رواية موسى الفصل الرابع عشر والخامس عشر للكاتبه فريده الحلواني حصريه
روايه موسي الجزء الرابع عشر بقلم فريده الحلواني
رواية موسى البارت الرابع عشر بقلم فريدة الحلواني
روايه موسي الفصل الرابع عشر بقلم فريده الحلواني
حينما تنوي شيئا أو تتخذ قرارا انظر داخلك قبلها وتأكد من وجود العزيمة والقوة الكافية لتنفيذه وإلا ستظل دائما تقف في المنتصف
لا أنت بقادر على التخلي ولا تستطيع العودة للخلف
اليوم ميعاد خروجهما من المشفى بعد أن تماثلا للشفاء بفضل الله ورحمة بهما.. آخر يومين قضاهما موسى في التفكير المفرط.. رتب خطواته القادمة وقرر ما يجب عليه فعله.. وكلما شعر بتوجس مما هو مقبل عليه يحتضن صغيرته بشدة واحتياج كي يستمد منها القوة لمواجهة الطوفان المقبل عليه
حينما تطلع لها بينما أمه وحياة تقومان بجمع أغراضهما وجد ملامحها يملأها الحزن
جلس جانبها ثم قال برفق اعتاد عليه في الآونة الأخيرة: مالك يا حبيبي؟ في حاجه تعباكي؟
تطلعت له بعينين لامعتين بالدموع ثم قالت: شايله هم رجوعنا الحاره والي هنواجهه هناك.. الناس وكلامهم علينا.. امي الي مفكرتش تطمن عليا
تنفست بدموع وأكملت: سمر والي هتعمله.. اول مره احس اني خايفه يا موسى والي مخوفني اكتر.. نظرت له بتوسل ثم أكملت: خايفه ترجع عن الي اتفقنا عليه واهلنا يأثروا عليك او حتى انت تقول خلاص ربنا نجاها اكمل بقى فالي كنت فيه
ضمها بهدوء واحتواها بأمان وخبأها من العالم إلى أن تلقي بكل ما يحزنها داخل صدره دون أن يهتم بوجود أمه وأخته وحينما هدأت من البكاء أبعدها وقال: هرد عليكي من الاخر, وحيات ربنا الي رحمني ورجعك ليا لو هنموت من الجوع عمري ما هرجع للطريق ده تاني.. الناس محدش يتجرأ ينطق كلمه على موسى النجار ولا اي حد يخصه.. اما سمر انا كفيل بيها وعارف ديتها ايه.. صدقيني لو كانت بتحبني كنت هشيل همها بس انا فاهمها كويس
شرد للأمام ثم أكمل بغموض: الي زي سمر مش هتتحمل كتير والايام هتثبتلك ده.. اما بقى امك دي سيبهالي انا بس مكنتش فايقلها.. ملس على وجهها بحنان ثم أكمل: خلاصة القول يا صغنن طول مانتي معايا اوعي تشيلي هم لحاجه ولا تخافي ابدا.. كل الي مطلوب منك تجهزي نفسك للثانويه بتاعتك دي والمرار الطافح الي بنسمع عنه.. اي حاجه تانيه ارميها ورا ضهرك وسيبيها على الله ثم عليا
ابتسمت بعشق خالص له فقط ثم قالت: وانا مصدقاك
نظرت لماجدة وقالت بخجل: ماما ماجده.. انتي زعلانه مني؟
اقتربت منها ثم أزاحت ولدها بمزاح وهي تقول: اوعى يا واد خليني اشوف الهبله دي بتقول ايه
ضحك ببساطة ثم قام وأجلس أمه مكانه
ماجدة برفق: ازعل منك ليه يا شوشو؟ دا انتي زيك زي حياه عندي وربنا العالم.. انا كنت حاسه من زمان انك بتحبي الواد ده بس الي مش قادره اصدقه انه يكون متشندل على عينه كده.. ده كان هيتجنن عليكي يا بتي.. اول مره اشوف دموع ابني وانا واحده ميهمهاش في الدنيا غير سعاده عيالها وادام انتو رايدين بعض وربنا كتب النصيب بينكم هعترض ليه؟ ربنا يسعدكم يابتي ومايدخل بينكم شيطان
حياة بمزاح: يعني عماله تراضي الكل وانا الي فرحي باظ ومتهنتش بدخلتي ولا في دماغك؟ طب يارب بحق جاه النبي يوم فرحك تكون يوم ولادتي عشان تسيبو الفرح وتجروا تولدوني
ضحكوا على مزحتها ولكن أخاها الوقح رد قائلا: امني بالله لو هتولدي اربعه فالشارع هعمل نفسي مش شايفك.. وهتبقي عملتي معايا واجب وشطبتي الليله بدري عشان استفرد بالصغنن بقا.. عض على شفته بوقاحة ثم أكمل بتمني: ااااخ امتى بس امتى؟!
نظرت له حياة بغيظ وبداخلها تقول: قال يعني راحم نفسك ولا راحمها خيبه على امي!
وصلوا جميعا أمام بنايتهم, هبط أولا من السيارة وفتح لها الباب ثم ساعدها على الهبوط بتمهل وقام بحملها.. لأول مرة تشعر بالخجل دفنت رأسها داخل صدره كي تتوارى عن أعين الناظرين والمهنئين بسلامتهما ثم قالت بهمس: انا هقدر اطلع لوحدي.. ده هو دور واحد وعشان جرحك يا موسى
تحرك بها للداخل وترك مهمة الرد على الناس لأخيه وحسين ثم قال لها بحسم: ومين قالك انك هتدخلي عند ابوكي؟ تطلعت له بعدم فهم فأكمل: هفهمك كل حاجه بس ترتاحي الاول
وقف الجميع ينظرون إليه بصدمة وهم يرونه يكمل طريقه إلى الأعلى
محمد بذهول: رايح فين يابني؟ هات البت
رد عليه دون أن يتوقف: لاااا.. اصبر خمس دقايق وهنزل افهمكم
سمر بصراخ: ماهي مقامها اوضه فوق السطوح.. تلاقيها كنت مقضيها معاها ومغفلنا كلنا
جز على أسنانه غضباً ولم يرد, ليريح صغيرته الباكية داخل صدره وبعدها يضع حدا للجميع
كانت بانتظارها ريهام وياسمين اللتين أمرهما موسى مسبقا بتنظيف الغرفة جيدا.. وضعها برفق فوق الفراش ثم قبّل رأسها وقال: ارتاحي يا حبيبي.. البنات هيقعدوا معاكي لحد ما اخلص مع الجماعه واطلعلك
شهد بحزن: هتعمل ايه فهمني؟
قبّلها برقة دون خجل من الفتاتين إليهما ثم قال: هتصرف متشغليش دماغك ولا تزعلي
همس لها بوقاحة كي يلهيها: روق كده يا صغنن عشان عايز اجرب الخلاط.. غمز بشقاوة ثم أكمل: ولا الكهربا هتقطع ولا ايه
ضحكت بحلاوة ثم ردت رداً أكثر وقاحة: والنبي لو قطع ميه ونور ولا هيفرق معايا.. متتأخرش انت بس
ضحك برجولة على جرأتها التي يعشقها وقال: جتلك الفوقه دلوقتي؟ كنت عارف طب والناس والدنيا
نطرت يدها فالهواء وقالت: يكش يولعوا.. أكملت بجدية عاشقة: المهم انك معايا
*
هبط إلى الأسفل وبداخله عزيمة وإصرار ألا يؤثر به أحد ويحيده عن طريق توبته الصادقة مهما حدث لن يرجع أبدااا.
جلس وسط العائلة بأكملها والذي كان طلب منهم مسبقا انتظاره لأمر هام.. أول مَن تحدث كان أبوه حينما قال: نفهم بقى دنيتك ايه؟ انا سبتك تعمل ما بدالك.. ايه الي في دماغك يا زعيم؟ وطلعت البت فوق ليه؟
سحب نفسا عميقا ثم أخرجه بتمهل وقال: انا مش مكمل معاكم
تطلع في وجوه الجميع والذين يبدو عليها عدم الفهم أو التصديق وأكمل: انا توبت ومش همشي في طريق الحرام تاني لو هموت من الجوع
كل أدلى بدلوه رافضين هذا الحديث السخيف بالنسبة لهم
محمد بغضب مكتوم: هعمل نفسي مسمعتش حاجه وهسيبك اسبوع ولا اتنين ولا حتى شهر ترجع لعقلك يا زعيم
أخرج من جيبه عده مفاتيح و معهم بطاقات بنكية وضعهم فوق الطاولة وقال: ولو سبتني العمر كله يابا مش هرجع عن الي في دماغي.. دي مفاتيح العربيه والدكاكين والفيز بتاعت حسابات البنك ميلزمونيش
منعم بغل: وليه كل ده؟ عشان حتت بت مفعوصه! طب مفكرتش في مراتك ام عيالك؟ ايه هتموتهم من الجوع؟ هتأكلهم وتصرف عليهم منين؟
علاء: اهدى يا موسى الحكايه متتاخدش قفش كده.. ده شغلنا ودي حياتنا من ايام جدك الله يرحمه
سيد: ولنفترض اننا وفقناك عالجنان ده.. هتصرف على بيتين منين؟ وبعدين ماحنا كده كده عيشتنا وحده
موسى: اصرف عليهم منين دي تخصني انا, انا مش عويل عشان معرفش اكفي اهل بيتي.. انما حكايه العيشه الواحده دي متلزمنيش مش هدخل فبطني ولا انا ولا عيالي لقمه حرام تاني
سمر بغل: عشان كده طلعت الغندوره فوق؟ هتفصل عيشتك عن اهلك؟ طب وانا هعيش معاها فالاوضه كماااان
موسى: لا هتعيشي في شقتك والي هجيبه تعيشي بيه انتي وعيالك وعشان اجبلك النهايه.. تكوني متحرمه عليا لو دخلتي بطنك لقمه مش انا الي جايبها ولا اخدتي قرش من حد فيهم
فاطمة بجنون: لاااا دانت هبت منك عالاخر, اتجوزت بتي غصب عني وحطيت جزمه فبوقي انما عايز تعيشها في فقر بعد ما كانت متمرمغه فالعز ده الي مش هسمح بيه ابداااا
موسى بقوة: لو جات اشتكتلك اني مجوعها ابقي اتكلمي
محمد: دانت مخطط وراسم كل حاجه بقى!
موسى: ومش هرجع عن الي فدماغي يابا.. أكمل برجاء: يابا عشان خاطري كفايه.. الحرام اخرته وحشه, جدي عمل ملايين وفالاخر عاش اخر ايامه محروم من اللقمه الحلوه.. مش عشان معهوش يجبها عشان المرض الي جاله وحرمه من كل حاجه وعمي شوفت اخرته كانت ايه.. الحرام مش بيدوم يابا, خلينا نجرب الحلال حتى لو كان قليل
علاء: طب ماحنا فلوس الحشيش داخله في تجاره الخشب هتحلها ازاي دي يا شيخ موسى؟
رغم أنه يعلم باستهزائه إلا أنه رد بجدية: اكيد ليها حل, انووا انتو بس ونشوف حلها ايه
ضحك أبوه ساخرا:ياض يا علاء.. انزل المنشيه هات لاخوك كام قفطان ابيض وشويه سبح هدية التوبه
وقف بهدوء ينافي غضبه ثم قال: انا قولت الي عندي ومش هرجع فيه.. سمر تعالي معايا عايزك
نظرت له بغضب وقالت: ماااااشي. بس كلامك ده مش داخل بزمتي ببصله انا بقولك قدام الكل
وقبل أن يغادر دون أن يهتم بالرد عليها وجد أمها تقول بغِل: ولما انت استشيخت وشايف ان فلوسنا حرام قبلت ليه تعالجها بيها؟ ولا الاكل والشرب الي كل يوم والتاني كان بيجلكم بزياده
نظر لها باحتقار ثم قال: رجاله العيله عندك اهم اساليهم لو كان حد دفع جني فعلاجها.. اما الاكل الي بتعايريني بيه محدش مننا داق منه لقمه.. ابنك عندك اساليه كل يوم هو او حسين كانو بيشترو الي بنحتاجه من فلوس انا الي مدهالهم.. وقبل ما اي حد يسال جبتها منين دي حاجه تخصني ويكفي ان ربنا عالم انها حلال
وفقط أعقب قوله بالاتجاه للخارج ولحقته سمر بعدما أشارت لها أمها بذلك.
*
ظلت الفتيات تمازحنها حتى يلهونها عن قلقها البالغ
ريهام: دانا كنت بدعيلك دعا يا بت يا شوشو
شهد بحسن نية: حببتي يا ريمو اهو ربنا قبل دعاكي وشفاني
ريهام ممثلة الجدية: انتي هبله يا بت ..انا كنت بدعيلك عشان ادتيني فونك قبل العمليه.. أكملت بهيام: وقلبي كان كل يوم بيكلمني عليه لحد الصبح
قذفتها بالوسادة بينما ضحكت ياسمين وقالت: مصلحجيه حقيره.. طب محدش من اهلك اخد باله؟
ريهام: لا كنت بقفله طول اليوم وبفتحه لما ينامو
شهد بفرحة: ربنا يجعله من نصيبك يا صحبتي.. المهم وصلته لحد فين؟
ريهام: كان عايز يتقدملي بس انا مرضتش اكيد ابويا مش هيوافق قولتله يصبر لحد ما السنه الجايه دي تعدي على خير ونشوف بعدها.. بس الي قاهرني انه بقاله كام يوم بيتحايل عليا اقابله وانا مش راضيه
شهد: ليه يا فقر؟
ريهام: اخاف حد يشوفني وبعدين غلط.. بس الي مزعلني بجد ان عيد ميلاده كمان يومين.. كان نفسي اجبله هديه
صمتن قليلا بينما كانت شهد تفكر في حل وحينما وجدته قالت: لقيتلك حل انما ايه عنب
ريهام وياسمين في نفس اللحظة: قوووولي
شهد: ممكن تقابليه بس متخرجوش يعني او تقعدو في مكان.. اركبو الاتوبيس المكيف مثلا من محطه الرمل لحد اخر الخط وارجعو فيه تاني.. كده حتى لو حد شافك انتي راكبه مواصله عامه وفي نفس الوقت هتقعدو مع بعض حبه حلوين ييجي ساعتين تلاته ايه رايكم؟
ياسمين بإعجاب: اقسم بالله دماغ الماظ.. ايه الحلاوه دي يا بت!
**
كادت تصيبه بالجنون مما جعله يشعل سيجارة تلو الأخرى كي يحاول التحكم في غضبه من صراخها الذي لأول مرة تتجرأ وتفعله وهو عاهد حاله على التغيير, لن يضربها كما كان يفعل سابقا
نظر لها بغضب وقال بنبرة جحيمية: ااااخرسي بقى, لو نسيتي عقاب زمان ممكن افكرك.. بس انا مش عايز امد ايدي عليكي
ارتعشت رعبا من تهديده ولكنها أكملت بغل: راجعلي بمصبتين يا موسى؟ جبتلي ضره وكمان عايز تحرمني انا وعيالك مالعز الي عايشين فيه.. ليه كل ده ايه الي جرالك؟
موسى بمهادنة: الي جرالي اني فوقت.. مش هعيد الي قولته تاني شوفي يا بت الناس انا فهمتك نظام عيشتنا ايه, مش هجبرك وليكي حريه الاختيار يا تعيشي على قد ظروف جوزك الي انتي اصلا مفكرتيش تسالي هي ايه يا اما لو اختارتي تكملي في طرقهم يبقى متلزمنيش
فكرت سريعا مقررة بجهل أن تضغط عليه من ناحية الأطفال
سمر: وانا مش هسيب اهلي ولا المردغه الي احنا فيها دي عشان خاطر دماغك الي اتهفت.. الي ليك عندي عيالك احكم عليهم براحتك تاكلهم ولا تموتهم من الجوع انت حر.. انا عند ابويا لما ترجع لعقلك ابقى ارجعلك
لن يتحمل وقاحتها أكثر من ذلك انتفض من مجلسه ثم هجم عليها ساحبا إياها من شعرها بعنف ثم قال بغضب جم: طب وحيااات عيالي الي بترميهم بطول دراعك دول لاخليكي تندمي عالي عملتيه.. ضغط عليها بغل وأكمل: خلي اهلك ينفعوكي حتى طلاق مش هطلقك.. هسيبك زي البيت الوقف كده
دفعها بقوة لتقع أرضا ثم تركها سريعا بغضب إذا أخرجه سيحرقهم جميعا.
غاب عنها طيلة اليوم بجسده ولكن قلبه وروحه كانا يحاوطانها.. بين ساعة وأخرى كان يحادثها عبر الهاتف كي يطمئن عليها ويطمئن قلبها الملهوف بقلق عليه.. اتفق معها حينما يعود سيقص لها كل شيء بل سيضعا معًا خارطة طريق لحياتهما المقبلة وليعينهما الله على ما هما مقدمان عليه.
وحبيبها العاشق كان أكثر منها لهفة عليها إذ أنهى كل ما كان ينوي القيام به واشترى بعض الأطعمة والحلويات التي تعشقها صغيرته ثم اتجه إليها سريعا.. بمجرد أن دلف عليها تلك الغرفة الصغيرة التي شهدت على عشقهم المجنون نظر لها بشوق وهو يترك ما بيده أرضا وفتح ذراعه لها بدعوة صريحة لترتمي بينهما وحبيبته كانت أكثر شوقاً له إذ هرولت إليه وألقت حالها بداخله
لا يعلم أي منهما مَن هو الذي يحتاج هذا العناق, الاحتواء, الشعور بالأمان, رغم احتراق العالم من حولهما.. شعر أنها بدأت تزيد من التصاقها به فجلس وهي معه ثم حاوط وجهها وقال بنبرة تقطر عشقا واحتياجا: بس عشان خايف عليكي مني يا شهدي.. الي جوايا كبير وكتير, الي مريت بيه انهارده مخليني محتاجك اكتر من اي وقت بس بردو خايف عليكي مني.. خايف اسرح فيكي ومعاكي غصب عني واتعبك
حاوطت وجهها بيديها الصغيرتين وقالت بعشق يملأه الحكمة: والي جوايا ليك ميقلش عنك يا قلب وعمر شهدك.. والي مريت بيه قلبي وحضني مفتوحلك.. ارميه فيهم وانا اشيله معاك يا قلب شهد, ملناش غير بعض يا موسى.. خليني اكون لك منطقه الراحه الي لما الدنيا كلها تيجي عليك وتتعبك تجري عليها وترمي همومك فيها.. ترتاح فحضنها حتى لو محصلش حاجه بينا يكفي انك هتسمع مني كلمه حلوه تريح بالك.. هنضحك سوا ضحكه طالعه من القلب تنسيك هموم الدنيا ومشاكلها
اقتربت من وجهه وأكملت: انا بعشق التراب الي بتمشي عليه.. كل الي يهمني هو راحتك, خليني اكون راحتك يا قلبي وعمري الي راح والي جاي
تطلع لها بعينين تلمعان انبهارا بهذا الحديث الرائع الذي أثلج قلبه المهموم ثم ملس على وجنتها و......
ماذا سيحدث يا تري
سنري
روايه موسي البارت الخامس عشر بقلم فريده الحلواني
أجمل ما في العشق أن تجد فيه منطقة الراحة كما شبهتها صغيرتنا تكون لك ملجأ ودرعا واقيا من هموم الدنيا.
ابتسم بحلاوة بعد أن أنهت كلماتها الصادقة والتي كانت بالنسبة له كاليد الحانية التي ربتت على قلبه المتألم.. كانت له مثل الصخرة الكبيرة التي ثبت بها عمود قراراته الحاسمة والتي رفضها الجميع لأول مرة في حياته يشعر بكل هذا العشق الذي تضخم داخل صدره, كان معها بكل جوارحه وهو يشعر أنها اخترقت ضلوعه وحينما طالبته بإتمام الزواج رفض بقوة وقال: انتي تستاهلي شقه واحلى فرح وفستان محدش لبسه قبلك يا صغنن
وكان ردها عليه اعترافا بأنها لم ولن ترى رجلا مثله
أطعمها بيده وعاملها برفق شديد, مازحها بوقاحة تعشقها منه ومشط خصلاتها الطويلة كطفلته وها هو الآن يضمها بحنان مثل الرضيع في حضن أمه ويقص عليها ما حدث معه طوال اليوم.. تركته يخرج كل ما في جوفه لم تقاطعه رغم غليانها وغضبها من تلك العائلة التي تعارضه لمجرد أنه أراد التوبة وبعد أن انتهى أبعدها قليلا ثم أكمل وهو يتطلع لها كي يعرف تأثير الآتي عليها
موسى: بس يا حبيبي نزلت من عندهم روحت الدكان بس زعلت
شهد باهتمام: ليه يابا؟
موسى: اهملته او بمعني اصح مكنتش مهتم بيه.. محتاج يتظبط ومحتاج بضاعه جديده, بعدها روحت الشقه جبت منها بقيت الفلوس الي فيها وكلمت البواب يشفلها بيعه كويسه
شهد: طب ليه تبيعها؟ أكملت بشك: هي دي الي كنت بتقضي سهراتك فيها صح؟
رد بصدق: والله ابدا.. الشقه دي محدش دخلها غيري, لما شوفت باقي الفلوس لقيتهم مش هيكفو كل الي المفروض يتعمل
شهد: طب وانت محتاج ايه غير تنزل بضاعه جديده للمحل وربنا يباركلك فيها
موسى بهم: محتاج اشتري عربيه صغيره ده غير مصاريفنا
شهد: مش لازم عربيه
موسى: لو عليا مش فارقه هقضيها مواصلات.. بس انا محتاجها عشانك انتي كلها شهر وتبدئي دروس مش هبهدلك في المواصلات الي عايز اقوله يا شهد ان ظروفنا مش هتبقى زي الاول يعني انا على قد ما ربنا يقدرني مش هخليكي محتاجه حاجه
شهد بجدية: وانا مش عايزه حاجه اقسم بالله.. حتى لو اكلنا كل يوم فول وفلافل ولا حتى مكلناش خالص
قبّلها بحب وقال: مش للدرجه.. هو بس انتي متعوده كل شهر تشتري هدوم جديده وبتعدي على محل الدهب اي وقت تشتري الي يعحبك كأنك بتشتري كيس شبسي, الي اقصده بأمر الله هنعيش مستورين بس مش بنفس البعزقه الي اتعودنا عليها
شهد بقناعة: انا كفايه عندي انك معايه بالدنيا وما فيها وانا متاكده ان اللقمه بملح هتبقى احلى واجمل مليون مره من اللحمه ادام بالحلال
ضمها بعشق وقال: ربنا يباركلي فيكي
أبعدها بعد لحظات ثم قال بوجل: بصي انا من بكره بامر الله هفرش الشقه الفاضيه الي تحت عشان تقعدي فيها براحتك
ابتلع لعابه بقلق لأول مرة ثم أكمل: عشان كمان هجيب عيالي يقعدو معاكي فيها ولا تضايقي؟
شهد بجدعنة: اخص عليك دانا اشيلهم في عنيه وربنا.. كفايه انهم حته منك بس امهم مش هتسكت.. غير جدودهم اكيد هيطلبوا يشفوهم هنعمل ايه وقتها؟
موسى بحيرة: انا عايز اربيهم بالحلال يا شهد وفكرت انهم مش هيفضلوا محبوسين اكيد هينزلوا تحت
زفر بهم وأكمل: بس انا هنبه عليهم مياخدوش حاجه من حد و لوده حصل من ورايه يبقى انا قدام ربنا مليش ذنب.
**
مر شهر على آخر الأحداث قضوه في هدوء تام وكلما مر يوم أصبحا أكثر راحة اعتقادا منهما أن العائلة استسلمت لرغبتهما.. لا يعلمان أن أقرب الناس إليهما يخططون لتدميرهما.
بينما كان يتناول طعام الإفطار مع طفليه وحبيبته وجد الباب يطرق بشدة حتى كاد أن ينكسر.. صرخت هي والأطفال بذعر بينما هو اتجه سريعا نحوه
تصنم ببهوت حينما وجد قوات الشرطة تحاوطه وقبل أن يسأل عن شيء وجد الضابط يقول: مطلوب القبض عليك يا موسى.. هاتيجي معانا بالذوق ولا نمشيها قله ادب
قاوم العساكر التي حاوطته كي تضع الأصفاد بيده وهو يصيح بجنون: تقبض عليا لييييه؟ انا معملتش حاجه
وبمجرد أن اقتربت منه شهده كي تمنعهم وهي تصرخ فيهم ببكاء.. نسي ما هو فيه وقال بغضب: ابعدي يااا بت, خشي جوه واقفلي الباب عليكي.. أكمل صارخا وهم يسحبوه إلى الأسفل: متطلعيش من البيت.. متدخليش حد منهم عندك يا شهددددد
هبط مع القوات أمام أنظار أبيه وسمر وفاطمة الشامتة وذهول سيد وحسين مما يحدث واللذين لحقا به حتى يكونا معه
ثبّت عيناه داخل خاصة أبيه وهز رأسه بفهم.. أنتَ مَن فعلها أبي, يا الله!
حينما عاد علاء إلى الحارة علم بخبر القبض على أخيه جن جنونه وصعد إلى بنايتهم سريعا ظنا منه أن الجميع في حالة انهيارولكنه وقف مبهوتا حينما وجد أباه يجلس بأريحيه يدخن أرجيلته ببال رائق ومعه عمه وباقي النساء.. الوحيدة التي يظهر عليها الحزن هي أمه
وجّه حديثه لأبيه: انت قاعد كده وابنك مقبوض عليه؟
رد ببرود: واعمله ايه يعني؟ السجن للرجاله هي كانت اول مره يعني!
صاح بغضب حينما لم يصدق ما سمعه: طب حتى اومله محامي كنت روحت وراه شوفت قبضه عليه ليه؟ ده بقاله اكتر من شهر مبطل الكار
أبوه بجحود: خليه يتربى عشان يعرف الي بيطلع من تحت عبايه ابوه ايه الي بيجراله
فاطمة بغل: قال وبيوصي البت متدخلش حد مننا عندها
سمر: خليها تنفعه بوز البومه.. كنا عايشين ميت فل وعشره لعبت فدماغه وخلته قلب عالكل
تطلع لهم بعدم تصديق ثم قال لأبيه بشك وصل لدرجة اليقين: انت الي عملت فيه كده؟
ألقى خرطوم الأرجيلة من يده بغضب ثم قال: اااه.. وكلمت الباشا عشان يقرص ودنه, مانا مش هخسر ملايين ودماغه الالماظ عشان شويه كلام اهبل مالي عمال يقوله
نظر له علاء بصدمة ولكنه قال بإقرار: تمام يا حاج, كنت خسران واحد من عيالك دلوقت خسرت الاتنين.. انا كمان بطلتها بلغ عني بقى
نظر لزوجته وقال بأمر غاضب: انتي يا بت.. خدي ابنك واطلعي شقتك, رجلك متخطيش هنا تاني ساااامعه؟
انتفضت ياسمين برعب وقالت: الي تشوفو ياخويا
حملت ولدها الصغير من يد أمها التي لم تعترض واتجهت للخارج سريعا
محمد بغضب: بتقلبوا عليا؟ فاكرني عجزت ومحتاجلكم, فوقو دانا اطير رقبيكم بايدي
نظر له بحزن ثم قال وهو يتجه للخارج: اروح اشوف اخويا وانا راجع هجبلك سكينه معايا يابا
أكمل بألم: بس مش هتوجع زي السكينه التلمه الي ضربتنا بيها لما هُنّا عليك
**
وقف بثبات أمام العميد حسن ينظر له بقوة غير مكترث للوضع الذي هو فيه والآخر يدخن سيجارته بهدوء مثير للأعصاب وبعد مرور عدة دقائق قرر أن يكسر الصمت حينما قال بخبث: ها يا موسى مش هتقولنا كرتونه الحشيش الي اتمسكت بيها دي جبتها منين وفي غيرها ولا لا
ابتسم بجانب فمه علامة الاستهزاء ثم قال: انت فصلت القضيه خلاص يا باشا؟
حسن: وظبطها على مقاسك بالملي.. الا اذا رجعت عن الهبل الي فدماغك ده.. انا سيبتك كل الوقت ده قولت يمكن تفوق ولا الجلاله كانت وخداك ساعتها بس انت زودتها
موسى بيقين: ولا كانت الجلاله وخداني ولا كان طق حنك وقت الشده.. انا توبت بجد ولو حبستني باقي عمري مش هرجع للي كنت فيه ابداااا
حسن بغيظ مكتوم: طب يا ريت تفضل على كلامك ده لما نضايفك عندنا, انا هوريك كرم الضيافه على اصوله دانت الحاج بنفسه موصي عليك يا زعيم
رد بقوة: لو قطعت مني بالحته مش هرجع . عرفه كده يا باشا
هز حسن رأسه بتفهم غاضب معتقدا أنه يكابر فقط.. نظر للعسكري الواقف خلفه وقال: خدو يابني واكرموه يمكن يفوق
بينما كان يخرج من المكتب بصحبة العسكري كانت غالية تقف بالخارج في انتظار إنهاء التحقيق الذي لم تكن تعلم مع مَن فتفاجأت بموسى فمالت على أبي زياد وقالت: مش ده موسى النجار؟ هو مش تبع الباشا؟ ايه الي حصل خلاه يقلب عليه؟!
أبو زياد بعدم اهتمام: ابدا عاش دور المشيخه وقال بطلت وهتوب الباشا كلمه كام مره عشان المأموريات الي بيطلعها معانا قالو لا.. فالاخر ابوه كلم الباشا عشان يشد ودنه يمكن يفوق
غلى الدم داخل عروقها, ما هذا الظلم البين؟! مَن هم حتى يعترضوا على توبة عبد من عباد الله؟!
نظرت له وقالت: كده انا ادخل ولا الباشا لسه مشغول؟
أبو زياد: لا تعالي المفروض كنا دخلنا على طول بس انتي الي وقفتي ترغي
بمجرد جلوسها أمامه وتلقيه نظرات نارية من عينيها الغاضبتين علم أنها تريد الانفراد به كي تنفجر أمامه
حسن: سيبني شويه مع غاليه, مدخلش حد غير لما اقولك
أغلق الباب خلفه وقبل أن يسألها ما بها وجدها تقول بغضب جم: انت ايه بجد؟ واحد تاب, مفكر نفسك اله هترفض توبته؟ ضميرك سمحلك ازاي تظلم بني ادم كل الي عمله انه فكر يمشي صح؟ ااايه الجحود ده ياخي!
لم يعتاد أن يتحدث معه أحد بتلك الطريقة ولأن بالفعل ضميره يؤنبه بعدما استشعر الصدق في نية موسى عكس ما صور له أبوهأفرغ غضبه منها ومن حاله فيها حينما قال بتجبر: الزمي حدودك واعرفي انتي بتكلمي مين! مين اداكي الحق تدخلي فشغلي انتي اتجننتي؟
لم تعي تكبره وسط غضبها بل ردت عليه بنبرة أكثر غضبا وقد تناست حقا مع من تتحدث: لا عارفه يا حسن, عارفه بتكلم مع مين.. برغم غرورك وعنجهيتك بس كنت فاكره ان عندك ضمير معرفش انك قاتله من زمان لدرجه الظلم, هتروح فين من ربنا يا باشا؟
لم يتحمل تأنيبها فرد عليها بما سيجعله يندم طوال حياته وليدفع ثمن غروره!
بمنتهى الغباء والغرور قال: انتي اتجننتي يا بت؟ فاكراني واحد من الزباله الي تغرفيهم؟ فووقي, اعرفي انتي مين وقيمتك ايه, واعرفي بتكلمي مين ويقدر يعمل فيكي ايه!
برغم دموعها المنهمرة بسبب جرحه لها لم يرحمها وقد عمي قلبه قبل بصره وهو يكمل بغباء: اايه يا بت؟ الواد عجبك ولا ايه؟ بتدافعي عنه بأماره ايه وانتي مطلعتيش معاه غير مره؟
أكمل بغيرة دون أن يشعر: ولا يمكن معبركيش زي باقي الرجاله الي بيريلوا عليكي فقولتي تعملي النمره الهبله دي عشان تكسبي وده
لم ترد, لأول مرة لا تجد ردا على إهانه وُجِّهَت لها! هي مَن فعلت ذلك في نفسها حينما تخيلت أنه يكن لها شيئا ما! هي المخطئة حينما تركت قلبها يحلم به.
أما هو لعن حاله كيف تفوه بتلك الكلمات السامة؟ حينما وجد قلبه يعتصر ألما على مظهرها لف جسده ليوليها ظهره.. أشعل سيجارة وقال: مت... قطع حديثه حينما سمع الباب يغلق بقوة فالتفت سريعا ووجدها غادرت.. بمنتهى الجنون ألقى كل ما كان موضوعا فوق مكتبه مما أحدث ضجيجا عاليا جعل مساعدينه وكل من بالخارج يقتحمون عليه الغرفة.. لم يهتم بل أكمل جنونه قائلا بصراخ: كلو يطلع برااااا.. مش عايز حد هنااا
**
أتعتقدون أن التوبة سهلة؟ نعم هي سهلة في نطقها ولكن الثبات عليها ومحاربة شياطين الإنس قبل الجان الذين يحاولون بأقصى ما لديهم أن يعيدوك لما كنت عليه هو الأصعب.
وصديقنا حقا كان صادقا إذ لم يعترض بل لم يصرخ ألما وهو يتم ضربه من قبل ثلاثة رجال أقوياء بل الأدهى هو تلفيق قضية له أقل حكم فيها عشر سنوات
قضى ثلاثة أيام في تعذيب مستمر وصغيرته تكاد تموت قهرا ورعبا عليه.. التزمت بما قاله ولم تفتح بابها لأي أحد إلا صديقتها التي كانت تأتي لها بما يلزمها بعد أن تخبرها عبر الهاتف
سمعت طرقا فوق الباب فاتجهت له سريعا ظنا منها انها رفيقتها ولكن كما اعتادت قبل أن تفتح سألت عن هوية الطارق
حسين: انا يا شهد افتحي
ردت عليه بغضب من خلف الباب: انتو مبتزهقوش؟ سيبونا في حالنا بقى.. قولتلكم محدش فيكم هيدخل هنا ولا يلزمني منكم حاجه
علاء: يا بنتي مش هينفع نسيبك لوحدك, احنا مش رجاله ولا ايه!
شهد: لو كنتم رجاله بجد مكنتوش قبلتو الظلم على اخوكم.. كنتو عرفتو تطلعوه من حبسته الي ابوك السبب فيها.. بس ربنا مش هيسيبو وهيرد الظلم عالظالم .. حسبي الله ونعم الوكيل, حسبي الله ونعم الوكيل.. فوضت امري ليك يا رب
ماذا سيحدث يا تري
سنري
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق