القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية كبرياء صعيدي الفصل الأول والثاني والثالث والرابع والخامس بقلم نورا عبد العزيز

رواية كبرياء صعيدي الفصل الأول والثاني والثالث والرابع والخامس بقلم نورا عبد العزيز 







رواية كبرياء صعيدي الفصل الأول والثاني والثالث والرابع والخامس بقلم نورا عبد العزيز 




الفصل الأول (1) بعنــــــــــوان "لُعبة القدر"


"لو علمت قدرك هل ستتمكن من الهرب منه وتفاديه؟ لا ، لن تتمكن من تفادي شيء كُتب لكَ فلا قوة لكَ أمام قوة الخالق سبحانه وتعالي، وأنت ليس سوى حلقة فى دائرة الحياة وعليك مواكبتها حتى تصل إلى قدرك الذي كُتب لكَ؟ 

لطالما تمنيت لو هربت من قدري الذي جمعني بهذا الوحش قبل أن أصل لما وصلت إليه حين سقطت معه وعلى أرضه"


داخل بناية مكونة من 7 طوابق فى القاهرة تحديدًا فى الطابق الثالث كان صوت الرجال يملأ المكان بسبب شجارهم دون ان يغفو لأحدهم جفنٍ واحدٍ وهم يتشاجرون ضد امرأة ضعيفة بلا سند أو ظهر، لم تهتز شواربهم خجلًا وكلا منهم يستقوي على مرأة كالقارورة 

تحدث رجل فى الستينات من عمره ذات الشعر الأبيض يدل على شيبة رأسه وعمره وشارب أبيض "حاتم" قائلًا:-

-إياكي تطلعي برا باب الشقة دى وخلي بالك يا عطر ديون أبوكي محدش هيدفعها غيرك ومش ذنبنا إنه طلع رجل نجس وواطي سرق فلوسنا وهجي وسابك هنا لوحدك 


تحدث رجل آخر "هادي" بحدة أكثر من السابق دون رأفةً بهذه الفتاة الضعيفة قائلًا:-

-راجل ندل وواطي ومتعيطيش كدة لأنك مش هتصعبي علينا ، إذا كان مصعبتيش علي أبوكي لما هرب بفلوسنا هتصعبي علينا إحنا، ما هو مستحيل نكون أحن عليكي من اللى خلفك


ألقي ثالثهما مجموعة من الأوراق على الطاولة بقساوة وحدة ثم قال "ماهر" :-

-دى صور من الوصولات اللى على أبوكي أهو تعرفي ديونكم كام ؟ وتفكري هتدفعي وتسدي أزاى 


خرج ثلاثتهم من الشقة وأغلقوا الباب خلفهم، هرعت "حنة" الخادمة صاحبة العمر 48 عام ، امرأة محجبة بعيون بينة غامقة وبشرة متوسطة البياض إلى "عطر" هذه الفتاة الباكية ذات الواحد وعشرون عام ، كانت جالسة محلها على الأريكة معصومة العينين من الدموع التى أحتلت جفنيها حتى أخفت لون عينيها الزرقاوتين وبشرتها البيضاء كالحليب تحولت للأحمرار الشديد من شدة بكاءها وأنهيارها التام، جلست "حنة" قربها بفزع على حالة هذه الفتاة لترتمي "عطر" بين ذراعيها وتتطلق العنان لصدرها حتى تخرج شهقاتها القوية وتجهش فى البكاء يقوة وكلماتها تكاد تخرج من بين حنجرتها من لعثمتها قائلة:-

-أعمل أي يا حنة، أعمل أي فى اللى حطني فيه؟ ااااه يا حنة ، دى عملة يعملها فيا قبل فرحي بأسبوع


تساقطت دموع "حنة" على وجنتيها بإشفاق على حال هذه الفتاة وقالت بلطف:-

-فوضي أمرك لله يا عطر ، مالناش غيره ي حبيبتي


ظلت تبكي بأنهيار تام لساعات طويلة........

____________________________________


فى محافظة "أسيوط" قلب صعيد مصر 

بمنزل "عائلة الدسوقي" كان منزل كبير يكفي للنظر من الخارج فقط، يهيبه كل شخص من هذه البلد، منزل مكون من ثلاث طوابق وأمامه ساحة كبيرة من الخضراء وبوابة حديدية كبيرة لا يقترب منها أحد ويجلس أمامها بعض الرجال لخدمة هذه العائلة من صغارها لكبارها، فى الطابق الأول كانت تجلس سيدة خمسينية "هدي" على السفرة وأمامه صينية من البطاطس تقطعها للغداء مُرتدية عباءة زرقاء وتلف حجابها الأبيض حول وجهها متوسط البياض وعيونها الخضراء وجسدها سمين قليلًا، جاءت إليها ابنتها فتاة فى مُقبل العمر ذات الثلاثة وعشرون عام "فيروزة" وقالت بلهجتها الصعيدية:-

-صباح الخير يا أمى


أجابتها "هدي" بهدوء ويديها تكمل ما تفعله:-

-صباحك فل يا حبيبتي، خير لابسة أكدة ليه؟ لتكوني طالعة ي فيروزة 


تبسمت "فيروزة" بعفوية ثم قالت:-

-هجول لأبويا الأول وأدعيلي يوافج على طلوعي ، أنا هوصل لبيت خالتي ومهعاوجش


ضحكت "هدي" بسخرية على فتاتها ثم قالت:-

-أبجي أطلعي الأول وبعدين جولي هتعاوجي ولا لا، وخلي بالك أبوكي مهيوافجش عشان عامر جاي الليلة دى وبعدين جولتلك مليون مرة مش عشان خطبك هتصدعينا وياكي


تأففت "فيروزة" بضيق من حديث والدتها لترفع "هدي" نظرها إلى ابنتها هذه الفتاة التى تملك من الجمال ما يكفي حتى تقدم لخطبتها رجال البلد أجمعهم، فلم يراها رجل ألا ووقع بغرام جمالها، تملك زوج من العيون الخضراء التى يمرح بها الخيل وشعر ذهبي اللون كأشعة الشمس المُشرقة وبشرة بيضاء صافية كالحليب وجسدها الممشوق وحتى رموشها الطويل تزيد من سحر عينيها، لكن قلب هذه الفتاة عالقًا هناك بقلب "عامر" ابن خالتها مُنذ نعومة أظافرها وأول رجل وقعت عينيها عليه فى هذه الدنيا .......

كادت "هدي" أن تتحدث لكن أوقفها صوت "خضرة" سيدة فى نهاية الأربعينات من عمرها زوجة "ناجي" الأبن الأوسط لعائلة الدسوقي تقول بلا مبالاة:-

-ما تتجلي شوية يا بت مش أكدة ليفكر أنك هتموتي عليه


تنحنحت "فيروزة" بأغتياظ شديد من جملة هذه المرأة ونظرت إلى والدتها قبل أن تجيب عليها فغمزت لها "هدي" بألا تتحدث معها وقالت:-

-جومي يا فيروزة روحي لأبوكي هو فى المنضرة وي أخوكي عيسي وجدك


غادرت "فيروزة" بتأفف فنظرت "هدي" إلى "خضرة" وقالت بحدة:-

-جرا أي يا سلفتي هو اللى هنام فيه هنصبح فيه؟ مفيش يوم تصحي وتجولي صباح الخير أي بتصحي للمشاكل .... طلعي فيروزة من دماغك 


ضحكت "خضرة" وهى تأخذ السكين فى يدها لتساعد "هدي" فى الطعام وقالت بلا مبالاة:-

-مدلعيناها زيادة جوى عن اللزوم، بعدين تتمرع عليكم


تنهدت "هدي" بضيق شديد من حديث "خضرة" وقالت:-

-تتمرع!! خليكي فى حالك يا سلفتي الله لا يسوج ، ولا أجولك خليكي فى عيالك خالد ونصر وخديجة وخيرية هم أولي بتفكيرك من بتي ولا أجولك خليكي فى جوزك فؤاد بجاله 3 ليالي برا الدار متعرفيش المرة دى هيرجعلك متجوزة واحدة عاملة كيف، شكلك نسيتي الغازية اللى رجعلك بيها أخر مرة 


وقفت من مكانها بانتصار بعد أن أشعلت نيران الغضب بهذه المرأة أنتقامًا لحديثها مع أبنتها ودلفت للمطبخ، أشتعلت "خضرة" من الغضب بسبب حديثها وذهبت إلى غرفتها للأعلى مُستشاطة غضبًا وأخذت هاتفها تتصل على زوجها "ناجي" وكان الهاتف كعادته مغلق فألقت به على الفراش ونظرت للمرأة على صورتها المنعكسة رغم أن ملامحها ليست سيئة بل جميلة إلى حد ما بعيونها البينية وشعرها الأسود المموج بطوله وبشرتها متوسطة البياض لكنها تزوجت رجل لا يعرف شيء فى حياته سوى عشق النساء وتغييرهم كملابسه وحتى بعد أن أنجبت له الصبيان والبنات ما زال يتزوج عليها، لم تكتفي ألمها من زوجها بل يزداد الألم أضعاف كلما رأت "فؤاد" الأبن الأكبر لهذه العائلة وزوجته "هدي" أمامها يكرمها ويدللها أمام الجميع بلا حرج أو خجل حتى بعد أن أنجبت له "عيسي" و"فيروزة" فقط لم يتزوج عليها لمرة واحدة أو يطلب أبناء أكثر وكأنها تكفيه عن كل النساء .....


_________________________ 


فى غرفة الضيوف ، كان جالسًا الجدة "عبد الحكيم الدسوقي" مع ابنه الأكبر "فؤاد" وابنه "عيسي" فتحدث "عيسي" بجدية:-

-كدة وياك حسابات الشونة وكمان محلات الفاكهة والخضراوات ناقص بس حسابات الزرع والمحصول على أخر اليوم هيكونوا عندك ي جدي


تحدث "عبدالحكيم" رجل فى نهاية السبعينات من عمره يملأ وجهه التجاعيد ويتكئ بيديه الإثنين على عكازه الخشبي الأسود قائلًا:-

-ماشي ي ولدي أطلع أرتاح من سفرك ولما تصحي نبجي نكمل 


وقف "عيسي" من مكانه شاب فى الثلاثينات من عمره يرتدي عباءته السوداء ويلف عمامته البيضاء، صاحب البشرة القمحاوية واللحية السوداء الكثيفة كشعره الناعم بسواده وعينيه البنية الداكنة كحبيبات القهوة وجسد عريض الأكتاف وطويل ، تحدث "فؤاد" بنبرة خافتة فى أذن والده:-

-ولدك ناجي لسه معاوجش 


تنهد "عبد الحكيم" بأختناق من تصرف أبناءه وقال:-

-أنا معرفش عملت أي فى دنيتي عشان يبتليني فى عيالي أكدة، مكفنيش ضياء اللى سبني وهج عشان المصراوية اللى كلت عجله ومعرفش عنه حاجة بجاله فوق ال25 سنة ، لا وكمان يجيني ناجي وكستي الكبيرة وعملي الأسود فى الدنيا 


فتح باب الغرفة ودلفت "فيروزة" تقابل "عيسي" قبل أن يخرج من الغرفة فتبسمت فى وجهه بهدوء وقالت:-

-كيفك ي عيسي؟


نظر إلى وجه أخته الخجول رغم حماسها وقال ببرود:-

-ليكون عامر عاود من سكندرية ، هو عاود ما إحنا مبشوفش الضحكة دى غير لما بيعاود


تحدث "فؤاد" بجدية صارمة قائلًا:-

-همل خيتك فى حالها ي عيسي


صعد للأعلي لتقترب "فيروزة" من والدها تقبل يده وهكذا جدها العجوز فتبسم "عبدالحكيم" تلقائيًا لأجل هذه الفتاة المُدللة وقال:-

-عاوز تروحي تشوفيه مش أكدة؟


-ياريت ي جدي

قالتها بخجل شديد من وجود والدها أمامها فتبسم "عبدالحكيم" وقال:-

-خليها عبد الجواد يوديها بالعربية يا فؤاد


نظرت "فيروزة" لوالدها بهدوء منتظرة موافقته على خروجها من المنزل فأومأ إليها بنعم ...........


__________________________ 


"فى القاهرة"

فتحت "حنة" باب الغرفة بلطف مُعتقدة بأن فتاتها الصغيرة نائمة لتجدها جالسة على الفراش تخفي دموعها وتصطنع  القوة والصمود أمام الكارثة التى حلت بها فقالت "حنة" :-

-صحيتي أمتى؟


تنهدت "عطر" بهدوء وهى تكتب فى الورقة بحيرة:-

-أنا منمتش أصلًا ي حنة، حد فى مصيبتي دى وينام، أجيب منين مليون ألا ربع الله يسامحه بابا 


جلست "حنة" على الفراش أمامها لتتابع "عطر" الحديث بجدية صارمة ويديها تتغلغل بين خصلات شعرها الأسود الحريري:-

-حسبت كل اللى حلتي مش هيكمل 250 ألف 


أتسعت عيني "حنة" على مصراعيها بصدمة ألجمتها وسألت باستغراب:-

-وجبتي ال250 ألف منين؟


رفعت "عطر" رأسها للأعلي بأنكسار وقالت:-

-من جهازي، أنا هبيعه عشان أسد ديون بابا


وقفت "حنة" من مكانها بفزع وقالت بصدمة ألجمتها:-

-يالهههوي هتبيعي جهازك وفرحك اللى بعد 5 أيام دا


ضحكت "عطر" بأنكسار وسخرية وقالت:-

-فرحي!! ، أنا قولت لعاصم أنى مش هكمل الجوازة 


ضربت "حنة" يديها ببعضهم بفزع وقالت:-

-يا خراشي فشكلتي جوازتك والناس هتقول ايه وأنتِ بتفشكلي الجوازة على الفرح


ضحكت "عطر" بسخرية أكثر تخفي ألمها أكثر مع نزولها من الفراش وقالت:-

-أنهي ناس يا حنة، اللى حواليا وتفتكري فى حد لسه معرفش بفضيحة بابا، فضيحة الأب اللى سرق فلوس وساب بنته وهرب ، العمارة كلها سمعت الخناق والتجار اللى جم ماهم حوالينا، متخافيش محدش هيجي سيرتي بحاجة لأن الكل عارف بمصيبتي


خرجت من الغرفة لتخرج "حنة" وراءها حتى وصلت للمطبخ وقالت بضيق:-

-أستعجلتي ي عطر


ألتفت "عطر" إليها وقالت:-

-استعجلت على أيه؟ تعرفي لو كانت الشقة دى تمليك كنت قولتلك هتجوز وأروح بيت جوزى وأبيعها لكن حتى الشقة دى إيجار يعنى ماليش فيها غير اللى أنا قاعدة عليه، أملك أي عشان أسد وراء بابا ، ذهب حتى ذهب أمى باعه على القرف اللى بيشربه ، خليني فى مصيبتي أنا ماليش غير ربنا وسيبنى بقي أفكر فى النص مليون اللى ناقصة دى أجيبهم منين ؟


دق باب الشقة فخرجت "حنة" من المطبخ لتفتح الباب وكان "عاصم" خطيب "عطر" مُستشاط غضبًا من هذه الرسالة التى وصلت له من زوجته صباحًا ، فقال بهدوء ما قبل العاصفة:-

-هى فين؟


خرجت "عطر" إليه من المطبخ مُرتدية بيجامتها الوردية ببنطلون فضفاض وتي شيرت أبيض اللون بنصف كم وقالت:-

-أنا هنا


ألتف إليها ليُدهش من جمالها رغم ذبولها فأقترب منها بغضب ناري ومسك ذراعها بقسوة ثم قال:-

-تقصدي أي باللى بعتيه دا؟


أبعدت يده عنها بحزن وهى تري حبيبها أمامها بعد سنة خطبة وتعلقت به وأحبته بجنون الآن تترك يديه فقالت ببرود صامدة أمام كارثتها:-

-هى رسالتي كان فيها حاجة مش مفهومة، هى كلمة واحدة طلقني؟


تأفف بأختناق شديد وقال بغضب سافر:-

-أكتب عليكي من أسبوع عشان أطلقك دلوقت، ليه؟


جمعت شجاعتها بغضب سافر وأوجاعها تزداد بداخلها وتحدثة بقسوة:-

-هو اللى بيطلق قبل الفرح بيطلق ليه؟


أجابها بقسوة قائلًا:-

-عشان بتبقي معيوبة مثلا ولا خاينة


كادت "حنة" أن تتحدث بغضب بعد أن سمعت تهمته لهذه الفتاة لتشير لها "عطر" بأن تصمت ثم قالت بهدوء سافر يُثير غضبه:-

-أعتبرها زى ما تعتبرها مش فارقة معايا، لكن طلقني وأنا ي سيدي متنازلة عن كل حقوقي ومش عايزة منك حاجة 


لطم وجهها بقوة مرات متتالية من برودها الذي يُثير غضبه ويفقده أعصابه أكثر لتهرع "حنة" وتبعده عنها فتبسم بمكر شديد وهى تكسر قلبه بهذا الحديث ثم قال:-

- هطلقك أدخلي ألبسي


حاولت الصمود قدر الإمكان وهى تخفي دموعها من خسارة حبيبها ودلفت تبدل ملابسها وقلبها قد تفتت لإشلاء الآن خصيصًا بعد أن صفعها وضربها بقوة كأنه صدق ما خيله عقله له عنها، خرجت من الغرفة لترى "حنة" تقف فى أنتظارها وقالت:-

-عطر


تنهدت بصعوبة من شدة بكاءها وقالت:-

-أسكتي يا حنة وخلينا نخلص 


نزلت للأسفل لتراه جالسًا فى سيارته بأنتظارها، صعدت للسيارة بالخلف مع "حنة" فأنطلق بسيارته وقال:-

-تعرفي يا عطر اللى زيك مش جزاءها الطلاق، أنتِ تستاهلي الموت بس أنا مش هدخل السجن فى زبالة زيك لكن ورحمة اللى خلفوني ما هسيبك تتهني يوم بعد ما دنستي شرفي 


تحدثت "حنة" بغيظ شديد من هذا الرجل:-

-ممكن كفاية ما دام هطلق مفيش داعي للتجريح


ضحك بسخرية وقال:-

-تصدقي ي حنة، هتصدقي إن شاء الله محدش فرعنها كدة غيرك 


أنتبهت "عطر" للطريق فقالت بهدوء:-

-إحنا رايحين فين؟


-لأهلك ماهو فى الصعيد المعيوبة بتطخ عيارين وأنا قولتلك أنا مدخلش السجن فى واحدة زيك

قالها بمكر شديد وهو أختار طريقة أخري لقتلها بطريقة غير مباشرة دون أن يلمسها بيديه


أتسعت عيني "حنة" وهكذا "عطر" فهى لا تملك أهل بالصعيد ولم تعرفهم وهم أيضًا تكاد تجزم أنهم لم يعرفوا بوجودها حتى، حاولت مقاومته ومعارضته لكنه لم يوقف السيارة، بل زاد من سرعتها، حاولت "حنة" سحب يديه من الخلف عن المقودة فأوقف السيارة وأخرج مسدسًا لم تعرف عن وجوده شيء لترتعب الأثنتين وهو يُصوب المسدس فى منتصف رأس "عطر" وقال:-

-متجبرنيش أخلص منك فى نص الطريق، أنا مانع نفسي عنك بالعافية


أبعدت "حنة" المسدس  عن فتاتها بصعوبة وخوف مع شعورها بأرتجاف "عطر" بين ذراعيها وقالت:-

-خلاص ، خلاص أنت أتجننت رسمية ، وديها لأهلها 


عاد لقيادة السيارة لساعات طويلة حتى حل الليل ووصل لمحافظة أسيوط سأل عن اسم عائلتها وهو خير معرفة باسم زوجته كاملًا ليُصدم مع أول شخص سأله حين قال:-

-دار الدسوقي فى أخر البلد هتعرفه لحالك، مين ميعرفش كبير البلد


أنتفضت "عطر" فزعًا من هذا الحديث بينما قاد "عاصم" إلى طريق البلد كما أرشده الغريب...


_________________________ 


جلس الجميع على السفرة قرب أذان العشاء ويتناولون الطعام فى صمت حتى تحدث "نصر" هذا الشاب الثلاثيني الذي يكبر "عيسي" بسنتين قائلًا:-

-جولت أي ي جدي فى موضوعي


توقف "عبد الحكيم" عن الطعام وتأفف بضيق قائلًا:-

-طالع لطخ كيف أبوكي، وأنت يا ولد ناجي عرفت تصون مرتك الأولنية عشان عايزني أجوزك التانية دا أنت طلجتها بعد شهر من الفرح وفضحتنا فى البلد ، لتكون فاكر أن بنات الناس لعبة فى يدك أكمنك غني ومجتدر، ما تبص لعيسي ولد عمك واتعلم منه كيف تخاف على مالك وتشغله وبعدين فكر تفتح بيت


نظر " نصر" إلى أخاه الأصغر "خالد" الذي يملك من العمر 28 عام بأختناق ولقد فاض به الأمر من المقارنة التى يعيش بها أمام "عيسي" وقال بأختناق:-

-والله كل واحد حر فى حياته أنا أكون كيف عيسي ليه؟ انت شايفه زين  جوي عشان شغله على الأقل مبيعرفش يعاشر حريم من قسوته وبروده ، أنا أكون كيفه والحريم تخاف مني ألا ما في واحدة اتجدم لها ورضيت به مع أنه الكبير كيف ما بتجول وضهرك وخليفتك 


ضرب "عبدالحكيم" الطاولة بقسوة ووقف من مكانه ليضرب هذا الرجل لكن أوقفه صوت "عبدالجواد" الغفير يهرع إلى الداخل ويناديه قائلًا:-

-يا كبير ، الحجنا يا كبير 


خرج "عبدالحكيم" وخلفه ولده "فؤاد" وهكذا "نصر" و"خالد" ليري "عبدالجواد" يقف أمام المنزل وهناك رجل غريب يسحب فتاة من ذراعها بقوة وهى تبكي بهلع وترتجف خوفًا، تحدث "عبدالحكيم" بصوت قوي قائلًا:-

-فى أي؟ مين دا


-دا غريب من مصر بيجول أنه عايزك فى حاجة ضروري

قالها "عبدالجواد" بذعر خائفًا مما هو قادم حين قدم بطاقة شخصية إلى "فؤاد" ونظر إليها ليقرأ اسم الفتاة "عطر ضياء عبدالحكيم الدسوقي" رفع نظره إلى الفتاة التى تملك وجه البطاقة وكانت ترتجف ذعرًا ودموعها بللت وجنتيها كاملة ويسحبها خلفه كالبهيمة فنظر إلى والده "عبدالحكيم" الذي يقول:-

-أنت مين وعايز أيه؟


دفعها "عاصم" بقوة  إلى الأمام لتسقط على الدرجات التى يقف الجميع أعلاها وقال بغضب سافر:-

-دي مراتي وزانية وفرحي عليها بعد 5أيام ومدخلتش عليها ولا لمستها وطلعت معيوبة ملاقتهاش أهل يلموا نجاستها غيركم 


نظر الجميع لبعضهم البعض وهكذا "عبدالحكيم" الذي لم يفهم شيء ويري "حنة" تساعد فتاتها على الوقوف فقال "عاصم" بقسوة:-

-أنا جبتهالكم ، يا أنا أقتلها يا أنت تقتلها ي عبدالحكيم بيه ماهى حفيدتك 


أتسعت عيني "عبدالحكيم" على مصراعيها بصدمة ألجمته كالصاعقة الكهربائية التى وقعت على قلبه وعقله فقال:-

-أخوك أتجوز على خضرة وخلف منها والله تجوم نار الليل.....


قاطعه "فؤاد" الذي قرأ الأسم وقال:-

-لا دي بنت ضياء


أرتجف قلب هذا العجوز الذي حُرم من ابنه فوق ال25 عام دون أن يعرف عنه شيء والآن جاءه حفيدة منه يتهمها زوجها الزنة وتدنيس شرفها، تحدث "نصر" بغضب سافر من هذا الرجل الذي ظهر من العدم ويبتزهم وهم كبار هذه البلد قائلًا:-

-يا عبدالجواد، هات الرجالة يشيله البهيمة دى من أهناويرموه فى أى داهية لحد ما يفوقله الكبير 


صُدم "عاصم" مما سمعه وأخذ الرجال له، أختبئت "عطر" بين ذراعي "حنة" بفزع من هؤلاء الرجال، أقترب "نصر" من هذه الفتاة ليسحبها من ذراعها بقوة حتى خرجت من بين ذراعي "حنة" وقال بغيظ ونبرة أرعبتها أكثر:-

-وأنتِ كان ناجصنا عارك أياك، والله لادفنك حية جبل ما توسخي سمعتنا فى البلد


حاولت "عطر" أن تدفعه بعيدًا عنها بقوة خوفًا منه خصيصًا بعد كلماته المُرعبة وقالت:-

-أبعد عني متلمسنيش


تحدث "عبدالحكيم" بنبرة خافتة هادئة:-

-هملها يا نصر، خلي مرتك تأخدها لأوضة ضياء ي فؤاد وإياك حد يجرب منها


أتكئ على عكازه بصعوبة حتى وصل إلى غرفة المكتب وأخذوها إلى غرفة "ضياء" وأغلقوا الباب عليها بالمفتاح مع "حنة" لتنهار من البكاء خوفًا من هذا المكان وما سيحدث لها به........

وقف "فؤاد" قرب والده يتحدث فى الهاتف مع أحد رجاله فى القاهرة ويعطيه عنوان "عطر" من بطاقتها ثم قال:-

-جبل طلوع الشمس تجيبلي كل حاجة عنها فاهم وإياك تتأخر


أغلق الهاتف لينظر إلي والده الذي أصابه صدمة ويتمتم بالحديث:-

-غاب كل السنين دى عشان يرجع بمصيبة كيف دى ، أنا موتي على يد أخواتك ي فؤاد


جلس "فؤاد" قرب والده الذي يتنفس بصعوبة وقال:-

-متجولش أكدها ياابويا، ربنا يديك طولة العمر 


___________________________ 


نزل "عيسي" بوجه عابس شبه نائمًا بعد أن أيقظته أخته تخبره بما حدث، سمع "خالد" هذا الشاب اللعوب عاشق الفتيات كيف والده يقول:-

-والله البت كيف القمر ياأما، يا أبويا على جمالها ، شوفتي فيروزة اللى بتحلفوا بجمالها أهى فيروزة دي متجيش حاجة جنب البت دى ، برضو بنات مصر حلويات 


ضربته "خضرة" على ظهره غيظًا من حديثه وقالت:-

-بيجولك معيوبة ي واد ، أتهد وأتلم 


تأفف "عيسي" بضيق ثم دلف إلى المكتب حيث جده ووالده، فكان "فؤاد" يتحدث فى الهاتف و"عبدالحكيم" يضع أنبوبة الأكسجين على أنفه من التعب ليغلق "فؤاد" الهاتف، سأله "عيسي" بعد أستيعاب:-

-اي اللى سمعته دا؟


تنحنح "فؤاد" بهدوء ثم قال:-

-متصدقش كل اللى تسمعه يا ولدي، بجولك اي يا حج البت طلعت زينة ومتربية بيجولي الحتة كلتها تشهد بإخلاجها وأدبها 


-خلى مرتك تجيبلي امها اتحدد وياها 

قالها بهدوء ليخرج "فؤاد"إلى "هدي" زوجته وطلب منها أن تحضر "حنة" لتأتي بها مُسرعة، كانت صامدة وقوية لا تخشي كل هؤلاء الرجال واثقة فى "عطر" فقالت:-

-نعم


-أنتِ بجي امها


تحدثت "حنة" مُجيبة على هذا العجوز قائلة:-

-مربيتها، امها ماتت فى ولادتها ، هتسمع منى يا حج ولا عقلك خلاص حكم على عيلة صغيرة 


تنحنح "فؤاد" بضيق وقال:-

-أنجزي 


-عطر عيلة صغيرة كل الحكاية أن ابنك الله لا يسامحه خد فلوس من ناس وفص ملح وداب وساب بنته من غير سند ولا ظهر للكلاب تنهش فيها وبعد خناقات وفضايح مع الناس دى قررت تبيع جهازها عشان تسد وراء أبوها اللى أنت معرفتش تربيه ما أنت لو كنت ربيته كويس مكنش ساب لحمه ودمه للكلاب على الأقل كان خدها معاه ، وطلبت الطلاق من جوزها قبل الفرح بأيام هو خسيس وواطي زى أبوها فهم الموضوع أنها بتخونه أو فيها عيب وجاب ليكم عشان تقتلوها، لكن يشهد عليا ربنا أن عطر ما في فأخلاقها ولا تربيتها، أنا تعبت فى تربيتها واللى يرشها بالماء أنا ارشه بالدم


تحدث "عيسي" بنبرة حاجدة قاسية:-

-وإحنا إي اللى يخلينا نصدج كلامك دا


دمعت عيني "حنة" بأنكسار وألم ثم قالت:-

-يبقي بيني وبينكم الدكتور ونكشف عليها بس الله يخليكم بلاش عشان دى مش سهلة على أى بنت متبقوش أنتوا والزمن عليها أنا مستعدة أخدها وأمشي زى ما جينا وأنتوا مكنتوش تعرفوها أصلا


قاطع حديثها صوت صراخ النساء بالخارج القوة فهرع الجميع للخارج، ليُصدم "عبدالحكيم" حين رأي "نصر" يمسك "عطر" من شعرها بقوة وفى يده الأخر مسدسًا يصوبه على خصرها ........... 


وللحكـــايــــــــــــــــــــة بقيـــــــــــة ............



كبرياء صعيدي

الفصل الثاني (2) بعنــــــــــوان " قـــرار محســــوم"


رمقه "عبدالحكيم" بنظرة مُرعبة علي ما يفعله وتجرأه على تخطي جده الكبير هنا وعصيان امره، نظر "نصر" إلى "عطر" التى تتألم فى يده وقال بانفعال:-

-دى لازم تموت ونغسل عارنا جبل ما الناس تبدأ تتكلم علينا وعلى العيلة اللى حطت شرفنا فى الأرض


صرخت "عطر" بألم شديد من قبضته وهى تحاول أن تفلت شعرها من يده وقالت:-

-أبعد عني ، أنت مجنون ومتخلف


ضربها بمؤخرة المسدس فى جبينها بقوة بتهور لتصرخ من الألم وجعًا والدم تسيل من حاجبها، لم ترى شخصًا مجنونًا متهورًا فى حياتها مثله، يضرب قبل أن يفكر ليقن عقلها بانه سيقتلها إذا نوي ذلك دون أن يتردد دقيقة فى التفكير بهذا الجُرم، لم يكتفي "نصر" بضربتها ، بل رفع يده ولطم وجهها مرةً وقبل أن يفعل الثانية وجد "عيسي" يمسك يده مانعًا له، نظارات الغضب والكره ممزوج بالحقد تمامًا النار الذي يلمس البنزين، أنتفضت "عطر" ذعرًا من ضربه حتى ظهر "عيسي" الرجل الذي تحرك له جفنٍ أمام كل هذه القسوة والحجود الذي تتعرض له هذه الفتاة الصغيرة، تحدث "عيسي" بقسوة قائلًا:-

-كفاية يا نصر، كفاية


أجابه "نصر" بغضب سافر مُتقززًا منه:-

-اي دا، هي عجبتك ولا اي ، فوج يا كبير فوج يا عيسي بيه ي ابن السرايا وقرة عين جدك دى زبالة من زبالة الشارع هتنجسك متستلش رحمك وأسمع مني ي ابن عمي


أرتجفت "عطر" بألم وشهقاتها تملأ المكان وجميع نساء المنزل يشاهدون فى صمت لم تجرأ واحدة على التفوه بكلمة واحدة بينما نظر "فؤاد" إلى هؤلاء الشباب الذين يتعاركون معًا بالألسنة وثلاثهما "خالد" يشاهد بسعادة تتملكه فقال"فؤاد" بحزم قوي ونبرة خشنة غليظة:-

-أستحي على حالك أنت وياه كبيركم واجف لسه مماتش، كيف تكونوا جليلين الربية أكدة، بتجرروا وتنفذه من رؤوسكم 


أبتلع "عيسي" لعابه بقلق وترك يد "نصر" مُتأففًا يقول:-

-يا أبويا أنا ....


صرخ "فؤاد" بيه غيظًا من تصرف ولده:-

-ستحي علي حالك وحط فى عينك حصوة ملح يا عيسي.. أبوك واجف


نظر "نصر" إلى هؤلاء الرجال كبار عائلته ثم دفع "عطر" بقسوة لتتحضنها "حنة" بخوف عليها من هؤلاء البشر وتلعن "عاصم" الذي جلبها إليهم تكن ضحيتهم فى الكره والغضب، خرج "عبدالحكيم" للحديقة الخلفية للمنزل وهو يناديها قائلًا:-

-تعالي يا بت يا ضياء


نظرت "عطر" إلى "حنة" فأشارت إليها بأن تذهب، جففت دموعها بأناملها الصغيرة وذهبت خلفه للخارج، رأته يجلس على الأريكة البيضاء المصنوعة من الخشب فجلست أمامه على المقعد المجاور، نظر "عبدالحكيم" للنجوم التى تتلألأ فى السماء وقال بنبرة خافتة:-

-أبوك عصاني من 25سنة وأتحداني عشان بس يتجوز أمك البنت المصراوية اللى للعبت بعجله وجلبه وخلته مشايفش فى الدنيا حاجة غيرها واصل ولا حتى أهله وناسه ومع مرور السنين والعمر فجدت كل الأمل أن أشوف ولدي جبل ما أموت كيف ما أمه ماتت وهى نفسها تشوف ولدها وتضمه لصدرها 


أخفض نظره عن السماء ونظر إلى وجه "عطر" الملاكي وجمالها الرباني التي خُلقت به ثم تابع حديثه قائلًا:-

- عمري ما تخيلت أن ربنا يحرمني من ولدي ويبعتلي حتة منه


نظر ليديها المُتشابكتين بخوف وتفركهما بقوة من الذعر الذي أصابها من المكان وقسوة "نصر" عليها ورجفتها حتى دموعها التى جففتها لم تأبي التلاشي وظلت تتساقط فى صمتفقال بنبرة خافتة مُطمنئة لقلب صغيرته:-

-أطمني ي بتي أنا مصدجك، مصدج أنك عفيفة ومعملتيش كيف ما الجحش اللى جابك دا ما جالك، اللى تستحي وتخاف أكدة متبجاش خاطية، لأن الخاطية بجحة بطبعها 


جاءتها "حنة" بخمارها الرمادي فأخذته "عطر" مُسرعة ووضعته على راسها تخفي شعرها بعد أن سحبها "نصر" من الغرفة بالقوة قبل أن ترتدي خمارها فتبسم "عبدالحكيم" بلطف وقال:-

-دهب ... بت يا دهب


جاءته سيدة فى منتصف الثلاثينات ترتدي عباءة بيتي وتلف حجاب صغير للخلف حول رأسها تعمل بالمنزل كخادمة ترعي هذا المنزل وتساعد سيداته فى الأعمال المنزلية، قالت بعفوية :-

-أطلب يا أبا الحج


تبسم "عبدالحكيم" وقال بحنية لم تقابلها "عطر" من زمن:-

-ذهب بجي بنت ناس أصول عاشوا ويانا فى الدار دا من أيام أبويا، انا اللى ربتها مع مرتي الست زهرة الله يرحمها كانت زهرة شبابي ولما راحت راح وياها الشباب كلته ، يلا مهدوشكيش دلوجت بحكايتنا، نادي على فيروزة أنا عاوزها


تبسمت "ذهب" بلطف وقالت:-

-عيني ليك يا أبا الحج وهعملك ويايا كوباية شاي بالنعناعة تستاهل بوجك


أومأ إليها بنعم لتغادر فأنحني قليلًا نحو "عطر" وقال بمزاح يخفف من توترها وخوفها:-

-عاشريها لكن مش أكتر من دجيجة لأحسن دي غلبت محطة الردايو فى الرغي


ضحكت "عطر" رغمًا عنها بطريقة حديث "عبدالحكيم" ثم أومأت إليه بنعم، أتته "فيروزة" تقول بهدوء:-

-نعم يا جدي


تبسم "عبدالحكيم" بلطف وعاد بظهره للخلف بوقار وأتكئ بيديه على عكازه وقال:-

-تعالي يا فيروزة، أنا خابر زين أنك العاجلة فى الدار دا وكمان من سن بعضكم، خديها وخليها تنام وياكي فى أوضتك الليلة دى وبكرة الصبح دهب هتجهز لها اوضة ليها مخصوص، خلي بالك ....


-أنتِ جولتلي أسمك ايه؟


تنحنحت "عطر" بلطف وقالت:-

-عطر


تبسم بعفوية جعلت عينيه تتلألأ فرحًا وإمتنانًا ثم قال:-

-زمان كنت أتمنى يرزقني ببت عشان ستك كانت عاوزة تمسي عطر وفل كيف ما هى زهرة ، الله يسامحه أبوكي معملش خير غير أنه سامكي عطر يا عطر فوح أنتِ


ضحكت "عطر" و"فيروزة" عليه فأشار لهما بأن يذهبوا مع "حنة" ويتركوا وحده، خرجت "فيروزة" معها وهى تقول:-

-أهو هيجعد اكدة يتفكر ذكريات الماضي والحنين لستي زهرة أصل دا مكانهما المفضلة ولحظاتهم الحلوة كلها فيه تجريبًا ، سيبك أنا بقي فيروزة بنت عمك فؤاد عندي 23 سنة ومخطوبة لعمورة ابن خالتى يارب يجمعنا بجي وأتجوز، ما عيلنا مهدوشكش بحكايتنا ، لو أحتجتي أى حاجة عرفيني وأوعي تفكري أنك هنا فى الصعيد وارياف وكدة لا أنتِ أى حاجة هتتطلبيها هتلاجيها وهتتبسطي أهنا جوى جوي وهتحسي وتعرفي يعنى أي عائلة  وناس تكونلك ضهر وسند وونس بحج وحجيجي 


قاطعهما صوت "خضرة" التى تجلس على الأريكة فى الصالون وتضع قدم على الأخري وفى يدها كوب الشاي، قائلة:-

-والله وجه اليوم اللى دارنا يدخلوا أنجاس


أشارت "فيروزة" على "خضرة" بضيق وقالت:-

-ألا دي، شوفي كل عائلة فيها حرباية صغنن ، أهو عندينا أهنا الحرباية الأم بعدي عنها وأوعي تديها فرصة تلدغك 


نظرت "خضرة" إليها بضيق شديد وقالت:-

-بتجولي أي يا بت سلفتي ما خابرة أن لسانك دا كيف الحية بتتلفي بي


كادت "حنة" أن تتحدث فقالت "فيروزة" بهدوء هامسة إليهما:-

-لا، أكدة تعمللها اللى هي عايزاه ، دى عجابها الوحيد تتجاهليها وتسلمي شرها 


صعدت "فيروزة" معها للدرج وقالت:-

هنا بجي هتلاقي أوض النوم بتاعتنا لكن الدور اللى فوق فيه 5 شجج واحدة لأبويا والتانية لعيسي أخويا لما يتجوز وواحد لنصر وخالد ولاد عمي برضو للجواز بس نصر جاعد فى بتاعته لأنه فرشها لما أتجوز بس طلج ولما طلج منزلش والخمسة مجفولة طوب أحمر سمعت أنها لعمي ضياء 


دلفت إلى غرفتها مع "عطر" وقالت:-

-أحكيلك بجي عن عائلتنا، اهنا فى البلد عائلتنا الكبيرة وجدي عبدالحكيم كبير البلد كلتها وأبويا بجي ماسك إدارة كل الشغل وعيسي ماسك كل المال والحسابات ودا بجي اللى كايد مرات عمي وعيالها لأن نصر هو الكبير ويعتبر شغال عندهم ماسك المحصول وبس أنما عيسي بجي أخويا ضي عيوني يعرف الصغيرة جبل الكبيرة 


سألتها "عطر" وهي تخلع حجابها بلطف قائلة:-

-هو فين عمى دا؟


ضحكت "فيروزة" بسخرية من حال هذا الشايب وقالت:-

-مين عمي ناجي... مختفي، هو أكدة جليلة لما هتلاجي فى الدار أو هتشوفيه، بتاع نسوان طول ما هو مع واحدة مختفي لما يحب يغيرها هيجي حد كدة مجرفة بس نصيبنا 


فتحت خزانة ملابسها بهدوء وأخرجت منها بيجامة زرقاء بنصف كم وقالت:-

-خدي ، خشي خديلك حمام وأتسبحي أكدة وغيري خلجاتي وأرتاحي، لو أحتجتي أى كريمات ومرطبات أو أسكربات هتلاقي كله فى الدولاب الصغير فى الحمام جنب المرايا وكمان فى شموع عطرية تهديكي وهتعجبك جوى


___________________________ 


جلس "فؤاد" مع "عبدالحكيم" وقالبقلق:-

-هتعمل اي فى المشكلة دى يا حج؟ 


تنهد "عبدالحكيم" بقلق من القادم وما حل به فقال بتوتر وحيرة:-

-حاجة لا كانت على البال ولا على الخاطر، تظهر عيلة وتجولي من لحمى ودمي وكمان متجوزة وجوزها بيطعن فى شرفها واللى جاي يجلج ويخوف وأخوك الله يكسفه رمي بته من غير ضهر ولا سند والعيلة اللى فوج دى مالهاش دلوجت غيرنا إحنا بعد ربنا 


تحدث "فؤاد" بقلق شديد مما سمعه وقال:-

-خلاص نأخدها نكشف عليها وكيف ما جالت الست دى اللى يحكم بينا الحكيمة 


نظر "عبدالحكيم" بقلق إلي وجه ابنه وقال:-

-لا... أصل حتى لو طلعت كيف ما جال النطع دا هنستر عليها ماهى لحمنا، أنا هجوزها ... هطلجها منه وأجوزها 


نظر "فؤاد" إليه بأندهاش وقال:-

-هتجوزها... هتجوزها مين؟


تنهد "عبدالحكيم" بغيظ شديد ثم قال:-

-نصر .... أصل أنا فكرت فى عيسي بس لا عيسي ميستاهلش جوازة زى دي وخالد زبالة كيف ابوه بيجري وراء أى حرمة 


أندهاش "فؤاد" من قراره وقال:-

-نصر!! دا كان هيجتلها يا حج


ضحك "عبدالحكيم" بسخرية وهو يفهم كل شخص بهذه العائلة أكثر من أى شخص آخر وقال:-

-تبجي لسه متعلمتش يا ولدي رغم معاشرتك دى كلتها ليا، نصر ميعرفيش يجتل.... نصر عمل أكدة عشان البت عجبته ولو خدت بالك من خناقه مع عيسي جاله لتكون عجبتك أنت كمان، البت عجبته وهو عايز يتجوز لكن عيسي لا مميالش للجواز دلوجت ، وما دام عجبته انا هديهاله منها يسترها ومنها ينزل من على دماغي بموضوع جوازه 


أومأ "فؤاد" بنعم لوالده فقال "عبدالحكيم" بهدوء:-

-أبعت مرتك تصحيها وبعد ما تفطر تتكلم وياها فى الموضوع وأنت خد وياك الرجال وتخلي الواد دا يطلجها 


ذهب "فؤاد" يلبي طلب والده فى هدوء على عكس ما حدث إلي "عطر" حين سمعت بقرارهما فانتفضت كالبركان الناري الذي أنفجر للتو ونزلت من الأعلي غاضبًا لترى "عبدالحكيم" يتحدث مع "نصر" فى الزواج فقالت بغضب سافر:-

-أنا مش عايزة أتجوزه، أنتوا مين عشان تقرروا أنا أتجوز مين؟


تحدث "عبدالحكيم" بنبرة قاسية حادة بعد أن ضرب عكازه بالأرض حتى صمت الجميع:-

-إحنا أهلك وسواء رضيتي أو لا أنتِ حتة مننا 


نظرت "عطر" إلى جدها هذا العجوز الذي قرر تزويجها رغمًا عنها دون أن يهتم لرغبتها أو رأيها وهؤلاء الأشخاص الذين يستمعون لحديثه دون أن يعارضوا أحد ثم قالت بذهول من صمت الجميع:-

-أهلي!! أنهى أهل أنا معرفكوش، وأنتوا كمان متعرفونيش أنتوا مجرد اسم موجود وراء اسمي فى البطاقة، أنهى أهل دول اللى يجوزوا بنتهم بالإكراه والقوة، أنا مستحيل أتجوز المتخلف دا ولو كان الأمر على جثتي 


لم تكمل حديثها حين مسكها "نصر" من شعرها بقوة وسحبها بالإكراه نحوه ثم قال بنبرة غليظة مُرعبة:-

-المتخلف دا هو اللى هربيكي ويكسر رأسك نصين، ولو على الجثة متخافيش إحنا عندينا أهنا المجابر كتيرة 


دفعته بقوة بعدين عنها ودموعها تنهمر على وجنتيها بأختناق وحسرة تمزق قلبها ثم قالت:-

-أنت فاكر نفسك راجل، أنت مش راجل ولا أى حد فيكن راجل ولا عاصم راجل ولا بابا راجل، كلكم أستقويتوا عليا 


لطم وجهها بقوة حتى خرجت منها صرخة قوية أرعبت الجميع وخلعت القلوب من محلها فأنتفض "عبدالحكيم" ذعرًا من فعل حفيده وقال بقسوة:-

-نصر، حذاري تمد يدك عليها تاني، أنت فاهم ولا لا 


خرجت من المنزل بذعر ركضًا هاربة من الجميع ومن هذا القدر ليركض خلف الكل بقيادة "نصر"، ظلت تركض بأنهيار ودموعها كالشلال لا تتوقف عن الذرف على وجنتيها، حتى أرتطم جسدها بجسد قوي صلب كالحديد لترفع نظرها حين رأت وجه" عيسي"، نظر إلى عينيها الباكيتين وأثر أصابع "نصر" على وجنتها واضحة كوضوح الشمس، تشبثت بعباءته بضعف وهتفت بنبرة باكية واهنة وصوت مبحوح:-

-أرجوك، متخلهوش يأخدني لو بتحب ربنا 


نظر "عيسي" إلى "نصر" القادم نحوهم ركضًا مع الغفر وكيف له أن يمنعه من أخذها بعد أن قرر جده تزويجها له والآن هى تخص "نصر" وحده، شعر بأناملها تتشبث بعباءته وجسدها الصغيرة يختبيء بين ذراعيه، أنفاسها المُتقطعة تضرب صدره ورجفتها تقشعر بدنه الصلب، أقترب "نصر" منهم وسحبها من يدها بالقوة وهى تصرخ بألم وقالت:-

-سيبني... حنة... يا حنـــة 


ألتف وهو يسحبها خلفه لكن شعر بثقل فى يده فنظر ليجد "عيسي" يتشبث بذراعها الآخر وقال:-

-مش أكدة يا ولد عمي


نفض "نصر" يده بغضب ونظرة مليئة بالكره وقال:-

-مالكش صالح، خطيبتي وأنا حر فيها يكش اولع فيها حية ... خليك فى حالك يا عيسي بيه ولا شوفلك واحدة ترضي بيك 


نظر "عيسي" إلي وجه هذه الفتاة المُنكسرة ضعيفة الجناح ومر من جانبهما تاركًا هذه الضعيفة فريسة لهذا الوحش، وقد دهسها القدر عندما جمعها مع أسوء الأشخاص خلقًا..........


________________________ 


صُدم "فؤاد" كليًا عندما سمع كلمات "عاصم" يقول:-

-اسف أنا مش هطلق وعايز مراتي........ 


وللحكـــايــــــــــــــــــــة بقيـــــــــــة ............



كبرياء صعيدي

الفصل الثالث (3) بعنــــــــــوان "جريمة نفس"


-هههه والله ضحكتني يا فؤاد ، مين دا اللى عايز مرته؟ مش مرته دي اللى جابها لحد عندِنا أهنا وجال أنها خاطية وهيطلجها... لا الواد مهوش عبيط هو جابها لحد هنا عشان يرميها لينا ونجتلها كيف ما جالها فى الطريج وكيف ما جالت حنة لكن لما جه أهنا الوضع أختلف ، لاجنا عائلة من كبار البلد وترجم طوالي أن أكيد الحفيدة دى هيكونلها وريث ومال فأحلوت فى عيني حتى لو كانت خاطية ... 


كان "عبدالحكيم" يتحدث بأغتياظ وعقله يفهم كل شخص أمامه من خبرة الحياة والعمر الذي عاشه فقال "فؤاد" بتساؤل:-

-يعنى هنعمل أيه؟


تبسم "عبدالحكيم" بمكر وقال:-

-الناس اللى مش سلكة دى الخبيثة، اللى زيك يا ولدي مينفعش وياهم ... دهب بت يا دهب


جاءته "ذهب" من الخارج ليقول بمكر:-

-أبعتلي سيدك نصر 


__________________________  


ربتت "حنة" على ظهر "عطر" بهدوء وقالت:-

-أهدئي أمال يا عطر ليجرألك حاجة يا بنتي ، كل مشكلة وليها حل


لم تتوقف لحظة عن البكاء والتفكير فى هذا القدر، حتى الآن ما زالت زوجة "عاصم" ومع ذلك قرر جدها تزويجها من "نصر" هذا المختلف عقليًا، لقد وضع السلاح فى خصرها وضربها ضربًا مبرحً ويريدون منها أن تتزوجه كيف؟، تنهدت "فيروزة" بتعب وإشفاق على هذه الفتاة ثم قالت:-

-أهدي يا حبيبتي وأن شاء الله هتتحل


-أزاى بقي؟

قالتها "عطر" بيأس من التفكير فيما يحدث، تنهدت "فيروزة" بيأس من التفكير فى حل يمنع هذا الزواج القائم ليلًا فقالت:-

-معرفش بس أكيد هتتحل، ممكن نستني لما عيسي يجي من المحافظة


تأففت "عطر" بهدوء شديد وهى تجفف دموعها ثم قالت:-

-وهو عيسي هيعمل أيه؟ إذا كان عمي وجدي اللى هم المفروض يخافوا عليا هما اللى سيبني وبيعملوا فيا كدة ، ابن عمي بقي هيعمل أي


ضحكت "فيروزة" بفخر شديد كونها أخت لـهذا الرجل "عيسي" ووقفت من مكانها كى تجلس جوار "عطر" وربتت على يدها بحنان وتحدثت مُبتسمة:-

-لا دا عيسي، عذراكي لأنك متعرفهوش لكن فكري أكدة تسألي عن عيسي الدسوقي فأى ركن فى البلد، وأنتِ بس تعرفي وجتها أنتِ بتتكلمي عن مين؟ دا زين شباب البلد كلتها وألف شنب يعمله حسابه ، طب تعرفي نصر اللى خايفة منه دا ممكن يعملها على روحه جصاد عيسي ، هو بس يرجع جبل ما المأذون يجي ووالله ليحلها أنا واثقة فى أخويا المشكلة بس أن تليفونه مجفول من الصبح 


نظرت "عطر" إلى "حنة" فتبسمت "حنة" إليها بطمأنينة وأن تتشبث بهذه القشة لتنجيها من الغرق، وتدعو أن يعود "عيسي" قبل أن يأتي المأذون خصيصًا بعد أن علمت أن لا عدة لها 


____________________________ 


فى  غرفة خلف المنزل كان "عاصم" مقيد من ذراعيه لأعلي وواقفًا على قدميه كالضحية ويكاد يفقد قوته وطاقته حتى فُتح الباب ودلف "عبدالحكيم" ومعه و"نصر" ، جلس "عبدالحكيم" على المقعد وقال:-

-متوقعتش دا وأنت جايبها وجاي مش أكدة


ضحك "عاصم" بسخرية ثم قال:-

-بصراحة أه، متوقعتش أن عم ضياء الكحيان اللى هربان من الديون اللى عليه اللى متساويش مليون جنيه يبقي عنده أطنان هنا 


ضحك "عبدالحكيم" بمكر وفخر من عقله الذي فهم هذا العقرب وقال:-

-زين جوي، نتكلم على المكشوف ... تأخد كام وتطلجها؟


أنفعل "نصر" من هذا الحديث ثم أخرج مسدسه من عباءته وقال بمكر بعد ان مسك "عاصم" من قميصه قائلًا:-

-يأخد ايه؟ دا هيطلجها ورجله فوج رجبته ... طلجها


ضحك "عاصم" بلا خوف ثم رمق "نصر" بنظرة قوة وقال:-

-مش هطلق


سحبه "نصر" من مؤخرة رأسه وقال بمكر ولهجة تهديد صريحة مُرعبة:-

-طب أسمع بجي، أنت عملت دكر وجبتها أهنا عشان نجتلها ونغسل عارها، لما بجي نكشف عليها وتطلع البت شريفة يجي اللى داس على شرفها فى الطين وأتكلم عنيها بالباطل هو اللى تارنا معه ودا اللى هو جانبك ، وعندنا اهنا اللى يتكلم كلمة عن حريمنا بطلجه من الدنيا كلتها ... وأنت ياباشمهندس خابر زين أننا نعرفه نجتلك عادي كيف ما كنت خابر أننا هنجتلها ... ديتها رصاصة ، ها بجي هطلجها ولا أطلجك من الدنيا كلتها 


أبتلع "عاصم" لعابه وهو يفكر فى حديث "نصر" ليقول "عبدالحكيم" بهدوء وحكمة:-

-همله يا نصر، عبدالجواد


دلف "عبدالجواد" إلى الغرفة حاملٍ حقيبة سوداء صغيرة ، وضعها أمام قدم "عبدالحكيم" ليقول بحدة:-

-دول 100 ألف جنيه وطلجها وتطلع من البلد دى على رجلك أم ههملك لنصر يعمل فيك اللى يعوزه


أبتلع "عاصم" لعابه بهدوء ثم أومأ إليه بنعم، تبسم "عبدالحكيم" وقال بمكر شيطاني:-

-دخل المأذون يا عبدالجواد بس فكه الأول


فك "عبدالجواد" ورجاله قيوده ودخل المأذون ليطلقها منه وكتب فى قسيمة الطلاق أنه لم يمس زوجته، تحدث "عبدالحكيم" بجدية صارمة دون أن يعارضه أحد وقال:-

-همله يا نصر لرجالة يوصله لأول البلد وهات الشيخ عشان يكتب عليك أنت وعطر دلوجت


خرج من الغرفة مُتكئ على عكازه الخشبي وسار مع المأذون و"نصر" ، أتسعت أعين الجميع حين دلف مع المأذون فى هذا الوقت من النهار لتقول "هدي" بقلق:-

-طب أستني لما فؤاد يعاود هو ولا عيسي يا حج


صرخ "عبدالحكيم" بها بأختناق قائلًا:-

-من أمتى وحد بيجولى أعمل أي ولا معملش أيه؟ أمشي يا دهب نادي على عطر 


أومأت إليه بنعم وصعدت للأعلي، كانت "عطر" جالسة على سجادة الصلاة وقد أنتهت للتو من صلاة العصر وتدعو الله أن يحل كربها، تحدثت "دهب" إلى "فيروزة" بهمس قائلة بتوتر:-

-أبويا الحج عايزاها ومعاه المأذون وسيدي نصر تحت


نظرت "فيروزة" إلى "عطر" بصدمة ألجمتها وقبل أن تتفوه بكلمة أنتفضت "عطر" من مكانها بأسدال الصلاة بعد أن وقع على مسمعها هذه الكلمات وقالت:-

-أنتِ قولتي أيه؟ أزاي ؟ لا أنا موافقتش أتجوزه ومش هتجوزه وهنزل أقول للمأذون أنى مش موافقة


نظرت "ذهب" إلى "فيروزة" بحزن شديد ثم غادرت الغرفة وقبل أن تغلق الباب ، ولجت "خضرة" بسعادة بعد قرار تزويج أبنها من الأبنه الوحيدة إلى "ضياء" وكانت مُرتدية عباءة أستقبال زرقاء جميل وتضع مساحيق التجميل تدل هيئتها على فرحتها وكأنها ذاهبة إلى حفل زفاف حقيقي وقالت:-

-وماله يا ضي عيني أنزل جولي اللى نفسك فيه، بس جبل ما تعملى أكدة أبجي أسألي صاحبتك ست الحُسن وست البنات كلتها إذا كان صوتك هيتسمع ولا لا


نظرت "عطر" بخوف إلى "فيروزة" التى ألتزمت الصمت وكأن صوتهما سيكبح بداخلها فى هذا المكان، ضحكت "خضرة" بسخرية وصوت قهقهتها تملأ المكان وخرجت، أسرعت "عطر" إلى "فيروزة" ومسكتها من ذراعها بخوف ثم قالت:-

-هى تقصد أيه؟ ها 


جهشت باكية بأنهيار ليدخل عليهم "نصر" يحمل فستان زفاف وقال بحدة:-

-كنت خابر أنك ملبستش لسه؟ دقيقتين وتحصلي


ألقي بالفستان على الفراش لتجمع "عطر" شجاعتها ونظرت إليه أثناء مغادرته للغرفة وقالت:-

-أنا مش هتجوزك حتى لو كان على جثتي، أنا مستحيل أتجوزك


ألتف إليها بهدوء ما قبل العاصفة ثم نظر إلى "فيروزة" ورفع حاجبه من هذه الجراءة ثم قال:-

-وتبجي  جثتك أنتِ ليه؟ ما نخليها لو منزلتيش تبجي جثة جنة؟ ولا مسألتش حالك هى فين؟


أتسعت عينيها على مصراعيها وقالت بتلعثم:-

-هي فين؟ 


أنهلت عليه ومسكته من وشاحه بقوة وغضب صارخة بوجهه:-

-عملت فيها أيه؟ حنة لو جرالها حاجة ......


أشاح يديها عنه ويقاطعها فى الحديث ببرود سافر قائلًا:-

-هى القطة بتعرف تخربش ولا أيه؟ أسمع يا بت أنتِ أنا مش فاضيلك خمس دجايج وتكوني تحت دا لو مش عاوزة تشوفها جثة جصادك


تركها وخرج من الغرفة لتنهار من البكاء فربتت "فيروزة" على كتفها بهدوء وقالت بقلق:-

-أهدي يا عطر، أهدي وهانت كلها ساعتين وعيسي يجي


صرخت "عطر" بانفعال من الأنتظار وهى لا تفكر فى شيء سوى سلامة "حنة" قائلة:-

-عيسي، عيسي عيسي هو في حد هنا بيرحم عشان عيسي يرحم


أخذت فستانها الذي جلبه ودلفت للمرحاض ترتديه ببكاء وحسرة بداخلها تمزجها لكن الخوف على "حنة" أكبر ، تحاول الصمود أمام القدر القاسي وبداخلها لا تلوم أحد سوى والدها التى تركها وحيدة حتى أتي القدر بها إلي هنا، حاولت "فيروزة" الأتصال بأخاها "عيسي" لكن هاتفه مُغلق، نظرت "فيروزة" بقلق إلى باب المرحاض حين سمعت صوته لتقف من مكانها بقلق ترمق "عطر" التى جففت دموعها وأرتدي فستانها الأبيض الذي أختاره "نصر" وهذه العائلة برجالها قد دمره لها مفهوم ليلة العمر وقد أصبحت أتعس ليلة فى حياتها وهذا الفستان كان أشبه بالكفن الذي يأخذها للموت ، خرجت "عطر" من الغرفة وترجلت للأسفل وكان الجميع فى فرحة تغمرها فيما عدا "فيروزة" ووالدتها "هدي"التى تشفق على حال هذه الفتاة الصغيرة التى تصغر أبنتها عمرًا ويتم تزويجها بهذه القسوة دون رحمة من أحد، رآها "عبدالحكيم" ليقول بجدية:-

-تعالي أمضي يا عروسة


تنهدت "عطر" بضيق نفس وتقدمت إليهم بقدمي ثقيلة لا تقوي على السير ووقعت على عقد الزواج أمامهم، رفعت نظرها إلى "نصر" بأنكسار وقالت:-

-فين حنة؟


تبسم بخبث على سذاجتها وأعطاها مفتاح ثم قال:-

-فى أوضتك فوج


صعدت إلى الأعلي ركضًا بأنكسار وفتحت باب الغرفة لتري "حنة" مُقيدة فى الفراش وفمها معصوم بالقماش ففكت قيدها وقالت ببكاء:-

-حقك عليا يا حنة؟ حقك عليا 


رمقتها "حنة" من الرأس لأخمص القدم وفستانها ثم قالت بزمجرة:-

-أنتِ عملتي أيه؟


دلفت "فيروزة" لها بتعجل وقالت بحماس:-

-مش وجته ، يلا يا عطر هما دخله المنضرة والحريم جاعدين مع حريم البلد اللى عزمتهم مرت عمي ، أهربي


نظرت "عطر" إليها بقلق ثم إلى "حنة" لإأومأت إليها بنعم وقالت بقلق:-

-بس أنا بقيت مراته خلاص


أخذتها "فيروزة" من يدها بقوة وقالت بحماس وشجاعة ورثتها من والدها وأخاها:-

-أهربي دلوجت، ودا رجمي أبجي كلمينى وأنا هجيلك مع عيسي ونيجي نحلها، بس دلوجت تمشي من أهنا


أعطاها ورقة مدون بها رقم "فيروزة" الشخصي ثم أخذتها إلى باب المطبخ لتخرج منه وأعطتها مال يكفي وهربت وحدها من المنزل، رآها أحد الغفر وهى تسلل من البوابة وكان فستانها الأبيض بلؤلؤه الذي يتلألأ  كافيًا لكي يلفت الأنظار لها، هرع إلى الداخل وأشار إلى "نصر" من بعيد فذهب إليه وقال:-

-عايز أيه يا بهيم أنت؟


-الست هانم الصغيرة


هز "نصر" رأسه بعدم فهم وقال:-

-ست هانم الصغيرة مين؟ فيروزة؟


-لا يا بيه العروسة خرجت من الدار وحديها

قالها بهمس خوفًا من أن يسمعه أحد ، أستشاط "نصر" غضبًا من هذه الفتاة المتمردة وكيف تكن زوجته وتفعل هذا؟ خرج معه غاضبًا متوعدًا إليها بالجحيم بسبب فعلتها.......

______________________ 


كان "عيسي" يقود سيارته السوداء فى الطريق الهادئ الخالي من البشر وفصل هاتفه عن الشاحن ثم فتحه ويده الأخري تمسك بالمقودة ووجد رسائل كثيرة تأتيه على الواتس أب من أخته "فيروزة" فتحتها وكانت جميعها رسائل صوتية له وبدأ يسمعها وكانت تقصي له ما حدث وأحدى الرسائل كانت بصوت "عطر" بنفسها تقول:-

-بالله عليك أعتبري زى أختك فيروزة لو تقدر تساعدني متتأخرش عليا ، أنا ماليش حد فى الدنيا دى وكلهم أتخلوا عني ، أعتبريني زى فيروزة ولو ترضي اللى بيحصلي دا يحصل لأختك أنا راضية ، بس بحلفك بالله لو مترضهوش على أختك متسبنيش وساعدني يا عيسي 


نظر إلى الهاتف مُصطولًا بعد أن سمع صوتها والبكاء يحتله نبرتها الواهنة وقبل أن يفكر بشيء ظهر شخص من العدم أمام سيارته ليضغط على المكابح بصدمة وفزع ........


ظلت تركض إلى العدم دون أن تدرك مكانها، تائهة بهذا المكان وهذه البلد لكن كل ما يجتاحها بهذه اللحظة الخوف من هذا الزواج وما يحتل عقلها هو الفكر الناتج من قسوة هؤلاء البشر، قلبها قبل أسبوع كان غارقًا بعشق "عاصم" خطيبها وحبيبها كما يقال عنه (ابن الجيران الذي خطفت قلب الصبية البريئة)، تحمل فستانها بيديها للأعلي لتتمكن من الركض فى الأرض ووعرتها، الليل مُخيف بشوارع البلد الهادئة والبيوت البعيدة عن بعضهم، فستانها الأبيض أصبح متسخًا بطين الأرض ودموعها بللت وجنتيها تمامًا وكحلها الأسود لوث عينيها الباكيتين، لا تعلم أى قدر كُتب لها ولا تتمكن من الفرار منه لتكره هذه اللحظة التى خُلقت بها ابن لرجل عاق تركها ورحل كالعارية بلا مأوي وسند يبيعها الجميع كسلعة بسبب أفعاله، التفت للوراء بعد أن سمعت صوت الرجال ومعهم "نصر"، صدمتها سيارة بعد ظهورها من العدم على الطريق، ترجل" عيسي" من سيارته فزعًا بعد أن دهس أحدهما بسيارته ليُصدم أكثر حين رآها بفستان الزفاف وخمارها الأبيض، رفع جسدها عن الأرض بذعر خوفًا أن تكن توفيت ففتحت عينيها لتراه أمامها فتشبثت بعباءته وقالت:-

-متسبنيش.... أرجوك 

أبتلع لعابه بتوتر من هذه الفتاة وتشبثها به دون أن تدرك قساوته ووحشيته التى جعلت جميع فتيات البلد ترفضه للزواج، كل نساء البلد يفضلون "نصر" عنه أما هذه الفتاة فهربت ذعرًا مُرعبة من "نصر" وتتشبث به وحده، حملها على ذراعيه ووضعها بسيارته ثم أغلق الباب ليصل "نصر" بهذه اللحظة وتأفف غيظًا من "عيسي" ثم أشار إلى الرجال وقال:-

-هاتوها 


اقترب الرجال فى صمت ليرفع "عيسي" نظره بهم وكانت نظرته كفيلة بأن تشل أقدامهم محلها ولم يجرأ أحدهم على تخطي خطوة واحدة للأمام فأقترب "نصر" بنفسه وقال:-

-قولتلك مدخلش نفسك بيننا 


مسك مقبض السيارة بيده وقبل أن يفتحه أوقفه "عيسي" بنبرة هادئة مُرعبة:-

-حذاري تفتح الباب 

أزدرد "نصر" لعابه بخوف واضح فى ملامحه ونظر إلى "عيسي" الذي يقف جواره وقال بإرتباك:-

-دى مرتي، وكتبت عليها يعنى ميحجلكش تتدخل فى حياتها لأنك مش والى عليها.... دى حجي أنا وبس 

تبسم "عيسي" بسخرية من حديثه وكأنه لا يبالي بهذا الزواج ثم قال بنبرة تهديدية واضحة:-

-مرتك وكتبت عليها وبرضو بجولك لو فتحت الباب أو لمستها، أنت خابر زين أنا هعمل اي احتمال أرملها!! 

استشاط "نصر" غيظًا من هذا الحديث ونظر إلى "عطر" الغائبة عن الوعي داخل السيارة وحالتها يرثي لها من هول صدمة زواجها بالإكراه من رجل ترتعب منه، تبسم "عيسي" بسخرية من تشنج "نصر" وصعد بسيارته لينطلق بها تاركًا الجميع خلفه فنظر إلى وجهها الملاكي وتمتم بخفوت هامسًا لعقله الجنوني:-

-فوج يا عيسي أنت هتعلن الحرب على بيتك عشان بت، فوج دى هتبجي بحور دم يا كبير....... 

لم يشعر بحاله ألا وهو يوقف سيارته جانبًا ويقترب من وجهها البرئ ليدخل بسبابته خصلة شعرها إلى خمارها وأنتهي المطاف بيده تحتضن يدها كأنه يطمئنها أنه أخذ هذه اليد الصغيرة ينتشلها من بئر الحياة المُظلم وقد تناسي أمر زواجها من ابن عمه المتغطرس، وكأن قلبه ترك كل نساء الكون وفتح أبوابه لفتاة متزوجة، عاد بها إلى المنزل ثم ترجل من السيارة ليرى سيارة "نصر" خلف سيارته ، فتح الباب المجاور له بهدوء وكانت شبه فاقدة للوعي وقدميها مجروحة من الركض حافية فحملها على ذراعيه مما أغضب "نصر" أكثر ودلف بها إلى المنزل مما أدهش الجميع وخصيصًا جده ، صعد ليضعها بغرفة "فيروزة" وعاد للأسفل ثم قال:-

-كيف تعمل أكدة يا جدي؟ ، عيلة صغيرة وأتحامي فيك من نطع طعن فى شرفها تديها لنطع غيره 


تحدث "نصر" بغضب سافر قائلًا:-

-أتكلم زين يا نصر أنا ماسك نفسي عنك بالعافية


تحدث "عبدالحكيم" بجدية صارمة وعينيه ترمق أحفاده:-

-من ميتي وأنت بتعصي كلامي يا عيسي ولا بتناجشنش فى حاجة


تحدث "عيسي" بغضب سافر ونبرته سمعها الجميع حتى النساء اللاتي يقفن خارج غرفة المكتب قائلًا:-

-لما تكون بتعمل حاجة غلط وتغضب ربنا لازم أعارضك 


رمقه "فؤاد" بذهول من أحوال ابنه التى تغيرات وأصبح تحدي الجميع ويعارض جده ووالده بجراءة ، قال بذهول:-

-عيسي، أنت جنت ؟


طاح "عيسي" بوالده صارخًا دون أن يتهم لشيء وضميره الذي تربي على الحق والعدل يمزجه من رؤية هذا الظلم الذي تتعرض له فتاة بلا سند ضعيفة ووحيدة:-

-واللي بتعمله دا يخلي الواحد يفكر بعجل برضو، هو أنتوا يا كبار البلد ياللي بتروح تحكم بينا الناس بالحج والعدل متعرفوش أن الجواز قبول ولازم البت تكون موافجة ، كيف جوزتوها غصب عنيها، ليه يا أبويا مرضتهاش على فيروزة مع أن أتجدم لها زينة الشباب وأحسن وأغنى من عامر ، ليه مجبرتش بتك كيف ما جبرت بت أخوك اللى مالهاش غيرك؟ كيف عملتها ؟


صمت "فؤاد" عاجزًا عن الرد على حديث ابنه وشعر بأنه على صواب فكيف سيجادله أو يقنعه ليتحدث "عبدالحكيم" بحدة صارمة:-

-بكفايك عاد يا عيسي، جولتلك مالكش صالح


ضرب يديه ببعضهما من عناد جده وقال بغضب مكبوح بداخله:-

-كيف، كيف ي جدي تجوزها واحد هى بتترعب منه، ذنبها اي البنية دى، دا واحد أول حاجة عملها ليها رفع سلاحه عليها


أقترب "فؤاد" من أبنه المتمرد بقوته وقسوته التى ورثها من جده ومسك ذراعه غاضبًا  وأخذه إلى زواية الغرفة يتحدثه بهدوء بعيدٍ عن أذن "نصر" وعبدالحكيم" ثم قال بتهديد:-

-اسمع ي عيسي لاخر مرة بجولك ...مالكش صالح بعطر، وكيف ما جولت اهى اتجوز وبجيت مرت نصر، متتدخلش بينهم حتى لو شوفته بيقتلها سامع ي عيسي، وأنت مش والي عليهم ولو ليها والى بعد أبوها اللى رماها يبجي جدك ... لا أنا ولا أنت يا ولدي فاهم


أبعد يد والده عنه بقسوة ورمقه فى عينيه مباشرة وقال بتأنيب ضمير وغضب من الظلم الذي يراه:-

-بالله عليك ي ابويا دا يرضي ربنا ، عيلة لسه مخلصتش تعليم وأصغر من بتك تستنجد بيكم اهلها ومالهاش غيركم تعملوا فيها اكدة


تأفف "فؤاد" بضيق شديد وحرك ذراعيه أمامه غيظًا من عناد ابنه وكأنه لم يصمت اليوم وقال:-

-وبعدها لك عاد يا عيسي اشمعني دى يا ولدي اللى نطقت عشانها وكمان بتتحداني وترفع صوتك عليا عشانها ... بلاش تجرب منها ي عيسي لاحسن تفتح على نفسك وعلي العائلة دى نار جنهم، العيلة اللى بتتكلم عنها دى ست متجوزة ومتجوزة ابن عمك لو فتحت بوجك عليها أسهل ما عليه هيجول أنك بتبص لمراته ودا مجنون وسلاحه أسرع من عجله يديك رصاصة ويحرمني منك ويضيع شبابك


تأفف "عيسي" غضبًا مما سمعه وقال:-

-وأنا مبخافش من الموت على الأجل لما أجابل ربي هجوله أنى أتجتل عشان بدفع عن بنت ربنا ورسوله وصانا عليها ومدوستش عليها كيف ما كل الشنبات دى عملت


ذهب إلى "نصر" الذي يجلس أمام "عبدالحكيم" على المكتب وقال بتهديد صريح وواضح:-

-قسمًا بربي لو أذيتها ولا لو عرفت أنك كاسرها لأعملك جاعدة حج فى وسط البلد وأطلجها منك ودا لو مسكت نفسي عنك ومدخلتش فيك السجن يا نصر 


رفع "نصر" قدمه ليضعها على الأخر بفخر وغرور سافر ثم قال:-

-وماله يا ولد عمي، نعمل جاعدة حج وأشهد كل الرجالة أنك لمست مرتي وديتها رصاصة فى صدرك يا كبير


ضرب "عبدالحكيم" المكتب بقبضته وقال:-

-وبعدها لكم عاد، متدخلش يا عيسي بين ولد عمك ومرته وحذاري عينك تترفع فيهم والله أرميك برا الدار فاهم


-محدش بيموت من الجوع يا كبير

قالها وخرج من الغرفة غاضبًا ليرى "خضرة" واقفة وتبتسم بأنتصار إليه فتحاشي النظر إليها بمكر....


___________________________ 


فتحت "عطر" عينيها بتعب وبطيء شديد لكنها فزعت حين رأت أمامها وجه "نصر" وكانت بغرفة مُختلفة لم تراها من قبل فقالت  بفزع:-

-أنت...


تبسم لها بمكر شديد ويديه تلمس وجهها الناعم ، يهتف قائلًا:-

-نورت بيتك يا عروسة


ضربت يده بقوة وهربت من الفراش ليبتسم بمكر وألتف إليها فرآها تمسك سكينة الفاكهة وتقول بغضب:-

-والله لو قربت مني لأقتلك؟


ضحك أكثر وهو يلقي بوشحه على الأريكة وقال:-

-وماله تعالي جربي


أقترب أكثر وأكثر كأنه لا يهاب هذا السكين فسرعان ما ترجمت أنه لا يخاف شيء وسيحصل عليها فوضعت السكين على معصمها وقالت بدموع تسيل على وجنتيها:-

-أنا ممكن معرفش أقتلك لكن أعرف أقتل نفسي وأنا وعدتك أنه على جثتي


توقفت قدمه للحظة ورمقها فكاد أن يقترب خطوة ليري دماء تخرج من شرايين يدها وهى لا تخشي الموت كما هو لا يخشاها، أبتلع لعابه بخوف وقال:-

-أنتِ أتجننتي خلاص سيبي السكين 


ضحكت بهستيرية وقالت بضعف وعينيها ترمقه:-

-أنت فاكر أنكم تقدروا تعمله فيا اللى عايزينه ومطلوب منى أني أتظلم وأسكت لا، أنا موتي أرحم بكتير من أنى أعيش مع ناس شياطين زيكم 


أنهت كلماتها وسحبت السكين بقوة على معصم لتصرخ من الألم وسالت الدماء بغزارة وهي تسقط على ركبتيها ودماءها تلوث فستانها الأبيض، هرع "نصر" إليها بذعر وخوف ثم أخذها بين ذراعيها بخوف فبدأت رؤيتها تتشوش من كثرة الدماء التى تخرج منها فقال بذعر:-

-يا مجنونة ، والله ما كنت هأذاكي يا بت 


تمتمت بضعف وهى تصارع أنفاسها المتقطعة:-

-كلكم أذيتوني وأنا خصيمتكم عند ربنا ومش مسامحكم .......


فقدت الوعي بين ذراعيه ليحملها على ذراعيها بفزع وخرج بها من شقته كالمجنون لتصرخ "حنة" حين قابلته على الدرج و"عطر" غارقة فى دماءها وفستانها أصبح به بركة دماء حمراء ليخرج الجميع من غرفهم على صوت صرختها لأجل فتاة صغيرة دهسها القدر وأخترت الموت على الحياة فى هذا العالم القاسية الذي مزق برائتها ولم يرحم ضعفها ........... 


وللحكـــايــــــــــــــــــــة بقيـــــــــــة ............



كبرياء صعيدي

الفصل الرابــــــع  (4) بعنــــــــــوان " امرأة كالقش ورجلًا كالسيف"


أجتمع رجال العائلة أمام سرير الطوارئ ينتظروا إلى الطبيب الذي يعالج حرج يدها وبجوارها "حنة" نظر "فؤاد" إلى والده "عبدالحكيم" هذا العجوز وقال بهمس:-

-وبعدين يا حج البت دى شكلها مش هتجبها لبرا وهتروح مننا 


حدق "عبدالحكيم" فى وجهها الملاكي وما زال لا يستوعب ما حدث وكيف بليلة زفافها تمزق شرايينها مُتمنية الموت، شعر بوخزة فى قلبه كأنه يفقد ابنه مرة أخرى فتذكر كل لحظة مرت عليه هو وزوجته فى عناء من فقد "ضياء" وشوقهما له ، أنهي الطبيب ما يفعله فأقترب "نصر" منها ينظر إلى وجهها فقالت "حنة" بصوت جاد رغم بكاءها من الخوف على طفلتها:-

-متستوقاش عليها دى بنت ضعيفة، ربنا مقالش تستقوي عليها دا قال رفقًا بالقوارير ، ارحم ضعفها ومتذلهاش بها


تحدث "نصر" بضيق مما حدث وقال:-

-أنا رايح ادفع الحساب عشان نمشي


غادر من امامهما وشعر بوخرة فى عقله وقلبه فرغم احتياجه للمرأة وترحيبه بوجود مرأة فى حياته ألا أن كلهن يخشاه، تذكر حديثه مع "عيسي" الذي رفضته نساء البلد كلهن بسبب قوته وللحظة شعر بأنه مثله فى قناع أخر، هو أيضا خسر زوجته الأولى والآن "عطر" تأبي وجوده، دفع تكاليف المستشفي ثم عاد إليهما ليراها تفتح عينيها بتعب وتشهق بصعوبة، نظرت "عطر" حولها فى صمت ولم تصدق أنها أخترت الموت لكنه لم يختارها، تحدث "فؤاد" بنبرة لطيفة قائلًا:-

-حمدالله على سلامتك يا عطر، أكدة يا بتى تفزعينا عليكي


لم تجيب عليه، بل نظرت إلى "حنة" بصعوبة وقالت:-

-روحيني يا حنة 


أعتدلت فى جلستها ليأخذ "نصر" يدها لكنها سحبت يدها منه بقوة وقالت:-

-أسندينى يا حنة


نظرت "حنة" إلى "نصر" الذي أستشاط غضبًا مما حدث وأحراجها له أمام الجميع، أخذتها "حنة" إلى السيارة الخاصة بـ "نصر" وصعد "عبدالحكيم" مع "فؤاد" فى سيارته فى الخلف، أنطلق "نصر" بسيارته أولًا فى المقدمة وكانت "حنة" فى الخلف تضمها بين ذراعيها وسمعوا اذان الفجر ليوقف "نصر" السيارة وقال:-

-تعالي أجعدي أهنا 


نظرت "حنة" إليه بهدوء وصمت لم تلفظ بكلمة واحدة، وعبرت سيارة "عبدالحكيم" سيارته لتكون بالمقدمة عوضًا عنه، غضب "نصر" من صمتها أكثر وصرخ بها قائلًا:-

-جولتلك تعالي أترزعي جاري أنا مش سواجك جابهولك أبوكي......


قاطعه صوت أنقلاب شيء فصرخت "حنة" وعطر" من الفزع ونظروا للأمام ليروا سيارة نقل أصطدمت بسيارة "عبدالحكيم" ، بلا بالأحري دهستها بعد أن أنقلبت لمرات متتالية وأصبحت كالخردة ،صرخ "نصر" بذعر وترجل من سيارته بأنهيار وصدمة ألجمته وهكذا "عطر" الذي لم تتحمل المنظر الذي تراه، هربت سيارة النقل الضخمة بعد فعلتها، حاول "نصر" فتح الباب بصراخ وغضب وهو يقول:-

-جدي ... عمي فؤاد .... عمي 


كسر الزجاج بيده وفتح الباب من الداخل ليسحب "عبدالحكيم" أولًا بعيدًا وقبل أن يتركه أنفجرت السيارة بـ "فؤاد " مما أسقط جسد "نصر" من قوة الأنفجار، نظرت "حنة" إليه وضمت "عطر" المرتجفة من الخوف ولم تتخيل ما حدث وأن "فؤاد" داخل هذه النيران....

وصل الخبر بسرعة البرق إلى البلد بأكملها فجاء "عيسي" مُتلهفًا على والده وجده، رأي "نصر" على الأرض بجوار جثة والده "فؤاد" المتفحمة ويضع يديه على رأسه بصدمة والدماء جفت على يده من الجرح ، جاء "خالد" بعده ونقل الجثث إلى المستشفي وكان "عبدالحكيم" فى حالة حرجة بعد أجراء جراحتين فى القلب دخل للعناية المركزة، كانت "عطر" مع "حنة" تشاهد أنهيار وأنكسار الجميع ورغم صدمة "نصر" وبكاء "خالد" على ما حدث ألا أن "عيسي" كان صامدًا كالجبل وكأنه لم يتلقي خبر وفأة والده للتو ، تعجبت "حنة" من بكاء "عطر" على هؤلاء فقالت بهمس:-

-أنتِ زعلانة عليهم


تمتمت "حنة" بخفوت ونبرة خافتة:-

-كنت بقول هيبقالي أهل أتسند عليهم يا حنة


أقترب "عيسي" من أحد رجاله ومساعديه الأقرب وقال بخفوت :-

-منصور ... خدهم روحهم 


نظر "منصور" إلي "حنة" و"عطر" وأومأ إليه بنعم، وقف "نصر" من مكانه بأغتياظ وانفعال ثم قال:-

-مالكش صالح مرتي أنا هروحها


رمقه "عيسي" من الرأس لأخمص القدم بأشمئزاز وقال:-

-هتسيبنا فى بلاءنا وتروح تروح مرتك... روح يا نصر أصلًا وجودك زى عدمه 


عاد "عيسي" إلى المستشفي لينهي أوراق الدفن من أجل والده، استلم الجثة مع أذان المغرب وذهب مع الرجال للدفن وكانت "هدي" و"فيروزة" فى حالة من الأنهيار والصراخ وسط النساء، أوقف طريقهم فى المقابر ظهور "ناجي" من العدم ويقول بصدمة مُلتعثمًا:-

-أستنوا ، أفتحولي الخشبة أشوف أخويا


مسك يده "عيسي" بغضب سافر من فعلته وقال بضيق:-

-أكرام الميت دفنه يا عمي ، بعد يدك النجسة عن أبويا


أشاحه من طريقه بطريقة مقززة وأكمل الطريق إلى المقابر، بين النساء كانت "فيروزة" لم تتحمل خبر وفأة والدها فسقطت من الجميع فاقدة للوعي لتسندها "عطر" بحزن على صديقتها وهى أقرب من لها فى هذه البلد ولم تبالي لجرح معصمها الذي نزف من ثقل "فيروزة" وظلت بجوارها حتى عادوا للمنزل وظلت بجوارها فى الفراش حتى جاءت "حنة" إليها وقالت:-

-نصر عاوزك


تأففت "عطر" بضيق من هذا الرجل الذي أصبحت زوجته وخرجت من الغرفة بفستانها الأسود وقالت بضيق:-

-أفندم


رأته واقفًا أمام الباب بعباءته ونزع عمامته عن رأسه فقال بنبرة خافتة:-

-تعالي يا عطر أنا عاوز أجعد وياكي وأبكي فى حضنك


أبتلعت لعابها بضيق من كلماته وقالت بغضب منه:-

-ما تكسف على دمك وتراعي اللى إحنا فيه دا ، ومتتعشمش أوي كدة وتفكر أن مرتك بجد دا على جثتي ولا تحب أوريهالك تاني


أشار إليها بيديه بأختناق من تذمرها ونظر إلى يدها المجروحة وقال:-

-خلاص .. خلاص غوري 


صعد إلى الطابق العلوي حيث شقته فنزلت للأسفل حيث المطبخ ورات "ذهب" تقف مع امراة ثلاثينية لم تراها من قبل فى قالت:-

-دهب جهزتي الأكل عشان فيروزة تأخد العلاج


أومأت إليها بنعم، ألتفت إليها المرأة بتكبر وغضب سافر من هذه الفتاة فرمقتها من القدم للرأس تتفحص "عطر" جيدًا ثم قالت بضيق وهى لا تبالي للموقف والحزن الموجود فى المنزل:-

-دي بجي المصراوية يا دهب اللى لبسوها لأخويا 


نظرت "عطر" بضيق من طريقة حديث هذه المرأة، عينيها البنية مع خط الكحل العريض جعل الرعب والشر يتطاير منهما وشعرها الأسود المموج مسدول على ظهرها وتحيط رأسها بنصف حجاب أسود يظهر مقدمة رأسها بشعرها وكعب عالي أسود بعباءتها الضيقة التى تجسم جسدها الممشوق وبشرتها البيضاء ، تحدثت "ذهب" بحزن مُنهكة من البكاء على ما حدث أكثر من هذه المرأة :-

-اه يا ست خيرية دى عطر هانم مرت أخوكي ، دى الست خيرية أخت سيدي نصر 


رفعت "عطر" حاجبها بضيق مصطنعة الغرور أمام هذه المرأة وقالت:-

-أهلا... جهزي الأكل يا دهب أى حاجة عشان تأخد العلاج بس


ألتفت لكي تخرج مما أثار غضب "خيرية" أكثر خصيصًا تجاهل "عطر" لها، لكن فى حقيقة الأمر أن "خيرية" خلقت بخصلة سيئة فهى تغار وتكره كل فتاة تراها جميلة وأجمل منها، وجمال "عطر" كان كفيل بأن يمزجها ويشعل غيرتها كاللهب، تركت الكوب من يديها وخرجت للخارج بأغتياظ وقالت بضيق صارخة فى "عطر":-

-يا ست الحسن أتكلمي وي زينة أشحال أنك جايلنا بعيبك وشرفك اللى مهروس فى الطين 


توقفت "عطر" عن الصعود بمنتصف الدرج وألتفت إليها ترمقها من الأعلي ببرود، وقفوا النساء من الصالون على صوتها العالي فتحدثت "عطر" ببرود أكثر يستفزها:-

-أنا مش هنزل بمستوي لمستوى واحدة جاهلة زيك، ولو على الشرف فأنا أشرف منك ومن بلدك وبلاش المظاهر تخدعك وتقولك دى عيلة وغلبانة، أنا أبويا سابنيى لوحدي عشان عارف أني بنت بألف راجل وأعرف أشيل اللى رجالة بلدك كلها تشيله 


تحدثت "خضرة" بأغتياظ من رد "عطر" وقالت:-

-حجيجي جليلة الرباية ، كيف بتردي وتعلي صوتك على عمتك الكبيرة يا بهيمة أنتِ


صعدت الدرج إلى الأعلي وسحبت "عطر" من ذراعها للأسفل لتتألم منها وقالت:-

-بس أنا بجي اللى هربيكي وأعملك كيف تتحدي ويانا 


صاحت "عطر" بانفعال بهما وكأنهم أنتظروا اللحظة الذي سيسقط بها جدها ليمزقوها لإشلاء ، قائلة:-

-أنا متربية غصب عنكم 


رمقتهما "هدي" من مجلسها فى حزنها على فقد حبيبها وزوجها والوجع يمزقها لأشلاء ودموعها لم تتوقف لحظة، جاءت فتاة أخري فى عمر "فيروزة" ذات العيون العسلية وبشرة متوسطة البياض تجملها نقاط بنية فى وجنتيها "نمش" ذات الـ24 عام وشعرها الأسود متوسط الطول مسدول على الجانبين بفرق فى منتصف رأسها بنعومته قالت:-

-صحيح متربتيش 


نظرت "عطر" لها لتدرك أنها "خديجة" الأخت الثانية لـ "نصر"، نزل "نصر" إلى الأسفل بعد أن سمع صوتهما وصراخهم فرأى "عطر" بالمنتصف وثلاثتهما يحيطون بها فقال:-

-فى أي؟


-في جلة أدب ورباية، مكفهاش انك عامل فيها جميل وستر عليها لا كمان بتبجح

قالتها "خيرية" بضيق فنظرت "عطر" إلى زوجها بأشمئزاز من الأعلي للأسفل على صمته وقالت بتذمر وضيق:-

-لو أنا ناقصني رباية يبقي أخوكي ناقصه رجولة لأنه سامح لواحدة زيك تهين مراته وهو واقف


لطمها بقوة على كلمتها فكتمت صرختها من الألم والحسرة ثم رفعت نظرها فى عينيه بتحدي وقوة فقالت بضيق:-

-مش بقولك ناقص رجولة 


رفع يده ليصفعها من جديد فقاطعته بنبرة الغليظة ودموعها تجمعت فى عينيها رغمٍ عنها تقول:-

-أضرب، مش هتفرق كتير أنا كدة كدة كارهك وقرفانة منك، مش هتفرق كتير لما الكره دا يزيد شوية كمان


نظرتها كانت تمزقه وتقتله مع دموعها التى تجمعت بأسر جفونها، قاطع شجارهما صوت "عيسي" يقول:-

-أضربها !! 


نظر الجميع عليه وهو يقف أمام باب غرفة المكتب يحدق بهما بأشمئزاز ثم تابع حديثه:-

-يلا أضرب وخلصنا، لكن قسمًا بالله لو سمعت حس حد فيكم فى الدار لأطخه عيارين وأخلص منه، ما تخلوا عندكم دم إحنا فى عزاء ومنعرفش لسه جدكم هيجراله أيه 


ألتزمت "خضرة" الصمت خوفًا من "عيسي" رغم وجود ابنها وعودة "ناجي" زوجها لكن من يجرأ على التحدث أمام هذا الشبل الذي جاء من ظهر جده "عبدالحكيم" وابوه "فؤاد"، تحدثت "خديجة" بنرة هادئة مُصطنعة الحزن أمامه والأنكسار هاتفة:-

-والله جولت لهم عيب 


رمقتها "عطر" بدهشة من تحولها وكذبها أمام "عيسي"، سحبها "نصر" من يدها للأعلي بضيق وفور دخولهم إلى الشقة نفضت ذراعها منه وقالت بغيظ منه:-

-إياك تلمسني مرة تانية وقسمًا بربي لو أيدك اتمدت عليا تاني لأكون قاطعها لك، أنت فاكرني أيه الجارية اللى اشتراهالك أبوك


كز على أسنانه بغيظ أمامها وأقترب أكثر منها حتى ألتصق جسده بجسدها وقال بخفوت:-

-متستفزنيش أنا مانع نفسي عنك بالعافية


تبسمت "عطر" بسخرية وقالت :-

-ما قولتلك مش فارقة أنا كدة كدة كارهك، أنت ليه محسسني أنى ميتة فى دباديبك وهتأثر ولا بقطع شرايين عليك ما تفوق كدة يا سيد الرجالة دا أنا قاطعة شراييني من كرهي ليك


صمت كليًا أمامها فذهبت من أمامه إلى غرفة أخري وأغلقت الباب بالمفتاح من الداخل .....


_________________________  


كان "عيسي" جالسًا مع "منصور" أمام غرفة الرعاية فى اليوم التالي منتظر خروج الطبيب وقال بهمس شاردًا بتفكيره:-

-تفتكر مين اللى عملها يا منصور؟، أنا مقتنعتش أنها قضاء وقدر 


نظر "منصور" إلى ملامح وجهه مُطولًا ثم قال بحيرة:-

-مين اللى هيعوز يجتل أبا الحج ، دا خيره على البلد كلها وبيتجي ربنا فى كل الناس 


ألتف "عيسي" إليه بقلق وقال:-

-معرفش بس لو كانت قضاء وقدر كان اللى علمها وجف يا منصور هيهرب ليه ؟


-مش يمكن خاف من اللى هيجابله دا كبير البلد

قالها "منصور" بتردد وعقله لا يصدق كلماته، هز "عيسي" رأسه وقال:-

-يعنى عرف ان اللى فى العربية هو عبدالحكيم الدسوقي وهمله ومشي، دا كلام ميدخلش العجل


قاطع تفكيرهما خروج الطبيب فوقف "عيسي" من مقعده وهرع إلى الطبيب يقول:-

-طمني يا دكتور


-أدعيله بالرحمة، هو عايزك جوا بس متتعبهوش فى الكلام عشان صحته

قالها الطبيب بهدوء ثم ربت على كتف "عيسي" ليغادر، تنهد "عيسي" بهدوء ثم دخل إلى الغرفة بأنفاس ثقيلة ليرى جده فى حالة يُرثي لها فدمعت عينيه بأنكسار لكنه جفف هذه الدمعة سريعًا، جلس جوار "عبدالحكيم" وقال:-

-جدي


فتح "عبدالحكيم" عينيها بتعب وتحدث بتلعثم وصوت مبحوح أسفل قناع التنفس:-

-عيسي... يا ولدي


ربت "عيسي" على كتفه بهدوء وهمس بلطف:-

-متتعبش حالك ي حج


دمعت عيني "عبدالحكيم" حزنًا وقال بقلق:-

-أبوك فين؟ سألت عنه كتير 


جمع "عيسي" شجاعته وأخفي أوجاعه بداخله ثم قال:-

-زين يا حج، هو بس يجف على رجله وأجبهولك 


جهش "عبدالحكيم" فى البكاء بتعب وقال بضيق:-

-ولدي مات يا عيسي، هتخبي عني وهو ميت جصاد عيني ..... اه يا ولدي


مسح "عيسي" دموع جده بحزن وقلبه بالداخل يصرخ على موت والده وقال بلطف:-

-أهدي ي جدي


تنفس "عبدالحكيم" بصعوبة وقال:-

-خلى بالك يا عيسي من الأمانة اللى هملتهالك، خلي بالك يا ولدي العيلة دى مالهش حد بعدي غيرك ، وعطر العيلة الصغيرة ... أنا حاسس أن ربنا عمل فيا أكدة ذنبها ، حطها فى عينيك يا ولدي أنت سندها وظهرها وولي أمرها بعدي، أوعاك تخلي نصر يأذيها، لما جيت عليها ربنا مجبلش بظلمي ليها أوعي تظلمها يا ولدي


أومأ "عيسي" له بنعم ليقول "عبدالحكيم" بحزم رغم تعبه:-

-أوعدني يا عيسي متفرطش فى الأمانة اللى هملتهالك ، وأنا وصيتك وصيتين يا ولدي أولهم عطر و..... و.... 


ربت "عيسي" على يده بفزع من صعوبته فى التنفس وقال:-

-أهدي يا جدي ومتتكلمش 


تشنج جسده بقوة ليفزع "عيسي" وخرج ليطلب الطبيب فجاء طاقم الأطباء مُسرعًا وتركه "عيسي" فى الخارج ولم يطل الأمر حتى خرجوا من الداخل والحزن على وجوههم والأستسلام ليدرك ما حدث قبل أن يتفوه الطبيب بكلماته القليل قرب أذن "عيسي" قائلًا:-

-البقاء لله 


__________________________ 


أنهت "عطر" لف خمارها الأسود مع فستان أسود فضفاض وخرجت من الغرفة لتراه جالسًا على السفرة يتناول فطاره فتجاهلته وصارت نحو باب الشقة ليقول:-

-عطر


توقفت بتأفف شديد وأستدارت إليه بزمجرة وقالت:-

-نعم


تنحنح بلطف ومسح فمه بالمنديل ثم وقف من مكانه وقال:-

-تعالي عاوز اوريكي حاجة


تأففت بصوت مسموع وصل لأذنيه لكنه تجاهل الأمر، سارت خلفه حتى وصلت إلى باب غرفته فنظرت مُطولًا للغرفة ليقول:-

-جولتلك هوريكي حاجة 


دلفت إلى الغرفة ورأت حقيبة سفرة صغيرة على الفراش مع مجموعة من الفساتين كثيرة لتقول:-

-اي دا؟


وضع يديه فى جيوب عباءته وقال بهدوء:-

-أفتحي الشنطة


تنحنحت بقلق مُترددة من فتح الحقيبة وتصرفه الغير معتاد فقالت بخنق:-

-لما نشوف أخرتها 

 

فتحت الحقيبة لتُصدم من كم الذهب الذي رأته ولأول مرة ترى هذا الكم من عقود وسلاسل وأساور وحلقان بأشكال مختلفة وعلبة صغيرة وردية فتحتها لتري بها دبلة زواج، خرجت من الغرفة سريعًا وعقلها لا يتسوعب ما تراه فخرج خلفها بتساؤل وقال:-

-مالك 


ألتفت إليه فى منتصف البهو وقالت بتلعثم من هول الدهشة التى أصابتها:-

-اي دا؟ 

أجابها "نصر" بنبرة هادئة لطيفة على غير المعتاد من هذا العصبي قائلًا:-

-دا ذهبك، شبكتك!! 

نظرت لكمية الذهب التى تراها أمامها وقالت بأندهاش:-

-كل دا شبكتي

تبسم إليها بوجه حماسي وتعابير دافئة ثم قال:-

-ولو عايزة أكتر هجبلك، كمان جبتلك كل العبايات والفساتين دى، شوفي عاوزة اي وأنا أجبهولك اطلبي وأتمنى أنتِ بس يا عطر 


رمقته بتعجب من هدوءه ولطافته الغير معتادة وكل ما جلبه لأجلها منذ أن عادت من المستشفي ثم قالت بحدة غليظة:-

-أنا مش عايزة منك حاجة، وأحب أريحك وأوفر عليك أنك مش هتعرف تشتريني بفلوسك وذهبك، أنا عمري ما هكون لك بمزاجي وهفضل كل ما أشوفك اقولك كلمة واحدة بس.. طلقني وخلى عندك دم وكرامة ولا هتفضل عايش مع واحدة مش طايقة حتى صوت نفسك ومجبرة عليك 


لم يتمالك أعصابه أمام قساوتها وتحجر قلبها خصيصًا بعد أن قابلت لطفه ببرود وقسوة ولطم وجهها بقوة فصرخت بألم بعد أن مسك شعرها بقوة وجذبها إليه ليقول بحدة غليظة:-

-أنتِ فاكرة أنى مجدرش أجبرك دا أسهل ما عليا، لكن أنا سيبك بمزاجي فمبتجيش مستفزة بجى وترجعي تلومنى على ضربي وذلي ليكي 


دفعته بقوة بعيدًا وهى تقول بعناد وزمجرة:-

-أبعد عنى يا حيوان أنت، أنت فاكر نفسك اي؟ 


-حيوان!! طب والله لأوريكي السلوك الحيواني بيكون كيف؟ 

سحبها من ذراعها بقوة تجاه غرفة نومهما لتفزع وتبدأ تصرخ بخوف أكبر منه وتقول:-

-سيبني.... طب أنا أسفة والله بس بلاش الله يخليك 


لم يبالى لها حتى وصل للغرفة ودخل بها ليغلق الباب بقوة أرعبتها وخلعت قلبها من ضلوعها....


وصل خبر وفأة "عبدالحكيم" للعائلة فأنتفض الجميع ليرن هاتف "نصر" كثيرًا على الكمودينو قرب الفراش والهدوء يعم المكان ليس سوى صوت بكاء ووجع، إنكسار وحسرة تمزقها لإشلاء وهى تخفي جسدها الضئيل أسفل الفراش وترتجف من الصدمة ولا تقوي على تحرك أناملها، خرج "نصر" من المرحاض بجسده المبلل بعد الأستحمام وأخذ الهاتف وهو يقول:-

-جومي ألبس خلجاتك 


أجاب على الهاتف ليسمع خبر وفأة جده فهرع للخارج مصدومًا ومع خروجه صرخت "عطر" من الألم والقسوة التى تعرضت لها بعد أن تعدي عليها بالأكراه وظلت تنتفض من مكانها وتتألم بوجع كلما حرجت جسدها .....


__________________________ 


صرخت "هدي" بحزن وسط النساء قائلة:-

-يارب مالناش غيرك، أجرنا فى مصايبنا يارب


تمتمت "خضرة" بسعادة تغمرها واضحة فى ملامحها:-

-الله يرحمه هو التاني 


كانت السعادة تغمرها بعد وفأة "عبدالحكيم" و"فؤاد" فالوريث الوحيد لأملاك "عبدالحكيم" هو زوجها "ناجي" وسيكون الكبير رغمًا عن الجميع، رات "ذهب" ذاهبة إلى المطبخ فقالت:-

-أنتِ يابت أعمليلي فنجان قهوة


أومأت "ذهب" بحزن يملأ قلبها على وفأة "عبدالحكيم" وقالت:-

-حاضر بس هعمل الشاي الأول للرجالة


وقفت "خضرة" من مكانها بدهشة وقالت:-

-هو فى حد فى المكتب؟


أجابتها بنعم وقالت:-

-أيوة سيدي ناجي ومعه نصر بيه وخالد بيه كمان ووياهم سيدي عيسي والمحامي والمحاسب كمان


تبسمت "خضرة" بحماس وأدركت أن لحظة النصر جاءت إليها وسيرث زوجها كل شيء وستكون سيدة هذه السراية وحدها فقالت:-

-خلاص روحي متعمليش حاجة


فى غرفة المكتب، جلس الجميع فى صمت ليقول المحامي:-

-الوصية دي خاصة بفؤاد بيه وطبعًا هو كتب كل أملاكه باسم ولده عيسي لكن ال10 فدان اللى فى أخر البلد باسم الأنسة فيروزة وطبعًا من المال هيطلع حق الزوجة الست هدي 


لم يبالي أحد بشيء وهم مُدركين لهذا الأمر جيدًا، فتح ظرف أخر أمام الجميع وقال بجدية:-

-أما دي بجي وصية الحج عبدالحكيم 


نظر إلى الورقة مُطولًا ثم تنحنح بهدوء مما سيقوله وهتف بحزم لما يقوله:-

-الحج عبدالحكيم كتب كل ما يملك لحفيده عيسي بيه .... 


فزع الجميع وأولهم "ناجي" و"نصر" بينما "عيسي" رمق المحامي فى حالة من الصدمة وقد فهم كلمات جده الأخيرة والوصية التى تركها له وأوصاه ألا يتخلي عنها الأولي كانت "عطر" والتانية هى المُلاك......... 


  




#كبرياء_صعيدي

#نور_زيزو

#نورا_عبدالعزيز



كبرياء صعيدي

الفصل الخــــامـس (5) بعنــــــــــوان "  أســــــد جريــح  "


سمع الجميع صراخ الجميع من الداخل فذعرت "خضرة" وذهبت إلى غرفة المكتب بينما ظلت "هدي" فى مجلسها تبكي من الفراق والفقد مع أختها "سكينة"، دلفت "خضرة" إلى الغرفة لتري "ناجي" يصرخ بغضب سافر قائلًا:-

-يعنى أيه؟ يعنى أبويا أكلنى لأبن أخويا


وضع "عيسي" يديه على رأسه بتهكم مذهولًا مما سمعه وعقله لا يستوعب كم الصدمات التى تحدث بهذه الأيام ، صمت قتل "ناجي" من الغيظ فسحبه من ملابسه بقوة ليوقفه أمامه وقال:-

-جعدت ترسم عليه وتوسوس له كيف الحية لحد ما كلته


أبعد "عيسي" يديه عنه بجدية صارمة وقال:-

-بعد يدك عني يا عمي ، أنا عمري ما جبلت لجمة حرام ولا بصت ليدي اللى فى غيري كيف عيالك، أنت بتكلم عيسي الدسوقي لا نصر ولا خالد


أخرج "ناجي" سلاحه من الدرج بانفعال ووضعه فى رأس "عيسي" ليرفع رأسه بشموخ دون خوف من هذا الرجل وقال:-

-أوعاك تفكر أني هخاف من اللى فى يدك دا 


مع شجارهم القوي على المال ، بالطابق الأعلي دلفت "حنة" إلى غرفة "عطر" لتصدم مما رأته وهذه الفتاة تحاول الوقوف وسط بكاءها وتلف جسدها الصغيرة بالغطاء، هرعت "حنة" إليها وقالت:-

-يالهوي ، عطر.... عملك فيكي أيه المتوحش دا 


ساعدتها للدخول إلى المرحاض ودموع "عطر" لم تتوقف للحظة واحدة من الوجع والقهر الذي تعترضت إليه، جلست "حنة" بحيرة تنتظرها ودموعها تسيل على وجنتيها من الحزن وكيف له ألا يرحم هذه الطفلة الصغيرة، خرجت "عطر" بعد نصف ساعة من المرحاض وتشعر بألم أسفل بطنها لكنها حاولت الصمود لتسرع "حنة" إليها وقالت:-

-تعالي ألبسي هدومي وأنا هأخدك ونمشي من هنا


صمتت "عطر" قليلًا، عقلها شاردًا بما حدث وصوت صراخاتها المبحوحة يخنق أذنها وصدرها لتقول بتمتم:-

-لا يا حنة، انا مش همشي من هنا غير لما أطلق منه، وأدفعه ثمن اللى عمله فيا ، كان لازم يخاف من كيد النسا دا ربنا حذر منه وأنا مش هفضل أتوجع وبس والكل يدوس عليا


أرتدت فستان أسود ولفت خمارها ثم خرجت من هذه الشقة ونزلت إلى الأسفل حيث غرفة "فيروزة" لتري "خديجة" تجلس معها، رمقتها "خديجة" بأشمئزاز ثم قالت:-

-تعالي يا مرت أخويا


جلست "عطر" فى هدوء صامتة وشاردة تخفي أوجاعها بمهارة، تمتمت "خديجة" بلطف قائلة:-

-والله يا فيروزة أتجهرت على اللى حصل لعمي، ربنا يرحمه


كانت "فيروزة" صامتة وعاقدة ذراعيها أمام صدرها بينما دموعها تسيل على وجنتيها كابحة أوجاعها على فراق والدها فقالت "عطر" :-

-أدعيله يا فيروزة وأقومي أتوضي يا حبيبتي وصلي ، أنا هنزل أشوف عيسي


رمقتها "خديجة" بضيق وتحدثت بنبرة تهديدية قوية:-

-حذاري تجربي من عيسي


نظرت "عطر" إليها بدهشة من أنفعالها وتهديدها لتقول بأشمئزاز ولهجة قوية:-

-وأنتِ مالك؟


-أنا بنصحك بس عشان مصلحتك، أصل اللى جبلك أتطلجت برضو عشان عيسي


أندهشت "عطر" ونظرت  إلي "حنة" بذهول فتابعت "خديجة" بغرور شديد:-

-متستغربيش أكدة، ما هو لما تبجي ست بجحة وتبص لراجل غير جوزها وتعايره برجولتك تستاهل تجتل مش تطلج بس، اللى يجحمها مكان ما هي جاعدة ، نصر حبها ودلعها كيف الهوانم لكن جليلة الأصل أم لسان طويل تعايره ليه وفى الطالعة والنازلة تجول عيسي راجل ، عيسي جدع ، عيسي دارع جدك والكلمة كلمته ، فضلت طول الوجت عينيها على عيسي لحد ما أتطلجت 


تبسمت "عطر" بسخرية شديدة وأقتربت منها بمكر أكبر نابع من قهرتها وألم صدرها ومسكت كتفها بقوة وقالت:-

-أصل اللى تعاشر أخوكي عينيها متتمليش أبدًا، وبعدين مال عينيك لمعت أوعي كدة وأنتِ بتقولي عيسي.... أنتِ بتحبيه ؟! شكله عاجبك


غمزت لها بمكر شديد لتبتلع لعابها بأنتصار، تبسمت بسخرية لها بهدوء ثم قالت:-

-أنا نازلة لعيسي، وأنا لو مكانك هجري على أخوكي وأقوله مراتك رايحة لعيسي... بسرعة بقي الله يخليك


ضحكت بمكر وخرجت وخلفها "حنة"، مسكت "عطر" من ذراعها بقوة غيظًا من حديثها وقالت بحدة:-

-أنتِ قصدك أي بالضبط بكلامك دا؟ ورايح لعيسي ليه؟ 


تأففت "عطر" بضيق وقالت بنبرة معبأة بالإنكسارات والأوجاع:-

-رايح له عشان يطلقني من نصر، رايح له عشان موجوعة ومكسورة ولحمي منهوش يا حنة ولا أنتِ مش واخدة بالك أنا حصل فيا أيه؟ عارفة اللى نصر عمله دا اسمه، أسمه أغتصــ ــاب فبالله عليكي أرحمني وسيبنى فى حالى


جهشت باكية من الوجع ودموعها تسيل بأنهيار لتُضمها "حنة" إلى صدرها بحنان لتبكي بوجع سافر وجسدها يرتجف بألم وكان باردًا كلوح الثلج.....


_______________________


تحدث "نصر" بانفعال شديد:-

-أنا جدي خرف على كبر


رمقه "عيسي" بنظرة ثاقبة وغاضبة وقال بتهديد:-

-أتكلم عن جدك زين بدل ما أجطعلك لسانك


ضرب "ناجي" المكتب بقبضته بحيرة عاجزًا  عن فعل شيء فالأمر قد حدث وأنتهي وأصبح كل شيء ملك لـ "عيسي" وحده والآن جميعهم فى ملكه وحده، خرج "نصر" من الغرفة ومنها إلى خارج المنزل، تحدث "ناجي" بغضب مكبوح:-

-راجع لكل واحد حجه يا عيسي وأقفل بحور الدم جبل ما تبدأ ... أنا بجولك أهو 


خرج هو الأخر إلى الأعلي فنظر "خالد" إلى "عيسي" بصمت وغادر المكان دون أن يتفوه بكلمة واحدة، جلس "عيسي" على المقعد بحيرة وعقله لا يستوعب ما حدث حتى جاء إليه "منصور" وقال:-

-عرفنا العربية اللى خبطت الحج الله يرحمه


وقف "عيسي" من مكانه بلهفة وخرج مع منصور إلى الخارج، رأت والدته جالسة مع اختها "سكينة" فمر من جوارها بتعجل من أمره ، ربتت "سكينة" على يد "هدي" وقالت:-

-أهدي يا هدي مش اكدة عشان خاطر بنتك فيروزة المنهارة فوج دى، السكر يعلي عليها ودى مريضة يا خيتي


أومأت "هدي" إليها بدموعها وقالت:-

-ربنا يصبرنا 


جاءت إليها "خضرة" بضيق شديد وصرخت بانفعال بعد أن تحولت سعادتها إلى حسرة:-

-عملها ابنك الحرامي ، فضل لازج لجده لحد ما كوش على كل حاجة 


نظرت "هدي" إلى "خضرة" وحسرتها على خسارة المال أكبر من حزنها على الأموات الذين فارقه العائلة، تمتمت بهدوء قائلة:-

-أنا مهردش عليكي يا سلفتي عشان أنتِ معندكيش دم


ضربت "خضرة" يديها ببعضها بانفعال وقالت بخنق:-

-سبتهولك يا سلفتي الدم دا لكن مال عيالي لا علي جثتي أنى أسيب جرش واحد من مال عيالي لابنك الحرامي


تنهدت "هدي" بألم ووقفت من مكانها لم تجادل هذه المرأة فقالت بنبرة خافتة:-

-لا أنا مش جادرة أتحمل دا 


_________________________ 


ظلت "عطر" جالسة فى غرفة "فيروزة" بينما تمر الأيام وكلًا منهما تحمل بقلبها وجعًا مُختلف عن الأخر فقالت "فيروزة" بهدوء:-

-مالك يا عطر، بقالك كام يوم مكسورة وحزينة، وأنا مش جادرة أصدج أنك زعلان على جدي اللى جوزك نصر غصب


تنهدت "عطر" تنهيدة مُعبأة بالأنكسارات والخذلان وصمتت ثم قالت مُتجاهلة السؤال:-

-تفتكر عيسي ممكن يكسر الوصية ويديهم الفلوس


هزت "فيروزة" رأسها بلا وقالت:-

-لا طبعًا مستحيل ، عيسي عمره ما خان الأمانة


ألتفت "فيروزة " إلى "عطر" وهى جالسة على الأريكة ورمقتها بهدوء قليلًا تتفحصها ثم قالت:-

-عطر، أنتِ حبيتي عيسي ولا أيه؟


نظرت "عطر" إليها بصدمة ألجمتها من كلماتها وقالت بخذلان:-

-أحب، فيروزة أنا يوم لما عرفت الحب وحبيت أتخذلت وخدت على دماغي وأتعريت قصاد الناس كلها من الإنسان اللى حبته، أنا الحُب خذلني أبقي عبيطة أوي لو فتحت قلبي تاني لحد يدوس عليه ويوجعه من تاني ، أنا فيا اوجاع تكفيني لحد ما اموت، أنا بس حاسة أن عيسي ممكن يسندني ويساعدني أخلص من نصر ... دا حيوان يا فيروزة 


ربتت "فيروزة" على ظهرها بلطف وقالت:-

-أنا عارفة، أن شاء الله تتحل وتفرحي يا عطر 


نزلت دموع "عطر" رغمًا عنها وكأن الصمود التى تحلت به حان وقت إطلاق صراحه لتطلق العنان لهذا الوجع بأن يخرج ووضعت يديها على صدرها بألم كأنها تخنق قلبها من قسوة التمزق التى تشعر به، انتفضت "فيروزة" فزع من مكانها بعد بكاء "عطر" فقالت بذعر:-

-مالك يا عطر؟ حصل أي يا حبيبتى لكل دا


-نفسي أقول أنى مكسورة وموجوعة

قالتها بتلعثم وسط شهقاتها فقالت "فيروزة" بحيرة :-

-سلامتك من الكسرة والوجع يا بنتي ، في أيه؟ فهمينى، حد من الحربايات اللى تحت زعلك فى حاجة 


هزت "عطر" رأسها بالنفي وقبل أن تتحدث سمعت صراخ من الأسفل فخرجتا الأثنتين من مكانهما...


________________________ 


عاد "عيسي" من الخارج مُلتهبًا كالنار وسأل "ذهب" عندما فتحت الباب:-

-نصر فين؟


أشارت إليه على السفرة فذهب إليه مُستشاطًا غضبًا وكان "نصر" جالسًا على السفرة مع "خضرة" و"خيرية" يتناولوا الطعام فركل "عيسي" مقعده بقوة ليسقط "نصر" على الأرض وقال:-

-بجي كل دا يطلع منك أنت


فزع الجميع ووقف "نصر" دون أن يفهم شيء لكنه صرخ فى وجه "عيسي" من فعلته:-

-أنت اتجننت بتمد يدك عليا


أخرج "عيسي" مسدسه من عبائته وقال بانفعال سافر:-

-أمد يدي دا أيه، أنا لسه هأخد روحك


صرخت "خضرة" و"خيرية" من الخوف ووقفت بالمنتصف تمسك مقدمة المسدس قائلة:-

-أهدأ يا عيسي السلاح يطول يا ولدى 


نزل الجميع من الأعلي ووقفوا يشاهدون الشجار دون أن يفهم منهم شيء، أبعدها "عيسي" عنهما ومسك "نصر" من عبائته وقال:-

-بجالي سبوع بلف على العربية اللى فرمت أبويا وجدي وبحلف أنى لازم أخد بثأري من اللى جتلهم ، لكن لما تطلع العربية تبع نصر الدسوقي وأن اللى عمل أكدة أنت يبجي متستاهلش الرحمة 


أتسعت أعين "نصر" على مصراعيها بصدمة ألجمته وقال بذعر:-

-لا انا معملتش حاجة، هجتلهم ليه؟ هستفاد ايه 


صرخت "خيرية" بخوف من غضب "عيسي" قائلة:-

-أيوة أخويا مستفادش حاجة من جتلتهم هيجتلهم ليه؟ لكن الدور وبالباجى بجى على اللى ورث كل حاجة 


نظر "عيسي" لها بصدمة وهى تتهمه بقتل والده وجده وقال:-

-خدوا الورث ، عايزينه خده لكن ثأري أنا هأخده يا نصر من روحك


غادر المكان غاضبًا مما جعل الجميع يتساءل عن القاتل الحقيقي، نظرت "عطر" إلى "عيسي" وهو واقفًا أمامه وكان "نصر" مرعوبًا منه ومن المسدس حتى غادر "عيسي" للحديقة فتسللت للخارج حيث يقف "عيسي" رأته واقفًا مهمومًا يلتقط أنفاسه بصعوبة من الغضب الكامن بداخله فقالت بنبرة خافتة:-

-عيسي


ألتف إليها يرمقها وما زال وجهها متورمًا من البكاء وعينيها حزينتين فقال بخفوت:-

-ايه؟ جاية دافعى عن جوزك


تمتمت بحسرة تمزقها من الداخل:-

-أدفع عنه، تقريبًا أنا الواحدة اللى عايزة تصرخ وتقولك أقتله 


لم يستغرب كرهها له فمُنذ ليلتها الأولى وهى مزقت شرايين مُتمنية الموت على البقاء معه فقال بهمس:-

-ماشي يا عطر


رمقته فى صمت لتراه مهمومًا، صامدًا أمام المصائب لكنه ما زال ابن فقد والده ويرغب بالبكاء عليه والفراق يمزقه لإشلاء، شعر بنظراتها خلسًا إليه فأدار رأسه نحوها لتخجل من تقابل عينيه وتحاشت النظر لهما سريعًا، على عكسه لم يخجل أو يتحاشي النظر لملامحها الشاحبة وأنكسارها الذي يجهل سببه، تساءل كثيرًا هل الزواج من "نصر" يكفي لكسرها هكذا؟ أم هناك شيء أخر تخفيه هذه الفتاة، شعرت بغصة فى قلبها ورفعت نظرها إليه بشجاعة وهذه النظرات وحدها كفيلة بأن تصرخ بالأوجاع الموجودة بداخل كلًا منهما دون حديث، ربتت على ذراعه بحنان تواسي أوجاعه والدموع المحبوسة فى جفونه ثم قالت:-

-ربنا يصبرك يا عيسي، ومتفرطش فى الأمانة اللى جدك سابهالك

نظر "عيسي" إلى وجه هذه الفتاة البريئة رغم أنها لأول مرة تكون مُنطفئة هكذا وعينيها مكسورتين من الخذلان، سألها بقلق:-

-أنتِ عارفة يا عطر هو سابلي أمانة ايه؟ 

هزت رأسها بنعم بهدوء شديد ثم قالت وعينيها مُتشبثة بعينه:-

-اه، سمعت انه سابلك كل ما يملك، خيانة الأمانة وحشة أوى وبتوجع متخونش الأمانة 

تنحنح بحرج من نظراتها وتحاشي النظر لها بحيرة تحتل صدره وهى لا تعلم بأنه الأمانة الألى التى تركها جده تحت وصيته، سألها بضيق يخنق صدره:-

-مبسوطة مع نصر؟ 

أنتفضت فزعًا من ذكر اسمه وتذكر ما فعله بها ليقشعر جسدها رعبًا، دُهش "عيسي" من رجفتها وعينيه التى أمتلأت بالدموع، مسك ذراعها بقوة يُديرها له وسأل بحزم:-

-أذاكي؟!! 

رفعت عينيها المنكسرتين بحسرة وألم من هذا القهر والوجع الموجود بداخلها ثم قالت بترجي:-

-طلقني منه يا عيسي، لو تعرف بالله عليك طلقني منه ولو لازم أتجوز حد من العائلة، أتجوزني أنت... أنا عايزة أتجوزك أنت بس هو لا 

أتسعت عيني "عيسي" على مصراعيها بصدمة ألجمته ورمق دموعها المُنهمرة على وجنتيها بحرارة، بدأت ترتعش أكثر مع البكاء وهو يراقبها عن كثب فى ذهول لأول مرة تطلب امرأة الزواج منه، وضع سبابته أسفل ذقنها ليرفع رأسها المنحنية من جديد لتتقابل عيونهما معًا وقال بهدوء:-

-نصر عملك ايه؟؟ جولى متخافيش، والله لو لمس منك شعرة غصب عنك لأطرده من الدار وأجتله كمان 

أنهارت فى البكاء بضعف وهى تتذكر كيف سحبها بالقوة للغرفة وسط صراخها ورجاءها الكثير بألا يفعل، لمسه لجسدها بالقوة وصفعاته المتتالية لها كلما قاومته، كز "عيسي" على أسنانه بغيظ وقال:-

-كنت خابر زين أنه عملك حاجة، والله لأقطع له يده

ذهب من أمامها كالثور الهائج لكنه توقف فجأة وتشنج جسده حين أرتطمت بظهره تعانقه من الخلف وتلف ذراعيها حول خصره، تمتمت بضعف قائلة:-

-بلاش يا عيسي 

ألتف إليها وهو ماسكًا يدها وحدق بملامحها ثم قال:-

-واللى عمله، أعديه كدة بالساهل 

تمتمت "عطر" بضعف ولهجة واهنة وسط دموعها:-

-طلقني منه بس، أنا مش عايزة حاجة غير أنه يطلقني 

أومأ إليها بنعم ورفع يده يجفف دموعها بأبهامه بلطف، نظرت بعينيه فى صمت ليربكه هذا الزوج الأزرق من العيون ويجعل قلبه يقشعر بلطافة من النظر لهما فأبتلع لعابه فى صمت، حائرًا بين نظراتها ودقات قلبه المتمردة ولا يفهم كيف تسللت هذه الفتاة لداخله بهذا القدر؟ ، تحدث بعفوية قائلًا:-

-هطلجك منه ورجله فوج رجبته، بس بعد ما تطلجي منه هتجولى عاوزة ارجع مصر 

ضربته على صدره بغيظ من تجحره وصلبته الباردة وقالت بزمجرة:-

-ليه أنت مش هتجوزني بعد ما يطلقني ولا ايه!؟ 

خرجت منه ضحكة خافتة على تذمرها وهى تطلبه للزواج، نظرت إلى بسمته بلطف ثم هتفت بهمس:-

-عن أذنك 


ذهبت للداخل دون أن تنتبه إلى "خديجة" الواقفة بعيدًا تستشاط غضبًا من قرب هذه الفتاة من "عيسي" وهى هنا تختنق من حبه الكامن بداخلها وتجاهل "عيسي" لها فى حين أنه تبسم على غير المعتاد إلى فتاة أخرى...


___________________________ 


دلفت "خضرة" إلى غرفتها لترى "ناجي" جالسًا على المقعد شاردًا فقالت بسخرية:-

-حسرة عليا، جوزى سبع البورمة جاعد أهنا حاطط يده على خده وولدي واجف كيف الكتكوت جصاد عيسي، دا أنا مسنودة على حيطة مالية 


رفع "ناجي" نظره إليها بضيق لتقول بأختناق:-

-ياخويا بدل ما أنت بتزغرلي أكدة بطرف عينيك، جوم شوف هترجع مالك كيف ولا مأنتش واخد بالك أننا بجينا جاعدينا فى ملك عيسي وفى أى وجت هيجولنا أطلعوا برا مالكوش لازمة ولا عازة


وقف "ناجي" من مكانه بضيق من طريقتها المستفزة وقال:-

-انا جايم ، بس جايم عشان غاير من خلجتك 


وقفت من مقعدها بعد أن جلست بانفعال شديد وقالت:-

-اهو أنا مبأخدش منك غير كدة تيجي فى المصايب وبس، أكسف على شنبك يا رجالة أنت مبجاش حيلتك جنيه هتصرف على الغوازي والكباريهات منين هتجول لابن أخوك أدينى مصروف يا عيسي


صفعها "ناجي" بقوة وقال:-

-سبحان من مصبرني على بومة زيك


غادر الغرفة غاضبًا من حديث زوجته، نزل للأسفل وقبل أن يخرج من باب المنزل أتجه إلى مكتب والده وقبل أن يدخل سمع صوت "عيسي" يتحدث مع احد فى الهاتف ويقول:-

-لازم تلاجي سواج العربية ضروري ، لازم نتأكد يا منصور أن نصر هو اللى عملها 


أبتلع "ناجي" لعابه بقلق وأسرع فى خطواته للخارج وهو يخرج هاتف ويتصل بأحد، صعد إلى سيارته وعندما أجاب الطرف الأخر قال:-

-عملت أيه؟ لاجيت الواد .... يعنى أي يا زفت جولتلك أجلب الأرض عليه وتجبهولي جبل ما عيسي يوصله أنت فاهم 


أغلق الهاتف وهو يلفظ أنفاسه بصعوبة من هذا الأمر ثم أنطلق بسيارته للخارج من هذا المنزل .....


________________________ 


فى حديقة المنزل كانت "فيروزة" جالسة مع "عامر" خطيبها وابن خالتها يواسيها فى حزنها فقال بلطف:-

-متخافيش من بكرة يا فيروزة أنا معاكي وفى ضهرك 


تنهدت بحزن وهى تشابك الأصابع فى حزن أمامها قائلة:-

-أنا عارفة أنك معاكي وعيسي كمان معايا بس أنا حاسة أنى ظهري بجي مكسور من غير أبويا،  خابرة زينكم أنكم سند وضهر أتسند عليه ومهتجوش عليا ولا توجعوني بس الأب برضو بيفرج يا عامر


فك يديها المُتشابكتين بلطف وأخذ اليمني بين راحتى يديه وقال:-

-عارف يا فيروزة وربنا يقدرني وأعوضك وأكونلك سند وضهر ومتحسيش أبدًا أنك مكسورة يا حبيبتي


نظرت "فيروزة" إلى وجهه وبشرته القمحاوية ولحيته الكثيفة السوداء مع شعره القصير وقالت بهيام ولهجة واهنة:-

-أنا مطمنة معاك يا عامر وخابرة أنى فى أيد أمينة والله ومخايفاش من بكرة معاك


تبسم إليها بعفوية ثم قال:-

-صحيح أي حكاية بنت عمك ضياء دى، أنا مصدجتش لما حكيتلي وكيف تتجوز نصر 


تبسمت "فيروزة" بخفوت وهى تجفف دموعها عن وجنتيها وقالت بعفوية:-

-بنت جميلة أوى يا عامر وطيبة طيبة مشفتهاش واصل، جميلة فى روحها وطيبتها وحتى شكلها كيف الجمر ، أصغر مني صحيح بس جدعة اوى وتدخل الجلب ، أنا من اول مرة أتكلم وياها حبيتها ودخلت جلبي ، بس الطيبين كدة الدنيا بتيجي عليهم بزيادة مكفهمش اللى عمله عمي فيها جوزها سبع الرجالة نصر، تعرف من يوم ما جيت وهى مكسورة كانت برضو جوية وكسرتها مش باينة لكن من يوم ما اتجوز نصر وبجي ضعفها مغرج ملامحها ونورها أطفي ودموعها مالية عيونها ... أنا خايفة عليها وجلجانة من نصر وشره 


تبسم "عامر" على محبوبته وهى تتحدث مُتناسية أوجاعها فور ذكر اسم "عطر" ليقول بذهول:-

-لدرجتي يا فيروزة، شوجتني أشوف البنت اللى سيرتها ضحكتك وفرحتك أكدة ... أنا اكدة هغير منيها بجي


ضحكت "فيروزة" بعفوية على كلماته الأخيرة وقالت:-

-تغير منيها وأنت فى الجلب برضو


-يا حياتي ، خدي جلبي يا بيه ومعاوزهوش

قالها بدلال لتضحك "فيروزة" على دلالته بسعادة ....


_________________________ 


دلف "نصر" إلى شقته ليراها جالسة أمام التلفاز بفستانها وخمارها وتتجاهله تمامًا بعد ما حدث ليتأفف بضيق شديد منها وذهب نحوها ثم ركل قدمها المرفوعة على الأخر وقال:-

-لما جوزك يجي تجومي تجفي وتبوسي يده ورجله كمان


نظرت "عطر" إليه بضيق شديد ولم تنفذ طلبه بل بصقت ما فى فمها أسفل قدمه ليُثير غضبه أكثر وسحبها من خمارها بقوة لتصرخ بألم وهى تقول:-

-أنت جاي تستقوي عليا وأنت كنت زي الكتكوت المبلل قصاد عيسي مرفعتش صوتك فيه ليه


صفعها بقوة على وجهها وهو يقول:-

-أنا كتكوت مبلل يا بنت الكلب ....


تألمت من شدة صفعته مما جعل شفتيها تنزف لكنها لم تخضع لقوته وقالت بألم وهى تقاوم يديه التى شدت الخمار بقوة عن رأسها:-

-أبعد عني ، أنت فاكرني هخاف منك أنا بكرهك وهفضل أكرهك عمري كله ، أضربي زى ما أنت عايز ولو عايز تقتتلني أقتلني  


صفعها من جديد لتسقط على الأرض وأنهل عليها بالضرب دون أن يرحم ضعفها أو جسدها الضئيل أمام قوته وصراخها يعلو ويعلو حتى دفعته بقوة بعد أن جمعت شجاعتها وهربت من أمامه للخارج ليركض خلفها وهى تنزل الدرج حتى وصلت للطابق الثاني وخرج الجميع من غرفهم على صوت بكاء وصراخها لترتطم بجسد "عيسي" فأختبأت به بضعف ووجهها ينزف ووجنتيها متورمتين من قوة صفعاته ، أشتعلت نيران الغضب بداخله أكثر حين رآها تتشبث بـ "عيسي" ، رمقها "عيسي" بصدمة ألجمته وخمارها اظهر خصلات شعرها من سحب "نصر" لها ووجهها المتورم خلع قلبه من مكانه مع دموعها التى نزلت كالنار على قلبه فرفع نظره إلى "نصر" بصدمة ألجمته ، أقترب منها وهو يقول:-

-أنتِ فاكرة أنه يجدر يحميكي منه


لهثت بقوة من شدة الوجع والبكاء ثم قالت:-

-أنا معايا ربنا أقوي منك ومن اى حد يا ظالم يا أعري الرجالة 


أقترب لكي يأخذها فسحبها "عيسي" لتقف خلف ظهره ووقف هو فى المقدمة أمامه يواجهه مما أدهش الجميع، كبح غضبه قدر الإمكان لبقول:-

-متدخلش بيني وبين مرتي يا عيسي


لم يتمالك "عيسي" غضبه أكثر من هذا الرجل ولكمه بقوة على وجهه وقال:-

-شوفت بتوجع كيف؟ مابالك بيها هى يا راجل


نظر "نصر" إليه بصدمة الجمته وقبل أن يتحرك من مكانه أوقفه "عيسي" حين قال بغضب ونبرة مُخيفة أرعبت الجميع:-

-مرت عمي، مرت ولدك طالبة الطلاج وأنتِ وولدك خابرين أن اللى يجي على حريمنا بندفنه حي، وعطر هملت بيت جوزها، طلجها


وقف "نصر" أمامه بتحدي وغرور ثم قال:-

-لا


ضحك "عيسي" بسخرية ثم قال:-

-هتطلجها .... جولي لولدك يطلجها يا ست خضرة بدل ما أطلجه أنا من الدنيا ، واللى معملتهوش الصبح أعمل دلوجت


تحدثت "خضرة" بخوف من فقد "عطر" ونصيبها إذا تراجع "عيسي" عن الورث كما قال صباحًا، قائلة:-

-مطلجهاش يا واد .... سيبه يربي مرته يا عيسي ، دا إحنا كلتنا خابرين زين هو أتجوزها ليه، دا بدل ما تبوس جزمته أنه سترها


تحدثت "عطر" بغضب سافر قائلة:-

-أخرسي قطع لسانك أنتِ وأى حد يتكلم عليا نص كلمة ،أنا أشرف منك ومن بلد وابنك سبع البورمة يشهد بدا 


نظرت "خضرة" إلى ابنها ليؤمأ إليها بنعم ثم قال:-

-وحتى لو كنتِ طاهرة وشريفة دا ميمنعش أنى سترتك من كلام الناس


-ناس أنجاس زيك

قالتها بغضب ودموعها لم تجف بعد ليقاطع حديثها "عيسي" حين قال:-

-الصبح تطلجها ياما تأخد أمك وأخواتك وتطلعه برا داري وأنا هعرف أطلجها منك غصب عن أتخن شنب عندك


أتسعت أعين الجميع من قرار "عيسي" واولهم "خضرة فقالت بذعر:-

-بس الطلاج دا تحت تهديد ميجوزش


ضحك "عيسي" أكثر من كلماتها وقال:-

-ولما ابنك أتجوزها تحت التهديد مسمعتكيش يعنى بتجولي جوازة باطلة ومتجوزش، جولي لولدك يطلجها أنتوا مش جد جلبتي ولا العائلة دى حمل عزاء ثالث يا مرت عمي


أتسعت أعين الجميع حين ألتف "عيسي" إليها وأقترب منها هندم خمارها جيدًا بيده يخف شعرها عن أنظاره وأنظار "خالد" الذي يراقب فى صمت، رمقته بإمتنان وقلبها شعر بطمأنينة وأمان بعد أن سمعت حديثه فهمس إليها بخفة قائلًا:-

-متخافيش طول ما أنا هنا 


أومأت إليه بنعم و"نصر" يستشاط غضبًا من رؤيتها تبتسم إلى هذا الرجل وقبل أن يقترب أكثر ويُثير الشجار من جديد ، رأى "عيسي" يحتضن يدها الصغيرة براحة يده ويأخذها إلى الغرفة المجاورة إلى غرفته تاركًا الجميع فى هول الصدمة من تهديده بقتل "نصر" وتطردهم من المنزل كليًا ، خرج "عيسي" من الغرفة الخاصة بها ثم نظر إليهما وقال:-

-صحيح يا نصر نسيت أجولك ، انا وجفت الفيزا بتاعتك أنت والمحروس أخوك ، اللى عايز فلوس يشتغل ويتعب كيف الرجالة ..


ألتف لكي يدخل غرفته لكنه أراد أن يثير غضبهم أكثر ويستفزهم بقوته فأستدار إليهم من جديد وقال:-

-صحيح كنت هنسي كمان العربيات أنا بيعتها أصل أنا راجل بطولي مش محتاج ملهوش لازمة الفشخرة الكذابة لا محتاج عربيتك يا نصر ولا عربية أخوك التافه دا، اااه وأبجى روح هات أبوك من عند الغازية أصل عربيته كمان أنا بعتها ممحتاجهاش ولا محتاج عربيتك يا مرت عمي .... ربنا يكفيك شر من احسن لك 


صرخ "نصر" بغضب وأنفعال شديد قائلًا:-

-ما تيجي تأخد خلجاتنا اللى علينا كمان


ضحك "عيسي" بمكر وقال:-

-ممحتاجش هتوسخني، فكر زين فى طلاج عطر يمكن تلاجي حاجة تلبسها بعدها يا عالم يمكن أصحي الصبح أبيع خلجاتك النجسة كمان ... تصبح على خير يا ولد عمي ....... 

  

تكملة الرواية من هناااااااا 


لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا

 مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هناااااا





تعليقات

التنقل السريع