القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية عرف صعيدي الفصل السادس وعشرون والسابع وعشرون بقلم تسنيم المرشدي

التنقل السريع

     

    رواية عرف صعيدي الفصل السادس وعشرون والسابع وعشرون بقلم تسنيم المرشدي





    رواية عرف صعيدي الفصل السادس وعشرون والسابع وعشرون بقلم تسنيم المرشدي




    🌺🌺روايه عرف صعيدي🌺🌺        


       بقلم الكاتبه    ♥ تسنيم المرشدي♥ 


    الفصل السادس والعشرون

    ( تصريح علناً )

    ______________________________________


    _ اتسعت حدقتيها بصدمة جلية حلت على تقاسيمها ناهيك عن نبضاتها التي ازدادت عن معدلها الطبيعي، وضعت يدها أعلى فمها تمنع تسلل تلك الشهقة التي صدرت عفوياً حين صغت إلى كلمات صباح البذيئة التي تمس كرامتها..


    _ كاد ضيف أن يفتح لها لكنها منعته بعصبية بالغة:-

    وجف عندك مينفعش تفتح لها أني سمعتي هتتلط إن الباب ديه اتفتح!!


    _ طالعها بدون تصديق لتراهاتها الغبية والتي ليست في محلها وصاح بها مندفعاً وكان حريص بألا يتسلل صوته لأذان اللعينة التي تقف في الخارج:-

    سمعتك هتتلط بحج وحجيجي لو الباب ديه متفتحش!!


    _ نهرته صفاء بضيق شديد فهو المسؤول عن كل ما يحدث بتصرفاته المتهورة التي لا يحسب لها:-

    مريدكش تتصرف من دماغك واصل، أني لازمن أجول لأمي تاجي، لازمن تكون موجودة بس هجولها كيف هجولها أنت بتعمل ايه إهنه في الدار اللي سبج ومنعتك من دخولها، منك لله يا ضيف أنت السبب في اللي أني وجعت فيه ديه


    _ حاول ضيف كبح غضبه من كلماتها الغبية التي لا تقنعه ولو بمقدار ذرة، أوصد عينيه يكتسب بعض الصبر ثم بهدوء سحب هاتفه من جلبابه وهاتف أحدهم تحت نظرات صفاء المذعورة من تصرفه الأرعن التي لا تعلم إلى أين سيؤدي بها:-

    أنت بتكلم مين؟


    _ أشار إليها بعينيه لكي تنتظر ثم أسرع في إلقاء كلماته موجهاً حديثه للطرف الآخر بتلهف:-

    إيوة يا مصطفى، بجولك جيب صفية وتعالي على دارهم دلوك يا مصطفى


    _ تسائل الآخر بعدم فهم للأمر:-

    ليه عاد؟


    _ حرك ضيف رأسه مستنكراً أسئلته التي ليست في أوقاتها وهتف بحنق:-

    صباح برا وعاملة غاغة


    _ عاتبه مصطفي بهجوم:-

    وأنت بتعمل ايه في دارهم يا ضيف


    _ أجابه الاخر بنفاذ صبر:-

    مش وجته دلوك يا مصطفى هم وجيبها جوام


    _ أنهى المكالمة وعاد بنظره إلى تلك المتكورة في نفسها متوجسة خيفة خشية أن يفضح أمرهم، أنتبه كليهما على هتاف الأخرى من الخارج الذي يزداد دنائة:-

    ما أنت بتحب الرمرمة أهاه حتى ديي رمرمة رخيصة دخلتك دارها في غياب أمها ويا عالم بيوحصل ايه جوا


    _ التفتت صباح وطالعت من تجمعوا إثر صراخها وتابعت مضيفة:-

    اشهدوا يا خلج، ضيف ولد حنفي الحمايدي مع صفاء بت صفية وحديهم في الدار


    _ أعادت النظر إلى الباب وجوفها يتآكل غيظاً:-

    وأني اللي جاية أعاتبه ليه مسألش في خطيبته اللي في محنة ومحتاجة اللي يجف جارها، طلع عنديه أسبابه، طلع سايبني أني عشان يكون على راحته مع جليلة الرباية الناجصة اللي مبتخافش ربها!!


    _ لم يتحمل ضيف الوقوف بيدين مقيدة تاركاً لها حرية القول فيما يحلوا لها والإساءة لسمعتهم، أسرعت صفاء خلفه مانعة إياه من فعل ما ينوي عليه بتوسل:-

    أحب علي يدك يا ضيف سيبها تتحدت ولما تزهج هتمشي


    _ سحب ذاته من بين قبضتها وهدراً بها شزراً:-

    لما يبجوا يشيلوا من كلمة ذكر من البطاجة ويحطوا مكانها حرمة أبجي اسمع حديتك، بعدي من جدامي


    _ أزاحها من أمامه وتوجه إلى الباب بأعين جاحظتين وعروق بارزة من فرط غضبه، فتح الباب وتفاجئ بذلك الحشد الذي يقف أمامه، كز أسنانه بعصبية كاد أن يفتك بهم من شدتها


    _ بقامة منتصبة وهيئة شامخة هتف من بين أسنانه المتلاحمة:-

    اللي بتتحدتي عنيها ديي تبجي مرتي!!


    ______________________________________


    ''ضيف''

    _ نطقت حروف إسمه بذهول فلم تعلم أن جرأته ستصل به إلى زيارتها في المنزل، اتسعت حدقتيها بصدمة حين رأت مصطفى برفقته، ابتلعت ريقها وهي توزع أنظارها بينهما..


    _ تدخلت صفية متسائلة حين أطالت صفاء الوقوف أمام الباب:-

    مين اللي جه يا صفاء؟


    _ أنهت سؤالها وتفاجئت بوقوف ضيف وخلفه يقف مصطفى، رمقتهم بغرابة من أمر زيارتهم المبهمة فلم يسبق وأن نالت شرف تلك الزيارة من قبل، سحبت نفساً فالأمر بدي مريباً بعض الشيء وسألتهم بقلق سيطر على خلاياها:-

    سي مصطفى في حاجة؟


    _ بحياء شديد في نبرتها أضافت:-

    متأخذنيش يا ولدي بس مسبجش وشوفتكم جبل إكده حدانا عشان أكده متعجبة شوية


    _ التفت ضيف إلى مصطفى وحثه على التحدث فقابله الآخر بنظرات معاتبة لإشراكه في ذلك الأمر ، وقبل أن يردف بشيء انتبهوا لوصول عسران الذي قال فور مجيئه موجهاً حديثه إلى مصطفى:-

    أديني جيت أهاه كيف ما جولتلي في ايه عاد؟


    _ حمحم بخشونة قبل أن يدلي بما جاء لأجله:-

    جاين نكتب كتاب ضيف علي صفاء!!


    _ وقعت كلمات مصطفى على أذانهم كالصاعقة، عقد قران من على من؟ بربك يا مصطفى ماذا تهذي أنت؟ تدخل عسران بنبرة حادة وألقى بسؤاله قائلاً:-

    ايه اللي بتجوله ديه يا مصطفى، كتب كتاب مين؟ سبج والافندي دييه طلب يدها وأني رفضت وأسبابي جولتها وخلصنا، كتب كتاب ايه بجا اللي بتتحدت عنيه وهو أساساً خطب واحدة تانية؟


    _ أخذ مصطفى شهيقاً عميق فالحديث سيطول في تلك المسألة وعليه استكمال ما وعد به ضيف أن يفعله من أجله، طالع المكان من حوله ثم أردف:-

    هنجفوا نتحدتوا ويا بعض في الهِو أكده، تعالي ندخل الدار ونتحدتوا على راحتنا، الحيطان ليها ودان


    _ شعر عسران بالخجل فمن المفترض أن يدعوهم هو إلى الداخل وليس العكس، حمحم بحرج بائن ثم دعاهم بترحيب:-

    اتفضلوا يا أهلاً وسهلاً


    _ جلس الجميع في ردهة المنزل، اسرعت صفية في نهر صفاء بغيظ:-

    ادخلي أنتِ جوا دلوك


    _ لحق بها ضيف بنبرة سريعة تحثها على التوقف:-

    استني يا صفاء، بعد أذنكم خلوها تحضر الجاعدة إحنا محتاجينها


    _ خفق قلب صفاء رعباً حين صرح ضيف بحاجتهم إليها بالتأكيد سيكشف أمرها في تلك الجلسة المفاجئة، انتبهت على صوت عمها الجهوري:-

    اجعدي يا بتي لما نشوفوا آخرتها


    _ مررت أنظارها بينهم فأشار إليها ضيف بأهدابه لكي تطمئن قلبها وأن الأمر سيمر مرار الكرام ولن يحدث ما تخشاه هي، عادت لمقعدها تتابع تناولهم للحديث باهتمام في حين أن مصطفى بدأ الحديث بصعوبة قابلها في البداية فالأمر ليس هين كما يظن ضيف المختل:-

    خابر إن اللي هجوله ديه مش أصول، بس حرام نكسر بخاطر جلبين عشان الظروف


    _ تدخل ضيف مضيفاً على حديث مصطفى بتلهف:-

    مش ظروف رفض أبوي لأنه كان وافج على زواجي منيها، ظروف مجدرتش أجف جصادها ورضخت ليها كانت أجوي مني، بس خلاص مجدرش اتحملها وأخضع ليها أكتر من أكده، أني جاي النهاردة مش اتجدم لصفاء لاني سبج وعملتها أني جاي اكتب كتابي عليها، أني بحبها ومجدرش أعيش من غيرها، أني رايدها في الحلال وياريت تجدروا ظروفي!!


    _ كلمات ضيف لم تضيف للأمر سوى تعقيداً فعن أي ظروف يتحدث عنها، اهو مختل أم ماذا؟ حتماً لن يخرج حديث كهذا من فاه سوى مختل ليس إلا!!


    _ انتهوا على حديثه الذي يخبرهم به عن حقيقة تلك الظروف التي وضعته في ذلك المأزق دون رحمة له ولا لغيره، تفاجئ عسران وصفية بما قاله في حين أن الآخرين كانوا على علم به ولم يتأثروا كثيراً ..


    _ تدخلت صفية مبدية رفضها:-

    وحتى لو اللي جولته ديه صح أني بتي مهياش رخيصة عشان تتجوزوا بالطريجة ديي، معلوم إحنا ناس غلابة بس أني بتي هتبجي داكتورة كد الدنيا ومنجصهاش صباع عشان أوافج على اللي رايده ديه!


    _ كان مصطفي مقتنعاً تمام الإقتناع بأن حديثها هو الصواب، لكن ما باليد حيلة هناك قلب يعتصر ألماً على فراقه من حبيبته وأأه على فراق الأحبة فهو لا يتحمل فراق حبيبته يومين فماذا عن صديقه الذي لا يطول سماء ولا ارض؟!


    _ وجه عسران بصره على مصطفى الساكن مردداً باستياء:-

    ما تجول حاجة يا مصطفى لو ليك أخت ترضالها تتجوز بالطريجة ديي؟


    _ حرك مصطفى رأسها يميناً ويساراً رافضاً الفكرة البتة:-

    لاه


    _ جحظت عيني ضيف بذهول من رد مصطفى الذي جاء على غير هواه وحتماً سيزيد من تعقيد الأمر فهو ليس بحاجة إلى أي تعقيدات من الأساس ونهره بقوة:-

    لاه ايه يا أبو عمو ما تجول حديت زين أومال


    _ حاول مصطفى إصلاح ما اقترفه:-

    بس ممكن أساعدهم لو شايف أن الحب اللي بيناتهم والجلوب اللي هتتكسر بفراجهم


    _ تدخلت صفية بعدم إعجاب لخلط مصطفى المستمر لإبنتها في حديثه:-

    مالها بتي عاد باللي بتجوله ديه يا مصطفى، بتي متعرِفش صاحبك من أساسه عشان تجمعها معاه في الحديت


    _ لم يتحلى مصطفى بالشجاعة الكافية حتى يخوض في أمر لا يعنيه وترك البقية لصديقه في إتمامه حيث صاح ضيف بقوله:-

    اتحدتي يا صفاء جولي حاجة!!


    _ تفاجئ عسران بتوجيه ضيف لحديثه إلى ابنة أخيه كذلك لم تكن صفية أقل منه ذهولاً كأن هناك ثمة أموراً يجهلوها بالتأكيد لن يحثها على التحدث بتلك الثقة إلا إذا كانت هناك علاقة بينهما، رفضت صفية الإستسلام لشيطان أفكارها تلك المرة فلقد أخذت وعداً قاطعاً بألا تصدق أقاويل كاذبة عن ابنتها دون دليل، انتفضت عن مقعدها وأبت مسايرة الحوار المنهي أمره لديها:-

    ملكش صالح عاد ببتي يا ضيف، أني اسفة بس مضطرة أنهي المجابلة ديي لأنها مسخت جوي


    _ نهض جميعهم عن مقعدهم حين حسمت صفية الأمر، أوحي ضيف إشارت معاتبة إلى صفاء من نظراته تحثها على الوقوف إلى جواره وعدم الرضوخ لما يطلباه بهم الجميع..


    _ نكس رأسه بخذي معانق للحزن الذي تشكل على تقاسيمه ناهيك عن قلبه الذي تحطم من خلف صمتها، حرك قدميه بصعوبة وسار إلى الباب وقد تبخرت آخر آماله هنا في ذلك المنزل ..


    _ تبعه مصطفى شاعراً بحالته الذي يعيشها الأن، توقفوا عن سيرهم حين ارتفع صوتها الذي دوى في المكان:-

    أني بحب ضيف ياما!


    _ لم يكن هناك أمراً يتقضاه بينهم، فالأمر قد حُسم والرفض لا يوجد له مكان الأن، تبسم ضيف بسعادة لم تسع قلبه الذي عاد إليه إشراقته وحيويته فور تصريحها علناً بحبها له أمامهم ..


    _ عاد بخطاه إليهم ولم تختفي ابتسامته العذبه من على محياه، أسبل بعينيه في عينيها البنية الجميلة ثم أخفض بصره على ملامحها الذي يعشق تفاصيلها الرقيقة، أخرج تنهيدة ملهوفة فلم يعد يطيق الإنتظار حتى يجعلها امرأته، التفت إلى حيث يقف عسران وبثبات وشموخ هتف:-

    مش خارج من إهنه جبل ما تكون على اسمي!!


    _ طالعه عسران بقلة حيلة، شعر حينها بتقيد يديه عن وضع نهاية لتلك السخافة، لكن كيف سيهم بالرفض وهو يرى وميض عينيهم اللامع الذي يثبت مدى عشقهم لبعض!!


    _ أوصد عينيه لثوانٍ قبل أن يتسائل:-

    وبوك وعيلتك هيـ...


    _ قاطعه ضيف بحسمه للأمر:-

    صدجني هما ميفرجش وياهم غير المال وأني مفارجليش غيرها


    _ تفوه آخر جملته وهو يطالع صفاء بهُيام عاشق غير قادر على تحمل الفراق اللعين الذي ذاق مرارته البارحة، بعد مشاورات بينهم استطاع ضيف إقناعهم بعقده للقران دون وجود عائلته فالمسألة ستكون خفية لبعض الوقت ليس إلا..


    ''بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير، بالرفاء والبنين إن شاءالله''

    _ تلك كانت دعوة المأذون الذي انتهى للتو من عقد قرانهم، لم يتحلى ضيف بالصبر واقترب من حبيبته التي باتت زوجته الأن وعانقها بقوة لم يتحلى بها من قبل، فمذاق الحلال مختلف كلياً عن أي شعور قد شعر به مسبقاً ..


    _ دفعته صفاء برفق فهي لم تعتاد قربه بعد والأدهى أن هناك أناس حاضرين تخجل النظر في عيونهم بعد فعلته المتهورة، التفت ضيف وشكر الجميع ثم قال بعدما انسحب الشاهد الثاني من رجال عسران تاركاً لهم مساحة التحدث:-

    الدار هتنور بيكي يا حبيبتي


    _ تدخلت صفية رافضة اقتراح ضيف:-

    كتب الكتاب وأهاه حوصل لكن خروج صفاء من إهنه ميحصلش واصل


    _ قطب ضيف حاجبيه بغرابة فأسرعت في توضيح سبب رفضها:-

    يابني أنت ناسي أن جوازكم ديه في السر ومحدش يعرف عنيه حاجة، هتجول ايه للخلج لما تشوف بتي داخلة خارجة على دارك؟ لو كنت بتحبها صوح كيف ما بتجول خاف على سمعتها ولا هي تاجي عنديك ولا أنت تاجي عنديها لما الوضع عنديك يتعدل وتشهر جوازكم اللي لسه مبلعتوش ديه وجتها تجدر تاخدها ما طرح ما تحب


    _ وافقها عسران ومصطفى الرأي فلم يكن أمام ضيف سوى الرضوخ أمام حكمها الذي يأباه عقله، لكن يكفيه الأن الإستمتاع بهذا الحدث العظيم وحتماً سيصل إلى مبتغاه إن لم يكن الأن فـلاحقاً..

    ______________________________________


    _ بكسل شديد يسيطر عليه توجه إلى الخارج، كاد أن يهبط الأدراج إلا أن صورة شقيقته تشكلت في مخيلته، أزفر أنفاسه بضيق بائن فهو لم يصفوا مما تسببت في فعله أمس ولا يريد مواجهتها لكي لا يتشابك معها ..


    _ لا مجال للهرب، عليه إخراجها من الغرفة وحتى وان كان على غير هواه، استدار بجسده وتوجه إلى الغرفة الذي تفاجئ بكسر مقبض بابها، أسرع خطاه للداخل وكما توقع لم يجدها، ضرب الحائط بجواره بعنف متمتماً:-

    يا ترى أنهي مصيبة هتعمليها المرة ديي


    _ صدح رنين هاتفه ما إن أنهى جملته، أجاب على صديقه بنبرة غير سوية:-

    إيوة يا محمود


    _ أتاه صوت الآخر بنبرة لم يطمئن لها قلبه حيث قال:-

    إلحج اختك يا طاهر، ماسكة في ولد الحمايدي واللي ما يشتري واجف يتفرج عليهم


    _ صعق طاهر مما سمعه، أوصد عينيه بغضب يحاول كبحه ثم سأله بحدة:-

    الحديت ديه بيحوصل فين؟


    _ أخبره محمود عن المكان فأسرع طاهر إلى الخارج لكي ينقذ ما يكن إنقاذه، ظهر طيف مروة من خلف باب غرفتها حين صغت لإغلاق صوت الباب، تعجبت من خلو المنزل وتأكدت من مغادرة طاهر حين لم تجد له أثراً..


    _ على الرغم من تعجبها لذهابه المفاجئ دون علمها بوجهته إلا أنها استغلت الفرصة وعادت إلى الداخل لكي تهاتف والدتها، فلديها من العتاب قدراً تحمله لهما ولم تقدر على فعلها في وجود طاهر ..


    _ كانت تهز قدميها بعصبية شديدة في انتظار سماع إجابة والدتها، نهضت من مقعدها فور سماع أنفاسه واندفعت بها معاتبة:-

    بجا أكده ياما تهملي بتك لوحديها في ظروف كيف اللي أني فيها ديي؟ أبوي وأخوي وجوز بسمة فينهم محضروش الجنازة ووجفوا جار طاهر ليه ؟


    _ تلفتت أميمة حولها تتأكد من عدم وجود أحدهم ثم أجابتها بنبرة خافتة:-

    رايدة بوكي يخسر علاجته مع العمدة عشان حمدان الله يجحمه ما طرح ما راح؟


    _ عاتبتها الأخري بدافع الحب:-

    لاه عشان خاطر جوز بتك الغلبان اللي كان واجف راسه محنية وهو ملاجيش حد جاره في مصيبة كيف مصيبته، عشان خاطر منظر بتك جدام جوزها!!


    _ تأففت أميمة بضجر بائن وهتفت بحنق:-

    ابجي جولي الحديت ديه لابوكي مش ليا اني ما عليا غير السمع والطاعة


    _ لم تطيل مروة في المكالمة وأنهتها بعدما استأذنت من والدتها، ألقت بالهاتف أرضاً والغضب يشع من عينيها على تصرفات عائلتها التي لا تليق بهم وعزمت على تعويض زوجها على ما فقده بكل حب وعاطفة ..


    ______________________________________


    _ وصل طاهر أثناء وصول الحاج حنفي وكذلك مصطفى برفقة صفية لينقذا الوضع، لكن وصولهم كان متأخر كثيراً فالأوضاع قد تأزمت للغاية


    _ هرول طاهر نحو صباح التي لم تكف عن ضرب ضيف في صدره بقوتها الهذيلة، كذلك لحق به حنفي بخطي سريعة لكنها متريثة، عكس صفية التي تعسرت قدميها للحظة حين رأت ذاك الحشد المتجمع أمام منزلها الواقف على بابه ضيف!!


    _ توقف مصطفى عن سيره حين لاحظ تمهل حركتها، استدار إليها متسائلاً في قلق:-

    في ايه وجفتي ليه؟


    _ أجابته وعينيها مصوبتان على الواقفين بنبرة ضائعة:-

    بتي اتفضحت يا مصطفى


    _ ردد الآخر مستاءً:-

    فضيحة ايه اللي بتتحدتي عينها ديه چوزها!!


    _ حرك رأسه مستنكراً ما يحدث، التفتت إلى حيث يقف الجميع وصاح بنبرة جمهوريه:-

    واجفين تتفرجوا على ايه، يلا كله يعاود داره


    _ صدح صوت ضيف الذي أوقفهم قبل رحيلهم، احتضن يد صفاء ودلف للخارج ظاهراً تشابك أيديهم للجميع وبقامة شامخة أردف:-

    صفاء مرتي على سنة الله ورسوله وأجطع لسان أي حد يفكر أنه يمسها بكلمة أكده ولا أكده


    _ خرج أحد الرجال الواقفين عن صمته قائلاً:-

    فين هي الجسيمة اللي تثبت الحديت ديه؟


    _ صعق ضيف من سؤال الآخر الذي وضعه في مأزق كبير فالقسيمة لم تنتهي إجرائاتها القانونية بعد فما العمل الأن؟


    "ولدي جال إنه متجوزها يبجي ديي جسيمة لوحدها يا أبو الهدى ولا تجصد أن ولدي بيكدب ولا يكنش أني كماني بكدب؟"

    _ هتف بهم الحاج حنفي فكانت كلماته منقذاً لضيف أمام الجميع، نكس أبو الهدى رأسه بخزي مصحوب بالخجل واعتذر منه:-

    أني آسف يا حاج حنفي ما عاش ولا كان اللي يكدبك أنت وولدك بس كنا رايدين نتوكدوا من صحة حديته


    _ هنا صاح فيه حنفي بغضب لكي ينهي تلك السخافة الحادثة:-

    أني بوه اهاه وبجول أنه متجوزها يبجي مفيش بعد أكده حديت!!


    _ أعاد أبو الهدى اعتذاره مراراً ثم انسحب من بينهم وكان منفذاً للجميع في الذهاب خلفه، تفاجئ ضيف بتلك اللكمة التي دوت على وجهه، صعق الجميع من تصرف طاهر الذي صاح به من بين أسنانه المتلاحمة:-

    لما أنت متجوز يا واكل ناسك جيت اتجدمت لصباح ليه؟


    _ حرك ضيف فكه يمينا ويساراً لكي يعود إلى طبيعته وبهدوء حذر أجابه بغضب جامح:-

    أسأل اختك نفسيها، اسألها عملت ايه عشان تجبرني اتجدم لها!!


    _ كانت الصعقة التي لا يعلمون كم عددها التي انسدلت على الجميع صدمت عقولهم، لم يرضخ طاهر بتلك السهولة وأبى تصديق ما يقوله ذلك الدنيء ونهره بإنفعال:-

    تجبرك على خطبها، فاكرني هصدج الخبل ديه إياك!


    _ بفتور قال ضيف:-

    تصدج متصدجش أنت حر نفسك، أني عملت أكده من خوفي على أختي اللي على زمتك وفي دارك، كنت بحميها من شر الشيطانة اللي واجفة هناك ديي، وديه مش دوري طلاما بجت في دارك فوج للحديت يا أبو عمو، كل مصيبة حوصلت لأختي من يوم ما دخلت داركم كانت أختك سببها عشان تلوي دراعي واتجدم لها ونجحت فعلاً، أختك ديي تستاهل يتسجف لها سجفة جماعية


    _ طالع ضيف من هم حوله مردداً:-

    سجفوا يا جماعة، سجف يا مصطفى


    _ عاد بنظره إلى طاهر متابعاً بسخرية:-

    سجف لها يا أخوها..


    _ تفاجئ ضيف باللكمة الثانية التي فاقت قوة الأولى وهو يردد:-

    يا نجس أنت كيف تتحدت عن أختي بالباطل أكده


    _ اقترب مصطفى فور تلقين ضيف باللكمة الثانية وقبل أن يدافع عن صديقه قد أخذ ضيف بثأره وأعاد له اللكمة بلكمات متتالية حادة قوية انسدلت على وجه طاهر سقط أرضاً إثرها، أسرع مصطفى بتقيد ذراعي ضيف لكي لا يذهب خلفه ويتابع ضربه على الرغم من تمنيه من مشاركة صديقه في تلقينه ضرباً مبرحاً إلا أنه تريث حتى لا يقع الوزر على عاتقهم في الأخير..


    _ ارتفعت نبرة ضيف عالياً وهو يطالع طاهر بتشفي:-

    أختك ديي شمال، كانت بتاجي لي الغيط وسط الفلاحين وميهماش، مصطفى أهاه هو اللي كان بيمشيها كل مرة تاجي لي فيها ويخوفها أنه يبلغك فكانت تكش وتهرب جوام ..


    _ تدخل محمود الذي يتابع الأحداث من على بعد لربما يحتاج إليه صديقه، هرول نحوه حين رأى سقوطه، وقع على مسامعه كلمات ضيف البذيئة، شعر بنيران نخوته تتقد داخله فماذا عن شقيقها؟!


    _ هتف بحنق موجهاً حديثه إلى الحاج حنفي وهو يساعد طاهر على الوقوف:-

    خلي ابنك يجفل خشمه يا حاج حنفي بكفياه حديت..


    _ وجه حنفي بصره على ضيف وأمره بصرامة:-

    بكفياك يا ضيف خلصنا


    _ أبى ضيف الرضوخ لأمر والده وهتف بتجهم:-

    مخلصناش يا أبوي مخلصناش!!


    _ لقد بلغ الحاج حنفي ذروة تحمله على سخافة ضيف كذلك عصيانه لأمره ونهره بنبرة جهورية دوت في الأرجاء:-

    وأني جولت خلصنا هتعصي كلمة بوك إياك؟


    _ همس له مصطفى ولازال ممسكاً به:-

    اسمع حديت بوك واهدى بجا مش طلعت كل اللي في جوفك اركز


    _ حرر ضيف ذراعيه من بين قبضتي مصطفى بكل ما أوتي من قوة، احتضن يد صفاء مرة أخرى هاتفاً:-

    همي جدامي


    _ لحق به والده بمسكه لذراعه وانحنى على أذنه هامساً:-

    أنت واخدها ورايح على فين، ما خلاص الفيلم انتهى ودارينا فضيحتك


    _ انسدلت كلمات والده عليه كاللجام الذي حاوط عنقه وسبب له الضيق، سحب ذراعه بعنف وبغضب صاح:-

    صفاء مرتي يا أبوي ايه اللي مش مفهوم في حديتي!!


    _ أنهى جملته ثم تابع سيره مبتعداً عن هؤلاء الأناس تحت نظرات حنفي المصدومة فلقد ظن أنه اختلق زيجته منها لكي يلملم الفضيحة التي افتعلتها صباح، تبعه مصطفى بسيارته، ضغط على صافرة سيارته ليكي يجذب انتباهه فأسرع ضيف في الركوب بجواره بعدما فتح الباب الخلفي لصفاء واستقلت أعلى المقعد ..


    _ صلب طاهر قامته ثم استدار إلى شقيقته وهو يتوعد لها أشر الوعيد، غرز أظافره في ذراعها وعلى الرغم من الألم التي شعرت به إلا أنها كانت جامدة كالتمثال لا تقوى على فعل شيء بعد فضيحتها أمام الجميع والأدهى زواج ضيف من صفاء بعد مخططاتها الكُثر، في النهاية هي من خسرت وفشل ما كانت تعتقد أنه قد نجح بجدارة..


    _ خرجت من شردوها على دفع طاهر لها في سيارة محمود، أغلق الباب بعنف ثم استقل هو في المقعد الأمامي وملامحه تتحدث عن بركان غضبه الذي سيثور عليها ما أن عادوا إلى منزلهم ..


    ______________________________________


    _ ركل الباب بقدمه فانغلق بسهولة من شدة دفعه له، دفعها بغضب شديد فسقطت إثر دفعته، طالعته بجمود وكأنها لا تكترث لما يفعل، لا تهتم لغضبه البادي عليه، نفذ صبر طاهر على التحمل أمام برودها التي تتلبس ثوبه وألقى بأسئلته بنبرة اهتزت لها أعمدة المنزل:-

    الحديت اللي ضيف جاله جدام الخلج ديه صوح؟


    _ لم تهتز لها خصله فتابع طاهر معنفاً إياها أثناء هبوط مروة إليهم:-

    انطجي وردي عليا، الحديت ديه صوح، كنتي بترمي نفسك عليه؟ كنتي مرافجاه يا بت حمدان؟ هتعجب ليه ابوكي وسبج وجتل مش بعيد عنيكي اللي سمعته!!


    _ انحنى عليها وصاح من بين أسنانه بغضب عارم:-

    بتستغفليني يا بت الرفدي


    _ أنهى سبابه لها وإنهال عليها بالضرب المبرح على سائر جسدها، تفاجئت مروة بتصرفه فلم تتوقع تصرف كهذا من طاهر ذو القلب الطيب والعقل الرزين، أسرعت إليه محاولة منعه:-

    اهدى يا طاهر حوصل ايه لكل ديه؟


    _ أزاحها طاهر بيده بعيداً عنه وتابع ضربه بقوة أكبر عن ذي قبل كلما ترددت كلمات ضيف في مخيلته، عادت إليه مروة متوسلة إياه:-

    أحب على يدك يا طاهر هملها هتموت في يدك


    _ أمن طاهر على حديثها:-

    يارب حتى نخلصوا من عارها اللي لطني النهاردة


    _ وقفت مروة أمامه مشكلة حاجزاً بينهما وحثته على التوقف هاتفة:-

    طب بعد عنيها عشان خاطري أني


    _ توقف طاهر عن الضرب وطالع مروة بنظرات مشتعلة وأخبرها بما اقترفته صباح في حقها:-

    اللي بدافعي عنيها ديي هي السبب في وجوعك من السلم!!


    _ اتسعت مقلتيها بصدمة جلية انعكست على تعابيرها، لم يصدر منها أي ردة فعل لبرهة حتى قطع عليها طاهر حبال أفكارها:-

    بعدي من جدامي يا مروة


    _ أبت مروة الإبتعاد من بينهم مانعة إياه من الوصول إلى صباح، انتبه ثلاثتهم إلى قرع الباب، كز طاهر على أسنانه بعصبية وطالع صباح من خلف مروة متوعداً لها:-

    جالك اللي نجدك من تحت يدي بس هنروحوا من بعضنا فين اليوم لساته في أوله، هربيكي من أول وجديد، غوري على أوضتك جوام


    _ انصرفت صباح من أمامه حتى اختفت تماماً عن أعينهم وعادت إلى غرفتها بينما توجه طاهر لفتح الباب فإذا به والد مروة ..


    _ رحب به على مضضٍ:-

    اتفضل يا حاج حنفي


    _ تفاجئ برد الآخر حين قال:-

    ولا اتفضل ولا أعتب الدار النجسة ديي، نادي على بتي تعاود معايا داري بتي ملهاش جعاد إهنه بعد النهاردة


    _ ظهرت مروة من خلف طاهر عاقدة ما بين حاجبيها مستاءة من أمر والدها المفاجئ:-

    ايه اللي بتجوله ديه يا ابوي ؟


    _ هدر بها حنفي شزراً:-

    كيف ما سمعتي همي جدامي وحاجتك يبجي الأفندي ديه يشيعها بعدين


    _ تشبثت مروة في ذراع طاهر وبثبات أردفت:-

    أني ممهلش دار جوزي يا أبوي، أني مطرحي مطرحه وفين ما يحط رجليه أكون موجودة


    _ رُفع حاجبي حنفي مذهولاً من عصيانها لأمره فلم يسبق وأن عصاه احد من قبل فما هذا الآن، بإنفعال شديد صاح بها:-

    هتعصي أبوكي إياك يا مروة؟


    _ شدت مروة على ذراع طاهر كنوع من استمداد القوة منه وبإحترام أجابت والدها:-

    لاه معاش اللي يعصى كلمتك يا أبوي، بس كيف ما جولت طاهر جوزي ومفيش لا شرع ولا دين بيجول البت تهمل دار جوزها عشان بوها جالها تهمله، مهخطيش عتبة الدار إلا ما طاهر نفسيه اللي يجولي امشي..


    _ ضغط حنفي على أسنانه بغضب وقد كست الحمرة وجهه بسبب تمسك مروة بطاهر وعدم اكتراثها لأمره، حرك رأسه بعدة إيماءات ثم أولاهم ظهره وغادر دون إضافة المزيد..


    _ التفت طاهر برأسه إلى مروة وبإمتنان مصحوب بالخجل ردد:-

    لو رايدة تروحي ويا بوكي مهمنعكش هيكون عنديكي حج


    _ رفعت رأسها للأعلى مستاءة من قوله وحاولت احتواء الموقف بلطافة:-

    لو كنت رايدة أروح وياه مكنتش جولتله لاه


    _ أخفض طاهر بصره في خذي قبل أن يعلق عليها:-

    يمكن تكوني خجلتي توافجي اكمني واجف بيناتكم، معايزكيش تندمي أنك جعدتي حدايا


    _ اتسعت مقلتيها بصدمة وأسرعت في نفي ما يظنه ذاك المختل:-

    أخجل من إيه ؟ منيك؟ أنت تشرف أي حد يا طاهر ولو في حد هيخسر إهنه فهتكون أني لو طاوعت أبوي وطاوعتك، أنت بس اللي مخابرش جيمة نفسيك


    _ إلتوى ثغر طاهر ببسمة متهكمة وأعاد تكرار ما تفوهته للتو:-

    هتخسري مرة واحدة!!


    _ اقتربت مروة بخطاها منه إلى أن التصقت في صدره، أشارت بسبابتها على قلبه وبنبرة متيمة قالت:-

    معلوم هخسر طيبة جلبك وحنيتك اللي مجابلتهاش جبل أكده أنا عاشرت راجلين عمرهم ما كانوا كيفك يا طاهر عشان أكده بجولك وأني واثقة من حديتي أن اللي هيخسر هتكون أني..


    _ لم يعلم لشكرها طريق سوى الإستسلام إلى معانقتها لربما يستيطع إعطاؤها جزءاً من أفضالها عليه، حاوطته مروة بذراعيها مرحبة به بقرب قلبها، فهي أسعد امرأة على وجه الأرض في تلك اللحظة، لحظة ضعفه الذي تستشفه وهو بين ذراعيها دون خجل، يترك العنان لأحزانه في التبخر بين يديها كما تلمس امتنانه لها بعناقه الهادئ، أخرجت تنهيدة حارة شاكرة ربها بأنها أحسنت التصرف وتريثت في اختيارها، تقوس ثغرها بإبتسامة سعيدة لكون قلبها مرتاحاً إلى هذا الحد ..


    _ انتبهوا على اهتزازة هاتف طاهر التي قطع عليهم خلوتهم، لوهلة لم يريد أن يجيب فحتماً سيلقى ما يحزنه فلم يعد هناك أموراً ستجلب له السعادة بعد الآن!!


    _ أزفر أنفاسه بضجر حين رأى إسم جده ينير شاشة الهاتف وتمتم ساخراً:-

    توك افتكرت إن ليك أحفاد!


    _ أجاب على مضضٍ ففي النهاية هو يكبره عمراً ولابد من احترامه حتى وإن كان على غير هواه:-

    خير يا جدي فينك مش ظاهر من ليلة امبارح ولا حضرت جنازة جوز بتك ولا حتى وجفت ويا حفيدك!!


    _ بفتورٍ شديد أجابه الآخر:-

    أنت رايدنا نخسر مصالحنا مع العمدة!


    _ فوجئ طاهر برده الصادم، طالع أمامه لفترة وهو يستوعب أن من هم أقاربه كما تسير في عروقهم دماء واحدة نفسهم من تخلوا عنه من أجل مصالح لعينة مع العمدة!!


    _ أنتبه طاهر على صوت جده القاتل:-

    أني شيعت المحامي ياجي نعرفوا منيه وضع أمك ايه في الجضية تعالي أحضر عشان تعلم أنت كماني بلي هيحوصل


    _ تقوس ثغر طاهر بتهكم فليست بتلك السهولة كما يظن جده، سحب نفساً عميق وببرود لم يتحلى به من قبل هتف:-

    لاه أني هعرف وضع أمي بنفسي، متشكرين لأفضالك يا جدي ..


    _ أنهى المكالمة فور قول جملته و بعصبية بالغة سيطرت على خلاياه بعد أن كان هدأ قليلاً في حضن مروة ألقى هاتفه بعيداً فارتطم في الحائط المقابل له وسقط بقايا حطام...


    _ نهض من مقعده وقبل أن يهم للخارج ووجه حديثه إلى مروة:-

    هروح أشوف محامي زين يكون ويا أمي


    _ رفع بصره للأعلى ومن بين أسنانه المتلاحمة أضاف محذراً:-

    البت ديي متعاتبش برا الدار واصل


    _ أماءت له مروة بقبول فأولاها هو ظهره وغادر قاصداً محامي العائلة الذي بينهما تعاملات من قبل لكي يعلم وضع والدته في تلك القضية المنتهي أمرها ..


    ______________________________________


    _ صف سيارته أمام منزل ضيف الذي لم يحظى فيه بالسكن إلى الأن، التفت ضيف إلى صفاء الساكنة وأعطاها مفتاح المنزل قائلاً:-

    ادخلي وأني جاي طوالي


    _ ترجلت من السيارة وولجت للداخل كما أمرها بينما وجه ضيف نظره إلى مصطفى وحادثة بدافع الإخوة:-

    هتوك سايب مرتك في دار أهلها لحد ميتى يا صاحبي ؟ كانك هطليجها؟


    _ تفاجئ ضيف من سرعة رد مصطفى عليه مستاءً من كلمته:-

    الموت عندي أهون من اللي بتجوله ديه


    _ حرك ضيف رأسه حين اختلطت أفكاره ببعضهم ولم يعد يفهم شيء وسأله مستفسراً:-

    حديتك بيجول أنك بتحبها..


    _ قاطعه الآخر بتعديله لكلمته:-

    أني عاشجها!


    _ قطب ضيف جبينه وتابع أسئلته التي يريد لها إجابة واضحة وصريحة:-

    أومال سايبها ليه يا مصطفى ومتجوليش هي السبب في جتل هلال والحديت الماسخ ديه، أنت خابر زين إن أي حرمة هتلجئ لجوزها يرجع لها حجها وأنت بنفسيك اللي رجعت لها حجها يبجي ايه بجا يا صاحبي؟


    _ ضبط مصطفيى أنفاسه في محاولة منه على التحلي بالهدوء، ضرب الطاره أمامه بخفة قبل أن يردف:-

    أني متلخبط يا ضيف، عجلي لساته ممستوعبش أن أخوي اتجتل من أساسه وأن مرتي كان ليها يد في جتله حتى لو خابر أن هي لجئت له بعشم بس في الاخر ليها يد، ودارت عني الجاتل مع إن حجها تخاف عليا ومتجولش ما أني هروح في شربة مية..


    _ طالعه ضيف لوقت ثم قال بعدم استعياب:-

    أنت بتجول الحديت وترد عليه يا مصطفى يعني خابر الحجيجة أهاه مش محتاج حد ينبهك لحاجة!


    _ التفت مصطفى برأسه يطالع الخارج من النافذة المجاورة بقلة حيلة مجيباً إياه:-

    ما أني جولتلك متلخبط، جوايا غضب مخابرش هيهدى ميتى فبعدتها عني عشان ميكنش ليها نصيب منه، تجدر تجول أني محتاج كيف ما بيجولوا أكده "هُدنة" أريح فيها أعصابي وأعاود لها من جديد ..


    _ أعاد مصطفيى النظر إلى منزل ضيف فلمح طيف صفاء تقف أمام النافذة، تنهد بحرارة وأردف ناهياً الحوار:-

    يلا عاود أنت صباحية مباركة من دلوك


    _ أسرع ضيف في توضيح الأمر:-

    أنت فاكر ايه مفيهش حاجة هتتغير، أني خدتها معايا عشان أثبت للعيون اللي كانت مترصدة ورا الشبابيك إن حديتي صوح


    _ غمز إليه مصطفى غير مصدقاً حديثه:-

    ضيف ديب الحريم هتعدي من تحت يده مرته!


    _ بنبرة غير قابلة للنقاش قال الآخر :-

    تراهن يا إبن الجبلاوي؟


    _ بثبات مصحوب بالثقة التامة قال مصطفى:-

    أراهن يا إبن الحمايدي


    _ صافح كليهما الآخر بتحدي ثم ترجل ضيف من السيارة ومن ثم إلى منزله دون أن يلتفت بينما تحرك مصطفى مبتعداً عن المكان، تعمد السير في طريق معين عله يري وردته في طريق عودته ..


    _ أوقف السيارة على مقربة من دارها حين رآها تقف أمام أرجوحتها تقطع في حبالها بآلة حادة، تعجب من تصرفها المبهم فلم تصل أفكاره إلى أي أسباب واضحة إلى ما تفعله، اتسعت مقلتيه حين شعر بشيء غريب يحدث


    _ توقفت ورد فجاءة ثم طالعت السكين لوقت وكأنها تفكر في شئ آخر غير قطع حبال الأرجوحة، خشي مصطفى عليها من أن تسببب فيما لن يتحمله وأسرع في فتح الباب ربما يلحق بها ....




    #يتبع


    🌺🌺روايه عرف صعيدي🌺🌺        


         بقلم الكاتبه       ♥ تسنيم المرشدي♥ 


    الفصل السابع والعشرون

    ( رهان من؟ )

    ______________________________________


    _ خرجت من منزلها حين راودها القلق في تأخير عودتها، قطبت ما بين حاجبيها متسائلة عن سبب وقوفها:-

    واه واجفة حداكي بتعملي ايه يا ورد؟


    _ رجفت ورد بذعر إثر صوت والدتها الذي قطع عليها أفكارها، استدارت إليها ثم حاولت تبرير وضعها المريب:-

    هاا.. كنت بجطع المرجيحة


    _ دنت منها والدتها بغرابة أكبر:-

    أباه ليه أكده اللي يشوفك وأنتِ مبتجوميش من عليها يتعجب أنك اللي بتجطعيها!


    _ أزفرت ورد أنفاسها بضجر شديد فكلمات صباح تتردد داخل عقلها تسبب لها الضيق، ألقت السكين أرضاً قائلة:-

    متركزيش ياما مفيش حاجة بدوم


    _ ظهر طاهر من خلف باب منزله برفقة مروة التى ودعها وتابع سيره، توقف حين تفاجئ بقطع الأرجوحة، مرر أنظاره بينهن ثم أكمل خطاه إلى الأمام إلى أن اختفى من أمامهم


    _ أغلقت مروة الباب حين تأكدت من عدم وقوف طاهر مع ورد بينما تعجبت السيدة سنية من تصرف طاهر فلم يسبق له ولم يلقي السلام يوماً فرددت متذمرة من جفاف أسلوبهى:-

    ماله ديه كماني حتى السلام حرموا علينا!


    _ لم تتحمل ورد الحديث عن أحد وانسحبت بهدوء إلى الداخل ثم تبعتها والدتها وأردفت وهي تغلق الباب:-

    اجعدي يا ورد على لما أحضر الغدا


    _ هتفت ورد مبدية رفضها:-

    لاه مليش نفس للوكل


    _ أصرت سنية على مشاركتها الطعام مستعطفة إياها بتوسل:-

    أنى هموت من الجوع يا ورد، اللجمة يابتي ملهاش طعم من غير ونس


    _ تأثرت ورد بحديث والدتها ووافقت فقط لكى تتناول الأخرى بشهية على الرغم من نفورها الشديد لأي طعام:-

    خلاص ياما حطي الوكل


    _ تقوس ثغر سنية ببسمة سعيدة ثم انصرفت سريعاً لكى تحضر الطعام قبل أن تقابل رفضها ثانيةً، جلست ورد أعلى الأريكة مهمومة حزينة لا تقدر على فعل شيء، تشعر بضعف قوتها في غياب مصطفى، ياله من شعور مميت وأنت تنتظر النهاية لطالما تجهل إن كانت ستسُر خاطرك أم ستكسِره!


    _ شعرت ورد بالنفور الشديد حين تغلغت إحدى الروائح إلى أنفها، وضعت يدها على فمها شاعرة بالاشمئزاز من الطعام التي أحضرته والدتها للتو ..


    _ لم تتحمل الرائحة لأكثر من ثانية وهرولت إلى المرحاض، تقيأت حتى أفرغت ما في معدتها ثم وقفت تستنشق الهواء الذي هرب من رئتيها


    _ كانت تطالعها والدتها بأعين مشفقة على حالتها المذرية مرددة:-

    اتصابتي ببرد في معدتك ولا ايه يا ورد؟


    _ سيطرت ورد على حالتها المبهمة وأجابتها بنفسٍ مشمئزة:-

    مخابراش ريحة الوكل جلبت لي معدتي، مهجدرش أكل كلي إنتِ ياما ومتغصبيش عليا بالله عليكى


    _ لم تضغط عليها سنية بعد رؤيتها لما أصابها، انصرفت ورد من أمامها عائدة إلى غرفتها تحت نظرات والدتها التى تفكر في سبباً واحد فقط لحالتها المفاجئة تلك ..


    _ في الخارج، عاد مصطفى إلى سيارته بعد أن اطمئن على ورد التى اصطحبتها والدتها قبل أن يظهر هو في المكان، أنتبه لرنين هاتفه فأجاب فور تلقيه المكالمة:-

    إيوة يا أبوي


    _ بنبرة معاتبة قال:-

    أنت فين يا مصطفى أديلك كاتير غايب من وش الصبح نسيت العزا ولا ايه؟


    _ حادثه مصطفى مختصراً:-

    لاه أني معاود طوالي


    _ أنهى المكالمة ثم تحرك بسيارته قاصداً العودة إلى السرايا، صفها جانباً ثم ترجل منها وتوجه نحو السرُادِق مباشرةً لكى يقف إلى جوار والده في آخر أيام العزاء ..


    ______________________________________


    _ حمحم قبل أن يدخل للمنزل بحنجرة رخيمة، أوصد الباب والتفت يبحث عن صغيرته لطالما طال هذا اللقاء كثيراً، رآها تقف مقبلة اليدين ترتجف في مكانها


    _ قطب جبينه بغرابة فخوفها آثار فضوله حول سببه، دنى بخطاه منها متسائلاً في حيره من أمرها المريب:-

    واه مالك يا صفاء متكعبرة في نفسك أكده ليه كاني هاكلك!


    _ خرجت صفاء عن صمتها بسؤالها:-

    هو أني أكده بجيت مرتك خلاص؟


    _ قهقه ضيف عالياً علي داعبتها فماذا ستكون إن لم تكن كذلك، توقف عن ضحكاته مجيباً إياها مستاءً:-

    أنتِ مرتي من وجت ما المأذون بارك لنا يا صفاء أنتِ كنتي نايمة ولساتك صاحية ولا ايه؟


    _ تلونت وجنتيها بالحُمرة كما أخفضت رأسها في حياء متابعة حديثها التى تريد توضيحه إليه:-

    بس كنت جاعدة في دار أبوي، دلوك في دارك أنت، الوضع اختلف..


    _ عضت على شفاها السفلية بخجل مفرط فأثارت رغبته بها، ابتلع ريقه وحاول التريث في تصرفاته، سحب نفساً لكى تخرج نبرته طبيعية دون تعرقل في الحديث:-

    ديه مش داري يا صفاء ديي دارك أنتِ


    _ رفعت رأسها وطالعته لوقت قبل أن تردف:-

    خابرة إن أني وأنت واحد و..


    _ لم يعطيها ضيف فرصة مواصلة حديثها حيث قاطعها بقوله:-

    مجصدش اللي وصلك، الدار فعلاً دارك أني كتبتها بإسمك!!


    _ فوجئت صفاء مما أخبرها به للتو، اتسعت حدقتيها بذهول ورددت بدون استعياب:-

    كيف يعني؟


    _ أولاها ضيف ظهره ثم توجه نحو أحد الأدراج الموجودة في المكان وسحب منه ملفاً ورقياً وعاد إليها ليثبت صحة حديثه:-

    أهاه شوفي اتأكدي بنفسك


    _ مد يده بالملف فأخذت وقت تستوعب فيه المفاجأة، تناولته منه بخجل قد اجتاحها بشدة وقرأت المدون في الأوراق وبالفعل كان المنزل مسجلاً بإسمها..


    _ رفعت بصرها عليه غير مصدقة ما فعله ورددت متسائلة:-

    ليه عملت أكده؟


    _ اقترب منها وأحاط ذراعيها بكلتى يديه وهو يجيب على سؤالها:-

    اشتريته عشان يبجي لينا نسكنوا فيه وحدينا، ولما صباح لعبت لعبتها خوفت مجدرش أوفي بوعدي ليكي وأكون ظلمتك، فروحت طوالي كتبت لك الدار بإسمك تعويض عني..


    _ قابلته صفاء بنظرات معاتبة لترهاته التي لم تقنعها وقالت مستاءة:-

    وأنت دار اللي تعوضك يا ضيف؟


    _ تقوس ثغره بإبتسامة عذبة ومال عليها متسائلاً بنبرة خافتة:-

    أومال ايه اللي يعوض مكاني؟


    _ أسرعت في الرد عليه متلهفة:-

    ولا الدنيا بحالها تعوض غيابك عني، أني بحبك يا عبيط


    _ دقت أسارير السعادة قلب ضيف وهلل عالياً:-

    يا أبوي حلوة جوي


    _ سألته صفاء بحب:-

    هي إيه؟ بحبك!


    _ أخفض بصره ليقابل بندقيتها مردداً:-

    لاه عبيط..


    _ انفجرت صفاء ضاحكة من خلف مزاحه، شاركها ضيف الضحك ثم توقف فجاءة وهو ينوي على ما يحاول منع حدوثه منذ وقوفه أمامها، أنحنى بجسده ووضع إحدى يديه أسفل ركبيتها والآخر خلف خصرها حاملها بين ذراعيه بسهولة فهى كانت نحيفة الجسد ..


    _ تفاجئت الأخرى بتصرفه الذي وقع قلبها إثره كما عاد إحمرار وجهها إليه مرة أخرى من فرط حيائها، توجه بها ضيف نحو الغرفة الجديدة التي ستحظى لمرتها الأولى في السكن اليوم حيث هتف ضيف برغبة قوية:-

    تعالي بجا عوضيني عن اللي حرميتني منيه


    _ خفق قلب صفاء رعباً حين رأته يدلف بها للغرفة فهي ليست على أتم استعداد لما استشفته من خلف كلماته وتصرفاته، وضعها ضيف أعلى الفراش برفق فأسرعت هي محاولة منع الأمر قبل حدوثه بنبرة متلعثمة:-

    أني مجهزاش يا ضيف.. مش.. مستعدة


    _ بهدوءٍ ونبرة لطيفة أردف:-

    الحاجات دي حلاوتها أنها ميكنش مترتب لها


    _ خلع جلبابه وألقاه بعيداً فضاعف الرعب في قلب صفاء من تهوره، حاولت الفرار من بين يديه لكن هيهات لضيف المجنون فهو عزم نيته وبات الأمر منتيهاً لديه ..


    _ أجبرها في البداية على مسايرته حتى نجح في إرخاء عضلاتها كلياً إلى أن وصل إلى مراده في النهاية ...


    ______________________________________


    _ جلس مقابله يخبره بكل تفاصيل القضية حتى يأتي منه بمعلومات تطمئنه عن وضع والدته إن كان هناك من الأساس، أنهى جملته بـ:-

    بس أكده يا حضرة ديي كل الحكاية طمني الله يطمن جلبك


    _ أخرج المحامي تنهيدة لم يطمئن لها طاهر وأجبر أذانه على الإصغاء جيداً حين أجابه الأخر:-

    اللي بتحكيه ديه يا أستاذ طاهر جتل متعمد يعني إعدام من غير حديت وديه أي حد يعلمه مش محتاچ محامي


    _ حرك طاهر رأسه بتفهم وحاول إيجاد ثغرات ربما ينقذ بها والدته:-

    خابر بس أمي مكانتش في وعييها أني متوكد، أي حد بيجتل بيخاف ويهرب ديي وجفت جصاد الخلج كلاتها تجول إنها جتلته تفتكر حضرتك ديه طبيعي؟


    _ حاول المحامي التفكير معه بصوت عالٍ:-

    رايد تجول إيه ممكن توضح


    _ نهض طاهر من مقعده وجاب الغرفة ذهاباً وجيئا وهو يحاول إنقاذ حياة والدته التي ستنتهي قريباً بأكثر الطرق بشاعة بالنسبة له:-

    أمي كانت في الفترة الأخيرة إليها سرحانة ومتعرِفش تاخد منيها عجاد نافع، أني جولت أنها في الحالة ديي بسبب أبوي وعمايله


    _ وقف المحامي عند قوله الأخير وأسرع في سؤاله:-

    كان بيعمل ايه عاد؟


    _ توقف طاهر عن السير وطالع المحامي لبرهة قبل أن يردف بحرج بائن:-

    بلاها السيرة ديي يا حضرة خلينا في الجضية دلوك


    _ أوضح له المحامي ضرورة الأمر:-

    كل حاجة لازمن تتجال حتي وإن كانت صغيرة بالنسبة ليك هتكون كابيرة ومهمة في الجضية


    _ أماء له طاهر بتفهم ثم أدلى بالحقيقة المخجلة:-

    أبوي كان يهينها طول الوجت، كان يضربها في كل فرصة تجابله شكيت أنه السبب في حالتها اللي كانت عليها ديي في الفترة الأخيرة، ولما عملت اللي عملته كانت صدمة كابيرة جوي بس الصدمة الأجوي لما لجيتها فرحانه بجتله كانها مش أمي كانها واحدة تانية معرفهاش


    _ نهض المحامي من مقعده والتف حول مكتبه ثم توقف وقال:-

    رايد تجول أن أمك عنديها خلل فى قواها العجلية؟


    _ جحظت عيني طاهر بذهول وهاجمه على سوء تلقيبه لحالة والدته:-

    إيه اللي بتجوله ديه يا حضرة!! احترم إنها أمي


    _ اعتذر الآخر عما بدر منه موضحاً حسن نواياه:-

    أني مجصدش، بس اللي جولته وضايجك ديه ممكن يغير مجري الجضية خالص


    _ أنتبه له طاهر بأذان صاغية فأوضح قصده:-

    لو جدرنا نثبت أنها مريضة نفسية جايز وجتها ناخد حكم مخفف يبجي مؤبد


    _ طالعه طاهر مستاءً من حديثه الساذج ثم قال ساخراً:-

    واه مؤبد مرة واحدة


    _ أخفض من نبرته معاتباً:-

    وديه يبجي حكم مخفف من أنهي اتجاه يا حضرة؟


    _ استنكر المحامي سخرية طاهر وسرعان ما تجهمت تعابيره وصاح بحدة:-

    أنت جاي تشاورني في جضية منتهية من أساسه، جتل متعمد يعني إعدام طوالي!


    _ حاول طاهر التحلي بالصبر حتى لا يخرب العلاقة بينهما فالوقت ليس في صالحه لإيجاد محامي آخر وقص عليه الأمر من البداية، شهيقاً وزفيراً فعل قبل أن يردف بجمود:-

    طب وإيه العمل عشان ناخد المؤبد ديه؟


    _ شرح له المحامي ما سيفعلاه بسلاسة:-

    هنعرض دليل جوي أو شهود يجولوا اللي شافوا ونشكك في قواها العجلية يجوموا يحولوها لـ لجنة من الطب النفسي..


    _ انتظر طاهر مواصلته للحديث وحين لم يفعل سأله باهتمام:-

    وبعدين؟


    _ بفتور أجابه الآخر:-

    وبعدين ديي بجا ترجع للست الوالدة، هيعرفوا إن كانت مريضة ولا لاه والمحكمة هتجرر على أكده


    _ حرك طاهر رأسه بعدة إيماءات ثم نهض عن مقعده شاكراً إياه كما حثه على البدء فيما اتفق على فعله على أمل إنقاذ والدته من حبل المشنقة ..


    ______________________________________


    _ انتهى اليوم الأخير بسلام، عزم خليل ونادرة على محادثة مصطفى في إعادة ورد إلى السرايا فلا يوجد داعى لعدم وجودها وخصيصاً أنهما على علم بحبه الشديد لها ..


    _ اجتمع ثلاثتهم حول المائدة فى إنتظار إنتهاء هويدا من وضع الطعام حيث استأذنت صفية في أخذ قسطاً من الراحة اليوم فبعد ما حدث في الصباح لن تقدر على مواجهة العالم ناهيك عن عدم قدرتها لمداومة عملها كما كان ولابد من هُدنة قصيرة تسترد بها صوابها وقوتها ..


    _ صمت طال لحين انتهوا من الطعام، لاحظوا تقليب مصطفى فى الطعام وعدم تناوله بشكل طبيعي كسابق أيامه، نهض من مقعده ليهم بالمغادرة فأسبق والده في اللحاق به قائلاً:-

    اجعد يا مصطفى رايد اتحدت وياك


    _ رمقه مصطفى لبرهة ثم عاد إلى مقعده على مضضٍ فهو يريد الإختلاء بذاته قليلاً، فما عاد يوجد ما يدعوا للتبرير في عدم وجود حبيبته بعد، لقد انقضت ثلاثة أيام العزاء الذي كان يعلل بهم غيابها، أخرج تنهيدة مهمومة وأعاد النظر إلى والده في إنتظار ما سيحادثه فيه


    _ لم يطيل عليه الأمر وألقى حديثه دفعة واحدة:-

    هترجع ورد ميتي؟


    _ تفاجئ مصطفى بسؤال والده وكاد أن يجيبه رافضاً التدخل فى خصوصياته إلا أن خليل لحق به وتحدث بنبرة قوية:-

    أنت كبير كفاية وعاجل ما شالله عليك يعني مش محتاج نجولولك إنها ملهاش يد في اللي حوصل و..


    _ قاطعه مصطفى مستاءً من تبريراته التي وضعها لصالح ورد:-

    يا أبوي ديي مراتي يعني خابر زين اللي بتجوله ديه


    _ تبادلا خليل ونادرة النظرات المتعجبة فتصرفاته تناقد حديثه، ارتفع صوت نادرة متسائلة:-

    أباه لما أنت خابر زين أنها ملهاش يد مهملها عند أمها ليه عاد؟


    _ أخرج مصطفى بعض الزفير المتمهل بضجر فلا يتركه أحد يعيش غضبه قليلاً حتى يهدأ من نفسه، كلما شعر بالهدوء الداخلي يعود إليه بقوة أكبر مع كلماتهم التي تشعره بكونه نذل مع زوجته..


    _ نهض عن مقعده وأجابهم بنبرة محتقنة ناهياً أي نقاشات في الأمر:-

    محتاج وجت أجمع فين نفسي وبعدين أرجعها، عن إذنكم


    _ استأذن وهم بالمغادرة لمكانه الخاص يناديه بكل قوته حتى يأتيه غاضباً يعيد تأهيل روحه هناك ثم يعود مصطفى من جديد ..


    _ وصل إلى طوالة جياده، صعق مصطفى من ذلك العمل الغبي الذى حتماً قام به عامل الطوالة، بنبرة جمهورية صاح متوعداً له:-

    سمعان..


    _ جائه راكضاً بخوف شديد فتلك النبرة يعهد ما خلفها من عصبية حتماً هو المتسبب فيها، وقف مقابله فنهره مصطفى بقوة:-

    مين اللي فك ضفاير مُهرة؟


    _ وزع العامل أنظاره بين مُهرة ومصطفى وأجابه بتوجس:-

    أااا أني كنت رايد أحميها


    _ لم يتوقع العامل ثورة مصطفى التي حدثت فور اعترافه بفعلتها كأنها ليست عقد وضيعة يمكن لأي شخص صنعها من جديد


    _ أنهي مصطفى توبيخه له بـ:-

    غور من جدامى


    _ اقترب من مُهرة فى محاولة منه على إعادة صنع الجدائل مرة أخرى لكنه فشل وبجدراة، فكانت جدائل ورد متقنة ذو شكل مثالى رائع لن يقدر على إعادتها كما كانت، ارتخت عضلات وجهه بحزن شديد فالأشياء التي يكن لها مشاعر خاصة تحلق مع الرياح ولا تنتظر ..


    _ سحب مقعداً خشبي كان بالقرب وجلس أعلاه يعيد ترتيب أفكاره من البداية حتى يحسم أمره على فعل الصواب فقط لا غيره....


    ______________________________________


    _ حالة من السكون عمت المكان تستوعب فيه حديث زوجها الذي أخبرها به للتو، حركت رأسها مستنكرة تصرف ولدها قائلة:-

    لاه أكيد عمل أكده عشان الفضيحة ضيف ميعملهاش...


    _ هدر بها حنفى شزراً:-

    بجولك وجف جصادي وجالى صفاء مرتى يا أبوي وخد البت جدام عنيا التنين اللي بتاكلهم الدود ومشي على بيته!!


    _ نهضت أميمة من مقعدها غير متقبلة الفكرة بالمرة، كيف له أن يكون أنانياً لتلك الدرجة كيف يحرمها من رؤيته عريساً ومن حضورها لعرس ولدها البكري الشاب الوحيد لديها؟!


    _ جابت المكان ذهاباً وإياباً ويكاد عقلها يجن من هول الصدمة التي وقعت فيها، توقفت عن السير وهي تردد:-

    كيف يعمل أكده، كيف يحرمني من شوفتي لطلته وهو عريس، كيف يعصة أوامرنا ويتجوز بت الخدامة! أودى وشي من الخلج فين ؟


    _ علق حنفي ساخراً على آخر ما أردفته:-

    لاه وأنتِ الصادجة فكري هتجولى ايه وابنك اتجوز البت من غير علمنا


    _ نهض حنفى هو الآخر ضارباً بعصاه الأرض ثم هتف بحنق:-

    بس لاه مهنولش لحد يتحدت عنينا بالعيبة واصل..


    _ دنت منه أميمة متسائلة في فضول:-

    هتعمل ايه يا حنفى نورني يا حاج


    _ هتف بما يدور في عقله حتى يمنع الأقاويل التي ستحول حولهم:-

    هعمله ليلة ولا اجدعها ليلة، لازمن نوري للناس إننا موافجين وعلى علم بعملة ولدك المطينة بطين ، لازمن نلحج الفضحية جبل ما توجع بجد


    _ استلقت أميمة على الأريكة بإهمال غير راضية عما ينوى زوجها على فعله هاتفة بحنق:-

    بجا بت الخدامين ديي تتهني بولدي وكمانى يتعملها ليلة كابيرة!!


    _ عاد حنفى إلى مقعده مردداً بقلة حيلة:-

    عنديكى حل تاني يا أم المحروس ؟


    _ رمقته أميمة بنظرات مشتعلة لسخريته منها ثم صاحت بإنفعال:-

    أي حاجة اوافج عليها إلا أنها تبجى مرت ولدى


    _ بفتورٍ مختلط بالسخرية قال:-

    ماهي بجت خلاص يختي ابنك حطنا جدام الجطر وفات هو منك لله يا ضيف


    _ نهرته أميمة مستنكرة دعائه على ولدها:-

    متدعيش على الواد


    _ طالعها بطرف عينه مستاءً منها، لم يطيل الجلوس برفقتها وهم بالمغادرة وهو يتمتم:-

    أنتِ وولدك على اللي جابوكوا


    _ تركها تندب حظها وتتحسر على زواج ابنها من ابنة الخادمة ناهيك عن خجلها المفرط التي ستواجه به أعيان البلدة بعد فعلة ولدها بينما وهرول للخارج لكي يتفق مع عمال الزفاف في تشيد أكبر سرُادِق لم يسبق لأحد وأن بنى بعظمته حتى يليق بعائلة الحمايدي أمام منزل ضيف الجديد


    ______________________________________


    عاد طاهر إلى المنزل بأمل قد خلق داخله في إنقاذ والدته، تفاجئ بوقوف محمود أمام المنزل، اقترب منه بخطى متريثة فقابله الآخر بحفاوة:-

    يا أهلا بالغالى كنت غايب عنينا فين؟


    _ جلس طاهر أعلى الأريكة الخشبية وأجابه بحماس:-

    كنت عند المحامى في أمل أن أمي تاخد مؤبد بدل إعدام


    _ هلل الآخر بفرحة:-

    ديه خبر زين يا صاحبي ربنا ما يجيب أحزان تانية واصل يارب كله فرح وبس


    _ أمن عليه طاهر فهو لم يعد يتحمل أي مصائب أخرى:-

    أمين يارب


    _ طالعه محمود بحرج شديد، فما جاء لأجله ليس وقته لكنه مضطر في محادثتة في ذلك التوقيت بالتحديد، شعر طاهر بثمة أمر في صديقه لعدم اتزانه فسأله مستفسراً:-

    واه مالك مش واجف على بعضك أكده ليه؟


    _ خجل محمود كثيراً فلم يعد هناك رجوع وعليه إدلاء بما في جوفه حتى وإن قابل صعوبة في ذلك:-

    عارف إن اللي هجوله ديه مش وجته بس اعذرني يا صاحبي أني كلها أجل من سبوع وهعاود مكان ما جيت


    _ قطب طاهر جبينه بغرابة فحديثه مبهم ولا يفهم عليه، رفع رأسه إليه متسائلاً فى فضول:-

    أنى مفاهمش بردك أنت رايد ايه؟


    _ جلس محمود بجواره ولم يرفع نظره من على طاهر حتى استمد منه القوة وتحلى بالشجاعة وقال مراده:-

    رايد اتجوز صباح!!


    _ صعق طاهر من طلب محمود المفاجئ، فهي للتو قد فسخت خطبتها، متى أعاد التفكير بها؟، اعتدل طاهر فى جلسته وطالع الفراغ أمامه في صمت حل لوقت قطعه طاهر بأسئلته:-

    متواخذنيش يا صاحبي طلبك غريب جوي، البت لسه فاسخة خطوبتها النهاردة وأنت حضرت بنفسيك المشكلة وعرفت اللي فيها، يبجي رايد تتجدم لها كيف وفكرت فيها ميتى من أصله؟


    _ حديث طاهر صحيح مئة بالمئة وعلى الآخر إنتقاء كلماته بعناية لكى لا يساء الظن به:-

    أنت خابر زين يا صاحبى إنى عايش لحالى، بطولي في الدنيا، من وجت ما أمي وأبوي راحوا للي خالجهم وأني جوزت اخواتي البنتة ومجدرتش أجعد فى البلد أكتر من أكده حسيت إني أديت دوري وخلاص أشوف حالي بجا، وأنت الحِمل بجا تجيل عليك و..


    _ انتفض طاهر بعصبية بالغة ونهره بإنفعال:-

    كانك رايد شروة من الأخر، تشتريها تونسك وتخلصني منيها، لا يا محمود أني مرميش لحمي بالسهولة ديي وأنت عشان العشرة اللي بيناتنا هعمل إني مسمعتش حاجة منيك، تصبح على خير


    _ أسرع محمود فى اللحاق به، أجبره على التوقف بمسكه لذراعه فى محاولة منه على توضيح سوء الفهم الحادث:-

    أني مجصديش اللي فهمته واصل، يا طاهر الوحدة في الغربة وحشة جوي يا أبوي، وهنكة الحريم على جفا مين يشيل يتمنوا بس تشاور على واحدة منيهم، بس أنى محاببش أمشي في الطريج ديه أنى رايد الحلال، وأنت أدرى واحد بيا صاحبك ميعبوش حاجة واصل لا أخلاجه ولا جيبه مستورة والحمدلله


    _ لم يصدق طاهر مسامعه، فالأمر بدى أخرق للغاية، فكيف سيصدق سرعة محمود في التقدم لطلب شقيقته التى لم يشفى جرحها من علاقة وضيعة بعد؟!


    _ أخذ طاهر شهيقاً وأزفره بتمهل مردداً:-

    أشمعنا بردك أختي يا محمود، متأخذنيش يعني أي واحد هيسمع الحديت اللي اتجال عنيها النهاردة ديه مهيهوبش نحيتها من أساسه وانت ما شالله عليك فكرت جوام جوام وجيت تتجدم والموضوع واجف على مواجفتي كمان!!


    _ نكس محمود رأسه فى خذى لوقت قبل أن يردف:-

    متأخذنيش يا طاهر بس أنى حسيت أن اختك عندها نجص ومحدش فاهمها لأن لو كان حد فاهمها كان سد الفراغ ديه، هي بتتعلج في جشاية كيف الغريق تمام وأني محتاج ونس معايا فى غربتي ومظنش أن هيكون فيه احسن منيها وعلى الاجل نونس بعضنا ونسد الفراغ اللي جوانا ..


    _ حديثه جميل وما يطمئنه كثيراً أنه على علم بخلق محمود ولن يتمني لشقيقته رجلاً أفضل منه، لما الرفض؟ إن كل هناك مصلحة لصباح ألا تريد أن تتزوج فالخاطب قد دق الباب وليس بأي خاطب أنه محمود ذو القلب الحنون والعقل الرزين والأهم من بينهم يخشى ربه وبالتالي لن يحزن قلب شقيقته..


    _ أوصد طاهر عينيه لبرهة يحاول التريث في حكمه:-

    سيبني أفكر يا محمود واخد رأيها وأرد عليك لما ياجيني الرد باذن الله


    _ وافقه محمود في طلبه لكنه حثه على التعجل معللاً أسبابه:-

    بس جوام يا طاهر عشان لو فيه نصيب ألحج أبدأ في إجراءات جواز سفرها


    _ أماء له طاهر ثم استأذن محمود فى المغادرة بينما عاد طاهر إلى المنزل وعقله غير مصدق ذاك الحدث العظيم فآخر ما كان يتوقعه زيجة صباح من صديقه الخلوق..


    ______________________________________


    _ أخبرها طاهر بالأمر كاملاً فهللت هي فى سعادة من سماعها لهذا الخبر السعيد:-

    زين يا طاهر وانت ناوي على ايه؟


    _ تنهد بحرارة وهو يفكر بصوت عالٍ:-

    مخابرش إن جيتي للحج أني خايف أخسر علاجتي بيه من وراها، محمود ديه أخر علاجة متبجيالي، مرايدش أخسره بسببها


    _ حاولت مروة التخفيف من خوفه قائلة:-

    وليه متجولش إن ديه نصيبها وربنا هيهديها معاه وتكون ونعمة الزوجة، كلنا بنغلط يا طاهر ونستاهلوا فرصة تانية يمكن ديي فرصتها التانية الله أعلم


    _ انحنى بجسده للأمام وعقد كفوف يديه في بعضهما البعض ورد عليها:-

    هتحدتوا وياها وأشوف رأيها إيه


    _ نهض من مقعده وتوجه بخطاه للخارج متوجهاً إلى غرفة صباح التي لم يصدر لها صوت منذ الصباح، طرق بابها عدة مرات وحين لم يجد رد منها سمح لنفسه بالدخول مصدراً صوتا ينبهها بدخوله ..


    _ لم يتفاجئ حين رآها مستلقية على الفراش حاضنة وسادتها بين ذراعيها، اقترب منها فتفاجئ بعبراتها التي تتساقط في صمت، خفق قلبه حزناً على حالتها، أشفق على ما وصلت إليه بسبب تصرفاتها الحمقاء التي لا تحدثها دون الرجوع لأحد ..


    _ أخرج زفيراً عميق فليس بحين يعاتبها فيه، فهو جاء من أجل عرض الأمر عليها ويأخذ منها رداً يعطيه لصديقه، جلس مقابلها على مقعداً قد جلبه وطالعها لوقت طال قبل أن يردف..


    " محمود طلب يدك "

    _ قالها طاهر دون سابق إنذار فلم يرى منها أي تأثير بالأمر، شعر لوهلة أنها لا تصغي إليه فتابع حديثه لعله ينجح في لفت انتباهها:-

    جالى أنه محتاچ ونيس معاه في غربته، محمود أخلاجه عالية وطيب وكسيب، بيكسب بالحلال وأني هبجي مطمن عليكي معاه بس طبعاً ديه يرجع ليكي أنتِ، شوفي رايدة تعملي ايه وخبريني بس ياريت يكون جوام عشان هو خلاص كلها كام يوم ومسافر ..


    _ نهض عن مقعده وأولاها ظهره قاصداً الخروج تاركاً لها حرية الرد فتفاجئ بردها الذي تعجب من سرعته:-

    أني موافجة


    ______________________________________


    _ صباحاً، ظلت تطالعه غير مصدقة أنه بات زوجها قولاً وفعلاً، ترمقه بحياء تارة وبإمتنان لكونه وفي بوعده لها تارة أخرى..


    _ نظرت حولها لعلها ترى أي ثوب ترتديه بدلاً من ثيابها الخاصة بالخروج لكن لا يوجد، فلم تحسب لتلك اللحظة التي جائت على فجاءة دون ترتيب مسبق..


    _ بحثت عن هاتف ضيف لكي تهاتف والدتها فلقد خرجت من منزلها دون أن تأخذ شيئاً، لَقِفته من جيب جلبابه الملقى أرضاً ثم عادت إليه محاولة فك تلك الشفرة الغبية التي لا تنفك بشتى الطرق التي أجرتها هي ..


    _ عادت بنظرها إلى ضيف بأسف فستضطر إلى إيقاظه لكي يخبرها بحل شفرته المعقدة، اقتربت منه فكانت تعتليه برأسها ودندنت بصوت عذب:-

    مشربتش من نيلها، طب جربت تغني ليها؟


    _ استقيظ ضيف إثر دندنتها الغريبة، طالعها لوقت برؤية مشوشة قائلاً بنبرة متحشرجة:-

    حد يغني مشربتش من نيلها يوم صباحيته يا بجرة


    _ عبست صفاء بوجهها رافضة سبابه ورددت بحنق:-

    أني بجرة؟


    _ جذبها ضيف من ذراعيها فسقطت على صدره ثم قال لها:-

    أحلى بجرة كماني


    _ طالعته بإزدراء تحول إلى خجل شديد حين سرق قُبلة من شفتيها، حاولت التملص من بين يديه لكنه أبى وبحركة سريعة منه كان يعتليها كما قيد حركة ذراعيها بقبضته هاتفاً:-

    هتهروبي منى على فين ما خلاص العصفور دخل العش ومعدلوش خروج


    _ تلبست ثوب الحدة وبنبرة صارمة حادثته:-

    بعد عني يا ضيف أني مبكلمكش هااا


    _ انحنى عليها وحرك شفتيه بنعومة على عنقها فرجفت هي وابتلعت ريقها بصعوبة، رفع رأسه ونظر إليها قائلاً ببسمة عذبة:-

    صباحية مباركة يا عروستي


    _ تبخر تمرد صفاء عليه وشكلت إبتسامة خجولة على محياها، هربت بأنظارها بعيداً عنه فانحنى مرة أخريى على عنقها ملثماً إياها بالقبلات الحارة، أوصد ضيف عينيه بضجر حين وقع على مسامعه قرع الباب


    _ دفعته صفاء بعيداً عنها بكل ما أوتيت من قوة متمتمة بتوجس شديد:-

    ديي أكيد أمي، هجولها ايه دلوك؟


    _ قطب ضيف جبينه مستاءً من سذاجتها وهم بالرد عليها:-

    مخبولة في عجلك إياك أنتِ مرتي يابت يعني اللي حوصل ديه عادي افهمي ومتجفليش مخك الزنخ ديه


    _ ارتدت صفاء ثيابها سريعاً بينما لم يرتدي ضيف أي ثياب واكتفى ببنطاله الأبيض، توجه إلى الخارج وفتح الباب فإذا به والده، شعر ضيف بالحرج الشديد الذي عصف به فور رؤيته لوالده الذي يطالع جسده العاري بحرج ..


    _ حمحم ضيف واستقبله بحفاوة:-

    أهلا اتفضل يا أبوي


    _ ولج الحاج حنفى على مضضٍ وظل منكس الرأس خشية أن تظهر زوجة ولده بهذا المظهر هي الأخرى، جلس على أقرب مقعد قابله وبدأ حواره مباشرةً:-

    أنى كلمت عمال الفراشة هياجوا بعد ساعة أكده يبدأوا يجهزوا الصوان عشان الليلة اللي هتتعمل النهاردة


    _ بعدم استعياب سأله ضيف:-

    ليلة إيه يا أبوي ؟


    _ أوضح له والده بتجهم:-

    ليلتك ليلة فرحك يا إبن الحمايدي، أنت عملتها ولطيتنا لازمن نوروا الخلج أن كل حاجة ماشية تمام مش نسيبها سايبة واللي في جوفه حاجة يجولها ، بالفرح ديه هنكتم أي خشم عيتحدت في البلد ديي


    _ إلتوى ثغر ضيف للجانب مُشكلاً إبتسامة عريضة وشكره مراراً:-

    شكراً يا أبوي


    _ نهره الآخر بضيق شديد منه:-

    أنى عملت أكده عشان اسم العيلة ميتلطش مش عشان سواد عيونك


    _ نهض من مقعده فور انتهائه من إخبار ضيف بما جاء لأجله ثم انصرف سريعاً بينما عاد ضيف ليخبر صفاء عن سبب زيارة والده حتى تتجهز لكونها عروس ..

    ______________________________________


    _ شعرت بالملل الذي لا يوجد غيره تلك الأيام التي تمر ببطئ شديد، روادتها عدة أفكار اختارت واحدة من بينهم لتفعلها ربنا تشعر بالتحسن كما سبق وشعرت به في المرة الماضية


    _ ترجلت أدراج السُلم سريعاً حارصة بألا يصدر منها صوتاً تنتبه له والدتها، بحثت عنها قبل أن تخطوا للخارج، فإذا بها واقفة فيى المطبخ مولية ظهرها إليها، استغلت ورد الفرصة وتابعت سيرها إلى الباب ثم همت بالخروج موصدة الباب خلفها بحذر شديد..


    _ أسرعت من خطاها متوجهة إلى وجهتها المقصود الوصول إليها، على الرغم من بعد المسافة إلا أنها فضلت السير عن الركوب على أملاً أن يحسن السير من صفوها


    _ وبعد مدة طالت لا تعلم كم تحديداً وصلت إلى طوالة الخيل، فلقد أخبرها مصطفى بتحسن مزاجيته حين يمتطي جواده كما أنها حظت بتجربة فريدة من نوعها مسبقاً وبالفعل تبخر حزنها في دقائق معدودة ما أن امتطت الجواد برفقة مصطفى..


    _ دني منها حارس الطوالة جاهلاً هويتها:-

    محتاجة حاجة يابتي؟


    _ طالعته لبرهة قبل أن تفصح عن هويتها:-

    أنى مرت مصطفى


    _ ازداد ترحيبه بها مهللاً بحفاوة:-

    يا مرحب يا مرحب اتفضلي


    _ شكرته ثم دلفت بقرب مُهرة حبيبها، ملست على خصلاتها بنعومة فلم ينفر منها الجواد كما في السابق هو اعتادها ويكفيه أنها ترافق مصطفى دوماً ..


    _ لاحظت ورد تحرر خصلاته التي تضايق عينيه فبدأت في تشكيل الجدائل مرة أخرى بحب، انتبهت لصوت من خلفها حين انتهت مما تفعله:-

    فيكي الخير إنك عملتيها متعرفيش الباشمهندز بهدلني كيف لما فكيت الضفاير حجها وجامت الجيامة حتى حاولت اني اعملها معرفتش لدرجة اني فكرت أشيع لمرتي في يوم تاجي تعملها هي بس أنتِ ما شاء الله عليكى عملتيها كيف لاول وأحلى كماني


    _ ابتسمت ورد حين أخبرها بذلك كما تأكدت أنها مازالت في قلب مصطفى ولا يريد أن ينتهي شيئاً سبق وفعلته، أخرجت تنهيدة حارة متمنية أن تمر تلك الأيام سريعاً ويجمع شملهم في القريب العاجل ..


    _ نظرت إلى حيث يقف العامل وأردفت حاسمة أمرها:-

    أني هخرج مُهرة


    _ عقد ما بين حاجبيها بغرابة وسألها مستفسراً:- متواخذنيش بس ممكن أسأل ليه؟


    _ أجابته ورد مختصرة:-

    هركبها..


    _ بالفعل بدأت فى مساعدة الجواد على الخروج من مكانه بينما أسرع العامل فى إبداء رفضه محذراً:-

    بلاها أحسن مش أي حد يركب مُهرة لازمن يبجي فارس على الفرازة كيف ما بيجولوا ، أنتِ ممكن تتأذي


    _ لم تتأثر بكلماته وهتفت بلا مبالاة:-

    متجلجش..


    _ لم تصغي ورد إلى رفضه الذى حثها عليه فهو يخشى أن يصيبها مكروه وحينذاك لن يطيل التوبيخ سواه إن لم يكن فيها رفده من المكان ..


    _ بسلاسة إمتطت ورد الجواد فلقد تعلمت من أخطائها في المرة الماضية ناهيك عن عدم وجود مصطفى حتى يمد لها يد العون إذاً فلتساعد ذاتها بذاتها ..


    _ لم يستطع العامل الوقوف ومشاهدة ما يحدث وترك الأمر يأتي كما هو مقدر له وأسرع فى إبلاغ رب عمله عن طريق الهاتف الخلوي ..


    _ انتظر إجابته على أحر من الجمر وأسرع فى الحديث فور إجابة مصطفى:-

    إلحج يا باشمهندز، مرتك إهنه وركبت مُهره


    _ انتفض مصطفى من نومته وهدر به شزراً:-

    امنعها يا بهيم أنت


    _ أخبره بعدم اكتراثها لتحذيراته قائلاً:-

    والله حذرتها بدل المرة عشرة وهي راسها والف سيف لتركبه خوفت يجرالها حاجة جومت بلغتك


    _ حادثه مصطفى وهو يلتقط جلبابه من حامل الثياب بنبرة ملهوفة:-

    وجفها ومتخليهاش تمشي أعمل اي حاجة ووجفها أنى جاي حالاً


    _ كاد العامل أن يغلق الهاتف إلا أن مصطفى صاح به متوعداً :-

    لو حوصلها أيتها حاجة حسابي معاك أنت


    _ أنهى المكالمة وهرول إلى الخارج سريعاً لكي يلحق بها قبل فوات الأوان بينما كانت تستمتع هي بسير الحصان الهادئ وبالفعل بدأت تستعيد جزءاً من رونقها إلى أن شعرت بالسرعة تزداد رويداً رويداً إلى أن فاقت السرعة قوة تحمل ورد وصرخت بأعلى حنجرتها مستغيثة بأحدهم ..


    _ لم يقدر أحد على إيقاف الخيل فهو لا يقف إلا بإشارة من فارسه، شعرت ورد بالدوار يعصف برأسها حتى تشوشت رؤيتها بالكامل وفقدت التحكم في الصمود أعلى الجواد، سقطت من عليه مرتطمة بالأرضية بقوة حتى غاب وعيها وحلق في عالم آخر مظلم ...

    #يتبع

    تكملة الرواية من هناااااا

    لمتابعة  الرواية الجديدة زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

    بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

    متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

    الرواية كاملة من هناااااااااا

    مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

     مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هناااااا






    تعليقات