رواية غناء الروح الفصل الخامس والثلاثون 35بقلم زيزي محمد ( حصريه في مدونة موسوعة القصص والروايات)
رواية غناء الروح الفصل الخامس والثلاثون 35بقلم زيزي محمد ( حصريه في مدونة موسوعة القصص والروايات)
الفصل الخامس والثلاثون.
ارتجفت سيرا عدة رجفات متواصلة وهي جالسة بضعف فوق أريكة جلدية ضخمة موجودة في معرضه، بينما كانت فاطمة تجلس بجانبها في وضع اتهام مباشر، تقضم أظافرها بتوتر وتهز ساقيها بوتيرة سريعة، وأنظارها مصوبة نحو يزن، الذي كان على وشك أن يفقد أعصابه ويثور عليهما بثورة غاضبة ليُخرجهما من حالة الصمت التي تلبستهما منذ أن أخبراه عن تلك الصور!!
وكعادته عندما يصيبه التوتر أو الغضب الشديد، يشد خصلات شعره المسكينة للخلف، ثم قرر كسر حالة الصمت بقوله الحاد:
-لا أنا جبت أخري، انتوا بتختبروا صبري ولا إيه!!
صمت لثانية وهو ينظر إليهما في حالة اتهام وحنق:
-قولتولي مش عايزين نتكلم في الشارع، جبتكم هنا ومشيت العمال أعمل إيه تاني عشان تتكرموا وتقولولي إيه حكاية الصور دي!!
رفعت سيرا وجهها الباكي وهي تنظر إليه بانكسار، وبحة صوتها المجروحة تتراقص في الأجواء:
-ما قولتلك يا يزن صور ليا!!
انتفض فجأة واختصر المسافة بينهما، ومال بجسده للأمام نحوها فبدا قريب جدًا منها، وما منعه عنها كانت تلك الطاولة الصغيرة المتوسطة، التي كانت موضوعًا عليها مشروب غازي مقدم لها ولـفاطمة، لعله يساعد في تهدئتهما.
-بقولك إيه ما تتجنيش، أنا عمري ما اتوترت كده زي ما أنا متوتر، أنا سألتك صور حقيقية قولتيلي اه، يعني انتي متصورة صور مش كويسة؟!
سألها مستنكرًا بصيحة عالية، ووجهه بدا خاليًا من أي لمحة لطف أو هدوء، فانكمشت فاطمة في زاوية بالأريكة وهي تقول بترقب خافت:
-الله يخربيتك يا سيرا، ده طلع مجنون!
نظرت إليها سيرا نظرة شرسة وهي متراجعة للخلف بسبب قرب المسافة بينهما، ولوهلة شعرت منه بالخوف وعدم الأمان عندما رأت ألسنة نيران متصاعدة تشبه نيران الغيرة الحارقة في عينيه.
فحاولت التحدث بهدوء رغم أن ملامحها كانت عابسة، والدموع تهبط فوق خديها بغزارة:
-يزن لو سمحت اهدى شوية، أنا خايفة منك!
عاد يستقيم بجسده وهو يفرك وجهه عدة مرات، ثم خرجت نبرته عالية قاسية أفزعتهما:
-ما توريني الصور دي اخلصي بقى.
تحدثت فاطمة خلفه مباشرةً وهي تلكز سيرا في ذراعها بضيق متمتمة:
-ما توريه الصور أنا حاسة هيقوم يدور فينا الضرب.
انتفضت سيرا بغضب وخجل وهي تقول:
-لا على جثتي يشوفها.
التفت إليها يزن وهو ينظر إليها باستنكار، فعادت لبكائها وهي تردد بصوت منكسر بينما وجهها انتكس للأسفل:
-ماتحرجنيش بجد، أنا هتكسف اوريهالك.
-خلاص وريهالي انتي يا فاطمة.
قالها يزن بنفاد صبر، فسارعت بإمساك يد فاطمة وهي تقول برجاء حقيقي:
-عشان خاطري لا....والله أنا هتكسف، أنا أصلاً معرفش إيه خلاني اتصل استنجد بيك.
وعادت مرة ثانية لبكائها ولكن تلك المرة كانت أشبه بانهيار تام، فزم شفتيه بضيق وعاد لنفس حركته المعتادة ولكن بتوتر أكبر، ثم فجأة طرأت عليه فكرة فقرر تنفيذها، فقال بصوت رخيم:
-لو سمحتي يا فاطمة ممكن تسيبنا لوحدنا شوية.
هبت فاطمة واقفة بحبور شديد وهي تردد:
-اه وماله، اوي اوي.
أوقفتها سيرا بقلق، فوجودها تستمد منه القوة، لذا ربت فاطمة فوق يدها وهي تنظر إليها بابتسامة صافية، تبث فيها طمأنينة صافية وهي تمازح خدي سيرا بلطف وخفوت:
-متخافيش أنا جنبك بس هقعد برة، هاخد لفة في العربيات اللي برة دي.
****
خرجت فاطمة وأغلقت الباب خلفها، اقترب من سيرا وجلس مكان فاطمة بالقرب منها، فشعرت به وتلقائيًا ابتعدت عنه بمسافة أفسحت لها مجالًا للتنفس، في ظل هيمنته على الأجواء بحضوره الطاغي، رغم أنه لم يكن في أفضل حالاته!
وكاد يتحدث إلا أنه وجد فاطمة تقف على بعد مسافة من الغرفة، تضع مجلة ورقية عن السيارات أمام وجهها، تتظاهر بقراءتها بينما كانت تتلصص عليهما من خلال الواجهة الزجاجية الكبيرة الموجودة بالغرفة، والتي تطل على المعرض من الخارج، فأشار إليها يزن بأصبعه كي تتحرك وتلهو في المكان، فاصطنع إمساكه بمقود سيارة كي يصيبها الحماس وتستقل إحدى السيارات وتبتعد بأنظارها عنهما.
وبالفعل استجابت فاطمة عندما وجدت تذمره يزداد، وعاد هو بأنظاره إلى سيرا يسألها بهدوء أربكها:
-الموضوع ده بجد؟
رفعت أنظارها باستهجان قاسٍ وهي تقول بعتاب:
-امال هضحك عليك؟
-تمام حلو اوي كده ده اللي عايز اوصل له، وانتي اتصلتي عشان تلاقي عندي حل صح؟
هزت رأسها بتأكيد دون أن تتحدث بلفظ آخر، فقال بنبرة رخيمة ذات ثقل ونظراته تكاد تخترق عمق عينيها الداكنتين:
-طيب أنا هلاقي الحل ده ازاي، طالما أنا مشوفتش المسدجات اللي جتلك ولا الصور، هحكم على الموضوع ازاي؟!
أجابت بخجل صادق وهي تفرك أصابعها بتوتر:
-تثق فيا زي ما أنا وثقت فيك، أنا هوريك كل حاجة ما عدا الصور يا يزن، أنا مكسوفة بجد، أنا أصلاً محرجة من فكرة إن في واحد تاني شافني بشعري أو بجسمي....
قبض على ذراعها بقوة وهو يشدد بلا وعي عليه، متسائلًا بخفوت قاسٍ:
-يعني إيه جسمك؟! متسبنيش لخيالي عشان وربي أنا على تكة ومش هقدر اسيطر على نفسي.
-الصور دي أنا كنت متصوراه في البيت عادي بلبس البيت...مش حاجة قليلة الادب والله، بس عادي لما كنت بجيب حاجة جديدة كنت بلبسها وبتصور بيها...يعني....
صمتت ثواني تستجمع هدوئها وتسيطر على انفعالاتها فترك ذراعها لتكمل حديثها بأريحية دون خوف أو تردد:
-يعني لو جبت بلوزة أو فستان ينفع البسهم في البيت كنت بتصور بيهم عادي، معرفش الصور دي ازاي اتاخدت.
وضع يده فوق فمه يستنجد بالصمت لثوانٍ، لعله يدرك ما حدث، ثم عاد يسألها بهدوء لكنه كان هدوءًا مقتضبًا:
-طيب يا سيرا، أنتي في حد هكر تليفونك أو فتحتي لينك اتبعتلك مثلاً؟!
هزت رأسها نافية وقالت بحيرة:
-لا أنا واخدة بالي كويس اوي من حوار اللينكات دا، ومفيش حد بيمسك تليفوني خالص.
تنهد بعمق وهو يعاود سؤالها بنبرة يملؤها الحنق الطفيف:
-طيب هاتي العنوان اللي اتبعتلك عشان تروحيه وأنا هتصرف وهروح أشوف مين هناك؟
أومأت له بإيجاب، وأخرجت هاتفها بأصابع مرتجفة تبحث عن تلك الرسالة، وما إن وجدتها حتى أعطته الهاتف فقام يزن بتدوين العنوان وهو ينهض متوجهًا نحو مكتبه دون أن يخبرها عن وجهته، فتحركت خلفه:
-يزن أنت رايح فين؟
-رايح اشوف إيه الحوار! ومين هناك في العنوان ده!
ابتلعت لعابها بتوتر ممزوج بالخوف عليه وسألته:
-هتروح لوحدك؟!
-اه هروح لوحدي طبعًا، امال هطلع معايا رحلة!
عبست بوجهها وقالت بتذمر:
-ماتتريقش عليا لو سمحت، أنا أعصابي تعبانة لوحدي ومش ناقصة.
-حاضر متزعليش، يلا عشان اوصلك أنتي وصاحبتك.
شعرت بالغضب الشديد بسبب معاملته لها وكأنها طفلة صغيرة يريد إسكاتها، فتحركت خلفه وهي تشير لفاطمة بالخروج من إحدى السيارات، فتساءلت فاطمة بفضول:
-هو خارج بسرعة ليه في إيه؟
توقفت سيرا لحظة وتمتمت بضيق:
-تقريبًا هيروح العنوان اللي اتبعت لي!
ردت فاطمة بتفكير وقلق:
-هيروح لوحده؟!، طيب ما يبلغ البوليس أو مثلا أخوه الظابط.
-انتي عايزة تفضحيني يا فاطمة؟! أنا سمعت كلامك ولجأت ليزن عشان لما فكرت لقيته إنه ممكن يخلصني من الموضوع ده من غير شوشرة وكلام يتنقل هنا وهناك.
قالتها بضيق وهي تخرج من المعرض بأكمله، فتوقفت فاطمة للحظة تثرثر كعادتها بحماقة:
-بس عارفة؟ أنا حاسة إن غيرته وحمقته عليكي مش طبيعية.
تنهدت سيرا بنفاد صبر وضيق:
-يلا يا فاطمة، انتي في إيه وأنا في إيه!!!!
دخلا السيارة معًا فجلست سيرا في الأمام، بينما جلست فاطمة بالخلف في المنتصف لتكون قريبة منهما، انطلق يزن فجأة بسرعة تخالف ما كانت تتخيله فاطمة، فعادت للخلف بجسدها وهي تصرخ بخوف:
-يالهوووووي، إيه الجنان ده يا كابتن.
تجاهلها يزن وكان اهتمامه بالكامل منصبًا على سيرا التي كانت شاردة تنظر للخارج، فقال إليها بتذمر:
-لا حاولي تمسكي نفسك عشان محدش من اهلك ياخد باله من حاجة...
أكدت فاطمة برأسها وهي تقول:
-اه يا سيرا عشان خاطري وخصوصًا ابلة حكمت لو عرفت اعتبري العيلة والجيران والمناطق المجاورة كلها عرفت، وهتتهمنا واحد واحد، وتمسك تليفوناتنا تفتش فيها ويا سلام لو لقت صورة منهم موجودة، هتدخلنا في سيم وجيم.
توقف يزن بسيارته فجأة، فارتدت فاطمة وسيرا معًا بخوف، بينما هو اعتدل بجسده ليسأل سيرا باهتمام:
-انتي كنتي بتبعتي الصور دي لحد من اخواتك مثلاً؟
هزت سيرا رأسها نافية وقالت باهتمام مماثل:
-ماببعتش أي صور غير لفاطمة عشان لو تليفوني باظ الاقي عندها الصور اللي عايزاها.
توجه يزن بأنظاره نحو فاطمة التي كانت تهز رأسها خلف صديقتها تؤكد على حديثها بحماس:
-ايوه فعلاً وأنا ببعتلها كل الصور والفيديوهات بتاعتي.
أربكها صمت يزن، ونظراته الغامضة جعلتها بلهاء أمامه، فقالت بحيرة:
-في إيه؟ مالك سهمت كده ليه؟
ظلت تنتقل بنظراتها بين سيرا وبينه، حتى أدركت سيرا مغزى صمته، فقالت بهدوء وتنهيدة عميقة:
-يزن بصلي، فاطمة عمرها ما هتأذيني دي صاحبة عمري واختي وجارتي.
وفجأة، حالة الانهيار التي كانت لدى سيرا انتقلت إلى فاطمة، التي قالت بصياح باكي:
-لا أنت بتتهمني بإيه؟ أنا هأأذي سيرا، تصدق أنا غلطانة إني قولتلها نلجألك.
تنهد يزن بقوة وهو يقول بصوت رزين:
-اسكتوا إنتوا الاتنين، أنا ماقلتش إنها أذتك ولا نطقتها، بس وارد جدًا حد مسك تليفونها وأخد صورك منه.
ازدادت ضربات قلب سيرا، فتساءلت بترقب وحيرة:
-وليه فكرت في كده؟
-شوفي الأول الصور اللي مبعوتالك دي، متصورة إمتى؟ وبعتيها لفاطمة كلها؟ ولا في صورة مثلاً منهم مابعتيهاش؟
أخرجت فاطمة هاتفها فورًا وأعطته لسيرا، التي قامت بالتأكد مما قاله يزن، ثم قالت بعدم فهم:
-الصور اللي مبعوتالي كلها موجودة عند فاطمة، وآخر صور بعتهالك كمان.
-يبقى الصور دي متاخدة من تليفونك إنتي يا فاطمة... لو سيرا فعلاً زي ما بتقول، محدش بيمسك تليفونها.
انتفضت سيرا فجأة وهي تسأل فاطمة المذعورة مما يُقال، أيعقل أن تكون سببًا في أذية صديقتها الوحيدة، حتى لو كان ذلك بشكل غير مباشر:
-فاطمة إنتي طوب الأرض بيمسك تليفونك! عشان يتفرجوا على أوديشن التصوير اللي بتروحيه، والفيديوهات اللي بتقلدي فيها المسلسلات والأفلام... مين مسك تليفونك؟
بكت فاطمة بحيرة وهي تحاول أن تتذكر، لكنها لم تجد مشهدًا واحدًا قد يثير شكوكها، فمال يزن نحوها وهمس بلطف غريب يفرض سحره عليها:
-ممكن يا فطوم تديني تليفونك ثواني وأنا هعرف بطريقتي؟
أعطته الهاتف دون أن تنبس ببنت شفة، فاقتربت منه سيرا تحذره بحزم:
-أوعى تدخل على الصور!
-نزلي حواجبك بس الأول.
قالها بسخرية وهو يعبث في هاتف فاطمة، بينما الاثنتان تنظران إليه بترقب وفضول وخوف شديد، حتى رفع وجهه وهو يتساءل بصوت خشن:
-مين "سهام فـ..."؟
نظرت فاطمة في الهاتف وقالت بلا مبالاة:
-آه دي سهام أخت فايق جارنا، مسجلها بـ"سهام فـ" عشان أعرف إنها أخت فايق... أصلها زعلت لما شافتني مسجلها "سهام" وحاطتلها تعبان جنبها...
صاح يزن باستنكار خشن:
-إيه بس راديو واتفتح!! اسكتي عشان أعرف أتكلم!
صمتت على مضض وهو يشير نحو الهاتف، وتحديدًا تلك المحادثة على تطبيق الواتساب بينها وبين سهام، والتي تحتوي على خمس رسائل مُرسلة من قبل فاطمة ثم أُعيد حذفها لاحقًا:
–-أنتي بعتي خمس مسدجات، ورجعتي مسحتيهم تاني ليها!!
هزت رأسها نافية ورددت بتيه وبلاهة:
-لا وربنا! ده أنا ما بطقش أكلمها على الواتس عشان رغاية أوي!
زم يزن شفتيه وهو يتمتم بضيق ساخر:
-واضح أوي مين هي اللي رغاية!
همست سيرا بصدمة وهي تنظر أمامها، ويبدو أن صوت أفكارها خرج علنًا:
-اللي اتبعتلي خمس صور يعني نفس عدد المسدجات المبعوتة من تليفونك واتحذفت!! يعني سهام أخدت الصور منك وبتهددني عشان أخوها؟ ولا إيه؟ أنا مش فاهمة!!
لكزتها فاطمة بضيق وهي تضيق عينيها الصغيرة أكثر:
-لا طبعًا، استحالة سهام تعمل كده من دماغها! ده أكيد حد خططلها، سهام دي أصلها جاموسة مابتفهمش، ده أكيد فايق اللي خطط لده كله عشان ينتقم منك لما كرفتيله!
صرخت سيرا بخجل وغضب وهي تضم نفسها بذراعيها:
-لا! متقوليش يعني فايق شافني كده؟!
خرج لفظ بذيء من قبل يزن، الذي كان يصنت لهما بإمعان، ويتوصل معهما لصاحب تلك الخطة، وواقعيًا حديثهما كان صحيحًا مئة بالمئة، ولكن عند صرخة سيرا غلى الدم في عروقه، وصاح عاليًا بشراسة:
-متجننيش أمي بقى يا سيرا! هي الصور دي فيها إيه بالظبط؟! بس أقولك دي غلطتك.
قالها من بين أسنانه بغيظ، فتدخلت فاطمة ببلاهتها وجرأتها المعتادة:
-لا سيرا مش غلطانة، دي واحدة متصورة في بيتها براحتها، وبعدين إنت فاكر إيه بالظبط؟ ده صور بلبس عادي مش حاجات خاصة يعني...سيرا اللي مأفورة، الناس بتطلع لايف على التيك توك والفيس باللبس ده والله!
انتفضت سيرا قائلة بحنق:
-لا يا فاطمة دي مش أفورة! أنا محجبة ولابسة الحجاب من إعدادي، ييجي الكلب ده يشوفني كده؟!
صاح يزن بغيظ حقيقي:
-أيوه! اللي هو إزاي بردو؟!!
طرقت فاطمة بأصابعها فوق كتفه تستدعي انتباهه، وهي تقول بتهور ولمحة حماقة:
-يعني بلوزة كتفها واقع، فستان قصير بحمالات... وكروب...
صاحت سيرا بخجل وهي تستدير نحوها تمنعها من استكمال حديثها، لكن يزن لم يهدأ وبدأ يتخيل وضعية الصور...ألوان، ثياب، أشكال... فضرب المقود عدة مرات بقبضة يده، وهو يتمتم بأشياء هامسة لم تستطع سيرا ولا فاطمة تفسيرها، لكن فاطمة قالت بفطنة ساخرة:
-شكله بيشتم.
أعاد يزن تشغيل سيارته، لكنه توقف وطلب هاتف سيرا، فأعطته إياه دون تردد، فدخل على تطبيق الواتساب ثم ترك السيارة، وأرسل رسالة صوتية لمرسل الصور:
"أنت فاكر إني مش هعرفك ياله؟! تبقى غبي وحمار، بص يا ***** انت اخرك تهدد من ورا تليفون، اللي بتعمله ده مش هيخليني أبعد عنها، والصور اللي انت أخدتها من غير علمها، أنا هعرف أعلمك الأدب عليها، ولو فاكر نفسك شبح ومش هعرف أجيبك، فأنا هجيبك حتى لو كنت في بطن الحوت يا ******، فلم نفسك، عشان انت حاسبك معايا تقل".
أغلق التسجيل وأعطاها إياه دون أن يتحدث بكلمة أخرى، ثم قاد سيارته في صمتٍ تام، بينما هي التزمت الصمت أيضًا واكتفت بإلقاء نظرات بسيطة عليه، لتدرك بعدها أنها أيقظت وحشًا داخله؛ فبدت ملامحه مستنفرة، توحي بانتقامٍ قادم.
****
بعد وقتٍ قصير وصلوا أمام منزلها، فانتظرت نزول فاطمة أولًا ثم التفتت إليه وقالت بهدوءٍ استفزه:
-يزن أنا مش عايزاك تتهور وتعمل حاجة تضرني، أنا لما لجأت ليك، كنت فاكرة إنك هتحل الموضوع بهدوء.
رفع حاجبيه معًا باستفزاز وهو يقول:
-وانتي شايفاني ماسك ميكروفون وبحل الموضوع على الملأ؟!
-لا، بس من الواضح إنك داخل على خناقة.
قالتها بضيق وعبوس، فابتسم ساخرًا منها وقال:
-سيرا!! هو انتي فاكرة إني لو رحت العنوان اللي مبعوتلك، هلاقي حد فيه؟! الواد أذكى من كده، بس أنا هعرف أجيبه بطريقتي.
عقدت ذراعيها أمام صدرها بوجوم وقالت:
-أيوه؟ اللي هو إزاي بردو؟! من حقي أعرف!
ترك النظر إليها ورد بلا مبالاة:
-لا، مش من حقك.
ثم استكمل حديثه وهو يلتفت بجسده نحوها وقال:
-أنا هعرف هاحرق قلبه إزاي! اقعدي واتفرجي.
زفرت بضيق وقالت بغباء وتهور:
-طيب إيه رأيك؟ أنا اللي أتكلم معاه.
أمسكها من مرفقها بقوة وهتف بغلظة ممزوجة بالتهديد:
-وأقسم بالله لو فكرتي تعمليها أنتي حرة!
-آه اوعى يا يزن! أنت بتهددني؟!
قالتها بغضب، فهتف بنبرة عالية محتقنة:
-أيوه بهددك! عشان دماغك باينلها لسعة ولا إيه؟! وبعدين تعالي هنا لما انتي عارفة إن طوب الأرض ممكن يمسك تليفون فاطمة، تبعتي صور زي دي ليها ليه؟!
كشرت عن أنيابها وردت بهجوم:
-أنا حرة ودي صاحبتي وواثقة فيها.
اقترب بوجهه منها وردد بنبرة قاسية من بين أسنانه:
-وحلو لما واحد تاني **** زيه شافك يعني؟!
غلى الدم في عروقها وتوهج خداها باحمرارٍ يعكس مدى إحراجها، لكنها كابرت وردت بعنفوان ساخر:
-بقولك إيه فكك من جو الدروس المستفادة ده! أنت عادي أوبن مايندد يعني، ومصاحب بنات بيلبسوا لبس سافل ومش محترمين، متجيش تعمل عليا شيخ السجادة بقى عشان خاطري!
كان يغلي بصمت أثناء حديثها الأحمق، عيناه تتفحصان ملامحها وكأنهما يُحاسبانها، لا على الفعل، بل على شعورها نحوه، لذا اشتدت قبضته فوق المقود، واختنق صوته في حنجرته وهو يقول بتهورٍ غاضب:
-عشان هما مفيش واحدة كانت تخصني يا غبية! لكن انتي تخصيني، انزلي يلا.
رغم ارتباكها من اعترافه البسيط، إلا أنها أحست بالخوف منه وبالإحراج من طرده لها، فقالت بتعالٍ:
-انت بتشتمني يا يزن؟! وكمان بتطردني؟! أنا مش عايزة أعرفك تاني!
فتحت باب السيارة بعنف ثم نزلت وأغلقته خلفها بقوة، تقصد إغاظته، فضغط على بوق السيارة باستمرار، يُعبر عن غضبه من فعلتها تلك، لكنها لم تعره أي اهتمام ودخلت مدخل منزلها.
وجدت فاطمة جالسة تتحدث مع "سهام" أخت فايق عبر الهاتف وتضحك معها، وما إن رأت سيرا حتى أشارت لها بالصمت، ثم قالت بلطفٍ زائد عن حده:
-خلاص يا سمسم، تعالي عندي نقعد شوية ندردش أنا وانتي والبت سيرا.
رفعت سيرا أحد حاجبيها بتهكم على اقتراح فاطمة، ولكن الأخرى أشارت نحو حذائها كناية عن ضرب سهام به انتقامًا منها، لكن سيرا سارعت بجذب الهاتف وتحدثت بنبرة أشد نعومة:
-ازيك يا سمسم؟ بقولك تعالي عند أبلة حكمت، هنقعد عندها براحتنا... لا لا، ما هو أم فاطمة كانت قايلة إن في حد جايلها زيارة... لا لا متقلقيش، أبلة حكمت هتقعد فوق، وإحنا هنقعد عندها... سلام يا حبيبتي.
أغلقت الهاتف وهي تزفر بقوة شديدة، لكن فاطمة نهضت باستقامة وهي تتساءل بعدم فهم:
-الله!! انتي مجنونة يا بت؟! ما كنا نجيبها عندي في أوضتي، نديها علقة محترمة ونجيب قرارها!
صعدت سيرا الدرج وهي تقول بشرودٍ ممزوج بالانتقام:
-لا... هتهرب مننا، أنا هخليها تقع تحت إيد اللي ما بتسميش على حد!
*****
لم يذهب يزن إلى العنوان المرسل لسيرا لنفسه، بل أرسل صديقًا له وقد أخبره صديقه إنها منطقة مهجورة وبنايات على وشك البنيان ولم يجد بها أحد، كما توقع تمامًا....حاول البحث عن فايق ولكنه لم يجد له أثر حتى في الفندق الذي كان يعمل به!! فلم يجد حلاً سوى زيدان أخيه كي يلجأ إليه، لذا عاد إلى منزله بعد أن أجرى به اتصالاً وعلم منه بوجوده في شقة سليم للاطمئنان عليه.
وما إن دخل إلى الشقة وجد عائلته بأكملها موجودة بجانب سليم الذي كان في فترة تعافي واهتمام شمس به من ناحية وتدليل والدتهم له من ناحية أخرى وكأنه طفلاً وليس رجلاً كبيرًا، ولكن ربما هو في احتياج لتلك المعاملة الخاصة كمكافأة بسيطة له بعد أعوام من الجفاء.
القى عليهم التحية بصوت رخيم ووجه حاد ثم جذب زيدان من يده بقوة خلفه ودخلا معًا إلى الشرفة الكبيرة في الصالة، وقبل أن يتحدث زيدان باعتراض كعادته، أخرج يزن ورقة صغيرة مدون بها اسم فايق الرباعي وعنوان منزله وأيضًا مذكور به عمله، حيث حصل على تلك المعلومات من شاب صغير مراهق في شارع سيرا بعد ثرثرة بسيطة أدلى بها الشاب بكل شيء...رغم أنه كان يستطيع معرفة تلك المعلومات من سيرا ببساطة إلا أنه لا زال يشعر بالغضب منها بسبب نظرتها عنه، أتعتقد تلك الحمقاء أنه معدوم النخوة!!
اخشوشنت نبرته وهو يضع الورقة أمام وجه زيدان وقال:
-عايزك تعرفلي الواد ده فين وبيعمل إيه؟!
انعقد حاجبي زيدان معًا بعدم فهم وتهكم وهو يقول ساخرًا:
-حد قالك إني بشتغل في المخابرات!
زفر يزن بحنق وهو يقول من بين أسنانه:
-اثبتلي مرة إنك ظابط بجد!
تعجب زيدان باستنكار وهو يقول:
-ليه هو أنا كرتون؟!
زفر يزن مجددًا بغضب أكبر وهو يعيد خصلات شعره للخلف:
-يا عم أنا مش فايق لحد ولا فايق لهزارك، هتقف معايا وتساعدني ولا اشوف حد غيرك.
-هو الواد ده اتعرضلك يا يزن؟
وقبل أن يجيب يزن، كان زيدان قد تذكر الاسم الموجود بالورقة وقال بشبه ابتسامة بسيطة وهو يمسك طرف الخيط:
-ثواني الاسم ده مش غريب عليا، مش ده الواد اللي كانوا اخوات سيرا متخانقين معاه...
بتر يزن حديثه وهو يتسائل بوجوم:
-اه اه هو افتكرته ازاي؟!
رد زيدان ببساطة وتسلية:
-لا أنا حبيت اعمل شو بس عشان تفتكر إن أنا ظابط، ماله الواد ده؟ اتعرض لسيرا تاني؟؟
صمت يزن طويلاً وعيناه مثبتتان في نقطة مجهولة على الأرض وكأنه يحاول جمع شتات أفكاره أو تقييد غضب جامح يكاد ينفجر.
اقترب زيدان إلى جواره قليلاً، متأملًا أخيه الذي لم يعتد هذا الكم من الصمت، شيء ما في ملامحه يوحي بأن النار مشتعلة في صدره، لكن الكبرياء يمنعه من البوح، فعاد يقترب أكثر منه وقال بهدوءٍ ورزانة ونبرة أخوية:
-مش أنا قولتلك وقتها يا يزن، الواد ده لما اتنازل بحسي الامني عرفت إنه هيجيب حقه من اخواتها بطريقة تانية.
رفع يزن حاجبيه فجأة وكأن الكلمات ضربته على غير توقع، ثم زم شفتيه بقوة وقال بغل ظاهر في نبرته:
-حق مين يا عم ده عيل جربان ودماغه تعبانة، وديني لاعلمه الادب على اللي عمله.
سأله زيدان وهو يراقب لغة جسده المتشنجة:
-هو عمل أيه بالظبط؟
أشاح يزن بنظره وتفادى عينيه ثم رد بجفاف:
-مالكش دعوة.
تراجع زيدان نصف خطوة إلى الوراء وقد شعر بخيبة، ثم قال بنبرة نصف مندهشة ونصف غاضبة:
-تصدق ياله أنا غلطان أصلاً إن واقف معاك.
رمقه يزن بنظرة سريعة لكنه لم يرد، فبدا وكأنه في صراع داخلي بين رغبته في تفريغ ما بداخله، وغيرته أن يتدخل زيدان بالأمر ويرى صورها بنهاية الأمر.
-زيدان أيًا كان اللي هو عمله، فهو يخصني وحقي واجيبه بطريقتي وبالطريقة اللي تشفي غليلي.
قال أخيرًا بنبرة منخفضة ولكنها تحمل نيرانًا تحت الرماد:
-الله! هو احنا في غابة يابني انت!! في قانون يقدر يجبلك حقك وفي اخوك موجود هطلع روحه لو كان مسك بحاجة تضايقك.
هز يزن رأسه بنفاد صبر وقال:
-يا عم أنا شايلك لحد اتقل من ده، لكن ده عيل خايب مالوش عندي غير قرصة ودن.
نظر زيدان إليه طويلًا ثم مال عليه قليلًا وهمس متشككًا:
-طيب...ليه مش عايز تقول عمل إيه؟!
ثم ابتسم ابتسامة باهتة وهو يضيف بنبرة متفحصة:
-سكوتك ده بيقول إنه عمل حاجة تخص خطيبتك؟!
تشنج فك يزن للحظة لكنه لم يرد، مما أكد لزيدان ظنونه، ثم أردف يزن بنبرة جافة وكأنه يريد إنهاء الحديث:
-يعني حاجة زي كده مش عايز شوشرة وكلام كتير.
ظل زيدان ينظر إليه لثوانٍ، ثم أدار رأسه ناحيته وقال بنبرة أخف:
-تمام، يلا نطلع عشان سليم بيزغرلنا وحاسه هيطق من وقفتنا لوحدنا.
تحرك الاثنان بخطى بطيئة نحو الصالة حيث تجلس العائلة، بينما خلف ملامح يزن كانت العاصفة لا تزال تدور بصمت، وما زال قلبه يغلي بنار لم تنطفئ بعد.
****
طرقت سهام باب شقة حكمت بحماس، وانتظرت ثوانٍ قليلة حتى فُتح الباب لتطل سيرا بابتسامة بسيطة:
-أهلاً يا سمسم اتفضلي...نورتي.
دخلت سهام إلى الشقة تتلفت بعينيها تبحث عن الوجوه المعتادة، لكنها لم تجد أحدًا في استقبالها، فتقطبت ملامحها في دهشة وسألت بحيرة:
-الله! امال فين البت فاطمة؟
أجابتها سيرا وهي تشير إلى الداخل:
-جوه في أوضة البت دهب بنت اختي، تعالي ادخلي.
استجابت سهام للطلب بخطى واثقة، لكن اللحظة التالية كانت كفيلة بأن تقلب كل توازنها، ما إن وطأت قدماها الغرفة حتى باغتتها ضربة قوية من عصا خشبية انغرست في أسفل ظهرها، فصرخت بألم حاد وهي تدور حول نفسها برعب، لتقع عيناها على حكمت التي كانت تقف خلفها رافعة العصا عالياً، تتشح ملامحها بالغضب والشراسة:
-اخدتي صور أختي تعملي بيها إيه يابت؟ انتي واخوكي متفقين على إيه؟ قولي...
تراجعت سهام خطوة إلى الخلف وهي تلوح بيديها وتنفي بعينيها قبل لسانها، وقد بدأ الخوف يتسلل إلى أوصالها:
-صـ..صور إيه؟ أنا ماعرفش انتي بتتكلمي على إيه؟!
لم تُمهلها فاطمة وقتًا لتبرير موقفها، فتقدمت نحوها تشمر عن ساعديها وقد خيمت نبرة قاتمة على صوتها:
-طلعي تليفونك بالأدب يا سمسم، يا أما وربنا هخلي أبلة حكمت تمدك على رجليكي!
اقتربت حكمت منها وهي تلوح بالعصا يمينًا ويسارًا كأنها تروض أسدًا هائجًا، بينما كانت ملامح وجهها قد تحولت إلى خليط من الشر والعزم، فنفت سهام بإصرار ما تحاول فاطمة إثباته، إلا أن الأخيرة لم تمنحها فرصة إضافية واختطفت الهاتف من يدها بعنف ومضت تفتشه بسرعة ودقة.
في تلك اللحظة اقتربت سيرا وحكمت منها وأمسكتا بها بإحكام لتمنعاها من المقاومة، فاستطاعت فاطمة أن تفتح الهاتف باستخدام بصمة الوجه، وبمجرد ما فتحت تطبيق الصور حتى وجدت خمس صور لسيرا، لم تلبث أن انتقلت بعدها إلى تطبيق واتساب لتكتشف الحقيقة المُرة...الصور أُرسلت إلى فايق شقيقها!
شهقت فاطمة وهي تصرخ بحدة وقد انقلب وجهها إلى كتلة من الغضب:
-اه يا سافلة يا قليلة الادب، انتي فعلاً طلعتي واخدهم من تليفوني وبعتيهم لاخوكي.
صرخت سهام برعب وهي تحاول الدفاع عن نفسها:
-مكنتش اقصد والله...
لكن كلماتها لم تجد أي صدى فقد كانت حكمت قد رفعت العصا من جديد وانهالت عليها بضربات مركزة تُمطر بها مفارق جسدها بلا رحمة، وسط صرخاتها التي ملأت المكان تستنجد برحمة سيرا:
-اي...اه بتوجع يا ابلة..اه ارحميني، اه بلاش تضربي في الحتة دي، اه....يا ناس الحقوني.
زمجرت حكمت وهي تقول بشراسة:
-ده اللي هيحاول يلحقك من تحت ايدي هياخد مكانك العلقة دي.
ثم التفتت إلى فاطمة وهي تلهث من شدة انفعالها:
-ناوليني التليفون يا بت يا فاطمة، اكلم أمها اجيبها!
بدأت سهام تبكي بحرقة وقد رأت أن الوضع يزداد سوءًا، فقالت برجاء شديد:
-لا لا...بلاش أمي لو عرفت هتبهدلني، معلش يا سيرا حقك عليا.
نظرت إليها سيرا نظرة عتاب عميقة وقد امتزج الغضب بالحزن في صوتها:
-حق إيه يا سهام؟! ده انتي خونتي العيش والملح، وسرقتي صوري من عند فاطمة، أنا عملت فيكوا إيه لكل ده؟
لم تكتفِ حكمت بالضرب بل أجبرت سهام على الجلوس فوق مقعد وأحكمت وثاقها بحبل غليظ، رافضة أي محاولة للهروب، فحاولت سهام مجددًا تبرير فعلتها بصوت مرتجف:
-متخافيش والله فايق أخويا محترم مكنش هيعمل حاجة بالصور دي، بس هو كان بيقرص ودنك عشان اخواتك ضربوه وكده، واحدة قصاد واحدة.
لكن كلماتها لم تُجدِ نفعًا، فقد ارتفعت صيحة حكمت بغضب أعنف مما سبق:
-ده عندها....عند أمك واحدة قصاد واحدة دي يا بت يا خاينة، ما عاش ولا كان اللي يقرص أختي يا بت، ده أنا أجيبك واحطك تحت رجلي، خلي أخوكي يبل الصور ويشرب ميتهم...ده نسب إيه ده اللي كنت عايزة أختي تلبس فيه، نسبكم يعر.
وقبل أن تُكمل قاطعتها فاطمة وهي تشير نحو الهاتف:
-أمها ردت يا أبلة.
انتزعت حكمت الهاتف من يدها وقد غير الغضب نبرة صوتها إلى حد أثار دهشة سيرا وفاطمة، وقالت بحدة:
-ايوه ياللي خلفتك تعر بلد، اه...ياختي اسمعي، بنتك الحلوة عندي في شقتي اديتها علقة محترمة، عشان سرقت صور لسيرا اختي واديتهم لابنك ننوس عين أمه، وابنك الصايع بيهدد أختي، فاكرنا مش هنعرف نجيبه، بس على مين ده أخو خطيبها الظابط قالب الدنيا عليه وحالف ليجيبه من قفاه....تعالي دلوقتي عشان انتي ليكي حساب معايا، أصل وربنا انزل في المنطقة أجرسلكم وافضحكم فضيحة تبقى حديث الساعة.
أنهت المكالمة وهي تزفر كأنما تفرغ شيئًا من النار التي تتأجج بداخلها، ثم ابتسمت ابتسامة خبيثة وقد امتلأ صوتها بنشوة الانتصار:
-امك جاية لازم تشوفك مزلولة كده ومربوطة، ولازم هي كمان تاخد اللي فيه النصيب بس من لساني مش من ايدي، عشان تربيكم بعد كده يا تربية ****.
ثم التفتت نحو سيرا تتابع بجدية زائفة ممزوجة بغمزة ماكرة:
-بقولك يا سيرا ابقي قولي للظابك اخو خطيبك على البت دي هي اللي اخدت الصور، عشان يتخدوها يربوها في القسم.
صرخت سهام وهي تئن تتشبث بأمل أخير وهي تلوح برأسها وجسدها:
-لا لا يا سيرا حقك عليا بجد، قسم إيه؟ يا رتني ما سمعت كلامك يا فايق.
لكن لم يعرها أحد أي اهتمام فقد خرجوا ثلاثتهم من الغرفة، وتركوا سهام تبكي بحرقة حقيقية، تندب فعلتها الحمقاء وتعد الثواني انتظارًا للحظة مجيء والدتها، وكأن الزمن نفسه أصبح عقابًا مضافًا إلى ما تعانيه من زل حقيقي.
****
بعد مرور عدة ساعات...في منزل الحاج فاضل.
كانت يسر تنعم بكامل الاهتمام والراحة بعد ما حدث لها، ولم يبتعد عنها نوح لحظة واحدة، إذ ظل مرافقًا لها طوال الوقت، غير أنه ومنذ الصباح اختفى تمامًا، مما أصابها بخيبة أمل ظنًّا منها أنه قد عاد إلى ما كان عليه سابقًا.
لكن رنين جرس الباب متبوعًا بصياح ابنتها معلنةً قدوم أبيها، أعاد الحياة إلى روحها من جديد، فاعتدلت في جلستها تستعد لرؤيته بلهفة،
إلا أن الصدمة اجتاحتها تمامًا عندما رأت الشخص الذي كان برفقته، شخص لم يخطر ببالها يومًا أن تراه واقفًا أمامها في مثل هذا الموقف!!!
★★
في مكان آخر كانت هناك صدمة أخرى بانتظار يزن الذي خرج من سيارته الفارهة ووقف أمام بناية تقع في إحدى المناطق الجديدة بالقاهرة، حيث أرسل له زيدان موقع فايق، الذي كان متواجدًا في إحدى الشقق السكنية برفقة صديق له، رفع بصره إلى الأعلى، يتأمل البناية بشرود وابتسامة خبيثة تحتل وجهه، ثم تحرك بخطوات هادئة نحو صندوق سيارته الخلفي، وأخرج عصا حديدية ضخمة استعدادًا للصعود إلى الطابق المنشود.
لكن فجأة حدث ما لم يكن يتوقعه إطلاقًا، فتوقف في مكانه مندهشًا وهو يخبئ العصا خلف ظهره...
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااا
تعليقات
إرسال تعليق