رواية شظايا قلوب محترقة( الجزء الثاني)((وكانها لى الحياة)) الفصل التاسع 9 (الجزء الثاني)بقلم سيلا وليد
رواية شظايا قلوب محترقة( الجزء الثاني)((وكانها لى الحياة)) الفصل التاسع 9 (الجزء الثاني)بقلم سيلا وليد
وكأنها لي الحياة..الجزء الثاني من شظايا قلوب محترقة
الفصل التاسع 2
اللهم استرنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض عليك "
لكنني لا أكرهها، تلك الشظايا...
ففيها نبضي، فيها ضعفي، فيها ما جعلني "أنا".
كلّ قلبٍ احترق، ترك داخلي شظيّة، تنغرس كلّما حاولتُ النسيان،
فأدرك أنني لا أُشفى،
أنا فقط أعتاد الألم...
وأبتسم، كأنّ الاحتراق لم يكن.
ولأنني ما زلت أقف رغم الاحتراق،
فهي، رغم كل شيء... وكأنها لي الحياة.
بمنزل أرسلان..
وضعت طعام الإفطار وجلست تنتظر زوجها، خرجت صفية ملقيةً تحيَّة الصباح:
-صباح الخير حبيبتي.
-صباح الخير ياماما.
دقَّقت النظر إليها واقتربت منها:
-مالك حبيبتي، ليه قاعدة كدا؟..
-أرسلان لسة مرجعش، من وقت ماخرج مع إلياس، شوفته نزَّل ماما فريدة قدَّام البيت وطلع دقايق فوق وخرج ولسة مارجعش..
ربتت على كتفها بحنانٍ أمومي:
-زمانه جاي متقلقيش، إنتي عارفة جوزك مابيتأخَّرش غير لمَّا يبقى الموضوع كبير..
تنهَّدت تهزُّ رأسها وردَّت قائلة:
-فعلًا للأسف ياماما، شكل الموضوع مش زي ماكنَّا متخيِّلين، كلام ميرال رغم إنُّه مش مفهوم أوي بس شكله مايطمنش..
-خير إن شاءالله حبيبتي، الولاد راحوا المدرسة؟.
-أه..قالتها وهي تمسح على وجهها، تشعر بضيقٍ يخنق تنفُّسها..
هقوم أجبلك الشاي.
أومأت صفية دون حديث..تدعو ربَّها بسريرتها:
-ربِّنا يسترها معاك يابني، وينوَّرلك طريقك يارب، ويبعد عنَّك الأذى يانور عيني.
بمنزل طارق..
انتهت من ارتداء ثيابها، توقَّفت أمام المرآة تضع أحمر الشفاه ببطء، وابتسامة على وجهها، كلَّما تذكَّرت ماصار..نظرت لنفسها بتقييم، ثم ابتسمت لنفسها بالمرآة:
-ياسلام على تخطيطك يابتِّ يارؤى، أنا متأكدة إنَّها مش هتقول حاجة، والأهمِّ بقى اللي حصل إمبارح..يالَّه بنت حلال وتستاهلي ياستِّ ميرال..
تناولت هاتفها وقامت بمهاتفة أحدهم:
-صباح الخير.
-صباح الخير، إيه اللي حصل؟..
مفيش حاجة حصلت، بس قريبًا بنتك هتيجي لعندك.
-ليه إيه اللي حصل؟.
قصَّت لها رؤى ماحدث..
-وهيَّ كانت فين؟.
هزَّت كتفها ومطَّت شفتيها تنظر إلى أظافرها:
-مش مهمِّ كانت فين، المهمِّ اللي حصل وجنان إلياس، دا كان هيموِّت يزن، وضربها كمان..
هبَّت من مكانها:
-وليه يضربها إن شاءالله؟!..
-تؤ تؤ..اهدي ياطنط، إنتي كنتي عايزة ياخدها بالأحضان ولَّا إيه، دي خرجت من وراه بالليل، وسمعت كلام من يوسف وهوَّ بيكلِّم يزن إنِّ إلياس طردها من الأوضة، ياريت بقى تلمِّيها، وبعدين مش كان بيقولِّك ماتت؟..
-إنتي تخرسي خالص، ويبقى عدِّي عليَّا علشان تاخدي باقي حسابك، بس بنتي لو قرَّبتي منها يارؤى هموِّتك، ويكون في علمك ياحلوة ممكن هيَّ متقولش، بس أنا واطية وأقول..
قالتها رانيا وأغلقت الهاتف وألقته بعنف تسبُّها، دلفت الخادمة:
-مدام رانيا مختار باشا وصل.
أومأت لها فخرجت الخادمة، بينما همست رانيا:
-حيوان، له عين يجي لعندي، دلف إليها:
-صباح الخير ياملكة.
-أهلًا..اقترب وهو ينفثُ تبغه الغالي:
-لأ لأ..كدا أزعل، إيه المقابلة دي مش اتفاقنا..
ثارت ترمقه بغضبٍ قائلة:
-بقولَّك إيه، اتفاقنا وخلص، أخدت كلِّ الأسماء اللي إنتَ عايزها، وفي المقابل خرَّجتني من السجن، كدا خالصين..
اقترب منها بخطواتٍ باردة، ثم دفعها بقوَّةٍ على المقعد وحاصر جلوسها بذراعيه يحدجها بنظراتٍ نارية:
-لسة الأهم يارانيا، أنا ممكن أرجَّعك تتعفِّني في السجن من تاني، اتفاقنا مكملش..
ارتجف جـسدها من نبرته ونظراته النارية..فهمست بتقطُّع:
-عايز إيه يامختار؟..
اعتدل وهو ينفث بسيجاره، ثم تراجع بنظره إليها:
-بنتك، مش دا كان اتفاقنا، أنا عملت كلِّ اللي طلبتيه، ولولا وجودي مكنتيش هتلاقيها صح ولَّا لأ؟..
هبَّت من مكانها تصيح فيه بغضب:
-أه، علشان كدا اتَّفقت مع الدكتور وخلِّيته يغيَّر دواه
زمَّ شفتيه وتراجع على المقعد يضع ساقًا فوق الأخرى:
-هوَّ أنا عبيط يارانيا، مش لازم أمسك الخطوط في إيدي..
-يعني إيه مش فاهمة؟.
-يعني بنتك تكون عندي قبل نهاية الشهر، ياأمَّا هقلب وقلبتي وحشة أوي..
إنتَ أكيد مجنون، البنت متجوزة ومخلِّفة كمان..
-هيطلَّقها خوفًا من الفضيحة يامدام رانيا هيطلَّقها، لمَّا الكلِّ يعرف إنَّها هربت منُّه بسبب تعذيبه، ولجأت للإدمان، ولمَّا عرف عمل مسرحية موتها..
هبَّت من مكانها:
-أكيد إنتَ مجنون، دا إلياس السيوفي إنتَ متعرفوش..
-هيخرس، وحياتك ليخرس، أنا بس اللي مضايقني إنُّهم وصلوا لها قبل ماأنفِّذ مخطَّطي، بس متخافيش بنتك عاقلة وأكيد هتحسبها صح.
-أنا معرفش عايز توصل لإيه، بس إنتَ أكيد مجنون ومتعرفش مين هوَّ إلياس السيوفي، دا عدم عمُّه، فوق وأنا قولتها لك زمان مش هتقدر توقف قدَّامه..
تهكَّم ساخرًا:
-إنتي قولتيها، إلياس السيوفي، ودا كان زمان، بدليل معرفشِ يوصلَّها قبلي، يبقى مين الأقوى يارانيا؟..
-لأنَّك كنت مراقبها، صدَّقني إلياس لو عرف هيموِّتك، ويبقى افتكر كلامي..
قهقه وهو يرجع رأسهِ للخلف ثم رمقها بنظرةٍ ساخرة:
-كلُّه بالاتِّفاق يارانيا.
توقَّفت واقتربت منه وانحنت بجسدها تتطلَّع إلى عينيه مباشرة:
-أنا مكنتش أعرف إنَّها عايشة، إنتَ قولت المقابل لمَّا تخرجي، فكَّرتك عايز تتجوزني، مكنتش متخيلة إنَّك وصلت لها وعملت فيها كدا..
صمتٌ بالمكان سوى من ضحكاته المستهزئة، فاعتدل يغلق حلَّته:
-أنا عملت دا كلُّه علشان أوصلَّها هيَّ، مجنونة إنتي..سلام يارانيا، عندي مقابلة مع جوز مراتي مستقبلًا، شوفتي أنا شاري إزاي وبقول مراتي..
قالها وتحرَّك للخارج، بينما جلست رانيا وأنفاسها أوشكت على الانقطاع:
-أه يارؤى ياحيوانة، عارفة إنِّك اللي ورا الحيوان دا..
بفيلا السيوفي..
توقَّف أمام المرآة ينثر عطره، بخروجها من الحمَّام، التفت إليها يغمز بشقاوة:
-صباح الجمال ياملوكة.
تحرَّكت إلى الفراش، ويبدو عليها الإرهاق، ثم هوت على جسدها:
-والله إنتَ رخم أوي ياإسلام، وأنا زعلانة منَّك.
تراجع يقهقهُ عليها، ثم انحنى يطبع قبلةً فوق جبينها:
-ألف سلامة عليكي ياصغننة، لمَّا إنتوا مش حمل الجواز بتتجوزوا ليه؟..
ألقته بالوسادة:
-امشي من هنا يامفتري..
توسَّعت عيناه وطالعها بنظراتٍ حزينة متصنِّعة:
-يعني أنا مفتري، علشان بحبِّك مفتري!..
انحنى وحاصر جسدها ينظر إليها بنظراتٍ وقحة:
-طيب أعمل إيه ومراتي بالرقَّة والجمال دا..حد قالِّك تبقي حلوة كدا..
والله إنَّك وقح وقليل الأدب ياإسلام..
اعتدل وهو يضحك متراجعًا إلى المرآة، وقام بارتداء ساعته وهو يشير إليها:
-ارتاحي حبيب قلبي، عندي محاضرتين وهعدِّي على إلياس، يعني هرجع على بالليل..
هبَّت من نومها واعتدلت جالسةً على الفراش:
-إيه دا هتروح هناك؟!..طيب ماتاخدني عايزة أشوف أرسلان والولاد وحشوني أوي..
ابتسم بحنان وخطا إليها، ثم انحنى وطبع قبلةً مطوَّلةً أعلى رأسها:
-تمام..هعدِّي عليكي لمَّا أخلص، صمت للحظات واحتضنها بعينيه:
-طيب ماإنتي كويسة أهو..أومال ليه تعبانة ومفتري وقليل أدب، كويس علشان لمّّا ترجعي مسمعش صوتك..
لكمته بصدره:
-امشي يامنحرف من هنا..بتر حديثها وهو يحتضن ثغرها للحظات، ثم تراجع للوراء يشير بيده:
-تصبيرة لحدِّ ماأرجع
تورَّدت وجنتيها وهي تسبُّه، خرج وهو يطلق صفيرًا:
-سامعك ياملاكي باي باي هتوحشيني..
نزل للأسفل، دلف للداخل وجد والده يتناول إفطارهِ بشرود:
-صباح الخير يابابا، فين ماما وغادة؟.
صباح الخير ياحبيبي، راحوا عند إلياس..
قطب جبينه متسائلًا:
-إلياس، ليه خير في إيه على الصبح؟.
ابتعد بنظره وقال:
-ميرال تعبانة وهوَّ مكنش موجود، أرسلان جه أخد والدتك بدري.
أومأ متفهِّمًا، ثم أردف وهو يفرد محرمة الطعام:
-أنا شوفتها إمبارح واتكلِّمت معاها، مش عارف حاسس دي واحدة تانية غير اللي اتربِّت معانا، وكمان طريقة إلياس معاها صعبة أوي.
-بكرة كلِّ حاجة هتتحلّ، المهمِّ إنَّها عايشة وبخير ورجعت.
قالها مصطفى بشرود..
قاطعهم صوت إلياس وهو يلقي تحية الصباح، ثم اتَّجه يجذب المقعد وجلس في مقابلة والده..
نظر إليه مصطفى وعلم مايدور بخلده..
-صباح الخير ياحبيبي، عاملين إيه؟.
ضحك إسلام قائلًا:
-جبنا في سيرة القط، المهم مراتك عاملة إيه؟..
كان ينظر إلى مصطفى بصمت.. لحظات ثم رد ومازالت نظراته على مصطفى:
-دا مصطفى باشا هيقولِّي عليه، مش كدا ياباشا؟.
-إسلام سبني مع أخوك شوية..
زوى إسلام مابين حاجبيه:
-هوَّ فيه إيه بالظبط وبعدين أنا بفطر ياباشا..
توقَّف مصطفى يشير إلى إلياس على باب المكتب:
-هستنَّاك في المكتب.
عند ميرال..
فتحت عينيها بإرهاق تتأوَّه بخفوت، اعتدلت فريدة ونهضت من مكانها:
-حبيبتي صباح الخير..دارت بعينيها بالغرفة:
-أنا فين؟..مسَّدت على شعرها وطبعت قبلةً فوق جبينها:
-إنتي في حضن ماما ياحبيبتي..
اعتدلت تنظر حولها تتمتم بشهقاتٍ بعدما تذكَّرت ماصار:
-ولادي فين، أخد ولادي مش كدا؟..لمَّا عرف الحقيقة أخد ولادي..
نهضت من مكانها تصرخ:
-ولادي فين ياماما، ولادي، ابنك أخدهم مش كدا...
فتحت غادة الباب ودلفت بعدما استمعت إلى صراخها، التفتت بفزع تنظر للذي دلف، وجدت غادة بجوارها شمس، ركضت الصغيرة إليها:
-ماما..انحنت تحمل طفلتها ورغم ترنُّح جسدها إلَّا أنَّها ضمَّتها لأحضانها تقبِّلها وتبكي:
-حبيبتي إنتي كويسة؟.
هزَّت الصغيرة رأسها:
-أنا زعلانة علشان إنتي رجعتي تتعبي تاني..
جلست تحتويها بين ذراعيها ثم جمعت خصلاتها للخلف تنظر لعينيها:
-آسفة ياروحي أنا آسفة، ماما مش هتعمل كدا تاني، ماما هتبقى كويسة علشان شمس..
رفعت عيناها إلى غادة:
-فين يوسف، لسة زعلان منِّي مش كدا؟..
-لأ، ياماما مش زعلان منِّك..قالها يوسف وهو يتوقَّف على باب الغرفة..
أنزلت شمس من فوق حجرها.. ونهضت إلى طفلها تستند على الأشياء تتطلَّع إليه باشتياق، اقترب منها بعدما وجد جسدها الهزيل يترنَّح:
-ارتاحي..إنتي لسة تعبانة.
-عايزة أحضنك..ينفع تحضن ماما؟..
ترقرقت عيناه بالدموع وهو يرى والدته بتلك الهيئة، اقترب حتى وصل إلى وقوفها ينظر إلى عينيها:
-وأنا كمان، عايز أحضنك..
آااااه..صرخت وهي تجثو بركبتيها، تضمُّه لأحضانها حتى سقط مع سقوطها، وارتفعت شهقاتها بالبكاء مع بكاء غادة وفريدة..
اقتربت فريدة منهما تضمُّ ابنتها بحنانٍ أمومي:
-اسم الله عليك ياحبيبة ماما من وجع القلب ومن الفراق، اسم الله عليكي يابنتي..
-آااه ياماما..ابني أخيرًا في حضني، آه ياماما..إزاي قدرتي تتحمِّلي دا كلُّه،
احتوت وجهه بين راحتيها تبكي وتضحك بنفس الوقت:
-حبيبي إنتَ كويس، عامل إيه؟..
أزال دموعها وابتسم رغم دموعه:
-أنا دلوقتي كويس أوي، بطَّلي عياط بقى..
قبَّلت كفَّيه تهزُّ رأسها ومازلت دموعها تغرق وجنتيها:
-حاضر..حاضر.
ساعدتها فريدة على النهوض، فتراجعت إلى الفراش تجلس عليه ومازال طفلها بين ذراعيها..
تمدَّدت تشير إليه أن يغفو بأحضانها، ابتسم وجاورها على الفراش، ثم رفع شمس إليه..
احتضنتهم فريدة بعينيها تهمس بخفوت:
-ربِّنا مايحرم حد من ضناه..قالتها وتراجعت للخارج تجذب غادة..بينما احتضنت ميرال أطفالها تمسِّد على خصلات يوسف:
-وحشتني أوي ياحبيبي..أوي..قالتها وأغلقت عينيها لتذهب بنومها مرَّةً أخرى بسبب المهدئات التي تتناولها..
ظلَّ يوسف يطالعها لفترة..رفعت شمس كفَّها الصغير على وجه أخيها:
-إنتَ زيه كدا ليه؟..
نزل بنظره إليها:
-زي مين ؟!.
أشارت إلى باب الغرفة:
-الشرير اللي بيزعَّق على طول، بابا..
قهقه عليها يداعب عنقها:
-لو سمعك الشرير هيرميكي في الغابة..
برقت عيناها وتراجعت تنكمش في أحضان والدتها:
-هضربه أنا وماما وتيتا نعيمة.
هزَّ رأسه وضحك على حركاتها:
-أيوة ماأنا عارف، أهي طنطك نعيمة دي ممكن تكون دلوقتي بتلمّ ورق الغابة..
هزَّت كتفها بجهل:
-يعني إيه بقى إن شاءالله؟..
اقترب من أذنها وهمس لها بعض الكلمات فصرخت:
-ياماما..قومي نمشي من هنا قبل الشرير مايجي..
قهقه عليها يوسف ثم سحبها لأحضانه:
-بس يابت وإنتي شكلك بنت حواري صح، له حق بابا، دفعته بعيدًا عنها بعدما ارتفع صوت ضحكاته:
-سحبها مرَّةً أخرى:
-هتنامي في حضني ولَّا أجبلك الشرير؟..
انكمشت تهزُّ رأسها بصمت، أشار إلى حضنه:
احضنيني جامد، استخبِّي علشان لو جه مايشفكيش..
اختبأت في احضانه وهو يضحك عليها، ثم رفع عينيه إلى والدته، سحب كفَّها ووضعه تحت رأسه بعدما قبَّله:
-آسف ياماما..نزل بنظره للتي تتحرَّك بأحضانه:
-هتنامي ولَّا أقوم وأسيبك؟..
-لأ هنام بس متمشيش، ماما نايمة والشرير هيجي..
-طيب نامي..
هزَّت رأسها وأغلقت عيناها..مسَّد على خصلاتها حتى غفا هو الآخر..
بعد عدةِ ساعات عاد إلياس، دلف للداخل وجد فريدة تضع الطعام، يبدو أنَّها أحضرته لميرال وأطفاله..
وقع بصره على أولاده بأحضان والدتهم..
نهضت فريدة واقتربت منها، كان يجرُّ خطواتهِ بصعوبة، إلى أن وصل إلى فراشها، اقتربت منه فريدة تربتُ على كتفه:
-حبيبي كنت فين دا كلُّه، إيه الساعات دي كلَّها بعيد عن مراتك وهيَّ بالحالة دي؟..
استدار إليها وامتلأت عيناه بالدموع:
-أنا تقريبًا مش قادر أسند نفسي ياماما، عايز أنام شوية، ممكن نتكلِّم بعدين..
أومأت له بعدما ربتت على ظهره:
-ربِّنا يزيح عنَّك أي ألم يابني..
خلع حذائه وهو يؤمِّن على دعائها ثم تمدَّد بجوار يوسف، ورفع شمس من بينه وبين والدتها يضمُّها لأحضانه، ثم فرد ذراعيه يجذب ميرال تحت ذراعه الأخر وأغمض عينيهِ بسلام بعد سنواتٍ هرب منها النوم..
بمنزل يزن..
استيقظ على رنينِ هاتفه، ضغط زرَّ الرد بخمول:
- أيوة حبيبتي، في حاجة؟..
أجابته معتذرة:
- آسفة ياحبيبي، هتأخَّر شوية، عندي اجتماع، خلِّيك مع الولاد لحدِّ ماأرجع..
- بالتوفيق إن شاء الله..وخلِّي بالك من نفسك.
أغلق الخط، نهض من فراشه وتوجَّه إلى الحمَّام..مكث لدقائق ثم خرج، توضأَ وأدَّى صلاة العصر، بعدها تحرَّك إلى غرفة ابنه.
وجدهُ جالسًا ينهي واجباته، ابتسم واقترب:
- حمد الله على السلامة حبيبي.
- الله يسلِّمك يابابا، إحنا رجعنا من ساعتين..ماما قالت حضرتك نايم ومينفعشِ نزعجك..
انحنى وقبَّله أعلى رأسه:
ربِّنا يوفقك، خلَّص اللي عليك لحدِّ
ماأخلي طنط تجهَّز الغدا.
أوكيه، أنا تقريبًا خلَّصت، باقي الإنجلش.
تمام حبيبي، خلَّصه ولمَّا تخلص أشوفه، هروح أشوف رولا.
تحرَّك وطرق باب غرفتها..كان صوتُ الموسيقى يتسلَّل للخارج، وماإن فتحت الباب ورأت والدها، حتى اندفعت نحوهِ ركضًا..
قهقه وهو يشير إليها:
تعالي ياستِّ النجمة...
فركت كفَّيها ونظرت للأرض بخجل، فمدَّ يده يعبث بخصلاتها بخفَّة وهو لا يزال يضحك:
إحنا مش قولنا نبطل نقلِّد الرقصات يا بت؟.عايزة تجنِّنيني ولَّا إيه؟
خلاص بقى يابابا، أنا خلَّصت الـ home work، ولمَّا نخلص لازم نروَّح عن نفسنا شوية..
آه يابابا، مش بنَّمي مواهبي؟.
ضمَّها إلى صدره وضحك:
نمِّي ياروحي، بس خدي بالك…ماليش دعوة لمَّا ماما تعرف.
تستمر القصة أدناه
رفعت عينيها إليه ببراءة:
أكيد حضرتك مش هتقولَّها...
غمز لها مازحًا:
على حسب...حبيبة بابا هتسمع الكلام ولَّا لأ؟..
أوف يابابا...عرفت حضرتك تقصد إيه..
غمز مرَّةً أخرى وخرج، ثم نادى على الخادمة:
جهِّزي الغدا...المدام هتتأخَّر.
"حاضر ياباشمهندس."
دلفت "رؤى" فجأة، فرفع رأسه نحوها، ثم سأل بهدوء:
- مكلِّمتيش طارق؟.
رمقته بنظرةٍ سريعة، ثم أشارت إلى ملابسها:
لأ، عندي مشوار ساعتين كده، هكلِّمه بعدين.
نهض من مجلسه ونظر إليها مطوَّلًا، ثم عقد حاجبيه:
إنتي خارجة كده؟ مش شايفة اللبس ضيَّق شوية؟.
ابتسمت بسخرية:
ما هي مراتك بتلبس ضيق...ولَّا علشان بنتِ الحسب والنسب!..
قبض على ذراعها بقوة، فصرخت من الألم:
اسمعيني كويس...إحنا لوحدنا دلوقتي، إنتي مهما كنتي أختي، الغلط عندي مالوش سماح، لمِّي نفسك وبلاش شغل الحقن اللي ماشية توزَّعيها.
نظر في عينيها مباشرةً وهو يضغط أكثر:
أنا بعدِّي بمزاجي..بس لو غلطتي، مش هرحمك، مراتي اللي طايرة تتكلِّمي عليها؟ أنا واثق فيها، وواثق في لبسها..
ضغط أسنانه وتمتم بغضب:
أنا اللي بشتري لبسها، ولو هيَّ اشترت، عارفة بتشتري إيه...لأنَّها بتخاف ربِّنا قبل ماتحترم مكانة جوزها.
ثم دفعها بغضب وهو يشير لها:
روحي غيَّري لبس السهرات ده... وإيَّاكي تخرجي كده تاني..احترمي الحجاب اللي بتحاولي تستخدميه كواجهة، اتلمِّي يا رؤى..
اتَّسعت عينيها من الصدمة، ثم استدارت تغادر بسرعة، تمتمت من بين دموعها وهي تتوعَّد لرحيل:
أنا هتخلَّص من الكلِّ علشانك… مستحيل تفضلي في حضنه أكتر من كده.
بمنزل أرسلان..
جلس في مكتبه يتحدَّث بهاتفه مع أحدهم..أمسك الجهاز وقال:
-ابعتلي كلِّ اللي يخصُّه، عايز كلِّ حاجة عنُّه خلال ساعتين..
-صعب ياأرسلان، إنتَ بتطلب معلومات عن شخص تقيل، وطبعًا إنتَ عارف أنا لازم أتأكد من المعلومات..
-تمام قدَّامك لبكرة، بس إيَّاك إسحاق يعرف.
-تمام متقلقش، المهم إنتَ متقولش علشان ممكن تئذيني في شغلي..
-عارف..خلِّيك واثق فيَّا، إنتَ مش أوَّل مرَّة تتعامل مع أرسلان.
-تمام هشتغل الساعات على الراجل دا، وكمان هجبلك معلومات عن الدكتور اللي اتقتل ومن داخل مكتب راكان البنداري نفسه.
-شكرًا..ووعد وكأنِّنا متكلمناش..
دلفت غرام تحمل قهوته..وضعتها أمامه..توقَّفت للحظات تراقب ملامحه الغاضبة:
-أنا معرفش إيه اللي حصل معاك، بس أكيد شيء كبير..
رفع عينيه المرهقة إليها:
-غرام حقيقي ماليش نفس أتكلِّم، فلو سمحتي مش عايز أزعَّلك، خلِّيكي بعيد لمَّا أهدى.
استندت على المكتب وهو يمسح على وجهه وينفخ براحتيه يحاول أن يسيطر على غضبه:
-حاضر هسيبَك، بس متنساش العصبية مش هناخد منها غير إنَّها بتقضي على طاقتنا الإيجابية..رجاءً ابعد عن عصبيِّتك دي، قوم صلِّي ركعتين لله، واهدى، وبلاها قهوة وهعملَّك حاجة تروَّق دمَّك..
-حاضر، ممكن تسبيني أقوم أصلِّي، وأكمِّل شغل..دنت منه وانحنت تطبع قبلةً بجوار خاصَّته وابتسمت:
-بتكون وحش أوي لمَّا تكون غضبان، فكَّها وربِّنا هييسرَّها إن شاءالله..
رسم ابتسامة وأشار على باب الغرفة يحاول ألَّا يغضب عليها:
-يالَّه حبيبتي بتعطَّليني.
أومأت واعتدلت مبتعدة بعدما تنهَّدت تنهيدة شعرت بأنَّها آلمت صدرها..
اتَّجهت إلى غرفة صفية، وجدتها تُنهي صلاتها، جلست تنتظرها إلى أن نهضت من مكانها تتطلَّع إليها:
-مالك يابنتي؟..ولكن قطع حديثهم صوتُ بلال مع ملك بالخارج:
-مامي، عمِّتو ملك جت.
هبَّت صفية وتحرَّكت إليها:
-ملك، فيه إيه حبيبتي؟.
ضيَّقت عيــناها تنظر إليها بحزن:
-دي مقابلتك ليَّا ياستِّ ماما وأنا اللي قولت هتفرحي..
اقتربت منها تضمُّها ثم قبَّلتها على وجنتيها:
-اتفاجئت مش أكتر، يعني كنَّا مع بعض من ساعات في فرح إسحاق، قلقت بس..
سحبت كفَّها ودلفت للداخل تنظر الى غرام بابتسامة:
-ماما ستِّ مصرية أصيلة، رغم حياتها في قصرِ الجارحي، مفيش ياستِّي، إسلام جه لإلياس وجابني عندكم، أرجع؟..
ضحكت غرام على طريقتها فقالت:
-لأ، حبيبتي نوَّرتي البيت وأهو تتغدِّي معانا.
تلفَّتت بالمكان تبحث عن أرسلان:
-فين أرسو..مش باين ليه؟.
أشارت صفية على مكتبه وقالت:
-جوَّا حبيبتي..نهضت من مكانها وقالت:
-طيب هشوفه، ولكن أوقفتها غرام:
-ملك، مزاجه مش حلو، بلاها دلوقتي، شوية نجهَّز الغدا وبعدين ادخلي عنده، أهو تحاولي تقنعيه يتغدَّا معانا..
اتَّجهت لوالدتها تنظر بتساؤل نطقته عيناها قبل شفتيها:
-ماله أرسو ياماما؟.
نطقت ملامحها بالحزن وقالت:
-منعرفش، خرج من الفجر ولسة راجع من ساعة..قافل على نفسه ومبيكلمش حد..
بمنزل إلياس..
تململت ميرال متأوِّهة من ألمِ رأسها، فتحت عينيها ببطء، حينما شعرت بشيءٍ ثقيل فوق كتفها، رفعت عينيها المتأرجحة، وجدت ذراعيه تحاوطها هي وأطفالها، ابتسمت بدموعٍ انسابت رغمًا عنها وهي ترى ذلك المشهد الذي تمنَّته منذ سنوات، أغمضت عينيها، تمنَّت أن تلقي نفسها بأحضانه حتى تستنفذَ كلَّ آلام السنواتِ الماضية، كلَّ هذا وهي تشعر بأنَّها تحلم لا تعلم أنَّه حقيقة، أغلقت عيناها لتنسحب بدوَّامتها
مرَّةً أخرى..
وهي لا تشعر بشيءٍ سوى أحلامها، بعد فترةٍ تململ يوسف وفتح عينيهِ..نهض ببطء بعدما التفتَ ليجد والده يطوِّقهم بذراعه، ابتسم ابتسامةً جعلته يعتدل ببطء، إلى أن نهض من فوق الفراش..توقَّف للحظاتٍ وهو ينظر لاحتضانِ والده لوالدته، انحنى يحمل شمس من فوق صدرِ والده، وتحرَّك بها للخارج وهو يهمسُ لها:
-إنتي تقيلة كدا ليه يابت، ماما كانت بتشرَّبك لبن جمال!..
فتحت عينيها..تلفَّتت حولها بعدما وجدت يوسف يحملها:
-إنتَ واخدني فين؟..
أنزلها بعدما وجدها استيقظت،
وتوقَّف يأخذُ أنفاسه:
-إنتي تقيلة كدا ليه؟..إيه كنتي بتاكلي أكل الحارة كلَّها؟..
ضربته بغضبٍ طفوليّ واستدارت متوجِّهةً إلى غرفة ميرال:
-أنا هروح لماما، إنتَ اخدتني ليه؟..
-تعالي يابت هنا..لم تردّ عليه وخطت ولكنَّها توقَّفت بعدما قال:
-إنتي حرَّة..قولت أخدك علشان الشرير جه في الأوضة، وماما مش هنا..
تراجعت سريعًا إليه تتشبَّثُ بملابسه:
-ماما فين؟.
سحبها من يدها وأشار إلى غرفتها:
-تعالي ندخل أوضة روبنزول دي، وأنا أقولِّك.
بغرفة إلياس..
استفاق على صوتٍ خافتٍ لغلقِ الباب،
استدار برأسهِ ببطء، كأنَّه يصارع اليقظة.
عيناهُ تبحثانِ عن الصغيرينِ اللذان ناما بأحضانه، وقعت عينيهِ على الفراش الذي كان خاليًا إلَّا منها..
تستمر القصة أدناه
اتَّجه بنظره إلى ميرال التي مازالت بجواره..متكوِّرة كعصفورةٍ مكسورة الجناح، تتنفَّس على مهل، كأنَّ كلَّ نَفَسٍ تؤدِّيه بترخيصٍ من الألم..
سحب كفِّه من تحتِ رأسها برفقٍ شديد، كأنَّ لمسته تخشى أن تؤلمها، أو توقظ آلامها..
تململت وارتعشت أجفانها، ثم فتحت عينيها ببطء، وقعت نظراتها عليه بعينينٍ ثقيلتين بالوجع…
هل هو الذي يغفو بجوارها ام أنَّها تحلمُ كعادتها؟!..ولكن أنفاسه الحارَّة التي ضربت وجهها أيقنت وجوده..
نعم إنَّه أمامها، ينظر إليها كما لو أنَّه لم يصدِّق أنَّها بأحضانه، كالذي عثر على ضالَّته في صحراءِ فقدٍ ممتدَّة..
مدَّ يدهِ بلطف، بلطفٍ موجع، يمرِّرها بين خصلاتها المُبعثرة كأنَّها أطرافُ قلبه:
- عاملة إيه دلوقتي؟.
جالت بنظرها في الغرفة، بقلقٍ يشبه ذعرَ الأطفال فتساءلت بتقطُّع:
- فين الولاد كانوا نايمين في حضني؟!.
اقترب يحتويها بين ذراعيه، ونطق بصوتٍ أكثر نعومة ممَّا أراده، ولكنَّه جعلها بسخريةٍ شجيَّة:
- يعني همَّا مسموح ليهم يناموا في حضنِك…وأنا لأ؟
ارتجف قلبها، فتراجعت تلقائيًّا، كأنَّ صوته لمس موضعًا لم يندمل..
ترقرقت عيناها، وسحبت جسدها للوراء لتهربَ من أحضانه:
لأ…لأ مينفعش..أنا آسفة…ضايقتك،
معرفش جيت هنا إزاي…
هقوم، ووعد مش هدخلها تاني.
قالتها بعدما ابتعدت عن أحضانه تلمُّ خصلاتها بأناملَ مرتعشة،
كأنَّها تجمع بقايا كرامتها، أو تُخفي عُريَّ خذلانها..
لكنَّه لم يُمهلها تفعلُ ماتريد، سحبها بقوَّةٍ ورغم سحبته إليها القويَّة ولكن فيها رجاء، فيها وجع، ضمَّها لصدره…
كأنَّها بيته، ودفئه، ومغفرته.
طبع قبلةً طويلةً على جبينها،
قبلةً تذيبُ الأسوار، وتكسرُ المسافات..
أنا اللي آسف…سامحيني.
رفعت عينيها إلتي كانت كمرآةٍ لروحٍ ذبُلت من فرطِ الالم :
متتأسفش…إنتَ عندك حق..
أنا…أنا كنت حمل تقيل عليك،
واحدة موهومة بمرضها، مهووسة بخوفها…
احتوى وجهها بكفَّيه، وكأنَّ ملامحها وطنًا لا يريد أن يتيهَ عنه ثانية:
ميرال…
أنا مش عايز نرجع للماضي..
اعتبري النهاردة أوَّل يوم…
أوَّل يوم في عمرنا الحقيقي..
همست وهي تبتسمُ بوجعٍ مؤلم:
مش هينفع ياعريس…
مراتك الجديدة هتزعل.
ضحك من بين دموعه،
ضحكة أذابت بعض وجعه…كانت ضحكةُ اشتياقٍ بل ضحكةُ رجلٍ اتحرم من ضحكته سنين، ضمَّها بقوَّة يدفن أنفاسه بخصلاتها..
وآااه حارقة بلهيبِ الاشتياق والذنب كادت أن تحرقَ جسده بالكامل، همس بخفوت:
- وحشتيني…
انتفض قلبها كحالِ جسدها، تمنَّت أن يدفنها داخله، ولكنَّها تعاني من جراح الماضي..همست بتقطُّع رغم دفءِ حنانه الذي افتقدته، رغم اشتياقها، احتياجها إليه:
-إلياس ابعد شوية..همست بها وتمنَّت أن يخذلها ولا يستمع إلى نداءِ كرامتها، تريدهُ أن يستمعَ إلى نداء قلبها الذي ينتفضُ داخلها، ولكن كيف للعاشق أن لا يشعر بمعشوقه..
ضمَّها بقوَّة…كأنَّه يجمعُ أجزائه المبعثرة فيها، تنهَّد، وزفراته تخنقه كأنَّه حُرم من التنفس عمُرًا كاملًا..
ليتنفس أخيرًا:
كلِّ حاجة فيكي وحشتني..أخرجها من أحضانه وضمَّ وجهها بين راحتيه:
-وحشتيني ياميرو..
ضحكت بألم وهي ترى تغيُّر حالته، علمت أنَّه علم بمرضها، دفعت صدره براحتيها حتى ارتجف جسدها بنبضِ الألم:
-مالوش داعي كلامك دا، أنا كويسة، متخافش عليَّا، مرِّيت بأكتر من كدا ولسة عايشة..
ابتعد عنها بسرعة، وقد انكمش قلبه من كلماتها، فمالت وسقطت على ظهرها دون وعي..
أسرع نحوها يحيطها بذراعيه، يحتضنها بكلِّ ماتبقَّى فيه من وجعٍ واشتياق..
ضمَّها بقلبهِ قبل جسده، وهمس وهو يربتُ على كتفها المرتعش ورغم
ماقالته إلَّا أنَّه لم ييأس فقال وهو يعانقها بعينه:
"تصدَّقي أكتر حاجة كانت وحشاني فيكي قلبتك دي..بتقلبي من الظالمة للمظلومة في ثانية!"
ضحكت من بين الألم، وارتجفت عيناها بخجلٍ من قرب أجسادهم، ونظراتهِ التي تحفظها فهمست:
- إلياس وسَّع كده بلاش تضايقني، إنتَ نسيت قولت إيه، أنا هنا علشان..
لكنَّه لم يُمهلها أن تُكمل…
انحنى نحوها، يلتقطُ شفتيها بين أنفاسه، ويُخرس بها كلَّ ماتبقَّى من وجعِ الكلمات..
قبلةٌ ليست ككلِّ القبلات…
قبلةُ غفران، قبلةُ ندم، قبلةُ اعتذار عن سنواتٍ من الضياع..
قبلةُ حبٍّ دفين، اشتعل من بين الركام، وثار من عمقِ الحنين..
قبلةٌ تفيض بكلِّ مالم يُقال…
بكلِّ نبضٍ كُتم، وكلِّ شوقٍ حُبس، وكلِّ “أحبُّك” لم تُنطق في وقتها..
قبَّلها وكأنَّه يُنقذها من الغرق، أو ربما…
كان يغرق فيها عن طيبِ خاطر..
قبلةٌ كانت الحياة نفسها،
لا بدايةَ لها، ولا نهاية…
فقط لحظةُ نجاة، وسط بحرٍ من الفقد..
قبلاتٌ خلف قبلات، إلى أن فُتح الباب فجأة..ورغم فتحه بتلك الطريقة لم ينقطع عن جنَّةِ عشقه، وكأنَّ انفصال قبلتهما انفصالًا لحياتهما..
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله الجزء الاول من هناااااااااا
الرواية كامله الجزء الثاني من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق