القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية شظايا قلوب محترقة( الجزء الثاني)((وكانها لى الحياة)) الفصل الثامن 8( القسم الثاني )بقلم سيلا وليد 

 رواية شظايا قلوب محترقة( الجزء الثاني)((وكانها لى الحياة)) الفصل الثامن 8( القسم الثاني )بقلم سيلا وليد 






رواية شظايا قلوب محترقة( الجزء الثاني)((وكانها لى الحياة)) الفصل الثامن 8( القسم الثاني )بقلم سيلا وليد 




 


 



وكأنها لي الحياة..الجزء الثاني من شظايا قلوب محترقة




أخبرني، كيف يُشفى القلب منك، وأنت الداء والدواء معًا؟

وكأنك لي الحياة... ولكن أي حياة تلك التي يتقاسمها الفقد مع الأمل؟

حياة بين الرماد… بين الشظايا التي زرعتها في صدري، وظننتها زهورًا.


علّمتني أن الحب ليس كافيًا، وأن الوفاء لا يحمي القلب من الانكسار.

فكيف أخبرك الآن، أنني أحبك رغم كل شيء؟

وكأنني خُلقت لأجمع شظايا قلبي… كلما بعثرتها من جديد.

وكأنها لي الحياة... وأنت كنت الحكاية التي قتلتني ببطء.


مرَّت الساعات سريعًا إلى أن جاء المساء، أنهت دينا زينتها، التفتت إلى غرام:

-أنا مكسوفة أوي، إزاي أنزل قدَّام الناس كدا؟.

توقَّفت غرام واقتربت منها:

-إنتي جميلة أوي يادينا، وحقيقي عمُّو إسحاق محظوظ بيكي.

تلألأت عيناها بالدموع وضمّّت كفَّيها:

-أنا محظوظة بيكي أوي ياغرام، وأرسلان كمان، ربنا يسعدكم دايمًا يارب.

-حبيبتي تسلميلي، المهمِّ إنتي مكسوفة من إيه؟..أولًا مفيش حد غريب، ثانيًا فيه حد يلاقي واحد يهتمِّ بيه زي عمُّو أسحاق كدا، أهمِّ حاجة عايزك تفرحي ويبقى ذكرى حلوة..

ابتسمت تشير على نفسها:

-بعد العمر دا كلُّه، حمزة دلوقتي شاب، دا خلاص هيقفل الخماستشر سنة.


رفعت غرام ذقنها ونظرت إليها عندما وجدت الخجل ينبثقُ من عينيها:

-حبيبتي السعادة مالهاش سن، وبعدين الراجل عايز يعمل معاكي ذكريات حلوة، مش موضوع فرح، موضوع عايز يسعدك، وكمان دا تقديرًا ليكي قدَّام ولادك، علشان ياخدوا حنان أبوهم..

تنهدت بارتياح ثم التفتت إلى المرآة تضع حجابها لتنهي زينتها بالكامل..ولكن فُتح الباب ودلفت أحلام:

-مبروك يامرات ابني، يالَّه حظُّه كدا.

-ماله حظُّه ياحماتي؟..على الأقل زي القمر ومحترمة وعارفة تسعد جوزها وبتربِّي ولاده، لا بتاعة سهرات ولا قاعدات فاضية..

استدارت إليها ورفعت ذراعيها لتلطمها، ولكنَّها أمسكتها ونظرت لعينيها بغضب:

-إنتي هنا ضيفة، متنسيش نفسك يا أحلام هانم، أنا هنا ستِّ البيت، ودا مش كلامي دا كلام صاحب البيت نفسه، أوعي تفكَّري تاني ترفعي إيدك عليا..

-ليه يابايرة، ليكي عين تتكلِّمي، اللي زيِّك كانت زمانها مدفونة بالحيا، بس ابني الأهبل..

دنت صفية تغرسُ عينيها بعيني أحلام وقالت:

-أنا ربِّيت رجلين وبنت، إنتي ربيتي مين؟..البايرة دي طلَّعت رجالة الكلِّ بيشهد بأخلاقهم، أنا زمان كنت بسكت علشان أرسلان وملك، لكن دلوقتي خلاص، لازم أوقفك عند حدِّك، ومتنسيش إنِّك السبب في إنِّي مخلفش، بس ولادي عندي أغلى من كنوز الدنيا، الأم اللي بتربِّي ياأحلام هانم، والفرق واضح بيني وبينك، إسحاق أنا اللي ربِّيته مش إنتي، بدليل وقفتك قدَّامي هنا وأنا اللي بحكم عليكي، روحي اضحكي على فاروق وابعدي عن ولادي، دنت خطوةً أخرى حتى لم يفصل بينهما إنش:

-أكلك بأسناني لو فكَّرتي تئذي حد فيهم.


قاطعهم طرقات على الباب، ارتبكت دينا تنظر الى غرام التي توجَّهت تفتح الباب، وقف فارق متسائلًا:

-دينا خلَّصت؟..يالَّه المعازيم جم تحت.

اتَّجهت بنظرها إلى دينا التي أومأت بصمت ثم اتَّجهت إليه:

-أه خلَّصت..

-خلاص هشوف إسحاق، اجهزوا علشان تنزلوا..



دلف أرسلان إلى غرفة إسحاق وهو يقهقه بصوتٍ مرتفع..

ألقاه إسحاق بفرشاة الشعر:

-هتتلم ولَّا لأ..

انحنى من كثرة ضحكاته:

-طيب والله أنا ماعارف أقول إيه، يعني كبير ماشاء الله والمفروض إنَّك جد، وعامل فرح، طيب هيكون فيه شهر عسل وكدا، ولَّا نفسك جذعت..


وصل إليه يجذبه من ذراعه:

-ماتسكت ياتحفة، مش كفاية حمزة كلِّ شوية يقوِّلي المفروض أنا أعمل فرحي.

قهقه عليه أرسلان:

-صراحة الواد عنده حق، أنا اللي مصبَّرني على الموضوع، متأكِّد وراك مصيبة.

لكزه بجنبهِ بدخول فاروق يوزِّع النظرات بينهم:

-خلَّصت ياعريس، العروسة..

هنا لم يتحكَّم أرسلان بضحكاته، يهزُّ رأسه:

-ودا هنغني له إيه، طلِّي بالأحمر، قهقه فاروق على كلماتِ أرسلان، ممَّا جعل إسحاق ينزع حلّّته:

-طيب والله ماأنا نازل ياحيوان.


دنا يرفعه وهو مازال يضحك:

-خلاص إسحاقوا، يالَّه بقى متبقاش عريس نكدي.

دلف حمزة:

-بابا..يالَّه علشان فيه ناس بيسألوا عليك تحت.

أشار أرسلان إلى حمزة:

-تعال ياميزو..اقترب منه وحاوط أكتافه ينظر إلى إسحاق:

-إيه رأيك حمزة اللي ينزل بدينا تحت، هتكون حلوة، يبقى العروسة وابنها..


دفعه إسحاق للخارج:

-اطلع ياحلوف بدل ماأبيِّتك في التخشيبة.




بمنزل إلياس..


ظلَّت جالسة بالشرفة تنظر الى النجوم، استمعت إلى رنينِ هاتفها:

-أيوة ياطنط نعيمة.

-عاملة إيه حبيبتي؟.

-كويسة الحمد لله، أو بحاول أكون كويسة.

-حبيبتي بتاخدي علاجك؟.

تراجعت بجسدها تستندُ على المقعد وهمست:

-باخده، يعني هيعمل إيه، بقالي سنين باخده.

-حبيبتي مش قولنا إحنا بقينا كويسين، لو مش مرتاحة أجيلك.

-لأ حبيبتي..يعني هكون جنب إلياس ومكنش مرتاحة.

-هوَّ عمل فيكي حاجة؟.

-بالعكس، هوَّ كويس معايا.

-قولتي له اللي حصل يامروة؟.

-لأ..ومش قايلة، المهم هند عاملة إيه؟.

-كويسة بس إنتي وشمس وحشتوها أوي..

-وأنا كمان وحشتني أوي..يومين أظبَّط وضعي وأعدِّي عليكم.

-ميرال..صمتت تستمع إليها:

-أمِّك جت هنا واتجنِّنت بعد ماعرفت إنِّ إلياس أخدك.

-تمام..

أغلقت الهاتف واستندت على ركبتيها تنظر للخارجِ بعيونٍ تقطر حزنًا ممزوجًا بالألم..تذكَّرت حديث الطبيب:

-طيب لو جوزك رجع ترجعي؟.

هزَّت رأسها تتمتم:

-هيتقبِّلني كدا..

-ليه مايتقبلكيش؟.

-لأنُّه هيتجنِّن عليا ويتِّهمني.

-مش يمكن يعذرك؟.

نظرت إليه بتيه:

-ممكن الأوَّل..بس دلوقتي مستحيل يتقبِّلني.

-ليه حكمتي عليه قبل ماتشوفي ردِّة فعله؟.

-لأنِّي حفظاه وعارفة ردِّة فعله.

-طيب جرَّبي، اتصلي بيه وقولي له

إنِّك عايشة، وإنِّك تعبانة ومحتاجاه..

-ويرجع يعايرني..

-ليه بتقولي كدا؟.

-لأن دا اللي حيحصل.

مدَّ يده بالهاتف وقال:

-جرَّبي ياميرال، جرَّبي تتِّصلي بجوزك وقولي له أنا محتاجاك..

-أنا مش ميرال، وقولت لحضرتك أنا مش هكلِّمه، ولا هقولُّه محتاجاك، هوَّ خلاص بنى حياة جديدة..

-مش يمكن ظلماه؟.

-أنا تعبت وعايزة أروح.

وضع الطبيب الهاتف وقال:

-تمام نكمِّل الجلسة الجاية، بس أنا لسة عند رأيي.



خرجت من شرودها على صوتِ سيارته، نظرت إلى ترجُّله من السيارة..

راقبت تحرُّكه، لقد اشتاقت إلى جنون عشقه، وهيئته التي تخطف قلبها، دقَّقت النظر لطلَّته، كان يرتدي بدلة توكسيدو..علمت أنَّه كان بحفل زفاف إسحاق، تراجعت بعدما وجدت نظراته على غرفتها..ابتسمت وهمست لنفسها:

-هوَّ لسة بيحبني؟..عارفة أنُّه قاسي بس بيحبِّني..نهضت واتَّجهت إلى غرف أطفالها، دفعت باب يوسف أولًا بخفَّة..

دلفت للداخل بهدوء حتى لا توقظه، انحنت تطبع قبلةً على وجنتيه، تغمض عيناها تسحبُ رائحتهِ الطفولية التي اشتاقت إليها..خلَّلت أناملها بخصلاته وطبعت قبلةً عليها ثم اعتدلت قبل إفاقته، تعلم نومه خفيف مثل والده..

استدارت وتحرَّكت للخارج، فتح عينيهِ وابتسم بعدما رآها..


اتَّجهت إلى غرفة ابنتها وفعلت مثلها مثل أخيها..توجَّهت إلى غرفتها.. ولكنه قطع طريقها وهو متوجهًا إلى غرفة طفله

-ايه اللي مصحيكي لحد دلوقتي

-ليه هو النوم عندك بميعاد؟!


هز رأسه وزم شفتيه ساخرًا:

-اه ...لو مش عاجبك الباب مفتوح

وصلت إلى وقوفه وسحبته من ياقة حلته:

-اسمعني ياالياس متحاولش تستفزني، وزي ماقولت انا بنت راجح، يعني تخيل منها أي حاجة

قهقه بصوت مرتفع:

-ماهو انتي شاطرة اهو، اومال ليه عاملة هبلة ومكسورة

هنا تذكرت مااصابها فتلألأت عيناها بالدموع وانسابت رغمًا عنها تهمس:

-علشان أنا اكتر واحدة مؤذية في الدنيا، وربنا بيخلص مني حاجات كتير


قطب جبينه من تغيرها، لكزته بصدره وقالت:

-وأكتر واحد انت ..المهم متحاولش تستفزني بكلماتك، علشان اللي قدامك دي اتعمل فيها حاجات بشعة عقلك مايقدرش يستوعبها


دفعها على الحائط بقوة بعدما شعر بجنونه من كلماتها المؤذية:

-قصدك ايه يابت، والله شكلي هموتك بجد ..دموع فقط التي انسابت على وجنتيها ..ضغط على وجهها بعدما احرقت صدره دموعها

-امشي من قدامي مش عايزة اشوفك

-ايه رأيك تطلقني ونتفق علشان الولاد، كفاية كرهك ليا لحد هنا


جذبها من خصلاتها يقربها إليه يهمس بفحيح اعمى:

-دا في كوابيسك إن شاءالله، هتفضلي مراتي، وفيه حفلة مصطفى باشا عاملها على شرف مرات ابنه الهربانة، وهتحضريه غصب عنك، ومش بمزاجك، والكل لازم يقتنع بأنك فقدتي الذاكرة، وكل حاجة جاهزة ..واهتمي بنفسك يامدام علشان الحفلة، جوزك معروف بين الناس، مش عايز اصدم الناس بشكلك البيئة دا، عاملة زي المحششة

هزت رأسها وهمست:

-حاضر ياجوزي ياحلو واه فعلًا عندك حق، اصلي مدمنة، حبيتك تعرف مني قبل ماتعرف من الغريب




قالتها بعيونًا لامعة بدموعها وتحركت إلى غرفتها


جلست لفترة وهي تستعيد حديثه، مع ارتفاع انفاسها، توقفت أمام المرآة تنظر إلى وجهها الشاحب، مررت أناملها على وجهها

-عنده حق، بقيتي بقايا ياميرال، ربنا ينتقم منك يارانيا انتي ورؤى، تذكرت حديثه، خطرت فكرة بذهنها، تراجعت على المقعد لفترة، سحبت حقيبتها الصغيرة، وأخرجت بعض الأوراق، تنظر إلى المدون بها، قبضت بكفيها عليها، تهمس لنفسها

-قوليلي له مش هو كل شوية يقولك ياميتة، روحي قولي له إنك مزيفة بحق وحقيقي، فركت جبينها وراحت ذاكرتها إلى مصطفى، فهزت رأسها

-لأ لا ..بلاش خليه مفكر انك كدا، بلاش، فكري في ولادك وبس، نهضت من مكانها تعارض نفسها

-لأ ، خليه يعرف يايعذر، يايرميكي برة حياته للابد ، التفت تنظر إلى المرآة

-إلياس بيحبك وهيوقف جنبك ياميرال، صدقي حبه رغم اللي حصل بس نبضه لسة بيتحرك، ارجعت خصلاتها للخلف

-أيوة بيحبني، ولازم يعرف كل حاجة غصب عني، حتى عمو مصطفى قال كدا، هيعذرني، ظلت بمكانها كأنَّها تجمع شتات قرارها ثم نهضت، ودلفت إلى غرفة الملابس، وانتقت غلالةً حريريةً سوداء، انسدلت على جسدها بانكسارٍ أنيق..لمست أدوات الزينة، واستخدمتها، لتضيف لمساتها التجميلية بهدوءِ امرأة قرَّرت أن تعيد عشقها الضاري..تداري ماتحت عيناها

أنهت ماتفعله ثم وقفت أمام المرآة، تتأمَّل ملامحها، التي تغيرت، ذهبت ذاكراتها لأحدى مشاهد العشق وخفقاتُ قلبها تكاد تزلزل صدرها، شوقًا، وخوفًا من اللقاء...

، شقَّت شفتيها ابتسامةً رغمًا عنها، ثم رفعت عقدها حول عنقها، وفتحت صندوقهِ الصغير الذي مازال يحتوي على صورته، لمستها بأناملها مبتسمة، تهمس لنفسها:

-مانشوف أخرتها إيه، ياحضرة جوزي الموقر...استدارت، وخرجت إليه.



بغرفة إلياس قبل قليل ، نزع كنزته بعصبية ثم اتَّجه إلى الفراش، جلس للحظاتٍ يتأفَّف، يعتصر أنفاسهِ كلَّما تذكَّر كلماتها، ثم تمدَّد أخيرًا واضعًا يديه أسفل رأسه، يحدِّق في السقفِ بصمت..


تسلَّلت ابتسامة خفيفة إلى شفتيه، حين تذكَّر حديثها مع طفلها بالصباح عن ما فعلته اقترب منه، شعر بدفء نبرتها، وصدق احتضانها


فجأة...

فُتح الباب ببطء، فأدار رأسه نحوها..

أطلَّت بخطا هادئة، توقَّفت لوهلة تطالع الغرفة، ثم تحرَّكت صوب الفراش..


تابعها بصمت وهو ينهض قليلًا مستندًا على مرفقه..


قامت بخلع روبها، لتبدو منامتها السوداء الشفافة وكأنَّها صُنعت لتثير كلَّ شيء مكبوتٍ بداخله..ألقت الروب على المقعد، ثمَّ اتَّجهت نحو الفراش وتمدَّدت بجواره في هدوءٍ متعمَّد..

وهي تسحب ذراعيه تتوسَّده..


نظر إليها بدهشة، لم يستوعب ماتفعله:


ـ "إنتي بتعملي إيه هنا؟" سألها بصوتٍ خافت، بين الذهولِ والريبة.


أجابته باستنكار:


ـ "بعمل إيه؟" أشارت لنفسها بثقة:

"نايمة في أوضتي، جنب جوزي..مش لسه جوزي برضو؟"

قطب جبينه، وداخله بركان كاد على الانفجار، وهو ينظر إلى هيئتها، مستنكرًا حالتها:

ـ "دي كانت لسه بتعيَّط من شوية..." قالها بهمس..

تراجعت بجسدها تدفن نفسها بأحضانه، فأردف بحدَّة وهو يحاول أن يستعيد توازنه:

ـ "قومي روحي أوضتك."


ـ "وطِّي صوتك..ابنك صاحي، وعيب يسمع أبوه بيطرد أمُّه من أوضتها."


ـ "أبوه، أمُّه!" تمتم باستخفاف. "آه... شغل الحواري اشتغل."




ابتسمت بسخرية:


ـ "نام..أنا تعبانة، والصبح نشوف حكاية شغل الحواري."


حاول يسحب ذراعه من تحتها، لكنَّها استدارت نحوه، وابتسامة خفيفة تعبثُ بشفتيها، تكبح ضحكةً كادت تفضحها..

فاقتربت وهي تدفنُ وجهها في عنقه، وبحركةٍ هادئة وضعت ساقيها بين ساقيهِ تهمس بصوتها الناعم حتى لمست شفتيها عنقه قائلة:

ـ "الرسول وصَّانا ننام على جنبنا اليمين، مش مهم إنت"

-تصبح على خير ياأبو يوسف..

تجمَّد جسده تمامًا من فعلتها..

لحظة واحدة..كانت كفيلة، لينحني بجسده يحاوطها بذراعه:


-عارفة أنا جاي منين دلوقتي؟.

ارتفعت دقََّاتها داخل صدرها من فعلتهِ هذه، وحركته التي جعلت صدرها يعلو ويهبط بطريقةٍ ملفتة..

انحنى وخطف ثغرها للحظات، بعدما فقد سيطرته من هيئتها، ثم رفع رأسه يرسم وجهها وعينيها التي اغلقتها، فانحنى وهمس بجوار أذنها:

-كنت رايح أشوف عروسة، أنا مش هفضل طول حياتي عايش مع واحدة موهومة بمرض نفسي، وكل شوية تهرب، وتعمل مسرحيات ساقطة ، مش هقبل على نفسي افضل مع واحدة مريضة، هتجوِّز ياميرال، ودا حقي زي ماابنك قال الصبح، راجل ومحتاج لست تفهمني وتسعدني، وعلى مااظن انتي لما هربتي قولتي كدا، قصدي لما موتي، معلش بقى الموتة الجاية يبقى وصّيني بحاجة تانية، انتي متعرفيش بحبك قد ايه ومينفعش مااسمعش كلام حبيبتي

جمع خصلاتها حتى ظهر عنقها أمامه باستفاضة وقميصها الذي أظهر مفاتنها الأنثوية ومازال على وضعه فقال

- على فكرة مش هطلَّقك، ماهو انتي حلوة برضو، ليه اسيب الجمال لحد تاني، أو ممكن هسيبك متعلَّقة، علشان أعرَّفك تخطِّطي حلو، التفت بعينيه على سلاحه وأشار إليه:

-المسدس أهو، لو عايزة تموِّتي نفسك، وحياة حبِّي ليكي ياروحي ماهمنعك، قالها واعتدل من فوقها يشير إلى باب الغرفة:

-اطلعي برَّة ومش عايزك تدخلي الأوضة دي تاني من غير اذني..رمقها بنظرةٍ كادت أن تزهقَ روحها وتابع:

- متخافيش مش هطلب منك تاني تدخليها، ولَّا أقولِّك لمَّا يبقى ليا مزاج يبقى أشوف الموضوع دا..

رجفة قوية تسرَّبت إلى جسدها، حتى شعرت ببرودةٍ قاسية، وكأنَّها تحوَّلت لجثة، نهضت بهدوء وكأنَّها ليست التي دلفت، وسحبت روبها تجرُّهُ خلفها وخرجت من الغرفة حافيةَ القدمين، وهو يتابع تحرُّكها بأنينِ قلبه المنفطر، ولكن كيف يعفو عنها وهي التي أحرقته وكسرت رجولتهِ أمام الجميع، نزلت دموعهِ بعدما صفعه قلبه بقوة على ماقاله لها..

بالخارج تحرَّكت ودموعها تفرش طريقها، حتى أنَّها لم تشعر بيوسف الذي خرج صدفةً بكوبِ الماء، توقَّف مصدومًا وهو يرى والدته بتلك الهيئة، تحرَّكت بجواره ومازالت تجرُّ روبها ليُسحبَ خلفها على الأرضية، لا تشعر بما يدورُ حولها..

-ماما..نطقها بهمسٍ مميت، ولكنَّها لم تستمع إليه، أغلقت الباب خلفها..بينما ظلَّ يوسف بمكانهِ متجمِّدًا وعيناه على غرفتها، هل يذهب خلفها أم يذهب لوالده، توقَّف عاجزًا حائرًا، ولكنَّه اتَّخذ قرارهِ ودفع باب غرفة والده بغضبِ طفل..من يراه لا يقل أنَّه سوى شابًّا ناضجَ التفكير..

-ماما مالها، وليه خرجت كدا؟..

-روح أوضتك، تاني مرة لمَّا تدخل تستأذن، من أمتى وإنتَ قليل الذوق كدا..

ظلَّ ينظر لوالده للحظاتٍ بصمت، ثم خرج كالمارد يريد أن يحرقَ كلَّ

مايقابله..



بغرفة ميرال..

نزعت ثيابها بغضب، تمسحُ دموعها بعنف، حتى شعرت بأنَّها تضرب نفسها:

-كفاية بقى، اخرسي، غبية، كنت منتظرة إيه، ياخدك بالحضن؟..فوقي دا إلياس السيوفي، ضحكت بشكل هستيري كالمجنونة تدور بالغرفة:

-كنتي ناوية تقولي له كلِّ حاجة، علشان بعد كدا يذلِّك، فوقي ياغبية، متخليش رانيا وإلياس يتحكِّموا فيكي..

فوقي بقى، غبية ياميرال..

أمسكت هاتفها وقامت بمهاتفة طبيبها:

-عايزة أقابلك دلوقتي.

نظر بساعته وهو ينزع نظارتهِ الطبية:

-الساعة واحدة مدام مروة.

-أنا ماليش دعوة الساعة كام، وبعدين أنا مش مروة أنا ميرال راجح الشافعي يادكتور، هكون عندك مسافة السكة..

قالتها وأغلقت الهاتف وقامت بمهاتفة أخيها:

-يزن اجهز عايزة أروح مشوار دلوقتي.

-دلوقتي ياميرال؟!.

-هتيجي معايا ولَّا أروح لوحدي؟.

-تمام تمام..


بعد دقائق معدودة انتهت من ثيابها، وهبطت للأسفل، كان يزن قد خرج بسيارتهِ منتظرًا نزولها، فتحت باب السيارة وغادرت المكان..


بفيلا السيوفي..


استيقظ على صوتِ هاتفه، نظر لاسمِ المتَّصل، نهضَ سريعًا وجذب الهاتف:

-أيوة..

ضحك بخفَّة وقال:

-آسف مصطفى باشا بس فيه تطور حبِّيت أفرَّحك..صمت ليتابع الطبيب حديثه:

-ميرال الشافعي كلِّمتني وجاية في الطريق.

نظر بساعته وتساءل مذهولًا:

-دلوقتي..ليه ؟!

-معرفش، بس واضح إنَّها منهارة جدًا، المهم مش دا اللي بكلِّمك علشانه..صمت ليقول الطبيب:

- أنا بكلِّمك علشان أقولك إنَّها قالتلي: "ميرال راجح الشافعي"




ابتسم مصطفى ورد:

-دا يعني..إنَّها..ضحك الطبيب بصوتٍ مرتفع ورد:

- بالظبط..حضرتك مسمعتشِ صوتها وهي بتقولها.

-تفتكر تكون جاية مع إلياس؟.

-معرفش حقيقي بس زي ماقولت لحضرتك صوتها في البداية كانت منهارة..

-طيب أكلِّم إلياس ولَّا إيه؟.

-لأ ..استنى لمَّا نشوف آخر الزيارة..

- طيب بالنسبة للموضوع التاني، نقدر نقول خلاص كدا ولا لسة لسه أثر؟.

-هرد عليك بعد ماأقابلها..

- منتظر..بس بقولَّك أنا مش هنام، هستنى مكالمتك بفارغ الصبر.

-ماتقلقش..وقت ماتخرج هكلِّمك..

-شكرًا..

-لأ، الشكر دا مش في التليفون..

ضحك مصطفى، المهم طمِّني..




عند إلياس..


صمتٌ ثقيل يحلُّ بالغرفة سوى من أنفاسهِ المرتفعة منذ خروجها، ماذا يفعل كي يؤلمها مثلما آلمته، كلُّ شيءٍ حوله أصبح نارًا سوداء، استمع لأنين بكاءِ شمس  بالخارج..شعر بطعنةٍ في صدره، لم يتحرَّك..ظنَّ أنَّ ميرال ستخرج لاحتوائها، لكنَّها لم تصمت وارتفع صوتُ بكائها، قطع صوت البكاء صوت المربية، بنبرةٍ قلقة:

-حبيبتي تعالي نشوف ماما راحت فين.


انتفض من مكانه، مع خروج يوسف من غرفته بفزعٍ على صوتِ بكاء شقيقته..


اقترب إلياس من المربية وهو يومئُ بيده مستفسرًا:

- مالها شمس؟!.


رفعت عينيها إليه بخوف وتردُّد:

– والله ياباشا حاولت أسكِّتها، بس هيَّ عايزة مدام ميرال..وهيِّ مش موجودة.


انعقد حاجباه وعلت نبرته:

- يعني إيه مش موجودة؟!


هزَّت كتفيها بعدم معرفة، فدبَّت النار في صدره..


ركض كالمجنون نحو مكتبه، راح يفتِّش بكاميرات المراقبة، حتى رآها وهي تصعد بسيارةِ يزن، ممَّا جعل الدماء تغلي في عروقه..


اشتعلت ثورة الغضب في قلبه، أراد أن يحطِّم كلَّ ما تطاله يداه، أمَّا في الأعلى، احتضن يوسف شقيقتهِ التي ارتجفت من البكاء، ربتَ على ظهرها يهمس:

- بطَّلي عياط، تلاقيها راحت تشتري حاجة وهترجع.


لكن شمس لم تصدِّقه، ولم تفهم مايقوله، تبكي وتردِّد بين شهقاتها:

–عايزة ماما...


ضمَّها أكثر، وسحبها إلى غرفته، ثم التفت إلى المربية:

- هاتي لها كوباية لبن ياأنطي، وأنا هافضل معاها...




مرَّ الوقت ببطءٍ قاتل، حتى عادت ميرال من عند الطبيب، بصحبة يزن.


كانت تغمضُ عينيها والابتسامة تعلو ثغرها ببراءةٍ طفولية، ممَّا أثار ضحكة خفيفة من يزن:

- أول مرَّة أشوفك بتضحكي من زمان..


فتحت عينيها واتجهت بنظراتها إليه:  -رانيا كانت بتهدِّدني..تخيَّل!


ضاق بعينيه، وسأل بريبة:

- رانيا مين؟!


أسندت رأسها إلى نافذة السيارة تتأمَّل الخارج:

- رانيا..مرات راجح، نسيت أقولَّك خرجت من السجن من فترة.


ضغط على المكابح فجأة، فارتطم رأسها بالنافذة:

- آااه، إيه؟ مش تحاسب وإنتَ سايق؟!


استدار نحوها بالكامل، بعدما وصل إلى منزله، وجههِ مشدود:

- رانيا وصلتلك إزاي؟!


لكن الكلمات اختنقت في حلقه حينما لمح إلياس واقفًا أمام السيارة، كأنَّ النار تجسَّدت في ملامحه.


ترجَّل يزن سريعًا:

- مالك واقف كده ليه؟!


لكمة مفاجئة من إلياس اخترقت وجهه، دفعتهُ للخلف بقوة، بوصولِ أرسلان بعدما استمع لصوتِ السيارة.


هرول إلياس إلى الباب، فتحه بعنف، وجذب ميرال من ذراعها صارخًا:

– كنتي فين؟!


أجابته بنبرةٍ متحدية رغم الارتباك:

- هتفرق معاك؟! كنت في مشوار...


صفعة مدمِّرة على وجهها أخرست كلَّ شيء، لم تكن مجرَّد صفعة، كانت كسرًا في شيءٍ ما داخلها..


زمجر بوجهها:

- إنتي عايزة توصلي لإيه؟! ها؟! عايزة أموِّتك؟! ليه أنا مجبور أتحمِّل واحدة متخلفة مريضة زيك؟!


جرَّها بعنف للداخل، فدفع يزن أرسلان صارخًا:

- إنتَ مالك ياحيوان؟!.فاكرها يتيمة ومالهاش حد ولَّا إيه؟!.


اندفع يزن بجنون يبعد إلياس:

– ابعد عنها يامجنون!!.


لكن إلياس لكمهُ ثانية، وثالثة، وجحيمه انفجر كوحشٍ خرج عن السيطرة.


سقط يزن على الأرض،  وإلياس يواصل ضربه..حتى استمع إلى صرخةٍ مدوية:


– ميرال!!


صرخ بها أرسلان، فتجمَّد الزمن.. وتوقَّف كلَّ شيء، بعدما استدار ينظر إليها..


تكملة الرواية من هناااااااا 

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله الجزء الاول من هناااااااااا

الرواية كامله الجزء الثاني من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا




تعليقات

التنقل السريع