القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية كبرياء صعيدي الفصل السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر والعشرون بقلم نورا عبد العزيز

 



رواية كبرياء صعيدي الفصل السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر والعشرون  بقلم نورا عبد العزيز 






رواية كبرياء صعيدي الفصل السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر والعشرون  بقلم نورا عبد العزيز 



كبرياء صعيدي

الفصل السادس عشر (16) بعنــــــــــوان " براثن عشق"


أستقبل قسم الطوارئ "عطر" على السرير ووقف "عيسي" بفزع ينظر إلى فتاته وهى تصارع الألم والمرض، ابتعد خطوة للخلف يفسح المجال إلى الطبيب لكي يراها، فحصها قليلًا ليقول الطبيب بهدوء:-

-خدوها لقسم الأشعة 


نظر "عيسي" إلي الطبيب وبروده فى التعامل مع حالتها ليقف أمامه يمنعه عن الطريق وقال:-

-أنت رايح فين؟ عالجها 


كانت "حِنة" تمسك يدها بخوف وتدلكها بلطف، دموعها لا تخف عن وجنتيها من الخوف والقلق على "عطر" لترفع رأسها على صوت صراخ الممرضات فصدمت عندما رأت "عيسي" أخرج مسدسه الفضي ووضعه فى رأس الطبيب وبيده الأخري يمسك لياقة البالطو الأبيض الخاص بيه، أقترب "منصور" و"مصطفي" خطوة للأمام رجاله بذعر بعد ما فعله وسمع الجميع تهديده الواضح بنبرته الخشنة بقوته:-

-عالجيها، إياك يجرالها حاجة هى ولا اللى بطنها وعز وجلالة اللى خلجك وخلجني ليكون أخر يوم فى عمرك أنت واللى وياك


دفعه بقوة نحو الفراش ليعالجها بالقوة تحت تهديد السلاح، أبتلع الطبيب لعابه من هذا الرجل وأصبح الوضع مريب أمام الجميع و"عيسي" يقف يرمقه بحدة وفى يده مسدسه، دفع الطبيب السرير المتحرك مع الممرضين إلى غرفة الأشعة، تعجبت "حِنة" لما بدر من "عيسي" للحظة كان يعاركها بالحديث ويصفعها بالكلمات أمام الجميه، من برهةٍ واحدةٍ كان ينكر هذا الطفل لكن الآن يهدد بقتل الطبيب إذا أصاب الطفل شيء، هذا الحنين الذي رفض الأعتراف به وأنكر وجوده يحميه الآن بالسلاح، خرج الطبيب من غرفة الأشعة وبعد الكثير من الفحص أقترب من "عيسي" ليقول بتلعثم خائفًا منه:-

-أنا ....


قاطعه " عيسي" بلهفة والخوف قد تمكن منه ليقول بتوتر:-

-مرتي جرالها حاجة؟


-لا لا هي بخير الحمد لله 

قالها الطبيب بتعجل وكأنه يدافع عن نفسه بسرعة أجابته قبل أن يقتله "عيسي" فى الحال، تابع بهدوء قائلًا:-

-بس الطفل


أنتفض قلب "عيسي" ذعرًا ومسكه من ملابسه بقوة وقال:-

-جراله حاجة؟!!


أبعدت "حِنة" يده عن الطبيب بصعوبة وكأنه ألتصق بهذه الملابس وقالت:-

-خلاص يا عيسي بيه بقي خلينا نسمعه 


تركه بتأفف شديد وقال بلطف:-

-هو الطفل بخير، الحمد لله أن حضرتك جبتها فى الوجت المناسب لأنها كانت هتسجط، أهم حاجة الراحة التامة ليها وفكرة السفر الوجت دا كله بالعربية غلط عليها لأنها لسه فى الأول إحنا هنديها مُثبتات حمل وتاني أهم حاجة الراحة التام بلاش الحركة الكتير ولا الضغط والزعل لأن للأسف المدام عندها مشاكل صحية فى الرحم ودا ممكن يجصر بالخطر عليها وعلى الحمل 


أتسعت عيني "عيسي" على مصراعيها من هول الصدمة، كان ينقصهما مشكلتها الصحية، أومأ للطبيب بنعم ودلف إلى غرفتها مع "حِنة"، رأتها "حِنة" نائمة فى الفراش وبيدها المحلول الملحي بالكانولا، ألتفت إليه وكانت عينيه لا تفارق "عطر" وقلبه ينبض بجنون من الفزع الذي أصابه وهو فى طريقه إلى هنا بها، لم يستوعب عقل "حِنة" هذا الرجل ولم تفهمه فظلت حائرة بين أمرين الأول إذا كان "عيسي" يصدق الخيانة وحديث هذا الحثالة الذي أرسل له عن زوجته فكيف كان مرعوبًا عليها وعلى الطفل هكذا، إذا كان حقًا مصدق بأن الطفل ليس أبنه فكيف يهدد الطبيب لأجل إنقاذه، والأمر الثاني إذا كان لا يصدق ويثق بـ "عطر" لما حدثها بحدة وصفعها حتي صنع ثقبًا قوية فى قلبها تجاهه ولن تغفره "عطر" فتاته العنيدة المتكبرة، ربما "عيسي" يجهل كبريائها وكم ستجرحه كم جرح كرامتها من قبل، تمتمت "حِنة" بإشفاق على ما ألت إليه الأمور بينهما وقالت:-

-أنا هروح أجيب لها هدوم من البيت وهجي على طول


غادرت الغرفة ليقترب "عيسي" منها بخطوات بطيئة لا يصدق عقله ما يراه، "عطر" فتاته المُدللة الباكية، جلس جوارها وضم يديه ببعضهما فشعر بشئ لزق فى يديه، أخفض رأسه للأسفل ناظرًا إلى دمائها التى لوثت كفيه وملابسه حين حملها ليُتمتم بصوت مبحوح:-

-عطر!! وبعدهالك ويايا يا عطر، ليه تحطي حالك فى كف جصاد رجولتي وكبري يا عطر 


دمعت عينيه بألم يمزق صدره حارقًا قلبه فتنهد بعبوس ورفع يده يمسح دمعته الحارة التى تركت أسر جفنيه وشقت طريقها على وجنتيه حتى أختفى أثرها بين شعيرات لحيته الكثيفة، وقف من محله ليدخل إلى مرحاض الغرفة يغسل وجهه بالماء من الدماء التى لوثت وجنته الآن مع مسح دمعته، نظر فى المرآة مطولًا حادقًا بإنعكاسه....


________________________ 


كان "حامد" واقفًا مع "ناجي" و"خضرة" أمام غرفة الطبيب، جاءت "خيرية" بذعر على أختها فقالت بقلق:-

-ها، خديجة فين يابا 


-جوا الدكاترة لحجوها

قالها "ناجي" ببرود على أبنته ثم خرج الطبيب من الغرفة وكادت "خضرة" أن تسرع إلى الداخل لتُصدم عندما وقف رجال "حامد" أمام باب الغرفة يمنعوها من الدخول فنظرت إلى زوجها ثم "حامد" الي قال بجدية:-

-روح يا ناجي عشان تجدر تصحي الصبح بدري لمحاكمة عيالك


كان حديثه يخبره بطريقة غير مباشرة أن الآن قد فقد الحق فى رؤية أبنته دون أذن من هذا الزوج الغليظ، لم تصدق "خضرة" أن هذا الرجل منعها من رؤية طفلتها التى تصارع الموت وكانت على وشك أن تفقد حياتها للأبد الآن، سحبها "ناجي" بالقوة وغادروا تحت أنظار "خيرية" التى تكاد تقتل "حامد" للتو من غلاظته 


________________________


تأخرت "حِنة" عن القدوم مما جعله يفقد صبره وخرج من الغرفة مُتجهًا إلى ركن الأستقبال وقال:-

-لو سمحتي


رفعت الممرضة رأسها للأعلي وفزعت من مقعدها حين رأته خصيصًا بعد ما فعله فى الأسفل بمسدسه وقالت بخوف:-

-نعم


-كنت عاوز خلجات من بتوع المرضى لمرتي 


أومأت إليه بنعم ودلفت إلى الغرفة المجاورة وأحضرت الملابس له ليقول بحرج:-

-معلش تساعدها تغير خلجاتها عشان غرجانة دم


نظرت إلى صديقتها التى أومأت إليها بنعم لتلبي له طلبه حتى لا تسنح لهن الفرصة فى لقاء مسدسه مرة أخرى، بعد أن فعلت دلف "عيسي" للغرفة وجلس جوارها وهندم الغطاء إليها ودون وعي منه ربت على بطنها التى تحمل جنينها بداخلها، أبعد يده قليلًا مُندهش مما فعله ولا يصدق تصرفاته، كيف تبدل حاله حين رآها مريضة هكذا، تناسي أمر ما حدث مقابل رؤيتها سالمة مسح على رأسها بلطف وهمس بعيني لا تقوي على التحاشي بالنظر إليها:-

-أتحملي يا عطر، أتحملي يا حبيبة جلبي


أخذ يدها فى قبضته وظل مُتشبثًا بها حتى غاص فى نومه من تعب جسده حيث جاء من القاهرة إلى الصعيد ثم المستشفي دون أن تغفو له عين......


_____________________


فتحت "خديجة" عينيها بتعب وخنق فى صدرها لا تقوى على ألتقاط أنفاسها لكنها أنتفضت فزعًا عندما رأت المكان حولها، جديد لم تراه من قبل نهائيًا، أعتدلت فى مجلسها تتفحص الغرفة، كبيرة جدًا لم ترى مثلها من قبل سوى غرفة "عيسي" التى سمعت عن حجمها ولم تدخلها من قبل، غرفة باللون الأبيض الحوائط والأثاث وكل شيء بها حتى مُريح للعين والقلب لكن العكس كان بـ "خديجة" ترجلت من الفراش فدُهشت عندما رأت نفسها ترتدي بيجامة من الحرير بكم ذات اللون اللافندر وحول معصمها شاش أبيض ليترجم عقلها سريعًا أنها الآن حية ترزق وفى منزل زوجها "حامد" الذي تزوجته رغمًا عنها فجلست على حافة الفراش بتعب وبدأت دموعها تتجمع فى جفنيها وقدميها ترتعش كبقية أطرافها، ظلت محلها تفكر فى الذي يحدث مع هذا الرجل لتقول:-

-أجمدي يا خديجة، أجمدي متضعفيش هنا 


تنهدت بضيق وجلست تفكر كيف ستقود حياتها هنا وتنتصر على هذا الرجل الغليظ الذي تزوجها بالقوة ....


_________________________ 


تسللت "رؤية" من غرفتها ليلًا بعد أن قررت الهرب من المنزل قبل عودة "عيسي" من المستشفي، كانت "فيروزة" جالسة فى غرفتها غارقة فى هاتفها وهى حائرة بين فساتين الزفاف ليقاطعها ظل أحد من أسفل باب غرفتها، تركت الهاتف على الفراش وذهبت نحو الباب لتفتح ببطء ووجدت "رؤية" تنزل الدرج تدور حول نفسها كاللصوص، دُهشت "فيروزة" من تصرفها وتسللت خلفها وهى تراها على وشك أن تغادر السرايا وعندما خرجت "رؤية" إلى الحديقة صرخت "فيروزة" حتى يستمع الرجال إلى صوتها قائلة:-

-أنتِ رايحة فين؟ 


انتبه "منصور" و"عبدالجواد" إلى صوت "فيروزة" وفزعت "رؤية" بعد أن قُبض عليها وكزت على أسنانها بغيظ وأرتجفت خوفًا، أقترب "منصور" نحوها فنظرت مُطولًا إليه وقالت بضيق:-

-أنا كنت بتمشي شوية


ضحكت "فيروزة" بسخرية عاقدة ذراعيها أمام صدرها وقالت:-

-وهى اللى بتتمشي بتأخد شنطتها وياها 


نظرت "رؤية" إلى حقيبتها التى تحملها في يدها بضيق وظل "منصور" يراقب ما يحدث ويترقب رد فعلها لتغادر "فيروزة" للداخل بعد أن فعلت ما تريده وجعلت "منصور" والرجال ينتبه لهذه اللصة التى تسلل ليلًا فى الخفة ....


_________________________ 


فتحت "عطر" عينيها بتعب فى جسدها وصداع فى رأسها لتشعر بثقل ذراعها وتنميلة أصابعها لتُدير رأسها حتى أصابها الذهول من قربه هكذا وبدأت تستوعب الأمر ووجودها فى المستشفي وبعد ما أصابها من ألم، تذكرت حين وضعها بالسيارة ولم يسمع له "منصور" بالقيادة فجلس معها بالخلف ، ضم رأسها إلى صدره ويترجاها دون خجل من رجله الجالس فى الأمام:-

-عطر، أتحملي دجايج وهنوصل للمستشفي، أتحملي


كانت رؤيتها شبه مشوشة وعقلها يكاد يفقد وعيه كليًا، رفعت يدها للأعلي ليحتضنها "عيسي" بيده بقوة وقال:-

-أنا هنا يا عطر، أنا جارك ومههملكيش 


نظرت إلي وجهه بخوف ومن شدة الألم أعتقدت أنها ستفارق الحياة الآن وألم بطنها تزداد أكثر لتقول:-

-أنا مخونتكش يا عيسي، لو مُت لازم تكون عارف أنى مخونتكش وابني دا منك .. أنا مش وحشة


أنتفضت نفضة قوية أرعبته ليتشبث بجسدها وهو يدلك أطرافها وقال بتعجل:-

-متجولهاش يا عطر، أنتِ مهتسبنيش صوح، أنا هجرالي حاجة لو حصلك حاجة ، هموت بعدك يا عطر 

تشبثت به تكبح ألمها وكأنها تتماسك هى وطفلها لتصارع خروجها بهذه اللحظة فكزت على أسنانها بصعوبة وتكتم أنفاسها ثم قالت:-

-متسبنيش يا عيسي ... أنا خائفة... ابني


-مهجرالوش حاجة، والله يا عطر 

قالها بحزن شديد وخوف، دمعت عيني "عطر" بألم وهى ترى خوفه وللحظة من الخوف تناست الوجع والألم الذي أصابها من حديثه ولطمه لها، لا تتذكر الوجع أمام شعور الخوف من فقد الطفل الموجود بأحشائها .....


تذكرت حوارهما ولحظتها الأخيرة معه قبل أن تفقد وعيها فى حضنه، لم تفهمه إذا كانت أفعاله تصرخ بحُبها له ورُعب عليها ولا يقوى على فراقها فكيف قسي هذا القلب العاشق عليها ظلت ساكنة تنظر إليه بدهشة وهو نائمًا على مقعده ومتشبث بيدها باستماتة خائفٍ من فقدها أو يُصيبها مكروه، تطلعت بوجهه ولا تفهم موقفه إذا كان يصدق خيانتها فكيف رأت لهفته عليها؟، شعرت بنفضة قلبه وأرتجاف ذراعيه أثناء حملها فى الطريق للمستشفي، كان كطفل صغير يخشي فقد والدته، دلفت الممرضة إليها على موعد أدويتها فتبسمت فور رؤيتها مُستيقظة لتقول بحماس:-

-أخيرًا فوجتي، دا أنتِ نشفتي ريجنا وياكي

نظرت "عطر" باستغراب من حديثها لتعطيها الممرضة قرص الدواء وكوب من الماء وهى تقول:-

-أول مرة نعالج مريضة تحت تهديد السلاح 

نظرت الممرضة إلى "عيسي" وهو نائمًا مما جعل "عطر" ترمقه مثلها وتسمع أفعاله المجنونة من هذه السيدة:-

-كان هيتجنن عليكي ويجننا وياه، رفع سلاحه فى رأس الدكتور وجاله لو جرالك حاجة أنت ولا اللى فى بطنك هيجتلنا كلنا 

لا تعلم ماذا يدور برأس هذا الرجل، اتهمها بالخيانة وأنكر الطفل لكنه يهدد بالقتل من أجل هذا الطفل، ينفر منه لكنه يخشي فقده ورحيله، فاقت من شرودها على صوت الممرضة تقول:-

-ربنا يباركلك فيه وفى حبه ليكي ويرزجني حب زى دا 

غادرت الممرضة فنظرت "عطر" إليه بدهشة من أفعاله، قربت يدها من رأسه وقبل أن تلمسه بأناملها تذكرت صفعته لها لتبتلع لعابها وتبعد يدها سريعًا وتسحب الأخري من قبضته مما جعله يستيقظ مذعورًا، نظر بوجهها بلهفة وقال:-

-أخيرًا، حاسة بحاجة وجعاكي 

نظرت "عطر" للجهة الأخرى بضيق ونفضت ذراعيه عن أكتافها بحدة قاتل ومعالم وجهها العابسة بنظرات إزدراء تخبره بمدي قساوة ما عانته بسببه فقالت:-

-أطلع برا.. أنا مش عايزة أشوفك 

أبتلع لعابه بخنق ثم خرج من الغرفة صامتٍ، تنهدت "عطر" بضيق وقالت مُتمتمة:-

-والله لو ندمت عمرك كله يا عيسي ما هسامحك... اللى أتكسر مش هيتصلح 


خرج من الغرفة ووجد "مصطفي" يتحدث فى الهاتف مع "منصور" يقول:-

-خلي عينك عليها، البت دى وراها مصيبة


سأل "عيسي" بضيق قائلًا:-

-هي مين؟


أغلق "مصطفي" الهاتف وقال بضيق:-

-فيروزة هانم خيتك شافت الست رؤية بتهرب من البيت ومنصور جبض عليها


أومأ "عيسي" بضيق مما يحدث ولا يشغل عقله الآن سوى محبوبته الموجودة بالداخل فقال:-

-خلي عينيه عليها، المهم عملت أي فى اللى جولتلك عليه


سار "مصطفي" جواره وجلسوا على المقعد الحديدية الموجودة أمام الغرفة، قال بجدية:-

-لا الموظف فى الشركة مردتش بكل الطرج أنه يخبرني بالمعلومات بتاعت صاحب الرجم


تنهد "عيسي" بضيق وقال:-

-كيف ما عمل يوم ما أتجوزتها 


تنحنح "مصطفي" بضيق شديد ثم قال بحرج من الحديث هكذا:-

-أعذرني يا بيه، بس أنا مفهمكش ، كيف بتدور وراء اللى بيأذي مرتك وخابر زين أن فى حد بيأذيها وتوجعها أكدة 


تبسم "عيسي" بلطف من حديث صديقه وقال بعفوية:-

-أول مرة تجولي يا بيه وإحنا وحدين يا مصطفي، دا أنت صاحب عمرى وبير أسراري


نظر "مصطفي" إليه وقال:-

-إحيانا بحس العين ما تعلاش على الحاجب وأنت ولد الجصور الكبير ولد الكبير وحفيد الكبير كيف أنسي دا وأنسي أنى ولد الغفير 


ربت "عيسي" على قدمه بخفة وقال:-

-أنت جدع اوي يا مصطفي


-ومادام جدع وبتعزني ذنبها اي الست اللى جوه دى فى دماغك الصعيدي دي


ضحك "عيسي" بعفوية وقال بلطف:-

-ذنبها أنى صعيدي ودماغي صعيدي ، عارف أنا فكرت فيها زين ملاجتلهاش حل غير أن فى حد بيراجب عطر، حد كان خابر زين كل خطواتها وحتى لما راحت تعمل التحليل ... 


صمت يبتلع بقية حديثه وما يجول فى خاطره، جاءت "حِنة" مع شروق الصبح فغادر "عيسي" دون كلمة واحدة منه وأتجه إلى مكتب الأتصالات ليسمع نفس الجملة المُعتادة:-

-يافندم مينفعش أبلغك بمعلومات العملاء


لم يتمالك "عيسي" أعصابه وبالتحديد أن هذا الأمر يتعلق بسلامة "عطر" وهو لا يعرف من هذا المترصد الذي يترصد لها وما هى خطوة القادمة ربما يجرأ على أذيتها بدلًا من أشعال الفتنة بينه وبين زوجته وهذا الذي لم يقبل به أبدًا ، كز على أسنانه وهو يفكر إلى متى سيوجه مسدسه على رؤوس الجميع لأجلها فأخرج المسدس مرة أخرى وأجبر الموظف بتهديد السلاح على أظهار المعلومات لهذا الشبح المجهول ليُصدم عندما رأى اسم هذا المجهول وأتسعت عينيه على مصراعيها من هول الصدمة .........


وللحكـــايــــــــــــــــــــة بقيـــــــــــة ............

 


كبرياء صعيدي

الفصل الســــــابع عشر (17) بعنــــــــــوان " قلب بين نارين "


جلس "عيسي" فى مكتبه حائرًا من هول الصدمة ولا يصدق ما رأه، تحدث "مصطفي" بقلق:-

-هنعمل أيه


تنهد "عيسي" بهدوء ثم قال:-

-مكنتش أعرف أنها بالخبث والمكر دا، كيف يجلها جلب تعمل أكدة فى عطر ، بنت كيفها وبتتوجع كيفها؟ 


دلف "منصور" إلى الغرفة وقال بلهفة وقلق:-

-نصر وخالد طلعوا من براءة من النيابة من ساعة 


وقف "عيسي" من مكانه بدهشة من هذا الأمر وقال بتلعثم :-

-اي كيف؟


-محامي حامد الشبل طلعهم ضرب أوراج لخالد أنه شغال بجاله سنين فى شركة الشبل للأخشاب ومرتب عالى وطلع أن الفلوس بالجينه مستلمها من الشركة عنديه وبوصل كمان بتاريخ جديم أما نصر للأسف جابوا مجطع فيديو له من مستشفي كان بيعالج الرصاصة اللى حضرتك ضربتهوله وجت ضرب النار علي جنابك 


صُدم "عيسي" من حديثه وأشتعلت نيران غضبه مما يسمعه ليتابع "منصور" حديثه قائلًا:-

-المفاجأة الأكبر أن حامد الشبل أتجوز خديجة بنت عم جنابك 


لم يستغرب جشع "ناجي"، بل دُهش من موقف "خديجة" وكز على أسنانه غضبًا وقبل أن يتحدث بكلمة واحدة حلت الكارثة التالية على رأسه عندما دخلت "فيروزة" غرفة مكتوبة وقالت بقلق:-

-عيسي


نظر إليه بقلق، صعد معها للطابق العلوي بعد أن سمع بما تفعله "عطر" ليراها تنقل أغراضها من غرفتها بمساعدة "حِنة" فأقترب وسط فوضي الأغراض وعينيه تتجول حوله فقال بضيق:-

-بتعملى أيه؟


لم تجيبه وتجاهلته تمامًا فنظرت "حِنة" إليه بهدوء مما زاد من غضبه فسحبها من ذراعها ودلف إلى غرفتهما للداخل وأغلق الباب بقوة فى وجههم جميعًا لتنتفض "حِنة" وهكذا "هدى" ومع صريخ "عطر" التى قالت:-

-سيبنى، سيبنى بقولك أبعد عني 


ترك يدها بضيق وحدق بوجهها وهو الآن فى أشد لحظات غضبه من خروج "نصر" و"خالد" لتزيد غضبه هى بتصرفاتها الطفولية، ققال بضيق شديد:-

-بتعملي أيه ممكن أفهم؟


حدقت "عطر" به بضيق شديد وتحدى دون أن تخشاه أو تُهاب هيبته ثم قالت بخنق:-

-زى ما أنت شايف، هشوف أوضة تانية أنام فيها ولا أنت فاكرني هقعد معاك فى أوضة واحدة بعد اللى عملته 


تقدمت للأمام كي تغادر الغرفة ليوقفها "عيسي" بغضب سافر حين مسك ذراعها ليقول بضيق:-

-مفيش طلوع من أهنا، أنتِ سامعة ولا لا؟


نفضت ذراعها بضيق شديد منه ورفعت عينيها بعينيه العسليتين لترى بهما بركان غضبي ناري مُلتهب، أدركت من شر عينيه أن أقل فعل منها سيفقده أعصابه الآن ولأول مرة ترى هذا الغضب والشر بداخل جفنيه ورغم أرتجاف قلبها وعقلها منه لكنها تصطنع القوة والشجاعة ثم قالت بعناد سافر:-

-لا مسمعتش، وهطلع أنت مالكش كلمة عليا، أنا طالبة الطلاق وأنا لو مكانك وعندي دم وكرامة أطلق ... أي البجاحة اللى أنت فيها دى أنا مش عايزاك وليا طايقة أشوف وشك 

                                                                                    

كز على أسنانه بأنفعال شديد وقد فقد أعصابه التى كانت تخشاها فى نظراته وتأفف بغيظ أرعبها صوت نفسه المُرعب وأبتلعت لعابها من قسوة حديثها، تحدث "عيسي" بضيق وكبر:-

-مانتش طالعة يا عطر ، ولسانك دا مصيري أجطعهولك بس لما أفوجلك


ألتف لكي يغادر الغرفة لتصرخ بضيق شديد:-

-وماله يا كبير بس أنا لو مطلعتش من هنا هصوت وألم عليك الناس كلها اللى أنت كبيرهم وأقولهم أنا طالبة الطلاق عشان جوزى بيتهمني فى شرفي وبينكر أبنه ووقتها هيبقي بيني وبينك التحاليل وهثبت لكل وأولهم أنت أنه ابنك ووقتها هطلق حتى لو حكم الأمر أني ارفع قضية طلاق ووقتها أصغر محامي هيطلقني منك 


ألتف إليها ببسمة خافتة مُرعبة كأنه لا يهتم لما تقول ورفع يده إليها بمفتاح الغرفة ثم قال بسخرية من تهديدها وتحديها له:-

-أعملي اللى عايزاه بس لما تطلعي من أهنا


أتسعت عينيها على مصراعيها حين رأت المفتاح وتقدمت بخطوات سريعة إليه ليغادر الغرفة ويغلق الباب من الخارج بعد أن جعلها سجينة بغرفته فضربت بقبضتيها الباب من الداخل والجميع ينظرون إليه ويسمعون صوت صراخها من الداخل تناديه قائلة:-

-عيسي... أفتح الباب... أنت بتحبسني فاكرني كلبة عندك ولا جارية شاريها بفلوسك 


ظلت تصرخ من الداخل وهو لا يهتم، بل يكمل طريقه إلى الدرج لكي يغادر .....


__________________________ 

                     

تحدث "حامد" بقسوة مع "خديجة" الجالسة على الفراش بهدوء منكمشة فى ذاتها قائلًا:-

-وبعدهالك يا بنت ناجي، بكفاياكي عند بجي 


تحدثت "خديجة" بغضب ونبرة قوية حادة:-

-يا راجل أستحي على حالك، دا أنت جد أبويا 


أقترب خطوة نحوها لتفزع من مكانها وأخرجت سكين من تحت وسادتها ورفعتها بوجه قبل أن يقترب أكثر وقالت بحدة شديد:-

-إياك تجرب مني، انت فاهم 


دُهش من جراءتها فى رفع السكين أمامه وتهدد بقتله فضحك على هذه الجراءة والكبرياء الذي أحتل كيانه ونال إعجابه من لحظتها الأولي، لم يرى فتاة بجراءتها وشجاعتها ليلمس ذقنها فوضعت السكين على عنقه بلا خوف مما أدهشة ليقول بعفوية:-

-ماشي يا جطة


دفعت يده بعيدًا عنها بأشمئزاز وقالت بإزدراء:-

-خلى بالك أن الجطط بتخربش 


تبسم بعفوية إليها وتركها على الفراش محلها ليغادر، نظر إليها قبل أن يخرج من الباب وقال بجدية:-

-بس خلى بالك مصيري أجص مخالب الجطة دي


القت بالسكين على الفراش بغضب من برود هذا الرجل الذي يبتسم رغم حدة حديثها وأفعالها....


_________________________ 


خرج "عيسي" من مكتبه فى الشُونة وكان "عبدالجواد" سائقه جالسًا مع الرجال يرتشف الشاي الساخن، وقف تاركًا الطعام والشاي وهو يقول:-

-أجيب العربية يا بيه


أشار إليه "عيسي" بأن يجلس وهو يقول:-

-أجعد يا عبدالجواد، أجعد كمل وكلك أنا هروح لحالي ، خلص وروح على دارك وتيجينى الساعة 8 الصبح 


أومأ "عبدالجواد" بنعم، خرج "عيسي" من المكان وكانت سيارته مصفوفة جانبًا صعد بها ليقودها وعينيه تنظر للطريق تارة وللهاتف تارة وجد الكثير من الرسائل على تطبيق المحادثات من "عطر" تخبره بأن يفتح الباب لها أو يخرجها من هنا، تحدثت كثيرًا ليبتسم بخفة عليها حتى قاطع بسمته صوت إطار سيارته، أوقف السيارة جانبًا وترجل من السيارة تاركًا الهاتف فى السيارة، نظر "عيسي" ووجد لوح خشبي ملأ بالمسامير الحادة فى إطار سيارته وقبل أن يتأفف تلقي ضربة بعصي خشبية على رأسه لتسقط عمامته البيضاء عن رأسه، ألتف ووجد أربعة رجال مُلثمين وبدأوا يبرحوا ضربًا قويًا دون أن يتركه له المجال للدافع عنه أو استيعاب الأمر بعد تعرضه للغدر ......


_______________________ 


صعدت "هدى" إلى الأعلي معها مفتاح باب غرفة "عطر" بالطعام مع "ذهب" وهى تقول مُتمتمة:-

-تعالي نطلعلها الوكل، البُنية حبلة ولازمها وكل


فتحت باب الغرفة لتري "عطر" جالسة على الفراش بتنورتها السوداء وبلوزتها الوردي وتلف حجابها كأنها مُستعدة للخروج من هنا، تأففت "عطر" بضيق بعد أن وقفت من محلها غاضبة من تصرفه حين فُتح الباب ورأت "هدي" مع "ذهب"  فقالت:-

-هو بيحبسني فاكرني كلبة عنده


أتجهت نحو الباب مما أثار خوف "هدى" من ابنها، غادرت "عطر" الغرفة بضيق شديد فذعرت والدته التى أسرعت خلفها فى الطريق:-

-يا بنتي أستني، مإحناش جد عصبيته، أرجعي أوضتك لحد ما يجي وهنتكلم وياه


كانت كالقنبلة الذي نزع فتيلتها وعلى وشك الأنفجار، نيران الغضب والضيق من تصرفه تشتعل بداخلها، ترجلت "عطر" الدرج مُنفعلة وتتحدث بغيظ:-

-أنا يعمل فيا كدة ويخلينى فرجة للناس


دُهشت "فيروزة" التى وقفت من محلها وأسرعت بخطواتها نحو الطريق تمنعها من الخروج وكل ما يهمها ما سيفعله أخاها حين يعلم بما فعلوا وهروبها لتقول:-

-أهدئي بس يا عطر، بالله عليكي إحنا مش حمل غضبه وعصبيته


مسكت "عطر" من ذراعيها أمام الدرج وتترجاها ألا تفعل، ليدق باب المنزل وصوت "عطر" مرتفع بأنفعال:-

-سيبني يا فيروزة، سيبنى قبل ما أولع فى نفسي وأجبلكم مصيبة هنا.....


أبتلعت كلماتها حين فتحت "دهب" الباب ورأت الرجال يدخلون بزوجها الذي تعرض لضرب مبرح والدماء تسيل من رأسه وعباءته مقطعة ومليئة بالأتربة وشعره فوضوي بدون عمامته، ذعر الجميع وصرخت والدته بااسمه، للحظة أنتفض قلبها فزعًا مما تعرض له زوجها وذهبت نحوه ووقفت أمامه فى صمت لا تصدق ما تراه، نظر "عيسي" إليها بتعب وجسد مُنهك ومصاب ليسقط جسده العريض عليها فتشبثت به بكلتا ذراعيها بخوف، سمعته يهمس فى أذنها بصوت مبحوح وتعب:-

-طلعني أوضتي يا عطر 


شعرت بغصة فى قلبها تمزقه على رؤيته هكذا فطلبت من "مصطفي" بهدوء:-

-معلش تطلعه أوضته يا أستاذ مصطفي


أخذه "مصطفي" مع الرجال للأعلي ليتركه بالفراش ثم غادروا سريعًا بحرج من وجودهم هنا وصعودهما لهنا لأول مرة، صعدت "عطر" للفراش بخوف عليه وهو يتألم ونادته بخوف:-

-عيسي


جلست "فيروزة" جواره من الجهة الأخري هى و"هدي" والدته التى تناديه بذعر ودموعها سلت على وجنتيها:-

-ولدي، عملوا فيك أيه؟ أكيد نصر وخالد هم ولاد العجربة دول، أنا عرفت أنهم طلعوا امبارح من السجن أكيد هم ... غدروا بيك يا ولدي 


أجابها "عيسي" بصوت مبحوح قائلًا:-

-محصلش حاجة يا حجة أنا بخير أهو 


-أنا هروح أعملك حاجة تأكلها تجويك 

قالتها وخرجت وهى تسحب معها "فيروزة" لتظل زوجته جواره، ظلت تحدق به بحزن خيم على قلبها، لا تصدق أنه تماسك حتى وصل إليها ليسقط بين ذراعيها كأنها مأواه الوحيد وسنده، أخذت بيده إلى المرحاض فى هدوء دون أن تتفوه بكلمة واحدة، أخترت له عباءة رمادية فاتحة نظيفة من الدولاب لتراه يخرج من المرحاض ببنطلون أبيض وتيشرت ويمسك فى يده منشفة مبللة، أخذ مرآة صغيرة من فوق التسريحة وجلس يعالج جروحه بتعب وكل عظمة فى جسده تؤلمه لما تعرض له من ضرب، أقتربت "عطر" نحوه بوجه غاضب وعابسة، تأفف بضيق وهو لا يحمل الآن الحديث معها فى أى شيء أخر ، هتف بضيق:-

-عايزة أى ما أنا ناجصني خناجة وياكي

تبسمت "عطر" بإنكسار ونظرة الخذلان لا تفارق عينيها، جلست قربه هادئة وأخذت المنشفة المبللة من يده لتداوي جروح وجهه بعد الضرب المبرح الذي تعرض له، نظر لها مُتعجبًا فعلها فى صمت لتقول:-

-فاكر يا عيسي لما جيتلك وقولتلك طلقني من نصر 

أحتد وجهه وعقد حاجبيه بغضب ممزوج بالغيرة فى كأسٍ واحدٍ وهى تتحدث أمامه عن زوجها السابق ورجل أخر غيره، تابعت الحديث وهى تنظف جرح جبينه بالمطهر:-

-وقتها قولتلك طلقني منه ولو لازم أتجوز حد أتجوزك أنت، لا كنت أعرفك ولا أعرفه لكن أنا ست زى كل الستات بدور على الحنية والآمان، ستنا أم كلثوم رفضت سيدنا عمر الـ هو أمير المؤمنين وده لان البنت بتدور ع الحنيه والامان واللينّ قبل وأهم من كل حاجة وقالت ماذا أفعل بعُمر..ذلك رجُل خشن العيش..شديد الغيرة..لا يملاء رسهُ الا الرعية وأنا شابة أريد من يصُب علي الحُب صباً.. ويكون عابدًا لله ... أنا قولتلك أتجوزك ويعتبر أنا اللى طلبتك للجواز على غير المعتاد عشان حسيت بحنيتك، لاقيت فيك الآمان والسند والضهر، كنت لأول مرة أحس أن ليا ضهر يا عيسي لما أستخبت في ظهرك و وراءك من نصر وهو جوزي

حدق بها مُستمعًا للحديث لتنهي ضمادة الجرح وترفع نظرها به حتى تقابل هذا الزوج من العيون فى نظرة طويلة صامتة وتابعت الحديث بهدوء وقد لمعت عينيها ببريق دموعها التى بدأت تتجمع فى جفنيها:-

-لما الضهر دا يميل أو يسيبك مكشوف قصاد الناس، لما الضربة تيجي من السند دا، عارف أنا حسيت بأي وقتها، بلاش عارف أنا حاسة بأي دلوقت... 

-عطر أنا... 

قاطعته بلهجة واهنة وصوت مبحوح وقد أطلقت العنان لوجعها يظهر أمامه:-

-حاسة أني مكسورة، عريانة قصاد الناس، موجوعة يا عيسي... مقهورة لأن بدل ما أفرح بـ ابني وأني هكون أم لأول مرة من راجل أنا حبيبته وأخترته من بين الناس بقيت بداري دموعى وبحاول أقنعه أنه أبُ ابني

سحبها "عيسي" بقوة من رأسها لصدره تخفي دموعها وتطلق العنان لهما بين ضلوعه، تشبثت بعباءته بأناملها الصغيرة كطفلة لا تقوى على خصام والدها بعد أن عاقبها، قبل جبينها بأعتذار شديد وندم على ما فعله بينما شفتيه تعتذر مرارًا وتكرارًا قائلاً:-

-أسف.. أسف يا حبيبة جلبي، أسف يا عطري، أسف يا أميرتي، أسف يا بنت عمري والله أسف ي عطر... سامحيني 


جهشت فى البكاء بأنهيار شديد مما يحدث، إذا كان لا يملك سواها فلم يقسي عليها هكذا، أبتعدت عنه فى صمت تجفف دموعها لتُدهش عندما وضع رأسه على قدميها ونام كطفلها لكن ما أثار عاطفتها وجعل جسدها ينتفض القشعريرة تسير عليه هذه القبلة التى وضعها على بطنها كأنه وأخيرًا أعترف بطفله، تذكر جنينها ليغوص فى نومه بعد أن لف ذراعيه حول خصرتها ووجهه مقابل بطنها، أبتلعت لعابها من هذا الشعور الذي تملكها، قبلته وقربه من جنينها الصغير أستحوذ على عقلها وقلبها، لأول مرة تجرب هذا الشعور والدفء الذي أحتلها الآن، رفعت يدها المرتجفة من الفرحة وقربتها من رأسه وعقلها لا يكف عن التفكير، إذا بادلته الدفء الآن سيكون بمثابة مسامحتها لما فعله، لكن هذا الشعور لا تقوي على مقاومته أو رفضه؟ بداخلها قلب عاشق وعقل عنيد غاضب، هذا القلب الصغير عالقًا بين نارين، الوصال أو الخصام أيهما تختار؟!!


________________________ 


صرخ "ناجي" بانفعال شديد فى "نصر" وهو يقول:-

-أنت غبي، تخرج العصر وعيسي يطلع عليه ناس يضربوا العشاء، طب كنت أستني شوية تبعد الشبه عنك، لكن لا الواد دمه حامي 


وقف "نصر" بضيق شديد من حديث والده ويقبض قبضته على عباءته ثم قال بغضب:-

-حجي يا أبويا وحج الأيام اللى عشتها جوا


صرخ "ناجي" بانفعال أكثر قائلًا:-

-عشان غبي، ومتفهمش يعنى اي أخذ الحج حرفة 


-يوووووه بجي

قالها وغادر "نصر" من أمامه، نظر "ناجي" إلى زوجته الجالسة تتابعهما فى صمت وقال:-

-يكش يكون ولدك أتصرف من دماغه ومتكونش أنتِ اللى وراء دا بزنك وعقلك السم


نظرت "خضرة" إلى زوجها بصمت أكثر يُثير غضبه وأستفزازه، تحدث "ناجي" بسخرية أكثر:-

-بكرة تشوفي مع شروج الشمس ، عيسي هيعمل أي؟ والخلج كلتها هتسمع وتتحاكي على اللى عيسي هيعمله فينا، لأن الظاهر أنكم نسيته أنه عيسي الدسوقي، أفتكري زين يا خضرة هانم يا ست الحُسن مين هو عيسي الدسوقي.......


وللحكـــايــــــــــــــــــــة بقيـــــــــــة ............

 



كبرياء صعيدي

الفصل الثامن عشر (18) بعنــــــــــوان " أخذ الحق حرفة"


تنحنحت "عطر" بحرج من خدمته رغم قساوته معها وقدمت صنية الطعام له بينما هو جالسًا فى شرفة الغرفة صباحًا، نظر "عيسي" لها بهدوء بعد أن سمع صوتها الخافت وقال بجدية قاطعًا شروده:-

-أجعدي يا عطر


تأففت بضيق من لطفه بعد أن كسر قلبها وروحها ليقول بحدة أكثر:-

-أجعدي


-أقعد ليه؟ إذا كان مش طايقاك وجايبالك الأكل دا غصب عني بعمل بأصلي زى ما أنت بالظبط وريتني أصلك يا أبن الأصول

قالتها بضيق شديد مُنفعلة من خدمته رغمًا عنها، أخذ كوب الشاي الساخن بعد أن رفع الغطاء عن الكوب تاركًا الطعام وأخذ رشفة منه وهو يشعل سيجارته، جلست بقلق عليه وسحبت سيجارته من بين شفتيه وقالت بلهفة:-

-مفيش سجاير على الصبح كدة، أفطر الأول 


نظر إلى قلقها ببسمة خافتة لتقول بأرتباك من نظراته وحرج من ظهور قلقها هكذا:-

-على الأقل قدر تعبي ومجهودي فى المطبخ 


تناول فطاره تحت أنظارها الثاقبة التى تراقبه علنًا ليقول بهدوء:-

-عايز أتكلم وياكي شوية، حتى لو كارهني بس معنديش غيرك أفضفض وياه وأمنه على أسراري واللى بيدور فى بالى


صمتت بأهتمام من مقدمة حديثه ليأخذ كوب الشاي من جديد بعد أن أنهي فطاره وقال:-

-فى كام حاجة شاغلين بالي يا عطر وبفكر فيهم مرة واحدة وفى نفس الوجت، أولهم اللى بيلعب بعلاجتنا من أول الرسالة اللى جتني يوم ما كتبت عليكي والكلام اللى اتنشر عنك فى البلد يوم الصباحية وأخيرهم حملك اللى صدمنى أن حد عرف به وأنتِ فى مصر 


ظلت تسمع لحديثه ثم نظر إلى وجهها الملاكي، كانت صامتة وتنظر إليه بأهتمام شديد وجميلة جدًا، مع شروق هذا الصباح شعر "عيسي" أن قلبه قد هُزم من جديد أمام جمال فتاته، ترتدي بيجامة بكم سوداء عليها قلوب حمراء صغيرة وشعرها مُنسدل على كتفيها يحيط بوجهها الصافي وعينيها الزرقاء، تابع حديثه قائلًا:-

-تاني حاجة بجي ثأر أبويا وجدي، أنا فاضلي خطوة واحدة وأعرف اللى عملها ومعرفش هعمل ساعتها أي؟، وعمي وعياله اللى مش سايبني فى حالى يا عطر، أنا خابر زين أنهم أساس المصايب اللى نازلة على رأسي دى، وفيروزة عاوز أجوزها لعامر بجاله كتير خاطب ومن حجه يتجوز إذا كان أتجوزت 


ظلت صامتة ولم تتفوه بكلمة واحدة، أطفئ سيجارته وألتف نحوها أكثر ثم أخذ يدها فى راحة يده ثم رفع نظره إليها ليقول:-

-سامحيني يا عطر، لأن زعلك أول حمل تجيل على كتافي


تنهدت بهدوء وعينيها تنظر إلى يديهما المُتشابكة فقالت بلطف:-

-أحم.. عيسي أنا ..


-أنا راضي أعمل أى حاجة عشان ترضي وتسامحي والله أول وأخر غلطة ولو أتكررت أبجي أعملي اللى يريحك وجتها 

قالها بلطف شديد وصدق لمس قلبها حتى خمدت نيران قلبها وعقلها فتنهدت بأريحية ثم قالت ببراءة وحنية:-

-أخر مرة يا عيسي


-والله وغلاوة عطر عندي أخر مرة

قالها بترجي وأستماتة قوية لتقول بعفوية:-

-ماشي يا عيسي، هعديها المرة دى لأنها أول وأخر ومرة لكن أوعدني الأول أنك مش هتعمل كدة تاني وأنك هتسمعني قبل ما تحكم عليا لانها مش سهلة أنك تتهمني فى شرفي وأوعدني أنك مرتفعش أيدك عليا تاني لأن لو عملتها ...


وضع يده على وجنتها بدفء وبسمة مُبهجة تنير وجهه ثم همس إليها بحُب:-

-لو عملتها تاني أجطعيلي يدي


-بعد الشر عنك يا عيسي بس لو عملتها مش هتشوف وشي تاني ولا هتعرفلي مكان 

قالتها بجدية صارمة ليوافقها بثقة ودفء:-

-حاضر أوعدك 


تبسمت بلطف، فتح ذراعيه إليه لتقف من مكانها وتذهب إلى ذراعيه تختبيء بيهما فطوقها بهما باستماتة وأحكام حتى لا تفر منهما مرة أخري وهمس إليه:-

-أخيرًا يا حبيبة جلبي، أتوحشت ضحكتك جوي يا عطر، أتوحشت راحتك وكل حاجة فيكي يا حبيبتى 


-أنت كمان وحشتني أوى يا عيسي

قالتها بلطف ويديها تستكن فوق صدره القوي، رن هاتفه يقطع لحظتهما الدافئة فأبتعدت عنه وهو يضع الهاتف على أذنه وقال بجدية:-

-عملت أي يا مصطفي


-كله تمام يا عيسي بيه

تبسم "عيسي" بحماس ورفع خصلات شعرها بيده كأنه فخورًا بوجودها جواره وتحدث فى الهاتف ويده تداعب وجنتها بأبهامه:-

-جدع يا مصطفي، أنا هغير خلجاتي وجايلك 


أغلق الهاتف وقال بلطف شديد:-

-أفطري يا ست الستات وأنا هطلع ومهتأخرش عليكي بليل، لو أحتجتي حاجة كلميني يا روح جلبي


خرج من الشرفة لتخرج "عطر" خلفها وهى تمسك فى يدها ساندوتش مربي بالفراولة وقالت:-

-خلى بالك من نفسك لو رجعتلي متعور تاني ....


قاطعها بحماس ونظرته الشيطانية أرعبتها وجعلت جسدها يقشعر ذعرًا وكأنه لن يرحم أحد فقال:-

-متخافيش يا حياتي، جهزلي خلجاتي على ما أتسبح 


دلف للمرحاض وقبل أن يغلق الباب ألتف إليها وهو يقول:-

-عطر، أنا عندي ميعاد مهم مع ناس كبار أختري خلجات زينة كيفك وتكفي لهيبة جوزك يا عطري


أومأت إليه بنعم وذهبت إلى غرفة الملابس لتخرج له عباءة رمادي وقفطان كحلي مع وشاح رمادي بخطوط كحلية رفيعة ومسحت نوبته الأسود جيدًا وأخترت حذاء وساعة وعطر فرنسي، وقف "عيسي" يلف عمامته أمام المرآة بعد أن أرتدي ملابسه التى أخترتها بنفسها، ألتف ليأخذ نبوته فوضعت "عطر" قفطانه على أكتافه ببسمة دافئة ليقبل يديها وجبينها ثم قال:-

-جهزى حالك على المغرب أكد، هعدي عليكي تروحي للدكتور يطمن عليكي وعلى البيبي


أومأت إليه بنعم ببسمة مُشرقة وقلبها كان مُشتاق لرؤية هذا الصغير الموجود بأحشائها فخرج من الغرفة، مر على غرفة والدته ودخل ليراها أستيقظت من قليل وتصفف شعرها، أقترب منها وقبل يدها ورأسها ثم قال:-

-صباحك فل يا ست الكل


-صباح النور والرضا يا ضنايا، عيني عليك باردة، مد يدك هات المبخرة دى خليني أبخرك يا ولدي من عين الحسود


تبسم "عيسي" بعفوية وقدم المبخرة لوالدته لتُديرها فوق رأسه مرات متتالية وهى تدعي له بالكثير فأخذ يدها ووضع قبلة عليها ثم قال بهدوء:-

-تسلمي يا ست الكل، أنا عايزك تعدي بعد العصر أكدة على خالتي سكينة وتجولها بكرة تيجي مع عامر عشان نحدد ميعاد الفرح، بكفايهم ناطرينا بجالهم كتير وأنا الكبير أتجوزت من حجهم هم كمان يتجوزوا 


تبسمت "هدى" بعفوية وضحكت غير مصدقة الأمر:-

-يعنى فيروزة كبرت وهتجوزي وهتهملني فى الدار لحالي، الدار فضيت يا ولدي علينا


-بكرة تتملي عيال وتعمر كيف ما كانت وأكتر

قالها بهدوء ثم غادر المكان، لايبالي بشيء بقدر ما يذهب إليه...


________________________


فى شركة الشبل للأخشاب بوسط المدينة، دلفت "كارما" فتاة فى العشرينات من عمرها ترتدي بنطلون جينز وقميص نسائي طويل يصل لركبتيها وفوقه قفطان بناتي بنفس الطول وشعرها البني مسدول على ظهرها وكتفها الأيسر وتحمل فى يدها حقيبة خضراء مكعبة، رحب "حامد" بها كثيرًا وعانقها لتقول بعفوية:-

-وحشتني، وحشتني أوى أوى يا بابا


أخذ بيدها لكي تجلس على الأريكة الجلدية السوداء جواره مُحدثها بأندهاش:-

-غريبة أمك هملتك تيجي لهنا 


-أنت عارف ماما ونشفان دماغها، بس أنا أقنعتها أن أجي أقضي الإجازة هنا معاك 

قالتها "كارما" بعفوية ثم تابعت الحديث:-

-وبصراحة هى واقفت بسرعة عشان عايزة تتأكد أنك أتجوزت ولا لا، لأن جالها ورقة من المأذون أنك أتجوزت


تأفف "حامد" بضيق ثم وقف من مكانه غاضبًا من تجسس ابنته وزوجته عليه وعاد للجلوس على مكتبه قائلًا بحدة:-

-أيوة هو دا السبب الحجيجي وراء مجيتك أهنا 


وقفت "كارما" من مكانها مُندهشة بسبب والدها ورد فعله ثم قالت:-

-دا اللى ضايق حضرتك يا بابا، لكن أنك تتجوز ومن بنت فى عمري دا طبيعي بالنسبة لك


تحدث "حامد" بضيق شديد من عتاب ابنته له وقال بحدة:-

-اي يا كارما على أخر الزمن هتحسبيني


تنهدت بضيق من برود والدها رغم فعلته وقالت بخنق:-

-لا يا بابا أنا مقدرش أحاسبك حضرتك حر فى تصرفاتك وحياتك لكن على الأقل لو عايز تتجوز أتجوز واحدة تناسبك مش ...


قاطعها بحدة صارمة يقول:-

-مش جيت لامك لحد عنديها وجولتلها ترجع وتعيش ويايا لكن هى اللى ركبت دماغها وهجرتني وأنا عجاب ليها وعشان أربيها مطلجتهاش وخليتها كيف البيت الواجف أكدة


-وهى أحترامنا ليا ولمشاعري سمعت منى وقبلت وموصلتش الموضوع للمحاكم، تيجي حضرتك وصُب البنزين على النار 

قالتها "كارما" بضيق شديد وقبل أن يجادلها "حامد" دلفت السكرتيرة إلى المكتب وعلى وجهه معالم الذعر والخوف تقول:-

-الريسبشن أتصلوا وجالوا أن عيسي بيه الدسوجي تحت وعاوز يجابل حضرتك


فزع "حامد" من مقعده ووقف مذعورًا بعد أن سمع أسمه وقال بتلعثم:-

-جولتي مين؟


أبتلعت لعابها هى الأخرى وقالت بتمتمة:-

-عيسي بيه الدسوقي


تحدث "حامد" بارتباك واضح فى ملامحه ثم قال:-

-خدي كارما ولما يطلع دخليه ومدخليش علينا حد


خرجت "كارما" مع السكرتيرة متعجبة من ذعر أبيها من هذا الشخص فسألت بقلق:-

-مين عيسي الدسوقي دا؟


تنهدت السكرتيرة بخوف شديد ونظرت حولها ثم قالت:-

-عيسي بيه الدسوقي كبير البلد، أكبر رجل أعمال فى الصعيد كلته وأكبر راجل فى الصعيد كلته بيعمله ألف حساب مجرد ما يتذكر أسمه، حتى الداخلية بتعمله حساب لأنه الوحيد اللى بيحمي رجالتهم لما يطلعوا الجبل للمطاريد، عيسي الدسوقي معندوش فى جلبه رحمة ولا عنده عزيز، رمي أهله وعمه وعياله فى الشارع كيف المتسولين وضرب نار على ولد عمه عشان يطلج مرته بالقوة وأتجوزها هو، عيسي الدسوقي لو لمحتى ضله كأنك لمحتي الموت ما بالك لما تلمحيه هو ذات نفسه، الله يسطرها علينا النهاردة


أندهشت "كارما" مما تسمعه عن جبروت هذا الرجل ولم تذهب بل قررت أن تجلس لتشاهد الوحش بعينيها، خرج "عيسي" مع "مصطفي" من المصعد ومر فى الرواق وكلما مر على أحد أنتفض قلبه رعبًا من وجوده هنا وترك السلام خوفًا منه، لمحته "كارما" ولم تتوقع أن هذا الرجل ذو السمعة المُرعبة الذي يهابه الجميع حتى والده وذكر أسمه جعل والدها ينتفض رعبًا من مقعد هو شاب فى مُقبل عمره بهذه الوسامة لكن تعبيير وجهه كانت حدة كالسيف المسموم وصوت دقات نبوته بالأرض الرخامية تفزع كدقات القلب المتصلبة، دلف للمكتب وقابله "حامد" ولأول مرة يتجمع الأثنين معًا، جلس على المقعد الأمامي للمكتب ومقابله "مصططفي"، تحدث "حامد" بدهشة قائلًا:-

-نورت مكتبي المتواضع يا عيسي بيه


تبسم "عيسي" بسمة خبيثة شيطانية ثم قال:-

-ولسه لما تعرف أنا جيك ليه، هينور أكتر 


تنحنح "حامد" بقلق ونظر إلى "مصطفي" ثم إلى "عيسي" وقال بهدوء شديد:-

-خير 


أتكئ بيده على نبوته ببرود شديد ثم قال بكبرياء وغرور:-

-بصراحة أنا متعودتش أكون مديون لحد، الحمد لله دايما ربنا بيطول فى عمري عشان أرد ديوني وجتي، وعمري ما أتاخرت علي سداد الدين اللى فى رجبتي، وأنت ليكي عندي دين لازم اوفيه


لم يفهم "حامد" الأمر حتى تحدث "عيسي" مُتابعًا:-

-لو سألت أى حد هيجولك أن مكنش ليك تدخل حرب أنت مالكش فيها، بس أهو خشومية منك أنك تدخلها وجلبك يجيبك تجف جصادي فيها


-عشان يعنى اللى حصل وي ولاد عمك فى القضية دى...


قاطعه "عيسي" بنبرة ساخرة وضحكته تملأ المكان قائلًا:-

-هههه لا دي مالهاش مببرات، كان واجب عليك جبل ما تحط يدك فى يد عمي تسأل مين هو عيسي الدسوقي وكيف بيكون مصير اللى بيعديه، وأنت ما شاء الله متأخرتش فى عداوتي كسبتها على طول


-يا عيسي بيه أسمع بس


ضرب "عيسي" الأرض بنبوته بقوة صارخًا به بضيق مما فعله:-

-أسمع أنت يا حامد يا شبل، وعز وجلالة الله لو أدخلت فى أمور تخصني مرة تانية لأكون محيك من فوج الأرض وأوعي تفكر أن تجارة الأثار اللى دايرة بينك وبين ناجي الدسوقي أنا غافل عنها، تبجي أهبل لا مؤاخذة لأن المطاريد اللى بتأجرهم عايشين فى الجبل واكلين وشاربين ونايمين بحمايتي أنا ولو خيرتهم يبجي هيولعوا فيك من جبل ما أطلب


أبتلع "حامد" لعابه بقلق ثم قال بتمتمة:-

-أنت عاوز أي بالظبط يا عيسي


ضحك "عيسي" وهو يقف وهيندم ملابسه بكبرياء ثم قال بغرور:-

-عيسي حاف أكدة، وماله ملحوجة ولو على اللى عايزة فأنا خدت اللى عايزة وأكتفيت أكدة ودي نعتبرها جرصة ودن أصغيرة مني تعرفك حجمك وقيمتك جبل ما تجف جصاد عيسي الدسوقي مرة تانية 


ألتف ليغادر من المكتب ولم يفهم "حامد" حديثه الأخير فوقف من مقعده ينظر من النافذة على "عيسي" وهو يصعد بسيارته، رن هاتفه ليجيب وكانت الخادمة من منزله تبكي وتتحدث بهلع فقال بضيق:-

-أهدي وأتكلمي براحة مفهماش منك حاجة


-فى رجالة هجموا على البيت وخطفوا الست خديجة من الجنينة

قالتها ببكاء شديد لتتسع عيني "حامد" على مصراعيها بصدمة ألجمته وقد فهم أخيرًا كلماته الأخير وتهديد "عيسي" له، لتحل به الصدمة التالية حين دلف مساعده "عز" إلى المكتب بتوتر وخوف وهو يلهث بقوة من هول الصدمة التى حلت بهما وقال:-

-الحكومة جبضت على المعلم والمساخيط اللى وياه


أتسعت عيني "حامد" من هول الصدمة بعد أن فشلت عملية التسليم للأثار وقبض على رجاله والأثار وخطفت زوجته من منزله وكأن "عيسي" يرسل له رسالة واحدة (لن يمنعه أحد إذا أعلن الحرب حتى حدود أرضه سيتخطاها) .....


_________________________ 


صعدت "عطر" مع "هدى" فى السيارة وأنطلق "عبدالجواد" بهن إلى منزل "سكينة" أختها وكان أذان العصر يأذن فتحدثت "هدى" بهدوء:-

-جولتلك أجعدي فى الدار أرتاحي يا بنيتى، حبلك واعر يا عطر دا كلام دكاترة


تبسمت "عطر" بعفوية وقالت:-

-زهقت من قاعدة البيت، وبعدين أنا مبعملش أى مجهود يا مرات عمي 


توقفت السيارة فجأة فأرتطمت رأس "عطر" بالمقعد الأمامي، صرخت "هدي" بضيق وقلق:-

-مش تخلي بالك يا عبدالجواد، دا أنا منبهة عليكي يا راجل تسوج براحة 0.. أنتِ زينة يا بنيتي


أومأت "عطر" بعفوية إليها ليقول "عبدالجواد" بقلق:-

-حجك عليا يا ست الناس... مش تفتحي يا ست


نظرت "هدى" لترى امرأة وقفت أمام السيارة دون خوف وبعد أن توقف "عبدالجواد" أقتربت من نافذة "عطر" باكية وهى تقول:-

-يا ست الناس وتاج رأسنا بالله عليكي تسمعيني 


فتحت "عطر" النافذة بدهشة  وتذكرت وجه المرأة جيدًا، هى نفسها المرأة التى تحدثت عنها بالسوء وألقت الماء المتسخة عليها، تشبثت المرأة بالنافذة بعد أن فُتحت لتقول "هدي" بجدية:-

-فى حاجة يا ست


-شالله يخليكي يا ست الناس تسامحني وتغفرلي جهلي وذلة لساني والله من يومها وأنا ملجياش الوكل لعيالي 


أندهشت "عطر" من حديثها ودموعها التى تسيل على وجنتيها، ترجلت "عطر" من السيارة وهكذا "هدى" فأخذت "عطر" يدها بعدم فهم وقالت:-

-أهدي بس وفهمني، أساعدك أزاى


أنحنت المرأة تقبل يدها لتسحبها "عطر" سريعًا قبل أن تفعل وقالت :-

-أستغفر الله، أنتِ بتعملي أيه


-أحب على يدك ورجلك والله لو ترضي بس تخليني أشوفي رزجي ورزج عيالي ، شالله يتجطع لساني وما أوعي أجوم من مكاني جبل ما أزعلك يا ست الناس، دا أنتِ ستي وست البلد كلتها والله

قالتها ببكاء شديد فنظرت "عطر" إلى "هدى" بعدم فهم فترجل "عبدالجواد" وهو يقول:-

-يالا يا ست بكفاياكي


أعطاها مبلغ من المال فألقته السيدة وهى تتشبث بذراع "عطر" وقالت:-

-سامحيني يا ستي الله يخليكي تسامحني 


أخبرته بما فعله "عيسي" ومُنذ أن تحدثت عنها بالسوء ومنعها رجال "عيسي" من البيع فى السوق ومنع التجار من أعطاها أى شيء ولم تجد الطعام لأطفالها، دُهشت "عطر" من قساوة زوجها على أهل البلد ولأول مرة تخرج من السراية وتفهم سبب خوف الجميع منه وشعرت أنها تتعرف على زوجها من جديد وأنه ليس باللطف التى تراه، بل وحشًا يسير على الأرض وسطهم بتدمع عينيها من حديث السيدة فربتت "عطر" على يدها بلطف وقالت بهدوء:-

-حقك عليا، أنا أسفة ليكي والله 


أنحنت السيدة لتقبل قدمها من الذعر وهى تقول:-

-دا أنتِ اللى حجك عليا يا ست هانم


أنحنت "عطر" سريعًا قبل أن تفعل وربتت عليها بلطفها ورحمتها وهى تقول:-

-أنا مش هانم ولا نيلة، متزعليش حقك عليا وأفتحي محلك وبيعي من دلوقت وأنا أوعدك محدش يتعرضلك من جديد وخدي دول


فتحت حقيبتها لتخرج كل المال الموجود بداخلها وقالت:-

-دا كل اللى معايا والله، خديه وهاتي أكل لعيالك لحم أو فراخ وغذيهم ومن بكرة وديهم مدارسهم متخافيش أنا مسامحاكي


غادرت المكان وسط دعوات كثيرة من السيدة لها وهكذا بعد المارة لكن بداخلها غضب سافر من زوجها ومما فعله لهذه السيدة وهى تتواعد له بالكثير حين يعود لها، وصلوا إلى منزل "سكينة" وهى شاردة بهذه السيدة حتى قاطع شرودها صوت "سكينة" تقول:-

-أشربي عصيرك يا بتي ، أنا حاجاتي نضيفة والله 


تبسمت "عطر" بلطف وقالت:-

-أكيد يا طنط، شكرًا تعبتك


ضحكت وهى ترفع كنكة القهوة عن النار وتقدم الفنجان لأختها ثم قالت:-

-والله يا خيتي، أتحددت وياه كتير وهو اللى فى رأسه فى رأسه، معاوزش أبدًا يهملها أهنا هو مصمم يتجوز وياخد مرته على سكندرية وياه


تأففت "هدى" بضيق شديد وقالت:-

-يعنى هو عامر ولدك دا مُصمم يتعب جلبي وياه، جولنا معاوزش يجعد ويايا فى السراية ماشي كبره ورجولته منعينه لكن كمان يأخد بنيتي ويهج ويتعب جلبي ... كتير عليا أكدة 


-أتحددت وياه كتير جوي وجالي أنه أتفج وي عيسي بيه


تأففت " هدى" بضيق شديد وقالت بغيظ من عناد ابنها وقالت:-

-أنا خابرة زين أن عيسي هيجول أنها تجعد مكان ما جوزها جاعد


___________________________ 


كانت منهارة من البكاء وهى مقيدة اليدين خلف ظهرها وعلى فمها لاصقة تمنعها من الحديث وقدميها الحافيتين مقيدتين، ترتدي عباءة بيتى وشعرها مرفوع بمشبك الشعر، فتح باب الغرفة فنظرت إلى الباب لتُصدم عندما رأت "عيسي" يدخل من الباب وخلفه "منصور" الذي جلبها من منزل زوجها دون خوف عندما أقتحمه، جلس "عيسي" أمامها وأبعد اللاصقة عن فمها وهو يقول:-

-شوفتي، كيف الكلبة جبتك من داره


-أنت فاكر أن حامد هيسكتلك...


صفعها بقوة على وجهها لتصرخ من قوة الصفعة ونزفت الدماء من أسنانها وقال بغضب سافر:-

-وأنتِ فاكرة أن جوازك منه هيحميكي مني ولا مش هطولك إياك وأنتِ فى داره


بصقت الدماء أرضًا وهى تلهث بوجع ثم قالت بألم وعناد:-

-أنت عايز اي؟


-حج مرتي، أنا مستغربتش لما أمك الحرباية اتكلمت عنها بالسوء ولا لما أخوكي أذاها، أصل البجاحة دى تطلع منهم عادي لكن أنتِ ، كانت صدمة بالنسبة لي لما شوفت اسمك منور جصادي، كيف ... جوليلي عملتيها كيف وأنتِ بتجوليلي مرتك بتخونك، عملتيها كيف وجبتي تحليل الحمل؟ كيف ...كيف عجلك مجالكيش دا عيسي الدسوقي اللى بلعب عليه وجادر يدفني حية 


أبتلعت لعابها بخوف منه بعد أن عرف أنها من بعثت له هذه الرسائل لتقول بغيظ شديد:-

-طب ما تسأل نفسك كيف دوست على جلبي ورميتني كيف الكلبة وراء ضهرك وأنت بتطلجها من أخوي عشان تتجوزها، كيف وجفت جصادى وبتجولي هتجوزها 


هز رأسه بنعم بغضب مكبوح بداخله وقال:-

-ايوة صح ، أنتِ كيف الكلبة وأهو جه اليوم اللى اوريكي فيه كيف عيسي الدسوقي بيعامل الكلاب....


غادر المكان وهى تصرخ بخوف مما هو قادم ليقترب "منصور" ويكمم فمها مرة أخرى ......


وللحكـــايــــــــــــــــــــة بقيـــــــــــة ............

 


كبرياء صعيدي

الفصل التـــاســع عشــر  ( 19 ) بعنــــــــــوان " قلوب كالحِمم البركانية"


مسك "ناجي" يد زوجته قبل أن تغادر المنزل غاضبة وقال بضيق:-

-أجعدي بجي خلينا نحسبها بالعجل


ربتت على كتفه بضيق شديد وهى تقول بحدة صارمة:-

-خليك أنت سا يبع الرجالة جاعد، أنا طالعة على المركز وهبلغ عن عيسي هو فاكر نفسه أي محدش جادر يجف جصاده ولا أيه؟


خرج "خالد" من الغرفة غاضبًا بعد محاولات كثيرة فى الأتصال بـ "رؤية" وهكذا "نصر" المُختفي من الصباح، تأفف بضيق ثم قال:-

-أستن يا خضرة لما نصر يرد عليا وهنشوف حل للمصيبة دي


ضحكت "خضرة" بسخرية على حالها وصرخت بغضب بهما وعينيها تتجول بين زوجها وابنها:-

-حسرة عليكم يا عائلة الدسوقي، خاطف بنتي والتانية معرفش عنها حاجة غير لما تحن عليا وتيجي تورينى وشها بعد ما جوزها يمن علينا ويسمح والرجالة، يا خبيتي على رجالتي ثلاثة رجالة مستخبين فى البيت كيف الولاية من عيسي، بذمتكم أنتوا رجالة أنتوا


لطم "ناجي" وجهها بقوة غيظًا من حديثها الحاد لتقول بضيق:-

-والله لأوريك الولية دى بتعمل أي وميبجاش شعري دا على مَرة لو ما سففت عيسي الدسوقي التراب وكسرته وجهرته كيف ما جهرني على عيالي وكيف ما دمر لي حياتي ، ما تبص ليا يا ناجي بيه يا بن الحسب والنسب أنا خضرة هانم اللى كنت ست السرايا الكبيرة كان أخر همي وغُلبي أن هدي سلفتي مدلعة شوية عني لكن كلمتي كالسيف عندي خدم والفلوس كيف الرز تحت رجلي، دلوجت كل شهر أروح أبيع حتة من صيغتي عشان أكفي مصاريف أكلي، نص دهبي أتباع عشان أطلعك أنت وسبع البرومة أخوك من السجن يا خالد بيه، وبنتي أبوك رماها لرجل أكبر منه عشانكم ودلوقت جاي بعد ما خاطفها تقولي ....


أسكتها "ناجي" حين غادر المكان غاضبًا فأبتلعت الكلمات فى باطنها ونظرت إلى "خالد" بازدراء من بروده خصيصًا بعد أن علم بخطف أخته من قبل "عيسي"، فخرجت من المنزل بضيق وبداخلها نيران الغضب وبدأت أفكارها الشيطانية تستحوذ علي عقلها فى الإنتقام من "عيسي" وعائلته...


_______________________ 


نظر "عيسي" إلى الساعة فى معظمه أثناء جلوسه فى السيارة أمام بوابة السيارة مُنتظر زوجته وقد تأخرت عن الموعد المحدد مع طبيبها، قاطع شروده حين صعدت "عطر" إلى السيارة وأغلقت الباب بقوة ووجهها عابس بغضب كامن بداخلها، 

نظر إلى زوجته بأندهاش من غضبها فأنطلق بسيارته ببطء وهو يقول:-

-الجميل ماله؟ مين زعلك؟


تأففت "عطر" بغضب قبل أن تنفجر فى وجهه كالقنبلة حين قالت:-

-أنت مين؟ أنت عيسي الراجل الحنين الطيب ولا اللى الناس بتتكلم عنه وعن قساوته


تنحنح "عيسي" بهدوء تام حتى لا يفقدها أعصابها أكثر وقال:-

-عبدالجواد جالي اللى حصل الصبح 


أعتدلت فى جلستها وهى تعقد ذراعيها أمام صدرها وقالت بخنق شديد:-

-والله عال كمان ممشي معايا واحد ينقلك أخباري


-أولاً يا عطر أنا مممشيش وياك حد ولا عاوز أعرف أخبارك من حد مع أن دا حجي حتى لو عملت أكدة فأنتِ مرتي وطبيعي اخاف عليكي وأحميكي بس أنا مبعملش أكدة ومديكي حريتك كاملة 24 جيراط، ولوعبدالجواد جالي فهو جالي لأنك كسرتي كلمتي وأمري ومع ذلك أنا عديت ومثورتش عليكي يا بنت الناس، لو حد غيرك كان عصى أمري ولا خالفه كنت جطع رجبته فيها لكن عشان أنتِ أنا عديت وكبرت دماغي مش لأني ضعيف جصادك ...


أوقف سيارته جانبًا على الطريق وألتف ينظر إليها وتابع حديثه بجدي وحزم:-

-لا يا عطر، أنا مهما كنت بحبك ومهما كانت درجة غلاوتك وحبك فى جلبي، عمرى ما هكون ضعيف جصادك، أنا عديت وكبرت دماغي يا ست الحُسن عشان معاوزش أفتح باب الزعل بينتنا وإحنا لسه جافلينه الصبح ومعاوزش اتحرم من ضمتك فى صدري بعد ما ضمتك الصبح لصدري، معاوزش أتحرم منك ولا أزعلك لأن يعز عليا زعلك ولا أشوفك مضايجة ومكشرة، عشان بحبك وجلبي بيوجعني لما ضحكتك بتتسرج من وشك 


تنحنحت بخجل من كلماته وحديثه عن معزتها ومكانتها فى قلبه، أخذ يدها فى راحة يده وقال بعفوية:-

-أنا مهكسرلكيش كلمة جصاد الخلج وههملها تفتح دكانها وتشوف أكل عيشها رغم إهانتها ليكي وليا، بس فى المجابل تكون أخر مرة يا عطر، أخر مرة تكسري كلمتي جصاد الخلج اللى أنا كبيرهم 


كادت أن تتحدث بحرج من فعلها وتمتمت بأرتباك:-

-عيسي أنا مكنش قصدي ...


قبل يدها بحنان يقاطع حديثها وقال:-

-بجصدك أو لا، مرة وأنا عديتها لكن متكررش يا عطر، أوي تصغري كلمتي جصاد أى حد من الخلج، لو معجبكيش حاجة تعالي وجوليلي بيني وبينك يا ست البنات وأنا مهردكيش لكن تصغريني جصاد الناس وأنا كبيرهم أزعل يا عطر 


أومأت إليه بنعم ليبتسم وعاد يكمل قيادته حتى وصله إلى عيادة الطبيب وبعد أن فحصها ورأت جنينها على الشاشة كانت فى غاية السعادة وطمئنهم الطبيب على صحتها هى والطفل، غادروا معًا ...


___________________________ 


تسللت رجال "حامد" إلى المخزن الموجود به "خديجة" وقال أحدهم إلى "عز":-

-هو دا المكان يا عز بيه أنا شوفته لما جه هنا الصبح


أشار "عز" لرجاله بالهجوم على المكان، وبدأ أطلق النار المتبادل بين "منصور" ورجاله ورجال "حامد" حتى سقط ثلاث رجال من بينهم "منصور" قتلة وأستسلم البقية ليدخل "عز" للمكان ويفك قيد "خديجة" وهى تنتفس الصعداء بأريحية وخرجت معهم وهى لا تصدق أنها على قيد الحياة وقد تحررت من أسر "عيسي" قبل أن يقتلها .....


__________________________ 


قبضت "خضرة" ثمن بيع المنزل ما يعادل أكثر من 15 مليون جنيه وأشترت منزل أخر بسيط وأصغر حجمًا بقيمة 3 مليون جنيه بعد التشطيب، تحدث "ناجي" بضيق شديد قائلًا:-

-بتتصرفي من دماغك أياك


تحدثت "خضرة" ببرود شديد وقالت:-

-وأرجعلك يا ولد السرايات، أنا بعت كل ما أملك عليك وعلى عيالك وبصراحة كدة جرفت منك ومبجتيش طايجة سيرتك ... طلجني يا ناجي 


أتسعت عينيه بصدمة ألجمته من جراءة زوجته التى تشبثت بيه رغم معاشرته للنساء وسُكره وأعماله الغير مشروعة أم الآن هى من تتجرأ على طلب الأنفصال عنه فقال بسخرية:-

-أيوة أكدة باني على حجيجتك، كنتي راضية بيا عشان الفلوس


-طلجني، بدل ما أخلعك يا سُكري يا بتاع النسوان 

قالتها بغضب سافر منه ليرفع حاجبه من الغيظ وقال ببرود وهو لا يبالي بأمرها:-

-أنتِ طالجة فاكرني هموت عليكي ولا أيه... طالج يا خضرة 


غادر المكان لتبتسم بأريحية ونظرت للمنزل بنظرة شر وقالت:-

-فادية.. بت يا فادية


جاءت إليها "فادية" بذعر تقول:-

-أمرك يا ست الكل


-هبعتك مشوار أكدة ولو عملتي صُح يبجالك عندي حلاوة كبيرة جوي

قالتها "خضرة" بمكر شيطانية فتبسمت "فايدة" بسعادة وقالت بحماس:-

-عيني ليكي يا ست الناس


-بكرة الصبح من طالعة النهار تجيبلي كام ست أكدة يكونوا جتة وفيهم عافية وميكونش من البلد عايزاهم أغراب يا فادية... فاهمة يعنى أيه أغراب


أومأت إليها بنعم لتبتسم "خضرة" بمكر ثم قالت:-

-أنا طالعة أرجع تكوني رتبتي البيت ونضفتيه زين، وتعمليلي ثلاثة أزواج حمام بالفريك أتعشي بيهم


أومأت إليها بنعم، صعدت "خضرة" للأعلي وأرتدت عباءة أستقبال نسائي زرقاء اللون على شكل فراشة بأساور من اللؤلؤ حول المعصم وهكذا الصدر وأرتدت كعب عالي بعد أن صففت شعرها الأسود المموج على ظهرها ووضعت حجاب صغير فوق رأسها وخرجت من غرفتها لتستقبلها "فادية" بالمبخرة وبدأت تتحدث بحماس:-

-يكفيكي شر العين يا ستي ........


______________________ 


خرجت "خديجة" من المرحاض بعد أن أخذت حمام دافئ مما حدث وهدأت من نوبة القلق لتفزع حين رأت "كارما" جالسة فى غرفتها وقالت بقلق:-

-أنتِ مين؟


وقفت "كارما" من مكانها والتفت حول "خديجة" بأشمئزاز وكبرياء لتقول ببرود شديد:-

-أنتِ بقي خديجة


-ايوة يا برنسيسة وأنتِ مين ياختي؟

قالتها "خديجة" بضيق من كبرياء هذه الفتاة لتقول "كارما" ببرود شديد وهى تعقد ذراعيها أمام صدرها وقالت:-

-كارما بنت جوزك، والله المفروض أقولك ي مرات أبويا .. بس تعرفي بابا ذوقه بقي معفن لما كبر يلا راجل كبير وخرف شكله ... أمك تحت مستنياكي، ألبسي وأنزلي لها دا لو عندك هدوم 


غادرت الغرفة ببرود بعد أن أصابت "خديجة" بالغضب والضيق  وقد نجحت فى إهانتها، كزت "خديجة" على أسنانها غيظًا من هذه الفتاة رغم صدمته من أنه يمتلك فتاة بعمرها أو تصغرها بعامين فقط...

فى الأسفل فتحت "خضرة" حقيبتها أمام "حامد" فدُهش من المال الموجود بداخلها ليقول:-

-أي دا؟


-دول 8 مليون جنيه، تمن البضاعة اللى ناجي كان عايز يشيلها مجابل ما جتلت أبوه 

قالتها بثقة بعد أن وضعت قدم على الأخرى فأتسعت عيني "حامد" على مصراعيها من معرفتها بكل شيء، تحدث بثقة وغرور:-

-وناجي بجي اللى جالك ولا عرفتي لوحدك


ضحكت "خضرة" بسخرية على زوجها لتقول:-

-ناجي لو كان ذكي كفاية مكنش أبوه ركنه على الرف ولا كان أعتمد على فؤاد فى كل حاجة ولا ساب ماله كله لعيسي الدسوقي، ناجي راجل خمورجي ميعرفش غير الخمر والحشيش والنسوان، كان بيجعجع كيف البهيمة بفلوس أبوه وهو بيحاول يثبت أنه حاجة وهو بوج على الفاضي


أومأ "حامد" إليها بنعم ثم قال:-

-فعلًا... وجابلالي الفلوس دى ليه دلوجت؟


أرتشفت القليل من فنجان قهوتها ثم قالت بهدوء:-

-أنا هأخد نص البضاعة وبنفس السعر اللى اتفجت عليه وي ناجي يعنى يعتبر أنا دافعة الضعف فى البضاعة اللى مركونة عندك على الرف لأن حامد معهوش اللى يدفع بس هنزود حاجة صغيرة عليها


صمت وهو يحدق بوجهها مُنتظر بقية الصفقة التى تريدها لتنظر حولها بحرص ثم همست إليه بلطف وقالت:-

-نص البضاعة وعليهم رأس ناجي 


عاد بظهره للخلف من هول الصدمة وهى جاءت إليه تطلب منه رأس زوجها وهو أول شخص طاله نار أنتقامها فتبسم بإعجاب شديد من دماغ هذه المرأة وشعر كأنه يجلس أمام أبليس فى هيئة امرأة جميلة، تابعت حديثها بغرور من رؤيتها للصدمة فى معالم وجهه قائلة:-

-أنا بدفع مجدم وكاش يا حامد بيه مش زى ناس


أومأ إليها بنعم وأغلق الحقيبة جيدًا وأعطاها إلى "عز" قبل أن تنزل "خديجة" وترى هذا المال وتبدأ تساؤلاتها، وقفت "خضرة" من محلها لكى تغادر فقال "حامد" بهدوء:-

-على فين يا خضرة هانم مهتشوفش بتك؟


تبسمت بلا مبالاة وقالت ببرود شديد:-

-بعدين يا حامد بيه، أكيد هى بخير طول ما فى ظهرها راجل كيفك... بالعواف


غادرت قبل أن ترى ابنتها أو تلمح طيفها، ترجلت "خديجة" من الأعلى ولم تجد أثر إلى والدتها فسألت بهدوء:-

-أمال فين أمى؟


-مشيت

قالها "حامد" وهو يدخل المكتب خلف "عز" مما أدهش "خديجة" وصدم عقلها كيف تغادر قبل أن تطمئن على ابنتها؟ اى جبروت تملكه فى قلبها حتى تعامل أبنتها بهذا الجحود؟ دمعت عينيها بحسرة وخذلان من والدتها وعائلتها التى لم تبالي بها ولما يهتم أحد بها .....


_________________________ 


غادر "عيسى" غرفته فجرًا بهدوء وكان الجميع نيام لكن أستوقفه صوت "عطر" تناديه قائلة:-

-عيسي .. أنت رايح فين؟


ألتف ليراها تقف على الدرج خلفه مُرتدية قميص نومها البنفسجي الطويل من الحرير وفوقه روبها الحرير تربط رباطه حول خصرها وشعرها مسدول على الجانبين بعفوي، أقترب منها بهدوء وهو يقول:-

-هصلي الفجر  فى الجامع يا حبيبتى، أطلعي نامي أنتِ 


أومأت إليه بنعم ثم قالت بقلق:-

-ماشي متتاخرش أنا هستناك لحد ما ترجع


صمت قليلًا ثم أخذ وجهها بين كفيه وقال:-

-متتعبيش نفسك، نامي وأرتاحي أنتِ ي حبيبتي، وبعدين يا بت جولتلك متطلعيش من أوضتك بالخلجات دي 


أومأت إليه بنعم فوضع قبلة على جبينها لتبتسم بعفوية إليه وغادر المكان، صعد "عيسي" بسيارته ومعه "مصطفي" فى مقعد السائق ليقول:-

-هم يا مصطفي معاوزنيش نعوج، عايز نرجع جبل طلوع الشمس


أومأ إليه بنعم وأنطلق "مصطفي" بسيارته وأتجه فى طريق وعور وصعد مع "عيسي" للجبل وبين المطاريد المُنتشرين فى كل مكان لتأمين المكان حتى لا يصعد غريب إلى وكرهم، أستقبل رئيسهم "عيسي" بترحيب ثم دلف وهو يقول:-

-العشاء يا ولد


-لا مفيش لزوم، أنا هعاود بسرعة معنديش وجت

قالها "عيسي" بجدية ثم نظر حوله وهو يقول:-

-هم فين؟


أخذه الرجل إلى مكان فى قلب الجبل ليجد "نصر" معلق مثل الذبيحة من ذراعيه وبجواره رجلين أخرين فضحك "عيسي" بسخرية عليهم وقال:-

-شوفتوا جبتكم كيف البهايم أزاى؟ 


أقترب من أحد الرجال ورفع رأسه نبوته بأستنكار وقال:-

-فاكر أنا جولتلك ايه؟ لما غدر بيا ورفعت يدك عليا؟ جولتلك أجتلنى لأن لو هملتني حي وبتنفس أنا اللى هجتلك مصدجتنيش .. أديني جبتكم كيف البهيمةاأنتوا واللى حرضكم وعلجتكم جصادي كيف الدبايح اللى عايز تتسلخ


نظر الرجلين إلى "نصر" الذي دفع لهم للهجوم على "عيسي" وكانوا يلعنون اللحظة التى وافقوا فيها على الظهور فى طريق "عيسي الدسوقي"، نظر "عيسى" إلى "نصر" ومسك فك وجهه وهو يقول بغضب مكتوم بداخله:-

-حظك يابن خضرة تطلع من السجن عشان تجضي الباجي من عمرك فى الجبل تحت رحمتي.. مش كنت تجبل بسجن الحكومة أرحم من سجن عيسي الدسوقي


لم يقوى "نصر" على التفوه بكلمة من كمية الضرب المبرح التى تعرض لها فكان كالجثة الهامدة يتنفس بصعوبة والدماء مجمدة على جسده ولم يبقي فى وجهه أنش واحدة بلا جرح، ولج "مصطفي" مذعور كالمجنون وهو يقول بخوف:-

-عيسي بيه؟ مصيبة


ألتف "عيسي" إليه بقلق فقال "مصطفي" بذعر:-

-منصور ورجالته أتجتلوا...


____________________________ 


فى الصباح الباكر كانت "فيروزة" جالسة مع "عطر" ومعهم "حِنة" و"هدى" على السفرة، تحدثت "فيروزة" بهدوء قائلة:-

-كلي يا عطر، أنا محطتيش حاجة فى تمك وبتلعبي بالوكل بس


-قلقانة على عيسي يا فيروزة

قالتها "عطر" بقلق شديد مُنذ أن غادر ليلًا لصلاة الفجر ولم يعود للبيت، ربتت "هدي" على يدها بأريحية وقالت:-

-متخافيش يابنيتي على عيسي بيه ولدي، ولدي ميتخافش عليه


ضحكت "فيروزة" وهى تقول بحماس:-

-أيوة دا يتخاف منه، والله معرفش كيف أنتِ مبتخافيش منيه 


ضحكت "عطر" بعفوية على حديثها وقبل أن تتحدث تكمل المداعبة ولج "عيسي" من الباب وصعد إلى الأعلي فورًا، وقفت "عطر" من مكانها وصعدت خلفه بقلق لكي تطمئن عليه فقالت بغضب من تأخيره:-

-كدة يا عيسي تجلجني عليك


ألتف إليها ببرود شديد وكان مهمومًا وحزينًا جدًا لما حدث فى "منصور" ورجاله، جلس على حافة الفراش لتقترب "عطر" منه بقلق شديد من صمته ووقفت أمامه تنظر فى وجهه وسألت:-

-ما لك يا حبيبي؟


جذبها من خصرها أكثر ليدفن رأسه فى خصرها وطوقها بذراعيها، دُهشت من فعلت وسمعته بهمس إليها بهدوء:-

-خليكي أكدة يا عطر، خليكي جاري


لفت ذراعيها حول رأسه وتمسح عليها بدلال ودفء، ظل مُتشبثًا بخصرها ورأسه تستكين على بطنها وطفلها الموجود فى رحمها يشعر بقرب والده مثلها ثمامًا.......


________________________ 


تحدثت "خضرة" بنبرة مُرعبة تكمن بداخلها حِمم بركانية:-

-فهمتي يا ست، أنا عايزها جنازة، مترجعليش غير وأنتِ جايبة اللى بطنها ، تجبيلي دمها ودم اللى بطنها 


اومأت السيدة لها بنعم لتلقي "خضرة" حزم من المال فى وجه السيدة، تحدثت "فايدة" قائلة:-

-يلا يا ست... مش خدت فلوسك يلا هوينا من أهنا......


غادرت السيدة لتغلق "فادية" الباب وعادت إلى "خضرة" لتراها شاردة وتُتمتم بغضب دون وعي:-

-عيسي الدسوقي مش لازم يخلف... مش لازم يبجى له نسل أبدًا... مش هيحصل أبدًا على جتتي يطلعلك جدر يا عيسي 


وللحكـــايــــــــــــــــــــة بقيـــــــــــة ............

 


كبرياء صعيدي

الفصل العشــــــرون (20) بعنــــــــــوان " إنقلاب السحر على الساحر"


مسحت "عطر" على رأسه بلطف بعد أن غاص فى نومه العميق بصعوبة من ثقل قلبه على تحمل وفأة "منصور" مساعده، وقفت لكي تغادر لكن أستوقفها بيده حين تشبث بها جيدًا وقال:-

-خليكي جاري يا عطر


دق باب الغرفة لتنظر "عطر" بحيرة بين زوجها والطارق فقالت بهمس:-

-بس فيروزة كانت عايزنا نروح نجيب الفستان... 


لم تقوي على تركه وحده بهذه الحال وظلت جواره فتمتم بخفوت وعينيه مغمضتين:-

-أستن لما أنام وروحي يا عطر... خليكي بس جاري 


أومأت إليه بنعم وظلت قربه تربت على رأسه وتقرأ القرآن بصوت خافت حتى بات نائمًا تمامًا، تسللت من جواره وأخذت ملابسها وهى تستعد للذهاب إلى مع "فيروزة"، أرتدت فستان بحمالة وفوقه قفطانه الفضفاض بنفس اللون الأخضر ولفت خمارها الأبيض به أوراق شجر خضراء، أرتدت حذاء رياضي مُريحة خصوصًا مع حملها، أخذت حقيبتها البيضاء وترجلت للأسفل مع "فيروزة" التى كانت ترتدي تنورة من الجينز وتي شيرت أبيض اللون فضفاض وتلف حجابها الأزرق، أوقفتهما "هدى" بحذر تقول:-

-أستني أنتِ وهى، تطلعوا من أهنا تشوفوا الفستان واللى ناجص من عفشتك وتعاودوا طوالي وإياك تعوجوا برا، مصطفي هروح وياكم وحذارى تتحدد وي حد غريب فاهمين 


تبسمت "فيروزة" على قلق والدتها وقالت:-

-فى أي يا أمي أول مرة تتكلمي كدة، وبعدين دى مش أول مرة نطلع والأهم الناس كلتها خابرين زين إحنا مين وضهرها مين، دا عيسي الدسوقي


كزت "هدى" على أسنانها غيظًا من حديث أبنتها التى لا تبالي لأي شي وقالت:-

-سمعتيني جولت أي يا فيروزة، منصور لسه دم مبردش فى جبره، ولا تكوني نسيتي اللى جتل أبوكي وحاول يجتل أخوكي ومرته، أسمعي هى كلمة يا اللى أجوله يتنفذ يا أما تغوروا تطلعوا فوج ومفيش طالعة، وبعدين يا ختى ما تعملي كيف البنات وتطلبي اللى عايزاه من المحمول... معاكي مرت اخوكي أهى متنورة ومتعلمة ومن مصر وخابرة كيف تطلبي كل حاجة وأنتِ فى سريرك


ضحكت "فيروزة" عليها أكثر وقالت:-

-لا كدة كتير... حاضر مهنعوجش برا ومهنتكلمش وي حد واصل... سلام يا ست الكل


سحبت "عطر" من يدها لتهرب من حديث والدتها الكثير لتتحدث "هدى" بقلق وهما يهربون منها:-

-على مهلك عليها يا بنيتي دى حابل... ولا كأني بتكلم 


ألتفت لترى "حِنة" مُبتسمة على قلقها الزائدة وقالت:-

-روقي يا ست هدي، عطر واعية وفاهمة ومبتخافش عليها


-الناس هنا مش كيف ما عندكم

قالتها "هدى" بقلق وهى تجلس على الأريكة لتبتسم "حِنة" أكثر وجلست جوارها وهى تقول:-

-أنتِ بتقولي كدة عشان مشوفتش اللى هناك، على الأقل هنا الناس طيبة وبيخافوا علي بعض وعارفين بعض، يعنى لو حد اتعرض لهم زى ما بتقولي هتلاقي ألف واحد فى الشارع يقف معاهم لكن هناك فى مصر الناس بقوا فى حالهم ولو شافوكي بتقتلي واحد قصادك كل اللى هيعملوا هيطلعوا التليفونات يصوروا ويشيروا على النت 


ضربت "هدى" على قدميها بقلق وقالت:-

-ربنا يستر، جيب العواجب سليمة يا رب.. جلبي مش مرتاح ...


___________________________ 


خرجت "فادية" من غرفتها مُستعدة للخروج وقالت:-

-أنا هروح أجيب وكل للحمام والبط وهعدي على الخياط أشوفه جاب الجماس اللى جولتي عليه ولا لا يا ست الناس... تأمرنيش بحاجة تانية 


أجابتها "خضرة" وهى تضع الألوان على أظافرها ببرود مُنتظر الخبر السعيد بمهاجمة "عطر" قائلة:-

-لا معاوزش بس عدي هاتلي معسل وأنتِ جاية 


أومأت "فادية" بنعم ثم غادرت وهى تضع الملاس الأسود فوق رأسها، ذهبت إلى محل بقالة وهى تضع النقاب على وجهها وقالت بحذر:-

-ممكن تليفون


أعطاها البائع الهاتف الجوال لتطلب رقم مجهول تحفظه بداخل ذكرياتها فقطوفور الجواب أبتعدت خطوة عن البائع حتى لا يسمع حديثها وقالت بحذر:-

-زينة متجلجش عليا يا أبويا بس بجولك أي عشان معنديش وجت، أسمع الست خضرة طلعت بليل وراحت بشنطة مليانة فلوس على سراية حامد الشبل ورجعت من غيرها وأجرت 3ستات من الغجر اللى فى المولد اللى موجودين فى البلد اللى جارنا عشان يسقطوا الست عطر ودفعتلهم مجدم كبير جوي، خلى بالك وأوعي الست عطر تطلع من السرايا اليومين دول لأحسن الست دى جنت على الأخر وحالفة لتجتلها هى واللى فى بطنها وتنتجم من عيسي بيه وتحرج جلبه ... نهار مفيتش كيف تطلعها من السرايا ... أتصرف أنا معرفاش هموا هيسجطوها كيف ولا فين.؟ يا واجعة طين... ماشي ماشي وابجي طمنى عملت أي.. فى حفظ الله وخلى بالك من نفسك يابويا أنا ماليش غيرك يا ضي عينى


أغلقت الخط وعادت للبائع دفعت تكلفة المكالمة وأشترت القليل من البقالة ثم غادرت.....


_________________________ 


كانت "عطر" واقفة أمام غرفة تبديل الملابس تنتظر "فيروزة" حتى قالت بضيق:-

-شدي حيلك يا فيروزة دا سابع فستان تقيسيه وميعجبكيش، الوقت بيمشي وكدة هنروح قبل ما نخلص


خرجت "فيروزة" بعد أن بدلت ملابسها وقالت للعاملة بحماس:-

-خلاص أنا هأخد تاني فستان جيسته


رفعت "عطر" يديها قرب عنق "فيروزة" بنفاد صبر وقالت بضيق:-

-ااااه منك ما أنا قولت كدة من الأول، لازم تغلبيني زى اخوكي.. يلا عشان تعبت وجوعت


تمتمت "فيروزة" بضيق وهى تدفع الحساب عابسة:-

-ماشي مع ست عجوزة يا ربي..


تأففت "عطر" بضيق من برود هذه الفتاة المُدللة وقالت بغيظ وهى تغادر المكان:-

-جعانة، حامل وبأخد أدوية يا بعيدة ...ي يلا يا بت أنا جوعت


تأففت "فيروزة" وهى تأخذ الفستان من يدها وكان ثقيلًا جدًا مع الحقائب الكثيرة التى تحملها كلا منهم، ذهبوا إلى الطابق الأول من المركز التجاري حيث منطقة المطعام وجلسوا على الطاولة، فقالت "فيروزة" بحماس:-

-أنا هطلب بيتزا وأنتِ 


نظرت "عطر" إلى القائمة وبدأت تحدد طعامها بحماس وشهية:-

-عايزة واحد تشكين وبيتزا فواكة بحر وأطلبي صوابع موتزريلا وريزر..... 


قاطعها "فيروزة" باندهاش من كم الوجبات التى تطلبها قائلة:-

-أيه... هتودي كل دا فين؟


-قري بقي عشان أفطس أنا والواد

قالتها بعبوس لتضحك "فيروزة" عليها وذهبت لكي تطلب الطعام، فتحت "عطر" حقيبتها لتأخذ أدويتها لكنها لم تجدها فنظرت إلى "مصطفي" الذي جلس على طاولة بعيدة عنهما بقليل فقالت بحرج:-

-معلش يا أستاذ مُصطفي، أتعبك معايا أنا نسيت الدواء فى العربية تجيبهولى عشان لازم أخده بل الأكل 


وقف بهدوء وهو يقول:-

-لا تعب ولا حاجة يا ست عطر


-معلش خد الفستان وشوية شنط من دول معاك

قالتها بلطف ليؤمأ إليها بنعم ثم ذهب بعد أن حمل الكثير من الأغراض، جاءت "فيروزة" إليها وجلست تنتظر الطعام معها حتى وقفت "عطر" من مكانها وقالت:-

-أنا هروح التوليت... خليكي هنا عشان مصطفي لما يرجع ميقلقش ويعمل زى أخر مرة.. مش هتأخر


أومأت "فيروزة" لها لتغادر "عطر" وتركت حقيبتها مع "فيروزة".....


__________________________ 


صرخ "عيسي" بذعر من نومه بعد ما سمع هذا الحديث من "مصطفي" وقال:-

-أختفت كيف؟ ، أجلب الدنيا على عطر يا مصطفي... أنا جايلك 


هلع من مكانه وهو لا يصدق أن زوجته اختفت خصيصًا بعد أن علم بمكيدة "خضرة" لقتلها هى وطفلها، قاد سيارته كالمجنون إلى هذا المكان وقبل أن يدخل قابل "مصطفى" فى طريق الخروج ليقول:-

-من خمس دجايج فى أتنين من الحريم خدوا من الطريج دا


ركض "عيسي" مع "مصطفي" إلى المنطقة الخلفية للمركز التجاري حيث مرأب السيارات، بنفس اللحظة التى وصلها فيها للمرأب كانت "عطر" ترتجف من الخوف وهى تختبي من هؤلاء النسوة خلف أحدى السيارات وتضع يديها على بطنها بخوف من فقد هذا الطفل لتقول أحد السيدات:-

-متحاوليش كتير


هزت "عطر" رأسها بخوف وهى تلهث بخوف أن يعلي صوت أنفاسها ويدركون مكانها وقالت فى باطنها:-

-لا مستحيل أسمح لحد يأذيك، مستحيل... عيسي يا عيسي


-عطر

قالها "عيسي" بصوت مرتفع باحثًا عنها بقلق ويركض بهلع إلى داخل المكان، سمعت صوته لتتنفس بإريحية بينما فزعت السيدتين من وجوده وهرعوا إلى هذا الشاب الذي ينتظرهما فى التوكتوك، خرجت "عطر" من مخبأها ووقفت بالمنتصف تبكي بألم من الخوف الذي أصابه أرجاء جسدها ليراها "عيسي" فى نهاية المكان وتحتضن بطنها بكلتا يديها، سقطت أرضًا على ركبتيها من ضعف قدميها، هرع إليها وذهب "مصطفي" يحضر السيارة، وصل إليها ليجثو على ركبتيه لأجلها وأخذ وجهها بين راحتي يديه بقلق:-

-أنتِ زينة؟


نظرت للأسفل بضعف وهى تجهش فى البكاء لا تصدق أنها نجت بطفلها من مكر هؤلاء النساء، تمتمت بضعف وهى تتكأ بيديها عليه:-

-عيسي، أنا ...


ربت على ظهرها بلطف وهو يقول:-

-بس يا عطر، بس يا روحي اهدئي ولا يهمك ي حبيبتي


تشبثت به بضعف والخوف استحوذ على جسدها وعقلها، باتت ترتجف بذعر كطفلة صغيرة وقالت بتلعثم شديد:-

-كنت هموت ي عيسي 

طوقها جيدًا بذراعيه وهو يمسح على ظهرها بلطف وقال بحب شديد:-

-بعد الشر عليكي يا حبيبة جلبي من جوا، والله لأحرج البلد كلتها فداء ضفرك أنتِ وولدي، هعيشهم فى جحيم ونار وأخليهم يتمنوا الموت ومهيحصلوش عليه 

جهشت باكية ويدها تترك عباءته وتلمس بطنها بحزن شديد وتمتمت بعجز:-

-ابني، ليه ابني يا عيسي؟ عشان الفلوس والورث، ما تتحرق الفلوس والورث اللى قصادهم حياتي وابني اللى...... 

لم تقوى على متابعة الحديث وزادت فى البكاء أكثر فجفف دموعها بأبهامه ثم حملها على ذراعيه ليغادر بها وعقله ما زال لا يستوعب قذارة هؤلاء البشر وكيف تجرأوا على قتل طفل لم يخلق بعد وهو فى رحم أمه، من أين جاءوا بالجراءة على إجهاض طفل ما زال نطفة فى أحشاء أمه لأجل المال والورث؟، وصل "مصطفي" بالسيارة وكانت "فيروزة" بداخلها، أدخل "عطر" جوارها فى الخلف وجلس هو بجانب "مصطفي" ليعود للسراية...


رن هاتفه فى الطريق برقم "حامد" ليجيب عليه بضيق:-

-نعم


-البقاء لله انا جولت لازم أعزيك بنفسي


كز "عيسي" على أسنانه وهو يقدم التعازي فى "منصور" الذي قتله، تحدث "عيسي" بجحود ونبرة مُرعبة:-

-ونعمة بالله، أنا بس كنت عايز أخبرك أني ممكن اخد روحك وأنت فى بيتك عادي لتكون فاكر أن السور اللى محاوط بالرجالة يمنعني منك


-أنا رجعت مرتي ودا حجي


قهقه "عيسي" ضاحكًا على حديثه ثم نظر للنافذة وهو ينقل الهاتف على أذنه الأخر ويتكأ بذراعه على النافذة ثم قال ببرود:-

-مش بجولك غبي، ومرتك اللى خدتها دى تستاهل أنك تعادي عيسي الدسوقي عشانها ولا الفلوس اللى سحبتها من الحرباية امها جوتك وجوت جلبك عشان تتصل بيا


أتسعت عيني "حامد" على مصراعيها من هول الصدمة وكيف عرف بمقابلته مع "خضرة" ليقول:-

-أنت..


ضحك "عيسي" أكثر من غباء هذا الرجل وقال بثقة وكبرياء قاتل:-

-أي مستغرب لأني أعرف، مش بجولك أنك غبي وحشرة كيفك مهتعرفش تكون خصمي ولا تجدر تجف جصادي، تحب أجولك خضرة هانم بنت الناس طلبت منك أي مجابل الفلوس دى... ولا مأنتش محتاج تعرف، أعجل يا حامد أجعد واحسبها زين وي نفسك.. لا أنت جد عداوتي ولا جد اللى هتخسر لو وجفت فى طريجي تاني، ولو على مرتك هى أكدة أكدة ميتة نصيحة منى طلجها بدل ما تترمل 


أنهي الأتصال فور أنتهاء حديثه ليأخذ نفس عميق ونظر إلى الخلف حيث زوجته الجالسة تستمع مع "فيروزة" حتى وصلوا للسرايا فترجلت "عطر" مع "فيروزة" وقبل أن يغادر "عيسي" نظر إلى "مصطفي" وقال:-

-عملت أي فى الرقم اللى خدنا من مرت السواج


-هروح النهاردة أشوف الواد عمل فيه اي


اومأ إليه "عيسي" بنعم ثم ترجل من السيارة ليغادر "مصطفي" نهائيًا ....


_________________________  


فى المساء كان "عامر" جالسًا فى الصالون مع "عيسي" ووالدته ويرتشف "عيسى" الشاي مُستمتعًا بشجار والدته مع "عامر" فتحدث "عامر" بجدية قائلًا:-

-معلش يا خالتي خلينى على راحتي أكدة


تأففت "هدى" بضيق شديد وهى تضرب يديها ببعضهما من عناده، تبسم "عيسي" بعد أن ترك كوب الشاي من يده وقال بعفوية:-

-همليه على راحته يا ست الكُل


-بس يا عيسي

قالتها بتذمر على موافقة "عيسي" على سفر أخته للإسكندرية بعد الزواج فقال بجدية:-

-همليه يا حجة الأصول بتجول الست تجعد مكان جوزها، مش معجول يتجوز وبرضو يفضل فى الغربة لحاله وهى جاعدة أهنا وياكي يبقي لازمتها أيه يتجوز ما هي اكدة وأكدة جاعدة وياكي... همليهم يا حجة وباركي جوازتهم


قوست شفتيها للأسفل بضيق وقالت:-

-أمري لله 


تبسم "عامر" بلطف ليقف "عيسي" يهندم عباءته وصعد للأعلي ليري "عطر" نائمة على الأريكة بجوار "حِنة" و"فيروزة" فتبسم على أخته التى تسترق السمع من الأعلى وقال:-

-مبروك يا بت... والله وكبرتي وهشوفك عروسة


ضحكت "فيروزة" بخجل من كلماته ليقبل جبينها بلطف ثم أقترب إلى الأريكة وحمل زوجته المُدللة وذهب بها إلى غرفتهما بنهاية الرواق الطويل، وضعها بالفراش برفق لتقول بصوت مبحوح:-

-عيسي


نظر إليها بعد أن جلس قربها ويمسح على رأسها مُبتسمًا، فتحت "عطر" عينيها لتراه جالسة أمام ناظرها فتبسمت بخفة عليه وقالت:-

-أنت اخ جميل أوى يا عيسي


ضحك على كلماتها وهو ينزع عمامته وضرب جبينها بجبينه وقال:-

-طب وزوج، أخباري أي كزوج؟ جميل!!


ضحكت عليه بخجل شديد وتوردت وجنتيها خجلًا ليقترب أكثر منها فسحبت الغطاء بسرعة وأخفت رأسها تحته مما أضحكه بقوة وذهب إلى المرحاض يبدل ملابسه وأرتدي تي شيرت أسود وبنطلون أزرق اللون من القطن وخرج يجفف شعره المبلل الطويل بالمنشفة، جلس على الأريكة يجفف شعره بيده اليسار وترك المنشفة ليفتح علبة السجائر ووضع واحدة بين شفتيه وهو يشعلها بقداحته لكن قاطعه جلوس "عطر" على قدميه كطفلة وسحبت من شفتيه السيجارة، نظر إليه بصمت ويده اليمني تلف حول خصرها كانت جميلة جدًا هذه المرأة الصغيرة ولا يعلم كيف كهذه الفتاة الصغيرة بحجمها وضألتها وجمال ملامحها الطفولية أن تكن امرأة وقريبًا ستحصل على لقب أخر بعد ولادتها، كيف صغيرته ستكون أمًا؟، تحدثت "عطر" بلطف رغم عبوس وجهها الملاكي:-

-عيسي قولتلك بلاش سجاير فى الأوضة حقيقي بتتعبني وكمان غلط على البيبي 


أومأ إليها بنعم وأغلق قداحته ثم قال بهدوء:-

-حاضر عشان خاطرك أنتِ والبيبي يا ست الحُسن


ضحكت بعفوية وأصابعها تغلغل بين خصلات شعره المبللة لتشعر برطوبة المُنعشة ثم قالت بنبرة دافئة:-

-وعشان صحتك ي حبيبي، أنا ماليش غيرك 


رفع يده الأخري إلى وجهها لتغمض عينيها باستسلام لهذا الشعور البارد وجسده البارد من الأغتسال ينعش قلبها وجسدها الدافئ، شرد "عيسي" بجمالها وعينيها مُغمضتين ورائحة عطرها الفرنسي جميلة تغتصب أنفه وتُثير قلبه النابض لأجلها فقال بخفوت:-

-أنتِ أغلي حاجة عندي يا عطر


فتحت عينيها إليه لتفقده ما تبقي من وعيه بعينيها الزرقاء التى ألقت تعويذتها عليه فتحدث بعفوية:-

-أغلى وأجمل ما رأت عيني يا عطري، أنتِ جميلة جوى يا عطر


لمست لحيته باناملها الصغيرة ومررتهم عليها ببطء شديد وعينيها تعانق عينيه بعناق طويل عميق ودافئ وهمست بصوتها العاذب قائلة:-

-أنا جميلة عشان معاك يا عيسي، عشان ربنا رزقني بأحن راجل فى الدنيا حتى لو كل الناس بتخاف منه ومش عايزين يقربوا منك أنا هنا مش أطلع من حضنك أبدًا ، خليك حاببني على طول يا عيسي.. صحيح أنت بتحبني قد أي؟


تبسم إليها وهو يحملها من خصرها بيديه ويقف فضحكت على قطعه للحظتهما الرومانسية وقالت بعفوية مُندهشة:-

-اي فى أي بكلمك يا عيسي .. فصلتني


همس فى أذنيها وهو يشد بيده على خصرها قائلًا:-

-مهطلعكيش من حضني.. مش جولتي أكدة، وبعدين جواب سؤالك مبيتجالش كدة 


أستغربت حديثه وعقدت حاجبيها رغم قدميه لم تتوقف عن السير فسألت بفضول:-

-سؤال أي؟..


همس فى أذنيها بعد أن طبع قبلة على عنقها قائلًا:-

-بحبك جد أي...


أنفجرت ضاحكة عليه وهى تحاول الفرار ن قبضة يديه لكن سرعان ما سكنت هادئة كأن قبلاته الدافئة كالسحر الذي ألقي عليها ........


_________________________ 


نظر "مصطفي" إلى الورقة التى حصل عليها من موظف الشركة بصدمة ألجمته مما يراه وقال:-

-ربنا يستر على اللى جاي.... عيسي بيه ميهفوتهاش المرة دى، دى نار وهتحرج البلد كلتها ......


وللحكـــايــــــــــــــــــــة بقيـــــــــــة ..

تكملة الرواية من هناااااااا 

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا

 مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هناااااا





تعليقات

التنقل السريع