رواية مرايا الحب الفصل السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر بقلم نورا عبد العزيز
رواية مرايا الحب الفصل السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر بقلم نورا عبد العزيز
#مرايا_الحب
___ الفصل الســـادس ( 6 ) ___
بعنــــوان " زواج أضطرارى"
سقطت أرضًا للخلف من صدمتها وعينيها تحدق به كأنه صعقها بصاعقة كهربائية شلت حركتها وجمدت لسانها، تحاشت النظر إليه من صدمتها ليقع نظرها على شاشة هاتفه المُضيئة ورغم عنها قرأت الرسالة الواردة من "قدر" بعد أن حفظ رقمها باسم "زوجتي" وكانت رسالة قاسية تمزق القلب
(أنت فاكر يا يونس ان فى واحدة ممكن تقبل بك فى حياتها بمرضك دا، أنت مريض يا بنى ومرضك يقرف وكتر ألف خيرى أنى مستحملك)
للحظة شعرت "فلك" بأن هذا الحديث موجه إليها بصوت أخاهاى و"سحر" زوجته فدائما ما تخبرها "سحر" بأنها لن تتزوج أبدًا ولن يقبل رجل بالزواج من فتاة بقلب مريض على حافة الموت، رفعت نظرها إليه بعد أن سمعت صوته يقتل شرودها قائلًا:-
-فكرى براحتك يا فلك، أنا مش هأذيكي
حدقت بعينيه بضعف وإشفاق لا تعلم أى مرض يحمله لكن تسائلت كما تتسائل دومًا هل المريض لا يحق له الشعور بالسعادة والسقوط فى الحب مع نصفه الأخر، وقف كي يغادر المكان وأخذ هاتفه من فوق الأرض لتقف معه بحيرة من أمره، نظر إليها ثم قال:-
-أنا هحميكي من أخوكي المتوحش دا، على الأقل ههتم بيكي وأحميكي ومش هيضربك صبح وليل يا فلك
أجابته بحزن شديد بعد أن شعرت أنه يضغط عليها بعد أن علم بنقاط ضعفها:-
-أنت بتذلينى عشان عرفت نقطة ضعفي
ضحك بسخرية وهو يخرج من الغرفة ثم قال:-
-عجبت لكم يا ستات، مبقتش عارف أيه يراضيكم الخائن ولا المخلص، اللى يصارحك ولا اللى يلف ويدور عليكِ
رن جرس الباب ليُدهش وذهب كى يفتح الباب ووجد أخاه ومعه "قدر" مما صدمه، دلف الأثنين معًا ورمقوا "يونس" بنظرات غضب لكن "قدر" تحولت لبركان مُميت مُلتهبًا بعد رؤيتها لـ "فلك" التى تقف هناك وما زالت بملابسها وحجابها فصاحت بأنفعال شديد:-
-يا خسارة جت متأخرة كنت نفسي أشوفكم فى وضع غير دا
كز "يونس" على أسنانه بأختناق شديد من كلماتها ثم قال:-
-أتكلمي بأدب يا قدر وبعدين أنتِ مين اللى جابك هنا؟ أنت مش كدة
قالها وهو ينظر إلى "أنس" وكان شاردًا لا يُصدق أبدًا بأن "فلك" الفتاة البراءة العفيفة التى رأى بها عفة وأخلاق هنا مع رجل تحت سقف واحدًا وحدهما، شعرت "فلك" بأشمئزاز وأستحقار شديد فى نظرت "أنس" إليها، دفعته "قدر" بقوة من صدره وسارت نحو "فلك" لتشعر "فلك" بخوف شديد من نظرات هذه المرأة وهى تقترب منها لتبتلع ريقها خوفًا من "قدر"، وصلت أمامها وتقول بسخرية مُقدمة الإهانة إلى زوجها الواقف مُستمعًا:-
-حبيبتى أنتِ نزوة فى حياته زى غيرك، أصلك مش أول واحدة بس تصدقى أنتِ صعبانة عليا والله يعنى ضايقت بكي الدنيا كلها وملاقتيش غير المريض دا، دا مجنون يا حبيبتى وهربان من مستشفي المجانين بس قريب أنا هرجعه ليها
نظرت "فلك" إليها بغضب شديد وكيف لها أن تتحدث عن زوجها هكذا وتستهين بمرضه وكأنه أختار أن يكون مريضًا، أسرع "يونس" إليها بخوف من تتفوه بأكثر من ذلك وتراه "فلك" كما تراه زوجته مجنونًا ومختل عقليًا ومسكها من ذراعها بقوة وقال:-
-أسكتي يا قدر أسكتى
صاحت به بأنفعال شديد وهى تنفض ذراعها بقوة من قبضته:-
-أسكت أيه؟ دا أنا همشي أقول للناس كلها أنك مريض ومجنونًا وبتتكلم مع ناس مش موجودة وأقولك على الكبيرة بقى عشان تشوفي قرفه على حقيقته دا بيحب واحدة بس مش بنى أدمة زينا كدة لا دى واحدة من خياله، دا مريض بيشوف ويكلم ناس مش موجودين ومحتاج مصحة نفسية ويترمي فيها لحد ما يموت
نظرت "فلك" إليه بحزن شديد وقد فهمت الآن سبب صراخه الدائم ومع من يتحدث، لكن بنفس اللحظة كان بداخلها رغبة فى صفع "قدر" حتى تكفي عن الحديث، كيف لها أن تعري زوجها أمام الأخرين هكذا بكل برود وقسوة، بكل تأكيد أنها لا تكن له أى مشاعر وإلا لم تكن لتفعل هذا، رأت دمعة فى عيني "يونس" تدل على إنكسار وتعريته هكذا أمامها من زوجته، كانت عينيه تلعن وتسب "قدر" رغم صمت لسانه، قلبه كان يفتت وجعًا ورجولته شعر بدهسها تحت أقدام "قدر" بهذه اللحظة، أغلق قبضته بقوة قبل أن يصفعها صفعها تفقدها النطق أبديًا بسبب كلماتها لكنه شعر بدفء ويدها الصغيرة تغلغل قبضته المُغلقة بلطف شديد فنظر إلى يده ليرى يد "فلك" تعانقه وأخذت خطوتها جانبه وحدقت بوجه "قدر" ببسمة مُشرقة تقتلها وتُهزمها ثم قالت:-
-أنا نسيت أعرفك بنفسي، أنا مرات يونس يعنى درتك وكل اللى بتقوليه دا مش هغير من مشاعرى له لأني بحبه حتى لو فيه كل عيوب الدنيا كفاية حنيته وحُبه ليا
أتسعت عيني "أنس" وهو واقفًا صامتًا وعادت "قدر" خطوة للخلف ولم تصدق ما تسمعه وأنه تزوج من أخرى فهى كانت تعلم أنها نزوة أو فتاة ليل جاء بها لهنا لكن زوجة له لم تتخيل هذا أبدَا، أتسعت عينى "يونس" بدهشة من كلماتها وظل مُتشبثًا بيد "فلك" رغم صدمته ولم يتفوه بكلمة واحدة أو يرفع نظره عنها فتمتمت "قدر" بسخرية تخفى وجعها وهزيمة قلبها:-
-أتجوزتي دا؟!
تبسمت "فلك" بعفوية وهى تقول:-
-دا اللى مش عجبك أنتِ مشوفتهوش بعيوني أنتِ بتشوفه بعيونك انتِ اللى كلها غل وحقد وكره وقسوة
ضربته "قدر" على صدره بقوة وهى تصرخ به قائلة:-
-أتجوزت عليا يا يونس ورحمة أبوك لأندمك على اللى عملته دا وأدفعك تمنه غالي
خرجت من الشقة غاضبة لينظر "يونس" عليها وهى تغادر فتقابلت عينيه بعيني "أنس" فى نظرة صمت طويلة ليسمع صوت "غزل" من الخلف تقول:-
-ملاقتش غير اللى أخوك حبها يا يونس، معقول أنت زبالة لدرجة دى
كان يستمع لكلماتها وعينى "أنس" تأكد كلماتها، كانت عينيه تتهمه بالخيانة بعد أن أخذ "فلك" الفتاة التى أختارها بقلبه ولم يبوح بمشاعره لها، تمتم "يونس" بحزن وهو يشعر بالخذلان من نفسه وقد ترك يد "فلك" قائلًا:-
-أنس أنا..
ألتف "أنس" وغادر المكان قبل أن يترك فرصة لـ "يونس" كي يسمع مبرره فأى مبرر سيتفوه به لن يكن كافي كي يسرق حبيبته منه، نظر "يونس" إلى الباب المُغلق فظهرت "غزل" أمامه تقول:-
-معقول دى تستاهل أنك تخسر قدر وأنس وأنا كمان، عنادك دا هينفعك فى أيه لما تخسر كل حياتك عشان واحدة أنت متعرفش عنها حاجة غير اسمها، أنا ....
توقفت عن الحديث وهى تري قدميها بدأت بالتلاشي لتنظر إلى "يونس" بخوف فلما دومًا تتلاشي "غزل" مع وجود "فلك"، ماذا يوجد بها لتتلاشي "غزل" وكأنها ترياق لهذا المرض، سمع "يونس" صوت "فلك" من الخلف تناديه قائلة:-
-يونس
كان يتتطلع بوجه "غزل" التى بدأت فى البكاء بخوف من التوارى حتى تلاشت تمامًا فألتف إليها مصدومًا وقال:-
-نعم
تنحنحت بضعف وهى تشعر بأنها ستهدم حياته بوجوده وقالت بصوت مبحوح:-
-ممكن تروحنى؟
نظر إليها بدهشة من طلبها وكأنها لا تعلم ماذا سيفعل أخاها بها فور رؤيتها ليقول:-
-أنتِ سامعة أنتِ بتقولي أيه؟
أجابتها بضعف شديد قائلة:-
-سامعة وعارفة لكن زى ما مراتك قالت أنا قاعدة مع رجل غريب فى بيت لوحدنا ودا مش صح ولا حلال وأنا متربتش علي كدة
شعر بغضب شديد بداخله وهو يتخيل ماذا سيفعل "فارس" بها بعد أن يراها الآن فصاح بانفعال شديد قائلًا:-
-أنتِ عارفة أخوكي هيعمل فيكي أيه لو لمحك دلوقت، دا ممكن يدخلك قبرك النهاردة
تبسمت باستسلام فهذه ليست مرتها الأولى فى ضربه لها لتقول بيأس:-
-أخرتها علقة محترمة ويحبسنى فى أوضتى وهتعدي عادى مش أول مرة، روحنى وروح صالح مراتك أنت مالكش غيرها مع أنها متستاهلش، الست اللى تفضح جوزها متبقش بنت أصول
تأفف بحيرة من كلماتها وظل يحدق بها بعيني تبث حيرة وتوتره يظهر بملامحه وعقله يخبره بأن رحيلها سيعنى موتها على يد أخاها وخصيصًا بمرضها وقلبها الضعيف هذا فربما يتوقف فى نوبة بكاء....
*****************
لم يصدق "أنس" ما سمعه وأن "فلك" تزوجت سرًا بأخاه ومتى فعلتها؟ لا يفهم شيء لكنه شعر بثقب يخترق قلبه وهذا الإعجاب الموجود بداخله تحول لحقد وأشمئزاز، أوقف سيارته بالطريق غاضبًا ويرغب بضرب أخاه أو صفعة بعد أن سرق منه فتاته ولا يفهم لما دومًا "يونس" يأخذ كل شيء ويملك كل شيء ليقرر الانتقام منه وحسم أمره على جعل "يونس" يخسر كل شيء...
*****************
وقفت "فلك" أمام باب شقتها بخوف ويديها أمامها تخشي طرق الباب مما ستواجه بالداخل، أخذت نفس عميق ثم قالت بهدوء مُتمتمة:-
-أستحملي يا فلك هى علقة ولا أكتر
طرقت الباب وكانت الساعة فى تماما الثانية عشر بمنتصف الليل، فتح "فارس" لها لتنظر إليه بخوف شديد لكنه فور رؤيتها أمامه جذبها بقوة من حجابها وأدخلها للشقة ليقول:-
-أنتِ جيت يا بنت ***
دفعها أرضًا بقوة ثم أغلق الباب لتقول "فلك" بخوف شديد منه:-
-أسمعنى بس يا فارس
نزل بصفعة قوية على وجهها لتصرخ بألم وصفعاته المتتالية تتساقط على وجهها حتى أسقطت "سحر" على صوت صراخها العالي، خرجت بلهفة وهى تضع الروب على جسدها وتقول:-
-فى أيه....
توقفت عن الحديث عندما رأت "فلك" أسفل أخاها على الأريكة وهو يبرحها ضربًا فقالت بغضب شديد:-
-ربيها وأكسر رأسها على فضحيتها، الله يخربيتك دا أنتِ فضحيتنى فى الشارع كله يا فاجرة
كانت تلفظ أنفاسها بصوت من شدة بكائها وبدأت تشعر بضربات قلبها تبطيء شيئًا فى شيء، لم يتركها إلا بعد أن شعر أنه أفرغ طاقته وغضبه تمامًا بها ليأخذها على ذراعيه ويلقي بها فى فراشها بعد أن أصبحت كالدمية لا تقوى على الحركة، خرج ليغلق عليها الباب بالمفتاح وهو يصرخ بزوجته قائلًا:-
-على الله أعرف أنك أديتها حتى بوق مياه، الفاجرة اللى حطت رأسي فى الطين دى
لفظت أنفاسها بضعف وعينيها لا تتوقف عن البكاء ابدًا وللحظة شعرت بالندم على مجيئها وكأن الأفضل لها أن تعاند المجتمع وتتزوجها سرًا على أن تتعرض لهذا الكم من الألم والضرب المبرح...
********************
وصل "يونس" إلى الشركة صباحًا بعد أن ظل هذه الليلة بمنزل والده، نظر على مكتبها بقلق شديد ليراه مُغلق فهو كان يعلم بأنها لن تخرج من منزلها بعد أن تدخل له، شعر وكأنه سبب ما يحدث معها رغم جهله لما يحدث وقال:-
-أنا السبب
ذهب إلى "هالة" فهى لم تكون صداقة مع أحد غيرها وقال:-
-هالة
وقفت مُسرعة إليه وقالت:-
-تحت أمرك يا مستر يونس
تنحنح بحرج ثم قال:-
-متعرفيش فلك مجتش ليه؟
نظرت إلى المكتب ثم إليه وقالت بهدوء:-
-لا تليفونها مقفول
أومأ إليها بنعم ثم دلف إلى مكتبه وعقله لا يتوقف لوهلة عن التخيل لما يحدث معها وهذا المختل عقليًا أخاها، لم يراه "يونس" إلا مرة واحدة لكنها كانت كفيلة بأن تجعله يرى ذئب بشريًا فى هيئة إنسان أمامه، لن يرحمها ولم يرأف بقلبها المريض أو ضعفها وهى كطير مكسور الجناح، لم يتحمل "يونس" أفكاره الخبيثة وخوفًا يزداد عليها كلما مر عليه الوقت فخرج من مكتبه بقلق شديد ليرى "أنس" أمامه ومعه أحد المصممين ليتابدلا النظرات فقال المصمم:-
-مستر أنس لغى المشروع اللى حضرتك قدمته
لم يبالى "يونس" بما يفعله اخاه وكل ما يشغل عقله وتفكيره الآن هو الإطمئنان على "فلك" فذهب إلى مكتب "هالة" وقال:-
-تعالي يا هالة
أخذها بسيارته وأنطلق إلى حيث منزلها...
**************
تحدث "سحر" بمكر شديد قائلة:-
-إحنا لازم نعرف البنت دى عملت أيه تاني، وموضوع الواد اللى ماشية معاه دا أخرته أيه ووصلوا لفين؟
ألتف "فارس" إليها بضيق شديد وقال:-
-أنتِ مجنونة كشف عذرية أيه اللى أعمله لفلك، دى تربيتى، أكيد أتاخرت أمبارح عشان كانت خايفة منى مش أكتروأهى خدت نصيبها
وضعت "سحر" يديها فى خصرها ثم قالت بلا مبالاة:-
-ما رجعت يا حبيبى، دى مبتخافش وهى عارف أن كدة كدة هتأخد نصيبها، دى كانت طول اليوم برا معاه وتلاقيها كانت فى شقة وعشان نقطع الشكوك ونطمن بقى على شرفك وعرضك لازم نكشف عليها
كاد أن يجادلها ليدق الباب فقالت ببرود شدي:-
-خشي أرتاح يا حبيبى فى الأوضة إحنا هنخلص وهطمنك
ذهبت لكى تفتح الباب وكانت بعض النساء الشعبيين فرحبت بهما و"فارس" واقفًا كالجماد لا ينطق ولا يستطيع معارضة زوجته الحية، كانت "فلك" تقف أمام المرآة وتنظر على وجهها وملامحها التى تدمرت بيد أخاها لأول مرة يبرحها ضربًا بهذه القسوة حتى عينيها جفنها أصبح متورمًا وكأنها تغمض عينيها من شدة أنتفاخه وشفتيها التى جُرجت بقسوة، لم تصدق أبدًا أن أخاها فعل بها هذا وتمنت أن تحصل على هاتفها من غرفة أخاها لتتصل به كى يأتى ويأخذها بعيدًا، وعدها بألا يؤذيها وحده "يونس" من قدم الوعد بعدم أذيتها، فتح باب الغرفة لترى "سحر" أمامها وخلفها مجموعة من النساء، شعرت بخوف شديد منهم وعادت خطوة للخلف وتمتمت بتلعثم شديد قائلة:-
-أنتِ عايزة أيه؟
ضحكت "سحر" بسخرية تستفزها وتقتلها بضحكتها ثم قالت:-
-هنكشف عليكي يا فلك، خلينا نعرف أنتِ حامل فى الكام
أتسعت عيني "فلك" بخوف شديد من كلماتها وقد فهمت ما ترمى إليه "سحر"، تبسمت "سحر" بسخرية وهى تتطلع بها وجهها رغم جروحه إلا أنها ما زالت تشعر بالغيرة الشديدة من "فلك" تقف أمامها مُرتدية فستان قطني بكم وفضفاض أصفر اللون وشعرها مسدول على ظهرها، أدخلتهم وأغلقت الباب عليهم، سمع "فارس" صراخ أخته من الداخل وهى تناديه بأنكسار وأستغاثة ربما يأتى ويخلصها من يد زوجته الحرباية، لكنه لم يبالى وقف كى يغادر المنزل وفتح الباب ليرى "هالة" تقف أمامه فقالت:-
-مش دى شقة فلك
سمعت صراخها من الداخل لتفزع وهى تقول:-
-أيه دا
دفعته للداخل ودلفت بخوف وسارت نحو الصوت حتى وصلت لباب الغرفة وحاولت فتحه لكنه مُغلق من الداخل فقالت بقلق:-
-أنتوا بتعملوا فيها أيه؟
لم يجيب عليها، أخرجت هاتفها وأتصلت على "يونس" الجالس بسيارته أسفل المنزل وقبل أن تتحدث سمع صوت صراخ "فلك" لترجل من سيارته بهلع وصعد، فتح باب الغرفة وخرجت "سحر" من الغرفة مع النساء وقالت بتهكم شديد:-
-أختك لسه عفيفة يا فارس
أتاهم صوت "يونس" من جهة الباب بصدمة ألجمته مما سمع قائلًا:-
-أنتِ قولتي أيه؟
ألتف "فارس" إليه بغضب شديد من وجوده بمنزله، أقترب كى يعيق طريق "يونس" ليلكمه "يونس" بقوة فى وجهه وركله فى بطنه بقدمه ليسقط على طاولة السفرة الزجاجية فأنكسرت لأشلاء، دلف إلى غرفة "فلك" ليراها بفراشها جسد بلا روح وبجوارها "هالة" تبكي على ما حدث لصديقتها وهى لم تتخيل أبدًا ما رأته، أقترب "يونس" منها بصدمة وهو لا يُصدق ما حدث بها فرغم تخيلات عقله للكثير من الأفكار إلا أنه لم يتخيل أبدًا وحشية هؤلاء، جلس على حافة الفراش جوارها ليملس وجنتها بحزن شديد لما يراه وما حدث بملامحها البريئة:-
-فلك
سمعت صوته يلفظ أسمها بضعف وكأنه أنكسر لرؤيتها هكذا، لم يتمالك أعصابه ليقول بانفعال شديد:-
-أنا هتقتله وربنا لأقتله
كاد أن يقف من جوارها لكنه شعر بيدها تتشبث بأصبعه بضعف تستنجد به ثم قالت بصوت مبحوح يكاد يخرج من حنجرتها:-
-متسبنيش هنا
حملها على ذراعيه بهدوء لتتألم بأنين مكبوح فى صدرها ليخرج بها وكانت "سحر" تساعد زوجها على الوقوف، عندما رأه يأخذها ويخرج فقال "فارس" بغضب شديد:-
-أنت بتعمل أيه؟
لم يسمح له "يونس" بالحديث فخرج من الغرفة وخلفه "هالة" ، دفع "فارس" زوجته بعيدًا وخرج خلفها، رأه وضع "فلك" بالسيارة ويغلق الباب فأسرع إليه وهو يمسكه من لياقته بقوة قائلًا:-
-خد هنا، أنت بتخطفها كدة عيني عينيك يا بجاتك، دا هوديك فى داهية
لكمه "يونس" بقوة مرة أخرى ثم قال بغضب سافر يفتت قلبه:-
-روح بلغ عني لو تعرف تعمل حاجة أعملها
أخذها "يونس" إلى عيادة ليفحصها الطبيب ويرى كدمات وجهها ثم أخذها إلى شقة مصر الجديدة، وضعها بالفراش بلطف شديد ثم قال:-
-حقك عليا، أنا قولتلك بلاش أنتِ اللى ركبتى دماغك
كانت ترتجف بضعف شديد ليضمها إليه فتشبثت به بقوة ويديها تحيط ظهره بينما هو يخفيها بين ذراعيه بحنان ويمسح على شعرها من الخلف ثم قال:-
-متخافيش أنا معاكي وفى ضهرك
أبتعدت عنه بخوف من أخاها ثم قالت:-
-فارس مش هيسكت، دا ممكن يبلغ عنك فى القسم ويقول أنك خطفتنى
ضحك بعفوية شديدة إليها ثم قال ويده تلمس وجنتها بلطف:-
-هو فى حد بيخطف مراته برضو، خليه يعملها وأنا اللى أسجنه باللى عمله فيكي دا
تذكرت أمس عندما أخذها أولًا لمكتب المأذون وعقد قرانه عليها قبل أن يأخذها لمنزلها لتصبح زوجته شرعًا وقانونًا، وضع الغطاء عليها بلطف ثم قال:-
-أرتاحي شوية ومتفكريش فى حاجة
أومأت إليه بنعم ليتركها ويغلق الضوء، دلف للمطبخ ليعد لها الطعام من أجل دوائها بينما هى لم تغمض لها عين وظلت بغرفتها المُظلمة حزينة وتبكى صمتًا على ما حدث، ما زالت تتألم من فعل أخاها وزوجته وتشعر بأن قلبها على وشك التوقف عن النبض فوقفت لتفتح الدرج فدهشت عندما رأت جرعات كثيرة من دواء قلبها على الرغم من انها وضعت جرعة واحدة أمس، أخذت جرعتها وعادت للفراش دون أن تفتح الضوء حتى لا ينتبه "يونس" ليقظتها، جلست تفكر بالكثير حتى فتح باب الغرفة على سهو، رأها "يونس" وهى جالسة على الفراش فألتزم الصمت ولم يتساءل عن شيء وهو يعلم بأنها مرت بالكثير ليقول بهدوء:-
-هتقدرى تقومى تأكلى برا ولا اجبلك الأكل هنا
هزت رأسها بنعم وترجلت من الفراش وهى تشعر بألم شديد أسفل بطنها لكنها تحملت بحرج شديد منه، جلسوا يفطروا معًا ليقول "يونس":-
-أنا هسافر اسكندرية أسبوع او عشر أيام عشان شغلي
أومأت إليه بحرج وهى تطأطأ رأسها للأسفل بحرج من أن يرى وجهها المشوه هكذا وشعرها مسدول على الجانبين يخفي وجهها عن نظره، سألها بلطف قائلًا:-
-تحبي تيجي معايا تغيري جوا وترتاحي شوية
هزت رأسها بلا رافضة الذهاب معه فقال بجدية:-
-براحتك انا مش هغصبك على حاجة، أنا عارف أنك حاسة أنى غريب عنك ومتعرفيش عنى حاجة ولا أنا كمان أعرف عنك حاجة بس خدي وقتك أنا زى ما قالت قدر أنا راجل مريض ومختل عقليًا فكتر خيرك أصلًا أنك وافقتى عليا بس أنا زى ما وعدتك أنا هحميكي ومش هسمح لحاجة ولا لأى حد أنه يأذيكى، هكون سند وصاحب وأخ وأب ليكي
لم تجيبه أو تعارض كلماته فأنهت حديثها ليجعلها تأخذ دواءها وغادر الشقة تاركها وحدها، ذهب إلى منزله لم تكن "قدر" موجودة بالمنزل، جمع أغراضه فى حقيبة السفر وأستعد للرحيل فنزل الدرج ليرى "قدر" تدخل من باب المنزل فرمقته ببرود شديد وقالت بأقتضاب:-
-أنتِ اللى جيبك هنا؟
ضحك بسخرية وهو لا ينسي ما فعلته أمس ثم قال:-
-أنا حر دا بيتى، أيه هتمنعنى أجي بيتى
ضحكت بسخرية وهى تلقي بحقيبتها على المقعد وقالت:-
-بيتك! دا كان زمان قبل ما تتجوز عليا لكن من اللحظة دى انا مش عايزة أشوف وشك هنا نهائي
نظرت إلى حقيبته ثم قالت بضيق:-
-كويس أنك خدت اللى ليك
لم يخبرها بسفر بل أراد أن يشعل غيرتها ويسبب لها الألم كما فعلت به فقال:-
-أنا أصلًا مكنتش هجي ومش هتشوفي وشي هنا تاني، أنا أيه اللى يجيبنى لوشك النكد دا وأنا عندي هناك فلك مدلعنى وحطاني جوا عينيها، حاطنى تاج على رأسها وبتحبنى وبحبها لكن أنتِ خليكى كدة زى البيت الوقف لا أنتِ متجوزة ولا انتِ مطلقة وأنا سيبلك البيت بس عشان خاطر أبنى اللى فى بطنك
غادر وتركها تشتعل غضبًا لتدفع المزهرية بضيق شديد وهى تصرخ وجعًا منه..
***************
لم تذهب "فلك" للعمل نهائيًا طول فترة سفره ولم تخرج من شقتها بسبب بشاعة وجهها ودائمًا تضع الكريم والثلج على كدماتها ربما تشفي جروحها ودومًا تأتى "هالة" لها تطمئن عليها وتكن ونس لها فى وحدتها، أرادت أن تتحدث له كى تطمئن عليه لكنها لم تكن تملك المال الكافي لشراء هاتف جديد وقد نسي "يونس" أن يترك المال لها، لم تسمع صوته نهائيًا مُنذ أن رحل..
فتح باب الشقة ليلًا ودلف "يونس" بحقيبته ثم وضعها جانبًا وهو يسمع صوت التلفاز من غرفة المعيشة فذهب نحوها وهو ينزع البلطو الصوفي ويلقي به على المقعد المجاور، دلف ليراها نائمة كطفلة صغيرة على الأريكة وفى يدها الريموت الألكتروني وتضع اللحاف على نصفها السفلي، تبسم عليها وهو يقترب ليأخذ من يدها الريموت وأغلق التلفاز ثم ألتف ينظر إليها، رأى وجهه قد شفي تمامًا وعادت ملامحها الجميلة ببرائتها، شعرها الأسود الطويل مسدولًا خلفها بفوضوية وترتدي عباءة بيتية نسائية تخص والدته فضفاض جدًا على جسدها الصغير فهى لم تحضر ملابس أو أى شيء لها، أنحني قليلًا ليحملها على ذراعيه فأستيقظت بفزع مما جعل "يونس" يتفوه بسرعة:-
-أنا يونس
رمقته بعيني شبه نائمة ودهشت لعودته بعد غياب دام لأكثر من أسبوعين فوقفت بضيق من مكانها وتقول:-
-أهلا وسهلا
عقد حاجبيه بتعجب من غضبها لرؤيته فقال:-
-مالك؟، أنا عملت حاجة زعلت؟
ألتفت بضيق شديد تقول:-
-أنت قولت هتغيب أسبوع مش أسبوعين وسايبنى محبوسة هنا
تبسم بعفوية إليها ثم قال :-
-أنا أسف مع أنى ممنعتكيش تنزلي من البيت ولا تروحي شغلك
رفعت حاجبها له وسارت نحو غرفتها غاضبة منه رغم شعورها بالفرح لرؤيته وكم تسائلت بقلق عن حاله، وقف "يونس" بمنتصف البهو وقال:-
-طب أنا جايب عشاء مش هتتعشي معايا
ركضت إليه بعفوية وقالت:-
-جبت أكل أيه؟
ضحك عليها بسعادة تغمره وهذه الفتاة تسعد جدًا للطعام وتتصالح بأقل شيء، جلس معها يتناولا السندوتشات الدجاج المقرمش لينهى طعامه أولًا وتركها تكمل طعامها ثم عاد يجلس أمامها لتراه يضع علبة هاتف جديد على الطاولة فرفعت رأسها إليه ليقول بلطف:-
-كنت هتجنن وأطمن عليكي
فتحت فمها بدهشة من كلمته ليبتسم على ذهولها ورفع يده إلى فمها يمسح عنه الكاتشب بأبهامه، شعرت بقشعريرة تسير فى جسدها من لمسته إليها، تبسم أكثر على خجلها بعد أن توردت وجنتيها وكأن دماءها تدفقت جميعًا إلى وجنتيها فقال بمرح:-
-ممكن بقي تعمليلي كوباية شاى وتجيبهالي البلكونة
أومأت إليه بنعم وهربت مُسرعة من أمامه إلى المطبخ لتصنع كوبين من الشاي الساخن ودلفت للشرفة لكنها توقفت على باب الشرفة عندما سمعته يتحدث بالهاتف وصُدمت من حديثه لتسقط الصينة من يديها أرضًا......
يتبــــــــــــــع .................
#مرايا_الحب
___ الفصل الســـابـع ( 7 ) ___
بعنــــوان " إجهـــــاض"
تألمت قليلًا من سكب الماء المغلي على أطراف أقدامها لكن ما سمعت إليه كان صادمًا كافيًا حتى تتجاهل ألمها وتجمعت الدموع في عينيها، خرج "يونس" من الشرفة غاضبًا كالإعصار الهالك ليراها تقف أمامه بعينيها التى على وشك البكاء فكاد أن يمر من أمامها لكنها تحدثت بخفوت شديد قائلًا:-
-يونس
تحدث بغضب مكبوح بداخله وهو يصر على اسنانه قائلًا:-
-عدينى يا فلك
وقفت أمامه أكثر تمنعه من المرور ثم قالت بتلعثم شديد:-
-لا، متروحش عندها دلوقت
صرخ بأنفعال وكأن باطن بركانه المُتلهب أنفجار الآن:-
-دى قتلت ابنى يا فلك، عملت اللى فى دماغها وقتلت طفل فى بطنها لسه متخلقش وذنبه الوحيد أنها أمه، حتى أبوه المريض اللى هى مستعيرة منه مفكرش فى حاجة ربنا حرمها
تساقطت دمعتها على وجنتيه حزنًا على حاله والجميع يضطهاده فقط لكونه مريض فقط، لتري دمعته تذرف وجعًا على وجنته مع حديثه وكلماته التى يتفوه بها، جزءًا كبيرًا فقد منه مع طفله الصغير الذي فقده فى هذه اللحظة، نظرت "فلك" للأسفل حيث يديه التى يخبأها فى جيوبه وتسللت يديها إلى جيبه الأيسر لتعانق يده بلطف رحمةً به لينظر "يونس" للجهة الأخرى مُتحاشيًا النظر إليها بضعف وقلبه يفتك به الألم من فعل "قدر" زوجته التى تسعى دومًا لإذلاله وتسبب الألم له لتقول "فلك" بهدوء:-
-أهدا يا يونس هى خلاص عملت اللى عملته، أنك تروح ليها دلوقت مش هيساعدك أنك تخفف من الألم بالعكس المواجهة هتوجعك أكتر
نظر إليها صامتًا وهى تعانق يده ايري فرفعت يدها الأخرى إلى وجنته تمسح عنها دمعته الهاربة من جفنيه حزنًا فقالت:-
-متروحلهاش يا يونس وربنا هيعوض عليك صدقنى
طأطأ رأسه بضعف وحزن شديد حتى سكنت على كتف "فلك" دون أن يقترب أكثر لتشعر بقشعريرة من فعلته لكنها ظلت ثابتة هادئة تلفظ أنفاسها فقط وأذنيها تستمع إلى أنين بكائه وشهقاته لترفع يدها إلى كتفه وتربت عليه حتى هدأ تمامًا وجلس على الأريكة فرأها تنكمش فى المقعد وتضم قدميها إلى صدرها ورأسها تسقط بأستسلام للنعاس لكنها تقاوم فقال بهدوء:-
-قومي نامي يا فلك
نظرت إليه بتكاسل شديد ثم قالت:-
-لا أنا قاعدة معاك
تبسم بسمة مُزيفة تخفي ما بداخله وقال:-
-أدخلي يا فلك أنا مش هخرج ووعدتك
لم تتزحزح من مكانها وكأنها تخشي أن تغفو فى نومها ويذهب إليها يفرغ غضبه وحزنه، وقف "يونس" من مكانه بضيق شديد من عنادها ليأخذ يدها ويجذبها لكن لم يتحرك لها أنش فقالت:-
-إحنا أتقفنا نكون صحاب ومنكدبش على بعض، أوعدني أنك مش هتروح ليها على الأقل دلوقت وأنت غضبان
أومأ إليها بعفوية وتتطلع بعيني "فلك" هذه الفتاة التى تمكنت من أخذ مكانة فى قلبه ببرائتها حتى لو كانت مكانتها كصديقة له يشعر بالأرتياح معها وبوجودها فقال بهدوء جادًا:-
-أتفقنا نكون صحاب وأنا وعدتك مش هنزل يا فلك ومش هروح لها بس قومي أنتِ أرتاحي شوية، أنتِ بتنامي وأنتِ قاعدة
أستسلمت لتعب جسدها ووقفت لتسير نحو غرفتها وهو جلس وحده بالشرفة شاردًا بـ "قدر" وفعلتها معه وتخلصها من جنينها ليشعر أن قلبه فلق لنصفين وبدأ ينزف وجعًا من حبه إليها وكأنها فتح أبواب قلبه حتى تتسلل من ضلوعه خارجًا، أتاه صوت "غزل" تقول:-
-وجعتك؟!
نظر إليها نظرة وجع وألم مُميت وقال مُتنهدًا حزنًا:-
-بتلومنى عليكي يا عزل، أنا عملت أيه أتعاقب عليه وأتأذي عليه الأذي دا، قلبي بيفتك وجعًا وقهرًا من جوايا ومش لاقي حد أقوله وجعي ولا أشكي له ألمي والنار اللى جوايا، على أيه القهرة اللى أنا فيها دى، عشانك يا غزل مع أن قلبي أنا مش قادر يلومك ولما بتغيبي عني بتوحشينى، أنتِ الوحيدة اللى بحكي لك اللى جوايا من غير خوف وأنا واثق أنك مش هتأذينى بأى سر هقوله، أنا واثق أنك بئر أسرارى اللى مش هيخوني أبدًا ولا هيغدر بيا
تشابكت الأيادي معه بلطف وهى تستكين على كتفه برأسها بحنان ثم قالت:-
-أنا جنبك ومعاك على طول رغم أنى شايفاك مهتم بوجود واحدة تانية
نظر إلى "غزل" بتعجب شديد فتابعت حديثها قائلة:-
-فلك ولا مش واخد بالك بدا
نظر للشارع بلا مبالاة ثم قال بهدوء:-
-فلك، أنا وفلك مجرد أصدقاء مش أكتر، جوازنا صورى أنا عشان أكيد قدر وأرد لها عمايلها معايا وهى عشان تهرب من أخوها المتوحش، هى محتاجنى عشان أحميها وأكون ظل تتستقوى بيه قصاد أخوها وأنا عشان أقهر قدر وأنتقم منها
تنهدت "غزل" بلطف شديد وهى تصدق كلماته النابعة من قلبه ثم قالت:-
-مصدقاك يا حبيبى، أنا كنت واثقة ومتأكدة أن لا يمكن تحب غيري ولا تكون مع واحدة غيرى
تبسم "يونس" بلطف بسمة مزيفة، على عكس الجانب الأخر كان "أنس" يشتعل من داخله نارًا ولهيبًا لا يصدق بأنه خسرها أول فتاة تخطف قلبه وفعل كل سعيه حتى يساعدها فى لحصول على عمل فى شركته لتظل بجواره وبجانبه، ظل مُستيقظًا حتى شروق الشمس ليبدل ملابسه ويذهب إلى العمل، دخل الشركة غاضبًا وبوجه عابسًا ليُصدم عندما رأى "فلك" واقفة مع "هالة" وتحمل فى يدها كوب يتسلل منه دخانًا وتحيطه بيديها الأثنين تحتمي به من برودة الهواء مُرتدية بنطلون جينز ثلجي اللون وبلوفر من الصوف طويل يصل إلى ركبتيها ذات اللون الأزرق الداكن وتلف حجابها الملون وتبتسم بسمة مُشرقة تخطف القلوب لكن بقلبه هو أشتعلت نيران الوجع بداخله ولا يُصدق أن بسمتها حُرمت عليه فى الحال، ألتفت "فلك" مع ضحكتها الخافتة لتراه يقف هناك وينظر إليها فتلاشت بسمتها سريعًا بحرج منه وظلت تنظر إليه بخجل من نظراته التى تتهمها بالكثير وتلحق بها تهمة واحدة وهى الخيانة ليقطع نظرتها إليه مجيء صديقة إليها تعانقها بسعادة وهى تبارك لها قائلة:-
-مبروك يا عروسة
تحاشت النظر إليه وهى تعانق صديقتها وتبتسم بعفوية ليغدو "أنس" إلى مكتبه بضيق شديد من هذا الهواء الملوث ومُحملًا بالكثير من الألم إليه والجميع يبارك لها زواجها فدخل إلى المكتب ليرى "يونس" بالداخل فقال بضيق شديد:-
-ايه جاي يلا ليه لتكون عاوز تحول الكذبة لحقيقة وتكتب عليها رسمي
تنحنح "يونس" بهدوء قبل أن يجمع شجاعته ويجيب على أخاه وهو يعلم بأنه يكن المشاعر لزوجته لكنه أيضًا يدرك تمامًا أن "أنس" يسعى للكمال ولن يناسبه "فلك" الفتاة المريضة فقال بجدية واثقًا من كلماته:-
-لا، أنا حقيقي أتجوزتها وفلك دلوقت مراتي رسمي
أتسعت عيني "أنس" على مصراعيها بصدمة قاتلة وأنقبض قلبه قبضة مُميتة كالموت الذي لحق به وأصاب قلبه فى الحال، تمتم بتلعثم وصوت خافت شديد:-
-أتجوزتها رسمي؟!
قالها "أنس" بصدمة ألجمته ولا يُصدق بأن أخاه فعل ذلك، ألتف إليه بضيق شديد وتعابير وجه غليظة مليئة بالحقد والشر عاقدًا حاجبيه المُخيفين، نظر "يونس" إليه بهدوء ثم قال بنبرة ثابتة واثقًا من حاله:-
-اه أتجوزتها، عشان أحميها وتستقوي بيا وعشان قدر تتعذب زى ما عذبتني، ذنبي أيه أنى مريض وبشوف ناس مش موجودة، ذنبي أيه أنها معرفتش تحتويني وتطبطب عليا فى وجعي وألمي، ذنبي ايه أنها بتشك في كل تصرف بعمله حتى لو بنية خير وقاصد أفرحها وأسعدها وعلى طول تقولك دا بيخوني، دا كفاية ان سر بيتى معاها كله معاك ومفيش حاجة بتحصل بينا إلا وتيجي تقولك عليها، قدر أنانية وأنانيتها هى اللى وصلتنا كدة، يشهد ربنا أنى عمرى ما فكرت فى ست ولا خونتها مع ست غير غزل اللى هى أصلا مجرد خيال، هاتلي رجل على وجه الأرض يقبل أن مراته تهينه وتغلط فيه وفى رجولته ويستحملها لكن أنا استحملت لسانها السليط وكلامها اللى بيجرح وقولت أعذرها يا يونس لكن أنا بنى ادم وفاض بيا
صاح "أنس" به مُنفعلًا بشدة قائلًا:-
-تقوم تتجوز فلك، دونًا عن بنات الكون كله متلاقيش غير فلك اللى تتجوزها، وأنت عارف ومُتأكد أنى معجب بيها
للحظة شعر "يونس" بغيرة شديدة تنشب نيرانها داخل صدره ورجل أخر يلفظ اسمها أمامه ويعترف انه يكن المشاعر لها فقال بهدوء شديد مُسيطرًا على غيرته المُتلهبة:-
-لاحظ أنك بتتكلم عن مراتي يا أنس، ولأنك أناني وبتتهم بالمظاهر والشكليات أنا بقولك أنك كنت اول واحد هسيب فلك لو كانت معاك، لأن عمرك ما هتقبل أنك تعاشر واحدة مريضة، دا أنت مستحمل أخوك المريض بالعافية يا راجل
التف ليغادر غاضبًا فرأي "فلك" تقف على باب المكتب وقد استمعت لحديثهما كاملًا وعينيها تلمع ببريق دموعها السجينة داخل جفنيها لينظر "يونس" إليها وسار نحوها بخطوات ثابتة ثم رفع يديه إلى وجنتيها يحيط وجهها بكفيه الكبيرين وجفف دموعها بأبهاميه بلطف شديد ثم ألتف إلى "أنس" وهو يأخذ يد "فلك" فى يده وقال بحدة:-
-وأفتكر أن فلك مراتي على سنة الله ورسوله، مرات أخوك سوا قبلت أو رفضت ومفيش حاجة اسمها معجب بيها لأنها دلوقت شرفي وعرضي ومش هسمح لك بدا أبدًا
أخذها "يونس" إلى مكتبه المُغلق، دخل وأغلق الباب ثم ترك يدها ونظر إلى عينيها بينما هى كانت تتهرب من النظر إليه ولا تصدق أن هذه هى نظرة الجميع إليها فقالت بضعف شديد:-
-أنا مش بنت وحشة عشان اتجوزتك من وراء أهلى، أنا والله مش وحشة لدرجة دى
أقترب "يونس" خطوة نحوها ثم قال بهدوء شديد:-
-أهدئي يا فلك، أنتِ مش وحشة ولا حاجة، أنتِ أعظم وأشرف بنت أنا قابلتها وإلا مكنتش خليتك تشيلي أسمي وأعلن للكل أنك مراتي
لم ترفع عينيها به فوضع سبابته أسفل ذقنها ليرفع رأسها للأعلى وتقابلت عينيهما معًا فقال:-
-إحنا أتفقنا أن مفيش زعل ولا عياط ودموع تاني صح، قولنا مفيش غير ضحك وفرح وسعادة بس
أومأت إليه بنعم ليقول ببسمة هادئة دافئة:-
-وبعدين أنا عايزك تكتبي أحلامك وأمنياتك فى ورقة عشان نعملها سوا، لو فى مكان نفسك تروحيه أو حاجة عايزها تقوليلي عليها، إحنا أتفقنا نكون سوا عشان نخفف عن بعض ألم المرض ونسعد بعض ونحول الألم لأمل
أومأت إليه بنعم ثم رفعت يدها إلى وجنتيها تجفف دموعها بلطف ثم قالت بعفوية:-
-حيث كدة بقي أنا فى مكان نفسي أروحه بس ممنوعة منه
نظر إليها بتعجب فى صمت مُنتظر أن تتابع الحديث وتخبره عن هذا المكان لتقول ببراءة طفولية:-
-الملاهي، أنط وأجرى وألعب
نظر إليها بعجز وهو يعلم أن الجهد سيؤلمها وربما يمرضها أكثر فقال بلطف:-
-خلص نروح النهاردة بعد الشغل بس بشرط نلعب براحة على قد صحتنا ومنفتريش أوى
قفزت "فلك" بحماس شديد كطفلة حققت حلم لديها كانت تتمناه دومًا وليالي ثم قالت ببراءة:-
-اه، حاضر والله
تبسم على فرحتها بعفوية وغادر، خرجت "فلك" من مكتبه لتعود إلى عملها، أغلقت باب المكتب لترى كوبها برد وتوقف الدخان عن التسلل منه لكنها تبسمت بحب وبدأت تباشر عملها بسعادة تغمر قلبها على الجانب الأخر كان هناك قلب مُصدومًا لا يصدق ما سمعه وأن هذه الفتاة البريئة تحمل بداخلها قلب مريض وعلى حافة الموت رغم ما تحمله بداخلها من تفائل وحب للجميع، لن يراها أحد إلا وقد أحبها حتى النساء يروا جمالها ويظهر هذا فى صداقاتها مع جميع مؤظفات الشركة جميعهم أتفقوا على مُحبتها فى التعامل والرحب الشديد بها، ظل "أنس" شاردًا بها وهى كفراشة مُحلقة فى سماء شركته تنشر البهجة والسعادة فى كل مكان ببسمتها العاذبة البريئة، تابعها كثيرًا بنظره من خلف الزجاج وهى تضحك بعفوية مع الجميع وبسمتها لم تغادر شفتيها وكأن وعد "يونس" لها بالذهاب لمدينة الألعاب كان كافي لتغلغل السعادة إلى قلبها المريض ليحيا من جديد ويتناسي المرض، تمتم "أنس" بضعف شديد قائلًا:-
-اللعنة على جمالك يا فلك، أنتِ زى السحر
توقف عن الحديث وهو يعلم بأن ما بداخله لا يمكن البوح به، "فلك" كانت كالسحر الذي يُلقي علي قلب الشخص وتعويذته تكمن فى بسمتها فبمجرد أن تبتسم يسقط الشخص فى عشقها رغمًا عنه، وقف "يونس" فى مكتبه يبحث عن ملف فى المكتبة الخشبية ويضع الهاتف على أذنيه ويتحدث، أخذ الملف وألتف كي يعود إلى مكتبه لكنه توقف فجأة عندما رأى "أنس" يقف شاردًا ويتطلع بشيء ليتوقع ما ينظر إليه أخاه، أقترب من الزجاج أكثر لينظر تجاه نظره وكانت "فلك" هناك تقف أمام ماكينة التصوير، تصور مستندات للعمل وتتحدث مع "هالة" وعلى وجهه ملامح خجل شديد وبسمة رقيقة ناعمة، أستشاط "يونس" غضبًا وشعر بضربات قلبه تحترق بداخله وتضرب ضلوعه مُعلنة عن تذمر قلبه ورفضه لهذه النظرات التى على وشك ألتهمها بعيني "أنس"، كأن قلبه وعقله الغاضب يخبراه بأن هذه الفتاة الآن ملك له وحده ولا يحق لغيره بأن ينظر إليها هكذا، لا يعلم لما يشعر بالغيرة الشديد عليها إذا كانت "فلك" له صديقة مٌقربة وليس حبيبة، أنهى حديثه ف الهاتف وهو يقول:-
-أنا هبعتلك نسخة من العقد على الواتس أب
أغلق الهاتف وخرج من المكتب ذاهبًا إليها، تحدثت "هالة" بعفوية وصوت خافت تقول:-
-يعنى عايزة تفهمنى أن مفيش حاجة كدة ولا كدة، ولا حتى نظرات وحب
ضحكت "فلك" بعفوية شديدة خجلًا منها ونظرات إلى ماكينة التصوير ثم قالت بتمتمة:-
-أنتِ أكيد بتهزرى، أنا ويونس ...
قاطعها صوته الخشن بنبرة غليظة قوية تعبر عن قدر الغضب ونيران الغيرة المُلتهبة بداخله قائلًا:-
-فلك
استدارت إليه بذعر من الفجأة ونظرت بعينيه المُشتعلة لترى شرارة حريق تبث منها وعاقدًا حاجبيه بغضب لتقول بهدوء:-
-نعم
تلعثم فى الحديث وشعر بأن كلماته هربت منه تمامًا فى هذه اللحظة، عاجزًا أمامها بقوة ليأخذ يدها فى يده ويسحبها معه وعينيه تنظر إلى "أنس" وكأنه يخبره بيديهما المُتشابكة أنها ملك له وقريبًا سيقتلع عينيه إذا طال النظر إليها، أخذها وذهب من الشركة تمامًا وبعد خروجه من باب المبنى وبدون سابق أنذار ظهر "فارس" من العدم أمامهما وتوقف "يونس" فجأة عن السير لتنظر "فلك" إلي أخاها بخوف شديد، نظر "فارس" إلى "يونس" بأنتقام شديد وغضب ناري يبث من عينيه لتشعر "فلك" بيد "يونس" تترك يدها لتنظر إلي يديهما المتباعدة لتُصدم عندما رأت يد "فارس" قرب خصر "يونس" وفى يده سكينًا قد أخترق خصره و"يونس" يمسك يده بألم شديد لتفزع "فلك" بصدمة ودفعت أخاها بعيدًا بقوة لتخرج السكينة من خصره فصرخ "يونس" بألم وقد بدأ بالسقوط لكن "فلك" تشبثت به وتسلل ذراعيها أسفل ذراعيه مُحاولة أمساكه لكن ثُقل جسده البدني هزمت جسدها الضعيف وسقط الأثنين معًا فغزت الدموع عينيها خوفًا عليه ومن فقده لتقول بضعف وصوت مبحوح لا يقوى على الخروج من جنحرتها:-
-يونس
تبسم بألم شديد أمام دموعها وقال:-
-متخافيش
سالت دموعها كالفيضان على وجنتيها وبدأت ترتجف رعبًا من دمائه التى لوثت يديها وهى تضغط على جرحه بذعر أشبه بالرعب المُميت وهو أول شخص يرحم قلبها المريض ويربت عليها رحمةً بها ويعاملها بلطف وحنان كأبنة له لتقول:-
-متسبنيش يا يونس أنا ماليش غيرك
رفع يده إلى وجنته بضعف وهو يقاوم الألم والدماء التى تغزو بغزارة على يديها وجفف دموعها بلطف قائلًا:-
-مش هسيبك يا فلك، هسيبك لمين؟!
فى اللحظة التى انهارت باكية أمامه كان تجمع المارة حول "فارس" قبضوا عليه وأتصل حارس المبنى بالإسعاف لتأتى من اجله فحمله وصعدت "فلك" معه تبكي ورجال الإسعاف يحاولون معالجته حتى يصل للمستشفي، وهى تضم يديها على فمها باكية تكتم شهقاتها وترتجف بعد أن لوثت بالدماء لكنها صُدمت عندما سمعت صفارة تُصدر من الجهاز فرفعت نظرها إليه وكأن مغمض العينين وسقطت يديه جانبًا لتفزع صارخة باسمه حيث سمعت رجل الإسعاف يبلغ المستشفي بتوقف القلب عن النبض .........
يتبــــــــــــــع .................
#مرايا_الحب
___ الفصل الثـــامـن ( 8 ) ___
بعنــــوان " غـــرور قلــب "
وقفت "فلك" بعيدًا وهى ترى الطبيب والممرضين يحيطون به مُحاولين إنعاش قلبه بجهاز الصدمات الكهربائية وهى تضم يديها إلى صدرها بخوف وترتجف ذعرًا مما حدث له بسببها لم يكفى لسانها عن الدعاء برجاء فى أمس الحاجة لأستجابة دعواتها فى هذه اللحظة، عاد النبض لقلبه ضعيفًا ليبتسم الطبيب بسعادة وهو يقول:-
-خدوا للعمليات فورًا
أخذه الممرض بالتروالي إلى الرواق حيث مصعد المرضي للطابق الأخر،ألتفت "فلك" لتذهب خلفه لكن رغم عنها سمعت صوت الممرضة تُحدث الطبيب قائلًا:-
-أنا هبلغ دكتورة قدر لأنها وصيته ومراته وأحصل حضرتك على العمليات
ألتفت "فلك" فى هذه اللحظة من جديد وقالت بجدية وهى تمسح دموعها:-
-أنا ممكن أمضي على الإقرار المهم حياة يونس
نظرت الممرضة لها بتعجب ثم سألت بفضول شديد:-
-حضرتك أخته؟
هزت "فلك" رأسها بالنفي وهى تقول بجدية:-
-مراته
أتسعت أعين الممرضة على مصراعيها فلم يعرف أى شخص أن زوج الطبيبة "قدر" المغرورة لديه زوجة أخرى، تبسمت الممرضة وهى تعطيها الإقرار لتمضي عليه وهى تشعر بأنها حصلت على فرصة ذهبية لإذلال "قدر" حتى تكسر نظرتها المغرورة، وقعت "فلك" وذهبت إلى غرفة العمليات بينما الممرضة كان لديها مهمة أخرى نسائية تحمل من كيد النساء فنشرت خبر زواجه الثاني فى كل انحناء المستشفى أنتقامًا من "قدر"، كانت "قدر" جالسة على المكتب مع "صفاء" تتحدث معها عن إجهاضها للطفل بينما رفض "صفاء" كان واضحًا جدًا فى ملامحها وقالت بضيق:-
-حرام عليكي يا قدر ذنبه أيه الطفل دا أنك تقتله وهو مجرد نطفة، ومتقوليش عشان يونس كأن عندك ألف طريقة غيرها تنتقمي من يونس بيها، أقلهم أنك تطلبي الطلاق بعد ما أتجوز عليك وتخلصي منه وتعيشي حياتك
تحدث "قدر" بغرور شديد وهى لا تشعر بذرة ندم فى التخلص من روح نشبت بداخلها:-
-وأشيل فى بطني حاجة أنا قرفانة منها ليه وتربطني بواحد نجس زيه العمر كله
رفعت "صفاء" عينيها إلى "قدر" بسخرية وغضب شديد مُعارضة كلماتها الحادة الشنيعة عن "يونس" لتقول بإقتضاب:-
-نجس، أنتِ كام مرة أقفشتيه مع واحدة ولا بات برا بيته كام ليلة وكام كباريا دخله وكأس الخمر مبيفارقش أيده، فوقي يا قدر من أوهامك اللى خلقتيها عشان تبرري أى حاجة تعمليها فى يونس، يونس مريض وأنتِ دكتورة وعارفة يعنى أي مريض، ولا على المريض حرج
فتح باب الغرفة ودلف ممرض جديد يحمل كوبان من القهوة الساخنة ووضعها على المكتب لترتشف القليل منه فصرخت بأختناق شديد قائلة:-
-دى زيادة يا متخلفة
نظرت "صفاء" لصديقتها بذهول فأصبحت عنيفة ومُنفعلة دومًا، قاسية لا ترعي أحد فكاد الممرض أن يتحدث لتقاطعه "صفاء" قائلة:-
-روح أنت دلوقت
خرج الممرض من الغرفة فتابعت "صفاء" بحدة شديدة قائلة:-
-أيه يا قدر أنت هتطلعى قرفك على الناس، على فكرة هو ممرض مش ساعى ومش مجبر أنه يجيبلك قهوتك وإذا عمل كدة ....
قاطعها فُتح الباب ودلفت الممرضة مُبتسمة وكأنها فى حالة من النصر لتقول بعفوية شديدة:-
-أستاذ يونس فى العمليات ومعه برا مراته الجديدة يا دكتورة
أستشاطت "قدر" غضبًا ولم تأخذ من الحديث سوى الجزء الأخير منه، وجود "فلك" وأنتشار الخبر فى المستشفي ولم تهتم أبدًا لوجود زوجها بغرفة العمليات وماذا حدث له وكيف حالته حرجة أم لا، غادرت الممرضة بعد أن رأت عيني "قدر" على وشك أبتلعها غضبًا ونظرتها القوية الغليظة تحولت لإنكسار وألم، لم تشفق على مريض حالته ولم يشفق أحدًا عليها، خرجت من مكتبها وكان الجميع ينظروا إليها ويتسامرون مع ضحكات كثيرة لتشعر بأنه أضحوكة المستشفي فى هذه اللحظة، تمتمت "صفاء" بهدوء قائلة:-
-متعلقيش دماغك بيهم يا قدر، أمشي أنتِ دلوقت
أغلقت قبضتها بقوة غيظًا ممزوج بالألم مما تشعر به بداخلها وقلبه كجمر ناري مُقيد بين ضلوعها صارخًا بألم طالبًا الحرية والتخلص من أسره، على الجهة الأخرى كانت "فلك" تقف جوار فراشه بعد أن خرج من غرفة العمليات وتمسح جبينه بمناديل من حبيبات العرق وهو نائمًا مغمض العينين، سحبت المقعد وجلست جواره تتطلع بملامحه بأرتياح ربما النظر إليه يمتص الخوف من قلبها المُرتجف وهى ما زالت لا تُصدق ما حدث، رفعت يدها إلى رأسه وتغلغلت أصابعها النحيفة بين خصلات شعرها الناعمة بحنان كأنها أم إليه وترعي طفلها، حرك رأسه قليلًا فسحبت يدها سريعًا بعيدًا عنه بخجل شديد ليفتح عينيه بتعب ورأى وجهها أول شيء تقع عليه عينيه، رأها مفطورة من البكاء وعينيها حمراء مُلتهبة فتمتمت بتعب شديد وصوت مبحوح:-
-فلك
لم تصدق نفسه فى هذه اللحظة وأنها سمعت صوته من جديد لتجهش باكية وهى تتذكر توقف قلبه فى الإسعاف ويديها التى تلوثت بدمائه وسقوطه بين يديها فاقدًا للوعي، تبسم على عفويتها وقال:-
-متخافيش أنا كويس
أجابته بضعف شديد وهى تنظر بعينيه تلومه على ما فعله بها:-
-أنا كنت هموت من الخوف يا يونس
تنهد قليلًا وهو يضع يده على جرح خصره مُحاولًا كبح ألمه قدر الإمكان ثم هتف بنبرة جادة دافئة:-
- أنا قولتلك مش هسيبك يا فلك، هسيبك لمين وأنتِ حتة مني
تبسمت بخفوت شديد إليه رغم دموعها المُتساقطة على وجنتيها فرفعت يدها تجفف دموعها بلطف، حاقدة به ثم قالت:-
-وأنا مصدقاك يا يونس، أوعي تتأذي أو تمرض أنا ماليش غيرك أتسند عليه ويكون ضهر لي ويحميني من العالم دا كله بقسوته وغدره، أنا معرفش أعيش من غيرك ولوحدي خليك ماسك فى أيدي حتى لو هكون بنتك الصغيرة أنا راضية وموافقة والله ما دام جنبك
تبسم من كلماتها ثم مد يده إليها فنظرت إلي راحة يده ليقول بدفء:-
-همسك أيدك عشان تكوني بنتى
ضحكت بخفوت على جملتها العفوية ثم مسكت يده بحب تتشبث به بقوة ليغمض عينيه بتعب وهو يقول:-
-كدة أقدر أطمن وأنام وأنا عارف أنك جنبي ومش هتهربي مني
همست له بنبرة ناعمة وصوت مبحوح يكاد يسمعه من شدة همسها قائلة:-
-أنا بهرب من العالم كله ليك يا يونس
شعر بقشعريرة قلبه وأرتجافه فرحًا من كلماتها التى تفوهت به، كان يعلم بأن هذه الفتاة البريئة ستسكن قلبه رغم كونها باكية ضعيفة لكنها ستكون الأقوي بقلبه ويخشي أن يغلبه العشق هذه المرة وبدلًا من "غزل" تكن "فلك"، فراشته التى حلقت فى سماء عالمه المُظلم تعلمه كيف تكن الحرية وتنير حياته العتمة ببسمتها ودفئها الذي يخلق له سلام داخلي لم يشعر به من قبل، فى هذه اللحظة علم بأنه على حافة السقوط فى الهوي وسيكن عاشقًا من جديد ويحيا قلبه بها
، لم ينتبه لـ "قدر" الواقفة هناك خلف الباب وتنظر عليه من خلف الزجاج وهو مُتشبثًا بيديها و"فلك" تمسح جبينه، أشتعلت غضبًا وغيرة تحرق قلبها العاشق، فى هذه اللحظة أدركت أن كل ما بداخلها ليس كرهًا إليه أو حقدًا بل عشقًا وهى لا تقوي على تحمل رؤيته مع امرأة أخرى حتى وإن كانت امرأة وهمية من صنع خياله، ربما لهذا الشيء لا تقوى على تحمل مرضه، غادرت "قدر" وفى عينيها دمعة تحاول كبحها جدًا بجفنيها على عكس قلبها الذي بدأ فى البكاء بالفعل...
******************
علم "أنس" بما حدث لأخاه والقبض على "فارس" لكنه لم يتحرك له ساكنًا، ظل بمكتبه يباشر عمله، فتح باب المكتب ليرفع نظره للأعلي ووجد "قدر" منهارة من البكاء ، وقف من مكانه بفزع شديد وأنقبض قلبه خوفًا من أن تكن أصابة "يونس" أخذت روحه بعيدًا فتتمتم بندم شديد على إهماله لأخاه قائلًا:-
-يونس جراله حاجة
هزت رأسها بلا بضعف شديد فتنهد بأرتياح وهو يقول:-
-خضيتنى يا شيخة، حصل أيه؟
جلست على المقعد باكية أغلق "أنس" الملف الموجود أمامه ثم نظر إليها فكانت تطأطأ رأسها للأسفل بأنكسار وضعف فتمتمت بلهجة واهنة قائلة:-
-يونس بيكسرني يا أنس، شوفتها وهى قاعدة تحت أيده بتراعاه، خوفها عليه كان باين فى عينيها، كانت مرعوبة عليه يا أنس
حدق "أنس" بها بذهول من تغيرها وقلبها المتمرد ثم قال:-
-عجبته لك يا زمان، أنتِ مش طايقة أنه يعرف غيرك ولا أنها مهتمة بيه مع أنك انتِ ذات نفسك مش مهتمة بوجوده ولا بيهمك هو عيان ولا سليم، كويس ولا مريض، وأنا أول ما عرفت أنها مريضة رجعت لوراء ألف خطوة، أنا وأنتِ معرفناش نرحم مرضهم سيبهم هم يرحموا بعض ويشيلوا بعض، يتسندوا على بعض بأمراضهم يمكن يكون لكل واحد فيهم علاج عند الثاني
أنتبهت "قدر" لجزء فى حديثه مُحددًا وهو مرض "فلك" لتقول بأندهاش:-
-هى مريضة!!
أومأ إليها بنعم بملل شديد ثم وقف من مكانه مُنهي هذا الحديث قبل أن تسأل "قدر" عن مرضها وقال وهو يهندم ملابسه:-
-عن أذنك عشان أروح أطمن على يونس
ألتف حول المكتب لكى يغادر فتشبثت "قدر" بيده قبل أن يهرب من أمامها لتقول:-
-أستن يا أنس، عندها أيه؟
نظر إلى عيني "قدر" وكانت تخبره بشر ومكر كبير بداخلها ليقول بهدوء:-
-مالكيش دعوة وأبعدي عنها يا قدر، لو فكرتي مجرد تفكير فى خيالك أنك تأذي فلك محدش هيقف لك غيرى والقلم بعشرة، أوعى تنسي أنها حبيبتى حتى لو كانت مرات أخوي
ا
أشمئزت "قدر" من كلماته وعادت خطوة للخلف بأستحقار ترمقه من الرأس لأخمص القدم ثم قالت بسخرية مُشمئزة:-
-أيه القرف دا، حبيبتى ومرات أخويا فى جملة واحدة أزاى
لم يجب عليها بل سحب ذراعه من يدها وغادر ببرود شديد لتضرب "قدر" سطح المكتب بقبضتها وتمتمت بغضب كامنًا بداخلها:-
-بكرة تشوف يا أنس أنت وأخوك أن أنا اللى هردلكم الوجع اللى جوايا أضعاف
********************
حاولت "سحر" البحث عن "فلك" ولم تجد لها مكانًا وحتى رقم هاتفها الذي تملكه أخذه "فارس" منها ففتحت حسابها على التوصل الاجتماعي وأرسلت لها رسالة تترجاها أن تجعل "يونس" يتنازل عن المحضر من أجل أخاها المسجون ولم يأتيها جوابًا نهائيًا...
********************
فكر "يونس" كثير فى "غزل" كي تظهر إليه ويُحدثها لكنها لم تستجيب إليه، فوقفت "فلك" من مكانها وقالت بحرج:-
-أنا هغير هدومي فى الحمام بسرعة
تتطلع لملابسها الملوثة بدمائه فأومأ إليها بنعم لتدخل إلى المرحاض، أتاه صوت "غزل" تقول:-
-مبقتش فاهمك يا يونس
تتطلع إلى حيث "غزل" تقف وكانت جالسة على شرفة الغرفة وتنظر للأسفل خارجًا وقدميها تهزهما بلا مبالاة ففزع خوفًا عليها وهو على يقين بأنها لن تسقط ولن تموت أبدًا حيث هتف بقلق:-
-أدخلي يا غزل
ألتفت إليه بضعف شديد وحزن يكمن بداخلها وبدأ يغير فى ملامحها العفوية الجميلة وقالت:-
-حبتها يا يونس
نظر "يونس" إلى المرحاض وقال:-
-لا أكيد لا، فلك بريئة وعيوطة على أقل حاجة وأتف سبب، متقلبة المزاج وضعيفة ، خجولة جدًا وهادئة رغم شقاوتها فى البيت وصوتها العالي إلا أنها ناعمة ودافئة، فى عز بكاؤها بتضحك وفى عز ما هى بتتألم بتطبطب وبتهون، مبتفكرش فى الكلام قبل ما تقوله ، متهورة جدًا ويمكن تهورها هو اللى خلاها دلوقت مراتي لما وقفت قصاد قدر، رحيمة رغم قساوتها على قدر، جريئة وقوية مع أنها هشة...
قاطعه صوت ضحكات "غزل" القوية وهى تنظر إليه بحزن شديد وتقول:-
-كل تفاصيلها دى ومحبتهاش يا يونس، أنت عديت الحب معاها يا يونس بس خايف تعترف أنك حبت إنسانة
نظر إلى "غزل" ورأىدمعة فى عينيها ثم هتف بضعف مُحاولًا تبرير موقفه وكلماته التى كسرت قلب "غزل" إلى إشلاء قائلًا:-
-غزل أنا...
بكت بحزن شديد وقبل أن تتحدث أو يخفف "يونس" عنها فُتح باب المرحاض وخرجت "فلك" بينما عينيه لا تفارق "غزل" التى بدأت تنهار أكثر وأكثر بظهور "فلك"، لا يعلم سببً واحدً لتلاشي "غزل" دومًا كلما ظهرت "فلك"، تلاشت تمامًا عن نظره تاركة له أخر نظرة بكاء وعتاب تتهمه بالخيانة، أقتربت "فلك" نحوه بعد أن بدلت ملابسها وأرتدت فستانًا من الصوت ذات اللون الوردى ووضعت الجاكيت الجلدي الأسود على الأريكة، نظر "يونس" إليها بحيرة شديد وعقله يفكر فى سبب ما يحدث مع "غزل" ، جلست "فلك" جواره وقالت:-
-لو عوزت حاجة متترددش فى أنك تطلبها منى
أومأ إليها بنعم ثم قال بحرج شديد:-
-ممكن تساعدينى أغير هدومي
أتسعت عينيها على مصراعيها بدهشة ليرى صدمتها فقال بتعجل:-
-خلاص هخلي حد من الممرضين
تنحنحت بحرج شديد ثم خرجت تقف على باب الغرفة بعد أن طلبت له ممرض يساعده فى أرتدي بنطلونه ثم خرج لتدخل ووجدته جالسًا على حافة الفراش ببنطلونه عاري الصدر فنظرت إليه بخجل شديد وهى تتحاشي النظر إليه، سألها "يونس" بهدوء:-
-أخوكي أتقبض عليه
عادت بنظرها إليه بحزن شديد ثم نظرت إلى خصره المصاب وفعل أخاها، أومأت إليه بنعم وهى تقترب منه وساعدته فى أرتدي قميصه ثم جلست جواره وهى تغلق أزرار قميصه بصمت وعينيه تلمعان ببريق دموعها، تسائل عقله كثيرًا عن سر دموعها أهى على ما حدث لأخاها أم لأصابة زوجها، فتح باب الغرفة ودلف "أنس" ليراهم على قرب شديد منها، نظر الأثنين نحو الباب فكان "أنس" ليشعر "يونس" بغيرة شديدة فرفع يده إلى جبينها يخفى خصلة شعرها بحجابها غيرةً من عين أخاه، مما جعل "أنس" يشعر بغضب كالبركان العاصف، نظرت "فلك" إليهم بأرتباك ثم قالت:-
-أنا هروح أدفع مصاريف المستشفي
أستوقفها "يونس" بكلماته قائلًا:-
-خدي الفيزا من محفظتي والباسورد عيد ميلادي
نظرت إليه بحيرة فهى لا تعرف يوم مولود ليقول:-
-19/11
أومأت إليه بنعم ثم خرجت تترك لهما مجالًا للحديث، تقدم "أنس" نحوه بهدوء ثم قال:-
-هو دا الجواز الصوري
لم يجيب عليه "يونس" بل سأل بفضول شديد قائلًا:-
-قدر جتلك؟
أومأ "أنس" له بنعم بلا مبالاة فضحك "يونس" بقوة رغم ألمه وهو يضع يده على جرحه ثم قال:-
-كنت عارف، قدر لازم تيجيلك كأنها بتشتكينى لأبويا، دا يا راجل اللى جوزها قارفها فى عيشتها مبتروحش لحماها زى ما بتجيلك، أيه مبتعرفش تصون سر بيتها أبدًا، كان من باب أولي تيجي تشوف جوزها اللى مرمي فى المستشفي مش تيجي لك
أجابه "أنس" بهدوء شديد وهو يضع يديه فى جيوبه:-
-جتلك ولاقيت فلك قاعدة تحت أيدك وبتراعاك فحست أنك مش محتاجها
ضحك "يونس" بسخرية وقال بتهكم:-
-مش محتاجها فعلًا، بعد عمايلها مش محتاجها بس برضو مش هطلقها خليها كدة زى البيت الوقف لا هى متجوزة ولا هى مطلقة ودا أقل عقاب ممكن تستاهله على قتل ابنى، وصلها زى ما هى بتوصلك، أني مش هطلقها ولا هشوف خلقتها لأخر يوم فى عمرى ولو لاقيتها بتموت قدامي مش هرفع عيني فيها، قدر متستاهلش رحمتى ولا أخلاقي اللى خليتنى طول الوقت دا بعاملها بضمير وبما يرضي الله، هى تستاهل القساوة والوجع بس....
توقف عن الحديث عندما رأى "قدر" تقف على باب الغرفة وتستمع لكلماته عنها وعينيها تتساقط منها الدموع رغمًا عنها وعن قوتها، تبادلا النظرات فى صمت ولأول مرة يراها بعد قتلها لأبنه دون علمه فشعر بأختناق شديد بداخله وقلبه يبكى وجعًا على ما فعلته "قدر" معه ليقول:-
-جاية ليه؟ عشان روحتي له وقالك لازم تسألي على جوزك اللى مرمي فى المستشفي، ما أنتِ عكس كل الستات بدل ما تأخدي أذنك من جوزك بتروحي لأخ جوزك
لم تتفوه بكلمة واحدة بل ظلت تنظر إليه فتحاشي "يونس" النظر إليها وهو يقول بضيق:-
-خدها وأمشي يا أنس
تمتمت "قدر" بأختناق شديد:-
-أنت زبالة يا يونس وأنا هدفعك ثمن عمايلك دى
خرجت من الغرفة هاربة من أمامه وأتجهت إلى مكتبها وهى تفكر بالأنتقام من "فلك"، الأذي الذي سيصيب "فلك" سيقتل قلبه أو ربما سيصيبه بالجنون بعد تكرار حدث موت حبيبته، هذه المرة سيدخل المصحة العقلية للأبد، فتحت هاتفها ثم فتحت حساب التواصل الاجتماعي وتواصلت مع أحدهما وبعد حديث طويل بينما طلب الطرف الأخر صورة لـ "فلك" فخرجت من المكتب مُسرعة لتراها تغادر مع "يونس" وهو يتكأ عليها فألتقطت صورة لها وأرسلتها للطرف الأخر بأنتقام وتمتمت بمكر شديد:-
-بكرة تبكي بدل الدموع دم يا يونس......
يتبــــــــــــــع .................
#مرايا_الحب
___ الفصل التـــاسـع ( 9 ) ___
بعنــــوان " جريـــمة لا تُغتفــــر "
أتكا "يونس" على فراشه بتعب شديد من الحركة بمساعدة "فلك" ليتنهد بأرتياح وهو يغمض عينيه لكن صوتها الخلفت بنبرته المُنكسرة وهى تقول:-
-أنا أسفة
جعله يفتح عينيه بدهشة مُتعجبًا لما سمعه منها وتسائل عن سبب أعتذارها وهى بهذا الإنكسار والضعف الشديد، سأل "فلك" بهدوء بينما يحدق بعينيها التي تتلألأ ببريق دموعها والحزن بدل ملامحها:-
-على أيه؟
أشارت على خصره بندم شديد وهى تلوم نفسها على ما جرى به وقالت بتمتمة:-
-على اللى حصلك؟ كل دا بسببي، أنا دمرت لك حياتك مع مراتك وكمان أتأذيت بسببي، فارس عمل فيك كدة عشان أخذتني من البيت، يعنى لولا أنك جيت مكنش حصلك اللى حصلك، فى الأخر أنا سبب كل الأذي والحزن اللى دخل حياتك... بجد انا أسفة والله ولو فى حااجة فى أيدي ممكن أعملها أصلح بيها كل اللى حصل كنت عملتها من غير ما اتردد لحظة واحدة
كان يستمع لكلماتها الهادئة رغم حزنها وعينيها التى خانتها مع لسانها المُعتذر لتذرف الدموع منها بندم شديد واللوم يقتلها من الداخل فربت "يونس" على الفراش كي تجلس جواره، جلست بهدوء تلبي رغبته فقال بحنان شديد مُنهكًا من التعب:-
-أنتِ مش سبب حاجة حد غيرك اللى عملها، لا أنتِ اللى قولتلي تعال البيت ولا حتى أنتِ اللى قولتلي أوصلك يوم ما حصل اللى حصل، ولا حتى أنتِ اللى طلبتي من اخوكي أنه يضربني بالسكينة، أنتِ مالكيش دخل فى كل دا، بالعكس يمكن أنا اللى شقلبت حياتك وأنا اللى خليت أخوكي يعمل كل دا لما أخدتك بعيد عنه ولو على حياة مين اللى دمرت فأعتقد أن أنا اللى دمرت حياتك لما أجبرتك تتجوزينى غصب وكمان فى السر من وراء أهلك ومن غير فرح ولا أى حاجة زى البنات، لو حد فين اللى محقوق للتاني يبقي أنا اللى محقوق لكِ يا فلك، الرجل يحل له أربعة شرعًا لكن أنتِ أتجوزتي من وراء أهلك
نظرت له بأنكسار أكبر ليتابع حديثه سريعًا قبل أن يتغلغل الحزن لقلبها وعقلها قائلًا:-
-مش قصدي أنك بنت وحشة يا فلك، أنتِ أشرف وأجدع وأطيب بنت أنا قابلتها فى حياتي وأكبر دليل على دا أنى بعتبرك صديقتي رغم أنى عمرى ما وثقت فى شخص واحد على وجه الأرض وحكيت له حاجة عنى ولا عن أسرارى لكن أنتِ فى مكانة عندي محدش يقدر يوصلها لو بسنين عشرة
تبسمت ببراءة بسمة دافئة أدخلت الفرح إلى قلبه وجعلته يبتسم فور رؤيتها لبسمتها المُدللة ليقول بلطف:-
-أيوة كدة أوعي فى يوم تخلي البسمة دى تروح ولا تستخبي، خليها دائمًا منورة وشك وحياتي
خجلت كثيرًا من كلماته وتحاشت النظر إليه فتبسم "يونس"ٍ على خجلها الجميل الذي يُزيدها جمالًا ولطفًا، الأرتياح والسلام الذي يشعر به بجوارها وفى حضورها بجنبه يُربكه دومًا ويجعله على وشك السقوط فى قاع مغلقًا لكنه قاع الحب حيث لا نهاية له ولا سبيل للمغادرة منه، ضحكت "فلك" بلطافة على ربكته الواضحة فى ملامحه ثم غادرت الغرفة هاربة من نظراته المُسلطة عليها دون خجل أو حرج منه...
******************
كان "أنس" جالسًا على البار ويحتضن بين أنامله كأس يحتوي على الخمر غاضبًا مما يحدث، بداخله غضب شديد من "يونس" رغم أن جزءًا منه يلتمس له العذر فبعد أن علم بمرض "فلك" لم يتحمل أبدًا فكرة البقاء معها، دومًا ما كان وما زال يسعى حول المثالية والكمالية، جلست بجانبه فتاة ليلي وهى تضع يدها خلف رأسه بدلل شديد بينما تُحدثه قائلة:-
-قاعد لوحدك ليه؟
رفع نظره إليها وعينيه ترى وجه "فلك" بوجهها فتمتم بضيق شديد مُعاتبًا إياها قائلًا:-
-عملتي فيا كدة ليه؟ عملتلك أيه أستاهل عليه الوجع دا، أختاري المريض وفضلتيه عليا ليه؟ أنا عاملتلك بكل حنية ولطف، يونس كان فيه أيه زيادة عني عشان تختاريه هو وتسيبنى أنا لوجعي
ألتف أكثر نحو الفتاة ليمسكها من كلا ذراعيها بقوة وزادت نبرته حدة وقوة وهو يتابع حديثه قائلًا:-
-أنا حبتك يا فلك، غلطت لما شيلت لك المشاعر الحلوة جوايا، بس تعرفي واحدة زيك تستاهل مريض زيه، تموتوا سوا مع بعض وأنا هدفعك تمن وجعي وحرقة قلبي يا فلك
ضرب صدره بقوة بقبضته بألم يبوح عما يسكن بداخله من جمر ناريًا مُحترقًا من قلبه الذي تحول لرماد بزواجها من أخيه، وتابع كلماته بنبرة واهنة مُتألمًا:-
-أنا حبتك يا فلك، حبتك ومكنتش عايز منك غير أنك تحبنى وتفضلي معايا لكن أنتِ أخترتيه هو، جاية ليا ليه ما دام أخترتيه هو، روحيله قومي روحي ليونس
قال كلماته الأخيرة بأنفعال وهو يدفعها بعيدًا عنه، لم تتحرك الفتاة من مكانها ليخرج هو من المكان غاضبًا وبحالة من الثمالة على وشك فقد وعيه، ركب سيارة أجرة وأخذه السائق إلى مبنى شركته، دلف وهو يهتز ويتأرجح من كثرة الخمور التى أرتشفها وكانت الشركة مظلمة بعد أن غادر جميع المؤظفين....
أستيقظ "أنس" صباحًا فى تمام الساعة السادسة وكأن نائمًا على الأريكة بحالة يرثي لها، فتح عينيه بتعب شديد وأذنيه تستمع لأنين بكاء خافت وشهقات مكتومة بين الضلوع، تجول فى الغرفة بعينيه وهو يشعر بتعب شديد فى جميع أنحاء جسده وخصيصًا رأسه المُصابة بصداع شديد، سرعان ما أتسعت عينيه على مصراعيها بصدمة ألجمته حين رأى "هالة" تجلس على الأرض وتنكمش فى ذاتها باكية وترتجف بقوة وملابسها ممزقة تمامًا وفى حالة من الفوضي، أعتدل فى جلسته ليشعر بألم فى عنقه فوضع يديه على عنقه ليشعر بخدوش حادة فبدأ عقله يترجم ما يحدث مما جعله ينتفض من مكانه ليجد ملابسه فى حالة من الفوضي التامة، تمتم بتلعثم شديد قائلًا:-
-هو حصل أيه؟
رفعت "هالة" نظرها به بأشمئزاز وغضب شديد يكمن بداخلها بعد أن سلبها هذا الذئب البشري شرفها بمنتهي القسوة والألم لتتذكر ما حدث أمس
(فــــــلاش بــــــــاك)
قبل أن يغادر "أنس" من الشركة فى حالة غضب بسبب حضور "قدر" أستوقفته "هالة" وهى تحمل ملف من الأوراق لتقول:-
-الورق اللى حضرتك طلبته منى
أخذه منها بغضب وعنف شديد ليلقي به فى وجهها دون أن يلقي نظرة عليه وقال بانفعال شديد:-
-عِديه من الأول دا إذا كنتِ عايزة تروحي بيتك الليلة دى
غادر غاضبًا، نظرت فى ساعة يدها وكانت الخامسة عصرًا لتتأفف بضيق شديد وعادت لمكتبها تعيد كتابته من جديد وعندما أنتهت منه، نظرت إلى الساعة كانت الساعة التاسعة مسًاءًا، وقفت من مكانها غاضبة من أوامره وذهبت إلى ماكينة الطباعة وأثناء أنتظارها للورق سمعت صوت بالخارج، تحركت للخارج بخوف من أن يكن لص بعد أن غادر جميع المؤظفين لترى "أنس" يدخل الشركة وهو يتأرجح، أعتقدت بأنه مريض أو أصابه شيء، ألتف ليضع الورق على المكتب وذهبت نحوه بحُسن نية لتقدم المساعدة له ويا ليتها لم تذهب إليه، لو كانت تعرف ما يخبأه القدر لها لأختبأت هى منه...
ظل ترمقه بنظرات مُميتة ترغب بقتله فى الحال بينما هو يحدق بها ولا يُصدق ما فعله نهائيًا، أول مرة فى حياته يلجأ للخمر ولم يكتفي بهذا الذنب ليرتكب الآن ذنبًا أكبر، ظل تبتكي وترتجف أمامه كطير ذُبح ويقاوم الموت ومفارقة روحه للحياة، ألتف يتحاشي النظر عنها وهو يغلق أزرار قميصه ويمسح وجهها بيديه بيأس ولا يعلم ماذا يفعل الآن، لم يفعل شيء سوا أخذ سترته ومغادرة المكتب، أنفجرت "هالة" باكية بأنهيار شديد مما حدث لها وكيف تعود لمنزلها؟ كيف ستخبر والدتها المريضة بما حدث معها؟ هل ستتقبل الأمر أم ستقتلها الصدمة، لملمت فستانها المُمزق وخرجت من المكتب خائفة أن يراها أحد، دلفت إلى غرفة العاملات لتأخذ ملابس أحد العاملات وأرتدت رغم ضعف جسدها الألم المنتشر بكل أنش فى جسدها من قساوته، خرجت من المبنى هاربة من هذا المكان اللعينة ربما تهدأ وتستطيع أن تفكر جيدًا فى هذا الأمر وماذا ستفعل؟....
أعدت "فلك" الإفطار من أجله فسمعت صوت بالبهو لتخرج من المطبه ووجدت "يونس" جالسًا على السفرة وقال بعفوية:-
-أنا هفطر هنا
أومأت إليه بنعم وبدأت ترتب السفرة من أجل الإفطار ثم جلست جواره فى حالة من الصمت لتقول بهدوء:-
-طمنى دلوقت عامل أيه؟
أجابها وهو يأخذ السندوتش بيديه قائلًا:-
-الحمد لله أحسن
أومأت إليه بنعم، رن هاتفه باسم "قدر" لتراه "فلك"، نظر "يونس" إلي "فلك" بحيرة لتكمل طعامها فقالت بهدوء:-
-رد عليها أنا مش هتخانق معاك عادى دى مراتك
تبسم "يونس" بعفوية وقال مازحًا:-
-مش هتغيري
ضحكت "فلك" بسخرية شديد من كلماته على عكس الضيق الذي شعرت به بداخلها فقالت:-
-أنا بغير من رجلى يا يونس، رد أنا قولتلك روح صالحها عادي ولو هى اللى عايزة تيجي عشان طبعًا بحالتك دى مش هتعرف تروح.. تنور
ضحك "يونس" على كلماتها ثم قال بضيق شديد:-
-مين دى اللى أصالحها وأراضيها، ما أنا أروح أخدها بالأحضان وأقولها فداكي ابننا نجيب غيره عادي
شعرت بغيرة شديدة تتسلل إلى قلبها من كلماته لتنهي لقمتها وهى تقف من مكانها غاضبة بشدة:-
-أنا هنزل أشترى حاجات للبيت
مرت من أمامه بضيق شديد ليُجيب على الهاتف بأختناق سافر فأتاه صوت "قدر" بهدوء ثابتًا:-
-عامل أيه يا يونس؟
أجابها بأختناق شديد قائلًا:-
-كويس، أيه متصلة تشوفنى مُت ولا لسه
ضحكت "قدر" بسخرية شديدة من كلماته وهى تجلس على المقعد وتضع قدم على الأخرى ثم قالت بتهكم شديد:-
-ومين قالك أني عاوزاك تموت، الموت رحمة لواحد زيك يا يونس وأنا لو بأيدي عمرى ما هرحمك هسيبك كدة تتعذب وأوهامك تقتلك
تنهد "يونس" بضيق شديد من هذه المرأة التى تنتظر أى فرصة لإذلاله ليقول بأختناق سافر:-
-أنا راجل زبالة أنى ردت عليكي يا قدر
أغلق الهاتف تمامًا بعد أن وضع رقمها فى المحظورين..
خرجت "فلك" من السوبر ماركت بضيق شديد وتحمل فى يديها أكياس وتُتمتم بضيق من حديثه:-
-أنتِ بتغير، لا جبلة معنديش دم ...اااه يا يونس لو يسبونى عليك..
رأها من النافذة وهى تُتمتم وتُحدث نفسها ليبتسم عليها بعفوية، كادت أن تعبر الطريق لتنظر على الجانبين أولًا ثم مرت وهى تنظر إليه غاضبة من بسمته على عكس غيرتها التى تقتلها، تحركت سيارة سوداء من الصف وسارت نحوها بقوة، حتى أصبحت على وشك دهسها لكن دفعها شاب من المأرة فأتسعت عيني "يونس" وهو يراها على الأرض وخلال ثواني حدث بما هذا وهربت السيارة، دلف للداخل مُسرعة، نظر الشاب إلى "فلك" بسعادة وقال:-
-أنتِ كويسة؟
أومأت إليه بنعم وهى ما زالت مُصدومة لا تُصدق أن الموت كان يلحقها الآن ولولا هذا الشاب لكانت ميتة حقًا، رأته يخرج من مبنى العمارة مُسرعًا وهو لا يبالى لجرحه وأسرع نحوها وهو يقول:-
-فلك! ، أنتِ كويسة؟
أومأت إليه بخوف شديد وصدمتها جعلتها ترتجف، ضمها إليه بخوف شديد مما رأه أمام عينيه وأنه كان على وشك فقدها، تشبثت به بخوف شديد ليقول إلى الشاب بإمتنان شديد:-
-أنا مُتشكر جدًا، لولاك معرفش كان هيحصل أيه
أجابه الشاب ببسمة عفوية وهو ينظر إلى "فلك" المختبأة بين ذراعيه كطفلة صغيرة:-
-على أيه، أى حد كان مكاني كان عمل اللى عملته، ربنا يحفظهالك ويطولك فى عمرها
بدأت يجمع الأغراض المنسكبة على الأرض لها بمساعدة "يونس" وأخذها ثم صعد للشقة معها...
*******************
تسللت "هالة" إلى شقتها بخوف من والداتها، ومنها إلى المرحاض لتغسل قذرته عنها وهى تشعر بأشمئزاز شديد من جسدها وظلت تحت صنوبر المياه أكثر من ساعتين ونصف ، أختلطت فيهم المياه بدموعها الحارة وبعد نوبة طويلة من البكاء، وضعت روب الأستحمام على جسدها ثم جمعت فستانها الممزقة وملابس العاملة فى كيس أسود اللون بلاستيكي وألقت بهم فى صندوق القمامة، تسللت لغرفتها وأختبأت فى فراشها بأنكسار وضعف لم يحلوا على حياتها من قبل بهذا القدر، روحها سُلبت منها رغم أستحمامها بماء دافئة إلا أنها تشعر ببرودة شديدة فى جسدها بعد أن حلت عليها هذه المصيبة، لتغرق فى نومها بتعب هاربة من هذا الواقع المُخيفة...
********************
وصلت رسالة على هاتف "يونس" من رقم مجهول محتواها
-أحظر رقمي مرة وأثنين وثلاثة براحتك لكن عمرك ما هتقدر تمنعنى عن انتقامي منها يا يونس
قرأ الرسالة مرة و أخرى حتى فهم ما تلمح له "قدر" ليتصل بها بغضب سافر قائلًا:-
-أنتِ اللى عملتيها يا قدر
أجابته بغضب سافر شديد يحمل ضغينتها الموجودة فى قلبها:-
-وهفضل أحلاول وأحاول لحد ما احرق قلبك عليها يا يونس زى ما حرقت قلبي وروحي وكبريائي بجوازك منها
صرخ بها بأنفعال شديد وهو لا يصدق أن هناك شخص يحمل كل هذا القدر من الكره والحقد فى قلبه:-
-ليه عملت لك أيه؟ ولا أنا عملت أيه؟ تأذيها ليه؟ ما كُنتٍ تطلبي الطلاق وخلاص
أجابته بأنكسار وحزن يغيم على قلبها وروحها قائلة:-
-وأسيبك تتهنى معها وتتهنى هي بيك ويبقي أنا الوحيدة اللى طلعت خسرانة وموجوعة فى مثلث الحب دا مش كدة، لا يا يونس، أنا مش هرتاح إلفا لما أحرق قلبك بجد وأن كان الإجهاض محرقش قلبك ولسه عايش مرتاح وبتعرف تتضحك يبقي هكمل لحد ما يجى عليك الوقت اللى يكون فيه الضحك مستحيل في حياتك ومتعرفش فى عمرك كله غير التعاسة والبكاء والندم بس فخلي بالك منها يا يونس
صاح بأنفعال شديد مُهددًا إياها بغضب ناريًا:-
-فكرى تقربي منها يا قدر مرة تانية وأنا أقف أخد عزائكِ فى المقابر
ضحكت "قدر" بسخرية من تهديدًا وضعفه على تنفيذ هذا الحديث ثم أنهت الاتصال..
شعرت "فلك" بدفء يتسلل إلي جسدها ويحيط خصرها لتفتح عينيها بقلق خصيصًا بعد تضارب أنفاسه الدافئة إلى عنقها البارد من الخلف، تنهدت بخجل شديد جعل وجنتيها توردت بالدم وضربات قلبها المُرتجفة لتقول بهمس شديد:-
-يونس!!
أغمض عينيه بأستسلام شديد ليأسه وضعفه بهذه الحالة بعد ما حدث إليه من أقرب الأشخاص إليه، همس بضعف وقلة حيلة قائلًا:-
-خليكي يا فلك، متبعديش عندي الله يخليكي
ضعف لطم قلبها دون أن يفعل "يونس"، لم تبلي طلبه فلم تبقي ساكنة أبدًا بل حركها القلق والخوف الذي سيطروه عليها بعد أن سمعت نبرته الواهنة، ألتفت إليه لتراه مغمض العينين رغم هروب دموعه وسقوطها على وجنتيه الباردتين، نظرت إليه برجفة قلب وذعر العقل مُتسائلًا عما حدث إليه، أحتضنت وجهه بيديها الصغيرتين وهى تقول:-
-يونس... مالك؟
تتطلع بها بضعف كأنه يستغيث بها كي تكون طوق نجاته، لم يقوي على التفوه بكلمة واحدة لتضم رأسه إلي صدرها وهى تربت على ظهره بلطف كأنها أم له تحمل بداخلها قلب ممتليء بحنان ورحمة الأم على طفلها لكنه طفلها الذي لم تحمله برحمها، همست إليه بحنان قائلة:-
-أنا جنبك ومعاك يا يونس......
******************
فتحت الخادمة باب المنزل لتجد مجموعة من الرجال على باب المنزل فحدقت بهم بقلق وقالت:-
-أى خدمة
أجابها الرجل بحدة شديدة قائلًا:-
-مش دا بيت أنس مختار النور
نظرت الخادمة إليهم بقلق وتوتر شديد ثم قالت:-
-أيوة
-هو موجود؟
قالها الرجل بنفس القدر من الحدة التي يتحدث بها فأومأت إليه بنعم وقبل ان يتحدث الرجل، جاء "أنس" من الداخل ليقول:-
-أنا أنس فى حاجة
تبسم الرجل إليه بسخرية من ثقته الجادة وقال بحزم:-
-حضرتك مطلوب القبض عليك
أعطاه إقرار القبض عليه ليُصدم "أنس" مما سمعه وهو يأخذ الورقة من الضابط ولا يُصدق بأن "هالة" بلغت عنه قبل أن تناقشه فى الأمر لكن أذنه لم تصدق أبدًا ما سمعه عندما قالت الخادمة بضيق:-
-ليه هو عمل أيه؟
أجابها الضابط بكل ثقة وهو ينظر إلى "أنس" الواقف مصدومًا:-
-متهم فى جريمة قتل
لم يكتفي بجريمة أغتصاب وأنتهاك عرض ليُضيف عليها قتل ......
يتبــــــــــــــع .................#مرايا_الحب
___ الفصل العــــاشر ( 10 ) ___
بعنــــوان " ضـربـة قلـب "
أستيقظ "يونس" صباحًا على رنين هاتفه، ألتف فى فراشه وهو يمطي جسده بتكاسل شديد وفتح عينيه بتعب شديد ليجد نفسه بفراشها داخل غرفة "فلك" وهى قد غادرت فراشها ربما عندما وجدته به، أعتدل فى جلسته بحرج شديد من فعلته وهو يخرج هاتفه من جيبه وكان رقم "قدر" الجديد تأفف بضيق من أتصالها به مُجددًا رغم كل ما فعلته وتهديدها الصريح له، وضع الهاتف فى جيبه مرة أخرى وخرج من الغرفة
كانت "فلك" تقف فى المطبخ أمام غلاية المياه الزجاجية والمياه بداخلها وصلت لأقصي لدرجة الغليان وهى شاردة تمامًا لا تشعر بشيء وتحتضن بين أناملها كوبها الأسود، ضربات قلبها تضرب صدرها الصلب بقوة وهى تتذكر صباحًا عندما فتحت عينيها ورأت وجهه أول شيء أمامها، ظلت تحدق به لا تصدق ما تراه وقُربه منها، أنفاسه تلطم وجهها بدفئها ورأسها فوق ذراعيه وهو يطوقها بقوة حتى لا تفر منه، أغلق عليها كل سُبل الهرب والفرار منه، يديها أمام صدرها تسكين على صدره القوية وتشعر بضربات قلبه، تنفست بخجل شديد وبدأت تشعر بحرارة جسدها ترتفع شيئًا فشيء بسبب قُربه منه، لأول مرة تسنح لها الفرصة لتأمل بملامحه بتركيز شديد كان كطفلًا بريء ينام بجوراها مُتصلقًا بها وشعره الأسود مُبعثر بعفوية بشرته البيضاء ولحيته السوداء تُزيده جمالًا، رفعت يدها ببطيء شديد خلسًا تلمس لحيته بسبابتها وهى لا تُصدق بأنها زوجة هذا الرجل، رغم جماله إلا أن حياته تعيسة تحمل له الألم وأنين الوجع، يملك الجمال والمال لكنه أتعس شخص على هذه الأرض، ربما أخذ نصيبه من الرزق فى الوسامة والمال لكن بماذا سيفيده هذا وليلًا يبكي وجعًا ووحيدًا؟ بماذا سيفيده المال وهو وحيدًا لا يملك بجانبه أحد يربت عليه ويطمئنه، لا يملك من يأخذه بين ذراعيه تاركًا له مجال البكاء، شفقت "فلك" عليه كما تشفق على حالها، حينما أراد الله أن يُهديها قلب حنونه أعطاه "فلك" مريضة على حافة الموت، دمعت عينيها حزنًا على حالها وحاله فتسللت من بين ذراعيه برفق حتى لا تقظه من نومه العميق...
شعرت "فلك" بشيء يدفعها من الخلف بلطف، فاق من شرودها لتراه يقف خلفها ويمد يده ينزع الفيشة من الكهرباء وهمس فى أذنيها قائلًا:-
-سرحانة فى أيه؟
ألتفت "فلك" بخجل شديد مما حدث وضمه إليها صباحًا فأنفجرت صارخة فى وجهه وعينيها ترمقه بقوة غيظًا من فعلته:-
-فى عمايلك؟ حاول تتخيل أنا شوفت أيه أول ما صحيت الصبح عشان يعكر يومى كدة
تتطلع بها بصدمة من كلماتها وإهانتها له بشكل غير مباشر لكنها حتمًا تقصده هو فكز على أسنانه غيظًا وقال بأختناق ونبرة خشنة:-
-شوفتِ أيه يا ترى؟
وضعت الماء المغلي فى كوبها وأخذته بين يديها وهى تلتف إليه من جديد ثم قالت بزمجرة حادة:-
-روح أقف قدام المرايا وأنت تشوف نفس اللى شوفته
مرت من امامه هاربة من عينيه التى على وشك لطمها قبل يديه بسبب لسانها الحاد الغليظ، تنهد "يونس" بأختناق مُحاولًا كبح غضبه ثم ألتف كي يذهب وراءها، رأها تجلس على المقعد بجسدها الصغير الذي لا يأخذ كثيرًا من مساحته فجلس على نفس المقعد جوارها، نظرت إليه بعيني مذهولة والدهشة من قُربه هكذا منها تثير غضبها، تنفست بصعوبة خوفًا من عينيه النارية التى تبث شرارة غضبه من كلماتها التى تفوهت بها قبل قليل فقالت مُتنحنحة بحرج شديد:-
-أحم فى أيه؟
تطلع بها ليرى ربكتها فى عينيها وتلعثمها الواضح بنبرتها ليبتسم خبثًا عليها وقال:-
-مفيش أنا مبسوط هنا
تطلعت بالمقعد وضيق المكان لتقول بتعجب:-
-مالك يا يونس؟ مبسوط هنا أزاى، أنا مش عارفة أقعد منك ما المكان واسع أهو حبكت معاك هنا
أومأ إليها بنعم حاولت دفعه بعيدًا عنها لكنه كالصخرة الثابتة بالأرض لا يمكن زحزحتها، خصيصًا بجسدها الضئيل أمام بنيته الجسدية القوية فتنهدت بهدوء تسترخي وتهدأ من روعتها وانفعالها ثم وضعت الكوب على الطاولة الصغيرة المجاورة لها ثم وقفت من المقعد وأخذت يديه برفق شديد ليقف معها هادئًا لتعلم بأنها لن تستطيع زحزحته بالقوة لكن باللين سيلبي رغباتها وينفذ ما تريده دون أى مقاومة، كادت ان تتحدث ليرى هاتفه مرة أخرى ليخرج الهاتف من جيبه بيده الأخرى وهى ما زالت تتشبث بيده اليمنى وعندما رأت اسم "قدر" على شاشة هاتفه تركت يده بغيرة شديدة من هذه المرأة وقلبها يشتعل نارًا وبداخله بركانًا باطنًا يغل لأقصي درجات الغليان وعلى وشك الأنفجار، تطلع "يونس" بها بعد أن تركت يده فجأة وأجاب على "قدر" بضيق قائلًا بنبرة حازمة:-
-أفندم ؟
تحدثت معه لتخبره بما حدث لأخاه لينفض ذعرًا من مكانه....
**************
أنتقلت جثة فتاة الليل إلى المشرحة وبعد الحصول على لقطات كاميرات المراقبة من المكان رأوا "أنس" وهو يعنفها بقوة ودفعها غضبًا ثم غادر المكان وهى خرجت خلفه، لكن تعنيفه إليها وأنفعاله الشديد عليها بعد الحديث الطويل وضعه فى محل أشتباه فى قتلها، نظر "أنس" إلى وكيل النيابة لا يُصدق ما يسمعه وأتهامه فى جريمة قتل فتاة ليل ولم يرى وجهها من قبل فأمس كان يرى وجه "فلك" وكل ما حدث كان مع "فلك" لكن كيف سيبثت أنه كان يُحدث أوهامه ومخيلاته لمحبوبته، كان مشوشًا وشاردًا حتى سمع وكيل النيابة يقول:-
-يُحبس المتهم أربعة أيام على ذمة التحقيق
أغمض عينيه بيأس شديد وهو لا يُصدق ما سمعه، أخذه العسكرى للخارج ليهرع إليه "يونس" بصدمة ألجمته من القبض على أخاه الأكبر، تطلع "أنس" بيأس بوجه "فلك" الواقفة بجانب "يونس" وكانت نظراته تتهمه وتلومها على ما حدث، كأنها سبب كل ما حدث إليه رغم بُعدها كل البُعد عنه، نظرت "قدر" إلى "فلك" بعد نظرات "أنس" وكانت تشتعل غضبًا من هذه الفتاة الضعيفة التى أخذت قلب الأخين ووحدها من ستصنع الفلق بينهما فلن يقبل أبدًا "يونس" بهذه العشق الموجود بداخل عيني "أنس" لزوجته، سأله "يونس" بقلق شديد قائلًا:-
-حصل أيه؟
تتطلع "أنس" به بيأسي تمكن منه ثم قال بنبرة خافتة محطمًا:-
-أمشي يا يونس ، أمشي من هنا ومتجيش تاني
نظر "يونس" إليه نظرة صادمة لا يُصدق الإحباط التى تمكن من أخاه وموافقته على ما يجرى إليه وكأنه يستسلم لجريمة لم يفعلها مما جعل "يونس" يُشك للحظات أن أخاه فعل هذه الجريمة وقتل هذه الفتاة، فعينيه كانت مليئة بالأحباط واليأس لم تكن عيني بريء يسعى جاهدًا لإثبات براءته أو الخروج من هنا، غادر مع العسكرى تاركهم خلفه، تمتم "يونس" بحيرة شديد:-
-أنس مقتلتهاش مش كدة؟
ربتت "فلك" على كتفه بخفة لينظر إليها ثم أخذ يدها وغادر المكان بصحبة "فلك" تاركًا "قدر" وهو لم ينسي أبدًا فعلتها ومُحاولة قتل "فلك" أمس بسببها...
*****************
كانت "هالة" مُختبأة فى غرفتها خائفة بعد ما حدث معها ولا تعلم ماذا تفعل فى هذه الكارثة التى حلت عليها، أخذت هاتفها وفتحته لتصل رسائل كثيرة على مجموعة الدردشة الخاصة بالعمل لكنها لم تهتم إلا بهذه الرسالة التى وصلت للتو وهاتفها فى يدها تحمل كلمات قليلة
(عرفتوا أن أنس اتقبض عليه....)
فتحت الدردشة بذعر شديد بعد ما قرأته لتقرأ الرسائل بصدمة ألجمتها...
*****************
كان "يونس" جالسًا مع المحامي فى مكتب الشركة يحاول الوصول لبراءة أخاه فقال:-
-أعمل أيه حاجة، المهم أنس يخرج ما دام هو بريء ومعملش كدة
-أنس بيه قال أنه كان فى البيت وطبعًا مش هنقدر نثبت الحجة دى
قالها المحامي بهدوء شديد ليصرخ "يونس" غيظًا من هذا الحديث الذي لا يرضيه أبدًا:-
-أتصرف حتى لو أضطرت أنك تجيب حد يشهد أنه كان فى البيت الساعة 4 الفجر دا ميخصنيش
تنحنح "فلك" بهدوء وهى تقف على باب المكتب وتسمع صراخه مع المحامى وهو عاجزًا عن فعل أـى شيء ليقف من مكانه بعد دخول "فلك" وقال:-
-طيب أنا هحاول كدة محاولة فى حاجة فى دماغى لو نفعت هبلغ حضرتك
أومأ "يونس" إليه بنعم ثم خرج المحامي من المكتب، تنهد "يونس" بأختناق شديد وهو يقول:-
-تعالي يا فلك
نظرت "فلك" إليه بهدوء شديد خوفًا من وجهه الغاضب لأول مرة ترى غضبه ونظرته الحادة أرعبتها وجعلت قلبها وروحها يرتجفا فزعًا من صراخه مع المحامي، لم تتخيل أبدًا أن زوجها بهذه الحدة والشراسة، نظرة الشيطان التى رأتها فى عينيها وهو يبحث عن براءة أخاه جعلتها تنتفض رعبًا منه وكأنها تقف أمام وترى شخص أخر غير زوجها اللطيف، تنحنحت بحرج منه وهمست بلطف قائلة:-
-أنا كنت عايزة أقولك أنى هروح أزور هالة وأطمن عليها
أومأ إليه بنعم بلا مبالاة وهو لا يهتم لشيء الآن سوى كارثة أخاه التى حلت به، لتخرج من المكتب مُسرعة هاربة منه وهو عقله مشوش لا يُصدق ما يراه أو يسمعه حتى أنه لم ينتبه أبدًا أنه سمح لها بالخروج وحدها بعد تهديد "قدر" له، وقفت "فلك" أمام المصعد وهى تحاول الاتصال بهاتف "هالة" لكن لا جدوى من المحاولة فالهاتف مُغلق تمامًا، وصل المصعد للطابق أمامها لتفتح الباب وتدخل ثم ضغطت على زر الصفر وأغلق الباب، جاء رجل يرتدي زى الصيانة ووضع لاصقًا على الباب من الخارج يحمل كلمات قليلة محتواها (تحت الصيانة)، نظر حولها بخبث شديد ثم أتصل على صديق له يقف بغرفة التحكم ليوقف المصعد
توقف المصعد فجأة لتنظر "فلك" لهلع شديد وهى لديها فوبيا من الأماكن المُغلقة فبدأت تضغط على الأزرار بهلع دون تفكير بشيء فبدأت أنفاسها تنقطع وترتجف ذرعًا وتصرخ بأسمه قائلة:-
-يونس ... يونــــس حد يخرجنى من هنا
أرتطمت بالمصعد باكيًا وهى تضع يديها على عنقها من أنفاسها المُتقطعة وضربات قلبها المُنخفضة، بدأت تشعر بدوران فى رأسها ورؤيتها المشوشة والأضاءة تحجب عينيها لتلفظه أسمه بصعوبة بالغة:-
-يـ ..ـو نــ ــس
سقطت أرضًا وهى تحاول فتح دبوس حجابها لكي تلتقط أنفاسها ربما تساعدها لكنها لم تقوى على الحركة فتمتمة وهى تغمض عينيها:-
-يـ ـو نـ ـس
أغمضت عينيها فاقدة للوعى مُستسلمًا لأنفاسها المُتقطعة الضعيفة، خرج الموظف من المكتب مع زميلته فوجدوا رسالة تحت الصيانة على المصعد فقالت الفتاة بضيق شديد:-
-لا يا عم روح هات الفطار أنت أنا مش هنزل من السابع
ذهب الشاب لتعود الفتاة إلى الداخل وأخبرت أصدقائها عن صيانة المصعد...
بدأ الرجل المُقنع فى محاولة فك أسلاك المصعد حتى يسقط بـ "فلك" وينفذ مهمته التى طلبتها "قدر" وهى موت هذه الفتاة، وصديقه يراقب المكان له
خرج "يونس" من مكتبه وأتجاه إلى الكافتيريا ليسمع الجميع يتحدث عن صيانة المصعد فأتسعت عينيه بدهشة فهو لم يطلب أى صيانة من الشركة، عاد إلى مكتبه بعد أن صنع قهوته وشعر بوخزة فى قلبه تؤلمه ليضع كوب القهوة على المكتب وهو يخرج الهاتف من جيبه وأتصل بهاتف "فلك" وكان غير مُتاحًا مما جعله يرتجف خوفًا، مما جعله يشعر بالقلق عليه أكثر، أتصل بمكتب الأمان ليسأل عن صيانة المصعد ومتى ستنتهى ليُصدم عندما أخبره رجل الأمن بأن رجال الصيانة جاءوا برغبة منه بعد أن أتصل هو بهما، بدأ "يونس" يربط الخيوط معًا ليفزع خوفًا عليها وهرع إلى الخارج مُسرعًا وحاول فتح باب المصعد بصعوبة ليراه بالطابق الخامس، ركض للأسفل خوفًا وفتح باب المصعد بالقوة فى الطابق الخامس وكان جزءًا كبيرًا من المصعد لم يصل للباب فتسلل هو من هذا الجزء الصغير بعد أن رأها على الأرض فاقدة للوعي، حمل رأسها بين ذراعيه باكيًا بخوف شديد مُتمتمًا باسمها:-
-فلك
كانت باردة كقطعة من الثلج بين ذراعيه، أخذ يدها المُلقية على الأرض بين راحة يده الدافئة وقلبه يلومه على أهماله بها رغم معرفته بالخطر المُحاط بها من زوجته الأولي
رأى الشاب رجال الأمن قادمون إليهم ففر هاربًا مع صديقه قبل أن يُسقط المصعد بهما، حملها "يونس" على ذراعيه وعاد بها إلي مكتبه وحاول إيقاظها وبعد محاولات عدة والكثير من الخوف التى لجمه من أن يكن أصابها شيء، فتحت عينيها بصعوبة بالغة وهى تلفظ أنفاسها بأرتياح فتبسم "يونس" فور رؤيتها هكذا ليقول:-
-وأخيرًا
تنفست بلطف وهى ترمقه بعينيها لتقول بأرتجاف:-
-يونس
ضمها إليه بقوة حتى وأن كانت ستلعنه بعد فعلته لكنه سيتحمل لعنها وسبها إليه مُقابل هذا العنق، لم يكن بحاجة لشيء فى هذه اللحظة سوى عنقها وبقدر حاجته لضمها بين ذراعيه يشعر بأنفاسها وضربات قلبها المُنتظمة،تنفست بهدوء وأرتياح شديد مع شعورها بهذا القدر من الأمان والطمأنينة التى تشعر بها معه، كانت هى بمثابة السمكة التى عادت للمحيط للتو بعد خروجها من الماء، تشم رائحته وعبيره الذي يخطف أنفاسها
كان يعلم بأنها ربما هذه المرة لم تكتفي بسبه بل ستلطمه من لمسه لها دون أذن منها لكنه صُدم تمامًا من رد فعلها عندما شعر بيديها تحيط بظهره وتتشبث به بأناملها الصغيرة تبادله العناق بضعف وخوف، رجفة يديها على ظهره حملت له رسالة من كلمة واحدة ( الخوف) على وشك قتلها، لا ترغب فى مواجهة الموت مرة أخرى ألا يكفي أنها على حافته تقف بقلبها المريضة لتواجهه الآن مرات عدة، ربت على ظهرها بلطف شديد وهو يقول:-
-أنا جنبك يا فلك، أطمني
تنهدت بأرتياح ليضرب أنفاسها صدره وتسلل من بين أزراره إلى صدره ليشعر بدفئها، تبسم بعفوية وهو يبتعد عنها بهدوء لينظر إلى عينيها رغم يديها التى ما زالت تطوقها بقوة وقال:-
-متخافيش
تتطلعت بعينيه بقلق شديد قرأه فى نظرتها الخافتة ثم رفعت يدها اليمنى إلى وجنته تلمس لحيته السوداء وهى ترمق عينيه الرمادية كحياته الرمادية الخالية من جميع الألوان فقالت بهمس خافت:-
-أنا مش خايفة من الموت، أنا خايفة أسيبك لوحدك ورايا
كلماتها القليل خطفت قلبه من صدرته ليشعر بأن ما يحمله بداخله لم يكن قلبًا له بل قلبًا مُحملًا بالكثير لأجلها، لأول مرة يقين بأن قلبه لا يريد سوى "فلك" واللفظ بأسمها بين ضرباته أخف من حمل فراشة فى الهواء، لم يجد جوابًا مثيلًا لكلماتها يرضي كبريائها و أنوثتها كأنثي وكرامتها كزوجة إليه سوى قبلته التى وضعها على جبينها بعد أن ألتصقت شفتيه بجبينها بقوة ولم يستطيع أبعادهما عنها لكنه فى نهاية المطاف أبتعد عنها ليرمقها بعينيه الدافئة المُحملة بالكثير من المشاعر وتفضحه أمامها بما يحاول جاهدًا إخفائه عنها وتفيض بما لا يبوح به لسانه لكن قلبه باح به بكل يقين وثقة كالفيضان الذي ضرب جفنيه ولم يكن كافيًا لحمله، أقتربت لتضع رأسها على كتفه مرة أخرى تستكين على صدره بأرتياح وأمان، سألها "يونس" بهدوء:-
-أنتِ بتحبينى يا فلك؟......
يتبــــــــــــــع .................
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هناااااا
تعليقات
إرسال تعليق