القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية كبرياء صعيدي الفصل الرابع وعشرون والخامس وعشرون بقلم نورا عبد العزيز

 


رواية كبرياء صعيدي الفصل الرابع وعشرون والخامس وعشرون بقلم نورا عبد العزيز 




رواية كبرياء صعيدي الفصل الرابع وعشرون والخامس وعشرون بقلم نورا عبد العزيز 

الفصل الرابع والعشرون (24) بعنــــــــــوان " للقلب دقات مُختلفة "


فى الصباح اليوم التالي، أخترقت أشعة الشمس نافذة الغرفة المُطلة بزواياها على الحديقة والهواء الطليق يخترقها، فركت "عطر" عينيها بتعب مُنزعجة من ضوء الشمس الذى يقظها من نومتها فى العاشرة صباحًا، ألتفت بجسدها فى الفراش مُتذمرة على هذا الضوء حتى سمع صوت أغلاق الستائر تجحب الضوء وثواني معدودة وشعرت بقبلته الدافئة على شعرها ودفء جسده خلفها، همس فى أذنيه بخفوت:-

_ أنا طالع يا حبيبي، لما تصحى كلمينى


أومأت إليه بنعم ليغادر "عيسي" الفراش وتوجه إلى باب الغرفة مُستعدًا لبدء يوم عمل طويل لكن أستوقفته "عطر" بنبرة صوتها الخافت تقول:-

_ عيسي لو قابلت حِنة تحت أبعتهالي


_ حاضر يا حبيبتى

قالها بهدوء مُغادرٍ الغرفة، ترجل للأسفل ووجد "هدى" جالسة على السفرة تتناول الإفطار مع "مصطفى" فأقترب "عيسي" منهما ليسمع جزءٍ من حديثهما ووالدته تقول:-

_ معلش يا ولدى تعالى على نفسك شوية وحاول تخرجها توديها فى أى مكان تفك عن نفسها شوية بدل حسبة الأوضة دى، أنا خايفة عليها جوى


أومأ "مصطفى" لها بنعم، قبل "عيسي" رأس والدته وهو يقول:-

_ صباح الخير يا أمي


_ صباحك رضا وهنا يا حبيب جلب أمك، أجعد أفطر ويانا

قالتها بسعادة وهى تربت على يده بحُب، جلس على مقعده وحدق بوجه "مصطفى" ليشير له بلا ففهم "عيسي" أن "مصطفى" لم يُحدثها فى موضوع العمل بالشركة ليقول بجدية:-

_ دهب!! يا دهب


جاءته الفتاة بتعجل من سماع صوته القوي فقال بحدة:-

_ أطلعى جولى يا ستك فيروزة أنى عاوزها


رمقته والدته بحيرة من رغبته فى الحديث معها مُنذ زواجها وحادثة حفل الزفاف، دقائق معدودة وترجلت "فيروزة" خلف "ذهب" فنظر "عيسي" إليها مُندهشٍ من حال أخته وتحدث بتلعثم:-

_ وااو مالك خسيتى النص أكدة ليه؟ كل دا على واحد خسيس زى عامر


تنحنحت "فيروزة" بهدوء تكبح ألمها أكثر بينما هو يزيد من جرحها بضغط حديثه على قلبها المُنهك من الوجع لتقول:-

_ أكيد مش منزلني من فوج أكدة عشان تتكلم على خسيس ولا لا


_ صُح، أجعدي عاوزك فى حاجة 

قالها بضيق بينما يعتدل فى مقعده ليتناول فطاره، جلست "فيروزة" بجوار والدتها بفضول عما يُريد رغم كونها باهتة وحزينة لكن قلبها ما زال عالقًا فى بئر وجعه، رمقها "عيسي" قبل أن يتحدث بوجه جاد وقلبه يتألم لرؤية أختها بهذه الحال وتشبثها برجل تخلى عنها، تحدث بنبرة قوية:-

_ أسمعى يا فيروزة، أنتِ كنتي فتحتي موضوع الشغل وجت ما أتخرجتي وأنا رفضت


نظرت "فيروزة" له بدهشة من حديثه عن العمل ليتابع حديثه بنبروة قوية:-

_ أنا موافج تنزلى تشتغلي فى الشركة ويانا، شوفي لو تحبي أخلى مصطفى يشوفلك وظيفة مستريحة 


_ كنت عاوزة أشتغل يا عيسي ودلوجت معاوزاش حاجة

قالتها بنبرة واهنة وعينيها مطفأة وباهتة بعد أن أصاب بشرتها الأصفرار ثم وقفت من مقعدها وغادرت من أمامهم، حدق "مصطفى" بها ثم غادر هو الآخر المكان فتأفف "عيسي" وقال بهدوء:-

_ أمي عجلى بنتك، مصطفى فى الأول وفى الأخر راجل وهى مرته وميصحش أكدة وأنا لو مكانه مهسكتش كتير ... عن أذنك


أتجه إلى باب السرايا كي يُغادر للعمل فصعد إلى سيارته وأنطلق "عبدالجواد" معه وبصحبته "مصطفى" الذى بدأ يتحدث بنبرة قوية:-

_ لحد دلوجت الحج ناجي مأخدتش خطوة، تفتكر كان عنده علم باللى بيحصل من البداية


صمت "عيسي" قليلًا يفكر فى الحديث ثم قال:-

_ خلى عينيك عليه بس معاوزش أتحرك فى كل الإتجاهات مرة واحدة عشان مغلطش، خلينا دلوجت فى عامر وبعدها نوفج بجى لعمى ومرته وبلاويهم 


أومأ إليه بنعم وأوصله إلى الشركة بينما ذهب "مصطفى" إلى التجار يستلم منهم الشيكات حتى رن الهاتف يقاطع عمله الشاق باسم "فيروزة" مما أدهشه اتصالها الآن فخرج من وكالة الفاكهة ليقف أمامها ثم وضع الهاتف على أذنه يقول:-

_ ألو


_ مصطفى، كنت عاوزة منك خدمة كدة

قالتها "فيروزة" بصوت مبحوح هادئ فهز "مصطفى" رأسه بنعم ولسانه يتفوه بالحديث:-

-عيني ليكي يا أنسة فيروزة


ضحكت هذه المرة من قلبها حقًا بعفوية جعلت قهقهتها تسلل إلى قلبه الهادئ تشعل به فتلة الإعجاب مُتمتمة بعفويتها وسط ضحكاتها القوية:-

-برضو أنسة فيروزة!! أنت مش مصدج نفسك يا مصطفى ولا أي


تنحنح بهدوء ثم جمع شجاعته ليُحدثها بما لا يقوى على البوح به أمام عينيها يقول:-

-عايزة الصراحة ممصدجش حالى فعلًا، ممصدجش أن مصطفى اللى شغال عندكم أتجوز الأميرة، الأميرة اللى ميجرأش أكبر شنب فى البلد يرفع عينيه فيها ويتمنى نظرة واحدة منها، لا مجادرش أستوعب أن ست البنات اللى حفى وراها رجالة البلد كلتها بجت مرتي أنا وبعد ما كنت بخدم على طلباتها وأنفذ أوامرها بجيت أنا الوحيدة اللى ليا كلمة عليها، مش جادر أتخيل أن جوهرة البلد كلتها بجيت ملكي أنا وحدي


توقفت "فيروزة" عن الضحك تسمع كلماته مُندهشة من جمال حديثه ووصف لها بأميرة ونظرت إلى "عطر" التى تجلس جوارها على الأريكة تستمع للمكالمة، أبتلعت لعابها بلطف وقالت:-

-كنت محتاجة كام كتاب أكدة، ينفع تجبهملى وأنت جاى عشان مش جادرة أخرج خالص الفترة دى


أومأ إليها بنعم وقال:-

-طبعًا، جوليلى أساميهم أيه ويكونوا عندك النهار دا 


_ شكرًا يا مصطفى، هبعتهم لك على الواتس


أغلقت الخط معه ونظرت إلى "عطر" مُندهشة فقالت "عطر" بهدوء:-

-شوفتي الموضوع بسيط أزاى، سمعتي بودنك بقى أنتِ أيه يا فيروزة، أنتِ جوهرة وست بنات البلد دى وأنا لو مكانك هدوس على قلبي دا وأبنى حياتى مع مصطفى عشان بس أقهر عامر وأعرفه أنه خسر جوهرة زى ما مصطفى قال


تنهدت "فيروزة" بهدوء مقتنعة حديث "عطر" هذه المرة، ربتت "عطر" على يدها بلطف وقالت:-

-يلا أدخلى على النت وشوفى كام كتاب كدة وأبعتهم له، ولا أقولك والله فكرة أدخلى دورى على كُتب للتعافى من العلاقات المؤذية والسامة وخلى مصطفى يجبهم لك وهو جاى


-جرا أي يا عطر أنا سمعت كلامك لما جولتى كلميه عشان تشكريه على اللى عمله أمبارح

قالتها "فيروزة" بتذمر من "عطر" التى تسعى لفتح أبواب قلبها إلى "مصطفى" وبناء علاقة قوية بينهما، ضربتها "عطر" بقوة على قدمها بغيظ من عناد "فيروزة" التى تشبه أخاها جدًا وقالت بجدية ولهجة غليظة:-

-أسمعى الكلام أمال، وبعدين أنا مسمعتش ولا كلمة يعنى فيها شكرًا ولا تسلم أيدك على الأكل، يلا بلاش دلع بنات أبعتي لجوزك زى ما فهمتك


كادت "فيروزة" أن تعترض على الحديث لترفع "عطر" حاجبها بتهديد واضح وأتسعت عينيها بنظرة ثاقبة حادة مما أربك "فيروزة" ونفذت ما طلبته "عطر"، تبسمت "عطر" بسعادة من نجاح أول خطوة فى خطتها ثم وقفت من فوق الأريكة تقول:-

-يلا قومي كدة حركي نفسك وأعملينا شوية فشار وكوبايتين عصير عشان نتفرج على فيلم، وأنا هروح أغير هدومي دى 


هزت "فيروزة" رأسها بنعم ثم نزلت للطابق الأول ودلفت إلى المطبخ تصنع الفشار ويتردد فى أذنها حديث "مصطفى" عنها، هى الفتاة التى تمناها رجال البلد جميعهم وسعوا جاهدين للحصول على موافقتها من الزواج لكن بسذاجتها تعلقت بأسوءهم والوحيد بينهم مُنعدم الرجولة، ظلت تفكر فى كل شيء شاردة الذهن ليقاطعهم صوت "ذهب" تقول بهلع:-

-عنك يا ست فيروزة ... 


نظرت "فيروزة" للبوتاجاز ورأت الفشار أحترقت منها فدمعت عينيها من الحزن لتربت "ذهب" على كتفها بلطف وقالت بنبرة خافتة:-

-متزعليش نفسك، أنا هعملك غيره والله يا ست البنات، ممستاهلش دموعك دى 


-ربنا يخليك يا دهب، أنتِ طيبة جوى 

قالتها بلطف مع بسمة خافتة ووقفت بجوار "ذهب" التى بدأت تعد الفشار لها ففتحت "فيروزة" هاتفها وهى تجلس على المقعد على السفرة الصغيرة الموجودة داخل المطبخ وبحثت بالفعل عن كُتب كثير للتعافي من العلاقات وكيفية التخطي ثم أرسلتهم "مصطفى"، أتاها صوت "ذهب" من خلفها تقول:-

-وجلب


ألتفت "فيروزة" بدهشة من كلمتها ثم قالت بذهول:-

-نعم!!


جلست "ذهب" بجوارها وبدأت وصلة حديثها المبالغ تقول:-

-أيوة أبعتي وياهم جلب، البنات اليومين دول بيعملوا أكدة حطي جلوب جلوب كتير جوى ، أنتِ متعرفيش البنات التانيين بيبعتوله أي؟


أتسعت عيني "فيروزة" مُندهشة ثم أبتلعت لعابها وهى تضع خصلات شعرها خلف أذنها بقلق طرق باب عقلها بهذه اللحظة فتمتمت بحرج:-

-لا، مصطفى ميعملش كدة... أستني يا دهب هو ممكن يكون عنده بنات ؟


-طبعًا مش راجل كيف بجية الرجالة، وسي مصطفى مش أى حد دا كيف الجمر وطلته أكدة ترد الروح ، دا البنات بتشوفه فى السوج معدي بعربيته بيغمي عليهم 

أجابتها "ذهب" بجدية مما أدهش "فيروزة" وهذه الفتاة تخبرها أن الرجل الذى ترفضه رفض قاطع تتمناه الفتيات وربما يسرقوا منها، أغتاظت "فيروزة" بشدة من حديثها فضربت الطاولة بيديها غاضبة وتصرخ بـخادمتها قائلة:-

-جومي يا دهب، جومي من خلجتي لأرتكب فيكي جناية دلوجت وأطلع كل اللى جوايا فيك، ولا أجولك أنا اللى جايمة ومهملكي لحالك 


غادرت المطبخ فتبسمت "ذهب" بسعادة وأنتصار ثم اخذت كوب من الشاى الأخضر وصعدت إلى غرفة "هدى" تقدم لها الشاى وقالت بسعادة:-

-عملت كيف ما جولتي يا ستي، مهملتهاش ألا وهى بتصوت فيا 


أخذت"هدى" كوب الشاى فى يديها وتبسمت من حديث "ذهب" بسعادة تغمرها ثم قالت بحماس:-

-جدعة يا بت يا دهب، تربيتي.. ، عاوزكي كل ما تشوفيها تدوسي أكتر ولما تطلعي السوج ترجعي تألفي عليها أى حوار أن واحدة سألتك عنه متجوز ولا لا، واحد جايبله عروسة، عاوزة تعرف جيمة الراجل اللى وياها وتفكر كيف تحاجي عليه لواحدة تانية تلهفه منها 


تبسمت "ذهب" وهى تضع البخور فى المبخرة ثم قالت بحماس:-

-متجلجيش يا ستي هدى، أنا وراها وأنتِ خابراني زين بموت فى الرغي 


-هتجوليلى، خابرة عشان أكدة طلبت منك الطلب دا

قالتها "هدى" بسعادة وهى تقدم مبلغ من المال إلى "ذهب" فتبسمت الثانية بسعادة تغمرها وغادرت الغرفة...


__________________________________________ 


فى منزل "خضرة"

دلفت "خيرية" إلى غرفة أخاها "خالد" لتراه حزين مهمومًا على فراشه بعد موت "رؤية" كأنه كُسر أو سبلت الروح منه، يدخن بشراسةٍ مُنهكٍ فسألته بنبرة خافتة:-

-خالد، ما لك يا حبيب خيتك؟


-مفيش

قالها بنبرة باردة فتمتمت بهدوء قائلة:-

-طب متعرفش نصر فين؟ مختفي من ساعة ما طلعتوا من المحكمة وأنا محتاجاه ضروري


نظر إلى أخته مُندهشًا من تغيب أخاه و"نصر" الوحيد الذى لم يختفي يومًا أو بقى خارج المنزل لليالي ، لطالمًا كان مُنضبطًا لينافس "عيسي" فى صلاح الحال حتى أنه لم يترك فرضًا من صلواته، تحدث بتلعثم شديد:-

-نصر مُختفي، أول مرة يعملها؟


ضربت كفيها ببعضهما وقالت بحيرة:-

-ودا اللى جلجني عليه، مش من عوايده يبات برا البيت وبكلمه مبيردش وشوية وتليفونه يتجفل، جلبي بدأ يجلج عليه 


تنهد بضيق من فراق "رؤية" وهو لم يقوى على البوح للجميع أن زوجته توفيت ويكبح حزنه وتعاسته بقلبه وحده، هز رأسه بنعم يقول بحيرة:-

-حاضر هبجى أدور عليه عند أصحابه 


_ اللهى يستر يا خالد دنيا وأخرة

قالتها بجدية ثم غادرت ليضحك بسخرية من أخته التى لم تبالى بحاله ولم تسأل عن حالته وحزن قلبه وتهتم فقط بـ "نصر" ....


_____________________________________ 


ترجلت "عطر" الدرج وهى تُحدثه فى الهاتف بنبرة دافئة قائلة:-

-وأنت كمان وحشتني يا حبيبي، هترجع أمتى؟


-وحشتك جوى يعنى


أومأت إليه بنعم وتابعت الحديث بنبرة هامسة خجلًا من أن يسمعها أحد:-

-أوى يا عيسي أنا ....


شهقت "عطر" بدهشة حين سحبها من ذراعها للخلف، نظرت إليه مذهولة من تصرف زوجها الذي يترأس عائلة كاملة ويسحبها لأسفل السُلم كالمراهق، رمقته بعيني واسعة وفمها يتحدث بجدية بعد أن شعرت بيديه تحيط بخصرها قائلة:-

_ جرا أي يا عيسي ما لك؟ قالب على عيل صغير كدة ليه؟ 


أخذ خطوة واحدة نحوها بعينيه الهائمة ببحر عينيها الزرقاء ونبضات قلبه تتسارع بجنون كأنه داخل سباق ويهرع حتى يفوز بقلبها الصغير رغم علمه إن هذا القلب الذى يصبو إليه عاشقٍ له، أبتلعت لعابها خجلًا من تصرفاته كمراهق رغم سنه وهيبته الذي يخشاها الجميع لكن أمامها الآن هذا الأسد غارقًا بعشقها، رفعت يديها حين أقترب تضعهما على صدره تقاوم قُربه أكثر مُتمتمة بنبرة خافتة يكاد يسمعها:-

_ أعقل يا عيسي مش كدة، حد يشوفني ..


أنتفض جسدها برجفة العشق حين لمس عينيها بسبابته يداعب رموشها الناعمة كأنه يسلبها ما تبقي من وعيها أمامه ويغرقها فى بئر عشقهما، دون أن يستمع لحديثها، تبسم على نعومتها ورقة قلبها فهمس بها:-

_ أتوحشتك يا عطري

 

رفعت رموشها للأعلى مع نظرها به وتشعر بيديه تتسلل من عينيها إلى صدره يجذب يديها التى تقاومه لتتشبث به أكثر مانعة إياه بقولها الحادة:-

_ وبعدين معاك يا عيسي، يلا روح شوف وراك أى وسيبني أخلص أنا كمان اللى ورايا، بلاش شغل مراهقين وأعقل كدة دا أنت هتبقى أب


لم يقوى على ترويض بريته الجميلة رغم عشقه فهندم عباءته مُتذمرًا على حدته معه وألتف كي يغادر من أمامها لكن استوقفه يدها تمسك كُم عباءته ودُهش حين وضعت قبلة على وجنته بلطف ببسمة خافتة وقالت بدلال:-

_ متتأخرش بليل 


تنحنح بأرتباك مُبتسم على نيل قبلة منها فأقترب أكثر منها بسعادة تغمره ليوقفه هذه المرة صوت أخته من الخلف تقول:-

_ دا مبجاش بير سلم سرايا....

 

خجلت "عطر" من كلمتها بينما غادر "عيسي" مُحرجًا من أخته ووجنتيه توردت وعينيه تتجول هنا وهناك مُتحاشيًا النظر إلى أخته فضحكت "عطر" عليه أكثر لتُحدث "فيروزة" قبل أن يخرج من باب السرايا هاتفة:-

_ مش أكدة يا كبير ناسك


لم يبالى لكلمتها وغادر فأقتربت "عطر" منها بلطف بوجنتها المتوردة خجلًا ثم قالت بمرح:-

-حد يخش على حد كدة 


-يا أختى وأنا كنت دخلت، أبجى جوليله يتحشم دا كبير العيلة، عيب يجف أكدة فى بير السلم 

قالتها "فيروزة" بغيظ شديد مما أضحك "عطر" عليها ثم قالت بلطف:-

-والله أنتِ دمك خفيف، جوليلى بجي عملتى أي النهار دا


-ولا حاجة

قالتها "فيروزة" ببرود شديد لتضربها "عطر" على ظهرها بغيظ يقتلها من برود هذه الفتاة لتقول:-

-مبتفهميش وهتفضلى كدة دبشة، وهتيجي واحدة تانية تسرقه منك وتقف معاه فى بير السلم تغنيله أنا بحبك يا مصطفى ...كتك نيلة، أمشي من وشي


تركتها "عطر" وخرجت إلى الحديقة لتبتلع "فيروزة" لعابها بحرج من حديثها، ظلت واقفة محلها تفكر فى حديث "عطر" حتى قاطعها صوت خطواته على الدرج فألتفت وكان "مصطفى" مُستعد للخروج فتحدثت بغضب قائلة:-

-مصطفى


التف إليها وحدق بها كانت تقف أمامه مُرتدية بيجامتها الخضراء وترفع شعرها على شكل ذيل حصان لتقول بهدوء:-

-أنا عايزة أخرج أشتريت حاجات 


-طيب روحي كيف ما تحبي

قالها بهدوء لتتحدث بنبرة قوية غليظة، مُستشاطة غيظًا من بروده وموافقته على كل شيء قائلة:-

-أنا مبأخدش أذنك، انا بسألك هتوصلنى زى المعتاد ولا أخد حد من الرجالة 


تنحنح بهدوء شديد ثم قال مُتنهدًا بشجن:-

-عينيا ليكي يا أنسة فيروزة 


أغمضت عينيها غاضبة من كلمته المعتادة وهو لا يقوى على نطق اسمها كالبقية، صعدت الدرج للأعلى كى تبدل ملابسها .......


______________________________________ 


فى منزل "حامد"، كان جالسًا مع "خضرة" يتحدثان بهمس شديد فقال بجدية:-

-البضاعة هتوصل بليل وكيف ما أتفجنا هنسلمها وراء الجبل بعيد عن العين 


تبسمت "خضرة" بسعادة والآن ستجني الكثير من الملايين وستصبح أغنى من "ناجى" فقالت بحماس:-

-أتفجنا على ميعادنا وأنا كيف ما جولتلك نصيبي أنا اللى هشيله ومالكش صالح به أخزنه كيف ما أحب وأبيع كيف ما أحب


-على راحتك أنا همي عليكي، دى شيالة كبيرة جوى

قالها "حامد" بتوعية لفكرها وهى ترى تجارة الأثار سهلة ويمكنها السير بسيارتها وبداخلها أثار وسط البلد، تحدثت "خضرة" بنبرة جادة قائلة:-

-لا متشلش همي، أنا ست ومحدش واصل هيشك فيا وخصوصًا أنها أول مرة يعنى الحكومة مش بتشمشم ورايا كيف ولا أسمى عندهم


أومأ إليها بنعم فوقفت لكى تغادر بسعادة تغمرها مُنتظرة هذه اللحظة بشدة، قالت بنبرة هادئة:-

_ أشوفك بليل يا جوز بنتي


غادرت الفيلا دون أن تنتبه إلى "كارما" التى تختبي خلف الدرج بعد أن سمعت الحديث الذي دار بينهما وشردت فى الفكر وهى تستمع إلى "حامد" الذى تحدث مع "عز" قائلًا:-

_ خضرة هتروح وياكم فى التسليم وتديها نصيبها، وبتوعنا طبعًا عارف هيروحوا فين؟ وأنا هروح أسهر برا وجتها مع خديجة عشان محدش يشك فيا 


تبسمت "كارما" بمكر وقد فكرت فى الإنتقام من "خديجة" بطريقة خبيثة عن طريق الإبلاغ عن والدتها بعد أن تأكدت من عدم ذهاب والدها........


______________________________________ 


جمعت "سكينة" أغراضها فى الحقيبة وتسللت من منزلها ليلٍ خوفٍ أن يراها أحد أو يترصدها رجالة "عيسي" وأخذت أول سيارة قابلتها إلى محطة القطار....

وقفت "فيروزة" فى محل الأحذية حائرة ماذا تختار؟ و"مصطفى" يقف فى الخارج ينتظرها بملل فجاءت فتاة إليه تُحدثه و"فيروزة" ترمقهما من الداخل بغضب سافر لتترك الحذاء وخرجت لهما تقول بنبرة حادة:-

-مصطفى


ألتف إليها مُندهشًا من نبرتها العالية فأقتربت لتقف جواره وترفع حاجبها للأعلى بغرور قاتل ترمق الفتاة من الرأس لأخمص القدم فقال "مصطفى" بهدوء:-

-أجبلك حاجة يا أنسة فيروزة


ضغطت على قدمه بغيظ شديد من كلمته بحذاءها ذى الكعب العالي مما أدهشه وكبح ألمه بينما يقول:-

-فيروزة مرتي


-اه أهلا وسهلا يا مدام...


قاطعهم صوت رنين هاتف "مصطفى" فأجاب بتعجل حين رأى اسم المتصل وقال:-

-ايوة


-الست سكينة خرجت من دارها ومعاها شنطة سفر وفى طريقها لمحطة القطار

قالها الرجل عقد "مصطفى" حاجبيه بسعادة ممزوجة بالغضب القاتل وقد حدث ما أنتظره لأسبوعين كاملين مُنذ أن تزوجها حتى يقبض على هذا الخائن الذى غدر بقلبها وبسبب لأول مرة يرأى "مصطفى" دموعها، تحدث بنبرة قوية:-

-وراها، إياك عينيك تغيب عنها، تتصرف وتركب القطار معاها فاهم ، شوفها هتوصل فين وتبلغني ولو لمحت عامر تعرفني؟


نظرت "فيروزة" له بصدمة لجمت عقلها وأشعلت نيران قلبها التى أحترقته من ذكر أسمه، أوقفته قبل أن يصعد بسيارته وقالت:-

-مصطفى


نظر إليها بهدوء لتتابع الحديث بنبرة خافتة وعينيه تترجاه بأستماتة:-

-خدني معاك


نظر لها كثيرًا ولا يملك جواب يرضيها ويرضيه فى آن واحد لتقول "فيروزة" بنبرة واهنة وقد تجمعت الدموع فى عينيها من الألم:-

-أرجوك 


أبتلع لعابه بحيرة ورؤية دموعها تمزقه لطالما تساءل عقله هذا الوغد يستحق دموعها هذه؟ أومأ إليها بنعم ثم فتح باب سيارته ليأخذها معه خائفًا من هذه اللقاء الذي سيجمعهما معًا وكيف ستقابله؟ وربما تكون عائقًا فى انتقام "مصطفى" به .............

 

____________________________________________ 


أستيقظ "عيسي" فجرًا على صوت صراخ "عطر" القوي جواره، فتح الضوء وهو يرمقها بذعر ويقول:-

-ما لك يا عطر؟  


لم تتوقف عن الصراخ وهى تضع يديها على بطنها بألم شديد وتكاد تتمكن من التنفس من شدة الألم الذى أصابها، أتكأت بيدها اليمنى على ذراعه من الألم وتقول:-

-ألحقنى يا عيسي... اااااااه .... أنا حاسة البيبي بيخرج


أتسعت عينيه من هول الصدمة وإحساسها بخروج طفلها وهى فى شهرها الخامس، خرج من الغرفة مُسرعًا ينادي على والدته و"حنة" فسمع صرخة قوية منها من الغرفة، أيقظت صرختها الجميع بفزع من منامهم ..............



كبرياء صعيدي

الفصل الخـــامــس والعشرون (25) بعنــــــــــوان " مكر الشياطين  "


أنتظر "عيسي" أمام غرفة الفحص وأوشك عقله على فقد صوابه من الأنتظار وفي أذنيه صوت صراخها وألمها، وقفت "هدى" قربه حائرة مما يحدث وتتمنى ألا تفقد حفيدها قبل أن يولد وبنفس الوقت مٌندهشة على قلق "عيسي" لم تتخيل يوم أن "عيسي" ابنها سيعشق بهذا القدر الذى يجعل الجميع يروا الخوف فى جفنيه، لطالما عرف أنه ذو القلب الحجر لا يخاف شيء ولم يُخلق ما يجعله يرتجف أم الآن بات هذا الأمر ممكن وكأن "عطر" خُلقت لأجله، لأجل ترويض شراسته وتلين قلبه الحجرى، فتاة بحجم عقلة الأصبع تملك بعروقها نفس دماء عائلة الدسوقي لكن قوتها الحقيقي لم تُخلق من دماء عائلة الدسوقي كبقية أفراد العائلة، بل قوتها خُلقت من عشق "عيسي" لها، ظل يهز كفيها بحيرة مُتكئ بهما على الحائط من القلق مذعورٍ عليها حتى فُتح باب الغرفة الذى جعله جسده ينتفض من محله كقلبه العالق بغرامها، هرع إلى الطبيب بذعر مُتسائلًا عن زوجته:-

_ طمنيني يا داكتورة ، عطر كيفها؟


_ متجلجش يا عيسي بيه، المدام بخير والطفل كمان، اللى حصل دا مجرد أثر للتعب والمجهود اللى بتعمله وأنا أكدت عليها فى كل مرة بتجي المتابعة متعملش اى مجهود لأن الرحم عندها فيه مشاكل وللأسف مش هنجدر نعالج دا غير بعد الولادة 


تحدث بلهفةٍ خوفٍ عليها من أن يصيبها مكروه:-

_ فداها، فداها أى حاجة فى الدنيا وفداها العيل كمان ، المهم سلامتها هي


نظرت الطبيبة إلى "حِنة" التى تقف مفزوعة على فتاتها وهكذا "هدى" ثم تابعت الحديث:-

_ المجهود، بالله عليكم متتحركش كتير وتنام فى السرير الباجى من الحمل، إحنا خلاص عدينا نص الفترة أهو ومش باجي غير الجليل


أومأت "حِنة" لها بنعم وقالت بقلق:-

_ حاضر مش هتتحرك من السرير أبدًا يا دكتورة، ممكن نشوفها


_ مفيش مانع، أدخلوا شوفيها وإن شاء الله الصبح ممكن تخرج معاكم

قالتها الطبيبة ثم غادرت فدلف الجميع إلى الغرفة وكانت "عطر" نائمة بفراشها وعليها الغطاء الأبيض غرتها السوداء تظهر من حجابها البسيط الذى ساعدها "عيسي" فى أرتدئه قبل خروجهم، تبسمت بعفوية رغم وجهها الباهت مُنهكًا من الألم والخوف الذى تملكها مُعتقدة أنها ستفقد طفلها من شدة الوجع الذى شعرت به، تنهد "عيسي" بأريحية بينما ينحني إليها مُقبلٍ جبينها بطمأنينة فقالت بعفوية:-

_ عيسي


شعرت بأنفاسه الدافئة تضرب جبينها لتدرك مدة قساوة اللحظات القليلة السابقة وما شعر به من خوف وفزع حين رآها تتألم بهذا القدر، أبتعد عنها قليلًا حادقًا بعيناها الزرقاء وجمالهما الخلاب، تحدثت "حِنة" بنبرة خافتة:-

_ كدة يا عطر تخضينا عليكي


أبتعد عنها مُستقيمًا فى وقفته القائمة بهيبته ووقاره، شامخًا وعينيه لم تفارق زوجته الناعمة، تبسمت "عطر" إليهما وقالت بدفء:-

_ غصب عنى يا حِنة، حق عليا متزعليش


قبلتها "حِنة" بدلال ثم قالت بنبرة خافتة:-

_ فداكي يا حبيبتى أى حاجة، المهم سلامتك يا عطر


____________________________________  


أوقفت "خضرة" سيارتها خلف الجبل فى المكان المُحدد ومعه "عز" برجاله يقفوا فى أنتظار التاجر الذى جاء بعد دقائق معدودة فى الموعد المحدد، تقدم "عز" يرى صناديق الأثار ويفحصها جيدًا ليشك ببعضها فقال بحدة:-

_ إحنا متفجناش على أكدة


_ كيف يعنى؟ 

قالها التاجر البدوي بنبرة غليظة، أتصل "عز" بـ "حامد" يخبره بما حدث.

فى مطعم فاخم بمنتصف المحافظة داخل فندق سياحي، كان "حامد" جالسًا مع "خديجة" يتناولا العشاء معًا حتى رن هاتفه باسم "عز" مما جعله يقلق على تجارته فترك الشوكة من يده ومسح فمه بالمنشفة الصغيرة ثم أجاب على الهاتف:-

_ أيوة؟ طمنى خلاص؟


_ لا البضاعة فيها كام حتة متفجناش عليها، وبيجولوا يا نأخد الكل يا نسيب الكل

قالها "عز" بضيق وهو يقف بعيدًا عنهم


تنهد "حامد" بضيق ووقف من مكانه حتى لا تسمعه "خديجة" أكثر وذهب للخارج وهو يقول:-

_الكام حتة دول ميمشوش معانا فى السوج


أجابه "عز" بنبرة غليظة من الغضب وهذا الرجل يعقد صفقتهم:-

_ لا، دول نفسهم اللى رجعناهم المرة اللى فاتت، دلوجت بيلبسنا فيهم عافية يا نأخدهم على بضاعتنا يا مفيش خالص


-جدم خضرة، جدمهم منيل بنيلة خليك وأنا جاليك، متعملش حاجة لحد ما أجى

قالها "حامد" بنبرة حادةٍ مُستشاطٍ غيظٍ من عرقلة عمله وصفقته لأول مرة، دلف للمطعم بوجه عابس وقال بحدة:-

-جومي يا خديجة هنروح


أخذها للمنزل ثم أنطلق إلى الجبل، رأتها "كارما" تعود وحدها فسألت بقلق:-

-أمال بابا فين؟


-بغض النظر عن أنى مطايقيش بس أبوك راح لعز الشغل

قالتها "خديجة" بضيق وصعدت إلى الأعلى على عكس "كارما" التى أنتفضت من مكانها ذعرٍ من الخوف وتذكرت اتصالها بالشرطة كي تقبض على "خضرة" بثقة من عدم ذهاب والدها، أتصلت بـ "حامد" كثيرًا لكنه لم يجيب عليها مما أفزعها أكثر...

وصل "حامد" إلى الجبل وبعد مشاحنات فى الحديث وجدال قوية بين الطرفين، تحدث "حامد" بغيظ من ضغط شريكه عليه:-

-خلاص نأخدهم وأعتبرهم تألف عشان غلاوتك بس واللى بيننا


بدأوا بتحميل الصناديق فى سيارات "حامد" و"خضرة" وتسليم حقائب المال بسلاسة حتى قاطعهم صوت طلقات نيران من الشرطة التى تعم المكان والجميع فى حالة من الفزع لا يعلمون من أين ظهرت الشرطة من العدم بهذه الأعداد الكبيرة من رجالها، أنتفضت "خضرة" بذعر وصعدت إلى سيارتها وقبل أن تتحرك قُبض عليها لتلطم وجهها من الصدمة التى لجمتها الآن........

____________________________________ 


كان "مصطفى" يقود سيارته بطريقة جنونية على أقصي سرعة يمكنه بلوغها و "فيروزة" بجانبه عاقدة ذراعيها أمام صدرها وهادئة أو بالأحرى شاردة فى ذكرياتها معه تارة وفى أفكارها عما سيحدث حين تراه تارة أخرى، لا تُصدق أن بعد ساعات ستقابله وتقف أمامه وجهًا لوجه، خائفة على قلبها ومنه فى آنٍ واحد، تخشي على من الوجع وخشي منه من الضعف أمام عشيقها، لم تنتبه إلى نظرت "مصطفى" لها خلسًا وهو أيضًا خائفًا مثلها من هذا اللقاء، لأول مرة يشعر بالخوف من هذا اللقاء ولا يستوعب كيف طاوع قلبه وقبل بتراجيها له ويحضرها معه؟ لا يعلم ماذا ستفعل حين ترى "عامر"؟ عقله عالقًا هو الأخر فى التفكير الخبيث وكل أفكاره خبيثة الآن، تنهدت بضيق تشعر بخنق يحتل صدرها من الداخل فقالت بتمتمة أوشك "مصطفى" على سماعها بصعوبة:-

_ ممكن نجف على جنب شوية؟


أوقف سيارته على الطريق جانبٍ، فتحت "فيروزة" الباب بتعب مُترجلة من هذه السيارة التى تخنقها كأنها زنزانتها المُتحركة، ترجل الأخر مثلها وعينيه ترمق زوجته الغاضبة تتقدم أكثر نحو الجبال الموجودة على ضفتي الطريق، تنظر للفضاء الذى أمامها ولا تبالى بالأحجار المصفوفة حتى جلست على أحدهما من الخوف الذى صلب قدميها وجعلها لا تقوى على الحركة فأقترب "مصطفى" منها يضع قفطانه على أكتافها يحميها من برد الليل وضوء النهار، ما زال شفق الفجر يشق عتمة الليل حتى بزوغ النهار، تشبثت "فيروزة" بقفطانه كطفلة صغيرة ثم قالت بصوت مبحوح:-

_ أنا مستاهلش دا يا مصطفى، مش كدة؟ أنا مش وحشة جوى كدة عشان أستاهل يحصل فيا دا؟


جث على ركبتيه أمامها لا يبالى بالأتربة التى تلوث عباءته حتى بات فى مستواها وعينيه أمام عينيها مباشرة، حادقًا بها بجراءة دون خجل هذه المرة ولأول مرة يكسر حاجز الأميرة والجندي بعد أن رفع نظره بها كـ رجل لها وهى مَلكه وحده ورغم عينيه التى فضحت جراءته لكن لسانه تشبث بهذا الحاجز القائم بينهما حين قال بلطف لمس قلبها الجريح:-

_ لا يا أنسة فيروزة، متستاهلش دا، لا طيبتك ولا جمالك ولا مكانتك ولا حنيتك يستاهلوا كل دا، أنا وعدتك أجيبهولك تحت رجلك راكع يدفع ثمن كل دمعة نزلت من عينيك بسببه، ويدفع من دمه ثمن حزنك وحياتك اللى سرجها منكـ


ما زالت عينيها عالقة بالنظر إليه هذا الرجل الذي يداوى جرحها دومًا بالحديث الطيبة ولُطفه البالغ، على مدار هذه الأسبوعين الذى أصبحت هى زوجته به لم يعاملها سوى الحنية واللين كأنه جاء بلسمًا مداويًا لروحها المجروحة، تلألأت عينيها بدموع القهرة والحزن مُستائلة عن سبب كسرة قلبها بهذه الطريق؟ ليتابع "مصطفى" بلطف مُدركًا من داخله أن هذه فرصته الوحيد فى البوح بما داخله قبل أن يأخذها للقاء محبوبها الخائن، هاتفًا:-

_ لو على اللى ميستاهلش، يبجى هو اللى ميستاهلش، هو اللى ميستاهلش ذرة حُب واحدة من جلبك يا ست البنات، عامر مكنش يستاهلش يلمح طيفك من الأساس، راجل غبي صُح خسر جوهرة من حياته لو كان سأل راجل واحد فى البلد كان أنضرب بالنار ولا دخل مستشفى المجانين لأنه فرط فى جوهرة البلد كلتها


_ أنا جوهرة !!

قالتها بتساؤل وكلماته تلمس قلبها كنبرته الدافئة التى تطيب جروحها، تبسم "مصطفى" بسمة خافتة ثم قال:-

_ أنتِ أغلى من الزمرد يا أنسة فيروزة، رجالة البلد كلتها كانت تتمنى تلمح طيفك بس عشان يعرفه جمال أميرة سرايا الدسوقى كيف، متستغربيش أكدة؟! اسأل ذهب هى اللى بتنزل السوج وسط حريم البلد، بتسمع عنك أي؟ ، أنا رجالة البلد كلتها كانت بتحسدني لأني بلمح الأميرة المُدللة وبخرجها كمان ما بالك بيجولوا أي عني بعد ما أتجوزتها، صدجينى يا ست البنات عامر ميستاهلش دمعة واحدة منك تنزل عليه 


رفع يده إلى وجنتها يجفف دموعها لتخفض "فيروزة" نظرها إلى يده وشعرت ببرودة يده تخترق مسام بشرتها فقشعر بدنها بتوتر شديد مُغمضة العينين لتتساقط بقية دموعها مع غمضة العين فجففها "مصطفى" بلطف من جديد بعد أن ذُرفت على أبهاميه لتأخذ "فيروزة" يده بهدوء ووضعتها على قلبها الممزق لإشلاء ثم قالت:-

_ ياريت كان وجع دموع يا مصطفى، لكن هنا بيموت...


نظر "مصطفى" إلى قلبها وخفقانه الذى يشعر به أسفل راحة يده فشعر بغصة فى قلبه، تُحدثه عن رجل أخر وهو زوجها الآن، كيف لعقل أن يستوعب هذا؟ تابعت الحديث بهدوء قائلة:-

_ أنا عارفة أن ميصحش أتكلم عنه جصادك أكدة، ولازم أحترام رجولتك على الأجل كيف ما أنت أحترمتنى وسترتنى جصاد الخلق كلهم ورفعت رأسي، بس أنا مجهورة يا مصطفى جوى ومحدش حاسس بيا وعيونى مبجتش جادرة على البكي


سحب يده منها بلطف ثم قال:-

_ معاكِ عذرك يا أنسة فيروزة


نظرت له بهدوء ليقاطع نظراتهما المتبادل رنين هاتفه من رجله فوقف من مكانه مُجيب عليه:-

_ عملت اى؟


_ خليت الكمسري يشوف تذكرتها، رايحة إسكندرية

قالها الرجل بجدية وعينيه عالقة بـ "سكينة" التى تجلس فى مقعدها ليقول "مصطفى" بصوت خشن قوى:-

_ كيف ما توجعت، أوعى تغيب عن عينيك فى إسكندرية وأنا جاى فى الطريج 


شعر بيدها تتشبث برسخه مُتكأة عليه، نظر إليه والهاتف على أذنه فرآها تقف من مكانها مُمسكة بعباءته ليشعر بغصته تزيد من ألم قلبه فكلما تعمق بسحرها وغرق فى لطفتها وشخصيتها التى يحفظها أكثر من نفسه بسبب معاملاته السابقة معه، أيقظته "فيروزة" أن لم مكان له فى حياتها، أنهى حديثه مع رجله وأنزل الهاتف عن أذنه وهو يتقدم للأمام بخطواته وتسير "فيروزة" معه مُمسكة به كما هى حتى وصلوا إلى السيارة وفتح لها الباب فصعدت، أغلق "مصطفى" الباب وألتف مُتأفف بضيق شديد وعينيه تحدق بالهاتف يرسل إلى "عيسي" رسالته ثم صعد بسيارته وأنطلق من جديد فى طريقه إلى الإسكندرية......


___________________________________ 


دلفت سيارة "عيسي" إلى السرايا ثم ترجل ليأخذ بيد زوجته إلى الداخل، كانت مُنهكًا مما عانته أمس وتتحرك ببطيء خائفة من فقد طفلها رغم كل شيء فهى تشعر بحركته داخلها وركلاته العابثة بها، لطالما تمنت رؤيته مُنذ أن علمت أنه بداخلها، وضع "عيسي" ذراعه الأخر خلف ظهرها بحذر مُساندٍ إياها ثم قال:-

_ أطلعي أرتاحي يا أمي


أومأت إليه بنعم ثم قالت بنبرة ناعمة:-

_ حاضر، خليها ترتاح وتأكل زين .. أنا أتصلت بـ دهب تحضرلها الأكل 


هز رأسه بنعم ثم صعد إلى حيث غرفته بها، أوصلها إلى الفراش حتى جلست برفق وقالت بلهجة دافئة:-

_ تعبتك يا عيسي


أنحنى يرفع قدميها على الفراش وخلع حذاءها بلطف، مُجيب على كلماتها الغليظة:-

_ متجوليش أكدة، أنتِ سندي وربنا سبحانه وتعالى قال (ومن أياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها) أنتِ سكني يا عطر وأنا كمان سكنك وسندك، لو متسنديش عليا هتتسندي على مين طيب؟!


رفعت يدها إلى وجهه الجاد رغم ملامحه الدافئة لكن قوته تحتل جزءًا كبيرًا من قوته، لمست لحيته بأناملها تداعبها لطالما عشقت هذه اللحية وأحبتها منه حقًا، حادقة بعينااه المُطمئنة لها قبل قلبها الذى يخفق كالمجنون أمامه وكأنه يتسابق داخل حلبة المعركة على من يفوز ويكسر عدد نبضاته، همهمت "عطر" بنبرة دافئة:-

-ماليش غيرك يا عيسي


تبسم "عيسي" إليها ووضع وسادة خلف ظهرها يُدلل دون أن يهاب شيء ولا يهتم لأمر شيء أخر سوى محبوبته، لا يهتم إلى مكانته وهيبته أمام زوجته، مُدركًا أن مهما بلغت مكانة المرء وماله وقوة نفوذه ستظل الزوجة الأقرب من وريده إلى قلبه والسكن الآمن له، يدُللها كما يكرم دينه المرآة ويعززها لتقول "عطر" بدفء وعينيها على زوجها:-

-ولا يكرمهن ألا كريم، أنا محظوظة بيك يا عيسي


تبسم على جملتها الآول وهو يحضر بيجامتها فقال بعفوية:-

_ دا أنتِ وصية رسول الله يا عطر


_ صلى الله عليه وسلم 

قالتها بسعادة فدق باب الغرفة وبعد أن أذن "عيسي" بالدخول، دلفت "حِنة" بوجه عابس وعلى ملامحها الذعر مُتسعة العينين وتقول بتلعثم:-

_ عطر!!


رمقتها "عطر" بأستغراب لحالتها والفزع الممزوج بصدمة فى ملامحها قبل تلعثم كلماتها فقالت بقلق:-

-فى حاجة يا حِنة؟


نظرت "حِنة" إلى "عطر" ثم إلى "عيسي" الواقف قرب زوجته فتمتمت بخفوت:-

_ أستاذ ضياء والدك تحت وعايزك


أعتدلت "عطر" فى جلستها من هول الصدمة التى لجمتها للتو من كلمات "حِنة" وتجمعت الدموع فى عينيها من الحزن، جاء الآن بعد أن تخلى عنها وترك الدائنين يقطعوها أربًا بلا خوف ولا رحمة به، فتاته التى لم تكمل العشرين من عمرها تركها وحيدة أمام رجال أقوياء يصارعوها وحدها، بسبب جاءت إلى هنا وتزوجت من "نصر" الذى أعتدت عليها دون شفقة أو رحمة، لأجله وبسببه ذاقت كل أنواع الألم والقسوة فى الحياة، مرت ذكرياتها أمام عينيها بسرعة البرق وفى لحظات معدودة فشهقت من القسوة التى ذاقتها وأرتشفتها كؤوس بلا توقف كالمدمن الذى يتجرع المخدرات، نظر "عيسي" إلى شهقتها بصدمة ورؤيته لدموعها الآن تجعله يرغب فى النزول وقطع رأس "ضياء" للتو من أجل صغيرته.....


_____________________________________ 


وصلت "فيروزة" إلى الإسكندرية معه ولم يغفو لها جفن بسبب قساوته، أتصل "مصطفى" على تابعه ليخبره بالعنوان فذهب "مصطفى" بها إلى هناك حيث الفندق الذى يقيم به "عامر" من أجل والدته التى جاءت للتو، رأته "فيروزة" من بعيد لينقبض قلبها وجعًا من رؤيته وهو يعيش سالمًا بلا أوجاع أو هموم، شعرت بأعتصار قلبها داخلها لتسلل يدها الضعيفة إلى راحة يده تعانقها بضعف تحتمي به من قسوة العالم، نظر "مصطفى" إلى يدها مُندهشٍ من تشابك يديهما معًا ثم رفع نظره إلى وجهها وعينيها العالقة بخائنها الخبيث، جاء تابعه له ليقول:-

_ عملت كيف ما أمرت يا مصطفى بيه، كلمت رجالتنا فى إسكندرية وهم جاهزين لأمورك أنت وعيسي بيه


_ أنا عايزة أتكلم معه؟ عندي سؤال واحد 

قالتها بتلعثم ودموعها تنهمر على وجنتيها، وضع "مصطفى" حجرًا من النار على قلبه وعقله من طلبها ثم قال بجدية:-

_ خليهم يجيبوا 


أخذها إلى أحد المطاعم الفاخر وقام بحجز المكان كاملًا، جلست أمامه على الطاولة فطلب "مصطفى" كوب من الليمون لها فقالت بتلعثم ورأسها مُنخفضة لا تقوى على رفعها بـ "مصطفى" :-

_ ليه؟ ليه عمل فيا كدة؟، كان ممكن يجولى معاوزش أكمل وأنا مكنتش هرمي نفسي عليه، أنا أكيد مهدوسش على كرامتي عشانه ولا عشان كنت بحب


سألها "مصطفى" بحيرة من أمرها قائلًا:-

_ كنتي، يعنى سامحينى فى السؤال أنتِ دلوجت مبتحبهوش؟


لم تُجيب عليه بكلمة واحدة وأحتضنت كوب الليمون الساقع بيديها الأثنتين، أتكأ "مصطفى" بذراعه على المقعد المجاور له بضيق يخنقه من الداخل، جاء رجاله بـ "عامر" مُمسكين به كالمجرم وهو خائفًا لكنه صُدم عندما وجد "فيروزة" و "مصطفى" من جاءوا إليه وليس "عيسي"، تخلي عن خوفه بعد أن تأكد من غياب "عيسي" وهندم قميصه بضيق ليقول بخنق:-

_ أنت يا مصطفى؟


أخذت نفس عميق يمزقها من الداخل بعد أن سمعت صوته ثم رفعت رأسها تجمع شجاعتها وتعتصر قلبها الأحمق الذى تعلق بهذا الخائن، رمقته بخوف يستحوذ عليها وقالت:-

_ أنا!!


نظر إليها بضيق شديد ثم قال بغلاظة:-

_ ست الحُسن، ست بنات البلد كلتها، هزتي طولكِ وجيتى لحد عندي عشان أيه؟ عشان تتأكدي أني هملتك ولا لأنك ممصدجاش أنى عملتها وجاعدة تبكي كيف الولاية ومجدرش تعيشي من غيري


لم يتمالك "مصطفى" أعصابه أكثر من طريقة حديثه الغليظة وبروده معها بينما قلبها يُفتت بداخلها، ساخرًا منها وهو من ألقاها فى الجحيم وحدها تحترق من نيران الوجع وحيدة،وقف من مكانه ولكمه بقوة حتى سقط "عامر" على الطاولة المجاورة ثم مسكه من قميصه بغضب يمزقه من الداخل وأمام ناظريه مشهدًا واحدًا وهى مُنكمشة فى ذاتها ليلة زفافها وتبكي بقهرة، هزه بقوة من قميصه يقول:-

-لا، دا عشان أنا وعدتها لأجيبك راكع تحت رجلها وتطلب منها العفو، أركع


ضحك "عامر" بسخرية من حديثه بطريقة هستيرية ثم قال:-

-راكع !! أنا أركع وأطلب العفو من دي؟!


أشار بسبابته على "فيروزة" بأستحقار مما جعل "مصطفى" يلكمه من جديد ثم ركل قدمه من الخلف بقوة ليسقط "عامر" على ركبتيه أمام "فيروزة" رغمًا عنها فقال بغضب سافر:-

-دى تبجي ستك وست ناسك كلتها


وقفت "فيروزة" بألم يزداد بداخلها أكثر من كلماته وأستحقاره لها غير مُصدقة أن "عامر" الرجل الذى أحبته وتحدت عائلتها بأكلمها لأجله يُحدثها بهذه الطريقة القاسية، كاد "مصطفى" أن يلكمه من جديد ورفع قبضته للأعلى لتمسكها "فيروزة" تمنعه من ضرب هذا الأحمق مما أدهش "مصطفى" ونظر إلى وجهها بصدمة ألجمته مُتمني من داخله ألا تنصر "عامر" خائنها عليه، تحدثت بنبرة قوية جاحدة وعينيها تحدق بـ "عامر" قائلة:-

-لا يا مصطفى، متضربهوش


ضحك "عامر" بسخرية على سذاجتها وعقلها الأحمق كقلبها الأبله الذى مُغرمًا به، أتسعت عيني "مصطفى" بصدمة ألجمته ونفضت قبضته من يدها من الغضب ولأول مرة "مصطفى" يغضب عليها ويتحاشاها غيظًا منها، سألت "فيروزة" بضيق:-

_ هو سؤال واحد، ليـــــــــــه ؟ 


صرخت به بأنفعالٍ وصوت عالٍ يعبر عن حقدها وكرهها له الذى سكنها الآن:-

_ ليـــــــــــــــــــــــــه؟ أذيتك في أيــــــــــــــه؟


_ ليــه!!! أنا مستغربكم جوى يا عيلة الدسوقى تعملوا العَملة وتجوله ليه؟! ، فيكم نطعة كدابة معرفش جايبينها منين؟ أبوكي يأخد مال أبويا ويوهم أن المليون جنيه اللى حيلته فى المجاولات هيبجى 10 أضعاف ويأخد ماله ويخسره وأبويا يموت بجهرته ولما أرد لكم جزء من اللى عمله أبوكي بتجولي ليه؟


أتسعت أعين الجميع وشل لسانها من هول الصدمة وكيف يكن بهذا القدر من الخبث والمكر، تسع سنوات يمثل عليها الحُب دون أن يخطأ، أبتلعت لعابها بصعوبة جافة من حلقها لا تستوعب الأمر فتمتمت بخفوت:-

-ترد جزء!!، أنت كنت بتمثل عليا تسع سنين الحُب، دا أنتِ شيطان ... لا دا الشيطان نفسه مش هعرف يعملها ويخبث ويمكر تسع سنين كان زمانه تعب... دا فُجر وربنا رحمني منك ومن شرك والسم اللى كنت بشرب منك وأنا مواخدش بالي، ربنا حب يرحمني منك ويعوضني بـ راجل بجد يكون سند وعوض وضهر


نظر "مصطفى" إليها بدهشة من حديثها عنه، تابعت الحديث بينما تقف أمامه وهو راكعًا كما هو بنبرة جادة وقوية:-

_ عارف يا عامر أنا جيت ليه؟ عشان أثبت لـ جلبي اللى حبك أنك متستاهلوش وأن واطي وخاين كيفك ميتزعلش عليه وبعد ما شوفتك عرفت أنت اللى عشته وياك فى تسع سنين من كذب وتمثيل، أتنسي فى أسبوعين ودا من رحمة ربنا بيا وبجلبي لأنه عالم أني كنت براعي ربنا فيك وبعاملك بما يرضي الله، جيت عشان أكرهك أكتر وأجول لـ جلبي أني نسيتك وأجولك على حاجة أنا لما شوفتك متوجعتش بالعكس أنا لما شوفتك حسيت أنى جبلت بعوض ربنا ليا ولما سمعتك شكرت ربنا أنه رحمنى منك وأدانى راجل لو عشت عمري كله أصلى وأحمد ربنا عليه مهيكفهوش، وأنى فعلًا مخسرتش فى كل دا حاجة غير السنين اللى ضيعتها مع زبالة كيفك وآن الآوان أنضف منها


ألتفت إلى "مصطفى" المذهول بحديثها عنها، رمقته بعيني لامعة على غير السابقة، نظرة لم يراها من قبل فى عينيها كأنها تخبره بأنها الآن قبلت به زوجٍ لها، أقتربت منه لتتبأطأ ذراعه بيدها بكبرياء وشموخ يزيدها جمال وعفوية وهمهمت بنبرة دافئة:-

-خلينا نمشي يا عوضي وسندي ، مشينى من هنا يا مصطفى


نظر "مصطفى" لها مصدومًا وما زال واقفًا لا يصجق ما يحدث فقالت بهمس فى أذنيه بسبب توافق الطول بينهما:-

-مش وجت ذهول وصدمات، يلا يا مصطفى


أستدار بها لكي يغادر المكان ومسك الرجال "عامر" لتقول "فيروزة" بنبرة حادة صارمة:-

-بعد أذن جوزى، أنا حجي هأخذه فى الأخرة


نظر "مصطفى" إليها بعد لفظها لكمة (جوزى) وقال بجدية:-

-همله كيف ما تأمر ست البنات؟


_روح أشترك فى مسلسل يا عامر تمثيلك رائع 

قالتها بسخرية وخرجت مع "مصطفى" من المكان، صعدت السيارة بحزن يُخيم على قلبها لا تصدق صمودها أمامه أكثر، نظر "مصطفى" لها بحزن بينما يقف أمامها قبل أن يغلق الباب لأجلها، جهشت فى البكاء لفترة طويلة وهو يقف أمامها يخفيها عن أعين المارة حتى سحبت وشاحه تمسح دموعها فتبسم عليها بخفوت، رفعت نظرها إليه وكانت عينيها حمراوتين من شدة البكاء وهكذا وجهها ذاك البشرة البيضاء التى توردت كعينيها لكنها تبسمت لأجله هذا الرجل الذي أكرمها وأعزها فقالت بخفوت وحياء شديد من كلماتها:-

-تتجوزني يا مصطفى؟


حدق بها بذهول مُستغربًا طلبها وفى الحقيقة هو زوجها حقًا، جففت دموعها مرة أخرى مُمسكة بوشاحه المحاط بعنقه وتشعر بأنفاسه التى تضرب جبينها من قربهما الشديد، تركت الوشاح وأخذت يده فى راحة يديها الباردة من رجفتها وهذا اللقاء المُميت اثم تابعت الحديث بدفء:-

_ تتجوزني؟! ، أنا عارفة أنك جوزي فعلًا بس أنا بطلبك للجواز مش تطلجني بعد فترة كيف ما أتفجت مع عيسي، أنا عايزاك جوزي يا مصطفى، أستحملني فترة وجدر اللى بيحصلي بس والله أنا أوعدك أنى مش هجرحك بكلمة وهجفل باب الماضي بمليون مفتاح وهرميهم كلهم فى البحر، مهجرحكش أبدًا ولا هأذي كرامتك ورجولتك، لو وافجت تتجوزني أنا هشيلهالك فوج رأسي العمر كله ولو موافجتش مهزعلش منك كفاية جميلك اللى عملته ويايا عمري ما هنساه واصل، خليك سندي يا مصطفى


ظل يرمقها بصمت حتى تنهي الحديث تمامًا وتنتهى وعودها الكثيرة له فقال بنبرة دافئة:-

_ حاضر يا فيروزة


تبسمت بسعادة لأول مرة يلفظ أسمها دون كُلفة وكأنه أعطاها الجواب بطريقة غير مباشرة، يُعيد لجسدها المُنهك الحياة ويعطيها الأمل فى الغد.....

تكملة الرواية من هناااااااا 

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا

 مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هناااااا





تعليقات

التنقل السريع