القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية مليكة الوحش الفصل السابع وعشرون والثامن وعشرون والتاسع وعشرون والثلاثون الأخير للكاتبة ياسمين عادل

التنقل السريع

     



    رواية مليكة الوحش الفصل السابع وعشرون والثامن وعشرون والتاسع وعشرون والثلاثون الأخير  للكاتبة ياسمين عادل




    رواية مليكة الوحش الفصل السابع وعشرون والثامن وعشرون والتاسع وعشرون والثلاثون الأخير  للكاتبة ياسمين عادل




    رواية مليكة الوحش للكاتبة ياسمين عادل الفصل السابع والعشرون


    - تسمرت لميا مكانها لحظات تحاول أستيعاب ما تراه أمامها. لقد عادت بها ذاكرتها لسنوات طويله مضت قد تناست أمرها وأعتقدت أنها لن تعود، أفاقت من شرودها على صوته

    ثروت بذهول: أنتي بتعملي أيه هنا، مش ده بيت رؤؤف المحامي؟!

    لميا بتنهيده: أيوة ده بيت جوزي، خير؟

    ثروت وقد لمعت عيناه: كنت عايزه في موضوع يخص بنته، بس واضح أنها مش بنته لوحده

    لميا بلهفه شديده: بنتي! أنت تعرف حاجه عنها

    ثروت بتهكم: أعرف قوي.


    رؤؤف من الداخل: مين يالميا؟

    لميا بقلق: اا د ده...

    - دلف ثروت للداخل متأملا المنزل من حوله ومدققا النظر لكل تفاصيله. حتى وقعت عينه على برواز خشبي أنيق معلقا على جدار المنزل يحمل ( آسيل و أمجد ) في حفل خطبتهم. تأمل الصوره عن كثب حتى قاطعه رؤؤف بنبره جديه حازمه

    رؤؤف: مين حضرتك؟

    ثروت بنظرات ثابته: أنا ثروت، ثروت التهامي. معقول نسيتني

    رؤؤف مدققا النظر: ثروت! مش واخد بالي.


    لميا مبتلعه ريقها بصعوبه: ده أخو حمدي الله يرحمه ياثروت

    رؤؤف بملامح بكفهره: جاي ليه هنا ياأستاذ؟

    لميا بلهجه سريعه: جاي في حاجه تخص آسيل يارؤؤف

    ثروت لاويا شفتيه: ولو أعرف أنها بنتك أنت مكنتش جيت، ياريتني سيبت قلبك يتحرق عليها زي ما حرقتي قلبي على أخويا الوحيد

    لميا بتوجس: بنتي ملهاش ذنب في حاجه ياثروت دي تبقي...

    رؤؤف مقاطعا بنبره صارمه: لميا، أستني أنتي، خير ياأستاذ وأيه اللي عرفك بالموضوع.


    ثروت جالسا بأريحيه على الأريكه: ده مش شغلك، أنا عارف مكانها وهي مع مين كمان

    لميا بتلهف وحيره: ما تتكلم ياثروت حرام عليك. ثلاث شهور معرفش حاجه عن بنتي أنطق

    ثروت بنظرات حانقه: وأخويا اللي ضاع بسببك، أرجعه من تربته أزاي.


    لميا قابضه على عينيها: انا ماليش ذنب في اللي أخوك عمله، مش أنا اللي قولتله يتاجر في السم الهاري اللي كان بيتاجر فيه ولا يموت نفسه في السجن. هو اللي أضطرني أرفع عليه قضية الخلع وأكسبها، كان عايزني أعيش معاه بفلوسه الحرام أنا والطفل اللي كان في بطني

    ثروت بنبره أجشه: وأهو راح اللي كان في بطنك والحمد لله أنه راح

    لميا مصره على أسنانها بغيظ: مين قالك أنه راح

    رؤؤف محدقا: لمياااااا!


    لميا بعدم أهتمام: أستني يارؤؤف، لازم يعرف أن بنتي العروسه المخطوفه واللي هو جاي شمتان فيها تبقي بنت أخوه

    ثروت بقهقهه عاليه: ههههههههههههههههه بايخه أوي لعبتك وملهاش طعم، بنتك شهادة ميلادها على أسم الأستاذ الكبير. سيادة المحامي المبجل ولا فاكراني مش عارف

    لميا بحده: أيوة على أسمه، من أول يوم بنتي أتولدت فيه وهي عارفه أنها بنت رؤؤف ومكتوبه على أسمه

    ثروت بتهكم: أمممم بجد؟

    لميا بتحدي: أنا هثبتلك كلامي.


    رؤؤف ممسكا ذراعها بحنق: كفايه بقي يالميا، آسيل بنتي أنا. ليه عايزة تفتحي في الماضي وتطلعي كل المستخبي

    لميا متملصه من بين يديه: لازم يشوف عشان يصدق.


    - خطت بقدميها صوب غرفتها بخطوات سريعه و توجهت لخزانة الملابس الخاصه بها، ثم فتحت صندوقا صغيرا موضوع بدلفتها وأخذت تعبث بالأواق الموضوعه به. حتى أخرجت ورقه قديمه قد أصفر لونها على أثر السنوات الطويله التي مضت عليها. بينما دلفت عليها سهيله ممسكه بهاتفها المحمول بيدها، تعجبت لحالة التوتر التي أصابت والدتها ولتلك الأوراق التي تمسك بها فأردفت بنبره متسائله.


    سهيله عاقده حاجبيها: أيه الورق ده ياماما، ومين الشخص إلى قاعد مع بابا بره ده

    لميا بتوتر: هاا، مفيش حاجه، أدخلي أوضتك ومتخرجيش منها نهائي إلا لما أأذنلك بده

    سهيله رافعه حاجبيها: ايوة بس ا...

    لميا بنبره حاده: قولتلك أدخلي أوضتك ياسهيله، ليه غاويه منهاده

    - تركتها والدتها ودلفت خارج الغرفه متوجهه صوب حجرة المعيشه. وقفت أمامه بثقه ثم مدت له يدها ببعض الأوراق ليطلع عليها

    ثروت بلامبالاه: أيه ده!؟


    لميا بلهجه حازمه: شهادة ميلاد بنتي وتحليل DNA عملته ليها يوم ولادتها. وكمان تحاليل فيها تفاصيل دمها عشان تتأكد وتقارن ال DNA بصورة الدم الكامله

    رؤؤف قابضا على شفتيه بقوة: ...

    ثروت مدققا النظر بالأوراق: التحليل أتعمل بعد ما أخدتي الخلع بست شهور بس، يعني مكنتيش لحقتي تتجوزي ولا تخلفي، ده أنا هسجنك أنتي وجوزك

    رؤؤف بحده وصرامه: أحفظ أدبك وأنا في بيتي.


    ثروت ناهضا من مكانه بأندفاع: أدبي! أنتوا خليتوا فيها أدب. بنت أخويا تتسمي بأسم واحد تاني وتقولي أدب. مزورين وتقولي أدب

    رؤؤف بنبره غليظه: زورنا عشان مصلحة البنت، مش أحسن ما يتحط أسمها بعد أسم تاجر مخدرات

    ثروت مشيرا بأصبعه في وجهه: متخلنيش أندمك على اليوم اللي فكرت تتجوز فيه مرات أخويا.


    رؤؤف دافعا ذراعه بعيدا: أنا مبتهددش، ومتنساش أنك في بيتي وتليفون واحد للشرطه هتيجي تشيلك وأحتمال تديني وسام شرف كمان، أوعي تكون فاكرني معرفش القضيه اللي عليك واللي هربت بعد ما أتحكم فيها

    لميا بنبره راجيه: بنتي، بنتي فين ياثروت أرجوك تقولي

    ثروت بغيظ: ...

    لميا بعيون دامعه: أنا أكدتلك أنها من دمك، حرام عليك قولي هي فين

    ثروت بنبره ممتغصه: بنتك في مزرعة، على الطريق ال، الكيلو، مع جوزها.


    لميا ضاربه على وجهها: يانصيبتي!

    رؤؤف مبتلعا ريقه بمرارة: جج جوزها!؟ أزاي وأمتي؟

    لميا بعدم وعي: يعني بنتي هربت متخطفتش!

    ثروت بثبات: لا ما هربتش، اتخطفت وأتجوزها. رجعوها وهي تبقي تحكيلكوا اللي حصل

    رؤؤف بمكر: وطالما عارف مكانها مترجعهاش أنت ليه. مش عامل محموق وزعلان أوي ومطلعنا مزورين.


    ثروت بنبره جامده: وانا مالي، مفيش حاجه تربطني ببنتك ولا حتى شهادة ميلاد. ولو على الدم وصلة القرابه فا دي هتكون الشفيع ليها فأني مخلصش عليها

    لميا بشهقه: ...

    رؤؤف بتذمجر: أنت عرفت كل ده أزاي؟

    ثروت بتعالي: مالكش فيه؟ وسيرتي لو جت في أي موضوع أنا هخرب حياتكوا العمرانه، ومتنسوش كلامي ده.


    - وزع ثروت نظراته الساخطه عليهم قبل أن ينطلق بخطوات متعجله لخارج البنايه بأكملها، أستقل سيارته ثم أمر السائق بالأنطلاق سريعا. ظل التفكير يراوده بقوة. فقظ فسد مخططه بالكامل بعد أن علم الصله التي تربطه باآسيل فكان ينوي التخلص منها وسلب حياتها بالكامل عقب أن تعود لمنزلها. ولكن الأن لا يستطيع.


    ثروت في نفسه: بنت أخويا! طلع ليك بنت ياحمدي ياأبن أبويا وأمي. وانا مش هقدر أمسها بالسوء على الأقل عشان عضم التربه، مال الحكايه كل مدي بتتعقد كده ليه، حتى الليث مبقاش هو الليث. خسرته، أيوة خسرته!


    - أستمعت سهيله لجزءا كبيرا من حديثهم، لم تصدق إي كلمه تفوهو بها وكأن كابوسا مزعجا يسيطر على عقلها. تمنت لو أستيقظت من نومها في الحال لتجد أن كل ما حدث حلما ولكن لامفر من الواقع. دلفت للخارج بخطوات ثقيله للغايه وكأنها تجر قدميها عنوة عنها

    سهيله بعيون دامعه: يعني أختي مش أختي!؟

    لميا محدقه: ...


    رؤؤف بضيق بالغ: أنتوا الأتنين بناتي ياسهيله، انا اللي مربيكوا وانا اللي معلمكوا الصح والغلط، أنا اللي شقيت عشانكوا مش حد تاني

    سهيله باأختناق: بس مش من دمي؟

    لميا بصرامه: أخرسي! أنتوا الأتنين من بطن واحده ودم واحد، آسيل أختك أنتي سامعه

    سهيله بدموع: ...

    رؤؤف بحسره: لا حول ولا قوة إلا بالله.


    - بدأت أنفاسه تتقطع ( رؤؤف ) ويتصبب عرقا غزيرا كما بدا وجهه يتغير لونه للأحمرار وتشوشت رؤية عيناه. فقد كان يعاني هبوطا بمستوي السكر بالدم، أبتلع ريقه الجاف بصعوبه وأردف بصوتا خافتا

    رؤؤف ملتقطا نفسه بصعوبه: ل لمياا، جالي هبوط ألحقيني.


    - ركضت لميا لحيث ( المطبخ ) وأحضرت زجاجه من العصير المثلج من داخل المبرد ( الثلاجه ) وذهبت أليها بخطي سريعه حتى تسعفه قبيل أن يتطور الأمر لغيبوبة سكر. فاأرتشفها بشراهه وما هي إلا دقائق حتى عاد السكر بصورته الطبيعيه للجسم، نهض عن مكانه بتثاقل وتوجه لغرفته بخطوات بطيئه بينما جلست لميا ترثي حظها العسير وحظ أبنتها كذلك.


    لميا في نفسها: أتجوزت! ليه وأزاي، طب وخطيبها هنقوله أيه، وهي هتقول للناس أيه ولا تواجههم أزاي. ياخيبتك يالميا

    - كان متابعا للأحداث أولا بأول، فقد أشرف ( أيمن ) بنفسه على البحث خلف ( سامي ) ولكن باءت عملية أصطياد الأخطاء عمليه بالفشل. حيث لم يترك سامي خلفه إي دليل يدينه، بينما أقترح عليه أمجد مواجهته بالصور الملتقطه له وتهديده أما تسليم جاسر لهم أو التوريط معه.


    أيمن بنبره ثابته جديه: يبقي فاضل بس نعرف هنواجهه أمتي

    أمجد حاككا رأسه: وقبل كل ده لازم أعرف مكان آسيل الأول. مينفعش نشتبك مع الليث قبل ما تكون آسيل معايا، عشان ميبقاش لينا نقطة ضعف

    أيمن عاقدا حاجبيه: وده نعرفه أزاي؟

    أمجد ذافرا أنفاسه بضيق: والله ماأنا عارف، بس أكيد في طريقه

    - وأثناء تبادلهم الحوار والمناقشه تلقي أمجد أتصالا هاتفيا من قبل ( رؤؤف )، لم يتردد أمجد في الضغط على هاتفه والرد سريعا.


    أمجد: أيوة ياعمي. أزيك

    رؤؤف بنبره جامده: الحمد لله، عايزك تجيلي حالا ياأمجد

    أمجد عاقدا حاجبيه: خير ياعمي في حاجه حصلت؟

    رؤؤف بتنهيده: لما تيجي هتعرف، مستنيك

    أمجد لاويا شفتيه: حاضر ياعمي مسافة السكه

    - نظر له أيمن بترقب وكأنه ينتظر أن يقص عليه ما حدث

    أمجد ناهضا من مجلسه: عمي عايزني في موضوع مهم ولازم أروحله

    أيمن مومأ رأسه: طيب نكمل كلامنا بعدين

    أمحد ملتقطا مفاتيحه: ربنا يسهل، سلام.


    - كان رؤؤف متأهبا لمجئ أمجد بأي لحظه. يرتب بخلده ما الذي يجب عليه قوله حتى أنه قرر في قرارة نفسه ألا يبوح بسر زواجها الذي لا يعلمون عنه شيئا حتى للأن، فما يهمه ويشغل باله هو رجوع أبنته بين أحضانه مرة أخري. وبعد وقت ليس بالقليل وصل أمجد وقرع الباب بطرقات خافته، فهب رؤؤف من مكانه لكي يستقبله بنفسه ومن ثم أصطحبه لغرفة الأستقبال

    أمجد جالسا: خير ياعمي قلقتني.


    رؤؤف بتنحنح: اا ا اأحممم، كنت عايز أقولك على خبر كده وو و، و...

    أمجد بتوجس: أعصابي سابت أكتر ما هي سايبه ياعمي

    رؤؤف مستجمعا رباطة جأشه: أحنا عرفنا مكان آسيل

    أمجد مندفعا من مكانه: أيييييييه، هي فين وعرفتوا مكانها أزاي. طب هي كويسه ولا...

    رؤؤف مقاطعا: أهدي ياأمجد، أنا هاديك العنوان لكن مقدرش أقولك إي تفاصيل

    أمجد قاطبا جبينه بدهشه: متقدرش ليه ياعمي

    رؤؤف موليه ظهره: هتاخد العنوان وتتصرف ولا أتصرف أنا.


    أمجد متحركا ليقف قبالته: أديني العنوان، وبسرعه

    - هبط أمجد أسفل البنايه بخطوات راكضه وقلبه يكاد يتوقف عن العمل. لم يطيق ا نتظار بل هاتف صديقه على الفور ليبلغه بأخر التطورات

    أيمن محدقا عينيه: أنت بتكلم جد، طب وصلولها أزاي

    أمجد بلهفه: مش عارف، عمي مكنش عايز يتكلم معايا خالص. المهم أني عرفت مكانها

    أيمن بتفكير: يبقي نبعت قوة و...


    أمجد بفزع: لا لا لا أنت ناسي القوة اللي بعتناها وضاعت في شربة ميا ومنعرفش راحو فين

    أيمن حاككا طرف ذقنه: أمال هنعرف نجيبها من هناك ونمسكه متلبس بقضية خطف أنثي أزاي؟

    أمجد بشوق جارف: أرجعها الاول، وبعدين نبقي نلبسه زي ما أحنا عايزين، ومحدش غيري هيصلح الغلطه دي ويرجعها.


    - أيقن عيسي أن وجوده بمصر خاصة بعد ما حدث بينه وبين جاسر يمثل خطورة شديده عليه وبالأخص بعد تهديده الصريح له، لذا قرر في قرارة نفسه أنه لابد وأن يغادر البلد بالكامل، دار بخلده اللجوء لليونان حيث يكون ثروت وبذلك سيعود النفع عليه بالتأكيد خاصة بعد أن تواعد أثنتاهم لبعضهما البعض ( ثروت و جاسر )، ولكن خطر بباله شيئا أكثر داهيه من ذلك. فلما لا يستكمل مشروع مصنع الماس بالبرازيل والذي شرع جاسر بناءه بالفعل. وحينها سيكون العائد أكبر وله هو فقط، أعماه الطمع والأنانية حتى أنه لم يفكر بأمر أخيه الأصغر او ما سيفعله معه. بل قرر الهرب وللأبد عن مصر وقبيل تدبير جاسر له بأي مكيده، ولكن شتان الفرق بين تفكير أثنتاهم. فلقد أعد له جاسر فخا بالفعل حتى قبل أن يفكر حتى بالهرب.


    - قام عيسي بأعداد عدته لتحويل أقامته للبرازيل للأبد حتى أنه نقل حساباته كامله بالبنوك للخارج. في حين لم يشعر سامر بريبه بالأمر. حيث خدعه أخيه أنها رحلة عمل وسيعود بالقريب العاجل، وبعد أن أكتمل التجهيز لكل شئ لمغادرة البلاد في غصون يومان قرر عيسي أن يصطحب سامر معه لأرض مطار القاهره الدولي ليودعه ولكي يعود مره أخري برفقة سيارته ( سيارة عيسي )

    ( داخل مقر مطار القاهرة الدولي ).


    عيسي بثبات: فهمت هتعمل أيه ياسامر؟

    سامر: هي دي أول مرة هتسافر فيها ياعيسوي

    عيسي بغيظ: تاني عيسوي!

    سامر مربتا على ظهره بضحك: ههههه عديها بقي

    عيسي بتأفف: سيبتلك في الفيزا فلوس تكفي سنتين قدام. أعملك مشروع ولا حاجه بدل ما تشحت بعد كده

    سامر غامزا: لا متقلقش مش هشحت ولا حاجه ربنا يخليك ليا بقي

    عيسي لاويا شفتيه: عموما أنا نصحتك، أرجع أنت البيت بالعربيه وأنا خلاص هعدي بالباسبور وأستني النداء.


    سامر ملوحا بيده: ماشي. ترجع بالسلامه

    عيسي: سلام

    - أستدار سامر ليذهب بينما توجه عيسي للساحه الكبيره حيث الموافقه على جواز السفر الخاص به والتأكد من صحة تأشيرات السفر. شعر عيسي بريبه عندما بادله الموظف القابع خلف اللوح الزجاجي بنظرات غامضة خالية من المعاني، ثم أستأذنه الأنصراف للحظات. وبعد دقائق قليله حضر ومعه موظفو التفتيش بالمطار

    ضابط التفتيش: ممكن تتفضل معانا ثواني.


    عيسي بتوجس: خير ياحضرت، في حاجه مش مظبوطه

    ضابط التفتيش مشيرا بيده: هنعرف كل حاجه جوه. أتفضل.


    - أصطحبه الضابط معه ليتم تفتيش حقائبه الجلديه، كانت ملامح عيسي خاليه من الخوف أو حتى القلق. فهو حتما متأكد من عدم وجود ما يدينه، ولكن فجأة، حدق عينيه بصدمه وتبدلت ملامح وجهه البارده لملامح مذعورة يعتريها الخوف. فقد وجدوا كميه غير قليلة من الأوراق النقديه الأجنبيه ( الدولارات ) المزوره، كما كان بحوذته علبة من القطيفه الأزرق تحوي كما من الماس الأزرق النادر. نظر له الضابط باأستنكار ثم أردف بلهجه محتقنه.


    الضابط لاويا شفتيه: ألماظ ودولارات مره واحده، ده أنت تقيل أوي بقي

    الضابط مشيرا لأفراد أمن المطار: خدوا الباشا يشرفنا شويه

    عيسي مبتلعا ريقه الجاف بصعوبه: ثواني بس، الحاجه دي مش بتاعتي و، ولا الشنطه. و و أكيد الشنط أتبدلت اانا...

    الضابط بنبره عنيفه: الكلام ده تقوله في النيابه ياقمور، مش هنا، خدوا من هنا

    عيسي بصوت متقطع: يابن ال # عملتها معايا ياجاسر...


    - جلست بغرفتها أمام الشرفه على مقعد أسفنجي مبطن وناعم تستعيد ذكريات مضت من طفولتها المرحه، ظلت الأبتسامه على ثغرها تاره. والضحكة بصوت رنان هادئ تاره أخري، تنهدت بحرارة شديدة وذفرت أنفاسها المختنقه قبل أن تضع طرف الكوب الزجاجي على شفتيها ترتشف منه بعض قطرات الشاي الساخن. وبينما هي كذلك إذ بباب غرفتها ينفتح بهدوء وحرص شديدين فنهضت عن مقعدها بسرعه وخطت للوراء بقدميها لتري أمجد واقفا وعلى وجهه ملامح غريبه. كمن ردت الروح إلى جسده مرة أخري، نطق أسمها على لسانه قبيل أن يندفع إليها ليجذبها إليه حتى سقطت بين ذراعيه. تنفس الصعداء حيث تخللت رائحة عبيرها أنفه فأطمئن وهدأ باله. بينما كانت الصدمه تعتريها بقوة حتى أنها تسمرت مكانها بدون إي رد لفعله سوي أنها أبتلعت ريقها بصعوبه عندما تذكرت جاسر. فهي زوجه الأن وليست كسابق عهدها،.


    أبتعد أمجد عدة سنتيمترات قليله قبل أن يردف بنبره حانيه

    أمجد بنظرات عاشقه: وحشتيني أووي، شوفت الويل عشان أعرف أوصل لهنا. يومين وأنا مراقب المزرعه كويس لحد ما لقيت الفرصه عشان أدخل و أخدك من هنا وحتى لو هيكلفني الأمر حياتي

    آسيل محدقه بذهول: ...

    أمجد ملامسا لبشرة وجهها: ليكي حق تتصدمي هحكيلك وتحكيلي كل حاجه كامله بس نطلع من هنا وحالا ياحبيبتي

    آسيل: ...


    - أمسك أمجد بكف يدها ثم ضغط عليه بدفء لكي يشعرها بالأمان، ثم جذبها بهدوء لتسير خلفه مغيبه لا تشعر بما يحدث، فكانت الصدمه حقا أكثر من قدرتها على أستيعاب ما يحدث. شعرت بكونها دمية جميله يطمع الجميع باأمتلاكها، وفجأة ضرب رأسها ذكري أغتصابها وأختطافها ثم ذكري سرد جاسر لها حقيقته التي لا يعرفها سواها. شعرت بمشاعر متضاربه تقتحم أساريرها ولكنها سيطرت على عقلها المغيب أخيرا وتوقفت عن السير لتجد أنها قد وصلت لحديقة القصر. نظرت حولها لتجد مكان الحراسة الداخليه للقصر شاغرا فشعرت بريبه داخلها بينما همس لها بهدوء قائلا.


    أمجد رافعا حاجبيه: وقفتي ليه ياآسيل، مفيش وقت لكل ده لازم نخرج حالا من هنا

    آسيل متأمله تقاسيم وجهه: ...

    أمجد بنبره جامده: آسيل مش وقت نظراتك دي، يلا وهنتكلم في كل حاجه بعدين

    آسيل مبتلعه ريقها بمراره: مش هقدر أجي معاك

    أمجد رامشا بعينيه عدة رمشات متتاليه: هه. أنتي قولتي ايه؟

    آسيل متحكمه باأنفعالاتها: بقول مش هاسيب، جوزي وأجي معاك

    أمجد محدقا: ...


    - شعر بالبروده تسري في جسده وقد أثلجت يداه عقب كلمتها الأخيره، حاول تكذيب أذنيه فنفض رأسه بقوة وحككها بعنف محاولا أدراك ما قالته للتو

    أمجد قاطبا جبينه: أنتي قولتي أيه؟

    آسيل بنظرات متوجسه: ا اآ آ بقول...

    أمجد قابضا على رسغها بقوة: قولتي أيه، سمعيني تاني كده؟

    آسيل متملصه من قبضته: قولت مش هسيب جوزي ياأمجد. أيوة أنا مرات، جاسر، أنا أبقي مرات الليث

    أمجد بنظرات مشتعله محتقنه: مرات مين؟..



    رواية مليكة الوحش للكاتبة ياسمين عادل الفصل الثامن والعشرون


    - أشتعلت عيناه غضبا وكاد يفقد أعصابه كليا بعد تصريحها له بأمر زواجها. جز على أسنانه بغيظ شديد وحاول كبح أنفعالاته حتى لا يتمادي معها

    أمجد بغضب: أتجوزتي! أزاي وأنتي خطيبتي. مسمعتيش عن الحديث إلى بيقول ولا يخطب أحدكم على خطبة أخيه ياسيادة المحاميه ياللي درستي الشريعه والفقه، أتجوزتي!

    طب وأنا فين. مسحتيني بأستيكه؟ أنا مش مصدق اللي شايفه وبسمعه

    آسيل مبتلعه ريقها بمراره: ، ده اللي حصل، وكان غصب عني!


    أمجد بتهكم وسخريه: غصب عنك! لو صحيح غصب عنك كنتي ما هاتصدقي تشوفيني. كنتي هترجعي معايا مش هتختاري، جوزك يامدام

    آسيل: ...

    - شعرت بوغزة آلمت قلبها عقب كلماته لها، فقد كان محقا بما ألقاه على مسامعها ولكنها أصرت على التماسك وعدم التخلي عنه ( جاسر )

    آسيل ناظره حولها بتوجس: أمشي من هنا، جاسر لو شافك هنا هايرتكب جنايه

    أمجد لاويا شفتيه بتهكم: خايفه عليه قوي!


    آسيل بنبره هادره: كفايه بقي. تعرف أنت أيه عن اللي حصل عشان تكلمني كده ولا تتهمني. أنت متعرفش إي حاجه، أمشي من هنا أمشي. مش عايزة يحصلك إي أذي

    أمجد ممسكا بذراعها بقوة وبنبره أجشه: هاقتله. هقتلهولك ياآسيل، زي ما قتلني بجوازه منك هقتله

    آسيل بتوجس: ...


    - سحبت آسيل يدها سريعا ثم رمقته بنظرات زائغه قبل أن تنصرف من أمامه سريعا صاعده للأعلي بينما وجه بصره للقصر من الخارج حيث ظهرت نيته أتجاه زوج حبيبها نية غير مطمئنه. ظلت آسيل واضعه واضعه يدها على قلبها الذي بدت نبضاته غير منتظمه حتى وصلت لغرفتها ودلفت للداخل بسرعه ثم أوصدت الباب جيدا، وفجأة أستمعت لنبرة صوته الخشنه وهو يردف

    جاسر جالسا على المقعد الأسفنجي: ليه ماروحتيش معاه لبيتك!؟


    آسيل بفزع: هااااااااا

    جاسر: ليه فضلتي هنا؟

    آسيل قابضه على عينيها: يعني كنت عارف؟

    جاسر بتهكم: أمال فاكراني نايم على وداني، ولا معرفش أيه اللي بيحصل في قصري حتى وأنا مش موجود

    #flash back.


    - بعد أن توصل أمجد أخيرا لعنوان القصر التي تمكث به آسيل توجه صوب المزرعه وبحذر شديد ظل مراقبا ومتفحصا لمداخل القصر ومخارجه لمدة يومان. كان جاسر يشعر به ويعلم بوجوده على مقربه شديده منه، حيث كانت عيناه الثاقبتين الأسرع لكشف مكانه. وذات يوم وبعد أن أرتدي جاسر ملابسه كامله، توجه صوب بوابه القصر الرئيسيه ووقف يلقن الأوامر لحراسته الخاصه التي تبعته للخارج وأوصدت البوابه. ثم توجهت سيارتان وهو بداخل أحداها لخارج المزرعه.


    كانت تلك الفرصه هي السانحه لأمجد لكي يستطيع أقتحام القصر بكل سهوله. وبالفعل دلف داخل القصر عن طريق أحد الأسوار وتوجه صوب القصر، ظل يتأمل المكان من حوله جيدا وبخطوات حريصه صعد للطابق الثاني. كانت كاثرين تراقب الموقف بدون أن تظهر له كما أمرها جاسر، بينما عاد جاسر للقصر مرة أخري بعد أن تأكد من تواجد أمجد بالداخل ثم توجه بخطوات راكضه نحو الطابق الثالث ( الروف ) وظل متابعا للمشهد من أعلي. حيث لمح أمجد بصحبة آسيل يتوسطا الحديقه ويظهر من تعامله الفظ معها أنهما على وشك العراك. ظل يتابعهما بترقب حتى رأي آسيل تتملص من قبضته وتتوجه نحو القصر مره أخري، ألتقط أنفاسه باأريحيه وشعر بسعاده تغمر قلبه ثم هبط للأسفل راكضا ودلف لغرفتها سريعا قبل أن تصل هي لدرجات الدرج.


    #back

    - آسيل بعدم تصديق: يعني عارف أنه مراقب المزرعه بقاله يومين. وعارف أنه دخل؟

    جاسر بثقه: وكمان أنا اللي سهلتله الدخول وسحبت رجالتي من قدام القصر

    آسيل بنظرات زائغه: طب ليه؟

    جاسر بتنهيده حاره ناهضا من مكانه: حبيت أسيبلك حرية الأختيار

    آسيل بتوجس: يعني لو كنت روحت معاه كنت هتسيبني

    جاسر متصنعا البرود: أيوه

    آسيل عاقدا حاجبيها بحنق: خلاص هنزل وأروحله و...


    جاسر جاذبا أياها: الفرص مبتجيش غير مرة واحده، وأنتي أختارتي. وأنا بصراحه ماصدقت أنها جت منك

    آسيل: ...

    - وضع رأسها بين راحتي يده ثم وزع ناظريه على مقلتيها. حاول أن يستشف الكلمات العالقه بحلقها ولكنه فشل، فرأي ببريق عيناها الحزن والسعاده والفرح والضيق، مزيج من المشاعر أختطلت سويا لتضفي على تقاسيم وجهها الغموض فبادرها قائلا

    جاسر: عايزة تقولي أيه؟


    آسيل قابضه على عيناها: أرجع عن اللي بتعمله، هساعدك وأقف جمبك بس لازم تصلح كل اللي حصل

    - ذفر أنفاسه الحارة بوجهها حتى أقشعرت على أثرها وأرتجفت أوصالها بين يديه

    جاسر بنبره رخيمه: أنا مشيت طريق مفيش منه رجوع. زي ما بيقولو كده ال one way طريق أتجاه واحد و مفيش منه رجوع، وعارف أن أكيد طريقي ليه نهايه

    آسيل بتنهيده: وأنا مصيري أيه بعد ما فضلت معاك، مستحيل هرضي بحياتك وعيشتك و...


    - ألجمتها قبلته المحمومه التي أطبق عليها بها، حيث بت لها شوقه الجارف إليها وشعرت هي بغرامه بها، تناست أنها أسيرته وحلقت معه للسماء ولم تشعر إلا باأستسلام حصونها أمامه

    - ذهب أمجد لمنزله وهو بحاله لا يرثي لها. حيث أنه أصتطدم بواقع أليم لم يتصوره يوما ما، فلقد تزوجت حبيبته وخطيبته. عروسه التي كانت ستزف إليه قبل ساعات من أختطافها، ظل يصيح ويصرخ عاليا كما ظل يلقي بكل ما أمامه وبصوت صادح أردف.


    أمجد بنبرات صادحه: ليييييييييييييييييه! أشمعنا هي. ملقيتش قدامك غيرها لييييه، دي خطيبتي أنا. حبيبتي أنا، اااااااااااااااااه

    - ألتقط أنفاسه اللاهثه وذفر أنفاسه المشتعله ثم جلس ملقيا جسده على الأريكه وأردف بخفوت

    أمجد بنبره حازمه: هقتلك، وحيات أمي ما هاسيبك تتهني بيها لحظه واحده.


    - داخل مركز علاج الأمراض الجلديه. كان ثروت قابعا على أحدي المقاعد المريحه أمام فراشها بينما كانت تنظر أليه بأعين زائغه قبل أن تردف بنبره متقطعه

    جوان مبتلعه ريقها بصعوبه: اا انت قصدك أيه ياثروت؟

    ثروت واضعا قدما على قدم: كلامي كان واضح، أنتي هتفضلي هنا في مصر ومش هترجعي اليونان تاني

    جوان بتوجس: ليه!

    ثروت بنبره جافه: من غير سبب. وجودك معايا في اليونان ملهوش لزوم. ولو على مصاريفك هتجيلك لحد عندك.


    جوان بنبره مختنقه: انا مش مش عايزة فلوس، ليه مش عايزني أرجع. ولا خلاص أخدت اللي أنت عايزه مني ولما شكلي راح عايز تمشي

    ثروت بلهجه حازمه: انا مش عايز مناقشه كتير. انا مش باخد رأيك ياجوان. ده أمر

    جوان بنبره صادحه: لاااا لو فاكر أنك هتاخدني لحم وترميني عضم تبقي غلطان. انا عضمي ناشف ميتكسرش ولا يتاكل، ده انا أوديك في ستين داهيه ياثروت.


    ثروت رافعا حاجبيه: القطه طلعلها ضوافر ويوم ما هتهربش هتخربش الأيد اللي أتمدت ليها

    جوان بحده: الضوافر مبتخربش غير اللي عايز يكسرها ياثروت وانا مش هسكت

    ثروت بنظرات ذات مغزي: بقي هي كده، أممم يبقي لازم نشوف حل في شكلك ده عشان مش طايق أبص في وشك يا، ياقطه

    جوان مبتلعه ريقها بمراره: ، موافقه

    ثروت ناهضا من مجلسه: نبقي نشوفلك عملية تجميل ولا إي زفت

    جوان: رايح فين؟


    ثروت ملتفا أليها: ميخصكيش، لما تعملي العمليه نبقي نتكلم

    جوان: ...

    - دلف خارج الغرفه وصفع الباب خلفه، بينما شعرت جوان بمدي المهانه التي سببتها كلماته الفظه معها. وشعرت وأنها قد رخصت من قدرها ولكن قد مضي الوقت على هذا الشعور

    بينما توجه ثروت صوب سيارته وأستقلها ثم أمسك هاتفه وضغط عليه عدة ضغطات و...


    ثروت بلهجه صارمه: أسمعني كويس، جوان تخلص عليها النهارده، أيوة تخلص عليها، ومش عايز إي أثر وراك، سمعتني؟، اللي أنت عايزة هاديهولك، يبقي أتفقنا

    ثروت في نفسه: أنا هكسرلك عضمك ياجوان، ثروت مبيتهددش من واحدة رخيصه زيك، ماااشي

    - وصل عيسي لسراي النيابه حيث دام التحقيق معه لأكثر من ثلاث ساعات متواصله ولكن دون جدوي.


    رئيس النيابه بحده: بقولك أيه ياض أنت، بقالك ثلاث ساعات على نفس الكلمه، وشويه تقولي اه شنطتي وشويه تقولي لا مش هي وشويه تقولي لا أتبدلت، ما تثبت على كلمه ياروح أمك

    عيسي قاطبا جبينه: ما قولتلك مش بتاعتي ومعرفش عنها حاجه. وعايز المحامي بتاعي

    رئيس النيابه بتهكم: محامي! أبقي قابلني لو طلعك منها ياحيلتها، أكتب عندك يابني. يتم حبس المتهم أربعة أيام على ذمة التحقيق ويراعي له التجديد في الميعاد المحدد.


    عيسي بنبره صادحه: أنا عايز أطلب المحامي بتاعي، ده من حقي

    رئيس النيابه ضاربا بيده على سطح المكتب: صوتك ميعلاش وأنت قدام النيابه ياض. ده أنا ألبسك قضيه وقتي

    عيسي مبتلعا ريقه: طب عايز أطلب المحامي بتاعي لو سمحت

    رئيس النيابه بنبره صارمه: أيوة كده أقف عدل و أتكلم مظبوط وانت قدامي

    عيسي: ...

    رئيس النيابه باأشمئزاز: تقدر تتصل بالمحامي بتاعك ومعاك دقيقتين مش أكتر

    عيسي ملتقطا أنفاسه: ماشي شكرا.


    - أتصل عيسي فورا على أخيه الأصغر لكي يقوم باأحضار المحامي على الفور. بينما صعق أخيه عندما علم أنه لم يسافر وما زال بمصر بل والأدهي أنه قد تم القبض عليه أيضا

    قام سامر بالبحث داخل ( دفتر ) صغير الحجم فوجد به رقم هاتفي يخص المحامي الخاص بالشركه التابعه لجاسر فقام بالأتصال عليه لطلب النجده، في حين أن ذلك المحامي قام باأبلاغ جاسر على الفور.


    جاسر باأبتسامه خبيثه برزت أسنانه: تمام قوي يامتر، أنت تروحله النيابه وتشوف الحكايه أيه. وتبلغه أن جاسر مبيسيبش حقه ودي كانت شكة دبوس صغيره كده عشان يحرم يتذاكي عليا

    المحامي: حاضر يافندم

    جاسر واضعا يده في جيب بنطاله: وبلغه كمان أن شنطته معانا وميقلقش على هدومه. هنشيلها ونحافظ عليها عشان لما يطلع من المؤبد يلاقيهم

    المحامي بقهقهه عاليه: هههههههه تسلم دماغك ياباشا.


    جاسر مضيقا عينيه: ميستاهلش إلا كده، أنا هخليه يتوب ويصلي على عمايله.


    - أستيقظت آسيل من نومها بتثاقل شديد وجسدا مرهقا للغايه. بدأت تفتح عينيها بهدوء حتى أتضحت الرؤيه أمامها، فتذكرت تلك الليله التي قضتها بين أحضانه وأثر لمساته السحريه التي ما زالت تتحسسها. فلامت نفسها كثيرا على أستسلامها له والخضوع إليه، فقد كانت تحصن قلبها ضده بقوه ولكن أنهارت حصونها أمامه وأستسلمت دون شعور منها، نهضت عن فراشها وكأنها تجر قدمها عنوة عنها ثم دلفت للمرحاض، بينما دلف جاسر للغرفه بحذر معتقدا أنها مازالت غافله بنومها ولكنه لم يجدها بالفراش فعقد حاجبيه ثم توجه نحو خزانة الملابس لأحضار ملابسه فأستمع لصوت صنبور المياه فقرر الخروج من الغرفه قبل أن تدلف هي للخارج حتى يترك لها الحريه كامله. ولكنها دلفت خارج المرحاض قبل خروجه من الغرفه. نظر لها بأعين متفحصه حتى قرأ بهما الندم، بينما جاهدت آسيل نفسها حتى لا تظهر ضعفا أمامه فمرت من أمامه لتترك الغرفه بالكامل ولكن كانت قبضته الأسرع أليها، حيث أمسك برسغها وقبض عليه بقوة وترك العنان لقلبه لكي يتحدث ولأول مرة ثم همس بأذنيها.


    جاسر بنبره رخيمه هادئه مشبعه بالحنو: أنا مش بس مستعد أعافر عشامك، أنا مستعد أقاتل عليكي وأحارب اللي يرفض وجودك في حياتي. متسبنيش، مش هتلاقي حد يعافر عليكي زيي

    آسيل بذهول: ...

    جاسر ملامسا لوجهها برفق وعلى ثغره أبتسامه عفويه: صباح الخير يامليكتي، خليكي هنا أنا اصلا كنت خارج عشان أسيبك براحتك.


    - دلف خارج الغرفه تاركا أياها وسط أمواج هائله من المشاعر المتضاربه. فما الذي عليها فعله الان هل تتركه ام تظل جواره ام ام ام، العديد من التساؤلات الخاليه من الاجوبه، ولكن المؤكد أن شيئا ما تحرك داخلها عقب كلماته النابعه من أعماق القلب وصميمه.


    ( داخل مقر النيابه. ظل المحامي جالسا بصحبة عيسي يلقي على مسامعه ما تلقاه من جاسر حرفا بحرف، بينما أستشاط عيسي وغلي الدم بعروقه عندما تأكد من تورطه بتلك القضيه على أثر فعلة جاسر به )

    عيسي بنبره جافه غليظه: يعني الباشا بتاعك هو اللي سلط عليا عشان يتقبض عليا في المطار

    المحامي: بالضبط كده، وهو برده اللي بعتني ليك عشان أترافع عنك.


    عيسي بنبره حازمه: تترافع عني! بعد ما لبسني في الحيط ودرسني في القضيه باعتك تترافع عني

    المحامي باأقتصاب: أه

    عيسي بنظرات مشتعله: والله ما هسكت والله لأكون...

    المحامي بلهجه محذرة: أسمع يأستاذ عيسي، أنت أكتر واحد عارف جاسر وعارف قد أيه هو متهور ومبيهموش حاجه

    عيسي بتوجس: ...


    المحامي بجديه: خلي بالك من لسانك أحسن يتقطع، ومتنساش أن مفيش عندك إي دليل على اي حاجه هتقولها. ادعي بقي اعرف أخرجك منها بهدوء ومن غير شوشره

    عيسي في نفسه: ضيعت في شربة ميا ياعيسي!

    - داخل المكتب الخاص باللواء ( سامي ) قام أيمت بمواجههته وتوجيه أتهام صريح له بينما أشتعل سامي غضبا منه

    سامي بنبره جهوريه حادة: أنت أتجننت يااحضرت وكيل النيابه، أنت بتتهمني وفي مكتبي كمان.


    أيمن بنبره ثابته: أهدا ياسياده اللواء. أولا الانفعال مش كويس عشانك، وثانيا أنا وريتك الدليل. وثالثا وده الأهم أني جاي أعرض عليك عرض مش هتشوفه تاني طووول حياتك

    سامي بصرامه: ولا عرض ولا زفت وأخرج بره مكتبي حالا بدل ما...

    أيمن بنبره آجشه: أنت عارف أنك مش هتقدر تعملي حاجه. ولا هتبعتني مع قوة للقبض على المجرم وأختفي ولا هتقدمني للتحقيق وتبعدني عن الأداره كلها. زي بالضبط ما عملت ما أمجد ومجدي.


    سامي بذهول: ...

    أيمن بجديه: أحب أطمنك وأبشرك أني لو فضلت أدعبس وراك هلاقي بدل الغلطه عشره. بلاش تخسر الفرصه اللي بقدمهالك. أحنا مش عايزين حاجه غير أن الليث يسيب المزرعه لمدة ساعة واحده وأحنا هنتصرف

    سامي بتردد: أنت بتتكلم عن أيه انا...

    أيمن ناهضا من مكانه: قدامك ساعة زمن ياسياده اللواء وياريت ترد عليا على طول. وزي ما فهمتك احنا مش عايزين غير أن الليث يسيب المزرعه وبس

    سامي بقلق: ...


    أيمن بثقه: المقابل هيكون Delet لكل الصور اللي شوفتها دلوقتي. واي أثر وراك هنردم عليه، مستني ردك. سلام

    - شعر وأن ناقوس الخطر قد دق بابه ولحق به. ولكن يشعر بالتردد والخيفه في التعامل معهم ولكن إلى أين المفر فلقد فقد حريته بعد أكتشافهم له ولم يعد لديه خيار أخر.


    ( هاتفيا قام أيمن بمحادثة أمجد لأخباره بأن سامي قد وافق على الأنضمام في مخططهم ومساعدتهم على إبعاد جاسر عن مزرعته. فكان الهدف الأول لدي أمجد الحصول على آسيل وأستبعادها عن موقع الأشتباك الذي سيشتبكون به مع رجال جاسر وجيشه )

    أمجد باأقتضاب: يبقي كده أتفقنا على كل حاجه وناقص بس أمر النيابه اللي أنت هتطلعه ومكالمة سامي لجاسر

    أيمن بتوجس: وأنت هتعمل أيه؟


    أمجد مضيقا عينيه بغيظ: أنا محتاج بس أن القوة تبعد رجالة جاسر عن القصر لحد ما أقدر أدخل

    ايمن: أمجد، أنا خايف عليك، الراجل ده مش سهل أبدا ودماغه شغاله

    أمجد لاويا شفتيه: المرة دي أنا اللي هضحك مش هو

    - كان جاسر قابعا بغرفة مكتبه يرتشف قهوته المسائيه وينفث بسيجاره عندما تلقي أتصالا هاتفيا من هاتف ( سامي ) أكفهر وجهه وعبست ملامحه عندما لمح أسمه على الهاتف. ثم ذفر أنفاسه بضيق قبل أن يضغط على هاتفه للأيجاب.


    جاسر باأقتضاب: خير؟

    سامي بلهجه مرتعده: ليث، لازم تسيب المكان اللي أنت فيه فورا وتروح لقصرك

    جاسر عاقدا حاجبيه: ليه!

    سامي: في قوة طلعت بأمر من النيابه بتفتيش قصرك وأحضارك حالا. خصوصا بعد القبض على عيسي

    جاسر ببرود: وأنا مالي، أن شالله يولعوا

    سامي بنبره متقطعه: ياجاسر أفهم. عيسي أعترف عليك خصوصا وقال كل حاجه في النيابه

    جاسر مصرا على أسنانه: بقي كده! نبقي نشوف بقي فين الدليل على كلامه ومين هيصدقه.


    سامي: طب لازم تكون موجود في قصرك. على الأقل عشان متلفتش نظر حد

    جاسر منفثا في سيجاره: ماشي. هشوف الموضوع ده، أقفل أنت

    سامي: ماشي. سلام

    جاسر في نفسه: أعترف! يبقي هو اللي جابه لنفسه

    - في حين أغلق سامي الهاتف ونظر له ( أيمن ) وكأنه يعلن أتمام مهمته

    أيمن باأبتسامه ماكره: عظيم قوي، أنت كده بره ال game ياسيادة اللواء، بس أفتكر أن عيني هتفضل عليك ومتابعاك

    سامي ذافرا أنفاسه بضيق: متهددنيش.


    أيمن: لا بفكرك بس مش بهددك. عشان الغلطه الجايه مش هتتغفر

    سامي بتوجس: ...

    - كان جاسر مهيأ للخروج من القصر بينما أخذ يتفحص خزانته جيدا، أخرج العديد من الملفات الورقيه وأخذ يدقق النظر بها ثم هتف مناديا على كاثرين

    كاثرين دالفه للحجرة: أمرك سيدي الشاب

    جاسر ممدا يده: خدي الملفات دي. هتطلعيها في الروف، وطبعا أنتي عارفه هتتشال فين

    كاثرين ملتقطه الملفات: بالتأكيد سيدي الشاب.


    جاسر ذافرا أنفاسه المختلطه ببقايا النيكوتين: كويس، أطلعي نفذي أنتي وانا ورايا مشوار وراجع

    كاثرين قاطبه جبينها: أتمني عودتك سالما

    جاسر ملتفتا أليها: ...


    - كانت آسيل تؤدي فريضة الصلاه بعد أن تأكدت من شفاء قدميها تماما حتى تستطيع القيام بذلك. وما أن أنتهت من صلاتها حتى أستمعت لصوت طلقات ناريه مدويه بالخارج فاأنتفضت فزعا من مكانها ونظرت من شرفة غرفتها لتجد حربا ومعركه قد نشبت للتو ما بيت قوات الشرطه ورجال جاسر. أمتزج صوت صهيل الجواد ونباح الكلب بصوت طلقات النار المتتاليه والتي كانت لا تتوقف. رأت بعينيها أرواحا تسقط أرضا فاقده حياتها، كان الرعب يتملكها وشعرت باأرتخاء جسدها للغايه وكأنها ستسقط فاقده للوعي من هول الحرب الدمويه القائمه أمام ناظريها. وفجأة أنتفض جسدها على أثر صوت فتح باب غرفتها ليدلف أمجد وعلى وجهه تعابير غير مبشرة بالمرة.


    أمجد بلهجه آمره: المرة اللي فاتت أتخطفتي مني، المرة دي أنا اللي هخطفك منه

    آسيل مبتلعه ريقها بصعوبه: اا انت اتجننت، ايه اللي بتعمله ده، خليك عندك متتحركش خطوة واحده

    أمجد مقتربا وبلهجه عنيفه: اه اتجننت. من يوم فرحك اللي اتخطفتي منه وانا ماشي بربع دماغ بس، انا هعرفك أيه اللي بعمله.


    - لم يمهلها فرصه للرد عليه بل بطح أنفها برأسه بقوة لتسقط بين ذراعيه. فقام بحملها على وجه السرعه وتوجه بها للخارج بحرص شديد وهو يلتفت حوله ليتأكد من خلو الطريق أمامه ثم هبط بها سريعا وبخطوات راكضه لخارج القصر باأكمله.


    - في حين أرتعدت كاثرين وظلت قابعه في الأعلي تراقب ما يدور حولها من معارك بصمت. ثم لمحت أمجد دالفا خارج القصر وحاملا آسيل بين ذراعيه. شهقت في فزع وتملكها الرعب أكثر وأكثر، فقررت محادثة سيدها حتى يقوم بالتصريف الفوري، بينما كان جاسر قائدا لسيارته متجها بها صوب القاهرة تلقي مكالمة هاتفيه من كاثرين. ضيق عينيه باأندهاش ثم ضغط على هاتفه للأيجاب

    جاسر: في أيه ياكاثرين.


    كاثرين بفزع: سيدي عليك الحضور فورا. فهناك حروب ناشبه هنا

    جاسر ضاغطا على مكابح السياره: بتقولي أيه!؟

    كاثرين بتعلثم: أقول أن ثمة معارك دائره هنا. كما أختطفت سيدتي آسيل. أرجوك أن تحضر

    - قذف جاسر هاتفه بقوة ثم صدح صوته في المكان صارخا بعد أن أكتشف الخديعه التي وقع بها

    جاسر بصوت صادح: لاااااااااااا...


    رواية مليكة الوحش للكاتبة ياسمين عادل الفصل التاسع والعشرون


    - أستدار بسيارته بحركه فجائيه وصار عائدا باأتجاه المزرعه مرة أخري وعلى أقصي سرعه حتى وصل. وجد عددا من رجاله قد أصابتهم بعض الرصاصات الحيه وأحدهم لقي حتفه، لم يهتم بشأنهم بل توجه مسرعا لداخل القصر ليجد كاثرين واقفه في منتصف ساحة القصر ومقلتيها مملؤتان بالدموع

    جاسر بنبره غليظه: أيه اللي حصل بالضبط؟


    كاثرين مبتلعه ريقها بصعوبه: لقد صعدت للأعلي من أجل تخبئة الملفات الورقيه الخاصة بك، وفجأة أقتحم صوت الطلقات الناريه الحيه مسامعي فنظرت من لأعلي لأجد حربا دمويه سائدة ما بين رجال الشرطه ورجالنا. لقد خدعونا سيدي وأحطاو بحراسك من كل أتجاه لتلجيم حركتهم، وفجأة لمحت ذلك الشاب ذات البشره الخمريه يحمل سيدتي آسيل وينطلق بها راكضا لخارج القصر وسط حراسة رجال الشرطه، ثم شعرت بهم ( رجال الشرطه ) ينطلقون فارين بسياراتهم وكأن مهمتم أقتصرت على خروج سيدتي من القصر.


    جاسر بصراخ ونبره صادحه: عاااااااااااااااا أبن ال # بيخدعني أنااااا، أناااا الليث اللي محدش أتجرأ وعرف يعملها ييجي ال# ويعمل كده معايا، ده انا هدفنه بالحيا، هحطه تحت ضرسي وأحلف أني مشوفتوش. هقلب الدنيا على دماغهم كلهم

    كاثرين بذعر: ...


    - صعد درجات الدرج الخشبي راكضا نحو غرفتها. وما أن دلف للغرفه ولم يجدها حتى شعر بقلبه وقد أعتصر آلما وأنقبض فجأة، قبض على عينيه محاولا كبح أنفعلاته والتحكم بها حيث شعر أنها تنسحب من بين سلطته وعليه أحكامها.


    - بينما توجه أمجد بسيارة الشرطه وبحوزته آسيل ومن خلفه عددا من سيارات الشرطه إلى منزل آسيل، وما أن وصل أسفل البنايه حتى ترجل من السيارة وحملها بين ذراعيه صاعدا بها للأعلي، في حين كان رؤؤف باأنتظاره بعد مكالمته الهاتفيه له وأخباره بعودة آسيل بين يديه

    رؤؤف وقد أنفرجت آساريره: بنتي. دخلها بسرعه أوضتها ياأمجد، براحه عليها

    لميا بلهفه: حبيبتي يابنتي. ياريتني كنت أنا ولا أنتي ياضنايا

    سهيله بنظرات زائغه: ...


    - دلف أمجد لداخل غرفتها ثم أراح جسدها برفق على الفراش. نظر لها بأعين مشتاقه قد ذبلها الحنين فأقترب من وجهها يتلمسه بأطراف أنامله. ولكنه عبس وجهه فجأة وأكفهرت ملامحه عندما تذكر زيجتها من ذلك المتوحش والأجرامي فعقد حاجبيه بتذمجر ثم سحب كفه سربعا وأنطلق خارج الغرفه باأندفاع

    أمجد موجهها ناظريه ل لميا: بنتك رجعت زي ما وعدتك بالضبط، متهيألي كده أنا مقصرتش.


    لميا باأمتنان: ربنا يحميك لشبابك يابني، ويخليكوا لبعض وتعوضوا ال...

    أمجد مشيرا بيده: لا لا لا أنا مبتجوزش واحده متجوزه ياطنط، لا وكمان شكلها بتحب جوزها اوي وبتخاف عليه

    رؤؤف مبتلعا ريقه الجاف بمراره: يابني أحنا لسه منعرفش حاجه عن اللي حصل و...


    أمجد بتهكم: مش عايز أعرف ؛ اللي حضرتك متعرفهوش أني روحت لآسيل وطلبت منها ترجع معايا وهي رفضت، رفضت ترجع لحضني ياعمي، وأختارت جوزها المجرم قتال القتله عليا انااا

    لميا ناظرة للأسفل: ...

    رؤؤف بنظرات جامده: مش هقدر احكم على بنتي بالاعدام. ولا هقول اي حاجه قبل ما اأسمع منها اللي حصل بالضبط أيه

    أمجد باأبتسامه من زاوية فمه: براحتكوا. بنتكوا رجعت لحضنكوا تاني وكلمتي نفذتها. ده اللي يهمني، عن أذنكوا.


    لميا بتردد: أستني يابني ا...

    رؤؤف مقاطعا: مع السلامه يابني روح شوف شغلك

    أمجد باأقتضاب: الله يسلمكوا

    - أنطلق أمجد لأسفل البنايه بينما توجه أبواها لغرفتها سريعا فوجدا سهيله جوارها تحاول أفاقتها ولكنها لا تستجيب، جلست لميا جوارها وحملت رأسها لتضعها بين أحضانها حيث تركت دموعها تنهمر على وجنتيها

    رؤؤف: يا لميا أهدي، رجعت لحضنك تاني كفايه بقي.


    لميا ببكاء: رجعت مدمرة يارؤؤف ومحدش عارف أيه اللي صابها، لازم أسمع منها كل اللي حصل

    رؤؤف مربتا على كتفها: طب سيبيها ترتاح وأول ما تفوق أكيد هنعرف كل حاجه

    لميا بتردد: ...

    سهيله: سيبيها ياماما وأنا هحاول أفوقها تاني.


    - تركت رأسها ثم مسدت على شعرها البني القاتم المتميز بالطول ثم توجهت بصحبة زوجها لخارج الغرفه وما زالت تلقي بنظراتها على أبنتها الغافله على الفراش، بينما أقتربت آسيل مرة أخري وعاودت نثر قطرات السائل المعطر ( البرفان ) على أنفها حتى تفيق.


    - ظل عيسي داخل محبسه الأنفرادي يلعن اليوم الذي رأي به وجه ذلك البغيض عديم الرحمه. فلقد أودي بباقي سنوات عمره وحكم عليه بالسجن والتورط فيما لا يفقه عنه شيئا، ظل يضمر بداخله مزيج من مشاعر الحقد والكراهيه والبغض تجاهه حتى ود لو أستطاع أنهاء حياته ( جاسر ) بيده، ولكنه ظل يدبر لمكيده يسقطه بها ردا على فعلته، وبينما هو داخل شروده إذ بالباب الحديدي الضخم ينفتح ويطل منه ( عسكري ) رادفا بنبره جهوريه.


    العسكري: جوم معاي ياأخينا. البيه حضرت رئيس النيابه عايزك

    عيسي ناهضا من مكانه: عايزني انا؟

    العسكري بتهكم: هو في غيرك وأني مواخدش بالي!

    عيسي باأشمئزاز: طيب

    - صار عيسي بخطوات ثقيله خلف ذلك النحيل القصير ( العسكري ) حتى وصل لغرفة رئيس النيابه وعندما دلف للداخل. وجد أخيه الأصغر جالسا وقبالته شابا أخر في ريعان شبابه

    سامر بلهفه: عيسي. عامل أيه ياحبيبي

    عيسي عاقدا حاجبيه بضيق: زفت ياسامر. زفت.


    إيمن بلهجه صارمه: الاستاذ رئيس النيابه مكنش موافق ليك بالزيارة. لكني ألحيت عليه عشان خاطر أخوك بس من عشانك

    عيسي قابضا على شفتيه بحنق: ...

    سامر قاطبا حاجبيه بضيق: ليه كده ياعيسي، دولارات والماظ! ليه كده بس ياأبن أبويا

    عيسي بحده: مش بتوعي ولا أعرف عنهم حاجه، دول متلفقين أكيد حد عايز يلبسني في الحيط

    أيمن بتهكم واأبتسامه ساخرة: اه صح! بالمناسبه. أنت هاتلبس قضيه تانيه قريب اوي ومبروك عليك الاعدام مقدما.


    عيسي فاغرا شفتيه: أيييييييييييه! قضيه تانيه؟ أنااا

    أيمن بنظرات جامدة: اه قضية تانيه، ولا نسيت قضية أختفاء الضباط؟

    عيسي بذعر: ضباط! ضباط أيه انا ماليش فيه ولا أعرف حاجه و...

    أيمن بحده: متحاولش تنكر، في شهود عيان عليك والقضيه هتتفتح تاني وهتاخد العقاب اللي تستحقه

    عيسي باأرتجاف وجسد منتفض: والله ما انا دد ده جاسر هو اللي خلص عليهم انا ماليش دعوة و...


    ايمن بنظرات محدقه: أيووووه، أرجع لورا شويتين كده. مين جاسر وعمل كده ليه؟

    عيسي مبتلعا ريقه بصعوبه: ...

    أيمن بثبات: طول ماأنت هنا هتكون في أمان، بس لازم أعرف اللي حصل. وانا أوعدك اني هقدر أحميك وكمان هعتبرك شاهد ملك في قضية الضباط

    عيسي رامشا عدة رمشات متتاليه: ، أنا هقولك اللي حصل!


    - كانت جوان بغرفتها تعاني آلآم وجهها المحترق. حاولت البكاء مرارا ولكنها منعت نفسها حتى لا تتألم أكثر، شردت في ماضيها الملوث عندما ألتقت بجاسر بأحدي الملاهي الليليه وقرر أنتشالها من ذلك المكان ليهديها لثروت وتنتقل من حياتها لحياة أخري مترفه مرفهه حتى أصطدمت بواقع أخر أودي بحالها للرقود بمشفي لعلاج الامراض الجلديه، ذفرت أنفاسها بضيق ثم أدارت ببصرها نحو باب غرفتها الذي أنفتح ليدلف منه أحد العاملين بالمشفي.


    الممرض: صباح الخير، لسه حاسه بألم

    جوان مضيقه عينيها: شويه، أنت مين؟

    الممرض باأبتسامه مزيفه: أنا باعتني الدكتور عسان أديكي حقنه مسكنه

    جوان محدقه: بس أنا مش باخد حقن خالص

    الممرض مقتربا: أستثنائي المرة دي، وبعدين انا بنفذ أوامر.


    - أقترب الممرض وعلى وجهه أبتسامه ماكرة خبيثه ثم قام بوغز الزجاجه البلاستيكيه اللينه المعلقه جوارها ومتصله بوريد يديها بأحدي الأبر الطبيه المعبئه بسائل محمر اللون ومن ثم أردف بلهجه مستنكره

    الممرض باأبتسامه من زاوية فمه: بالشفا

    جوان بأعين منغلقه: شكرا.


    - أنصرف الممرض وعلى وجهه تقاسيم مريبه غير مريحه. بينما شعرت جوان بشيئا ما قد أصابها تشوشت رؤيتها وباتت أنفاسها تتقطع وتبدو بصوره غير منتظمه كما زادت ضربات قلبها. حاولت الصراخ ولكن شعرت بصوتها لا يخرج من شفتيها وكأن الكلمات توقفت في حلقها، وفجأة أنطبق جفنيها وأغلقت عينيها مستسلمه لملك الموت الذي قبض روحها على غفله منها.


    - في حين أبلغ الطبيب المعالج لجوان ( ثروت ) بأنها قد لاقت حتفها لأسباب غير معروفه، فاأمر ثروت بتجهيز جثمانها حتى يتم دفنها بمدافن الصدقه، فلقد رفض داخله رفضا قاطعا أن تنضم جوان لأحد المدافن التابعه له. ولا يستطيع الوصول لأي من أقربائها الأن. فقط فعل ما رأها تستحقه.


    - في الصباح الباكر. أستيقظت آسيل من غفلتها أخيرا وحاولت التدقيق بعينيها لما حولها، حتى أكتشفت أنها داخل غرفتها بالمنزل. هبت من مكانها وقد أعترتها الصدمه حتى تذكرت ما حدث معها ليلة أمس، حينما أخذها أمجد عنوة عنها، وفجأة دلفت لميا بالغرفه حامله بيدها حامل الطعام وعلى ثغرها أبتسامه واسعه

    لميا بلهفه: صباح الخير ياحبيبة ماما

    آسيل بدموع: ...


    - لم تتفوه بكلمه واحده بل أنها أثرت الصمت في حين نهضت من مكانها سريعا وأرتمت بين أحضان والدتها تشكو أليها مرارة ما فعلت بها الأيام فضمتها أليها بحنو شديد وهي تتسأل ما أصابها. ظلت لميا على وضع المستمع الصامت في حين سردت عليها تفاصيل ظا حدث معها طيلة الثلاثة أشهر أو أكثر. بينما كانت تقاسيم وجهها تعبر عن الحزن الشديد والالم الذي سيطر على كيانها، وبعد أن قصت عليها آسيل كل ما حدث ذفرت أنفاسها بضيق وقبضت على عينيها ثم أردفت.


    آسيل بنبره مختنقه: أنا متأكده لو كملت معاه أكيد هوصل لنتيجه إيجابيه و...

    لميا بنبره حاده: أنتي أكيد حصل حاجه لعقلك، مين ده اللي تكملي معاه. أنتي متخيله اني هسمحلك ترجعي للهمجي ده؟

    آسيل عاقده حاجبيها: ده جوزي ياماما

    لميا ناهضه من مكانها: كتك جوز جزم في دماغك، أيه اللي جرالك يابت مكنتيش بتفكري بالطريقه دي

    آسيل بنظرات ضعيفه: لازم بعد كل العك اللي حصل أفكر بطريقه تانيه. لو سمحتي متمنعنيش ياماما.


    لميا قابضه على ذراعها: وحيات ربنا ما هاتبقي بنتي ولا أعرفك ولا ها...

    - دلف رؤؤف عليهم ليقطع حديثها هاتفها

    رؤؤف بلهجه حازمه: لمياااا، سيبيني مع سولي لوحدنا شويه

    لميا بنبره غليظه: ليه؟! عشان تدادي وتدلع فيها

    رؤؤف قابضا على عينيه: لميا. قولتلك اطلعي وسيبينا سوا لو سمحتي

    لميا موجهه نظراتها الناريه صوب آسيل: ماشي يا رؤؤف.


    - دلفت لميا للخارج بأندفاع وصفعت الباب خلفها صفعه قويه بينما توجه رؤؤف نحو الفراش وجلس جوارها مربتا على كتفها

    رؤؤف بنبره حانيه: وحشتيني أوي ياسولي. وحشتني مناغشتك ومناقرتك معايا طول الوقت، حتى منافستك معايا في المكتب وحشتني. موحشكيش مكتبك وشغلك وعملائك ولا أيه ياأستاذه؟

    آسيل وقد ترقرقت العبرات على وجنتيها: وحشتني يابابا، بس...


    رؤؤف بترقب: بس أيه؟! بصي ياآسيل أنا سمعت كل حاجه وعرفت اللي حصل، أولا كده ده مش جوزك يابنتي شرعا جوازكم مش كامل الأركان

    آسيل بنظرات زائغه: ...

    رؤؤف بتتبع: أيوة مش جوزك، هو مش الجواز قبول ورضا من الطرفين. أنتي كده كنتي مغصوبه توافقي عشان شوفتي أن معندكيش حل تاني، ثانيا وده الأهم، فين ولي أمرك؟! أنتي بكر رشيد ولازم يكون ليكي وكيل مينفعش شرعا تكوني وكيلة نفسك

    آسيل ناظره للأسفل: ...


    رؤؤف بتنهيده حارة: مش عايز أشوف نظرة الأنكسار دي في عينك. بنتي قويه وهتفضل طول عمرها قويه

    آسيل قابضه على عينيها لتنسدل منها عبراتها الساخنه: كان زمان

    رؤؤف ممسكا برأسها بين راحتي يده: لا مكنش زمان، دلوقتي وكل وقت. هتنزلي شغلك وتعيشي حياتك طبيعي جدا وهترجعي زي الأول وأحسن

    آسيل محركه رأسها: ...

    رؤؤف باأبتسامه صغيره: طب يلا أفطري أحسن أنتي خسيتي النص

    آسيل بنصف أبتسامه: حاضر.


    - كانت آسيل على يقين بأن جاسر سيعاود البحث عنها ويقوم بمحاولاته لأستردادها مرة أخري. فهي لن تستطيع الوصول إليه على إي حال، فحاولت أن تسترجع حياتها الطبيعيه وكأن شيئا لم يكن

    - رفض جاسر المكوث في المزرعه بعد ما حدث. فاأصطحب حيوانه الأليف روكس وخادمته الوفيه كاثرين وترك ما تبقي من رجاله لحراسة المزرعة

    جاسر بنظرات مفترسه و عيون كالصقر: متهيألي كل واحد عرف هيعمل إيه

    الحارس 1: تحت أمر معاليك.


    الحارس 2: أطمن ياباشا

    جاسر موليهم ظهره واضعا يده في جيب بنطاله: والزباله اللي اوضة الكلب ترموه في إي مستذفي حكومه من اللي بترمي المرضي على الأرض عشان مفيش مكان ليهم، وقبل ده تحذروه من إي حرف يطلع من بوقه

    الحارس 3: متقلقش من الحكاية دي ياجاسر بيه، أنا هتولاها بنفسي

    جاسر بصرامه: كل واحد في مكانه

    الحرس بصوت واحد: أمرك ياباشا.


    - أنطلق الحرس كل إلى مكانه بينما أرتدي حاسر سترته ثم ألتقط جاسر حقيبة جلديه بنيه وهاتفه المحمول ومفاتيح سيارته ودلف خارج حجرة المكتب مشيرا بيده لكاثرين لكي تلحق به، وبعد أن أستقل سيارته بصحبة كاثرين وروكس. لاحظت كاثرين شروده الزائد عن الحد وتنفيثه بشراهه في سجائره الواحده تلك الأخري. فبادرته كاثرين بنبره هادئه قائله

    كاثرين بهدوء: سيدي، ألن تستعيد زوجتك؟

    جاسر مبتلعا ريقه بصعوبه: ...


    كاثرين بتوجس: هل على أز أعيد عليك السؤال مرة أخري؟

    جاسر بنبره واهنه: لا مش هرجعها

    كاثرين فاغره شفتيها: هاااا ماذا؟!

    جاسر وقد خيم الحزن على ملامحه: زي ما سمعتي، أنا لسه قدامي طريق طويل كله أنتقام وميت واحد بقوا في وشي مش في دهري. مقدرش أضحي بيها وأكون أناني وأخليها جمبي. عشان محدش يقدر يأذيها بسببي. هتكون عيني عليها في كل مكان حمايه ليها لكني لازم أبقي بعيد أمان ليها.


    كاثرين محدقه: لا أصدق ما تفوه به فمك الأن، لقد تغيرت سيدي وتبدلت تفاصيلك

    جاسر منفثا في سيجارته: ومين مبيتغيرش!

    كاثرين بخبث: عليك الأعتراف بحبها. لما المجادله بعد كل ما حدث؟

    جاسر بتنهيده حارة وأنفاسا مشتعله: حبتها، أيوة حبيتها. بس غلط، كل اللي حصل من الأول للأخر غلط، مكنش ينفع يحصل كل ده. سنين والكل بيلف حوالين نفسه محدش قدر يكشفني لكن آسيل...

    كاثرين بنظرات ضيقه: آسيل ماذا؟


    جاسر باأبتسامه من زاوية فمه: آسيل هي الجميله اللي كانت السبب في نهاية الوحش

    كاثرين مبتلعه ريقها بصعوبه: ...

    كاثرين في نفسها: لابد وأن ثمة حل للموضوع، ولكن ماذا عساي أن أفعل وكيف أستطيع الوصول إليها!


    - وصل جاسر مؤخرا لقصره بالقاهرة وترك كاثرين وروكس ثم توجه صوب شركته، وما أن وصل حتى طلب الأجتماع بالمحامي الخاص بالشركه. حيث وصلت مدة الأجتماع لأكثر من ثلاث ساعات متواصله يتبادلون فيها الأراء ويلقي جاسر بالمسؤليات عليه

    جاسر حاككا طرف ذقنه: فهمت يامتر هتعمل أيه؟

    المحامي بتردد: أيوة فهمت، بس الملفات دي محتاجها أمتي؟

    جاسر ناهضا من مكانه: النهاردة قبل بكرة.


    المحامي: لا طبعا ياأستاذ جاسر صعب جدا. أديني كام يوم كده وتكون الدنيا كلها أتظبطت زي ما أنت عايز وبختم النسر كمان

    جاسر مشيره بأصبعيه السبابه والوسطي: هما يومين وتديني التمام. أنا معنديش إي وقت أستني

    المحامي حاككا رأسه: هحاول

    جاسر بحده: تقدر تتفضل أنت دلوقتي

    المحامي ممسكا بالملفات الورقيه بين يديه: حاضر يافندم. عن أذنك.


    - أبتعد جاسر عن طاولة الأجتماعات الكبيره متوجها صور مكتبه الخشبي، نزع عنه سترته الرصاصيه ثم شرع بفتح أزرار قميصه وألقي بجسده على المقعد الوثير جالسا عليه باأريحيه

    جاسر محدثا نفسه: لو اللي خططتله أتحقق زي ما أنا راسم بالضبط هتبقي نقله في حياتي. أتخلصت من عيسي ولسه مكمل. وهتخلص من ثروت، هنضف السواد اللي عيشت فيه سنين وبعدها، كل حاجه هتتغير.


    - قام عيسي بالأعتراف على جاسر بقضية أختفاء ضباط الشرطه حيث أوقعه أيمن بشر أعماله وأستطاع الحصول منه على أعتراف رسمي، بينما كان الذهول والصدمه تسيطر كليا على أخيه ( سامر ) عندما علم بكل تلك المصائب التي تورط بها أخيه. فلقد أنهارت صورته أمام عينيه وأقسم الأبتعاد عنه وأعتباره نكره غير موجود على وجه الأرض، فتم حبس المتهم ( عيسي ) خمسة عشر يوما على ذمة التحقيق.


    ذهب سامر لمنزله وقد أقسم بداخله على ترك ذلك المنزل المملوك لأخيه الأكبر، فبرغم أستهتار أخيه وعدم تحمله أدني مسؤليه إلا أنه لن يقبل تلك الحياه التي لم يكن يعلم شيئا عن مخابئها، جمع أشيائه كامله فيما يتعدي الثلاث حقائب الكبيرة ثم قرر العودة لديار والده التي هجروها منذ سنوات بعد وفاته، فاألتقط مفاتيحه وتوجه خارج المنزل بالكامل فلقد بغض كل زاويه به.


    - ظلت آسيل حبيسة غرفتها لمدة 4 أيام. لا تستطيع مواجهة إي أحد ولا ترغب بذلك، وذات يوم كانت قد تأهبت للخروج من المنزل متوجهه لمكتبها الخاص الذي هجرته منذ أكثر من ثلاثة أشهر

    لميا محدقه: آسيل. أنتي خارجه؟

    آسيل ببرود: أيوة ياماما ؛ هروح المكتب عشان أفوق وألهي نفسي في الشغل شويه

    لميا لاويه شفتيها: وهترجعي أنتي؟

    آسيل واضعه يدها على فمها: مش هتأخر ياماما ساعتين زمن بالكتير.


    لميا ممسده على ظهرها: مالك كده شكلك تعبان وخاسه. ما تيجي اخدك للدكتور ان شالله يكتبلك شوية فيتامينات ومقويات

    آسيل مبتلعه ريقها: لا ملهوش لزوم. كام يوم وهابقي تمام

    سهيله بحيويه: صباح الخير عليكوا

    لميا، آسيل: صباح النور

    سهيله بنظرات متفحصه: رايحه فين كده ياسولي؟

    آسيل باأبتسامه: رايحه المكتب، متهيألي مش محتاجاني في توصيله ولا حاجه بعد التخرج

    سهيله بمرح: لا هحتاجك بقي لما أتعين وتوديني الشغل.


    آسيل بضحكه مزيفه: ههههه أنتي مش ناويه تعتقيني؟

    سهيله: تؤ مش ناويه خالص

    لميا محتضنه أبنتاها: ربنا يخليكوا لبعض ياحبايبي

    آسيل: ياارب، عن أذنكوا

    لميا: خلي بالك من نفسك ياآسيل

    آسيل بهدوء: حاضر ياماما

    - أنصرفت آسيل بعجاله بينما ظلت سهيله مسلطه بصرها على والدتها التي دبت الحياه إليها مرة أخري ثم أردفت قائله

    سهيله بحيرة: هي تعرف حاجه عن اللي حصل

    لميا بتنهيده: لا متعرفش، ومش ناويه أعرفها حاجه.


    سهيله بنصف أبتسامه: مفيش حاجه بتستخبي ياماما وهتعرف هتعرف

    لميا موليه ظهرها: ربك ييسرها ساعتها. اللي يهمني انكوا بناتي واهتفضلوا اخوات طول عمركو

    سهيله ناظره للاسفل: طبعا.


    - وصلت آسيل لمكتب المحاماه الخاص بها. حيث وجدت الأتربه والغبار قد عم المكان وكأن سنين مرت على غيابها. رسمت أسمه على مكتبها الخشبي المغطي بطبقه من الاتربه حيث بدا ظاهرا وسط هاله رماديه اللون. ألتفت برأسها تتفحص غرفة مكتبها فوقعت عينيها على تلك الصورة المعلقه على الحائط والتي كانت معبره تماما عما مرت به. وما هي إلا ثواني حتى أستمعت لطرقات خافته على باب مكتبها فتوجهت بخطوات مرتعده متوجسه صوب الباب لتفتحه فوجدت أمامها...


    كاثرين باأبتسامه: لقد عانيت الويل من أجل الوصول إلى هنا

    آسيل فاغره شفتيها: كاااثرين! جيتي هنا أزاي وعرفتي المكتب منين؟

    كاثرين: لا تنسي بطاقة هويتك التي ما زالت بحوزة سيدي الشاب. والتي أستطعت من خلالها الوصول لعنوان منزلك ومنه إلى عنوان مكتبك الخاص

    آسيل بتوجس: أهلا بيكي، أتفضلي، بس أيه سبب كل ده؟

    كاثرين بتنهيده: حياة سيدي الشاب على المحك، لما لا تعودي لتسانديه وتقفي جواره.


    آسيل مستجمعه رباطة جأشها: مينفعش، الوضع كده رجع لأصله

    كاثرين عاقده حاجبيها: حتى وأن أفصحت لكي بمدي غرامه بكي، حتى وان أخبرتك أن قلبه يعاني ويلات فراقك ولكنه لا يتكلم أو حتى يصدر آنينا. كما تعودت عليه دائما كاتم لما بداخله

    آسيل بوهن: أنا مبقتش عارفه أعمل أيه وأرضي مين

    كاثرين باأمتغاض: لماذا تودين تحطيم كل ما بدأ سيدي بناؤه؟

    آسيل محدقه: ، هااااا.


    كاثرين بضيق: أنا على ثقه أن سيدي يدبر للتخلص من تلك الأناس الذين يحاوطوه ليبدأ حياة جديدة. ينقصها وجودك جواره دعم وسند

    آسيل رامشه بعيونها: ...

    كاثرين ضاغطه على كف يدها: أقسم لكي أنه بحاجتك

    آسيل مبتلعه ريقها بصعوبه: هو اللي باعتك

    كاثرين: على العكس سيدتي، فأنه رافضا وجودك جواره ويعتبر هذا طمعا منه وتعديا على حمايتك

    آسيل ناظره للأسفل: ...


    - ذفرت كاثرين أنفاسها المختنقه ثم قامت بأخراج ورقه كرتونيه صغيره من جيب حقيبتها ثم مدتها لها قائله

    كاثرين: هذه البطاقه الصغيره تحمل عنوان القصر تفصيليلا، أتمني أن يكون الحب قد طرق بابك كما أقتحم أغوار قلب سيدي الشاب، أستئذنك.


    - أنطلقت كاثرين سريعا لخارج المكتب والبنايه باأكملها بينما كانت آسيل مسلطه بصرها على تلك البطاقه ( الكارت ) وبرأسها الف سؤال متضارب مع الأسئله الاخري، ولكنها حتما ستصل لقرار بشأن ذلك.


    - داخل مكتب رئيس النيابه. وبعد شهادة عيسي الصريحه قررت النيابه أصدار أمر بالقبض على جاسر ومواجهته بأعتراف عيسي ضده وجمع كافة الدلائل حتى تكون القضيه مستوفاه لتقديمها لهيئة القضاء، بينما كان جاسر بحجرة روكس ممدا بجواره على الأرضيه يمسد على فروته السوداء برفق. فوجد هاتفه قد علت أصوات رنينه لتعلن عن أتصالا هاتفيا من المحامي الخاص به فاأضطر للرد عليه متأففا

    جاسر بتأفف: خير؟


    المحامي بهلع: طلع أمر بالقبض عليك ولسه البوة سايبه الشركه حالا

    جاسر قابضا على عينيه: وماله

    المحامي باأقتضاب: انا قولتلك وعملت اللي عليا. وانت عايز تلحق تنفد بجلدك يبقي...

    جاسر بنبرة جديه: لا مش هنفد بجلدي ولا حاجه، خلاص عادي. اقفل انت

    المحامي بصدمه: براحتك.


    - نهض عن جلسته ثم توجه للخارج بخطوات ثابته بطيئه، شعر بنفاذ طاقته لمواجهة الجميع، فهو ليس بأله ألكترونيه. بشر مثله كمثل إي بشر. لا يهاب المواجهه او حتى الموت فبنظره كل ما هو أت يتساوي ببعضه البعض.


    - بينما قررت آسيل السماع لنصيحة كاثرين. ومحاولة العودة لعلها تستطيع التأثير بحياته حتى وأن لم تكن له، أرتدت ملابسها الخفيفه التي تسهل عليها حركتها. فليس أمامها سوي الهرب حتى ولو لبضع ساعات، أطلت برأسها خارج الغرفه لتستكشف من خارج الغرفه فوجدت والدتها داخل غرفة أعداد الطعام ووالدها مازال قابعا بمكتبه وأختها الصغري منسجمه بترتيب غرفتها. دلفت خارج الغرفه على أطراف أصابعها ثم توجهت خارج البنايه بأكملها في غفله من الجميع.


    أستقلت سيارة أجرة وأنطلقت بها نحو العنوان المدون على تلك الورقه. وفي غصون النصف ساعة قد وصلت لمحيط القصر، كان جاسر جالسا بشرفة غرفتة ينفث سجائره منتظرا لتلك القوة الموكله بالقبض عليه وفجأة لمح سيارة أجرة تصف أمام البوابه وتدلف آسيل خارج السياره، هب من مكانه فزعا وهبط الدرج الرخامي بسرعة البرق متوجهها إلى الخارج بخطوات راكضه حتى وصل أليها.


    جاسر قابضا على ذراعها: أنتي أيه اللي جابك هنا، وعرفتي تيجي أزاي

    آسيل بفزع: اا ا، ا اصل...

    جاسر بنظرات حادة ولهجه غليظه: أنتي أكيد حصل حاجه في دماغك، أمشي من هنا فورا

    آسيل بدموع: على فكرة أنا جايه أساعدك مش برمي نفسي عليك

    جاسر جاذبا أياها لتلتصق به: أفهمي بقي، انا قاعد مستني نهايتي. مستني قوة من الشرطه جايه تقبض عليا دلوقتي لازم تمشي من هنا

    آسيل بنظرات دافئه: مش هسيبك، هقف جمبك وأدعمك.


    جاسر ناظرا لعينيها: ياريت كان ينفع يامليكتي، ارجوكي تمشي. اول مرة في حياتي اترجي حد

    آسيل بأصرار: لا مش ماشيه

    - أستمع جاسر لصوتا خافتا يشبه أبواق سيارات الشرطه فأشتعلت عينيه غيظا ثم جذبها خلفه ليدلف بها لداخل القصر، وقف جوار الباب الحديدي ثم هتف ب

    جاسر بحده: أمشي من باب الجراج اللي ورا مش هتلاقي عنده حرس

    آسيل: لا أنا معاك

    جاسر مصرا على أسنانه: أنا مش داخل معاكي دور عند، ليه مش عايزة تسمعي الكلام.


    آسيل بتنهيده: قدري بقي معاك، أعمل أنا أيه. بقي في أكبر من مجرد ورقة جواز بتجمعني بيك، حته منك ربنا زرعها جوايا، تقدر تقولي أعمل أنا أيه دلوقتي وكل حاجه خرجت من أيدي

    - أصابته الصاعقه وغمت عينيه هالة سوداء من هول ما سمع، فلقد أصبح أبا محكوم عليه بالأعدام من كل من حوله، أبا ليس له حق الحياة الطبيعيه وسط أسرة متكامله، أبتلع ريقه الجاف بمرارة ثم أردف بنبره متقطعه قائلا.


    جاسر بصوت متقطع: ح حامل!؟ مينفعش، انا منفعش اكون إي حاجه، أجهضيه نزليه أعظلي اي حاجه. اوعي تخليه يتولد في دنيا زي دي، ليه تحكمي عليه يعيش متعذب طول عمره ويتعير بيا، ليه تتعسيه حرام

    آسيل بنبره هادرة: ليه مش عايز تفوق من غيبوبتك، ربنا بيسامح ياجاسر وانا هقف جمبك ليه مصمم تخسر نفسك.


    جاسر بنبره صادحه وهو يهز ذراعيها: الناس مبتسامحس ؛ احنا في دنيا الناس اللي بيحكموا مش ربنا. ربنا لو سامحني الناس مش هتسامح.


    - قطع حديثه طيفا مر أمام مخيلته. حيث لمح قناصا يتربص بهم عن طريق المرآه المعاكسه، فزع وحدقت عينيه بقوة ثم أدارها لتقف خلفه ويسد عنها إي ضرر كما أخرج سلاحه من خلف ظهره فكانت رصاصة القناص أسرع أليه منه، أطلق القناص رصاصه أخترقت ضلوعه لتسكن بقلبه بينما اطلق جاسر رصاصه أخري من سلاحه لتصيب رأس ذلك القناص، صرخت آسيل وتعالت صيحاتها عند رؤيتها بحر الدماء الذي أنهمر من صدره بينما أردف قائلا.


    جاسر كابحا أنينه: بسسسسسس، طول عمري مبحبش الصريخ والصوت العالي

    آسيل ببكاء: حد ييجي هنا. حد يجيب أسعاف كاااااااثرين انتي فيييين

    - حاولت ا مساك به حتى تحصنه من السقوط ولكنه رفض مساعدتها وتشبث بالعمود الحديدي القائم جوار باب القصر حتى يظل واقفا

    جاسر: متمسكنيش، انا مش ضعيف

    آسيل بدموع: أرجوك تقاوم، مش عايزة أخسرك.


    جاسر ملامسا لوجنتيها ماسحا عنها عبراتها: ياريتني ما عرفتك، كنت هفضل جاسر الليث، بس أنتي كنتي الحاجه الوحيده الحلوة اللي حياتي، أوعي تكوني لسه بتكرهيني. أوعي تكرهي واحد أختار الموت عشان بس يبقي جمبك، كنت عارف ان النهايه قربت بقربك مني ومترددتش. سيبتك عايشه وكنت عارف أن انتي اللي هتنهي أسطورة الليث، بحبك آسيل.


    - انسالت دموعها بغزاره لم تعهدها من قبل. فها هو أخيرا يعترف بحبه لها ولأول مرة. ولكن بالوقت الخطأ، لقد خسرت وجوده بحياتها للأبد.


    بدأ جسده يتثلج والدماء تهرب منه كما شعر بنفاذ طاقته فاأستسلم بعد مجاهده وترك العنان لقدمه حتى يسقط أرضا بين أحضانها، في حين ظلت كاثرين ملتزمه مكانها على باب الغرفه ودموعها لا تتوقف ولكن بصمت. لم تستطع الاقتراب حتى لا تري سيدها ولأول مرة بتلك الحاله، بينما ركض روكس عقب سماعه لصوت طلقات ناريه لداخل القصر فوجد سيده ملقي أرضا. أنبطح روكس أرضا وكأنه أنسان وبشر يشعر ويتفهم. فكانت عيناه الواسعتين قد اغرورقت بالدموع وظل يأن في صمت.


    جاسر قابضا على عينيه: أسمعيني كويس أوي. حقي لازم يرجع، خلي كاثرين تديكي كل الورق اللي معاها هيساعدك ويفيدك، متمديش أيدك على فلوسي وأتبرعي بيها كلها. ما عدا المزرعه، دي مكتوبه بأسمك أوعي تفرطي فيها. انا حبيتها أوي

    آسيل بنبره متشنجه على أثر البكاء: كفايه كلام و...

    جاسر واضعا أصبعه على فمها: سيبني اخلص أخر كلامي، متسميش أبني على أسمي، سميه على أسمي الحقيقي

    آسيل بشهقه ممزوجه بالبكاء: هاااااا.


    جاسر مبتلعا ريقه: هتلاقي كل الورق اللي يثبت هويتي الحقيقيه مع كاثرين

    آسيل ملامسه وجنتيه: أسمك أيه؟

    جاسر مغمضا عينيه: هاتيلي حقي، مش هسامحك لو مجيبتيش حقي يا، يامليكتي

    آسيل ماسحه عبراتها: حاضر. حاضر والله وكمان ها، جاسر، انت نمت، جاسر قوم

    - أنقطعت أنفاسه فجأة وخفت قبضته الممسكه بكفها وبدت ملامحه في الشحوب، هدر صوت صراخها الذي أمتزج بنباح الكلب عاليا وصدحت نبراتها أرجاء المكان تشكو لبارئها مرارة فراقه.


    آسيل بتألم: أأأأأأأأأأأأأأأأه...



    رواية مليكة الوحش للكاتبة ياسمين عادل الفصل الثلاثون والأخير


    - وصلت قوات الشرطه فوجدت القصر خاليا من الحراسه، توجسوا خيفة أن تكون تلك خدعه جديده من جاسر ولم يكن لديهم العلم أن رجاله فروا هاربين بعد أن علموا بمقتله. بينما كانت آسيل تضم رأسه بين أحضانها وتفيض عيناها أنهارا من الدموع الحارة إذ بقوات الشرطه تقتحم القصر وتغزوه من كل مكان حتى أمت بهم، وما أن عثرو على جثمان ذلك القناص حتى تحفظوا عليه وعلى جثمان جاسر ولكنها رفضت ( آسيل ) رفضا قاطعا تسليمهم جثته حتى لا يتم تشريحها.


    الضابط باأمتغاض: اللي بتعمليه ده مش قانوني، أنتي كده بتعطلي موظف حكومي عن أداء وظيفته

    آسيل ببكاء: مش هسيبهولك، ده جوزي ومن حقي أرفض أنكوا تقطعوا في جسمه

    الضابط بوجه مكفهر: هو أحنا هنقطع ونرمي للكلاب، ده الطب الشرعي والجثه لازم تتشرح

    آسيل بنبره غليظه: لااااا

    الضابط 2: النيابه في الطريق عشان تعاين مسرح الجريمه. يبقوا يقرروا هما بقي أيه الحل.


    - وما هي إلا دقائق وحضرت النيابه بالفعل لمسرح الجريمه، فكانت الفاجعه عندما وجد إيمن ( آسيل ) حاضره بالمكان

    إيمن بذهول: آنسه آسيل، أيه اللي جابك هنا تاني بعد ما رجعتي البيت

    آسيل ببكاء: ...

    إيمن قابضا على شفتيه: أنتي كنتي موجوده لما الجريمه وقعت

    آسيل مومأه رأسها: ...

    إيمن حاككا طرف ذقنه: اا ا يبقي للأسف لازم تيجي معانا

    آسيل محدقه: ...


    - لم تجادل آسيل معه في الحديث بل توجهت لمقر مديرية أمن القاهرة للتحقيق بالواقعه بينما رأي إيمن ضرورة إبلاغ أمجد بما جد من أمور، فلم يتمهل أمجد إذ توجه على وجه السرعه لمقر المديريه لحضور التحقيقات برفقتها ولكن كان الأمر غاية الصعوبه، وبينما هو منهمكا في محاولاته المتعددة للدلوف إليها إذ بهاتفه يصدر ضجيجا معلنا عن مكالمه هاتفيه.


    أمجد: أيوة ياعمي، أه عارف هي فين، معايا ياعمي متقلقش، هابقي أحكيلك بعدين، أهدي بس ياعمي ومتقلقش، حاضر هجيبها وأجي، سلام

    لميا بعصبيه مفرطه: ده أنا هبهدلها، أزاي تخرج من ورايا يارؤؤف وراحت فين؟

    رؤؤف بنبره عاليه: أهدي بقي يالميا بقالك ساعتين بتشيلي وتحطي على الفاضي، ما خلاص عرفنا هي فين ومع مين. اصبري ترجع ونفهم منها

    لميا بغيظ: لا لا بنتي أتغيرت ومبقتش زي الأول، أنا حاسه بيها وبتغيرها من ساعة ما رجعت.


    رؤؤف بتنهيده: مشافتش شويه يالميا. ياريت كفايه ضغط عليها

    لميا: ...

    - بعد مرور ما يقرب من ساعتين متواصل من التحقيق أنضم أمجد أليهم للأدلاء بأقواله أيضا على مرئا ومسمع من آسيل أزعجها حديثه عنه، وما أن أنتهي التحقيق حتى تم الأفراج عنها من سراي النيابه

    أمجد باأقتضاب: أستني هوصلك

    آسيل بنظرات حاده: مش عايزة منك حاجه، انا اعرف سكتي كويس

    أمجد بنبره منفعله متهكمه: كل ده عشان المجرم بتاعك!؟


    آسيل بنبره هادره: ملكش دعوة بيه، هو دلوقتي بين أيد ربنا، أنت متعرفش حاجه عنه وعن حياته

    أمجد بعصبيه: لا والله! مكنش ده كلامك ياحضرت المحاميه، واضح انك حبيتيه لدرجة العمي

    آسيل بنبره عنيفه: أه حبيته، موته طهر كل الذنوب اللي عملها. حتى في حقي

    أمجد عاقدا حاجبيه: في حقك!؟

    آسيل بتهكم: عن أذنك.


    - صارت بخطوات راكضه لخارج مبني المديريه وتوجهت صوب منزلها وهي بحالة من الأنهيار العصبي والبكاء الشديد. حتى أن والدتها التي أقسمت على تلقينها درسا قاسيا قد رق قلبها وشعرت بوغزة أجتاحت كيانها من تلك الحاله التي وصلت بها. ظلت تبكي مرارا حتى شعرت بعينيها قد جفت بها الدموع. أستمعت لتلك الكلمات التي رددها على مسامعها قبل أن تصعد روحه لعنان السماء، فاأقسمت على أن تحارب وتقاتل حتى تعود بحقه الذي طالبها به...


    ظلت على وضعيتها تلك أربعة أيام كامله. حتى أشرق نور الصباح وسطع ضوء الشمس الذهبي في المكان معلنا عن يوم جديد، نهضت عن فراشها بتثاقل وملامح منهكه. ثم أرتدت ملابسها القاتمه السوداء ووضعت نظارتها القاتمه أعلي رأسها. ثم توجهت للخارج

    لميا بذهول: أنتي رايحه فين؟

    آسيل باأمتغاض: هروح أشوف جثته أدفنت ولا لأ

    لميا بصدمه: أيه!؟ وانتي مالك. احنا ما صدقنا خلصنا من الهم ده.


    آسيل مبتلعه ريقها بمراره: مينفعش ؛ ده جوزي. و و وأبو بنتي او أبني اللي جاي

    لميا ضاربه على صدرها: يالهووووي، نهارك أسود. انتي...

    آسيل قابضه على عينيها: حامل

    لميا ممسكه ذراعها ثم هتفت بنبرره هادره: حااااااامل! الطفل ده لازم ينزل. مش هتبقي أم لأبن واحد زي ده

    آسيل بعصبيه: لا مش هنزله. ده أبني، حته مني ومش هفرط فيها

    لميا بصراخ: يارؤؤؤؤؤؤف تعالي ألحقني

    رؤؤف مهرولا: في أيه يالميا ايه اللي حصل؟


    لميا باأختناق: بنتك حاااااااامل، ومن واحد مجرم ومش عايزة تنزله

    رؤؤف محدقا: حامل!

    لميا بتشنج: أتصرف معاها انا تعبببببببت، مش قادرة أتحمل أكتر من كده

    رؤؤف بهدوء: أهدي يالميا، مبروك ياأسيل

    لميا فاغره شفتيها: أنت بتباركلها؟ على الوكسه اللي هي فيها، ده محدش يعرف انها اتجوزت ده لو اعتبرنا جوازها صح

    رؤؤف بتنهيده: روحي أنتي ياآسيل وسيبيني مع ماما

    لميا بحده: لا مش هتروح حته و...


    رؤؤف جاذبا أياها: تعالي بس نتكلم جوه. مش هنا

    - دلف رؤؤف لغرفة مكتبه جاذبا خلفه لميا. أوصد الباب ثم أجلسها وجلس قبالتها هاتفا

    رؤؤف مصرا على أسنانه: شئتي أم أبيتي هو ده الواقع، بنتك اتجوزت وحامل وجوزها مات، الطفل اللي جاي ملهوش ذنب وحتى أبوه مش عايش عشان تقولي كده، أنا شايف أنك تتقبلي الوضع وبلاش تعملي كماشه على بنتك عشان متضطريهاش تتصرف من وراكي وتروح مشوايرها بالغصب عننا.


    لميا بنبره فظه: لو سهيله بنتك مكان بنتي آسيل. هتوافق وتتكلم بالهدوء ده

    رؤؤف بحده مشيرا باأصبعه تحذيرا لها: أنا بحذرك يالميا تجيبي سيرة الموضوع ده تاني، آسيل بنتي مش بنت حد تاني وربنا يعلم انها وسهيله واحد عندي وعمري ما ميزت بينهم بالعكس، على طول بدي آسيل أكتر عشان محسسهاش بأي حاجه، ليه عايزة كل شويه تفكريني أنها بنت جوزك القديم ياهانم.


    - هزت عبارته جسدها ( آسيل ) حيث كانت تتأهب للخروج من المنزل وأستمعت إلى كلماته الاخيره. فقد أعتقد انها ذهبت إلى حيث تريد ولكنها لم تذهب بعد، وقفت بمكانها لاتقوي على الحركه بضع ثوان تستجمع قواها وتتعقل ما سمعته ثم طأطأت رأسها للأسفل وأبتسمت على حالها أبتسامه ساخره. حتى إبيها ليس بأبيها.


    تمنت الموت حتى تستريح من أعباء هذه الدنيا التي تقضي عليها شيئا فشئ. وبعد لحظات مريره مرت عليها ألقت بكل ذلك خلف ظهرها فليكن ما يكن والأهم لديها هو الوصول لمبتغاها.


    - ذهبت آسيل بسيارتها الصغيره حيث مقابر آل جاسر. حيث قررت النيابه السماح بدفنه بعد أن تم تشريح جثمانه وقد تبين أن رصاصة القناص هي التي أصابته حقا، تركت سيارتها بعيدا ثم توجهت لداخل الممر المصفوف على جانبيه مقابر المتوفين. ثم توقفت فجأه عندما لمحت روكس منبطحا أمام مدخل القبر وجواره كاثرين تحاول أصطحابه ولكنه يأبي تمامل، تقدمت آسيل بخطوات بطيئه حتى أشتم روكس رائحتها. فهب من مكانه ناظرا إليها حتى وجدها حتى وجدها تقف قبالته. ظل يقفذ بقدميه وينبح نباحا صادحا وكأنه صراخ، بينما بادلته آسيل الترحيب فأنحنت بجسدها تمسد على فروته وتخلل أصابعها داخلها، في حين بدا على كاثرين ملامح منهاره وعيون دامعه محمرة.


    كاثرين بصوت خافت: مرحبا بك سيدتي، أنتظر حضورك منذ يومان

    آسيل بنبره متقطعه ممزوجه بالأنين: أديني جيت

    كاثرين مشيره بعينيها لروكس: لعل روكس يستمع حديثك، فإنه رافضا التحرك من جوار قبر، سيدي الشاب

    آسيل قابضه على عينيها بتألم: ...

    كاثرين بدموع: لكي معي أمانه تخصك، أوصاني سيدي الراحل أن أسلمك أياها في حال أصابته بمكروه، وها قد أصابه

    آسيل مكفكفه دموعها: أمانه! أمانه أيه؟


    كاثرين بنبره غليظه: ما سيساعدك على أسترداد حقه كاملا

    آسيل بشرود: ، فين الحاجه دي؟

    كاثرين: سأحضرها لكي مساءا. أتمني لقاءك بأسرع وقت فلا أعلم ما يخبئه لي الغد

    آسيل بنبره قويه متحمسه: هستناكي في مكتبي النهاردة بالليل

    كاثرين: إذا أستئذنك بالأنصراف

    آسيل ناظره لروكس: سيبيلي روكس، ده من حقي دلوقتي

    كاثرين بعيون دامعه: ولكن! حسنا فالتحتفظي به سيكون لكي خير رفيق.


    آسيل جالسه في وضع القرفصاء: شكرا يا كاثرين. بجد كاثرين.


    - صارت كاثرين بأتجاه المخرج من ذلك الممر بينما ظلت آسيل جالسه على أحدي درجات القبر الرخاميه جوارها روكس. حيث جلس جوارها يأن بتألم وكأنه فقد جروه ( أسم الابن الصغير للكلب ) وليس صاحبه بينما تركت آسيل شلالات فياضه تنهمر من عيناها كانت قد كبحتها لفتره طويله من الوقت، وما أن شعرت بمرور الوقت سريعا وبدأت خيوط الليل تزحف إلى المكان لتخيمه بالظلام نهضت من مكانها وأشارت لروكس حتى نهض من مكانه سريعا للحاق بها. ثم توجهت بسيارتها الصغيره برفقته نحو مكتب المحاماه الخاص بها وظلت قابعه به تنتظر كاثرين، وما هي إلا دقائق حتى حضرت إليها، كانت تشعر بلهفه غير طبيعيه لمعرفة ما الذي يحويه ذاك الصندوق الخشبي الموصد حتى أعطته لها كاثرين.


    كاثرين ممدة يدها: هذا هو المفتاح الخاص بالصندوق، وهذا الهاتف تابع لذلك القناص اللعين الذي قطف زهرة شباب سيدي بعد أن أعد كل شئ لمواجهة الشرطه، فقد وجدته ملقي بأرضية غرفة المكتب بعد أن تحفظت الشرطه على جثمانه

    آسيل عاقده حاجبيها: هاتي كده!


    - وبعد فتح الصندوق. وجدت به العديد من الملفات الورقيه وجهاز الحاسوب الخاص بجاسر. كما وجدت كارت ذاكرة صغيره ( ميموري ) موضوعا بعلبه صغيرة للغايه. فقررت الأطلاع أولا الملفات ثم تفحص كارت الذاكرة فوجدت...

    آسيل قاطبه جبينها: ده ورق يثبت أن الشركه ملك واحد أسمه. ثروت وورق تاني بيثبت أنه بيستورد موارد غير صالحه للأستخدام الأدمي

    كاثرين محدقه: إذا فقد كانت نيته التخلص من ثروت وللأبد بتلك الأوراق.


    آسيل متفحصه الأوراق: ودة شيك بأسم مودة. مكتوب أنه للصرف على دراستها بره

    كاثرين بتنهيده: ...

    آسيل محدقه بذهول: ودي شهادة ميلاد. بس قديمه أوي، معقول تكون...

    كاثرين قابضه على عينيها: نعم، أنها بطاقة هويته الحقيقيه

    آسيل بدموع: عبدالله، أسمه عبدالله!

    كاثرين مربته على كتفها: أرجو أن تهدئي، ودعي البكاء والنحيب لوقت لاحق

    آسيل مكفكفه دموعها: ...

    كاثرين لتساؤل: وما هذا و هذا؟


    آسيل مدققه بصرها: ده عقد بيع القصر لملجأ أيتام و، و و، عقد بيع وشرا بالمزرعه ليا

    - حدقت مقلتيها وأتسعت فجأة عند قرائتها لتلك العبارات التي بورقه أخري وكانت...

    آسيل بنبره متقطعه: ا ا، ا عقد جوازنا. وبأسمه الحقيقي

    كاثرين رافعه حاجبيها: يا لدهائه، جيد جدا

    آسيل عاقده حاجبيها: ليه؟

    كاثرين: سيسهل عليكي أثبات الابن باأسمه الحقيقي كما تمني.


    - تركت آسيل تلك الأوراق وأمسكت بكارت الذاكرة الصغير لتشغيله على جهاز الحاسوب، فوجدت العديد من الملفات الغير مرئيه ( مختفيه ) ولكن لخبرتها بالتعامل مع الاجهزة الألكترونيه أستطاعت فك الشفره وأظهار الملفات، حيث مقطعين من ( الفيديو ) قامت بتشغيل أحداهم لتجد، محادثه جمعت جاسر وثروت أثناء الاتفاق على أحدي الشحنات الغير قانونيه، ومقطع أخر يجمع بين عيسي وثروت أثناء التأمر على أحدي قيادات الشرطه.


    شهقت آسيل في فزع واضعه يدها على فمها من هول المفاجأة. فكان ما أعده جاسر لهم يشبه القشه التي قسمت ظهر البعير، بينما كانت كانت كاثرين قد وصلت لذروة السعادة عقب تأكدها من تورط ثروت وعيسي بتلك القضايا

    كاثرين باأبتسامه: أشعر وكأن الأمل يزداد يوما عن يوم

    آسيل ناظره على الفراغ: ، كده القضيه مقفوله والحكم فيها معروف، أفتحي التليفون ده ياكاثرين خلينا نشوف في إيه؟

    كاثرين: أمرك.


    - قامت كاثرين بفتح جهاز المحمول بينما كانت آسيل تغلق جهاز الحاسوب أمامها وتضع كل شئ كما كان

    كاثرين ممده يديها: ها هو الهاتف

    ألتقطت آسيل الهاتف وظلت تضغط العديد من الضغطات ثم قطبت جبينها عندما لمحت أخر مكالمه هاتفيه أجراها القناص القاتل والتي كانت تقريبا قبل تنفيذ عملية القتل بدقائق معدودة. ألتفت آسيل إليها ومدت الهاتف أمام ناظريها قائله

    آسيل: شوفي الرقم ده كده، ده كان أخر رقم القناص أتصل عليه.


    كاثرين مدققه النظر: ، أعتقد أنني لمحت مثل هذا الرقم ولكن، هااااااااا أنه تابع للسيد ثروت

    آسيل بصدمه: ...

    كاثرين مبتلعه ريقها بصعوبه: نعم أنه هو أنا على درايه بما أقول

    آسيل بنبره متوعده: الراجل ده حسابه تقل أووي معايا ؛ وحيات بنتي أو أبني اللي أتحكم عليه ميشوفش أبوه ولا أبوه يشوفوا هندمه على اليوم اللي فكر فيه يتخلص من جوزي.


    - كانت لميا تسير في المنزل ذهابا وأيابا ما بين الساعه والشرفه منتظرها قدوم أبنتها التي خرجت منذ الباكر وحتى الأن لم تعد. حتى أستمعت لصوت قرع طفيف على باب المنزل فتوجهت سريعا لفتحه

    لميا: آسيل. أتأخرتي كده ليه و، إيه اللي فأيدك ده؟!

    آسيل ناظره لروكس: ده الكلب بتاع، بتاعي، ودي أوراق قضيه شغاله فيها

    لميا محدقه: قضيه! أنتي لحق يجيلك قضايا، وبعدين جيبتي الكلب ده منين

    آسيل دالفه للداخل: بتاع جوزي الله يرحمه.


    لميا بنبره عنيفه: يادي جوزي اللي أنتي مسكهالي

    آسيل بتنهيده: عن أذنك ياماما عندي شغل ولازم أخلصه

    سهيله أتيه من الداخل: سامعه صوت سولي هي جت، هااااااا الله كلب

    لميا بنظرات ضيقه: عجبك اوي؟

    سهيله منحنيه بجسدها على روكس: أه جميل خاااالص بس كبير حبتين. انتي عارفه ياماما أني بحب الكلاب، بس غريبه آسيل واقفه جمبه عادي كده دي كان عندها فوبيا وبتخاف منهم

    آسيل بضيق: عن أذنكوا

    سهيله بهمس: مالها ياماما؟


    لميا بحزن: منه لله اللي كان السبب في شقلبة حالها وحياتها

    - دلفت آسيل لغرفتها سريعا وجلست على طرف الفراش تغالب قطره ساخنه تقف على حافة جفنها حتى دلف رؤؤف إليها رادفا بنبره حنونه

    رؤؤف مربتا على كتفها: تحبي أساعدك في القضيه الجديده ياأستاذه

    آسيل بعيون دامعه: معتقدش هتقف جمبي في قضيه زي دي يا، بابا

    رؤؤف جالسا جوارها: وليه لأ؟

    آسيل بتنهيده: عشان دي قضيه تخص جوز، جاسر.


    رؤؤف حاككا طرف ذقنه: طالما انتي مهتميه بيها وعايزة تشتغلي عليها انا في ضهرك وساندك يابنتي

    آسيل بنظرات غريبه: ...

    رؤؤف باأبتسامه: متستغربيش

    آسيل: مين أبويا؟

    رؤؤف محدقا بصدمه: ...

    آسيل ناظره للأسفل: مكنتش أقصد أتصنت عليكوا، انا سمعت غصب عني

    رؤؤف ممسدا على رأسها بحنو: أنا أبوكي وأنتي بنتي، الأب مش اللي بيخلف يابنتي، الاب اللي بيتعب ويشقي ويربي ويشيل هم عياله، أنتي عمرك يوم حسيتي اني مش أبوكي؟!


    آسيل محركه رأسها بالسلب: ...

    رؤؤف: يبقي خلاص. السيرة دي متتفتحش تاني ياسولي، أنتي أول بنت ليا وهتفضلي كده

    - ألقت بجسدها بين أحضانه وكأنها تستغيث به، فضمها إليه مربتا على ظهرها بهدوء ثم أردف

    رؤؤف: أبدأي في القضيه عشان نخلصها قبل ما تتشغلي بحفيدي. أنا مش عايزك تهملي في تربيته

    آسيل باأبتسامه: ...


    - كانت كلماته كالسحر وقعت على أنيها كبلسم شافي لكل أوجاعها، فا أخيرا ألتقت أنسان متحضر يحمل قلبا نقيا طاهرا يري الجميع بعين الرأفه، بعيدا عن نظرات مجتمعنا الخاطئه النابذه والذي يسلب الحياه لمجرد أخطاء أرتكبها أناس غيرنا.


    - بالفعل. كان رؤؤف خير أب صنعته لها الأيام. حيث قام بمساندتها ومساعدتها قدر ما أستطاع، شرعت آسيل في رفع القضيه على الفور وتقديم النسخه المصورة من الملفات والمقاطع المصورة التي بحوزتها لتدعيم ملف القضيه، وكان البحث عن ثروت قائما إلى أن تم القبض عليه بالمطار أثناء محاولته الرجوع لأثينا عاصمة اليونان حيث لم يفيده جواز سفره المزور وبطاقة هويته الغير صادقه بعد أن تم الأعلان لجميع الجهات بصورة مصورة له لحين رؤيته بأي مكان.


    ( مطار القاهرة الدولي )

    ضابط الشرطه: البيان اللي معايا فيه صورتك يعني هاتيجي هاتيجي

    ثروت بحده ونبره منفعله: أنتوا أكيد أتجننتوا، أنتوا عارفين أنا مين؟ ده انا هخلي السفارة تقلب عليكوا الدنيا

    ضابط الشرطه بلهجه فظه: نكمل كلامنا في المديريه. مش هنا ياأبو سفارة أنت، هاتوا البيه والشنط بتاعتو

    ثروت متملصا من قبضتهم: أوعي أنت وهو، أوعي بقولك متلمسنيش.


    ضابط الشرطه بتوعد: أنت مش راجل صغير عشان نبهدلك وسط الناس، تعالي معانا بهدوء أحسن

    ثروت: ...

    ( داخل مديرية الأمن )

    - كان رؤؤف يقف أمام النيابه وكأن شيئا لم يكن. فقد أوهمه غروره بأن لا توجد عليه أدانه ولن يتوصلو إلى هويته الأصليه، ولكن كان ما لدي النيابه يخالف جميع توقعاتو، حيث أصتطدم بواقع أخر أسوء مما كان يعتقد

    رئيس النيابه بنبره متهكمه: أعتقد مفيش أقوي من الفيديو اللي أنت شوفت نفسك فيه دلوقتي.


    ثروت مبتلعا ريقه بصعوبه شديده: ...

    رئيس النيابه بنظرات خبيثه ونبره ساخره: في قوة دلوقتي زمانها في شركتك، بتعمل عمليه جرد لمكاتب الموظفين يمكن يكون في في حاجه ضايعه كده ولا كده

    ثروت محملقا عينيه بصدمه: شش شركتي؟ شركة أيه انا ما أملكش إي حاجه في مصر

    رئيس النيابه بتذمجر: واضح انك لازم تشوف كل حاجه بعينك عشان تصدق.


    - أمسك رئيس النيابه بأحدي الاوراق الموجودة أمامه على سطح المكتب ومدها أمام ناظريه حتى يتطلع إليها. فأبتلع ريقه الجاف بصعوبه شديده وكأنه لا يقوي على الحديث، أيقن ثروت أن جاسر وراء تلك المصائب التي وقعت فوق رأسه. فلم يأخذه الموت، بل أن موته فتح عليه أبوابا من جحيم. كان عقله ( جاسر ) كالداهيه فقد قام بتوريطه بأكثر من مصيبه حتى لا يستطيع الأفلات. ولا مفرررر.


    أمرت النيابه بحبسه لمدة خمسة عشر يوما على ذمة التحقيق. بينما كانت آسيل متابعه للقضيه بكل شغف حتى تتعرف على كل ما تتوصل إليه القضيه

    في حين أسترد أمجد مكانته بالأدارة وعاد لممارسة وظيفته. لم يتنساها يوما ما بل شرع في محاولاته للتقرب منها ولكن دون جدوي. فكانت دائمة التهرب منه لا تريد حتى رؤيته في ظل تلك الظروف، حتى أن حملها بدأ يظهر ولم يكن حتى يعلم به.


    - بعد مرور سبعة أشهر، كانت قد تقدمت القضيه للمحكمه القضائيه للحكم بها بعد أن تم تأجيل الحكم أربعة أشهر. وقد حان موعد الحكم النهائي بها، حيث أصرت آسيل على حضور جلسة الحكم بنفسها لكي تطمئن على الحصول لمبتغاها بالرغم من أنها كانت تعاني من آلالآم بالظهر وثقل شديد بجسدها جعلها تتحرك بصعوبه

    لميا بعصبيه: يوووووه يابنتي تعبتيني معاكي، جلسة أيه وزفت إيه دي اللي عايزة تحضريها وأنتي تعبانه كده.


    آسيل كابحه تألمها: ياماما أنا بخير، لازم أحضر الجلسة، دي الأخيره

    سهيله أتيه من الداخل: أنا جهزت خلاص ياسولي

    آسيل واضعه يدها خلف ضهرها: طب يلا عشان بابا مستني تحت بالعربيه هيودينا ويجيبنا

    لميا واضعه يدها على رأسها: مفيش فايده، اللي في دماغكوا هتعملوه

    سهيله مقبله وجنتيها: يلا بقي ياماما عديها، سلام

    - توجهت آسيل للخارج مستنده على سهيله حتى هبطا الدرج وأستقلا سيارة أبيهم متوجهين نحو المحكمه القضائيه.


    وبعد مرافعات ومباحثات وتقديم العديد من الأدله من النيابه ضد المتهم والأستماع لشهادة الشهود والتي كانت آسيل واحده منهم تم الحكم على كلاهما، حيث حكم على ثروت بالسجن خمسة وعشرون عاما. والحكم على عيسي بالأعدام شنقا لثبوت قضيه قتل أحد قيادات الشرطه عليه. وبعدها رفعت الجلسه.


    - رأت سهيله سامر جالسا بالمقاعد الأماميه منتظرا سماع الحكم على أخيه، وما أن علم انه حكم عليه بالأعدام حتى أبتسم أبتسامه من زاويه فمه بسخريه وتوجه صوب باب القاعه للخروج ولكنه أستصدم برؤية سهيلة مسلطه بصرها عليه فطأطأ رأسه للأسفل وأنطلق للخارج.


    - بينما نهضت آسيل من مكانها باأندفاع حيث أنستها الفرحه أنها تحمل داخل أحشائها طفلا قد أكتمل تكوينه. وما أن نهضت عن مكانها حتى أثر أنفعالها على حركة الطفل وأثارتها

    آسيل بفرحه: الحمد لله يارب الحمد لله، مش قادرة أصدق أخيرا اا، اااه اااه

    رؤؤف بتوجس: مالك ياآسيل. في ايه يابنتي

    آسيل بتألم شديد: مش قادره ألم رهيب في ضهري ووجع اااااه

    سهيله باأنتباه: هاااا آسيل أنتي هتعمليها ولا أيه.


    آسيل بصراخ: ااااااااااااااااااااه

    - تم نقلها للمشفي حيث تتم عملية ولادتها، كان الأمر صعب حيث أمها بشهرها السابع. لذا قرر الطبيب المتابع لحالتها توليدها قيصريا لتفادي الأخطاء والمضاعفات. حتى جائتهم البشري بميلاد طفل ذكر

    رؤؤف رافعا يده للسماء: الحمد لله يارب. اللهم بارك فيه وليه

    سهيله بمرح: الله. يعني أنا بقيت خالتو أيوووة بقي

    لميا بتنهيده: الحمد لله أنها قامت بالسلامه دي ولادة السابع مش سهله.


    سهيله بفرحه: طب يلا نطلع بقي أنا مشتاقه أشوف النونو قوي

    - صعد الجميع لغرفتها بالأعلي لأستقبال تلك المولود الصغير، والأطمئنان عليها. كانت غافله يسيطر على ملامحها الالم والأرهاق، ثم بدأت تفيق وهي تتأوة تألما من الآم الوضع ولكنها تناست أوجاعها مقابل رغبتها المتلهفه في رؤية صغيرها حتى أتوا به إليها

    آسيل بدموع: الله، أنت حلو اوي اوي

    سهيله: وريني ونبي ياسولي هاتي أشيله شويه.


    آسيل مبتعده بيدها: لا سيبيه في حضني شويه عايزة أشبع منه

    لميا بلهفه: ولا أنتي ولا هي. هاتي حفيدي انا اللي هشيله

    رؤؤف لاويا شفتيه: دلوقتي بقي حفيدك، الله يرحم

    لميا بنظرات ناريه: رؤؤؤؤؤؤؤف

    رؤؤف: خلاص سكت أهو. بس هاتيه أكبر في ودانه

    آسيل: أيوة يابابا خده كبر في ودانه

    سهيله بمداعبه: ياخووووووواتي عليه وعلى خدوده، عسوول خالص خالص

    آسيل باأبتسامه: ...

    لميا بتهكم: واضح كده هيطلع شكل أبوه.


    آسيل مستنده بظهرها على الفراش: ياريت يطلع شبهه

    رؤؤف ممسدا على جبينه الصغير الناعم: اللهم بارك فيه وليه، هتسميه إيه ياحبيبتي

    آسيل ناظره لطفلها: ، جاسر، هسميه جاسر

    بعد مرور 25 عام.


    - بأحدي المنازل العصريه الغير مترفه، وقفت آسيل أمام المرآه تضبط من وضعية أقراطها الماسيه الزرقاء والتي تتناسب مع فستانها ( الاوفوايت ) ثم وضعت عطرها الجذاب، ليدخل عليها شاب في ريعان شبابه، عريض المنكبين مفتول الذراعين. يشبه أبيه في ملامحه بصورة كبيرة للغايه

    يرتدي حله لامعه سوداء اللون وقميصا أبيض مزدان بالأزرار السوداء. وفيونكه ( ببيون ) سوداء لامعه، أبتسم أبتسامه واسعه برزت أسنانه البيضاء هاتفا.


    جاسر بصفير: فوووووووو، أنا كده أحتمال أغير العروسه طالما مش شبهك

    آسيل بضحك: ههههههه يابكاااااش، بعد تعب السنين عشان توصل للبنت اللي بتحبها دلوقتي تقولي أغيرها

    جاسر بهيام: ااااااه ياماما، مش مصدق أخيرا أنا العريس. انا متهيألي هكتب على ضهري وانا ماشي عشان اعرف الناس كلها أني أنا العريس

    آسيل مربته على ذراعه: ربنا يحميك ويباركلك فيها ياحبيبي

    جاسر مقبلا يدها: ويباركلي فيكي ياأحلي سولي في الدنيا كلها.


    - تدلف مودة أليهم مرتديه فستان من اللون الذهبي اللامع والمرصع بالألئ، فنظرت صوب أبن أخيها نظرات أعجاب

    مودة: أووووو ماشاء الله أحلي من العروسه ذات نفسها يادوك

    جاسر رافعا أحدي حاجبيه: كملي اللقب بعد أذنك ياعمتو

    مودة بضحكك: هههههه زي القمر يادكتور

    جاسر ممسكا بسترته ليضبطها: أيوة كده

    آسيل مربته على ظهره: روح يابني عشان تلحق تجيب عروستك، واحنا هيعدي علينا جدك رؤؤف عشان ياخدنا على القاعه.


    جاسر موليها ظهره: حاضر، عن أذنكوا

    مودة ناظره لآسيل: تسلم تربيتك يالولو، ربنا يخليهولك يارب

    آسيل بتنهيده: متعرفيش أنا تعبت قد أيه عشان أطلعه راجل محترم ليه مكانته ووظيفته والحمد لله نجحت في مهمتي وخليته دكتور قد الدنيا

    مودة باأبتسامه: وهو هيجيبه من بره!؟ ما أبوه كان راجل برده

    آسيل باأبتسامه عفويه: وإي راجل، يلا عشان منتأخرش على الفرح.


    ( مر ما يقرب من عام ونصف منذ وفاة جاسر ولم تعلم شقيقته مودة بموته، حيث أخفت عنها آسيل حقيقة ما حدث خوفا عليها. فقد كانت تعشقه وكأن العالم لم يخلق به سوي رجلا واحدا هو أخيها، في حين عادت مودة في أجازة سريعه لأرض مصر فتفاجأت بموت أخيها الذي دام لعام ونصف دون علمها، لم تتوصل لحقيقته فقد تناسي الجميع الأمر ولم تبلغها آسيل بأي شئ. سوي أن أخيها قد تورط بأمرا ما غير قانوني وعندما قامت الشرطه بملاحقته تم قتله عن طريق الخطأ، كانت تلك بمثابه الصدمه الشديده والصاعقه التي نزلت عليها فظلت كثيرا وكثيرا بداخل حاله نفسيه مزريه، حتى صادفت من كان عضدها في تلك المحنه، كان لها الحبيب والصديق والأخ والزوج والأبن. قد تعرفت عليه بمدينة الضباب لندن في أحدي أقسام التدريس بجامعة كامبريدج فتزوجا ليعيشا قصه من أجمل قصص الحب الطاهره الخاليه من الاضطرابات والتشوهات وقضت سنوات طويله بالمدينه البريطانيه حتى أنها حصلت على تعين بالجامعه البريطانيه، فقد حققت حلمها وأخيرا ).


    داخل أحدي القاعات المجهزة لأعداد الأفراح والمناسبات السعيده.


    - وصل جاسر بعروسه لحيث القاعه وسط أجواء أحتفاليه مبهجه وسعيده. حيث أحاطهم الجميع بالفرحه والسرور، كان جالسا ب ( الكوشه ) جوارها والفرحه تتقافذ من عينيه. فأخيرا حصل على مليكته كما أسماها بعد سنوات من الحب والحروب ليحوذ عليها. كانت السعادة تملأ قلبها وهي تري طفلها الصغير الذي عاش معها الربع قرن قد أصبح رجلا يحمل المسؤليه، وأثناء شرودها لمحت سامر وسهيله يدلفان لداخل القاعه متأبطان ببعضهما البعض فاأبتسمت أبتسامه صغيره ثم توجهت صوبهم.


    آسيل: كده تتأخري يالولو

    سهيله بمرح: ماأنتي عارفه سامر يومه بسنه ياسولي، الف الف مبروك ياحبيبتي، عقبال ما تبقي جده بقي

    آسيل: اااااامين ياختي

    سامر باأبتسامه واسعه: مبروك ياأم جاسر

    آسيل ضاربه كفا بكف: يخرب بيتك. أنت مش هتبطل تناكفني ياأبو ريما

    سامر بقهقهه عاليه: ههههههه لا مش هبطل

    آسيل: لمي جوزك بعيد عني ياسهيله انا بقولك أهو

    سهيله: خديه وهاتي بداله بوتجاز بدل اللي باظ في البيت.


    سامر بتنحنح: أحم، لاحظي أني جمبك ياحبيبتي

    سهيله: ماأنا عارفه ياحبيبي

    آسيل: ههههه أدخلوا أدخلو، لو فضلت واقفه معاكوا كده هنسي الدنيا.


    ( بعد تنفيذ حكم الأعدام على عيسي، كانت حياته قد أنقلبت رأسا على عقب. فقد قرر الأعتماد على نفسه وتكوين ذاته دون الأعتماد على إي بشري إيا كان هو، بينما قررت سهيله دعمه ومساعدته بعد أن تأكدت بأن ليس له أدني معرفه بما كان يقوم به أخيه من أعمال غير مشروعه، فكان وجودها جواره أكبر دعم ساعده حتى قام بتنفيذ وعده لها وأثبات حبه الصادق إليها. فتزوجا لينعما بحياة زوجيه منعشه مفعمه بالحيويه والمرح وأنجبا طفله واحده ريما لتصبح هي كل حياتهم ).


    - وقف جاسر بمنتصف القاعه واضعا يديه حول خصرها ومقربا إياها لصدره. ثم همس لأذنيها البيضاوتين التي توردت خجلا عقب ملامسه أنفاسه المشتعله لأذنيها ليبث لها في نبرته شوقه الجارف إليها هاتفا

    جاسر: كنت راجل معاكي و نفذت وعدي ليكي. بحبك ياكل حاجه في حياتي. بحبك يامليكتي

    سيلا بنظرات عاشقه: بعد حب خمس سنين وحروب أهليه سنتين مش ناوي تقولي ليه سمتني مليكتك.


    جاسر ناظرا لعينيها: عشان أنتي مينفعش تكوني ملك حد غيري، بابا الله يرحمه كان عنده حق لما سمي ماما مليكته

    - كانت آسيل تنظر أليهم بسعادة شديده. فقد حققت رغبتها أخيرا ووصلت بأبنها العزيز لأسمي المعاني للرجل الحقيقي، وبينما كانت آسيل شارده...

    أمجد بنبره رخيمه: العيال أتجوزو، مش ناويه تراجعي نفسك تاني

    آسيل باأبتسامه: بعد 25 سنه ياأمجد، معتقدش هينفع خصوصا بعد ما الأولاد أتجوزو

    أمجد بتنهيده: مش هفقد الأمل.


    آسيل: لا أفقدن، اللي خلاني أعيش السنين الطويله دي على ذكراه قتدر يخليني أكمل اللي باقي برده لوحدي، شكرا عشان ساعدتني نرسم البسمه على وشوش ولادنا

    أمجد باأبتسامه: سيلا بنتي ياآسيل، كل همي إني أشوفها مبسوطه. ورفضي لجوازهم أنتي أكتر واحده عارفه سببه، لكن لما حسيت إني غلطت في حق أبنك لما ظلمته بذنب أبوه رجعت عن اللي كنت بعمله وسيبتهم يكملوا حياتهم سوا

    آسيل باأبتسامه: برده شكرا، عن أذنك.


    - أنقضت الليله وقد ذهب الجميع لدياره سعيدا. حيث جلست آسيل على فراشها القابع بغرفتها بالمزرعه بعد أن طلبت من كاثرين إعداد قدحا مميزا من القهوة الساخنه. وأمسكت قلمها الفضي ومذكراتها لتكتب السطور الأخيره بداخلها.

    آسيل: وها أنا أسطر بقلمي أخر سطور بمذكراتي، فدائما كنت مليكته وسأظل كذلك حتى ألقاه. فقد أمتلكني وحده وليس سواه يسكن قلبي.


    - أغلقت مذكراتها المدونه بعنوان مليكة الوحش - ثم سحبت الغطاء المبطن عليها لتغوص بنوم عميق بعد يوم شاق...


    تمت


    لمتابعة  الروايه الجديده زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

    بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

    متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

    الرواية كامله  من هناااااااااا

    مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

    مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا


    تعليقات