رواية رحيل العاصي الفصل التاسع والعاشر للكاتبة ميار خالد حصريه
رواية رحيل العاصي الفصل التاسع والعاشر للكاتبة ميار خالد حصريه
رواية رحيل العاصي
الكاتبة ميار خالد
الفصل التاسع
- نعم؟!! إيه اللي أنتِ بتقوليه ده
- أهدي بس واسمعيني
- أنتِ لسه زعلانه مني طيب إحنا مش قولنا هنبدأ صفحه جديدة
- أيوة والله وزي ما إحنا .. بس ده أحسن لينا
- إيه اللي اتغير مش فاهمه عايزه تمشي ليه
- لازم أعتمد على نفسي يا داليا
- لا أنتِ تكلمي بابا في الموضوع ده بقى أنا مليش دعوة
ثم خرجت من غرفتها بسرعه واتجهت إلى غرفة بدر وأخبرته بما تقوله رحيل فانتفض الآخر من مكانه وتحرك مع داليا إلى رحيل، دلف إلى غرفتها وقال:
- في إيه يا بنتي إيه الكلام اللي بتقوله داليا ده
ضحكت رحيل وقالت:
- مش شايف أنه جه وقته أعتمد على نفسي بقى
وقبل أن يرد بدر قالت أمينه التي كانت تسمعهم:
- عين العقل يا بنتي صح ما ده اللي كنت بقولك عليه .. إنك تبطلي المقالب بتاعتك دي والهزار والضحك مش كنت دايمًا أقولك لازم تتحملي المسؤولية شوية
الكاتبة ميار خالد
قالت رحيل:
- هعمل اللي أنتم عايزينه ومن النهاردة مش هيكون فيه لا مقالب ولا هزار ولا ضحك .. أنا بس عيشت يومين حلوين كنت برتاح فيهم عن كل اللي شوفته وكل المسؤولية اللي كانت عليا في سن صغير
اختفت الابتسامة عن وجه أمينه عندما قالت رحيل تلك الجملة وقالت:
- إيه لازمة الكلام ده دلوقتي يا بنتي أنا مكنش قصدي كده بكلامي والله
- عارفه يا ماما بس أنا شايفه إن كده أحسن
قال بدر بصرامه:
- داليا!! أنتِ قولتي لأختك حاجه عشان تتكلم كده
وقبل أن ترد داليا قالت رحيل:
- لا داليا مقالتش حاجه وملهاش ذنب
قال بدر بغضب:
- اومال إيه اللي قلب دماغك فجأة كده .. معندناش بنات تعيش لوحدها طول ما أنا عايش أنتِ هتفضلي في البيت ده ومش هتخرجي منه لما أبقى أموت أبقي قولي عايزه استقر واخد بيت لوحدي
- بعد الشر عليك يا بابا بس..
- كلامي واضح ومش عايز الموضوع ده يتفتح تاني مفهوم
ثم خرج من الغرفة ولم يسمح لرحيل أن تتكلم، ثم خرجت أمينه أيضًا واتجهت إلى المطبخ، جلست داليا بجانب رحيل وقالت:
- في إيه يا رحيل فهميني
- مفيش حاجه صدقيني
- لا في حاجه .. حد قالك حاجه طيب
نظرت لها رحيل للحظات وصمتت فتأكدت داليا أن هناك شيء ما حدث معها، قالت:
- مش إحنا أتفقنا أننا هنفتح صفحه جديده يعني مش هنخبي حاجه على بعض صح يبقى احكيلي
تنهدت رحيل بضيق ثم قالت:
- أنا عملت كل ده عشانك
- عشاني ازاي؟
- عشان تتجوزي أنتِ وحازم
نظرت لها داليا بدهشه فتابعت الأخرى:
- أنا عارفه إني طول ما أنا هنا حازم مش هيقدر يجيب أهله ويجي
- وميقدرش ليه يعني
- بسبب المشكلة اللي أنتِ عرفاها بتاعت الأرض
صمتت داليا للحظات ثم قالت بشك:
- هو حازم كلمك في حاجه؟
لم ترد عليها رحيل فكررت الأخرى سؤالها حتى قالت رحيل:
- أيوة قبل ما اطلع البيت شوفته تحت واتكلم معايا على الموضوع ده
- وهو يتكلم معاكي ليه أصلاً أنا فهمته كل حاجه
- ماشي يا داليا هو عمل كده عشان يقربلك أنا عارفه أنه بيحبك
- لا كده أنانيه منه مش حب أنا مش عايزاكي تحطي كلامه ده في دماغك أتفقنا
- خلاص أنسي .. قوليلي ماما عاملة أكل إيه
ضحكت داليا وحدثت رحيل بمرح وفرحت الأخرى كثيراً بسبب هذا التغيير في داليا وارتاح قلبها وعقلها لهذا الموضوع..
***
الكاتبة ميار خالد
في اليوم التالي..
استيقظت رحيل بتعب وبدلت ثيابها على عجله لأنها قد تأخرت كثيراً، ارتدت ملابس عصرية مكونه من سويت شيرت رقيق ومريح ذو لون سكري و بنطلون من الچينس فضفاض نوعاً ما ووضعت بعض اللمسات الصغيرة على وجهها مثل ملمع الشفاه والكحل وقد أعطي هذا شكل وجهها المميز مظهر ساحر كعادتها، خرجت من الغرفة بسرعه وجهزت علبة طعامها وأخذت علاجها وخرجت من البيت واتجهت إلى الشركة لتجد عاصي في مكتبه، دقت على الباب ودخلت بعفوية وقالت:
- أنا آسفة جداً على التأخير بجد
ابتسم لها عاصي وقال :
- محصلش حاجه اتفضلي
نظرت له رحيل بتعجب شديد ورفعت حاجبيها بدهشه ثم قالت:
- بجد؟
- أيوة اتفضلي
تحركت رحيل بدهشه من مكانها وجلست أمامه بصمت، ترك الآخر ما بيده وقال:
- أنا عايز أشكرك جداً على امبارح أنتِ مكنتيش مجبره إنك تعملي كل ده بس كون أنك عملتي كده عشان ليلى ده أنا احترمته جداً
ابتسمت رحيل وقالت:
- طب ما أنت طلعت بتضحك أهو زي البشر
ابتسم عاصي فأكملت:
- بجد مش محتاج تشكرني ولا حاجه أنا كمان انبسطت جداً
- وعشان كده أنا قررت حاجه لازم تعرفيها
- هي إيه؟
أمسك عاصي الأوراق التي كانت أمامه مره أخرى ومد يده بها إلى رحيل وقال:
- دي أوراق الصفقة أنا مضيتها واسمكم التجاري هيكون معانا في المول بأذن الله طبعاً باقي التفاصيل بتاعت تجهيز المكان والتكاليف المحامي هيهتم بيها
نظرت له رحيل بصدمه كبيره وقالت:
- لأااا .. ده بجد !!
- أيوة مالك
- بس أنت قولت عشر أيام وأنك مش هتسامحني بالساهل كده
- دي حقيقة بس أنتِ قدمتيلي خدمه واعتبري الصفقة دي رد الجميل ليكي
ابتسمت رحيل بشدة وفرحت كثيراً أنها لم تخسر ثقة عمها وقالت:
- أنا بجد مش عارفه أشكرك إزاي أنت مش متخيل الصفقة دي كانت مهمه عندي إزاي
الكاتبة ميار خالد
- عندي فضول أعرف ليه وافقتي من البداية على كل ده
- ده موضوع كبير استني احكيلك
وبعد أن قالت تلك الجملة أخرجت علبة الطعام من حقيبتها وجلست براحه أكثر وكأنها في بيتها وقالت:
- بص يا سيدي الصفقة دي كانت مهمه جداً لعمي عشان كده هو خلاني أنا اللي مسؤولة عن كل حاجه فيها ولما أنت.....
كانت رحيل تتكلم بعفوية وينظر لها عاصي بدهشة كبيرة وأثناء حديثها مدت يدها له بعلبة الطعام وقالت:
- اتفضل الأكل طعمه تحفه
قال عاصي بسرعه:
- شكراً مش عايز
- اللي يريحك .. متستغربش أني دايمًا معايا علبة أكل أنا غصب عني لازم أمشي على النظام الغذائي بتاعي وأكل عشان أخد العلاج بتاعي
- علاج إيه؟
- حديد ومكملات غذائية على فيتامينات كده
أومأ عاصي برأسه ثم قال:
- تمام تقدري تطمني عمك بقى خلاص يعتبر مبقاش فيه داعي أنك تيجي الشركة كل شوية
توقفت رحيل عن مضغ الطعام في فمها ثم ابتلعته وقالت:
- بجد؟
- أيوة خلاص
- يا خسارة
- خسارة إيه؟
- ملحقتش أعمل فيك المقالب اللي كانت في دماغي
- نعم؟!!
- ده أنا كنت محضره ليك حاجات كتير كنت هتسلى والله يا خسارة
- طب الحمدلله أني لحقت نفسي
ضحكت رحيل بصوتٍ عالي نوعاً ما فابتسم الآخر رغماً عنه، نهضت الأخرى من مكانها وامسكت حقيبتها بعد أن وضعت علبة الطعام بها ثم مدت يدها إلى عاصي وقالت:
- أنا اتشرفت جداً بيك يا أستاذ عاصي وبأذن الله المشروع ده يكون خير علينا وعليك
رفع عاصي حاجبيه بأعجاب وقال:
- إيه العقل ده
ضحكت رحيل فمد الاخر يده وصافحها مع ابتسامة صغيرة ثم خرجت رحيل من المكتب ومعها أوراق الصفقة حتى تعرضها على عمها وبعد أن خرجت دلف رامي الى المكتب، اعطي عاصي بعض الأوراق ثم قال:
- غريبة آنسة رحيل مشت بسرعه
- أيوه أنا وافقت على المشروع خلاص ملهوش داعي أنها تيجي تاني
- ده تاني يوم ليها ؟! هي لحقت
- للأسف قدمتلي خدمه عشان كده كان لازم اردهالها
- أعتقد ليلى هتزعل أوي لو عرفت أنها خلاص مشت
- عندك حق بس هو ده الصح
أومأ رامي برأسه ثم خرج من المكتب وذهب ليتابع عمله، خرجت رحيل من الشركة ووقفت تحتها للحظات ونظرت للملف بفرحه وقبل أن تتحرك أحست بقبضة قوية تمسك بذراعها، التفتت بفزع لتجد حازم أمامها، صاح بها:
- أنتِ عملتي إيه !
- عملت إيه في إيه مش فاهمه
- أنتِ قولتي إيه لداليا ؟
- مش فاهمه حاجه منك وسيب أيدي
- اومال هي عملت كده ليه؟!!
فلاش باك..
وبعد خروج رحيل من البيت، دلفت داليا إلى غرفتها وأغلقت على نفسها وامسكت هاتفها وطلبت رقم حازم وبعد لحظات رد عليها فقالت:
- الو إيه يا حازم
وكان الآخر مازال نائماً فقال بصوت يغلبه النعاس:
- إيه يا حبيبي صباح الخير
- مينفعش اللي أنت بتعمله ده على فكره
اعتدل في جلسته وقال:
- إيه الكلام ده في إيه ؟
- في إنك مينفعش تكلم رحيل أختي كده يا حازم حتى لو كان عشان علاقتنا
- رحيل وأختي؟؟ أنتِ كويسة ولا فيكي حاجه مش دي اللي مكنتيش طايقاها
- أنا كنت غلط وفاهمه كل حاجه حواليا بطفوله وانانيه وأنا وهي اتصافينا خلاص بس ده برضو مش مبرر يخليك تعمل كده وتقولها كده
قال حازم بقلق:
- هي قالتلك إيه بالظبط
- قالت اللي حصل وخلاص أنا مكنتش متخيله إنك بالأنانية دي بجد حتى يا سيدي لو بيني وبينها مشكله تروح تقولها كده وتخليها كانت عايزه تسيب البيت وتمشي
- مش ده اللي أنتِ كنتِ عايزاه غير كده لازم تعرفي أنها طول ما هي موجودة في عيلتكم مش هعرف أجيب أهلي واجي
- لو أنت أناني أنا مش أنانيه زيك ومش هقدر اجي على حقها عشان نفسي أنت صدمتني فيك بجد
- طيب ممكن تهدي ونتقابل في أي مكان نشوف الموضوع ده
- لا .. صدقني لو شوفتك دلوقتي هقول كلام هيضايقك مني جداً سيب كل حاجه للنصيب بقى
- أفهم من كده إيه يعني
- أنا مضطرة أقفل سلام
ثم أنهت المكالمة بسرعه قبل أن يقول حازم أي شيء وجلست تبكي مكانها..
باك..
قالت رحيل وهي تسحب ذراعها بقوة من قبضته:
- هي سألتني وأنا قولتلها اللي حصل أما أنت خايف كده هددتني ليه من الأول
وفي تلك الأثناء في مكتب عاصي قد ضاق صدره قليلاً فنهض من مكانه واتجه إلى النافذة الموجودة في مكتبه واغمض عينيه ثم استنشق نفساً عم عميقاً، ولكن لفت سمعه صوت صياح خفيض يأتي من أسفل شركته ففتح عينيه ليجد شخصاً ما يمسك ذراع رحيل بعنف وهي تصيح بوجهه بدون خوف، انتفض قلبه للحظه ولكنه لم يريد أن يتدخل في حياتها الشخصية وظل يتابع ما يحدث بهدوء حتى لاحظ أن المنافسة تزداد عنفاً وحده! لذلك تحرك من مكانه وقرر أن يرى ماذا يحدث في الاسفل ..
الكاتبة ميار خالد
في المصحة النفسية..
ولأول مره تتطلب فيها سلمي أن ترى الطبيب شادي، عندما جاءت إليه الممرضة وأخبرته لم يصدق نفسه للحظات ولكنه نهض من مكانه بأمل وسعادة واتجه إلى غرفتها، دق على الباب ودخل ليجدها تجلس على سريرها وبجانبها أوراق كثيرة، التفتت إليه وقالت:
- كويس أنك جيت
- أول ما قالولي أنك بنفسك طلبتي تشوفيني استغربت
دلف إلى الداخل وجلس أمامها على إحدى المقاعد وقال:
- اتكلمي سامعك
صمتت للحظات وظلت تفرك يدها بتوتر ثم قالت:
- أنت ممكن تساعدني صح؟
- طبعاً
- يعني لو طلبت منك أي حاجه هتساعدني
- أي حاجه غير إني أخرجك من هنا عشان الموضوع ده مش بأيدي
- أيوة عارفه
- عايزاني أساعدك في إيه؟
أمسكت الرسائل الكثيرة التي كانت على فراشها وقالت لشادي:
- عايزه أعرف مين اللي بيبعت دول
- إيه دول؟
ثم امسكهم بتساؤل ليجدهم رسائل من شخصها المجهول، قالت:
- دي رسائل بتجيلي كل أسبوع .. عايزه أعرف مين اللي بيبعتهم
- بتجيلك إزاي يعني وإزاي بتوصلك لحد هنا أصلاً
- مش عارفه أنا بلاقيهم يا إما على سريري أو تحت الباب
- أنا لازم اشوف الموضوع ده
نهض من مكانه وقبل أن يتحرك أمسكت هي بيده وقالت:
- دي أول مره بعد فتره أجرب أثق في حد تاني بلاش تخليني أندم
عاد شادي إلى مكانه مرة أخرى وصمت فقالت:
- الرسايل دي مأذتنيش في حاجه بالعكس أنا كنت بفرح أوي أول ما توصلي رساله منهم دول بنسبالي بوابه تانية بشوف بيها العالم
- كملي
الكاتبة ميار خالد
- أنا عايزه أعرف مين اللي بيبعت الرسايل دي بس تقدر تساعدني
- أكيد .. أوعدك إني هقولك بعد فتره صغيرة من اللي بيبعتهم
- ممكن ده يفضل سر
- أكيد برضو .. وشكراً جداً إنك وثقتي فيا
نظرت له الأخرى بقلق وصمتت..
في كندا..
- لسه برضو عند قرارك في الرجوع لمصر
- أيوه .. أنا عايزه اشوف أخر اللي بيحصل ده إيه
- طيب ممكن تستمري في الرسايل اللي بتبعتيها دي لحد ما الوضع يتحسن
- أنا بقالي خمس سنين!! ده أسمه ظلم ياريت حتى بترد عليا برسايل تطمني عليها وكأنها ما صدقت خلصت مني
- بلاش تقولي كده أنتِ عارفه أنها بتحبك جداً بس ما يمكن كلامك مش بيوصلها
- مع إني سبت رقم موبايلي في رسالة منهم مفكرتش تتصل بيا ولا مره
- متعرفيش اللي هي فيه ما يمكن..
وأثناء حديثهم هذا صدع هاتف أحدهم رنيناً، أمسكت فريدة الهاتف وقالت:
- ده رقم من مصر!!
- مين؟
- مش عارفه شوفي مين
أمسكت الهاتف منها وفتحت المكالمة بقلق وتوتر وعندما أتاها هذا الصوت المرتجف اتسعت عيونها بصدمة!!
يا ترا مين اللي اتصل بيها؟؟
هيحصل ايه مع رحيل؟؟
توقعاتكم ؟؟ آراءكم ؟؟
رواية رحيل العاصي
الكاتبة ميار خالد
الفصل العاشر
وظل يتابع ما يحدث بهدوء حتى لاحظ أن المنافسة تزداد عنفاً وحده! لذلك تحرك من مكانه وقرر أن يرى ماذا يحدث في الاسفل ..
ضغط حازم على ذراع رحيل بقسوة وغضب فصرخت الأخرى رغماً عنها ودفعته بعيداً عنها ولكن بدون فائدة، قال لها بنبرة تهديد:
- أقسم بالله يا رحيل لو ما حليتي الموضوع ده وخليتي داليا ترجع زي ما كانت لعيشك أيام سوده
قالت رحيل بدون خوف:
- وأنت فاكر أني هسمح أن داليا تبقى مع واحد مريض زيك
قال حازم بغضب مكتوم:
- أحنا في الشارع أنا مش عايز أعمل رد فعل وحش
- أعمل اللي تعمله وداليا كويس أنها عملت كده وأنا لما اروح هقولها إنك شخص أناني ومتستاهلش أنها تبقي معاك أصلاً
نظر لها حازم بغضب كبير وفي تلك الأثناء وصلت عاصي أمام الشركة وأثناء ما كان يتحرك باتجاههم فعل حازم رد فعل عنيف اتجاه رحيل وهو أنه قد لوى ذراعها خلف ظهرها فصرخت الأخرى بألم! ركض عاصي نحوهم بسرعه ودفع حازم بقوة فترك ذراع رحيل فأمسكته بألم شديد، صاح به عاصي بغضب:
- أنت اتجننت!! إيه اللي بيحصل هنا
تجاهل عاصي وجاء ليتقرب منها مرة أخرى ولكن الآخر امسكه من ملابسه بقوة حتى يمنعه وفي تلك الأثناء في جهة مخفيه عنهم تم التقاط صورة لعاصي بتلك الوضعية وبسرعه! قال حازم:
- دي أمور عائلية ياريت متدخلش
الكاتبة ميار خالد
ولأن عاصي لا يعرف أي شيء عن رحيل أو حياتها تركه ونظر إليها فوجدها تبكي بألم وعندما نظر إليها قالت:
- ده كداب مفيش أي أمور عائلية ده واحد بيهددني
نظر إليه عاصي وقال بهدوء:
- واضح إنك متعرفش يعني إيه أخلاق واحترام فياريت تتعامل بتحضر أكتر من كده ويا أما ندخل ونتكلم بهدوء ونوصل لحل يا أما تتفضل ومش عايز اللي حصل ده يتكرر تاني قدام شركتي
نظر له حازم بسخرية واستخفاف ثم قال محدثاً رحيل:
- أنا كنت واضح معاكي .. قرري واختاري بس متندميش
ثم تركهم ورحل، التفت عاصي فوجد رحيل تمسح دموعها بعد أن أصاب الاحمرار عينيها، قال:
- ممكن تهدي وتفهميني في إيه
- مش قادره أتكلم معلش عايزه أمشي
- أكيد مش هتمشي بالحالة دي هوصلك يلا
- مفيش داعي أنا..
- خلاص بقى قولتلك هوصلك مش عايز جدال .. اتفضلي
تحركت رحيل معه واستقلت السيارة بجواره وتم التقاط صورة أخرى لهم، قالت له عنوانها فتحرك بسيارته إلى وجهتها، وأثناء الطريق لم تتمكن رحيل من حبس دموعها أكثر فبكت بصمت رغماً عنها حتى توقف عاصي فجأة وقال:
- ممكن تفهميني في إيه أنا آسف إني بتدخل في خصوصياتك بس إحنا دلوقتي شركاء
مسحت رحيل دموعها وقالت:
- دي حكاية طويلة جداً وزي ما هو قال مشكله عائلية
- بس أنتِ نكرتي ده قدامه .. رحيل اتكلمي ومتخافيش لو الشخص ده بيهددك بحاجه اتكلمي معايا وأنا هعرف أتصرف معاه
زفرت رحيل بضيق وامسكت رأسها بألم وأحست وكأن الهواء قد اختفى من حولها فظلت تتنفس بصوت عالي ولكن بدون فائدة حتى قالت:
- أنا أسفه ممكن توصلني في أي مكان غير البيت .. محتاجه أهدى شوية عشان لو روحت كده هتسأل مليون سؤال وأنا مش قادره اجاوب
- تحبي نقعد في مكان ونتكلم طيب ؟
- أي حاجه
وبعدها تحرك عاصي بسيارته واتجه بهم إلى أحد الأماكن المفضلة إليه..
***
الكاتبة ميار خالد
أمسكت الهاتف منها وفتحت المكالمة بقلق وتوتر وعندما أتاها هذا الصوت المرتجف اتسعت عيونها بصدمة!! ثم نظرت إلى فريدة بسرعه وتركت لها الهاتف حتى ترد، أمسكت فريدة الهاتف وردت عليه فأتاها صوت حنان أختها:
- الو .. مش بتردي عليا ليه يا مريم
- أنا فريدة
- هي اديتك الموبايل صح
- عاصي عارف إنك اتصلتي
- ملكيش دعوة بعاصي دلوقتي أنا بكلمك .. للدرجادي بقت كارهه كل حاجه تخصنا حتى أنا
- مش كده والله بس أنتِ عارفه المشاكل اللي ممكن تحصل لو عاصي عرف إنك اتصلتي وكلمتيها عشان كده هي اديتني الموبايل
- مش هي اللي سايبه رقمها في رسالة من اللي بتبعتهم ليا .. يعني خلاص مبقتش خايفة من عاصي ليه بقى مش عايزه ترجع قوليلها أن أمها مش مسمحاها
- يا حنان بلاش الكلام ده بالله عليكِ ما أنتِ عارفه الوضع اللي إحنا فيه كلنا في وضع صعب
- طب وبنتها مسألتش عليها ولا مره
نظرت فريدة إلى الواقفة أمامها وقالت:
- ليلى عاملة إيه
نظرت لها الأخرى وترقرقت الدموع في عينيها ثم اشاحت بنظرها عنها، قالت حنان:
- كويسة بس ناقصها أن تكون مامتها معاها
- أنتِ عارفه أنه حل الموضوع ده في أيد عاصي مش في أيدينا
- وأنتِ عارفه أن عاصي مش بيسمع كلام حد وأنه ماشي بدماغه
- أنا مش عايزاكي تقلقي قريب اوي كل ده هيخلص
- بجد يا فريدة .. أنا عايزه مريم تكون قوية كده وترجع وتقف في وش عاصي وترفض قراره أنه يبعدها عننا وعن بنتها كده .. أنا عارفه أنه ذنب مريم كبير والحادثة اللي عملتها زمان في ليلى مستحيل عاصي ينساه بس أنا عندي أمل أن كل ده يتحل
- صدقيني كل حاجه قربت تخلص اطمني
وبعدها أغلقت معها المكالمة وذهبت الأخرى إلى غرفتها بسرعه بدون أن تتحدث معها..
***
وصل عاصي مع رحيل إلى أحد الأماكن الهادئة والبسيطة المطلة على النيل، ترجل الاثنان من السيارة ودلفا إلى المكان ورحب العمال الموجودين به بعاصي ومن معه، جلست رحيل أمامه واغمضت عينيها فضربت نسمات هواء فبراير الباردة وجهها فداعبت أنفها قليلاً، طلب عاصي لهم فنجانين من القهوة وظل يتأملها بتوتر نوعاً ما وينظر إليها قليلاً ثم يبعد عيونه عنها خوفاً منه أن تفتح عيونها بأي لحظة وتراه يتأملها بعيونه تلك التي تلمع بشدة، تنهدت رحيل بحرارة وفتحت عيونها فوجدته ينظر للقهوة أمامه بصمت فقالت:
- شكراً
- على إيه ؟
- مش عارفه بس شكراً
- ممكن تفهميني إيه اللي بيحصل معاكي
تنهدت رحيل ثم قالت:
- صدقني مفيش حاجه .. اللي شوفته ده اسمه حازم
- خطيبك ؟
- لا طبعاً .. هو وأختي مرتبطين
- بيهددك ليه ؟
- عشان بسببي مش عارفين يكونوا سوا
- مش فاهم
الكاتبة ميار خالد
وقبل أن تتكلم قاطعهم مجئ طفل صغير يبيع بعض المناديل وقال:
- مناديل يا بيه
نظر عاصي للطفل بجفاء وقال:
- شكراً مش عايز اتفضل
نظرت له رحيل بعيون متسعه وتعجبت من رد فعله القاسي اتجاه الطفل الصغير وقالت:
- استني أنا عايزه مناديل
نظر لها الطفل بعيون تلمع ومد يده لها بعلبة مناديل واحده فقالت:
- لا عايزه تلاته
قال الطفل بحماس:
- بجد اتفضلي
أخذتهم منه رحيل وأعطته أكثر من حقهم فقال الطفل:
- أنا مش معايا فكه بس خليكي هنا شوية هروح افك وهرجعلك الباقي بسرعه
- مش مشكله خليهم معاك
- بس دول كتير
ابتسمت له رحيل بلطف فابتسم لها الطفل وتحرك من مكانه بفرحه كبيرة وتنهدت هي براحه، نظر لها عاصي بتعجب فقالت رحيل:
- إيه اللي أنت عملت ده .. إزاي تعامله بقلة ذوق كده
- معلش بقى سيبتلك الذوق كله
- ممكن تبطل تبقى وقح معايا
- مش واخده بالك أنك بقيتي جريئة زياده عن اللزوم في كلامك معايا؟
- ما علينا برضو مكنش ينفع تتعامل مع طفل كده
- المفروض ده اللي يحصل الناس دول بالذات لو ادتيهم وش هيستغلوكي
- بس ده طفل صغير !!
- الطفل الصغير بكره يكبر ويتعلم الخداع والاستغلال .. هي الناس دي كده
- تقصد إيه بالناس دي ؟ الفقر مش عيب على فكره
- عندك حق مش عيب لكن العيب في الناس .. كل الطبقة دي استغلاليه ما بيصدقوا يمسكوا في أي حاجه تخرجهم من المستنقع ده وحتى لما بيخرجوا بيستمروا في استغلال كل اللي حواليهم لحد ما بيقضوا عليهم وعلى نفسهم .. طمع
- صوابع إيدك مش زي بعضها
- طول ما أنتِ معشتيش حياتهم يبقى بلاش تدافعي عنهم كده أنتِ متعرفيش حاجه
توقفت رحيل عند هذه الجملة قليلاً وسرحت بذاكرتها فتذكرت سنواتها المظلمة في هذا المستنقع، تذكرت نظرة الحسرة في عيونها وخصوصاً في الأعياد عندما كانت تتمنى أن تتألق بفستان جديد مثل أصدقائها، تذكرت الأيام التي كانت تنامهم بدون طعام، تذكرت كل ما عاشته في تلك السنوات ومعاناة أهلها، ولكنها لم تشعر بالأسى بل شعرت بالاشتياق فبرغم تلك الأيام كانت تعيش وسط عائلتها، كانت مدللة أبيها وصغيرة أمها، على الأقل كانت تصحو وتنام على صوتها، برغم فقرها كانت تشعر وكأنها تملك كنوز العالم، فقط عندما كانوا معها..
الكاتبة ميار خالد
لاحظ عاصي شرودها هذا وقطرات الدموع التي بدأت تتجمع في عيونها فحرك يديه أمام عينيها فانتبهت إليه، قال:
- روحتي فين ؟
- عندك حق معرفش حاجه أبداً
- مش فاهم بتتكلمي علي إيه؟
- أنت بتقول أني طول ما أنا معشتش حياتهم يبقى مدافعهم عنهم وبتقول أني معرفش حاجه .. معرفش احساس الخوف والقلق من بكره يا عالم بكره كمان هنام من غير عشا ولا لا .. معرفش إحساس القهرة وأنا ببص على هدوم هموت واجيبها زي البنات وأفرح بيها .. معرفش إحساس الضيقة وأنا بحط الجنيه على الجنيه عشان يادوب يكفي مواصلاتي .. معرفش أي حاجه عندك حق
نظر لها عاصي بعيون متسعه وقال:
- مش فاهم كلامك ده غرضه إيه
- ولا حاجه أنسى .. بس أنت ليه بتقول عليهم كده مش فاهمه هما مأذوكش في حاجه
انزلقت جملة عن لسان عاصي بعفوية فقال:
- أنا محدش آذاني قدهم
قالت رحيل:
- يعني إيه
- ولا حاجه .. لو معندكيش حاجه تقوليها بقول نمشي أحسن
أومأت رحيل برأسها ثم نهض الأثنان أوصل عاصي رحيل إلى بيتها، وقبل أن تترجل من السيارة قالت:
- شكراً على وقتك اللي اديتهولي أنا عارفه إن وقتك غالي عندك
- كويس أنك عارفه
مد يده إليها وقال:
- ممكن تكون أخر مره نشوف بعض واتمني تكون أخر مره فعلاً
ابتسمت رحيل بهدوء وقالت:
- للدرجادي عملتلك إزعاج
صمت عاصي فقالت الأخرى بابتسامه:
- عموماً متقلقش هعمل كل اللي أقدر عليه عشان تكون دي أخر مره تشوف فيها الوش ده
قالتها بابتسامه ونظرت له للحظات ثم ترجلت من السيارة وصعدت إلى بيتها وحرك الآخر سيارته وعاد إلى عمله، وعندما قالت رحيل لعمها عن المشروع شعر بسعادة كبيرة وظل يطالعها بفخر أنها لم تخذله وطلب منها أن تأتي معه مخصوص غداً ليرى عاصي ويتحدث معه بخصوص هذا المشروع، و قد فرحت رحيل لوهله أنها سوف تعود إلى الشركة مرة أخرى ..
***
وعندما حل المساء..
شعرت سلمي وهي على سريرها بحركة أمام غرفتها التفتت لترى الرسالة التي أصبحت أمام الباب! نهضت من مكانها بحماس كبير وامسكت الرسالة بسرعه حاولت فتح الباب ولكنه كالعادة مغلق عليها، اتجهت إلى سريرها وفتحت الرسالة وقرأت ما بداخلها وكان محتوى الرسالة تلك المرة هو وصف لشتاء فبراير والبحر والسماء والرائحة المميزة للهواء حتى استطاعت هي أن تشعر بكل تلك الكلمات، ابتسمت واحتفظت بالرسالة مع اخواتها ونامت بسعادة..
في غرفة الطبيب شادي، كان يجلس على مكتبه يفكر بطريقة حتى يساعد بها تلك الفتاه، لا يعرف لماذا هي تحديداً يريد أن يخرجها من هذا العالم المظلم، أنه طبيب للكثير من الحالات ولكن بالنسبة لقلبه هو طبيب سلمي فقط، زفر بضيق ثم دق أحدهم على الباب فقال:
- اتفضل
وهنا فتحت الباب إحدى الأطباء التي تعمل معه وخطيبته بنفس الوقت وتدعى فاطمة، قالت له:
- فاضي نتكلم شوية
- أكيد تعالي
دلفت فاطمه وجلست أمامه ثم قالت بغضب مكتوم:
- أنا عايزه أفهم سلمي كل ده في المصحة ليه هي كويسة عندها شوية مشاكل نفسية بس مشاكل تتحل بدكتور نفسي مش مصحه
- أنا عارف
- طيب ليه هي هنا
- أنتِ عارفه أنه عشان عاصي
- بس دي جريمة في حق البنت يعني إيه يفضل حابسها خمس سنين
- طيب وهي في الخمس سنين دول حاولت تعترض ولا تفكر صح عشان تخرج من هنا
- يعني إيه ؟
- يعني مفتاح خروجها في أيديها إحنا مش طالبين منها غير أنها تفكر صح وتعيد حساباتها وترجع للحياة بقلب جامد بدل ما هي منهزمة وكل تفكيرها غلط كده
نظرت له فاطمه بضيق وصمتت فقال الآخر:
- مالك في إيه
- سلمي لسه هنا عشان عاصي ولا عشان أنت عايزها هنا
- لا وضحي كلامك
- أنت فاكر إني مش واخده بالي من اهتمامك بيها
- ده طبيعي عشان هي من المرضى بتوعي
- لا يا شادي الموضوع مش كده .. سلمي بنسبالك مش مجرد مريضة
- فاطمه أنا تعبان ومش قادر أتكلم في كل ده حقيقي
- كنت عارفه أنك هتقول كده .. ماشي يا شادي
ثم خرجت من الغرفة بعصبية وتركت الآخر يزفر بضيق، وقفت في إحدى الزوايا في المستشفى تفكر بشيء ما ومر اليوم وسط أفكارها المتراكمة..
وفي اليوم التالي وما أن سطعت الشمس اتجهت إلى غرفة سلمي ودقت على بابها ثم فتحت الباب بالمفتاح ودلفت إلى الغرفة فاعتدلت الأخرى في مكانها ووضعت حجابها على رأسها بسرعة وعندما وجدتها فاطمه نزعت الحجاب مجدداً، قالت فاطمه:
- أخبارك إيه النهاردة
نظرت لها الأخرى ولم ترد عليها، فاتجهت فاطمه إليها حتى وقفت أمامها وصمتت للحظات ثم حسمت أمرها وقالت:
- عايزه تخرجي من هنا؟
نظرت لها سلمي وقد لمعت عيونها بشدة وقالت:
- أيوة طبعا تقدري تخرجيني
- هساعدك تهربي !
***
الكاتبة ميار خالد
وصل عاصي إلى مكتبه وقبل أن يدلف إليه أوقفه رامي وقال:
- في حد مستني حضرتك جوه
- مين؟
- مش عارف بصراحه بس هو مستني حضرتك من فتره
- تمام في حاجه تانية النهاردة ؟
- آه أستاذ بدر أتصل بيا وقال إنه هيشرفنا النهاردة بأذن الله عشان يتكلم مع حضرتك
- آنسة رحيل جايه معاه؟
- تقريبا آه
- خلاص تمام
ثم دلف عاصي إلى المكتب ليرى ضيفه الذي ينتظره، وعندما دلف نهض الرجل الأخرى عن كرسيه واقترب من عاصي ومد يده إليه فصافحه وقال عاصي:
- اتفضل
جلس الاثنان أمام بعضهم فقال عاصي:
- خير؟
ابتسم الرجل باستهزاء ثم قال:
- لا هو للأسف مش خير خالص
قطب عاصي حاجبيه وقال:
- نعم؟
فتح هذا الرجل الهاتف الخاص به ثم بحث به للحظات ثم مد يده به إلى عاصي وقال:
- اتفرج كده
أمسك عاصي الهاتف ونظر له فاتسعت عينيه بصدمة كبيرة !!
يا ترا عاصي هيتصرف ازاي؟
سلمي هتقدر تهرب من المستشفى ولا لا؟؟
توقعاتكم؟؟ آراءكم ؟؟
#يتبعها
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق