رواية رحيل العاصي الفصل الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر للكاتبة ميار خالد حصريه
رواية رحيل العاصي الفصل الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر للكاتبة ميار خالد حصريه
رواية رحيل العاصي الفصل الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر للكاتبة ميار خالد حصريه
رواية رحيل العاصي
الكاتبة ميار خالد
الفصل الحادي عشر
نظرت لها سلمي وقد لمعت عيونها بشدة وقالت:
- أيوة طبعاً تقدري تخرجيني
- هساعدك تهربي
- بجد!!
قالتها سلمي بفرحه ولكنها سرعان ما عبست بوجهها وقالت:
- اشمعنا دلوقتي ما أنا بقالي سنين بترجاكم حد يحرجني من هنا
- مش وقت الأسئلة دي أنا قدمتلك عرض أهو موافقة ولا لا
نظرت لها سلمي بعدم ثقة وقالت:
- ماشي .. هتهربيني أمتى؟
- خلال اليومين دول استني مني رد
- تمام
ثم خرجت فاطمه من غرفتها واتجهت إلى مكتبها وتركت سلمي تفكر بكلماتها..
في شركة القاضي
أمسك عاصي الهاتف ونظر له فاتسعت عينيه بصدمة كبيرة !! قال الرجل بسخرية:
- فضيحه مش كده
- الصور دي اتاخدت أمتى!
وكانت الصور بها عاصي وهو يمسك حازم من ملابسه بعنف ورحيل تبكي بجانبهم وأخرى وهو يحمل ليلى وهي تقبل رحيل، قال الرجل:
- مش مهم بقى بس تخيل لو الصور دي نزلت متخيل حجم الشوشرة اللي أنت هتبقى فيها
عاد عاصي بكرسيه إلى الخلف وقال:
- وأنت فاكر إنك ممكن تخرج من الشركة دي أصلاً غير لو أنا سمحتلك تخرج
- عامل حسابي ولو أنا مخرجتش من هنا خلال ساعة الصور دي هتتنشر
- أنت بتهددني ؟
- بلاش نسميه تهديد ممكن نسميه صفقه
- بمعني
- يعني أنا مش هنشر الصور دي بس بشرط
- شرط إيه؟
- إنك تساعدني في تهر.يب بضاعة سلا.ح
- أنت اتجننت!! أنا ممكن اوديك في ستين داهيه بعد كلامك ده
- والله ده اللي عندي وعن إذنك بقى لازم أخرج دلوقتي عموماً أنا هسيبك تفكر وده رقمي قدامك ٢٤ ساعه بس عشان ترد عليا ولو مردتش عليا في خلال الوقت ده أبقى اقرأ الأخبار بكرة هتكون بتتكلم عنك
ثم نهض من مكانه ليخرج وفي تلك اللحظة دلف بدر ومعه رحيل إلى المكتب، وقف أمامهم هذا الرجل للحظات وطالع رحيل بابتسامه ساخرة ثم خرج، قالت رحيل:
- ماله الاهبل ده في إيه
قال بدر بسرعه:
- يا بنتي أسكتي عيب كده
- أنت مشوفتش بصلي إزاي
الكاتبة ميار خالد
لم ينتبه عاصي لهم حتى صدع صوت رحيل فنهض من مكانه ورحب بهم، وعند باب الشركة كان هذا الرجل والذي يُدعي جمال يقف أمام الشركة واتصل بشخص ما حتى لا تنتشر هذه الصور وأخبره بما حدث، وقبل أن يتحرك جمال أوقفته يد شخصاً ما، التفت إليه وعندما وقع بصره عليه عرفه على الفور فقال:
- هو أنت
- صور إيه اللي بتتكلم عليها
ابتسم جمال بسخرية ثم قال:
- مينفعش نتكلم على الواقف كده خلينا نروح لشريف الأول بعدين تعرف
في مكتب عاصي..
كان باله منشغل بسبب ما حدث معه قبل قليل فلم ينتبه لكلمات بدر له وفي نهاية الحوار قال بدر:
- أنا اتشرفت جداً بيك وبأذن الله ربنا يوفقنا كلنا
انتبه إليه عاصي فقال:
- أكيد الشرف ليا
كانت رحيل تطالع عاصي بتساؤل ودهشه فقالت لعمها:
- بابا أنا هفضل شوية
قال بدر :
- اشمعنا ؟
- كان في شوية شغل أستاذ عاصي طلبه مني فهتناقش معاه فيه
نظر لها بدر بفخر وابتسامه واسعه ثم قال:
- جدعه يا حبيبتي ربنا يوفقك .. طيب أنا ورايا مشوار تاني هروح اخلصه بعدين هرجع أخدك
قال عاصي:
- مفيش داعي أنا هوصلها أو هطلبلها عربية متقلقش
- خلاص تمام
ثم خرج بدر من المكتب، وفي مكتب رامي صدع هاتفه رنيناً برقم حنان والدة عاصي فرد عليها بسرعه، رحب بها فقالت له:
- ربنا يخليك يا رامي .. بقولك صحيح هي رحيل في المكتب دلوقتي ؟
- أيوة موجوده بس ليه حضرتك
- ليلى مصممه عايزه تشوفها تعباني من الصبح فياريت لو لقيتها ماشيه خليها تستناها شوية
- تحت أمرك
- الأمر لله تسلم يا رامي
وعندما أغلقت معه نظرت إلى ليلى وقالت:
- مبسوطة كده يا ستي
قالت ليلى بفرحه كبيره:
- أيوة مبسوطة أوي يلا بسرعه أحسن تمشي
ضحكت حنان لفرحة حفيدتها ثم اخذتها وخرجت بها واتجهت إلى الشركة
***
ظلت رحيل تتابع عاصي بتساؤل حتى قالت:
- في ايه؟
- مفيش حاجه .. شغل إيه اللي قولتي لأستاذ بدر عليه
- مفيش شغل أنا قولتله كده عشان أتكلم معاك .. أنت مكنتش مركز مع كلام بابا خالص في إيه
زفر عاصي بضيق ففهمت الأخرى أنه يوجد مشكله بالفعل، قالت:
- ليلى كويسة فيها حاجه؟
- كويسة
الكاتبة ميار خالد
- اومال في إيه أنا قلقت
قال عاصي بغضب مكتوم:
- في إن واحد أخد لينا صور بشكل معين لو ظهرت هتعمل شوشرة ليا وليكي ومقابل الصور دي بيطلب مني مصيبة تانية
قالت رحيل بعدم فهم:
- صور؟ مش فاهمه صور إيه
- فاكره لما كنتِ بتتخانقي قدام الشركة وأنا أدخلت
- أيوة فاكره
وبعدها فرهت فمها عندما فهمت محتوي الصورة ووضعت يدها على فمها ثم قالت:
- والصورة التانية؟
- لما كنت أنا وأنتِ وليلى في المول وكانت بتبوسك وهي على أيدي تقريباً.. اللي يشوف الصورة هيحس أننا عيلة والمشكلة أن في اشاعه ظهرت الفترة اللي فاتت أن ليلى تبقى بنتي أصلاً وأنا اللي بنكر
- وهما مالهم مش فاهمه؟
- الصحافة ما بيصدقوا يمسكوا في أي خبر حتى لو غلط .. الصور دي لو ظهرت المشروع هيتدمر والشركات اللي اتعاقدت معاها هينسحبوا
- دي مصيبة فعلاً
- والله اومال أنا قولت إيه!!
- طيب وهو طالب إيه مقابل الصور دي؟
- أنتِ عرفتي اللي المفروض تعرفيه مش لازم الباقي
قالت رحيل بضيق:
- طيب والحل دلوقتي ما يمكن ينشر الصور فعلاً
نظرت له رحيل بخوف نوعاً ما، وفي تلك الأثناء كانت وصلت حنان ومعها ليلى إلى الشركة وعندما صعدوا لأعلى وقبل أن يصلوا إلى مكتب عاصي قالت حنان:
- روحي بصي على عمو رامي يا ليلى بعدين تعاليلي على المكتب عشان عيب اتفقنا
- اتفقنا
وذهبت ليلى إلى مكتب رامي واتجهت حنان إلى عاصي وقبل أن تدق على الباب توقفت حين سمعته يقول:
- عموماً مش عايزك تقلقي أنا هحل الموضوع ده
- أنا مش قلقانه و أوعى تفتكر إني هسيبك في الموضوع ده أنا مش هسكت وأنا وأنت هنحل المشكلة دي
- قولتلك ياريت تخرجي نفسك من كل حاجه
- وأنا قولتلك لا!! أنا محطوطة في الموضوع ده زيي زيك بدل ما كل واحد يبقى لوحده نفكر إزاي نشتغل سوا عشان نخلص من كل ده
- وأنا قولت لا أنا مش محتاج مساعدتك أكيد .. أنتِ كل ما بتمشي خطوة بتعملي مصيبة والموضوع ده بالذات مش هينفع فيه غلطه
- أسمع مني بس أنا هعرف اجبلك سيرة الراجل ده كلها
عقد عاصي ذراعيه أمام صدره وقال:
- والله؟! إزاي بقى
قالت رحيل بابتسامه:
- ليا مصادري
وهُنا دلفت حنان إلى الغرفة فوقف الاثنان مكانهم، قالت حنان:
- موضوع إيه اللي بتتكلموا فيه
قال عاصي:
- غريبة يعني أول مره تيجي من غير ما تقوليلي
- ملحقتش أعمل إيه ليلى من الصبح مصدعاني عايزه أشوف رحيل ولما عرفت أنها في الشركة هنا اخدتها وجيت
قالت رحيل بابتسامه:
- إيه ده هو حضرتك تعرفيني
ضحكت حنان وقالت:
- دي ليلى ليل نهار بتتكلم عنك
- يا روحي طب هي فين
الكاتبة ميار خالد
ووقتها دلفت ليلى إلى الغرفة وركضت نحو رحيل بسرعه وارتمت في أحضانها والتقطتها الأخرى بسعادة، نظرت لهم حنان بحب وقال عاصي:
- كويس إنك لحقتيها عشان آنسه رحيل كانت ماشيه
قالت ليلى بحزن:
- لا اقعدي معايا شوية عشان خاطري
وقبل أن ترد رحيل قالت حنان:
- وعشان خاطري أنا كمان
نظرت رحيل إلى عاصي ثم قالت:
- خلاص هفضل حبه صغننين عشانك
صاحت ليلى بفرحه كبيرة وعانقتها مرة أخرى وخرج عاصي من المكتب وترك الثلاثة سوياً، نظرت حنان إلى رحيل وقالت:
- أنا أسفه لو عطلناكي بس ليلى اتعلقت بيكي أوي
ضحكت رحيل لتظهر أسنانها المرتبطة للغاية وارتسمت اللطافة على وجهها فقالت حنان قبل أن ترد عليها رحيل:
- ضحكتك جميلة أوي ما شاء الله
- دي عيونك اللي جميلة .. صدقيني مفيش عطله خالص أنا حبيت ليلى أوي بجد من أول مره شوفتها
- يعني أقصد عشان كنتِ مستعجله
- لا خالص
ثم نظرت حولها وقالت بصوت خفيض:
- أنا كنت عايزه أهرب من البني آدم اللي شبه التور ده
- اوعي يكون قصدك عاصي؟!
- ايوه هو الغضبان ده
ضحكت حنان وقالت:
- بغض النظر أنه أبني بس ليه بتقولي كده
- نصيحة مني قوليله بلاش ياخد كل حاجه على أعصابه كده
ثم ضحكت رحيل بشده وقالت:
- كان لازم تشوفي وشه وهو داخل قاعة الاجتماعات وأنا واقعه على الأرض وكل الأسلاك حواليا والناس الصينين دول بيبصوا لبعض .. كان لازم تشوفي وشه كان عامل إزاي كان هينفجر
ثم ضحكت بصوت عالي فلم تستطيع حنان أن تكتم ضحكاتها أكثر فانفجرت الثلاثة في الضحك وجاء على صوتهم عاصي بدهشه كبيرة وقال:
- في إيه؟!!
الكاتبة ميار خالد
كتمت حنان ضحكتها بصعوبة والتفتت إليه رحيل ثم قالت بصرامه:
- أنت إزاي تدخل علينا كده
قال عاصي بعصبية:
- أنتِ اتجننتي يا بنتي دي شركتي !!
- أيوة صح
تنهد عاصي بضيق وقال:
- يلا عشان نتغدى كلنا بره
نهضت رحيل من مكانها وقالت:
- طيب استأذن أنا
صاح بها عاصي وقال:
- وأنتِ كمان جايه
وقبل أن تتكلم رحيل قال بنفس الصياح:
- مش عايز أي جدال
ابتسمت رحيل برقه وقالت:
- كنت هقولك اللي تشوفه
نظر لها عاصي بعيون متسعه ثم خرج من المكان قبل أن يرتكب جريمة في حق تلك الفتاة، ضحكت حنان وقالت:
- أنتِ مصيبه
قالت رحيل بخوف وبسرعه:
- وربنا ما عملت حاجه المرة دي
ضحكت حنان ثم خرجوا جميعا واتجهوا إلى إحدى المطاعم، وكان في انتظارهم مفاجأة كبيرة في هذا المطعم !!
***
جهزت حقيبتها وكل شيء وكانت تقف عند الباب في انتظار سيارة الأجرة التي سوف توصلها إلى المطار، نظرت لها فريدة بحزن وقالت:
- كده هتسبيني أرجع لوحدي تاني
- بالله عليكِ تعالي معايا كده كده هقعد في البيت بتاعك أصلاً
- مش هينفع شغلي وحياتي هنا
- خدي أجازه
زفرت فريدة بضيق وقالت:
- هحاول ولو عرفت هبقى اجيلك أنتِ خلي بالك من نفسك .. متأكدة إنك عايزه ترجعي دلوقتي؟
- أيوة ده أنسب وقت إني أرجع
- طيب وهتستمري في الرسايل اللي بتبعتيها لحنان ولا لا
- للأسف لا عشان ساعتها هتعرف إني في مصر .. كانت فكره كويسة إني سبت رقم تليفوني في رسالة منهم كده تأكدت أنها وصلها كله
- مش عارفه أقولك إيه بس أنا قلقانه عليكِ أوي
- متقلقيش كل حاجه هتمشي صح
اومأت فريدة برأسها ثم ودعتها واتجهت الأخرى إلى المطار حتى تعود إلى مصر!
***
الكاتبة ميار خالد
كانت مترددة نوعاً ما، لماذا الآن تحديداً أصبح الجميع يريد أن يساعدها بعد حبسها خمسة سنوات في هذا المكان، شعور بداخلها لا يبعث بها الراحة، فكرت للحظات ثم حسمت قرارها وطلبت من إحدى الممرضات أن تذهب إلى الطبيب شادي وبالفعل اخذتها إحدى الممرضات واتجهت بها إلى مكتبه، كان الاخر يجلس بمكتبه يطالع بعض الأوراق حتى دقت الممرضة على الباب ومعها سلمي ودلفت إليه، نظر لها شادي بتساؤل كبير وقال:
- خير ؟
قالت الممرضة:
- هي طلبت تشوف حضرتك عشان كده جبتها .. عن إذنك
ثم تركتها وخرجت من الغرفة وجلست سلمي أمام شادي بصمت، طالعها بعيون لامعه وابتسامه عريضة ثم قال:
- أكيد جايه عشان موضوع الرسايل صح
- لا
طالعها شادي بتساؤل ثم قال:
- اومال ليه؟
صمتت الأخرى للحظات ثم أخذت نفساً عميقاً وزفرته، وبعد لحظات قالت:
- أول مره أفكر فيها بعد سنين إني أثق في حد كان أنت .. أنا خايفة بس في نفس الوقت حاسة إني لازم اثق فيك
- احكيلي في إيه وأنا دايمًا هكون معاكي
نظرت له سلمي بخوف، تخاف أن يخذلها بعد أن فكرت أن تثق به فقالت:
- مش هتخذلني؟
- أوعدك
- دكتور فاطمه قالتلي أنها هتهربني من هنا
اتسعت عيون شادي من كلماتها تلك وصمت للحظات من هول صدمته وهو يطالعها بتفاجئ!!
توقعاتكم؟؟ آراءكم ؟؟
رد فعل شادي هيكون ايه؟
ايه المفاجأة اللي مستنياهم في المطعم ؟؟
#يتبعها
رواية رحيل العاصي
الكاتبة ميار خالد
الفصل الثاني عشر
اتسعت عيون شادي من كلماتها تلك وصمت للحظات من هول صدمته، وبعد ثواني أردف:
- وأنتِ أكيد وافقتي
- أيوة
ابتسم الآخر ثم قال:
- طيب جايه تقوليلي دلوقتي ليه
- مش عارفه .. صدقني مش عارفه بس أنا مش مرتاحة مع إني ده اللي كنت عايزاه بس أنا..
ثم زفرت بضيق وامسكت رأسها بألم، نهض شادي من مكانه وجلس على المقعد المجاور لها ثم قال بابتسامه:
- أنسي كل ده أنا مبسوط أنك جيتي قولتيلي
- بس أنت هتمنعني صح
- لو ده اللي أنتِ عايزاه أنا مش همنعك وأنا سايبلك حرية الإختيار قولي اللي أنتِ عايزاه عايزه تهربي كده كده الموضوع هيكون بعيد عني بس..
- بس إيه؟
- هل أنتِ جاهزة إنك تقابلي العالم الخارجي لوحدك؟
ظلت تنظر بعيونه لفتره ثم قالت بدموع:
- لا
- وعشان كده أنتِ لسه هنا لحد دلوقتي صدقيني كل اللي بيحصل ده عشانك أنتِ
الكاتبة ميار خالد
تنهدت سلمى وظلت تتنفس بصوتٍ عالي ثم بكت بضيق، نظر لها شادي بعيون متسعة لأن تلك هي المرة الأولى التي تبكي فيها بتلك الطريقة منذ وقت طويل! ابتسم بفرحه وتركها تبكي حتى توقفت بعد لحظات وبدأت تنظم أنفاسها مرة أخرى، نظرت إلى شادي لتجده يطالعها بابتسامة فنظرت له بتساؤل نوعاً ما، قال الآخر بدون أي مقدمات:
- إيه رأيك اعزمك على الغدا النهاردة؟
ابتسمت بتهكم وسخرية وقالت:
- والله؟ والغدا هنا ولا في جنينة المصحة
نظر لها شادي بصمت وابتسامه غامضة على وجهه فتغيرت نظرات سلمي ونظرت له بعيون متسعه ثم قالت:
- هتخرجني من هنا؟!!
- لو وعدتيني إنك متعمليش أي فعل يبوظ كل حاجه
نظرت له سلمي بابتسامه رائعة ولأول مره تضحك بوجهه وقالت:
- يعني بجد هتسمحلي إني أخرج من هنا حتى لو وقت صغير
- أنا كنت عايز اجبلك هديه عشان أنتِ وثقتي فيا وفتحتي لي قلبك وبصراحه ملقتش أحسن من الهديه دي طبعاً ده قبل ما تقوليلي على موضوع دكتور فاطمه
ابتسمت سلمى بأمل ونظرت له بثقة فقال شادي:
- ها يا ستي تقبلي نتغدى سوا ولا؟
- أيوة أقبل
ثم صمتت للحظات وقالت بوجه عابس:
- بس هخرج بالهدوم دي؟
ابتسم شادي وقال:
- أكيد لا روحي دلوقتي مع سهام وهي هتديلك فستان جميل مع الحجاب بتاعه هستناكي كمان ساعة
نهضت سلمى من مكانها ونظرت إلى شادي بفرحه كبيرة، بعيون لامعه، بأنفاس متفائلة، نظر لها شادي ولأول مره يشعر بكل تلك السعادة في قلبه، أومأت سلمى برأسها ثم خرجت من الغرفة وبصحبتها الممرضة سهام التي اخذتها بهدوء وبدون أن يراهم أي شخص وساعدتها في تجهيز نفسها وبعد ساعة كان شادي أمام غرفة تلك الممرضة في انتظار سلمى التي سوف يخرج بها من البوابة الخلفية بدون أن يراهم أي شخص..
في غرفة الممرضة ..
قالت لها سهام بأعجاب:
- إيه الجمال ده كله معقول مخبيه الحلاوة دي كلها
نظرت لها سلمى بحزن وقالت:
- وإيه فايدة الجمال لما يكون الحظ زي الشوك
- بكره الشوك ده يروح وميبقاش غير الورد يا ورد
ابتسمت سلمى بحزن وانتهت وقبل أن تفتح سهام الباب حتى تخرج تأملت سلمى نفسها قليلاً، تأملت فستانها فاتح اللون الذي يكسوه اللون البني الهادئ وحجابها الذي يتماشى مع فستانها، نظرت إلى وجهها لتجد وجنتها قد تلونت باللون الوردي قليلاً بعد أن كساها الشحوب، ابتسمت عندما رأت ملامحها بهذا النقاء وبعد كل تلك المدة، أنها كادت أن تنسى ملامحها حتى، خرجت من الغرفة لتجد شادي أمامها فقال وهو ينظر إلى ساعته:
- مفيش وقت يلا نتحرك دلوقتي ده وقت العصر أغلب الحرس بيكونوا بيتغدوا
ونظر إليها لتتجمد عينيه عليها لثواني ثم اشاح بنظره عنها بسرعه قبل أن تنتبه إليه، ابتسمت سلمى بحماس وفي الخفاء استقلت سيارة شادي وانطلق هو بها من البوابة بعد أن اختبأت بها جيداً ثم خرج بها من المصحة بنجاح، كاد قلبها أن يخرج من مكانها وهي تعتدل في جلستها وتنظر من نافذة السيارة، أنفاسها وانظارها مخطوفه وهي تنظر حولها وبعد كل تلك السنين وأخيراً ترى كل تلك الطرقات أمامها..
***
وصل عاصي مع عائلته ورحيل إلى المطعم ولسوء الحظ كان نفس المطعم الذي سوف يصطحب شادي سلمى إليه، جلسوا سوياً وطلبوا طعامهم وفي تلك الأثناء وصل شادي ومعه سلمى إلى المكان، ترجل من السيارة ونزلت الأخرى منها وتحرك من مكانه ولكنها ظلت متسمره مكانها، قال:
- مالك اتحركي يلا
- خايفة .. الناس كتير
أمسك يدها وقال:
- أنا معاكي متخافيش .. يلا
الكاتبة ميار خالد
نظرت له بثقة واطمئنان وتحركت معه إلى الداخل وهي تختبئ وراء ظهره برهبه، جلسوا مكانهم وكان بعيد نوعاً ما عن عاصي فلم يروا بعضهم وطلبوا طعامهم هم أيضًا، كانت هي تنظر حولها بعيون متسعه وانفاس مكتومه، قال شادي:
- مبسوطة؟
- خايفة
- خايفة من إيه طيب
- حاسة الناس كلها بتبصلي حاسة كلهم عايزين يأذوني
- خالص لو ركزتي فعلاً هتلاقي إن محدش ملاحظك .. خدي نفسك وارتاحي وافتكري إنك مستنيه اليوم ده من زمان معقول هتخليه يعدي بتوتر كده
ابتسمت الأخرى وأومأت برأسها وارتاحت بعد كلماته تلك قليلاً، وفي الناحية الأخرى وصل طعام عاصي والبقية وكانوا يتناولون طعامهم بهدوء حتى أوقعت ليلى على نفسها بعض الطعام فاتسخت ملابسها قليلاً وقبل أن تنهض حنان من مكانها نهضت رحيل وأخذت ليلى إلى الحمام، وعندما وصل طعام شادي وسلمى قالت هي :
- أنا هقوم أغسل أيدي الأول عشان حاسة أنها مش نضيفه
- قومي ومتخافيش يلا وأنا قاعد مستنيكي هنا
قالت بخوف:
- فاضل أد إيه ونرجع المصحة تاني
- بلاش تفكري في كل ده فكري في دلوقتي بس يلا
تحركت من مكانها وهي تنظر إلى الجميع بتوتر وخوف حتى دخلت إلى الحمام، وقفت أمام المرآة وفتحت الصنبور وغسلت ايديها وشردت قليلًا، وافاقت من حالة الشرود تلك على بعض قطرات المياه التي تناثرت عليها بسبب لعب تلك الصغيرة التي تقف بجانبها في الماء، وكانت تلك الصغيرة هي ليلى! وقد تركتها رحيل لثواني ودلفت إلى المرحاض..
الكاتبة ميار خالد
تجمدت عيونها على تلك الصغيرة للحظات وبحركة لا إرادية منها أمسكت خصلات شعرها فانتبهت لها ليلى ونظرت لها بابتسامة واسعة، ضحكت تلقائياً وقالت لليلى بشرود وكأنها تذكرت شيئاً ما:
- شعرك حلو أوي لونه..
- جميل صح
- أيوة .. افتكرت حد شعره كده بنفس اللون برضو
- بجد مين
ظلت تطالع ليلى وتتأملها بصمت فابتسمت ليلى وقالت:
- عارفه ماما كمان كان شع...
وقبل أن تكمل جملتها خرجت رحيل من المرحاض وقالت:
- بتكلمي مين يا لولي
طالعتها سلمى وظنت أنها والدة ليلى فنظرت لها برهبه، نظرت لها رحيل بابتسامتها المعتادة وقالت:
- أهلاً
اومأت برأسها وهنا لاحظت رحيل ملابسها التي قد ابتلت نوعاً ما بسبب قطرات الماء التي نثرتها عليها ليلى فقالت بأسف:
- أنا أسفه أوي بجد ليلى هي اللي عملت كده صح
قالت ليلى:
- مكنش قصدي لا مش كده يا طنط
ابتسمت سلمى بعفوية وقالت:
- لا مكنش قصدها فعلاً .. فرصة سعيدة
ثم خرجت بسرعه من أمامهم وتركتهم، وعندما وصلت أمام الحمام نظرت بجانبها لتُصعق عندما ترى عاصي يجلس على المائدة التي تبعدها بمسافة، تجمدت الدموع في عيونها ولم تقدر على الحركة للحظات وكأن قد أصابها الشلل وكان شادي يتابعها عن بعد وعندما وجدها تنظر لنقطة معينه نظر هو أيضا ليجد عاصي!
نهض من مكانه بتوتر وذهب إليها بسرعه وامسكها من يدها فتحركت معه وكأنها مسلوبة الإرادة، أخذها ليخرج بها من المكان فوراً وقبل خروجهم بدأت سلمى بالصراخ بصوتٍ عالي فالتفت إليها كل من في المكان ومنهم عاصي، ولحسن الحظ أن شادي استطاع أن يخرج بها في تلك اللحظة قبل أن يراها عاصي ولكن حتى إذا لم يستطيع أن يراها فقد تعرف عاصي على صوتها فوراً ..
انتفض من مكانه بسرعه وبحث بعيونه عنها فلم يجدها في الإرجاء فخرج بسرعه من المكان ولكنه لم يجدها أيضًا، ولكنه كان على يقين أن هذا صوتها ..
لذلك قرر أن يذهب إلى المصحة فوراً فاستقل سيارته وانطلق بها إلى هناك..
***
اتجهت رحيل إلى حنان ومعها ليلى وعندما لم تجد عاصي قالت ليلى:
- إيه ده هو خالوا راح فين
- جاله شغل يا حبيبتي تقريبا خرج على طول
عبست الطفلة بضيق وقالت:
- يوه بقى هو كل شوية شغل أنا زهقت
قالت رحيل:
- يعني أنا مش كفاية أقوم أمشي يعني
قالت ليلى بسرعه:
- لالا خليكي
قالت رحيل بضحك:
- ده حتى كويس أنه مشى عشان نقعد نخطط للمقالب اللي هنعملها فيه براحتنا
ضحكت ليلى بحماس وقد نست حزنها وظلت تحاور رحيل بمرح، نظرت حنان إلى رحيل بابتسامة ونهضت ليلى من مكانها وذهبت إلى جانب الأطفال المخصص في المكان لتلعب قليلاً، صدع هاتف رحيل رنيناً برقم بدر فردت عليه وقالت:
- الو
- إيه يا بنتي فينك
- أنا أسفه والله معلش اتشغلت في كذا حاجه نسيت أكلمك اطمنك عليا
- أنتِ كويسة يعني راجعه امتى
- اه يا حبيبي كويسة متقلقش شوية كده وجايه
ثم أنهت معه المكالمة، قالت حنان بفضول:
- ده خطيبك؟
- لا ده عمي أنا مش مخطوبة
ثم اختفت الابتسامة عن وجهها وهي تقول:
- بابا وماما متوفين وأنا عايشه مع عمي هو كل عيلتي دلوقتي
قالت حنان بحزن:
- حقك عليا مكنش قصدي افكرك
- لا عادي .. أنا أسفه لفضولي بس ممكن سؤال ؟
- أكيد يا حبيبتي
- هو فين بابا ليلى؟
زفرت حنان بضيق ونظرت لها للحظات ثم قالت:
- بصي أنا في العادة مش بحب أتكلم في الموضوع ده .. بس أنا قلبي ارتاحلك فهتكلم معاكي بس ياريت عاصي ميعرفش أنك عرفتي الموضوع ده
- أكيد طبعاً
الكاتبة ميار خالد
تنهدت حنان بضيق ثم قصت عليها كل ما أحدث مع ابنتها مريم منذ دخول هذا الحقير إلى حياتها إلى أن تركها وهي تحمل ليلى في احشائها، ثم أخذ عاصي أخته واجبرها على السفر وترك ابنتها وهي مازالت صغيرة، قالت حنان:
- لحد دلوقتي مش فاهمه سبب عصبية عاصي أنه يبعد ليلى عنها .. مش عارفه مريم عملت إيه عشان يخليه حتى يشيل كل صورها من قدام ليلى لدرجة أن ليلى متعرفش حتى شكل أمها .. في حاجه ناقصة أنا معرفهاش
- طيب إزاي مريم تعمل كده محدش كلمها ينصحها
- كان عندها صاحبة قريبة منها جداً .. الحقيقة هي مكانتش صاحبه هي كانت واحده من عيالي وكانت قريبة أوي لقلبي كان عاصي بيعتبر سلمي ومريم الاتنين خواته .. نصحتها كتير وفضلت فوق دماغها لكن مفيش فايدة
- وفين سلمى دلوقتي؟
- محدش يعرف اختفت فجأة هي كمان عاصي قالي أنها سافرت تقريباً .. هي كمان أتأذت أوي
- مش فاهمه أتأذت إزاي
- الحيوان ده لما عرف أنها بتنصح مريم عشان تبعد عنه ومش بس كده أنها كمان كانت عايزه تنتقم منه بسبب اللي حصل في مريم بوظلها حياتها هي كمان وعملها فضيحه في شغلها وطلع عليها سمعة وحشه جداً .. حياتها انتهت عشان كده عاصي قالي أنها سافرت هي كمان وبدأت حياتها بعيد عن كل حاجه مع أن عاصي كمان مش مسامح سلمى عشان خبت عليه علاقة مريم بالحيوان ده من البداية
- معقول في حد مؤذي كده!
واثناء حديثهم هذا لاحظت رحيل أن هناك شخص ما يراقبهم خارج زجاج المكان، تذكرت على الفور موضوع الصور الذي تخبرها به عاصي وتيقنت أن هذا الشخص هو الذي يهددهم !!
لذلك وبدون أن تفكر نهضت من مكانها بسرعه وأخذت حقيبتها وتركت هاتفها على الطاولة ونزلت إلى الأسفل حتى تمسك بهذا الشخص! وياليتها لم تفعل هذا التصرف..
***
الكاتبة ميار خالد
وصل عاصي إلى المصحة..
دلف إليها مثل المجنون وذهب بسرعة إلى مكتب شادي واقتحمه ولكنه لم يجده بداخله فضرب الباب بيقين أن تلك الفتاة التي كانت تصرخ هي نفسها سلمى، اتجه بسرعه إلى غرفة سلمى وجاء ليفتحها ولكنه وجد باباها مغلق بالمفتاح كالعادة! تحرك من مكانه وقبل أن يبتعد عن الغرفة لاحظ ممرضة سلمى والتي تدعى سهام وهي تقترب منه فقال لها بسرعه:
- افتحي الاوضة دي
- مقدرش أفتح الاوضة إلا بوجود دكتور شادي هو اللي مسؤول عن حالة المريضة
قال عاصي بعصبية مكتومه:
- قولت افتحي الاوضة وإلا اعتبري نفسك برا المستشفى دي .. خليكي برا الموضوع وبلاش تضحي بوظيفتك على الفاضي
- بس ..
- مش هكرر كلامي تاني
نظرت له سهام بتوتر ثم تحركت من مكانها ببطء واتجهت إلى غرفة سلمى، وضعت المفتاح في الباب وقد أغمضت عينيها بخوف وهي تفتحه وما أن فتحت الباب حتى دفعه عاصي بقوة ودلف إلى الغرفة ليتفاجأ وينصدم عندما يجدها فارغة بالفعل !! إذا إين هي ؟!
يا ترا ايه اللي هيحصل مع رحيل؟؟
عاصي هيعمل ايه؟؟
توقعاتكم؟؟ آراءكم ؟؟
@الجميع
رواية رحيل العاصي
الكاتبة ميار خالد
الفصل الثالث عشر
لذلك وبدون أن تفكر نهضت من مكانها بسرعه وأخذت حقيبتها وتركت هاتفها على الطاولة ونزلت إلى الأسفل حتى تمسك بهذا الشخص! وياليتها لم تفعل هذا التصرف..
فعندما نزلت إلى الأسفل وجدت نفس الشخص يتابعها من مسافة ولكنه عندما وجدها تقترب منه بحذر أقترب هو أيضًا وعندما وصلت إليه قالت:
- أنت مين وبتراقبنا ليه؟!
- أنتِ عبيطة؟
- أحترم نفسك أيه قلة الأدب دي
- وأنتِ مش خايفة على نفسك يا حلوة وأنتِ جايه برجلك لحد عندي كده
- وهخاف منك ليه أنت متقدرش تعملي حاجه أصلاً
- والله؟
- أيوة واحسنلك تمسح الصور اللي معاك دي
- صور إيه؟
وقبل أن تتكلم قال هذا الشخص:
- طيب بصي وراكي الأول في حد بينادي عليكِ
الكاتبة ميار خالد
فنظرت رحيل خلفها بعفوية وفي حركة سريعة خطف هذا الشخص حقيبتها وركض من مكانه بسرعه، ظلت الأخرى مكانها لا تستوعب ما فعله هذا الشخص وبعد ثواني أدركت ما حدث فصرخت بفزع و جاء على صوتها الأمن الموجودين في المكان وكذلك حنان التي انتبهت إلى صوتها، أخذتها حنان في أحضانها بفزع وقالت:
- حصل إيه أهدي
قالت رحيل بدموع:
- في واحد سرق شنطتي وجرى
- أنتِ إيه اللي نزلك فجأة طيب مش كنتِ قاعده معايا
- افتكرت حاجه مهمه عشان كده نزلت
تنهدت حنان بضيق وقال أحد أفراد الأمن:
- شنطة حضرتك كان فيها حاجه مهمه طيب؟
- فيها فلوسي وبطاقتي وكل حاجه
- طيب حضرتك ممكن تطلعي على القسم دلوقتي وتبلغي بعملية السرقة دي عشان حتى البطايق الخاصة بالبنك تتوقف وبطاقتك الشخصية سهله تطلعي واحده غيرها
قالت رحيل ببكاء:
- بأذن الله حاضر
- ربنا يعوض على حضرتك
ثم تركها عامل الأمن وصعدت حنان ومعها رحيل وجلسوا مكانهم مجدداً، قالت رحيل:
- أنا أسفه أوي بجد على كل الدوشة اللي عملتها دي
ابتسمت لها حنان وقالت:
- عاصي لما قالي البنت دي كل ما تمشي تقع في مصيبة مصدقتهوش لكن دلوقتي لما شوفت بعيني صدقت كل حاجه
ضحكت رحيل رغماً عنها وقالت:
- اربطوني في مكان بعد كده بقى
ضحكت حنان وجاءت لهم ليلى بعد أن تعبت من اللعب وقالت:
- إيه ده هو خالوا لسه مرجعش
قالت رحيل:
- طيب أنا هستأذن عشان اروح القسم كويس إن موبايلي سيبته هنا
- لا استني لما عاصي يجي وهو هيروح معاكي
- وهو فين عاصي ؟!
***
الكاتبة ميار خالد
وما أن فتحت الباب حتى دفعه عاصي بقوة ودلف إلى الغرفة ليتفاجأ وينصدم عندما يجدها فارغة بالفعل !! إذا إين هي ؟!
التفت لسهام وقال:
- هي فين؟!
- معرفش
- متعرفيش إزاي يعني مش أنتِ الممرضة اللي مسؤولة عنها .. أنا هوديكي في ستين داهيه
- والله أنا مليش دعوة دكتور شادي هو المسؤول عن كل حاجه وأنا مكنتش هنا عشان كده مش عارفه راحت فين
نظر لها عاصي بحده وخرج من المكان واتجه إلى البوابة الخارجية وقبل أن يخرج نظر بجانبه فلمحها جالسة في الجنينة بهدوء وشادي أمامها، تحرك من مكانه واتجه إليهم حتى اقترب منهم وعندما انتبه له شادي التفت إليه بترحاب وقال:
- عاصي! غريبة يعني مقولتليش إنك جاي
- كنتوا فين؟
قال شادي بعدم فهم:
- كُنا فين إزاي مش فاهم
- أنا متأكد أن سلمي اللي كانت في المطعم
- مطعم إيه اللي بتتكلم عليه
صاح به عاصي:
- انت هتستهبل !!
- ياريت توطي صوتك شوية وركز أنت فين ممكن تهدي شوية
نظر له عاصي بحده ثم نظر إليها وجلس بجانبها بهدوء وقال:
- أنتِ خرجتي؟
- لا
- بصي في عيني وأنتِ بتقوليها
هربت الأخرى بعيونها فأمسك رأسها وجعلها تنظر له فطالعته بخوف وعيون مليئة بالرعب والدموع، قال:
- جاوبيني دلوقتي .. أنتِ خرجتي؟!
صمتت سلمى ولم ترد عليه فقال:
- اتكلمي
ظلت تنظر له بصمت ولم تنطق بأي كلمة فنهض الآخر من مكانه وقال:
- تمام أنا عرفت الإجابة
ثم نظر إلى شادي بحده ليجده يطالعها بتوتر ثم خرج من المكان فوراً، وفي المطعم وعندما تأخر عاصي أمسكت حنان هاتفها واتصلت به وفي طريقة إلى السيارة صدع هاتفه رنيناً، رد عليها وقال بسرعه:
- أنا آسف جداً عشان خرجت فجأة كده بس جالي شغل مهم
- أنت فين تعالى بسرعه
- حصل حاجه ولا إيه؟
- رحيل اتسرقت
- اتسرقت!! إزاي يعني
- لما تيجي هتعرف استعجل بس عشان هتطلعوا على القسم
أنهي معها المكالمة وزفر بضيق ثم قال بصوت خفيض:
- يجرالها حاجه لو معملتش مصبتين تلاته في اليوم
ثم استقل سيارته واتجه بها إليهم، وبعد فترة عاد إلى المطعام مرة أخرى وعندما اقترب من طاولتهم لاحظ دموع رحيل وهي تنهمر فقال بقلق:
- حصل إيه
قالت رحيل بدموع:
- واحد حيوان سرق شنطتي
- سرقها إزاي مش فاهم
الكاتبة ميار خالد
قصت عليه رحيل ما حدث ولكنها لم تذكر أنها كانت تظن أن هذا الرجل هو نفسه الذي يهددهم حتى لا تفتح الموضوع أمام حنان، قالت حنان:
- طيب ممكن نتحرك دلوقتي ونروح على القسم كلنا نقدم بلاغ
أردف عاصي:
- روحي أنتِ وليلى وأنا هروح مع رحيل
- لا أنا مش هسيبها غير لما اطمن عليها حتى لو أنت معاها
- والله ده إيه الحب ده أنتِ لسه عرفاها النهاردة
- ما تنجز يا عاصي في إيه ولو عشان ليلى وقت ما ندخل القسم هنخليها في العربية .. يلا
ثم خرجوا من المكان واستقلوا السيارة حيث جلست حنان بجانب عاصي ورحيل وليلى في الخلف واستقرت ليلى في احضان رحيل ونامت في الطريق، واثناء كل ما حدث لم تنتبه رحيل لهاتفها الذي كان يرن برقم والدها والذي قد أتصل بها كثيراً، وعندما قلق بدر عليها أكثر أتصل بعاصي فرد عليه الآخر ولم يكن يعلم أن رحيل لم تخبره بعد بموضوع السرقة، قال بدر:
- الو .. أستاذ عاصي؟
- أيوة مين معايا
- أنا بدر
- أيوة أستاذ بدر أخبارك إيه
- هي رحيل فين بتصل بيها مش بترد عليا
- إحنا دلوقتي رايحين القسم مش عايز حضرتك تقلق بسبب موضوع السرقة أنا معاها
انتفض بدر من مكانه وقال:
- قسم إيه وسرقة إيه اللي بتتكلم عليها
أوقف عاصي السيارة ونظر إلى رحيل ثم أجرى كتم للمكالمة وقال لها:
- والدك عارف بموضوع السرقة ؟
- لا ملحقتش اقوله
تحدث معه عاصي مرة أخرى وأخبره ما حدث وقال له عنوان القسم الذي سوف يذهبون إليه فنهض بدر من مكانه بقلق وذهب إلى القسم وبعد فتره كان الآخرين قد وصلوا وقدموا بلاغ بما حدث، وعندما انتهوا خرجوا من المكان ليجدوا بدر أمامهم ..
***
في المصحة..
وعندما خرج عاصي من المكان زفر شادي براحه ونظر إلى سلمى فوجدها ساكنه مكانها لا تبدي أي رد فعل، قال:
- أنتِ كويسة؟
- عايزه أرجع الاوضة
- ردي عليا طيب أنتِ كويسة
- عايزه أرجع الاوضة
نظر لها الآخر بقلة حيلة ثم اصطحبها إلى غرفتها وتركها بمفردها، وعندما خرج جلست هي مكانها وتذكرت ما حدث معها، ثم تحدثت بصوت مسموع ولكنه منخفض:
- هما عندهم حق .. أنا أضعف من أني أخرج من هنا في لحظة كل حاجه اتهدت أول ما شوفته متحكمتش في أعصابي .. أنا عرفت هو ليه رافض لحد دلوقتي خروجي من هنا ولأول مره أحس أنه صح في حاجه
ثم تغيرت نظراتها وهي تقول:
- بس اوعدكم أني مش هطول هنا.. ووقت خروجي قرب
***
الكاتبة ميار خالد
قال بدر بقلق:
- في إيه ؟!
قالت رحيل التي تقدمت نحوه قليلاً:
- مفيش حاجه صدقني هو أنا أول مره اتسرق يعني
نظر لها عاصي فجأة وقال:
- أول مره؟ ليه أنتِ متعودة تتسرقي علطول
قالت رحيل بمزاح:
- ده أنا كنت بمشي بشنطة احتياطي يا ابني
وهنا انتبه عاصي إلى والدته التي تقدمت من بدر وطالعته بصدمه، نظر لها بدر هو الآخر بدهشه كبيرة ثم قال بصدمه:
- حنان؟!
- معقول الدنيا صغيره كده !!
ابتسم بدر بسعادة ونظرت رحيل وكذلك عاصي إليهم بدهشه ثم قالت رحيل:
- إيه ده هو أنتِ وعمي تعرفوا بعض؟
قالت حنان:
- ياااااه دي حكاية قديمة أوي
وفجأة تغيرت ملامح بدر وكأنه تذكر شيئاً ما ونظر إلى عاصي بعدم تركيز، وكأن ذكريات كثيرة قد جاءت إلى رأسه فجأة وعندما لاحظت حنان تغير ملامحه هذا قالت بسرعه:
- طيب أنا تعبت جداً النهاردة فلو تسمحولي أروح
قالت رحيل بابتسامه جميلة:
- أنا اتشرفت أوي بحضرتك والله وأسفه على البهدلة دي
- لا يا حبيبتي ولا يهمك أنتِ زي بنتي مر..
وتوقفت هُنا فجأة فقال بدر بابتسامة :
- صحيح مريم عاملة إيه تلاقيها كبرت أوي
نظر له عاصي بحده ثم قال:
- أنت تعرف مريم ؟! غريبة تعرفنا كلنا إزاي وكانت أول مره أشوفك النهاردة أصلاً
صمت بدر وقد فهم منذ لحظات أن حنان لا تود أن تتحدث عن الماضي فقال مغيرا الموضوع:
- ما حنان قالت موضوع قديم .. عموماً أنا بشكرك جداً على وقفتك مع رحيل النهاردة وآسف على الازعاج ده
نظر له عاصي بشك وقبل أن يتحدث قالت رحيل إليه:
- معلش يا بابا قبل ما نمشي بس هقول لعاصي كام حاجه بخصوص الشغل
الكاتبة ميار خالد
- تمام بس بسرعه عشان منأخرش الناس أكتر من كده
أومأت برأسها ثم تحركت هي وعاصي ليقفوا على مسافة منهم، تنهدت رحيل وقالت:
- بصراحه كده في حاجه مقولتهاش قدام حد ولازم تعرفها
- كنتِ فاكره إن الراجل ده اللي بيهددنا صح
اتسعت عيون رحيل وهي تقول:
- عرفت منين ؟!!
رفع حاجبيه بدهشه مزيفه وقال:
- والله! مكنش صعب عليا أفهم تصرف زي ده وخصوصاً لو منك أنتِ
- أعمل إيه ما أنا شوفت الراجل مركز معانا تحت وأنا حاسة أن الراجل ده تبعهم يمكن مش هو اللي بيهددنا بس هما اللي ورا السرقة دي
تنهد عاصي بقلة حيلة وقال:
- رحيل ياريت تخرجي من الموضوع ده خالص أنا كده كده هحله بس خليكي بعيد
ابتسمت رحيل بخجل وقالت:
- خايف عليا ولا إيه
- لا خايف من غبائك اللي ممكن يودينا كلنا في داهيه
نظرت له بعيون متسعه وقالت:
- والله؟! أنت بتغلط فيا كده
- شايفه أني غلطت في حاجه؟ أنتِ نفسك مش معترفة إن غلطه واحده منك ممكن تضيع كل اللي أنا بعمله وهعمله
قطبت جبينها ونظرت له بضيق فقال الآخر:
- أنا هحل الموضوع أنتِ اوعي تدخلي في أي حاجه ولا تمشي من دماغك
- هتحله إزاي لازم أعرف
- مش هعمل حاجه لحد بكره .. أبقي تعالي الشركة ونتكلم هناك
- وأنا هفضل مستنيه لبكره أنا فضوليه عايزه أعرف
قال عاصي بغضب طفيف:
- أمشي من وشي بدل ما ارتكب جريمة بسببك
- خلاص ماشية مش محتاجه كل العصبية دي يعني
على الجانب الآخر..
قالت حنان:
- رحيل جميلة أوي ما شاء الله عليها وعسوله حبيتها أوي
- أنا مكنتش متخيل أن الأيام ممكن تلف وتجمعنا تاني .. عاصي بقى شبه محمد الله يرحمه جداً
ابتسمت حنان بحزن وقالت:
- الأيام بقت تجري أوي يا بدر .. بتجري بطريقة تخوفك طريقة تخليك مش لاحق تستوعب اللي بيحصلك
ابتسم الآخر بحزن وهُنا جاءت رحيل ومعها عاصي وودعوا الآخرين ثم ذهب كلاً منهم إلى طريقه..
***
في مكان آخر..
- لسه مردش عليك ؟
- لا بس هيوافق مفيش قدامه حل تاني
- ولو موافقش ؟
- والله ساعتها هيبقى في حاجات تانيه هتزعله
ثم أخرج هذا الشخص حقيبة رحيل من خلفه وأخرج منها هويتها وقال:
- أكيد مش هيرضيه أن بنت ملهاش ذنب في حاجه تتأذي بسببه
ثم نهض هذا الشخص الذي يُدعى شريف من مكانه، فنظر له الشخص الآخر الذي يجلس معه والذي يُدعى أحمد وقال:
- والله أنا مش فاهم أنت بتعمل كل ده ليه .. ما قولتلك نفضحه وننزل الصور دي وخلاص هي كفاية أصلاً وهتحقق اللي إحنا عايزينه مش لازم اللف ده كله وأننا يخليه يهرب الصفقة دي .. أنت متخيل ممكن تفتح علينا باب إيه!
- عاصي مش هيتهد بشوية الصور دي وهينفي أي حاجه ويقول إنها إشاعات .. عاصي لازم يتكسر زي ما كسرني وكسرك ولا أنت نسيت؟
- مش ناسي ولا هقدر أنسى .. أنا كل يوم بفتكر أنه سارق حته مني وأنا مش قادر أروح لبنتي حتى واطمن عليها
- يا عم اتنيل أنت كمان دلوقتي بقت بنتي
قال أحمد:
- وهو أنا كنت أعرف إن مريم أخت عاصي!! وأنا لو كنت أعرف كده كان زماني عملت اللي عملته ده وفي الآخر سيبتها بالعكس ده أكنه طبق من دهب وظهر قدامي .. كله بسبب الغبية اللي أسمها سلمى في اليوم اللي عرفت فيه عيلتها كان عاصي عرف علاقتنا وكل حاجه باظت ملحقتش أعمل حاجه
الكاتبة ميار خالد
- والله في إيدك إنك ترجع كل حاجه زي ما كانت لو مريم نفسها وافقت بيك
- وأنت فاكر أنها هترضى تبص في وشي بعد كل ده غير كده هو سفرها برا عشان تبعد عني
- طيب سيب موضوعها دلوقتي وياريت نحسب كل خطوة والأهم أنه ميعرفش أنت تبقى مين ولا أنا أبقى مين
- عاصي عارفني يعني لو شافني مره كل حاجه هتبوظ وهيفهم كل حاجه
- هو ميعرفنيش بس مش عايز أظهر قدامه برضو
- عاصي أذى كل واحد فينا بطريقته .. آذاك أنت في أبوك وآذاني في حياتي
- ده على أساس إنك كنت ملاك يعني ما أنت بوظت حياة البت اللي اسمها سلمى دي
- تستاهل أكتر من اللي عملته عشان هي السبب في كل اللي حصل دي كانت قادرة وجبروت .. بقولك إيه تعرف هي فين دلوقتي ؟
- اعرفلك عادي .. عموماً كل واحد جاي دوره وكل هيتحاسب على كل حاجه عملها .. أنا هعرف اندمه على كل حاجه كويس
توقعاتكم ؟؟ آراءكم ؟؟
يا ترا إيه هي خطة عاصي؟؟
@الجميع
رواية رحيل العاصي
الكاتبة ميار خالد
الفصل الرابع عشر
استقلت رحيل السيارة ومعها بدر وتحرك بالسيارة، وأثناء الطريق قالت له :
- كانت مفاجأة بنسبالي إنك تعرف ماما عاصي
ضحك بدر وقال:
- سيبك من المفاجأة دي دلوقتي .. أنتِ إيه حكايتك
قالت بعدم فهم:
- حكاية إيه
نظر لها بدر وقال:
- ده على أساس إني مش واخد بالك .. إيه حكايتك مع عاصي ؟
نظرت له بعدم فهم وبعد ثواني استوعبت ما يقوله فقالت بدهشه كبيرة :
- أنا وعاصي؟! إزاي جه في دماغك كده يا بابا مستحيل
- مستحيل ليه يعني غير كده أنتِ فاكره إني مش واخد بالي من قربكم الزيادة وخصوصاً النهاردة
قالت رحيل بصوت خفيض:
- اقولك إزاي أن ورانا مصيبة مش حب
- بتقولي إيه ؟
- بقولك إن لو عاصي ده أخر راجل في الدنيا مستحيل نكون سوا
نظر لها بدر بدهشه وقال:
- ليه يا بنتي ده أنا اتمنالك واحد زيه
قالت رحيل بسرعه:
- لالا أرجوك اتمنالي واحد تاني .. خلي بالك ده عشانه مش عشاني هو عصبي أوي وبيزعق من أقل حاجه تخيل بقى لو اتجوزنا أنا ممكن اجبله جلطه بسبب مصيبة من بتوعي يرضيك الراجل يموت ناقص عمر !
ضحك بدر بصوتٍ عالي من كلماتها تلك وقال:
- طيب يا ستي أنا قولت اطمن بس
ضحكت رحيل وقالت:
- أنا وعاصي مش ممكن نكون سوا .. أنا وهو مختلفين عن بعض تماماً زي الأبيض والأسود والسما والأرض كده
ابتسم بدر ثم صمت الاثنان حتى قالت رحيل:
- بقولك إيه هي مش داليا هتخلص كلية النهاردة متأخر؟
- تقريباً اه
- طب لو كده نعدي عليها نجيبها في طريقنا إيه رأيك
- طيب اتصلي بيها بس الأول
أمسكت رحيل هاتفها واتصلت بداليا لتجدها مازالت في جامعتها فقالت لها أن تنتظرهم عند باب الجامعة حتى تعود معهم إلى البيت..
***
الكاتبة ميار خالد
دلف عاصي إلى غرفة ليلى وهي بين يديه ووضعها على سريرها ووضع عليها غطائها جيداً ثم خرج من الغرفة، اتجه إلى حنان وقال بدون مقدمات:
- أنتِ تعرفي أبو رحيل منين؟
- ما قولتلك معرفة قديمة يا عاصي غير كده هو عمها مش أبوها
- أيوة معرفه قديمة ازاي وازاي يعرف مريم؟
- مش أختك طبيعي يعرفها
- أيوة يعني كنتم على اتصال لحد ما خلفتينا بقى
صمتت حنان بتوتر فنظر لها عاصي للحظات وكأنه يفكر بشيء ما ثم اتسعت عيونه بدهشه وهو يقول:
- كان صاحب محمد؟!
- مش هيجرالك حاجه لو قولت عليه بابا بدل محمد
- ردي عليا .. أستاذ بدر كان صاحبه؟!
- هما الاتنين كانوا في نفس المدرسة وكانوا صحاب لحد ما كل واحد فيهم اتجوز وراح في طريقة
- ويا ترا هو كمان بني آدم مستغل زيه ولا لا ؟
نظرت له حنان بحدة وقالت:
- أنا مقدره مشاعرك اتجاه باباك بس ده مش مبرر تتكلم عنه كده يا عاصي
- وأنتِ عارفه إني مش بحب الإنسان ده وبكره نفسي ألف مره كل ما افتكر إني أبنه وإن دمه بيجري في عروقي
- بس هو آذاني أنا مش أنتم
الكاتبة ميار خالد
ضحك عاصي باستهزاء وقال:
- والله؟ أنتِ بتقنعي نفسك بالكلام ده أنه آذاكِ أنتِ؟! أنتِ متخيله كان ممكن يحصل فينا إيه لو أنتِ مكنتيش سايبه فلوس بعيد عن ايديه محدش يعرف عنها حاجه .. متخيلة كان ممكن يحصلنا إيه بعد ما أهلك رفضوا أنهم يساعدوكي وأبسط حاجه قالوها وقتها .. ده اختيارك اتحملي بقى
- أنت هتفضل تحاسبني طول العمر .. صدقني باباك كان كويس أنا متأكدة أن كان في حاجه ضاغطه عليه خليته يعمل كل ده قبل ما يموت
- حاجه ضاغطه عليه؟! والحاجه دي برضو اللي أجبرته أنه يبقى مدمن؟ الحاجه دي أجبرته أنه يضيع فلوسك في الزفت ده؟ الحاجه دي أجبرته أنه ينسانا وميجيش البيت ده غير وهو عايز فلوس بس
مسحت حنان دموعها التي تناثرت على وجهها وقالت:
- أيوة .. الشخص اللي أنا اتحديت الدنيا عشانه مش هو الشخص اللي كسرني بحبي ليه
- بطلي تكدبي على نفسك هو مش بس كسرك هو كمان كسر عيالك .. كله بسبب اختيارك اللي دفعتينا تمنه ألف قلم على وشنا
- بلاش تضايق نفسك وتوجع قلبي بكلامك ده
- أنا مش مضايق نفسي أنا جوايا فاضي فقدت القدرة على الإحساس بأي حاجه .. مش فارق معايا كام قلم الدنيا هتديهولي كده كده مبقتش أحس ..
قال تلك الجملة ثم اتجه إلى غرفته لينفرد بقسوته وعصيانه اتجاه كل شيء بحياته..
***
الكاتبة ميار خالد
خرجت داليا من جامعتها وانتظرت رحيل ووالدها على الباب الخارجي بعد أن ودعت زميلاتها، أمسكت هاتفها وقبل أن تتصل برحيل اقترب منها أحد زملائها في الكلية ولكنه قد تخرج من عام ويأتي في بعض الأوقات حتى يرى اصدقائه، ومنهم داليا التي تمتلك معزه خاصة داخل قلبه..
قال فارس:
- عاش من شافك يا ستي
- فارس!! أخبارك إيه أنا اللي المفروض أقولك عاش من شافك خلي بالك
ضحك الاخر وقال:
- الدنيا بقى أنتِ عارفة حياة الناس الخريجين صعبه اوي
ضحكت داليا وقالت:
- ربنا يكتبها عليا قريب
- هانت خلاص كلها شوية وتخلصي من كل ده ولا أنتِ ناوية تكملي دراسات عليا؟
- لا عايزه أركز للشغل بقى أنت عارف أنه بابا عنده بيزنس خاص بيه عايزه أمسك معاه الشغل
ابتسم وقال:
- ربنا معاكي وعايز أقولك إني انبسطت جداً أني شوفتك
ابتسمت داليا هي الأخرى وقبل أن ترد عليه وصلت سيارة والدها فقالت داليا:
- بابا جه ياخدني عن إذنك بقى
- حيث كده لازم أتعرف على بابا وأسلم عليه بقى
ضحكت داليا بتعجب ودهشه وترجل بدر من السيارة عندما وجد الاثنان في طريقهم إلى سيارته وكذلك رحيل، اتجه فارس إلى بدر وقال:
- حضرتك عامل إيه
قال بدر بابتسامه وتساؤل في نفس الوقت:
- أنا الحمدلله
- أنا فارس كنت زميل داليا لكن دلوقتي خريج
- أهلاً بيك يا أبني اتشرفت بيك
- الشرف ليا والله أنا أصلاً كنت بدور على حضرتك
قال بدر بتعجب:
- عليا أنا ليه خير
تنحنح فارس بحرج ثم قال:
- طيب ممكن أخد رقم حضرتك وأبقى أكلمك وقت تاني عشان معطلكش
ابتسم بدر ثم أعطى له رقم هاتفه، وعلى الجانب الآخر قالت رحيل بتساؤل إلى داليا:
- هما بيتكلموا في إيه؟
- مش عارفه
- هو مين ده أصلاً
- ده فارس كان زميلي في الكلية بس اتخرج السنه اللي فاتت
ابتسمت رحيل بخبث وقالت:
- بس شكله لذيذ أوي مش كده
- مش فاهمه تقصدي إيه
- مش ملاحظه إنه عينيه بتطلع قلوب عليكِ تقريباً ولا مش شايفه
قالت داليا بسرعه:
- إيه كلامك ده يا رحيل أكيد لا يعني إحنا زمايل بس .. غير كده أنتِ عارفه إني بحب حازم حتى لو بعدنا عن بعض
- أنا بقول تبطلي هبل وركزي في مصلحتك حازم إيه بس .. ده بني آدم عينه كلها شر هيبهدلك معاه
- مصلحتي إيه اللي بتقولي أفكر فيها هو الشاب قال حاجه ما هو محترم أهو
- طيب سيبي كل حاجه بظروفها
صمتت داليا بتفكير واستقلوا جميعاً السيارة وتحرك بها بدر، وعندما تقدموا بها ظهر حازم من زاوية معينه عند بوابة الكلية وعيونه تشع بنار الغيرة، فهو يعرف أن داليا تتأخر في هذا اليوم لذلك قرر أن يأتي ليراها لأنها لا ترد على مكالماته وقبل أن يذهب لها ظهر فارس أمامها ثم بعدها والدها وتابع كل ما حدث عن بعض، وتمنى أن ما يفكر به ليس صحيحاً..
***
الكاتبة ميار خالد
في اليوم التالي ..
استيقظت رحيل من نومها جهزت نفسها وحضرت علبة طعامها وأخذت دوائها وقبل أن تخرج أمسكت بها داليا، قالت:
- أنتِ رايحه فين؟
- رايحه الشركة
- شركة مين؟
- شركة عاصي
ابتسمت داليا بخبث وقالت:
- اه قولتيلي طيب هو مش تقريباً العقد أتمضى خلاص يعني مبقاش فيه داعي إنك تروحي
قالت رحيل بتوتر:
- أيوة ما هو اا ما هو
- ما هو إيه بس
- هكون رايحه في إيه يعني يا داليا ما أكيد في شغل يعني أصل عاصي عجبه أفكاري أوي وبقى مبهور بيها فقرر أنه ياخد رأيي في كذا حاجه في المول
- والله؟ وإيه حكاية عاصي اللي ظهر فجأة ده
- أنتِ هتعمليلي زي ابوكي امبارح برضو سألني إيه حكاية عاصي يا جماعة والله ما فيه حاجه إحنا بينا شغل بس ما كله في مصلحتنا في الأخر
- هو حلو يعني؟
- هو مين ده
- أستاذ عاصي بتاعك ده .. إيه ده استني كده هو عاصي القاضي! هو حلو فعلاً طب يا مسهل الحال ياريت والله
نظرت لها رحيل بعيون متسعه وحاجبين مشدودان لأعلي ثم قالت:
- جماعه أنتم بتتكلموا في إيه بجد بطلوا هزار
- والله دلوقتي بطلوا هزار ده أنتِ رفعتي ضغطي بهزارك يا شيخه استحملي بقى
- أيوة بس مش لدرجة عاصي .. إيه الجنان ده!! عاصي
ثم خرجت من البيت بسرعه واتجهت إلى الشركة، ضحكت داليا وقالت:
- والله شكلك هتقعي وقعه وحشه لما نشوف
***
لم ينم ليلاً بسبب تفكيره، من ناحية ذكرياته القاسية ومن ناحية أخرى هذا الشخص الذي يهدده بتلك الصور، ومن ناحية أخرى رحيل..
لا يعرف لماذا يقلق عليها كثيراً، أو بمعني أصح يقلق بسبب تصرفاتها العفوية التي قد تصل بها إلى الهلاك في بعض الأحيان..
اسكت عقله بصعوبة ونام لساعات قليلة ثم استيقظ في الصباح وذهب إلى عمله، وعندما دلف إلى مكتبه وجد رحيل تجلس في الداخل وبيدها علبة الطعام تأكل، ضرب رأسه بقلة حيلة ثم زفر بضيق ودلف إلى الداخل وعندما لاحظته رحيل نهضت من مكانها وقالت بابتسامه واسعه:
- صباح الخير
جلس على مكتبه وقال:
الكاتبة ميار خالد
- صباح النور .. خير في إيه على الصبح؟
اتسعت عيونها وهي تقول:
- أنت مش قولتلي بكره هتقولي هنعمل إيه مع الراجل اللي بيهدد ده
- هنعمل إيه؟؟ اسمها هعمل إيه
- ما علينا يعني اعتبرني إيدك اليمين في الموضوع ده
- هو أنتِ ليه مش بتسمعي الكلام أنا مش قولتلك خليكي بعيده
- ما علينا تاني شكلك مفطرتش صح تعالى كل معايا عامله حسابك
- شكراً مش عايز
- والله ما يحصل المرة دي مش هتهرب مني هتاكل معايا يعني هتاكل معايا وبص حتى عاملة أكل صحي أهو عشان متعترضش
نظر لها عاصي قليلاً ولوهله قد شرد مع تلك الفتاه، أنها وبحركاتها الغير مدروسة والعفوية تلك تجعل قلبه يلتفت إليها أكثر فأكثر، في البداية كان يظن أن كل ما تفعله هذا هو مجرد تمثيل حتى تلفت النظر إليها، ولكنه عندما بدأ يعرفها جيداً أدرك أنها أغبى من كل ظنونه تلك !
نهضت رحيل من مكانها وازاحت كل الأوراق من على مكتبه ووضعت علبة الطعام أمامه وامامها ثم قالت:
- بص دول شوية فاكهه وخضار أهو فطار صحي وخفيف يلا كل معايا بقى
ظلت عيون عاصي معلقه بها ولم يتحرك، خجلت هي من نظراته تلك وتوترت بشدة ومن كثرة توترها أمسكت قطعة من التفاح ووضعتها في فمه بعنف فآفاق الآخر من شروده هذا وانتفض من مكانه ثم قال:
- أنتِ اتجننتي حد يعمل كده!! أنتِ مش طبيعية بجد
ابتسمت رحيل عندما أدركت ما فعلته، وما زاد ابتسامتها أن رد فعل عاصي لم يكن عنيفاً جداً، وبعد فتره انتهت رحيل من طعامها ولم يأكل عاصي أيضًا واكتفي بالنظر إليها، وعندما انتهت قالت:
- ها هنعمل إيه
نظر لها عاصي بعيون متسعه فقالت مصححه كلماتها:
- أقصد هتعمل إيه .. حلو كده
- هوافق
نهضت رحيل من مكانها وقالت :
- توافق على إيه؟ إنك تهرب السلا.ح
- ممكن تقعدي الأول وتفهمي
جلست رحيل مكانها مرة أخرى بوجه عابس، زفر عاصي بضيق ثم قال:
- الأمور مش هتمشي زي ما أنتِ متخيله
- إزاي ؟
- يعني أنا هوافق فعلاً و كل حاجه هتمشي لحد ما أخد الصور دي
- والصفقة؟
- ده شغل البوليس بقى
- يعني إيه
- أنا عندي صاحبي عقيد في الشرطة .. كل حاجه هتبقى بعلمه حتى يوم ما اروح لهم هو هيكون متابعني ومعايا خطوة بخطوة ولو حصل أي حاجه هيكون معاه قوات احتياطي وبمجرد ما أعرف تفاصيل الصفقة دي هبلغه وهو هيتصرف وموضوع الصور هيتصرف فيه برضو
- ومين صاحبك ده؟
- العقيد عز الدين كامل الاسيوطي
- ده جوز ملك الشريف صح ؟
- أنتِ تعرفيها؟؟
الكاتبة ميار خالد
- معرفهاش شخصياً بس سمعت عن الشركة بتاعتها غير كده فيه حد ميعرفش قصة ملك وعز دي زي القصص الخيالية .. المهم طيب وهتقوله كل ده أمتى
- دلوقتي .. حالياً هتحرك وهروحله المديرية لو عايزاني اوصلك للبيت في طريقي معنديش مشكله
- عايزه اجي معاك
- مستحيل .. أعتقد كده أنتِ اطمنتي وعرفتي هتصرف إزاي أكتر من كده مفيش داعي
- أنا مش هتدخل في أي حاجه لكن اسمحلي أفضل معاك في كل ده ما يمكن أقدر أساعدك بحاجه
- معتقدش في حاجه .. عن إذنك
ثم نهض من مكانه وقبل أن يخرج من المكتب صدع هاتفه رنيناً برقم إحد رجاله، رد على الهاتف وقال:
- في أخبار عنها؟
- رجعت مصر !!
- نعم؟!
- واحد من اللي مراقبها هناك عرفني أنها حجزت طيارة لمصر وزمانها وصلت دلوقتي
- ومقولتليش من بدري ليه؟!
- لما عرفت بلغت حضرتك
- تمام
ثم أنهى معه المكالمة ونظر أمامه بغضب كبير كاد أن يهدم المكان فوق رأسهم، قال بتوعد:
- أنا هوريكي تكسري كلامي وتتصرفي من دماغك ازاي!!
توقعاتكم؟؟ آراءكم ؟؟
حد افتكر عز الدين ولا لا؟😂
@الجميع
رواية رحيل العاصي
الكاتبة ميار خالد
الفصل الخامس عشر
ثم أنهى معه المكالمة ونظر أمامه بغضب كبير كاد أن يهدم المكان فوق رأسهم، قال بتوعد:
- أنا هوريكي تكسري كلامي وتتصرفي من دماغك إزاي!!
وقبل أن يخرج أمسكت به رحيل وقالت:
- أنت رايح فين؟
استدار لها كالإعصار وصرخ بها:
- ممكن تختفي من وشي !! أنتِ من ساعة ما ظهرتي والمصايب عمالة تجيلي واحده ورا التانية من أول يوم دخلتي فيه الشركة دي وكل حاجه بتبوظ وأخرهم موضوع الصور ده كان بسببك أنا مكنتش بخلي حد يمسك عليا غلطه لكن بسبب تصرفاتك كل حاجه بتبوظ .. لو بقصد أو بدون قصد أنتِ السبب في كل حاجه فياريت كفاية أوي لحد كده وتختفي من كل حاجه زي ما ظهرتي
الكاتبة ميار خالد
نظرت له رحيل بعيون مجمده والدموع بداخلها تمتلئ شيئاً فشيئاً، كانت كلماته قاسية جداً على قلبها الضعيف، بضع كلمات تمكنت من حرق روحها..
أفاق عاصي من حالة الغضب التي كان عليها عندما وجد دموعها تتساقط من عيونها مثل اللؤلؤ، قال رحيل:
- كان ممكن تقولي كل ده بطريقة تانيه .. كان في مليون طريقة هفهم بيها كلامك غير إنك تكلمني بقسوة كده بس أوعدك مش هتشوف وشي تاني
ثم أخذت حقيبتها وخرجت من المكان بسرعه وهي تبكي بصمت، زفر عاصي بضيق وأمسك رأسه بندم بسبب كلماته تلك، في لحظة انفجر ولم يقدر على التحكم في كلماته، أخذ نفساً عميقاً ثم خرج هو أيضًا من الشركة واتجه إلى المديرية ليقابل العقيد عز الدين كامل الاسيوطي..
خرجت رحيل من الشركة وهي تبكي وتحركت بسرعه من أمامها واستقلت أول سيارة أجرة رأتها أمامها، وعندما صعدت إليها شعرت بضيق نفس كبير لذلك حاولت أن تنظم أنفاسها حتى لا تفقد وعيها،
و ذهبت إلى أحد الأماكن المطلة على النيل وجلست بها بمفردها..
***
الكاتبة ميار خالد
وصل عاصي إلى المديرية ودلف إليها وسار بها للحظات حتى وصل إلى مكتب عز الدين، فأخبر العسكري الواقف على الباب أنه يريد أن يراه ودلف العسكري إلى الداخل وبعد لحظات خرج إلى عاصي وسمح له بالدخول، وهُنا طل علينا بطلنا القديم من رواية منقذي ولكن عز الدين ونهض من مكانه وعلى وجهه ابتسامه واسعه وقال:
- إيه المفاجأة الجميلة دي عاش من شافك
ابتسم له عاصي بحزن وجلس أمامه، عاد عز إلى مكانه وطالع عاصي بتفحص ثم قال:
- في إيه مال وشك
- واقع في مصيبة ومحدش غيرك هيقدر يساعدني فيها
نهض عز من على كرسيه وتحرك حتى جلس أمام عاصي، قال:
- في إيه قلقتني
حكى له عاصي ما حدث معه وموضوع تلك الصور والتهديد الذي جاء إليه بخصوص صفقة التهريب وكان عز يسمعه بعيون متسعه، وفي النهاية قال عاصي:
- أنت عارف إن شغلي نضيف وأكيد مش هحط نفسي في مصيبه كده غير كده أنا متأكد أنه في حد ورا الموضوع ده في حد عايز يوقعني بأي طريقه
- أنت قدمتلي خدمه كبيرة دلوقتي
- يعني إيه
- يعني أنا عارف إن فيه صفقة سلا.ح هيتم تهريبها بس مش عارف أي تفاصيل عنها وده اللي كنت شغال عليه الفترة دي .. أنت سهلت قضيتي جداً
- يعني هتساعدني ؟
- عيب عليك حتى لو مكنتش قضيتي أكيد مش هسيبك لوحدك في الازمه دي أنا دلوقتي عايزك تركز معايا ضروري
- قول
قال عز الدين بصوت خفيض:
- أنت دلوقتي هتتصل بيهم وهتعرفهم إنك موافق وهتحدد معاهم ميعاد عشان تعرف التفاصيل وطبعاً بمجرد ما تعرف كل حاجه هتبلغني وده هيبقى شغلي
- تمام
أمسك عاصي هاتفه واتصل بالرقم الذي تركه له جمال قبل أن يرحل، وبعد لحظات فُتِح الخط، قال الطرف الآخر:
- كنت متوقع مكالمتك دي بدري شوية
- موافق
الكاتبة ميار خالد
- معندكش اختيار تاني للأسف
صمت عاصي فقال الطرف الآخر:
- بكره في عربية هتقف قدام شركتك الساعة ٤ العصر أركب فيها وسيب كل حاجه تمشي
- تمام
ثم أنهى معه المكالمة ونظر إلى عز، فقال عز:
- جميل جداً بكره هكون متابعك ودلوقتي هعرفك كام حاجه مهمين جداً
***
كانت تجلس في إحدى الكافيهات المطلة على النيل وقد شردت لساعات فلم تشعر بالوقت، كلمات هذا العاصي تدور برأسها وقلبها فتُسبب ألم كبير، ألم جعل قلبها ثقيل على صدرها حتى شعرت بثقله في أنفاسها، ترقرقت الدموع في عينيها فأمسكت منديل ومسحت عيونها قبل أن تتساقط دموعها، أمسكت هاتفها وفتحت إحدى الألعاب حتى تلهو بها قليلاً، وفي تلك الأثناء صدع هاتفها رنيناً برقم غريب وكان عاصي الذي وبمجرد أن خرج من المديرية أتصل بها حتى يطمئن عليها لأنه أحس بمدى قسوة كلماته، لم ترد عليه في الإتصال الأول لان ليس من عادتها أن ترد على أرقام غريبة ولكنه عندما أتصل بها مجدداً ردت عليه وقالت:
- الو؟
- أنتِ فين
وقد تعرفت هي على صوته فوراً فقالت بجمود:
- وأنت مالك؟
- نعم؟! إيه الأسلوب ده
قالت رحيل بغضب:
- والله وهو أنت الوحيد اللي مسموحلك تتكلم بطريقة مستفزه معايا لكن أنا أكلمك بمنتهي الذوق
- اتصدقي أنا غلطان
- أنت غلطان فعلاً
ثم أنهت المكالمة في وجهه، نظر عاصي إلى الهاتف بدهشه ثم قال:
- أنا استاهل عشان أتصلت بيها أصلاً
ثم تحرك من مكانه بغضب عارم وعاد إلى بيته، ظلت رحيل مكانها للحظات حتى نهضت من مكانها بعد أن حاسبت في المكان وخرجت، وقفت على الرصيف في إنتظار سيارة الأجرة التي قد طلبتها قبل أن تخرج وفي ثواني وقفت سيارة أمامها وخرج منها رجلين ضخمين للغاية بالنسبة لها، نظرت لهم بخوف وطالعها إحدى الرجال للحظات وكأنه يتأكد أنها هي المطلوبة، قالت رحيل بتوتر:
- خير في حاجه
نظر لها الرجل بحده ثم أزاح سترته ليظهر المسد.س الموجود معه، نظرت له رحيل برعب وقالت:
- أنت عايز إيه مني أقسم بالله هصوت والم الناس عليك
أمسك هذا الرجل ذراعها بعنف فتأوهت رحيل بألم واقترب هذا الشخص منها ثم قال:
- اركبي العربية بهدوء وبلاش شوشرة
نظرت له رحيل بخوف ثم تحركت معهم بصمت واستقلت السيارة وعندما جلست على المقعد وضع هذا الشخص قطعه من القماش الأسود على عيونها ثم شعرت بنخزة إبرة تغرز في كتفها لتغيب عن الوعي تماماً بعدها ..
***
الكاتبة ميار خالد
ذهب كعادته ليطمئن عليها في الصباح، دلفت سهام إلى الغرفة قبله ولكنها لم تجدها، خرجت إلى شادي وقالت:
- مش جوه ؟!
- مش جوه إزاي يعني وسعي
ثم دلف إلى الغرفة بسرعه وبحث عنها كثيراً ولكنه لم يجدها أيضاً وقبل أن يتكلم تذكر كلماتها عندما قالت أن فاطمه قد وعدتها أنها سوف تهربها من هذا المكان! خرج من الغرفة بغضب واتجه إلى مكتب فاطمه ودلف إليه ليجدها على مكتبها، ابتسمت له وقالت:
- صباح الخير كنت لسه هجيلك
- سلمي فين؟
تغيرت نظراتها وطالعته بانكسار ثم قالت:
- والله! هي دي صباح النور بتاعتك
- سلمى مش في الاوضة بتاعتها ومحدش غيرك معاه المفتاح بتاع الاوضة بعدي أنا وسهام والله لو عملتي اللي في دماغي بجد هتكون نهاية علاقتنا
نهضت فاطمه من مكانها وقالت:
- والله؟! وإيه اللي في دماغك بقى
- سلمى قالتلي إنك وعدتيها أنك تخرجيها من هنا
- وحتى لو حصل أنت خايف ليه؟
- أنتِ عارفه أن لو سلمى خرجت من هنا في الوقت ده هترجع لنقطة الصفر تاني أنتِ إزاي قادرة تكوني كده ؟!!
- وأنت إزاي قادر تكون كده !! أنت مش مستوعب إنك بتتخانق معايا دلوقتي بالطريقة دي عشان مين !! عشان مريضة
- أنتِ عارفه أن شغلي كل حياتي
- وحياتنا إحنا فين !!
نظر لها شادي للحظات ثم اشاح بنظره عنها، تحركت هي من مكانها وعيونها مليئة بالدموع ثم قالت:
- لو الجملة صعبه اوي عليك خليني أنا اقولها لأني مبقتش قادرة استحمل الطريقة دي
نظر لها شادي فقالت هي بدموع وهي تخلع دبلتها:
- أنا شايفه أن كل واحد يروح لحاله أحسن ليا وليك ويا خسارة سنين عمري اللي ضيعتها معاك
- استني بس..
- أنا قولت اللي عندي ولو سمحت اتفضل مش عايزه أتكلم تاني
نظر لها شادي للحظات وقبل أن يتحرك قالت:
- وبخصوص سلمى أنا مهربتش حد .. أتعب لحد ما تلاقيها
خرج شادي من الغرفة وبيده دبلتها فوضعها في جيبه، يشعر براحه غريبة في قلبه وكأنه قد تخلص من ثِقل كبير على قلبه، شعر بالذنب بسبب هذا الإحساس، أنه يعترف أن علاقته بفاطمة كانت مملة ولم يشعر في يوم أن قلبه مولع بحبها ولكنها كانت خطيبته في النهاية وفي لحظة ظهرت سلمى في أفكاره ليشعر بالضيق حينها والغضب عندما اختفت من أمامه فجأة وهُنا تأكد بالفعل أن قلبه مولع .. بها هي فقط
***
الكاتبة ميار خالد
حل المساء ولم تعود رحيل إلى بيتها، تسرب القلق داخل بدر واتصل بها كثيراً ولكنها لم ترد عليه وبعدها تم إغلاق الهاتف تماماً، وأثناء قلقه هذا صدع هاتفه برقم غريب فرد عليه بقلق، أردف:
- السلام عليكم ؟
- وعليكم السلام .. أخبارك إيه يا عمي
- الحمدلله مين معايا ؟
- أنا فارس زميل داليا
- أيوة فارس افتكرتك .. خير
وفي تلك اللحظة كانت داليا على باب الغرفة وقبل أن تطرق الباب توقفت حين سمعت اسم فارس، ووقفت مكانها لتتابع الحوار الذي سوف يقوله والدها بصمت..
قال فارس:
- كل خير يا عمي .. أنا بس كنت عايز أخد ميعاد من حضرتك عشان حابب اجي أتقدم لداليا
- تتقدم لداليا؟!
اتسعت عيون داليا ونظرت أمامها بصدمه، والمشكلة أن فارس على علم بوجود حازم في حياتها فهو كان يراه عندما يأتي إلى داليا الكلية، إذا كيف يتقدم لخطبتها هكذا، توقفت عن التفكير وتابعت الحوار مجدداً ..
قال فارس بتوتر:
- أيوة أنا يشرفني طبعاً .. حضرتك عندك اعتراض ؟
- لا طبعاً يشرفني والله بس..
- بس إيه
- والله يا أبني أنا معايا مشكله قالبه دماغي دلوقتي ومكالمتك دي أنا آسف والله مش في وقتها خالص ومش قصدي أكون قليل الذوق معاك خالص بس فعلاً أنا معايا مشكله كبيرة افوق منها بس وأنا هتصل بيك ونشوف الأمور هتمشي إزاي وعموماً اللي فيه الخير يقدمه ربنا
- مشكلة إيه طيب حضرتك محتاج حاجه اجيلك؟!
- لا ربنا يخليك والله أنت اعذرني بس
- لا يا عمي ولا يهمك وعموماً لو احتاجت أي حاجه كلمني على طول رقمي أهو مع حضرتك
- بأذن الله
الكاتبة ميار خالد
ثم أنهى معه المكالمة وباله مع رحيل، تحركت داليا من مكانها بصدمه ودلفت إلى غرفتها، كيف يفكر فارس بتلك الطريقة بدون أن يرجع لها أولاً، ولكنه لم يتصرف بطريقة غير صحيحة بل تصرف بأصح طريقة، وقبل أن يتحدث معها تكلم مع والدها ليكون كل شيء في العلن، ولوهله ورغماً عنها قارنت بينه وبين حازم، نعم كان حازم مصمم أن يتقدم لخطبتها ولكنه كان يرجع لها أولاً مع علمه أنها سوف ترفض بسبب خوفها من أهلها، كان من الممكن أن يتصرف بطريقة صحيحه ويحل كل تلك الأمور كالرجال، ولكنه أختار الطريق السهل مثلها أيضاً وعلّق كل أخطائه على رحيل وقال إنها السبب بكل شيء ..
لم يتوقف عقلها عن التفكير وقطع حبل أفكارها هذا والدها الذي نادى عليها بصوت مسموع، كانت تظن أنه سوف يخبرها بموضوع فارس ولكنها عندما وصلت إليه قال بقلق:
- رحيل متصلتش بيكي من ساعة ما خرجت ؟
- لا خالص .. هي لسه مرجعتش؟!
- لسه وقلقان عليها الوقت بدأ يتأخر أصلاً هتكون راحت فين
- طيب حاولت تتصل بيها
- موبايلها مش بيجمع معايا .. هي خرجت فين أصلاً أنا لما صحيت مشوفتهاش
- راحت الشركة لعاصي تقريباً قالتلي فيه شغل بينهم لسه مخلصش
- أيوة كانت قيلالي افتكرت
قالت داليا بقلق:
- استنى هجبلك رقم عاصي أتصل بيه اسأله لو يعرف عنها حاجه
ثم تحركت من مكانها وعادت إليه بعد لحظات وأعطته رقم عاصي، كان الآخر في بيته لم يقدر على النوم فظل جالس على سريره يفكر لساعات حتى صدع هاتفه رنيناً برقم غريب، رد عليه ليتعرف على صوت بدر فوراً وعندما تذكر أنه كان صديق والده تحدث ببرود نوعاً ما:
- خير في إيه بليل كده
قال بدر بقلق:
- أنا آسف على الأزعاج بس رحيل مرجعتش لحد دلوقتي هي جاتلك الشركة صح ؟
اعتدل عاصي في جلسته وقال بانتباه:
- مرجعتش إزاي لحد دلوقتي ؟!
- معرفش اومال أنا بكلمك ليه دلوقتي .. أنت أخر مره شوفتها أمتى
- هي خرجت من الشركة الصبح وكلمتها في التليفون كمان وردت عليا بس بعدها متكلمناش تاني فافتكرت أنها روحت
قال بدر بقلق بالغ:
- يا الله هتكون راحت فين
تسرب القلق إلى قلب عاصي فقال :
- طيب هي عندها قرايب هنا مثلاً أو صحاب ممكن كانت مخنوقة شوية فراحت لحد فيهم ؟
- رحيل متعرفش أي حد هنا غيرنا متعرفش أي حاجه وحتى لو مخنوقة عمرها ما فكرت تتأخر بره البيت كده .. أنا بنتي فيها حاجه متأكد
- طيب أهدى أنا هتصرف وهعرفلك هي فين دلوقتي
- ربنا يخليك أنا آسف ازعجتك بس رحيل لو جرالها حاجه أنا ممكن أموت فيها بالله عليك رجعها لي
صمت عاصي للحظات ثم قال:
- أوعدك هترجعلك بألف سلامه
ثم أنهى معه المكالمة، و نهض من مكانه بسرعه، ظل يجول الغرفة بقلق وتوتر، ندم بشده على كلماته التي قالها لها، وشعر بالخوف عندما جال في باله أنها من الممكن أن تكون قد تصرفت بغباء مرة أخرى لتقع في مصيبة جديدة، أمسك هاتفه وقبل أن يتصل بعز الدين ترك هاتفه مره أخرى وذهب إلى جاكيت البدلة التي كان يرتديها وأخرج منها هاتف قد أعطاه له عز الدين اليوم قبل أن يخرج وقال..
فلاش باك..
قال عز:
- الموبايل ده تخليه معاك ومتتصلش بيا منه غير لو حصل حاجه
- طيب ليه؟
- هتعرف بعدين بس خليك منتبه لكل حركه بتخرج منك ومن رحيل
- أنا مش واثق في رحيل ممكن تعمل أي تصرف يبوظ كل حاجه
- لازم تتحكم وتسيطر عليها بأي طريقة .. هي فين دلوقتي؟
- معرفش بعد ما تخانقت معاها خرجت
- طيب لما تخرج من عندي أتصل بيها من الموبايل ده
- اشمعنا ؟
- عشان نرصد مكانها لو لقدر الله حصل أي حاجه
- يعني هي ممكن تتأذي؟
- قولتلك لازم نبقى مستعدين لكل حاجه
- تمام
الكاتبة ميار خالد
باك..
أمسك عاصي الهاتف الذي أعطاه له عز الدين واتصل به فوراً..
كان عز الدين نائم بهدوء وبجانبه ملك وفي المنتصف ابنهم مالك ذو الثلاثة أعوام، وعندما صدع هاتفه رنيناً نهض من مكانه فوراً و رد عليه، قال:
- خير يا عاصي
- رحيل مختفيه
اعتدل الآخر في جلسته واشعل الضوء من جانبه وقال:
- مختفيه إزاي يعني؟
قال عاصي بقلق واضح في صوته:
- معرفش بدر أبوها دلوقتي أتصل بيا وقالي أنها مختفيه من الصبح
- يبقى اللي خايف منه حصل
قال عاصي بقلق:
- حصل إيه؟
- احتمال كبير إنك كنت متراقب وأنت جاي عندي المديرية ولما وصلهم خبر اتصرفوا و خطفوها عشان يبتزوك توافق ومتعرفش البوليس حاجه!!
صرخ عاصي بصدمه:
- نعم!!
عيني عليكي يا رحيل يا بنتي 😂😂😂💔
توقعاتكم يلا ؟؟ آراءكم
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق