رواية كبرياء صعيدي الفصل الحادى عشر والثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر بقلم نورا عبد العزيز
رواية كبرياء صعيدي الفصل الحادى عشر والثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر بقلم نورا عبد العزيز
كبرياء صعيدي
الفصل الحادي عشر (11) بعنــــــــــوان " لقد كان رجلًا مختلفًا عن الجميع "
تساقطت دموع "عطر" أمامه فى أنهيار تام ولا تصدق هذه الرسالة المكونة بكلمات قليلًا لكنها مُرعبة لها كثيرًا، ظلت تحدق بهذه الكلمات حتى مع تشوش رؤيتها من الدموع "وحشتني يا عطري أي مش هنتقابل حضنك وحشني" وتابع برسائل أخري يتغزل بجسدها وعلاماته لم تستوعب هذه الكلمات وأمامها "عيسي" يكاد يفقد عقله من فتاته وهناك رجل يتغازل بحضنها وهو لم يصل لهذا العناق بعد ورقم هذا الرجل مُسجل على الواتساب باسم "احمد غالي"، تحدث بجدية صارمة وهو يكز على أسنانه قبل أن يفقد عقله:-
-مين دا؟ كان وياكي فى الجامعة؟ ، جاركم؟ ، جريب واحدة صاحبتك؟ عرفتي من على النت
رفعت رأسها إليها وهى تجهش فى البكاء أكثر، لم يتمالك أعصابه أكثر عليها، مسك لياقتها بقوة وأبعد البيجامة عن عنقها بقوته ورأي هذه الحسنة الموجودة على عنقها ليتأكد من حديث هذا الرجل عنها، أرتعبت خوفًا منه وابتلعت لعابها أكثر، مسكها من ذراعها بقوة ولم يفصل بينهما سنتيمترًا واحدًا، أنتفضت "عطر" خوفًا من نظرته المُرعبة وابتلعت لعابها ثم قالت مُتلعثمة:-
-محصلش ي عيسي، ورحمة أمي ما حصل وأنا معرفش مين دا
دفعها للخلف بقوة وكاد يجن جنونه من هذه الرسالة ورجل أخر يتغازل بجسدها وكيف له أن يعلم بحسناتها وأماكنها إذا كان خديعة كما تقول، كز على أسنانه لتتشبث "عطر" بملابسه ويديها مسترخية على صدره الصلب حتى تشعر بسرعة نبضاته وأختناق قلبه بين ضلوعه من الغضب فتمتمت بضعف:-
-والله ي عيسي اللى مفيش أعز منه ولا أغلى منه عشان احلف بيه أن ما في راجل شاف شعرة منى غير نصر الله يسامحه، أنا مش خاطية وربنا شاهد عليا
كاد أن يفقد أعصابه من كلماتها ونبرة صوتها فرفع يده سريعًا ليصفعها فأغمضت عينيها بقوة خائفة ، لم يشعر بنفسه سوى ويده تمسك رأسها وتجذبها بقوة إليه لترتطم بصدره المتحجر فجهشت باكية بانهيار حين طوقها بحنان رغم نار غضبه التى تحرقه لكنه لم يقوى على استعمل القسوة معها، تشبثت به بقوة وهى تختبيء من هذا العالم القاسي بين ذراعيه فهمست بلهجة واهنة:-
-متسبنيش ي عيسي، أنا ماليش غيرك
مسح على رأسه بحنان رغم غضبه البارز فى ملامحه وقال بجدية صارمة:-
-مهملكيش يا عطر، محدش عاجل بيهمل حبيبته للناس
أتسعت عينيها بصدمة وتسارعت نبضات قلبها حين اعترف بحبه لها ورجل غيره فى موقف كهذا وصعيدي كان قتلها حتمًا، أم "عيسي" كان مختلفًا مُنذ أن رأته لأول مرة ومن النظرة الأول وهى تعلم أنه مُختلف عن الجميع، هذا الرجل أعلن حُبه لها فى اللحظة التى تحرقه ناره من الداخل وتهمش ثباته، أخرجت نفسها من بين ضلوعه وما زالت يديه تحيط بخصرها بأحكام لترفع نظرها إلى عينيه بدهشة وتوقفت عن البكاء بعد أن نجحت كلماته فى إيقافها لتتقابل عيونهما، عينيها الزرقاء التى هزمته كليًا إليها عبرت عن إمتنانها لهذا الحب بعناق دافئ وطويل لهذا الزوج من العيون البنية الداكنة
، هذه الفتاة تعشق القهوة ومع عينيه البنية كأنها أخذت رشفة من بن نادرًا جدًا تمكن من إسعاد عقلها والأستحواذ عليه فقالت بهمس شديد ولم تتحاشي النظر إليه رغم وجنتيها الوردتين من الخجل:-
-أنت بتحبني ي عيسي؟ أنا عطر لو مش واخد بالك
حرك يده اليمني من خلف ظهرها وترك اليسار وحدها تحيطها وتسللت إلى رأسها تضع خصلات شعرها خلف أذنها بدلال ودفء لتغمض عينيها مُستسلمة لنعومة لمسته وأجاب عليها بدفء ونبرة يملها الحنان الذي لم تحصل عليه فى حياتها:-
-أنا عارف أنك عطر... عطري أنا وحبيبتي وتاج رأسي، من أول لحظة دخلتى البيت دا وكنتِ مرعبة من الناس هنا وأنا جوايا حاجة سرجاني ليكي ، حاجة بتشدني ليكي، حاجة خلتني أجف جصاد أبويا وجدي ونصر عشانك من غير خوف ودى كانت أول مرة أعارض أبويا فيها، من أول ما عيني شافتك وأنا غرجان فيكي وماليش نجاة، مخابرش أنتِ جيتني منين يا عطر لكن الحاجة الوحيدة اللى خابرها أني جلبي دا مدجش ولا أتنفض أكدة غير ليكي أنتِ وبس
أنتفض قلبها مع كل كلمة تسمعها منه بنبرته الناعمة وقشعريرتها البريئة جعلتها تسمح لهذا القلب المجروح بأن يفتح أبوابه لهذا الرجل الوسيم، أبتلعت لعابها مع كلماته الأخيرة وأختفت تعابير الخوف والحزن من ملامحها ثم قالت بحب:-
-أنا مقابلتش رجل زيك ي عيسي، أنا يمكن لسه محبتكش بس منكرش أن برتاح معاك ومطمنة طول ما أنت معايا وجنبي وعارفة أنى هحبك لأن مفيش ست تلاقي كل الحُب دا من راجل ومتحبوش، بس أدينى وقت
أومأ إليها بنعم مع بسمة خافته وترك قبلة على جبينها ثم أخذها للفراش وقال بحب:-
-تصبحي على خير يا عطري
أومأت إليه بنعم ببسمة خافتة وتركها ثم خرج من الغرفة وما زال يمسك هاتفها فى يده وترجل للأسفل ثم أتصل على "مصطفي":-
-تعال عايزك
جلس ينتظر فى المكتب حتى جاء "مصطفي" إليه فأعطاه الرقم الذي يغازل زوجته وقال:-
-الرقم دا بتاع نصر، أنا عايزه
نظر "مصطفي" إلى عيني "عيسي" ورأى بها غضب لم يراه من قبل وكأن حديث "عطر" أعطاها الجواب حين نطقت اسم "نصر" ترجم عقله أن هذا من فعل هذا الحقير وهو من يسعي لتدمير حياته كما فعل "عيسي"، أومأ "مصطفي" إليه بنعم دون نقاش خوفًا من نظراته وهذا الغضب المكبوح بداخله، خرج من الغرفة وهو يعلم أن "نصر" وحده من يعرف تفاصيل جسد زوجته لأنها زوجته السابقة وثقته بـ "عطر" وأخلاقها لم تهتز مرة واحدة، حاول أن يهدأ من روعته قليلًا قبل أن يصعد إليها من جديد، رن هاتفه وأتسعت عينيه بدهشة من هذا الأسم المضئ فى شاشته "فتاتي الجميلة" ظل ينظر إلى الأسم وهو يحاول أن يفهم من هذه وكيف سُجل الرقم على هاتفه، أستقبل الأتصال بتوتر ووضع الهاتف على أذنيه وسرعان ما تبسم بعفوية على جنونها حين سمع صوتها تقول:-
-لسه زعلان
تنحنح بحرج وكبرياء قليلًا ثم قال:-
-عطر
ضحكت ببراءة ثم قالت:-
-مكنتش عارف رقمي؟
أومأ إليها بنعم فى هدوء لتقول بفضول:-
-عرفت تفتح التليفون
تعجب من كلماتها وأنزل الهاتف عن أذنه ليفتحه لكنه وجد أن هاتفه لديه كلمة سر للفتح فدهش ووضع الهاتف من جديد على أذنه وقال بضيق:-
-أنتِ لعبتي فى تليفوني؟
ضحكت بعفوية أكثر عبر الهاتف وقالت بحماس:-
-أكيد، ومش هقولك الباسورد غير لما تجيبلي حاجة حلوة تعجبني
ضحك "عيسي" عليها بعد أن أغلقت الهاتف معه وبدأ يفكر ماذا يجب أن يجلب لها وينال إعجابها ......
_______________________
حاولت "رؤية" العثور على طبيب نسا وتوليد لتجهض الطفل قبل أن يعلم "خالد" بحملها لكن كلما ذهبت إلي طبيب رفض الجراحة، تأففت بضيق وهى تسير فى الشارع بائسة والحزن يخيم على وجهها وقلبها، نظرت للسيارات الكثيرة التى تمر وفكر فى أن تلقي بجسدها أمام السيارة نزلت عن الرصيف وقبل أن تسير خطوة واحدة رأت "خالد" يترجل من سيارته مع فتاة اخري ويتشابكا الأصابع مما صُدم "رؤية" كليًا وهى تراه يخونها مع امرأة اخري ودلفوا للمطعم معًا و"رؤية" تحدق بهما من بيد وتفكر فى رد فعلها وماذا يجب أن تفعل أتذهب إليه وتواجهه بخيانته أم تلتزم الصمت كأنها لم ترى شيء ؟ لكن أو ما خطر ببالها هو طفلها الموجود فى رحمها وأوشكت على قتله لأجل زوجها الخائن فعادت للمنزل وأخترت الصمت والجهل عن خيانته حتى تفكر جيدًا فى قرارها قبل أن تفعل شيء...
داخل المطعم، وضع النادل الطعام من جميع الأصناف أمام "خالد" وهذه الفتاة فنظر "خالد" لها بأشمئزاز وهى تتناول الطعام بطريقة بذيئة، تنحنح بضيق ثم قال بأختناق:-
-أسمعيني وبعدين أطفحي
تركت الفتاة الطعام بهدوء وعادت بظهرها للخلف تحدق به فقالت "هند" بطمع:-
-هسمعك بس أنا مهغيريش رأي أنا عايزة 10 بكاوي عشان أعمل اللى انت عايزاه
أومأ إليها بنعم بخنق ووضع حزمة واحدة من المال وقال:-
-دول ألفين جنيه مجدم
أخذت المال وهى تضحك بسخرية ثم قالت بضيق:-
-هههه مجدم ايه أنا عايزة 10 بكاوي عربون يا خالد بيه ، أنت عاوزني أدخل بيت عيسي الدسوقي وأنجلك أخبره وعدد أنفاسه
همهم "خالد" بضيق ثم قال بجدية:-
-ماشي أن كانلك عن الكلب حاجة
ضحكت الفتاة بعفوية وقالت:-
-أفتكر أن من غير الكلب دا مش هتوصل للى عايزه يا بيه
عادت لتتابع تناول الطعام فتأفف "خالد" بضيق من برودها وترك المال على الطاولة ثم غادر قائلًا:-
-لما أكلمك تردي عليا
غادر المكان بعد أن دفع تكاليف الطعام للمطعم....
___________________________
استيقظت "عطر" من نومها صباحًا وفور فتح عينيها رأت باقة من الورود الحمراء أمامها فأعتدلت فى جلستها وهى تفرك عينيها بدهشة ونظرت إلى باقة الورود وحملتها بين ذراعيها تستنشق رائحتها بسعادة ثم رفعت رأسها تبحث عنه فى أرجاء الغرفة حتما زوجها من فعل ذلك فلما تجد له أثرًا، عانقت الباقة بسعادة فشعرت بشيء يسقط على قدميها ووجدت قلادة رقيقة فقالت بلطف:-
-عيسي
كان مع القلادة ورقة مكتوبة فتحتها وكان محتواها (أنتبهي لصحتك حتى أعود وإذا أحتجتي شيء أتصل بي)
رنت على "حنة" وسألت عن زوجها لتخبرها أنه سافر فى الصباح مع "مصطفي" إلي الإسكندرية، حزنت "عطر" لذهابه دون توديعها ووضعت القلادة حول عنقها بدهشة والسعادة تغمرها مُتناسية ما حدث أمس منه وحاولت النزول من فراشها مُتكئة على عكاكيزها الطبية وذهبت إلى باب الغرفة وحسمت أمرها بالضغط علي جسدها حتى تستطيع الوقوف دون حاجة إلى عكاكيزها تركت عكازًا جانبًا وبدأت تتحرك بواحد فقط أولًا تقدمت خطوة فالثانية ثم الثالثة بسعادة من نجاحها، أستغرقت أيام فى الحركة بصعوبة مرة تنجح ومرة تسقط وتخاونها قدميها حتى تمكنت من أستعادت عافيتها مستغلة فترة غيابه وكانت "فيروزة" و"حنة" يساعدوها فى العلاج ، وقفت "عطر" وحدها بمنتصف الغرفة دون عكاكيز ونظرت إليهم ثم تقدمت خطوة وأخرى ومع تقدمهم تساقطت دموع "حنة" فرحًا بعودة طفلتها لصحتها .....
___________________________
دلفت "خيرية " إلى غرفة أختها "خديجة" ورأتها جالسة على الفراش حزينة بعد أن تزوج "عيسي" من هذه الفتاة فى حين أنه لم يرفع نظره بها، تنهدت "خيرية" بضيق وقالت بلا مبالاة:-
-أنتِ تاني، يا بنتي هتفضل جاعدة وحاطة يدك على خدك اكدة، ما خلاص أتجوزها يا موكوسة
نظرت "خديجة" لها بضيق ثم قالت بخنق:-
-أيوة ما انا ناجصاكي أنتِ كمان مش كفاية أمك عليا ، الله يخليك يا خيرية خليكي فى حالك وفى جوزك
جلست "خيرية" أمامها على الفراش وقالت بمكر:-
-لا مش ناجصاني ، بس هتفيد بأيه جعدتك أكدة حابسة حالك فى الأوضة ومنهارة وهو برا عايش حياته ومبسوط
نظرت "خديجة" لها بهدوء وأدركت من نظرات أختها انها تلمح لشيء أو لديها فكرة تقترحها لتقول بفضول:-
-أنتِ عايزة تجولى أيه؟
ضحكت "خيرية" بهدوء شديد ونظرت إلى أختها بكيد وحسرة ثم قالت:-
-عايزة أجول الحجيجة للناس واللى حصل، أن عيسي اتجوز بنت عمه لما ضحكت على نصر أخوكي وفهمته انها شريفة ، تخيلي حريم البلد كلتها تعرف أن عطر خاطية كيف ما عاصم جوزها جبها وجال ولما اثرت أنها شريفة أخوكي أتجوزها ولما أكتشف أنها بتكدب طلقها ودلوجت كبير البلد متجوز واحدة لا مؤاخذة
صمتت "خديجة" قليلًا تفكر فى مكر أختها وهى تستغل الناس فى نشر الإشاعة وإثارة غضب "عيسي" من ألسنة الناس، ربتت "خيرية" على كتف أختها بنظرة شيطانية كتفكيرها الثعباني وقالت:-
-أسمعي مني، مفيش راجل يقلب أن يسمع الكلام دا عن مرته ودوغري هيطلقها ولو معملش على الأجل هتكوني أنتجمتي منه وخليت سيرة مرته على كل لسان وطفي شوية من نارك وتعكنني عليهم حياتهم شوية
أومأت "خديجة" بنعم فتبسمت "خيرية" ونادت على الخادم لتخبرها بالقصة وقالت فى النهاية:-
-تخيلي بجي يا فادية الناس تعرف الكلام دا
نظرت "فادية" الخادمة لهما بنظرة تساؤل لتبتسم "خيرية" لها بمكر لتتدرك أن هذه المراة تخبرها بنقل الحديث بين الناس فأومأت إليها بنعم وغادرت.....
_____________________________
وصل "عيسي" إلى المنزل ليلًا وترجل من سيارته مع "مصطفي" ثم تركه ودلف للمنزل ، رأى والدته "هدي" و"حنة" و"فيروزة" يقفون فى البهو بسعادة فدهش "من انتظارهم له ببسمة هكذا، أقتر ب وهو يقول:-
- خير واجفين أكدة ليه؟
تبسمت "فيروزة" بعفوية وبدأت تصفق بحرارة وعينيها تحدق بالدرج، ألتف "عيسي" مُنهكًا من السفر ليرى علما تنظر أخته فرأي "عطر" تنزل على الدرج وحدها وترتدي فستان زفاف أبيض مرصع باللؤلؤ وبأكمام شفاف من الدانتيل وشعرها مُنسدل على ظهرها وتضع مساحيق التجميل كاملًا وفوق رأسها تاج كبير من الفضة وكانت عروسة لم يري فى جمالها من قبل وتمسك فستانها بيديها مع خطواتها جيدًا وذيله الطويل يزحف خلفها على الدرج، رفعت نظرها إليه بخجل شديد من نظرات أنبهاره بجمالها وعينيه المتشبثة بها جيدًا لتشرد بهذه النظرات وكادت أن تسقط فى درجتها الأخيرة فهرع نحوها يمسك ذراعيها بيده بأحكام، نظرت "عطر" إليه بخجل وعينيها الزرقاء تغلبه وتستحوذ على ما بقي من عقله أمامها، أبتلع لعابه بأرتباك من جمالها فقطاع ربكته وشروده بها صوت والدته تقول:-
-مبروك يا ولدي
ألتف إلى والدته ونظر إليها وما زال مُتشبثًا بيديها فقالت "عطر" بعفوية رغم خجلها:-
-شكلى حلو
عاد بنظره إليها بعد سؤالها كأن نظراته وعينيه التى تفضحه أمامه لم تكن كافية لتسأله بلسانها فأومأ إليها بنعم وقال:-
-كيف البدر فى سماءه
ضحكت "عطر" بعفوية أمامه كأنها كانت بحاجة لسماع غزله بها وعينيه البنيتين تخبرها بما هو أكثر من لسانه، تحدثت "حِنة" قائلة:-
-خلي بالك منها يا عيسي، وحطها جوا عينيك ومتقساش عليها أبدًا
تبسم وعينيه على "عطر" ثم قال:-
-دي تاج على رأسي
قبل جبينها بخجل لتخجل "عطر" أكثر وتوردت وجنتيها أمامه فرأي قلادته فى عنقها ليبتسم أكثر، تبسمت "فيروزة" وقالت:-
-أدينا جوزناك أهو عشان عامر لما يجي تجوزني
ضحك الجميع عليها وربتت "هدي" على ظهرها بلطف، أخذها "عيسي" معه إلى الأعلي وكانت سعادته الأكبر هي رؤية زوجته تسير على قدميها وحدها دون مساعدة من اى شخص ....
أستيقظ "عيسي" صباحًا على صوت رنين هاتفه مرات متتالية ففتح عينيه وكانت "عطر" نائمة بجواره فوضع الغطاء عليها وأعتدل فى جلسته ليُحدث "مصطفي" بوجه ناعس وقال:-
-أيوة ي مصطفي
أخبره "مصطفي" عبر الهاتف بما جعله ينتفض من الفراش فزعًا فذعرت "عطر" من نومها على صوت حديثه لينظر إلى زوجته الناعسة بصدمة ألجمته وما زال "مصطفي" يتحدث على الهاتف ..........
وللحكـــايــــــــــــــــــــة بقيـــــــــــة ............
كبرياء صعيدي
الفصل الثاني عشر (12) بعنــــــــــوان " قلب برقة الفراشة"
كاد أن يخرج من الغرفة لكن اوقفه صوت "عطر" تقول:-
-فى حاجة يا عيسي؟
نظر إليها وهى تقف خلفه ترتدي روبها الناعم خائفة ووجهها مذعورًا من زواجها الذي فارق فراشه على خبرٍ ما فقال:-
-متطلعيش من أوضتك
خرج وتركها حائرة أكثر، ترجل للأسفل ليري والدته تقف وبجوارها "مصطفي" فسأل بهدوء:-
-أي اللى جولته دا ؟
تحدثت "هدي" هذه المرة نيابة عن "مصطفي" وقالت بضيق شديد:-
-البلد كلتها برا معندهمش سيرة غير عطر وجت البلد كيف وظهورها فجأة أكدة و....
قاطعها "عيسي" بضيق شديد يخنقه من الداخل:-
-خلاص يا أمي أنا خابر زين أنا هعمل أي
نظرت "هدي" إلى نظرات الشر التى تتطاير من عيني ابنها وأدركت أنه لن يتهون فى حق زوجته فكادت أن تتحدث لكنه لم يترك لها المجال وقال:-
-حِنة
جاءت "حِنة" إليها من المطبخ مع فنجان قهوتها فقال بجدية:-
-معلش هتعبك أطلعي خلى عطر تلبس هتطلع ويايا مشوار
أومأت إلي بنعم وصعدت إلى لتخبر طفلتها، تحدثت "هدي" بضيق قائلة:-
-تطلع مشوار، بجولك البلد كلتها بتكلم عن مرتك وأنا خارج تتفسح وتتبسط
تبسم "عيسي" بمكر شيطاني وقال:-
-وذنبها إي مرتي فى حديد الناس الماسخ، دى عروسة ومن حجها تتدلع وكفاية أن من يوم ما جت البلد وهى محبوسة هنا
كان يتحدث وهو يبحث عن شيء مجهول فى هاتفه ثم وضع الهاتف على أذنيه وأنطلق للخارج....
_________________________
أحضرت "حِنة" الخمار الوردي إليها بعد أن أنتهي من كويه وقالت:-
-معرفش بس كلهم تحت مضايقين ؟ تقريبًا فى حاجة حصلت؟
أومأت "عطر" إليها بنعم وقالت:-
-ربنا يستر يا حِنة؟
وقفت "حِنة" جوارها وهى تلف خمارها أمام المرآة وقالت:-
-المهم بس أنتِ طمننى عنك؟ مرتاحة نفسيًا كدة ولا أيه؟
تبسمت "عطر" بخجل ثم قالت بلطف:-
-أه مبسوطة، عيسي حنين يا حِنة
تبسمت "حِنة" بخباثة وأقتربت منها وهى تغمض عينيها بمكر فتبسمت "عطر" عليها وقالت بحرج:-
-أنا همشي عشان هتأخر كدة على عيسي
ضحكت "حِنة" عليها بعفوية وقالت:-
-طب صباحية مباركة ي عطر
ضحكت على هروب هذه الفتاة من الحديث وأتجهت نحوه الفراش بدلت ملايته ونظفت الغرفة ثم حملت فستان زفاف "عطر" من الأرض ووضعت معطر الهواء برائحة اللافندر ثم خرجت من الغرفة..
_______________________
أخذها "عيسي" فى سيارته السوداء وقاد بها، ظلت تنظر حولها على الطريق بإريحية تتأمل الطبيعة وجمال هذه البلد والأراضي الخضراء لأول مرة تخرج بعد خروجها مع "فيروزة" نظرت إلي "عيسي" وقالت:-
-بلدكم حلوة يا عيسي
لم يجيب عليها وكان وجهه عابسًا جدًا فألتفت إليه بجسدها كاملًا وحدقت بزوجها بقلق ثم قالت:-
-فى أي يا عيسي؟ مالك؟ أنا عملت حاجة ضايقتك؟
-لا
قالها بعبوس دون أن ينظر إليها فشعرت بحرج من تجاهله لها وفضلت النظر إلى النافذة بخنق، أوقف سيارته أمام منزل ثم ترجل منها وفتح الباب لها لكي تترجل من السيارة هى الأخري ، نظرت إليه يده الممدودة إليها وتشبثت بها بهدوء وهى لا تعرف شيء ولا تفهم ما بداخله وإلى أين يأخذها؟ دق الباب أولًا لتفتح له "فادية" ودهشت عندما رأته مع زوجته ودلفت إلى الداخل مذعورة من قدومه بهذا الوقت من الصباح مع زوجته، كان "ناجي" و"خضرة" و"نصر" و"خالد" وخديجة" جالسون على السفرة يتناولون الإفطار فسألت "خضرة" بعفوية:-
-مين يا فادية؟
أتاها صوته الذي فزع الجميع من أماكنهم يقول:-
-دا أنا يا مرت عمي
ألتف الجميع على صوت "عيسي" ووقف "نصر" مُصدومًا وغاضبًا من "عطر" التى تقف جواره ويمسك يدها، دُهش الجميع عندما جلس "عيسي" على مقدمة السفرة الأخري مقابل "ناجي" وسحب المقعد لتجلس "عطر" جواره التى يحتلها الدهشة مثلهم تمامًا من حضور بها إلي هنا دون أن يخبرها سابقًا، تحدث "ناجي" بضيق قائلًا:-
-أي اللى حدفك عليا يا بن الدسوقي
أخذ "عيسي" سكين وقطعة من الفطير بلا مبالاة وبرود شديد يكاد يجلط قلوبهم وقال:-
-أبدًا كنت جاعد فاضي جولت أجي أفطر وياكم ما إحنا أهل برضو
تأففت "خديجة" بضيق وقلبها الذي أحترق بنيرانه عندما رأته جوارها وقد أحضرها إلي بيتها بكل برود فى حين أنها تتمزق من ذلك وقالت:-
-أنا طالعة أوضتي
تحدث "عيسي" بنبرة حادة غليظة أرعبتها قائلًا:-
-أستني
أرتعبت من نبرته وألتفت إليه خائفة وقد كانت نبرته كفيلة بأن تخبر الجميع بأنه جاء لأعلان الحرب عليهم علنٍ، أبتلعت لعابها فى صمت ليضع "عيسي" بعض من المربي على قطعة الفطير بغيظ وتناولها ببرود ليختنق "نصر" أكثر وقال:-
-ما تجول عايز أيه؟ ما أنت مش جاي فى خير
ضحك "عيسي" بعفوية وقدمت قطعة الفطير الباقية إلى زوجته الجالسة جواره وقال:-
-بالهنا يا حياتي
فتحت فمها فى ذهول من قوة زوجها وجرائته التى جلبته إلى منزلهم ويهددهم بشجاعة، لم تنكر "عطر" أنها رأت فى وجههم الفزع من وجوده ونبرته قبضت قلوبهم،
مسك نبوته من جديد وعاد بظهره للخلف بأسترخاء ثم قال:-
-بصراحة أنا جاي أعاتبكم بجي اتجوز وميجيش واحد فيكم يجولي مبروك ولا حتى ي مرتي عمي تدخلي عليا بحاجة فى الصباحية ، مكنش العشم يا عمي دا أنا جولت أنت أول واحد هتجبلي هدية جوازي بس ملحوج أجيبلك أنا هدية على جدي
تأفف الجميع بضيق من بروده ليدق جرس الباب وتفتح "فادية" ويصدم الجميع عندما ظهرت العساكر ورجال الشرطة فى المنزل وأخذوا "نصر" و"خالد" وسط صراخ "خضرة" وتساؤل "ناجي" ، فزعت "عطر" من مكانها ووقفت بقرب "عيسي" ليضع يده على يدها يطمئنها وهمس إليها قائلًا:-
-متخافيش يا عطري
سمعته "خديجة" لتشمئز من وجودهما فوقف "عيسي" وهو يقول بغضب مكبوح بداخله:-
-دى هديتي ليكم بمناسبة جوازي
أتسعت أعين الجميع أمامه ليرفع نبوته أمام وجوههم وقال:-
-أنا قدمت بلاغ أن ابنك خالد سرجني ونصر زور امضتي واستولي على مالي بعد ما ضرب عليا أنا ومرتي
نظر الجميع له بصدمة لتقول "خضرة" بضيق:-
-بس عيالي معمولش كدة
ضحك "عيسي" بسخرية وقال:-
-أثبتي تعرفي ، الحكومة لاجت الفلوس والذهب المسروج فى شجة ولدك خالد يعنى لابساه لابساه ، اما على نصر الرجالة كترة جوى جوا الدار وألف واحد بنظرة مني يشهد أنه شافه وعملها
لطمت "خضرة" وجهها بغيظ وعجز وهى ترى أولادها فى النار وصرخت:-
-ليه؟ عملولك أيه؟ ذنبهم أيه؟
صرخ بها بأنفعال شديد ويكاد صوته يقتلهم من نبرته المرتفعة:-
-ومرتي ذنبها أيه؟ أنا اللى يفكر يأذي مرتي أمحي من على وش الأرض، ورب الكعبة لأدفعك أنتِ وعيالك وجوزك تمن كل كلمة أتجالت على مرتي بالكذب ، دى حركة زبالة متطلعش غير من ناس زبالة زيكم، بكرة تعرفي أني مش ضعيف أنا كنت بصون عضم التربة اللى بيننا وأنتوا اللى بدأتوا
أخذ زوجته وخرج من المكان وهى فى حالة من الصدمة مما يفعله وقبل أن يركب سيارته سحبت "عطر" يدها من قبضته وقالت:-
-أنتِ سجنتهم ظلم؟
تأفف "عيسي" بضيق وقال:-
-أركبي يا عطر
سألته من جديد بضيق أكبر من رؤيتها للظلم أمام عينيها:-
-رد عليا أنت عملت كدة؟ أنت ظلمت وأستقويت لأنك الأكبر ، بدوس على الضعيف ليه ؟ فهمني ليه يا عيسي ليه؟
صرخ بها بأنفعال شديد وقال:-
-ما تروحي تمشي فى الشارع وتسمع بيتجالك عليكي ايه؟ أنا ما ظلمتش يا عطر أنا شربتهم الكأس اللى شربوكي منه
أتسعت عينيها على مصراعيها بدهشة من حديثه ونظرت حولها لتري الجميع ينظر عليهم فقالت بضيق:-
-أنا هروح لوحدي؟
مسك يدها بغضب خائفًا عليها فنفضت يدها بقوة منه وقالت:-
-ماكلش دعوة بيا أنت فاهم؟
سارت أمامه ليغلق باب السيارة بقوة وسار خلفها فى صمت، خيم الحزن على قلبها وهى تراه يظلم ويذل الغير بقوته وماله، قاطع شرودها حديث البعض عندما قالت أحدهن:-
-بصي هي دى بنت مصر، يا بجاحتها ماشية أكدة وسطنا بكل بجاحة وعين مكشوفة
=دا أنا لو مكانها كنت دفنت نفسي فى الأرض زى شرفي المداس فى الأرض
-حطت رأس العائلة فى الأرض لما فرطت فى شرفها وجاية بكل عين جوية تمشي جصاد الناس ولا يهمها حد
توقفت "عطر" عن السير وألتف إليهم مصدومة مما تسمعه وحديث الناس عنها لتدرك سبب فزعه صباحًا من النوم ولما جاء بها إلى منزل عمه الآن وسبب غضبه، لقد فهمت بهذه اللحظة سبب تهديده لهم بالأنتقام لاجل زوجته، نظرت لهم فى ذهول من ألسنتهم السليطة عليها دون رحمة، أشمئزت امرأة تبيع الخضار من نظراتها فوقفت من مكانها وأخذت الدلو الملئ بالماء المتسخة وسكبته أرضًا نحو "عطر"، طأطأت "عطر" رأسها للأسفل حيث قدمها وفستانها الذي ابتل من الماء وقبل أن تتحدث رأت ظله أمامها كالدرع الحامي لها، رفعت "عطر" نظرها للأعلي وقالت بخفوت:-
-عيسي!!
تنهد بضيق من وجهها العابس والحزن خيم على قلبها فى حين أن المرأة انتفضت ذعرًا من وجوده أمامهم على سهو وتحاشت النظر إلى "عطر" هى وصديقاتها، كاد "عيسي" أن يلتف لهم لكنه شعر بيدها الصغيرة تتشبث بوشاحه الموجود حول عنقه فنظر إلي يدها ووجهها فهمست إليه بهدوء:-
-روحني
أصر على الذهاب لهم لكنها منعته ولم تترك وشاحه من يدها فأستسلم لرغبها وسار بجوارها فى صمت وهى تفكر كثيرًا وكلما رأهما أحد نظر فى صمت البعض تعجب من جمال هذه الفتاة صاحبه الأحاديث الدائرة بينهم والبعض يصمت خوفًا من هذا الرجل، لكن جميعهم تحدثوا عن جمالها ولباسها المُشرقة بفستانها الأبيض صاحب الفراشات الملونة وخمارها الوردي المفعم بالنعومة والحياة فى لونه، القليل من ذكروا قصة والدها الذي تخلى عن عائلته للزواج من مصرية وربما كانت جميلة كابنتها لذا سُحر بها ....
وصلوا للمنزل وصعدت "عطر" للأعلى فى صمت أغتسلت وبدلت فستانها المتسخ بشرود وعقلها لا يستوعب قذارة هؤلاء الأشخاص وهم عائلتها لكن كل شخص منهم يتلذذ بتعذيبها، تنهدت "عطر" بصعوبة وهى تجلس أمام المرأة تصفف شعرها فى حيرة غير مستوعبة ما حدث كالجسد بلا روح لتسقط يدها على قدميها من العجز وقد فقدت قوة تحملها على كل شيء وجهشت باكية وحديث هؤلاء النسوة يتردد فى أذنها ......
_________________________
نظرت "هدي" إلى وجه "رؤية" بأندهاش وتفحصت من الرأس لأخمص القدم ثم قالت بهدوء:-
-يعنى أي هتجعد ويانا؟ هي مين دى ؟
تأفف "عيسي" بضيق شديد من إصرار والدته على الحديث وهو لا يقوى على سماع شيء الآن فقال بضيق:-
-مرت خالد، طلعيها يا دهب فوج
أخذتها "ذهب" إلى الأعلي وكانت "رؤية" تتفحص المكان بأندهاش من فخامته وجماله وتتذكر كيف حسمت أمرها وأخترت طفلها عن زوجها الخائن رغم عشقها له؟ حاولت الاتصال بـ "خالد" كثيرًا لكنه لم يجب عليها وأول ما أحتل أفكارها أنه مع هذه الفتاة التى يخونها معها فقررت أن تنتقم منه لأجل طفلها وحياتها وتعاقبه على خيانته، ذهبت إلى منزل "عيسي" وأقتربت من البوابة ليوقفها "عبدالجواد" قائلًا:-
-على فين يا ست أنت؟
تنحنحت "رؤية" بحرج وهى ترتدي عباءة ونقاب تخفي ملامحها عن هذا الرجل وقالت بتوتر:-
-كنت عايزة أستاذ عيسي؟
رمقها "عبدالجواد" بقلق من هيئتها ولهجتها المختلفة عنهم ثم قال:-
-مش موجود
ألحت "رؤية" على مقابلة "عيسي" وهى تعرف أنه عدو زوجها وعائلته ووحده من يستطيع الانتقام لها فأتصل "عبدالجواد" على "عيسي" وأخبره بوجود "رؤية" ثم أغلق وهو يقول بحدة:-
-هات العربية يا ولد
وقفت سيارة أمام المنزل فصعد بها "عبدالجواد" ومعه "رؤية" ثم أخذها إلى المكتب الخاص بـ "عيسي" ودلفت إلى المكتب مع "عبدالجواد" فرفعت النقاب عن وجهها وقالت:-
-أنا رؤية مرات خالد ابن عمك
نظر "عيسي" لها بدهشة وهو يعرف أن "خالد" لم يتزوج بعد وأيضًا رفع "رؤية" للنقاب أمامه فجلست "رؤية" فى هدوء وأخبرته بحكايتها وكيف تزوجت "خالد" ليقول "عيسي" بضيق شديد:-
-أنا يخصني أي فى كل دا؟
تنحنحت "رؤية" بضيق وقالت:-
-عارف لما الست تضحي بكل حاجة حتى أهلها وتحرم نفسها من الخلفة عشان راجل بتحبه وفى الأخر يخونها بتحس بأي، بتحس بحاجة وحشة أوى حاجة متتوصفش لكنها مش بتوجع لا دى بتقتل وكأنك خلعت قلبها اللى حب ورميته فى النار وخدت عقلها منها فأتجننت، أنا كدة أتجننت لما خاني وجيت هنا
رفع حاجبه إليها بهدوء وصمت دون أن يقول شيء لتتابع "رؤية" بجدية:-
-أنا عايزاك تعرف أن خالد مش ملاك ولا صمته وبُعده عن العائلة دا طيبة، خالد مش بتاع بنات زى ما أنتوا فهمني ، خالد راسم عليكم الفكرة دى وأنه بغيب عشان مع الخوجات، أنا جاي أقولك أن خالد هو اللى دبر لحادثة جدك
أتسعت أعين "عيسي" على مصراعيها بصدمة ألجمته وهى تخبره بالفاعل والقاتل الذي بحث عنه كثيرًا منذ وفأة جده ووالده فقال بتلعثم:-
-أنتِ واعية انتِ بتجولي أيه؟ ولا خيانته ليكي طيرت الباجي من عجلك
تبسمت "رؤية" بثقة ثم قالت بعد أن رفعت ساعدها على المكتب:-
-واعية وعارفة أنا بقول أي؟ بقول أن خالد هو اللى أجر السواق وخلاه ينفذ بعربية النقل اللى ملك نصر أخوه واللى كان مقصود يومها عربية نصر مش جدك ولا أبوك بس الرجل اللى كان بعته وراهم رجع وقاله أن السواق غلط وقلب عربية جده لأن حسب الإتفاق السواق هيدوس العربية الأولى ويومها الرجل قال لخالد أن نصر ركن على جنب وعدت عربية جده عشان كدة السواق غلط
فزع "عيسي" بغضب مما يسمع وقد حصل على قاتل والده وجده وقال:-
-جومي، جومي وريني السواج دا
هزت كتفيها بعجز وقالت بهدوء وخيبة أمل:-
-الله يرحمه، خالد جتله لما عرف أنه غلط
جلس "عيسي" على مقعده من هول الصدمة وقال بأنهيار تام:-
-يعنى اي مفيش دليل
تبسمت "رؤية" بغضب نابع من خيانته وكسرة قلبها العاشق بعد كل شيء فعلته لأجله وقالت:-
-ممكن تلاقي دليل وبلاوي تانية فى الخزينة اللى فى بيتي، ما هو أصل خالد عنده كتير أوى مخبي في بيتي أمن مكان عشان محدش يعرف هو عنده ومعندوش اي
ومن هنا جاءت فكرت الانتقام وسرقة المال بعد ان أخبر "عيسي" الشرطة عن مكان الشقة لتجد الشرطة المال والذهب الذي سيثبت الجريمة عليه .......
_________________________________
صعد "عيسي" إلى غرفته ليلًا فرآها تجلس على حافة الفراش مُرتدية بنطلون أسود فضفاض وتي شيرت أبيض حزينة ووجهها عابس فقال بلطف:-
-مساء الخير
لم تجيب "عطر" عليه لتنهد بهدوء وذهب للجلوس جوارها وأنتبه إلى شنطة سفر قرب السرير ليقول:-
-أي الشنطة دى ؟
تحدثت "عطر" بنبرة خافتة دون أن تنظر إليه قائلة:-
-طلقني يا عيسي
أتسعت عينيه على مصراعيها بدهشة وحدق بها مُتمتمًا بعجز:-
-أنتِ جولتي أي؟
دمعت عيني "عطر" بضعف وحزن شديد ثم قالت:-
-طلقني، سيبنى أرجع القاهرة، أنا من يوم ما جيت هنا وأنا بتوجع وبيتأذي بس، أنت مش واخد بالك ولا أي ، خلينى أرجع القاهرة أعيش فى سلام زى ما كنت ، كانت أقصي مشاكلي ديون أبويا لا كنت خايفة يضرب عليا نار ولا يتقال عليا كلمة وحشة ولا واحدة عايزة تخلص منى عشان تأخد جوزي ولا ورث وثأر، أرجوك لو فى جواك ذرة حُب ليا سيبنى أمشي وأرجع لسلامي وكليتي وأصحابي أنا مش عايزة فلوس ولا حب ولا جواز أنا عايزة أعيش فى آمان وراحة
لم ينطق بكلمة واحدة أمام دموعها وكلماتها القاسية مما أغضب "عطر" أكثر فقالت بضيق شديد :-
-طلقني لأنك لو مطلقتنيش أنا همشي وأسيبلك البيت أنا مش عايزة أعيش معاك ولا عايزة أشوفك أرحموني يرحمكم ربنا
غادرت الغرفة باكية وما زال "عيسي" صامتًا ليرفع يده ووضعها على قلبه الذي يبكي ويختنق بداخله منذ أن أخبرته بقرار الفراق، وضع يديه الأخري على عنقه كأن هناك من يخنقه ولم يستطيع التقاط أنفاسه جيدًا يخشي الفراق والبُعد عن فتاته الجميلة وكأن الجميلة لم تقو على البقاء مع الوحش كثيرًا ......
وللحكـــايــــــــــــــــــــة بقيـــــــــــة ............
كبرياء صعيدي
الفصل الثالث عشر (13) بعنــــــــــوان " ربــــاط القـــدر "
نظرت "هدى" إلي وجه "عطر" بحزن ولم تصدق أن ابنها دُمر زواجه وكأن الحزن كتب على جدران هذا المنزل كتعويذة لا يمكن الفرار منها، تحدثت "عطر" بهدوء شديد قائلة:-
-معلش يا مرات عمي أنا كدة هكون مرتاحة
قاطع "عيسي" حديثها بنبرة قوية قائلًا:-
-خلاص يا أمى كفاياكي بكى، عطر عندها امتحانات وجامعة ولازم تسافر عشان مصلحتها
نظرت "عطر" له بصمت ولم تعقب، جاءت "دهب" من الخارج وقالت بهدوء:-
-أنا حطيت الشنط فى العربية، والله هنتوحشك جوي يا ست عطر
تبسمت "عطر" بعفوية ثم قالت بحزن على رحيلها:-
-وأنتِ كمان يا دهب هتوحشينى، هونتي عليا كتير هنا
دمعت عيني "دهب" حزنًا لتعانقها "عطر" بلطف وربتت على ظهرها ثم ألتفت إلى "فيروزة" وقالت:-
-هتوحشينى يا فيروزة، أبقي قوليلى على فرحك عشان أجي
أجابتها "فيروزة" ببكاء شديد على فراق "عطر" وهى كانت بمثابة الأخت والصديقة لها هنا قائلة:-
-أكيد أنا مش هتجوز من غيرك يا عطر خلى بالك ولازم تيجي عشان تشتري معايا الفستان وتكوني جنبي
أومأت إليها "عطر" بنعم ثم خرجت للخارج مع "حِنة" التى صعدت للسيارة أولًا،نظرت "عطر" إلى "عيسي" زوجها الواقف صامدًا أمامها ولا يبالي برحيلها عنه وشعرت بوخزة فى قلبها تؤلمها بسبب الفراق الذي فتحت بابه بينهما فقالت بلطف:-
-خلى بالك من نفسك يا عيسي وشكرا على كل حاجة عملتها عشاني
لم يقوى على الرد عليها وهو الآن يودعها ولا يعرف متى سيراها من جديد، فتاته الصغيرة التى سرقت قلبه والآن ترحل دون أن ترد هذا القلب لصاحبه، تأمل عينيها الزرقاء وملامحها كأنه يحفورها بداخل قلبه المُلتهب الذي يصرخ بالداخل لأجلها فقال بجحود مصطنعًا القوى وكبريائه يتملكه:-
-أنا معملتش غير الواجب يا بت عمي
تألمت كثيرًا من تلقيبه لها وحتى اسمها لم يلفظه بشفتيه مُعلنٍ عن غضبه من قرارها بالرحيل عنه وطلبها للطلاق منه، تأملته وهو يقف أمامها يمسك نبوته بيديه الأثنين بقوة وملامحه باردة لا تبدي أى رد فعل على رحيلها فقالت بضيق من كلماته الأخيرة:-
-أنا فعلًا كنت بنت عمك
ألتفت لكي تصعد للسيارة مع "منصور" أحد رجاله الموثقين وأغلقت الباب مُتجاهلة النظر إليه فنظرت "حِنة" عليه مُتعجبة صموده وكبريائه الذي يراها ترحل عنه ولم يوقفها أو يمنعها بل فتح لها باب الرحيل برحب شديد، أنطلق "منصور" بالسيارة لتخرج تنهيدة قوية من بين ضلوع "عيسي" على رحيلها مُعباة بالإنكسارات والخذلان الذي أحتله حين تخلت زوجته عنه من أول عقبة واجهتهما فى طريقهما ورحلة زواجهما..
دلف إلى مكتبه صامتًا والجميع مندهشون من صموده هكذا وهدوئه، دمعت عينيه حين أصبح وحده فى الغرفة ووضع يده على قلبه يقاوم هذا الألم والغصة الموجودة بين أوردة قلبه العاشق، دق باب المكتب ليمسح دموعه سريعًا وأذن بالدخول وكان "مصطفي" مساعده الذي قال فور الدخول:-
-وصلت لمرت السواق اللى خبط عربية أبا الحج
أومأ "عيسي" بنعم وخرج معه ليذهب إلى هذه المرأة ......
____________________
ترجل "ناجى" مع "خديجة" ابنته من سيارة الأجرة بعد عودتهما من النيابة، نظر مطولًا للمطعم وقال بهدوء:-
-أستن أهنا يا خديجة دقيقة وطالع
أومأت إليه بنعم ووقفت محلها تنتظره بعد أن دخل "ناجي" المطعم ووقع نظره على الطاولة الخاصة بـ"حامد"فأسرع نحوه بلهفة وصدمة القبض على أولاده ما زالت تتملكه وقال بضيق:-
-عاوزك تساعدني يا بيه
نظر "حامد" إلى "ناجي" بأشمئزاز وترك الشوكة من يده ثم قال بغضب سافر:-
-أساعدك، ما انا ساعدت جبل سابج لما خلصتك من أبوك وأخوك وأنت طلعت عيل ومخلصتش اللى عليك
جلس "ناجي" على المقعد المقابل للطاولة بتوتر بعد القبض على أولاده وقال بأرتباك:-
-أعتبرها خدمة انا مستعد أدفع أى حاجة تمنها، عيسي بلغ عن ولادي التينن وأتجبض عليهم ، ساعدني الله يخليك وأنا هعملك اللى عايزه كله
عاد "حامد" بظهره من الخلف بلا مبالاة ولا يهتم لأى شيء أخر وقال ببرود سافر:-
-أسف انا مفتحهاش ملجأ ولا عاشجك فى الضلمة عشان أفضل أعملك وأنت نايم فى العسل
وقف "حامد" من مكانه ليغادر المكان وخلفه مساعده بينما هرع "ناجي" خلفه وكاد "حامد" أن يصعد السيارة، رأت "خديجة" والدها وهو يتحدث مع هذا الرجل وشبه يترجاه فغضبت كثيرًا من هذا الرجل وإذلال والدها فذهبت نحوه وقالت:-
-بابا
ألتف "حامد" إلى الصوت وهكذا "ناجي" ليُدهش عندما رأى "خديجة" فتاة متوسطة الطول ليست بقصيرة وبجسد ممشوق ترتدي فستان وردي اللون ضيق وفوقه طبقة أخر كالقفطان المفتوح وردي وترتدي حذاء أبيض اللون، ذات العيون العسلية الفاتحة كأشعة الشمس الذهبية وبشرة متوسطة البياض يحتل خدودها الممتلئة نقط بنية (نمش)تُزيدها جمالًا على جمالها وشعر بني طويل مسدولًا على ظهرها وتضع حجاب بمنتصف رأسها كرابطة لها، تحدث "ناجي" بنبرة جادة قائلًا:-
-أستن يا خديجة بس..
قاطعه "حامد" الذي لم يرفع نظره عن هذه الفتاة قائلًا:-
-بنتك !!
أومأ "ناجي" بنعم له فتبسم "حامد" بمكر وعينيه الخبيثتين تلتهم هذه الفتاة من الرأس لأخمص القدم، أبتلعت "خديجة" لعابها بأرتباك من نظرات هذا الرجل لها وأغلقت القفطان بيديها مُشمئزة من نظراته وكيف لرجل بعمر والدها أن يحدق بها بهذا النظرات التى قرأتها "خديجة" جيدًا فهي نظرات رجل يطمع بهذه الفتاة التى أمامه وقال:-
-أركب يا ناجي
صعد "حامد" بالمقعد الخلفي فتشبثت "خديجة" بيد والدها وقالت:-
-بلاش يا بابا
تحدث "ناجي" بضيق شديد من عناد ابنته وتذمرها قائلًا:-
-محدش هيساعدنا ويطلع أخواتك غير الراجل دا
أنهي "ناجي" حديثه وصعد بالسيارة بجانب "حامد فتأففت "خديجة" بضيق وصعدت بالمقعد الأمامي جوار السائق فقال:-
-ولادك أتقبض عليهم كيف؟ وليه؟
كانت "خديجة" تحدق بالشوارع من النافذة بينما "حامد" يتحدث وعينيه تتفحصها جيدًا وكأنه سُحر بجمال هذه الفتاة أو لم يري أنثي من قبل، لم يستمع لكلمة واحدة مما قالها "ناجي" وهو شاردًا بها حتى وصلوا لشركة "حامد" وأتجه إلى مكتبه وبعد أن جلسوا جميعًا قال "حامد" وعينيه تحدق بمساعده :-
-عز ، خد ناجي بيه يجعد وي المحامي وشوفه الجضية هتوصل لأي
فهم "عز" نظرات رئيسه فقال بهدوء:-
-أتفضل يا ناجي بيه
نظر "ناجي" لأبنته وقال بجدية مُتحمسًا لمساعدة أولاده:-
-مهتأخرش عليكي
أومأت إليه بنعم رغم خوفها من البقاء فى هذا المكتب مع هذا الرجل المختل، خرج "ناجي" مع "عز" وظل "حامد" يرمقها بنظراته وهو جالسًا على مقعده خلف المكتب فقال:-
-تشربي أي؟
-شكرًا
قالتها "خديجة" وهى تجلس على الأريكة بعيدًا عنه، تبسم "حامد" وهو يرفع سماعة الهاتف وقال بعفوية:-
-هاتلي الجهوة بتاعتي وواحد عصير برتقال فريش وأى كيك او أى حاجة على ذوجك
وضع السماعة محلها ووقف من مكانه ليذهب نحو "خديجة" ثم جلس على المقعد المجاور للأريكة وقال:-
-جولتلي أسمك اي؟
تأففت "خديجة" بجدية وقالت:-
-مجولتلكش ... واسمي خديجة
تبسم على جرائتها وقوتها فوضع قدم على الأخري بغرور ثم قال:-
-عاشت الأسامي يا جميل
أندهشت من أحتكاكه بها ورمقته بنظرة ثاقبة رجل بعمر والدها تقريبًا لكنه فى الشكل أصبي بكثير من والدها شعره الأسود الكثيف وعينيه البنية بدون لحية مما يجعله أصغر سنًا بجسد رياضي كأنه يحافظ على صحته ويرتدي بدلته الزرقاء بقميص أبيض ورابطة عنق مخططة بألوان كثير، تبسم "حامد" وهو يري عينيها تتفحصه ثم قال:-
-أنتِ خريجة اي؟
تنهدت بضيق وقالت بملل:-
-دبلوم تجارة
دلفت السكرتيرة بالقهوة ووضعت الصينية أمامه على الطاولة وغادرت فتابع حديثه وهو يأخذ فنجان القهوة بيده:-
-ليه أنتِ عندك كام سنة
تنهدت "خديجة" بضيق شديد ثم قالت بعبوس من أسئلته:-
-24 سنة ومش متجوزة ولا مخطوبة وبحب عيسي ولد عمي تحب تسأل حاجة تانية
ضحك "حامد" على ذكائها وقد فهمت معني نظراته وخمنت جيدًا السؤال القادمة عن حالتها الاجتماعية ثم قال بعد أن ارتشف رشفة من قهوته:-
-ههههه وذكية
نظرت للجهة الأخري بضيق شديد من هذا الرجل .........
_____________________________
وصل "عيسي" مع "مصطفي" إلى منزل السائق واستقبلته السيدة بوجه مُنهك من الحزن فقال "عيسي" بهدوء:-
-جوزك ميت كيف؟
-ولاد الحرام كتير يا بيه، منه لله
سألها "عيسي" بهدوء ما قبل العاصفة وبداخله بركانٍ ناريٍ فقال بحدٍ وتحدٍ:-
-جصدك اي؟ جوزك أتجتل ليه؟ جولي متخافيش أنا هحميكي أنتِ وعيالك ولا مش خايفة على عيالك؟
تنهدت بهدوء شديد ثم قالت:-
-مخرباش يا بيه أنا كل اللى أعرفه أن فى واحد أديله فلوس كتير جوى عشان ...
صمتت ولم تكمل الحديث فتابع "عيسي" بثقة قائلًا:-
-عشان يجتل نصر الدسوقي مش دا جصدك
أتسعت اعين هذه المرأة وقالت بثقة شديدة:-
-لا يا بيه، جوزي جالي أن اللى دفع له ..دفع له عشان يجتل كبير بلد جنبينا أهنا وهيدفع له اكتر لما يخلص وهيسفرنا مصر
أتسعت أعين "عيسي" على مصراعيها وهو يستمع لهذا الحديث المختلف عن حديث "رؤية" حين أخبرته أن "خالد" أراد أن يتخلص من أخيه "نصر" فقالت المرأة مُتابعة الحديث:-
-أنا حذرته أن بلاش يجري وراء الفلوس ما دام الرجل دا كبير ومهم هيفتح علينا نار وإحنا غلابة مإحناش جد الناس دى بس هو مسمعش منى والفلوس لمعت فى عينيه وطلع عشان يجتله ومرجعش وبعدها الناس لاجوا جتته على الطريق واللى دفعله مظهروش تاني وراح هو
سألها "عيسي" حيرة مما يسمعه:-
-متعرفيش مين الناس دول؟ مجالش جصادك اسمهم أو رجم تليفونهم أى حاجة توصلني ليهم
-لحظة واحدة
قالتها ووقفت من مكانها تحضر هاتفها وهى تتحدث بثقة :-
-مرة رن علي الرجل من تليفوني عشان معهوش رصيد
أخذ "عيسي" الهاتف وحفظ الرقم فى هاتفه ثم رحل بعد أن ترك المال لهذه المرأة.....
__________________________
أوصلها "منصور" إلى شقة جديدة وكانت مفروشة بأثاث جميل وألوانها الجميل ثم أعطها المفتاح وقال:-
-أتفضلي المفتاح، عيسي بيه أشتري الشجة دى وفرشها وسجلها باسمك
نظرت للعقد والمفتاح بأندهاش ثم أخذتهم ورحل "منصور"، سقطت دمعة من عيني "عطر" بأختناق كأنها لم تتحمل البقاء هنا دونه فقالت "حِنة":-
-كان لازمته أي الفراق ما دام تعبك أوى كدة
لم تُجيبها "عطر"، بل دلفت إلى الغرفة وحدها وجلست على الفراش بحزن خيم على قلبها دون أن تتجول فى الشقة وكأن روحها لا تقوي على فعل شيء، ظلت على الفراش حزينة ومسكت هاتفها ثم فتحت صندوق المرسلات بينهما ولم تقوى على كتابة رسالة له فألقت بالهاتف على الفراش وهكذا جسدها وبدأت نوبة البكاء فى هدوء و"حِنة" تستمع لبكاءها من الخارج ولا تعلم لما قررت هذه الفراق ما دامت أصبحت تكن له المشاعر الآن ويحتل قلبها .....
بدأت تتأقلم على حياتها بدونه فى شقتها الجديدة وعادت لجامعتها بعد أن خسرت سنة جديدة بسبب مرضها الذي أخرها عن الامتحانات ...
_________________________
جلس "عيسي" على الفراش بغرفته ويمرر يديه على الفراش بلطف مُشتاقًا لها ولوجهها ورائحتها، لا يصدق بأنه لم يستطيع ضمها سوى ليلة واحدة وفارقته بعدها، أشتاق لعناقها وعبيرها وضحكتها، فتح هاتفه على صورة الانستجرام الخاصة بها وظل ينظر إليها بأشتياق واليوم شاركت صورة جديدة لها وهى تحمل كوب نسكافيه ورقي داخل الجامعة وبين يديها كتبها وترتدي نظارة نظر دائرية جميلة، كانت مُنهكة فى الصورة وكتبت على الصورة (أول امتحان ميد ترم ) لم يصدق أن اليوم بدأت امتحاناتها، صُدم عندما وجد شاب كتب لها تعليقًا على صورتها بدعوة مما أفزعه واشتعلت نيران الغيرة بداخله مما جعله يغادر الغرفة كالثور الهائج ...
_____________________
خرجت "عطر" من غرفتها تحمل كوب من الكاكاو الساخنة فسألتها "حِنة" بدهشة:-
-أنتِ مش هتروحي المراجعة
أجابتها "عطر" بتعب وخمول فى جسدها قائلة:-
-لا ، جسمي تاعبني شوية هذاكر هنا
أومأت إليها "حِنة" بنعم وهى جالسة على السفرة تقطع البطاطس شرائح، شعرت "عطر" بدوران فى رأسها وأهتز جسدها على سهو ليسقط منها الكوب أرضًا مما جعل "حِنة" تفزع من مكانها وقالت بلهفة:-
-حصل أي؟
مسكت "عطر" رأسها بألم وقالت:-
-دوخت شوية، أنا هنضفها
أخذتها "حِنة" من يدها بقلق وقالت:-
-أنا هنضف، طمنني عليكي بس أنتِ كويسة
أومأت إليها بنعم وجلست على الأريكة لتنظف "حِنة" الأرضية وألتفت لترى "عطر" غاصت فى نومها على الأريكة فتركتها محلها ووضعت غطاء عليها ربما حصلت على حمي بسبب تغير الجو وقدوم الشتاء وأعدت الغداء لأاجلهما وصنعت حساء دافئ لها، جهزت السفرة وأقتربت تقظ "عطر" برفق وقالت:-
-عطر، يا توتا يلا أصحي عشان تأكلي
فتحت "عطر" عينيها بتعب شديد وخمول فى جسدها وقالت:-
-كُلي أنتِ يا حِنة
أوقفتها "حِنة" بالقوة رغمًا عنها وأخذتها للمرحاض تغسل وجهها، جاءت "عطر" للسفرة وهى تنظر إلى ساعة الحائط قائلة:-
-يا أنا نمت كل دا
نظرت "حِنة" إلى الحائط وكانت الساعة الرابعة عصرًا فتبسمت بخفوت وقالت :-
-أقعدي كُلي عشان أعملك كوباية ينسون
جلست "عطر" على مقعدها جوار "حِنة" وأخذت الملعقة لكن سرعان ما تركت الملعقة ووضعت يدها على فمها بأشئمزاز من رائحة الطعام فنظرت "حِنة" لها وقالت:-
-مالك...
لم تكمل كلمتها حين هرعت "عطر" إلى المرحاض تستفرغ ما فى معدتها فدُهشت "حِنة" من تصرفاتها وبدأت تشك فى الأمر، خرجت "عطر" من المرحاض تلتقط أنفاسها بصعوبة ووجهها شاحبًا فقالت "حِنة":-
-تعالي أقعدي، بقيتي أحسن دلوقت
أتكأت "عطر" برأسها على الأريكة بتعب فتابعت "حِنة" بقلق:-
-لا كدة كتير قومي ننزل نحلل
دُهشت "عطر" من كلمتها وقالت بفضول وتساؤل:-
-نحلل ليه؟
أجابتها "حِنة" وهى تقف من مكانها:-
-عشان اللى عندك دى أعراض حمل يا عطر ... قومي
وقفت "عطر" بدهشة من كلمتها وأتسعت عينيها على مصراعيها وهى لا تستوعب الأمر وكلمة الحمل، رغم دهشتها لكنها لم تعارض قرار "حِنة" بل تحمست للنزول وعقلها يسأل هل تحمل بداخلها جزءًا من هذا الرجل الذي سكن قلبها وفارقته رغم العشق، ذهبت لأقرب معمل تحاليل من الشقة وأجرت تحليل دم وجلست تنتظر مع "حِنة" تضع يدها على بطنها بقلق وتفكر ماذا ستفعل إذا كان بداخلها طفلًا منه؟ وماذا إذا تحمست ولم تكن حامل؟ خرجت الموظفة تقطع تساؤلات وتقطع شكوكها باليقين حين تبسمت وقالت:-
-مبروك
لأم تشعر بأي شيء أخر ولا حتى بعناق "حِنة" لها، بل ذهب عقلها فى غيبوبة من هول الدهشة ولا تصدق بأنها تحمل طفله الآن بداخلها وكأن القدر عقد رباطًا بينهما حتى تلغي قرار الانفصال عنه بهذا الطفل، عادت للشقة وما زالت لا تستوعب الأمر وفكرت كثيرًا كيف تخبره؟ أم تخفي الأمر عنه؟ هزت رأسها بالنفى تهرب من أفكارها وجلست على مكتبها فى الغرفة وفتحت الكتاب هاربة من أفكارها بالمذاكرة، دلفت "حِنة" إليها تقول:-
-أنا هنزل أشتري حاجات وقولتلك متقعديش على الكرسي كدة، قومي أرتاحي فى السرير
أومأت إليها بنعم فغادرت "حِنة"، فتحت الكتاب وعقلها لم يقبل بهذا الهرب وظل يفكر فى جنينها وبسمتها رُسمت على شفتيها كأنها قبلت بهذا القدر وكونها عالقة معه، فتحت هاتفها على اسمه وحاولت الاتصال به لكنها صُدمت عندما سمعت صوت رنين هاتف امام غرفتها فوقفت من مكانها بالهاتف والكتاب فى يديها، فتحت الباب وصُدمت بوجوده أمامها، تأملها "عيسي" باشتياق ورغم ذبولها ونحافتها أكثر، وجهها شاحبًا، أقترب أكثر وهى ما زالت لا تستوعب وجوده حتى وصل أمامها تمامًا فرفعت يدها تلمس وجنته ففزعت حين أدركت أنه حقيقي فعلًا وهرعت للداخل ...
دخل "عيسي" خلفها فقالت:-
-أنت دخلت أزاى؟
-معايا مفتاح مش شجتي؟
تمتمت بدهشة من وجوده وقلبها على وشك الأنفجار للتو داخلها من سرعة نبضاته المجنونة لأجله قائلة:-
-أزاى دى شقتي أنت سجلتها باسمي مينفعش تدخل كدة
أقترب أكثر منها وهى ترمقه بنظرها فى صمت فتراجعت للخلف حتى وصلت للحائط وتراه يقترب منها فتنحنحت بحرج من قربه حتى حصرها فى الحائط ونظراته تلتهمها ويتأملها وهى تقف أمامه مُرتدية عباءة بيتي قصيرة تصل لركبتها وبنصف كم زرقاء تليق بعينيها الزرقاء، خجلت من نظراته وتوردت وجنتيها فتمتمت بخفوت وصوت يكاد يخرج من حنجرتها وأنفاسه الدافئة تضرب وجهها وعنقها من قربه قائلة:-
-عيسي!!
لم يتمالك أعصابه أكثر أمام جمالها ونبرتها الدافئة المُثيرة وهى تلفظ أسمه فأقترب أكثر حتى التصق صدره الصلب القوية بجسدها وشعر برجفتها، عينيه لم تقطع عناق عينيها الزرقاء الساحرة ويده اليمنى ما زالت تحتضن خصرها النحيل باستماتة متشبثٍ بها، رفع يده اليسري إلى جبينها الملتهب من حرارة المرتفعة بسبب ربكتها وهى بين ذراعي هذا الأسد، أبعد خصلات شعرها الحرير حتى تركها أسيرة خلف أذنيها فقال بهمس دافئ:-
-أتوحشتك يا عطري
أبتلعت لعابها مُرتبكة وهذا الرجل كأنه أعلن الحرب عليها حتى يفقدها كل قواها وصمودها أمام بدءًا بمحاصرتها بين قبضتيه وشعورها بضربات قلبه المتسارعة والآن كلمته الناعمة المذيبة لجليد قلبها وأشعال نيران الشوق بها فهى الأخري مشتاقة لها حد الجنون فقالت بتلعثم مُرتبكة:-
-عيسي أنا... هو أنت... أحم أنت جاي لحد القاهرة... عشان تقولى أتوحشتك
ترك أسر خصرها وأخذ يدهافى كفه البارد ورفعها إلى فمه ووضع قبلة على أناملها الصغيرة أذبت كل جمودها وسرقت كل صمودها أمامه من رقة قبلته ثم قال بخفوت:-
-وأجيلك أخر العالم يا عطري لو تحبي، أنا جلبي ميت بلاكي
لم تتحمل مقاومته أكثر فسقط الكتاب من يدها الأخري أرضًا وأرتمت بين ذراعيه لتبدأ هي بأطفاء هذه النيران المُشتعلة بداخلهما بعناقها، طوقها بقوة حتى تخمد نيران الشوق بداخله لأجلها، معوضًا ليالى الفراق بينهما ليخرجها من بين ضلوعه ورفع رأسها للأعلى لتتقابل عيونهما من جديد وهمس نبرة لم يسمعها سواها:-
-بحبك يا عطري، بحبك جوي
أجابته بنفس دفء النبرة ويديها مُتشبثة بعباءته قائلة:-
-وأنا بحبك يا عيسي... بحبك ومكنتش أعرف أني.......
قاطعها هذه المرة بقبلته التى أعلنت الانتصار على حرب الفراق الدائمة بينهما ووصل الوصال المقطوع بين قلوبهما وروحهما..........
______________________
تابع "حامد" التحقيقات كاملة لمدة الشهر ونصف مع المحامي وحدد موعد المحاكمة فجلس "حامد" مع "ناجي" بمكر وقال:-
-أظن أنى عملت اللى عليا والمحامي حضر التحجيجات كلتها وطمنك أن فى المحكمة هيطلع نصر براءة وخالد هكذا
أومأ "ناجي" بنعم وقال بإمتنان:-
-أنا معارفش أشكرك أزاى وأنا لسه عند كلامي، أنا مستعدة أعمل أى حد عشان اردلك الجميل
تبسم "حامد" بخبث شيطاني وقال بنبرة تهديد واضح:-
-جميل أي؟ أسمع يا ناجي أنا راجل عملي ومبعملش حاجة لله ولا للجمايل ، كل حاجة عندي وليها تمن وتمن اللى عملته خديجة
أتسعت أعين "ناجي" على مصراعيها بصدمة ألجمته فى محله ولم يستوعب الكلمة الأخيرة وذكر اسم ابنته من هذا الرجل فقال بتلعثم وهو لا يفهم ما يرمي له هذا الرجل:-
-خديجة!! مش فاهم
وضع "حامد" قدم على الأخري بغرور قاتل وقال:-
-تجوزني خديجة بكرة ، تاني يوم الصبح تلاجي المحامي فى المحكمة ويجيبلك البراءة
كاد "ناجي" ان يتحدث معترضًا :-
-بس...
قاطعه "حامد" بنبرة غليظة وتهديد واضح مُتحدثًا:-
-بس اي؟ أنت هتضحي ببنتك مجابل ولادك الرجالة، فكر زين يا ناجي بنتك جصاد عيالك التينن الرجالة
أبتلع "ناجي" لعابه بصمت لا يملك جواب وهو امام خيارن أم أن يضحي بابنته أو بأولاده "خالد" و"نصر" وقد فهم الآن لما غير "حامد" رأيه حين رأي "خديجة" بصحبته وهذا الرجل الماكر قد حدد ثمن المساعدة قبل أن يفعل شيء وهو الجاهل الذي تلاعب به كدمية وعليه أن ينفذ الآن أمر صاحبه الذي يملك خيوط الدمية فى يده.......
وللحكـــايــــــــــــــــــــة بقيـــــــــــة ............
كبرياء صعيدي
الفصل الرابـــع عشر (14) بعنــــــــــوان " ألعيب القـــدر"
جهزت "حِنة" الإفطار على السفرة فى العاشرة صباحًا ونظرت نحو المرآة المعلقة على الحائط وكانت "عطر" تصفف شعرها المبلل فقالت بعفوية:-
-أدخلى يا عطر صحي عيسي عشان يفطر
أومأت "عطر" لها وأتجهت نحو الغرفة وكانت مُرتدية بيجامة بيتى بنصف كم بيضاء وبيها الكثير من الكرز، فتحت باب غرفتها برفق والضوء ثم أقتربت إلى الفراش وجلست جواره بخفوت، تأملت وجهه وكان نائمًا يحتضن الوسادة بذراعيه وشعره الطويل فوضوي مررت أصابعها على شعرها لتغلغل أصابعها بين خصلات شعرها لتتذكر "عطر" جنينها فوضعت يدها الأخري على بطنها ببسمة مُبهجة تنير وجهها وقالت بلطف:-
-الله يكون شبهك كدة
ربتت على كتفه بخفة وقالت برقة خافتة:-
-عيسي، عيسي أصحي
فتح عينيه بتعب على صوتها وفور رؤيتها تبسم بشغف وهو يتذكر أيامه الماضية دونها وكم كان مُشتاقًا لهذه اللحظة حين تفتح عينيه ويراها أمامه أول شيء، رائحتها الوردي بسبب استحمامها تغتصب أنفه ضحكت عطر" على نظراته وقالت:-
-مالك يا عيسي متنح ليا كدة ليه؟ أقوم أفطر
أخذ يدها بلطف قبل أن تغادر الفراش وشعر ببرودتها ثم قال بنبرة دافئة:-
-خليكي يا عطر جاري، خليكي جاري شوية
ضحكت عليه وظلت محلها تنظر إليه بسعادة وأفكارها الآن مُشتتة فى كيفية أخباره بحملها وكيف سيكون رد فعله عندما يعلم أنه سيكون أب؟، فاقت من شرودها عندما شعرت بقبلته فى قلب كفها فسألته بفضول من هذا الدفء والحنان الذي تشعر به معه:-
-انت بتحبني قد أي يا عيسي؟
أعتدل فى جلسته على الفراش جوارها وتطلع بها، ما زالت يده تعانق يدها ولم تترك أسرها بعدها وحدق مُطولًا بها ثم قال بلطف:-
-جد أى؟ معرفش
عقدت حاجبيها بدهشة من رده وسحبت يدها غاضبة من هذا الرد فكان عليه أن يجيب برد عاطفي أو بسمة فقالت:-
-عنك ما عرفت
ألتفت لكي تذهب لكنه مسكها من جديد من ذراعها وقال بحب:-
-أستني بس، ميبجاش خلجك ضيجك اكدة ، أنا بجد معرفش بحبك جد أي، بس أعرف أنك الست الوحيدة اللى غلبت كبريائي وبسببها جيت جري فى نص الليل من الغيرة، أعرف أنك أجمل ست شافتها عيني وخطفت جلبي من أول مرة، أستغربت جلبي جوى لما وقع فى حب بنت غرجانة فى البكى .. أنا أعرف أن الرجالة بتعشج البنت من ضحكتها وخفة دمها أنا بجي لاجيتني بدوب فى بنت بتبكي بحرجة ونار مخابرش كيف؟ أعرف أنك الست الوحيدة اللى هزت كياني وهدوئي، أنا دايما بسمع وعندي طولة بال وبفكر جبل ما أعمل الحاجة لكن معاكي يا عطر أنا معنديش عجل يفكر .. جلبي هو اللى بيحركني وسايجني معاكي، أعرف أنى كنت هموت لما لاجيتي فى غيبوبة وكنت مرعوب يجرالك حاجة
تبسمت مع سماع كلماته وظلت ساكنة محلها جواره، مُستمعة لهذا الحديث فقالت بدلال:-
-كل دا
جذبها إليه لتنتقل من أمامه إلى بجانبه ووضع رأسه على كتفها فتبسمت بعفوية أكثر ليتابع الحديث:-
-إحساس أن فى حد جارك ويشاركك كل حاجة جميل أوى يا عطر
تبسمت إليه ثم قالت بلطف:-
- طيب يلا بقي عشان الفطار حِنة مستنية وأنا عندي جامعة
أومأ إليها بنعم فخرجت هى أولًا وقفت أمام السفرة تأكل القليل من شرائح الطماطم، نظرت "حِنة" إلى الرواق بقلق ثم همست إليها :-
-قولتله
ألتفت "عطر" سريعًا إلى الرواق بقلق ان يسمعها "عيسي" وقالت بخفوت:-
-لا، لسه.. مكسوفة أقوله ومتوترة معرفش رد فعل هيكون أي
تبسمت "حِنة" بلطف شديد وربتت على يدها تطمئن هذه الفتاة من حملها الأول وتجربتها الأولي ثم قالت:-
-متقلقيش يا عطر، أى راجل فى الدنيا بيطير من الفرحة لما بيعرف أن مراته حامل، دا بيكون يوم سعده قوليله أنتِ بس ومتخافيش وبعدين عايزين نروح للدكتور نطمن عليه ولا مش عاوزة أنتِ بقي تطمني على ابنك
زادت بسمتها أشراقًا أكثر ولمست بطنها بخفة وهذا الشعور الذي يتملكها مختلف كليًا عن أى شعور شعرت به من قبل، هزت رأسها بنعم وهى تقول بحماس:-
-حاضر .. حاضر هقوله
خرج "عيسي" من الداخل فجلست "عطر" على الكرسي بتعجل وجلس جوارها يتناولوا الإفطار معًا وعقلها شاردًا يفكر كيف ستخبره؟ وبأى طريقة ستقدم له هذا الخبر؟ قاطعها "حِنة" حين ركلت قدمها من أسفل السفرة خلسًا حتى لا ينتبه "عيسي" لها فنظرت إليها وتابعت تناول الطعام، جهزت "عطر" ملابسها على الفراش لكي تستعد للذهاب إلى الجامعة لكن قلبها كان مُشتاقًا لهذا الرجل ولا تقوى على الذهاب إلى الجامعة وتركه هنا وحده وتغيب عنه لساعات، جلست على الفراش وراسلت صديقتها برسالة (أنا تعبانة مش هقدر أجي النهاردة صوري ليا المراجعة متنسيش) تركت الهاتف على الفراش بملل وخرجت إلى الخارج رأته يقف فى المطبخ ويصنع كوب من القهوة ويمسك الهاتف بكتفه على أذنه ويتحدث مع "مصطفي" قائلًا:-
-أعرف الرجم دا بتاع مين؟ ولو حجيجي أن فى حد غير خالد اللى عملها ليه رؤية جالت أنه عمل أكدة، جول لمنصور إياك رؤية تطلع من الدار لحد ما اجي ومتغبش عن نظركم ما دام كذبت يبجي وراها مصيبة
أخذت "عطر" الكوب من يده ليمسك الهاتف بيده جيدًا، نظر إليه بعفوية وهى تقف جواره وتصنع له كوب النسكافية باللبن ورفعت الغطاء عن الطاجن ووضعت قطع من الكيك وبعض المخبوزات فى طبق وعينيه لا تفارقها حتى أنه شرد بها ولم يستمع لحديث "مصطفي" الذي رفع نبرته أكثر بسبب عدم جواب "عيسي" ليقول بحرج:-
-خلاص يا مصطفي كيف ما جولتلك؟ أنا شوية أكدة وهكلمك تاني
أغلق الهاتف معه ووضعه فى جيب بنطلونه وقال بعفوية:-
-أصبلك نسكافيه ويايا
هزت رأسها بلا وفتحت الثلاجة وأخرجت العصير لتسكب كأس لها، تعجب "عيسي" لتفضيلاتها لطالما فضلت القهوة والمشروبات الساخنة ، أخذ من يدها الصينية وخرجوا للتراس معًا وكان به أريكة أرجوحية من المعدن وبها وسادة قطنية وطاولة دائرية فى المنتصف، وضع الصينية ثم أخذ يدها لتجلس جواره فجلست "عطر" بلطف وبسمة دافئة تنير وجهها ليقول:-
-مروحتيش الجامعة لي بجي
خجلت "عطر" من سؤاله وكيف تخبره أنها فضلت البقاء معه عن الذهاب إلى جامعتها، طأطأت رأسها مُتحاشية النظر إليه ، رفع رأسها بسبابته بدلال وتأمل وجهها الوردي بسبب خجلها وعينيها الزرقاء اللامعة ببريق العشق والشوق فقال:-
-تحبي أخرجك ، أنا خابر أن فترة الإمتحانات بتكون ضغط وتوتر، تيجي اخرجك شوية
أومأت إليه بحماس شديد ليضحك على سعادتها مما جعلها تقفز فرحًا وهى لاول مرة ستخرج فى جولة معه، كانت متحمسة أكثر منه بكثير وتطو الأرض طيًا من فرحتها كأنها تصبو نحو نهاية العالم، أرتدت تنورة سوداء اللون فضفاضة وقميص نسائي أبيض اللون وسترة جلدية زرقاء وحذاء رياضي أبيض ولفت خمارها الأبيض مع الورود السوداء والزرقاء وأخذت حقيبة صغيرة بحجم كف يدها تكفي لهاتفها فقط وأرتدي "عيسي" عباءته السوداء وقفطان جملي اللون صفف شعره الأسود للأعلي، أخذها لأحد المراكز التجارية الموجودة فى أكتوبر، بسمتها لم تفارق وجهها ربما البعض نظروا على ملابسه المختلفة عن الجميع لكن "عطر" كانت قد بلغت قمة سعادتها وهى تمسك يده وتسبقه بخطوة كطفلة تسحب والدها لأكتشاف هذا المكان بكل أرجاءه، أشتري لها الكثير من حلوي الكاندي والمقرمشات فحملتهما "عطر" بسعادة كأنه أدرك طريقة سرقة قلبها بلطفه ، فتحت هاتفها لكي تلتقط الكثير من الصور معه وكأنها توثق كل لحظة بهذا اليوم، ركبت معه القطار وبدأت جولتهما السريعة داخل المكان و"عيسي" عينيه لا ترفع عنها وبسمتها تسرق ما تبقي من قلبه وكيانه، نظر إلى يدها المُتشابكة بيده دون خجل أو حرج، أشتري بالونات مختلفة الأشكال لها كالدمية والقلب والعرائس وملأ بغاز الهيليوم...
_____________________________
وقفت "خديجة" من مكانها بصدمة ألجمتها وصرخت بوالدها غاضبة:-
-أتجوز مين ؟ دا راجل قد أبويا، أنت مشوفتوش ولا أي، هتجوزني راجل أكبر مني ب35 سنة دا أنا عمري كله 24 سنة ... حرام عليك يا أبويا، أنت كدة بترميني لا بترمينى أي أنت كدة بتجتلني بالحيى
وقفت والدتها من مكانها بإشفاق على ابنتها وربتت على كتفها قائلة:-
-معلش يا بتى عشان خاطر أخوكي
أنفعلت "خديجة" أكثر من حديثها وقالت باستياء شديد:-
-ما يولعوا أخواتي مش هم اللى عملوا أكدة فى حالهم، وأنا كنت جولت لخالد يسرج ولا لنصر يجتل أنا مالى ما يدفعوا هم ثمن غلطهم أنا ليه أدفعه
تأففت "خضرة" بضيق وهى تعلم بأن "عيسي" أختلق هذه الجرائم لتخلص من أولادها وفى حقيقة الأمر هي من أمرت بقتله وليس "نصر" فقالت بحزن:-
-أسمعي الكلام أمال يا خديجة وجصري الشر يا بتى، لأجل أخواتك
دمعت عيني "خديجة" بحزن من رؤيتها لأهلها يضحوا بها لأجل رجالهم فقالت:-
-أخواتي أول ناس هيدوسوا عليا لو جتهم الفرصة ، أنتوا بترموني عشان بت لكن هم لا رجالة متفرطوش فيهم ، أنا عمري ما هسامحكم والجوازة دى مش هتم حتى لو على موتي
غادرت من أمامهم حزينة وتجهش فى البكاء من الخذلان الذي تشعر به من والديها، أستدارت "خضرة" إلى زوجها وقالت بحيرة:-
-هتعمل أي؟
تنحنح "ناجي" بضيق بعد أن وقف وقال بحدة:-
-هعمل اي، هجوزها له أنا معنديش حل حتى لو غصب عنها
غادر المنزل غاضبًا والضيق يحتل صدره مُعتقدًا أنه يفعل الصواب رغمًا عن تضحية بطفلته .....
__________________________
أنهت "عطر" تناول الغداء فى المطعم ليقول "عيسي" بقل:-
-كُلي يا عطر، مالك؟
تبسمت بعفوية وهى لا تقوي على تناول لقمة أخري ثم قالت:-
-شبعت ي عيسي ، أنت جبتلي حاجات كتير أوى
تبسم وهو يقترب من الطاولة بنصفه العلوي وقال بهمس:-
-ولو طلبتي أكتر هجبلك، لو عايزة حتة من السماء هجبلك يا عطر
نظرت إلى عينيه الفاضحة، لم تكتم هذه العيون عشقه لوهلة واحدة، كلما نظرت إليه رأت عشقه واشتياقه فى هذا الزوج من العيون قبل أن تسمع عن عشقه من لسانه، تبسمت "عطر" إليه ورفعت يدها فوق الطاولة فنظر "عيسي" إلي يدها لتبتسم أكبر بإيجابية فوضع يده فى راحتها فضحكت "عطر" بسعادة وقالت بحب:-
-أنت جميل أوي يا عيسي، يمكن أنا كنت غلط لما قررت أسيبك وأمشي وطلبت الطلاق
عاد بظهره للخلف وحاول سحب يده من يدها لكنه أغلقت قبضتها بأحكام وتابعت الحديث بعفوية:-
-أنا آسفة، والله ما كنت أعرف أني بحبك ولا أنك هتوحشني ، لما قعدت مع نفسي الفترة اللى فاتت عرفت أنى وحشة أوى يا عيسي أزاى أسيبك وأمشي بعد ما وقفت جنبي وأستحملتني فى مرضي وأتجوزتني وأنا عاجزة وقاعدة على كرسي ويا عالم كنت همشي تاني ولا لا، أنت شلتني فى وقت محدش شالني فيه، عززتني وقت ما نصر وأهله كانوا بيدوسوا عليا ، كنت راجلي فى وقت أبويا نفسه مكنش راجل معايا، معقول أكون قليلة الأصل كدة وأسيبك ، أنا آسفة سامحنى وأغفرلى اول غلطة وأخر غلطة والله
تنهد بهدوء ثم سحب يده من يدها ووقف ليغادر المكان مما جعلها تحزن وتحول وجهها الباسم إلى عبوس، عاد معها للمنزل صامتًا طيلة الوقت وهى تفكر فى هذا الصمت الذي يقتلها، قابلتها "حِنة" على الدرج فسألتها بقلق:-
-رايحة فين؟
-هروح مشوار لجارنا متقلقيش
قالتها "حِنة" وغادرت مع جارة أخر لهما،صعدت للشقة معه وهو ما زال صامتًا بل أتجه للغرفة الأخري يبدل ملابسه، دلفت إلى غرفتها بدلت ملابسها وأرتدي بيجامة وردية بكم وخرجت بشعرها المسدول بحرية على ظهرها لتراه واقفًا فى الشرفة، وضعت يدها على بطنها ثم قالت:-
-وبعدين بقي، هو بابا هيفضل زعلان كدة
أقتربت خطوة منه وربتت على ظهره ألتف إليها وكان وجهه مُلتهبًا كالجمر وعروق جبينه بارزة والغضب يحتل كل ملامحه حتى عينيه يتطاير منها الشر فأبتلعت لعابها بلطف وقالت بصوت دافئ:-
-عيسي أنا آسفة متزعلش منى
لم يجيب وظل يحدق بها بنظرات ازدراء وأشمئزاز مما جعلها تتعجب من هذه النظرات فتابعت بخفوت خائفة:-
-طب عشان خاطري... عيسي أنا ....
قاطعها بنبرة خشنة مُرعبة وعيني كالصقر:-
-أنتِ حامل مش أكدة؟
دُهشت من معرفته بحملها وغضبت كثيرًا من "حِنة" لأخباره دون علمها رغم أنها حذرتها من فعل ذلك، تحدثت "عطر" بضيق من معرفته وتخريب مفاجأتها:-
-اه، حنة قالتلك مع أني .......
قاطعها هذه المرة بصفعة قوية هزت جسدها من مكانه حين لطم وجهها، خرجت منها صرخة قوية من شدة صفعته وقبل أن تُصدم أو تفهم شيء مسكها من شعرها بقوة جاذبًا إياها إليه:-
-وحامل كيف؟
صرخت بألم وهى لا تستوعب ما يحدث قائلة:-
-يعنى أي كيف؟ هى الناس بتحمل أزاى؟
صفعها من جديد على وجنتها الأخري بعد أن ترك شعرها وقال بغضب سافر:-
-بتحمل من أجوازها لكن أنتِ بجي حامل من مين؟
أتسعت عينيها على مصراعيها من هول الصدمة وهو يقف أمامها يتهمها أبشع التهم ويطعن بشرفها وحملها، لم تستوعب كلماته وما يخرج من فمه لأجلها فقالت بتلعثم:-
-يعنى ... يعنى أيه ... يعنى أيه من مين؟ أنت واعي أنت بتقول أيه؟
أقترب منها خطوة لتعود للخلف بسرعة خائفة منه وجسدها يرتجف من الفزع ولم تبالي بألم صفعاته بقدر ألم قلبها وعقلها من كلماته وهذه الكلمات قد طعنت قلبها وأوجعتها أكثر من الصفع قالت بخوف يتملكها:-
-أطلع برا يا عيسي؟ أطلع برا بيتى ... لا دا مش بيتي أنا اللى هطلع
هرعت إلى غرفتها أخضرت عباءتها السوداء وحجابها وهى تسير بأقدام ثقيلة وترتجف، أقترب منها يمنعها من الرحيل حين مسك يدها وقال:-
-أنتِ فاكراها سايبة أكدة، تخونيني وتحملي من راجل غيري وأنتِ على ذمتي وفاكراها هتعدي أكدة بالساهل
صرخت به بأنفعال شديد وقد تحملت الكثير منه قائلة:-
-أخرس قطع لسانك أنت وكل عيلتك أنا أشرف منك ومن عشرة زيك، فوق يا عيسي بيه وشوف أنت بتكلم مين أنا عطر .. عارف يعنى أي عطر ، ملعون أبو دي دنيا اللى دوس عليا وتوجعني كدة عشان ماليش ضهر ، حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا عيسي وفى كل واحد ظلمني حتى لو بكلمة أنا وكيلي وضهري ربنا
صفعها من جديد ونار تحرق قلبه من الداخل مما جعلها تصرخ بألم وتنتفض فى يده لتدفعه بقوة بعيدًا عنها وخرجت من الشقة هاربة منه وتبكي بألم شديد مُرتجفة حتى فلتت قدميها من الأرتجاف وسقطت عن الدرج ........
وللحكـــايــــــــــــــــــــة بقيـــــــــــة ............
كبرياء صعيدي
الفصل الخـامـس عشر (15) بعنــــــــــوان " ثقبًا بالقلب"
فتحت "عطر" عينيها بتعب لتجد "حِنة" بجوارها وتمنعت النظر للغرفة فأدركت أنها ما زالت بهذه الشقة، تلهفت "حِنة" لرؤيتها وقالت بذعر:-
-حمد الله على سلامتك يا عطر، خوفتني عليكي
تذكرت سقوطها عن الدرج ففزعت مرعوبة على طفلها ان يكن أصابها شيء فقالت:-
-ابني..
ربتت "حِنة" على ذراعها تهدأ من روعتها وقالت بنبرة هادئة:-
-أهدئي يا عطر أنتِ كويسة، عيسي قالي أنه لحقك على السلم قبل ما تقعي الحمد لله ربنا ستر
سمعت أسمه لتتذكر ما حدث وضربه لها وأتهامها بالخيانة،ى ترجلت من الفراش غاضبة وهى تتحدث بأستياء مُشمئزة من ذكر أسمه وقالت:-
-عيسي، والله كتر خيره بعد كل اللى عمله
وقفت "حِنة" من مكانها بهدوء خصيصًا بعد أن أخبرها "عيسي" أن زوجته تخونه فقالت بهدوء شديد:-
-أهدئي يا عطر وكل مشكلة وليها حل، أنا ممكن أعمل زى أى أم فى الدنيا وأقولك لازم تتطلقي دا واحد بيتكلم فى شرفك ورفع أيده عليكي لكن أنا عايزة أسمع منك يا عطر ، ايه اللى يخلي عيسي يشك فيكي بالشكل دا ويرفض رفض قاطع انه يقبل الحمل ويكون بيتكلم بالثقة دى أن الطفل دا مش أبنه
جلست "عطر" على حافة الفراش بضيق وهى تفكر فيما حدث لتقول بهدوء شديد:-
-معرفش دا كان كويس وبيقولي بحبك وخرجني يفسحنى، دا كان بيجبلي الحاجة قبل ما أطلبها يا حنة معرفش أي اللى قلبه فجأة كدة، دا كأنه كان واحد تانية، أنتِ أتسرعتي يا حِنة أنا قولتلك بلاش تقوليله على الحمل وسيبيني أنا أقوله
أندهشت "حِنة" من حديثها كأنها صعقتها بالكهرباء فقالت بتلعثم:-
-أنا مقولتلوش حاجة
أتسعت عيني "عطر" على مصراعيها من هول الصدمة التى حلت بها وتذكرت ما حدث أمس وقالت بثقة:-
-عيسي كان عارف أنى حامل ، دا هو اللى قالي أنتِ حامل ؟ أنا قولت أنك قولتله
هزت "حِنة" كتفيها بلا مبالاة وقالت بهدوء:-
-محصلش يا عطر ، محصلش
تعجبت "عطر" مما يحدث وكيف علم "عيسي" بخبر حملها أذن، تركتها "حِنة" تفكر وحدها وخرجت إلى الخارج تعد لها بضع من الطعام لأجل صحتها، راته جالسًا على الأريكة ورائحة المكان معبأة بالسجائر التي ينفث دخانها وكأنه يحرق غضبه مع حرق هذه السجائر، تركت الطعام على السفرة وذهبت نحوه، جلست أمامه ليرمقها "عيسي" بعيني ثاقبة ثم قال:-
-جولى
تنحنحت "حِنة" محاولة كبح غضبها مما فعله بـ "عطر" ثم قالت بجدية صارمة:-
-سؤال واحد شاغل بالي، أنت عرفت منين أن عطر حامل؟ محدش يعرف بحملها غيري وأنا مقولكش
تنهد بهدوء ينفث دخان سيجارته ببرود ثم فتح هاتفه وأعطاه إلى "حِنة" مما أدهشها رد فعله وأخذت الهاتف بفضول ممزوج بالأستغراب لهذا الرد لتُصدم عندما رأت محادثة من رقم مجهول على لسان رجل وبدأت المحادثة بكلمة تقتل أى رجل محله
-عطر بتخونك
رفعت رأسها إلى "عيسي" بصدمة ألجمتها ليقول ببرود شديد وهو يعود بظهره للخلف بأسترخاء:-
-كملي مصدومة ليه؟
نظرت إلى الهاتف ليتذكر "عيسي" حين وصل للمنزل معها ودلف إلى الغرفة وحده ، أخرج من عباءته علبة قلادة أشتراها لها خلسًا دون أن تراها وتبسم بعفوية وأوشك على الخروج من الغرفة لكن أوقفه صوت الهاتف يعلن عن أستلام رسالة فتحه ليُصدم بهذا الحديث، وتابع الرجل ارسال رسائله الخبيثة وخصيصًا أنه أرفق صورة للتحليل باسمها، تنفس "عيسي" بهدوء ليهدأ من روعته ويحاول أن يفهم الموقف وعقله لا يستوعب هذا الحديث وقلبه واثقًا بمحبوبته المدللة وأنها لن ترتبك أمر كهذا، نظر إلى الوقت والتاريخ المحدد بالصورة وبدأ يبحث فى كل مكان حوله من الأدراج والحقائب ليُصدم عندما وجد تحليلها فى حقيبتها وكان بنفس التوقيت واليوم ونفس المعمل، الصورة التى جاءته هى نفسها التى بين يديه الآن، شعر بقلبه يتمزق لإشلاء بداخله وكأن "عطر" طعنته بخنجر مسموم فى قلبه أوقفه عن النبض، جلس على الفراش ووضع رأسه بين يديه مخذولًا ومكسورًا لا يعلم سبب فعلتها لذلك وهو قدم لها كل شيء، يفكر كيف يواجهها الآن؟ ليقاطعه صوت هاتفه يستلم رسالة جديدة كانت تحمل النهاية بين طياتها بكلماتها البسيطة (أنا مش هتنازل عن ابني اللى هيتكتب باسمك)
خرج من الغرفة كالمجنون ليقتلها وقلبه قد توقف عن النبض لكنه توقف لوهلة فى البهو خائفًا من رد فعله عليها وإذا رآها الآن سيقتلها حتمًا وقف فى الشرفة حتى جاءته بصوتها الدافئة تزيد من ناره ....
رفعت "حِنة" نظرها عن الهاتف وقالت:-
-لا، مستحيل دا كدب
تحدث "عيسي" بسخرية وإنكسار قائلًا:-
-أنا كمان جولت كدب وعطر متعملش فيا أكدة لحد ما لاجيت التحليل فى شنطتها بنفسي
أخرج ورقة مطوية من جيبه وألقي بها فى وجه "حِنة" بأشمئزاز ووقف يقول بحدة:-
-ياريت عرفتي تربيها صوح وتعرفيها قيمة الخمار اللى لابساه وربنا اللى بتصلي وتدعيه كنتِ علميها تخاف من ربنا .. أنا هطلجها و.....
وقفت "حِنة" بهلع من مكانها وتشبثت بيد "عيسي" بترجي وقالت بأنهيار وبدأت تبكي:-
-بالله عليك يا عيسي تسمعها الأول، عطر مستحيل تعمل كدة أعقلها كدة بعقلك ، دى واحدة حامل فى شهرين ومن شهرين كانت فى البلد هتخون أمتي ؟
ضحك بسخرية من حديث "حِنة" وقال بهدوء:-
-أيوووة صح كانت فى البلد بس بالله عليكي لما تيجي تداري عليها تفكري زين ، ولا نسيتي أن عطر سابت البلد فى الصباحية
خرجت "عطر" من الداخل غاضبة بعد أن سمعت حديثه كاملًا مع "حِنة" ودموعها تسيل على وجنتيها ووجهها أحمر كاللهب من البكاء وقالت بعناد صارخة بيه:-
-قطع لسانك أنا أشرف من بلدك كلها ومش محتاجة حد يداري عليا
كز على أسنانه بانفعال من جراءتها وعنادها رغم هذه الكارثة التى حلت بها فقال بعناد هو الأخر:-
-أتكلم زين ويايا ولا البجاحة وقلة الحياء جمدوا جلبك، ورحم أبويا لو مظبطي حالك ويايا يا عطر لأجتلك وأسجي البلد كلتها من دمك وأجولهم أنا غسلت عاري بيدي
أقتربت منه غاضبة وأسرعت "حِنة" نمسكها من يديها لتهدأ من روعتها وهى تقول:-
-بالله عليكم دا مش أسلوب نقاش
رفعت "عطر" رأسها بوجهها بشجاعة دون خجل وقالت بحدة:-
-دى مش بجاحة دى قوة ، عشان أنا عارفة نفسي وصاحبة حق ومظلومة ومصير ربنا يظهر الحق فى يوم بس ورب الكون اللى خلقني وخلقك يا عيسي ورحم أبوك اللى حلفت بيه وأمي اللى موعتش عليها ليجي يوم وتركع عند رجلي وتتمني أنى أغفر ضربك ليا وأنسي كل كلمة وجعتني بيها ويومها مش هتلاقي مني غير القسوة والذل والكسرة اللى أنت أديتهملي دلوقت ، لأن الحق لازم يبني أنا طول الوقت بقول أنا ماليش ضهر بس ليا رب أسمه كريم وعادل ومبيرضاش بالظلم أبدًا وأنت ظلمت وأستقويت عليا وعمري ما هسامحك.... غور
أنهارت فى البكاء أمامه وبدأت تضربه فى صدره وتتدفعه بعيدًا وهى تصرخ قائلة:-
-غور ... غور من وشي مش عايزة أشوف وشك تاني ، أنا بكرهك ... أمشي يا زبالة ورحمة أمي لأدفعك الثمن غالي يا عيسي
رفع يده ليصفعها من جديد قائلًا:-
-أنا زبالة يا زبالة.....
لم يقوي على صفعها رغم كل شيء فعلته، تشنجت يده فى الأعلى وعينيه تحدق بوجهها، نظرت لعينيه بعينيها الباكية ودموعها تزداد بين جفونها وتصرخ هذه العيون من الألم وتترجاه ألا يفعل ويصفعها من جديد، شعر لوهلة بفراغ فى عقله لا يعلم كيف يعقل هذا الأمر وإذا كانت بريئة كيف حصل هذا المجهول على تحليل حملها ذاته؟ وإذا كانت خائنة كيف عينيه تلتهب من الألم ونظرة الإنكسار هذه؟ أنزل يده غاضبًا من عجزه أمامها أكثر وكأنه ضعيفًا ليمسك ذراعها بقوة وجذبها إليه وعينيه حادقة بها بغضب سافر ثم قال:-
-أنا هوريكي الزبالة دى هيعمل أي؟ ومين اللى هيدفع التمن يا عطر
دفعها نحو "حِنة" بقوة لترتطم بجسدها فتشبثت بها بأحكام مصدومة مما دار بينهما وكلا منهما يجرح فى الأخر، قال بغضب سافر:-
-خليها تلبس عشان نعاود الصعيد مهتجعدش أهنا دجيجة واحدة تانية
أرتجفت بفزع والغيظ يأكلها من الداخل لتقول بتذمر:-
-أنا مش هسيب الجامعة دى أخر فرصة ليه أنا بقالى سنتين فى تانية والثالثة هأخد فصل نهائي أرحموني بقي
أقترب أكثر يُثير غيظها وأستفزازها أكثر ليقول بتهديد:-
-هتعاودي الصعيد يا عطر، عشان طولة لسانك اللى عايز جصه دا وعشان تتعلم الأدب وتعرفي كيف تتكلمي وي جوزك
كادت أن تتحدث بغيظ أكبر لتضع "حِنة" يدها على فم "عطر" تمنعها من التعجل فى الحديث والتسرع الذي سيندم عليه الأثنين لتقول بضيق:-
-خلاص يا عيسي، خلاص
ذهب إلى الخارج لتنظر "عطر" إلى "حِنة" التى نصرته عليها فقالت:-
-أسمعي مني يا عطر، عيسي راجل وراجل صعيدي عارفة يعنى، يعنى أقل ما فيها لما يتقوله مراتك خاينة ويشك يدفنك حية، أهدئي كدة وفكري فيها مين اللى له مصلحة يخرب ما بينك وبين جوزك ، ما هو مش معقول حد يوقع ما بينكم بالطريقة دى ونقول صدفة؟ فكرى يا عطر لأن فى حد بيخرب عليكي وبيسرق جوزك وسعادتك منك؟ حد قهرته فرحتك وسعادتك مع عيسي ودلعه ليكي وقرر يسرقها بأزبل طريقة منك
نظرت "عطر" إليها وبدأت عقلها يفكر فيما حدث؟ تذكرت سعادتها وكيف كان شعورها بصحبتها أثناء تسكعها معه ومحاولاته فى فعل أى شيء لرؤية بسمتها، تذكرت كيف أعترفت بحبها له وطلبت مسامحته على قرار الأنفصال عنه؟ عناقه حين جاء إليها، ضمها بكل قواته كأنه أخر عناق بينهما، شعرت بحرارة العشق ولهيبه فى هذا العناق، جلست "عطر" على أقرب مقعد بتعب من التفكير لتقول بحيرة:-
-أنا مأذتش حد يا حِنة هنا عشان يفكر يأذيني كدة، عارفة لو كنت هناك كنت فكرت فى خديجة عشان بتحبه وأكيد عايزة تفرق بينا من الغيرة؟ أو أمها ما هي مش جديدة عليها؟ لكن هنا فى القاهرة مين بفكر يأذيني كدة... بعدين أى كأن اللى حصل ومين ؟ أنا لا يمكن أفضل على ذمته لازم يطلقني دا شك فيا وضربني، أنتِ مشوفتهوش وهو بيضربني يا حِنة أنا كنت هموت فى أيده
ربتت "حِنة" على ظهرها بلطف وإشفاق على حال هذه الفتاة لتقول:-
-معلش يا عطر، عيسي معذور أنا لسه بقولك دا راجل وناره حارقاه يا عطر حطي نفسك مكانه
صرخت بأنفعال شديد وهى تقف من مكانها من الغيظ:-
-وأنا مين يحط نفسه مكاني؟ أرحموني بقي
دلفت إلى غرفتها باكية بأنكسار وقلبها قد فتت لأشلاء ولا تقوي على الصمود أكثر، بطنها تؤلمها كأن هذا الطفل الذي لم يكبر بعد يشعر بحزن والدته....
____________________________
جلست "خديجة" بغرفتها باكية بأنهيار مُرتدية فستان أبيض اللون وعلى رأسها تاج فضي جميل ووضعت مساحيق التجميل، ربتت "خيرية" على ظهرها بحزن حادقة بها وأختها تبكي بأنهيار ودموعها لم تجف ولوثت وجهها الجميل فقالت بهدوء:-
-وبعدهالك يا خديجة، كفايكي بكي أمال.. دى رابع مرة نعيد الميكاج بسبب دموعك، خلاص بجي
تحدثت "خديجة" بضيق شديد قائلة:-
-جربي تحطي نفسك مكاني قبل ما تتكلمي عن البكي، أنا أهون عليا الموت من الجوازة دى
تنهدت "خيرية" بحزن وخرجت من الغرفة وتركت أختها وحدها لتري "خضرة" تقف أمام باب الغرفة فقالت بضيق:-
-ها خيتك خلصت
-خلصت بس مجطعة حالها من البكى يا حبة عيني
قالتها بحزن شديد على حال أختها الصغري فقاطعها صوت "ناجي" من الخلف يقول:-
-هملها تبكي شوية وتروح بيت جوزها وتبطل بكي، دا دلع بنات ماسخ
دلف إلى الغرفة بدفتر المأذون لتلتف إليه "خديجة" بذعر وهى تخفي يدها خلف ظهرها، رأت والدها يقف أمامها لم يعلق على بكاءها أو فستانها ولم يبارك لها، بل تحدث بحدة باردة قائلًا:-
-تعالي أمضي ولا تحبي نمضي إحنا
تنهدت بأختناق وهى تغلق قبضتها على السكين الموجود فى يدها خلف الفستان وقد عزمت أمرها على الموت فأقتربت بهدوء خائفة من والدها وقدميها ترتجف بألم شديد وخوف ووقعت على عقود الزواج ليستدير والدها ويتجه نحو الباب ثم ألتف إليها وقال:-
-خليكي عاجلة وأمسحي دموعك دي عشان تروحي دار جوزك
أبتلعت لعابها بحسرة من قسوة والدها وما يفعله بها، كيف جمد قلبه عليها هكذا؟، لم يشعر بألمها ولم يؤاسي قلبها وروحها المذبوحة بداخلها، أغلق باب الغرفة لتهرع نحوه وتغلق الباب بالمفتاح من الداخل وجلست على الأرض تجهش فى البكاء بألم وتضرب قلبها بقبضتها، لطالما أحبت "عيسي" وحلمت باليوم الذي ترتدي هذا الفستان لأجله لكن اليوم قد كُتب القدر لها أن ترتدي الفستان لرجل بعمر والدها وهى تُباع له كسلعة من أجل أخواتها وبراءتهما، نظرت للسكين الموجودة بجوارها على الأرض فحملتها بين أناملها الصغيرة ونظرت إليها بقوة وقد توقفت عن البكاء وهى تسمح دموعها بيدها الآخري....
___________________________
دلف "عيسي" إلى منزله وخلفه "حِنة" و "عطر" فهرعت "هدي" إليها تعانقها بشوق وقد أشتقت حقًا إلى هذه الفتاة الجميلة ، بادلتها "عطر" العناق وبعد أن فصلوا العناق قالت "هدي" بحماس:-
-دهب.. بت يا دهب حضري العشاء لأجل الجميلة مرت الغالي
تحدثت "عطر" بضيق بعد أن جلبها "عيسي" إلى هنا رغمٍ عنها قائلة:-
-مش جعانة، ماليش نفس
-ما عنك ما طفحتي
قالها "عيسي" بضيق قبل أن يفتح باب المكتب مما أثار غضب "عطر" لتقول بغلاظة مُنتقمة من حديثه بالكلمات ووضعت يدها على بطنها:-
-ااااااه ...يالهوي على الحمل تاعبني أوي يا مرات عمي
أندهشت "هدي" من خبر حملها وبدأت تزغرد بعفوية وفرح من حصولها على حفيدها الأول، مما أغضب "عيسي" أكثر وحدق بوجه "عطر" ثم "حِنة" التى نظرت إلى "عطر" بغضب خصيصًا أن "عيسي" أمرها بألا تخبر أحد عن حملها فى الطريق، أقترب منها بخطواته لتتشبث "عطر" بذراع "هدي" بمكر وعينيها تطلق نظرات الإنتقام إليه وقالت بألم مُصطنع:-
-ااااه بطني وجاعني أوى يا مرت عمي ، تعبت من السفر
كز "عيسي" على أسنانه غيظًا منها لتبتسم هى أكثر وأقتربت منه لتمسك ذراعه بدلال مُفرط وقالت بخباثة:-
-عيسي ، نفسي فى الرنحة
دفعها بقوة ولم يتحمل خباثتها أكثر وقال بأختناق مُنفعلًا:-
-يا بجاحتك
شعرت بغصة فى قلبها من حدته وقسوته عليها لتدمع عينيها مما أدهش "هدي" فقالت "عطر" بغضب:-
-قولتلك مش بجاحة أنا عيني قوية لأني صاحبة حق
دفعها إلى "حِنة" بضيق تحت أنظار والدته المُندهشة من معاملته لزوجته لتجهش "عطر" فى البكاء أكثر حين قال:-
-شلوها من جصادي بدل ما أطخها عيارين وأخلص منها
لم تتمالك "عطر" أعصابها من كم الضغوطات النفسية التى تتعرض لها، كانت ذابلة وشاحبة ودموعها لا تجف محلها لتقول:-
-طخني عيارين وخلصني يا أخي
أقترب منها بخطواته لكن وقفت "هدي" بالمنتصف تمنعه من لمس هذه الفتاة ليقول بحدة:-
-بعدي يا أمي... بعدي
أبتلعت "عطر" لعابها من الخوف بسبب قربه وخصيصًا عندما رأته يقترب أكثر وأكثر منها فقالت بغضب:-
-والله يا عيسي لو مدت ايدك عليا تاني....
وقف أمامها مباشرة بغضب سافر وعينيه تلتهمها كالصقر الذي حصل على فريسته للتو، تمتمت بخفوت مُتلعثمة من قربه:-
-أنا بقولك أهو إياك تمد أيدك عليا أنا مش جارية عندك ولا.......
شعرت بدوران فى رأسها وهبوط بجسدها لتتشبث بذراعه دون وعيه، أندهاش من جرأتها وهى تتكئ عليه رغم خصامهم وما اتهمها به وكاد أن يسحب ذراعيه منها بضيق مُشمئزًا من لمستها لكن للقدر رأي أخر فبدلًا أن يسحب ذراعيه منه طوقها بلهفة بكلتا ذراعيه حين فقدت وعيها كليًا ليتشبث بها بلهفة وذعر قبل أن تسقط، لا يعلم ماذا أصابه ليضمها هكذا رغم خيانتها له وطفلها الموجود فى رحمها من رجل أخر، أى رجل سيقبل بما قبل به قلبه...
حملها على ذراعيه ووضعها على الأريكة لتسرع والدته و"حِنة" إليها فأبعدت هو عنها ينظر لوجهها من بعيد وهما يحاولان إفاقتها لتعود ذاكرته للخلف حين رأها لأول مرة، ما زال قلبه لا يصدق أن هذه الفتاة ضئيلة الحجم البريئة تخونه؟؟
كنت "هدي" حائرة من الحدة بينهما وقسوة ابنها عليها ألا يجب أن يسعد بخبر حملها فقال "عيسي" بهدوء:-
-أنا طالع
ألتف "عيسي" لكي يغادر لكنه توقف عندما سمع صوت صراخ "عطر" وألتف فرآها تضعط يدها على بطنها بألم شديد مما أفزع "هدي" و"حِنة" وزادت هلعه عندما صرخت "حِنة" بهلع باسمها:-
-عطر
أسرع نحوهما بقلب منقبض من الفزع ويخشي الألم عليها أو أن يُصيبها مكروه ليُصدم عندما رآي الدماء تلوث فستانها الأصفر وهى تتألم بذعر وقوة وتتلوي فى محلها، لم يقف ساكنًا وحملها على ذراعيه بذعر وأخذها إلى سيارته وهى تبكي من الألم وتتألم بين ذراعيه .........
_______________________
دقت "خضرة" على باب الغرفة كثيرًا ولم تجد جوابًا، جاء "ناجي" بعد أن ناديته "خضرة" وبعد محاولات كثير فى كسر الباب نجح فى كسره ليُصدم الجميع عندما وجدوا "خديجة" على الأرض وقطعت شرايين يدها والدماء تسيل على فستان زفافها الأبيض وقد أصبحت ضحية لأطماع والدها وجشعه .....
وللحكـــايــــــــــــــــــــة بقيـــــــــــة ............
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هناااااا
تعليقات
إرسال تعليق