القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية مرايا الحب الفصل السابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر والعشرين الأخير بقلم نورا عبد العزيز

 رواية مرايا الحب الفصل السابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر والعشرين الأخير بقلم نورا عبد العزيز 




رواية مرايا الحب الفصل السابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر والعشرين الأخير بقلم نورا عبد العزيز 



#مرايا_الحب

___ الفصل الســـابع عشـر (17) ___

بعنــــوان " مواجهـــــــة "

أوقف سيارته أمام بناية المنزل فترجل بصحبة "غزل" وكان مستمعًا بعودتها إليه بعد الكثير من الغياب وليالي من الأشتياق إليها، دلف إلى شقته ودُهش عندما رأي "قدر" جالسة على الأريكة أمامه وتضع قدم على الأخرى بغرور شديد لتقول:-

-حمد الله على السلامة، والله أنا كنت همشي من كتر ما أتاخرت

أقترب "يونس" منها بغضب سافر شديد وهو يكز على أسنانه بأقتضاب وقال:-

-أنتِ دخلتى هنا أزاى؟ فلك ... فلك

لم تُجيبه لتقف "قدر" بغرور شديد مستحوذ عليها وجزءًا من شخصيتها، أقتربت بخطواتها نحوه وصوت طقطقة حذاءها تخترق أذنيه حتى وقفت أمامه وقالت بلهجة حادة:-

-متتعبش نفسك، فلك مش هنا

ألتف لكى ينظر إليها بتعجب مُستغربة ثقتها هكذا ليقول:-

-أمال أنتِ دخلتي هنا ازاى؟

أخرج هاتفه لكي يتصل بها فتبسمت "قدر" بسخرية عليه وهو لا يفهم ما تلمح إليه وتركته يتصل بها لكنه ذهول عندما سمع رنين هاتف "فلك" لينظر إلى "قدر" وهى تحمل هاتفها لتقول بنبرة ساخرة باردة:-

-تؤتؤ... كان لازم ترد عليها لما أتصلت بيكي يا يونس

أتسعت عينيه على مصراعيها بصدمة ألجمته من هذه المرأة لا يعلم كيف أخفت عنه كل قساوته ومكرها الخبيث طيلة هذه الفترة التى ظلت بها بجواره، مسكها من ذراعها بقوة غاضبًا وهو يقول:-

-فلك فين يا قدر؟

تبسمت بخبث شديد وعينيها تملأها الفرحة والسعادة ولأول مرة تشعر بأنها أنتصرت عليه وأصبحت تتحكم به، عينيه التى أرعبت خوفًا علي "فلك" والقلق الذي ظهر بعينيه جعلها تشعر بسعادة عامرة تغمر قلبها وعقلها الشيطاني فقالت بدلال تثير غضبه أكثر:-

-فلك معايا 

صاح بها بأنفعال شديد وغضب سافر وهو يقول:-

-بتنكشي على موتك يا قدر، كل مرة أقول أسيبك فى حالك لكن أنتِ لا مُصر على دمارك

ضحكت بسخرية تامة وهى تنظر إلي وجهه مباشرًا وعينيها تكاد تقتله فى الحالي:-

-وأهدي كدة وأسمع شروطي الأول ، ما أنا ما أخدتهاش عشان أختبرك وأشوفك بتحبها ولا لا، أنا عندي شروط

ضغط بقوة على ذراعها بقبضته وهو لا يصدق ما يسمعه وهذه المرآة التى تتحكم به ليقول:-

-شروط!! أنتِ مش هتخرج من هنا قبل ما تقوليلي فلك فين؟

ضحكت ساخرة على ثقته وقالت:-

-وأنت فاكر أنى مخبياها فى شنطتي، فلك مع ناس لو أنا مخرجتش من هنا وكلمتهم فى غصون ربع ساعة هيخلصوا عليها وبدل ما ترجعلك معززة مكرمة هترجعلك جثة، انا مش عبيطة عشان أقعد أستناك وأنا عارفة جنانك كدة من غير ما أمن نفسي

صمت وهو يرخي قبضته بخوف على "فلك" بعد أن سمع كلماتها ليقول بهدوء:-

-عايزة أيه يا قدر؟

تبسمت بأنتصار وهى تلحق به الهزيمة وترى الحُب بعينيه يُضعفه لتقول بسخرية:-

-شوفت أن الحب بيضعف ويذل، حبتيها وبقيت نقطة ضعفك زى العبيط، قبل فلك مكنتش عارفالك نقطة ضعف أنتقم منك بيها لكن بعدها بقي عندك يا يونس، أولاً تطلقني وتدينى كل حقوقي

قالتها بجدية صارمة ووجه خالي من أى مشاعر فقال "يونس" بسخرية وكأنه مُتشبثًا بها أو سيموت بدونها:-

-بس كدة روحي وأنتِ.....

وضعت سبابتها على شفتيه تمنعه من أستكمال كلمته فهل توقع أن هذا سبب لجعلها تأخذ "فلك"، هى تدرك جيدًا أنه لن يتشبث بها وبدون ان تأخذ "فلك" إذا كانت طلبت الطلاق لأعطاها حُريتها دون تفكير، تابعت بنبرة غليظة:-

-أستن كدة مستعجليش دى أولًا بس، وثانيًا الفيلا تتكتب بأسمى وتتسجل فى الشهر العقاري

نظر إليها بصدمة قاتلة ألجمته وعقله لم يستوعب ما تقول لتبتسم بخبث شديد وهى ترفع يديها إلى صدره تضعهما عليه بأسترخاء وبدأت تهندم رابطة عنقه بدلال تغيظه أكثر مُتابعة شروطها إليه:-

-وثالثًا وأخيرًا تدفعلي مبلغ 10 مليون جنيه كتعويض عن الجوازة المقرفة اللى وقعتنى فيها دى وخدعك ليا وكدبك أنك مريض 

كز على أسنانه بضيق شديد من كلماتها وقال:-

-مش عايزة الجرافتة اللى عليا  كمان

نظرت إليه من الرأس لأخمص القدم وقالت بسخرية:-

-مش عايزة من رايحتك حاجة تفكرني بقرفك، اول ما تنفذ شروطي هتلاقي حبيبة القلب عندك مكرمة 

مرت من أمامه لكى تغادر وهو واقفًا مصدومًا من شروطها التعجيزية فهو إذا واقف على الأول والثاني من أين له أن يحضر المبلغ المطلوب وكل أمواله دفعها لبناء شركته الجديدة مع أخاه، توقفت "قدر" بعد أن فتحت باب الشقة لتقول:-

-صحيح 

ألتف إليها بضعف مُنكسرًا لأول مرة تغلبه "قدر" ويشعر بقوتها تفوقه لكنها ليست الأولي فى إذلالها له، نظر إليها بصمت مُنتظرًا أستكمالها لما تريد قوله فتابعت بنبرة تهديد مُحذرة إياه:-

معاك ثلاث أيام بس يا يونس، وأوعي تنسي أنى دكتورة وأنها مريضة

تركت إليه بسمة مُخيفة أرعبته حقًا من أفعالها، كم قدر من الكره الذي تحمله "قدر" إليه وإلى "فلك" مُخيف ومرعبًا إليه، لن يضمن أبدًا سلامة "فلك" معها، جلس حزنًا مهمومًا على المقعد لتربت "غزل" على كتفه بحزن متعطفة معه بقدر كبير رغم كرهها هى الأخرى إلى "فلك" التى سلبته منها لكن ما يحدث مع حبيبها وحياته المليئة بالتعاسة والمشاكل جعلتها تشفق عليه، رفع نظره إلى "غزل" بحزن شديد وقال:-

-كان لازم أرد عليها لما اتصلت بيا، يمكن كنت لحقتها ...فلك مريضة يا عزل ممكن يجرالها حاجة من قبل ما تأذيها قدر، الخوف ممكن يموتها 

******************

دلفت "هالة" من الحديقة مُرتدية فستان أزرق بكم وتضع على أكتافها وظهرها شالًا من الصوف لترى "جميلة" تسرع للمكتب بقلق، صعدت للأعلي بلا مبالاة دون ان تهتم لما يحدث بالأسفل، دلفت إلى غرفتها وأتصلت برقم هاتف "فلك" ليُجيب عليها "يونس" ويخبرها بما حدث مما ذعرها بشدة ، لفت حجابها وأستعدت لذهاب إليه وقبل أن تنهي أستعداداتها فُتح باب الغرفة ودلفت "داليا" تقول:-

-مُتأسفة جدًا بس عايزة أخد حاجة من الحمام

أومأت "هالة" لها بنعم وهى تضع دبوسها الأخير فى حجابها لتراها بعد أن أستدارت تخرج حاملة بيدها صندوق أدوات الإسعافات الأولية ثم ترجلت للأسفل معها لتسمع "جميلة" تقول:-

-بسرعة يا داليا

نظرت "هالة" إلى حيث صوت "جميلة" لتراه جالسًا على الأريكة ورأسه تنزف دماء لا تفهم سبب هذا النزيف لكنها لا تهتم بهذا الأمر، فتح باب المنزل ودخل الحارس يقول:-

-حضرتك طلبت عربية أوبر يا أنس بيه

نظر "أنس" إليه بدهشة بينما "جميلة" تطهر جرحه وقال:-

-لا

أتاه صوت "هالة" الحاد تقول:-

-أنا طلبته

نظر "أنس" إليها بدهشة ليراها مُستعدة للرحيل فنظر إلى ساعة يده وكانت الواحدة بعد منتصف الليل ليبعد "جميلة" عنه بعد أن وضعت اللاصقة الطبية على رأسه وقال حينما يقف:-

-أنتِ خارجة؟

نظرت إليه بأشمئزاز وتقزز فحتى الرد عليه ثقيلًا على صدرها وعلى لسانها، مُخاطبته كصخرة تضغط على قلبها المفتت من الألم، لكنها حاولت كبح هذا الغضب لتقول بعناد:-

-وأنت مالك!!

سمع جوابها ونبرتها الحادة وهو يعلم بكرهها إليه لكنه شعر بالمهانة أكثر أمام مؤظفيه ليشير إليهم، غادر الجميع المكان بعد أن أشار إليهم بالرحيل وأقترب أكثر منها وهو يقول بحزم شديد:-

-مالي أيه؟ أنتِ مبصتيش فى ساعتك قبل ما تنزلي من فوق

ضحكت ساخرة عليه وقالت بعد ان رفعت حاجبها الأيسر إليه وقالت بإقتضاب:-

-أيه الخروج متأخر مضايقك وخايف عليا من كلاب السكك، طب ما هم قاعدين معايا فى البيت مش بس فى الشارع

أبتلع ريقه بضيق من كلماتها لتبتعد خطوة للخلف بخوف مُصطنع وتابعت بعيني ترمقه:-

-لتكون فاكر أن بيتك أمان ليا وأنت موجود، أنا بقفل عليا بالمفتاح وبحط الكرسي وراء الباب عشان كلاب السكك اللى بتتكلم عليهم، ولو خايف عليا متتعبش نفسك وتخاف مش هيجرالي أكتر من اللى جرالي على أيدك

ألتفت لتخرج من المنزل، تأفف بضيق من كلماتها وأستدار ليدخل إلى المكتب لكن أستوقفه "جميلة" عندما مسكت ذراعه بقوة وقالت بجدية:-

-رايح فين؟ وراءها يا أنس مهما كانت قسوتها هى مراتك وتحت مسئوليتك دلوقت والشوارع مليان بلاوى، متسبهاش لوحدها روح

تأفف بضيق ثم خرج من المنزل بسرعة ليري السيارة تغادر من بوابة الفيلا بعد أن صعدت "هالة" بها، ركب سيارته مُسرعًا وأنطلق خلفها بسرعة جنونية حتى يلحق بها، رأي السائق تسير خلفهما مباشرة فقال بهدوء:-

-تعرفي العربية دى

ألتفت للخلف ورأت سيارته وهى تعرفها جيدًا لتنظر إلى الأمام بضيق وقالت:-

-كمل طريقك ومالكش دعوة بيه

ظل يسير خلفها وهو يراقب السيارة بحذر حتى توقفت أمام منزل أخاه وفى الأصل هى شقة أهله، ترجلت "هالة" من السيارة بعد أن دفعت أجرتها وصعدت للأعلى، أقترب الحارس من سيارة "أنس" ليرحب به وبعد ترحيب طويل أخبره بأختطاف "فلك" فأتسعت عينيه على مصراعيها بصدمة ألجمته وكأن هذا الرجل صعقه بالكهرباء، ترجل من سيارته مسرعًا وصعد للأعلى لتفتح له "هالة" بأغتياظ من حضوره وقالت:-

-مش كفاية اللى سمعت جاي ورايا لحد هنا.....

بتر حديثها وهو يدخل للشقة مُتجهًا إلى أخاه بقلق شديد ليقول:-

-معقول اللى سمعته دا؟ فلك أتخطفت

رفع "يونس" عينيه إلى أخاه بغضب كبير ولا يعلم أهذا القلق الموجود فى عينيه سببه أخاه أم قلبه العاشق لزوجته فقال بسخرية بعد أن وقف ووضع يديه فى جيب سترته:-

  -ويا ترى الخوف دا على مرات أخوك ولا على فلك البنت اللى بتحبها

أتسعت عيني "هالة" على مصراعيها بسماعها لهذا الشيء لكنها لم تبالي بكونه يحب فتاة أخرى ام لا فهى من الأساس لا تكن له سوى الكره والحقد والغل، أجابه "أنس" بغضب شديد قائلًا:-

-أنا بطلت أحب فلك، من الأساس أنا بطلت أحب وبقيت شايل جوايا صخرة كبيرة مش قلب، أنا خايف عليها عشان عارف أنك بتحبها ومن غيرها هتتوجع زى ما بتتوجع، أنت الحب بيوجعك وأنا اللى بشيل الوجع دا معاك وعنك، خلاص بقيت شايفنى وحش لدرجة دى يا يونس، بعد كل اللى عملته معاك ووقوفي جنبك بقيت تكرهنى أنا

صمت "يونس" بضيق مُتحاشيًا النظر إليه، ضحك "أنس" ساخرًا من حياته والخسائر التى وقعت عليه فلم تكن "هالة" وحدها التى كرهته بل نظره الغضب والنفور التى رأها فى وجه أخاه للتو مثلها تمامًا، ألتف "أنس" حزينًا ثم رحل دون أن يهتم بوجود "هالة" ومتى ستعود للمنزل؟....

************************

نظرت "فلك" لأشعة الشمس التى تغلغلت من النافذة للغرفة بهدوء حتى فُتح الباب ودلفت "قدر" فرمقتها "فلك" ببرود شديد وتراقبها عن كثب وهى تجلس على المقعد وتضع قدم على الأخري، سألت "فلك" ببرود شديد:-

-أرتحتي كدة؟

تتطلعت "قدر" بها من الرأس لأخمص القدم ثم قالت بغرور شديد:-

-جدًا، عايزة اسألك سؤال واحد من يوم ما شوفتك، أنتِ فيكي أيه زيادة عني؟

جلست "فلك" على الفراش بهدوء وحدقت بوجه "قدر" ثم قالت:-

-فيا الحنية والطيبة، أنا مش شايفاكي وحشة بالعكس أنتِ أى راجل يتمناكي، وأنا لو كنت راجل كنت هتمنى أنى أتجوز دكتورة شاطرة وناجحة وجميلة وأنيقة ومتحضرة لكن رغم كل الجمال دا أنتِ اللى ناقصك الحنية، جبر الخاطر، يونس مريض بمرض نفسي مش كانسر لا قدر الله ولا مستنى الموت، عكسي أنا لما بيطلع عليا شمس يوم جديد بقول الحمد لله وبدعي يطول فى عمرى أشوف شمس بكرة، واحدة عايشة على حافة الموت وأحتمال الموت يكون واقف وسطنا دلوقت مش هقولك برا الباب دا، بس المريضة دى بقي طبطبت عليه وجبرت بخاطر بخلافك أنتِ يا دكتورة ، أه أنتِ مش دكتورة نفسية لكن تعرفي تتعاملي مع المريض ، أنا واثقة ومتأكدة لو كنت حنتي عليه شوية مكنش هيعشق ولا هيحب غيرك، لأن فعلًا أنتِ ما شاء الله ربنا مديكي كل حاجة يتمناها أى راجل فى ست

كانت "قدر" تستمع لحديثها وعقلها بدأ يستوعب كلمات "فلك" وربما التقصير من البداية كان منها هى أولًا فقالت بضيق:-

-ههههههه تفتكري محاولتش أكون طيبة معاه وأحبه

أجابتها "فلك" بنبرة خافتة هادئة:-

-يمكن حاولتي لكن زى مبتقولس مجرد محاولة واحدة، مأخدتيش بأيده وفضلتي معاه بالطريق، أنتِ أول واحدة سابت أيده فى طريقه الصعب، مستحملتيش وجود بنت فى خياله وبدأتي تحسسيه أنه بيخونك بجد وبرغبته، بدل ما تقدمي له الحب قدمتي الإهانة والذُل، مين فى الدنيا ممكن يقبل بذُل حد له، أنتِ مثلًا ممكن تقبل أن حد يذلك ويهينك كل ما يشوفك، معقول تحبي حد كل ما يشوفك يوجعك بكلامه، ليه محطتيش نفسك مكانه مرة واحدة فى كل المرات اللى وجعتيه فيها...

بدأت الدموع تنهمر من عيني "فلك" مع كلماتها دليلًا على ألم قلبها علي مأساته وما مر به من وجع بصبحة هذه المرأة، رأت "قدر" دموعها المُنهمرة ولم تستوعب سبب دموعها وألمها حتى نبرتها الثابتة تبدلت بخافتة مُنكسرة، رفعت "فلك" يدها تجفف الدموع بسبابتها بلطف وقالت:-

-عارفة أنا مكرهتكش رغم كل الأذي الى أذيتى ليونس، لأنى حاولت أحط نفسي مكانك مرة بس فشلت، فشلت فى أن يكون قلبي المريض قاسي على حد مهما كانت جريمته مع والله يونس ما أرتكبش أى جريمة فى حقك، بس أنا عارفة أنك مجروحة وكل اللى بتعمليه دا من ألمك، لكن قوليلي على حاجة واحدة هتستفاديها بخطفك ليا أو أذيتك ليا بأى طريقة، يونس هيرجع لك!! ، بلاش دى أنتِ نفسك هترجعي قدر الدكتورة المحترمة اللى كل الناس بتحترمها ولا هتتحول لمجرمة بتخطفي وتقتلي

صاحت "قدر" بها بانفعال شديد قائلة:-

-على الأقل هيتوجع زى ما أنا أتوجع

تبسمت "فلك" لها بعيني حزينة مُنكسرة تحمل الإشفاق عليها لتقول بلطف:-

-صدقينى يا قدر أى حاجة بتخسريها ممكن تتعوض، ربنا ممكن يعوضك براجل يحبك أحسن من يونس مية مرة ويحطك تاج على رأسه، أى حاجة بتتعوض إلا حاجة واحدة لو خسرتيها مستحيل تتعوض، أنتِ يا قدر... لو خسرتي نفسك ونقاك وأحترامك لنفسك مش هتعرف تعوضي نفسك 

غادرت "قدر" الغرفة غاضبة ومُنفعلة بحدة لتغلق الباب بقوة وكأنها تكسره بقبضتها وبعد أن أغلقت أنهارت فى البكاء بحزن على ما ألت إليها الأمور وما أرتكبته بحق نفسها، فى بداية الأمور أتفقت مع مجرمين لقتل "فلك" والآن خطفتها، جاءت الخادمة إليها لتراها على الأرض تبكي بأنهيار شديد فجلست بجوارها وبدأت تربت عليها بحنان......

*********************

كان "يونس" جالسًا بمكتبه حتى رن هاتفه برقم "فلك" فأتسعت عينيه على مصراعيها بصدمة من رؤية اسمها وهاتفها بشقتهما، استقبل الأتصال بقلق ويدي مُرتعشة وهمس بنبرة خافتة قائلة:-

-ألو..

أتاه صوتها وهى تقول:-

-يونس

وقف من مقعده مُسرعًا وبجواره "غزل" تضع يديها على أكتافه ليقول:-

-فلك! أنتِ فين؟

أجابته بنبرة غليظة حادة ولم تنسي نهائيًا ما بدر منه قبل أختطافها قائلة:-

-أنا فى البيت، قدر رجعتني وقولت أطمنك رغم أن واضح أنك مش قلقان ولا حاجة

كاد أن يتحدث لكنها أنهت الأتصال بغضب وأسرع فى خطواته ليرحل لكنه صمع صوت صراخ "غزل" من الخلف فأستدار ليراها تقف بزواية الغرفة وتصرخ بهلع وقد بدأت فى التلاشي ليسرع نحوها بذعر خوفًا عليها وهو يراها تبكى بهلع شديد، بدأت تتحدث بأرتجاف شديد:-

-يونس، أنا مالي، فيا أيه يا يونس....

لمسها "يونس" بيديه بخوف من أن يكن هذا هو الوداع وتكن هذه مرته الأخيرة فى رؤيتها وقال:-

-متخافيش يا غزل أنا معاكي أهو ومش هسيبك

رغم تلاشي قدميها الأثنين إلا أنها تشبثت بيديه وقالت بعينى باكية:-

-قولي بحبك خليها أخر كلمة أسمعها منك، أنت خلاص أستغنيت عني وقررت تقتلني

ضمها إليه بقوة وهو يقول بحب شديد:-

-لا مقدرش والله، أنا بحبك يا غزل بحبك ومقدرش أعيش من غيرك، أنتِ حبيبتى وروحى وعقلي وصاحبتى وكل حاجة ليا

بدأت تشعر بأرتياح وقدميها تحملها جيدًا لتقول بلطف:-

-متسبنيش يا يونس متقتلنيش بأيدك 

قبل جبينها بحب وهو يحدق بها بإمتنان وشغف، أبتلعت ريقها بصعوبة بالغة توترًا من قُربه منها، رفعت عينيها به بخجل لتتقابل أعينهما فى نظرة مطولة، حدق بها ووجنتيها تتورد كحبتي الفراولة من شدة خجلها وهو يحاصرها فى الحائط بيده وتشعر بيديه تتسلل إلى خصرها كأنه لم يكتفى بربكتها وأرتفاع درجة حرارة جسدها فيزيدها خجلًا لاعبًا على أوتار قلبها العازف لضربات مُتسارعة أوشكت على قتل صاحبتها، أغمضت عينيها بهدوء وتمتمت بصوت خافت:-

-يونس 

وضع أصابعه على شفتيها فور لفظها لأسمه لتفتح عينيها وترفعهما به ليقول هامسًا لها:-

-اللعنة على سحرك يا غزل 

تبسمت "غزل" بغفوية على هذا العاشق لها رغم أنه يجهل هويتها وحقيقتها فرفعت يدها للأعلى تلفهما حول عنقه وقالت بهمس:-

-أنا معملتش حاجة غير لفظ أسمك يا حبيب قلبى

تبسم بسخرية على مكر هذه الثعلبة الجميلة ويرفع يديه إلى وجنتها يزيح شعرها عن أكتافها ويعود به لخلف ظهرها هائمًا فى عشق هذه الجميلة الساحرة وقال:-

-اسم وحده من بين شفايفك كفيل بإسقاط اللعنة عليا، لكن قوليلى يا غزل أى تعويذة حطتيها فى قلبى

تبسمت وهى تضع يدها على مؤخرة رأسه وجذبته إليها بقوة ليتلصق بها ثم همست فى أذنيه بنبرة مُثيرة:-

-العشق.. تعويذة عشقى يا يونس 

أبتعد قليلًا عنها لينظر إليها لتتابع "غزل" بنبرة قوية رغم نعومتها:-

-أوعدك بأن قلبك مش هيعرف يعشقي غيرى يا يونس وهتعبر جسور وأزمنة عشان غزل

مسكت لياقة قميصه لتجذبه بقوة إليه ثم قالت:-

-أنت ملكي أنا 

كان غارقًا عشقًا بها فى هذه اللحظة وكأنها أسقطت به تعويذة العشق حقًا، لم يقاومها أو يمنعها من الحديث بل جذبها من خصرها بقوة لتلتصق به فوضع قبلة على عينيها، فُتح باب المكتب ودلفت "قدر" زوجته ورأته يقف هناك فى زواية الغرفة فقالت:-

-بتعمل أيه يا يونس

ألتف لها غاضبًا من دخولها دون أذن منه وقال بحدة:-

-أنا كام مرة هفضل أقولك خبطى قبل ما تدخلى 

جلست "قدر" على المقعد بغرور وتجيبه:-

-أنا مراتك يا حبيبي مش موظفة عندك 

ضربته "غزل" على ظهره بقوة والغيرة تشتعل بها لتقول:-

-قول لست دى تحترم وجودى ومتقولكش يا حبيبي بدل ما أسخطها قرد 

ألتف إليها بقلق وهمس إليها:-

-أنتِ شايفة كلامك معقول يعنى، أقولها قدر لو سمحتى متثيرش غضب عفريتة محدش شايفاها غيري هتأخدنى على مستشفى المجانين حضرتك

عقدت "غزل" يديها أمام صدرها بغرور وقالت:-

-قولت جنية ومفيش حاجة اسمها عفريت وبعدين مش ذنبى أنى محدش بيشوفنى ولا يسمعنى غيرك

قطعته "قدر" بنبرة حادة تقول:-

-أنت بتكلم الحيط يا يونس، مش عيب عليك يا ابن القصور وسيد المال تكون مجنون 

كادت "غزل" أن تذهب إليها ليمنعها "يونس" قائلًا:-

-غزل... دى مراتى 

رفعت نظرها به بصدمة ألجمتها فهل منعها الآن وأختار صف هذه الزوجة الماكرة، تتطلع بنظرت غضبها بخوف وشعر بفراغ فى يديه لينظر إلى يده الماسكة بيديها وصُدم عندما رأى يدها تتبعثر فى الهواء كالدخان ويبث منها اللون البرتقالي كالنار وكأنها تحترق فرفع نظره بهلع إلى وجهها لكنها تبعثرت فى الهواء قبل أن يرأها......

نظر إلى "قدر" ولم ينسي نهائيًا ما فعلته ليقول:-

-جاية ليه؟

أجابته بأختناق سافر وهى تقف أمامه لترمقه بعينيها وكأنها تودعه للمرة الأخيرة وقالت:-

-فلك رجعت بيتها

قاطعها وهو يجلس على مقعده ببرود شديد قائلًا:-

-عرفت، اللى معرفتش أنتِ جاية ليه؟

تنهدت بحزن شديد وهي تحدق به بإنكسار وقالت:-

-طلقني يا يونس

نظر إليها ببرود شديد ولم يتخيل نهائيًا أن تطلب الطلاق بعد رجوعها لـ "فلك" فقال بهدوء:-

..........................

يتبــــــــــــــع .................

#مرايا_الحب

#نور_زيزو

#نورا_عبدالعزيز


#مرايا_الحب

___ الفصل الثـــامـن عشـــر (18) ___

بعنـــوان " هـــــروب "

فتح باب الشقة ودلف "يونس" مهرولًا إليها باحثًا عنها بقلق شديد ليراها جالسة على الأريكة بالصالون بعد أن أخذت حمام دافيء ويتساقط من شعرها قطرات المياه الباردة وهى منكمشة فى ذاتها هادئة تراجع بعقلها كل ما حدث من الأمس حتى الآن، أسرع نحوها بأرتياح بعد أن رأها سالمة وجلس أمامها بقلق ويقول:-

-عملتلك أيه ؟

رفعت "فلك" نظرها إليها بغضب سافر وهى تتذكر ما فعله معها قبل أن تأخذها "قدر" وقالت ببرود شديد:-

-مالكش دعوة ؟ ومتقربش منى تاني

دفعته بعيدًا عنها وهى تغادر المقعد بإستياء شديد منه،نظر إليها بحيرة شديد من أمرها وقال بهدوء:-

-أنتِ أتجننتي يا فلك؟ أنا قلقان عليكي وكنت هموت من الخوف عليكي وأنتِ جاية تقولي ليا مالكش دعوة 

سارت بعيدًا عنه بأختناق شديد مُستاءة منه جدًاوبدأت تتحدث بتذمر شديد قائلة:-

-أعتقد أن اللى عملته قدر أرحم من اللى أنت عملته وكنت ناوي تعمله فيا، أنا لما قعدت فكرت شوية فى اللى حصل لأقيت أنك مختلفتش كتير عن سحر واللى عملته فيا، أنا من البداية وافقت أتجوزتك الجوازة دى وبطريقة دى عشان بس أخلص من سحر ومن كرهها وأبتزازها ليا لكن لما عاشرتك لاقيت أن الوضع معاك مختلفش كتير يا يونس، أنا لسه بتوجع ولسه قلبي بيوجعنى ولسه كل حاجة وحشة مستمرة معايا 

أقترب "يونس" منها رغم ألتفافها كي ترحل من أمامه لكنه تشبث بمعصمها بقوة وجذبها نحوه بقوة أكثر حتى تلتف إليه وتتقابل أعينهما معًا لتقول بجدية:-

-أنا مختلفتش عنها، أذيتك فى أيه ولا وجعتك بأيه يا فلك، أنا حاطك جوا عينى عشان خرجت عن شعورى مرة طب وأنا خرجت عن شعورى من نفسي ولا من أستفزازك ليا ها، عايزاني أشوف واحد بيحب فى مراتي وبيعاكسها بكل بجاحة وأسكت 

أجابته بغضب مُنفعلة من أفعاله قائلة:-

-لا تيجى تتهجم عليا أنا مش كدة، كدة هتبقي راجل صح

تتطلع بعينيها بصمت شديد لا يعلم ماذا يفعل لإرضاءها، كل ما فعله كان إخافتها بسبب كلماتها القاسية إليه لكن ما ألت إليه الأمور معها كان كارثي فقط صنع شقًا بينهما ليقول:-

-عندك حق كان لازم أقتله هو 

ترك أسر يدها وألتف لتفزع من نظرة الغضب التى رأتها فى عينيها وتتطاير منها فتشبثت بذراعه بخوف شديد وسألت بخوف:-

-أنت رايح فين يا يونس؟

نظر إليها والخوف يسيطر عليها ليقول بنبرة هامسة إليها تُرعبها:-

-رايح أقتله وأعرفه أنك ملكي وبتاعتى أنا وبس

أزدردت لعابها الجاف بقلق ولم تترك ذراعه بل ظلت مُتشبثة به كالغراء وقالت:-

-أنت مجنون ولما تقتله هتروح السجن؟!

تبسم "يونس" إليها بخفوت شديد بسمة تميل إلى السخرية وحدق بعينيها العسليتين ورغم جمالهما إلا أنهما يحملان الخوف والذعر بداخلهما ليلوث هذا الخوف جمالهما، أخذ خطوة نحوها وكانت الفاصلة بينهما وبعد أخذها لم يكن يفصل بينهما شيئًا ليقول بنبرة هادئة ودافئة:-

-إذا كان أنتِ بتعاقبني يبقي أنا لازم أعاقبه يا فلك لأنه السبب الأساسي فى الفجوة اللى حصلت بينا وبُعدك عني حتى لو كان البُعد دا خطوة واحدة

تركت ذراعه شيء فشيء وببطيء شديد وظل ترمقه مباشرة وعينيه تعانقها بشدة، عناقًا كان يُريده مُنذ أن دلف ورأها لكنها منعته بكلماتها وعينيها القاسية بنظرتها، أبتلعت ريقها بأرتباك شديد من نظرته المليئة بالحب والإشتياق إليها لتقول بتلعثم شديد وتحاشت النظر إليه:-

-أحم أنت مش هتستفاد حاجة لو روحت له؟ تفتكر بعدها أنا هسامحك مثلًا أو ....

بتر كلماتها هذه المرة بقربه إليها حتى يتذوق قبلتها الناعمة لكن هذه المرة لم تستسلم إليه وتوافقه بل أدارت رأسها رافضة فعلته، رمقها "يونس" بدهشة من رد فعلها وقبل أن يعقب تحدثت "فلك" بقسوة حادة هاتفة:-

-أنا مسمحتلكش تكون جوزى يا يونس

أتسعت عينيه على مصراعيها بصدمة الجمته وظل ناظرًا إليها من صدمته من رفضها له، لأول مرة يشعر بأنه صنع فجوة كبيرة بينه وبين "فلك" ووخزات قلبه تؤلمه بقوة، أدارت رأسها مُجددًا لتنظر إليه بحزم ثم قالت:-

-مش دايمًا هكون مُطيعة ليك ولا أى فعل هينفع يتغفر، كان لازم تفهم أن مش دايمًا هكون مسامحاك ولا هقبل بأى قسوة منك

تركته ورحلت من امامه ثم دلفت إلى غرفتها باكية فى صمت بسبب ما الت إليه الأمور، ظل واقفًا مُندهشًا فى مكانه ثابتًا دون ان يتحرك له قدم، غادر المنزل بعد ان فاق من شروده وبهذه اللحظة لم يكن بحاجة شيء بقدر حاجته لـ "غزل" لتسانده وتواسيه، دمعت عيني "فلك" بحزن شديد ونبضات قلبها التى توخزها تسبب ألمًا إليها، فقد أعترفت أخيرًا بأنها تكن له المشاعر وقلبها حمل بذور حبه بداخلها  حتى كبرت وكونت حبًا جميلًا، لكن قسوته وإخافته لها قد نجح بهما...

جلس "يونس" على درج العمارة بإستياء مما فعله لحظة غضب كسر بينهما شيئًا لا يعرف أسينجح فى أصلاحه أم لا......

********************************

 أستيقظت "هالة" صباحًا على صوت شجار وضجة كبيرة قرب نافذة غرفتها لتترجل من الفراش بعيني شبه نائمة مُغمضتين ثم خرجت للتراس لترى "داليا" تتشاجر مع رجل شاب فى نهاية العشرينات تقريبًا وتفصل بينهما الخادمة الأخرى وحارس البواب لتفتح عينيها بحرص أكثر وتستمع لحديثهما حين قالت الخادمة:-

-خلاص يا داليا لمي الموضوع دلوقت، أنس بيه لو صحي بسبب صوتكم هتبقي كارثة

دفعتها "داليا" بغضب شديد وهى تلعن هذا الرجل قائلة:-

-ألم أيه، دا أنا هفضحه وهجرسه أبن ***، انت فاكرني أيه بروح أمك تمشي معايا شويتين ولما تلاقي اللى أحسن مني ترمينى كدة 

دلفت "هالة" للغرفة وأخذت جاكيت بيجامتها وأرتدته وهى تغادر الغرفة وعندما مرت من أمام غرفة "أنس" رأت الباب مفتوح و"جميلة" تقف بالداخل فى أنتظاره وهو ساجدًا يُصلي الضحى لتندهش "هالة" من فعلته، كيف لذئب بشري مثلًا أن يكون مُنتظمًا على صلاته، ألم تكن العفة تلحقه أكثر من الوحشية، مرت فى طريقها حتى وصلت إلى الأسفل وخرجت إليهما وعندما رأوها لم يبالي أى شخص منهم بوجودها وكأنها لم توجد، كاد الشاب أن يضرب "داليا" لكن الحارس كان يقف بالمنتصف ويقول:-

-شوفي أخرت اللى بتعمليه دا برضو مش هوصلك للى انتِ عايزه يا داليا وبرضو هخطبها عارفة ليه، عشان هى محترمة ومتربية مبتمشيش مع كل راجل شوية ولا رخيصة يا رخيصة 

أستشاطت "داليا" غضبًا منه أكثر فى حين ان "هالة" أقتربت منهما أكثر وقالت بنبرة هادئة:-

-فى أيه؟

 لم يسمعها أى منهم بسبب صراخهما ونبرتهم المرتفعة العنيفة، لتقترب أكثر وهى تمسك يد "داليا" وتقول:-

-ممكن تفهمونى فى أيـــ...........

دفعتها "داليا" بقوة من غضبها بسبب حديث هذا الشاب الذي تلاعب بها وبمشاعرها لتسقط "هالة" أرضًا بسبب خفة وزنها وجسدها الضئيلة، أتسعت أعين الجميع على مصراعيها حين سقطت وخصيصًا عندما سمعه صوت "أنس" من الخلف يصرخ بهم جميعًا بعد أن رأها تسقط أرضًا منهما، ويقول:-

-داليــــا

أنتفض الجميع ذعرًا من نبرته وكلا منهم ترك الأخر ووقفوا أنتباه إليه فى صفًا واحدًا، أقترب "أنس" مع "جميلة" وعينيه ترمقهما بشر يتطاير منهما، وقف أمامهما فأنحني ليمد يده غليها كي يساعدها فى الوقوف لكنها نظرت إلي يده الممدودة بحرج ووقفت وحدها، شعر بحرج شديد من فعلتها لكن نظر إلى مؤظفينه وقال:-

-جميلة!!

نظرت لهما بحدة وبرود شديد وكأنها علمت جيدًا ما سيفعله وأى عقاب سيناله هؤلاء الحمقي فقال:-

-أديهم حسابهم وساعة وملاقيش حد منهم هنا

ألتف لكي يغادر بينما "هالة" تحدق به بدهشة من فعلته، أستوقفه صوت "الخادمة" تقول:-

-أنا عملت أيه يا بيه، هم اللى بيتخانقوا أنا ذنبي أيه عشان تقطع عيشي

أستدار إليهم بوجه حاد مُخيف ونظرة عينيه يتطاير منها الشر كأنه على وشك ألتهامهم جميعًا لتقول:-

-أنا مش عايز أعرف اللى حصل ولا عمدي وقت أسمع مبرراتكم التافهة لكن كفاية عندى أنكم محترمتوش ست البيت دا، ونسيتوا بجهلكم أن اللى واقفة قدامكم دى مراتي وست البيت دا وبكل غباء وحماقة منكم أهنتوها 

كادت "داليا" أن تتحدث قائلة:-

-أنا مكنش قصدي إهانة

صرخ بهم بأنفعال شديد أرعبهم وأدهش "هالة" فهل هذا القدر من الغضب لأجلها هى؟ قائلًا:-

-بالنسبة لي مجرد ظهورها قدامكم وموقفتوش اللى بتعمله دا إهانة وبكل وضوح

غادر من أمامهم مُنفعلًا لتنظر "هالة" إلى "جميلة" التى تبسمت إليها بلطف ثم غادر خلفه، ظلت "هالة" تنظر إليهم بحرج مما حدث لهم بسببها وهربت من أمامهم وهى تشعر بالذنب بعد أن تسببت بقطع أرزاق هؤلاء، دلفت إلى المنزل ونزعت حجابها بضيق لترى "جميلة" تخرج من غرفة المكتب، أبتلعت ريقها بضيق فهى لا تفضل نهائيًا التعامل معه، سألت بتلعثم وتوتر ملحوظ:-

-هو جوا؟

أومأت "جميلة" له بنعم، تنهدت "هالة" بحيرة من امرها ثم دلفت إلى الغرفة ورأته يجمع أشياءه فى الحقيبة مُستعدًا للذهاب إلى العمل فقالت ببرود شديد:-

-أنت طردتهم ليه أنا مشتكيش من حد؟

أجابها دون أن يرفع نظره إليها وهو يراجع الأوراق قبل أن يضعها فى حقيبته:-

-لكن أنا أشتكيت واللى أتعمل دا إهانة وبكل وضوح وأن كان أنتِ مسامحة فأنا مش مسامحة وإهانتك من أهانتي، أنا وعدتك لما جبتك هنا ان محدش هيضايقك ولا هيهينك 

تنحنحت بحرج شديد من كلماته ثم قالت بخفوت:-

-بس أنا محبش أكون سبب فى قطع عيش حد 

حمل حقيبته وسار نحوها بتعجل بسبب تأخيره ثم قال عندما وصل إليها:-

-متخافيش أنتِ مش السبب أنا السبب خلاص

أبتلعت ريقيها بصعوبة من قربه هكذا منها لتقول:-

-أنت حر

ألتفت لكى تغادر المكتب لكنها وقفت أمام الباب وقالت:-

-على فكرة أنا هرجع شغلي فى الشركة

أومأ إليها بنعم لتتابع بتذمر شديد واضح بملامحها قائلة:-

-وياريت محدش فى الشركة يعرف أني مراتك 

غادرت مُسرعة قبل أن يمانع رأيها، بدلت ملابسها وأرتدت بنطلون جينز وشميز أزرق فوقه سترة بيضاء ولفت حجابها ثم ترجلت من الأعلي مُسرعة فى خطواتها وترتدي بقدميها حذاء رياضي أبيض لترى واقفًا أمام سيارته لتتعجب من وجوده فمُنذ ساعة تقريبًا كان مُتعجلًا لموعده، تحدث بنبرة جادة قائلًا:-

-أركبي عشان أوصلك مش هتلاقي مواصلات هنا

سارت نحوه بتعجب شديد ثم قالت:-

-واضح أنك مسمعتنيش أنا مش عايزة حد فى الشغل يعرف أن فى أى علاقة تربطني بيك

ألتف ليصعد سيارته وهو يُجيبها قائلًا:-

-هبقي أنزلك قبل الشركة بشوية

تأففت بضيق وصعدت للمقعد المجاور له ...........

****************************

  كانت "فلك" جالسة فى الشركة وغاضبة رغم قلقها الواضح فى ملامحها، من الأمس ولم يعد للمنزل وحتى الآن لم يأتي للشركة، ظلت جالسة على مكتبها وتمسك فى يدها قلم يطرق به على المكتب وعينيها على رواق الشركة ربما يدخل الآن وتطمئن عليه، كبريائها يمنعها من الآتصال به لكن قلبها على وشك الجنون من القلق من غياب حبيبه، رأت "هالة" تظهر فى الرواق لتسرع للخارج بعد أن تجمع حولها صديقاتها لترحب بعودة "هالة" للعمل، لتصل "فلك" إليها وعانقتها بقوة ورحب شديد وهى تدعمها على قرارها وتقول:-

-وأخيرًا قولتلك لازم ترجعي الشغل

دلف "أنس" أثناء حديثهما لتنظر "هالة" إليه ببرود فقالت "فلك" بجدية:-

-تعالي أنا عايزة أكلمك شوية

أخذتها إلى مكتبها وأغلقت الباب الزجاجي لتبدأ رحلة طويلة من الفضفضة بينهما وكلا منهن تحكي للأخر أوجاعها فقالت "فلك":-

-والله يا هالة من قبل اللى حصل معاكي، أنا كنت شايفة أن أنس أعقل من يونس وشخص كويس ومصدقتش اللى عمله معاكي 

ضحكت "هالة" بسخرية وهى تقول:-

-دا وجه ملاكي مخبي وراه شيطانه 

فتح باب المكتب يقطع حديثهما ودلف "خالد" حاملًا كوبين من القهوة ودهش بوجود "هالة" معها فقال بحرج:-

-أنا كنت جايبالك قهوة

تأففت "فلك" بأختناق شديد من وجوده وهى تعلم بأن سبب ما حدث بينها وبين "يونس" وكل ما مرت به بسببه هو فأجابته ببرود شديد قائلة:-

-أنا مبشربش قهوة وبعد أذنك ما دام أنا مطلبتش حاجة متقدمهاش، والرسايل اللى بتبعتها بلاش ودا أخر تحذير مني لك وأفتكر أنى مش فلك زميلتك فى الجامعة بالعكس أنا مرات مديرك وست متجوزة

تنحنح "خالد" بضيق من إحراجها له أمام صديقتها وغادر المكتب مُختنقًا منها، نظرت "فلك" إلى "هالة" وهى تقول:-

-أتفضلي يا ستى القرف والبلاوى اللى بتيجي للواحد وهو قاعد

نظرت "هالة" للخلف حيث ذهب "خالد" وقالت بأستغراب:-

-هو دا سبب المشاكل بينكم

أومأت "فلك" لها بنعم وعينيها لا تغادر أبدًا شاشة هاتفها المظلمة مُنتظرة أى رسالة منه أو أتصاله لكنه لم يفعل، رفعت نظرها إلى "هالة" لتراها مُتبسمة فسألتها بقلق:-

-فى أيه؟

ضحكت "هالة" بسخرية لتقول:-

-أصل واضح عليكي فعلًا أنك مش مهتمة بغياب يونس ولا عايزة تعرفي هو فين على الرغم من أن تصرفاتك عكس كدة تمامًا، واضح أوى أنك هتموت ويتصل

تتطلع "فلك" إليها بدهشة وأرتبكت من حديثها لتبتسم "هالة" أكثر وغادرت المكتب رغم سعادتها لصديقتها التى حصلت على الحُب الذي تستحقه إلا أن بداخلها جزءًا حزينًا على حالة فمثلها لن تحصل على الحُب أبدًا فمن سيُحب فتاة دهس شرفها بالوحل وتندس، مرت من أمام مكتب "أنس" لتنمقنه أكثر وهو سبب تدمير حياتها وسرقته لكل ما هو جميل فى مستقبلها، ذهبت إلى مكتبها وكان بجوار "خالد" الذي جاء للعمل بدلًا منها والآن ستعمل معه بمكانًا واحدًا.....

********************************* 

 عادت "قدر" من الخارج ودلفت إلى منزلها لترى حقائب السفر فى البهو والخادمة تنزل من الأعلى بحقيبة أصغر حجمًا وفور رؤيتها لـ "قدر" قالت:-

-أنا جهزت الشنط ولمت كل حاجة زى ما حضرتك أمرتي

أومأت "قدر" إليها بنعم ثم قالت وهى تخرج شيكًا من حقيبتها:-

-أحستني، خدي دول أعتبريهما مكافأة نهاية الخدمة

أخذته الخادمة منها ثم رحلت لتضع الحقائب فى السيارة ونظرت "قدر" مرة أخيرة على المنزل ودلفت إلى المكتب لتخرج منه ظرف بنى اللون وغادرت المنزل بسيارة مُتجهة إلى منزل والدها وبعد الترحيب، سأل والدها بحيرة:-

-أنتِ كدة مرتاحة يا قدر

دمعت عيني "قدر" بحزن شديد وقالت:-

-اه يا بابا، أنا ملاقتش غير الوجع والألم فى البلد دى، أنا أتعرفت على يونس فى لندن وحبته هناك ورجعت هنا عشانه وعشان أكون معاه ونعمل فرحنا ونعيش هنا وسط أهلنا، لكن كل دا كان فى أحلامي وبس، وخلاص يونس طلقنى وأنا قدمت أستقالتي من المستشفي ومكاني فى لندن لسه موجود أنا اتوصلت معاهم وهم رحبوا بوجودي

سألتها والدتها بقلق شديد قائلًا:-

-واللى فى بطنك يا قدر؟

رفعت "قدر" يدها تلمس بطنها بلطف وقلب أم دافيء لتقول:-

-دا عقاب يونس الوحيد اللى قدرت أنفذه فيه، يونس حتى محسش ولا أخذ باله مرة أن بطني بدأت تظهر، يمكن دا الحاجة الوحيدة اللى هتخفف عني الوحدة والغربة اللى هعيش فيها، على قد ما أنا كنت مش عايزه على قد ما كان عندك أنتِ وصفاء حق يمكن هو الحسنة الوحيدة اللى طلعت بيه من الجوازة دى، أنا هعيش معاه بعيد عن هنا وعن قسوة وفراق أبوه وبالنسبة ليونس هو ميت

فتحت حقيبتها وأخرجت منها الظرف لتقول بجدية وهى تمده إلى والدها:-

-أبقي أدي الظرف دا ليونس يا بابا هو فيه عقد الفيلًا والعربية اللى كتبت نصهم أنا مش عايزة منه حاجة ولا عايزة حاجة تربطنى بيه

قاطعتها والدتها بحزم شديد رافضة هروبها:-

-واللى فى بطنك مش هيربطك بيه، قدر أنتِ فى الخامس

قاطعتها "قدر" بغضب شديد وهى تنكر أمتلاك "يونس" لشيء بهذا الطفل صارخة:-

-دا ابنى لوحدي يا ماما، يونس مالهوش فيه حاجة، يونس مستحقش أنى أديته كمان أبن، كفاية أوى اللى أخده منى كفاية لحد كدة...

وقفت بحزن باكية وقد بدأت فى الأنهيار وغادرت المنزل مُتجهة للمطار تاركة البلد كاملة له وهاربة من قدر جمعها به، هربت من جحيمها وألمها الذي رأته وعاشته بهذه البلد معه، غادرت ربما تجد السعادة والحياة والسلام بمكان أخر لا صلة ولا أثر لـ "يونس" به، هاربة بطفل لا يعلم عنه وجود شخص غير والدها بعد أن أخبرت "يونس" بقتلها له ليصبح ملكًا لها وحدها وكأنها كانت تنوى من البداية الهرب به لكن بعد أن تحصل على أنتقامها لكن بنهاية المطاف غادرت بطفلها دون أن تنل انتقامها فقد أقتربت نيران الأنتقام على حرقها هى لكنها قررت إنقاذ نفسها هى وطفلها من هذه النيران قبل أن تلتهمها .......

يتبــــــــــــــع .................

#مرايا_الحب

#نور_زيزو

#نورا_عبدالعزيز


#مرايا_الحب

___ الفصل التــاســع عشـــر (19) ___

بعنـــوان " مــــرآة "

خرجت "هالة" من المطبخ حاملة بيدها كوب من العصير وتمسك هاتفها فى يدها تتجول به وتسير بقدمي شاردة عن الطريق وبوجه مُبتسم من محادثتها مع "فلك" لتتلاشي بسمتها فجأة بعد أن خرجت صرخة قوية منها بسبب سقوطها على الأرض من الصابون المنثور على الأرضية الرخامية، أنسكب العصير على قميصها الأبيض، خرج "أنس" من غرفة المكتب على صرختها ليُدهش عندما رأها على الأرض وهكذا خرجت "جميلة" من غرفة الخدم وأسرع الأثنين نحوها، مسحت العصير عن وجهها بأستياء لتراه جالسًا على الأرض أمامها فجأةً ويقول:-

-أنتِ كويسة؟

تطلعت "هالة" بوجهه من الدهشة، ظل يحدق بها مُنتظر الجواب لكنها لم تُجيب فألتف يأخذ المنشفة التى تحملها "جميلة" ووضعها على نصفها العلوي بسبب قميصها المبلل الذي يظهر ملابسها الداخلية من أسفله فتشبثت "هالة" بالمنشفة بأندهاش من فعله، فإن كان خجولًا هكذا من النظر إليها فكيف فعل ما فعله بها؟ حاول أن يساعدها فى الوقوف لكنها رفضت يده الممدودة إليها، ووقفت وحدها ثم صعدت، ربتت "جميلة" على ظهره بحنان رغم إشفاقها عليه ثم قالت:-

-بلاش يا أنس

ألتف إليها بتعجب دون فهم لجملتها وسأل:-

-هو ايه اللى بلاش؟

أجابته بنبرة خافتة وعينيه ترمقه بقلق:-

-بلاش تحبها؟ بلاش دى بالذات لأنها مستحيل تحبك، هتجيب الوجع لقلبك وكفاية وجع عقلك يا أنس من اللى حصل 

لم يجيب عليها بل نظر على الدرج حيث صعدت وعادت مُجددًا غلى غرفة مكتبه ومكانه الوحيدة فى هذا المنزل الكبير بعد أن جاءت "هالة" إليه.....

*******************************

كادت أن يجن جنونها على غيابه وأختفائه لأيام دون أن تعرف شيء عنه، شعرت بخوف شديد من أن يكن ذهب إلى "قدر" وتركها وحيدة وحدها بعد خصامها له، حاولت ان تعاقبه على ما ارتكبه بحقها لكن هو من عاقبها بغيابه وحرمها من رؤيته وسماع صوته، كاد قلبها أن يجن من مشاعره المُتخبطة بداخله، لا تعرف أتقلق عليه أم تغار عليه إذا كان مع امرأة أخرى غيرها الآن، جلست "فلك" وحدها فى غرفتها بفراشها لتنهمر دموعها على سهو من التفكير وأفكار كثيرة تضرب عقلها، مسكت الهاتف وقد تنازلت عن كبريائها اللعين الذي منعها لأيام من الأتصال به، وصلت لاسمه وضغطت على الأتصال لكنها سمعت صوت رنين الهاتف بالخارج، ترجلت من فراشها سريعًا وخرجت لتراه واقفًا أمامها ينظر بهاتفه وعندما سمع صوت خطواتها رفع رأسه إليها، رأها واقفة تحدق به مُرتدية فستان قصير يصل لأسفل ركبتيها بقط وتضع على ذراعيها جاكيت من القطن مفتوح وحافية القدمين، شعرها الأسود مسدول على كتفيها بحرية، عينيها باكية ودموعها لم تجف بعد عن وجنتيها الحمراء، استقبال اتصالها ووضع الهاتف على أذنه وعينيه لم تفارقها ثم قال:-

-أخيرًا قررتي تتصلي

أجابته بصوت مبحوح باكية:-

-كنت فين؟ أنت وعدتني مش هتسيبنى وسيبتنى لوحدى

أخذ خطوة واحدة نحوها وهو يقول:-

-حسيتك مش عايزة تشوفينى قدامك

سألته بغيرة شديدة تحرق قلبها من الداخل والفضول يقتلها:-

-روحت لها؟

سار نحوها بعيني عاشقة مُشتاقًا إليها بجنون ثم قال:-

-قدر! سافرت وسابت البلد

تنهدت بأرتياح وكأنه رفع عن أكتافها عبء كبيرة وصخرة ضخمة كانت تخنق قلبها، وصل أمامها ثم سألها بنبرة دافئة وقلبه يتسارع بجنون:-

-وحشتك؟

كان قلبه يكاد يجن من انتظاره للجواب وهى تحدق به بعينيها فى صمت دون أن تلفظ بكلمة واحدة، كانت عينيها وحدها تخبره بهذا الشوق الذي يسأل عنه بل يفيض منهما بوضوح لكنه كان يرغب بسماع هذه الكلمة منها وتنطق بها بشفتيها الناعمتين، تحدث بأستياء من فعلته قائلة:-

-أنت بتعاقبني يا يونس، بتعاقبني عشان مخاصماك ومش قابلة باللى عملته، أنت حتى مفكرتش تصالحني أو تقولي حقك عليا كل اللى همك أنك ترد ليا العقاب والخصام لا مكفاكش كل دا هجرتني وسيبتنى لوحدي خايفة وقلقانة ومش عارفة عنك حاجة، بالظبط زى العيل الصغير اللى بيهرب من اللى عمله، وجاي تقولي وحشتك 

ظل يحدق بها مُستمعًا لحديثها حتى صرخت به بتذمر شديد على فعله قائلة:-

-لا يا يونس موحشتنيش وأتفضل أمشي تاني

قالتها مُتذمرة ثم سارت إلى الصالون لتجلس على الأريكة فى غضب مكبوح بداخلها لا تقوى على إخراجه أو أفراغه بهذه الرجل العنيد، تبسم بعفوية على تذمرها الطفولي وهى تشبه طفلة مُراهقة عاشقة، ذهب خلفها ثم جلس على ركبتيه أمامها وأخرج ذراعه الأخر من خلف ظهره وكان يحمل باقة من الورود الحمراء الجميلة الذي تحمل كلمة واحدة بمعنها وهى (الحب) ثم وضعه على قدميها بلطف لتنظر إلى الورود بدهشة وقلبها بدأت نبضاتها تغلبها ةالقشعريرة سيطرت على جسدها بنعومتها لتستمع إليه حين قال بنبرة دافئة تجذب قلبها وتأسره إليها أسيرًا بلا رجعة:-

-أنا أسف والله مكنش قصدي أنا كنت مضايق وأنت غيظتيني بكلامك، غيران اه غيران يا فلك، بغير عشان بحبك ومتسأليش أزاى أو أمتي ولا الأسئلة دى كلها لأني معرفش، أنتِ اتسرسبتي جوايا من غير ما أحس وفجأة لاقيتك ساكنة قلبي والحُب غلبني، وبقيتي من واحدة أتجوزتها عشان أحميها وأغيظ قدر لأهم حاجة فى حياتي لا أنتِ بقيتي كل حياتي يا فلك..... 

تطلعت "فلك" بعينيه وهو جاثيًا أمامها على ركبتيه ويرمقها بعينيه التى على وشك البكاء وتترجاها بأن تغفر له خطأه الغير مقصود، أن تصلح الشفق الذي فلق قلوبهما وباعد بينهما، بعد أن أعترف بحبه لها دون سابق أنذار، شعرت بضرباتها تتسارع وقلبها يخفق بجنون إليه مُعترفًا بحبه هو الآخر، رفعت يدها ببطيء شديد إلي وجنته ولمستها بحنان وهى تقول بحب شديد:-

-وأنا بحبك يا يونس 

وقف على ركبتيه أمامها بسعادة ثم قبل جبينها بحب شديد ليبتعد عنها وهو يحدق بعينيها ويسألها بهمس:-

-تتجوزيني؟؟ 

ضحكت بعفوية تلقائية عليه ثم قالت بخجل:-

-ما أنا متجوزك يا يونس 

قرص وجنتها بدلال ثم قال:-

-متستعبطيش أنتِ فاهمة قصدي 

تحاشت النظر إليه بخجل شديد وتوردت وجنتيها أحمرارًا وهو يرمقها بعينيه مُنتظر جوابها، أومأت إليه بنعم بأستحياء شديد ليضمها إليه مُبتسمًا على خجلها فتشبث به بحب ودلال لتخرج منها صرخة خافتة حين حملها على ذراعيه ووقف بها لتسقط الورود عن قدميها أرَضًا ليقول:-

-عارفة أنك وحشتينى

خجلت من كلمته خصيصًا وهو يسير بها إلى الغرفة لتقول بتلعثم شديد من توترها:-

-يونس... 

أسكتها بقبلة ناعمة على شفتيها لتغمض عينيها بخجل شديد وهو يبتعد عنها قائلًا:-

-أششش عارفة أنا منتظر اللحظة دى من أمتى؟ 

أبتلعت ريقها بخجل شديد وهو يمر بها من باب الغرفة ثم أنزلها أرضًا بمنتصف الغرفة وتتطلع بوجهها بهيام والهوي قد تمكن منه وغلبه، رفع يديه يلمس وجنتها بدلال وهو يضع خصلات شعرها خلف أذنيها وقال:-

-تعبتني وغلبتينى معاكي يا فلك

تبسمت بعفوية رغم وجنتيها المتوردتين كالفراولتين وقالت بحماس:-

-مستاهلش يعنى

نظر إليها بصمت شديد وقلبه قد ذاب تمامًا فى العشق ثم قال بهمس ونبرة ناعمة:-

-تستاهل يا فلك، تستاهل أتعب وأعافر عشانك وعشان تكوني حبيبتى، تستاهلي الحب يا فلك

تبسمت إليه بحب شديد ثم مسكت يده وأصابعها تتغلغل بين أصابعه بدلال وحُبًا لينظر إلى يدها الصغيرة ورفع يده بها ثم وضع قبلة رقيقة على يدها ثم نظر إليها بحب لتبتسم إليه بإيجاب .......

*****************************

وصل "خالد" غلى مبنى العمارة التى يسكن بها وقبل أن يصعد أستوقفه صوت الحارس يناديه قائلًا:-

-يا أستاذ خالد

ألتف "خالد" إليه بلا مبالاة ليقدم إليه الحارس صندوق من الكرتون متوسط الحجم وقال:-

-الطرد دا وصل لحضرتك النهاردة

أخذه "خالد" من يده وصعد غلى شقته بتعب شديد بعد يوم طويل وألقي بالطرد على الطاولة ثم دلف إلى المطبخ أحضر زجاجة مياه من الثلاجة وبدأ يرتشف الكثير من الماء ونظر إلى الطرد المُلقي على الطاولة وذهب نحوه ليفتح فصُدم عندما رأى مبلغ كبير من المال، أتسعت عينيه على مصراعيها بصدمة ألجمته من ضخامة المبلغ وخصيصًا أنه مدين للكثير من الناس ولا يملك القليل من المال، وجد ورقة فوق النقود ليفتحها وكانت رسالة من "قدر" تعتذر منه على ما اجبرته على فعله مع "فلك" وتركت له هذا المبلغ كأعتذار له ويدفع تكاليف مستشفي والدته، تنهد بأرتياح شديد ثم قال:-

 -واخيرًا

********************************

أستيقظت "فلك" صباحًا وكان صباحها مُختلف عن قبل، لم تكن بغرفتها بل كانت بغرفة "يونس" نائمة بين ذراعيه، تبسمت بخجل شديد وهى تتسلل من بين ذراعيه برفق حتى  لا تقظه وذهبت غلى المرحاض لتأخذ حمتم دافيء ثم شغلت لأغنية أم كلثوم (سيرة الحب) وبدأت بتجهيز الفطار بسعادة تغمرها وهى تدندن مع الأغنية حتى فزعت عندما عانقها "يونس" من الخلف على سهو، قالت بفزع أصابها من ظهوره فجأة دون ان يصدر أى صوت:-

-خضتنى يا يونس

وضع قبلة خاطفة على عنقها ثم قال:-

-صباح الورد والفل يا قلب يونس

تبسمت بعفوية وهى تنكزه فى خصره بينما يديها تكمل ما تفعله وتقول:-

-صباح النور يا حبيبى

أدارها إليه وهو يقول بسعادة تغمره:-

-يااااا أخيرًا ، أنتِ عارفة الكلمة دى حلوة أزاى منك

وضعت يديها على صدره بدلال وبسمتها لم تفارق وجهها بل زادته جمالًا وبراءة وقالت بعفوية:-

-أتفضل يا أستاذ روح خد حمامك عشان أنا رقبت أخلص وجعانة جدًا..... يلا

سرقت قبلة من شفتيها سريعة وأسرع للخارج يُلبي طلبها لتكمل ما تفعله، جهزت السفرة وخرج "يونس" من الداخل مُرتديًا تي شيرت أبيض مبلل من جسده المبلل وجلس يتناول إفطاره معها ليقطعهم صوت هاتفها مُعلن عن أستسلم رسالة لتنظر بالهاتف وفى يدها الأخر قطعة من الخبز، أتسعت عينيها بصدمة عندما رأت اسمه على الهاتف "خالد" لتنظر إلى "يونس" بخوف فقد أمس تصالحا بعد شجارهما بسببه، نظر "يونس" إليها وتقريبًا وصل عقله لما حدث وصاحب الرسالة دون أن ينظر، تنهد بأختناق وتحولت بسمته للغضب المكبوح ثم قال:-

-هو!!

تمتمت بخوف من غضبه هذه المرة:-

-مش هفتحها، أنا مش عايزة أتخانق معاك يا يونس 

أخذ الهاتف منها بهدوء قبل أن يفقد أعصابه ليجد رسالة أعتذار محتواها 

(أنا أسف يا فلك على كل حاجة حصلت، أسف لو أذيتك أو دمرت لك حياتك وصنعت شرخ بينك وبين جوزك، أنا سيبت أستقالتي على مكتب أستاذ يونس وأوعدك مش هتشوفي وشي من تاني ولا حتى صدفة وأتمني تسامحنى على اللى عملته لأن كان عندي أسبابي اللى أحب أحتفظ بيها لنفسي ومرة تانية أسف وأبعتي أسفي لأستاذ يونس وياريت يقبل أستقالتي من غير شرط جزاء)

نظر "يونس" إليها وأغلق الهاتف ووضعه جانبًا لتقول بقلق:-

-يونس والله انا قولت له ميتصلش بيا ولا يكلمنى نهائيًا بس...

بتر حديثها حين قاطعها قائلًا:-

-خلاص يا فلك أقفلي الموضوع دا وأهى جت منه

لم تفهم كلمته لكنها ألتزمت الصمت وبعد أن دلف للداخل بعد أن أنهي إفطاره فتحت الهاتف ورأت الرسالة فتنهدت بأرتياح شديد وأخيرًا تخلصت منه ...

******************************

فى مكتب "يونس" بالشركة كانت "صفاء" موجودة بمكتبه ليقول بدهشة:-

-يعنى قدر حامل!!

أومأت إليه بنعم ثم قالت:-

-اه دى السر اللى كانت مخبياه عليك وحاولت كتير تصلح ما بينكم لكنها فشلت فى دا

ضحكت بسخرية على هذه المرآة التى لجئت للأنتقام على الاعتراف بحقيقة كونها تحمل جنينًا منه وقال:-

-وأختارت فى الأخر الهرب، دايمًا أخترتها غلط، والمطلوب منى أيه دلوقت... أنزل أدور عليها عشان اللى فى بطنها

نظرت "صفاء" لبروده الغير متوقع وقالت:-

-مش دا الطبيعي

تحدث "يونس" بهدوء تام وكأنه لا يبالي بما يسمعه قائلًا:-

-أنا حزنت على فقده مره وأعتبرته مات فأنه يطلع عايش دا ميفرقش معايا كتير، أنا حزنت عليه خلاص أنما كونه ابنى فخلي ليها يمكن دا يكون تعويض كافي ليها على اللى حصل بينا ويمكن الطفل دا اللى يساعدها فى الوقوف من جديد ويقويها على الحياة، حكايتنا مكنتش قدر بس اللى غلط فيها ، أنا كمان أكيد غلطت ووجعت فيها فخلي الطفل دا يكون بمثابة أعتذاري ليها يداوي الوجع اللى انا سببته ليها وأن منجحتش فأنها تكون زوجة سعيدة فأنا متأكد أن قدر تقدر تكون أم ناجحة وطيبة 

لم تتوقع "صفاء" هذا البرود والتضيحة التى رأتها فى عينيه، ضحى بطفله لأجلها لربما يسعدها هذا الطفل ويونس وحدتها ويداوي جرحها الذي يزنف بقلقبها، غادرت المكتب ليبتسم "يونس" بهدوء مُتعجبًا من هذا القدر الذي أخذ منه "قدر" وأعطاه "فلك" وأخذه منه "قدر" ليعطيها طفلًا كتعويضًا، سمع صوت "غزل" جواره تقول:-

-ضحيت بطفلك، لدرجة دى بتحب فلك

ألتف "يونس" إليها ببرود وقال:-

-أنتِ لسه موجودة أنا فكرتك خلاص 

ضحكت بسخرية على عقله الذي ما زال هناك جزءًا به مُتعلقًا بها وقالت:-

-واضح أن لسه جواك حتة بدور عليا يا يونس، وحتى لو مش عايزني، أنت فاكر أن الدكتور المُتخلف بتاعك دا هيقدر يخلصك منى ولا فاكر أن ست فلك بتاعتك دى هتقدر تنتصر عليا وتخلصك منى، دى اوهام بيزرعها دكتور المجانين دا جواك

ألتف إليها بغضب شديد من حديثها عن "فلك" ومسك ذراعيها بقوة وهو يقول:-

-لا هتقدر يا غزل، عارفة ليه عشان بحبها وبتحبنى 

ضحكت بسخرية أكثر وهى تقول بأستفزاز:-

-هههههههه تصدق ضحكتني، فوق يا يونس قدر كمان كانت بتحبك وقالت مش هتسيبك وسيبتك وأخدت ابنك معاها، فلك كمان هتسيبك يا يونس مع الوقت ... عارف ليه لأنك متتعاشرش ومحدش هيستحملك غير نفسك .. اللى هى أنا 

صاح بها بأنفعال شديد من حديثها عن فراق "فلك" قائلًا:-

-أنتِ بتعملي كدة ليه؟! أنتِ عايزة تجنني ونهايتي هتكون على أيدك أنا عارف كدة

أجابته بحزن شديد وكأنها تشعر بالخيانة من حُبه إلى "فلك" هاتفة:-

-أنت السبب يا يونس، أنا أقسمت أنك مش هتعرف تعشق غير غزل وبس.. أنا وبس يا يونس أنت ملكي أنا 

نظر إليها بسخرية ولأول مرة يعترف بحقيقتها حين قال بسخرية:-

-أنتِ مرض يا غزل لكن فلك لا، فلك بتحبنى وأنا بحبها 

تذمرت على ثقته وتشبثه بهذا الحب عندما قالت:-

-تبقي مجنون بجد لو فكرت أن فلك هتعرف تأخدك منى سواء هى أو قدر مراتك، أنا مش فلك يا يونس وفلك عمرها ما هتكون أنا.. أنت فاهم 

أبتعد عنها خطوة للخلف ونظر إليها بجدية من الرأس لأخمص القدم ثم قال بجحود وثقة:-

-امشي يا غزل.. أمشي علشان أنا مش عايزك.. وأختارت فلك تكمل معايا ولا أنتِ ولا قدر 

لم تصدق كلمته عندما طلب منها الرحيل لأول مرة فدومًا ما كان يخبرها بالبقاء فتمتمت بسخرية لا تصدق ما تسمعه:-

-هههههه تصدق ضحكتنى يا يونس، أنت شكلك فرحان بنفسك وفى ثلاثة بيتخانقوا عليك لكن أنا أقوى واحدة فيهم وأنت عارف دا كويس وقدر قدرها تكون مراتك لكن فلك دى عشيقة والعشيقة دايمًا خسرانة لأن مكتوب عليها تفضل فى الضلمة العمر كله 

تبسم إليها بأنتصار وقال بهمس مُخيف:-

-واضح أنك نسيتى أهم حاجة وأنك قوية بسببي أنا، أنتِ أضعفهم يا غزل لدرجة أن محدش بيشوفك ولا يسمعك غيري ولو أنا مش موجود معناه النهاية ليكى، أنتِ مجرد جنية من عالم تاني

تتطلعت به بأشمئزاز ثم قالت:-

-ههههههه مش بقولك أنت شكل أخر نقطة فى عقلك طارت، لتكون فاكر نفسك قديس يا يونس فوق يا حبيبى أنت خاين، بتخون مراتك معايا وبتخونى مع فلك ويا عالم بتخون فلك مع مين، أنت نجاستك واصلة للعالم التانى اللى بتتكلم عنه

أقترب من أذنها ليقول بحزم شديد ولهجة صارمة:-

-قولي اللى تقوليه وأعملى اللى عايزاه أنا مش هكمل معاكى يا غزل، أنا رايح لـ فلك لأن أنتِ زى ما قولتلك زى الجنية  من عالم تانية، عالم أنا اللى صنعته يا غزل وأنا برضو اللى هقضي عليه ولأول مرة بقولها لك يا غزل أمشي أنا مش عايزك فى حياتي، أنا معترف أنك مرض وأنا مريض وهتعالج منك يا غزل... لا أنا بالفعل أتعالجت منك، فلك حبيبتى عالجتني منك وقدامك اهو بقولك أنا بحبها ومش عايز غيرها يا غزل أمشي أمشي

شعر بيد تلف حول عنقه بحنان وفجأة تلاشت "غزل" من أمامه ليرى "فلك" تقف أمامه وتعانقه بحب شديد فضمها بأستمانة وخوف من حديث "غزل" بدأ يبحث عنها فى الغرفة بينما يديه تطوق "فلك" بقوة لتربت "فلك" على ظهره بحب وهى تهمس إليه بحب شديد:-

-أنا هنا يا يونس..... 

يتبــــــــــــــع .................

#مرايا_الحب

#نور_زيزو

#نورا_عبدالعزيز


#مرايا_الحب

___ الفصل العشــرون (20) الأخيـــر ___

بعنـــوان " مرآة الحب "

خرج "أنس" من مكتبه مع ضيف ليصافحه قبل أن يرحل، رحل ضيفه وعميله وألتف ليدخل فرأى "هالة" جالسة على المقعد الأرجوح مع مجموعة من الأصدقاء وتضحك معه بعفوية وتلقائية شديدة، دلف إلى مكتبه وظل يراقبها عن كثب من خلف الزجاج وبسمتها كانت جميلة، لأول مرة مُنذ شهور تعيش معه بها تحت سقفًا واحدًا يري بسمتها، تمكنت من الأبتسام من جديد، رُسمت بسمة خافتة على شفتيه وهو يحدق بها وشعر بنبضة فى قلبه مُختلفة تمامًا ولأول مرة يشعر بها، كأن نسمة باردة ضربت قلبه بهذه اللحظة، رفعت "هالة" نظرها وهى تضحك لتراه واقفًا يحدق بها بوضوح لتتلاشي بسمتها سريعًا ونظرت للجهة الأخرى، شعر بحرج شديد وعاد لمكتبه مُختبئًا منها...

أقتربت "فلك" منها من الخلف وربتت على كتفها لتفزع "هالة" بخوف مُعتقدة بأنه جاء إليها بعد مراقبته الطويلة لها، ضحكت "فلك" على ذعرها وقالت:-

-أيه دا؟

تنحنحت "هالة" بحرج ونظرت للكوب من جديد وقالت:-

-أيه!!

غمزت "فلك" لها بعفوية وقالت:-

-دا اللى سمعت صح بقي؟

رفعت "هالة" نظرها إلي "فلك" بذعر وسألت بضيق:-

-قصدك أيه؟ سمعتي أيه؟

تحدثت "فلك" وهى تصنع كوب من مشروب الشيكولاتة الساخنة المُفضل إليها:-

-مفيش بس حمام البنات مفهوش حوارات اليومين دول غير نظرات أنس ليكي ومبيرفعش نظره عنك كأنه بيراقبك أو ممكن ...

نظرت "هالة" لها بخوف شديد من الكلمة القادمة التى رأتها فى عينيها لكنها تنكرها ولم تعترف بها لتتابع "فلك" بهمس قائلة:-

-بيحبك

صرخت "هالة" بأنفعال شديد قائلة:-

-أيه اللى بتقوليه دا

أخذت "فلك" الغلاية" وبدأت تسكب الماء بهدوء على عكس صديقتها المُنفعلة وقالت:-

-مش أنا اللى بقول دا البنات

ألتف الأثنين معًا أحدهن هادئة تمامًا والأخرى مُنفعلة كالبركان الغاضب لتصطدم الأكواب معًا وسقطت منهن فأجتمع الجميع حولهما لتغادر "هالة" غاضبة وهى لا تبالي بأي شي ولا بيدها التى أحترقت للتو من الماء المغلي، نظرت "فلك" عليهاوتمتمت بخفوت شديد:-

-هو دا كره ولا حُب مرفوض !!

غادرت من المكان هادئة على عكس "هالة" التى تركت الشركة كاملة ورحلت شاردة وغاضبة، بداخلها دوامة قوية من المشاعر المُختلطة وظلت تسير فى الشوارع كثيرًا حتى مر اليوم كاملًا، عادت للمنزل ليلًا لتراه واقفًا أمام باب المنزل كأنه بأنتظار عودتها حتى يطمئن عليها لكنه لم يقوى نهائيًا على الأتصال بها فحتى أن حاول فهو لا يملك رقم هاتفها، حدقت به وهو واقفًا وعينيه تضمها بالنظرات لتتنفس بألم شديد فرغم نومهم تحت سقف واحد إلا أن بينهما شقًا وحاجزًا يبعدهما كبُعد المشرق والمغرب، دلفت بضيق شديد مُتجاهلة وجوده ليتنهد "أنس" بأرتياح شديد على عودتها سالمة، دمعت عيني "جميلة" على هذه الرجل ودلفت للداخل بعد أن أغلقت النافذة، بدلت "هالة ملابسها ثم دلفت إلى الفراش لتسترخي وتنام لكن أستوقفها صوت طرقات على الباب، أبتلعت ريقها بخوف من أن يكن هو وقالت بتلعثم شديد:-

-أدخل

دلفت "جميلة" تحمل كوب من اللبن الدافيء ووضعته على الكمودينو فى صمت ثم ألتفت لتغادر لكنها توقفت، تحدثت "هالة" بهدوء قائلة:-

-قولي اللى جيتي عشان تقوليه

أستدارت "جميلة" لها وجلست على حافة الفراش أمامها وحدقت بعينيها ثم قالت:-

-أنا معرفش أنتِ هتقبلي مني الكلام ولا لا بس أنا واحدة فى عمر والدتك 

قاطعتها "هالة" بهدوء تام ونبرة باردة كالثلج قائلة:-

-من غير مقدمات قولي اللى عندك

تنحنحت "جميلة" بخفوت ثم قالت:-

-أنا عايزة أقولك أن أنس مش وحش والله، هو طيب وغلبان طول عمره فى حاله، عمر ما حد قصده فى خدمة ورفضه ولا عمره شاف حد محتاج مساعدة وسابه، هو مش بالسوء اللى أنتِ شايفاه، أنا عارفة أنه غلطان فى حقك وغلط كبير وميتغفرش بس هو كمان حاول يصلح ويكفر عن دا، هو عمل كل اللى فى أيده عشان يرفع الذنب دا عنه، عمره ما ساب فرض صلاة ولا عمره قصر مع أهله وناسه، قضي عمره كله وحيد عشان خايف يأذي حد أو يعلق حد بيه ويقصر معه بسبب أنشغاله فى شغله ...

كانت "هالة" تستمع لهذا الحديث فى هدوء تام لكنها بدأت تشعر بأن "جميلة" ستعترف بما تهرب منه لتقطعها سريعًا حين قالت:-

-يمكن يكون كل دا بالنسبة ليكي لكن ليا لا وأنا عمرى ما هشوفه غير سيء ووحش، يمكن اكون انا الذنب الوحيد فى حياته لكن أنتِ قولتي بنفس أنه مبيتغفرش

تحدثت "جميلة" بهدوء شديد:-

-بس ربنا بيسامح ورحيم وبيقبل التواب ما دام صادق فيها وندمت فعلًا وهو ندم 

دمعت عيني "هالة" بضعف وبنبرة إنكسار شديد تحدثت:-

-بس أنا مش ربنا، أنا إنسانة وموجوعة منه وبسببه 

أومأت "جميلة" لها بنعم وغادرت فى صمت لتجهش "هالة" باكية بصوت مبحوح تكتم أنفاسها وصوت شقهاتها قدر الإمكان، دلف "أنس" للغرفة بعد صلاة الفجر وتسلل إلى فراشها بلطف حتى لا يقظها، نظر إلى يدها المُلتهبة من الحرق ووضع لها القليل من كريم الحروق ثم أنحنى قليلًا ليضع قبلة على جبينها بحنان لتتساقط منه دمعة هاربة من اسر جفنيه على رأسها وهمس بضعف:-

-أنا أسف 

أبتعد عنها وغادر الغرفة باكيًا رغم أعترافه بالخطأ وندمه الذي يقتله وقلبه الذي يفتك به الوجع والألم إلا هناك أخطاء لا تغتفر، فتحت "هالة" عينيها بحزن شديد ومسحت دمعته عن رأسها ونظرت إلى الكريم الموضوع على يدها لتقول بتمتم مبحوحة:-

-أنا كمان أسفة.....

***************************

ظل نائمًا طيلة النهار وبدأت "فلك" تشعر بالقلق من نومه الطويل، فتحت باب الغرفة وهى تنظر على الفراش وما زال نائمًا لتخرج وتغلق باب الغرفة خلفها مرة أخرى، تنهدت بأختناق شديد وهى لا تعرف سبب حزنًا العميق هذا الذي جعله يلجأ للنوم كل هذه المدة، جلست على الأريكة واتصلت بـ "هالة" .....

كانت هالة واقفة بالفراش شاردة فى أفكارها الكثيرة حتى قطعها رنين الهاتف ورأت اسم "فلك" لتُجيب عليها بهدوء أثناء جلوسها على المقعد قائلة:-

-كنت لسه هتصل بيكي

تحدثت "فلك" بهدوء يحمل الكثير من اللامبالاة قائلة:-

-خلاص قولي أنتِ الأول

تنهدت "هالة" بأسترخاء وقد حسمت أمرها وجمعت شجاعتها فى الحديث حين قالت:-

-أنا هخلي أنس يطلقنى النهاردة وأستقيل من الشركة، هحاول أبدًا من جديد فى مكان وبيئة جديدة

صمتت "فلك" قليلًا لتسأل "هالة" بقلق:-

-أيه مبتتكلميش ليه؟

أخذت "فلك" نفس عميق ثم قالت بجدية حازمة:-

-أنا وأنتِ عارفين أن أنس بدأ يحبك بجد وحاول يعتذر ويكفر عن اللى عمله فيكي وأنتِ أكتر واحدة شاهدة على انه شخص صالح وأن اللى حصل دا كان بدون قصده وهو شارب وكانت اول مرة يشرب ويونس أثبتلك أن عمر أنس ما قرب من خمر أو سيجارة، ومع ذلك ما دام مش قادرة تعيشيه معاه فأنا موافقاكي أنك تخرجي من حياته حرام يتعلق بيكي أكتر 

تبسمت "هالة" بسخرية على حالها ثم قالت:-

-عمرك شوفتي واحدة حبيت واحد أغتصبها يا فلك، أنا كل ما بشوفه بفتكر اللى عمرى ما نسيته، أنس حتى لو شخص كويس بالنسبة للكل بالنسبة ليا أنا عذاب ووجع وعمرى ما هحس بحاجة ناحيته غير الوجع والألم

أومأت "فلك" لها بنعم وقالت بلطف:-

-أنا عارفة وعشان كدة معارضتكيش ولا حتى قولتلك أديله وأدي لنفسك فرصة بل بالعكس أنا موافقة جدًا أنك تبدأي من جديد وبعيد عنه وتنسي اللى فات

أغلقت "هالة" قبضتها بلطف ثم قالت:-

-أوكي، بليل هكلمك وأقولك عملت أيه؟

وافقتها "فلك" بعفوية لتسأل "هالة" بجدية:-

-صحيح كنت متصلة ليه مقولتيش

تبسمت "فلك" بخفوت شديد ثم قالت بنبرة خافتة:-

-كنت بطمن عليكي بس

شعرت "هالة" بكذبها فى نبرتها وتلعثمها الخافت لكنها لم تضغط أكثر عليها وأنهت الأتصال فنظرت "فلك" بحزن على بطنها ولمستها بدفء شديد ثم قالت بتذمر:-

-أنا فرحانة بيك بس مش عارفة أقول لمين وأشاركه فرحتي

دلفت مرة أخرى للغرفة وفتحت الباب لتراه ما زال نائمًا ليثير قلقها أكثر وهذه المرة سارت نحو الفراش بدلاً من الرجوع هذه المرة، رفعت الغطاء عن رأسشه ثم نظرت إليه وقالت بلطف وهى تقظه:-

-يونس.. يونس

تمتم بنبرة خافتة وعينيه مُغمضتين بلطف:-

-سيبنى شوية يا فلك

داعبت أظافرها بتوتر وضيق شديد من كثرة نومه وقالت مُتذمرة:-

-الساعة 7 يا يونس هتفضل نايم لبكرة يعنى

فتح عينيه بخفوت شديد وتتطلع بوجه كانت عابسة جدًا وملامحه غاضبة رغم هدوئها وصمتها، تتطلع لحجابها وسأل بحدة:-

-أنتِ خرجتي؟

أومأت إليه بنعم وقالت بحدة مثله تمامًا:-

-اه خرجت وجت وحضرتك لسه نايم ومش عايز تقوم وسايبنى لوحدي وأنا مش فاهمة مالك ولا فيك أيه

أعتدل فى الجلوس وهو يفرك عينيه قليلًا بضيق ثم رفع رأسه بها، تحدث بنبرة مُخيفة رغم هدوئها:-

-وعشان نايم شوية يبقى تخرجي من غير أذني، عادي يعنى 

أزدردت لعابها بقلق من غضبه الواضح ثم ترجلت من الفراش وتتراجع للخلف من الخوف وتحدثت قائلة:-

-كنت محتاجة اخرج أجيب حاجة ضرورى أنا مروحتش أتفسح ولا أقابل صُحابي، ممكن أنت بقي تفهمني نايمة بقالك يومين متواصلين ليه؟ زهقت منى ولا خلاص مبقتش طايق تشوفني

نزل من فراشه بضيق وهو يرتدي تي شيرته ثم سار نحوها بوجه حاد وقال:-

-عشان نمت شوية خلينى خلاص كرهتك ولو كنت كملت ساعتين كمان أيه، كنت هطلعينى أتجوزت عليكي فى الحلم يا فلك

ظل تعود للخلف وهو يقترب مُحدثها حتى أرتطم ظهرها بباب الخزينة ووصل "يونس" أمامها فحاولت الفرار من أمامه بتوتر شديد وتقول:-

-أنا هروح أغير هدومي

مسك ذراعها وأعادها مرة أخرى امامه ويده الأخري تسترخي على الخزينة يُحاصرها أمامه فأبتلعت ريقها الجاف فى حلقها وعينيها تحدق بعينيه فى صمت وهو يتتطلع بها ليخفض نظره إلى شفتيها الحمراء وقال بضيق شديد وغيرة تأكل قلبه وتحرق صدره كاملًا:-

-أنا كام مرة قولتلك متخرجيش بالروج الأحمر دا ها

ضمت شفتيها بقوة خوفًا منه ثم قالت:-

-نسيت مش هحطه تاني

أقترب أكثر منها وضربات قلبه تدفع إليها أكثر حتى ألتصق بها ولم يعد يفصل بينهما شيء وقال:-

-كل مرة تقولي نفس الجملة يا فلك، وكل مرة بتنسي وتحطيه 

كاد قلبها أن ينفجر بصدره من ضرباته وأنفاسه تضرب عنقها ووجنتها بدلًا من يده كأنه يعاقبها بهذه الأنفاس الدافئة، شعرت بحرارة جسدها ترتفع أكثر وأكثر وقشعريرتها تصيبها لتقول بصوت مبحوح لا تقوي على إخراجه من حلقها:-

-أخر مرة

ترك ذراعها ويديه تسللت إلى وجنتيها تحتضنها بينما إبهامه يلمس شفتيها وينزع عنها هذه أحمر الشفايف لتتحدث بهمس وهو يفعل ما يريده:-

-أنت عارف أنه ثابت مش هيتشال

كز على أسنانه غيظًا منها وكأنها تثير غضبه وقال بتذمر شديد:-

-أنتِ بتغيظني يعنى

هزت رأسها بعفوية بينما يديها تحيط خصره بدلال لينظر إلى يديها ثم رفع نظره إليها وقال:-

-أنا مبتثبتش وأنتِ عارفة كدة كويس 

وضعت قبلة على لحيته بلطف ثم ابتعدت عنه وهمست بخفوت مُثيرًا:-

-طب وكدة

تتطلع بوجهها وقلبه يكاد يخرج من صدره ويستكين بصدرها هى، عقله توقف عن العناد والكبرياء ثم قال:-

-هفكر

تبسمت بعفوية شديد، قتلته بسمتها الدافئة ليقول بخفوت مُتذمرًا من هزيمته أمامها وقال:-

-تبا للبسمة دى يا فلك

تعلقت بعنقه بدلال وبسمتها لم تفارق وجهها ثم أقترتب منه أكثر وهمست فى أذنيه قائلة:-

-أنا حامل

أبتعدت عنه لتري تعابيره فدهشت من صدمته التى الجمت وكأنه لم يصدق ما سمعه وتجمد مكانه من كلمتها الوحيدة لكنها اوشكت على إيقاف عقله من محله ونظر بعينيها مُندهشًا ثم قال ولم يستوعب ما قالته:-

-أنتِ قولتي أيه؟

تبسمت أكثر ورفعت نبرتها وهى ترمق عينيه وقالت:-

-أنا حامل يا يونس، هجبلك بيبي

ضمها إليه بقوة على سهو دون سابق أنذار وبدأ يدور بها فى الغرفة من فرحته وكأنه كان بأنتصار هذه الطفل عمرًا كاملًا وبدأ يتمتم بسعادة:-

-بحبك بحبك بحبك بحبك

ضحكت عليه بعفوية وهى تتشبث بعنقه حتى لا تسقط، توقف عن الدوران بها وأنزلها أرضًا وهو يمسك بذراعيها جيدًا حتى لا تفقد توازنها من الدوران، نظرت إليه بسعادة:-

-أنا مكنتش متخيلة أنك هتفرح أوى كدة

قبل جبينها ونزل عليها بقبلاته الكثيرة يقبل كل أنش فى وجهها وهى تضحك على فرحته العارمة وسعادته التى غمرت منزلهما كاملًا، جلست على الأريكة معه بعد أن بدلت ملابسها وخلعت حجابها ثم نظرت إليه وهو يضم يديها بسعادة وقال:-

-متعمليش أى حاجة خالص أنا هجيبلك حد يساعدك فى البيت ومتروحيش الشغل، أنا عايزك ترتاحي خالص ومتعبيش خالص

تبسمت بعفوية عليه وللحظة تناست مرض قلبها مُنذ غمره الحُب وعشق هذا الرجل وهى لم تعد تفكر فى موتها الوشيك بل تركته للقدر فإن كان الموت مستقبلها فالحاضر ملكًا لها وستعيش كل دقيقة بحاضرها مع "يونس" ولأجله، تمتمت بعفوية:-

-أنا مكنتش عارفة أنك مستني البيبي أوى كدة أو نفسك تكون أب بالسرعة

نظر إليها وكأنه يحفظ كل تفصيلة فى ملامحها ويحفرها بداخله ثم رفع يده الأخرى يحيطها بذراعه وهو يداعب خصلات شعرها وقال:-

-أنا هفضل أقول أنك عوضي يا فلك، فى اللحظة اللى قدر سابتنى فيها وأتخلت عني ربنا رزقنى بيكي وفى اللحظة اللى قدر هربت بابنى معها ربنا رزقنى وعوضنى بغيره منك، هتفضلي أجمل وأحلي حاجة حصلت فى حياتى، أنا مُمتن لقدري اللى جمعنى بيكي ورزقني بحُبك يا فلك

نظرت إليه ولم تفهم جزءًا من حديثه ليخبرها بأن "قدر" لم تجهض طفله بل أتحفظت به لأجلها وحدها وهربت به بعيدًا عنه وربما لهذا كان حزينًا ولجأ للنوم على الغضب، رفعت "فلك" يدها تلمس وجنته بحنان وسبابتها يداعب لحيته بلطف وعينيها تفيض منها مشاعر الحب والحنان لتقول:-

-أنت قدري الجميل يا يونس، أنتِ هديتى الجميلة اللى ربنا بعتها ليا 

قربت رأسها منه أكثر وهمست بدفء قائلة:-

-أنا بحبك... لا بعشقك 

قبل جبينها بقلب دافيء وناعمًا، واللحظة التى كانت قلوبهما تغمرها الحُب قد أنار العشق حياتهما وساعدهما فى مقاومة مرضهما، كان هناك قلوبًا يملأها الألم والوجع .....

*********************************

كانت "هالة" تنتظر عودته فى الشرفة حتى تحدثه عن قرارها وتنال حريتها منه وقد مر وقت عودته ولم يعد، على الجهة الأخر كان "أنس" يسير بسيارته عائدًا للمنزل وعقله لا يتوقف عن تخيل بسمتها وهى تضحك مع "فلك" بالعمل وأصدقائها، مر من أمام محل زهور ليعود بسيارته للخلف وحدق بالزهور كثيرًا ثم ترجل من السيارة وطلب باقة من الورود ووقف ينتظر العامل يصنع له باقة تليق بها ...

ولج "أنس" من باب المنزل وكان حاملًا باقة من الزهور خلف ظهره وينظر حوله بقلق حتى لا تراه ودلف إلى غرفة مكتبه ليسمع صوت طرقات على الباب، أخفي باقة الزهور على مقعد مكتبه خلف المكتب بحرج وخجلًا من "جميلة" ثم قال:-

-أدخل

لم يتوقع نهائيًا أن يرى وجهها، لم تكن "جميلة" بل كانت "هالة"، دلفت للمكتب مُرتدية بيجامة بيتى بنصف كم وشعرها مسدولًا على ظهرها، تتطلع بها وكانت جميلة رغم كونها زوجته وتعيش معه فى منزل واحد إلا أنه ناردًا ما يراها بهذه الملابس وهكذا شعرها الجميل الذي يزيدها جمالًا وبراءة، رمقها فى صمت وعينيه لم تفارقها بل كانت تحفظ ملامح وجهها وقلبه بدأت نبضاته تسرع قليلًا عن معدلها الطبيعي، تبسم بخفوت وهو يلتف حول المكتب ويقول:-

-كويس أنك جيتي أنا جبتلك ........

قاطعته ببرة حادة وهى تقول:-

-طلقني يا أنس

بعد أن لمس باقة الزهور صدمته بكلمتها ليترك الباقة من يده سريعًا قبل أن تراها وألتف إليها وهو يلفظ أنفاسه بخوف شديد من رحيلها ليقول:-

-أنتِ قولتي أيه...

تحدثت بجدية وهى تتحاشي النظر إليه قائلة:-

-أنت وعدتني لما أطلب الطلاق هتطلقنى، وأنا أهو بطلبه وبقولك طلقتنى يا أنس... كفاية نوجع بعض كدة، كفاية ألم وحزن ودموع مبتخلصش، لا أنا هقدر أسامحك ولا ..... 

رفعت نظرها إليه وتمنت ان تمتلك الجراءة لتخبره بأنها لن تستطيع حُبه أو عيش حياة طبيعية معه مثل أى زوجين، رأت عينيه تلمع ببريق دموعه التى تجمعت بهما بعد أن طلبت حريتها لترحل عنه، لكنها تجاهلت هذه الدموع ووخزات قلبها التى لا تعلم سببها وقالت:-

-خلينا نخلص من العذاب دا بعد أذنك ودا اول وأخر طلب أطلبه منك 

ألتف ليعطيها ظهره بعد أن شعر بدمعته تهرب من جفنيه وتتساقط ليغمض عينيه بوجع فهى لا تعلم قدر الألم الذي ألحقته به للتو لتتساقط الدموع من عينيه وقال بتلعثم شديد وهو لا يقوي على لفظها قائلًا:-

-أنتِ طالق ياا هالة 

سمعت أنين بكائه فى نبرته لكنها تجاهلت الأمر وألتفت لتغادر المكتب وقبل أن تخرج من الغرفة تمتمت بأسف شديد ودموعها أنهمرت على وجنتيها قائلة:-

-أنا أسفة .....

غادرت المكتب مُسرعة لينظر إلى باقة الورد بحزن شديد وبعد أن سمع باب المكتب يُغلق جهش باكية بعد أن وضع قبضته على قلبه المُتألم......

لم تنم هذه الليلة بل جمعت اغراضها ووقفت فى الشرفة وهى تتذكر أمس حين رأته يترجل من سيارته حاملًا باقة من الزهور الحمراء وكأنه قد حسم أمره للأعتراف بحبه إليها ربما لهذه السبب تركت له أسفًا مُعتذرة على كسرة قلبه، مع شروق الشمس طلبت سيارة أجرة لترحل وجهزت نفسها للرحيل، نزلت مع "جميلة" التى تحمل حقيبتها وبحثت بنظرها عنه لكنه لم يظهر أمامها نهائيًا لتودع "جميلة" ببسمة مُنكسرة وغادرت منزله الذي كان بمثابة سجنها الجميل، حاول قدر الإمكان أسعادها بهذا المكان لكنه كان أشبه بالسجن لها الذي يُقيدها، فتحت باب السيارة الخلفى وألتفت لتنظر على المنزل لربما تراه مرة أخيرة لكنه لم يظهر أمامها فغاردت مُتمنية نسيان ماضي أليم سبب لها الوجع وسلبها حياتها الجميلة، أغلق "أنس" ستارة مكتبه بعد أن رأها خلسًا ترحل وتمتم بصوت مبحوح:-

-أنت السبب 

******************************** 

أخبرت "فلك" بكل شيء رعايته لها وحضور لغرفتها كل ليلة مُعتقدًا بأنها نائمة ويعتذر منها وكأنه لا يقوى على مواجهتها وهى مستيقظة، أخبرتها عن باقة الورود وحديث "جميلة"، كانت "فلك" تستمع إليها فى صمت ثم تركت كوب العصير من يدها ونظر إلى "هالة" وسألتها بلطف:-

-المهم أنك تكوني أرتحتي ولو شوية بعد ما أطلقتي وخدتي حريتك مش كدة؟ ، أهو أنس ساب البلد كلها وقرر يسافر يمكن يبدأ من جديد زى ما انتِ بدأتي، حتى لو غلط فهو تاب وقبول التواب بقى مش بتاعتنا دى بينه وبين اللى خلقه، المهم بقي أنتِ مرتاحة دلوقت؟

صمتت "هالة" قليلًا وعقلها لا يتوقف عن التفكير به ومواقفه القليلة معها ورغم قلتها إلا أنها لا تغادر عقلها، ظلت "فلك" تنظر إلى وجهها مُنتظرة الجواب على سؤالها لكن صمت "هالة" كان جوابًا أخر، أخرجت "فلك" ورقة من جيبها ووضعتها على الطاولة أمام "هالة" وقالت:-

-مش مهم أعرف جوابك يا هالة، بالنسبة للورد اللى شوفتيه يومها دى كانت رسالته اللى كان ناوي يديها لك بنفسي، أبقي اقرأيها، أنا همشي عشان يونس مستنيني..

غادرت المكان بعد أن دفعت تكلفة المشروب، خرجت "هالة" من المطعم تمسك هذه الورقة فى يدها ولا تقوي على فتحها، سارت فى طريقها لتصعد "فلك" بسيارته لتقول:-

-مش عارفة أشفق علي اللى حصلها ولا على قلبها، هالة حظها سيء سواء فى ماضي مشي أو مستقبل جاي

أومأ "يونس" إليها بنعم وأنطلق بسيارته لينظر من النافذة وهو لا يعلم أى ألم يصيب القلوب، بعد أن تلاشت "غزل" تمامًا من حياته وغادرت "قدر" شعر لأول مرة بأنه شخصًا طبيعي ولا يختلف كثيرًا عن الجميع ويحق له أن يُحب، فنظر إلى "فلك" وهى جالسة جواره تنظر من النافذة فأخذ يدها بيديه لتنظر إليه ببسمة وتشابكا الأصابع فى هدوء والبسمة لا تفارق شفتيهما، بينما توقفت "هالة" عن السير وفتحت الورقة بشجاعة لتقرأ مجتواها 

(أنا أسف، أسف على اللى عملته وعلى عهدي اللى موفتش بيه، عارف أن مكنش فى أتفاقنا أنى أحبك أو أطلب منك تقضي العمر معايا بس غصب عنى مش بأيدي لاقيتنى بحبك، أسف لو الحُب دا هيضايقك لكنه مش بمزاجي، أسف وبحبك ونفسي تسامحنى ونبدأ من جديد، تكون مراتي وحبيبتى وبنتى وأختى وأمي وكل دنيتى، تتجوزينى يا هالة؟ )

تساقطت دموعها بأنهار شديد على الورقة تبللها وهى تقرأ كلماته الأخيرة لها وجلست أرضًا بمنتصف الطريقة جاثية وتبكى بحرقة وقهرًا على قلبها الذي كُتب عليه الألم والوجع فقط وقد سُلب منه الفرح والسعادة مدى الحياة ما دام نابضًا .......

قليلًا وجد حُبه وكثيرًا وجده الألم، لم تكن مرآة الحب دومًا تحمل السعادة والدفء بل هناك الكثير ما تحمله من الألم فلولا السعادة ما وجد الحزن ولولا الحب ما وجد الوجع......

___ النهـــــــــــــايـــــة ___

#مرايا_الحب

#نور_زيزو

#نورا_عبدالعزيز

لمتابعة الروايه الجديده زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا

 مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هناااااا




تعليقات

التنقل السريع