رواية فراشة في سك العقرب الجزء الثاني (حب أعمى)الفصل الخامس عشر 15بقلم ناهد خالد حصريه
رواية فراشة في سك العقرب الجزء الثاني (حب أعمى)الفصل الخامس عشر 15بقلم ناهد خالد حصريه
فراشة في سكّ العقرب
الفصل الخامس عشر الجزء الثاني
ناهد خالد🌿
"حين تجد نفسك في لعبة لا يمكنك الخروج منها، خطط لالعب فيها بذكاء، كي لا تصبح مجرد دمية يحركها منافسيك كيفما أرادوا، يجب أن يكون لك فعل، وموقف، وقدرة على توجيه كافة مسارات اللعبة لِمَ تريده، فالضعيف عادًة يؤكل، ويكون بكل تأكيد الطرف الخاسر في أي لعبة يدخلها، ولكن اللعب دائمًا يجب أن يكون بحذر لا بتهور، أن تحسب قوة أخصامك مقابل قوتك، وأن تكن على دراية جيدة بما يمكنهم فعله وهل تستطيع رده أم ستُهلك أسفله، إلا يتلاعب بك شيطانك أو توسوس لك نفسك بقدرتك على مجابهة من لن تستطيع اللعب معه وليس إعلان الانتصار! فمن يلقي نفسه في النار وينتظر أن يخرج منها سالمًا دون أن تحرقه، بالطبع... أحمق كبير"
_ مش شايفة ان كلامك غريب؟ يعني في أب يسمح إن بنته الوحيدة تتجوز شخص لا شافه ولا يعرف عنه حاجه؟ لا وكمان تتجوزي وهو مش موجود!
هذا ما خرج منه بعد صمت دام لدقائق بعدما انهت حديثها، ابتسمت وهي تقول بثقة:
_ ده لما يكون علاقتي بيه كويسه.
_بمعنى؟
قالها بنبرة هادئة وملامح منتظرة اجابتها، ولكن نظراته محللة، مفسرة، راصدة لكل ما يصدر عنها من ايماءة او نظرة او ارتباك!
_انا وبابي علاقتنا بايظة من زمان، من قبل وفاة مامي كمان، هو طول الوقت مشغول بالبزنيس وتقريبا في وسط مشغولياته نسيني، عارف لدرجة إيه؟ لدرجة إني لما نزلت احل مشكلة الشقة مفكرش ينزل معايا.. بالعكس ده كان عاوزني اسيبها وقالي مش ناقص مشاكل ووجع دماغ.. الفكرة عندي مكانتش في مبلغ الشقة، كان في قيمتها انها حاجه من ريحة أمي..
تنهدت قبل أن تنظر امامها بعيدًا عنه وقالت:
_هو عمومًا مكانش موجود في أي حاجة في حياتي، لما كنت معاه في لندن كنت حاسه اني هناك لوحدي، بشوفه كل كام يوم مره، عشان كده لما نزلت محستش بفرق، ومادام مش عاوز يحضر جوازي يبقى احسن.. مش فارقة معايا.
سألها في هدوء:
_ متكلمتيش معاه ليه؟ يمكن مش حاسس بتصرفاته.
هزت رأسها تقول:
_انا مقتنعة إن كل شخص عارف هو بيعمل إيه كويس اوي، اكيد عارف انه مش معايا ومش مديني أي اهتمام، مش محتاج انبهه، ومع ذلك.. اتكلمت مرة واحدة وكان رده "انتِ عارفه شغلي محتاج تركيز ومجهود عشان كل اللي عملته ميضعش وده غصب عني بيشغلني عنك" تفتكر محتاجه انبهه تاني!؟؟
دقة مختلفة دقت بقلبها حين وجدته ينحني قليلاً على مكتبه ساندًا على كوعيهِ وهو يقول بجدية:
_لو شايفة ان كتب كتابنا او حتى جوازنا بدون وجوده هيشفي غليلك ناحيته وهيحسسك إنك كده بترديله الاحساس اللي دايمًا بيخليكي تحسيه في إنك مش مهمه عنده، فخلينا نحدد كتب الكتاب والفرح.
نظرت له ودمعت عيناها بتأثر وهي تجده يحاول فعل ما يمكن فعله لترتاح وتصبح سعيدة!
_اقولك الحقيقة؟
هزه من رأسه اعطتها إذن القول، فقالت بكذبة جديدة تضاف لقائمة كذباتها:
_انا مقلتلوش اننا هنكتب الكتاب.. انا مكلمتوش من يوم ما كلمته معاك، انا بس فكرت ولاقيت انه ميستحقش يكون موجود في فرحي ويحضر مناسبه تخصني وانا كلي مش مهمة عنده، حسيت اني كده بشفي غليلي زي ما بتقول.. هسرق منه حقه فيا زي ما سرق حقي فيه من سنين.
رجع بظهره للوراء وقد رُسمت ملامح ماكرة، مبهمة، فوق وجهه وقال بما صدمها:
_مانا عارف.
رفعت حاجبيها بصدمة تسأله بعدم فهم:
_عارف إيه؟
نهض يتناول لفافة تبغ يشعلها ببرود وهو يلتف حول المكتب حتى أصبح أمامها يضع إحدى كفيهِ في جيب بنطاله القماشي والكف الآخر يتناول بهِ اللفافة، أخرج دخانها من فمه ثم قال:
_عارفه لو مكنتيش قولتي إنك مكلمتيهوش وإن ده رغبه منك تتجوزي من غير وجوده، كنت هحطك في دايرة الشك، ومكنتيش هتخرجي منها بسهولة.
ابتلعت ريقها بتوتر بالغ لم يظهر عليها، وسألته في ثبات:
_ليه؟ إيه اللي يخليك تشك لو فعلا هو كلمني وقالي كده؟
رفع إصبعه الممسك بال"سيجار" وقال:
_اولاً، انتِ ممعكيش تليفون عشان تكلميه، ويوم ما كلمتيه كان من تليفوني انا، وانا واثق ان محدش من الخدم اداكي تليفونه، عشان انا عارف كويس كل حركة بتحصل هنا، وعارف إن محدش دخل اوضتك الكام يوم اللي فاتوا خالص ولا اتكلمتي مع حد من الخدم.. غير بس امبارح الخدامة اللي اسمها مستكة طلعت تنضف اوضتك قعدت نص ساعة ونزلت، وكانت طالعه من غير تليفونها.. ثانيًا، مفيش اب يقول لبنته اتجوزي من غير وجودي، حتى لو مش مهتم ليكي بس هو اكيد بعد ما قولتله اسمي سأل وعرف انا مين كويس، فمش هيحب ابدًا شكله يطلع قدامي كده بعد ما يرفض ييجي يحضر فرح بنته، واكيد اكتر هيكون حابب ينزل عشان يتعرف عليا ويوطد العلاقة بينا.. وزي ما بتقولي هو البيزنس عنده مهم، فطبعًا هيهتم بحد كبير في مجال البيزنس زيي ومش هيضيع الفرصة دي من ايده.. ولو مكنتيش قولتلي دلوقتي ان علاقتك بيه منقطعة، مكنتش محيت النقطة اللي حوليها علامة استفهام خلتني اشك فيكي الفترة اللي فاتت.. اصل انتِ بقالك هنا تقريبًا شهر، طول الشهر تليفونك مش معاكي، مبتتواصليش مع ابوكي، وده مش طبيعي، الطبيعي تقوليلي بابا هيقلق عليا! انا عاوزه اكلمه، أي حاجه من النوع ده.. لكن علاقتك بيه اللي وضحتيها دلوقتي فسرت النقطة دي.
_انتَ عرفت منين حكاية إن مستكة طلعت وقعدت معايا نص ساعة ومكانتش واخده فونها؟
ابتسم بثقة يقول:
_يعني عموما مفيش حاجه بتحصل ومعرفهاش ما بالك لو جوه بيتي، مقولتليش، إيه علاقتك بالبت دي؟
اجابت بتحفظ:
_ حسيتها طيبة، غير باقي الخدم اللي هنا، حسيتها ملهاش في سكة شدوى ومش ممكن تجندها ضدي أو تأذيني بيها، وكنت محتاجة حد اتكلم معاه هنا لاحسن هطق من وحدتي خصوصًا إني ممعيش فون.. بالمناسبة مش ناوي تجبلي فوني من شقتي.. او أي فون تاني ولا هفضل في الحظر ده؟
_لأ..
قالها وهو يتحرك ليجلس على الكرسي المقابل لها مريحًا ظهره عليهِ في جلسته المعتادة:
_خدي بالك انتِ تحت عيني، وكان في نقط واخدها عليكي بس انتِ ظبطيها، لكن ده مش معناه ابدًا إن ليكي الأمان، لكن ممكن بعد كتب الكتاب نفك الدنيا شوية.. بس بحدود وبردو هتفضل عيني عليكي.
نظرت له لثواني تطالعه بتفحص عميق
"ليس سهلاً... ابدًا"
فلم تكن تعلم أنه يضع في عقله كل هذه النقاط، والتي وضعتها في دائرة الشك لديهِ، فكل ما قالته الآن واخرجها من تلك الدائرة هو بمحض الصدفة، ليس ذكاءًا منها أو تنبؤ بما يفكر فيه، ولكن هل سيسير معها الأمر دومًا هكذا؟ أم ستقع في شر أعمالها ذات مرة؟
أخرجها من شرودها يسألها:
_قوليلي بقى حابة كتب الكتاب امتى؟
وهل سترغب في عقد القرآن حقًا بعد كل ما قاله؟ صمتت تفكر، وعقلها يتنازع بين شخصيتين إحداهما قلقة، تنصح بالهرب قبل فوات الأوان، والأخرى مصرة على استكمال ما انتوته، وبعد صراع دام لدقائق وهو يتابعها بصمت تام، يترك لها حرية التفكير وأخذ القرار، يعلم جيدًا أن حديثه أقلقها ولكن لابد منه كي لا تظن أنه بزواجهما سيعطيها الثقة المطلقة، فهو لا يفعل ولن يفعل حتى ولو أصبح لديهما ثلاثة أطفال، فالثقة المطلقة أو الكاملة لا تعرف طريقًا لقاموسه.
وانتهى الصراع القائم داخلها بانتصار الشخصية المُصرة، فقالت:
_زي ما تحب، مش فارق معايا.
رد بهدوء:
_مش في ترتيبات، فستان.. ميك اب، حفلة، حاجات عاوزه تشتريها..
تنهدت وقالت:
_كل دي حاجات أمرها سهل.
_وشك اتغير وطريقتك كمان! ليه؟
سألها مباشرًة بسؤال لم تتوقعه ككل فعل منه، لكنها اعربت عن ضيقها:
_كلامك حسسني إني طول الوقت هكون تحت الملاحظة، والاكيد إن محدش بيرتاح في الوضع ده، كلامك قلقني أنا كنت فاكره ان بجوازنا هنعيش حياة طبيعية مش كلها اختبارات ومراقبة وقلق، بس عارف.. رجعت قولت ان مفيش حاجه في الموضوع ده كله طبيعي فليه منتظرة يكمل طبيعي!
_ليه وافقتي على الجواز؟ طب انا ليا أسبابي، إيه أسبابك؟
هزت رأسها تقول:
_الصراحة، ولا احور؟
أمال رأسه بإجابة واضحة، فتنهدت وقالت:
_هو انتَ كنت هتسبني في حالي لو موافقتش؟ طب مازن كان هيسبني في حالي لو طلعت من هنا من غير ما افيده؟
لم يجيبها فتولت الاجابة عنه:
_انتَ اصلاً اعلنت خطوبتنا من غير ما تاخد رأيي، وقررت ان خطوبتنا هتكون حقيقي وهتتحول لجواز بردو من قبل ما تاخد رأيي، واخوك.. انتَ عارف قالي إيه يوم الحفلة؟
لم يجيبها فقط حثها بنظراته لتزفر بضيق وهي تقول:
_على فكرة انتَ ممل جدًا في الحوار، يعني المفروض ترد عليا عشان احس إنك سامعني حتى!
قلب عينيهِ بملل وقال:
_وانا مبحبش شغل التشويق ده، قولي اللي عندك ورا بعضه، وانا سامعك لو مش سامعك كنت قومت وسيبتك مش هقعد اتملى في جمالك.
اتسعت عيناها بصدمة لجملته، وقالت ببرود يداري خلفه غضبًا وضيقًا:
_عارفه إنك مش هتقعد تتأمل جمالي، مانا لا عيني خضرا ولا شعري أصفر ولا بنور من البياض.
وبهدوء عقب بجملة غير مفهومة:
_بالعكس.. انتِ لو فيكِ أي صفة من دول مكنتش هقعد ادامك وابصلك اصلاً، نفسي جزعت من البيض اللي عنيهم خضر.. بقيت بشوفهم دمهم تقيل وجمالهم ده مجرد شكل وجوه سواد.
هدأ غضبها وقالت بما فهمته من حديثه:
_ااه، اللي هو داق الحلو فنفسه جزعت فحب يحدق، كده وضحت.. اصل شدوى قالتها اول ما جيت هنا، قالتلي انتِ مش زوقه، وانا وقتها كنت عارفه إني مش كده بس مكانش في أي حاجه اظهرتها ليا فكان كلامها ملوش معنى عندي، لكن لما جت فكرة الخطوبة كانت عندي علامة استفهام كبيرة دلوقتي شيلتها بكلامك.
أطفأ لفافته التي انتهت أخيرًا، ونفخ دخانها من فمه قبل أن ينظر لها بنظرة صارمة، حادة، اربكتها، وقال بهدوء وبطئ كأنه يريد أن يصل كل حرف لعقلها وتستوعبه:
_بما إنك هتكون مراتي مستقبلاً، فلازم تعرفي إني اكتر حاجه بكرهها الإنسان اللي يقلل من قيمة نفسه أو شكله، واللي مبيكونش عنده ثقة فيها، وعاوز افهمك كمان ان اللي قولتيه حاليًا لو اتعاد تاني هتحصل مشكلة كبيرة انتِ مش قدها وهتزعلي مني، عشان تكوني مرات شاهين المنشاوي، لازم ثقتك في نفسك تكون مخلياكي شايفة نفسك ملكة جمال الكون، وواثقة إنك شخصية قوية، ناجحة، ومفيش حد زيك، وتستاهلي احسن من اللي انتِ فيه بمراحل مهما كان اللي انتِ فيه كويس، مش عاوز اسمع كلامك ده تاني.
ابتسمت تلقائيًا وهي تستمع لحديثه، وبعدما انتهى منه وجدت نفسها تتنهد بسلام داخلي كبير، لقد اعطاها الثقة التي تفقدها، دومًا كانت ثقتها بنفسها ظاهرية، لكن داخليًا تعلم أنها بها الكثير والكثير من العيوب ولا تجد في نفسها ميزة واحدة، من الداخل كانت محطمة ولا تعرف لها الثقة طريقًا، لكنه الآن دفع فيها قوة خفية، وطاقة ثقة لم تشعر بها من قبل.
_مازن قالك إيه يوم الحفلة؟
اخرجها من شرودها بهِ وابتسامتها البلهاء له، لتفيق وهو يعيدها للموضوع الرئيسي، فقالت:
_قالي انه بيحبني..
استطاعت أن ترى الغضب يزحف لمقلتيهِ، والشرارات التي سكنت عيناه في لحظة اخبرتها بأن ما ستقوله لن يروق له ابدًا.
_قالي ان بعد اعلانك خطوبتنا بقى خطر افضل معاك، وانه في أقرب وقت هيهربني، عشان بيحبني.
كررت جملتها الأخيرة وكأنها راق لها أن تراه غاضبًا مشتعلاً من أجل شيء يتعلق بها.
سألها بصوت جامد:
_وليه مهربكيش؟
ابتسمت ساخرة:
_ده اللي خلاني اشوفك احسن منه، مهربنيش عشان لما فكر فيها شاف ان بهروبي هيخسر، فقرر يسبني، في نفس الوقت وبعد ما قالي ههربك، بعدها بثواني رجع في كلامه، قولتله افرض الموضوع بقى جد وفاجأني بجواز قالي حتى لو هيدخل السجن وهترفعي عليه قضية خلع وهخليكي تكسبيها، تخيل! يعني في حد بيحب واحده يسمح انها تتجوز غيره على أمل انه هيتسجن وتتطلق؟! وقتها عرفت ان مازن شخص مش طبيعي، يا إما بيلعب بيا، يا إما هو فعلاً مجنون اهم حاجه عنده يأذيك حتى لو على حساب أي حد.
ابتسامة صغيرة ظهرت على ثغره وهو يقول:
_اول مرة حد يشوف مازن صح.. اول مرة حد يكشف لعبته قبل ما يقع فيها.
لم تعقب على حديثه واكملت:
_وقتها قارنت بينك وبينه، وفي نفس الموقف، انتَ قولتلي هطلعك بره الموضوع معنديش حريم تدخل في خطط، الحقيقة حاجات كتير لما قارنت فيها بينك وبينه قولت لنفسي حتى لو شغلك غلط بس شخصيتك احسن منه، كمان تعاملك مع نورهان طمني، طمني إن رغم اللي شوفته منك اول ما جيت هنا ومتأكده إن ليك جانب اسود بردو، لكن على الأقل باعده عن اهلك وبتتعامل معاهم كويس.. انتَ حسبتها بالعقل.. عاوز تستقر وتكون أسرة وشوفتني شخص مناسب، انا كمان حسبتها بالعقل لو هختار بينكوا فانتَ احسن الاسوء! بما إني كده كده مش هعرف اخرج سليمة من الدايرة اللي دخلت نفسي فيها، يبقى اخد صف الطرف الأقوى.
هي لا تعرف هل حديثها حسن الموقف وأوضحه أم اذمه، لكنها قالت ما قالته بكل صدق، وبكل عقلها فهي حين تفكر بالأمر تصل لكل هذه النتائج، حاولت أن تفهم من تعبير وجهه هل أصابت القول أم لا، ولكنها كالعادة لم تفهم شيء، فقط قال:
-كتب الكتاب بعد بكره، يناسبك؟
بُهتت من اقتراب الموعد بهذا الشكل، لكنها حدثت نفسها، لقد قبلتِ وخططتي أن تسيري في هذا الطريق، اليوم أو الغد أو بعد عام النهاية واحدة، وانتِ من وضعتيها.
ابتسمت بتوتر وهزت رأسها موافقة.
_كويس، اكتبي كل اللي ممكن تحتاجيه في ورقة وصفاء هتاخدها منك، تجبلك الحاجات اللي مش محتاجه اختيار منك، اما الباقي زي الفستان ولوازمه صفاء بردو هتديكي تليفون تختاري كل اللي تحتاجيه من على الويب سايتس، وهيجيلك لحد عندك.. بس هتختاري وهي موجوده، لأن التليفون مش هيكون معاكي وانتِ لوحدك.
استنكرت وهي تقول:
_وشكلي إيه قدام صفاء وانا واخده فونها لأ وقاعده فوق راسي لحد ما اختار!
هز رأسه بلا معنى وقال:
_خلاص ابقي خدي تليفوني بس لما ارجع من الشركة.
_حبة ثقة!
قالتها بغيظ وهي تشير بإصبعيها علامة على قلة حجم الثقة التي تريدها، ليبتسم ابتسامة باردة وهو يقف وقال:
_اثبتيلي إنك محل ثقة.
********
اليوم التالي...
التاسعة صباحًا...
نظرت له باستغراب منذ قام والده ووالدها وهو يضحك في خفوت لم تفهم معنى ضحكته فسألته بتعجب:
_بتضحك على إيه؟
_بصراحة اول مرة اشوف عريس بيتقدم لعروسة الساعة ٩ الصبح!
ضحكت هي الأخرى بعد جملته، وقالت من بين ضحكتها:
_معاك حق..
تنهدت واكملت مبتسمة:
_بس هعمل إيه خدت يومين غياب من الشغل ومش هينفع اغيب النهارده كمان، وبرجع متأخره، فده انسب وقت قبل ما اروح الشغل.
اومأ برأسه متفهمًا وقال:
_فرحت لما ابوكي كلم ابويا امبارح وقاله نيجي نتقدم النهارده، كنت فاكر إن العريس خطفك مني.
نظرت له بذهول وسألته بعدم استيعاب:
_خطفني منك؟ هو انا امتى كنت ليك اصلاً يا مجد؟
ذمت شفتيها بذهول لم يتركها من أمس واكملت:
_انا بس عاوزه افهم، ليه فجأة اتقدمتلي وبعد ما كنت مبطقش تشوفني بقيت عاوز تتجوزني؟ مش من حقي استغرب وافهم؟
عدل من جلسته ليصبح جالسًا على نهاية الكرسي وقال بهدوء:
_ يعني ليه الناس بتتجوز؟ اعتقد ان كل شخص لازم هيتجوز في يوم.
قطبت ما بين حاجبيها بعدم فهم وقالت بإصرار للوصول لإجابة واضحة:
_ايوه اشمعنا انا؟ ليه لما حبيت تختار واحده تتجوزها اختارتني انا؟ وفيروز خلاص كده يئست من نصيبك معاها؟
تحمحم وهو يجيب بصدق:
_انا هكون صريح معاكي لأن ده جواز مش لعبة، بالنسبة لفيروز فأه انا فهمت اننا ملناش نصيب مع بعض، كفاية انها بقالها ييجي شهر او اكتر بعيدة والله اعلم فين اراضيها ولا بتعمل إيه، ففيروز متنفعيش.. اقتنعت بده خلاص، بالنسبه للجواز فانا فعلا فكرت اني خلاص مدام مليش نصيب فيها فاشوف غيرها.. ولما حصلي موضوع الحادثة وقوفك جنبي وجدعنتك اللي شوفتها منك غيرت وجهة نظري فيكي، وخلتني احس إنك هتكوني البنت المناسبة ليا.
تجمدت ملامحها تردد بذهول:
_جدعنة؟ ومناسبة؟ هو ده سبب إنك اتقدمتلي؟
_ مش قولتلك هقولك الصدق! لو قولت غير كده ابقى كداب.. الأكيد اني مش هحبك من كام يوم شوفت منك مواقف عجبتني.. وبردو مش هضحك عليكي واقولك حبيتك، الجواز لازم يكون بدايته صراحة.. وانا بقولك الصراحة اهو.. ولما عرفت ان في عريس متقدملك قولت الحق اتقدملك قبل ما توافقي على التاني واكون خسرتك، حسيت اني لو خسرتك هعيش عمري كله ندمان، انا وضحتلك موقفي، ليكي حق تقبلي او ترفضي.. لكن اللي عاوزك تفهميه ان مش كل اللي بيتجوزوا بيحبوا بعض في الاول اوقات كتير الحب بييجي بعد الجواز، واوقات في فترة الخطوبة، اعتبري جوازنا صالونات هنتعرف على بعض من أول وجديد.
ابتسمت بحزن وهتفت بمرارة:
_بس مبيكنش قلبهم مشغول، هيكون الوضع ايه لو بعد الجواز لاقيتك بتفكر لسه في فيروز؟ او لو رجعت وحسيتك رجعت تحط أمل فيها؟
هز رأسه نافيًا بإصرار غريب لم تفهمه:
_حكايتي مع فيروز انتهت، واقدر اضمنلك واوعدك إن عمري ما هفكر فيها تاني كزوجة، ولو رجعت بكره مش هيفرق معايا في حاجة، اما حكاية قلبي... انا واثق ان حبك هيقدر عليه، حبك ليا اللي من غير أي شروط ولا مقابل، هيكسب قلبي انا واثق.
ابتسمت ابتسامة صغيرة تخفي مرارتها:
_يعني لما كنت مبطقش تشوفني كنت بعمل أي حاجه عشان اكون معاك والفت نظرك، فكرك بعد ما بقيت عاوزني معاك مهما كان الوضع هرفض؟؟
ابتسم لها ابتسامة صغيرة صادقة يقول:
_ خلينا نحارب سوا.. حاربي عشان حبك ليا، وانا هحارب عشان اكون ليكي، وصدقيني لو في يوم حسيت اني بظلمك انا من نفسي هبعد.
وابتسامتها الجميلة والتي لاحظ للتو جمالها زينت ثغرها، وتخضبت وجنتيها خجلاً، ليفهم ردها ويبتسم هو الاخر بفرحة يتخللها شعور من الندم فهو لم يقل لها الحقيقة كاملة....
عودة بالأحداث~~~~~
_ تتجوزها؟ غريبة عمرك ما لمحت إنك عاوزها رغم إني غلبت الفت نظرك ليها؟
قالها "شاكر" بتعجب لرغبة ولده المفاجئة، فأجابه "مجد" بشرود:
_من وقت ما قولتلي على العريس اللي متقدملها وانا محتار وبفكر، وفي الآخر وصلت للحل اللي حسيت اني مرتاحله.
_والسبب؟ ليه فكرت فيها دلوقتي؟
تهرب بعينيه من والده وهو يجيب:
_وقوفها جنبي في المستشفى وبعد طلوعي منها خلاني اشوفها بشكل تاني، شوفتها بت جدعة وطيبة وبنت أصول، وبتحبني.
_وإيه تاني؟ مهي دي مش اسباب مقنعة عشان تتجوز واحده مكانتش طايقها.
سند رأسه بكفه وقد اسند ذراعه السليم على ركبته وقال دون النظر لوالده:
_هي الوحيدة اللي هتقبل بظروفي ومش هتشوفني عاجز ولا ناقص، هي الوحيدة اللي هتتحمل ظروفي بالعكس ما هتصدق إني اتقدملها، حكايتي مع فيروز انتهت بالضبه والمفتاح.. دي مكانتش موافقة عليا وانا سليم، هتوافق وانا عاجز!
_فمبقاش قدامك غير مستكة!
رددها والده ساخرًا ومستنكرًا، ليكمل:
_بس كده هتظلم بنت كل ذنبها إنها حبتك يا مجد.
رفع رأسه يبرر:
_مش هكدب عليها، هقولها الحقيقة، هقولها اني محبتهاش بس شوفتها مناسبة.
_وهتقولها فكرت فيكي عشان انتِ الوحيدة اللي هتقلبي بوضعي؟
_لأ، مينفعش اقول كده، ومفيش داعي اصلاً.
_لأ فيه.
صرخ بها "شاكر" واكمل رافضًا ما يفكر بهِ:
_لازم تكون صريح معاها، ده جواز مش لعبة، ولو مقبلتش تكون في الوضع ده وانتَ شايف انها الوحيدة اللي هتقبل بيك، لو كرامتها مقبلتش ده يبقى حقها ومتكونش خدعتها وظلمتها.
_انا مش ناوي اظلمها، انا هعاملها بما يرضي الله، وهحاول احبها.
_بس نيتك من البداية مش كويسة، زي اللي راح يجيب من السوق بطيخ ولما ملقاش جاب شمام،
انتَ حاططها في نفس الحتة دي، وبتتعامل معاها على إنها آخر حبة خضار مع البياع فهتاخدهم وخلاص عشان مش هتلاقي غيرهم، رغم انهم مش عاجبينك، بس اهو يمشي الغرض.
نهض بضيق وهو يقول:
_كفاية بقى، متحسسنيش إني ناوي اعذبها معايا! وإن كان على دراعي هجيب الطرف الصناعي اللي قولتلي عليه عشان متحسش إني ناقص حاجه، وهرجع اشتغل وحياتي هتكمل عادي، وإن كان عليها هحاول احبها.. ولو معرفتش مش هظلمها.
الآن ~~~~~~~
نظر لفرحتها الواضحة ليشعر بضميره يجلده، وينصب له محكمة هو الوحيد المذنب فيها، ويسأله:
فيما أخطئت الفتاة لتلاقي منه ما لاقت سابقًا من حدة في الحديث وكلمات قاسية ونظرات نافرة كان يرميها بها؟
فيما أخطئت ليستغل حبها ويربطها بهِ وبعجزه وهو موقن من انها لن ترفض؟
فيما أخطئت ليخدعها في زواجه منها ويخفي السبب الحقيقي؟
فيما أخطئت ليكن جزاء حبها خداعًا وأنانية؟
ولكنه أخرس ضميره، وكل الأصوات التي تصرخ بداخله وقرر أن يكمل في قراره.
*******
في فيلا شاهين...
على طاولة الإفطار..
قطع شاهين الصمت يقول:
_نورهان، كتب كتابي أنا وفيروز بكره.
شهقت "نورهان" بصدمة ولكنها سرعان ما هللت فرحة:
_الله بجد! بس فجأة كده؟ ولا كنتوا مقررين ومقولتوليش!
اجابتها "فيروز" مبررة بعدما تركت الطعام وقد بدأ الخجل يزحف لوجهها:
_لا والله لسه مقررين امبارح، انتِ عارفه اخوكي كل قراراته بتيجي فجأة.
_فرحت اوي والله، ربنا يتممها بخير يارب، ناوي تعمل حفلة طبعًا يا شاهين؟
أجاب وهو يتناول كوب قهوته:
_مش حفلة بمعنى حفلة، هي هتكون عائلية، كلمت جدي وجايين النهاردة بليل، وطبعًا عزمت عمك وابنه معرفش هييجوا ولا لأ، واحنا كده.. مش حابب يكون الموضوع فيه صحافة ولا ناس كتير، خلي ده للفرح.
ورغم أنه لم يأخذ رأيها في الأمر لكنها حبذت ما قاله، فهي لا تحب الحفلات ابدًا، ولا تفضل اقامتها في مناسبة تخصها.
قالت "نورهان" :
_طب إيه يا فيروز هتعملي إيه في الفستان؟
اجاب "شاهين" نيابةً عنها:
_هتطلبه من على ويب سايت.
عقبت "نورهان" مستغربة:
_وليه؟ انا ممكن انزل معاها نروح الاتيليهات المشهورة وتختار منهم!
رد بهدوء:
_بلاش لف و فرهدة، بعدين هي كذا مره لبست من الويب سايتس واعتقد عجبها، وكده كده بيكون هو هو اللي في الاتيليهات، انا قدامي ساعة قبل الشغل، ممكن نقعد تختاري فيها.
صمتت لثواني قبل أن تبتسم وهي تقول:
_الحفلتين اللي فاتوا انتَ اللي اختارت فساتيني، وبصراحة زوقك عجبني جدًا، فهسيبلك المهمة دي.
_يا سيدي يا سيدي.
قالتها "نورهان" وهي تصفق بمرح، لتبتسم "فيروز" وهي تنظر لها بخجل بالغ، فأكملت الأخرى:
_لأ انا شكلي كده هعاصر قصة لكابل لذيذ، هيفقعولي مرارتي بس هيبسطوني.
_هيبسطوكي! احنا في المسرح القومي؟ خلصي اكل واختاري فستانك عشان يلحق يوصل ويتظبط.
قالها "شاهين" ونهض بعدما انهى قهوته، وكالعادة لم يأكل من الفطار شيئًا سوى قطعة خيار رصدتها عينا "فيروز" المهتمة.
_طب ما تختارلي مع خطيبتك.
ابتسم بسماجة وقال ببرود:
_للأسف معرفش استايلك ولا زوقك.
وذهب تحت صدمتها وفاهها الفاغر، لتنظر ل "فيروز" بغيظ حين تعالت ضحكات الأخرى في مرح.
*****
عصرًا....
نظرت ل "مستكة" التي ستجن أمامها وهي تقول بغضب بالغ وتضرب ركبتيها بكفيها بهلع:
_يالهوي... يالهوي على السواد اللي هنشوفه، بردو عملتي اللي في راسك! انتِ بترمي نفسك في النار وهتولع بينا كلنا.
نظرت لها الأخرى بهدوء تام واجابت:
_شاهين هو الوحيد اللي يقدر يحميني في اللعبة دي، هو يقدر على مازن لكن مازن ميقدرش عليه.
_ولو شاهين عرف حقيقتك هيطربقها فوق دماغك ومحدش هيقدر عليه بردو.
نظرت لها بنظرات خائفة لكنها قالت:
_لأ... لأ مش هيعرف.
استنكرت "مستكة" تقول:
_ليه؟ لو مازن عرف إنك بتغدري بيه وهتتجوزي شاهين بجد، هيروح يقوله على حقيقتك ومش هيتردد لحظة.
زفرت باختناق وهي تنهض تطوف ارجاء الغرفة بقلق، وقالت:
_مش هيعمل كده، عشان انا مش هعرف مازن اني قلبت عليه.. انا هفهمه إني لسه معاه، هو قالي اتجوزيه لو حكمت عشان نكمل خطتنا، واهو هتجوزه.
جحطت عيني "مستكة" وهي تنهض وتمسكها من ذراعها بقوة:
_هتلعبي على الاتنين؟ هتخدعي الاتنين وفاكرة إنك هتخرجي من بينهم حية!
_شاهين هيأمنلي مستقبلي، وهيحميني من اللي مازن ممكن يعملوا فيا لو غدرت بيه، انتِ شايفة انا قاعدة فين...
قالتها وهي تفلت نفسها منها ودارت حول نفسها فاردة ذراعيها:
_شايفة الاوضة اللي بمقام افخم شقة في حتتنا، شايفة لبسي، شايفة ازاي كل حاجه بقت تحت رجلي، شايفة ازاي شاهين بيعاملني وانا لسه مبقتش مراته، هو يمكن وحش في الطريق اللي ماشي فيه، ويمكن اوحش لما بيقلب على حد، لكن طول مانتِ حبيبته تاخدي عينه... هو احسن كتير من مازن، راجل جدع وحنين مع اللي يخصوه، وعاقل مش متهور، وغني، وحلو، و....
قاطعتها مستكة تقول بأسف من تفكيرها:
_وعقرب... ولدغته بالقبر، ولو وقعتي مش هيسمي عليكي حتى لو بقيتي ام عياله زي ما بتخططي.. انتِ قررتي تكسبي في اللعبة بس فكرتي بغباء ونفذتي رغم اني حذرتك وقولتلك بلاش اللي بتفكري فيه.. اتجوزيه، وعيشي واتبسطي واتمتعي، وخلفيله عيال وخليه يحبك... وفي الآخر نهايتك هتكون على إيده.
~~~~~~~~انتهى الفصل ~~~~~~~~
فصل طويل جدا (٣٩٠٠) كلمة ،تعبني خالص وخد مجهود رهيب
ياريت يبقى فيه تقدير في التفاعل
ويوصل ٢٠٠ لايك ده اقل من اللي يستحقه اصلا
وريفيوهات كتير مش ال.٣...٤...اللي بيكتبوا الريفيوهات وخلاص
الباقي يظهر
🌿🌿🌿🌿
الفصل ده فصل ناري... لأحداث جايه بإذن الله قوية جدًا🌹🌱. عرفتوا الشخصية اللي قولت هتكرهوها؟؟؟
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق