رواية وكر الافاعى الفصل العاشر والحادي عشر بقلم امانى جلال حصريه
رواية وكر الافاعى الفصل العاشر والحادي عشر بقلم امانى جلال حصريه
وكر الافاعى
10☠️11
نهضت بجسد متهالك واهي من ضربه لها ولكنها مجبرة أن تضغط على نفسها، تسحبت بهدوء شديد من الغرفة خوفا من أن ينتبه لها، ولكن ما إن وصلت بقرب الباب حتى ركضت خارج الغرفة لا بل خارج الشقة بأكملها، فهي كانت تركض هاربة من ذلك الوحش البشري
اخذت تنزل الدرج بسرعة وما إن التفتت الى الوراء خوفا بأن يكون خلفها حتى انزلقت قدمها ليلتوي كاحلها وتسقط على الأرض بعنف شديد مسببة به أضرار بركبتيها وساعديها.
سقوطها هذا أمام مخرج العمارة جعلها ترفع رأسها بفزع وصدمة كأنها الآن استوعبت الموقف. فهي تفترش الأرض بثياب ممزقة لاتسترهاإطلاقا وأنفها ينزف وشعرها مبعثر منكوش، حاولت ان تستقيم بجسدها إلا أنها لم تستطع الوقوف على قدميها وهذا ما جعلها تزحف على أسفل ظهرها لتختبئ أسفل السلم المظلم خوفا بإن تكون فريسة لمن لا يخاف ربه إن كان زوجها فعل بها كل هذا فما بالك الوحوش التي تسكن الشارع في الخارج.
وصلت لمبتغاها تحت السلم وحشرت نفسها بزاويته الضيقة واحتضنت نفسها بخوف وضمت ساقيها نحو صدرها لتدفن وجهها برعب حقيقي بين ركبتيها
يااالله ماهذا التي تعيشه الآن في صغر سنها هذا، فهي وحيدة في مكان مظلم والبرد بدأ يأكلها وينخر عظامها أخذت تفكر بكلامه وتحاول ان ترتب ما سمعته منه والنتيجة كانت مؤلمة لا تريد الأعتراف بها، هذا الرجل حقا لغز في لغز بالنسبة لها عقلها لا يستوعب هذا المستنق على الأطلاق...
رفعت رأسها وأخذت تنظر حولها بترقب ممزوج بتعب وخوف، أين هي الآن لما يحصل معها كل هذا، مر الوقت عليها ببطئ مميت، لم تتحرك من مكانها وهذا مازادها ألما على ألمها لتنزل دموعها بقهر وهي تقول مع نفسها بصوت خافت باكي.
- ليه بيحصلي كل ده، ليه ماكنش بالوقت ده نايمة في سريري جنب أمي، اللي في سني بيفكروا هيلبسوا ايه بكرة في الجامعة، وأنا! كل لليلة مغامرة جديدة يوم تحت السلم ويوم في البلوكونة وضرب وإهانة وشتيمة كل حاجة تلاقي عندنا عادي، وياريتني بشوف ده كله على ايد حد ليه القيمة مش كلب عاصي ربه و راجع سكران وش الفجر.
اااااخ ليه أهلي مش زي الناس اللي بتخاف على لحمها ليه خالي رماني الرمية السودة دي، اللي بيقول إن الخال والد، يجي ويشوف خالي عمل فيا إيه و رماني فين.
اخذت تفضفض كل مافي داخلها حتى جفت دموعها وهي تكلم نفسها باختناق وعتاب. ابتسمت بوجع عندما عم السكون ع المنطقة بأكملها ما إن بدأ ضوء الشمس ينير الأرض يعلن عن بدء يوم جديد متفائل للناس ولكن بالتأكيد ليس لها، مرت ساعات طويلة وبدء الجو يدفئ عليها لتبدء جفونها بالتثاقل رغما عنها وهي جالسة ولكنها قبل ان تستسلم لنومها سمعت صوت أقدام شخص ينزل الدرج مسرعا وفي غضون ثواني معدودة وجدته يقف أمامها بكامل أناقته.
كان يرتدي بنطال أبيض مع قميص ازرق غامق يناسب لون بشرته جدا مع خصلات شعره الطويلة أي فتاة أخرى كانت ستقع بسحره هذا و وسامته لا محالة.
إلا هي ازداد مقتها له وحقدها ما إن رأته بهذا الشكل.
قلصت محيط عينيها بتركيز وانتباهها لترى بشكل أدق ف عينيه كانت منتفخة واحمرارها بارز، زمت شفتيها بترقب فهي لم تكن تستطيع ان تميز هل هو الآن بوعيه أم مازال تحت تأثير ذلك السم، ولكن انتفضت برعب وعادت الى الخلف أكثر ما إن وجدته ينحني نحوها وهو يمد يده لها ويقول بصوت حاول على قدر المستطاع أن يكون مليئا بالطمأنينة
- تعالي
تنهد بصوت عالي عندما وجدها تحرك رأسها برفض حتى أكمل محاولته معها بنفس نبرته السابقة.
- تعالي يا غلا ماتخافيش مني أنا دلوقتي في وعي
مش هأذيكي، هاتي ايدك بس
ولكن ما إن رفضت مرة أخرى حتى قال وهو يحاول ان يستفزها: شكلك عايزاني اشيلك...
- أوعى تقرب مني، قالتها بشراسة عندما وجدته يريد أن يسحبها من كاحلها ليخرجها من مكانها الضيق هذا
تنهد مرة أخرى وقال بهدوء وتريث: غلا، غلاتي، بلاش عناد دلوقتي احنا مش في البيت امشي معايا
نظرت له برفض وهي تقول بزعل طفولي وغصة تخنقها.
- مش عايزاك أنا، مش عايزاك، رجعني لأمي
زفر أنفاسه بضيق من نفسه و انحنى بجذعه أكثر ومسكها من معصمها وبرغم مقاومتها له إلا أنه استطاع ان يسحبها من مكانها الذي تختبئ به وما إن أرغمها على الوقوف امامه حتى شهقت بألم كاحلها
اما يحيى اخذ ينظر لها بذهول من حالتها هذه هل كان معها بكل هذه الوحشية، مرر نظره عليها بصدمة فهو حقا لا يصدق.
ابعد بصره عنها واخذ يمرر كفه الأخرى على وجهه بضيق حقيقي لا يعرف ماذا يفعل، ولكنه أبعد كل هذا التفكير الآن و اقترب منها محاولا أن يحملها ولكنه ابتعد ما إن وجدها تقول بغضب وهي تحمي نفسها منه
- إياك تلمسني بإيدك الوسخة دي
نظر لها بعتاب ولكن سرعان ما التفت على صوت حودة وهو يقول عند المدخل: أنت هنا ياللداغ.
كان صوت هذا الرجل كفيل ليجعل غالية تنسى خلافها معه و تختبئ بسرعة خلف زوجها الذي استغرب فعلتها حقا أوليس هي من كانت ترفض لمسة يده لها، ها هي الآن تقف وراء ظهره تتمسك بقميصه بيدها الصغيرة
يحيى بصوت عالي ليسمعه الآخر
- عايز إيه قول!
فهم الآخر على الفور بأن رئيسه لايريده أن يدخل ليقول بعملية- ده مش أنا اللي عايزك ده الحاج سلطان
- قوله عندي شغلة مهمة أخلصها وآجي وأنت سد مكاني.
- اعتبره حصل، قالها حودة واقترب من المدخل وأغلق عليهم الباب الداخلي للعمارة لكي لايراهم أحد وبهذه الحركة فهم يحيى بأن الآخر قد رأى الموقف من بعيد وأتى له لينبهه
عند هذه النقطة قال يحيى بصوت عالي ممتن
- من يومك حويط ياحودة
- تربيتك ياللداغ، سلام. ما إن قالها وذهب حتى التفت يحيى نحو غلا الروح برأسه ليجدها تبتعد عنه بخجل من فعلتها ولكنها تقسم بإن تمسكها به كان حركة عفوية
ليس أكثر.
أخذت تضم ثيابها الممزقة عليها لتجبر نفسي على المشي ولكن مع كل دعسة تشعر بنار تحرق كاحلها وتأوها الخافت يخرج من بين أسنانها المصطكة بألم
بشكل لا إرادي.
ولكن سرعان ما شهقت عندما وجدت نفسها تطير بالهواء لتكون بأقل من ثانية بين ذراعي زوجها الذي احتضنها بحماية وأخذ يصعد بها الى الطابق الثاني لتبعد نظرها عنه بإحراج من قربه هذا ليلفت نظرها أن الهدوء يعم المكان بشكل دائم وهذا مالم تلاحظه سابقا، على مايبدو بإنه لايوجد سكان غيرهم هنا.
اما عند يحيى كان تفكيره محصور عليها فقط، كم هي صغيرة الحجم بمقارنتها به وكم هي ناعمة وطرية ورقيقة و بااااردة، جسدها بارد كالثلج، أغمض عينيه بضيق عندما تذكر ما حدث
دخل شقته واغلق الباب خلفه بقدمه لينزلها بعدها داخل الحمام ثم خرج لدقائق وعاد معه ثياب نظيفة لها وهو يقول: استحمي وغيري هدومك وأنا هستناكي برا لو احتاجتي حاجة ناديني.
خرج وتركها لوحدها وهو يكاد أن ينفجر من كل هذا، أخذ يعيد منظرها كيف كان ليغمض عينيه بغيظ من نفسه مستحيل هل هو فعل كل هذا، هو شيطان وهي بريئة وصغيرة كيف استطاع ان ينتهكها بهذا الشكل البشع.
لا ينسى صدمته عندما استيقظ صباحا و وجد تلك القطرات من الدماء التي تتوسط السرير وما أكد له شكه هذا هو هروبها وثيابها الممزقه من الأمام ورفضها القاطع للمسها وكيف كانت تعرج بقدمها من ألمها كل هذا لا يحتاج لتفسير آخر أو حتى دليل فكل العوامل موجودة، يعلم الله وحده كم كان وحشا معها، وعند هذه النقطة زاد تأنيب ضميره له...
ذهب وجلس على الاريكة ينتظر خروجها وما ان مرت نصف ساعة تقريبا حتى رفع رأسه نحو الحمام عندما سمع صوت فتح الباب ليجدها تخرج وهي تعرج حاول ان يساعدها ولكنها تجاهلته وكأنه غير موجود وذهبت
وجلست بثبات وقوة على أريكة منفردة لشخص واحد
اخذ يتمعن بها وهو يفكر مستحيل أن يرى أنثى لديها عزة نفس مثل عزتها بل هذه الصفة لاتليق سوا بها.
الكبرياء والثقة والجمال صنع حصريا لها، وبرغم حالتها كانت مغرية بشكل مفرط للأعصاب. كان يجب ان يكتب على جبينها هنا منبع الأنوثة
اما غالية كانت تنظر لأي شئ إلا هو ولكن ما نرفزها حقا هو عندما جلس أمامها وتمعنه بها ثم قال بعدها بمنتهى الوقاحة وكأنه لم يكن السبب بما هي فيه الآن
- عاملة ايه دلوقتي، محتاجة أوديكي المستشفى لو في نزيف لحد دلوقتي.
نظرت له وهي تقطب جبينها بعدم فهم، لما عليها ان تذهب الى المستشفى، نظرت الى الأرض بانزعاج منه لا تريد رؤية وجهه برغم جماله هذا و وسامته إلا أنها أصبحت حقا تقرف منه.
وبسبب ظهور علامات الأشمئزاز على وجهها وجدته يقول ببجاحة: لو فيكي حاجة صرحيني ماتتكسفيش، وبعدين أنتي قرفانة كده ليه، ده شيء طبيعي يحصل بين أي زوجين، حلال ربنا، وكان لازم ده يحصل من أول يوم لينا مع بعض، بس بسبب رفضك أنا كنت صابر عليك كل المدة اللي فاتت دي احتراما لرغبتك...
انتفضت واقفة من مكانها ما إن فهمت مقصده وهي تقول بانفعال: أنت متعرفش حلال ربنا إلا في دي و أنك ترجعلي سكران انصاص الليالي ده عادي مش كده، اسمعني يا اسمك إيه أنت، أنا مش هستنى هنا يوم كمان، رجعني لأهلي وسيبني بحالي بقى. يا أما والله العظيم هرجع أنا بنفسي واللي يحصل يحصل أنا زهقت منك ومن عيشتك دي...
صمتت وكادت ان تقع ما إن وجدته يقترب منها وبخفة يد وجدته يحاوط خصرها ليمنعها من السقوط وهو يقول بهدوء ونظراته لها كانت مليئة بالاهتمام
- غلا أنت لسه صغيرة وأنا مقدر ردة فعلك دي ع اللي حصل امبارح، بس ماتنسيش اني جوزك و ده حقي
صرخت به بغيظ من برودة رد فعله هذا بعدما قررت مع نفسها بعدم توضيح سوء الفهم هذا كأقل عقاب له وانها ستستخدمها نقطة قوة لها.
- جت كسر حقك يا أخي افهم أنا مش هقدر استحمل أكتر من كده، والله لو حاولت تقرب مني مجرد محاولة بس هقتلك وأقتل نفسي كفاية الذل اللي شفته امبارح وأنا معاك ماعنديش أدنى استعداد إني أعيد التجربة دي معاك
- والله ماكنتش بوعي، قالها وهو يعود الى الخلف خطوة وعينيه الجميلة مليئة بالاعتذار ثم أكمل بأقتراح
إيه رأيك تاخدي الأوضة وأديكي مفتاحها تقفلي على نفسك وبكده هتطمني أكتر إني مش هقرب منك
يرضيكي الحل ده
- لاء.
- طب قولي اللي يرضيكي
- رجعني لأهلي
نظر لها بضيق من عنادها الذي لا ينتهي ليقول بعدها بترفع وغرور لا ينتهي: انسي ياحلوة أنتي بقيتي بتاعتي خلاص، و رجعة لأهلك مافيش، اطلبي اللي أنتي عايزاه وأنا هعملهولك غير ده
أخذت تفكر بهذا العرض المغري لتقول بعدها بتساؤل طفولي وبشفاه مزمومة
- هتعملي كل اللي أطلبه
ابتسم على ردة فعلها هذه وقال بتأكيد
- أكيد يا غلاتي.
لتقول غالية بتلقائية: طب أنا عايزة إنك تسيب شغلك هنا اللي أنا معرفش ايه هو أصلا بس أكيد حاجة غلط زي كل حاجة حوليا، وتبطل شرب وتصلي وتاخد لينا شقة بمكان تاني وبس
صعق من طلباتها هذه وحل الغضب بحدقتيه ولكن برغم غضبه الظاهر إلا أنها وجدته يقول بتحذير هادئ
- شغلي خط أحمر اوعي تقربي منه أو تدخلي فيه، والصلاة والشرب ده شيء مايخصكيش.
غالية باندفاع غاضب: مايخصنيش ازاي أنا عايزة أطلعك من الوحل والقرف اللي أنت عايش فيه ده والا عاجبك الوساخة اللي أنت فيها دي وبقت بتمشي بدمك.
مسكها من فكها وضغط عليه بقوة وأخذ يقول من بين أسنانه: لسانك ده هيوديكي في داهية، أنا قولت اطلبي حاجة ليكي. توقعتك عايز تكلمي أمك أو أحسن معاملتي معاكي، بس اكتشفت اللي زيك مش لازم نديها أكتر من حجمها، شكلك نسيتي نفسك إنك هنا مش أكتر من خدامة. حاولت أراضيكي لأني أخدت حاجة منك غصب عنك مع إنك كان لازم تديني حقوقي برضاكي.
غالية بمحاولة: افهم أنا عايزة مصلحتك يمكن تكون غلطت كتير باب التوبة مفتوح تعالى نشيل من هنا و
قاطعها وهو يعتصر وجهها أكثر بأنامله بغضب مجنون
- مش بقولك لسان ده هيوديكي بداهية، عايشالي بدور رابعة العدوية ونسيتي أنا جبتك هنا ازاي، فوقي ياهانم، ده أنا اشتريتك بشوية فلوس بالنسبالي مش أكتر من ملاليم ده حتى سعر جزمتي أغلى منك.
أهلك اللي فلقتي دماغي فيهم باعوكي من غير حتى مايكلفو نفسهم ويسئله عليا أو حتى لقيت حد سأل عليكي بعد ما خدتك، وكأنهم ماصدقوا خلصوا منك
طعنها للوريد للمرة الألف بكلامه السام هذا ولكن مستحيل أن تنكسر أمامه، رفعت رأسها بشموخ وقالت بصوت مهزوز بعض الشئ فهي تكاد أن تموت قهرا
- ده كان مهري، خالي مخدش منك غير مهري، أنا غير قابلة للبيع زي ماحضرتك مفكر لأني ببساطة مابتقدرش بثمن.
ابتسم من طرف شفتيه بسخرية وأخذ يتحسس بشرتها وهو يقول: بعشق ثقتك بنفسك غلا بعشقها، بس سيبك من كل ده وقوليلي ايه رأيك نعيد اللي حصل مابينا امبارح، بصراحة أنا عايز أجرب طعمك وأنا في وعيي
- هأقتلك وأقتل نفسي لو قربت مني، ما إن قالتها برفض قاطع حتى ضحك باستمتاع وأخذ يلعب بأعصابها
شدد من احتضانها وقال
- ليه ياعروسة ده النهاردة صبحيتك حتى
- روح لحبايبك أنا مش عايزاك
- وأنا مش عايزهم هما أنا عايز غلا.
زادت نرفزتها ما إن نطق اسمها خطأ مثل كل مرة
- والله الحرق أهون عليا من إن واحد زيك يلمسني
- ليه بتقولي كده، قالها وهو يدفن وجهه بعنقها ولكن قبل أن تصل شفتيه لجلدها وجدها تبعده عنها بيدها وهي تقول بضيق
- لأني بقرف منك بحس إني عايزة أرجع
من فكرة إنك تلمسني.
ما إن سمع كلماتها هذه حتى ابتعد عنها حقا وأخذ يتنفس من أنفه بضيق وقهر، توقعت أن يضربها كرد فعل ولكنها وجدته يسحبها بقوة كبيرة نحو الغرفة ظنت بإنه سيعتدي عليها ولكنها تفاجئت ما إن غير مساره نحو الحمام في آخر لحظة حتى دفعها في داخله بعنف ثم أغلق عليها الباب وأطفأ النور عليها...
لتسمعه يقول بعدها بهدوء قاتل قبل أن يتركها ويخرج من الشقة بأكملها: ده جزاتك على طولة لسانك إنك تتحبسي انفرادي طول اليوم من غير لا أكل ولا شرب
أخذت تضرب الباب بيدها بكل قوتها ولكن لم يكن هناك من ينجدها أو حتى يواسيها غير دموعها التي تظهر ما إن يختفي جلادها
(منك لله يا يحيى يا ابن أم يحيى أشوف فيك يوم ع المرمطة اللي معيش بنتنا فيها دي ).
نزلت من التاكسي ونظرت بانبهار الى هذا البناء العظيم العملاق الراقي، ابتسمت بحب وهي تنظر الى بوكيه الورد الذي بين يديها ثم أخذت تقترب من المدخل بحماس كبير وهي تفكر ياترى ماهي ردة فعل والدها لمفاجئتها هذه بالتأكيد سيفرح.
ولكن تلاشت أحلامها وتبخرت تخيلاتها ما إن أوقفها الأمن عند الباب وهو يمنعها من الدخول واستكمال طريقها وأخذ يسئلها من تريد وهل هي لديها موعد سابق هنا ولكن قبل ان ترد عليه سمعت من يقول بأمر من خلفها
- سبوها تدخل، الآنسة تبعي
التفتت باستغراب وهي تهمس
- أستاذ ياسين؟
- أستاذة سيلين، قالها بمشاكسة وهو يقلد نبرة صوتها الخافته ليضحك بعدها ما إن غضبت ملامحها على فعلته هذه.
نظرت له بتقييم مليئ بضجر داخلي فهي لا ترتاح له على الإطلاق، لتدخل الى الشركة بخطوات واثقة عندما فتح الباب لهم من قبل الأمن بأحترام لتسمعه يقول باستفسار وهو يمشي الى جوارها
- إيه سر الزيارة السعيدة دي
رفعت سيلين الورد أمامها وقالت: جيت أبارك ل بابا ع افتتاح الشركة والا هيكون في اعتراض يا شريك
وقف ياسين أمامها وقال بمراوغة: طبعا في اعتراض لأنك جايبة بوكيه واحد بس ل باباكي طب وأنا.
رفعت سيلين حاجبها وهي تقول بصراحة مطلقة: وأجيبلك ليه هو أنا أعرفك منين عشان اهاديك بورد
ياسين بإحراج: احمممم ماكنا ماشيين كويس لازم تصدريلي وش الخشب زي أختك
سيلين بحده طفيفة: مالها أختي
ابتسم باتساع ما إن تذكر ملامح فتاته الجميلة الصارمة وقال: مافيش حاجة بس هي عاملة فيها غفير من يوم ما اشتغلت معانا
سيلين باستفسار جاد: شغلها مضبوط يعني؟!
ياسين بأطراء- جدا، القسم اللي مسؤولة عنه ماشي.
زي الساعة مافيهوش غلطة
- وهو ده المطلوب منها يا أستاذ، شغلها، أما وشها مالكش فيه يبقى خشب حديد كل واحد يخليه في حاله ويحترم الحدود الموجودة وبلاش يتعداها من غير استئذان، ميرال بتحب كده، ياريت تكون الرسالة وصلت، عن إذنك، قالتها بفظاظة وهي تتخطاه وكأنه سراب، لتذهب بعدها الى الاستعلامات لتسأل عن مكتب والدها.
فتح ياسين فمه باستغراب من فعلتها هذه فهو كان معها وكانت تستطيع أن تسأله هو أو حتى تطلب منه ان يرافقها تنهد بعمق ليقول بعدها بذهول
- دي ميرال طلعت أرحم منها بكتير، ربنا يعينك يا شاهين عليها وعلى لسانها اللي عامل زي المبرد ده
طالع واكل، نازل واكل، مش عاتق حد.
في الطابق الأخير وبالتحديد بمكتب سعد الجندي كان يدقق الملف الذي أمامه وما إن انتهى حتى رفع رأسه وسأل ذلك الذي ينظر له بترقب خطير وكأنه ينتظر الوقت المناسب لينقض عليه
سعد باستفهام: اللي فهمته إن القرض ده من غير فوائد صح
- طبعا، أنا موضح النقطة دي بالملف اللي عندك
- طب كويس.
- هااا نمضي عقود القرض ولا حابب تراجعهم تاني.
- لا خلاص نمضي طالما حضرتك ضامنهم، قالها سعد بابتسامة بسيطة ثم أخذ يخط اسمه على الأوراق واحدة تلوى الأخرى وما إن انتهى حتى قدم الملف ل المحامي الخاص بالشركة شاهين اللداغ الذي أخذه منه وهو يقول
- وبكده تقدر تعتبر المبلغ اتحول لحساب الشركة وتقدر تباشر المشروع بالوقت اللي اااااااء.
صمت وضاعت الحروف منه وتبعثرت ما إن وجدها تدخل المكتب عليهم بطريقة جعلت أنفاسه تحبس داخل صدره، كانت عينيه تراقبها وتراقب تفاصيلها، ضحكتها البشوشة والعفوية التي لا يراها إلا مع والدها
- بابي حبيبي ألف مبروك ع الشغل، قالتها بسعادة كبيرة لا توصف وهي تذهب نحو والدها الذي نهض فورا ما إن دخلت ليستقبلها بذراعيه ويقبل صدغها وهو يقول- الله يبارك فيكي ياقلب أبوكي أنتي
قدمت له البوكيه وهي تقول: الورد للورد.
ليقول سعد بحب أبوي: والله مافي ورد هنا غيرك، تعالي أقعدي وسلمي ع المتر
نظرت له من طرف عينيها وقالت بانزعاج واضح للآخر: اهلا، ثم نظرت الى والدها وأكملت دون ان تنتظر رده عليها، و بالمناسبة الحلوة دي أنا عزماك ع الغدا ياسي بابي وممنوع الاعتراض أو الرفض...
رفع حاجبيه معا وقال
- يعني مافيش قدامي غير الموافقة
- والله ده اللي عندي، ما إن قالتها بقوة حتى استسلم لها والدها وهو يضحك.
- خلاص ياستي موافق بالتلاتة بلاش تبصيلي كده، هدخل أغسل ايديا بس. ونطلع سوا على أحلى مطعم فيكي يامصر...
- وميرال هتيجي معانا صح
- لاء، ميرال عندها شغل كفاية أنا هسيب كل شغلي وهطلع معاكي عشان متزعليش
سيلين بإحباط: أيوة بس أنا كنت عايزة نطلع كلنا سوا ونعدي على ماما كمان
- هنعمل كده يوم الجمعة بس دلوقتي هنخرج أنا وأنتي وبس اتفقنا.
- اتفقنا، قالتها وهي تكرمش أنفها عندما قرصها والدها من وجنتها وما إن ذهب نحو المرحاض واختفى بداخله حتى التفتت نحو المكتب لتجفل عندما وجدت أمامها صدر عريض معضل تكاد أن تضيع بداخله لينطق لسانها بشكل عفوي وهي تعود خطوة إلى الوراء
- إيه ده
- أنتي اللي إيه ده، ما إن قالها وهو يقترب منها حتى قالت بتوتر
- مش فاهمة
شاهين بصرامة وجبين مقطب كالعادة
- أنتي بتعملي إيه هنا
نبرته الغاضبة معها جعلتها ترد بعفوية.
- زي ما أنت شفت جيت أبارك ل بابايا
شاهين بحدة وغيرة لم يدركها بعد
- بشكلك ده، أنتي تجننتي
انصدمت سيلين من حدته معها لتنظر إلى ماترتديه وهي تقول بانفعال- ماله شكلي؟ ماهو محترم أهو، وبعدين تعالى هنا انت مالك فيا ومين اللي سمحلك تدخل في خصوصياتي و
صمتت وفتحت عينيها على وسعهما ما إن وجدته يسحب منديل ورقي بغضب اسود من على سطح المكتب ليمسك به ثغرها وأخذ يمسح أحمر شفاهها بقوة عندما ثبت رأسها بيده الأخرى...
ولكن هو حقا لايعرف كيف ومتى أنامله أخذت مكان المنديل ليبدأ بتحسس نعومتها القاتلة لرجولته وهو يقول بصوت هامس وكأنه لايريد أن يكسر سحر هذه اللحظة عليهما
- بلاش تحطي عليهم حاجة هما مش ناقصين فتنة، بس بجد هموت وأعرف اللي فوق ليه منفوخة أكتر من اللي تحت بطريقة مستفزة.
كلامه هذا جعلها تستفيق من سباتها لتعض ابهامه الذي كان مايزال يتلمس شفتيها بكل قوتها. وغل من تجاوزاته معها.
سحب يده منها وابتعد عنها بسرعة وهو يتأوه بصمت ولكن سرعان ما ارتفع أنينه عندما ضغطت على قدمه بكعبها العالي بكل جبروت
كاد أن يمسكها ويلقنها درس بطريقته الخاصة إلا أنه توقف عن ماكان ينوي. عندما وجد سعد يخرج من المرحاض واقترب منها ليرتدي سترته وهو يقول بتساؤل وهو يتنقل بنظره بينهما
- في حاجة
ضربت شعرها للخلف بغرور وهي تقول
- لا ابدا يابابي...
- طب يلا ياحبيبتي، قالها ثم استأذن من الآخر وهو يحتضن ابنته تحت ذراعه ليذهب بها نحو الخارج تاركا خلفه شخص يموج ويروج بأفكاره السوداء
اخذ شاهين يتفرس بالنظر ل حقيبته وهو يرفعها امامه فهي تحتوي على أوراق القرض لتخيم على ملامحه علامات الأجرام وهو يقول بهسيس خافت خاص بالأفاعي.
- الورق ده مع اللي معايا هيخلصني من سعد للأبد بس ده بعد مايقرب مني بنته وتبقى بين ايديا، آسف سيلينا عقلي رفض اني ادخلك بلعبتنا. بس مع الأسف بعيدا عن كل ده أنتي عجباني وأنا الحاجة اللي تعجبني باخدها ليا بمزاجها أو غصب عنها. مش هتفرق كتير معايا لأن النتيجة بالنسبالي وحدة.
( إنت بالذات أنا بخاف منك ومن تفكيرك لأن باختصار هدوءك وصمتك ده جبروت بحد ذاته، ياترى ناوي على إيه يا ابن اللداغ بعد ماحطيت سيلينا بدماغك )
علي الجهة الأخرى من الشركة في مكتب ميرال الجندي
- يعني مش هتخرجي معايا، قالها ياسين بتساؤل ليأتية الرد على الفور وهي تنظر الى شاشة الحاسوب
- لاء مش هخرج
نظر لها ياسين بصبر وقال
- ده آخر كلام
تنهدت ونزعت نظاراتها الطبية ونظرت له وقالت بجدية: أيوة.
ضرب ياسين سطح المكتب بكف يده بضجر
- وبعدين بقا معاكي، ارسيلك على برا أنا تعبت
- ياسين، ما إن قالتها بعتاب حتى وجدته يقولها بحب
- ياقلب ياسين من جوا.
- ياريت تفهمني وتقدر صراحتي معاك، حضرتك إنسان ممتاز، بس أنا مش بتاعت علاقات والكلام ده واليوم اللي فسحتني فيه ده بجد جا معانا كده من غير تخطيط أو تفكير وصدقني، تقدر تقول لحظة طيش وتصرف غلط، ده أنا كل ما افتكر اليوم ده بحس بالذنب باتجاه عيلتي، وخصوصا بابا لأني عارفة رأيه بالحاجات دي
ياسين باستنكار وعدم اقتناع بما سمع منها
- الحاجات دي؟ هو احنا عملنا إيه لكل ده...
لتقول ميرال بعملية مصطنعة وحزن داخلي فهي تشعر حقا بالذنب اتجاه اهلها وتشعر بإنها قد بدأت تخون ثقتهم بها
- ماعملناش حاجة وياريت الموضوع ده يتسد لحد هنا
- بس انا بحبك، قالها بجدية تامة ليأتيه الرد بالرفض فورا: وأنا مش بحبك.
صرخ بها ياسين بانفعال مما جعل تلك التي أمامه تنتفض من ردة فعله العنيفة هذه الغير متوقعة وهو يقول: كداااابة، أيوه كدابة ماتبصليش كده، أنتي بتحبيني زيي ويمكن أكتر كمان بس شكلك عاجبك إني أفضل أدور وراكي في كل حتة. مش كده بس أحب أقولك غرورك خدعك لو خيلك إني ممكن أبقى معاكي أكتر من كده وأنتي بتصديني بالشكل ده
قولتي إنك مش بتحبيني صح.؟ خلاص تمام.
زي ما أنتي عايزة. أنا كمان مش هحبك أكتر من كده. وعايزاني أسيبك في حالك،؟ حاضر هسيبك، ومن اللحظة دي أنتي بنت شريكي ورئيسة قسم المحاسبات وبس...
نهض من أمامها وأخذ يغلق زر سترته وهو يقول...
وأنا بأعتذر لو أزعجتك وأخذت من وقتك يا، أستاذة...
عن إذنك، قال الأخيرة وتركها وخرج بثبات وقوة وهيبة طاغية تحيط به.
أما ميرال جلست على كرسيها بتعب ما إن اختفى من أمامها والمكتب بأكمله حتى مسكت صدرها بيدها بقهر حقيقي لما حدث معها، لتبتلع رمقها بصعوبة ما إن بدأت علامات الألم والحزن بالظهور عليها وعلى معالمها بالتدريج فهي تشعر الآن بإن هناك قبضة فولاذية تعصر قلبها دون رحمة وكأن الذي خرج الآن نزع روحها منها.
11=رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل الحادي عشر
في القطاع كان يجلس بين جميع أعضاء الوكر من صغيرها حتى كبيرها بهيبة جبارة أهابه الذي يقف أمامه بها دون أي مجهود يذكر، نظراته كانت لوحدها كفيلة أن تدب الرعب بمن حوله فهي حادة كالسيف وقاسية كالفولاذ، صمته خطير يخفي خلفه
كارثة لا محالة، كل هذه العوامل جعلت من هجان يبتلع لعابه بصعوبة ليسأله بثقة مصطنعة لا يملك ربعها حتى
- هااا ياهجين قولت ايه.
مط شاهين شفتيه بعدم رضا وهو يميل برأسه يمينا ثم قال باستنكار لطلب الآخر
- يعني أنت جايلي هنا عايز تاخد مني بضاعة
هجان بثبات يحسد عليه: ايوة، وهديك الضعف تنين ولو عايز الطاق تلاتة ماعندش مانع المهم إني أسلم البضاعة للناس بالوقت المحدد وإلا هيتخرب بيتي
أخذ شاهين يسند نفسه بأريحية أكثر على ظهر الكرسي ما إن سمع رده ليقول بعدما وضع ساقه على الأخرى ببرود أعصاب.
- لا ماتخافش من الناحية دي هو بيتك كده ولا كده هيتخرب بس المشكلة مش هنا، أنا دلوقتي مش ببيع لحد، بطلت الشغلانة دي. توبة الى الله، انا عايز بضاعتي تفضل منوراني بالمخازن ماليا عليا المكان مش عايز أصرفها، وبعدين تعالى هنا أنت مش رحت للتجار وقلت اشتروا مني بأقل سعر روح بيعلهم يالا مستني ايه ولااااا،!
قطع كلامه وهو ينهض بجسده الضخم ليقترب منه ويضع يده على كتفه بقوة جبارة ثم أخذ ينظر له بابتسامة خبيثة وأخذ يكمل بمكر لا يقل عن أخيه ياسين...
والا يكونش بضاعتك كلها بقدرة قادر ياسبحان الله تتصادر ع الحدود وخسرت دم قلبك فيها وكنت هتروح فيها لولا ستر ربنا اللي خلاك تشغل عقلك في آخر لحظة وتشيل الليلة لواحد من رجالتك.
نظر له هجان كالكتكوت المبلول لأنه كان مكشوفا للآخر منذ البداية وعند هذه النقطة أخذ يبتلع ريقه بصعوبة ثم قال بتوتر واضح: غلطة ومش هتتكرر تاني يابوس منك السماح.
عض شاهين شفته السفلية بقوة وهو يسحبه من خلف عنقه نحوه بحركة مباغتة ليقول بعدها بهدوء ينذر بالشر: هو أنت مفكر إن احنا بالمدرسة لا سمح الله عشان أقولك حصل خير يا حبيبي وماتعملش كده تاني، تؤ تؤ تؤ، ده أنت شيطانك ضحك عليك ورمى طوبتك ليا لما و سوسلك وخلاك تقف قصادي وتتحداني...
سحبه من طرف ثيابه باهانه وكانه صبي لديه وهو يكمل بنفعال سوقي لا يظهر الا نادرا، ولااااا عارف ده معنى إيه، يعني حضرتك جتلي برجليك، اديتني بدل السبب ألف إني أأذيك وأنا اللي يجيلي برجليه مايطلعش وهو ماشي عليها أبدا ده حتى هتبقى عيبه في حقي ولا ايه يادكر، لااااا دكر ايه بس ده انت طلعت اخرك دكر بط بالكتير
نطق هجان بتلعثم وهو ينظر هنا وهناك بنظرات زائغة: ساعة شيطان.
رفع شاهين حاجبه وقال وهو يربت على وجنته بإهانة واستصغار: ابقا خليه ينفعك
نظر له هجان بخوف حقيقي: اللي هو إيه
- شيطانك، قالها ثم ابتعد عنه ليستدير هجان باستماته نحو سلطان الذي كان يجلس بعيدا وهو يراقب مايحدث باستمتاع ليقول الآخر باستنجاد: ماتقوله يعفي عني ياحاج، و اوعدك اني هبقى تحت امركم دايما.
أشار سلطان لنفسه بذهول وقال: أنا، أنا اقوله يعفي عنك ده أنا الود ودي أعلقك من رجليك زي دبيحة العيد وأقطع من لحمك و أوزعها ع كلاب السكك
التفت هجان بخوف نحو ياسين الذي كان يقف خلف شاهين بمسافة يتابع مايحدث بصمت وتركيز شديد ليقول له بترجي: ياسين كلمه وقوله يعفي عني...
هو بيسمع منك.
رفع ياسين كتفيه وقال بنفي: غلطان انا مش بيدي حاجة، الهجين مابيسمعش من حد غير دماغه، وبعدين اللي يغلط يتحمل اللي يحصله وأنت غلطت كتير يا هجان، بعد ما كنت صبي عندنا رحت وغدرت فينا وحطيت ايدك مع اللي علينا وعملت شغل لوحدك ولا كأن لينا فضل عليك.
وكل ده و احنا ساكتين وقولنا معلش فار وهرب من المصيدة نسيبه يعيش يومين من نفسه بس كنا عارفين إنك هترجع، وأهو رجعت، أوعى تكون فاكر إن سكوتنا عن عمايلك دي كلها خوف أو إننا هنعجز عن الوصول ليك، لاااا ده احنا ولاد اللداغ
اللي يلعب معانا يبقا باع عمره بالرخيص واشترى كفنه بالغالي.
انتفض جسد هجان برعب وأخذ ينظر بقلق للوجوه التي حوله وهو يقول: كل ده ليه، عشان قولت لتجار من سكان الواحات إنهم يشتروا مني بضاعتي بسعر أقل من اللي موجود بالسوق أنا مستعد إني أروحلهم واسحب كلامي و
قطع كلامه وشحب وجهه أكثر حتى أصبح كالأموات ما إن رأى يحيى يدخل عليهم القطاع وهو يمسك أحد الرجال الملثمين وخلفه حودة يمسك برجل آخر.
ليرميهم يحيى بعنف على الأرض هو والآخر وسط هذا التجمع وهو يقول بغضب بركاني بعدما أشار ل شاهين إن كل شئ على ما يرام وتحت السيطرة
- حلو الذكاء مافيش كلام، بس المشكله تبقى لما تكون غبي وبتتذاكى علينا، لازم تعرف قدرات اللي قصادك قبل أي خطوة تعملها ضده...
اقترب شاهين من الرجلين الذين يفترشون الأرض وأخذ يحركهم بقدمه بسخرية وهو يقول بصوت لا حياة فيه: بقى كنت عايز تعلم علينا في ملعبنا.
- دول مش تبعي! ما إن قالها هجان بنفي كاذب حتى وقف ياسين خلفه وسحبه بعنف من كتفه ليجعله يلتفت له وهو يقول بحدة ونظرات سامة
- أوعى يالااااا تكون مفكر إننا نايمين على ودانا و مش فاهمين إيه اللي بيحصل حوالينا، وإن دخلتك دي علينا هتاكل معانا.
سحبه يحيى هو الآخر نحوه من طرف ياقة قميصه وأكمل بشر عن الآخر: وقال إيه، جاي هنا يمثل المسكنة ويقدم الطاعة العمياء وطالب العفو مننا، ومفكر أنه بعقله الصغير ده هيقدر يضحك علينا
- مسكين كان راجل طيب، قالها ياسين بشماتة وهو يؤشر ل يحيى برأسه نحو شاهين الذي كان ينزع القميص عنه بهدوء مميت ليبقى بالبنطال الجينز فقط، فعلته هذه لها معنى وهي بإن الهجين قد تخلى عن سجيته الباردة.
أما هجان ارتعب من مايرى ليقول بتوسل
- شاهين سامحني، واللي هتقول عليه هعمله بالحرف من غير مناقشة حتى لو عايزني أرجع صبي عندكم، وطوع أمركم انا موافق
رمى شاهين قميصه بإهمال وكأنه لم يسمع اعتذرات الآخر ثم سحب جنزير (سلسلة) فضي غليظ يصل طوله الى مئة سم وأخذ يلفه حول معصمه الأيسر وهو يقترب منه و يقول بتوعد.
- بقا جاي هنا تشغلنا بكلامك التافه زيك وكلابك برا باعتهم عايزين يحرقوا الوكر باللي فيه، هو ده انتقامك مني لأني خليتهم يصادرو بضاعتك طب كنت تعالى واجهني راجل لراجل ولا أنت مش راجل
- كدب ماحصلش، ما إن قالها حتى عالجه الهجين بضربة من الجنزير جعلت الآخر يقسم بإنه يشعر أن جسده انقسم الى نصفين وقبل ان يفهم ما جرى حتى أخذ الآخر يدور حوله عن بعد ويجلده بالحديد.
بكل غل وكأن الوحش المحبوس بداخله تم اطلاق سراحه
ارتفع صوت تأوهات هجان بالمكان فهو وقع بين من لايعرف طريق الرحمة أين يكون وكلما أراد جسده أن يسقط أرضا حتى باغته شاهين بضربة أخرى أسرع من ذي قبلها جعلته حتى يعجز عن السقوط، فهو مع كل جلده ينتفض ويتحرك هنا وهناك يريد الهروب ولكن هيهات فهو وقع في وكر الهجين الذي لايعرف للرحمة عنوان
اقترب يحيى من ياسين وهمس له بتساؤل.
- مش كفاية تأديب كده ولا البوس ناوي يعطيه تذكرة ذهاب بلا عودة...
قطب ياسين جبينه بجهل: معرفش هو ناوي على إيه، لو حابب تعرف الإجابة عن السؤال ده روح اسئله بنفسك
رد عليه يحيى وهو يفتح عينيه بذعر: لا ياعم أسأل مين أنا معنديش سؤال أصلا، هو أنا بايع عمري، وبعدين ربنا قال إيه
نظر ياسين من طرف عينيه وقال: إيه
- ( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ).
- تصدق تأثرت! طلعت بتخر إيمان يالا، قالها وهو ينظر الى أخيه الروحي باستخفاف ثم التفتوا نحو شاهين بسرعة ما إن سمعوا حودة يقول بترقب
- ده الهجين ناوي على موت هجان مافيش كلام.
و جدو شاهين يقترب من الآخر بخفة ليلف حول عنقه ذلك الجنزير ثم أخذ يخنقه به وهو يكز على أسنانه ليعافر الآخر بحلاوة روح معذبة تقاوم لبقائها على الحياة حتى ازرق وجهه وبرقت عينيه للخارج بشكل بشع وفي ثانية واحدة سحب الجنزير عن الآخر بقوة ليسقط جسده على الأرض وهو يشهق بعنف وأخذ يصدر صوت من حنجرته كاخوار البهايم وهو يمسك عنقه بألم فتاك يكاد ان يفقد وعيه بسبب عدم تحمله له.
اما شاهين كان ينهج بتعب من المجهود الكبير الذي بذله وعضلات جسده المشدودة عروقه قد برزت وقطرات العرق تغزوها بغزارة ليقول بصوت كالرعد مليئ بالغضب والتحذير: اعتبر ده درس صغير مني ليك، درس من الهجين...
رمى الجنزير على الارض ثم سحب قميصة واخذ يرتدية بكل برود وهو يتوجة نحو الخارج تارك خلفه كارثة بشرية.
بعد ساعتين من الزمن من كل هذه الأحداث كانوا الثلاثة يجلسون في أرقى شقة بالوكر كله، شقة الحاج سلطان بالتحديد في الصالة
كانت زينة تجلس أمام شاهين وعينيها تأكله حرفيا
نهضت وذهب نحوه لتميل بجسدها عليه وهي تقول بصوت مغري لأي رجل إلا هو: سيد الرجالة مش عايز يشرب أو ياكل حاجة أنا تحت أمره باللي هو عايزه.
تدخل يحيى بغيظ من وقاحتها فهي تتصرف براحتها تماما غير آبهة لوجودهم معهم: ماتتهدي يا زينة. الله يخربيتك هتودينا في داهية لو الحاج دخل علينا وشاف المنظر ده ليلتنا مش هتعدي على خير
اعتدلت بوقفتها وقالت بزعل مدلل- الله هو أنا عملت إيه يعني الحق عليا يعني إني بأعرض عليه خدماتي
ضحك ياسين بخفة ثم اخذ يقول وهو يغمز لها بسفالة: ايووووه يعني خدمات من أي نوع بقى، أنا عايز أعرف ياريت تحددي.
نظرت زينة لذلك الذي جعلها تتلوع لقربه وهي تقول بدعوة صريحة و واضحة للعيان: الخدمة اللي هو عايزها هيلاقيني تحت أمره فيها هو يأشر بس
تأفئف شاهين باختناق منها وهو يقول
- روحي نادي ل سلطان واكفيني شرك
برطمت شفتيها بأحباط ثم أخذت تقول بضيق لتجاهله لها مثل كل مرة: سلطان مش هنا طلع مشوار.
نهض شاهين من مكانه مصعوق من ردها وهو يقول: طلع فين، ده بعتلي حد من الرجالة وقالي أنه عايزني أروحله البيت لانه عايزني في حاجة مهمة
اقتربت منه لا بل ألصقت نفسها به كالغراء ورفعت يدها على صدره لتداعبه بأناملها وهي تقول بعتراف ممزوج بدلع: بصراحة كده انا اللي بعت الحد ده لما عرفت إن في خناقة حصلت في الوكر هنا...
وماصدقت إن الحاج طلع وقولت ابعتلك عشان.
كنت هموت واطمن عليك، بس مكنتش اعرف انك هتيجي مع اخواتك، وتبوضلي الليلة
ما ان نطقت بكلماتها هذه حتى وجدته يقبض على رسغها وأخذ يعصرها بعنف مؤذي والنظرات لو كانت تقتل لقتلها بنظراته الحاقدة فهو حقا يمقتها ويشمئز منها برغم أنها كتلة من الأنوثة وجمالها كارثي
نظر يحيى نحوهم بصدمة من ما سمع وقال
- نهارك أسود دي كانت عملالك كمين يابوس ولا
أنا فهمت غلط ولا إيه الحكاية ياجدعان حد يفهمني.
نظر لها ياسين باستحقار من فعلتها هذه وقال
- دي ماتتفهمش غلط دي هي الغلط بذات نفسه
، صحيح اللي قال انك عجوز النار، يالا يايحيى مستنينك برا يابوس، قالها الاخيرة لشاهين وهو يخرج مع أخيه الآخر
لتقول زينة بغنج ومياعة من خلفهم: ليه بس الغلط ده يا سي ياسين، ده أنا حبيت أطمن على كبير الحتة بتاعتنا فيها إيه دي، فين الغلط في ده كله
اااالله.
هزها شاهين وهو يكز على أسنانه بغضب من هذا الموقف وهو يقول: مافيش فايدة الوسخ عمره ماينظف، هو أنا بكره صنفكم من شوية
ردت عليه ببجاحة وهي تحاول ان تسحب يدها منه ولكنها فشلت: وقال يعني أنت اللي نظيف أوي ده أنت كل حياتك شمال في شمال جت عليا عايز تمشي عدل، ده أنت ماعندكش حسنة وحدة توحد الله فيها.
- وساخة عن وساخة تفرق، قالها شاهين وهو يلفظها من يده وكأنها حشرة لا تساوي شيئا ثم خرج وأخذ ينزل الدرج بخطوات غاضبة وكأنه يود أن يخترق الأرض متجاهلا نداء اخوته من خلفه
أخذ ينزل يحيى مع ياسين وهو يقول بتنهيدة بعدما اختفى الآخر من أمامهم: ليه حق شاهين يرفض ييجي هنا إلا واحنا معاه، لأن فعلا زي ما الحاج بيقول، سم الستات أقوى من سم التعبان.
تنهد ياسين ثم قال بشرود: تصدق صح ده طلع فعلا أقوى بعد اللي شفته دلوقتي تخيل معايا كده لو شاهين جالها لوحده وضعف معاها وطب عليهم سلطان وشافهم، هيحصل ايه
- كارثة أكيد، بس الحمدلله ربك ستر.
- سيبك منها و قولي بصحيح مال وشك، شكلك متخانق مع حد وهدومك كمان من عند الكم متقط شوية.
يحيى بتوضيح: لما شاهين كلفني بمراقبة الوكر أنا وحودة ومسكنا رجالة هجان كان من بينهم رامي الزفت وتشابكت معه بس ابن ال خدني خوانة وضربني بالبونية وهرب بس هيقع تحت يدي
ليقول ياسين بضحك: يعني تعلم عليك يابطل
التفت له يحيى بانفعال- قولتلك خدني غدر
ياسين بعدم اقتناع: غدر أو لاء النتيجة هي
أنه سابلك تذكار في وشك وعلم عليك وبهدل هدومك
دفعه يحيى عنه بغضب مضحك: تصدق إنك رخم وأنا غلطان إني واقف آخد وأدي معاك.
ياسين بضحك أكثر: تعالى رايح فين بس يا لي متعلم عليك
- أنت اللي جبته لنفسك، قالها وهو يعود له بسرعة ليعالجة بلكمة على فكه ثم تركه وذهب بعد مدة زمنية قصيرة ودخل شقته ليصعق بصدمة ما ان تذكر تلك المسكينة المحبوسة بالحمام ليتوجة نحوها بسرعة وأخذ يفتح لها الباب ياااالله كيف نساها كل هذا الوقت.
أما عند غالية كانت تجلس بقهر على الأرض الرطبة وثيابها أصبحت رائحتها عفنه والجوع يقطع معدتها وأمعائها حتى نظرها أصبح غير واضح من التعب والإرهاق هذا حالها طول اليوم.
رفعت رأسها ونهضت من مكانها ما إن سمعت صوت فتحة باب الحمام المحتجزة فيه، خرجت بسرعة وهي تشعر بإن دمائها تغلي غضبا لتجده يقف بالقرب منها ويعطيها ظهره لتذهب نحوه كالقذيفة وضربته بقبضتها الصغيرة بمنتصف ظهره ليلتفت لها بصدمة من فعلتها ولكن سرعان ما ابتعد عنها عندما وجدها أخذت تكرر ضربها له وهي تقول بانفعال وصوت عالي نسبيا.
- والله لو كنت ست، كنت شديتك من شعرك اللي فرحان فيه ده و مسحت فيك بلاط الشقة وش وقفا، يااااامعفن. يااااانتن، بقا انا غالية اتحبس الحبسة السودة دي...
مسكها وقيدها معصميها ليمنعه من ضربه وأخذ ينظر لها كيف تنهج بنفعال وخصلات شعرها من الرطوبة كانت ملتصقة بوجنتيها وعنقها كانت حرفيا في حالة يرثى لها ولكنها مازالت جميلة في عينيه ومغرية أكثر من ذي قبل، حاول أن يسيطر على تعابير وجهه بإن لا يضحك وهو يتذكر كلامها وكيف هجمت عليه لا يعرف هل يضحك أم يغضب من فعلتها هذه، ولكنه قرر التعامل معها وكأن شيئا لم يكن، ليبدأ بتحريرها بهدوء والأبتعاد عنها لتلاحظ الكدمة الموجودة على وجهه وثيابه الغير مهندمة على مايبدو بإنه قد خاض شجار مع أحد ما.
أخذت تعيد النظر له بشماتة واضحة وهي تقول
- تسلم ايد اللي ضربك، الله يبرد قلبه زي ما برد قلبي فيك، ايوه كده اتخانق مع راجل زيك عشان يعرفك قيمتك مش تجي وتستقوى عليا بعضلاتك وانت مسحول برا
يحيى بلامبالاة- خلصتي شماتك فيا، طب يلا روحي اعملي عشا.
لتقول غالية بشراسة وهي على وشك خنقه أو تشرب من دمه أيهما أقرب: اللهي تطفح سم الهاري وأشوفك تفلفص قدامي كده قادر يا كريم، قال اعملي عشا قال. أوعى من وشي أحسلك ياجدع أنت. ده أنا عفاريت الدنيا بتتنطط قدامي الساعادي، أوعى كده لا جيب كرشك بيدي
قالت الأخيرة وهي تدفعه من أمامها لتذهب الى الغرفة لتأخذ ثياب نظيفة لها فهي تشعر بإن رائحتها
أصبحت لا تطاق، يوم كامل بحمام مظلم رطب لا منفذ به سوا نافذة صغيرة جدا.
نظر يحيى للوضع و وجد بأنه أفضل حل هو أن يذهب ويجهز عشائه بنفسه لأن بحالة غلا هذه الآن لو أجبرها على التحضير لا يستبعد بأنها ستسمه لا محالة لتتخلص منه
ضحك مع نفسه بخفة فعصبيتها وشراستها أعجبته جدا، أخذ يدندن وهو يدخل المطبخ وما إن انتهى من التحضير حتى خرج ليجدها تمشط شعرها أمام المرآة.
ذهب لها وسحبها من معصمها رغما عنها معه ليتوجة بها نحو المطبخ وما إن جلس على الكرسي الخاص بالطاولة حتى جعلها تجلس على قدميه لتشهق بتفاجؤ من فعلته هذه ولكن قبل ان تفتح فمها وتصرخ به حتى وجدته يضع ملعقة مليئة بالطعام بفمها وهو يقول
- من غير اعتراض كلي.
- هاكل لوحدي سبني، ما إن قالتها بضيق حتى ابتسم لها بجاذبية ساحرة وهو يحرر خصرها لتنهض من أحضانه لتجلس على كرسي آخر وبدأت تأكل دون ان تعيره اي اهتمام فهي تكاد أن تموت جوعا، فهي لم تاكل منذ يومين
أما يحيى أخذ يأكل ونظره معلق عليها يراها تاكل بسرعة وشراهة ومع إن الطعام أقل من عادي وغير لذيذ رفع لها كأس الماء وهو يقول بخفوت ما إن اختنقت: اسم الله، بالراحة ياغلا بالراحة، خدي نفسك الأكل مش هيطير.
أخذت الكأس منه وشربت الماء دفعة واحدة لتنهض بعدها بخجل من كلامه لتخرج متوجهة للغرفة وما إن رمت وسادته وغطائه بالصالة على الأرض حتى أغلقت الباب عليها بقوة لتلمع الدموع بعينيها لما وصلت له
ذهبت نحو السرير واستلقت عليه بزعل ولكن سرعان ما تلاشى كل هذا الزعل وقطبت حاجبيها برفض ما إن غزت أنفها رائحته التي تملأ الفراش.
نهضت وأخذت تلملم مفرش السرير وما إن فتح الباب حتى وجدته أمامها ينظر لها باستغراب وهو يمسك وسادته ولكن قبل أن يسأل وجدها ترمي مابيدها عليه ثم تعود أدراجها وتغلق الباب بوجهه
رفع ذراعه وهو يكور يده على شكل قبضة يود أن يحطم هذا الباب على رأسها اليابس ولكن بدل ذلك أخذ يعض سبابته بعصبيه ليرمي كل شئ ويذهب نحو الأريكة ليستلقي عليها بصعوبه وعينيه تبحث عن النوم.
علي الجهة الاخرى، في فيلا الجندي بالتحديد بغرفة ميرال كانت تجلس على الاريكة القريبة من النافذه وهي تنظر الى شاشة الهاتف التي تزينها محادثاتهم السابقة معا اغلقته ورمته بأهمال وهي تتنهد بعدما قرأت رسائلهم للمرة الالف من شوقها له.
سحبت شعرها الى الخلف لتضم بعدها ساقيها نحو صدرها لتحاوطهم بذراعيها وهي تسند رأسها على ركبتيها وعينيها تائهة في الا شئ فهي حرفيا لا تعرف هل مافعلته صح ام خطأ عندما رفضت قربه منها وقررت الابتعاد عنه بطريقة عقلانية فهو لايناسبها هذا مايقوله عقلها ولكن قلبها واااه من قلبها العنيد الذي يرفض قرارها هذا ويحتج عليها، اغمضت عينيها وتنهدت بتعب للمرة التي لا تحصى فهي يقتلها الحنين في اواخر الليل وكأن هذا العذاب فرض عليها كل يوم يجب عليها ان تعيشه.
حاولت على قدر المستطاع ان توضح اكثر من مرة لذلك الماكر الذي بدء يتطفل على حياته بالتدريج بأن افعاله الغير مدروسة هذه ستجعلها تبتعد عنه بشكل تلقائي كلما اقترب هو، لمااااا لا يفهم بأن هذا سيكون رد فعل طبيعي منها فهو يفرض نفسه عنوا عليها وجراته معها فوق الوصف يريد ان يقتحمها بعنفوانه لاااا بل هو يريد ان يستحلها ويستعمرها
استعمار صهيوني ويمتلكها.
ابتسمت مع نفسها على تشبيها هذا لتسحب هاتفها مرة اخرى وما ان ان فتحته حتى دخلت على صورة الواتساب الخاصة به واخذت تكبر صورته لتنظر له بهيام رغما عنها فمشاعرها لا تملك عليها اي كنترول
دائما تمثل البرود والجمود امامه ولكن بينها وبين نفسها تنهار حصونها وهذا الشئ ليس بيدها.
- ياترى اخرتها ايه معاك يا ياسين شكلك مش ناوي تعتقني زي ما قلت لان كلامك معايا حاجة وعنيك كانت بتقول حاجة تانية خالص، همست بهذه الكلمات بصوت خافت جدا بالكاد هي سمعته...
عضت على شفتيها واخذت تمرر سبابتها على صورته بالتحديد على ذقنه المهذبة لتلمع مقلتيها بأعجاب كبير، يالله كم هو وسيم، وعينيه الماكرة المليئة بالخبث الذيذ يكاد ان يفقدها عقلها.
عاااااااااا، صرخت بها وهي ترمي الهاتف من يدها بصدمة فهي ضغطت بشكل خاطئ على زر الاتصال به، ولكن ما زاد الامر سوء حقا هو انها نست بأن تنهي الاتصال لتسمعه صوته يصدح بعدما فتح الخط من الطرف الاخر
- الو،! الوووو!
ابتلعت لعابه واقتربت من الهاتف لتحمله بيد ترجف من الموقف هذا لتضعه على اذنها بعدما سحبت نفس عميق لتنطق بصوت جامد وهي تمثل الا مبالاة: الو، ياسين.
اغمض عينيه بنتشاء بعدما سمع صوتها الخافت وهي تنطق اسمه من بين شفتيها الشهية، ابتسم بنتصار فها هي انت له بنفسها كمان خطط ليرفع حاجبه وهو يقول بتعالي وطريقة رسمية
- في حاجة يا استاذة ميرال
- هااا، حاجة، اااه طبعا في حاجة مهمة، ما ان قالتها بكذب حتى قاطعها بترقب جاد
- اللي هي ايه
كزت على اسنانها وهي تعصر عقلها لتجد كذبة مناسبة لتخرجها من هذا المأزق لينطق لسانها بسرعة: ملف
ياسين بستنكار لما سمع منها: ملف؟
اومات له برأسها وكأنه يراها: ايوه ملف، في ملف مهم اوي عايز امضتك واااء
قاطعة بتلاعب محترف: حضرتك متصلة فيا بالوقت المتأخر ده عشان ملف عايز امضتي، ده بجد ولاااا
ردت عليه بسرعة: لاء طبعا مافيش ولااااا دي
ابتسم عليها بستمتاع شديد فهي مكشوفه له كالكتاب يستطيع ان يقرأها سطورها ويفهم معانيها دون مجهود، ليقول بجدية مصطنعة
- استاذة ميرال
- نعم.
- روحي نامي وبلاش تفكري كتير الوقت تأخر وعنيكي كده هتدبل وبكرة نشوف ايه حكاية الملف اللي مسهرك ده
- طيب، تصبح على خير، ما ان قالتها بخجل حتى ابعد الهاتف عنه وهو يبتسم بالعانة بعدما انهى المكالمة دون ان يرد عليها عن تعمد لينرفزها و بالفعل قد نجح في هذا فهي ما ان اغلق الخط بوجهها حتى فتحت عينيها على وسعهما بذهول وهي لا تصدق اسلوبه الفظ و وقاحته معها.
رمت الهاتف بضيق واخذت تأخذ الغرفة ذهابا وأيابا وهي تقول بغيظ: غبية، غبية، بس انا اللي استاهل ضرب الجزمة لاني عبرت اهله اصلا وقال ايه بقوله تصبح على خير، الهي تصبح على بومه يابومه، ااااه ياااناري حرق دمي قليل الذوق ده، اووووووف...
قالت الاخيرة وهي تستلقى على سريرها لتدفن رأسها تحت الوسادة كالنعامة من خجلها واحراج منه ومن الموقف بأكمله، اخذت تاكل بنفسها وتلومها بعتاب شديد، ليمر الوقت عليها وهي تأنب روحها على فعلتها المتهوره هذه لتثقل جفونها وتغط بنوم عميق بعد تفكير متعب لا اخر له لروحها وجسدها.
في الوكر، خرجت من غرفتها قرب الفجر بعدما جافاها النوم لتجده يئن بصوت متألم وهو نائم، تجاهلته وذهبت وأدت فرضها ولكن أنينه هذا زاد عن حده، ذهبت نحوه و وقفت أمامه تراقبه عن قرب كان يمسك رأسه بوجع
جلست إلى جانبه على ركبتيها وأخذت توقظه
- يحيى اصحى، ما إن قالتها بصوت هامس حتى وجدته يفتح عينيه بصعوبة شديدة ولكنه لم يرد عليها مما جعلها تعاود سؤاله، مالك أنت عيان...
إيه اللي بيوجعك...
لتجده يقول بصوت مليئ بألم
- راسي هيتفجر، الصداع جنني
نهضت وقالت بقسوة مصطنعة: تستاهل عشان تعرف اللي ييجي عليا عمره مايكسب...
لم يرد عليها فقط أخذ يحاول أن يمسد صدغه بتعب
مظهره هذا جعلتها تنسى كل شيء وتنحني نحوه وهي تقول برحمة: طب قوم معايا جوا أكيد هنا
مش مرتاح، ده أنت أطول من الكنبة.
نهض معها بثقل وما إن استقام حتى تفاجئت به يحاوطها بذراعه وهو يرمي ثقله عليها لدرجة كادت أن تقع ارضا وهو عليها ولكنها قاومت وجاهدت حتى أوصلته الى السرير ثم ذهبت مسرعة واحضرت له دواء مسكن مع ماء لتقترب منه وأخذت تسنده عليها لتجعله يشرب الدواء من يدها وما إن انتهت حتى كادت ان تبتعد عنه إلا انها وجدته يحتضنها بقوة لا بل هو رمى جسده عليها و وضع راسه على صدرها وكأنها وسادته.
حاولت ابعاده عنها بضيق إلا أنه رفض ليقول بألم وهو يمسك يدها ويضعها على صدغه
- هنا بيوجعني ياغلا هنا، دماغي هتتفرتك
- استحمل شوية أنا أديتك الدوا شوية وهيشتغل مفعوله، بسم الشافي بسم الله المعافي، قالتها وهي تمرر يدها بشكل تلقائي على صدغه وأخذت تدلك مكان الوجع وهي تقرأ عليه بعض الأدعية التي قد حفظتها من والدتها و آيات قرآنية قصيرة.
أخذت تدلك جبينه لتلاحظ كيف هدأ بالتدريج ونام بعد مدة قصيرة، لتنتقل أناملها بهدوء إلى شعره الناعم ك ريش الحمام، ابتسمت مع نفسها على هذا التشبيه، اااخ لو يعلم هذا المتكبر بأنه شبهته برمز السلام، لكان قتلها فهو أبعد مايكون عن السلام هو كارثة، اعصار، انقلاب كوني و وقع على رأسها هي.
بقت على هذا الوضع لوقت طويل جدا حتى غفت هي الأخرى لم تشعر بنفسها إلا ما إن شعرت به بدأ يتحرك دلالة على بدء استيقاظه اخذت تبعد رأسه عنها لتضعه على الوسادة ومع فعلتها هذه وجدته يفتح عينيه وينظر لها بكسل ليعاود اغلاقهم مرة أخرى
ثم أخذت تحركه بنذلة لكي تزعجه وهي تقول بابتسامة صفراء- اصحى ياباشا، كفاية نوم كده، أنت استحليتها ولا إيه
- اطلعي برا عايز أنام، قالها بنعاس وهو يعاد غلق عينيه.
أخذت تحركه بيدها وهي تقول بصوت عالي مزعج: اااايه ياباشا، مافيش شكرا، تسلم ايدك ياغالية على تعبك معايا طول الليل، خلي عندك دم يا أخي ده أنا صوابعي مابقتش بحس بيهم
صمتت بخجل ما إن سحب يدها نحو فمه وقبل أناملها وقال بانزعاج بعدما اغمض عينيه
- تسلم ايدك يا غلا، بس غوري من وشي السعادي
سحبت يدها منه وقالت بإزعاج أكبر و أكبر لكي لا ينام فهي تريد الانتقام منه بأي شكل كان.
- شفت ربنا عاقبك ازاي على أذيتك ليا، بس مع الأسف أذيتك مؤقته شوية وراحت إنما أذيتي أنا منك ليل ونهار معايا تقول عايشة بكابوس
رفع رأسه و مال بفمه بابتسامة متكبره مغرورة وقال
- أحلى كابوس صح، اعترفي.
نهضت عن السرير وهي تنظر له بقرف ثم قالت بجبروت أنثى: لا وأنت الصادق أبشع كابوس. يلا اصحى وانزل صيع في الشارع زي كل يوم مع اللي زيك لأن بصراحة أنا مش طايقة الشقة وأنت فيها، يلا هوينا عايز أتنفس بلاش كبستك دي ع الأنفاس
- يخربيتك فصيلة، قالها وهو يرميها بالوسادة لتركض إلى خارج الغرفة ولكن سرعان ما عادت
و وقفت عند الباب وهي تقول بغل.
- بقا أنا فصيلة، فصلوا عظامك عن بعضها يا بعيد، ختمت كلامها وهربت قبل ان ينقض عليها ذلك المفترس الغاضب
(ههههههههههه ايوه كده ياغلا اديلوا ماترحميهوش)
في الصباح الباكر خرجت تهرول حول الفيلا كانوع من الرياضة، فهي تحاول أن تتأقلم و تغير روتينها الممل منذ قدومها الى هنا
كانت تركض وهي تضع الهيتفون بأذنها تستمع إلى موسيقى هادئة تريح الأعصاب وتصفي الأفكار.
توقفت بالتدريج لتجلس على كرسي حجري موضوع على الطريق وأخذت تتأمل كل شئ حولها يا الله كم يبعث الطمأنينة لها، مكان هاديء ونظيف وأشجار و عصافير ويوم غائم كليا، تروق لها هذه الأجواء...
ولكن كن على يقين طالما كل شيء من حولك ممتاز تأكد بأنه سوف يأتي شخص مزعج ويعكر مزاجك.
وهذا ماحدث بالفعل ما إن وقفت لتعود أدراجها الى منزلها حتى وجدت سيارة سوداء تقف أمامها بالعرض لينزل نافذة السائق لتجد آخر شخص تود رؤيته ولكن ليس هنا المفاجأة لا بل المفاجأة تكمن بأمره الغريب لها ما إن قال
- اركبي
ابتسمت بتهكم وهي تقول
- صباح النور أستاذ شاهين أنا كويسة ميرسي لسؤالك كلك ذوق، أنت بجد جنتل مان بأسلوبك
- سيلينا، قالها بتحذير وهو يلتفت لها برأسه ثم أكمل بأمر، اركبي.
استفزها حقا بطريقة كلامه معها لتقول بتكبر متعمد لكي تضايقه بعدما اقتربت منه وسندت يدها على سيارته: أنت شارب حاجة ع الصبح ولا ايه، أنا أركب معاك بصفتك ايه، ده أنت يادوبك محامي بابا يعني شغال عندنا شايف نفسك على إيه بقى
- ياعيون ال بابا، قالها بتوعد وهو يفتح بابه وينزل من السيارة لتعود هي إلى الخلف وما إن أغلقه خلفه حتى وقف أمامها وأكمل بتساؤل وكأنه لم يسمعها
جيدا، بقى أنا شغال عندكم.
وضعت يدها على خصرها و حركت رأسها بنعم وهي تنظر له بتحدي: أيوه وبمرتب كمان
مرر نظره عليها بجرأة وهو يقول: شامم ريحة تحدي بكلامك، بس ياترى أنتي قده
رفعت ذقنها بتكبر وقالت: لاء، أنا أكبر منه
اقترب منها أكثر وأخذ ينظر الى عينيها الملونة وهو يقول من بين اسنانه المصطكة بتوعد: إن ماجبتك تشتغلي عندي على كلامك ده واكسر مناخيرك اللي رفعاها بالسما دي مابقاش أنا شاهين اللداغ
ضحكت من كل قلبها ثم قالت بعدم تصديق.
- أنا أشتغل عند واحد زيك أنت، ده أنت بتحلم
ابقى اتغطى كويس قبل ما تنام
- أهو الحلم ده بقا هعيشهولك وهتمتع فيه يامنجا، قالها وهو يقرص شفتيها بخفة وما إن ضربت يده بضيق شديد منه حتى رفعت حاجبيها باستغرب عندما سحبها خلفه وذهب بها الى الباب الذي يجاور السائق ليفتحه لها ويجعلها تصعد به بكل سهولة
وما إن صعد هو الاخر بمكانه خلف الموقد حتى انطلق بها لتسأله سيلين بعدم استيعاب لتصرفاته معها
- أنت واخدني على فين.
شاهين ببرود: عازمك ع الفطار
- عازمني بمناسبة إيه إن شاء الله
- بمناسبة التحدي اللي حصل من شوية ده
سيلين بعدم تصديق: أنت بتتكلم جد؟
التفت برأسه ونظر لها ثم عاد يركز على الطريق
وقال: هو أنا هزرت معاكي قبل كده
- لا
- يبقى تمام
سيلين بترجي خفي فهي حقا قد تأخرت في عودتها: شاهين رجعني بيتنا زمانها ماما مستنياني نفطر سوا وكده هتقلق
ابتسم شاهين بستمتاع
- ياروح ال ماما انا، ابعتيلها مسج ياصغنن.
كتفت ساعديها بضيق وهي تقول
- حضرتك بتتريق عليا
التفت لها وقرصها من ذقنها وهو يقول بسعادة لايعرف سببها: هو أنتي لسه واخده بالك
أبعدت يده عنها وهي تصرخ به بضجر
- على فكرة أنا هشتكيك ل بابي
- تشكيني أنا، قالها وهو يضحك بخفة، فهو حقا لا يصدق براءة التي تقطن بجانبه، ليقطب بعدها جبينه بتساؤل وهو يقول، هو أنتي عندك كم سنة.
نظرت له سيلين بضيق: مع إن سؤالك ده مش بروفشينال خالص ومش من الأتكيت، بس على العموم 24 سنة، بتسأل ليه!
ابتسم بهدوء وهو يقول: أبدا بس جاني احساس إني قاعد مع بنت عندها ست سنين، يعني آخرك طفلة
شهقت سيلين بذهول من وقاحته هذه من وجهة نظرها وهي تقول: تصدق بالله، أنت قليل الذوق
كلماتها هذه جعلت الاخر يضغط على المكابح ليوقف السيارة بشكل مفاجئ جعل جسدها يرتد الى الأمام
لتجده يسحبها نحوه بحركة سريعة وااااااااا.
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق