القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية مرايا الحب الفصل الرابع عشر والخامس عشر والسادس عشر بقلم نورا عبد العزيز



رواية مرايا الحب الفصل الرابع عشر والخامس عشر والسادس عشر  بقلم نورا عبد العزيز 






رواية مرايا الحب الفصل الرابع عشر والخامس عشر والسادس عشر  بقلم نورا عبد العزيز 



#مرايا_الحب

___ الفصل الــرابــــع عشـر ( 14 ) ___

بعنــــوان " مُحــاولـة إصــلاح "

بعد اتصال طويل أغلق الهاتف نهائيًا مما جعله يذعر تمامًا وأسرع فى عودته للمنزل، رأى باب شقته مفتوحًا ليشعر بقلق شديد ودلف ورأى "سحر" تجلس على المقعد وعلى المقعد المجاور شاب يشبهها فى الملامح ليدرك بأنه أخاها بينما "فلك" كانت نائمة على الأريكة، وقفت "سحر" بضيق شديد وهى تقول:-

-أنا كنت جاية أقولها تقنعك تتنازل عن المحضر والقضية وأديك خدتها واتجوزتها وطلعت أخوها لكن أول ما شافتنا أغمي عليها بسبب قلبها الضعيف

شعر بسخرية فى كلماتها الأخيرة وكأنها تستهئز من زوجته لكونها مريضة بشيء خارج عن إرادتها ليقول بضيق شديد:-

-أطلعي برا يا حرباية أنت والنطع اللى معاكي دا

كاد أن يتحدث اخاها لكنها وضعت يدها تمنعه من الحديث ثم أخذت خطواتها إلى "يونس" بغرور شديد وقالت بسخرية:-

-أنت فاكر أنك هتعرف تتبسط مع واحدة زى دي، دا نص أيامها بتقضيها فى السرير بسبب قلبها المريض ومع ذلك دا شيء ميخصنيش خدها أنا اكتر واحدة مبسوطة أنك خدتها أصلًا دى كانت زى الهم على قلبي وبدعي أن يجي واحد غبي أعمى يأخذها رغم أنى كنت فقدت الأمل فى أن أخلص منها بس الحمد لله أدينى خلصت بس عشان أرتاح بقي وترتاح انت كمان منى ومن قرفي طلع ليا جوزى من السجن وأهو اخوه مراتك تخفف الهم عن قلبها التعبان يمكن يطول عمرها شوية كمان...

وضع "يونس" يديه فى جيوبه بغرور شديد ثم قال وعينيه ترمق "سحر" بقوة وتحدي:-

-ولا هيشوف نور الشمس ويطول حريته طول ما أنا عايش، أطلعي برا

فرت هاربة خوفًا منه مع أخاها ليجلس "يونس" بقلق شديد على ركبتيه أمامها تطلع بها وهى نائمة ليتذكر دواءها فأسرع لغرفتها وأعطاها الحقنة فى ذراعها زظل بجوارها مُتشبثًا بيديها خوفًا من رحيلها بعد حديث "سحر" الذي نشب بعقله نيران الخوف من فقدها ويعود من جديد إلى مرضه وعقلها الباطن يقتله هذه المرة، لم يتحمل فكرة فقدها أو أن يُسلبها الموت منه....

حملها "يونس" على ذراعيه بلطف ورفق ثم أخذها إلى غرفتها ووضعها بفراشها وهو يسمع صوت هاتفه يدق بداخل جيبه، وضع الغطاء عليها بحنان ويده الاخر تخرج الهاتف من جيبه وعندما نظر إلى شاشته كان اسم "قدر" يحتل الشاشة فتنهد بهدوء خافت وخرج من الغرفة بتسلل ليجيب عليها وهو يضع الهاتف على أذنيه:-

-أية يا قدر

أخبرته بشيء ليؤمأ إليها بنعم مُتذمرًا على هذه الفتاة وخرج من الشقة بهذا الوقت المتأخر بحلول منتصف الليل وأنطلق ذاهبًا إلى منزله بالشيخ زايد، دلف إلى الفيلا حيث تسكن "قدر" وترجل من سيارته ونوجه للداخل، قبل أن يخطو أكثر لداخل دُهش عندما أرتمت "قدر" بين ذراعيه تعانقه بقوة مُتشبثة به وتصطنع الخوف، لم يشعر "يونس" حينها بأى شيء أو رحب بعناقها ليقول بنبرة جافة خالية من أى مشاعر ويديه تبعدها عنه:-

-حصل أيه

كان يشعر ولأول مرة بأن هناك فتاة أخرى فى قلبه لا يمكن له خيانتها مع هذه المرأة حتى وأن كانت تلك زوجته وحلاله فـ "فلك" لم تكن زوجته فقط بل حبيبته وهذه المكانة كفيلة بأن تمنعه من التقرب أو النظر بعينيه لمرأة أخرى، تطلعت "قدر" بعينيه ببراءة مُصطنعة مُحاولة جاهدة أسترجاعه مرة أخرى إليها فهتفت بتلعثم تمثل الخوف والضعف أمامه قائلة:-

-بقولك خايفة يا أنس، سمعت صوت فى البارك وخايفة يكون حرامي

ترك يديها ببرود شديد من كلماتها وعينيه تحدق بها بل ترمقها بنظرة باردة متجمدة المشاعر وخالية العاطفة، لن يتأثر بحديثها ولا يهتم لكون هناك لص أو غيره فقال:-

-مش أنتِ اللى نقلت البيت وبعتي فيلا أكتوبر عشان تيجي هنا وقولتي هنا أمان أكتر وأنضف ومكان تتباهي به قدام صحابك وكمان عملتي كدة من غير ما ترجعيلي

وضعت يديها فوق صدره بإثارة وعينيها تبث نظرات دافئة مُشتاقة إليها بجنون وقالت بدلال مُفرط:-

-وأهون عليك يا يونس 

كانت عينيها على وشك أن تقتله بجمالهما، دومًا ما كانت هاتان العينان سبب لهزيمته أمامها رفع يده إلى وجنتيها يلمسهما بأنامله وعينيه تحتضن عينيها الخضراء قبل ذراعيه، رسمت "قدر" بسمة ناعمة على شفتيها تكمل جريمتها فى كيانه لتكتمل تعويذة سحرها التى ألقتها عليه، رفع جسدها بلطف على أطراف أصابعها ويديها تتشبث بقميصه بقوة ثم وضعت قبلة على وجنته بدلال ويدها تتسلل إلى وجنته الأخرى تداعب لحيته بأغراء شديد حتى تهزمه تمامًا وتجعله دُمي بين يديها غارقة فى الهوى، رأته يقترب أكتر منها لتغمض عينيها مُستسلمة برحب لاستقبال قبلته لكنه توقف قبل أن يفعل وعينيه تحدق بملامحها وهى مغمضة العينين أمامه وقلبه يوخزه نبضاته الصارخة باسم "فلك"، وملامح وجهها وبسمتها لم تفارق عينيه وعقله أبدًا، مسك معصميها بقوة وأنزلهما بعيدًا عنه وهو يعود خطوة للخلف ويقول:-

-لا

فتحت "قدر" عينيها على مصراعيها بصدمة ألجمتها وجمدت قدميها وحركتها فى الأرض محلها وتساءلت بنبرة خافتة لم تستوعب كلمته ورفضه قائلة:-

-لا! .. قصدك أيه يا يونس

وضع يديه فى جيوبه ببرود شديد وهو يعود خطوة للخلف بعيدًا عنها وقال رافعًا رأسه بشموخ ونبرة قوية باردة:-

-يعنى مش هينفع

تحولت ملامحها وتوارت بسمتها عن شفتيها وبدأ الغضب يحتل عينيها الخضراء وعقدت حاجبيها بقوة لا تُصدق موقفه وأن من يقف أمامها هو "يونس" زوجها التى لطالما كان يُريدها بقوة ورغبته بها كانت تقتله دومًا والآن يرفضها بكل سهولة وقوة، قالت بغضب مكبوح بداخلها:-

-لا!! .. ومش هينفع.. ليه يا يونس عشان غزل... لا مش غزل ، غزل طول عمرها فى حياتك وعمرك ما قولت لا، أنا اللى كنت بقول لا...

أجابها ببرود شديد وهو يستدير مُتحاشيًا النظر إليها هاتفًا:-

-أديكى قولتى يا قدر طول عمرك بتقولى لا وحرمتى نفسك عليا ومنعتى عنى حقي الشرعي اللى حللهولي ربنا، والنهار دا انا اللى بقولك لا يا قدر 

جذبته من قميصه بقوة لكى يلتف إليها وينظر إلى عينيها مواجهًا إياها دون حرج أو خوف صارخة به بقوة:-

-عشانها صح، فلك اللى غيرتك من ناحيتى وكرهتك فيا مش غزل

رمقها بعيني متحجرة وقلب مُفتتًا وبنبرة خافتة تحمل الكثير من اللوم والعتاب قال:-

-أنتِ يا قدر اللى غيرتني من ناحيتك بأفعالك، ليه مش مستوعبة أن أنا رد فعل ليكي ولأفعالك، وأن اللى كسر اللى بينا هو أنتِ، ذُلــك ليا وأستخفافك بمرضي ومُعريتك ليا، مفيش راجل فى الدنيا بقبل أن ست تعايره وتهينه ما بالك لما تكون الست بتاعته اللى المفروض أن الرجل بيبان قوي وصامد قدام كل الناس ويجي يترمي فى حضنها ويعيط، أنا بتعري قدامك عشان تسترينى لأنك مراتي حتة مني وشريكة حياتي لكن أنتِ ما شاء الله عليكي متوصتيش فى فضحي قدام الناس ودوسك عليا، مهمكش شكلى ورجولتي وأنتِ بتروحي تجرى على أخويا تحكيله تفاصيل بينا المفروض أنها تخصنا إحنا وتحترمى خصوصيتنا، أنا لو كرهتك يا قدر فأنا كرهتك من أفعالك ليا، مدخليش فلك فى الموضوع ولا تشيليها ذنب اللى أتكسر جوايا ليكي

أخذت يده بلطف بين راحتى يديها ونظر إليه بضعف تترجاه بنبرتها الناعمة:-

-طب خلاص يا يونس، تعالي نرجع زى الأول فى أول جوازنا من خمس شهور وأنا أوعدك مش هعمل حاجة تضايقك أو تزعلك وكل حاجة بتكرهها فيا هصلحها وهتغير والله

هز "يونس" رأسه بلا رافضًا طلبها بحزم شديد فقد حسم قلبه الأمر وقال بأستخفاف:-

-مبقاش ينفع.. فات الأوان يا قدر 

أشار على قلبه بلطف وهو يقول بجدية حاسمة:-

-هنا بقي في واحدة تانية مخليني مش أقدر أبصلك أو ألمسك يا قدر حتى وأنتِ مراتي

ألتف لكي يخرج بعد أنهى جملته التى صدمتها فتوقف وهو يفتح الباب وقال بإقتضاب شديد:-

-شوفي جاهزة أمتى عشان ننفصل بهدوء يا قدر، أنتِ تشوفي حياتك وأنا أبدا من جديد وأرمم اللى كسرتيه فيا 

أغلق الباب بعد أن خرج، ظلت "قدر" واقفة مكانها فى البهو مصدومة من كلمته وأتخذه قرار الأنفصال وإلى ما ألت إليه الأمور معهما فتمتمت بخوف شديد من الأنفصال عنه قائلة:-

-لا يا يونس، أنا مش هطلق منك ومش هسيبك لفلك ولا لغيرها...

**********************

جلست "هالة" فى غرفتها ليلًا تفكر فى حديثه وشاردة تمامًا فيما حدث مُنذ قليل...

أوقف سيارته على حافة جبل المقطم لتترجل "هالة" غاضبة تمامًا من وجودها معه بمكان واحد وتأففت بضيق شديد ليترجل "أنس" بهدوء وهو يسير خلفها بخوف من رد فعلها هنا وقال:-

-أنا أسف

دمعت عينيها قهرًا لا تُصدق أبدًا ما تسمعه وهل أعتذاره كافي ليصلح ما هدمه ودمره بها، ألتفت بأنفعال شديد على وشك الصراخ به لكنها دُهشت عندما رأته جالسًا على ركبتيه بالرمال راكعًا أمامها ويخفض رأسه فى الأرض بأنكسار وندم شديد، تحدثت "هالة" بنبرة قوية:-

-وتفتكر الأعتذار كافي عشان يصلح اللى دمرته، هو أنت تدمر حياتي وجاي بكل سهولة تقولي أسف ، دى بجاحة ونجاسة

وقف أمامها مُستقيمًا ليقول:-

-والله أبدًا ما بجاحة ربنا عالم، أنا معترف بغلطي بس قوليلي أكفر عن ذنبها أزاى وبأيه وأنا والله ما هتأخر ولا هرفضلك حاجة

ضحكت بسخرية شديدة وهى تعقد ذراعيها أمام صدرها بقوة وقالت مُتحاشية النظر إليه:-

-ما هو مفيش حاجة هتصلح اللى عملته، خلاص أنت دمرت حياتى وأنتهى الأمر، أنا عاملة زى اللى مستني إعدامها ولا انت فاكر أن لما الناس تعرف هيقوله غصب عنها وحيوان زي هو المُذنب لا دول هيشيلوني أنا الذنب قبل منك، فاكر أهلى هسيبونى عايشة لما يعرفوا أن شرفها ضاع وعمومًا هى مجرد أيام والكل هيعرف باللى فى بطني دا 

أخذ خطوة نحوها راجيًا أن تترك له مجال للحديث لتعود هى للخلف بخوف منه فنظر إليها بإستياء شديد من حاله ثم قال:-

-أنا عارف أن اللى عملته ميتصلحش وميتغفرش بس على الأقل خلينى أحاول أرفع عنك الإعدام لأن زى ما قولتي الذنب ذنب حيوان زي 

رفعت حاجبها قليلًا وهى لا تفهم شيء من كلماته ليتابع حديثه بنبرة جادة واثقًا من كل كلماته وحاسمًا أمره:-

-خلينى أكتب عليكي يا هالة وأبقي جوزك قدام الناس كلها وبعدها أوعدك فى اللحظة اللى هتقوليلي طلقنى هطلقك بس على الأقل هتفضلي شريفة وطاهرة بعفتك قدام كل الناس وقدام أهالك ودى الحاجة الوحيدة اللى فى أعملها لك

صفعته بقوة على وجهه غاضبة من كلماته وعقلها لم يستوعب بأنه يفتح لها باب وكر شيطانًا مثله لتدخل إليه بقدميها هذه المرة وصرخت به بأنفعال شديد تقول:-

-أنت حيوان  وزبالة، عايزنى أعيش تحت سقف واحد مع قاتل وذئب بشري زيك، أعيش معاك وأشوفك كل لحظة وأنت ذابحنى وقاتلنى بالحياة، أنا عايشة زى الميت بسببك وجاي تقولك أتجوزك... أنا بمسك نفسي قدر الإمكان يا أنس عشان ما أقتلكش بأيدي دى دلوقت وأخد حقي منك بأيدى

وضع "أنس" يده على وجنته بصدمة من صفعتها ولم يصدق بأنه يسمح لفتاة بلطمه لكنه يحاول قدر الإمكان التحكم فى أعصابه خصيصًا بعد ما فعله بها،كاد أن يتحدث ليراها تجلس كالقرفصاء أرضًا وتنهار باكية بضعف وأستسلام، كانت غاضبة للتو وكأنها على وشك قتله لكن بنهاية المطاف بطبيعتها التى خُلقت بها كابنة حواء أصبحت هشة ضعيفة لا تقوى على مواجهة قطة تموء أمامها، تنحنح بحرج من وجوده أمامها وهى تبكي هكذا دون أن تُحرج منه أو من أن يرى ضعفها، جلس على الأرض بجوارها فسمعها تقول بضعف مُتمتمة:-

-بس أنا هتفضح بسببك، أنا جايلي عريس وأخويا هيجوزني.. حسبي الله ونعم الوكيل، أنا نت هموت نفسي وأخلص من عذابي منك لله 

بكت بضعف شديد من قدرها المُشحوم بالكثير من الألم والوجع، تحدث "أنس" بنبرة ترجي شديد قائلًا:-

-خلينى أتجوزك يا هالة وأنا أوعدك مش هقرب منك ولا هتشوفي وشي فى البيت نهائيًا بس أرفع عنك اللى هيحصل لأن للأسف وغصب عنى والله ومش بجاحة منى اللى حصل حصل، خليني أصلح اللى هيحصل وألحقه

رفعت عينيها إليه بضعف وهى تمسح دموعها عن وجنتيها بأناملها النحيفة وقالت بحزم شديد:-

-مش هتورينى وشك!

أومأ إليها بنعم مُتمنيًا أن تقبل لتؤمأ إليه بنعم بضيق شديد رغمًا عنها ثم قالت بضيق شديد:-

-شهر واحد بس وتطلقنى وخلال الشهر دا مشوفش وشك فيه

أومأ إليها بنعم بحماس شديد ومُمتنًا لموافقتها...

لا يعلم كيف مر شهرًا واحدًا فقط وجاء هذا اليوم الذي يعقد عليها، تعجبت "فلك" كثيرًا لقرار زواجهما معًا بل نفذه بدون حفل زفاف أكتفوا الأثنين بعقد قرانهما فى المنزل، على عكس "يونس" الذي تقبل الموضوع بصدر رحب لأجل "هالة" وحمايتها على الأقل من المستقبل، طيلة هذه المدة و"قدر" مُختفية تمامًا لم تخبره بموعد للطلاق بل أختفت تمامًا من حياته، خرج "يونس" بصحبة "فلك" من منزل "هالة" بعد أن رحل "أنس" بها زوجة له..

ولج "أنس" من باب الفيلا الخاصة به بعد أن فتحت له الخادمة امرأة فى بداية الخمسينات "جميلة" مُرتدية عباءة سوداء وحجاب أسود كبير، كان بجوارها فتاة عشرينية "داليا" ترتدي بنطلون ازرق وقميص نسائي طويل يصل لركبتيها بكم وترفع شعرها الأسود للأعلى على هيئة كعكة دائرة، تبسمت "جميلة" بلطف شديد قائلة:-

-نورت بيتك يا بنتى 

لم تُجيب "هالة" عليها بل ظلت واقفة تحدق بالمكان بضيق شديد وهى تشعر بحجر صخرى على صدرها يخنقها ويكتم أنفاسها حتى اوشكت على قطعها، أشار "أنس" على "جميلة" بهدوء وقال:-

-دادة جميلة، مسؤولة عن البيت هنا ولو أحتجتى حاجة أطلبيها منها و....

كاد أن يُقدم لها "داليا" لكن أستوقفه صوتها الحاد ونبرتها الغليظة وهى تقول:-

-أنا عايزة أطلع أوضتى  

أخذتها "داليا" للأعلى بينما اقتربت "جميلة" منه تربت على كتفه بحنان وقالت ببسمة خافتة:-

-متقلقش يا ابنى، طول فترة وجودها هنا أنا هحطها جوا عيني

أومأ إليها بنعم وعينيه تراقب "هالة" أثناء صعودها الدرج حتى أختفت عن نظره ودلف للمكتب ليجد "جميلة" قد أعدت له مكانًا للنوم به على أريكة سرير وأحضرت له ملابسه التى سيرتديها غدًا من الأعلى حتى لا يضع قدمه على الدرج نهائيًا تنفيذًا لرغبة "هالة"، خرجت "داليا" من الغرفة بعد أن أغلقت الباب لتجلس "هالة" على الفراش بضيق ولم تعطي لنفسها مساحة لتجول بهذا المكان أو أستكشفه بل كانت واثقة تمامًا بأنها ضيف خفيف عابر سيقيم هنا قليلًا من الأيام وسترحل ربما يساعدها هذا القرار على التخلص من جزءًا من خوفها من الغد والبشر المُحيطين بها، ألقت بجسدها على الفراش بتعب شديد لكن عينيها لمحت صورته على الكمودينو المجاور للفراش لتعتدل فى جلستها سريعًا وأخذت الصورة وألقت بها خارج الغرفة من الشرفة بانفعال شديد ثم عادت لتغلق الباب من الداخل بمفتاحًا حتى لا يدخل عليها أحدًا من سُكان هذا المنزل....

************************

فى صباح اليوم التالي داخل الشركة، تبسم "يونس" بحماس شديد بعد مقابلته لهذا الشاب الذي سيُعين مكان "هالة" مؤقتًا ونظر إلى العقد بإرتياح وأخيرًا سيستطيع العمل فى بيئة جيدة دون حمل أى أعباء أو قلق مُحتم عليه، خرج مع الشاب من مكتبه مُبتسمًا وهو يُحدثه ليقول:-

-أن شاء الله تتبسط معانا هنا

أجابه الشاب بعفوية شديدة قائلًا:-

-إن شاء الله وأكون أنا عند حُسن ظنك يا .... فلك

توقف عن الحديث وأبتلع كلماته فور رؤيته إلى "فلك" ليفظ أسمها بعفوية وسعادة كبيرة من لقائها، ألتفت "فلك" فور سماع اسمها لتُدهش من رؤيته وهى تعود بخطواتها نحوه وتقول:-

-خالد... مش معقول

صافحته برحب وحماس يغمرها وهكذا الأخر الذي كان على وشك ألتهمها بعينيه من الفرحة التى تغمره، بينما كان هناك قلبًا يحترق من الغيرة والغضب معًا فقد تملكه الغضب وأوشك على قتل هذا الشاب وخصيصًا مع بسمتها المُشرقة التى رُسمت للتو لأجل هذا الرجل مُتناسية كونها امرأة متزوجة.......

يتبــــــــــــــع .................

#مرايا_الحب

#نور_زيزو

#نورا_عبدالعزيز

#مرايا_الحب

___ الفصل الخـــامـس عشـر ( 15 ) ___

بعنــــوان " خطــوة إليـــك "


خرج "أنس" من غرفة المكتب لتستوقفه "جميلة" عندما وقفت أمامه وقالت:-

-مش عايزة تخرج من أوضتها من ساعة ما دخلتها وقاطعة الأكل والشرب


نظر "أنس" على الدرج بحيرة ثم قال:-

-حاولى معها يا دادة


أجابته "جميلة" بيأس من هذه الفتاة والنجاح معها لتقول:-

-والله حاولت معها كتير لكنها عنيدة جدًا يا أنس بيه


تنهد بحيرة شديدة وسار نحو الدرج مُتمتمًا بخوف من رد فعلها:-

-وفاكرة أن أنا اللى هعرف أقنعها تأكل


صعد للدرج بحيرة شديدة وهو لا يعلم كيف يطلب منها تناول الطعام او الخروج من غرفتها، وصل أمام باب غرفتها وقبل أن يطرق الباب سمع صوتها تتحدث فى الهاتف قائلة:-

-نزلته ما أنا مش هشيل فى بطني حاجة أنا مش عايزها ولما يجي هقوله ايه، أنت جيت نتيجة أيه، كان لازم أنزله 


فتح باب الغرفة بدهشة مما سمعه، ألتفت مُسرعة بعد أن فتح الباب دون أذن وتحمل بيديها الهاتف لتراه واقفًا أمام الباب بعد أن أغلقه لتزدرد لعابها العالق فى حلقها بصعوبة بالغة وتغلق الهاتف بصدمة من ظهوره أمامها وقالت بتلعثم:-

- أنت أيه اللى جابك هنا؟ 


سألها "أنس" بنبرة حادة رغم هدوئها قائلًا:-

-نزلتيه؟! 


نظرت "هالة" إليه بغضب سافر وعينيها تكاد تقتله من الكره والغضب اللذان تحملهما له بداخلها، كانت تشبه فجوة بركانية وصلت لأقصي درجات الغليان قبل أن تنفجر به، تحدثت بحزم شديد:-

-أطلع برا


تحدث "أنس" بخفوت شديد قائلًا:-

-مش مهم، أنا جاية أقولك أنزلى كُلي، متعاقبيش نفسك على حاجة مالكيش ذنب فيها، قطع الأكل مش حل ومتخافيش أنا مش هقعد معاكي على السفرة، أنا وعدتك أنك مش هتشوفني ولا هضايقك 


ضحكت بسخرية شديدة على طيبته المُصطنعة لتقول:-

-مالكش دعوة أكل ولا أموت ميخصكش، وبلاش التمثيل دا مش لاقي عليك لتكون فاكر أن الطيبة والخوف اللى راسمهم دول وبتمثلهم هيدخلوا عليا، لا فوق كدة شوية أنا أكتر واحدة عارفة ومُتأكدة أنت وجواك ايه 


اخذ خطوة نحوها بندم سافر ظهر فى ملامحه وهو يقول بنبرة خافتة:-

-والله كان غصب عنى ومكنتش فى وعي، أنتِ عارفة دا 


ضحكت بسخرية عليه غاضبة ثم قالت:-

-زى ما أنت عارف كويس أن اللى بتقوله وبتعمله مش هيفيد، أنت فى نظرى هتفضل حيوان، فوق يا ابن القصور وأوعاك تنسي أنك مُغتصب تستحق القتل فى ميدان عام


أقترب "أنس" نحوها خطوة واحدة وهو يقول بضعف وإنكسار شديد:-

-والله غصب عني ومكنتش فى وعي وربنا عالم وشاهد بـ دا


صاحت به بأنفعال شديد لا تقوى على رؤيته والتُحدث إليها:-

-هو اللى زيك يعرف ربنا، أنت نجس متعرفش ربنا، متعرفش غير الأذي وشيطانك راكبك، أنا مش عايزة أسمع منك مبررات، لو تعرف ربنا مكنتش عملت فيا اللى عملته


دمعت عينيه بحزن شديد ليقول بتلعثم من شهقاته المكبوحة بداخله:-

-أنا مش عايز منك غير أنك تسامحينى بس أو على الأقل متشوفنيش وحش أوى كدة، دى غلطة عملتها وأنا مش فى وعي، أنا مش وحش أوى كدة والله ، أنا مهبررتش ولا أنكرت غلطتى أنا معترف أنى غلطت فى حقك وحاولت أصلح دا


تحدثت بنبرة مُنكسرة تحمل الكثير من الوجع والألم المُصاحب لدقات قلبها قائلة:- 

-لتكون فاكر أن اللى عملته دا هخليني أغفرلك جريمتك القذرة اللى ارتكبتها فى حقي، لا فوق يا أنس أنت شيطان فى هيئة بني ادم

 

سقطت على الفراش جالسة بضعف وأنهيار، أقترب منها وهو يجثو على الأرض أمامها راكعًا

وحاول لمس يدها بيده المُرتجفة خوفًا من رد فعلها لكن "هالة" دفعت هذه اليد بقوة بأشمئزاز من لمسها له لتقول بأنفعال شديد:-

-أوعاك تفكر تلمسنى بأيدك النجسة دى تاني يا زبالة 


دمعت عينيه ضعفًا وحزنًا مما فعله وارتكبه فى حق هذه الفتاة المسكينة ليحول براءتها لسكين حادة يجرح كل من يقترب مته وقال بتلعثم:-

-أنا مكنش قصدي اللى حصل ومكنتش فى وعي يا هالة وأنتِ عارفة دا 


اجابته بنبرة حادة غليظة:-

-كان قصدك مكنش قصدك، مش هتفرق ومش هتغير حاجة، مهما حاولت تبرر أو تطلب الغفران مش هينفع، اللى أتكسر خلاص أتكسر، لا هيصلحه تبرير ولا هينفعه غفرانه، أنا بقيت شبه الميت اللى من غير روح، أنت دمرت حياتي وأنتهى الأمر


دمعت عينيه ضعفًا وحزنًا فهو نادمًا بكل جوارحه على ما حدث، وقف من أمامها باكيًا ليغادر الغرفة مُنكسرًا يحيطه شعور بالذل والإهانة لتسقط "هالة" على الفراش باكية بأنهيار شديد لا تعلم متي ستتخلص من الجحيم وتعود حياتها لطبيعتها، ظل واقفًا أمام الغرفة خائفًا وعلى وشك البكاء حزنًا بسبب تأنيبها إليه، سمع صوت شهقاتها من الداخل وهو عاجزًا على تقديم الأعتذار إليها.....


*****************


-مش فاهمة أنت متعصب ليه؟ 

قالتها "فلك" بنبرة باردة كالثلج على عكسه مشتعل كالنار ومُلتهبًا من الداخل كالبركان، مما اثار غضب "يونس" أكثر عندما تفوهت بهذا البرود كأنها لم تفعل شيء ولم تعترف بجريمتها فى حقه ليقول:-

- أيه البرود اللى أنتِ فيه دا، احذري غضبي يا فلك، يعنى ايه تقفي وتضحك وتهزرى مع الزفت دا 

أجابته ببرود أكثر وكأنها لا تعري أى اهتمام لغضبه وانفعاله بسبب غيرته التى تأكل قلبه من الداخل بشراهة لتقول:-

-قولتلك زميلي وكان معايا فى الجامعة 

مسك ذراعها بقوة وهو يجذبها إليه حتى أرتطمت بصدره لتبتلع ريقها بصعوبة خوفًا منه وتستمع لكلماته وهو يقول:-

-كان وكان فعل ماضي يا فلك، أنا لسه مركبتش قرون عشان مراتي تقف تضحك وتهزر مع راجل عادي كدة

تألمت من قبضته وقالت بعناد شديد:-

-فى ايه يا يونس، أنت قلبت الموضوع دراما كدة ليه 

كز على أسنانه وهو يحدق بعينيها وعلى وشك ألتهمها بسبب تضارب مشاعره ونبضات قلبه فى الداخل وقال بتحذير واضح مُنفعلًا:-

-فكرى تعملها مرة تانية يا فلك وأنا هفلق رأسك نصين، أنتِ مراتي أنا وبتاعتى أنا 

تبسمت بخفوت على كلماته وهو يخبرها أنها ملك له وتخصه وحده، تمتمت "فلك" بدلال بعد أن رفعت يدها تضعها على صدره وبنبرة هامسة قائلة:-

-غيران!! 

تبدلت ملامح غضبه ونظر إلي دلالها ونبرتها الدافئة المُثيرة، لم يُصدق أن "فلك" فتاته المتمردة وزوجته التى تهجره الآن أمامه تتدلل عليه بعفوية وانوثة، فى كل مرة ذهب إليها صرخت به والآن جاءت إليه ففكر فى الأنتقام منها هذه المرة ليقول بعناد:-

-مستحيل!! 

ضحكت بعفوية وهى تتسلل من بين يديه وتهرب بعيدًا عنه وهو يقول:-

-طيب هروح أنا الحق خالد قبل ما يمشي اخليه يجبلي فطار معاه 

مسك معصمها بانفعال شديد وهو يسحبها إليه بقوة ويديه تحيطها باحكام حتى لا تفر هاربة منه إلى هذا الشخص، عينيه كان تطلق شرارة نارية تكاد تقتلها فى هذه اللحظة بسبب غيرته وقلبه الذي يمزجه شعور الغيرة القاسية المُلتهب كحمر ناري، تطلعت "فلك" بيه بعينيه صادمة لا تصدق قسوته وهو يعتصرها بين يديه، تمتمت بضيق شديد قائلًا:-

-مستفتزنيش يا فلك وتختبري صبري عليكي 

اجابته بضيق شديد غاضبة من هذا الزواج المُزيف قائلة:-

-بصراحة زهقت من العيشة دى والسعادة المُزيفة، جوازنا الصوري مقرف يا يونس، أنا من حقي حد يحبنى ويحتوينى ويدلعنى ويقولى كلام حلو ويهتم بيا 

صاح وهو يعتصر معصمها بقسوة غاضب من كلماتها قائلًا:-

-فتروح لراجل تاني يعاكس فيكى ويغازلك وأنتِ على ذمة راجل تاني 

تمتمت بضيق وهى تحاول الهرب من يديه قائلة:-

-خلاص يا يونس سيبنى، طلقــ.....


أسكتها بقبلة على شفتيها بقوة ويديه تعتصر خصرها بين قبضتيه بقوة، دُهشت من فعلته وسكنت هادئة بين بين يديه لم تقاومه أو تدفعه بعيدًا لتغمض عينيها بأستسلام لهذا الشعور الذي ضرب قلبها للتو ونبضاتها التى تسارعت بجنون تلطم ضلوعها الصلبة وقلبها أسيرًا مسجونًا بينهما وكأنه يحاول كسر هذا الحاجز حتى يهرب من صدرها إلي حبيبه الواقف أمامها وهى بين ذراعيه، هذا الشعور المُصاحب للحب كان أقوى، شعورها بالأمان والسلام الداخلي بقربه كأنها أمتلكت العالم أجمع عندما أمتلكت هذا الرجل الذي هرب منه جميع النساء لكنها كانت تصبو إليه بجنون راكضة بسرعة جنونية كمُتسابقة فى سباق، أبتعد "يونس" عنها يلتقط أنفاسه بصعوبة التى أوشك على الأنقطاع وقلبه الذي يرفرف فرحًا لأمتلاكه لها رغم عنادها وتمردها لكنها الوحيدة التى أسرت قلبه وجعلته سجينًا وأسيرًا إليها، رمق عينيها عن قرب وخطفت عينيه شعرة رأسها التى هربت من حجابها ليقول:-

-أياكِ تنطقيها يا فلك حتى لو بهزر، أنا مش هطلقك وهموت وأنتِ مراتي 


وضعت سبابتها على فمه بخوف من فقدهوقالت بلهفة مُرتعبًا:-

-بعد الشر عليك 


كانت أنفاسه تضرب وجنتيها بسبب قُربهما الشديد ليقول بهمس:-

-خايفة عليا؟!


تحاشت النظر إليه بخجل شديد، مسك ذقنها بسبابته وأبهامه ليرفع رأسها للأعلي حتى تلتقي أعينهما معًا وقال بخفوت شديد قائلًا:-

-خايفة عليا يا فلك؟


أجابته بهدوء حادقة به بعيني عاشقة وقد بدأت بذور الحب التى زُرعت بداخل قلبها تحيا وتكبر أكثر وأكثر قائلة:-

-ماليش غيرك يا يونس


تبسمت بخفوت إليها ثم أقترب أكثر ليطبع قبلة على جبينها بحنان وأبتعد مُجددًا ناظرًا إليها وقال:-

-وأنا معاكي وجنبك يا فلك ومش هسيبك أبدًا 


رن هاتفها يقطع لحظتها العاطفية وكأن يُعلن عن أستسلم رسالة على تطبيق واتس أب، أبتعدت قليلًا عنه ليترك أسر خصرها وفتحت الهاتف لتُدهش عندما وجدت رسالة واردة من "خالد" فأبتلعت ريقها بأرتباك شديد من زوجها الواقف أمامها، كان "يونس" يحضر ملف من فوق المكتب وألتف ليرى ربكتها وتوترها فأقترب منها أكثر وهو يقول:-

-مين اللى بيكلمك؟ مرات أخوكي برضو؟


رفعت "فلك" رأسها للأعلى بتوتر شديد وقالت:-

-ها .. لا .. اه


ربكتها وتوترها الشديد أثاره فضوله ليقترب "يونس" منها وأخذ الهاتف من يدها بالقوة وهو يقول:-

-ورينى


نظر للرسالة وتحولت ملامحه تمامًا عقد حاجيبه بغضب، وبرزت خطوط عرضية فى جبينه وهو يقرأ الرسالة بصوت واضح لتسمعها هى مرة أخرى لكن منه هذه المرة:-

-تعرفي أنى مكنتش مُتخيلة أنى أقابلك تاني يا فلك، حقيقي كان نفسي أقابلك تاني ولو مرة عشان اقولك مشاعري اللى مخبيها جوايا ليكي


أبتلعت "فلك" ريقها بخوف شديد من غضبه ولهجته التى يقرأ بها الرسالة أرعبتها، رفع نظره إليها وهو يغلق قبضته على الهاتف بقوة بعد أن علم أن هناك رجل أخر يكن لها المشاعر ويعترف بها الآن فقال بحدة صارخًا بها:-

-هو دا اللى مجرد زميل جامعة يا فلك


حاولت أن تهدأ من روعته وهى تقول بتلعثم شديد خوفًا منه:-

-أهدي يا يونس، أنا مكنتش اعرف والله حاجة عن المشاعر والإعجاب دا نهائيًا 


رن الهاتف مرة أخرى مُعلن عن قدوم رسالة جديدة ليفتحها "يونس" بتعجل شديد والغضب هو المسطير والمتحكم الوحيد به الآن فأتسعت عينيه على مصراعيها حادقة بهذه الكلمة المكونة من أربع حروف فقط لكنها كانت كفيلة لتصل به إلى النهاية ليقول بتمتم مُتعلثمًا غير مُصدق ما يراه:-

-أنا بحبك يا فلك....


ألقي الهاتف فى وجهها وسار نحو باب الغرفة لتسرع "فلك" خلفه بجنون ومسكت معصمه قبل أن يخرج من باب المكتب وقالت:-

-يونس، أستن أنت رايح فين


دفعها بقوة بعيدًا عنه وكان زحزحتها بعيدًا عنه سهلًا بقوته البدنية أمام جسدها الأضعف منه، خرج إلى البهو وكان "خالد" واقفًا أمام مكتبه ينظر بهاتفه ومُنتظرًا الجواب منها على رسالته التى رأتها ولم تُجيب ليقول صارخًا بقوة:-

-خالد


ألتف "خالد" إليه ليُدهش عندما مسك "يونس" لياقته بقوة وكان الجميع يحدق بهما بينما مسكت "فلك" ذراعه المُتشبث بلياقة "خالد" بأحكام وتقول:-

-يونس.. الناس بتتفرج علينا


تحدث "خالد" بنبرة غليظة من تصرف "يونس" قائلًا:-

-هو فى أيه؟


لكمه "يونس" فى وجهه بقوة وهو يقول بأنفعال شديد:-

-فى أن فلك مراتي!


أتسعت عيني "خالد" على مصراعيها وحدق بـ "فلك" الواقفة مُتشبثة بيد "يونس" وقالت بترجي :-

-خلاص يا يونس الناس بتتفرج علينا


دفعه "يونس" بقوة للخلف ثم أخذ يدها وخرج من الشركة لتسير معه رغم غضبها من تهوره إلا أن بسمتها لم تفارق شفتيها وهى تراه غيورًا عليها حتى ولم يعترف بهذا الشيء إلا أن غيرته واضحة وتصرفاته تعلن هذا وبشدة لتقول:-

-يونس


توقف عن السير بها وأستدار ينظر إليها بوجه عابث جاد خالي من اى مشاعر أو عاطفة وعينيه تكاد تقتلها لو كانت النظرات تُقتل، تطلعت به ببسمة خافتة مُشرقة ثم أقتربت نحوه الخطوة الفاصلة بينهما وقالت:-

-ما تيجي نتجوز


نظر إليها بأستغرب شديد ظهر فى عقد حاجبيه ليقول بتعجب:-

-نتجوز!! أنتِ مجنونة يا فلك ما أنتِ مراتي


ضحكت بعفوية وهى ترفع يدها إلى صدره وتنهدم رابطة عنقه وقد بدأت بالحديث أثناء فعلتها بنبرة ناعمة وخافتة هاتفة:-

-أُخطبنى يا يونس وأبقي خطيبتك وتدلعني كدة وبعدها نتجوز من جديد وتعملي فرح كبير أو صغير مش فارقة وألبس لك فستان أبيض وأبقي عروسة زى البنات وهم أحسن منى يعنى ، أساس اللى إحنا فيه دا مش جواز 


 رغم تورد وجنتيها إلا أنها جمعت شجاعتها لتُحدثه هكذا وعينيها نظر لرابطة عنقه مُتحاشية النظر إليه فتبسم بخفوت فقد أمتصت غضبه للتو بكل سهولة وأسرع من البرق، كانت مُدللة وعفوية بكلماتها وطريقتها، خجلها التى زادها جمالًا، رفع سبابته يدخل شعرتها داخل الحجاب فنظرت إليه بحب ليقول:-

-وست البنات كلهم كمان يا فلك،

عايزة تتجوزينى!!


أومأت إليه بنعم ثم قالت بمرح شديد وبسمة خجولة:-

-أممم يلا أكسب فيك ثواب يدخلنى الجنة


كاد أن يتحدث لتقول بعبوس شديد:-

-أيه هترفض، دا أول مرة واحدة هى اللى تطلب أيد واحد مينفعش تكسفنى على فكر يا يونس


أومأ إليها بنعم مُبتسمًا ثم قال بحب:-

-أنا موافق


عانقته بدلال وحماس شديد لموافقته ثم قالت:-

-أتفقنًا، نعمل خطوبة سنة كويسة


أقترب منها برأسه وهمس فى أذنه بغزل قائلًا:-

-وتفتكر أنا هستحمل سنة، أنتِ أخرك فى الخطوبة دى مسافة ما نروح البيت، الكرزية دى لذيذة


قال كلمته الأخيرة وهو يمرر أبهامه على شفتيها لتضربه بقوة على صدره غيظًا من تغزله بها وقالت:-

-أتلم يا يونس، ولازم تفهم إحنا لو متفاهمناش أو أنا مرتاحش هفشكل الخطوبة دى وتطلقنى ما أنا مش هتجوز واحد مبحبوش


همس بأذنيها بخبث شديد مُتسائلًا:-

-هو أنتِ مبتحبنيش، عينى فى عينك كدة


تنحنحت بخجل شديد ثم قالت :-

-روحنى يلا


تبسم بعفوية عليها ثم أخذ يدها بيده وذهب نحو سيارته الموازية للرصيف وهى تبتسم خلسًا عليه وقلبها يتراقص فرحًا على ضلوع صدرها......


****************


 خرج "خالد" من الشركة ليصعد بالسيارة ونظر إلى مقعد السائق وهو يقول:-

-عاجبك اللى جرالي من تحت رأسك


نظرت "قدر" إليه  ببرود شديد ثم قالت:-

-ما أنت قبضت ثمن دا، وزى ما وعدتك هتكفل بمصاريف علاج أمك متحسسنيش أنك بتعمل حاجة ببلاش


تأفف "خالد" بضيق شديد من أبتزازها إليه لتتابع "قدر" بنبرة غليظة باردة:-

-ومتنساش وصل الأمانة اللى مضيت عليه 


أومأ إليها بنعم ثم قال بخوف من السجن وتهديدها صريح:-

-أنا مقولتش حاجة بس أنتِ مقولتليش انه عصبي كدة


تنهدت بغرور شديد وهى تشعل سيجارتها لتضعها بين شفتيها بكبرياء باردًا وقالت:-

-أديك عرفت يا حلتها، بكرة تعمل اللى أتفقنا عليه، يونس لازم يطلقها على أيدك، تعملها أزاى دى معرفهاش، تخليه يقتنع أنها بتخونه معاك، توقع بينهما دى ميخصنيش أنا اللى ليا أن يونس يطلق فلك ...

وضعت يدها على وجنته بتهديد شديد وقالت:-

-واضح 


أومأ إليها بنعم ليترجل من السيارة فأنطلقت "قدر" بسرعة جنونه ليبصق "خالد" ريقه فى الأرض بأشمئزاز من هذه المرآة التى تبتزه بمرض والدته طريحة الفراش......


يتبــــــــــــــع .................


#مرايا_الحب

#نور_زيزو

#نورا_عبدالعزيز


#مرايا_الحب

___ الفصل الســـادس عشـر (16) ___

بعنــــوان " شقًا بالقلب "


ترجلت "فلك" من سيارتها أمام منزل "أنس" لتندهش من جماله والمكان الذي يعيش به و"يونس" يعيش معها بشقة صغيرة لتتساءل هل يملك مثل هذا المنزل وتركه لأجل البقاء جوارها، دلفت من الباب و "داليا" ترحب بها ببسمة خافتة ثم قالت:-

-الهانم فى أوضتها 


صعدت "فلك" معها للأعلي حيث غرفة "هالة" ودلفت لتراها واقفة بالشرفة فألتفت إليها بهدوء وقالت:-

-متأخرتيش يعنى


تبسمت "فلك" برحب شديد وهى تقول:-

-اه ما صدقت أصلًا أنك كلمتيني


أقتربت "هالة" منها بحيرة شديد وتشعر بصخرة نارية مُتلهبة فوق قلبها وروحها المُسلوبة منها تخنقها حد الموت بضيق شديد، أسرعت نحو "فلك" ترتمي بين ذراعيها بضعف وحزن خيم على قلبها بدأت فى نوبة من البكاء والأنهيار لم تصدق "فلك" ما ألت إليه الأمور وأنهيار هذه الفتاة وهى ما زالت عروسة فى أول أيامها، ربتت عليها بلطف شديد وقالت:-

-حصل ايه يا حبيبتى، أهدي كدة


ظلت معها حتى هدأت تمامًا وتوقفت عن البكاء شيئًا فى شيء وجلسوا على الأريكة معًا لتقول "فلك" وهى تجفف دموع "هالة" بأناملها الناعمة قائلة:-

-حصل أيه يا حبيبتى؟ أحكي لي يا هالة أنا مش قادرة أشوفك فى الحالة دى ولا عارفة أساعدك نهائيًا


أومأت إليها بنعم ورجفتها المُلازمة لجسدها لم تتوقف نهائيًا لا تعلم كيف ستتفوه بهذه الكلمات أو تصف ما حدث لها لكنها بأمس الحاجة للحديث مع أحد قبل أن يغلبها الألم والحزن وتقتل نفسها، بدأت تقصي هعلى "فلك" ما حدث و"فلك" فى حالة صدمة لا تصدق ما تسمعه أذنيها وهذا الحديث، لا تصدق أن "أنس" ما تعرف أرتكب هذه الجريمة لتقول بصدمة ألجمتها وأستوقفت كل تفكيرها تمامًا:-

-أنس!! أنا مش مصدقة اللى بسمعه نهائيًا


كانت "هالة" تطأطأ رأسها تمامًا للأسفل بحزن شديد خجلًا من حالها وما أصبحت به، رفعت "فلك" يدها بحنان وإشفاق على هذه الفتاة ثم ربتت على كتفها بأحتواء ربما تساعدها فى التخفيف عما حدث لتقول:-

-إحنا نحمد ربنا أنه سترها معاكي ومفضحكيش يا هالة 


جهشت باكية بأنهيار وطريقة هسترية تقول:-

-أنا هموت من الوجع والحزن، حاسة أنى مذبوحة وروحي أتسرقت مني، مبقتش قادرة أعمل حاجة غير البكاء وحتى الصراخ مبقتش قادرة عليه ولا عارفة أصرخ، أنا بقيت شخص ميت ماشية على الأرض، مش قادرة أخرج من أوضتى ولا قادرة أبلع لقمة، لحظات الليلة دى مبتقارفش خيالى، بقيت بخاف أغمض عيني عشان كل ما أغمض مشوفش غيره والليلة المُميتة دى 


ضمتها "فلك" بإشفاق وهى تشعر بألم شديد على حالة صديقتها أكثر شخص عفوي ومُبتسمًا عرفته لكنها الآن أصبحت كالرماد بعد أن حرقها الزمن وقسي عليها القدر، حاولت "هالة" الصراخ وسط بكاءها ربما تستطيع التخفيف عما يُثقل قلبها لكنها لم حتى الصرخة كان يؤلمها ويمزج صدرها فلم تعد تقوى عليه، بعد نوبة طويلة من البكاء والأرتجاف فتحدثت "فلك" وهى تحدق بوجه "هالة":-

-هو محاولش يتكلم معاكي


عقدت "هالة" حاجبيها بغضب سافر وهى لا تستوعب كيف لها بأن تسمح لوحش مثله بأن يُحدثها أو يتطلع بها فقالت بعنف شديد قائلة:-

-أيه اللى بتقوليه دا يا فلك، أنا مش طايقة أشوفه ولا حتى أسمع صوته هسيبه يكلمنى كدة عادي، دا مستحيل أعملها نهائيًا، وهيتكلم يقول أيه... أسف ومكنش قصدي تفتكري دا هيصلح حاجة من اللى أتكسرت جوايا 


أومأت "فلك" إليها بنعم وتمتمت بصوت خافت:-

-عندك حق


شعرت بألم فى قلبها ووغزات حادة كالسكين تطعن قلبها لكنها حاولت تتجاهل هذا الألم لكن سرعان ما بدأ يزيد أكثر وأكثر عليها فقالت بصوت مبحوح وقد بدأت ترتجف قائلة:-

-أنا همشي معلش وهجيلك تاني


وقفت "هالة" معها بأستغراب ووجه "فلك" الشاحب والتعب الذي بدأ يظهر عليها أثار قلقها لتقول بخوف:-

-أنتِ كويسة يا فلك؟


أومأت إليها بنعم وخرجت من الغرفة لتخرج "هالة" معها لأول مرة مُنذ أن دخلت هذا المنزل تغادر غرفتها، كادت "فلك" أن تسقط وجسدها يهتز قليلًا لتمسك "هالة" يدها بقلق عليها وهى لا تفهم ماذا أصاب صديقتها فجأة لتقول:-

-أيه دا أنتِ مال أيدك ساقعة كدة ليه؟ 


أجابتها "فلك" بتعب وأرهاق شديد وقد بدأت تضغط بيدها على صدرها المُتألم بحدة قائلة:-

-مفيش حاجة 


تشبثت "هالة" بيدها بخوف شديد ثم قالت:-

-طب خلاص أستنى هنا وأنا هتصل بيونس يجي يأخدك


وصل "يونس" إلى منزل أخاه مُسرعة بلهفة وخوف شديد بعد أن أخبرته "هالة" بتعب زوجته وحبيبته، دلف للصالون ليراها جالسة على الأريكة وبجوارها "هالة" ليسرع نحوها وهو يجلس على ركبتيه أمامها بهلع شديد ويفحصها بعينيه بينما يقول:-

-أنتِ كويسة؟


أومأت إليه بنعم وهى تحدق بعينيه وقلق يفيض منهما، لا تصدق بأنها وأخيرًا رُزقت بشخص يرتعب خوفًا عليها ويقلق لأمر قلبها المريض، لم يعتنى بها أحد من قبل فحتى أخاها لم يهتم أبدًا لأمر مرضها وإذا كانت تواظب على علاجها ام تتركه، فحصها بعينيه جيدًا ويديه تحتضن يديها بحنان وكانت باردة كالثلج لينزع سترته الزرقاء ويضعها على أكتافها بحب خوفًا عليها من المرض وقال:-

-أنتِ بردانة كدة ليه؟


عاد للجلوس أمامها برفق ثم سألها بنبرة خافتة:-

-تحبى نروح للمستشفي


هزت رأسها بلا لينظر إلى "هالة" بإمتنان وقال:-

-أنا مُتشكر جدًا يا هالة أنك أتصلتي بيه، أنا واثق أنها كانت هتركب وتسوق بنفسها عادي حتى وهى تعبانة


تبسمت "هالة" بسمة مُنكسرة خافتة ثم قالت:-

-على أيه، أنا اكيد مش هيسيبها تسوق وهى تعبانة


تنحنح "يونس" بحرج شديد ثم بدأ بالحديث وهو يضع يديه فى جيوب بنطلونه وقال:-

-مش ناوية ترجعي بقي الشغل، صدقينى دا ممكن يساعدك فى اللى أنتِ فيه ويشغلك شوية عن التفكير اللى ممكن يموتك ويجيبلك أكتئاب


نظرت "فلك" إليه بدهشة فهل يعلم سر أخاه وما فعله، تطلعت "هالة" به بذهول تام من كلماته ثم نظرت إلى "فلك" بحزن وشعرت بالتعري أمامه وكأن ساترها رُفع عنها لتدمع عينيها بإنكسار أصابها ثم قال:-

-أنا مش قصدي أى إهانة أو إذلال ربنا يعلم، أنا قصدي أساعدك تخرجي من اللى أنتِ فيه وتعدي المحطة دى من حياتك بوحشها كله، مينفعش توقفي حياتك هنا حتى لو كان الوجع كبير وأنا عارف ومدرك أنه كبير أوى كمان وأكيد أكبر من طاقتك لكن حاولي تتغلبي عليه 


لم تُجيبه بل صعدت للأعلى تاركة الأثنين فى الأسفل ليأخذ "فلك" من يدها ويذهب إلى منزلهم...


دلفت "فلك" للمطبخ تجهز العشاء بعد أن بدلت ملابسها وكانت تستمع إلى الموسيقي على هاتفها الموضوع على الطاولة، دلف "يونس" إليها بعفوية وسعادة تغمره ليقول:-

-أساعدك، أنا جوعت


تبسمت بخفوت وهى تضع السمك فى الأطباق مُجيبة عليه:-

-خلاص أهو


رن هاتفها قاطعًا أغنيتها لتنظر إلى الشاشة وهكذا "يونس" ليُصدم الأثنين عندما رأى اسم "خالد" على الشاشة فنظرت إليه وهى تنزع القفازات البلاستيكية من يدها وقالت بذعر:-

-أنا هرد وأقوله ميتصلش تاني


كادت أن تمر من أمامه الخوف من غضب سيطر عليها لكنه مسك معصمها وهو يغمض عينيه ويتأفف بضيق شديد ليقول:-

-فلك..


نظرت إليه بذعر وأبتلعت ريقها بصعوبة بالغة ثم قالت:-

-أنا...

قاطعها صوت الهاتف مُعلن عن أستسلم رسالة جديدة ليسرع "يونس" بأخذ الهاتف من  فوق الطاولة قبل أن تأخذه "فلك" وفتح الرسالة لتتسع عينيه على مصراعيها بصدمة الجمته ليقول:-

-أيه دا


أدار الهاتف إليها بغضب سافر لترى رسالة "خالد" إليها وكان محتواها 

-هجيبلك ماك معايا بكرة، أنا عارف أنك بتحبيه وبالمرة نفطر سوا زى زمان 


رفعت "فلك" نظرها عن الهاتف إلى زوجها المُشتعل غضبًا وقالت بتلعثم :-

-أنا مطلبتش منه حاجة يا يونس متزعقليش أنا


نشبت بداخله للتو حربًا وهذا الرجل لا يتوقف عن التقرب إليها حتى بعد أن أخبره بكونها زوجة إليه ليقول بانفعال:-

-ما أنتِ لو كُنتِ صدتيه من اول مرة شوفتيه مكنش حصل دا كله، لكن لا أزاى حضرتك رحبتي بيه وضحكتي وهزرتي وخدتي راحتك كأنك مش على ذمة حمار


كانت تعلم أن أى كلمة ستتفوه بها الآن ربما تفقده أعصابه أكثر فألتزمت الصمت مما زاد غضبه أكثر كأنها تستفزه وتستنفد صبره وطاقته عليها أكثر، مسك معصمها بقوة وهو يسحبها إليه بعنف شديد ويقول:-

-متسكتيش وتفقدينى أعصابى عليكي، انا هاين عليا أفلقك نصين دلوقت....


قاطعه رسالة جديدة من هذا الرجل ليقرأ بلهفة وغضب سافر وهو يقرأ رسالة "خالد" الجديد:-

-تعرفي أن نفسي أيام زمان والجامعة ترجع تاني، كنتِ ملاكي يا فلك وما زالتي والله ملاك وجميلة تخطفي قلب أى حد


قذف الهاتف فى الحائط بقوة ليسقط أرضًا إلى أجزاء منثورة على الأرض لتشهق "فلك" ذعرًا من غضبه الذي فقدته للتو وخرج من المطبخ لتسرع خلفه بخوف وحزنًا على غضبه السافر بسببها وهى تلعن هذا الرجل الذي يُدمر لحظتهما دومًا، كلما صنعت ذكري جميلة معها ربما تكن ذكراها إليه إذا غلبها الموت، دمرها "خالد" لتمسك يده بحزن شديد وتقول:-

-أسمعنى بس يا يونس، إحنا أتفقنا نسمع بعض ونقرب من بعض أكتر مش نبعد ومنسمعش بعض، حقي عليك كخطيبي تسمعنى هى دى فترة الخطوبة اللى قولنا نعملها عشان نقرب لبعض أكثر ونكسر الحواجز بينا 


كلماتها أثارت غضبه أكثر وكأنها اخذته لحافة الغضب وأنفجر بركانه الناري بداخله ليستدير إليها بأنفعال شديد وهو يمسك ذراعها بقوة، ارتعبت خوفًا منه وهى لأول مرة ترى "يونس" بهذا الغضب فأول شيء جذبها إليه كانت حنيته ودفئه عليها أم هذا الغضب ووجه المُخيف الذي جعلها ترتجف ذعرًا منه لم تستوعب أن تراه بـ "يونس"، صرخ بنبرة عالية مُرعبة وهى لم تراه غاضبًا هكذا من قبل قائلًا:-

-فوقي يا فلك، خطيبة مين يا بت أنتِ مراتي وحلالي وأنا لو سايبك فى دا بمزاجي مش خوف منك 


ابتلعت ريقها بصعوبة بالغة خوفًا منه وعينيها تحدق بشرارة عينيه التى تتطاير منها ولا تصدق قسوته وغلاطته معها فقالت بنبرة حادة غليظة مُتحدية إياه:-

-أنت متقدرتش تعمل حاجة غصب عني 


ضغط بقبضته على ذراعها أكثر وأكثر يعتصره بين أنامله لتتألم منه فقال بنبرة حادة أكثر قسوة وعنف:-

-عدي يومك يا فلك بدل ما ترجعي تندمي وتختبري صبري عليكي أكتر من كدة، عنادك معايا ممكن يلبسك فى حائط، قسمًا بالله أنا أقدر أندمك بس مش عاوز دا 


ضربته بقبضتيها بقوة على صدره مُستشاطة غضبًا من قساوته وكلماته الحادة لتقول:-

-هتعمل ايه يا بونس، هتحصل جريمة أخوك لو فاكر أن دى رجولة فأحب أقولك أنك لا راجل ولا تعرف حاجة عن الرجولة 


كز على اسنانه بانفعال شديد من كلماتها وشعر بإهانة كبري فى حديثها وقلبه المُشتعل بنار الغيرة كخنجر طعنه حينما رأها مع "خالد"، جذبها من معصمها بقوة للداخل نحو غرفة نومه لتفزع" فلك" رعبًا من هذه الأفكار التى راودتها للتو وأنتفض قلبها خوفًا مما تراه وما سيفعله بها داخل هذه الغرفة فقالت بهلع وهى تحاول جذب معصمها من يده بذعر شديد:-

-أنت هتعمل ايه!!! 


توقف عن السير وهو يحكم قبضته على معصمها بقوة أكثر حتى لا تفر منه ويتحكم بها ثم حدق بها بغضب سافر  وتحدث بنبرة مُخيفة جاحدة قائلًا:-

-هثبتلك أني راجل وأعرفك أني بعرف


دمعت عينيها ذعرًا وهى تقاومه ليحملها على ذراعه بانفعال حتى تتوقف عن مُحاولة الهرب منه وولج بها إلي الغرفة وقد بدأت "فلك" فى البكاء والأرتجاف خوفًا منه فألقاها على الفراش بقوة زادت من أرتعاشها فعادت للخلف بهلع منه وهى تقول بترجي:-

-والله مش قصدي يا يونس اللى قولته خالص والنبي 


لم يبالي لحديثها وعيناها يتطاير منها الشر والغضب الذي تملك منه كالسحر وهو تحت رغبته،  جذبها من قدميها إليه وهى تعود للخلف بدأت شهقاتها القوية تعلو شيئًا في شيء ولا تقوى على الصراخ مُستنجدة بأحد يخلصها من يديه فهو زوجها ويحق له هذا الشيء لكن ليس بهذه الطريقة،  أصبحت أسفله منكمشة فى ذاتها وترتجف كانها تنتفض بقوة نتيجة صعقات كهربائية، تتطلع بدموعها المُنهمرة على وجنتيها ونفضتها ليقول بحدة:-

-عرفتي أني أقدر أعمل اللى عايزه يا فلك وأنتِ مش هتقدري تعملي حاجة غير أنك تعيطي، لكن أنا مش زى انس، مش مغتصب وحتى لو حلالي مش هعمل حاجة غصب عنك مش لأني ضعيف ولا خايف منك لا عشان رجولتي متسمحليش أعمل كدة 


كانت تستمع لكلماته وهى تتوقف عن البكاء شيئًا فى شيء وترمقه بعينيها وفور أنهاء كلماته نبرة غليظة ابتعد عنها تاركة بمنتصف الفراش ضعيفة خائفة منه،  وقف بمنتصف الغرفة غاضبًا ليقول بتحذير بنبرة أكثر حدة:-

- لأخر مرة يا فلك، أياك ألمحك بتبتسمي حتى فى وش راجل غيري، صدقينى هتندمي وهتشوفي مني وش متمناش أنك تشوفيه مني وأنا هعرف أتصرف مع الحيوان دا كويس وأمحيه من على وش الأرض 


خرج من الغرفة لتلتف تختبيء بالفراش باكية وعقلها أوشك على الجنون من الصدمة لما فعله،  لم تتخيل أبدًا بأنه سيعاملها بهذه القسوة المُميتة لقلبها.... 


********


كان "أنس"  جالسًا فى الكافتريا بصحبة "يونس"  ويراقبه بعينيه وهو على وشك الأنفجار ويتشاجر مع الجميع،  وضع النادل فنجان القهوة الفرنساوي أمام "يونس"، نظر إلي الفنجان ليصرخ" يونس"به بأنفعال شديد قائلًا:-

-هى دى القهوة الاسبريسو 


اجابه النادي بدهشة من صراخه قائلًا:-

-حضرتك طلبت قهوة فرنساوي زيادة 


كاد "يونس" أن يصرخ به مرة اخري ليستوقفه صوت "أنس"  وهو يقول:-

-روح أنت يا بني.....  مالك يا يونس 


نظر "يونس" إليه بضيق ووجه عابس ليقول:-

-مفيش


نظر "أنس" له بحيرة شديد ثم سأل:-

-أنت متخانق مع فلك


أومأ إليه "يونس" بحزن وبلهجة باردة قال:-

-مزعلها شوية... أنا همشي


خرج من المكان وصعد إلى سيارته لينطلق وهى لا يعرف إلى أين يذهب فأتاه صوته الغائب من فترة طويلة تقول:-

-وحشتني يا يونس


ضغط على المكابح بدهشة من ظهورها ونظر للمقعد المجاور وكانت "غزل" حقًا أمامه مبتسمة بإشراق وعفوية تأسره ليقول بتمتمة غير مُصدق رؤيتها وكونها أمامه:-

-غزل!!


أومأت إليه بنعم، تتطلع بها بأشتياق شديد وقال بشغف:-

-وحشتينى يا غزل، أنتِ فينك؟


تبسمت وهى تضع يدها على قلبه بدلال ثم قالت:-

-أنا هنا يا يونس بس أنت اللى أنشغلت عنى شوية


تبسم بحنان شديد وشعر كأن العالم أجمع توقف للتو فى هذه اللحظة وتلاشي الجميع منه ولم يبقي سواه معها، لمس يدها بحنان وقال:-

-مقدرش يا غزل، أنا دورت عليكي كتير يا حبيبتى وملاقتكيش


دمعت عينيها بحزن شديد من نطقه لهذه الكلمة وقالت بحزن:-

-أنا حبيبتك يا يونس!


أومأ إليها بنعم بحماس شديد وصدقًا فهى حبيبته الوهمية مُنذ سنوات كثيرة مرت لم يجد أحد بجواره غيرها فقال:-

-حبيبتى وروحي يا غزل .....


رن هاتفه باسم "فلك" ولم يجيبه بل وضعه على الصامت وألقي به فى درج السيارة لأول مرة يتجاهلها لأجل "غزل" وكأنه لا يقبل بشفائه ويتمنى أن يظل مريضًا عمره كاملًا على أن يُشفي منها وتغادره للأبد، ربما فراقها صعبًا عليه وهى من ظلت معه فى مشواره الطويل وخلال سنواته التى مرت والتنازل عنها كتنازله عن عمره كاملًا، بعد فعلته عانقته "غزل" بحب شديد ليتشبث بها بذراعيه بأشتياق سافر...


************************


تحدثت "قدر" فى الهاتف وهى تصعد الدرج قائلة:-

-أول ما أرن عليك تطلع ليا على طول


أنهت أتصالها ووضعت الهاتف فى حقيبتها وهى تقف أمام باب الشقة لتأخذ نفس عميق وهندمت ملابسها ثم ضغطت على زر الجرس وبعد ثواني معدودة فُتح الباب لتحدق "قدر" بوجه "فلك" الواقفة أمامها مُندهشة لزيارتها وترتدي فستان بيتى قصير يصل لركبتها وردى اللون وبنصف كم وشعرها الأسود مسدول على ذراعيها وظهرها، تحدثت "فلك" بنبرة غليظة قائلة:-

-يونس مش هنا


كادت أن تغلق الباب لتدفعه "قدر" بجدية ورسمت بسمة خبيثة على وجهها وهى تقول بنبرة خافتة مُخيفة:-

-أنا عارفة، أنا جاية لك أنتِ........


يتبــــــــــــــع .................


#مرايا_الحب

#نور_زيزو

#نورا_عبدالعزيز


 تكملة الرواية من هناااااااا 

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا

 مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هناااااا




تعليقات

التنقل السريع