شيماء خلفها تفكر في هادي وفي الاتصال به فبما أن رشدي عاد فبالتأكيد هو أيضا عاد فهو ذهب إليه، لذا نهضت سريعا متجهة صوب غرفتها لتجري به اتصالا غافلة عن ملامح أخيها الذي كان يبدو وكأنه خرج من حرب مرهقة للتو ....
دخلت ماسة للغرفة لتجدها غارقة في الظلام كما تركتها صباحا بعد تنظيفها ورشدي لم يكلف حتى نفسه عناء فتح النافذة لتقترب بأقدام مرتابة من الفراش وهي تنادي باسمه :
" أباظة ؟؟؟ انت نمت ؟؟؟ لو لسه زعلان مني فأنا اعتذرت و..."
قاطع حديثها صوت رشدي الذي خرج أبح بشكل غريب وهو يخبرها أن تخرج وتتركه وحده الآن ....
لكن ليست ماسة هي من تنفذ الأوامر وخاصة في هكذا موقف فهي لا تعلم ما به وما باله صوته هذا وكأنه .....
توقفت ماسة عن التفكير وهي تستمع لشهقات تأتي من جهة الفراش لتفتح عينها بصدمة كبيرة ...مفكرة انها ربما أخطأت السمع ...هل يبكي ؟؟؟ رشدي يبكي ؟؟؟ وهي التي في حياتها كلها لم ترى حتى دمعة واحدة منه .
اقتربت بسرعة أكبر من الفراش وهي تنادي باسمه مرتعبة :
" رشدي مالك انت كويس ؟؟؟ رشدي رد عليا متقلقنيش ..."
لم يجب رشدي...واقتربت هي أكثر من الفراش لتنحني برأسها قرب رأس رشدي وهي تتساءل عن سبب حزنه تمد يدها تحاول الوصول لوجهه حتى وصلت اخيرا لتستشعر بالدموع أسفل يدها :
" رشدي ؟؟؟ انت بتعيط ؟؟؟ حصل ايه يا رشدي ارجوك قلبي واجعني رد عليا "
فجأة وجدت رشدي ينهض من الفراش ملقيا بنفسه بين ذراعيها باكيا بصوت عالي كالاطفال وهو يهتف من بين شهقاته :
" مش قادر والله ما قادر اتحمل اكتر من كده ...تعبت وانا شايفه بيتدمر قدامي ...شايفه بيحارب عشان مينهارش وانا ....انا عاجز مش قادر اساعد صاحبي مش عارف أخفف عنه ومش عارف اساسا ايه اللي ممكن يخفف عنه في الموقف ده بس ...بس انا عايزة بس يرجع زي الاول "
صمت يبكي اكثر وهو يرثي حال صديقه :
" عايزة يرجع يضحك تاني يا ماسة يرجع يبتسم زي الاول ...زكريا دلوقتي بقى يبتسم عشان يراضينا ويهزر عشان محدش يلاحظ السواد والدمار اللي جواه ...طب اعمل ايه عشان يرجع زي الاول ؟؟؟ اعمل ايه طيب ؟؟؟؟"
ربتت ماسة على ظهره وهي تبكي بتأثر من حديثه ثم همست له :
" ربك هو الوحيد القادر على إنه يخرج من اللي هو فيه يا رشدي هو الوحيد اللي قادر يهونها على قلبه بس انت قول يارب "
أخذ رشدي يبكي في أحضان ماسة وهو يردد تلك الكلمة التي كانت قادرة على إذابة اوجاعه مناجيا ربه أن يريح قلب رفيقه يتذكر مظهره اليوم و هو يواجه مصطفى وجمال كان كالجنون وهو يصرخ بهما بكل قهر وحسرة كان يضرب بهما كالطير المذبوح الذي يتخبط في جميع ما حوله وهو يخرج في روحه ...اغمض عينه بوجع وهو يخبر نفسه أن نهاية هذه الحكاية قد اقتربت وكثيرا............
خرج رشدي من أفكاره على صوت ماسة الهامس بتردد كبير عكس طبيعتها مما أثار ريبته :
" أباظة "
انتبه رشدي وهو يضم نفسه لها اكثر :
" قلب وعيون أباظة "
سقطت دموع ماسة أكثر من حديثه ذلك لتهتف بصوت مختنق :
" أباظة هو إنت مبقتش تحبني ؟؟؟ يعني زهقت مني خلاص ؟؟؟"
ابتعد رشدي بسرعة عنها وهو ينظر لها بغباء لا يتوقع هذا السؤال ابدا منها هي أكثر من يعلم مقدار عشقه لها فهي تجري مسرى الدماء بعروقه منذ كانوا أطفالا ...
" ليه بتقولي كده يا ماسة ؟؟؟"
انفجرت ماسة في البكاء وكأنه بكلمته تلك فجر انهار حزنها وهي تهتف به في غيظ شديد :
" عشان إنت مبقتش تحبني يا رشدي ........"
_________________________
" تمام كده يا زكريا سيب الباقي عليا والأدلة اللي معايا كفيلة توديهم ورا الشمس بدون تفاهم "
هز زكريا رأسه بدون أي تعابير قد تظهر أنه يتفاعل مع من أمامه .....
تنفس هادي بتعب شديد وهو يشعر بألم رفيقه
" هو ممكن يكون أية الحكم اللي هيتحكم عليهم ؟؟ يعني اقصد العقوبة هتكون ايه "
هز هادي رأسه يتفهم سؤال رفيقه وما كاد يتحدث حتى قاطعه رنين هاتفه ليلمح اسم شيماء، لكنه وعكس عادته اغلق الهاتف ونظر بعدها لزكريا وهو يبدأ في توضيح الأمر له :
" بص هو العقوبة بتكون من بين ٣ سنين ل ١٥ وده بيتم الحكم فيه على حسب الأدلة والواقعة نفسها... وكمان فيه حكم بالمؤبد بس ده مش بيكون دايما لأن ليه احكام كتير عشان يتنفذ المؤبد ده وكمان فيه إعدام بس ده في حاله لو المجني عليها توفت أثناء الواقعة "
أنهى هادي حديثه وهو ينظر لوجه زكريا الذي تغضنت ملامحه بشكل لا يفسر ما يفكر به ثم هز رأسه لهادي وقال بصوت خرج ضعيفا بعض الشيء :
" يعني هما على الاقل ممكن ياخدوا مؤبد ؟؟؟"
صمت هادي قليلا يفكر في الأمر ثم أخبر زكريا ما يفكر به :
" ممكن بس مش اكيد ... "
نظر له زكريا بعدم فهم ليشرح له هادي ما يقصده :
" بص يا زكريا المؤبد بيكون في حالات معينة مش دايما ... احنا معانا فيديوهات اكيدة أنهم مش بس قاموا بجريمة واحدة لا دول قاموا بعدة جرائم وده اللي هستغلة عشان أوقع أقصى عقوبة ليهم.... وطبعا فيه حاجات كتير وطرق ملتوية أكثر عشان نحقق اللي عايزينه فانت عايز ايه ؟؟؟"
أنهى هادي حديثه وهو ينظر لملامح زكريا التي كانت مرعبة بحق والذي يفكر أن الأمر حقا معقد ...
" انا عايز حق مراتي يا هادي بأي طريقة......"
_________________________________________
" يا فاطمة سيبيني في حالي قولتلك كنت بتكلم عادي مع صاحبتي "
أمسكت فاطمة يد منار تمنعها من الدخول لغرفتها بعدما كانت تحاصرها في الساعات السابقة محاولة أن تعلم ما علاقة رفيقتها بزكريا :
" مش هسيبك غير لما تعترفي "
" اعترف بايه يابنتي فكك مني بقى أنتِ غريبة اوي "
راقبت فاطمة هروب منار لغرفتها لتتأكد جيدا أن ما حصل ليس طبيعيا وأن هناك شيئا تخفيه عنها وهذا الشيء له علاقة بزكريا وهي أكيدة من هذا ....
زفرت بضيق وهي تحمل مصحفها متجهة صوب الخارج لتلحق بزكريا فالأن هو موعد لقائهم الآسبوعي الذي يدرس زكريا لها به ...متوعدة منار حين عودتها .
تحركت فاطمة لخارج البناية وهي تسير صوب منزل زكريا لتقابل في طريقها شيماء التي كانت على وشك الاصطدام بها :
" فيه ايه يا ماما مالك متسربعة كده ؟؟؟ "
توقفت شيماء عند سماعها لصوت فاطمة وهي تجيبها بحنق شديد :
" الأستاذ هادي بكلمه مش بيرد عليا "
ضحكت فاطمة بخفة وهي تتحرك صوب منزل زكريا مرددة :
" طب ربنا معاكِ ياقلبي "
صعدت فاطمة الدرج ببسمة واسعة وهي تتذكر أنها الآن على وشك الجلوس لفترة لا بأس بها مع زوجها الحنون الجميل والـــ....
توقفت فاطمة عن التفكير وهي تصرخ يفزع متراجعة للخلف وضربات قلبها علت بشكل مخيف تهتف بصدمة :
" يا اخي الله يعمر بيتك رعبتني يا ستار يارب "
التوى فم هادي بحنق شديد :
" ليه شوفتي عفريت ولا ايه ؟؟؟"
تجاهلته فاطمة وهي تتجه للاعلى بعدما أفسح لها هادي الدرج ليسمع صوتها وهي تردد بنبرة منخفضة :
" صحيح شيماء راحت لك البيت عندك "
أنهت حديثها وهي تصعد سريعا ليبتسم هادي باتساع وهو يهبط بخطى مسرعة متجها صوب منزله يمني نفسه بلحظات جميلة رفقة دبدوبته الحبيبة ......
______________________________
" ايه عجبك الفطار ؟؟؟"
أنهى فرانسو كلماته بعيون لامعة في انتظار ردها لترفع بثينة عينها له وهي تبتلع اخر لقيمات المخبوزات التي أحضرها لها وهي تقول بجدية مصطنعة :
" اممم حلو عاملو زي الباتية بالشوكولاتة "
انمحت بسمة فرانسو بتعجب وهو يهتف :
" باتيه ؟؟؟ ماشي ما علينا ايه رأيك في الأجواء الرومانسية دي ؟؟؟"
نظرت بثينة حولها بأعين متفحصة ثم أعادت نظرها له وهي تقول بحيادية :
" عادي يعني مش رومانسي اوي "
انهدلت اكتاف فرانسو وهو يصف ما حوله بسخرية :
" مش رومانسي ؟؟؟ يعني مطر في باريس وريحة المخبوزات والجو ده كله مش عامل اي جو معاكِ؟؟؟؟ مفيش اي دم خالص ؟؟؟"
حدثت فيه بثينة بحنق شديد وهي تهتف مغتاظة منه و من حديثه :
" هو فيه ايه من الصبح عمال تتكلم كلام غريب ورومانسية وقصص وحوارات ؟؟؟ هو انت ناسي احنا اتجوزنا ازاي يا ابو باسم ؟؟؟؟"
استشف فرانسو سخريتها بوضوح ليفتح فمه بغية الإجابة عليها لكن قاطع ذلك خروج أحد العاملين من المحل ليقف جوارها وهو يقول بحروف منمقة بعض الشيء وبسمة مستفزة مصطنعة :
" نعتذر سيدي على قطع لحظاتكم، لكن إن كنتم انتهيتم من الطعام رجاءا غادرا المحل بهدوء فيبدو أن البعض يشتكي من وجودكما "
احمرت عين فرانسو بغضب شديد وهو يعتدل في جلسته بتحفز مجيبا :
" عفوا يا سيدي لعلي اخطئت السمع منذ قليل، هل طلبت منا الرحيل منذ قليل ؟؟"
لم تفهم بثينة شيئا من حديثهما لكن تلك النظرات المحتدة والنبرات الشرسة انبئتها بخطورة الأمر وازداد شعورها ذلك حينما نهض فرانسو بعنف شديد مسقطا مقعده ارضا وهو يصرخ بكلمات لم تفهمه ممسكا بثياب العامل وكأنه على وشك خنقه ...
هسهس بكلمات حادة وهو يحاول تمالك غضبه جاذبا لياقة العامل :
" مـــاذا قـــلــت ؟؟؟ هل أسأت لزوجتي للتو يا هذا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟"
_________________________________
" ليه بتقولي كده يا ماسة انا عملت حاجة تبينلك كدة ؟؟؟"
" ياريتك عملت يا رشدي المشكلة انك معملتش ...مبقتش مهتم بيا ولا بقيت لتظهر حبك زي زمان "
ابعدها رشدي عنه قليلا وهو يهتف بكلمات كارثية يحاول إدخالها لذلك العقل الغبي :
" أنتِ هبلة يا ماسة ؟؟؟ هو انا محتاج كل فترة اعملك حاجة اظهرلك بيها حبي ؟؟؟ وهو انا اساسا حبي مش ظاهر ؟؟؟ فيه ايه يا ماسة ايه الكلام ده ؟؟؟"
ضربته ماسة في صدره فجأة فسقط على الفراش بسبب تفاجئه من حركاتها :
" الكلام ده يا عنيا هو اللي كان لازم اقوله من زمان ...بصراحة كده يا رشدي إنت بقى استعمالك صعب "
احتدت عين رشدي وهو يعتدل جالسا على ركبتيه مثلها يصيح مقابلا لها :
" وده من ايه يا عنيا ؟؟؟ اكيد من سوء الاستخدام يا ختي "
أنهى حديثه وهو يدفعها كما فعلت هي منذ قليل معها مسقطا إياها ارضا :
" بعدين يا حبيبتي مش عجبك اضربي راسك في الحيطة "
نهضت ماسة من الأرض بحنق شديد وهي تصرخ به :
" وليه ما انا ارجع المنتج احسن ؟؟؟"
ابتسم رشدي وهو يقترب من حافة الفراش ثم اقترب اكثر منها هامسا :
" يرضيكِ ترجعيني يا ماسة ؟؟؟ "
كتفت ماسة ذراعيها عند صدرها بحنق شديد وهي تنظر الجهة الأخرى بعيدا عنه ليكمل هو :
" بعدين لما ارجع هبقى مستعمل وهضطر وقتها اقبل باي واحدة "
صمت قليلا ثم قال وهي يدعي استحسانه للفكرة :
" تصدقي فكرة ؟؟؟ اظن أن أي مُستهلك مقارنة بيكِ هيكون نعمة ...خلاص يا ماستي رجعيني وسيبيني لي حال سبيلي ومتقلقيش عليا انا هعرف الاقي مشتري كويس "
احتدت عين ماسة وهي تجذبه من ثيابه هامسة بشر :
" جرا ايه يا رشدي يا حبيبي انت بقيت تخبط في الحلل كتير الايام دي ليه ؟؟؟ بعدين ايه يشتري دي ؟؟؟ "
" بحبك يا ماسة ولو في وقت كنت اهملتك فتأكدي إنه غصب عني اقسم بالله ما في اغلى منك عندي "
حسنا هو للحق فاجئها بالأمر فهي كانت تتحدث معه وفي وسط الشجار يصرح بتلك الكلمات التي كان لها وقع الماء على جمرات مشتعلة مطفئه إياها مما جعل بسمتها ترتسم على وجهها وهي تردد بحب كبير :
" يا أباظة حتى لو زعلت منك هتفضل أباظة اللي مليش غيره في الدنيا "
ابتسم رشدي وهو يفتح ذراعيه لها لتنقض هي فجأة مسقطة إياه بعنف على الفراش تضمه إليها أكثر واكثر تحت همساته العاشقة والمعتذرة لها يبثها عشقه ومقدار تعلقه بها .....
_____________________________
" اهلا يا قلبي ادخلي زكريا مستنيكِ جوا في اوضة التحفيظ ..."
ابتسمت فاطمة باتساع لوداد التي فتحت لها الباب ببسمتها المعتادة البشوشة تدلها على غرفة التحفيظ التي تحفظ كل ركن بها منذ بدأت دروسها مع زكريا ....
تحركت صوب الغرفة وهي تنظر حولها تتأكد من عودة وداد للمطبخ مجددا ثم تسحبت على أطراف أصابعها بهدوء شديد حتى وصلت لباب الغرفة الذي يتركه دائما زكريا مفتوح على مصراعيه حتى أثناء درسهما ...ابتسمت بخبث شديد وهي تقف جوار الباب تراقبه وهو يحمل مصحفه يقرأ به في هدوء وسكينة كعادته ....
فتحت فمها باتساع حتى تفزعه أثناء شروده لكنها عادت واغلقته مجددا وهي تستمع لكلماته الهادئة :
" اتأخرتي كده ايه ؟؟؟"
صدمت فاطمة مما فعله فكيف اكتشف مجيئها وهو حتى لم يرفع عينه من مصحفه ؟؟؟
" صوت خطواتك عالي اوي لما تبقي عايزة تخضيني أبقي البسي شبشب بلاستيك من الخفيف وهو مش هيعمل صوت "
لوت فاطمة فمها بضيق شديد وهي تتحرك داخل الغرفة ثم تحركت صوبه حتة جلست أمامه تمد مصحفها له وهي تقول بحنق :
" خلاص عرفنا إنك جامد ومحدش بيقدر يفزعك "
ضحك زكريا ضحكات عالية ثم مد يده ممسكا خدها :
" انظروا لهذه اللطافة ...هل صغيرتي حانقة عليّ لأني أفسدت مقلبها ؟؟؟ حسنا اخرجي مجددا وسوف ادعي الفزع ما رأيك ؟؟؟"
أبعدت فاطمة يده بحنق أشد وهي تهمس :
" بتتريق عليا يا زكريا "
" لا يا قلب زكريا بل لا يهون على قلبي نظرتك الحزينة تلك ..."
" وحشني اوي "
" مين اللي وحشك ؟؟؟"
تساءل بتعجب شديد وهو ينظر لها لتبتسم وهي تجيب :
" كلامك ده وغزلك والفصحى دي وحشتني أوي "
" اه ما هذا الدلال سيدتي فلا انا حمل هذا ولا قلبي قادر على مجابهه حديثك "
ضحكت فاطمة ثم قالت له تعرف انهاردة قرأت جملة حلوة اوي على الفيس وحسيت أنها بتنطبق اوي عليك "
نظر لها زكريا بتعجب لتتحدث هي ببسمة تخبره بتلك الجملة :
" وشخص ترميله عيوبك، فيقولك يا جميل "
" يا جميل "
ابتسمت له فاطمة وهي تنظر المصحف في يده ثم قالت ببسمة له وهي تنظر في عينه وقد التمعت عيونها بحماس شديد :
" انا اخترت الدرس اللي عايزاك تكلمني فيه انهاردة يا زكريا "
" واللي هو ؟؟؟؟"
ابتسمت فاطمة على ملامحه المتبقية ثم قالت :
" النقاب كلمني عنه يا زكريا ......"
____________________________
دخل المنزل سريعا بلهفة ليلمحها جالسة على الأريكة رفقة والدته ....ابتسم باتساع وهو يتجه لهم بحماس .
" وانا اقول البيت كله منور ليه "
نظرت شيماء اتجاه الصوت وهي تدعي الغضب منه ثم تجاهلته وهي تنظر لوالدته قائلة ببسمة واسعة :
" وبعدين يا خالتي ايه اللي حصل ؟؟؟"
" يا ختي الست تقولي ما صدقت ....اخدت بنتها على طول وجريت تــ "
قاطع هادي ذلك الحديث الشيق بينهما وهو يقول بحنق شديد مشيرا بعينه لوالدته لي أشارة أن تتركهم وحدهم :
" جرا ايه يا خالتي مش هتعملي عصير لضيفتنا ؟؟؟"
" الخلاط مش هنا "
هكذا تحدثت والدته قبل أن تلتفت مجددا لشيماء وهي تكمل حديثها، لكنه قاطعها مجددا بحنق شديد وهو يتنحنح :
" ليه يعني يا ست الكل راح فين الخلاط ؟؟؟"
زفرت والدته بحنق شديد وهي تنظر له بغيظ :
" جه ياخده عشان رايح يتقدم لام اشرف ...خلاص ارتحت ؟؟؟...كنا فين يابنتي اه ام سعيد قوم بقى يا ختي تقولك لا بنتي لازم تروح وتكشف ونعرف إذا كان ولد ولا بنت اصلهم عالم ناقصة مفكرين إن خلفة الصبيان حلوة "
أنهت كلماتها وهي تلوي شفتيها بحنق :
" تيجي تشوف خلفة الشوم والندامة اللي عندي "
لوى هادي شفتيه بحنق مجاريا إياها في حديثها :
" ومالها يا ختي خلقتك ؟؟؟ يكونش خلفتي قرد ولا عيل براسين ؟؟؟"
" لا حمار واتفضل امشي من هنا اقولك روح استلف الخلاط من عند الست منيرة واعملنا كوباية عصير "
وبالحديث عن الخلاط تذكر هادي حديث والدته الذي قالته منذ ثوانٍ :
" صحيح تعالي هنا ...خلاط ايه اللي فرج راح يتقدم بيه ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟"
________________________________
لا صوت في المكان سوى اصوات انفاس عالية وتأوهات تخترق ذلك السكون ...ظلام يحيط بهما بعدما انتهى منهما زكريا منذ ساعات ومنذ ذلك الوقت لم يتحدث أحدهما للآخر فلا طاقة لهما لذلك .....
قطع ذلك الجو صوت فتح الباب الخارجي للشقة وبعدها باب الغرفة التي يقبعان فيها جالبا معه النور ليغشى تلك الظلمة وتبعها صوت خطوات بطيئة بشكل آثار أعصابهما .....
" واخيرا جه وقت الحساب ...اجهزوا عشان انهاردة اخر يوم ليكم برة السجن ........."
_____________________________
وها نحن سيداتي وسادتي نقص شريط النهاية لقصصنا لذا في انتظار تخميناتكم عن ما ستئول إليه كل العلاقات وما نهاية هذه القصص العالقة ......
دمتم سالمين❤️
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق