رواية فراشة في سك العقرب الجزء الثاني (حب أعمى)الفصل السادس عشر 16بقلم ناهد خالد حصريه
رواية فراشة في سك العقرب الجزء الثاني (حب أعمى)الفصل السادس عشر 16بقلم ناهد خالد حصريه
الفصل السادس عشر من الجزء الثاني
فراشة في سكّ العقرب
ناهد خالد
"
-هتلعبي على الاتنين؟ هتخدعي الاتنين وفاكرة إنك هتخرجي من بينهم حية!
_شاهين هيأمنلي مستقبلي، وهيحميني من اللي مازن ممكن يعملوا فيا لو غدرت بيه، انتِ شايفة انا قاعدة فين...
قالتها وهي تفلت نفسها منها ودارت حول نفسها فاردة ذراعيها:
_شايفة الاوضة اللي بمقام افخم شقة في حتتنا، شايفة لبسي، شايفة ازاي كل حاجه بقت تحت رجلي، شايفة ازاي شاهين بيعاملني وانا لسه مبقتش مراته، هو يمكن وحش في الطريق اللي ماشي فيه، ويمكن اوحش لما بيقلب على حد، لكن طول مانتِ حبيبته تاخدي عينه... هو احسن كتير من مازن، راجل جدع وحنين مع اللي يخصوه، وعاقل مش متهور، وغني، وحلو، و....
قاطعتها مستكة تقول بأسف من تفكيرها:
_وعقرب... ولدغته بالقبر، ولو وقعتي مش هيسمي عليكي حتى لو بقيتي ام عياله زي ما بتخططي.. انتِ قررتي تكسبي في اللعبة بس فكرتي بغباء ونفذتي رغم اني حذرتك وقولتلك بلاش اللي بتفكري فيه.. اتجوزيه، وعيشي واتبسطي واتمتعي، وخلفيله عيال وخليه يحبك... وفي الآخر نهايتك هتكون على إيده.
تجاهلت حديثها رغم انه دب الذعر في قلبها أكثر، لكنها وبعد خمسة أيام كاملة من التفكير المستمر في الأمر لن تتراجع تحت أي ضغطٍ كان، وهذا هو امثل حل قد توصلت إليه، لن يحميها من خطرهما، ولكنه سيحميها من خطر أحدهما، والذي ستحرص على حجب خطره لفترة لا بأس بها قدر استطاعتها.
_يا مستكة افهمي.. انا لما ابقى مرات شاهين حياتي كلها هتتغير، هتنقل نقلة تانيه، وفوق كل ده، شاهين قادر يحميني من أي حد، وإن كان على خطره هو نفسه فأنا عشان كده بسايس مازن وممشيه الدنيا معاه، لحد ما نتجوز انا وشاهين، ووقتها حتى لو شاهين عرف الحقيقة معتقدش يعني هيأذيني لأني هبقى مراته.. إن كانت شدوى اللي حملت بطفل مش ابنه اتجوزها وستر عليها وعاملها كويس رغم ان واحد غيره كان وراها الويل، انا اللي شيفاه منه انه شخصية كويسة ولما حد بيغلط وبيكون من اهل بيته مبيأذهوش.
_وافرضي حملتي!؟
بهتت ملامحها والأخيرة تلقي بالجملة في وجهها، ابتلعت ريقها الذي جف فجأة وكأنه تحول لأرض جافة ومتشققة من ندرة مرور المياة بها، ورفت عيناها بتوتر وارتباك، ولكنها قالت بصوت هادئ رغم كل شيء:
_وارد.. يعني اكيد مادام في جواز وارد يكون في خلفة.. ولو حصل، هتمنى إيه لولادي احسن من كده.
قالتها وهي تشير بذراعيها حولها، لتتسع أعين الجالسة أمامها في صدمة وهي تسألها مستنكرة:
_بردو بتفكري فيها من ناحية الفلوس! وولادك دول هيكون إيه موقفهم لو ابوهم اتحبس، هيكونوا ولاد مجرم؟ وكل ده مش هينفعهم لانهم هيحجزوا على املاكه.
_انتِ ليه بتقفليها في وشي!؟
لوت فمها ساخرة واجابت:
_انتِ عارفه انتِ عاملة زي إيه! زي اللي عاوز ينزل يعوم في بحر مليان موج ونوات، وكل اللي حواليه بيحاولوا يحذروه من ده لكنه قاصد ميسمعهمش، عشان ميغيروش قراره او يخلوه يتردد، ببساطه عشان هو مُصر ينزل البحر، فانتِ عشان كده مش عاوزه تسمعيني، وشايفه كل كلامي تقطيم ليكي، رغم اني بحاول اقولك الموج عالي والبحر غدار وممكن في لحظة يسحبك جواه وتغرقي..
صمتت تنظر بعيدًا وكأنها تعيد حديث "مستكة" في رأسها، لتتنهد الأخيرة وهي تقول:
_ طب قوليلي، هتتجوزيه ازاي؟ وانتِ مغيره اسمك ومزوره بطاقتك!
جحظت عيناها وهي تنظر لها بصدمة مرددة:
_ازاي نسيت؟
سخرت منها تقول:
_ياريت كمان متكونيش ناسية إنك لو اتجوزتيه ببطاقة مزورة تبقى جوازه باطلة ولو قرب منك يبقى زنا لأنه مش حلالك، ولو طلعتي بطاقتك الحقيقية كل حاجه هتتكشف وهيعرف إنك نصبتي عليه وكدبتي.
والكلمة زلزلتها، "زنا" كلمة لها وقع مهيب ومريب، لن تطرق اليها بأي حال كان حتى وإن أودى بها الأمر للموت.
تهاوت جالسة على الأريكة ورائها ونظرت ل "مستكة" بتيهه وهي تسألها وكأنها وقعت في المحيط:
-وهعمل إيه؟ انا... انا مفكرتش في كل ده لما قولتله إني موافقة..
واتسعت عيناها وهي تردد بخضة:
-يا لهوي دي كتب الكتاب بكره! وفي ناس جاية مخصوص تحضره, يعني مش هقدر أتكلم معاه يأجل حاجة.
تشدقت "مستكة" بغيظ:
-يعني تخربي الدنيا وترجعي تقولي هعمل إيه؟
وصمتا الاثنتان لبعض الوقت, كلاً منهما يفكر في حل لهذه المضلعة, الوقت يمر ولا يتوصلا لأي حل, فالأمر في غاية التعقيد بعد أن ادلت الأولى برغبتها في الزواج وتحديد الموعد على وجه السرعة.
تنهدت "مستكة" بقوة قبل أن تقول بحيرة:
-مقفلة, وأي حجة دلوقتي هتقوليها له عشان تأجلي الميعاد هتشككه فيكي ومش هتكون مقنعة.
سألتها "فيروز" بتوجس:
-والحل؟
نظرت لها بقلق وهي تردد بابتسامة سخيفة:
-لو قولتلك الحل الوحيد اللي شيفاه أضمن إنك متخبطنيش بحاجة في وشي.
رفعت "فيروز" حاجبها تقول بتوقع ذكي ونبرة ساخرة:
-هتقوليلي أقوله الحقيقة.
رفعت "مستكة" منكبيها بقلة حيلة وقالت:
-لو عندك حل تاني قولي.
تجهمت ملامحها وهي تجيبها بعصبية:
-انتِ ليه بتنسي مين هو شاهين المنشاوي! ده انتِ بنفسك حكتيلي كام مرة شوفتي ناس بتتعذب هنا بأمره, وسمعتي كام مرة عن بلاوي بيعملها, ليه فاكره إني لما اروح أقوله هاي يا أستاذ شاهين الحقيقة إني لتاني مرة بستغفلك ودي مش انا واسمي متفبرك ومعنديش لا أب في لندن ولا نيلة ولا عندي شقة ولا زفت انا حتة بت ببيع فل في الشوارع ومن مكان متستنضفش تدوس بجزمتك فيه, هيقولي خلاص حصل خير!
ردت "مستكة" بنفس التعصب:
-ولما تتجوزيه ويكتشف إنك نصبتي عليه بعد الجواز هيجبلك هدية! ولا هيقولك خلاص المسامح كريم! ده بالعكس هتبقى أنيل, ولو دلوقتي اداكي قلمين ساعتها هيكسر راسك.
نظرت لها بصمت غريب, لم ترد ولم ترمش بعينيها حتى, وكأنها مازالت تسمعها!
-انتِ بصالي كده ليه؟
رجفت شفتيها للحظات قبل أن تنزل رأسها قليلاً للأسفل وتنفجر في بكاء عنيف..
نهضت "مستكة" على الفور تقترب منها في محاولة مواساتها, وهي تعلم جيدًا أن الضغط يولد الانفجار, وكثرة الضغوطات التي مرت بها خلال الفترة السابقة هو ما ولد انفجارها الآن.
هتفت من بين بكائها بعدما هدأ قليلاً:
-انا تعبت... والله تعبت وبقيت حاسة إن أي حاجه بعملها أو هعملها نهايتها واحدة, أي سكة همشيها نفس النهاية, يا هتسجن على ايد مازن, يا هتقتل على ايد شاهين, اعمل إيه! انا نفسي اغمض عيني وافتحها الاقي كل ده محصلش, وميجيش اليوم اللي مازن شافني فيه, من يومها وانا حياتي اتقلبت وانا مكنتش ناقصة, والله ما كنت ناقصة انا كنت ممشية يومي بالعافية.
قالت "مستكة" معبرة عن رأيها:
-اقولك الصراحة, انتِ بتعكي يا فُلة, من وقت ما دخلتي بيت شاهين وانتِ ماشية ورا كلام مازن زي المعمية, بتنفذي كل اللي كان مخططه لكي, كان لازم من أول يوم دخلتي وشوفتي مين هو شاهين المنشاوي ويقدر يعمل إيه كنتِ اتحاميتي فيه, وحكتيله على كل حاجه وهو حتى لو كان استغلك في لعبته ضد مازن, فعلى الأقل كنتِ هتأمني شره, واحنا عارفين ان سطوة شاهين اكبر بكتير من سطوة مازن اللي بيستغل بدلته, وإن كان مازن عنده بدلته بس فشاهين عنده حاجات تانية كتير, ويوم ما فكرتي صح وقررتي تمشي مع مصلحتك عكيتي اكتر, ودلوقتي عامله زي اللي وقع في بير, بحس إنك مبتفكريش كويسة في الخطوة قبل ما تعمليها!
توقفت عن البكاء وحدقتها بغيظ:
-بفكر على قد دماغي يا مستكة, بفكر لحد ما التفكير بيجبني, ومبيجيش في بالي الحاجات التانية دي, عقلي على قدي يا ستي, حلو كده!
-مش قصدي على فكرة اقلل من تفكيرك, بس بجد انتِ معندكيش بربع جنية تفكير ولا ذكاء.
ضربتها بقبضتها في كتفها وقالت:
-قومي, قومي من جنبي انا مش نقصاكي, انا اصلاً عارفه من زمان إنك مبتحبنيش فمش متفاجئة.
-والله! عمومًا اه مبحبكيش, انا بس متجدعنة معاكي لحد ما تعدي محنتك, وتطلعي من المصيبة دي ده إن طلعتي منها على خير يعني.
-استغفر الله العظيم, يا بنتي انا مش ناقصة متخلنيش أقوم اطلع غلبي فيكي!
أشاحت بكفها بلامبالاة وقالت:
-المهم, هتعملي إيه؟
تجهم وجهها مرة أخرى وهي تردد:
-مش عارفة, بس انا متأكدة لو كتبنا الكتاب وانا بضحك عليه وبعدها عرف حقيقتي وقتها فعلاً مش هيسمي عليا.
-وهيكون معاه حق.
قالتها "مستكة" بصدق, لتنظر لها "فيروز" غاضبة ولكن قبل أن تتحدث سمعت صوت خبطات هادئة فوق الباب, فنظرا لبعضهما ثواني قبل أن تنهض "مستكة" سريعًا تمسك ببعض ثياب "فيروز" المتسخة, واتجهت "فيروز" لفتح الباب لتجد "صفاء" تقف أمامه مبتسمة:
-فيروز هانم شاهين بيه بيبلغ حضرتك تكوني جاهزة على الساعة 10 بليل, بيبلغ حضرتك إنك هتروحي معاه مشوار مهم.
ورغم استغرابها لكنها قالت في هدوء:
-تمام.
وظلت "صفاء" واقفة بعدها لتسألها "فيروز" مستغربة:
-خير يا صفاء! مستنية حاجة؟
نفت برأسها في هدوء وقالت:
-لا, بس كنت عاوزه اسأل حضرتك عن مستكة, هي هنا؟
وفي اللحظة خرجت "مستكة" من خلف "فيروز" تقول:
-فيروز هانم انا خدت الهدوم ورتبتلك الدولاب تؤمريني بحاجة تانية؟
-لا يا مستكة, شكرًا.
-فيروز هانم, في ناس هنا متخصصة للتنضيف غير مستكة, مستكة شغلتها جوه المطبخ, لو عوزتي ترتبي حاجة في اوضتك عرفيني وانا ابعتلك حد من البنات.
ابتسمت لها "فيروز" في سماجة وهي تقول:
-ولو انا مرتاحة إن مستكة هي اللي تعملي حاجتي مش حد من البنات, فيها مشكلة!
تنهدت "صفاء" تنهيدة قصيرة, وهي تقول بابتسامة مجاملة:
-ابدًا يا هانم, كل اللي هنا تحت أمرك, قدامي يا مستكة.
----------
في أحد مقاهي القاهرة الراقية..
جلست أمامه تشتكي من عناء مهامها اليوم وهي تقول بينما تحاول السيطرة على صغيرها:
-إياد تعبني أوي النهاردة, والتطعيم كان تقيل, فضل يعيط بعدها.
نظر للصغير بابتسامة لم تصل لعينيه:
-هو كان حقن؟
-اه تطعيم ال4 شهور بيكون فيه حقنتين, صعب عليا وهو بياخدهم, حبيب قلب ماما ده.
هز رأسه بلا معنى ثم نظر بعيدًا, انتبهت له فلم تمنع نفسها من القول بحرج:
-لو عياطه مضايقك انا ممكن اخده وامشي.
نفى برأسه وهو يقول بابتسامة محرجة من ظهور الضجر عليهِ:
-لأ, متقوليش كده, انا بس دماغي مشغولة بحاجة في الشغل.
-انتَ كنت باعتلي الصبح إنك عاوز تقعد معايا شوية, شوفت الرسالة وانا في المستشفى فقولت اكلمك.
-يعني قولت اشوفك واطمن عليكي بقالنا كذا يوم ما اتكلمناش, مش قولنا صحاب!
ابتسمت له تقول:
-صحاب طبعًا, انا بس كنت مشغولة بأمور إياد وحوار التطعيم وبرتب بردو دنيتي هنا, قولي انتَ اخبارك إيه؟
-تمام, زي ما نا.
-صحيح يا مازن انا كنت عاوزه اسألك عن نورهان, هي عاملة إيه؟ معرفش عنها حاجة من وقت ما سيبت مصر, اتجوزت؟
رد باقتضاب:
-لأ, قاعدة عند شاهين.
لم تفهم لِمَ القى كلمته بهذه الحدة لكنها قالت:
-كويس, بس هي كانت قاعدة عندك انتَ, حصل حاجة ولا بتقعد شوية هنا وشوية هنا؟
-حصل مشكلة بيني وبينها فراحت قعدت عنده, ومن وقتها مفيش كلام بينا.
شهقت بخفة متفاجئة من جملته التي القاها بنبرة طبيعية وكأنه يخبرها بشيء غير مهم:
-ازاي؟ دي اختك المفروض...
قاطعها بضيق حقيقي:
-في إيه بقى يا ليلى؟ كل ما اكلمك في حاجة تخص اخواتي تقولي ميصحش ده اخوك ميصحش دي اختك! هو انا بقولك معلومة عشان تقطميني!
رفعت حاجبها بغيظ واضح:
-ده بجد! يعني انتَ عاوزني اسمع واسكت؟ لا مش هسكت يا مازن, عشان انا لو كان عندي اخت أو أخ مكانتش علاقتي بيهم هتكون كده ابدًا, اعتقد انتَ محتاج تعرف يعني إيه أخوة.
-تشربي إيه؟
اغاظها أكثر تهربه من تكملة الحديث, ولكنها وبداخلها توعدت له بأن تعيد الحديث معه مرارًا وتكرارًا فربما ما لا يعرفه عنها أنها لا تسمح ابدًا باستمرار وضع خاطئ على نصب عينيها, فابتسمت بهدوء وهي تجيبه:
-عصير ليمون...ساقع.
كبح ابتسامته عليها وهو يشير للنادل ليخبره طلبهما, وكلما حاولت فتح حديث يتعلق ولو من بعيد بأخوته يتهرب منها لحديث آخر بعيد, فتصمت وبداخلها تتوعد.
-----------
في أحد العمارات السكنية بمدينة نصر..
خرجت من غرفتها على صوت صراخ طفلها مع ألعابه, فحذرته وهي تبعد الهاتف عن أذنيها:
-تيم وطي صوتك انا معايا مكالمة.
اومأ برأسه بدون صوت لتكمل هي مكالمتها وهي تجلس على أحد الكراسي وتنفض خصلات شعرها للوراء بغرور يلازمها:
-خلاص يا بابي انا هعرف اتصرف.
استمعت لرده على الجهة الأخرى لتسأله بعدم فهم:
"نبهت مين؟ قصدك شاهين؟"
"اومال مين؟ انا مش فاهمه؟"
"يعني إيه مش مهم افهم؟ هو في حد تاني يخصه امر شاهين غيرنا؟ تقصد جدو طيب؟"
"ده شكل سر بقى؟"
زفرت أنفاسها بضيق تحت إصراره على عدم إخبارها بمن يتحدث عنه ومن أخبره بأنه قد رفع يده عن كل ما يخص شاهين, وقالت برفض:
-أيًا كان اللي قولتله كده, بس اوعى تكون عملت كده صحيح! بابي انا مش عاوزه شاهين يتأذي.
وأتاها رده
"مش هو عامل فيها جامد وبيعرف يتصرف ومش محتاج لحد يوريني نفسه بقى"
-ايوه بس على الأقل تتابع الدنيا من بعيد, لو زي ما نتَ بتقول لولاك كانت حصلتله مشاكل كتير.
وكان مُصر على موقفه حين قال
"انا مش هبقى حامي لحد تاني, هو معملش ليا اعتبار وهو بيطلقك ويخطب البت ال**** اللي معرفش جايبها من أي داهية دي"
زفرت باختناق وهي تقول ناهية الحديث:
-خلاص يا بابي اللي تشوفه, بس انا كمان هعمل اللي يرجعلي شاهين تاني.
"اعملي اللي تعمليه انا مبقاش يخصني الموضوع ده كله في حاجة"
أغلقت معه المكالمة وطلبت رقم آخر وبعد ثواني كانت تسأل:
-ها يا سوسن إيه الأخبار؟
-------------
ترجلت للأسفل مقررة التجول في الحديقة لبعض الوقت فقد وصل الملل منها مبلغه, فوجدت "نورهان" تجلس في غرفة المعيشة وتتحدث عبر الهاتف, وما إن أبصرتها حتى قالت:
-اهي العروسة بتيجي على السيرة.
وفهمت من الجملة أن المتحدث هو "شاهين" وأشارت لها بالهاتف فور اقترابها, فالتقطه لتبتسم لها "نورهان" وهي تنسحب في هدوء من المحيط.
-الو؟
وكعادته حديثه خالي من أي مقدمات أو جمل اعتيادية كالترحيب مثلاً:
-صفاء بلغتك؟
-ايوه, بس هنروح فين؟
-هنروح نعمل شوية تحاليل تخص كتب كتاب.
جف ريقها على الفور وهو يذكرها بقرب الكارثة, وسألته في استغراب:
-هو في مكتب صحة فاتح في الوقت ده؟ وبعدين هي هتطلع بالسرعة دي؟
-متشغليش بالك ليا معارفي هيظبطوا الدنيا, وده الوقت المناسب ليا عشان بكون خلصت شغلي فيه.
-تمام اللي تشوفه.
واستمعت بعدها لصوت انتهاء المكالمة دون أي مقدمات!
-يخربيت جلحفتك!
-خلصتوا بالسرعة دي؟
انتفضت على صوت "نورهان" من خلفها فابتسمت باصطناع تقول:
-اصل عنده شغل.
---------------
في فيلا "نصر العقاد"...
دخل "رأفت" على عجلة من أمره وهو يقول:
-مصيبة... مصيبة هتحصل لو ملحقنهاش حالاً.
انتفض "نصر" من فوق مقعدة يسأله بقلق:
-في إيه يا رأفت ما تتكلم؟
-يسري الصاوي بعت حد يقتل شاهين.
جحظت أعين "نصر" وهو يركض خارج المكتب بلا تركيز:
-ابني!
وركض لباب المنزل وهو يهتف بصوت جهوري:
-لم الرجالة ويلا...
وفي ثواني كانت ثلاث سيارات كبيرة سوداء تمتلأ بالرجال المسلحين, وتتحرك بسرعة هائلة نحو وجهتها.
و "نصر" الذي يجلس في السيارة الأولى لا يهتف سوى ب "بسرعة" ويخرج هاتفه يتصل مرارًا ب "شاهين" الذي لا يجيبه.
-------------
ظلت تخبره بأنها تريد التحدث معه في شيء هام, ولكنه يخبرها أن تؤجل أي حديث الآن فالطبيب ينتظرهم ليجريا التحاليل, وطوال الطريق يتردد بعقلها
"هي موتة ولا اكتر, قوليله الحقيقة يمكن دلوقتي ليكي فرصة إنه ميقتلكيش, لكن لو صبرتي لحد ما تتجوزوا اكيد هيقتلك"
وطوال الطريق تعيد تذكر حديث "مستكة" وإقناع نفسها بأنه لا حل آخر, وإن كانت جميع الطرق نهايتها الهلاك فعلى الأقل لا تخسر دينها, فهل ستمنعه عنها إن عقد قرآنه عليها؟ وإن نجحت مرة لن تنجح الثانية, وكيف سيكون شعورها وكل لمسة منه يظنها حلاله تحرقها كحمم مشتعلة لأنها تعلم بحقيقة الوضع, فإن استطاعت أن تخدعه من ذا الذي يخدع الله؟
وقفت أمام مدخل المنظمة الصحية وهي تقول بانفعال:
-انا عاوزه أتكلم معاك, انتَ عمال تطنشني ليه!
وقف أمامها بملامح غير مبالية تمامًا بانفعالها وأجاب:
-عشان بتتكلمي في وقت مش وقت كلام خالص, الراجل مستنينا عشان يخلص التحاليل ويمشي وهو جاي في وقت خارج وقت عمله, اقف معاكي نرغي ونسيبه يولع فوق!
سخرت منه وهي تقول:
-بجد! وانتَ من امتى بتهتم بحد اصلاً؟
تجاهل الرد على حديثها وهو يشير لها لتتقدمه بعد أن أصبح مجاورًا لها:
-يلا خلينا نمشي, وابقي اتكلمي في العربية.
-لا هتكلم دلوقتي.
قالتها وقد تملك منها عِندها, ليحدقها بنظرة نارية وقال بحدة أخافتها:
-بقولك يلا, هنتكلم في مدخل المكان! اتحركِ!
ارتفعت نبرته في الأخيرة لتنتفض على صوته وزفرت بضيق قبل أن تقرر الانصياع له, تقدمها بخطواته لتسير خلفه وهي تسبه بأفظع الشتائم, لكنها وهي تنظر له رأت سيارة سوداء بزجاج معتم تقف على الجهة الأخرى من الطريق الموجود أمام المبنى, بمسافة ليست قريبة ولا بعيدة, ومن أحد نوافذها الخلفية تخرج فوهة بندقية ورأس رجل أصلع, واتجاه السلاح معروف..
-شاهين... شاهيــــــن...
صرخت ولكنه لم يتوقف فقد ظن أنها مازالت تتمسك بعِنادها السخيف, فلم تشعر بنفسها وهي تركض لتقطع المسافة الصغيرة الفاصلة بينهما, وتتمسك بقميصه الرصاصي من الخلف تجذبه منه وتدفعه للجانب البعيد, ولا تعرف كيف أتتها كل هذه القوة, وربما ما ساعدها هو أنه لم يكن مستعدًا للدفعة, فتحرك جسده معها.
ولم تنوي الوقوف أمام الرصاصة, فهي ليست حمقاء تلعب دور المضحية, هي فقط أرادت إنقاذه, ولكن مع دفعها له واستعدادها للاحق بهِ لم يسعفها الوقت, فقد كانت الرصاصة قد انطلقت من فوهة السلاح قبل أن تدفعه هي, لتستقر في من أصبح مكانه بعد دفعه, ألا وهو... هي...
صرخة قوية خرجت منها وسقطت بعدها فورًا وهي تشعر بنيران غاشمة اخترقت سائر جسدها حتى انها لم تستطع تحديد أين أُصيبت..
دفعتها جعلت توازنه يختل فاستند على أصيص زرع كبير كان بجواره, وما إن استقام حتى سمع صرختها ووجدها تسقط أمامه...
وانطلقت السيارة بسرعة هاربة بمن فيها, وبنفس الوقت وصلت سيارات "نصر" لمحل الواقعة, ليترجل من السيارة قبل أن تقف وهو يرى ولده جالسًا أرضًا بميل وبشكل أفزعه, ليصرخ باسمه وهو يركض تجاهه:
-شاهيــــــــــــــن!!!
انتهى الفصل
يتبع
رحبوا بالعودة♥️♥️🔥
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا














تعليقات
إرسال تعليق